في الواجهةمقالات قانونية

مسطرة الإنقاذ:أي حماية لرؤساء المقاولات في ضل الصعوبات المترتبة عن وباء – كوڤيد 19 –

 

مسطرة الإنقاذ:أي حماية لرؤساء المقاولات في ضل الصعوبات المترتبة عن وباء – كوڤيد 19 –

 

سفيان عطوف

باحث في قانون الأعمال والمقاولات

لاريب أن ما يعيشه العالم حاليا من خوف وهلع بدون استثناء جراء الأزمة العالمية الصحية الخطيرة، التي يرجع سببها إلى تفشي وباء -كوڤيد 19-، أثرت بشكل مهول على مردودية التجارة الدولية، وعلى جميع القطاعات الحيوية والرئيسة في جميع البلدان دولياً ووطنياً الاقتصادية – الاجتماعية – الصحية – التعليمية – النقل – السياسية،إلى غير ذلك من القطاعات الأخرى.

إلا أن هذه الاضطرابات الاقتصادية جعلت رؤساء المقاولات يسقطون في مطب الصعوبات سواء منها مالية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى القانونية، إلى غير ذلك من الصعوبات التي تحتويها المنظومة الاقتصادية ككل.

وفي خضم هذه المأساة التي يشهدها العالم الاقتصادي عامة، وشخص رؤساء المقاولات التجارية خاصة،نرى كباحثين في قانون الأعمال أنه من حق رؤساء هذه المقاولات التي تعيش طابعا من الصعوبات المذكورة أعلاه، الدفع بمستجد مسطرة الإنقاذ كآلية قانونية راهن عليها المشرع المغربي لحماية المقاولات التجارية من الصعوبات التي تعرقل سيرها الطبيعي.

فباطلاعنا على مقتضيات المادة 560 من مدونة التجارة المعدلة بمقتضى القانون رقم 73.17 ،سنجد أنه من الأهداف الأسمى  لمسطرة الانقاذ تسهيل إعادة تنظيم هيكلة المقاولة وتمكينها من تجاوز صعوباتها وضمان استمراريتها وحفاظها على المصلحة الاجتماعية داخل المقاولة والعمل على تصفية خصومها.

إلا أنه ما يهمنا في هذه الآونة العصيبة، هي الصعوبات التي يكون سببها راجعا إما إلى مستوى ذات طابع اقتصادي، وذلك بسبب المنافسة الغير المشروعة في السوق الاقتصادية وطنياً ودولياً، وكذا تقلب الأسعار الذي يعيشه السوق المغربي الآن جراء تهافت المواطنين على المنتوجات المعروضة داخله خوفا من نفاذها،أو  ذات طابع اجتماعي بسبب القرارات التي قد تتخذها السلطات المختصة بتوقيف بعض ورشات العمل داخل المقاولات الصناعية سعيا للحد من انتشار الوباء،والذي سيسبب لا محالة توقفا حتميا في أداء الأجور المؤادة للأجراء،وهو ما سيضرب استقرارهم الاجتماعي.

وقد تكون هذه الصعوبات أيضا ذات طابع مالي بسبب غياب السيولة اللازمة لتحريك الدورة الاقتصادية ونقص التمويلات الضرورية لتغطية مصاريف المقاولات.

ولكي يقبل القضاء التجاري بصفته المختص قضائيا بالبت في دعوى طلب فتح مسطرة الإنقاذ حسب مقتضيات المادتين 545 و581 من مدونة التجارة، لابد من توفر رئيس المقاولة على الشروط المتطلبة قانونا والتي تنقسم إلى شروط شكلية وأخرى موضوعية.

 

الشروط الشكلية :

1- حصر تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ في شخص المدين – رئيس المقاولة – وحده دون غيره.

2- تقديم الوثائق المحددة قانونا في المادة 577 من مدونة التجارة.

3- وجوب إرفاق الطلب بمشروع مخطط الإنقاذ.

4- أداء مصاريف الشهر وتسيير المسطرة.

الشروط الموضوعية:

1- توفر الصفة التجارية للمقاولة.

2- عدم استلزام توقف المقاولة عن الدفع.

3- وجود صعوبات جدية.

4- أن تؤدي هذه الصعوبات بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع في أقرب الآجال.

 

وبعدما تتأكد المحكمة من توفر الشروط القانونية أعلاه، فإنها تقضي مباشرة بقبول طلب فتح المسطرة.،حيث يلزمها بذلك التنصيص في الحكم على تحديد نوعية المسطرة المعمول بها، بالإضافة إلى ذكر الأجهزة التي ستعمل على تسيير المسطرة المذكورة.

كما يكون الحكم المذكور مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون، حيث يجعل التنفيذ غير متأثر بالآجال القانونية للطعن.

وبالتالي فإن الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ يرتب جملة من الآثار القانونية بمجرد صدوره، والتي تمس بالخصوص صلاحيات المدين والدائن معا، مع مراعاة المحكمة للمصلحة العامة للمقاولة وخلق نوع من المساواة بين جل المصالح الفاعلة فيها.

وخلال هذه الفترة فإن المقاولة تدخل في مرحلة انتقالية جديدة، وهي مرحلة إعداد الحل والتي يحاول من خلالها تحت مسؤولية مشتركة بين القضاء ورئيس المقاولة، العمل على إيجاد حلول مناسبة لمقاولته التي تعيش وضعية متأزمة وصعبة جراء الوباء المنتشر، وإعطائها بذلك الثقة اللازمة لكي تعمل على تجاوز صعوباتها التي تعرقل نشاطها وسيرها الطبيعي وأدائها لخصومها.

وعليه فمن جملة الآثار التي يرتبها حكم فتح مسطرة الإنقاذ، هو مساعدة المقاولة المتعثرة على الاستمرار في مزاولة نشاطها، من خلال حفاظها على مناصب الشغل، وكذا وفق دعاوى الدائنين في حال مطالبتهم للمدين بأداء ديونه.

كما يخول للمدين – رئيس المقاولة- من خلال الآليات المساعدة لاستمرارية المقاولة، حق تسيير مقاولته دون إزعاج من أجهزة المسطرة : السنديك – القاضي المنتدب – المراقبون. واستفادته كذلك من قاعدة وقف ومنع أداء الديون السابقة، ثم وقف المتابعات الفردية، وكذا وقف سريان الفوائد بكل أنواعها، مع عدم إخضاعه للعقوبات المقررة في القسم السابع، إلى غير ذلك من الآليات التي تضمن مساعدة المقاولة.

وبذلك قد تكون مسطرة الإنقاذ آلية فعالة وناجعة لمساعدة رؤساء المقاولات على تجاوز صعوباتهم التي يمرون بها إثر تداعيات انتشار وباء- كوڤيد 19- .

وفي هذا الصدد نتمنى كباحثين من القضاء المغربي، الذي خوله المشرع كامل السلطة التقديرية في تقرير الصعوبة من عدمها باعتبارها راجعة إلى الشروط الموضوعية، أن يأخذ هذه الصعوبة بعين الاعتبار، وقبوله لطلبات رؤساء المقاولات الرامية إلى فتح مسطرة الإنقاذ في ظل هذه الظروف.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى