المعالجة القضائية لاختلال التوازن العقدي للقرض العقاري
المعالجة القضائية لاختلال التوازن العقدي للقرض العقاري
حمزة أنوي
طالب باحث بسلك الدكتوراه
كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول، سطات
لقد أخضعت قوانين الاستهلاك الحديثة، والمترجمة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية، العقد[1] لناموسه الاجتماعي، القاضي بضرورة إعادة التوازن بين التزامات طرفي العقد وفق مقتضيات العدالة والانصاف، وذلك بهدف إشاعة الاستقرار في المعاملات من خلال ترسيخ العدالة التعاقدية، والوقوف بجانب الطرف الضعيف من خلال تلكم العلاقة القانونية، مما يستوجب منح القضاء دورا فعالا في تحقيق التوازن العقدي واستبعاد كل الشروط المجحفة في تكريس المساواة التعاقدية[2].
وغالبا ما يلتجأ مستهلك القرض العقاري المخصص للسكن، الذي وقع ضحية لاستغلال أو تعسف المورد المتفوق قانونيا وتقنيا، إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل له وعدم اِستفادته من إحدى حقوقه الأساسية المتبثة في العقد والمكرسة بموجب القانون.
فالعقد وكما نعلم توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني معين، ومن تم فإن الالتزامات الناشئة عنه تتحدد بما اِتجهت إليه هاتين الإرادتين معا.
ويقصد بتأويل[3] العقد تلك العملية الذهنية التي يقوم بها المفسر بسبب ما اِعترى العقد من غموض، للوقوع على الإرادة الحقيقية المشتركة للطرفين مستندا في ذلك لصلب العقد، والعناصر الخارجية عنه والمرتبطة به[4].
وموضوع العقد ذو أهمية بالغة، لاِعتباره حجر الأساس في القانون المدني، لكون وسائل التأويل القانونية تعتبر خادمة للعقد، وسنده في الوقوف مجددا، فكيف إذن تتم التسوية القضائية لاختلال التوازن العقدي في عقد القرض العقاري المخصص للسكن؟
هذا ما سنتطرق إليه من خلال فهم كيفية الاعتماد على آلية التأويل (المبحث الاول)، ثم المكافحة القضائية للشروط التعسفية في(المبحث الثاني).
المبحث الأول: التأويل القضائي لعقد القرض العقاري
لا شك أن مهمة تأويل بنود العقود من بين أهم الأمور التي أنيطت بها السلطة القضائية[5] في بلادنا للفصل بين المتقاضين في عقد القرض العقاري المخصص للسكن سواء من خلال مقتضيات نص الدستور أو من خلال مقتضيات التنظيم القضائي وذلك من أجل إرساء قواعد العدالة والإنصاف في إطار دولة الحق والقانون[6].
فالقاضي وهو ينظر في الدعاوى الاستهلاكية سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو تجارية، مطالب بإعمال قواعد التأويل التي قد توصله إلى تبيان مضمون العقد موضوع النزاع، لكي يصدر حكما يحفظ به حقوق الاطراف المتنازعين أمامه.
فما مجال حدود تدخل قضاء الموضوع في تأويل عقد القرض العقاري المخصص للسكن؟ وماحدود سلطته وماهي صور رقابة محكمة النقض عليه؟
لذلك وحتى نتمكن من من تأويل العقد لا بد لنا من دراسته من خلال مجال تدخل القضاء في تأويل العقد (المطلب الأول)، ثم الآليات التي سيتطلبها هذا التدخل القضائي في تأويل العقد (المطلب الثاني).
المطلب الاول: مجال تدخل القضاء في تأويل عقد القرض العقاري
إن عملية التأويل التي يقوم بها القاضي تجد تبريرها في اِعتبار بعض العبارات المستخدمة في إنشاء عقد القرض العقاري المخصص للسكن من شأنها أن تشكل عائقا لتنفيذه، ويمكن أن تمس بإرادة الأطراف وبالقوة الملزمة للعقد وهنا يظهر الدور التكميلي الذي يلعبه القاضي والمتمثل في إبراز التعبير الحقيقي عن الإرادة احتراما لنظرية سلطان الإرادة[7].
كما أن معالجة إشكال فعالية دور القضاء في تأويل العقد، يثير عدة تساؤلات حول نطاق سلطة القاضي في تأويل عقد القرض العقاري (الفقرة الاول)، ومدى حدود الرقابة عليه (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: نطاق سلطة القاضي في تأويل عقد القرض العقاري
لتأويل العقد في التشريع المغربي مجموعة من القواعد والضوابط يجب على كل قاضي وهو يتناول العقد لمعرفة فحوى ألفاظه ومعانيه، قواعد رصصت بين ثنايا فصول تأويل الإتفاقات (من 461 الى 473 من ظ.ل.ع)، فكيف إذن يتعامل قاضي الموضوع مع العبارات التي نسج بها العقد، سواء كانت واضحة أو كانت ملتبسة للغموض؟
أولا: سلطة القاضي في تأويل العبارات الواضحة
يعتبر وضوح العبارات التي يكتب بها عقد القرض السكني من الشروط الشكلية التي أوجبها المشرع في قانون 31.08 ، كما أوجب ان تترجم هذه العبارات رضا الأطراف لاِعتبار الوضوح والفهم من خصائص الرضا. فالعبرة في وضوح العقد هي بدلالة عباراته وألفاظه على التعبير عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وهو ما يقصد بوضوح العبارة والإرادة.
فمتى كانت العبارات واضحة الدلالة في العقد، قيدت القاضي بعدم تأويلها، لأن تأويل المعنى الظاهر يمس برضا الأطراف وخروج عن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين. وهو ما حث عليه المشرع في الفصل 469 من ظ.ل.ع حينما نص على أنه :” إذا كانت ألفاظ العقد صريحة اِمتنع البحث عن قصد صاحبها”.
فقد جاء في قرار لمحكمة النقض المغربية بتاريخ 1962/02/13 ،”إن قضاة الموضوع مكلفون بتطبيق الاتفاقيات المبرمة، وليس من الجائز لهم تغييرها متى كانت شروطها واضحة وبينة”.
كما جاء في قرار آخر بتاريخ 1961/01/16 ، أنه :”لا العدالة ولا حسن النية ولا العرف يرخص للقاضي بتعديل الشروط الواضحة والمحددة في العقد”.
وقد يجد القاضي نفسه في حاجة إلى تأويل العبارة الواضحة للعقد مهما بلغ وضوحها، فإن وضوح العبارة لا يعبر عن وضوح الإرادة، كما أن العبارة قد تكون واضحة إلا أن الظروف قد تدل على أن الأطراف أساؤوا استعمال التعبير الواضح فقصدا معنى آخر، وعبرا عنه بلفظ لا يستيقيم والمعنى المقصود. فهنا والحالة هذه، لا يأخذ القاضي بمعنى اللفظ الواضح وإنما بالقصد الذي اتجهت إليه إرادة أطراف العقد.
وقد درج القضاء المغربي على التعامل مع العبارات الواضحة كالمقترض والمنزل أو الشقة والضمان والبنك والتسديد المبكر والتوقف عن الأداء وغير ذلك، وما تثيره من معاني ودلالات متعددة[8]، نظرا لكيفية اِستخدامها في مضمون العقد أو بحسب قصد المتعاقدين بها، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض المغربية بتاريخ 1976/01/07 :”إن صراحة ألفاظ العقد لا تحول دون تأويله إذا تعذر التوفيق بينها وبين الغرض الواضح المقصود من العقد”.
ثانيا: سلطة القاضي في تأويل اللفظ الغامض
لقد نص المشرع في الفصل 462 من الظهير المغربي بمثابة قانون الالتزامات والعقود على أن:” التأويل يكون في الحالات التالية:
- إذا كانت الالفاظ المستعملة لا يتأتى التوفيق بينها وبين الغرض الواضح الذي قصد عند تحرير العقد؛
- إذا كانت الألفاظ غير واضحة بنفسها أو كانت لا تعبر تعبيرا كاملا عن صاحبها؛
- إذا كان الغموض ناشئا عن مقارنة بنود العقد المختلفة حيث تثير المقارنة الشك حول تلك البنود.
وعندما يكون التأويل موجب يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل”.
إنطلاقا من هذا النص يتبين أن القاضي لا يلجأ إلى التأويل إلا عند غموض عبارة العقد عن إيراد المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان، وهو ما يصطلح عليه بالبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين لا الإرادة الفردية لكل منهما.
لذلك فللقواعد العامة الدور المهم بإعتبارها المرجع الأساس لتفرد كل العقود، بحيث يتعين على القاضي أن يأخذ بالمعنى المألوف الذي يؤدي إليه اللفظ الوارد في العقد، فدور القاضي هنا أو بمعنى آخر هو تقصي إرادة الأطراف المشتركة عند عملية التأويل، ويظهر الخدمة الحقيقية التي يقدمها لنظرية سلطان الإرادة في هذا المجال، لأن احترام القاضي لإرادة الأطراف هو احترام للقانون الذي ساوى في القوة القانونية بين الإرادة والقانون في شأن الالتزام.
فلا يجوز للقاضي إذا كان اللفظ واضحا صريحا تأويله، أو تأويله وترك معناه الحقيقي إلى معنى غيره[9]، فإرادة العاقدين لا يمكن معرفتها إلا من عبارة العقد ذاتها. فإذا كانت هذه االعبارة واضحة وجب أن تعد تعبيرا حقيقيا للارادة المشتركة للأطراف، فلايجوز الإنحراف عن هذا التعبير عن طريق التأويل.
أما إذا كانت عبارة العقد غامضة وتحتمل أكثر من معنى، فيتعين اللجوء إلى التأويل لكشف الإرادة المشتركة للمتعاقدين لا إلى الإرادة الفردية لكل منها.
لكن قد لا يحصل أن يتوصل القاضي من خلال بحثه من الكشف عن الإرادة المشتركة للمتقاعدين، فيبقى الشك قائما حول حقيقة هذه الإرادة، لذلك لا مناص من أن يعمد القاضي إلى حل هذا الإشكال عن طريق قاعدة تأويل الشك لمصلحة الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وهو ما نجده في عقود الاستهلاك ومن بينها عقد القرض العقاري المخصص للسكن. إذ يؤول العقد لمصلحة المقترض باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية التي تجمعه بالمؤمن المهني فتعقل القاعدة التأصيلية التي مفاذها أن العقد شريعة المتعاقدين.
الفقرة الثانية: حدود سلطة القضاء في تأويل عقد القرض العقاري السكني ورقابة محكمة النقض عليها
من خلال الممارسة في مجال التاويل يتبين أنه لا زالت سلطة القضاء محدودة (أولا)، إضافة إلى الرقابة التي تخضع لها من قبل محكمة النقض (ثانيا).
أولا: حدود سلطة قاضي الموضوع في تأويل عقد القرض العقاري
تتجسد حدود دور قاضي الموضوع في تأويل العقد فقط طبقا للفصل 462 من ظ.ل.ع الذي ينص على ما يلي: “يكون التأويل في الحالات التالية:
- إذا كانت الألفاظ المستعملة لا يتنافى التوفيق بينها وبين الغرض الواضح؛
- إذا كانت الألفاظ المستعملة غير واضحة بنفسها او كانت لا تعتبر تعبيرا كاملا عن قصد صاحبها؛
- إذا كان الغموض ناشئا عن مقارنة بنود العقد المختلفة حيث تثير المقارنة الشك حول تلك البنود.
وعندما يكون للتاويل موجب يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحقيقي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل”.
يتضح من هذا النص أن القاضي في تأويله للعقد يستعين بعوامل داخلية ترجع إلى العقد ذاته وأخرى خارجية مثل الوقائع والظروف والملابسات المحيطة به.
وقد أقر القضاء والتشريع ضوابط وآليات التأويل التي تشكل نطاقا محدودا لا ينبغي للقاضي أن يخرج عنه، وقد لخص بعض الفقه[10] هذه الضوابط والآليات فيما يلي:
- معيارالأمانة والثقة بين المتعاقدين.
- فهم الألفاظ المستعملة على معناها الحقيقي ومدلولها المعتاد في مكان إبرام العقد.
- الإعتماد على طبيعة التعامل[11].
- الإقتداء بالأعراف والعادات الجاري بها العمل.
- حمل العبارة على المعنى الذي يولد أثرا.
- عدم التوسع في التنازل.
- إعطاء أولوية للمبالغ المكتوبة بالحروف على المكتوبة بالأرقام.
- إضافة إلى تأويل الشك بالمعنى الأكثر فائدة للمقترض.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لنطاق سلطة قاضي الموضوع في التأويل، فكيف تتم رقابة محكمة النقض على قاض الموضوع بخصوص تأويل عقد القرض العقاري المخصص للسكن؟
ثانيا: رقابة محكمة النقض على سلطة قاضي الموضوع في تأويل عقد القرض العقاري
تظهر حدود سلطة القاضي الموضوع في تأويل العقد في خضوع هذا الأخير الى رقابة محكة النقض، بإعتبارها الجهة العليا المخول لها مراقبة إعمال قضاة الموضوع. ففي حالة ما إذا كانت عبارات العقد واضحة، يمتنع على القاضي تأويلها طبقا للفصل 461 من ظ.ل.ع الذي ينص على أنه:” إذا كانت ألفاظ العقد صريحة اِمتنع البحث عن قصد صاحبها”. أي أنه إذا كانت إرادة المتعاقدين واضحة من خلال التعبير الذي اِختاره هولاء مظهرا لإرادتهم فلا يجوز للقاضي أن يعدل عن هذه الإرادة الواضحة إلى إرادة غيرها يفترض أنها الإرادة الحقيقية للمتعاقدين[12].
يؤدي منع تأويل العقد الواضح في التشريع المغربي إلى القول إن الأمر: “مسالة قانون لا واقع وإن كانت مسألة الوضوح هذه، مسألة نسبية جدا”[13]. وعليه يمكن القول أن القاضي يفقد سلطته بشكل شبه مطلق في تأويل عقد القرض العقاري المخصص للسكن إذا كانت عبارات العقد واضحة، لأن تدخله في هذه الحالة يعتبر تحريفا للعقد وهو التصور الذي تبنته المحاكم المغربية في عدة قرارات، نذكر على سبيل المثال قرار محكمة الاستئناف بالرباط المؤرخ في 11 يونيو 1925 الذي جاء في :”أن قاضي الموضوع يمتلك سلطة مطلقة في البحث عن قصد الأطراف وتأويل البنود الغامضة للعقد. وحكمه في ذلك لا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا أنه لا يسمح له عند قيامه بالتأويل بتحريف عبارات العقد محل النزاع”.
وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في عديد قراراتها والتي من أهمها القرار الصادر بتاريخ13 فبراير 1962 الذي أشار إلى أن:” مهمة قضاة الموضوع هي تطبيق اتفاقات الأطراف وهم لا يملكون حق تعريف البنود الواضحة والدقيقة، وذلك تحت ستار التأويل”[14].
مما يعني أن قضاء الموضوع يخضع للرقابة إذا جانب الصواب في مسألة التأويل، لذلك فأي مخالفة أو تجاهل للقواعد التأويلية المنصوص عليها قانونا فإنما تعد مخالفة للقانون.
فالفصل 461 من ظ.ل.ع ما جاء إلا ليحرص على عدم تشويه وتحريف العبارة الواضحة وأية مخالفة لهذه القاعدة يعد خرقا صريحا يخضع لنقض من محكمة النقض.
من هنا نتساءل عن مدى رقابة محكمة النقض على سلطة قاضي الموضوع في تأويل عبارات العقد الغامض؟
نص المشرع المغربي بالنسبة للفصول المنظمة لتأويل العقد على مجموعة من القواعد (من الفصل463 إلى 473 من ظ.ل.ع)، التي يجب على القاضي أن يسلكها لاِستجلاء ما بالعقد من غموض.
يرى اِتجاه من الفقه[15]، أن محكمة النقض تعتبر القواعد القانونية في الفصل 462 وما يليه من ظ.ل.ع، لا تشكل مجرد نصائح يسديها المشرع للقاضي تساعده في الكشف عن النوايا الحقيقية للمتعاقدين، بل قواعد ملزمة يشكل سوء تطبيقها خرقا للقانون يوجب النقض”. ويؤيده في ذلك الفقيه محمد الشيلح الذي يعتبر أن قواعد التأويل ملزمة للقاضي ومن ثم، عليه التقيد بها وإلا وجب عليه تبيان الأسباب الكافية والمعقولة التي تبرر خروجه عن القواعد. في حين يرى الفقيه محمد الكشبور تلك القواعد مجرد توصيات يمكن للقضاء الاستئناس بها.
وتكريسا لهذا التوجه الأخير الذي نوافقه الرأي، فإن تأويل الشرط الغامض يخضع للسلطة المطلقة لقضاة الموضوع ولا رقابة محكمة النقض المغربية على ذلك، لكون المسألة تتعلق بالواقع الذي يكون من اِختصاص قاضي الموضوع. وهذا ما أكدته إحدى قرارات محكمة النقض المغربية، الصادر في 7 ابريل 1964 والذي أشار إلى عدم خضوع الشروط الغامضة والمعارضة لإتفاقات الأطراف لرقابة محكمة النقض.
غير أن هناك حالات يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض في حالة العقد الغامض من خلال التحري صحة التأويل الذي توصل إليه قاضي الموضوع وتتجلى عن طريق رقابة الأسباب المعتمدة في التأويل.
وبالتالي فإن سلطة القاضي في تأويل العقد هي سلطة واسعة لا يمكن الإستهانة بها، بحيث تحقق للقاضي هامشا لا بأس به من التبصر والتأمل في إيجاد حل للدعوى المعروضة عليه، بهدف المحافظة على التوازن الحقيقي بين أطراف العقد.
ورغم وجود حدود لهذه السلطة وخضوع لرقابة محكمة النقض، لا يمكن إعتباره سوى عملا قضائيا تكميليا. بحيث يخرج التأويل عن نطاقه الكلاسيكي وذلك بتبنيه مفهوما معاصرا يجسد العناصر الداخلية والخارجية المحيطة بالعقد، تطبيقا لروح القواعد القانونية المباشرة التي جاء بها ظ.ل.ع المغربي وباقي النصوص الأخرى، واِحتراما كذلك لمتطلبات اِستقرار المعاملات وحماية المستهلك المقترض.
إلا أن “إعمال سلطة القاضي في تأويل بنود العقد الاستهلاكي الغامضة يؤدي إلى تفضيل الطرف القوي في هذا النوع من العقود بحيث لا يستفيد المستهلك من هذه الآلية في التأويل إلا في حالة الشك التي لا يكون فيها مدينا بالالتزام مما يجعل الحماية القضائية للمستهلك في ظل النصوص الحالية جد محدودة.
فكيف إذن يعالج القاضي عملية تأويل مصطلحات العقد، وماهي وسائله في ذلك لأجل تحقيق التوازن العقدي بين المؤسسة البنكية ومستهلك القرض العقاري المخصص للسكن؟
المطلب الثاني: آليات التأويل القضائي لعقد القرض العقاري
إن عقد القرض العقاري المخصص للسكن عموما باِعتباره عقداً اِستهلاكياً في العصر الحالي يعد مجالا خصباً لإنتشار الشروط التعسفية باعتباره عقد من عقود الإذعان. وتماشيا مع فلسفة حماية المستهلك وتدعيما للحماية التشريعية للمستهلك للطرف المذعن له، أصبحت الحاجة الملحة تضغط على القضاء من أجل تحقيق مزيد من العدالة التعاقدية، لاِعتباره الجهة الأكثر تخصصا والتي تلعب دوراً أساسيا في إعطاء القيمة الحقيقية للنصوص القانونية، ولأهداف الحماية التشريعية للمستهلك التي تتجلى من خلال القضاء كآلية للإستبعاد القانوني للشروط التعسفية.
إن القاضي كما قلنا آنفا، وهو يزاول مهمة التأويل لإزالة الغموض الذي اِنتاب إرادة المتعاقدين في التعبير عن إرادتهما المشتركة في العقد، يلزمه الإستعانة بعوامل داخلية بالرجوع إلى العقد ذاته، وأخرى خارجية يفسر بها العقد انطلاقا من عناصر خارجة عنه، تتمثل في الوقائع والظروف والملابسات المحيطة بالعقد وذلك دون الوقوف عند المعنى الحقيقي الحرفي لألفاظ العقد وعباراته ما دام أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس الألفاظ والمباني.
إن القاضي في تأويله للعبارات والألفاظ المستخدمة من قبل طرفي العلاقة التعاقدية للتعبير عن إرادتهما على عوامل داخلية (فقرة أولى)، وأخرى خارجية لتحديد مقاصد إرادة أطراف العقد (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الاستناد على العوامل الداخلية لتأويل العقد القرض العقاري
تتجلى عوامل التأويل الداخلية في العبارات والألفاظ التي إستخدمها أطراف عقد القرض العقاري المخصص للسكن للتعبير عن إرادتهما، بما معناه ضرورة مراعاة القاضي لنص العقد ذاته، آخذا بعين الاِعتبار جميع الظروف والملابسات التي صاحبت اللفظ، ذلك أن بنود العقد ترتبط ببعضها البعض لذلك كان من الضروري مراعاتها جملة وتفصيلا من أجل الوقوف على ما شاب العقد من الغموض بفعل التناقض الحاصل بين هذه البنود، طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 464[16] من ظهير الالتزامات والعقود المغربي.
وقد يصطدم القاضي بوجود غموض حول مدلول عقد القرض العقاري المخصص للسكن، عند مراعاته لمجموع بنوده ذلك أنه قد يحصل أن تكون بعض البنود واضحة المعنى إذا أخذت بمفردها، وتصبح غامضة إذا ما تمت مقابلتها مع بقية بنود العقد، ففي هذه الحالة يتعين على القاضي إعمال مقتضيات فصل 465 من ظ.ل.ع، الذي ينص على أنه “إذا أمكن حمل عبارة بند معين على معنيين كان حمله على المعنى الذي يعطيه بعض الأثر أولى من حمله على المعنى الذي يجرده من كل آثره”، وذلك أخدا بالقاعدة الفقهية الأصولية القائلة بإعمال الكلام خير من إهماله، على إعتبار أن النص يجب أن يحمل على الوجه الذي يرتب أثرا قانونيا، وهذا أمر طبيعي ذلك أنه من غير المعقول أن يدرج المتعاقدان في عقدهما بندا لا يرتب أي أثر قانوني[17].
كما قد يواجه القاضي غموض عدم ذكر حالات يثور حولها النزاع وقد ظن المتعاقدان أوأحدهما أنها لاحقة بالاتفاق ضمنا؛ وأنه ليس من الضروري التنصيص عليها لأنها من مشمولاته؛ فيقع إغفالها. وهو ما أرشد المشرع القاضي للرجوع إليه من خلال مقتضيات الفصل 469 من ظ.ل.ع.م فيما مفاده أن تخصيص حالة بالذكر لا يجعلها بالضرورة تنفرد بالحكم.
الفقرة الثانية: الإستناد على العوامل الخارجية لتأويل لعقد القرض العقاري
يجد القاضي نفسه أحيانا عاجزا عن استجلاء ما يعتري العقد من غموض وإبهام بالرغم من اعتماده على العوامل المرتبطة بصلب العقد محل النزاع، الأمر الذي يجعله ملزما بتجاوز هذه العوامل والبحث عن عوامل خارجية عن العقد التي قد تسعفه في توسيع تحرياته وتنثر ما بقريحته من قدر من الاستيعاب للمعاني والألفاظ للخروج من دائرة الغموض والإبهام.
وعموما فالعوامل الخارجية عن العقد إما أن تكون ذاتية أو موضوعية.
أولا: العوامل الذاتية
وهي الحالة التي يكون عليها المتعاقدين وقت التعاقد، فقد ينظر إلى صفة المتعاقد وشخصيته، بحيث أن المثقف يختلف عن تعاقد الأمي مثلا. وقد ينظر إلى مهنة المتعاقد كون التاجر المتخصص في تجارة معينة يختلف عن التاجر المبتدئ في نفس النشاط التجاري.
كما يمكن للقاضي الرجوع إلى العادات الشخصية، خاصة ما يتعلق منها باللغة العربية على أساس أن بعض الأشخاص يستعملون ألفاظا معينة ذات مدلول معين ويرجع ذلك إلى بيئته أو أسلوبه الخاص في التعامل.
ثانيا: العوامل الموضوعية
أشار المشرع المغربي إلى ثلاثة أنواع من العوامل الموضوعية التي يمكنها أن تسعف القاضي في تحديد أثار العقد، والمتمثلة أساسا في القانون والعرف والعدالة، وذلك طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 231 من ظ.ل.ع.م.
ومعلوم أن إعمال هذه المصادر في تأويل العقد لا يتحقق إلا بعد تحديد الطبيعة القانونية للعقد محل النزاع، وأن تحديد القاضي للصنف الذي ينتمي إليه العقد يفيد كثيرا في تحديد التدابير القانونية المراد الاعتماد عليها في تحديده لآثار العقد.
فالمشرع قد تناول بالتنظيم بعض العقود التي يكثر تداولها، وأن هذا الأخير يختلف بحسب نوعية هذه العقود. لذلك كان من اللازم أن يعمد المفسر إلى تحديد نوع العلاقة التي تربط بين طرفي العقد قبل إعمال هذه القواعد القانونية من أجل سد ما يعتري العقد من نقص.
إضافة إلى أن القانون يظهر العرف كعامل موضوعي يعتمد عليه القاضي في تحديده لآثار العقد، كما تشير إليه مقتضيات الفصل 463[18] من ظ.ل.ع. وأن اعتماد القاضي على القانون والعرف قد لا يسعفه في تحديد آثار العقد، إذ يواجه بالإضافة إلى سكوت الطرفين من تنظيم الأمور المتنازع بشأنها، غياب التدابير القانونية المكملة وانعدام وجود عرف عام أو خاص يوكل إليه تنظيم الحالة المعروضة عليه، في هذه الحالة يتم الاهتداء إلى إعمال قواعد العدالة. والمشرع المغربي من خلال إقحامه لفكرة العدالة في التفسير كان يهدف إلى حماية المستهلك الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية.
إلى جانب هذه القواعد الخارجية في العقد المنصوص عليها في القانون والتي يهتدي بها القاضي في تأويله للعقد والغير واضحة، نجد هناك الكثير من الوسائل الأجنبية الأخرى عن العقد والتي من شأنها أن تظهر النية المشتركة للمتعاقدين والتي لم يتطرق إليها المشرع بالذكر، نذكر منها:
- التنفيذ اللاحق للعقد
إن تنفيذ العقد خير وسيلة لتأويل إرادة أطراف العقد، إذ بإرادتهما يفسران شروطه عمليا، وكثيرا ما يخرج طرفا العقد عن مضمون النص الصريح عن تنفيذ العقد فيتبعان طريقة معينة في التنفيذ تعدل مضمونه وتكشف عن نيتهما المشتركة بشأنه، فتنفيذ أحد المتعاقداين للعقد دون اعتراض من الطرف الآخر لمدة معينة قبل ظهور النزاع يعتبر عنصراً أجنبياً على العقد وتعبيرا عن النية المشتركة للمتعاقدين.
وتظهر أهمية طريقة تنفيذ العقد كعنصر خارجي في تحديد هذه النية عندما ينفذ الطرفان شروطا على نحو مخالف لما جاء به العقد ويستمر تراضيهما على هذا النحو مدة من الزمن دون أي إعتراض منهما.
- شهادة الشهود
والمقصود بالشهادة أو النية، هي إخبار الإنسان في مجلس القضاء بواقعة ما يترتب عليها حق لغيره، ويجب أن يكون الشاهد قد أدرك شخصا بحواسه الواقعة، التي يشهد بها بحيث يكون قد رآها أو سمعها بنفسه.
وتجدر الإشارة أن المشرع المغربي لم يذكر أي شيء بخصوص الشهادة عند حديثه عن قواعد التأويل علما أن الفصل 444 من ظ.ل.ع في فقرته الأخيرة اِعتد بالشهادة كوسيلة لتأويل العقد.
ج–الخبرة
نظم المشرع المغربي الخبرة في الفصول من 59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية، ويلجأ القاضي إليها، إما من تلقاء نفسه أو بطلب من أحد الخصوم على أن تقرير الخبرة المنجز، لايمكن أن يقيد قاضي الموضوع حين النطق بالحكم. لأن الخبرة المأمور بها هي مسألة فنية يستأنس بها القاضي ولا تخرج عن كونها دليلا يحق لقاضي الموضوع تقديره دون أن يخضع لرقابة محكمة النقض.
والسؤال المطروح هنا، هو هل يمكن لقاضي الموضوع أن يأمر بإجراء خبرة للبحث عن نية المتعاقدين؟ لا سيما أن الخبرة كما هو معلوم، من المسائل الفنية التي يأمر بها قاض الموضوع حينما تتطلب طبيعة الدعوى اللجوء إلى أحد المتخصصين لإجراء تقرير يستأنس به هذا الأخير.
المبحث الثاني: ملامح المكافحة القضائية للشروط التعسفية في عقد القرض العقاري
يتمتع القاضي بسلطات واسعة لاستبعاد الشروط التعسفية (مطلب أول)، لكنها تبقى محدودة ومقيدة (مطلب ثاني).
المطلب الأول: الاِستبعاد القضائي للشروط التعسفية في عقد القرض العقاري المخصص للسكن
إن الإخلال بالالتزامات التعاقدية في عقد القرض العقاري المخصص للسكن بصفة خاصة وعقود الإذعان بصفة عامة يجد مصدره في وجود شروط جائرة ومجحفة يستغلها المورد في إلزام المستهلك الطرف الضعيف على التعاقد. ومن أشهر هذه الشروط نجد الشروط التعسفية. ونظراً لأهمية هذه النقطة في نقاشنا سنتطرق إلى أوجه وملامح المكافحة القضائية للشروط التعسفية (فقرة اولى)، وحدود سلطة القضاء في اِستبعاد مثل هذه الشروط من عقد القرض العقاري المخصص للسكن ( ثانيا).
الفقرة الأولى: سلطة القاضي في الحد من الشروط التعسفية في عقد القرض العقاري
غالبا ما يلجأ المستهلك للقضاء لحمايته من الشروط التعسفية، فعندما يتراءى للقاضي وجود شرط تعسفي بين ثنايا العقد يعمل القاضي على إبطاله. ولعل هناك العديد من تلك الشروط التعسفية نذكر منها على سبيل المثال: الشرط الجزائي وشرط الإعفاء من المسؤولية وشروط الإحالة وغيرها من الشروط التعسفية.
بعد صدور قانون 10/1/1978 في فرنسا اختلفت المواقف الفقهية حول سلطة القضاء في الرقابة على الشروط التعسفية خاصة مع ثبوت تقصير أو عجز السلطة التنظيمية عن ممارسة سلطتها في الرقابة.
فهناك اتجاه اعتبر أن منح الإدارة وحدها سلطة التقرير فيما يخص كون الشرط تعسفي يجعل السلطة القضائية مستبعدة من مجال تملكه دستوريا أي إقامة العدالة بين الأطراف[19].
بينما ذهب اتجاه آخر إلى الاِعتراف بسلطة القضاء في إعلان بطلان الشروط التعسفية حتى في غياب مرسوم تطبيقي لأن وظيفة تطبيق القانون تدخل في صميم إختصاص القضاء، فضلا عن ذلك فإنه لا مبرر لمنح القاضي سلطة للتدخل في الشرط الجزائي وحجبها عنه في مجالات أخرى[20].
هذا الرأي الأخير هو الذي انتصرت إليه محكمة النقض الفرنسية بموجب قرارين مبدئيين صادرين عنها، الأول بتاريخ 16/7/1987[21]. والثاني يوم 14/5/1991[22] صرحت فيهما باختصاصها في إبطال الشروط التعسفية.
وكان الهدف من ذلك هو اعتراف محكمة النقض بدورها الطبيعي بتحقيق العدالة بين الأطراف غير آبهة بتلك المحاولات التي كانت تستهدف الانتقاص من سلطتها وإعادة التوازن للعلاقة التعاقدية.
وبعد موقف محكمة النقض الفرنسية هذا، تم إصدار مرسوم بتاريخ 10/3/1993 منح للقضاء إمكانية طلب رأي ومشورة غير ملزمة من لجنة الشروط التعسفية حول تقدير الطابع التعسفي للشروط المعروضة عليها[23].
وبموجب الفصل 132.1 من مدونة الإستهلاك الفرنسية، المعدل بموجب قانون 1/2/1995 تأكد اختصاص القضاء بمراقبة الشروط التعسفية.
إن القاضي وهو يزاول مهمة التأويل لإزالة الغموض الذي انتاب إرادة المتعاقدان في التعبير عن إرادتهما المشتركة في العقد، يلزمه الاستعانة بعوامل داخلية بالرجوع إلى العقد ذاته، وأخرى خارجية يفسر بها العقد انطلاقا من عناصر خارجة عنه، وضعها القضاء بالإضافة إلى قواعد التفسير في الفصول من 461 إلى 473 من ظ.ل.ع المغربي تتمثل في:
- إعطاء الأولوية للشروط الواضحة على خلاف الشروط الغامضة[24].
- إعطاء الأولوية للشروط الخاصة على الشروط العامة عند التعارض لأن وجود شرط خاص يقتضي بداهة الخروج عما ورد في الشروط العامة.
- إعطاء الأولوية للشروط المكتوبة بخط اليد على الشروط المطبوعة حيث يتجه المتعاقدون عند كتابة بعض الشروط يدويا إلى الخروج في حدود ما تتضمنه هذه الشروط عن مقتضى الشروط المطبوعة.
- إعطاء الأولوية لشروط الحفاظ أو بقاء الضمان على شروط سقوط الضمان مادام أن الضمان هو الأصل.
- إعطاء الأولوية للشروط المدونة بنسخة العقد المسلمة إلى المكتتب مع تلك التي يحتفظ بها البنك، لأنه هو من قام بتحريرها فعليه تحمل تبعة التعارض بينهما.
- إعطاء الأولوية لملحق وثيقة القرض العقاري المخصص للسكن على باقي الوثائق الأخرى.
- إعطاء الأولوية لوثائق القرض العقاري المخصص للسكن الموقعة على غير الموقعة لإنصراف إرادة الطرفين على الموقعة منها فقط.
- إعطاء الأولوية للشروط النموذجية العامة لعقد القرض العقاري المخصص للسكن على غيرها من وثائق القرض العقاري المخصص للسكن، لأن الشروط النموذجية العامة تعتبر نصوصا خاصة وضعت لتنظيم التعاقد بين شركات القرض العقاري المخصص للسكن والمقترض، وهي بذلك أولى بالتطبيق من قواعد القانون العام[25].
ونخلص في الأخير إلى أن سلطة القاضي في تأويل العقد هي سلطة واسعة هدفها اِكتشاف النية المشتركة للمتعاقدين، قصد الوصول إلى تحديد مضمون الالتزام العقدي، ومن ثم تنفيذه دون أي معوقات تذكر.
فعن طريق عملية التأويل يزيح القاضي كل الصعوبات التي تعترض تنفيذ العقد، وبذلك يتوضح عنصر الرضى في العقد ويتطهر من كل شائبة.
وإذا كانت بعض العقود تتميز بخصوصيات معينة، كعقود الإستهلاك التي ينتمي إليها عقد القرض العقاري المخصص للسكن والتي تجمع بين طرفين غير متكافئين، المهني الذي يتمتع بقوة اقتصادية وقانونية، وطرف مستهلك يخضع لهذا الإكراه الاقتصادي فإن عملية تأويل العقد تمتاز بأنها من القواعد التشريعية والقضائية ما يكفل حماية رضاء المستهلك.
وعليه فان سلطة التأويل لا يمكن الإستهانة بها، الأمر الذي دفع البعض إلى القول بأن العمل القضائي في دائرة التأويل ليس دائما عملا متكاملا الإرادة العقدية، وإنما على العكس قد تؤدي في حالات وأوضاع إلى إعمال إرادة قضائية يصفها القضاء بأنها عقدية، فالقضاء لم يتوان في أكثر من مجال عن اكمال النقص الذي تقع فيه الإرادة العقدية، ويعدل العقد بحجة التأويل ويضيف إليه بحجة إعمال الإرادة العقدية، أي أن التأويل خرج عن نطاقه الكلاسيكي وأصبح له مفهوم معاصر، يأخذ بعين الإعتبار مجموعة من الظروف الداخلية والخارجية ويتم الاسترشاد بقواعد العدالة والانصاف.
وبهذا المفهوم يترك للقاضي هامشا للتحرك تحقيقا للقوانين العقدية بين متطلبات استقرار المعاملات والمراكز القانونية ومتطلبات العدالة وحماية الطرف الضعيف في العقد.
ويتجلى دور القضاء في مجال القروض العقارية المخصصة للسكن في اِستبعاده للشروط التعسفية المخالفة للقانون والمخالفة للوائح بوجه عام وابطال الشروط التي تؤدي إلى حرمان المستهلك من الحق في التقاضي حسب ما جاء في الفصول القانونية المنظمة للقرض العقاري، التي جاء بها قانون 31.08 المتعلق باتخاذ التدابير لحماية المستهلكين.
لكن يبقى السؤال مطروحا حول حدود سلطة القاضي ونطاقها الذي قد يؤدي إلى تضارب في الأحكام والتعسف فيها مما يؤكد على ضرورة مراجعة صيغة الفصل 264 من ظ.ل.ع بكيفية تسمح بتحديد ضوابط وحدود هذه السلطة، وحتى يتسنى لهذه المقتضيات احترام المبدأ المقرر في الفصل 230 من ظ.ل.ع.
الفقرة الثانية: محدودية سلطة القاضي في الحد من الشروط التعسفية
غالبا ما يرتكز القضاء المغربي للحد من الشروط التعسفية الجزائية على الفصل 230 م من ظ.ل.ع المكرس لسلطان الإرادة والفصل 264 من نفس الظهير كما أسلفنا.
غير أن هذه الوسائل الحمائية تبقى محدودة ومقيدة لسلطة القاضي. فإذا كان الفصل 264 ظ.ل.ع يتيح إمكانية تعديل التعويض الاتفاقي، فإنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 230 ظ.ل.ع فهو لا يتيح التدخل القضائي في العلاقة التعاقدية. وهنا نتساءل حول عدم تمديد سلطة القاضي بشأن الشروط التعسفية الأخرى، علما أن المستهلك يكون طرفا في عقود استهلاكية وعقود إذعان تتضمن ” ليس فقط شروطا جزائية وإنما تتعداها إلى شروط تعسفية أخرى مما يؤدي إلى القول بآن الوسائل المنوحة للقاضي غير كافية إذا استثنينا التدخل القضائي من خلال نظرية عيوب الرضى[26].
أمام هذا الوضع، جاء قانون 31.08 لإعطاء سلطة تقديرية في تحديد الطابع التعسفي، لكل شرط وتكييف الشروط التي يحتمل أنها تعسفية، والحكم ببطلانها، وهو ما أشارت إليه المادة 16 من قانون 31.08[27] من خلال:
- الالتزام بقواعد التأويل المنظمة في الفصول من 461 إلى 473 من ظ.ل.ع؛
- الرجوع إلى ظروف المتعاقدين المحيطة بالعقد وقت إبرامه؛
- الرجوع إلى الشروط الأخرى الواردة في العقد المنفرد أو في حالة العقد المركب.
في حين أعفت المادة 17 من نفس القانون القاضي من تقدير الطابع التعسفي لشرط من الشروط مادامت هذه الأخيرة محررة بصورة واضحة ومفهومة.
وتعتبر قاعدة تأويل عقد القرض العقاري المخصص للسكن من عقود الإذعان يحتم اتباع منهج التأويل في حالة الشك لمصلحة المقترض، بإعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وهذه قاعدة بديهية تقتضيها قواعد المنطق والعدالة، لأن أي تقصير في صياغة العقد، يجب أن يتحمل عواقبه من انفرد بصياغته، خاصة وأنه مهني متخصص يمتلك المعرفة والخبرة القانونية التي تمكنه من صياغة سليمة وواضحة، ولما لم يفعل فإن المفرط أولى بالخسارة، لأنه لا يمكنه أن يستفيذ من خطئه.
وفي هذا الاتجاه نصت المادة 1162 من القانون المدني الفرنسي أن “الاتفاقية تفسر في حالة الشك ضد المشترط ولمصلحة من تعاقد مع الموجب”.
ومنهج التأويل ضد المشترط في القانون الفرنسي لا يجب أن ينطبق إلا في نطاق عقود الإذعان، بحيث تستثنى منه عقود المساومة، لكن على مستوى الواقع، فإن القضاة يعتبرون كل عقود القرض العقاري المخصص للسكن عقود إذعان، رغم أن الكثير من هذه العقود تبرم بمفاوضة وبمساومة خصوصا المبرمة مع المؤسسات البنكية الرائدة في المجال.
ويضمن هذا المقتضى حماية أوسع بصرف النظر عن كون المقترض مستهلكا أم لا، أو كون العملية تجارية أم مختلطة.
ويستطيع الطرف الضعيف الاستفادة أيضا من مقتضيات قانون الاستهلاك باعتباره مستهلكا لخدمات القرض العقاري المخصص للسكن خاصة الفصل 2-132 الذي نص على أنه:” في حالة الشك” يفسر الشرط بالمعنى الأكثر فائدة للمستهلك أو غير المهني (الفصل 5 من التوجيهية الأوروبية رقم 93-13 الصادر بتاريخ 5-4-1993).
وهي إذ داك تعد ضمانة قانونية مهمة لحماية الطرف الضعيف في عقد القرض العقاري وقيمة مضافة باعتبار مقتضيات الاستهلاك تلزم القاضي والمتقاضين لكونها من النظام العام.
المطلب الثاني: تخفيض القضاء للشروط الجزائية في القرض العقاري
يعرف اللجوء إلى الشرط الجزائي[28] انتشاراً واسعاً في المجال التعاقدي لاعتباره يشكل عاملا مهما لضمان السلامة التعاقدية، فقد أصبح ينظر إليه على أنه تقنية ناجحة لحمل المتعاقدين على الوفاء بالتزاماته، وذلك متى تحديده في مبلغ مرتفع لتوظيفه كأداة تهديد وإكراه، بحيث يفوق ما يمكن توقعه من ضرر نتيجة عدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية[29].
ويتم التعبير عن الشرط الجزائي في عقد القرض المخصص للسكن عادة في شكل فوائد بنسبة مائوية معينة من رأس المال يؤديها المقترض في حالة التأخير في الوفاء بالتزاماته، ويكمن الهدف من إدماج المؤسسات البنكية لهذا الشرط في عقود القرض العقاري المخصص للسكن في ما يوفره من مزايا بفضل جاهزيته التي تعفي من اللجوء إلى البحث عن سبب التأخير أو عن جبر الضرر الذي أصاب البنك من جراء ذلك، فيتفادى هذا الأخير الصعوبات والسلبيات التي ينطوي عليها النظام العام للمسؤولية العقدية، بما يتطلبه من ضرورة إثبات الضرر ومقداره فبمجرد تحقق عنصر التأخير يكون التعويض مستحقا للبنك.
غير أن مقتضيات قانون 08-31 المتعلق بحماية المستهلك حاولت أن تحصر مبلغ التعويض الذي يمكن أن يطالب به البنك للمقترض في حالة التأخير حينما أشار في الفصل 18 منه على أن فرض المهني في عقود الاستهلاك لتعويض مبالغ فيه عند عدم أداء المستهلك لإلتزاماته يعد شرطا تعسفيا.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف منح المشرع للقضاء سلطة تخفيض مبلغ التعويض في حالة التسديد المبكر وفي حالة التوقف عن الأداء؟
الفقرة الأولى : سلطة القاضي في تخفيض الشرط الجزائي في حالة التسديد المبكر للقرض العقاري
تُدرِج أغلب البنوك بندا في عقود القرض السكني يقضي بتقييد التسديد المبكر للقرض بشرط جزائي عبارة عن أداء المقترض لتعويض إما عن مبلغ جزافي معين أو رد المبلغ الإجمالي لتكلفة القرض بما في ذلك الفوائد غير الحال أجلها.
فقد ذهب القضاء الفرنسي[30] إلى اِعتبار التسديد المبكر للقرض بمثابة شرط جزائي، لكونه يهدف إلى ضمان حصول المقرض على سعر قار في جميع الحالات التي يتم فيها تسديد الدين قبل الأجل المحدد له، لذلك فالشرط المخول للمقترض إرجاع مبلغ القرض قبل الأوان لا يمكن اِعتباره جزاءاً عن عدم تنفيذ التزامه، بل هو ممارسة لإمكانية تم الإتفاق عليها والتراضي بين طرفي العقد على إقرارها.
وإذا كان عقد القرض يتضمن شرطا يخول للمقرض، في حالة التسديد المبكر، الحق في المطالبة بتعويض عن الفوائد غير الحال أجلها، فإن هذا التعويض المحدد بنص تنظيمي لا يمكن أن يتجاوز ما يساوي 2 ٪ من رأس المال المتبقي، وذلك دون الإخلال بتطبيق أحكام الفقرة 3 من الفصل [31]264 من ظ.ل.ع.
فقد خولت المادة 132 من قانون 31.08 القضاء سلطة التدخل لتعديل مقدار الشرط الجزائي المتفق عليه في حالة قيام المقترض بالتسديد المبكر لمبلغ القرض متى كان التعويض باهظا ومبالغا فيه، حيث يملك القاضي صلاحية تخفيضه الى المقدار الذي يراه مناسبا لتغطية الأضرار التي لحقت بالمؤسسة البنكية من جراء التسديد المبكر، غير أن سلطة القاضي في مبدأ التخفيض مقيدة، بحكم المادة نفسها من قانون 31.08 ، فهذا التخفيض لا يمكن أن يتجاوز نسبة 2٪ من رأس مال المتبقي قبل التسديد، وهو مقتضى يعتبر من النظام العام[32]. لذلك فسلطة القاضي في التخفيض أو الرفع من نسبة التعويض عن التسديد المبكر لفائدة البنك لا يمكنها أن تتجاوز تلك النسبة، إلا في الحالة التي يتم فيها دفع أقساط بفائدة متغيرة يختلف سعرها حسب فترات السداد، ، حيث يمكن للقضاء ان يضيف الى تلك النسبة المبلغ الذي يضمن للبنك طوال المدة المنصرمة عند منح القرض[33].
الفقرة الثانية: سلطة القاضي في تخفيض الشرط الجزائي في حالة توقف المقترض عن الاداء
تضمن المؤسسات البنكية في عقود القرض المخصص للسكن شروطا جزائية تفرض من خلالها على المقترض المتوقف عن الأداء تعويضاً على شكل فوائد تأخيرية من أصل الدين بنسب مائوية مبالغ فيها، فالمؤسسات البنكية لا تفرق بين المستهلك حسن النية والمتماطل السئ النية، فهي تشترط في أغلب العقود التي تبرمها مع المقترضين على استحقاق الشرط الجزائي بمجرد التخلف عن الوفاء بالأقساط ولو لشهر واحد، ومن دون توجيه إنذار للمقترض، غير أنه وبعد التعديل الذي طال الفصل 264 من ظ.ل.ع بظهير 1995/08/11 أصبح من الحق تعديل التعويض الإتفاقي، بحيث أعطى للمحكمة[34] السلطة التقديرية في تقدير التعويض المستحق دون أن يتجاوز سعر أقصى يرتبط بالنظام العام، ولقد أكد المشرع هذه المسألة في الفقرة الأولى من المادة 134 من قانون 31.08 والتي تنص على أنه :” لا يمكن أن يتحمل المقترض أي تعويض أو أي تكلفة غير تلك المنصوص عليها في المادتين 132 و 133 في حالتي التسديد المبكر أو التوقف عن الأداء المشار إليهما في المادتين المذكورتين”.
فقد جاء في المادة 133 من قانون 31.08 على أنه:” إذا اضطر المقرض لطلب فسخ العقد، جاز له أن يطالب بالتسديد الفوري لرأسمال المتبقي المستحق بإضافة الفوائد الحال أجلها وغير المؤداة، وتترتب على المبالغ المتبقية الواجب أداؤها إلى تاريخ التسديد الفعلي، فوائد عن التأخير، على ألا يتجاوز سعرها الأقصى 2% من رأس المال المتبقي المستحق”[35].
ولعل هذه الأحكام الجديدة التي جاء بها قانون 31.08 شكلت نوعا من الحماية القانونية والقضائية للمقترض على مستوى التسديد المبكر لأقساط القرض أو على مستوى التوقف عن الأداء، فإنها ضمنت للمقرض الحق في المطالبة برأس المال المتبقي المستحق مع الفوائد الحال أجلها بالإضافة إلى المصاريف الإدارية والقضائية من رسوم وأتعاب الخبراء والمحامين وغيرهم. وهذا التعويض المستحق للمقرض عن المبالغ المتبقية إلى تاريخ التسديد الفعلي للقرض فلا يمكن أن يتجاوز السعر الأقصى المحدد بمقتضى مرسوم.
وخلاصة القول أن المعالجة القضائية لعقد القرض العقاري المخصص للسكن عرف تحولا شارخا نحو تأسيس حماية نوعا ما متوازنة للمستهلك المقترض الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية في مواجهة المؤسسة البنكية الطرف القوي والأكثر دراية بتكوين مثل هذه العقود المعدة مسبقا، فالقاضي حينما يعرض عليه النزاع يحاول ما أمكن تفكيك المصطلحات المسخدمة في العقد باستخدام مجموعة من الوسائل في ذلك، مبتغيا في ذلك تأويل بنوذ العقد لصالح المقترض الطرف الضعيف، وفي حالة وجود شرط أوعدة شروط تبدو له تعسفية في حق هذا الأخير(المقترض)، فإنه يقوم باستبعاده إذا كان فيه ضرر واضح لمصالح المستهلك، كما أنه يمكن للقاضي أن يخفض من نسب التعويض التي يشترطها المقرض في العقد إلى نسب معقولة نظمها المشرع في قانون 31.08.
[1] – لم يعرف المشرع المغربي العقد على عكس التشريعات الأجنبية مثل المشرع الفرنسي الذي عرفه على الحو التالي:
-l’art 1101 du C.Civ. dispose : « Le contrat est une convention par la quelle une ou plusieurs personnes s’obligent, envers une ou plusieurs, à donner, à faire ou à ne pas faire quelque chose ».
[2] – حمزة عبد المهيمن:”النظام القانوني للقروض العقارية المخصصة للسكن، دراسة في الأسس النظرية والجوانب العملية”،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، بنية الدراسات القانونية المدنية العقارية والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الدراسية 2012 – 2013 ، ص:391.
[3] – استعمل المشرع المغربي مصطلح التأويل بدل مصطلح التفسير وجاء في النص باللغة الفرنسية Interprétation . والأرجح أن يستعمل التفسير بدلا من التأويل.
وقد تناول المشرع المغربي قواعد التأويل أيضا في قانون 31.08 بشكل متفرق مثلا في المادة 9 والمادة 16 التي أحالت على أحكام التأويل أيضا في الفصول من 461 إلى 473 من ظ.ل.ع.
[4] – محمد الهيني:”الحماية القانونية والقانونية للمؤمن له في عقد التأمين”، مطبعة الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، طبعة 2010، ص 260.
أنظر كذلك:
- عبد الحكم فودة: تفسير العقد في القانون المدني المصري والمقارن. مكتبة المعارف، الإسكندرية، 1985، ص11.
- فؤاد محمد عوض، دور القاضي في تعديل العقد، دراسة تحليلية وتأصيلية للفقه الإسلامي والمقارن، دار الجامعة الجديدة للنشر، طبعة 2004، ص157.
[5] – استبدل المشرع المغربي مصطلح الجهاز القضائي بمصطلح السلطة القضائية من خلال نص الدستور لسنة 2011 في فصله 107 منه أن:” السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعبة وعن السلطة التنفيذية…..”
[6] – يوسف الزوجال:” المنظومة الحمائية للمستهلك في عقود الخدمات، عقد التأمين نموذجا – دراسة تحليلية وفق آخر المستجدات القانونية”، تقديم وداد العيدوني، مطبعة دار الأمان، 2013، ص: 221.
[7] – هذا ما قضت به محكمة النقض المغربية في قرارها الصادر بتاريخ 24 يناير 1968 الذي أعطى الحق للمحكمة في تأويل العقد عند الإجمال والإبهام. منشور بمجلة مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة المدنية 1966- 1988، ص: 692.
[8] محمد الهيني:”الحماية القانونية للمؤمن له في عقد التأمين”، م.س، ص 262.
[9] – أنظر قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 15/4/1972.
Cité par : Jean Bigot avec la collaboration de Jean-Louis Bellando, Mekael Hagobian, Jaques Morreau, Gilbert, Parleani, Traité de droit des assurances, Tome I, Entreprises e Organismes d’assurance, 2éme edition, LGDJ, page 391.
– محمد الشيلح، سلطان الإرادة في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي أسسه ومظاهره في نظرية العقد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامسة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بالرباط، 1983، ص242.
[10] – فاتح كمال ومحمد الهيني:” دور القاضي في تأويل العقد”، مجلة الاشعاع، عدد 29 غشت 2005، ص: 79- 82.
[11] – يقصد بها ” الطبيعة القانونية لنوع العقد الذي قصد المتعاقدان إبرامه أو بمعنى آخر التنظيم القانوني للموضوع الذي عالجه المتعاقدان في العقد بينهما”.
– عبد الحكيم فودة: م.س، ص: 228.
[12] – محمد الشيلح:” سلطان الارادة في ضوء قانون الالتزامات والعقود المفربي”، م،س، ص:245.
[13] – محمد الكشبور:” الكراء المدني والكراء التجاري، قراءة في ظهير24 ماي 1995 و 25 دجنبر”، دراسة تشريعية وقضائية وفقهية مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط الثانية،2007، ص:73.
[14] – قرار منشور لمجموعة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط الجزء الثالث، 1925 و1926، ص: 121.
– أورده يوسف الزوجال: م.س، ص: 230.
[15] – نور الدين الناصري:” دور القاض في تأويل العقد”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، 1998-1999، ص: 64.
[16] – ينص الفصل 464 من ظ.ل.ع على أن:” بنود العقد يؤول بعضها البعض بأن يعطى لكل منها المدلول الذي يظهر من مجموع العقد. وإذا تعذر التوفيق بين هذه البنود لزم الأخذ بآخرها رتبة في كتابة العقد”.
[17] – نور الدين الناصري:” دور القاضي في تأويل العقد على ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعة 1998/1999، ص 77-78.
[18] – الفصل 463 ظ.ل.ع: “تعتبر مضافة لشروط العقد، الشروط الجاري بها العمل في مكان إبرامه والشروط التي تقتضيها طبيعته”.
[19] -B.Stark, Droit civil, Obligation, Librairies Techniques de la Cour de Cassation, Paris, 1972, p.172.
[20]– G. Berlioz, Droit de la communication et droit des des contrats, JCP, 1979-1-2954.p :122.
[21] -R.T.D. Civ. 1978. 114 et 115.
[22] -Adde. Mestre, de la renontiation au bénéfice d’une règle d’ordre public de protection. R.T.D. Civ. 1991. p526.
[23]– أنظر:ؤ
– محمد الهيني:”الحماية القانونية والقانونية للمؤمن له في عقد التأمين”، م.س، ص:203.
[24] – الفصل 11 من مدوة التجارة المغربية.
[25] – قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 01/02/2001، ملف مدني عدد 2769/1/5/2000، عدد مزدوج، 59/60، ص:78.
[26] – نزهة الخلدي:” الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية، عقد البيع نموذجا”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القنون الخاص، كلية الحقوق، أكدال، الرباط، 2004-2005، ص: 157-176.
[27] – تنص المادة 16 من قانون 31.08 إلى أنه: ” دون الإخلال بقواعد التآويل المنصوص عليها في الفصول من 461 الى 473 من ق.ل.ع يقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع الظروف المحيطة بإبرامه وإلى جميع الشروط الواردة في عقد آخر عندما يكون إبرام أو تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين بعضهما البعض من الوجهة القانونية”.
[28] – قد يرد الشرط الجزائي كلما تعلق الأمر بالتزام بالقيام بعمل أو الامتناع عنه أو التقليص في الأجل المتفق عليه لتنفيذ الالتزام أو إلغائه، أما إذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقود كما هو الحال عليه في عقد القرض المخصص للسكن فإن الشرط الجزائي يتخذ غالبا شكل فوائد تأخيرية,
أنظر في ذلك:
– عبد اللطيف الحاتمي، الفوائد التأخيرية وشرعيتها –دراسة مقارنة–، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية الحقوق الدار البيضاء، 2000-2001 الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2008، ص 363.
[29] – فؤاد معلال:” مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27-95 بتاريخ 13 يوليوز 1995، مجلة القانن والاقتصاد، العدد 14، سنة 1997، ص 60- 61,
[30] -Cour de cessation, Arrét civil du 2 décembre 1992, voir cite-web : www.legifrance.gouv.fr
[31] – تنص الفقرة 3 من الفصل 461 من ظ.ل.ع على أنه:” يمكن للمحكمة تخغبض التعويض المتغق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع منه إذا كان زهيداً، ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي”.
[32] – المادة 151 من قانون 31.08.
[33] – الفقرة الثالثة من المادة 132 من قانون 31.08.
[34] – أنظر حكم قضائي صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت رقم 9167 بتاريخ 28 شتنبر 2010.أورده حمزة عبد المهيمن، م.س، ص:414.
[35] – للإشارة فقد كانت هذه النسبة 4% في المادة 127 من مشروع قانون 31.08 قبل أن يصادق عليه مجلس النواب المغربي.