تقرير عن أشغال الندوة الوطنية تحت عنوان : ” قراءة في القانون رقم 31.18 المتعلق بالشركات المدنية العقارية “
تقرير عن أشغال الندوة الوطنية تحت عنوان : ” قراءة في القانون رقم 31.18 المتعلق بالشركات المدنية العقارية “
محمد الحبيب بداع
باحث في سلك الدكتوراه مختبر البحث قانون الاعمال |
نظم مختبر البحث قانون الأعمال، المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب والمجلس الجهوي للموثقين بسطات، ندوة وطنية حول موضوع ” قراءة في القانون رقم 31.18 المتعلق بالشركات المدنية العقارية ” يوم 30 يناير 2020 بمدرج ابن خلدون ، بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة الحسن الاول سطات.
وفي ما يلي تقرير الندوة :
لقد تواترت التعديلات على النصوص التشريعية المتعلقة بالمادة العقارية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير ، بعدما أثار هذا الموضوع الملك محمد السادس في رسالة وجهها لوزير العدل في دجنبر 2016 بهدف وضع خطة عمل عاجلة ، ومن بين هذه التعديلات اعتماد القانون رقم .1831 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم .19.1141 بتاريخ 7 ذي الحجة 1440 الموافق ( أغسطس 2019 ) ، الجريدة الرسمية عدد 6807 ص 5885 .
حيث يهدف القانون .1831 المتمم والمعدل لظهير الالتزامات والعقود الى تعزيز الحماية من الاستيلاء على عقارات الغير من خلال مجموعة من التدابير الوقائية سواء التشريعية منها وكذلك التنظيمية عن طريق :
أولا : تنظيم عملية تسجيل عقد الوكالة ، وكذا إحداث سجل الوكالات المتعلقة بالحقوق .
ثانيا : احداث سجل الشركات المدنية العقارية ، مع النقل التلقائي لتسجيل الشركات المدنية المقيدة بالسجل التجاري إلى سجل الشركات المدنية العقارية .
ثالثا : تمكين مقتضيات القانون الجديد الجهات المكلفة بالتوثيق بالمحافظات العقارية من الحصول على مرجعية قانونية واضحة تضبط بشكل دقيق سلطات وصلاحيات الممثل القانوني للشركات المدنية التي يكون محلها أموالا عقارية حين يتصرف في عقارات الشركة ، مما سيساهم في تعزيز الأمن التوثيقي والتعاقدي وحماية الحقوق وتحصين الممتلكات.
ولقد تقرر تنظيم هذه الندوة من طرف المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، والمجلس الجهوي للموثقين بسطات ومختبر البحث قانون الأعمال و التي تتوخى مناقشة كل تلك المستجدات من خلال المحاور التالية :
– المحور الأول : عقود الوكالة وتنظيم عمليات تسجيلها .
– المحور الثاني : تنظيم الشركات المدنية العقارية .
– المحور الثالث : صلاحيات وأدوار الهيئات المتدخلة ( الجهات المكلفة بالتوثيق والمحافظة العقارية ) .
كما ستشكل هذه الندوة مناسبة التقييم الموضوعي للمبادرات الوطنية المتخذة من أجل حماية الأمن العقاري بالمغرب في ضوء المقتضيات التشريعية الجديدة ، وكذا اقتراح التوصيات المناسبة في هذا المجال.
قبل انطلاق الجلسة العلمية ألقى كل من السيد نجيب الحجيوي عميد كلية الحقوق بسطات، السيد عبد اللطيف ياكو رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، السيد سعيد النعيم رئيس المجلس الجهوي للموثقين بسطات، السيد رياض فخري مدير مختبر قانون الأعمال كلمات ترحيبية بالمناسبة و تنويه بالشراكة الاستراتيجية بين مختبر قانون الأعمال و هيئة الموثقين بالمغرب و التي تعد الأولى من نوعها بالمغرب .
و أوضح الأستاذ رياض فخري – مدير مختبر البحث قانون الأعمال-، أن اختيار الموضوع ليس اعتباطا، إذ يندرج ضمن سلسلة المواضيع التي انخرط فيها مختبر البحث قانون الأعمال بنية واختيار، وقوفا على المستجدات التي يستشف منها حساسية المشرع أمام مجموعة من المواضيع ذات الراهنية القانونية، إن على مستوى المشاكل التي تثيرها في الواقع العملي بمكاتب الموثقين أو ما تثيره أيضا على مستوى المنازعات والاجتهاد القضائي، وبالتالي مختبر البحث قانون الأعمال أولى اهتماما كبيرا تجاه هذه المسالة، وكان يستشعر طبيعة هذه المواضيع، وبالتالي كل الإرهاصات وكل الأفكار خامرت هذا المختبر وجعلته بمعية المجلس الجهوي للموثقين يقترح مناقشة هذا الموضوع الذي طالما طرح عدة مشاكل.
بعد الجلسة الافتتاحية تلتها الجلسة العلمية، قصد تحليل مقتضيات القانون 31.18، فأول خطوة كانت هي الوقوف على فلسفة هذا القانون، الغاية منه، أسباب النزول و السياق العام وقد قدم الاستاذ عبد اللطيف ياكو– بصفته ممارسا في مجال التوثيق ورئيسا للهيئة الوطنية للموثقين – مداخلة حول حماية الملكية العقارية في ضوء القانون 31.18، موضحا الآليات الحمائية للعقار و كذا القصور الذي يعاني منه هذا المجال بداية بالمقترحات التي قدمها المجلس من أجل تعزيز الحماية القانونية للعقا، تخص تعديل القانون الجنائي برفع العقوبة و توحيد العقوبات و كذا تعديل المسطرة الجنائية ” بعقل الممتلكات ” سواء من النيابة العامة أم قاضي التحقيق أم قاضي الحكم لمنع و تجنب التصرف في العقار أثناء سير إجراءات المحاكمة، كما تم الوقوف على أهم مستجدات القانون 31.18 والإشكالات المرتبطة به، مع ابداء ملاحظات وتوصيات التي قدمت من طرف المجلس حينما كان مشروعا إلى وزارة العدل من أجل بلورة نص قانوني يضمن الفعالية و النجاعة القانونية و من بينها :
- وضع سجل وطني يشمل جميع العقود والاتفاقات التي لا تخضع للشهر العقاري وليس فقط الشركة المدنية العقارية، مما يمكن المهنيين و المواطنين من الاطلاع عليها ؛
- سد الثغرات التي تعتلي التشريعات العقارية ؛
- إسناد اختصاص التسجيل على محرريها ؛
- تضمين البيانات بشكل فوري ؛
- تدقيق مفهوم الشركة المدنية العقارية ؛
- والتأكيد على الرسمية في مجال الشركة المدنية العقارية .
وإذا كان هذا القانون الجديد قد أتى، بعدة مقتضيات جديدة من شانها حماية العقار بالمغرب وخاصة تعريف الشركة المدنية وتحصينها في سجل الكتروني إلا أنه إلى يومه لا زال انتظار صدور المرسوم التنظيمي لهذا القانون، متمنيا أن يتم إشراك المهنيين في إعداده حتى يكون في مستوى التطلعات.
وأضاف أن الهيئة تحرص على المساهمة الفعالة في مختلف اللجان الوزارية وخاصة لجنة محاربة السطو على ممتلكات الغير المحدثة سنة 2016 على إثر الرسالة المولوية الموجهة إلى وزير العدل من أجل التصدي إلى كل أشكال و الأفعال الرامية إلى السطو على ممتلكات الغير، والتي أصبحت ظاهرة اجتماعية تمس الأمن التعاقدي، وتزعزع نظاما عقاريا عمر لأكثر من 100 سنة بالمغرب.
و من الإطار العام ، إلى أهمية الشركة المدنية العقارية كآلية لتسيير الذمة، أكدت الأستاذة ليلى بوشناوي – موثقة بهيئة برشيد – بمداخلة تحت عنوان “ la société civile immobilière , un mode de gestion de patrimone “ ، على أهمية الشركة المدنية العقارية كآلية لها مجموعة من المحاسن والأدوات لتدبير الملكية العقارية من خلال شقين،
– الشق الأول : المتعلق بالشركة المدنية العقارية و الأملاك الشخصية ؛
– الشق الثاني : الشركة المدنية العقارية و الأملاك المهنية .
مؤكدة أن الشركة المدنية العقارية تمكن من تفادي المشاكل التي تطرحها وضعية الملكية على الشياع خصوصا منها تلك المتعلقة بتفويت العقار المملوك على الشياع والصعوبات الواقعية التي تطرحها مسألة القسمة من حيث الوقت و من حيث التكلفة و قد أكدت الاستاذة على أهمية حسن صياغة النظام الأساسي للشركة المدنية العقارية.
وإذا كان لا يمكن مناقشة مستجدات القانون 31.18 دون الوقوف على مفهوم العقار حيث تقدم الأستاذ رشيد بوسلم – إطار اداري ،أستاذ زائر بكلية الحقوق سطات – في مداخلة تحت عنوان الأحكام العامة للعقار في ضوء القانون 31.18، بمفهوم العقار من دلالة وظيفية بين النظرية التقليدية والنظرية الحديثة من منظور مدونة الحقوق العينية والنصوص الأخرى وكذا الآثار القانونية المترتبة عليه.
ومن مستجدات القانون 31.18 نجد الشكلية و البيانات التي يجب أن يتضمنها عقد الشركة و قد أكدت الأستاذة منى المسلومي – أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق سطات- في مداخلتها المعنونة بالشكلية في عقد الشركة العقارية المدنية على أهمية الشكلية و كذا الوقوف على ملاحظات المتعلقة بالمادة 1/987 وما أثارته من نقاش في الجلسة. معتبرة أن القانون 31.18 هو نص قانوني جيد من منطلق أنه لم يكن هناك تنظيم يوضح مجموعة من الأمور فكانت هذه خطوة أولية.
و لاحظت أنه بعد مرور الوقت تبين أن هناك بعض الهفوات أو النقائص، التي من اللازم أن نعمد إلى تصحيحها وإلى إضافة بعض نقاط ، ولكن يبقى القانون 31.18 نصا ” إيجابيا جدا “.
وخلصت الأستاذة منى المسلومي إلى أنه وإن تعددت النصوص القانونية وتوسعت الترسانة القانونية، يحب على من يطبقها أن يكون على وعي بأهميتها ومسؤول في القرارات التي يتخذها، مضيفة أن هذه الترسانة القانونية الغرض منها هو حماية المالك لتلك العقارات.
أما مداخلة الاستاذ عز الدين بنستي – أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدارالبيضاء – المعنونة بتسيير و مراقبة الشركة المدنية العقارية حسب مقتضيات القانون 31.18، حيث اعتبر في مداخلته أن إنشاء شركة مدنية عقارية لها عدة أهداف منها ما هو اقتصادي، اجتماعي وكذا ضريبي إلا أن هذا القانون قد طرح عدة إشكاليات ذهبت إلى حد التضارب بين مقتضياته و المقتضيات التي تهم قوانين أخرى نلخصها في النقاط التالية :
- إن كان الشراء بنية البيع عملا تجاريا حسب المادة 6 من مدونة التجارة فماذا عن الأراضي الفلاحية التي أصبحت تستغل من طرف شركات تجارية في تناقض صريح مع مقتضيات قانون 1975 الذي يمنع ذلك.
- كذلك ما هو موقع إدارة الضرائب في قطاع الأعمال أو التصرفات التي تكون الشركة المدنية العقارية لها علاقة بها كتفويت الحصص بين الشركاء
و اعتبر أن القانون 31.18 جاء للإجابة على الإشكالات الواقعية منها :
- إخراج العقار من القطاع غير المهيكل إلى الإطار المهيكل؛
- وضع الحد للسطو على العقارات؛
- حل أزمة الشياع بالمغرب.
كما أشار الأستاذ كذلك إلى التناقض الموجود بين مدونة الأسرة و المادة 984 فيما يتعلق بمدى إمكانية القاصر في تقديم حصة في الشركات المدنية العقارية، وتطرق كذلك لمبدأ الحياد الضريبي كما هو مسطر أعلاه في حالة الانتقال من ذمة الشخص الذاتي إلى الشخص الاعتباري، ليختم مداخلته بالجواب على السؤال الأول الذي كان قد طرحه، بالقول أن الشخصية الاعتبارية أصبحت تتناول الغذاء مع المحافظ – كتشبيه -.
ولضمان الحماية وجب أن تكون هناك رقابة – رئيس المحكمة و المحافظ- وهي مداخلة الاستاذ يونس بونعامة – دكتور و محافظ بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية بسطات – المعنونة برقابة المحافظ حسب مقتضيات القانون 31.18 والتي تناول فيها مسؤولية المحافظ مع تحليل الفصل 72 من ظ.ت.ع، باعتبار المحافظ ملزم بمجموعة من الإجراءات المتعلقة بالمراقبة كمراقب إداري وقضائي، إذ يمكن أن يتقدم بتظلم ضد قراراته إلا أن هناك تساؤل حول مدى حدود رقابة المحافظ على الشركة المدنية العقارية في انتظار صدور النص التنظيمي .
وفي الأخير تم تلاوة التقرير الختامي للندوة ، مع اعتبارها مناسبة للتقييم الموضوعي للمبادرات الوطنية المتخذة من أجل حماية الأمن العقاري بالمغرب في ضوء المقتضيات التشريعية الجديدة، وكذا اقتراح التوصيات المناسبة في هذا المجال. مع الإشارة إلى أن أي قانون يلزمه وقت لتقييمه ووضعه على محك الممارسة و التطبيق، مع ضرب موعد أخر للوقوف على ثغرات هذا القانون بعد تحليل القرارات القضائية وما ستنتجه الممارسة أمام المحافظة العقارية .