الالتزام بالاعلام في العقود ( دراسة في القانون المغربي )
مقدمة :
يعتبر اﻹلتزام هو تلك العلاقة القانونية القائمة بين شخصين أحدهما دائن و اﻷخر مدين يلتزم فيها هذا اﻷخير إما بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو اﻹمتناع عن عمل قصد تحقيق مصلحة مشروعة يحميها القانون، ومن بين أهم مصادر اﻹلتزام اﻹرادية هو العقد هذا اﻷخير راكم تجربة كبيرة في ظل مجموع التطورات اﻹقتصادية و اﻹجتماعية التي أصبحت تعرفها جميع العلاقات التعاقدية و أنتج لنا مجموعة من اﻹلتزامات .
وكنتيجة لهذه التطورات ظهر تكريس ضمني لمجموعة من اﻹلتزامات و أهمها “اﻹلتزام باﻹعلام” الذي أصبح له حضور كبير في جميع النصوص القانونية سواءا كانت عامة أم خاصة، فقانون اﻹلتزامات و العقود كان سباقا في التأصيل لهذا المبدأ من خلال مقتضيات الفصل 231 الذي جاء فيه ” كل تعهد يجب تنفيده بحسن نية. وهو لايلزم بما وقع التصريح به فحسب، بل أيضا بكل ملحقات اﻹلتزام التي يقررها القانون أو العرف أو اﻹنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته.”
من خلال مقتضيات هذا الفصل نستنتج ضمنيا أن اﻹلتزام باﻹعلام له مصدر قانوني يؤطره ،و ما يؤكد ما قيل قبل هذا القول هي تلك المقتضيات التي وردت في فصول متفرقة من قبيل الفصل 556 في باب البيع و أيضا غيرها من الفصول اﻷخرى 82 و 52 من نفس القانون، إلى جانب قانون اﻹلتزامات و العقود فقاعدة اﻹلتزام باﻹعلام وصل صداها إلى مجموعة من النصوص القانونية الخاصة نذكر على سبيل المثال لا الحصر اﻹلتزام بإعلام المساهمين في قانون شركات المساهمة 17.95،أيضا اﻹلتزام باﻹعلام المنصوص عليه في القانون البحري، نفس اﻹلتزام منصوص عليه أيضا في مجال التأمين البري، و الفصل 4 من قانون حماية المستهلك و الفصل 47 المتعلق بحرية اﻷسعار و المنافسة..، يمكننا أن نستخلص و نقول بأن قانون اﻹلتزامات و العقود كان سباقا للتأصيل في باب اﻹلتزام باﻹعلام و أن باقي القوانين الخاصة نهلت من اﻷصل و طورته بحسب طبيعة النمط التعاقدي التي تنظمه .
فمفهوم اﻹلتزام باﻹعلام كما أشرنا أعلاه فهو مرتبط بطبيعة البيئة التعاقدية التي ينمو فيها، و يتأثر بالتحولات و التغيرات الواردة على كل نظام تعاقدي، لذلك فدراسة الموضوع ستنطلق من دراسة ماهيته و طبيعته و صولا إلى الجزاءات المترتبة عن اﻹخلال به مستحضرين في ذلك موقف العمل القضائي في هذا اﻹطار.
فطبيعة الموضوع تقتضي منا تحديد أهميته من خلال زاويتين اﻷولى علمية تتجلى في دور الفقه و البحث العلمي داخل بنية اﻹلتزام باﻹعلام من خلال الوقوف على مجموع النظريات و المواقف الفقهية ، والثانية عملية تبرز من خلال العمل القضائي و دوره في حل مجموع النزاعات المتذاخلة في موضوع الدراسة، فموضوع الدراسة يطرح إشكالية جوهرية مفادها :
إلى أي حد توفق المشرع المغربي في ضبط تنظيم اﻹلتزام باﻹعلام بشكل يساهم في تكريس عدالة تعاقدية حمائية؟
ونتيجة للإشكالية المحددة أعلاه تطرح مجموعة من التساؤلات الفرعية :
– ماالمقصود باﻹلتزام في اﻹعلام و ماطبيعته القانونية؟
– وماهي أهم أنواع و أركان اﻹلتزام باﻹعلام ؟
– كيف يمكن وصف أهم اﻷثار المترتبة عن اﻹلتزام باﻹعلام؟
و جوابا عن هذه الإشكالات و جب تقسيم الموضوع الى مبحثين أساسيين ، بحيث خصصنا المبحث الأول ، للحديث فيه عن الاحكام العامة للالتزام بالإعلام في العقود ،ثم بعد ذلك تطرقنا في المبحث الثاني لمناقشة الأثار المترتبة عن الالتزام بالإعلام في العقود.
المبحث الأول : الأحكام العامة للإلتزام بالإعلام في العقود
لا يمكننا أن ننكر ما يصطبغ به تشريعنا من مسحة أخلاقية يضفيها على معاملات الأفراد على إختلاف أهميتها حتى أضحى الحديث عن أخلاقيات العقد أمرا مشروعا و متداولا تجلى من خلال جملة من القواعد و المبادئ القانونية التي تم إختزالها في عبارة حسن النية إستئناسا بالصيغة الفرنسية و المعبرة عن النزاهة و الأمانة ب LA BONNE FOIE . هذا المفهوم بدوره أفرز مفاهيم قانونية تحمل أحد الأطراف إلتزامات تفرضها المادة التعاقدية كالالتزام بالإعلام .
المطلب الأول : مفهوم الإلتزام بالإعلام و تحديد مبررته.
يعتبر الإلتزام بالإعلام مفهوما متجددا يجمع بين القدم و الحداثة فهو ليس وليد سياسة تشريعية حديثة بل هو مرتبط في ظهوره بظهور العقود الخاصة لذلك يجب أولا تحديد مفهومه ثم مبرراته التي تتدحرج بين ما هو اجتماعي و ما هو إقتصادي .
الفقرة الأولى : مفهوم الإلتزام بالإعلام :
يقصد بالإعلام لغة هو الإفضاء ويشتق من عبارة علم، علما، أي حصلت له حقيقة العلم ويقال أعلمه الأمر أي أطلعه عليه. و جعله يعرف 1 واصطلاحا فالإعلام عبارة عن بيان أو إشارة أو تعليمات يمكن أن تقدم توضيحا بشأن واقعة أو قضية ما، فهو يعد بذلك من وسائل الربط و الاتصال بين الأفراد.
أما الإلتزام فهو رابطة أو علاقة قانونية بين شخصين بمقتضاها يلتزم أحدهما بأن يؤدي للأخر عملا معينا أو يمتنع عن أداء معين لصالحه .
و عليه يعد الالتزام بالإعلام من الالتزامات التي كثر عليها الحديث في الآونة الأخيرة فهي تعد جزءا لا يتجزأ من الواجبات الملقاة على عاتق أطراف العقد، بحيث يجب على الطرف الأكثر دراية إبلاغ الطرف الأخر بالبيانات المتعلقة بالموضوع .
و يرى أحد رجال القانون 2أن مظاهر الإعلام تمظهرت عبر التاريخ انطلاقا من القانون الروماني ، حيث أن البائع كان ملزما بالتصريح علنا في الأسواق بعيوب الدابة أو العبد المعروض للبيع مرورا بالتشريع الإسلامي الذي استنكر الغش و التحيل و اعتبرهما من قبيل الرذيلة فقد روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم قوله : “لا يحل لمسلم باع لأخيه شيئا و فيه عيب إلا بينه له” . أي نصحه و أرشده إليه وصولا إلى القوانين الوضعية التي تبنت مفهوم الإعلام بكيفيات و صيغ مختلفة ، فنصت عليه بصفة صريحة تؤكد مكانته الملزمة في العقود 3 ،خاصة أن التشريعات الحديثة لم تعطي تعريفا للالتزام بالإعلام و من بينها المشرع المغربي و بهذا تكون قد فسحت المجال للفقه و القضاء للقيام بدورهما الذي استفحل في غياب تعريف واف للإعلام .
1-المعجم العربي الأساسي، المنظمة العربية للثقافة والعلوم، د ب ن، د ط، 1989 .ص، 860
2- نذير بن عمو ، العقود الخاصة ، البيع و المقايضة ، مركز النشر الجامعي ، تونس 2007
3- نائلة بن مسعود، الإعلام في العقود، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس 2008_2009 ص 310 و 311
فالمشرع المغربي تبنى واجب الإعلام رغم أنه لم يفرد له نصا خاصا و يرفع عنه اللبس بل كان موقفه مذبذبا بين التصريح و التلميح ترجمته نصوص متفرقة ، فقد نص لأول مرة على الالتزام بالإعلام في إطار قانون حماية حرية الأسعار و المنافسة من خلال المادة 47 منه و التي جاء فيها : “يجب على كل من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن طريق وضع علامة أو ملصق أو إعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بالأسعار والشروط الخاصة للبيع أو لإنجاز الخدمة” . و عليه فالإلتزام بالإعلام يشكل أمرا ضروريا لتمكين المستهلك من حسن الإختيار وفق الشروط التي تناسبه .
كذلك تعرضت أحكام البيع بشكل غير مباشر لوجوب الإلتزام بالإعلام من خلال الفصل 556 ، لما قال المشرع إذا كان البائع يعلم عيوب المبيع أو يعلم خلوه من الصفات التي وعد بها ، و لم يصرح بأنه يبيع بغير ضمان . و يفترض هذا العلم موجودا دائما إذا كان البائع تاجرا أو صانعا و باع منتجات الحرفة التي يباشرها . و ضمن القواعد العامة نجد الفصل 82 من قانون الإلتزامات و العقود تقرر بأن تسليم بيانات مع الجهل بعدم صحتها لا يرتب أي مسؤولية . و المقصود تقديم معلومات أو الإعلام بها عن خطأ من قبل أحد المتعاقدين . كذلك بالرجوع إلى قانون حماية المستهلك نجد أن المشرع خصص الباب الأول من القسم الثاني للإلتزام العام بالإعلام و تخصيص الباب الثاني للإعلام بآجال التسليم كل هذا من أجل إخبار المستهلك بكافة المعلومات و البيانات المتعلقة بالعنصر الأساسية أو الثانوية الدافعة إلى التعاقد التي تمنع من قيام الغلط أو التدليس في جانب إرادة الضعيف 4 .
و قد ساهم تكريس القوانين الوضعية للإعلام من جهة و غياب تعريف له من جهة أخرى في تبرير التردد بين إعتباره إلتزاما أو واجبا ، و من هنا جاءت ضرورة التمييز بينهما . حيث أن الفقه المقارن 5قد ميز بين واجب الإعلام و الإلتزام على أساس المصادر بإعتبار أنه إذا كان مصدر التصرف التشريعي أو الأخلاق تعلق الأمر بواجب ، أما إذا كان أساس التصرف أحد المصادر الخمس و هي القانون و العقد و شبه العقد و الجنحة وشبه الجنحة ، تعلق الأمر عندئذ بإلتزام . إلا أن هذا التمييز بدوره على أساس المصادر قد أكد شق من الفقهاء 6نسبيته إذ أن الواجب مثلا قد يجد مصدره إضافة إلى قانون المهنة و المهنة و الأخلاق في العقد و ضربوا لذلك مثل العلاقة الرابطة بين الطبيب و مرضاه و التي تنشئ واجبا مهنيا من جهة مصدره مهنة الطبيب و واجبا عقديا من جهة أخرى مصدره عقد التطبيب .
إن تمييز الواجب عن الإلتزام لم يكن ليخلو من فائدة قانونية أتى على تأكيدها أحد الفقهاء بإبراز أن الفرق بين الواجب و الإلتزام يكمن في الجزاء ذلك أن الجزاء في الإلتزام يمس الذمة المالية للشخص في حين أن الجزاء في الواجب يتمثل في الحرمان أو عدم التحقق . و سواء ترواح الإعلام بين اعتباره واجبا قانونيا أو التزاما منشأه القانون ، فإن هذه المراوحة تؤكد مكانته في النظرية العامة للإلتزامات و ذلك لا يفرض نفسه كمركز قانوني في العقد فحسب بل و كذلك
4- محمد العروصي ، المختصر في بعض العقود المسماة ، عقد البيع و المقايضة و الكراء ، الطبعة الخامسة 2016-2015 ص 164
-5FABRE-MAGNAN (M) , DE L’obligation d’information dans les contrats : Essai d’une théorie , L .G.D.J .1992 LUCAS DE LYESSAC © ? L’obligation de renseignements dans les contrats, in l’information en droit privé , travaux de la conférence d’agrégation sous la direction de Y .Loussouarn de P . lagarde L.G.D.J . Bibliothèque de droit privé , 1978 , n° 58 P 340
-6 DE POULPIQUET(J) La responsabilité civile et disciplinaire des notaires ( de l’influence de la profession sur les mécanismes de la responsabilité ) , Bibliothèque de droit privé L.G.D.J , 1974 n° 160 P 193 CARBONNIER (J) . Droit civil , les obligations 20ème éd , thémis P.U.F , paris 1996
لما يتسم به من صبغة وظيفية تجعله مفهوما أدائيا أكثر منه نظريا ، يتطور حسب الدور الذي يلعبه في العلاقات العقدية 7.
الفقرة الثانية : مبررات الإلتزام بالإعلام في العقود
هناك عوامل متعددة ساهمت في فرض الإلتزام بالإعلام على عاتق أحد المتعاقدين لفائدة المتعاقد الآخر ، و جعلته ضروريا و واجب التعميم على كل العقود من أجل تحقيق المزيد من الأخلاق و الصدق و التعاون و التوازن و الشفافية في العلاقات التعاقدية .
من هذه العوامل نجد :
أ- التطورات الاقتصادية : تتمثل أولا في الإرتفاع المتزايد في الإنتاج و المتمثل في إحداث تقنيات جديدة للإنتاج و التوزيع ، و تطور المقاولات و زيادة الإستثمارات و كثرة الإنتاج بالجملة و المبادلات و تنوع المنتوجات و إختلاف أشكالها كل هذا أدى إلى إحداث ثورة في العلاقات بين المنتجين و البائعين و المستهلكين ، حيث تعددت العقود و تعقدت و أصبح المستهلك في حيرة من أمره ، إذ يقبل على الشراء لمسايرة روح العصر فقط و بدون دراية كبيرة بالمنتجات التي يقتنيها ، و قد لا يعرف الضروري منها و القديم و الملائم لحاجياته .8
و تتمثل ثانيا في السرعة في إبرام المعاملات و ذلك لكثرة المنتجات و تعقدها و بسبب جهل الإنسان لما يعرض عليه في الأسواق فيبرم معاملاته بسرعة و دون تفكير مما يخيب ظنه بعدما يتسلم الشيء 9 . و من بين الوسائل التي تساهم في هذه السرعة في المعاملات الإقتصادية التقدم الهائل الحاصل في مجال الإتصالات حيث بمجرد تبادل بعض الكلمات يمكن إبرام عقد بين شخصين يبعد أحدهما عن الآخر بآلاف الكيلومترات فأحدهما لا يتوفر على كل البيانات و الوثائق الضرورية ، فيعول فقط على المعلومات و التأكيدات التي يزوده بها الطرف الآخر و لا يمكنه التحقق منها فورا فيقدم على التعاقد على الرغم من إفتقاره للبيانات الضرورية .
ثم ثالثا في التنظيم المعقد و يتمثل في رغبة المشرع في مراقبة الإقتصاد و التحكم في المبادلات التجارية من خلال تنظيمها تنظيما دقيقا لمسايرة التقلبات الإقتصادية و العلمية و ذلك من خلال كثرة التدخلات التشريعية ، و هذا ما جعل المواطن يعيش نوعا من الشك و عدم العلم التام بالقانون و نطاق تطبيقه و تعديلاته و إلغاءه و هو ما يجعل المنتج أو الموزع يخرق القوانين بشكل مستمر .10
7– نائلة بن مسعود ، مرجع سابق ص 312..
8- بوعبيد عباسي ، الإلتزام بالإعلام في العقود ، دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك ، مراكش صفحة 67
9- بوعبيد عباسي ، الشراء عن طريق التلفزيون ، أية حماية للمستهلك ؟ مقال منشور بمجلة المنتدى ، ع 2 دجنبر 2000 ص 117
10 بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 69
ب- التطورات الحاصلة في مجال العقود : و تتمثل هذه التطورات في ظهور عقود و تقنيات جديدة لا تخلو من بعض الآثار السيئة بالنسبة للمتعاقد الجاهل كالشراء عن طريق التلفزيون أو الإنترنيت و البيع بالسلف و البيع بالمنازل و عقد الإئتمان الإيجاري و البيع بالجائزة و عقد المقاولة من الباطن غيرهما … حيث لا يمكننا أن ننكر محاسن هذه التقنيات في تسهيل المبادلات و إنتقال الأموال و الخدمات لكنها لا تخلو من مخاطر خاصة بالنسبة للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية .
كذلك نمو و تطور عقود الإذعان يعد مبررا للإلتزام بالإعلام ، {فعقد الإذعان هو العقد الذي يحدد محتواه التعاقدي كاملا أو جزئيا بشكل مجرد و عام قبل المرحلة التعاقدية} . فالواقع يعرف مجموعة من العقود لا تبرم في ظل مفاوضات و مناقشات تتم بين الطرفين بل ينضم المتعاقد لها مستسلما لما يمليه عليه المتعاقد الآخر من شروط واضعا ثقته فيه نظرا لصفته المهنية ، وهذا هو الشأن بالنسبة للعقود التي يبرمها المستهلكون مع المنتجين و المهنيين .
ثم ظهور متخصصين و مهنيين يملكون المعارف و الكفاءات و التقنيات و وسائل الفحص و المراقبة و يقابلهم أشخاص آخرون لا يستطيعون الإحاطة بكافة المعارف الفنية المصاحبة للإختراعات الحديثة، مما يجعل العلاقة بينهما يسودها عدم المساواة و العلم بكافة ظروف التعاقد و هذا ما يؤدي إلى إختلال التوازن في العلاقات التعاقدية ، لأن المتخصص أو المحترف يتميز بقوة إقتصادية هائلة ، و يعلم بكافة ظروف و تفاصيل العملية التعاقدية بينما يوجد الطرف الآخرفي وضع أقل من الأول .
ثم أخيرا التعقد الشديد في مجالي الأموال و الخدمات و ذلك راجع للتطور التكنولوجي المعروف في جل أنحاء العالم حيث أصبحت السلع و الخدمات تتسم بنواح قانونية و فنية معقدة ، و لا تسمح للشخص العادي بالتعرف عليها و الإختيار بمحض إرادته في شأنها . إضافة إلى أن العقود الواردة عليها لا تتم من خلال مفاوضات طويلة .11
المطلب الثاني : اركان الالتزام بالاعلام في العقود و انواعه .
اذا توصلنا ، من خلال تحليل جد حذر للقواعد القانونية العامة ، الى الاعتراف بوجود الالتزام بالإعلام في القانون الوضعي ، و اذا اصبح هذا الالتزام ينمو بشكل ملحوظ ليشمل كافة العقود ، فإنه ليس بدون حدود ، فإلزام المدين بالإفصاح عن كل شيء و عن كل الظروف التي من مصلحة الطرف الاخر العلم بها ليتعاقد برضاء حر و متنور ، او ليتمكن من الحصول على التنفيذ الجيد للعقد ، يمكن أن يؤدي الى توسيع مبالغ فيها الالتزام بالإعلام ، و إصابة المدين بالحرج ، لذلك يتعين مراعاة التوازن بين مختلف المصالح المعنية ، لدى و جب علينا ان نحدد اركان الالتزام بالإعلام (الفقرة الأولى ) ثم لبدى من تحديد أنواع الالتزام بالاعلام (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : أركان الالتزام بالإعلام .
للصول بدقة الى تحديد ما يلتزم به المدين ، و متى يعد ملتزما بذلك ، يتعين حدوده ، و بمعنى اخر ، يجب علينا ان نحدد أركان الالتزام بالإعلام بحيث لا يتحقق في غيابها ، و يتعلق الامر بركنين : ركن مادي (أولا) و ركن معنوي (ثانيا) .
11- حسن عبد الباسط جميعي ، شروط التخفيف و الإعفاء من ضمان العيوب الخفية ، دار النهضة العربية 1982 ، ص 100
أولا : الركن المادي للالتزام بالإعلام .
يقصد بالركن المادي للالتزام بالإعلام المعلومات التي ينصب عليها و يلتزم المدين بإعلام المتعاقد الآخر بها ، و انها تشكل محله .
ومادامت الدراسة التي نقوم بها عامة ، و تنطبق على كل العقود ، و على كل المتعاقدين ، و تتعلق بالمعلومات المدلى بها سواء أثناء ابرام العقد أو أثناء تنفيذه ، فإن المعلومات محل الركن المادي للالتزام بالإعلام لن تكون متشابهة بالطبع ، و مع ذلك يتعين أن نستخرج منها بعض الخطوط ، لأنها تنطوي على بعض النقط المشتركة التي ستساعدنا على تجميع أصناف الالتزامات بالإعلام الملقاة على عاتق المدين ، مهما كانت المرحلة التي تموضعت فيها .12
و للبحث عن الحالات التي يمكن القول فيها بوجود التزام بالإعلام ، يجب ان ندرس نقطتين أساسيتين ، على الشكل التالي :
-1- المعلومات التي تشكل محالا الالتزام بالإعلام :
اختلفت الآراء حول طبيعة المعلومات التي تشكل محلا للالتزام بالإعلام ، فهناك من اعتمد معيارا ضيقا فقلص من نطاق المعلومات الواجب الإفصاح بها ، و هناك من اعتمد معيارا واسعا فمدد نطاقها .
و في الواقع فإن البحث عن معيار ملائم لتحديد الإلتزام بالإعلام يتعين أن يأخذ بعين الإعتبار تحقيق التوازن بين مصالح الأشخاص من جهة ، و المبادئ النظرية لقانون العقود من جهة أخرى ، و لعل أفضل معيار يأخذ بهذين الاعتبارين هو مفهوم المعلومات المنتجة او المؤثرة في العلاقة بين المدين بالالتزام بالإعلام و الدائن بهذا الالتزام ، بمعنى أنها تحدث ردة فعل لدى الدائن ، بحيث لو كان على علم بها لتصرف بشكل مخلف ،كأن يرفض، مثلا ،ابرام العقد ، أو يعيد النظر في مقتضياته لكي يحصل على مزايا مطابقة لما كان يتوقعه.
و يبدو هذا المعيار واسعا و لكنه يؤدي مع ذلك الى استبعاد بعض الالتزامات بالا علام كتلك التي لا تحدث أي تأثير لدى الدائن بالالتزام بالإعلام ، و هناك من يستعمل مفهوم الواقعة الأساسية للدلالة على الركن المادي للالتزام بالإعلام ، بمعنى انا كل واقعة تتطلب ردة فعل او تدخلا معينا من جانب الدائن بالالتزام بالإعلام ، فهي واقعة مفيدة و مهمة .
و لكي تكون الواقعة صحيحة منتجة يتعين ان تتوفر فيها 3 شروط :13
-وجوب كون الواقعة مرتبطة بمحل الالتزامات المترتبة على العقد : و يتشرط في الوقائع او المعلومات المكونة للركن المادي في الالتزام بالإعلام ان تكون مرتبطة بمحل الالتزامات الناشئة عن العقد بمعنى ان تكون لها صلة بها .
12- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 180.
13- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 182.
-وجوب كون الواقعة منتجة و مفيدة بالنسبة للمتعاقد الآخر: أي انا من مصلحة الدائن بالالتزام بالا علام معرفتها ، و في غياب هذا الشرط يجب التسليم بعدم وقوع مخالفة الإلتزام بالاعلام تحت طائلة الجزاء ، فمادام الالتزام بالإعلام نفعيا فإن المعلومات يجب ان تكون بدورها نفعية ، و المثال على نجده في عقد بيع الأصل التجاري كما جاءت به مدونة التجارة في المادة 81 و المادة 82 من مدونة التجارة .
-وجوب كون الواقعة مما لا يمنع القانون من الادلاء بها او الاعتماد عليها في اتخاذ القرار : و يلزم المدين بالالتزام بالاعلام بالإدلاء للدائن بالبيانات و الوقائع التي تهمه و تكون و ثيقة الصلة بالالتزامات المترتبة على العقد ، و لكن لا يلزم بالإدلاء بكل البيانات مهما كانت طبيعتها و في جميع الحالات ، فقد يتقيد في بعض الأحيان بوجود قواعد قانونية عامة او ببعص الحقوق المتعارضة و هكذا لا يمكن لبعض المعلومات ان تشكل محلا للالتزام بالاعلام على الرغم من أهميتها بالنسبة للمتعاقد الآخر ، لأن المتعاقد الذي توجد بحوزته له الحق في عدم الادلاء بها .
-2- الأداءات التي يمكن ان ينصب عليها الالتزام بالإعلام .
فإذاكانت مقتضيات العدالة توجب ان تكون إرادة المتعاقد التي نشأ بها الالتزام إرادة مستتيرة و الا كانت باطلة لا ينشأ بها أي التزام ، فإن التوسع في اباحة الادعاء بالاخلال بالتزام بالاعلام ، و من ثم إمكانيات المطالبة بإبطال العقد ، فيه خطر كبير على استقرار التعامل بالعقد ، لذا يجب و ضع بعض القواعد و الضوابط التي تحدد مجال الالتزام بالاعلام حتى لا يصبح أداة لعدم استقرار المعاملات و زعزعتها ، و لعل اهم الضوابط المحدد للالتزام بالاعلام في العقود و هو تقييده بأداء قانوني معين ، ونجد لهذه الضوابط استثناءات من بينها : 14
أ-استثناء ينصب التزام المتعاقد بالاعلام على أدائه القانوني و ليس على الأداء الذي تلقاه من المتعاقد الاخر : بحيث يتعرض هذا الالتزام بالاعلام الى الجزاء المترتب بالأساس على المسؤولية ما قبل العقدية ما دما التركيز ينصب على الغلط و التدليس
ولقد أجاز بعض الفقه نظرية الغلط التي ذكرت هنا ، بإبطال العقد لغلط المتعاقد في الأداء الخاص به بنفس الطريقة التي قبل بها ابطال العقد لغلطه في الأداء القانوني الخاص للمتعاقد الاخر ، و هناك من عالج الغلط بصفة عامة دون تمييز لبين الحالتين و ما يستنتج منه الاعتراف بالغلط فيهما معا و هناك من رفض قبول غلط المتعاقد في الأداء الخاص به ، بمعنى في الأداء الذي قدمه او سيقدمه للطرف الاخر .
ب-استثناء يمكن ان ينصب الالتزام بالإعلام على الأداء المتلقى من المتعاقد الآخر : فإن كان هذا هو المبدأ ان لا احد يلزم بالإفصاح بالبينات المتعلقة بالأداء الذي تلقاه او سيتلقاه من المتعاقد الاخر ، و بصورة أوسع ، ان العقود لا تكون قابلة للإبطال لغلط المتعاقد في الأداء الخاص به ، فهناك مفهومان يسمحان بمخالفة هذا المبدأ ، و يؤيدان بالتالي الى توقيع الجزاء على المتعاقد الذي لم يعلن عن معلومات جوهرية يعرفها عن الأداء الخاص بالمتعاقد الاخر و يتعلق الامر بالتدليس و الغبن .15
14- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 198 .
15- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 210.
ثانيا : الركن المعنوي للالتزام بالإعلام .
لا يكفي تقيد وجود الالتزام بالاعلام بركن مادي كما سبق تحليله ، أي ضرورة حيازة المدين لمعلومات منتجة و مفيدة بالنسبة للدائن ، و متعلقة بالأداء القانونية الخاص بالمدين ، و انما لا بد من توفر ركن ثاني و هو الركن المعنوي .
-1-الركن المعنوي لدى المدين بالالتزام بالإعلام .
يعد معيار عدم التوازن في المعارف و المعلومات معيارا رئيسيا في مجال الالتزام بالإعلام لا نه يفترض علم احد المتعاقدين و هو المدين و جهل المتعاقد الاخر و هو الدائن بالعناصر و البيانات المتعلقة بالعقد .
أ – علم المدين : من خلال المعلومات بحيث لكي يمكن الزام احد المتعاقدين بالإدلاء بالمعلومات الى المتعاقد الاخر يجب ان يكون أولا على دراية بهذه المعلومات المضمونة ثم علم المدين بأهمية المعلومات بالنسبة للمتعاقد الاخر لأن الالتزام بالإعلام في هذا الاطار تكون مؤثرة و مفيدة للطرف الاخر .
ب-إلتزام المدين بالاستعمال من أجل الاعلام : اذا كان المدين لا يعلم بالمعلومات و بأهميتها بالنسبة للمتعاقد معه على نحو ما يجود في التزامه بالإعلام ، و مع ذلك لا يمكنه الاحتماء دائما وراء جهله ، فهناك حالات يصبح فيها جهله بالمعلومات غير مشروع ، و من ثم ، يفترض فيه العلم بها ، و قد حصر الفقه ، الذي ألزم المدين بالاستعلام و التقصي عن البيانات و المعلومات التي يحتجها المتعاقد الاخر ، كنطاق الالتزام بالاستعمال و قد حددت في حالتين ، عندما تتعلق البيانات بصفة جوهرية في الشيء محل العقد ، أو عندما يكون المدين بالالتزام بالإعلام مهنيا .16
-2-الركن المعنوي لدى الدائن بالالتزام بالإعلام : لا يتحقق الالتزام بالإعلام اذا كان الدائن على علم بالمعلومات التي ينصب عليها هذا الالتزام ، فجهله بها هو الذي يبرر فرض التزام بالإعلام على عاتق الطرف الأخر ، و لكن الجهل المعتد به هو الجهل المشروع المبرر ، أما إذا كان جهله غير مشروع ( لأنه بإمكانه العلم بالمعلومات و الاستعلام عنها و لم يفعلها ) فإن الالتزام بالإعلام ينتفي ، بحيث نجد لهذا الركن حالات من بينها : 17
-الجهل المشروع بالمعلومات من طرف الدائن يعزز وجود الالتزام بالإعلام : يتحقق هذا الشرط في حالتين ، الأولى عند استحالة علم الدائن بالمعلومات و تكون الاستحالة اما استحالة موضوعية حسب طبيعة محل العقد ، او استحالة ذاتية او شخصية و تكون عند ضعف نتيجة احد المتعاقدين و ترجع الى قلة تجربة المتعاقدين ، اما بالنسبة للحالة الثانية فتتعلق بالثقة المشروعة المبنية للدائن بالالتزام للإعلام و تجد هذه الثقة أساسها بالخصوص في ثقة المبنية على أساس طبيعة العقد ثم في ثقة المبنية على أساس صفة الأطراف .
-العلم او الجهل غير المشروع بالمعلومات من طرف الدائن يحد من وجود الالتزام بالإعلام : علم الدائن او جهله غير المشروع بالمعلومات يمكن ان يؤدي الى وضع حد لالتزام المدين بالاعلام ، و يتحقق ذلك بالخصوص اذا كلن من الواجب على الدائن القيام بالاستعلام من تلقاء نفسه ، أو عندما يتلقى المعلومات من الغير ، أو عندما يتصرف و كأنه على دراية .
16-بالرجوع الى L.PANHALEUX,art.préc.n02.p.134 /M.F MAGNAM ,thés .préc .n 247.p.192. ونقلا عن الأستاذ بوعبيد عباسي .
17- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 230 .
الفقرة الثانية : أنواع الالتزام بالإعلام :
لدراسة الالتزام بالإعلام بصورة ممنهجة ، و منسقة ، لبدى من تحديد ، ما اذا كان يوجد صنف واحدة او عدة أصناف من الالتزام بالإعلام ـ و لتحليل هذه النقطة ، يتعين الاطلاع على كل التقسيمات الممكنة ، و ما يوجه اليها من انتقادات ، بحيث اختلاف الشراح في هذا الشأن و انقسم الفقه بشكل و اضح حول موضوع أنواع الالتزامات بالإعلام التي يمكن ان توجد في العقود .
أولا : اهتمام البعض بصنف واحد من الالتزامات بالإعلام :
هناك من شك في إمكانية وجود تقسيم محدد للالتزامات بالإعلام ، و ذلك نظرا لصعوبة إيجاد مثل هذا التقسيم ،حيث ان المعلومات متعددة و تختلف باختلاف العقود ، و يتغير مضمونها من عقد الى اخر ، و حسيب الوقت الذي يتم فيه الإدلاء بها ، ومن شأن هذا أن يؤدي الى صعوبة وضع تقسيم واضح المعالم داخل الالتزامات بالإعلام ، و هذه الصعوبة هي التي أدت ببعض الفقه الى الاهتمام او دراسة صنف واحد من الالتزامات بالإعلام وهو الالتزامات العقدية ، و أن هذه الالتزامات ناشئة عن العقد و مرتبطة به ، و من ثم فهي التزامات تعاقدية ، 18و بذلك توسع هذا الاتجاه في تحديد نطاق نظام المسؤولية العقدية ، ليشمل حتى الكتمان المرتكبة في مرحلة ماقبل العقد إذا تلاها إبرام العقد فيما بعد .
و في هذا الصدد ذهب الأستاذ جابر محجوب علي الى أن ” الاخلال بالالتزام بالإعلام يؤدي الى قيام مسؤولية عقدية ، تنفلت في آن واحد من قواعد المسؤولية التقصيرية و من القواعد الخاصة بضمان العيوب الخفية ، و تخضع للمبادئ العامة في التعويض عن الاخلال بالالتزامات التعاقدية ، و لكنه لم يدل بأي مبرر يؤدي هذا الطرح . 19
و لعل أهم ما يمكن أن يؤاخذ على اعتقدوا بوجود التزام وحيد ذي طبيعة تعاقدية هو أن هذا الموقف يحول دون إمكانية اجراء التقريب المفيد بين مختلف أشكال الالتزام بالإعلام ، و إنه يستبعد ما يعرف اليوم بمفهوم الكتمان المدلس الذي لا يمكن بالمرة ادماجه في الالتزام التعاقدي الموجود في مرحلة تنفيذ العقد ، كما أن صعوبة إقامة التمييز بين صور و أشكال الالتزام بالإعلام لا يجب أن يؤدي الى القول بألا وجود إلا لالتزام وحيد ، فالتمييز ضروري لتحقيق العدالة بين المتعاقدين المتنازعين .20
ثانيا : التزام اجتهادي و التزام قانوني بالإعلام :
هناك من الفقه من نظر اللا الالتزام بالا علام من حيت مصدره إذ قسمه إلى التزام بالإعلام ذي أصل قضائي ، أي الالتزام الذي اكتشفه القضاء و ألقاه على عاتق أحد طرفي العلاقة العقدية ، و التزام بالإعلام ذي أصل قانوني أو تشريعي و هو الالتزام الذي وجد عن طريق بعض النصوص التشريعية .
18- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 245 .
19-جابر محجوب علي ، م ،س،ص 302 ، منقول عن بوعبيد عباسي .
20- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق 250.
ثالثا : التزام ما قبل تعاقدي بالإعلام و التزام تعاقدي بالإعلام :
1-الالتزام بالإعلام ما قبل التعاقدي : فالالتزام بالإعلام الذي يقع على عاتق أحد المتعاقدين في المرحلة السابقة على ابرام العقد يكمن دوره بالأساس في جعل رضاء الطرف الآخر حرا و مستنيرا و خاليا من الغلط ، إنه يساعده على التعبير عن الرضاء السليم ، فالرضاء يكون مستنيرا بما فيه الكفاية عندما يتوفر المتعاقد على عناصر تفاوضية تمكنه من التخلي عن العقد ، لهذا الالتزام اذن تأثير على ابرام العقد ، و بعبارة أدق ، على تقدير مدى ملاءمة العقد لحاجيات الأطراف ، و إذا تم الإخلال به فإن العقد المبرم لن يكون مطابقا للعقد المتوقع و لرغبات الدائن بالالتزام بالإعلام .
2-الالتزام التعاقدي بالإعلام : يدخل الالتزام التعاقدي بالإعلام في الإطار الواسع للالتزام بالتعاون الذي يجب أن يسود بين المتعاقدين من اجل تسهيل تنفيذ الالتزام الرئيسي ، و ينصب على معلومات تكون ضرورية لاستعمال الشيء و الاحتياطات التي يجب اتخاذها من اجل تحقيق السلامة للمستعمل ، و انها لا تنصب على اعلام العقد حول المميزات الداخلية للشيء و انما على مميزات استعماله .21
كما قد تهدف المعلومات الواجب الادلاء بها الى تمكين المدين من حسن تنفيذ التزامه ، فالدائن يتعين عليه أن يقدم للمدين كافة المعلومات و التوضيحات المتعلقة بخصوصيات الشيء او المادة التي يرغب فيها ، كما ان هناك معلومات أخرى تتعلق بالتعديل الخاص بتنفيذ العقد و الادلاء بكل الوقائع التي تحدث عند سريان العقد .
بالإضافة الى كل ما سبق نجد لهذا التقسيم انقدات سواء من حيت الالتزام بالاعلام الى التزام قبل تعاقدي و التزام ليس في منأئ عن كل الانتقادات ، و يتضح ذلك من حيث التمييز سواء من الناحية العلمية ـ بحيث يصعب و ضع حدود بين النوعين من الالتزامات ، و يتضح ذلك بالخصوص في العقود المهمة التي تطول المفاوضات دولها لأسابيع او شهور ، كما ان هذا التمييز لا يوضح لنا النظام القانوني الواجب التطبيق ، و يتضح هذا اللبس من خلال ميل المحاكم الى الاصطناعي لما يسمى ب “العقد الابتدائي بالنصح او بالاعلام ” .
رابعا : التمييز الجديد لأنواع الالتزام بالاعلام : ان التمييز الجديد التي تبنه بعض الفقه (الأستاذ ماكنون ) على انا تمييز الالتزامات بالاعلام تقوم على أساس معيار و ظيفي أي بالاستناد الى و ظيفة المعلومات بالنسبة للدائن بالالتزام بالاعلام ، و مدى فائدتها بالنسبة اليه و خلص من خلال هذا المعيار الى ان التمييز بين الالتزامات بالاعلام المنعكسة على الرضاء أي رضا المتعاقدين و هدفه هو ان يكون القرار الذي يتخذه الشخص ، أي الرضاء الصادر عنه ، مستنيرا بما فيه الكفاية ، اما الالتزامات الثانية و هي المنعكسة على تنفيذ العقد ، بعد رضا المتعاقدين على الالتزامات المتفق عليه .22
21- بوعبيد عباسي ، مرجع سابق ص 254 .
22- M.F.MAGNAN .Thés ; préc ; n 280, p 223 -224 . (عن الأستاذ بوعبيد عباسي) .
المبحث الثاني : آثار الالتزام بالإعلام .
بعد الحديث عن الاحكام المنظمة للالتزام بالاعلام من خلال المفهوم و الاركان و الأنواع ، فلا بد من توفر اثار محدد للالتزام بالاعلام في العقود سواء تعلق الأمر عن تنفيذ هذا الالتزام ( المطلب الأول) ، او تعلق الأمر بالجزاءات المترتبة عن الاخلال بالالتزامات بالاعلام ( المطلب الثاني) .
المطلب الأول : تنفيذ الالتزام بالإعلام في العقود .
يتم تنفيذ الالتزام بالإعلام عن طريق إفضاء المدين إلى الدائن بالمعلومات و الوقائع التي تشكل محلا لهذا الالتزام , و على الرغم من أن عملية التنفيذ تبدو سهلة . في مظهرها فإنها تثير عدة مشاكل تتعلق باختيار الوسائل الملائمة لتقديم المعلومات ذلك أن الإعلام قد يتم كتابة أو شفهيا. أو عن طريق وسائل الاتصال و الإعلام لتعريف الجمهور بالمواد و الخدمات. و كذلك تحديد أطراف الالتزام بالإعلام , و أيضا يثير تنفيذ الالتزام بالإعلام إشكالا جوهريا يتعلق بالإثبات. في هذا المطلب سيتم التطرق إلى وسائل تنفيذ الالتزام بالإعلام (الفقرة الأولى ) و إلى أشخاص الالتزام بالإعلام و إثباته (الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : وسائل تنفيذ الالتزام بالإعلام
يعتبر الالتزام بالإعلام تاما عندما يقوم المدين بتقديم البيانات إلى الدائن بالالتزام بالإعلام و يتم التنفيذ بواسطة عدة طرق , و هو ما يدعو إلى اختيار الطريقة الأكثر ملائمة للوفاء بالالتزام .
اولا : معلومات مقدمة شفويا و اخرى كتابة
1-معلومات مقدمة شفويا
تعد هذه الوسيلة الأكثر بساطة و الأكثر سرعة من غيرها في تنفيذ الالتزام بالإعلام لأنها لا تتطلب أي سند مادي و لأنها تمكن الدائن من العلم الفوري ببعض المعلومات التي يجب التعجيل بها الأسباب مختلفة فأثناء المفاوضات أو من خلال الحوار الذي يجري بين المدين و الدائن يتمكن هذا الأخير من الحصول على المعلومات التي تهمه من المدين مباشرة و يتمكن من الوقوف معه خطوة بخطوة على الأمور التي يكون في حاجة إلى معرفتها , و يطلب منه إعلامه بكل ما غمض عليه من معلومات و أمور يكون في حاجة إلى معرفتها . 23
بالرغم من سهولة و بساطة هذه الطريقة فإنها يجب أن تخضع لبعض الشروط و المواصفات فلا يكفي أن يقوم الدائن بالإدلاء بأي بيان يفيد الدائن بل لا بد أن يكون هذا البيان مسموعا و مفهوما بوضوح . فإذا لم يسمع الدائن المعلومات المقدمة إليه فان الالتزام بالإعلام يعد كأنه غير منفذ. فالمدين يتعين عليه اختيار العبارات المفهومة و تفادي استعمال العبارات الغامضة أو المشوبة باللبس و المصطلحات المعقدة.
23- شكري السرور تأصيل احكام الكفالة العينية . 1986 دار الفكر العربي .
من مزايا الوسيلة الشفوية بالنسبة للمدين أنها تسهل عليه تنفيذ التزامه بإعلام الدائن لأنها اقل تكلفة إذ لا يقوم بطبع نشرات أو كتيبات كما انه لا يتحمل تكاليف الدعاية و الإعلان. 24
2-معلومات مقدمة كتابة
تعد الكتابة وسيلة شائعة من وسال الإدلاء بالمعلومات إلى المتعاقد الأخر , و هي الأهم و الأكثر فعالية من حيث تنويره , و يتضح ذلك من خلال المزايا التي تتميز بها بالمقارنة مع مزايا المعلومات الشفوية , و تتمثل هذه المزايا بالخصوص فيما يلي :
تتميز المعلومات المكتوبة بصفة الدوام و الثبات و هو ما يسهل على الدائن استغلالها و الاستفادة منها فمادامت موجودة بين يديه بصفة مستمرة فهو يتوفر على الوقت الكافي ليطلع عليها.
و تتميز أيضا بالدقة في كتابتها حيث أن المدين يعدها مسبقا كم يداول صياغتها بعناية و يضمنها كل البيانات التي يمكن أن يحتاجها الدائن و هي بهذه الصورة تحقق منفعة للدائن حيث تمكنه الوقوف على البيانات إلى أن يتضح أمامه كل الوقائع التي تفيده في الإقدام أو عدم الإقدام على التعاقد و توضح له كيفية الانتفاع الأمثل بالشيء محل العقد.
و كذلك يستفيد المدين بدوره من هذه الطريقة في الإدلاء بالبيانات حيث يكتفي بكتابة هذه البيانات مرة واحدة و يرفقها بالشيء المبيع من دون إلزامه بالإعلام كل مشتري على حدة .
عندما يعمد المدين إلى كتابة البيانات التي يدلي بها إلى الدائن , فانه يقيم وسيلة قوية من وسائل الإثبات تسهل عليه إثبات وفائه بالالتزام بالإعلام , و يستفيد من هذا الدليل الكتابي خاصة عندما يضمنه كافة المعلومات التي يتعين الإدلاء بها , كما يستطيع الدائن الاستناد إلى نفس الدليل لإثبات عدم تنفيذ المدين لالتزامه كوجود خطا أو نقص أو ليس في البيانات . 25
و على الرغم من هذه المزايا فان المعلومات المكتوبة يمكن أن تترتب عليها بعض المساوئ بالنسبة للمدين بالالتزام بالإعلام لأنها تتطلب تكلفة وجهدا إضافيين , و أنها تلزمه بوضع تصور معين للمعلومات الواجب الإدلاء بها و أن يقوم بتحريرها و طبعها و توزيع الوثائق الإعلامية , و لكن هذا الانتقاد لا يساوي شيئا أمام المزايا التي تحققها الكتابة سواء للدائن أو المدين نفسه . كما أن هذه الطريقة في تنفيذ الالتزام بالإعلام تسير نحو الانتشار الواسع في الوقت الراهن على حساب المعلومات الشفوية , و أصبحت مفروضة بفعل عدة عوامل فهي تنسجم مع المبادلات التجارية المعاصرة التي لا تسح بالمفاوضات المباشرة بين المتعاقدين و قيام احدهما بالإدلاء شفاهة بالبيانات للثاني . إلا أن المعلومات الكتابية , لكي تكون فعالة في تنفيذ الالتزام بالإعلام يجب أحيانا تقديمها قبل إصدار الرضاء و خاصة بالنسبة للبيانات التي لها ثاثير على إبرام العقد أو على أي رضاء أخر , فالمعلومات التي لا يتوصل بها الدائن إلا قبل وقت وجيز من إبرام العقد أو بعد إبرام العقد , لن تفيده في شي عندما تكون لها علاقة بإبرام العقد , لذلك يستحسن إعطاء الدائن بالالتزام بالإعلام الوقت الكافي و الضروري لكي يستطيع العلم بالوثائق المسلمة اليه قبل التعاقد .
24- بوعبيد العباسي مرجع سابق الصفحة 271.
25- بوعبيد العباسي مرجع سابق الصفحة 276.
تانيا : استخدام الإعلان و وسائل الاتصال و الإعلام في تقديم المعلومات :
1-معلومات مقدمة عن طريق الإعلان :
يتعلق الأمر بوسيلة في التنفيذ تقترب بشكل كبير من الوسيلة السابقة بحيث تعتمد بدورها على الكتابة في تبليغ المعلومات إلى الدائن , إلا أن السند المادي المكتوب مختلف , و أن المعلومات من طبيعة خاصة , و أنها لا تستعمل إلا من طرف المهنيين .
و يتجلى الإعلان كوسيلة للإعلام في تقديم معلومات أو أخبار إلى الناس عامة حول السلع و الخدمات للتعريف بها و إبراز محاسنها و الترويج لها و توسيع دائرة السوق , و من اجل تحفيز المستهلك على الإقبال عليها . 26
و بذلك فالمعلن يهدف إلى تحقيق الأرباح , و هو هدف يتحقق مباشرة في الدعاية أو الإعلان التجاري , فالإعلان يهدف إلى التسويق و لترويج للسلع و الخدمات بغرض تحقيق الأرباح أو الزيادة فيها , و لتحقيق هذه الغاية فان الإعلان يتطلب تقنية عالية و خبرة كببرة برغبات المستهلكين , و كيفية إيصال لرسائل المقصودة إليهم . 27
و نظرا للتقدم الصناعي الكبير و م ترتب عليه من وفرة في السلع و المنتوجات المعروضة للبيع , و احتدام المنافسة التجارية , فان الإعلان أصبح يكتسي أهمية بالغة سواء بالنسبة للمنتج أو المستهلك فالمنتج يستطيع من خلال الإعلان إعلام الجمهور بالسلع و الخدمات المطروحة في السوق و الترويج لها و تسويقها في اكبر عدد ممكن من الأسواق و توزيعها على اكبر عدد من المستهلكين , و إذا لم يعلن عن بضائعه فانه لن يستطيع الاستمرار في مواجهة المنافسين الأقوياء . لذلك فان الإعلان يعد عاملا من عوامل التسويق و مظهرا من مظاهر المنافسة المشروعة .
كما أن الإعلان يعتبر بالنسبة للمستهلك أداة يستطيع من خلالها تلقي المعلومات المتعلقة بالسلع أو الخدمات من حيث خصائصها الجوهرية و مكوناتها و طريقة استعمالها و ما قد ينتج عنها من مخاطر كما يلعب الإعلان دورا أساسيا في إعلام المستهلك بالسلع الجديدة و المفيدة في اشبع حاجياته, و يساعد على الرفع من جودة المنتوجات و خفض أسعارها . لم تعد الرسالة الإعلانية إذن قاصرة على تعريف المستهلكين بوجود سلع مطروحة في التداول التجاري , بل اتخذت شكلا متطورا يتجلى في تزويد المستهلك بمختلف البيانات المتعلقة بخصائص هذه السلع .28 و من بين الوسائل أو الأدوات التي تستعمل غالبا لتبليغ الرسالة الإعلانية إلى الجمهور , اللوحات و الملصقات. فالمهنيون الذين يريدون التحرر من كتابة الشروط التعاقدية في العقود التي يبرمونها مع زبنائهم , و يرغبون في نفس الوقت في عدم تحمل المسؤولية التعاقدية الناشئة عن عدم تنفيذ تعهداتهم , يستعملون الملصقات أو مثابة بعض العبارات على اللوحات , مثال ذلك أصحاب الفنادق و المطاعم و المرائب و الحمامات و المقاولون حيث يعمدون بصفة معتادة إلى وضع لوحات إعلانية في الأماكن التي يتردد إليها الناس فالملصقات و اللوحات تمثل للمدين بالالتزام بالإعلام مزية أكيدة , لأنه من خلال وسيلة مادية واحدة يستطيع إعلام عدد كبير من الناس فالمطعمي , مثلا عندما يضع لوحة في مكان بارز ,
26-عبد الحميد محمد احمد, الخداع التجاري في نظام مكافحة الغش التجاري السعودي مجلة الحقوق , جامعة الكويت الصفحة 133 الطبعة 1994 .
27- محمد عساف , أصول الإعلان القاهرة الصفحة 42 .
28- بوعبيد العباسي , مرجع سابق الصفحة 280 .
تعفيه من المسؤولية في حالة حدوث سرقة في الحجرة الخاصة بإيداع الملابس , فانه يتفادى إعلام كل زبون على حدة بهذا الشرط المحدد للمسؤولية . إضافة إلى اللوحات و الملصقات فانه يمكن إعلام المستهلكين بعدة وسائل أخرى كالصحف و المجلات , فكل هذه الوسائل توفر للمعلن عدة مزايا . كما يمكن الإدلاء بالمعلومات شفويا عن طريق الإعلانات الإذاعية مثلا أو توضيحها بالصوت و الصورة كما هو الشأن في الإعلانات التلفزيونية.
2-معلومات تقدم عن طريق وسائل الإعلام و الاتصال :
يتعلق الأمر هنا بتقنية جديدة في البيع , و هي تقنية الشراء عن طريق التلفزيون التي ظهرت حديثا في المغرب . فلم تعد التلفزيون مجرد أداة لأداء الوظائف التقليدية الثلاثة المتمثلة في : تقديم الأخبار للمشاهدين , و الترفيه عنهم و تثقيفهم , بل أصبحت من بين الوسائل التي تعرف المستهلكين بالمنتجات و الخدمات , و تقدم لهم كافة البيانات و الخصائص المتعلقة بها , و هو يمكن لت يتم كذلك من خلال برامج الإذاعة أو عن طريق الهاتف أو الانترنيت 29. الشراء عن طريق التلفزيون أو البيع عن طريق التلفزيون , عبارة عن بث تلفزيوني يقدم العارض من خلاله بضائع أو خدمات معينة يعرضها على مشاهدي التلفزيون لاقتنائها بثمن معين , و إذا رغب المستهلك في اقتنائها فما عليه إلا تقديم طلبه من اجل الحصول عليها , و يكون ذلك كتابة أو بمجرد مكالمة هاتفية أو بأية وسيلة أخرى , ملحقا بطبيعة الحال , بالثمن الذي يحدده البائع. لا شك أن هذا البرنامج يعد وسيلة من وسائل الدعاية و الإعلان على الرغم من اعتباره بيعا عن طريق التلفزيون , و لهذا السبب تخوف البعض من تحوله إلى رسالة اشهارية خالصة تلفت من القواعد التي يخضع لها الإشهار , و يتحول على إثرها التلفزيون نحو وظيفة استهلاكية . و ما يهم من هذه العملية الحديثة المعلومات المقدمة للمشاهدين عن البضائع و الخدمات المقترحة عليهم , هناك بعض البيانات التي تقدم للمستهلك أثناء العرض عن طريق التلفزيون و تتعلق بتحديد أوصاف الشيء المعروض للبيع و إبراز فوائده و خصائصه الفنية و كيفية استخدامه , وحث المشاهدين على اقتنائه , و يذكر البرنامج في النهاية , شروط التعاقد و ثمن الشيء و طرق الدفع , و تسهيلات الشراء و كيفية الحصول على الشيء , و نفقات التسليم , ثم يذكر رقم الهاتف لمن يريد الحصول على معلومات إضافية. و هناك معلومات أخرى يمنع بثها مباشرة في البرنامج كالبيانات المتعلقة بالعلامة التجارية للسلع المعروضة للبيع . و اسم الصانع أو الموزع أو مقدم الخدمة و لكن يمكن الحصول على هذه المعلومات عن طريق الهاتف لان مصلحة المشتري تقتضي أن يعرفها . و على كل حال . إن البائع يتحمل المسؤولية إذا لم يقم بإعلام المستهلك بكل وضوح و صدق عن كل ما يقترحه عليه عبر التلفزيون من بضائع و خدمات فالعرض يجب أن يكون واضحا و دقيقا و حياديا بما فيه الكفاية بحيث يستطيع المستهلك أن يشتري و هو على بينة من الأمور التي تهمه , و يجب أن تنصب البيانات على خصائص المنتوج و الثمن و طرق البيع و الضمانات المخولة للمشتري30 .
الفقرة الثانية : أشخاص الالتزام بالإعلام و اثباثه.
في هذه الفقرة سيتم التطرق إلى كل من أشخاص الالتزام بالإعلام و المتمثل في كل من الدائن و المدين , و كذلك التطرق إلى إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام .
29- عباسي بوعبيد , الشراء عن طريق التلفزيون أية حماية للمستهلك الصفحة 108 .
30- بوعبيد العباسي مرجع سابق الصفحة 293 .
أولا : أشخاص الالتزام بالإعلام :
مادام الالتزام بالإعلام عبارة عن رابطة قانونية فانه يتطلب طبعا وجود شخصين على الأقل دائن و مدين , فالمدين بالالتزام بالعلام هو المتعاقد الذي يقع على عاتقه الالتزام بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد و بالشيء أو الخدمة محل العقد , أما الدائن بالالتزام بالعلام فهو المتعاقد المستفيد من تلقي المعلومات و البيانات التي يزوده بها المدين .
1- المبدأ :
يشترط لقيام الالتزام بالإعلام وجود دائن و مدين , و يمكن أن يتعدد كل منهما , و تؤدي مسالة تحديد الدائن و المدين إلى التساؤل التالي : هل يفترض الالتزام بالإعلام بطريقة حصرية في كل عقد على متعاقد معين أكثر من المتعاقد الأخر أم أن تحديد الدائن و المدين يرتبط بالظروف ? إذا تعلق الأمر بعقد البيع , هل ان المدين هو البائع دائما و ان الدائن هو المشتري , أم إن تحديد الدائن و المدين في هذا العقد يرتبط بالظروف و الملابسات التي ابرم في ظلها العقد ?
يختلف الجواب هنا باختلاف العقود , فهناك مجموعة من العقود يكون أشخاص الالتزام بالإعلام فيها هم أنفسهم دائما , و هكذا سيكون المدين في عقد البيع هو البائع , و فغي عقد الكراء هو المكري , و في عقد التطبيب هو الطبيب و في عقد المقاولة هو المقاول , أما الدائن فهو الطرف الأخر , ففي هذه المجموعة من العقود يمكن أن نعرف مسبقا أشخاص الالتزام بالإعلام , و منهم الدائن , و منهم المدين و بالتالي يمكن القول أن الالتزام بالإعلام يفرض على المتعاقد معين أكثر من المتعاقد الأخر .
أما إذا كان الالتزام بالإعلام ناشئا عن عدم التوازن في المعارف بين المتعاقدين فل يمكننا أن نعرف مسبقا و بدقة كبيرة من هو المتعاقد الذي يعد مدينا به , فقد يكون المدين كما قد يكون الدائن و ذلك بحسب من يوجد منهما على دراية بالمعلومات الهامة المتعلقة بالعملية التعاقدية , يخضع إذن أشخاص الالتزام بالإعلام في العقود التي يسودها عدم التوازن في المعارف بين المتعاقدين للظروف الخاصة بكل متعاقد .
2-الاستثناءات :
يقصد بالاستثناء في مجال أشخاص الالتزام بالإعلام أن هناك بعض الحالات أو بعض العقود يصبح فيها المدين الأصلي بالالتزام بالإعلام دائنا , و ل يكون مدينا في الواقع إلا إذا نفذ الدائن الأصلي بالالتزام بالإعلام التزامه الخاص به, فهذا الأخير , أي الدائن الأصلي بالالتزام بالإعلام يعد بدوره مدينا بالالتزام تجاه المدين الأصلي بالالتزام بالإعلام و يتعين عليه الوفاء بهذا الالتزام مثلا عقد البيع , فالبائع هو المدين مبدئيا في عقد البيع , و لكن استثناء لا يكون مدينا إلا إذا نفذ المشتري نفسه الالتزام الخاص به. و من ثم فالمشتري الذي يعد دائنا في عقد البيع , أصبح بدوره مدينا و يتجلى التزامه في إطلاع البائع أثناء المفاوضات على الحاجيات الخاصة به, و أن يوضح له خصائص و مواصفات الشيء الذي يوقعه, و غايته من التعاقد. 31
31- بوعبيد العباسي مرجع سابق الصفحة311 .
أما إذا الزم المشتري الصمت فلا يمكنه أن يلوم البائع على عدم إعلامه لان سكوته يشكل خطا. اذا كان المبدأ في الالتزام بالإعلام الناشئ عن عدم التوازن في المعارف انه لا يمكننا أن نحدد مسبقا المدين و الدائن به , ففي الحالات التي يصبح فيها عدم التوازن هذا عاما بين فئتين اقتصاديتين و اجتماعيتين , أي بين المهنيين و المستهلكين , آنذاك يمكننا نسبيا تحديد أطراف الالتزام بالإعلام مسبقا , و هكذا فان من ينتمي إلى الفئة الأولى كالبائع و المكري و مقدم الخدمات و المودع عنده و غيرهم , بعد مدينا دائما , أما الدائن فهو كل من ينتمي إلى الفئة الثانية , كالمشتري و المكتري و متلقي الخدمات و غيرهم , و لا يخرج عن هذا الحكم إلا الالتزامات بالإعلام الناشئة عن عدم التوازن في المعارف الراجع إلى عامل السن أو الضعف الإدراك أو عدم كفاءة المتعاقد . و أخيرا إذا كانت العلاقة في الالتزام بالإعلام تنشا بوجه عام بين الدائن و المدين باعتبارهما متعاقدين , فإنها لا تكون قاصرة عليهما إذ يمكن أن تمتد إلى أشخاص تخرين لا يوجد بينهم أي عقد, و بذلك يتعدد أشخاص الالتزام بالإعلام فتطرح مسالة تحديد من هو الدائن و من هو المدين به , و مثال ذلك الالتزام بالإعلام في عقد البيع حيث يرتبط مباشرة بين البائع و المشتري , و لكن يوجد خلف البائع أشخاص آخرون , كالتاجر بالجملة و الصانع و الموزع و المستورد و غيرهم ممن يدخل في سياق إنتاج و توزيع المنتجات كما يوجد خلف المشتري سلسلة من المستعملين هم أفراد أسرته في الغالب .
ثانيا : إثبات لالتزام بالإعلام
يخضع النظام القانوني لإثبات الالتزام الإعلام للقواعد العامة المعمول بها في مجال إثبات الالتزامات بصفة عامة مع بعض الخصوصيات البسيطة, فالأصل أن الدائن هو المكلف بإثبات المدين, و المدين هو المكلف بإثبات التخلص منه و هو ما جاء في الفصل 400 من ق .ل.ع الذي جاء فيه ما يلي “إذا اثبت المدعي وجود الالتزام , كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاده تجاهه أن يثبت ادعاءه”.
1-إثبات وجود الالتزام بالإعلام :
ميز الفصل 400 من ق ل ع بين إثبات وجود الالتزام و إثبات تنفيذه , و لا يخرج الالتزام بالإعلام عن هذه القاعدة , و لا يهمنا ألان سوى العنصر الأول من الإثبات , أي إثبات وجود الالتزام بالأعلام.
و هكذا يتعين على من يدعي خرق الالتزام بالإعلام أن يثبت وجود هذا الالتزام , و بعبارة أخرى , هو من يقع عليه عبء الإثبات وجود الالتزام بالإعلام , فعلى عاتق المشتري أو المريض أو الزبون يقع عبء إثبات وجود الالتزام بالإعلام على عاتق البائع أو صاحب ألمراب أو المقاول . و يمكن القول بصفة عامة أن من ينصب نفسه دائنا بالالتزام بالإعلام يجب عليه أن يقدم الحجة على وجود هذا الالتزام و إذا كان عبء إثبات وجود الالتزام بالإعلام يقع على عاتق الدائن به , فان هذا الإثبات ينصب على الأركان المكونة للالتزام بالإعلام , حيث أن محل الإثبات الواجب على الدائن هو الأركان و الشروط التي لا يوجد الالتزام بالإعلام بغير توفرها , فضحية التدليس مثلا يتعين عليه إقامة الدليل على وجوده , و يتوصل إلى ذلك بإثبات الأركان و الشروط التي تجعل الالتزام بالإعلام مردودا على عاتق لمتعاقد الأخر أي المدلس, فالتدليس لا يفترض و إنما يتعين إقامة الدليل عليه . كما أن ضحية الغلط يجب أن يثبت أمام القضاة وجود الالتزام بالإعلام و الغلط الذي بدونه ما كان ليتعاقد. و أن هذا الغلط يتعلق بخاصية جوهرية في الشيء محل العقد بالمعنى الوارد في الفصل 41 من ق ل ع و بصفة عامة , إذا طالب الدائن بالالتزام بالإعلام بإبطال العقد لعيب في الرضاء وجب عليه أن يثبت أن جهله بالمعلومات هو الذي دفعه إلى الرضاء بعقد في غير مصلحته , كما يجب عليه أن يثبت أن المدين بالالتزام بالأعلام كان على علم بالمعلومات و الوقائع المتعلقة بالشيء محل العقد و لم يدل بها , و انه كان يعرف أهميتها الحاسمة بالنسبة إليه . لأنه من غير المعقول إلزام شخص بالإدلاء ببيانات لا يعلمها . 32
2-إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام
يتعلق الأمر هنا في معرفة ما إذا ثم تنفيذ الالتزام بالإعلام أم لم يتم تنفيذه , بمعنى معرفة ما إذا ثم الإدلاء بالمعلومات من طرف المدين أم لم يتم . و يثير إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام , على خلاف إثبات وجود الالتزام بالإعلام , صعوبة أساسية تمكن في تحديد الشخص الذي يقع عليه الإثبات, و كذا تحديد وسائل الإثبات التي يمكن استعمالها .
•عبء إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام :
لا يكفي لثبوت مسؤولية المدين بالالتزام بالإعلام أن يثبت الدائن وجود هذا الالتزام على عاتقه, بل يجب أن يكون هناك إخلال من المدين بهذا الالتزام , و لكن من الذي يقع عليه عبء إثبات هذا الإخلال , هل يجب على الدائن أن يثبت عدم تنفيذ المدين لالتزامه أم يجب على المدين أن يثبت انه نفذ ما عليه ?
هناك من ذهب إلى قول , أن الدائن بالالتزام بالإعلام هو الذي يتعين عليه إثبات إخلال المدين بهذا الالتزام و ذلك سواء كان إخلاله ايجابيا أو سلبيا , و من ثم فالدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات عدم تنفيذ المدين لالتزامه , أي امتناعه عن إعلامه , انه مجبر على إقامة الدليل على واقعة سلبية و فقا هذا الرأي , ذهبت بعض القرارات القضائية في هذا الاتجاه , و نذكر منها القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 21 نونبر 1988 حيث قضت المحكمة بأنه”إذ كان على الطبيب التزام بإعلام المريض بالمخاطر أو المساويء المترتبة على العملية الجراحية , فعلى هذا الأخير يقع عبء إثبات الإخلال بهذا الالتزام . و من السهولة يمكن إعطاء تفسر هذا الاتجاه انه بكل بساطة اعتبر الالتزام بالإعلام التزاما بوسيلة , لذلك بدا له من المنطقي أن يتحمل الدائن عبء إثبات إخلال المدين بهذا الالتزام , أي إثبات عدم توصله بأية معلومات . و هناك قرارات قضائية أخرى تقضي بن عبء الإثبات المتعلق بنقل المعلومات يقع على عاتق الدائن, و هي القرارات التي يركز عليها الباحثون الذين يذهبون في هذا الاتجاه المخالف.
•وسائل إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام :
يمكن للمدين استعمال كل الوسائل لإثبات انه قام بنقل المعلومات إلى الدائن , و لا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي ينص فيها المشرع على وسائل معينة للإفضاء بالمعلومات . و هناك أيضا حالات عديدة لا يفرض فيها القانون إتباع وسيلة معينة للإدلاء بالمعلومات , و نتيجة لذلك فان المدين يمكنه الوفاء بنقل هذه المعلومات بجميع الوسائل الممكنة, و من ثم يمكنه إثبات تنفيذ الالتزام بجميع وسائل الإثبات . و لكن على الرغم من هذه الحرية في اختيار وسائل نقل المعلومات إلى الدائن , فان المدينين بالالتزام بالإعلام غالبا ما يتخدوا الاحتياطات الضرورية فيعدون دليلا مكتوبا ليحتجوا به عند الحاجة . فقد يعمد الموثق أو المقاول أو الطبيب مثلا إعلام زبنائهم كتابة أو دفعهم إلى التوقيع على المستندات تفيد أنهم تلقوا المعلومات الضرورية , و انه ثم إعلامهم بشكل سليم بشان الآثار المترتبة على التصرفات التي أقدموا عليها . تشكل هذه المستندات اعترافا من الدائنين بتلقيهم البيانات اللازمة , أو بحصول تحذيرهم من هذه المخاطر , كما أنها تسهل الإثبات على المدين . 33
32- بوعبيد العباسي مرجع سابق الصفحة 330 .
33- عبد الرزاق احمد السنهوري , الوسيط ج 1 الصفحة 742 .
المطلب الثاني: الجزاءات المترتبة عن اﻹخلال باﻹلتزام باﻹعلام .
لكل قاعدة جزاء يترتب عن اﻹخلال بها سواءا في إطار القواعد العامة داخل مقتضيات قانون اﻹلتزامات و العقود (الفقرة اﻷولى) أو في بعض النصوص القانونية الخاصة (الفقرةالثانية)
الفقرة اﻷولى: المسؤولية المدنية وفقا للقواعد العامة.
بالرجوع إلى مقتضيات قانون اﻹلتزامات و العقود فإن المسؤولية إماأن تكون عقدية أو تقصيرية و من هنا يطرح السؤال حول طبيعة المسؤولية المدنية الناتجة عن اﻹخلال باﻹلتزام باﻹعلام؟
لقد إختلفت المواقف في تحديد طبيعة المسؤولية و السبب في ذلك هو أن اﻹلتزام باﻹعلام هل هو تعاقديا أو قبل تعاقدي 34، و إنقسموا إلى إتجاهين :
اﻹتجاه اﻷول : القائل بالطبيعة التقصيرية لمسؤولية المدين باﻹلتزام باﻹعلام :
تجدر الإشارة في البدایة إلى أن الالتزام بالإعلام الذي یثیر الخلاف، على مستوى الفقه والقضاء بشان طبیعة المسؤولیة المترتبة على الإخلال به هو الالتزام بالإعلام الذي ینعكس على رضاء المتعاقد ویساعد على معرفة عواقب التعاقد وعلى اتخاذ قرار غیر معیب بغلط أو تدلیس إنه الالتزام بالإعلام الذي یهدف إلى جعل الرضاء حرا ومستنیرا، وعلى بینة من كل جوانب التعاقد وخالیا من الغلط ویسمیه أغلب الفقه الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام لكنه تم توسیع من دائرته لیشمل كل الالتزامات بالإعلام التي تنعكس على رضاء أصدره المتعاقد سواء انصب هذا الرضا على تكوین العقد أي على قرار إبرام العقد أو على كل تصرف أو قرار آخر كقرار فسخ العقد او تعدیله . 35
أما إذا تعلق الأمر بالالتزام بالإعلام الذي ینعكس على تنفیذ العقد فإن الإخلال به لا یثیر إلا المسؤولیة العقدیة ومن المؤكد أن المسؤولیة التقصیریة تشكل جزاء على الإخلال بالتزام قانوني عام یتجلى في عدم الإضرار بالغیر، أي انها تنشأ بسبب ما یحدثه الشخص للغیر من ضرر بسبب خطأه فهي بذلك تنشأ بین أشخاص لا یرتبطون بعلاقة عقدیة فیما بینهم وا ٕذا حدث أو أن وجدت بینهم مثل هذه العلاقة العقدیة، فإن الضرر یعد ناشئا خارج نطاقها، كأن ینشأ في الفترة السابقة على إبرام العقد، فهل یمكن أن نطبق قواعد هذه المسؤولیة التقصیریة على الأضرار الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي ینعكس على رضاء المتعاقد؟ وبعبارة أوضح ما هي طبیعة المسؤولیة الناشئة عن إخلال المتعاقد المحتمل بالتزام بالإعلام قبل إبرام العقد، أو له علاقة بإصدار المتعاقد الآخر لرضائه بصفة عامة؟ ألا یمكن ان نأخذ بعین الاعتبار الوضعیة الخاصة الناتجة عن كون المسؤولیة إنما تتم إثارتها بمناسبة إبرام العقد أو تعدیله أو إنهائه أو فسخه؟ وهل الالتزام بالإعلام في هذه الحالة مستقل عن العقد؟
تجدر الإشارة إلى ملاحظة بسیطة وهي ان الهدف من إعمال المسؤولیة التقصیریة لیس هو إبطال العقد أو أي رضاء آخر ونما تعویض المتضرر عما لحقه من اضرار ناتجة عن خطأ عمدي أو عن إهمال.
34- بوعبيذ العباسي،مرجع سابق،ص387.
35- غني ريسان جادر ” الإلتزام بالإعلام في عقد التأمين “بحث مقدم في جامعة البصرة،منشور في مجلة رسالة الحقوق، العدد الثاني ص 99 –
ذهب بعض الفقه في إطار الجواب عن السؤال السابق إلى القول إن المسؤولیة المترتبة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام المؤثر على الرضا مسؤولیة تقصیریة بینما طبقه على عكس من ذلك، نظام المسؤولیة العقدیة على حالات الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي له انعكاس على تنفیذ العقد . 36
اﻹتجاه الثاني: القائل بالطبيعة العقدية لمسؤولية المدين اﻹلتزام باﻹعلام :
یلاحظ أن بعض الفقه حینما بحث في مسالة الطبیعة القانونیة لمسؤولیة المدین بالالتزام بالإعلام لم یمیز بین الالتزام بالإعلام المؤثر على الرضا أو ما یسمیه بعض الفقه بالالتزام قبل العقدي37 ، والالتزام بالإعلام المؤثر على تنفیذ العقد وانطلق في بحته وكأن الخلاف بین الفقه غیر قائم بشأن طبیعة المسؤولیة المترتبة على الإخلال بالالتزامين معا، و الحقیقة أن الخلاف بین الفقه بشأن طبیعة المسؤولیة قائم بشدة و ان ظل مقتصرا على الحالة التي یتم فیها الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي له انعكاس على رضاء المتعاقد أما عندما یتعلق الأمر بمخالفة التزام بالإعلام له علاقة بتنفیذ العقد فلا خلاف بین الفقه بشأن طبیعة المسؤولیة المترتبة علیه فهي من طبیعة عقدیة بدون تنازع .
هناك بعض الفقه لم یعترف إلا بوجود صنف واحد من الالتزامات بالإعلام هو الالتزام بالإعلام العقدي 38 ،إنه التزام ینشأ عن العقد ویرتبط به حتى ولو أن الوفاء به أحیانا یتم في المرحلة السابقة على إبرام العقد أو أثناء إبرامه وبالتالي فإن الإخلال بهذا الالتزام لا یؤدي بالطبع إلا إلى قیام المسؤولیة العقدیة.
إضافة إلى الأسانید التي أشرنا إلیها أن لا وجود إلا لإلتزام وحید وعقدي یترتب على الإخلال به تطبیق قواعد المسؤولیة العقدیة یتعین علینا الإشارة إلى الموقف الذي يقضي إلى تطبیق قواعد المسؤولیة العقدیة على الخطأ قبل العقدي أو ما یعرف ب ” الخطأ عند تكوین العقد فالخطأ العقدي هو الذي یقع بمناسبة إبرام العقد أي بمناسبة الشروع في إبرام علاقة عقدیة إذا لحق احد طرفیها ضرر نتیجة تنفیذ العقد الذي أرید إبرامه أو نتیجة الاطمئنان إلى قیامه وأصبح تاما طبقا للظروف الخارجیة التي احاطت به ویقیم من تم لمصلحة المتضرر مسؤولیة عقدیة، ففي العلاقات العقدیة یكون لكل عاقد ان یطلب إلى غیره ضمان جدیة أقواله أو صحة تأكید أنه أو تنفیذ ما وعد به لأنه لا یكون في وضع یسمح له بالتحقق من صحتها بنفسه وا ٕن لم یفعل وجب علیه تعویض عما لحقه من ضرر.
الفقرة الثانية : جزاءات مدنية و جزرية خاصة :
اولا :جزاءات مدنية خاصة : تعد اليات الضمان و نظام الجزاءات المنصوص عليه في قرار 28 نونبر 1934 المتعلق بالتامين البري جزاءات مدنية هامة. وعلى الرغم مما بينهما من اختلافات من حيث الاثار المترتبة على كل منهما فهما يتضمنان جوانب مهمة للمقارنة خاصة من حيث التدرج في مدى شدة الجزاءات بحسب الحالة النفسية للمدين بالالتزام بالاعلام.
36- بوعبيذ العباسي،مرجع سابق،ص388 – .
37- لقمان بومزبر،”الإلتزام بالإعلام في عقد التأمين ” مفال منشور في مجلة العلوم الانسانية ،عدد 46 دسمبر 2016 ص492.
38- لقمان بومزبر مرجع سابق ص 493- – .
1- حالة الزام البائع بالعيوب الخفية:39
راينا سابقا ان لا جدوى من الالتزام بالاعلام الواجب هلى الضامن الا ادا سبق ابرام العقد.لأن المشتري ياخذ بعين الاعتبار وقت ارتضاء الشراء بثمن معين . المعلومات التي قدمها له البائع عن الشيء المبيع لذا يمكن القول ان الالتزام بالضمان-ذي الطبيعة العقدية-يشكل جزاء على سلوك قبل تعاقدي
وتتجلى خصوصية الضمان في كونه يجعل الضامن ملزم بدين حقيقي هو الضمان وذلك مهما كانت معرفته بالعيب. فجهله لا يمكن ان يعفيه من الضمان لذا يمكن القول ان الالتزام بالضمان الذي وضعه القانون على عاتق البائع .يشكل مسؤولية بدون خطأ. فسواء كان البائع يجهل العيب اولا يجهله. فللمشتري الحق .عندما يكتشف عيبا خفيا في الشيء المبيع .في طلب فسخ البيع واسترداد الثمن وكذا مصروفات البيع او انقاص الثمن ولكن هذا القول لا يعني ان الجزاء لا يكترث لسلوك البائع .فقد صرح الفصل 556 ق.ل.ع.في هذا الاطار انا المدين الذي يعلم بعيوب الشيء يلزم.اضافة الى رد الثمن الذي تسلمه. بالتعويض لفائدة المشتري فجزاءات الضمان تتشدد اذن عندما يكون البائع سيء النية.
2-جزاءات خرق المؤمن له للالتزام بالإعلام:
سبق القول ان عقد التامين يلزم المؤمن له بالادلاء للمؤمن بالبيانات والوقائع التي تساعده على تقدير الخطر المؤمن منه . ومن هذه البيانات ما يجب الادلاء به اثناء انشاء العقد ، ومنها ما يجب الادلاء به اثناء سريان العقد ،او بعد وقوع الخطر المؤمن منه . اي الالتزام بالاعلام بوقوع الخطر ويهمنا هنا .بالخصوص. الالتزام قبل التعاقد بالأدلاء بالبيانات المتعلقة بالخطر المؤمن منه . والالتزام التعاقدي بالادلاء بالوقائع و الظروف التي تزيد في نسبة تحقق الخطر المؤمن منه او تزيد في جسامة الاضرار الناشئة عنه، ويتضح من هذين الالتزامين ان البيانات الواجب الادلاء بها انما تنصب على الخطر الذي يلتزم المؤمن بضمانه لان تحديده تحديدا سليما يشكل اهمية كبيرة بالنسبة اليه ، و انطلاقا مما سبق يتعين علينا معالجة الجزاءات المعمول بها في حالة مخالفة الالتزام بالاعلام بالاعتماد على التفرقة بين المؤمن له حسن النية و المؤمن له سيء النية .
أ-الحالة الاولى: المؤمن له حسن النية
يكون المؤمن له حسن النية عندما يدلي بيانات غير صحيحة او يخفي اخرى صحيحة بغير قصد الاضرار بالمؤمن لذا تعامل معه المشرع ببعض الليونة ولكنه اهتم في نفس الوقت بالمحافظة على حقوق المؤمن فلم يرتب على سكوت المؤمن له مبدئيا بطلان التأمين، واكتفى فقط بتعريض المؤمن له لبعض الجزاءات الحقيقية و المختلفة باختلاف الوقت الذي انكشفت فيه الحقيقة اي بحسب ما اذا انكشفت الحقيقة قبل تحقق الخطر المؤمن منه ام بعد تحققه
ب-الحالة الثانية: المؤمن له سيء النية.
39- بوعبيذ العباسي،مرجع سابق419 .
وعلى العكس مما سبق، اذا خالف المؤمن له الالتزام بالاعلام بسوء نية يتحمل آثارا قانونية اكثر جسامة:فليس من حق المؤمن اثارة بطلان العقد فقط -حتى ولو لم يكن للاهمال او التصريح الخاطئ علاقة بتحقق الخطر- بل يمكنه،إضافة الى ذلك. الحصول هلى تعويض جد مرتفع عن الضرر الذي لحقه مادام من حقه الاحتفاظ باقساط التأمين التي قبضها. والمطالبة بجميع الاقساط المستحقة
ثانيا: جزاءات زجرية.
يمكن تحقيق التوازن و المساواة بين المتعاقدين في بعض الاحيان من خلال اعمال قواعد زجرية و هذا هو حال بيع البضائع المغشوشة ،و عمليات الاشهار الكاذب و الاعلان عن الأثمان، ولكن على الرغم من تدخل هذه القواعد الزجرية لحماية المعاقد فإنها قد لا توفر له حماية فعالة اي ليس من المؤكد انها تجير المدين فعلا على الوفاء بالالتزام بالاعلام الملقى على عاتق بل قد تصيب نسبيا ،تنفيد العقد بالشلل.و مثال ذلك التزام الطبيب بإعلام المريض من اجل تنوير رضائه
: وعلى العكس من ذلك ،اتضح ،في مجال العلاقات بين المنتجين او الموزعين و المستهلكين. ان اغلب الالتزامات المفروضة على الفئة الاولى . وخاصة الالتزام بالاعلام لا تكون فعالة الا اذا كانت مصحوبة بقوة رادعة .وستعمل في هذا الصدد .على تحليل بعض الجزاءات الزجرية وخاصة في مجال الغش في البضائع وزجر الاشهار الكاذب و الاعلان عن الاثمان
1–جزاءات خاصة بالغش التجاري
سبق ان اشرنا. في خدود ما يتطلبه منا الموضوع الى ان الفصل 4 من قانون 5 اكتوبر 1984 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع يعاقب على الاخلال بالالتزام بالاعلام في اطار زجري .كما حددنا نطاق جريمة الغش التجاري بصفة عامة سنقتصر. في هذا الحيز من الكتاب على الاشارة.بسرعة.الى اهم الجزاءات الزجرية التي تطال المهنيين حينما يلتزمون الكتمان او يقدمون تصريحات كاذبة الى المستهلكين بهدف مغالطتهم. تو يقومون بتزييف البضاعة بهدف مغالطة المتعاقد الاخر
2-جزاءات زجرية خاصة بالاعلان الكاذب:
سبق ان راينا كذلك ان الاعلان الذي يتضمن بيانات خاطئة او يؤدي الى الوقوع في الغلط بشان عنصر او اكثر من العناصر التي حددها الفصل 10 من قانون الزجر عن الغش في البضائع .ويعاقب عليه في الاطار الزجري.لانه يمس بالصدق والامانة الواجب توفرهما في المعاملات. ويعاقب صاحب الاعلان بعقوبة مالية اصلية تتراوح ما بين 200 و 7200 درهم.كما يتعرض لعقوبة اخرى اضافية تتجلى في نشر بيان او اعلان تصحيحي تامر به المحكمة بهدف اعادة الامور الى نصابها هذه العقوبة الاضافية عن عقوبة شهر الحكم الصادر بالادانة من حيث مضمونها وحالات تطبيقها ولاحظ بعض الفقه عن حق ان الغرامة المخصصة للمعلن الكاذب زهيدة بالمقارنة مع الاضرار الجسيمة التي قد يحدثها الاشهار الكاذب بكل من المستهلك والمنشات المنافسة
3 جزاءات زجرية خاصة بالالتزام بالاعلان عن الاسعار
شكل صدور قانون 5 يونيو 2000.المتعلق بحرية الاسعاروالمنافسة. فرصة حقيقية امام المشرع لينص على ما يسمى بالالتزام بالاعلام.ووضعه على عاتق المهني لفائدة المستهلك وهذا مانص عليه الفصل 47 من القانون المذكور اذ جاء فيه ما يلي:《يجب على كل من يبيع منتوجات او يقدم خدمات ان يعلم المستهلك عن طريق وضع علامة او ملصق او اعلان او باي طريقة مناسبة اخرى بالاسعار والشروط الخاصة للبيع او لانجاز الخدمة. تحدد اجراءات اعلام المستهلك بنص تنظيمي》
و يهدف الالتزام بالاعلام الى فرض التزام بالصدق و الأمانة نحو التعاقد الآخر كما يهدف إلى المحافظة على الشفافية في السوق ، و ينصب على نوعين من المعلومات : الثمن من جهة ، و الشروط الخاصة للبيع او الإنجاز الخدمة من جهة أخرى .
أ-إعلام المستهلك بالأسعار : و يعد الإلتزام بتوضيح الأسعار للمستهلك من بين أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المنتجين و البائعين المهنين لأنه يعد شرطا ضروريا لتحقيق الشفافية في السوق و تطوير المنافسة ، كما يهدف إلى حماية المستهلك من التلاعبات الممكنة في الأسعار ، و يجعل رضاءه متنورا غير معيب بغلط أو تدليس ، و يساعده على حسن الإختيار بين هذه البضائع و الخدمات او تلك .
ب-إعلام المستهلك بالشروط التعاقدية الأخرى .الزام الفصل 47 من قانون حرية الأسعار و المنافسة بائع المنتوجات و مقدم الخدمات بإعلام المستهلكين ، ليس فقط بالأسعار ، و إنما (بالشروط الخاصة للبيع أو الإنجاز الخدمة ) كذلك . و يدخل هذا المقتضى في إطار التجديدات الهامة التي جاء بها قانون حرية الأسعار و المنافسة حيث لم يكن منصوصا عليه في القوانين التي كان معمولا بها قبله .
و لعل الشيء الأكثر خطورة في الفصل 47 هو الغموض اتلذي يحيط بمفهوم الشروط الخاصة ، فإذا كان المقصود بهذا الوصف الشروط التي ترد في عقد معين تجاه زبون معين دون الآخرين ، فإن النص لن يكون له أي معني لأن مثل هذه الشروط تتعلق بالإعلام الفردي و ليس بالإعلام العام المنصوص عليه في الفصل 47 .
و يعاب على المشرع ، حينما فرض الإلتزام بالإعلام على المهني ، كونه ضيق من نطاقه إذ حصره في أسعار السلع و الخدمات ، و الشروط الخاصة للبيع و إنجاز الخدمة ، و لم يوسعه ليشمل المعلومات و البيانات المتعلقة بخصائص السلع و الخدمات ، فإعلام المستهلكين بهذه الخصائص يعد أمرا مهما لأنه يساهم في حمايتهم بشكل فعال ، فلا يفيدنا في شيء معرفة ثمن سلعة تجهل خصائصها ، و أن حاجة المستهلك منحة لمعرفة خصائص السلع ، و خاصة في الوقت الراهن ، نظرا لدقة تركيبها ،و صعوبة استعمالها ، و المخاطر المترتبة عليها .
خاتمة :
يعتبر الالتزام بالإعلام من بين اهم الضمانات التي اعطها لمشرع المغربي للمشتري من اجل الحفاظ على المصالح التعاقدية و حمايتها وز من خلال هذه الدراسة حولنا ان نحيط بجميع جوانب الالتزام بالاعلام انطلاقا من اهم التعريفات الواردة في هذا الباب و كذلك من حيت أنواع بالاعلام وكذلك من حيث تنفيذ الالتزام بالاعلام كما ان المشرع المغرب و لتكر يس لتلك الحماية قما المشرع المغربي بوضع جزاءات لكل شخص او كل متعاقد سولت له نفسه الاخلال بهذا الالتزام .
و يمكن ان نقول ان المشرع المغربي حول جهدا ان يوفر جميع الضمانات في هذا الباب الى ان هذا الالتزام بالإعلام و التنظيم الذي يحدده الا ان هذا الالتزام يعرف شتات نصي تشريعي لهذا الأخير ، و لسبب بسيط هو تنوع التشريعات و التنظيمات او القوانين التي تنظمه لذلك يجب على المشرع المغربي التدخل من اجل و ضع ترسانة قانونية واضحة الغرض منها توضيح هذا الالتزام و حصره و تطويره و خصوصا مع التحولات التي يعرفها مجال المال و الاعمال و التطورات الاقتصادية و التحولات الاجتماعية التي يعرفها المغرب .
لائحة المراجع :
– المعجم العربي الأساسي، المنظمة العربية للثقافة والعلوم، د ب ن، د ط، 1989.
– نذير بن عمو ، العقود الخاصة ، البيع و المقايضة ، مركز النشر الجامعي ، تونس 2007
– نائلة بن مسعود، الإعلام في العقود، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس 2008_2009
– محمد العروصي ، المختصر في بعض العقود المسماة ، عقد البيع و المقايضة و الكراء ، الطبعة الخامسة 2016-2015 –
5FABRE-MAGNAN (M) , DE L’obligation d’information dans les contrats : Essai d’une théorie , L .G.D.J .1992 LUCAS DE LYESSAC © ? L’obligation de renseignements dans les contrats, in l’information en droit privé , travaux de la conférence d’agrégation sous la direction de Y .Loussouarn de P . lagarde L.G.D.J . Bibliothèque de droit privé , 1978 , n° 58
-6 DE POULPIQUET(J) La responsabilité civile et disciplinaire des notaires ( de l’influence de la profession sur les mécanismes de la responsabilité ) , Bibliothèque de droit privé L.G.D.J , 1974 n° 160 CARBONNIER (J) . Droit civil , les obligations 20ème éd , thémis P.U.F , paris 1996
– بوعبيد عباسي ، الإلتزام بالإعلام في العقود ، دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك ، مراكش
– بوعبيد عباسي ، الشراء عن طريق التلفزيون ، أية حماية للمستهلك ؟ مقال منشور بمجلة المنتدى ، ع 2 دجنبر 2000 .
– جابر محجوب علي ، م ،س،ص 302 ، منقول عن بوعبيد عباسي.
– عبد الحميد محمد احمد, الخداع التجاري في نظام مكافحة الغش التجاري السعودي مجلة الحقوق , جامعة الكويت.
– محمد عساف , أصول الإعلان القاهرة.
– عبد الرزاق احمد السنهوري , الوسيط في القانون المدني ج 1.
– غني ريسان جادر ” الإلتزام بالإعلام في عقد التأمين “بحث مقدم في جامعة البصرة،منشور في مجلة رسالة الحقوق، العدد الثاني.
– لقمان بومزبر،”الإلتزام بالإعلام في عقد التأمين ” مفال منشور في مجلة العلوم الانسانية ،عدد 46 دسمبر 2016.
الفهرس .
مقدمة …………………………………………………………………………………………………………………………………………….1
المبحث الأول : الأحكام العامة للإلتزام بالإعلام في العقود………………………………………………………………………………….3
المطلب الأول : مفهوم الإلتزام بالإعلام و تحديد مبررته……………………………………………………………………………………..3
الفقرة الأولى : مفهوم الإلتزام بالإعلام :……………………………………………………………………………………………………….3
الفقرة الثانية : مبررات الإلتزام بالإعلام في العقود………………………………………………………………………………………..5
المطلب الثاني : اركان الالتزام بالاعلام في العقود و انواعه ………………………………………………………………………………….6
الفقرة الأولى : أركان الالتزام بالإعلام …………………………………………………………………………………………………………..6
أولا : الركن المادي للالتزام بالإعلام ……………………………………………………………………………………………………………7
ثانيا : الركن المعنوي للالتزام بالإعلام …………………………………………………………………………………………………………..9
الفقرة الثانية : أنواع الالتزام بالإعلام :……………………………………………………………………………………………………….10
المبحث الثاني : آثار الالتزام بالإعلام …………………………………………………………………………………………………………12
المطلب الأول : تنفيذ الالتزام بالإعلام في العقود …………………………………………………………………………………………..12
الفقرة الأولى : وسائل تنفيذ الالتزام بالإعلام……………………………………………………………………………………………….12
الفقرة الثانية : أشخاص الالتزام بالإعلام و اثباثه…………………………………………………………………………………………15
أولا : أشخاص الالتزام بالإعلام ……………………………………………………………………………………………………………….16
ثانيا : إثبات لالتزام بالإعلام…………………………………………………………………………………………………………………….17
المطلب الثاني: الجزاءات المترتبة عن اﻹخلال باﻹلتزام باﻹعلام…………………………………………………………………………19
الفقرة اﻷولى: المسؤولية المدنية وفقا للقواعد العامة…………………………………………………………………………………….19
الفقرة الثانية : جزاءات مدنية و جزرية خاصة …………………………………………………………………………………………….20
خاتمة ………………………………………………………………………………………………………………………………………………24