في الواجهةمقالات قانونية

تفتيش المنازل على ضوء المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية

 “تفتيش المنازل على ضوء المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية ”  

 

من اعداد :    رشيد صولوح                                                   

 

 طالب باحث بماستر القانون الاجرائي و طرق تنفيذ الاحكام

 

 

تتشكل الدعوى العمومية بمفهومها الواسع من مجموعة من الاجراءات المتسلسلة و   المترابطة ، تشمل جميع مراحلها منذ تحريكها إلى غاية صدور حكم نهائي .

ومن بين أهم المراحل التي تمر منها الدعوى العمومية نجد مرحلة البحث التمهيدي والتي خصها المشرع المغربي بتنظيم دقيق في ق م ج فحدد بذلك الجهات التي تقوم بها و حدد إجراءاتها .

ومن بين الاجراءات التي تقوم بها الشرطة القضائية و هي بصدد البحث عن مرتكبي الجرائم نجد إجراءات التفتيش ، و حيث إن البحث التمهيدي على نوعين نظرا للطبيعة الخاصة التي تقوم عند التلبس بالجريمة .

فكلاهما خص لهما المشرع المغربي بتنظيم قانوني على مستوى ق م ج فنظم إجراءات التفتيش على مستوى البحث التمهيدي العادي في المواد 59 60 61 62 63 في حين نظم اجراءات التفتيش في المادة 79 ق م ج و التي من خلالها تمت الاحالة على المواد 59 60 62 63 .

و تكمن اهمية الموضوع في الحماية التي يوفرها تنصيص المشرع على هذه الاجراءات تجنبا للتعسف على حقوق الغير اضافة الى الجزاء المترتب عند مخالفتها

انطلاقا من ما سبق امكننا طرح التساؤل التالي :

الى اي حد استطاع المشرع المغربي من وضع تنظيم قانوني دقيق لاجراءات التفتيش على مستوى البحث التمهيدي العادي ؟ و ما هم الجزاء المترتب عند مخالفة هذه الاجراءات ؟.

ولنتناول هذه الاسئلة و غيرها سنعتمد التصميم التالي :

الفقرة الاولى: اجراءات التفتيش في مرحلة البحث التمهيدي على ضوء المادة 79 ق م ج

الفقرة الثانية : بطلان اجراءات التفتيش خلال مرحلة البحث التمهيدي .

 

 

 

 

 

الفقرة الاولى : اجراءات التفتيش في مرحلة البحث التمهيدي على ضوء المادة 79 ق م ج

 

تعتبر المادة 79 من ق م ج  المادة التي تنظم موضوع  اجراءات التفتيش على مستوى البحث التمهيدي العادي ، حيث حاول  المشرع المغربي  من خلالها  وضع شروط على الشرطة القضائية للقيام بإجراءات التفتيش على المنازل ( هذه المادة خاصة فقط  بإجراءات التفتيش على المنازل  اما تفتيش الاشخاص فهي مؤطرة بالمادة 80 ق م ج ).

على العموم فالعودة الى المادة 79 يتضح ان المشرع المغربي قيد الشرطة القضائية بالشروط التالية من اجل اجراء تفتيش  على المنازل :

1_ ضرورة الحصول على موافقة صاحب المنزل الذي ستجرى به عمليات التفتيش وتضمن هذه الموافقة في تصريح مكتوب و اذا كان ذلك الشخص لا يعرف الكتابة ضمنت هذه الموافقة في المحضر .

2 _التقيد بمقتضيات المواد 59  60 62 63 ، مما يعني ان الاجراءات الواردة في هذه الواد تسري على حد سواء على التفتيش في المرحلة العادية كما تسري عند التلبس بالجريمة .

وإذا رجعنا الى هذه المواد نجدها تفرض شروط عديدة يجب احترامها من طرف الجهة التي تقوم بعمليات التفتيش من قبيل أن التفتيش على الاماكن المعدة للاستعمال المهني والتي يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني فعلى ضابط الشرطة القضائية ان يشعر النيابة العامة و اتخاد تدابير لضمان احترام السر المهني .

و اذا كان التفتيش سيجري بمنزل الشخص مشتبه فيه او من الغير فانه يتعين عليه حضور هذا الاخير او ممثله و اذا تعذر ذلك يتعين على ضابط الشرطة القضائية استدعاء شاهدين لحضور التفتيش من غير الموظفين الخاضعين له.

إضافة الى مجموعة من المقتضيات الواردة في المذكورة ( 59 60 62 63) إلا ان الملاحظة التي يجب تسجيلها في هذا الصدد هو المقتضى الاخير الوارد في المادة 60 و الذي جاء فيه ” تحضر هذا التفتيش في جميع الاحوال امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية لتفتيش النساء في الاماكن التي يوجدن بها ”

هذا المقتضى أثار شكوك الكثيرين حول مدى صحة ايراده في المادة 60 و التي تخص اجراءات التفتيش على المنازل ( والتي تسري في البحث التمهيدي العادي و التلبسي معا )

و هو امر رفضه بعض الفقه معتبرين اياه خارج عن النص و هو يساهم في التعسف على حقوق و حريات الافراد .

و حتى لو افترضنا بان المشرع يتجه الى شرعنة اجراء التفتيش على الاشخاص في هذه المرحلة  فانه لم يرد مقتضى قانوني يسمح بذلك .

3_ اذا تعلق الامر بجريمة ارهابية فان الامتناع  صاحب المنزل من اعطاء الموافقة فتجري جميع العمليات باذن كتابي من النيابة العامة بحضور المعني بالامر و اذا امتنع عن الحضور عوض بشخصين من غير مسؤولي ضابط الشرطة القضائية  .

 

 

 

  الفقرة الثانية: بطلان اجراءات التفتيش خلال مرحلة البحث التمهيدي

 

نظم المشرع المغربي في ق م ج اجراءات التفتيش على المنازل على مستوى مرحلة البحث التمهيدي العادي في المادة 79 ق م ج و التي احالت على بعض مقتضيات التفتيش في البحث التمهيدي التلبسي .

و بعتبر البطلان أهم الجزاءات القانونية التي تلحق الاجراءات التي لم يتم القيام بها على الشكل القانوني .

و إذا كان المشرع المغربي قد نص بشكل صريح في المادة 63 على ان الاجراءات الواردة  في المواد 59 60 62 يعمل بها تحت طائلة بطلان الاجراء المعيب و ما قد يترتب عنه من اجراءات .

وحيث ان المشرع في المادة 79 احال على المادة 63 بخصوص اجراءات التفتيش خلال مرحلة البحث العادي  فان هذه الاحالة نسجل من خلالها ملاحظتين :

الملاحظة الاولى : ان المشرع المغربي بدل ان يخصص مادة لبطلان اجراءات التفتيش خلال البحث التمهيدي العادي احال على المادة 63 و بالتالي فعدم احترام الاجراءات الواردة في المواد 59 60 62 و الاجراءات الناتجة عنها  يكون مصيرها هو البطلان  .

الملاحظة الثانية : في حقيقة الامر هي عبارة عن تساؤل ، كون ان هذه الاحالة تطرح غموض بخصوص الاجراءات الواردة في المادة 79 نفسها ( نقصد هنا مقتضيات الفقرة الاولى و الثانية المتعلقة بالحصول على التصريح او الموافقة ثم مقتضيات الفقرة الاخيرة المتعلقة بالجريمة الارهابية و الخصوصيات التي تميزها )

 

فهل تخضع  هذه المقتضيات و الاجراءات عند مخالفتها لجزاء  البطلان ؟

ان الاجابة عن هذا السؤال ليس بالأمر السهل امام الصياغة التشريعية للمادة 79 و التي احالت على البطلان الوارد في المادة 63  ، ولكن اذا رجعنا لهذه الاخيرة نجدها تنص فقط بطلان اجراءات الواردة في المواد 59 60 62 و بالتالي ماذا  عن الاجراءات الواردة في المادة 79 ؟

وهو امر اختلفت بصدده الآراء بين من يرى بخضوع هذه الاجراءات الواردة في المادة 79 للبطلان الوارد في المادة 63  .

ومنهم من يرى بعدم خضوعها للمادة 63 ما دامت هذه الاخيرة  قدد حددت الاجراءات المعرضة للبطلان ، ولكن في المقابل فأنها تخضع   للمادة 751 ق  م ج  والتي تنص على انه ” كل اجراء يأمر به القانون و لم يثبت  انجازه على الوجه القانوني يعد كانه لم ينجز…”.

ولكن الملاحظة التي يمكن تسجيلها على هذا المادة  أنها وان كانت تقرر بطلان الاجراء المعيب فانها لم تفعل ذلك بالنسبة للاجراءات الناتجة عنها كما فعلت المادة 63 .

ان موضوع التفتيش اذا يكتسي اهمية بالغة سواء في البحث التمهيدي العادي او التلبسي نظرا لمساسه و ارتباطه بحقوق الافراد و حرياتهم و هو امر فرض على المشرع المغربي وضع تنظيم قانوني لهذا الموضوع على مستوى ق م ج من خلال توضيح الاجراءات المتبعة من طرف الشرطة القضائية وهي بصدد القيام بعمليات التفتيش على المنازل ، وان كان هذا التنظيم القانوني قاصر خصوصا في ما يتعلق ببطلان اجراءات التفتيش خلال المرحلة العادية و هو امر يفرض على المشرع التدخل و التنصيص في نص خاص على بطلان اجراءات التفتيش خلال البحث التمهيدي العادي .

 

 

 

لائحة المراجع :

  • القانون 22.01 بمثابة قانون المسطرة الجنائية
  • عبد الواحد العلمي “شروح في قانون المسطرة الجنائية الجزء الاول ”  2018
  • أحمد قيلش ، محمد زنون ، سعاد حميدي ، مجيدي السعدية : الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية طبعة 2018 .

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى