في الواجهةمقالات قانونية

الأستاذة أمينة رضوان : “حوار مع الكورونا”

 

“حوار مع الكورونا”

بقلم الأستاذة أمينة رضوان

في جلسة حزينة ملؤها الاكتئاب حاورت الكورونا اللعين الفيروس القاتل الذي ابتلي به بنو البشر، أبكى أقوام، و يتّم أطفال ورمّل نساء، وأثار ذعرا في الكون كله.

 خاطبته بلغة صاخبة أساسها اللوم و العتاب، لماذا قتلت البشر وهدمت الأكوان؟

 لم يبال بتساؤلي و ابتسم ابتسامة لعين غذار، و قال سأستمر في القتل مادام البشر لم يعوا خطري،

 قلت عن أي خطر تتحدث أيها الملعون؟ ألم تصب أطفالا أبرياء وقتلت مجانين رفع عنهم القلم؟

 قال أنا لا ضمير لي و لا معتقد أرجا إليه، أنا أتسلط على  البشر بكل أجناسهم و على اختلاف ملاّتهم… تهجن علي ثم أردف قائلا: تقولين عني الملعون لكني على الأقل لست ظالما ، ألم تنظري أني عادل فيكم عدلا لم يصله بنو البشر؟ استكنت إلى نفسي لحظة ثم هممت إليه أسأله التوضيح، فقال ألستم أنتم بنو البشر من تجاملون بعضكم بعضا متخذين عدة أسس لتفضيل فرد عن فرد؟ على الأقل أنا آخذ منكم الغني كما الفقير، و العالم كما الجاهل، و الشيخ كما الطفل، و لم أكن أبدا أفضل بعضكم عن بعض، كنت أجتاح البشرية دون نظر إلى منصب أوجاه أو علم أو حسب أو نسب أو غنى أو فقر، هدفي هو الفناء وهدفكم لم يكن البقاء.

 قلت كيف؟ قال علمتم خطري فاستهنتم بي، ظننت منكم مقاومة فلم أجد إلا استسلاما، لم تسمعوا كلام حكمائكم، و استمررتم في استهتاركم، أنا فعلا خطير و لكن دوائي سهل و الوقاية مني يسيرة، حكمتم على أنفسكم بالفناء عندما استهنتم بي فكدت أجتاح البشرية،

 قلت أتعرف بأنك قاتل ولعين؟ قال فأما قاتل فنعم ، و أما لعين فلا؟

قلت كيف؟ قال أصيب بعدواي من لم يأخذ الحذر للوقاية مني، لكني لست بلعين، لأني لا أعتدي على أحد، قلت كيف لا تعتدي و أنت كل يوم تتسلط على أقوام و تهددهم بالموت و الفناء.

قال  من لم يذرأ نفسه وقاية مني،

 قلت كم ستمكث فينا؟

 قال بسرعة خاطفة إلى أن أفنيكم

قلت ألا تعرف أن الفناء بيد الله

قال أنا لا دين لي و لا ملة حتى تحدثينني بلغة دينية سماوية

قلت و إن كان، فتبقى خلق الله في الأرض و الله قادر على الحد منك وزوالك،

 قال حديثيني بلغة أخرى غير لغة الروحانيات،

 قلت أنا الآن أحدثك بلغة الإنسانية،

 أراد التهجن علي مرة أخرى فتبسم ابتسامة ماكرة، لكن هذه المرة استجمعت قواي، لقد أدركت جيدا أن من أحاوره فيروس لايرى، أدركت ضعفه رغم أنه حامل لعينات قاتلة يهدد بها البشرية، وعندها قلت له لقد مرّ على الحياة الدنيا أوبئة أقوى منك فأزالها الله، و أكيد أنك خلق الله ، و أكيد أن لك فترة زمنية تعربد فيها ثم تزول… بطبيعة الحال لم  يجبني كأنه صار عاجزا عن الجواب، طالما أنه فيروس لا يعرف توجهاته، وأكيد أيضا أن أجوبته كلها لم تقنعني وإن كان أهمها ما وصفه بأنه الفيروس العادل، لأن العدل لم يكن أبدا معطى مستجد بقدر ما هو صفة من صفات الله عز قدره، وإن العدل مستشر في الارض ولا نحتاج الى فيروس أو غيره من الاوبئة ليؤكده لنا، فالحمد لله الذي أنعم علينا و لم يسلبنا نعمة من نعمه، وابتلانا بالأسقام للعبر فقط، و لم يكن مهلكنا و هو القادر على إزالتها عنّا بالرّحم، و لانحتاج الى فيروس قاتل أو غيره ليذكرنا بما وهبنا ربنا فتجاهلناه.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى