أطروحات و رسائل

بحث لنيل الاجازة في القانون الخاص: المؤسسات الاصلاحية أي دور في اصلاح الحدث الجانح _دراسة ميدانية_

1

مقدمة:

تشكل ظاهرة الانحراف خروجا عن المعايير الاجتماعية المتعارف عليها، وخللا في سلوك الانسان تستوجب من جهة ردعه حتى يكون عبرة لغيره، ومن جهة اخرى ضرورة تقويم هذا السلوك حتى لا يعود الشخص الى ارتكابه ثانية. وهذا ما جعل هذه  الظاهرة تتواجد على راس انشغالات الراي العام، طالما انها تؤدي الى الاحساس بانعدام الامن وتفاقم الاجرام وبروز اشكال جديدة من الجرائم[1]. وقد اهتمت المدارس الفقهية بمبدأ اصلاح المجرم من خلال التركيز على توجيه العقوبة نحو تقويم السلوك وتاهيل المجرم اجتماعيا بدل القسوة والانتقام، على اعتبار ان ارتكاب الشخص لجريمة معينة لا يعتبر بتاتا سببا للحقد عليه، وان العقوبة المتخذة في حقه لا تشكل انتقاما منه بقدر ما تشكل الية لاصلاحه، وهو المفهوم الجديد الذي اصبح للعقوبة والذي ركزت عليه المنظومة القانونية الجنائية. وظاهرة الجنوح لا تقتصر فقط على الراشدين بل تمتد ايضا لتشمل الاحداث والذين يعتبر جنوحهم بمثابة بوابة لجرائم الكبار، فملامح الشخصية الجانحة تبرز في مراحل مبكرة من حياة الفرد لتكرس من خلال ظروف ومواقف وخبرات اجرامية لاحقة، فمن شأن اصلاح الاحداث القضاء على دوافع الجريمة مستقبلا[2].

ولايتعبر اجرام الاحداث مستجدا بل عرف قديما وعرفته مختلف المجتمعات واقرت الامم قديما مسؤولية الطفل الجانح بحيث متى اخطأ اعتبر مسؤولا عن فعله[3]. واعتبارا منه لوضعية الحدث فقد حرص المجتمع الدولي على صياغة العديد من المواثيق الدولية التي تهم الطفولة كاتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الاطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الاباحية لمايو 2000 ثم مبادئ الامم المتحدة التوجيهية لمنع جنوح الاحداث او ما يسمى بمبادئ الرياض التوجيهية دجنبر 1990 ثم قواعد الامم المتحدة النمودجية الدنيا لادارة شؤون قضاء الاحداث او ما يسمى بقواعد بيكين وقواعد الامم المتحدة بشأن حماية الاحداث المجردين من حريتهمـ وتهدف كل هذه الاتفاقيات الى تكريس الضمانات الكفيلة بحماية الاطفال ووضع ترسانة لمجمل الحقوق التي ينبغي للطفل ان يحضى بها وحمايته من مختلف اشكال الاستغلال. وقد واكبت بلادنا المجتمع الدولي وسارت على ركبه بان صادقت على اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1993 وعدلت مختلف القوانين دات الصلة بالاحداث حتى تكون ملائمة ومنسجمة مع الاتفاقيات المصادق عليها، فادمجت بذلك مختلف الضمانات الممنوحة للاحداث والمكرسة في الاتفاقيات الدولية في قوانينها الداخلية وابرز مثال على ذلك تعديل قانون المسطرة الجنائية سنة 2002[4]

وسينصب موضوعنا هذا على دراسة اجرام الاحداث خاصة وان مفهوم العقوبة تغير واضحى بالاساس مفهوما اصلاحيا يهدف الى تاهيل الحدث الجانح واعادة ادماجه لا الى عقابه والانتقام منه ويقتضي هذا المفهوم الاصلاحي الى مطابقة اماكن تنفيذ العقوبة له، أي ان يوفر الظروف الملائمة لتنفيذ البرامج الاصلاحية وهو ما سيجعلنا كذلك نسلط الضوء على المؤسسات الاصلاحية التي يودع بها الاحداث لتنفيذ العقوبات المتخذة في حقهم.

وتكمن اهمية الموضوع المراد دراسته في كونه يسلط الضوء على واقع المؤسسات الاصلاحية ومدى مطابقته للسياسة العقابية التي يتم نهجها والقائمة اساسا على اصلاح الحدث وتاهيله للعودة الى المجتمع كما سيمكننا من دراسة اجرام فئة الاحداث والضمانات الممنوحة لهذه الفئة من المجرمين والذين يلجون ميدان الاجرام في مرحلة تنعدم او تنقص فيها اهليتهم.

اولا: اسباب اختيار الموضوع:

     لا يخفى على احد الاهتمام الكبير الذي يلقاه الطفل باعتباره الطرف الاضعف في تركيبة النواة الاولى لكل تجمع بشري، واساس تقدمه الاقتصادي في المستقبل، ولعل هذا ما دفعنا الى التركيز على منظومة قضاء الاحداث واهم الضمانات التي تكفلها النصوص القانونية للحدث الجانح ثم الدور الاصلاحي والتاهيلي للمؤسسات السجنية، وكان اختيارنا للموضوع نابع من رغبتنا في تعميق البحث في موضوع قضاء الاحداث و الخصوصيات المميزة له بعدما عاينا خلال فترة التدريب كثرة قضايا الاحداث الجانحين الوافدين على المحكمة.

 

 

ثانيا: اشكالية البحث:     

يثير الموضوع اشكالية رئيسية تتمثل في ما مدى مساهمة المؤسسات الاصلاحية في اعادة تاهيل الحدث الجانح؟ وتتفرع هذه الاشكالية الى نقطتين رئيسيتين اولاهما تتعلق بالتنظيم القانوني لاجرام الاحداث والذي بمقتضاه سنعرج على مختلف الضمانات القانونية الممنوحة للحدث الجانح مراعاة من المشرع لوضعيته وثاني نقطة تتعلق بدراسة دور المؤسسات الاصلاحية في اعادة تاهيل الحدث الجانح والذي من خلاله سنناقش الواقع العملي للمؤسسات الاصلاحية ومدى انسجامه مع المقتضيات القانونية ودراسة الاليات المستعملة والكفيلة بتاهيل الحدث الجانح.

ثالثا: منهجية البحث:

ولدراسة الاشكالية المطروحة سننطلق من فرضية اساسية مفادها ان المؤسسات الاصلاحية تلعب دورا رائدا في تاهيل الحدث الجانح الا انها تواجه ببعض المعيقات التي تحد من هذا الدور الاصلاحي. وللاستدلال على هذه الفرضية ارتاينا ان ننهج المنهج التالي:

المنهج التحليلي: قوامه تحليل النصوص القانونية المنظمة لاجرام الاحداث وكذا للمؤسسات الاصلاحية دون ان ننسى الاحكام القضائية الصادرة في حق الاحداث والتي سنعمل كذلك على تحليلها للوقوف على مظاهر الحماية الممنوحة للحدث

المنهج الوصفي: والذي بمقتضاه سننقل القواعد المنظمة لاجرام الاحداث وكذا الضمانات المخولة للحدث في جميع مراحل الدعوى وحتى اثناء تنفيذه للحكم وسننقل كذلك وضعية المؤسسات الاصلاحية المخصصة لايواء الاحداث ومدى توفرها على مختلف الوسائل الكفيلة بتحقيق هدف الادماج والاصلاح وكل هذا انطلاقا مما عايناه خلال فترة التدريب بالمحكمة الابتدائية بالسمارة وزيارتنا لبعض المحاكم الابتدائية والاستينافية ومراكز حماية الطفولة والاصلاحيات.

المنهج الاستنباطي: ذلك ان دراستنا لدور المؤسسات الاصلاحية في اعادة ادماج الحدث الجانح، لن تاتى فقط بالتطرق لمختلف الضمانات القانونية الممنوحة للاحداث، وانما

 

 

باستنباط مظاهر المساهمة في الادماج والاصلاح، وذلك بالانطلاق من العام الى الخاص.

وسنعمل على تقسيم الموضوع الى الى فصلين نخصص الاول لدراسة التنظيم القانوني لاجرام الاحداث ثم نتعرض في الفصل الثاني لدور المؤسسات الاصلاحية في اعادة التاهيل وسنعزز دراستنا بنمادج عملية استقيناها من خلال ما عايناه خلال الفترة التدريبية التي قضيناها بالمحكمة الابتدائية بالسمارة وكذا زيارتنا لكل من محكمة الاستئناف بالعيون ومحكمة الاستئناف باكادير واصلاحية العيون ومركز حماية الطفولة باكادير ومركز الرعاية اللاحقة باكادير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

“ان الجريمة ضرورية لانها تكون نتيجة تفاعل العوامل الحيوية في المجتمع، وتلازم الجريمة للمجتمع البشري هو الذي يجعل منها ظاهرة اجتماعية بل كونية”

 

 

                                                                         دوركهايم

 

 


الفصل الاول: التنظيم القانوني لاجرام الاحداث

خص المشرع الاحداث بتنظيم قانوني محكم ينسجم مع المبدأ الاصلاحي للعقوبة الذي اصبحت تنهجه الدولة والهادف بالاساس الى علاج الجاني بدل الانتقام منه، وتظهر اهمية هذه النصوص من حيث موضوعها ومبادئها كما تظهر من حيث الاجراءات والضمانات، وقد تناول قانون المسطرة الجنائية هذه القواعد في الكتاب الثالث تحت عنوان القواعد الخاصة بالاحداث والذي تضمن سبعة اقسام تضمنت المواد من 458 الى 517 من ق.م.ج اضافة الى بعض المواد التي تضمنت احالة على مواد اخرى، وقد حددت هذه المواد كيفية التعامل مع قضايا الاحداث بدءا من تاريخ ارتكاب الفعل الجرمي الى تاريخ صدور الحكم، كما انشأت الدولة عدة مؤسسات دات مواصفات خاصة لايواء الاحداث الجانحين والعناية بهم تختلف عن المؤسسات السجنية وتسمى بمؤسسات حماية الطفولة وكل ذلك في سبيل تحقيق المصلحة الفضلى للحدث.

ويظهر اهتمام المشرع بالاحداث حتى قبل ارتكاب الفعل الجرمي بحيث رفع المشرع من سن الرشد القانوني من 16 سنة الى 18 سنة انسجاما مع القاعدة 4-1 من قواعد بيكين التي توصي بعدم تحديد سن المسؤولية الجنائية على نحو مفرط في الانخفاظ[5]، كما تدرجت المادة 458 من قانون المسطرة الجنائية في مسؤولية الاحداث بين انعدام المسؤولية متى كان سن الحدث يقل عن 12 سنة وبين المسؤولية الناقصة متى تراوح سن الحدث بين 12 و18 سنة وذلك انسجاما مع المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل[6]وايضا البنذ 11 من قواعد الامم المتحدة[7]

وقد خص المشرع المواد من 458 الى 461 من قانون المسطرة الجنائية لاحكام التمهيدية التي تضمنت تغييرا من حيث الموضوع لمقتضيات القانون السابق وتراوحت هذه التغييرات بين تحديد سن الرشد الجنائي، ثم تحديد سن انتفاء المسؤولية الجنائية وحالة نقصانها ثم اعتبار يوم ارتكاب الفعل الجرمي تاريخا لتحديد سن الرشد الجنائي وطبيعة المسؤولية وكذا اقرار صلاحية المحكمة لتقدير سن الحدث بعد الامر باجراء فحص طبي في حالة غياب ما يثبت سنه.

ولتسليط الضوء على التنظيم القانوني لاجرام الاحداث الى ثلاث مطالب نخصص الاول لمرحلة ماقبل المحاكمة فيما نتعرض في الثاني لمرحلة المحاكمة ونخصص الثالث لمرحلة مابعد المحاكمة وذلك بغية الالمام بكل المقتضيات الخاصة الاحداث وتبيان مظاهر القصور فيها

المطلب الاول: قبل المحاكمة

عندما يرتكب الحدث فعلا اجراميا فلابد من المرور بمجموعة من الاجراءات والمساطر قبل محاكمته، تبتدئ هذه الاجراءات بالضابطة القضائية التي تختص بجمع الادلة والتثبت من وقوع الفعل الجرمي والبحث عن مرتكبه، مرورا بالنيابة العامة المخول لها تحريك الدعوى العمومية في اطار مالها من سلطة الملاءمة، ثم قاضي التحقيق في الحالات التي تستوجب الاحالة عليه وانتهاء بقاضي الاحداث او المستشار المكلف بالاحداث والذين يتخذان التدابير الملائمة للحدث والكفيلة باصلاحه وتقويم سلوكه وسنقسم هذا المطلب الى اربع فقرات نتناول في كل فقرة مرحلة من المراحل التي يمر منها الحدث قبل محاكمته لتناول الحماية القانونية لهذا الحدث وبعض اوجه القصور في النصوص المنظمة ومدى تطبيق هذه النصوص على ارض الواقع استنادا الى ماعيناه خلال فترة التدريب التي قضيناها بالمحكمة الابتدائية بالسمارة

الفقرة الاولى: امام الضابطة القضائية

تعتبر الضابطة القضائية الجهة المكلفة بالبحث والتحري وجمع الادلة عن الجرائم، وتسمى هاته المرحلة بمرحلة البحث التمهيدي. وقد شملت حماية المشرع للاحداث هذه المرحلة من مراحل البحث حيث اقر مبدأ التخصص باحداثه لضابط الشرطة القضائية المكلف بالاحداث[8]تمييزا له عن ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالراشدين، وقد تبنى المشرع المغربي مبدأ التخصص الموضوعي والعضوي في مجال الاحداث الجانحين ويظهر التخصص الموضوعي على مستوى القواعد القانونية الخاصة بالاحداث والواردة بقانون المسطرة الجنائية اما العضوي فيكمن في وجود شرطة قضائية خاصة بالاحداث[9]، والملاحظ ان المشرع وان كان قد سن مبدأ التخصص في فئة ضباط الشرطة القضائية الا انه اغفل هذا المبدأ في فئة اعوان الشرطة القضائية حيث سوى بين الرشداء والاحداث وتخضع اعمال ضباط الشرطة القضائية لرقابة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، وخلال فترة التدريب بالمحكمة الابتدائية بالسمارة عاينا ان هذه المقتضيات القانونية موجودة فعلا على ارض الواقع بحيث ان هناك ضباط للشرطة القضائية مكلفين بالاحداث وهي فقط مسألة تنظيمية بحيث يتم اختيار ضابط من الضبط ويكلف بالاحداث وحبدا لو كانت هذه الصفة تعطى استنادا الى دورات تكوينية في مجال الاحداث

كما اوجب المشرع ضرورة ايداع الاحداث او الاحتفاظ بهم في مكان مخصص لهم بعيدا عن الراشدين[10]ومن الناحية العملية فانه لا وجود لهاته الاماكن اعتبارا لضيق اماكن الاعتقال فغالبا مايتم الاحتفاظ بالحدث بجانب اماكن اعتقال الراشدين، علما بان المشرع جعل التدابير المتخذة في حق الحدث احتفاظا خلافا لتدابير الحراسة النظرية الخاصة بالراشدين، وان الاحتفاظ لا يلجأ اليه الا اذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى رعايته او لضرورة البحث او ان تقتضي سلامته ذلك

الفقرة الثانية: امام النيابة العامة

ان الاطلاع على المقتضيات القانونية الخاصة بالاحداث يوضح ان المشرع قد وضع نظاما اجرائيا دو طابع حمائي حيث يعتمد اساليب دات بعد تربوي، وباعتبار النيابة العامة عنصرا من العناصر التي تسهر على تطبيق السياسة الجنائية فان لها دورا هاما في حماية المبادئ التي تنبني عليها عدالة الاحدث ولها صلاحيات تمكنها من اعتماد سياسة جنائية تستجيب للغايات التي توختها المقتضيات الجديدة المنظمة للاحداث[11]

والملاحظ انه وان كان قانون المسطرة الجنائية لم ينص على مبدأ التخصص في النيابة العامة كما فعل لفئة ضباط الشرطة القضائية الا انه عمليا عاينا ان السيد وكيل الملك يكلف احد قضاة النيابة العامة بالقضايا المتعلقة بالاحداث وذلك قصد تتبع شمولي لمؤشرات جنوح الاحداث وفعالية التدابير المتخذة، كما ان النيابة العامة باعتبارها الجهاز المكلف بمراقبة عمل الضابطة القضائية فانها تقوم بتتبع مرحلة البحث التمهيدي للوقةف عاى العوامل المتدخلة والمرتبطة بجنوح الاحداث وتسهر على مبدأ سلامة الحدث الجانح وحمايته في بدنه ونفسه وهو مايلزمها بضرورة احالته على فحص طبي اذا ظهرت عليه اثار عنف او اشتكى من عنف[12]، وتحرص على تسليمه لذويه مالم تكن ضرورة البحث تستدعي الاحتفاظ به بمراكز الشرطة حفاظا على سلامته لا استنادا الى خطورة الفعل الجرمي المرتكب[13] وهو ما لاحطناه خلال فترة التدريب بحيث انه غالبا مايتم تسليم الاحداث المقدمون امام النيابة العامة لابتدائه السمارة الى ذويهم رغم ارتكابهم لبعض الافعال المتسمة بالخطورة كالسرقة مثلا بخلاف الراشدين الذين تتخذ في حقهم الحراسة النظرية بالنظر الى خطورة الافعال المرتكبة وانعدام ضمانات الحضور.

وللاشارة فانه يمكن للنيابة العامة اخضاع الحدث لنظام الحراسة المؤقتة[14]، وذلك داخل 15 يوما وهو دو بعد وقائي اكثر منه تربوي كما يمكنها ايداع الحدث بمركز الملاحظة أي مركز من مراكز حماية الطفولة في حالة تعذر تسليمه لوالده والملاحظ ان هذا الاجراء على مستوى ابتدائية السمارة غائب اعتبارا لغياب مراكز حماية الطفولة بالسمارة بحيث غالبا ما يسلم الحدث لوليه وفي حالات ناذرة يودع الاحداث بمركز حماية الطفولة بالعيون

وعموما فانه ورغم الحماية القانونية التي خصها المشرع للاحداث الا ان الواقع العملي يعوق هذه الحماية نظرا لغياب المؤسسات والاليات، وتبقى التدابير المتخذة في حق الاحداث انما هدفها مواجهة الخطورة الاجرامية وليس الجريمة التي ارتكبها الحدث فهي لاترمي الى الايلام والزجر واللوم كما العقوبة وانما هدفها الاصلاح والتاهيل والعلاج والتربية، ولابد ان نؤكد على الدور المهم الذي تقوم به النيابة العامة في مسطرة الصلح والتي هي تكريس لمبدأ العدالة التصالحية مما يحد من الاثار السلبية المترتبة عن تحريك الدعوى العمومية

الفقرة الثالثة: امام قاضي التحقيق

تعتبر مرحلة التحقيق الإعدادي مرحلة قضائية سابقة على مرحلة المحاكمة تهدف إلى تقصي الحقائق في القضايا المعروضة على القضاة المكلفين بهذه المهمة،[15] حيث يقوم قاضي التحقيق بإجراء بحث قضائي بناء على المطالبة التي تتقدم بها النيابة العامة أو بناء على الشكاية المباشرة التي يتقدم بها المطالب بالحق المدني[16] بقصد استجلاء حقيقة الوقائع من حيث ثبوتها وتكييفها القانوني ومدى نسبتها للمتهم وذلك عند إصداره للأمر المتعلق بانتهاء التحقيق في القضية.

وقد نص المشرع على الزامية التحقيق في بعض الافعال والتي اوردها في الفصل 83 من ق.م.ج والتي حصرها في:

  • الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة
  • الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث
  • الجنح بنص خاص في القانون

فيما جعل التحقيق اختياريا في:

  • الجنايات التي تقل العقوبة المقررة لها عن ثلاثين سنة
  • الجنح المرتكبة من طرف الأحداث
  • الجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر

وعموما فانه بخصوص قضايا الاحداث فانه اذا تعلق الامر بجنايات الاحداث فان المشرع جعل التحقيق فيها الزاميا فيما جعله اختياريا في الجنح المرتكبة من طرف هؤلاء وتجدر الاشارة الى ان الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف هي الجهة المخول لها مراقبة اعمال قاضي التحقيق

ويمكن القول ان المشرع خص الاحداث بحماية خلال مرحلة التحقيق كما هو الشأن بالنسبة لبقية المراحل وقد عاينا خلال مرحلة التدريب بالمحكمة الابتدائية بالسمارة انه ناذرا ما يتم احالة الاحداث على قضاء التحقيق طالما ان التحقيق اختياري في جنح الاحداث وذلك بالنظر الى طبيعة الافعال المرتكبة من قبلهم والتي يغلب عليها جرائم السرقة واستهلاك المخدرات[17]. التي تتميز ببساطتها ووضوحها وعدم استدعائها اجراء التحقيق .

الفقرة الرابعة: امام قاضي الاحداث

يعتبر جنوح الاحداث بوابة لجرائم الكبار، على اعتبار ان ملامح الشخصية الجانحة تبرز في مراحل مبكرة من حياة الفرد لتكرس من خلال ظروف ومواقف وخبرات اجرامية لاحقة، لذا فان اصلاح الاحداث من شانه القضاء على دوافع الجريمة مستقبلا[18]. فالاحداث هم ضحايا لظروف اجتماعية ادت بهم الى الانحراف وسوء التكيف ومن شأن تهيئة الظروف الاجتماعية ودعمها بمقومات صالحة، اصلاحهم وادماجهم وتقويم انحرافهم[19]. ووعيا من المندوبية السامية للسجون واعادة الادماج بخطورة جنوح الاحداث، فقد ركزت على تغليب الجانب التربوي والتهديب على غيرها من الاجراءات في قضايا الاحداث[20]. ويعتبر قضاء الاحداث مؤسسة تعكس الاهتمام بجنوح الاحداث والوقاية منه، طالما ان علاج هذه الظاهرة بمثابة حاجز وقائي من الجريمة مستقبلا، ويفترض في هذا القضاء الجمع بين صفتين متلازمتين، الصفة الجزائية والصفة الوقائية، لكونه اما ان يحكم بعقوبة على الحدث نتيجة ارتكابه لفعل مجرم، او يتدخل لوقايته من خلال اتخاذ تدبير في حق الحدث المعرض للانحراف[21]. وقد اهتمت قواعد بكين بكيفية تنظيم وعمل قضاء الاحداث اثناء متابعتهم واعطت لقاضي الاحداث صلاحية التدخل كلما كان الحدث في وضع شخصي او اجتماعي خطير ومهدد لشخصه ومستقبله كما نصت على استحضار مختلف الاسباب التي ساهمت في انحراف الاحداث لاعتمادها كارضية اساسية لايجاد صيغة مثلى لاصلاحهم وتاهيلهم[22]، وهو ما يعكس الاهتمام الذي اعطي للاحداث سواء في ظل قواعد بكين او في قانون المسطرة الجنائية التي خصتهم بقضاء يعهد اليه النظر في قضاياهم، وذلك بالنظر الى خصوصية قضايا الاحداث، وما تستوجبه من ضرورة تغليب المقاربة الاجتماعية في التعامل معها على حساب المقاربة القانونية، فكان لزاما على قضاة الاحداث اتخاذ كل ما من شانه ملاءمة الحدث وضمان مصلحته وحمايته.

فدور قضاء الاحداث في السياسة الجنائية يتمثل اساسا في ضرورة التركيز على نهج سياسة جنائية حديثة عند تعامله مع ظاهرة جنوح الاحداث، وذلك بالتركيز على حماية الحدث من الجريمة ومنع تكراره لها[23]. ويمارس تكريسا لهذه السياسة عدة مهام تندرج اما في اطار حماية الاحداث سواء من خلال الاحكام القضائية الصادرة في حقهم، او من خلال الاجراءات المتخذة.

ولقد خول المشرع لقاضي الاحداث في اطار مقتضيات قانون المسطرة الجنائية صلاحية اتخاذ تدابير في حق الحدث الجانح، او الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية، وترك له سلطة تقديرية لاتخاذ الاجراء الملائم تبعا لطبيعة الفعل المرتكب وشخصية مرتكبه وظروفه، وينبغي ان تركز مهمته هاته بالاساس على توفير الحماية القضائية للحدث الجانح تمشيا مع الدور الاصلاحي لقضاء الاحداث واعطاء الاولوية لتدابير الحماية والتهديب وجعل العقوبة استثناء فقط مع وضع حدود وقيود على سلطة القاضي التقديرية للنطق بعقوبة سالبة للحرية[24]. ولا يتاتى ذلك الا بقيام قاضي الاحداث بدراسة لشخصية الحدث الجانح وذلك من خلال دراسة تكوينه الطبيعي وانفعالاته النفسية وحالته الاجتماعية، وذلك حتى يتمكن من اتخاذ التدبير الملائم والذي يفضي الى حماية الحدث وانقاده واعادة ادماجه.

فبالرغم من الاهمية التي للتدبير والمتجلية في مساعدة الحدث واعادة تربيتهم، على اعتبار ان جنوحهم ينبغي ان يواجه بمعاملة اجتماعية تقوم على اساس التربية والتقويم والتاهيل لبناء شخصيتهم[25]، الا ان هذا لا يقصي العقوبة السالبة للحرية وخول القانون بذلك سلطة الملاءمة للقاضي لاختيار ما يلائم الحدث، ويستند القاضي في سلطته هاته الى الظروف الشخصية للحدث ونوع الجريمة التي ارتكبها. وحتى وان اختار قاضي الاحداث العقوبة السالبة للحرية فان عليه ان يؤسس قراره على كون تدابير الحماية والتهذيب غير كافية لوحدها لتاهيل الحدث الجانح واعادة ادماجه لاعتبارات شخصية تتعلق بخطورة الحدث[26] وهذا ما ورد صراحة في المادة 482 من ق.م.ج الذي نص على امكانية تعويض واكمال التدابير بعقوبة حبسية او مالية بالنسبة للحدث المتراوح عمره بين 12 و 18 سنة وذلك متى ارتات ان ذلك ضروري بالنظر الى شخصية الحدث الجانح. وتقدير هذه الامور مناط بقاضي الاحداث، الذي يتوصل الى هذه المعطيات من خلال دراسته لشخصية الحدث، عن طريق البحث الاجتماعي الذي يجريه للحدث[27]، وعلى مستوى ابتدائية السمارة فان البحث الاجتماعي يتكلف قاضي الاحداث بانجازه، من خلال الاستماع الى الحدث لتحديد ملامح شخصيته، والتعرف على ظروفه الاجتماعية.

فقاضي الاحداث يساهم من خلال سلطة الملاءمة الممنوحة له في عملية الادماج، على اعتبار ان دراسته لشخصية الحدث وظروفه تفضي به ال اختيار الاجراء الذي من شانه اصلاح وتقويم سلوكه، فان ظهر ان جنوحه خطير حكم بعقوبة سالبة للحرية، اما ان كان فعله بسيطا فانه يحكم بتدبير، وهذا كله يخدم سياسة الادماج. وقد بلغ عدد قضايا الاحداث المحالة على المحكمة الابتدائية بالسمارة برسم سنة 2013،  23 قضية خلال الدورة الاولى من السنة فيما بلغ مجموعها في الدورة الثانية نفس العدد وارتفع خلال الدورة الثالثة ليصل الى 30 قضية[28] بخلاف الوضع في ابتدائية انزكان والتي وصل فيها عدد قضايا الاحداث 663 اغلبها قضايا السرقة[29]، واغلبية القضايا الخاصة بالاحداث غالبا ما يتخذ فيها اجراء التسليم للوالدين، وغالبا ما يتم اجراء الصلح في بعض القضايا كالسرقة مثلا، فيكون مصيرها ايقاف اجراءات الدعوى العمومية. وهو ما يوضح مدى مساهمة قاضي الاحداث في سياسة الادماج، حيث يتم التركيز على دراسة وضعية الاحداث وشخصياتهم وبساطة افعالهم، وكذا ظروفهم الاجتماعية لاتخاذ التديبر الملائم.

كما يظهر كذلك دور قاضي الاحداث من خلال اختيار التدبير الذي يلائم شخصية الحدث، فذا كان الفصل 481 من .م.ج قد نص على مجموعة من التدابير التي يمكن اتخاذها في حق الحدث الجانح، فان صلاحية اختيار التدبير الملائم للحدث مناطة بقاضي الاحداث الذي ياخذ بعين الاعتبار عند تحديده للتدبير ظروف الحدث وشخصيته وطبيعة الفعل المرتكب، ويلاحظ انه على مستوى المحكمة الابتدائية بالسمارة فغالبا ما يلجأ لتدبير تسليم الحدث لابويه بالنظر الى بساطة الافعال المرتكبة، وتنازل الطرف المشتكي وكذا غياب اماكن لايداع الاحداث او الاصلاحيات وتواجدها فقط بمدينة العيون.

وعلاقة قاضي الاحداث بالحدث الجانح لا تنقطع بمجرد اتخاذ التدبير الملائم في حقه، او الحكم بالعقوبة الملائمة، وانما يمكنه تتبعه بحيث اعطاه القانون صلاحية تغيير التدبير واعادة النظر فيه، وهذا ما ورد في المادة 501 من ق.م.ج، وهذا ايضا وجه من اوجه المساهمة في عملية الادماج على اعتبار ان قاضي الاحداث يبقى مواكبا للحدث ومواكبا للتدبير الذي يلائم الحدث

وقد نص المشرع نص على سرية قضايا الاحداث، وذلك بهدف تحاشي تاثر نفسية الحدث بجو المحاكمة بشكل يعوق عملية الادماج[30]. فلا شك ان للمحاكمة اثر بالغ في نفسية الحدث، ومن شأن جعلها علنية تخويف الحدث وهو ما سيؤثر على البرامج الاصلاحية التي ستتبع لادماجه وتقويم سلوكه.

نخلص اذن الى ان قاضي الاحداث يتدخل في عملية الادماج من خلال الاحكام التي يصدرها، وكذا تغيير التدابير التي سبق الحكم بها، وهو ما يظهر بشكل اساسي في الاحصائيات السابق ايرادها والتي تؤكد قيام القضاء بالدور المناط به على اكمل وجه، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو ما مدى نجاح التدابير المتخذة من قبل القضاء في اصلاح الاحداث وعدم عودتهم الى الاجرام مجددا؟ خاصة وان البعض يعتبر ان تنامي ظاهرة العود في صفوف الاحداث بمثابة مؤشر على فشل التدابير المتخذة في حق الاحداث[31]، ونعتقد خلافا لهذا الراي ان ظاهرة العود في صفوف الاحداث وان كانت موجودة في الواقع العملي، الا انها لا تعتبر بتاتا مؤشرا لفشل التدابير المتخذة، وانما قد تكون راجعة الى عدم تقبل الحدث للتغيير وعدم استعداده للتغيير.

زيادة على دور قضاء الاحداث في عملية الادماج والذي تجسده الاحكام التي يصدرها في اطار المقاربة الاجتماعية للجرائم التي يقترفها الاحداث، يقوم قضاة الاحداث بمجموعة من الاجراءات التي تهدف كذلك الى ادماج الحدث الجانح وتعديل سلوكه، ومن بينها عملية تفقد الاحداث وزيارتهم من قبل قاضي الاحداث اضافة الى بعض الاجراءات ذات الصلة بالسجل العدلي.

فبالنسبة لزيارة الاحداث، فان قضاة الاحداث يقومون بتفقد الاحداث المودعين بمراكز ومؤسسات استقبال الاحداث والمعتقلين مرة في الشهر للاطلاع على سير الاعمال التربوية ومدى ملاءمة هذه المؤسسات للاحداث وتفقد احوالهم، وتختم هذه الزيارة بتحرير تقرير يضمنه مختلف ما عاينه خلال هذه الزيارة، ولا شك ان لهذه الزيارة اهمية بالغة في تسهيل ادماج الحدث، على اعتبار انها تمكن القاضي من الوقوف على ظروف المؤسسات التي يودع بها الحدث ومدى استجابتها لمعايير وشروط تحترم الكرامة الانسانية، وتوفر للحدث كل من شأنه اصلاحه، كمركز للتكوين والتعليم وشروط الصحة والنظافة. وللاشارة فعلى مستوى ابتدائية السمارة لاوجود لهذا الاجراء على اعتبار ان مراكز ايداع الاحداث غير متواجدة بالمدينة وهو مايجعلهم نادرا ما يلجؤون الى الحكم بايداع الاحداث بالمؤسسة السجنية المتواجدة بالسمارة او العيون .

اما بخصوص دور قاضي الاحداث فيما يتعلق بالسجل العدلي، فانه يتمثل اساسا في تدخله لالغاء البطاقة رقم 1، فاذا كان السجل العدلي للاحداث تسجل فيه الاحكام الصادرة في حق الحدث سواء تعلق الامر بعقوبة سالبة للحرية او تدابير الحماية والتهذيب، وهو ما لا يتلاءم مع خصوصيات جرائم الاحداث، على اعتبار ان السجل العدلي يمارس دورا اقصائيا يتمثل في الحرمان من بعض الحقوق كالحق في الشغل[32]، فان القضاء يتدخل للحد من هذا الاثر السلبي.

فالقانون لم يشر الى طريقة تسجيل الاحكام الصادرة في حق الاحداث في السجل العدلي، مما يعني خضوعها للقواعد العامة باعتبارها مقررات صادرة بالادانة[33]، علما ان تدابير الحماية والتهذيب لا تسجل الا في البطاقة رقم 2 المسلمة للقضاء والمصلحة المكلفة بالحرية المحروسة خلافا للحكم القاضي بعقوبة سالبة للحرية[34]. ودور القضاء كما سبقت الاشارة يتمثل اساسا في الحد من اثار السجل العدلي، حيث خولت المادة 507 من ق.م.ج لقاضي الاحداث بعد انصرام اجل ثلاث سنوات من يوم انتهاء مدة تدابير الحماية والتهديب، ان تاكد من حسن سيرة الحدث، ان يامر بالغاء البطاقة رقم 1 المتضمنة للتدبير المتخذ في حق الحدث اما تلقائيا او بناء على طلب النيابة العامة او الحدث او ممثله القانوني او وصيه او كافله او الشخص او المؤسسة المكلفة برعايته، ويمكن الطعن في المقرر القاضي بالرفض امام الغرفة الجنحية للاحداث لدى محكمة الاستئناف. وحسب المادة 663 من ق.م.ج فان البطاقة رقم 1 تسحب من السجل العدلي وتتلف، والملاحظ ان المشرع لم يشر الى هذه المسالة فيما يتعلق بالعقوبات السالبة للحرية، وانما اقتصر فقط على تدابير الحماية والتهذيب، الا ان الممارسة العملية تسير في اتجاه اخضاع المسألة للقواعد العامة، وبالتالي يبقى للحدث طريق العفو لمحو العقوبة[35]. وحبدا لو كان المشرع نص على نفس الاجراء بالنسبة للعقوبة السالبة للحرية، على اعتبار ان هذه العقوبة تحول دون ممارسة الحدث لحياته الطبيعية بعد خروجه من المؤسسة السجنية، فما جدوى التعليم الذي يتلقاه الاحداث بالمؤسسة السجنية اذا كانت تلك العقوبة المحكوم بها تمنعهم من الانخراط في الميدان العملي؟

وعموما فان اعطاء القضاء صلاحية اتلاف البطاقة رقم 1 الخاصة بالاحداث، بمثابة اشراك له في تيسير سبل الادماج، ولو ان هذا الاجراء قاصر فقط على تدابير الحماية والتهذيب، لان هذا الاجراء يحمل في طياته حماية للحدث الجانح، حتى لا يجد هذا الاخير نفسه مثقلا بسوابقه القضائية. ولم سبق لقضاء الاحداث على مستوى المحكمة الابتدائية بالسمارة ان اتلف البطاقة رقم 1 الخاصة بالاحداث، ولم يسبق التقدم بهذا الطلب سواء من النيابة العامة او من او من الحدث او كل الاشخاص الذين لهم صلاحية تقديم هذا الطلب والواردين في المادة 507 من ق.م.ج.

كانت هذه اذن بعض اوجه تدخل قضاء الاحداث في تسهيل عملية ادماج الاحداث، والملاحظ انه بالرغم من ان النصوص القانونية غنية بالاجراءات التي من شأنها المساهمة في ادماج الحدث واصلاح سلوكه، الا ان الممارسة العملية لا تفعل الا بعض الاجراءات، ونعتقد ان ذلك راجع بالاساس الى كثرة انشغالات قضاء الاحداث بقضايا اخرى، فحبدا لو تم التخصص في قضايا الاحداث، بحيث لا يشرك قاضي الاحداث في مختلف القضايا التي تعج بها المحاكم، وانما يقتصر فقط على البت في الملفات الخاصة بالاحداث، حتى يتمكن من تفعيل مختلف المقتضيات القانونية التي تخدم سياسة اصلاح الحدث الجانح.

اما بالنسبة لقضاء الاحداث، فبالرغم من اهمية مختلف المقتضيات القانونية الخاصة بالاحداث، والتي تعطي نوعا من الليونة في التعامل مع قضايا الاحداث بغية اصلاحه، الا ان هناك بعض النصوص الجامدة، والتي من شأن تفعيلها زيادة الضمانات الممنوحة في التعامل مع قضايا الاحداث.

اما بالنسبة للزيارات التي ينبغي ان تقوم بها السلطة القضائية للمؤسسات السجنية، فبالرغم من اهمية هذه الزيارات، المتجلية في الوقوف على مكامن الخلل والنقص داخل المؤسسات السجنية، الا انه نادرا ما يتم القيام بها، وقد راينا انه على مستوى المحكمة الابتدائية بالسمارة ان هذه الزيارات غائبة تماما باستثناء الزيارات التي تقوم بها النيابة العامة للمؤسسات السجنية، مما نعتقد معه بضرورة تفعيل زيارات القضاة الى المؤسسات السجنية وعدم الاقتصار على زيارة بعض الاجهزة دون غيرها كما نعتقد بضرورة انشاء مؤسسات اصلاحية لتعم كافة المدن منعا للتنقل بالاحداث وتوفيرا للمؤسسات الاصلاحية التي من شأنها المساهمة في تقويم سلوكهم.

المطلب الثاني خلال المحاكمة

تعتبر مرحلة محاكمة الحدث من اهم المراحل التي تمر منها قضايا الاحداث سواء من حيث الخصوصية المعطاة لها او من حيث كثرة النصوص المنظمة لكل جزئياتها، ومن خلال تلك المقتضيات القانونية يتبين ان دور القضاء في السياسة العقابية قد انتقل من الدور الجزائي الذي يقتصر فقط على ايقاع العقوبة على المتهم، الى دور تاهيلي غايته اتخاذ كل ما من شأنه اصلاح المحكوم عليه، وتحسين سلوكه[36]. الا ان هذا الانتقال مازال يعرف بعض العوائق التي تتمثل اساسا في عدم تفعيل بعض المقتضيات القانونية على ارض الواقع، خاصة مايتعلق بمؤسسة قاضي تطبيق العقوبات، فبالرغم من ان القانون خوله صلاحية تتبع السجناء للالمام بسلوكهم، واقتراح الافراج المقيد بشروط والعفو، الا ان ذلك لا يقع الا نادرا. كما ان مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات وان كان احداثها خطوة محمودة من المشرع، الا ان دورها لا يعدو ان يكون مجرد دور استشاري[37]، بحيث يمكن تصنيف معظم الاختصاصات المخولة له في تقديم الاقتراحات، ومن مظاهر هذا القصور نجد عدم اعطاء قاضي تطبيق العقوبات صلاحية التدخل لتغيير العقوبات المحكوم بها بشكل يخدم عملية ادماج السجين[38].

وفيما يتعلق بالاحداث عموما فان مرحلة محاكمتهم حضيت بتنظيم محكم فبعد مثول الحدث امام قاضي الاحداث الذي يتخذ في حقه التدبير الملائم تاتي مرحلة محاكمته والتي لا تخرج عن اربع مراحل اما ان يحاكم امام غرفة الاحداث الاتدائية والتي تستأنف احكامها امام غرفة الاحداث الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية او امام غرفة الاحداث الاستئنافية او ان ياخذ الفعل الذي ارتكبه الحدث طابعا جنائيا ويمثل امام غرفة الجنايات الابتدائية والاستئنافية وهو ما سنحاول دراسته في الفقرات الموالية

الفقرة الاولى: غرفة الاحداث الابتدائية

يمثل الحدث اثناء محاكمته ابتدائيا من اجل جنحة امام غرفة الاحداث الابتدائية والمكونة من قاضي الاحداث بحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط وقد نظم المشرع هذه المقتضيات في الفصول من 477 ومايليها من قانون المسطرة الجنائية ومن خصوصيات هذه المرحلة ان الجلسة تتميز بطابع السرية فاذا كان الاصل ان الجلسات علنية فانه قضايا الاحداث استثناء تعقد بصفة سرية ولو ان الحكم يصدر علنيا ويتم الاكتفاء في الجلسة بالخصوم ووكلائهم وذوي العلاقة بالدعوى العمومية والشهود واقارب الحدث والمراقبون الاجتماعيون وذلك بهذف الحفاظ عل سمعة وكرامة الحدث ومراعاة سنه وظروفه النفسية والاجتماعية[39] وقد عاينا هذه المسألة خلال فترة التدريب بحيث لم يسمح لنا بولوج قاعة الجلسة المخصصة للبت في قضايا الاحداث بالنظر الى طابع السرية الذي تكتسيه هذه القضايا كما عاينا ان قضايا الاحداث تسجل بسجل خاص بمعزل عن قضايا الرشداء.

وللاشارة كذلك فقد اكد المشرع المغربي من خلال المادة 466 من ق.م.ج على منع نشر اية بيانات عن جلسات الاحداث في اية وسيلة من وسائل الاعلام وفي ذلك حماية لهم وصونا لكرامتهم

وقد عاينا خلال فترة التدريب بابتدائية السمارة ان قاضي الاحداث يقوم اجباريا ببحث اجتماعي للالمام بالظروف النفسية والاقتصادية والاجتماعية للحدث والتي يستشف منها القاضي سبب ارتكاب الحدث للفعل الجرمي المنسوب اليه والملاحظ ان هذا البحث لا يصل الى الدرجة المطلوبة بحيث غالبا ما يقتصر قاضي الاحداث على استجواب الحدث للتاكد من هاته العناصر خاصة وانه على مستوى ابتدائية السمارة هناك غياب للاشخاص المكلفين بالشؤون الاجتماعية والجمعيات والمساعدات الاجتماعيات حتى يتم اسناد هذه المهام اليهم

وتجدر الاشارة الى انه وان كانت جلسة قضايا الاحداث تتميز بالسرية الا ان الاحكام تصدر علنية أي في جلسة علنية وتستأنف هذه الاحكام اما امام غرفة الاحداث الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية او امام غرفة الاحداث الاستئنافية

الفقرة الثانية: غرفة الاحداث الاستينافية بالمحكمة الابتدائية

احدث المشرع في التعديل الاخير الذي طال بعض فصول قانون المسطرة الجنائية غرفة الاحداث الاستينافية بالمحاكم الابتدائية، وتختص هذه الغرفة بالبت في استئناف الاحكام الصادرة في قضايا الاحداث في الافعال التي تقل عقوبتها عن سنتين بمعنى متى ارتكب الحدث فعلال اجراميا لايتجاوز الحد الاقصى لعقوبته سنتين فان الحكم يستأنف امام غرفة الاحداث الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية وتتكون هذه الغرفة من قاض للاحداث بصفته رئيسا وبمشاركة قاضيين اثنين وحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط.

وبالنسبة للقواعد المنظمة لهذه الغرفة فانها لاتخرج عن القواعد المشار اليها في الفقرة السابقة بحيث ان الجلسة تتميز بطابع السرية كذلك شأنها شأن غرفة الاحداث كما ان الاحكام تصدر في جلسة علنية ويمنع نشر بيانات عن هذه الجلسات

وللاشارة فقد عاينا على مستوى ابتدائية السمارة ان القضايا المحالة على هاته الغرفة قليلة جدا ان لم نقل ناذرة بحيث غالبا مالاتستأنف الاحكام الصادرة عن غرفة الاحداث

الفقرة الثالثة: غرفة الاحداث الاستينافية

تختص غرفة الاحداث الاستئنافية في البت في استئناف الاحكام الصادرة عن غرفة الاحداث الابتدائية وذلك في الافعال التي يتجاوز الحد الاقصى لعقوبتها سنتين فما فوق فقد سبق ان اشرنا الى انه بحسب التعديل الذي طال بعض فصول قانون المسطرة الجنائية فاما ان يستأنف الحكم الصادر في جنح الاحداث امام غرفة الاحداث الاستينافية بالمحكمة الابتدائية اذا كان الفعل المرتكب لايتجاوز الحد الاقصى لعقوبته سنتين او يستأنف امام غرفة الاحداث الاستئنافية بمحكمة الاستئناف في الافعال التي يتجاوز الحد الاقصى لعقوبتها سنتين

وتجدر الاشارة الى ان القواعد المنظمة لهذه الغرفة هي نفس القواعد المشار اليها في المرحلتين السابقتين سواء من حيث سرية المحاكمة او علينة الحكم او منع نشر بيانات عن الجلسة…

وتتشكل هذه الغرفة من مستشار للاحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين بحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط[40]

الفقرة الرابعة: غرفة جنايات الاحداث

تنقسم غرفة جنايات الاحداث بمحاكم الاستئناف الى غرفتين وذلك احتراما لمبدا التقاضي على درجتين غرفة جنلايات الاحداث الابتدائية وغرف جنايات الاحداث الاستئنافية وتختص غرفة جنايات الاحداث الابتدائية في البت في الجنايات المرتكبة من قبل الاحداث والتي تحال اليها من المستشار المكلف بالتحقيق طالما ان قضايا الاحداث تحال الزاميا على التحقيق وتتكون هذه الغرفة من مستشار للاحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين بحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط ويمكنها ان تصدر في حق الحدث تدبيرا او اكثر من تدابير الحماية والتهذيب الواردة بالمادة 481 من ق.م.ج ويمكنها استثناء الحكم بعقوبة سالبة للحرية بصفة استثنائية وتستأنف القرارات الصادرة عن هذه الغرفة امام غرفة جنايات الاحداث الاستئنافية والتي تتكون من مستشار للاحداث بصفته رئيسا واربعة مستشارين وبحضور النيابة العامة ومساعدة كاتب للضبط

وتجدر الاشارة الى ان القواعد المنظمة لهاتين الغرفتين هي نفس القواعد المنظمة لبقية الغرف التي تطرقنا اليها سابقا سواء من حيث سرية الجلسات وعلينة الاحكام…

المطلب الثالث: بعد المحاكمة

رأينا بان المشرع قد خص الاحداث بحماية خاصة من خلال المقتضيات  القانونية التي خصهم بها وذلك قبل المحاكمة وخلالها، وقد امتدت هذه الحماية الى مابعد الحماية بحث وضع المشرع قواعد خاصة بالاحداث سواء من حيث طبيعة الاحكام الصادرة في حقهم او من حيث طرق الطعن في هذه الاحكام وكذا اماكن تنفيذها والتي استوجب ضرورة ان تكون معزولة عن الاماكن المخصصة للرشداء حماية للاحداث ثم الصعوبات التي يثيرها تنفيذ الاحكام والتي وقفنا عليها خلال فترة التدريب التي قضيناها بكل من المحكمة الابتدائية بالسمارة ومركز حماية الطفولة باكادير. وسنخصص هذا المطلب لتناول هذه النقاط في اربع فقرات نخصص الاولى لدراسة طبيعة الاحكام الصادرة في حق الاحداث، فيما نتناول في الفقرة الثانية طرق الطعن في الاحكام الصادرة في حق الحدث، ثم اماكن تنفيذ العقوبة او التدبير في فقرة ثالثة وصعوبات تنفيذ الاحكام في فقرة رابعة

الفقرة الاولى: طبيعة الاحكام الصادرة في حق الاحداث

تختلف الاحكام الصادرة في حق الاحداث باختلاف طبيعة الافعال المرتكبة من جهة وباختلاف التكييف القانوني لها، فالفعل اما ان يكون مخالفة او جنحة او جناية

فاذا تعلق الامر بمخالفة فان الاختصاص ينعقد لقاضي الاحداث بالمحكمة الابتدائية ونميز هنا بين حالتين اما ان الحدث يبلغ من العمر مابين 12 و18 سنة هنا فالحكم الصادر اما ان يقضي بالتوبيخ او بالغرامة، اما اذا تعلق الامر بحدث لم يبلغ 12 سنة من عمره فانه في هذه الحالة لايتخذ في حقه الا التسليم لوالديه او حاضنه او الوصي عليه او كافله او الشخص او المؤسسة المعهود اليها برعايته[41].

اما اذا تعلق الامر بجنحة فان الاحكام الصادرة في حق الحدث اما ان تقضي بعدم الاختصاص اذا تبين ان الافعال المرتكبة من قبل الحدث لاتدخل ضمن اختصاصات قاضي الاحداث مع ضرورة البت في نظام الحراسة المؤقتة او الايداع في السجن، كما يمكن لقاضي الاحداث كذلك في الجنح اخضاع الحدث لواحد او اكثر من تدابير نظام الحراسة المؤقتة وذلك بتسليمه اما:

*الى ابويه او الوصي عليه او المقدم عليه او كافله او الى حاضنه ا والى شخص جدير بالثقة

*الى مركز الملاحظة

*الى قسم الايواء بمؤسةة عمومية او خصوصية معدة لهذه الغاية

*الى مصلحة عمومية او مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة ا والى مؤسسة صحية بالاخص في حالة ضرورة معالجة الحدث من التسمم

*الى احدى المؤسسات او المعاهد المعدة للتربية او الدراسة او التكوين المهني او للمعالجة التابعة للدولة او لادارة عمومية مؤهلة لهذه الغاية ا والى مؤسسة خصوصية مقبولة للقيام بهذه المهمة

*الى جمعية دات منفعة عامة مؤهلة لهذه الغاية

ويكون هذا الامر قابلا للاستئناف سواء من قبل النيابة العامة او الحدث او ممثله القانوني او ابويه او الشخص او المؤسسة المكلفة برعايته ويقع الاستئناف امام الغرفة الجنحية للاحداث بمحكمة الاستئناف

كما يمكن لقاضي الاحداث ان يصدر امرا باخضاع الحدث الى فحص طبي او عقلي او نفساني استنادا الى مقتضيات المادة 474 من ق.م.ج وذلك متى ظهر له ان حالة الحدث تستدعي ذلك

ولقاضي الاحداث كذلك ان يتخذ قرار تاجيل البت في قضية الحدث الذي تم عزلها عن قضية الرشداء الى حين البت في قضية هؤلاء الاخرين وذلك بقرار معلل

وقد يقضي الحكم الصادر في حق الحدث ببراءته وذلك في حالة اذا تبين ان الافعال المنسوبة له غير ثابتة في حقه اما في حالة ثبوت الجنحة في حق الحدث ففي هذه الحالة كذلك نميز بين حالتين: اما ان سن الحدث يقل عن 12 سنة وهنا فالحكم الصادر يقضي بتنبيهه وتسليمه لوالديه او وصيه او المقدم عليه او حاضنه او كافله او المكلف برعايته او شخص جدير بالثقة او مؤسسة مرخص لها وذلك في حالة غياب هؤلاء مع امكانية وضعه تحت نظام الحرية المحروسة اما مؤقتا او نهائية الى ان يبلغ سنا معينة لاتتجاوز 18 سنة. وفي حالة اذا تجاوز سن الحدث 12 سنة فانه يطبق في حقه تدبير من تدابير الحماية او التهذيب الواردة بالمادة 481 من ق.م.ج او احدى العقوبات الواردة بالمادة 482 من ق.م.ج، بمعنى ان الحكم اما ان يقضي في حق الحدث بتدبير من التدابير الواردة بالمادة 481 من ق.م.ج او عقوبة حبسية او مالية او الاثنين معا مع ضرورة التعليل، وفي حالة الحكم بعقوبة حبسية مع تدبير فان العقوبة الحبسية تنفذ بالاسبقية وينبغي الاشارة هنا الى الاحكام الصادرة عن قاضي الاحداث امام المحكمة الابتدائية تستانف اما امام غرفة الاحداث الاستينافية بالمحكمة الابتدائية اذا كان الحد الاقصى للفعل المرتكب هو سنتين، او تستانف امام غرفة الاحداث بمحكمة الاستئناف اذا كانت عقوبة الفعل المركب تتجاوز سنتين

واذا كان الفعل المرتكب من قبل الحدث جناية فان الاختصاص في هذه الحالة يكون لغرفة الاحداث بمحكمة الاستئناف، ويقوم المستشار المكلف بالاحداث بدراسة الملف وتوجيه الى الوكيل العام للادلاء بملتمساته، فاذا تبين له ان الافعال ثابتة في حق الحدث فانه يحيل الملف على غرفة الجنايات اما ان كانت الافعال غير مجرمة ا وان القرائن غير كافية فانه يصدر امرا بعدم المتابعة وان تبين ان الفعال جنحة او مخالفة فانه يحيل الملف على المحكمة الابتدائية مع الاشارة الى قابلية هذ الاحكام للاستئناف امام الغرفة الجنحية للاحداث

واذا تبين لغرفة الجنايات للاحداث ان الافعال ثابثة في حق الحدث يمكنها ان تصدر في حقه تدبيرا من تدابير الحماية او التهديب مع امكانية تكميلها بعقوبة في حق الاحداث الذين يتجاوز سنهم 12 سنة

وقد عاينا خلال فترة تدريبنا بالمحكمة الابتدائية بالسمارة ان معظم الاحكام الصادرة عن هذه المحكمة تقضي بتسليم القاصر الى والده وتوبيخه وذلك لغياب مراكز الاصلاح بالمدينة[42] اما في حالات ناذرة فانه يتم ايداع الاحداث بمركز حماية الطفولة باكادير[43]

الفقرة الثانية: طرق الطعن في الاحكام الصادرة في حق الحدث

خص المشرع الاحداث بحماية من خلال منحهم صلاحية الطعن في الاحكام الصادرة في حقهم استنادا الى طرق الطعن سواء العادية او غير العادية وهي الاستئناف والنقض والتعرض واعادة النظر

ويمكن استئناف الاحكام الصادرة في حق الاحداث سواء امام الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية اذا تعلق الامر بالجنح التي يقل الحد الاقصى للعقوبة المقررة لها عن سنيتن، او امام الغرفية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف اذا تعلق الامر بالجنح التي يتجاوز الحد الاقصى للعقوبة المقررة لها سنتين هذا بالنسبة للاحكام الصادرة في الجنح المرتكية من قبل الاحداث، وبالنسبة للاحكام الصادرة في الجنايات المرتكية من قبل الاحداث فانها تستأنف امام غرفة الجنايات الاستئنافية للاحداث بمحكمة الاستئناف

ويمكن كذلك استئناف الاوامر التي تصدر في حق الحدث باخضاعه لتدابير الحراسة المؤقتة ويكون الاستئناف امام الغرفة الجنحية للاحداث استنادا الى مقتضيات المادة 472 من ق.م.ج وعموما فان القواعد المنظمة لاستئناف الاحكام الصادرة في حق الاحداث تنظمها عامة القواعد الواردة في المواد 396 من ق.م.ج ومايليها

اما بخصوص الطعن في الاحكام الصادرة في حق الحدث بالتعرض والمنظم في المواد من 393 الى 395 من ق.م.ج، فان المشرع خول الطعن في الاحكام الغيابية الصادرة في حق الاحداث بالتعرض طبقا للقواعد الواردة في الفصول 393 الى 395 من ق.م.ج

اما بخصوص الطعن بالنقض في الاحكام الصادرة في حق الاحداث وفقا للقواعد الواردة بالمواد من 534 ومايليها من ق.م.ج شرط توفر الاسباب الواردة في المادة 534 من ق.م.ج

الفقرة الثالثة: اماكن تنفيذ العقوبة او التدبير

تنفذ العقوبات المحوم بها في حق الاحداث سواء في مراكز حماية الطفولة او في المؤسسات السجنية، وقد عاينا على مستوى مركز حماية الطفولة باكادير وجود مجموعة من الاحداث اللذين صدرت في حقه احكام لارتكابهم افعال السرقة، كما يمكن ايداع الاحداث بالمؤسسات السجنية شرط توفير جناح خاص بهم بعيدا ويمعزل عنم الرشداء منعا لتلقينهم تقنيات الاجرام

وقد عاينا خلال فترة التدريب التي قضيناها بابتدائية السمارة ان الاحكام غالبا ماتقضي بتسليم الحدث الى وليه اعتبار الى غياب المؤسسات الاصلاحية بالمدينة فضلا عن غياب مؤسسة سجنية، وانه في الحالات النادرة التي يتم فيها ايداع الاحداث بمراكز حماية الطفولة او المؤسسانت السجنية يتم تنقيلهم الى كل من اكادير والعيون

الفقرة الرابعة: صعوبات تنفيذ الاحكام

سبق وتطرقنا الى طبيعة الاحكام الصادرة في حق الاحداث وراينا مختلف القواعد التي خص بها المشرع الاحداث حماية لهم، ومن بين هذه الاحكام الحكم القاي باتخاذ تدبير معين في حق الحدث

وعلى مستوى القانون فان المشرع قد خص المشرع بترسانة قانونية جسدتها مجموعة من القواعد التي نظمت اجرام الاحداث وكيفية التعامل معه ومعالجته، الا انه على مستوى العملي فان الاحكام الصادرة في حق الاحداث تواجه بصعوبة لعدة اسباب منها ماهو واقعي يتمثل في غياب مجموعة من المؤسسات التي ظلت حبيسة القانون فقط دون وجودها على ارض الواقع، ومنها ماهو اجرائي يتعلق بطول المساطر وتعقيدها وبطئ الاجراءات. فاذا تاملنا في النصوص المنظمة للاحداث خاصة المادتين 471 و481 من ق.م.ج فان المادة 471 من ق.م.ج نصت على اخضاع الحدث لتدابير نظام الحراسة المؤقتة وذلك بتسليمه لمجموعة من المؤسسات سواء مؤسسات رعاية الطفولة او مؤسسات للتكوين او مركز للملاحظة وعمليا فان هذه المؤسسات اما غير موجودة على الاطلاق او انها لاتتوفر بكل المدن فمثلا على مستوى مدينة السمارة لاجود لاية مؤسسة مخصصة لرعاية الطفولة ونفس الشيء بالنسبة للمادة 481 من ق.م.ج والخاص بتدابير الحماية والتهذيب التي يقال عنها نفس ماقيل عن سابقتها

فضلا عن ذلك فقد خول المشرهع امكانية عرض الحدث على مؤسسة علاجية سواء متخصصة في العلاج الطبي او العقلي وفي الواقع فان هذا الاجراء ناذرا ان لم نقل لا يتم الاخذ به بتابتا خاصة نع غياب المؤسسات العلاجية مخصصة لاستقبال الاحداث.

وعموما فان تنفيذ الاحكام الصادرة في حق الاحداث يواجه بعدة صعوبات اقتصرنا على ذكر البعض منها

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

“السجن بناء مقفل، ويوضع فيه الاشخاص المتهمون في انتظار محاكمتهم او تنفيذ الاحكام الصادرة عنهم”

 

 

اندري ارمازيت

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: دور المؤسسات الاصلاحية في اعادة التاهيل

يعتبر قانون السجون 23-98 قفزة نوعية في مجال مراعاة حقوق السجناء، حيث تضمن مقتضيات تنهل من المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وكذا الشروط النمودجية الدنيا لمعاملة السجناء وغيرها من الصكوك الدولية. فقد جاء هذا القانون لعقلنة وتنظيم المؤسسات السجنية، وتغيير المنظور التقليدي لوظيفتها، والحفاظ على امنها وسلامة وكرامة السجين، وكل ذلك في سبيل خلق توافق بين معادلتي العقاب وكرامة السجين، والذي لن يتاتى الا باستحضار دور المؤسسة السجنية كعامل اصلاحي وكمؤسسة للتاهيل والتكوين من اجل اعادة الادماج[44]، وكذا بالاعتماد على مقاربتين مقاربة امنية من جهة، وكذا مقاربة اصلاحية، مع محاولة التوفيق بينهما وعدم تغليب احداهما على الاخرى، حرصا على التوازن داخل المؤسسات السجنية.

وزيادة على هذه المقتضيات القانونية التي ترمي اساسا اصلاح السجين وتقويم سلوكه، فان الدولة ركزت على انشاء مركبات سجنية تضمن الظروف الملائمة لاصلاح السجين واعادة تاهيله. الا ان التساؤل الذي يثار في هذا الصدد هو مدى تطبيق هذه المبادئ الحقوقية في الفضاء السجني، والمعيقات التي تحول دون ذلك؟

وتجدر الاشارة الا انه بالنسبة للاحداث فلم يغفل المشرع تخصيصهم بمؤسسات تراعي وضعيتهم وهي المؤسسات الاصلاحية الهادفة بالاساس الى اصلاح الحدث واعادة تاهيله كما انه في حالة ايداعه بمؤسسة سجنية فقد خص المشرع الاحداث باجنحة خاصة بالاحداث بمعزل عن الرشداء حماية لهم. وسنحاول في هذا الفصل الاطرق لدور المؤسسات الاصلاحية في اعادة التاهيل وذلك من خلال الحديث على مختلف الرامج الكوينية والتاهيلية التي تحدثها المؤسسات السجنية والاصلاحية لفائدة الاحداث وذلك استنادا الى ماهو عليه الامر في الاصلاحية المتواجدة بالعيون والمؤسسات السجنية بنفس المدينة

المطلب الاول: الاطار القانوني للمؤسسات الاصلاحية

يعتبر السجن مؤسسة قديمة خصصت لايداع المجرمين، عرفت في ظل القانون الروماني واستعملت انداك لدواعي سياسية، حيث كانت تضم كل من هو معاد لسلطة الحاكم، وكانت السجون في العصور الوسطى تتخذ شكل منشات قديمة وحصون وقلاع[45]، لكن مع بروز موجة حقوق الانسان وايلاء الاهمية للكرامة الانسانية ظهر نوع جديد من السجون هدفه الاساسي اصلاح السجين واعداده للاندماج داخل المجتمع، وذلك انسجاما مع العقوبة التي انتقلت من وسيلة للايلام الى الية للاصلاح واعادة التاهيل.

وقد كان للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان الاثر البالغ في ظهور السجون في حلة جديدة تركز بالاساس على ادماج السجين وتقويم سلوكه، حيث انخرط المغرب كغيره من الدول في موكب حقوق الانسان، واستجاب لنهج الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الانسان وحقوق الطفل وجعل قوانينه منسجمة مع المبادئ العامة لهذه الاتفاقيات، وكان نتاج ذلك صدور القانون 23-98 الصادر الامر بتنفيذه في 25 غشت 1999 موافقا وملائما للقواعد النمودجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدها مؤتمر الامم المتحدة الاول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين وكذا لمبادئ الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان، وقد جعل هذا القانون من المؤسسة السجنية مكانا لاصلاح السجين وذلك للتمهيد لادماجه، ومنحه حقوقا تصون كرامته وتجعله على اتصال بالعالم الخارجي. ومن اهم مظاهر هذا الاهتمام منح السجين حق التواصل مع العالم الخارجي وعدم عزله[46] اضافة الى فتح اوراش عمل في مختلف الحرف على مستوى المؤسسات السجنية، كما سمح هذا القانون بتظافر جهود عدة فعاليات لانجاح عملية الاصلاح.

كما حضي السجناء بالاضافة الى المقتضيات القانونية التي اكدت على العناية بهم، بالتفاتة مولوية في اطار التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله في خطاباته التي ما فتأت تحت على منح السجناء كافة حقوقهم، والعناية بالمؤسسات السجنية لتضمن ظروف العيش الكريم. وهكذا اكد الخطاب الذي القاه جلالتة لدى ترأسه افتتاح السنة القضائية 2003 يوم 29/01/2003 بالقصر الملكي باكادير عناية جلالته بهذه الشريحة من المجتمع، حيث ركز على ضرورة بناء مركبات سجنية مدنية وفلاحية حديثة تراعي انسانية السجين وتحفظ كرامته. وقد تم تفعيل مضامين الخطاب الملكي السامي بحيث بدات الدولة في انشاء سجون، فضلا عن الاهتمام بالوضعية المادية لايواء المعتقلين وتحسين ظروف اقامتهم والعناية بتغديتهم ونظافتهم وتطوير برامج التكوين والتعليم وفتح السجون في وجه المجتمع المدني[47] . وقد تم انشاء عدة مؤسسات سجنية جديدة منها المؤسسة السجنية بايت ملول اضافة الى المركب السجني بمراكش ومؤسسات اخرى روعيت فيها انسانية السجين وكرامته. فاذا كانت السجون حسب اعتقاد البعض مصدرا رئيسيا للاجرام ومكانا لانتاج الجنوح[48]، فان الواقع خلاف ذلك، على اعتبار ان المؤسسات السجنية اصبحت اماكن لعلاج الجنوح واصلاح المجرمين، خاصة مع ازدياد جهود الدولة في تاهيل الفضاءات السجنية سواء بنيويا او ماديا او بشريا.

الفقرة الاولى: دراسة القانون المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية

سبق واشرنا الى السياسة العقابية التي اصبحت تنهجها الدولة والهادفة بالاساس الى اعادة تاهيل الجانحين واصلاحهم واعادة ادماجهم، فاصبحت العقوبة توجه نحو الاصلاح والتاهيل الاجتماعي بدل القسوة والانتقام، وسيرا على هذا التوجه فقد اصبحت المؤسسات السجنية مكانا لاصلاح الجاني بدل الانتقام منه، وبالرجوع الى قانون السجون رقم 98/23 نجد تجليات المعاملة الفارقية التي حضي بها الاحداث من خلال تخصيص اجنحة منعزلة للاحداث ولكل فئة على حدة فضلا عن التوفر على تنظيم اداري ونظام امني يحقق الادماج، كما نص عل ضرورة تنظيم برامج اصلاحية سواء تعليمية او تكوينية وانشاء مرافق رياضية. وقد قسم المشرع المؤسسات السجنية الى مجوعتين: سجون محلية لايواء المعتقلين احتياطيا والمحكومين بعقوبات قصيرة الامد والمكرهين بدنيا ثم مؤسسات سجنية لايواء المدانين. كما نص على ضرورة فصل المؤسسات المخصصة للنساء عن التي تخصص للرجال فضلا عن توفير احياء مستقلة لايواء الاحداث واللذين لاتتعدى اعمارهم 20 سنة، كما تبنى المشرع كذلك نظام الفصل وذلك حماية للسجناء، حيث اكدت المادة 6 على ضرورة فصل المعتقلين الاحتياطيين عن المدانين والمكرهين بدنيا عن المعتقلين الاحتياطيين وعن المدانين فضلا عن تخصيص اماكن للمعتقلين المرضى.

وفيما يتعلق بالضبط القضائي بالمؤسسات السجنية، فقد اكد القانون على ضرورة مسك سجلات اعتقال وسجلات اخرى وذلك لتنظيم تاريخ دخول المعتقلين وخروجهم، وخول المشرع للمعتقلين صلاحية وامكانية اخبار عائلاتهم او اي شخص له مصلحة في ذلك بمكان اعتقاله، وبالنسبة للاحداث فان مدير المؤسسة هو من يتولى اخبار ابويه او وصيه او كافله او اشعار النيابة العامة عند عدم وجود اي واحد منهم، وخول المعتقلين صلاحية تلقي المعلومات سواء المتعلقة باعتقالهم او الادلاء بعناوين واسماء الاشخاص الذين يمكن الاتصال بهم، فيما يسجل مدير المؤسسة في بطاقة معلومات اسم وعنوان وهاتف الابوين او الوصي او الكافل ان تعلق الامر بحدث جانح. ولقد جعل المشرع من جهاز النيابة العامة الجهاز الساهر على النظام وحماية المعتقلين بالمؤسسات السجنية بحيث استوجب ضرورة اشعارها في حالة وفاة المعتقل او استشفائه او حدوث حادثة معينة، كما ان حق المعتقل في المعلومة يقتضي اعلامه بالقوانين والمقتضيات الاساسية الواردة بالقانون والنصوص والضوابط الصادرة تطبيقا له، واخباره بحقوقه وواجباته فضلا عن كل المعلومات المتعلقة بالعفو والافراج المقيد بشروط، وترحيل المعتقلين وكل المعلومات المفيدة وذلك بتسليمه دليلا او اخباره شفويا اذا كان اميا وعند الافراج عنه يتسلم بطاقة خروج تتضمن مجموعة من المعلومات الواردة بالمادة 27 من قانون السجون

وقد راعى المشرع عند تناوله لتوزيع المعتقلين مجموعة من المعطيات التي تهم توزيع المعتقلين سواء بالنظر الى سنهم وسكنى عائلاتهم وحالتهم وسوابقهم وحالتهم الصحية والبدنية والعقلية ومؤهلاتهم وقد راعى المشرع كذلك وضعية النساء المرفقات باطفال بحيث خصهن باحياء خاصة ودور حضانة استنادا الى المادة 34 من قانون السجون، كما خول للسجناء امكانية العمل داخل المؤسسة السجنية او متابعة دراستهم او تكوين مهني مع الاشارة الى ان ممارسة العمل تخضع للقوانين والقواعد المنظمة للشغل سواء فيما يتعلق بساعات العمل والراحة الاسبوعية والعطل وتخصيص اوقات للراحة والاكل والفسحة والانشطة التربوية والترفيهية وحماية امنهم وصحتهم، فضلا عن الاستفادة من المقتضيات الخاصة بحوادث الشغل والامراض المهنية، ويتقاضى السجناء مقابلا عن العمل الذي يزاولونه يحدد مبلغه بقرار مشترك لوزير المالية ووزير العدل.

ويتفيد السجناء من رخص استثنائية للخروج بشروط وذلك في مناسبات الاعياد الوطنية والدينية حفاظا على الروابط الاسرية والعائلية، وتهيئهم للاندماج في المجتمع.

وقد يتضمن قرار رخصة الخروج شروطا واجراءات للحراسة والمساعدة، ويجب تطبيق الشروط المحددة في قرار منح الرخصة خاصة الرجوع للمؤسسة عن طواعية وداخل الاجل المحدد تحت طائلة التعرض لعقوبات تاديبية. واعتبارا لكون المؤسسة السجنية تهدف بالاساس الى اصلاح السجين واعادة ادماجه، فان هذا الهدف يكون موازاة مع الهاجس الامني الذي يسيطر على هذا المؤسسات حفاظا على النظام داخلها، وقد خص المشرع الانضباط والامن داخل المؤسسات السجنية بعدة مقتضيات نظمها الباب الرابع من قانون السجون، بحيث وضع القواعد الواجب مراعاتها من قبل السجناء ثم مايترتب عن خرق هذه القواعد اي تاديب السجناء، وفيما يتعلق بالامن داخل المؤسسات السجنية فانه يتوجب على مدراء المؤسسات السجنية السهر على تطبيق ضوابط الحفاظ على النظام والامن داخل هذه المؤسسات، وعلى هذا الاساس فقد نظم المشرع طرق الحفاظ على الامن داخل المؤسسات السجنية والاثار المترتبة عن الاخلال بقواعد النظام داخلها، كما اقر مسؤولية مدير المؤسسة السجنية عن حالات الهروب والحوادث التي قد يتعرض لها المعتقلون.

ونزولا عند رغبة المشرع في تكريس الدور الاصلاحي للمؤسسة السجنية، فقد نظم المقتضيات الخاصة بعلاقات المعتقلين مع الخارج، وذلك تسهيلا لاعادة ادماج السجين داخل وسطه العائلي عند الافراج عنه، وهكذا منح للسجين حق الزيارة اي استقبال عائلته واوليائه كما خوله حق المرسلات اي توجيه رسائل وتلقيها وتقديم الشكايات.

وينبغي الاشارة الى ان المشرع قد اولى السجين عناية خاصة بحيث اوجب ضرورة اعتقاله في ظروف ملائمة للصحة والسلامة مؤكدا على تهيئة البنايات وصيانتها وسير المصالح الاقتصادية بها وقواعد النظافة والرياضة والتغذية. مع ضورة مراعاة المؤسسات السجنية لمتطلبات الصحة والنظافة، وقد وضع المشرع داخل المؤسسات السجنية اطر طبية ومصالح طبية للسهر على صحة السجناء وسلامتهم كما خول للسجين حق الاستشفاء، وبالاضافة الى العناية الصحية فقد نص المشرع كذلك على العناية الروحية والفكرية، بحيث خول للسجناء صلاحية ممارسة شعائرهم الدينية واالابداع الفكري والفني، ويمكنه التوصل بالصحف والمجلات والكتب.

ان دراسة المقتضيات القانونية الخاصة بالسجين توضح بجلاء مدى سهر وحرص المشرع على سلامة وصحة السجين وضمان سبل العيش الكريم له، فرغم الهاجس الامني الذي يغلب على المؤسسات السجنية حفاظا على الامن داخلها الا ان ذلك لم يمنع المشرع من وضع قواعد تستجيب لمتطلبات الامن من جهة وكذا للهدف المتوخى من المؤسسة السجنية والذي هو ادماج السجين واصلاحه واعادة تاهيله

الفقرة الثانية: دراسة المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية

صدر المرسوم رقم 485-00-2 الذي يحدد كيفية تطبيق القانون رقم 98/23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية بتاريخ: 03/11/2000 وتناول المرسوم واجبات الموظفين ومهام المراقبة والاطلاع على الاموال، بحيث حرص المشرع على وضع قواعد محددة ودقيقة لتنظيم عمل موظفي المؤسسات السجنية وانضباطهم وذلك للحفاظ على الامن والنظام داخل المؤسسة السجنية، كما نظم قواعد دخول المؤسسات السجنية وقواعد الاتصال بالمعتقلين، بالرغم من كون المؤسسات السجنية تتوفر على انظمة داخلية، الا ان ذلك لم يمنع المشرع من وضع قواعد محددة وذلك لما للهاجس الامني والنظام من اهمية داخل المؤسسة السجنية، اما فيما يتعلق بالضبط القضائي بالمؤسسة السجنية، فقد وضع المشرع قواعد متعلقة بمسك سجلات الاعتقال وذلك لتسهيل عملية ضبط السجناء، فضلا عن بطاقات اعتقال وتكوين ملفات شخصية خاصة بكل سجين لتقييم سلوكه وحالته الصحية والاجتماعية وكل الملاحظات المتعلقة به، وقد اكد المشرع مرة اخرى على مسألة توزيع السجناء وتصنيفهم مراعاة لمقتضيات المادة 29 من قانون السجون. كما حدد الانشطة المزاولة من قبل المعتقلين والانضباط والامن داخل المؤسسة السجنية

وتشجيعا للسجناء على انضباطهم وحسن سلوكهم بالمؤسسة، فان المشرع وضع مجموعة من التدابير التشجيعية التي من شأنها المساهمة في اعادة الادماج الاجتماعي دون الخروج عن قواعد الانضباط والامن ودون اغفال الهاجس الامني. كما نظم المشرع مسألة ترحيل المعتقلين سواء ترحيلا اداريا او قضائيا، ونص على تدبير اموال المعتقلين والعناية بهم وحفظ امتعتهم والعناية بهم سواء العناية بتغذيتهم او بملابسهم او بنظافتهم او صحتهم،واحداث لجان طبية ومصالح طبية للسهر على صحة السجناء وسلامتهم

وتاكيدا على الدور الاصلاحي للمؤسسات السجنية فقد خص المشرع الباب التاسع من المرسوم لقواعد تاهيل المعتقلين وتسهيل ادماجهم، بحيث نظم كل مايتعلق بالبرامج التربوية والارشاد والتاهيل الديني والمساعدة الروحية والبرامج التربوية التعليمية والتكوين المهني والانشطة الترفيهية والثقافية، فضلا عن تخويل السجناء امكانية الاستفادة من المساعدة الاجتماعية لحل مشاكلهم الشخصية والعائلية والمهنية والمادية، ولهذه الغاية فان المؤسسات السجنية تتوفر على مساعدين ومساعدات اجتماعيين مهمتهم الاستماع الى السجناء ونصحهم لتخطي المشاكل والمعاناة النفسية التي يعانونها.

اذا كان قانون السجون قد وضع قواعد عديدة للعناية بالسجين والحرص على تاهيله واعادة ادماجه، فان المرسوم المطبق له قد كرس هذه القواعد ووسع منها ووضح كيفية العناية بالسجين وسبل ادماجه واصلاحه

الفقرة الثالثة: ضمانات حماية الحدث في القانون المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية

تولي المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج اهمية بالغة للسجين عامة والاحداث خاصة ولكيفية ادماجهم، ويتخذ هذا الاهتمام عدة اشكال وهي: الاعتناء بالوضعية الداخلية للمؤسسات السجنية، اعتبارا لكون هذه المؤسسات مكانا لايواء السجين، حيث يتم الحرص على العناية بها وتوفير كل ما من شأنه صون كرامة السجين وضمان شروط العيش الكريم له. ويتخذ هذا الاعتناء شكلين، فهو اما اعتناء بالبنيات التحتية للمؤسسات، والذي يتجسد من خلال توفير العدد الكافي من المؤسسات السجنية التي تراعي انسانية السجين وتحفظ كرامته. او اعتناء بالموارد البشرية للمؤسسات، والذي يتم في شكل تزويد المؤسسات السجنية بالعدد الكافي من الاطر والموظفين، خاصة المساعدين الاجتماعيين والذين يشكل تواجدهم لبنة اساسية لانجاح عملية الادماج. اما الوجه الثاني لاهتمام المندوبية بالسجين، فيتمثل في ايلاء الاهمية للسجين نفسه، وذلك من خلال الحرص على استفادة السجناء من برامج التعليم والتكوين ومحو الامية، والشغل، فضلا على الحرص على نظافته وتغذيته وصحته.

الفقرة الرابعة: ضمانات حماية الحدث في المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية

سبق واشرنا الى معظم القواعد والمقتضيات التي حضي بها السجين في اطار المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية ولايقل الحدث عن السجين الراشد استفادة من هذه المقتضيات بل تعداه بان خصه المشرع بقواعد خاصة. فسعيا لاعادة ادماج الحدث الجانح فقد احدث المشرع مؤسسات تشرف على سياسة الادماج وهذه المؤسسات هي مراكز الاصلاح والتهذيب ومراكز حماية الطفولة الا انها تعاني من بعض المشاكل سواء على مستوى البنية التحتية او الموارد البشرية والاطر العاملة بها او الاعتمادات المالية المخصصة لتسييرها فضلا عن ظاهرة الاكتظاظ التي تأثر على البرامج الاصلاحية

وعموما فان المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية قد اكد على ضرورة الاعتناء بالمؤسسات المخصصة لايواء الاحداث وذلك سيرا مع الهدف الاصلاحي كما اكد على العناية بلحدث سواء العناية الصحية او العقلية او الثقافية او الفكرية وذلك سعيا لاعادة ادماجه ومحوا لاثار الفعل الجرمي من نفسيته

المطلب الثاني: مهام المؤسسات الاصلاحية

تلعب المؤسسات الاصلاحية دورا هاما في تاهيل الحدث الجانح واصلاحه واعادة ادماجه بحيث تقوم بدور علاجي هدفه معالجة الحدث مما لحق سلوكه من اثار الفعل الجرمي الذي اقترفه. فالمؤسسة الخاصة بالاحداث ترتكز على نوع من التعليم ومحو الامية وذلك بما يتفق وظروف الاحداث واعمارهم، ويجوز الحاق الاحداث بالمدارس الخارجية شرط تحمل المؤسسة المصروفات اللازمة لذلك، كما تقوم المؤسسات بتدريب المحكومين مهنيا وتلقينهم تكوينا مهنيا مع صرف مصروف شخصي لهم في مراحل الدراسة وتطبق في حقهم اعمال تربوية

وتجدر الاشارة الى ان مهام المؤسسات الاصلاحية تتوزع عن الاصلاح اي اصلاح وتقويم سلوك الحدث الجانح ثم التكوين والتاطير حيث يتم تكوين وتاطير الاحداث خاصو والسجناء عامة وذلك لتاهيلهم واعادة ادماجهم تم مهة التاهيل وذلك للاستعداد للعودة للمجتمع ثم اعادة الادماج اي تامين عودة الجاني للانسجام والعيش بالمجتمع بعيدا عن اثار الفعل الاجرامي وسنتناول هذه الادوار في الفقرات الاتية

الفقرة الاولى دور اصلاحي

ان عملية الاصلاح هي اهم تجربة يستفيد منها النزيل خلال اعتقاله والهدف منها اتاحة الفرصة له لتحسين ظروفه وواقعه لقضاء فترة العقوبة في جو يسمح له باكتساب معاريف ومهارات وتعديل سلوكه للحصول على وسائل العيش الكريم اثناء وبعد الافراج عنه تمهيدا لعودته الى الحياة الطبيعية والاندماج في الحياة العملية من جديد.

وتكمن مظاهر الدور الاصلاحي من جهة في العناية بتغذية الاحداث ونظافتهم ثم الاهتمام بالجانب الصحي لهم او توفير الرعاية الصحية

واذا كان المشرع قد نص على ضرورة العناية بنظافة السجين عامة والحدث خاصة والاهتمام بتغديته وسلامته الصحية فانه من الناحية العملية فان ضعف الاطر والمواردج البشرية يحول نوعا ما دون العناية اللازمة فعلى مستوى النظافة فقد عاينا انها متوسطة ونفس الشيء بالنسبة للنظافة والرعاية الصحية بحيث ان مركز حماية الطفولة باكادير لا يتوفر على مصلحة طبية وانما يتم اخذ الاحداث الى مستشفى المدينة، وهذا ماعايناه خلال فترة التدريب التي قضيناها بمركز حماية الطفولة باكادير

الفقرة الثانية: التكوين والتاطير

يعتبر الجهل من بين اهم الاسباب الدافعة الى ارتكاب الجرائم ورغبة من المشرع في اعادة الحدث الجانح فقد نص على ضرورة الحرص على تكوين وتاطير الاحداث الجانحين لتحقيق غاية الاصلاح، وتعمل المؤسسات السجنية على اتباع اساليب تربوية غايتنها تمكين الاحداث الجانحين من متابعة دراستهم او متابعة تكوين مهني معين يؤهلهم للرجوع والاندماج في المجتمع والتوجيه الديني وتثقيفهم لتنمية اتجاهاتهم الاجتماعية وتصحيحها

واذا كان القانون قد نص على ضرورة التعليم والتكوين للسجناء عامة وللاحداث خاصة فانه على المستوى العملي وخلال قضائنا لفترة تذريبية لمركز حماية الطفولة باكادير فقد عاينا ان بعض الاحداث يتابعون دراستهم داخل المؤسسة وهناك البعض منهم يزاولها خارج المؤسسة وبالنسبة للذين يدرسون داخل المؤسسة فان المؤسسة تنظم دروسا لمحو الامية فقط اما اللذين يتابعون الدراسة خارج المؤسسة فانهم يدرسون على نفقة المحسنين، اما بالنسبة لبرامج التكوين المهني فقد عاينا وجود ورش خاص بالنجارة فقط مع الاشارة الى غياب المؤطر باستمرار فلم نعاين حضوره بتاتا خلال فترة التكوين، امام بالنسبة لورش الحدادة فهو مغلق منذ وقت طويل، وهناك فئة من نزلاء المؤسسة يتابعون تكوينا مهنيا خارج المؤسسة في عدة تخصصات كنجارة الالمنيوم.

وعلى العموم فان الواقع العملي في مجال تكوين وتاطير الاحداث الجانحين يطبعه نوع من الحشمة ذلك انه ليس في المستوى المطلوب اعتبارا للطاقة الاستيعابية للمؤسسة والتي تفوق قدرتها وتحول دون نجاح البرامج التكوينية والاصلاحية فعلى مستوى مركز حماية الطفولة باكادير فقد عاينا وجود 333 نزيل برسم سنة 2013 ويؤطرهم خمسة اطر[49] وهو مايوضح عدم الانسجام بين عدد اطر المؤسسة وعدد نزلائها وبذلك عدم فعالية البرامج التكوينية والتاطرية المقدمة، وخلال فترة التدريب فقد عاينا وجود 80 نزيلا بالمؤسسة وغالبا ما يتم الاستعانة بالحارس لضبط النزلاء

الفقرة الثالثة: التاهيل

تهدف الربامج التكوينية التي تنهجها المؤسسات الاصلاحية الى تاهيل الحدث الجانح اي اصلاحه ولاعداده للمجتمع سالما، ويرتبط تاهيل الاحداث الجانحين بالاطر المتوفرة بالمؤسسة فتاهيل الحدث يقتضي ان تكون الاطر الساهرة على الحدث مؤهلة وكفأة ولهم تخصصات في عدة ميادين لمساعدة الحدث على تخطي الصعوبات النفسية التي خلفتها في نفسيته الجريمة المقترفة

وعلى المستوى العملي فان تاهيل الحدث لايحقق النتيجة المطلوبة على اعتبار ان الاطر قليلة جدا مقارنة مع عدد نزلاء المؤسسة من جهة ثم ان تخصصاتهم لا علاقة لها مطلقا بتخصصات علم النفس بل حتى المساعدين الاجتماعيين غالبيتهم العضمى من خريجي تخصصات االجغرافيا والتاريخ واللغة العربية ولاعلاقة لهم مطلقا بعلم النفس وهو ما يعجزون معه على اصلاح الحدث الجانح، وخلال فترة التدريب التي قضيناها بمركز حماية الطفولة باكادير فقد عاينا ان المؤسسة لاتتوفر الا على 5 اطر وان غالبيتهم من خريجي تخصصات الجغرافيا والتاريخ

الفقرة الرابعة: اعادة الادماج

تهدف المؤسسات السجنية والاصلاحية الى اصلاح الاحداث واعادة ادماجهم وانسجاما مع هذه الغاية فقد نص المشرع على ضرورة فصل الاحداث او الاشخاص اللذين لاتتعدى اعمارهم 20 سنة عن الراشدين او توفير حي مستقل لهم كما تتوفر على نظام امني يحقق هدف الادماج كما ان امكانية ادماج الحدث واصلاحه رهينة باجبارية التعليم لتحسين كفاءاتهم وانتاجهم بالمجتمع ولهذه الغاية فانه ينبغي تحفيز الاحداث بكل الوسائل التربوية المتاحة لاستكمال دراستهم وتعليمهم مع لابط مضمين المواد التعليمية بالظواهر والاشكالات الاجتماعية لاعادة الادماج

كما حرص القانون على توفير مرافق التنشيط الرياضي للمساعدة على تكوين شخصية الحدث نفسيا وصحيا

وعلى مستوى مركز حماية الطفولة باكادير فقد عاينا انه لايتوفر على ملعب وحيد لممارسة الانشطة الرياضية ووضعيته ضعيفة وغير صالح وهو ما يجعل عملية الادماج مستعصية نوعا ما بحيث غالبا ماتتحول المؤسسات الاصلاحية الى مكان لانتاج الاجرام بدل تاهيل واعادة ادماج الجانحين

المطلب الثالث: معيقات اعادة الادماج

سبق وتطرقنا الى ان الهدف من المؤسسات الاصلاحية والسجنية لم يعد الانتقام من الجاني وايلامه وانما اصبحت مؤسسات علاجية تهدف بالاساس الى استئصال الاجرام من المجتمع، وتنفيذا لهذا الدور الجديد اصبحت المؤسسات السجنية تهتم بتكوين وتاطير نزلائها وتاهيلهم بغية مساعدتهم في تخطي اثار الفعل الجرمي الذي اقترفوه والعودة الى المجتمع بشكل سليم او مايسمى باعادة الادماج أي مساعدة الجاني على التاقلم من جديد في المجتمع.

وتعمل المؤسسات السجنية والاصلاحية على اتبعا اساليب بغية المساهمة في اعادة ادماج نزلائها بمساعدة عدم فعاليات كالقضاء الذي يلعب دورا رياديا في هذا الشأن اضافة الى الجمعيات والمؤسسات التي تعقد معها شراكات لتشغيل بعض السجناء، الا ان اعادة الادماج هذه تعيقها بعض المعيقات التي تحول دون الوصول الى النتائج المتوخاة ومن هذه المعيقات نجد ظاهرة الاكتظاظ التي تعاني منها المؤسسات السجنية والاصلاحية والتي تحول دون التطبيق السليم للربامج التاهيلية والتكوينة فضلا عن قلة الموارد البشرية بحيث ان عدد الموارد البشرية لا يتناسب مع عدد نزلاء المؤسسات السجنية والاصلاحية

الفقرة الاولى: الاكتظاظ

ان اللجوء الى العقوبات السالبة للحرية بالرغم من انه نهج لردع مرتكبي الافعال الاجرامية، الا انه يحدث اثارا على الجوانب النفسية والروابط الاجتماعية للمحكوم عليه، وينتج عنه بالاساس مشكل الاكتظاظ اضافة الى مشكل العود وانتهاء بالمعاناة النفسية والاجتماعية للمحكوم عليه[50].

فبالنسبة لمشكل الاكتظاظ، فانه مشكل مستفحل باغلبية المؤسسات السجنية، بل هو مشكل حاضر حتى في المؤسسات السجنية الخاصة ببعض الدول، وقد اوضح مدير السجن المحلي عكاشة بالدار البيضاء ان عدد سجناء هذه المؤسسة يبلغ 7920 سجينا، و320 سجينة، مشيرا الى سجون جل الدول تعاني من مشكل الاكتظاظ بحيث بلغ عدد السجناء بسجن بالاردن 6000 سجين، في حين وصل العدد الى 7000 سجين ببلجيكا[51]، اما الولايات المتحدة الامريكية فان عدد المعتقلين بها يبلغ 1933503 معتقلا، والصين 43 الف سجين وروسيا 96 الف سجين[52]. وخطورة مسالة الاكتظاظ تكمن في تاثيره على عملية الادماج، على اعتبار ان السجين في ظل اكتظاظ المؤسسة لا يتلقى الرعاية الكافية لتغيير وتقويم سلوكه، وانما يجد نفسه في وضعية تنمي فيه روح الاجرام وتزيد من انحرافه. كما يؤثر على عملية توزيع السجناء داخل المؤسسات السجنية، فقد اوجب القانون رقم 98-23 ضرورة مراعاة ضوابط معينة عند توزيع السجناء، الا انه امام واقع الاكتظاظ فان هذا التوزيع يبقى مجرد وسيلة لتوفير التوازن بالسجون[53]. وعلى مستوى المؤسسة السجنية بالعيون فانه يتم توزيع السجناء بحسب نوعية الجرائم المرتكبة. ومن اهم اسباب الاكتظاظ كثرة اللجوء الى العقوبات السالبة للحرية، وعدم اعمال بدائل العقوبات السالبة للحرية وكثرة اللجوء الى الاعتقال الاحتياطي.

وينتج عن العقوبات السالبة للحرية خاصة القصيرة الامد مشكل العود، حيث يحكم في بعض الجرائم البسيطة بعقوبات قصيرة الامد، تؤدي الى احتكاك السجين بسجناء اخرين ارتكبوا افعال اكثر خطورة، خاصة وان مسالة عزل السجناء كما سبقت الاشارة وان وردت قانونا الا انه يصعب تطبيق كل مقتضياتها بحذافيرها امام عائق الاكتظاظ، وهو ما يؤدي الى التاثير في السجين.

وتؤدي العقوبات القصيرة الامد كذلك الى شعور السجين بالاحباط نتييجة تغير نمط حياته[54]، الا اننا نعتقد ان هذه المسالة ليست بهذه الدرجة على اعتبار ان جل المؤسسات السجنية كما سبقت الاشارة تحاول توفير الظروف الملائمة للسجين صونا لكرامته. كما ان العقوبات القصيرة الامد تؤثر في عملية ادماج السجين على اعتبار انها لا تسمح بتطبيق البرامج التهذيبية والتاهيلية والاصلاحية، لكون هذه البرلامج تستوجب وقتا[55].

فالعقوبات السالبة للحرية اذن بمثابة عائق يؤثر في عملية الادماج، حيث تسفر عن اكتظاظ المؤسسات السجنية، وتؤثر في نفسية السجين، فحبدا لو تم الاتجاه نحو اعمال بدائل هذه العقوبات حتى يتم التخفيف من عدد المودعين بالمؤسسات السجنية. وبالاضافة الى هذا العائق نجد كذلك اشكالية السجل العدلي، والذي يعتبر كذلك بمثابة عائق يؤثر في عملية ادماج السجين.

الفقرة الثانية: قلة الموارد المادية والبشرية

تتوفر المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج على ازيد من 5979 موظفا يؤطرون 58 الف سجين حسب النشرة الاحصائية لسنة 2002. ويقسم موظفي المندوبية حسب المادة 2 من المرسوم رقم: 599-08-2 الصادر في 8 ذي القعدة 1429 (7 نوفمبر 2008) بشأن النظام الاساسي الخاص بموظفي المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج، الى هيئتين: هيئة الحراسة والامن، ثم هيئة اعادة الادماج، فضلا عن الانظمة الاساسية المشتركة بين الوزارات.

فالفئة الاولى تتضمن بالاضافة الى حارس السجن قائد السجن، اما الفئة الثانية التي تناط بها مهمة ادماج السجين فتتكون من: رؤساء الاشغال، اساتذة التكوين، المنشطون في الشؤون الاجتماعية، الممرضون، النفسانيون، الاطباء والصيادلة وجراحوا الاسنان[56].

وبالاضافة الى توفير المندوبية للعدد الكافي بكل مؤسسة سجنية موازاة مع عدد نزلائها، فانها تسهر كذلك على تنظيم دورات تكوينية لفائدة هؤلاء الموظفين، حيث تقوم مصلحة التكوين والتداريب بتعاون مع مركز تكوين الاطر بافران، بتنظيم دورات تدريبية وايام دراسية تدخل في اطار التكوين المستمر، سواء في مواد تدخل في صميم الدور الامني، او مواد تدخل في اطار مهمتهم في المشاركة في عملية تاهيل السجين وادماجه[57].

لكل هذه الاسباب نخلص الى ان وضعية المؤسسات السجنية بالمغرب جيدة مقارنة بغيره من الدول، وبالرغم من الصورة القاتمة التي تضعها بعض المنظمات غير الحكومية، فان الواقع خلاف ذلك، على اعتبار ان كل الجهود متظافرة من اجل النهوض باوضاع المؤسسات السجنية وجعلها مكانا لاصلاح السجناء واعادة ادماجهم.

الفقرة الثالثة: السجل العدلي

احدثت مؤسسة السجل العدلي خدمة للمؤسسات القضائية، باعتباره وسيلة تخول الالمام بالسوابق الجنائية للمحكوم عليهم، لتقدير درجة احترافهم للاجرام، فهو وسيلة لضبط وضعية الاشخاص، الا انه يؤثر في عملية الادماج الذي يشمل الادماج المهني والاجتماعي، على اعتبار انه يحرم السجين من الحق في الشغل[58]، فالرغم اهميته في ضبط الوضعية الجنائية الا انه يعد اداة لعرقلة جهود الادماج لكونه يجعل اثار الجريمة تطارد السجين في سمعته ومستقبله، وتحرمه من بعض حقوقه الاساسية.  فصحيح ان المؤسسات السجنية تبذل قصارى الجهود في توفير الظروف الملائمة لاصلاح السجين، سواء من حيث تكوين السجناء وتعليمهم وذلك بغية تاهيلهم للعمل بعد الخروج من السجن، الا ان هذه الجهود تواجه باشكالية ادماجهم في وظائف واعمال بالنظر الى سجلهم العدلي، علما بان الشواهد المحصل عليها في هذا الاطار لا تشير بتاتا الى كون السجين تلقى تعليمه او تكوينه بالمؤسسة السجنية.

فحتى ولو قامت المؤسسات السجنية بتوفير شروط التعليم للسجين واستطاع بفضل ذلك الحصول على شواهد، فانه يواجه بسجله العدلي الذي يمنعه من مزاولة بعد المهن بعد خروجه من السجن، خاصة وان الفصل 21 من الظهير الشريف 008-58-1 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958، والذي حدد شروط ولوج الوظيفة العمومية، يشترط لولوج الوظيفة العمومية استجماع المرشح لعدة شروط، من ضمنها شرك المروءة، والذي فسره منشور الوظيفة العمومية رقم 1، الصادر بتاريخ 5 فبراير 1971، بانه يستلزم على الاقل غياب ادانة جنائية جدية. وقد ورد نفس المقتضى في الفصل 62 من ق.ج، حيث يشير الى ان التجريد من الحقوق الوطنية يؤدي الى عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية والخدمات والاعمال العامة. ونفس الامر ينطبق على الاشتغال بشركات، حيث ترفض اغلبية الشركات تشغيل كل من له سوابق، بالنظر الى النظرة الدونية للسجين من قبل المجتمع، وكل هذه المعطيات تصعب من مهمة مؤسسات الوساطة في التشغيل كالوكالة الوطنية لانعاش الشغل والكفاءات في المساهمة في الرعاية اللاحقة للسجين.

وبالنسبة للاحداث الجانحين فان القانون خول لقاضي الاحداث امكانية الغاء البطاقة رقم 1، ولو ان الاجراء قاصر فقط على تدابير الحماية والتهذيب ولا تشمل العقوبات السالبة للحرية، فحبدا لو تم النص على منح نفس الصلاحية للقضاء بالنسة للرشداء، حتى يتم الحد من اشكاليات السجل العدلي، الذي تحكم مضامينه على المفرج عنه بالبقاء على هامش دورة الانتاج، الشيء الذي يقوي العوامل المؤدية للاجرام[59]، مما يجعل العقوبة في نظرنا تستمر الى ما بعد الافراج، ولكون السجين يواجه برفض المجتمع الذي يتخذ شكل الحرمان من الشغل، فانه غالبا ما يعود لارتكاب الجريمة.

وتخفيفا من اثار كل العوائق السالفة الذكر، فانه تتظافر جهود عدة فاعلين اهمها مراكز الرعاية اللاحقة التي تقوم بمواكبة السجين ومصاحبته من خلال تمتين الروابط مع الاسر والمشغلين والسلطات والجمعيات المحلي، وتسهر مؤسسة محمد السادس للرعاية اللاحقة على تنفيذ برامج لاعادة تاهيل السجناء في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بل ان الهذف الرئيسي من انشائها هو تحسين ظروف السجناء، من خلال تحويل الوسط السجني الى فضاء للتربية والتكوين.

الفقرة الرابعة: الرعاية اللاحقة (مركز الرعاية اللاحقة باكادير نمودجا)

تعتبر الرعاية اللاحقة مواصلة لبرنامج التاهيل والاصلاح بعد خروج السجين من السجن وذلك بمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والادارية والقضائية، وقد عرفها الاستاذ محمود نجيب حسن بانها: “التتمة الطبيعية لجهود التهذيب والاصلاح والتهيل والتي بدأت اثناء التنفيذ العقابي السالب للحرية” كما عرفها الدكتور ابراهيم زيد بانها: “علاج مكمل لعلاج السجن ووسيلة عملية لتوجيه ومساعدة المفرج عنه على سد احتياجاته ومعاونته على الاستقرار في حياته والاندماج والتكيف مع المجتمع”[60]. وبالتالي فهي الضمان الاخير لعدم سقوط المجرم مرة اخرى في الجريمة متاثرا في ذلك بما يصطلح عليه لدى علماء العقاب “بصدمة الافراج”[61].

ولتجاوز هذه الازمة تم تفعيل نظام الرعاية اللاحقة وبمبادرة من المندوبية السامية للسجون واعادة الادماج وشراكة من مؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء، تم خلق مراكز للرعاية اللاحقة معدة لتاهيل النزلاء واعدادهم للعودة الى حياة حرة شريفة كريمة، وهو مايستدعي الوقوف الى جانبهم ومد يد المساعدة لهم خاصة وان النزلاء المفرج عنهم يتم تكوينهم داخل السجون وذلك من خلال استفادتهم من البرامج الاصلاحية التي توفر لهم الدعم الهيكلي وينقصهم فقد التوجيه والاشراف وهو ماتعمل مراكز الرعاية اللاحقة على فعله كخطوة هامة نحو نجاح العودة للاندماج في المجتمع، هذا الاخير يعتبر بدوره عنصرا فعالا في عملية اعادة التاهيل وهو رهين بمدى نجاعتها وفعاليتها لان هذه العملية لايمكن ان تطبق الا بتفاعل الحدث مع مكونات المجتمع دون اي مس بانسانيته وكرامته، من خلال اشراكه في الجماعة وتخليصه من العزلة والانطواء وبعيدا عن ردود الفعل المجتمعية العنيفة التي تدفع بالحدث الى السقوط في براتن الجريمة

وبالنسبة لمركز الراعاية اللاحقة باكادير فقد شرع في فتح ابوابه اواخر سنة 2007 وهو مركز تابع لمؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء، وقد عقد المركز عدة شراكات مع عدة وزارات ومعاهد من قبيل وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة والمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية والقرض الفلاحي للمغرب والانابيك. وذلك لتسهيل ايجاد فرص العمل للمفرج عنهم واللذين توجهوا اليه. كما يعمل المركز على استقبال السجناء فور خروجهم من السجن وتقديم النصح والارشاد والتوجيه لهم. وتقوم المؤسسة بزيارات عائلية للاحداث تستهدف التعاون في حالة اذا استعصى على الحدث الحضور، ويعم المركز وفق استراتيجية عمل فيما يخص المجالين الاداري والقضائي، ويتم اعداد طلبات العفو ورد الاعتبار وتوكيل محام في حالة عدم معرفة الحدث لهذه المساطر الادارية.

وفيم يخص  المجال الاقتصادي يقوم المركز بدراسة الجدوى بالنسبة للمشاريع التي يتقدم بها الاحداث المفرج عنهم ويعمل على تمويلهم وتتبعهم.

 

خاتمة

ان السياسة الجنائية التي تنهجها الدولة تهذف بالاساس الى حماية السجين واصلاحه وتاهيله للعودة الى المجتمع وهو ما يجعلها تعمل على انشاء مؤسسات سجنية تساير الاهداف الاصلاحية. وبالنسبة لجنوح الاحداث، فاذا كان المشرع من خلال قانون المسطرة الجنائية قد اوبى اهمية بالغة لظاهرة جنوح الاحداث ونظمها تنظيما محكما بافراده لها المواد من 458 الى 517 من ق.م.ج ومنح الحدث ضمانات في جميع مراحل المحاكمة وعوض العقوبة الحبسية بالتدابير مع وضع هيئات للسهر على هذه الضمانات، الا انه مع ذلك فان هناك بعض النواقص وبعض الصعوبات التي تحول ذون الوصول الى الاهداف الاصلاحية المنشودة ويمكن اجمال هذه النواقص والصعوبات فيما يلي:

1 طول اجراءات المحاكمة بالنظر الى صعوبة حضور الولي القانوني للحدث

2-صعوبة تعيين محامي في اطار المساعدة القضائية

3-غياب مراكز حماية الطفولة بعدة مدن وحتى في حالات وجود هذه المراكز فانه تغيب اجنحة خاصة بالفتيات

4-تفشي ظاهرة فرار الاحداث بالنظر الى ظاهرة الاكتظاظ التي تحول دون ايلائهم الرعاية المستحقة

5-نذرة الموارد البشرية خاصة المساعدين الاجتماعيين

6-عدم التفعيل الحقيقي لبعض المقتضيات القانونية التي من شأنها التخيف من ظاهرة الاكتظاظ خاصة مسطرة الصلح مثلا

وللتغلب على هاته الاشكالات وغيرها نقترح بعض الحلول وهي:

1-ضرورة تعميم مراكز حماية الطفولة بجميع المدن منعا للانتقال بالاحداث

2-انشاء المؤسسات التي ظلت حبيسة النصوص القانونية

3-اللجوء الى بدائل العقوبات تخفيفا من ظاهرة الاكتظاظ التي تحول دون نجاح البرامج الاصلاحية

4-تزويد المؤسسات بالموارد البشرية المتخصصة خاصة المساعدين والمساعدات الاجتماعيين للاستماع الى الاحداث ومساندتهم لتجاوز معاناتهم النفسية

وصفوة القول انه بالرغم من مختلف الصعوبات التي تعيق الربامج الاصلاحية للاحداث الا انه على العموم فان المقتضيات القانونية التي تنظم اجرام الاحداث متكاملة نوعا ما وتحمل في طياتها حماية للاحداث خاصة وان اجرامهم ليس بحدة اجرام الرشداء وان امكانية اصلاحهم واعادة تاهيلهم ممكنة اكثر مقارنة بالرشداء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      الملحق

  • ملحق رقم 1: احصائيات ابتدائية السمارة
  • الملحق رقم 2: احصائيات ابتدائية انزكان
  • الملحق رقم 3: حكم عدد: 04/2012 الصادر بتاريخ 26/01/12 ملف عدد: 06/01/2012
  • الملحق رقم 4:حكم عدد: 01/2012 الصادربتاريخ: 12/04/2012 ملف عدد: 01/2012
  • الملحق رقم5: حكم عدد: 13 الصادر بتاريخ: 18/09/2013 ملف عدد: 46/01/2013
  • الملحق رقم 6: حكم عدد: 11 الصادر بتاريخ: 23/09/11ملف عدد: 36/11
  • الملحق رقم 7: احصائيات سنة 2013
  • شهادة التدريب بالمحكمة الابتدائية بالسمارة
  • ترخيص بالتدريب في مركز حماية الطفولة باكادير
  • شهادة التدريب بمركز حماية الطفولة باكادير فرع الذكور
  • استمارات

 

 

لائحة المراجع

النصوص القانونية:

& – قانون المسطرة الجنائية

& – النصوص القانونية المنظمة للسجون، اصدرات مركز الدراسات والابحاث الجنائية بمديرية الشؤون الجنائية والعفو، سلسلة نصوص قانونية، غشت 2011، العدد 15.

 

المراجع العامة:

 

& – محمد ازيزبي، “واقع السجون المغربية واهدافها الاصلاحية بحث ميداني دراسي”، افريقيا الشرق، طبعة 2006.

&- محمد سليمان موسى، “قانون الطفولة الجانحة والمعاملة الجنائية للاحداث دراسة مقارنة، منشأة المعارف الاسكندرية، سنة 2006.

&- – هشام ملاطي، “مساهمة القاضي في حل ازمة السجون بالمغرب دراسة مقارنة لاهم المقتضيات الجنائية الاجرائية والموضوعية مع المعطيات الاحصائية”، السلسلة المغربية للابحاث والدراسات السجنية، العدد 1، نشر وتوزيع دار السلام، الطبعة الاولى 2007.

 

الاطروحات والرسائل:

 

&- لحسن فضل الله، دور المؤسسة السجنية في اعادة تاهيل الحدث الجانح دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد ابن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الدراسية: 2005-2006، ص 103

&- محمد بن جلون، السجل العدلي واشكالية حقوق الانسان، اطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، اكدال، السنة الجامعية: 2001-2002.

المقالات:

 

&- احمد بن عجيبة، “اضواء حول مؤسسة السجون بالمغرب”، مجلة القصر العدد 19 يناير 2008، ص 117

&- الطيب الشرقاوي، “السياسة الجنائية واقع وافاق”، اشغال المناظرة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس ايام 9-10-11 دجنبر 2004، الطبعة الاولى، المجلد 1 منشورات المعرفة القانونية، سلسلة الندوات والايام الدراسية، العدد 4، 2005 ص 37

&- جودية خليل، “محاكمة الاحداث الجانحين، اية حماية”، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 49-2008، ص 89

&- حميد المومني، “الاحكام الصادرة في مواجهة الاحداث ودورها في العملية التاهيلية”، مجلة المعيار، العدد 42، دجنبر 2009 ص 79

&- لطيفة الداودي، “قراءة في بعض القواعد الدولية المتعلقة بجنوح الاحداث ومدى ملاءمتها للواقع العربي”، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 49-2008، ص 73

&- محمد الحمياني، “أي دور للقضاء في الحد من ازمة السجون مقاربة بين النظري والواقعي، مجلة الملحق القضائي، العدد 42 ماي 2009، ص 121

&- محمد المرابط، “التوزيع الداخلي للسجناء واثره على اصلاح السجين”، مجلة القصر العدد 12 ص 85

&- محمد عبد النباوي، تاملات في السياسة الجنائية في المغرب، الاعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية بالمغرب واقع وافاق، ص 137

&- سفيان ادريوش، الدور الاجرائي للنيابة العامة في معالجة ظاهرة جنوح الاحداث: الخيارات والاشكالات، “المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، ص67

&- حميد الوالي، المقارونية لندوات محاكم فاس، العدد 7، اكتوبر 2008

 

 

 المواقع الالكترونية:

 

* http://www.dgapr.gov.ma/index.php?page=format&idMenu=14

 

* http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=36917

* http://benhamza.jeeran.com/archive/2007/2/155138.html

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

مقدمة…………………………………………………………………………………………..1

الفصل الاول: التنظيم القانوني لاجرام الاحداث……………………………………………..5

المطلب الاول: قبل المحاكمة………………………………………………………………….6

الفقرة الاولى: امام الضابطة القضائية ………………………………………………………6

الفقرة الثانية: امام النيابة العامة…………………………………………………………….7

الفقرة الثالثة: امام قاضي التحقيق…………………………………………………………..8

الفقرة الرابعة: امام قاضي الاحداث………………………………………………………….9

المطلب الثاني خلال المحاكمة ……………………………………………………………..15

الفقرة الاولى: غرفة الاحداث الابتدائية ……………………………………………………16

الفقرة الثانية: غرفة الاحداث الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية…………………………….17

الفقرة الثالثة: غرفة الاحداث الاستئنافية ………………………………………………….18

الفقرة الرابعة: غرفة جنايات الاحداث …………………………………………………….18

المطلب الثالث: بعد المحاكمة……………………………………………………………….19

الفقرة الاولى: طبيعة الاحكام الصادرة في حق الاحداث…………………………………..19

الفقرة الثانية: طرق الطعن في الاحكام الصادرة في حق الحدث………………………….21

الفقرة الثالثة: اماكن تنفيذ العقوبة والتدبير ………………………………………………22

الفقرة الرابعة: صعوبات تنفيذ الاحكام …………………………………………………….22

الفصل الثاني: دور المؤسسات الاصلاحية في اعادة التاهيل……………………………..25

المطلب الاول:الاطار القانوني للمؤسسات الاصلاحية……………………………………..25

الفقرة الاولى: دراسة القانون المنطم للمؤسسات السجنية والاصلاحية ………………..27

الفقرة الثانية: دراسة المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية ……………….30

الفقرة الثالثة: ضمانات حماية الحدث في القانون المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية ……………………………………………………………………………………………….31

الفقرة الرابعة:ضمانات حماية الحدث في المرسوم المنظم للمؤسسات السجنية والاصلاحية ……………………………………………………………………………………………….31

المطلب الثاني: مهام المؤسسات الاصلاحية……………………………………………….32

الفقرة الاولى: دور اصلاحي………………………………………………………………..32

الفقرة الثانية: التكوين والتاطير……………………………………………………………33

الفقرة الثالثة: التاهيل……………………………………………………………………….34

الفقرة الرابعة: اعادة الادماج………………………………………………………………34

المطلب الثالث: معيقات اعادة الادماج……………………………………………………..35

الفقرة الاولى: الاكتظاظ …………………………………………………………………….35

الفقرة الثانية: قلة الموارد المادية والبشرية………………………………………………37

الفقرة الثالثة: السجل العدلي………………………………………………………………..38

الفقرة الرابعة: الرعاية اللاحقة ……………………………………………………………39

خاتمة………………………………………………………………………………………..41

الملحق……………………………………………………………………………………….43

لائحة المراجع……………………………………………………………………………….44

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – الطيب الشرقاوي، السياسة الجنائية واقع وافاق، اشغال المناظرة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس ايام 9-10-11 دجنبر 2004، الطبعة الاولى، المجلد 1، منشورات المعرفة القانونية، سلسلة الندوات والايام الدراسية، العدد 4-2005، ص 37

[2] –  حميد المومني، الاحكام الصادرة في مواجهة الاحداث ودورها في العملية التاهيلية، مجلة المعيار، العدد 42، دجنبر 2009، ص 81

[3] -عبد السلام التونجي، موانع المسؤولية الجنائية، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة 1971، صفحة 40 و 41

[4] -قانون رقم 01-22 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 225-02-1 الصادر بتاريخ 3 اكتوبر 2002 منشور بالجريدة الرسمية عدد: 5078 بتاريخ: 30 يناير 2003 ص 315 والذي لحقته تعديلات اخرى

[5] -ذ.حميد الوالي، “المقاربة التربوية لقانون المسطرة الجنائية في معالجة قضايا الاحداث”، المجلة الاللكترونية لندوات محاكم فاس، العدد 7، اكتوبر 2008

[6] -اتفاقية حقوق الطفل المؤرخة في: 29 نونبر 1989 والتي تعرف الطفل بانه: “كل انسان لم يتجاوز من 18 سنة مالم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه”

[7] -القواعد المتعلقة بحماية الاحداث المجردين من حريتهم: “الحدث هو كل شخص دون 18 سنة من العمر والقانون يحدد السن التي ينبغي دونها عدم السماح بتجريد الطفل من حريته”

[8] -المادة 19 من ق.م.ج

[9] – ذ.سفيان ادريوش، “الدور الاجرائي للنيابة العامة في معالجة ظاهرة جنوح الاحداث : الخيارات و الاشكالات” المجلة المغربية للقانون الجنائي و العلوم الجنائية، ص 68

[10] -المادة 460 من ق.م.ج

[11] -ذ.سفيان ادريوش، مرجع سابق، ص 67

[12] -المادة 74 من ق.م.ج

[13] -الفصل 460 من ق.م.ج

[14] -المادة 471 من ق.م.ج

[15] يستفاد من المادة 52 من ق.م.ج أن قضاة التحقيق يتم تعيينهممن بين قضاة الحكم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف كل في إطار محكمته.

[16] تنص المادة 54 من ق.م.ج على أنه “لا يمكن لقاضي التحقيق إجراء تحقيق إلا بناء على ملتمس محال إليه من النيابة العامة أو بناء على شكاية مرفقة بتنصيب المشتكي طرفا مدنيا”.

وتبعا لذلك تنص المادة 84 من ق.م.ج على أنه “يجري التحقيق بناء على ملتمس من النيابة العامة ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام المخولة إليه في حالة التلبس”.

كما تنص المادة 92 من ق.م.ج على أنه “يمكن لكل شخص ادعى أنه تضرر من جناية أو جنحة أن ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق المختص ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.

[17] -انظر الملحقين المتعلقين بابتدائية السمارة وابتدائية انزكان

[18] – حميد المومني، الاحكام الصادرة في مواجهة الاحداث ودورها في العملية التاهيلية، مجلة المعيار، العدد 42، دجنبر 2009، ص 42

[19] – جودية خليل، محاكمة الاحداث الجانحين، اية حماية؟ المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، عدد 49-2008، ص 89 .

[20] – المرابط محمد، التوزيع الداخلي للسجناء واثره على اصلاح السجين، مجلة القصر العدد: 12، ص 93.

[21] – حميد المومني، مرجع سابق، ص 80

[22] – لطيفة الداودي، قراءة في بعض القواعد الدولية المتعلقة بجنوح الاحداث ومدى ملاءمتها للواقع العربي، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، عدد 49-2008، ص 77

[23] – حميد المومني، مرجع سابق، ص 81

[24] – حميد المومني، مرجع سابق، ص 85

[25] – محمد سليمان موسى، قانون الطفولة الجانحة والمعاملة الجنائية للاحداث دراسة مقارنة، منشأة المعارف، الاسكندرية، سنة 2006 ص 354-355

[26] – المومني حميد، مرجع سابق، ص 97

[27] – المادة 474 من ق.م.ج

[28] -انظر الملحق المتعلق باحصائيات ابتدائية السمارة

[29] -انظر الملحق المتعلق باحصائيات ابتدائية انزكان

[30] – جودية خليل، مرجع سابق، ص 115

[31] – حميد مومني، مرجع سابق، ص 101.

[32] – محمد بن جلون، السجل العدلي واشكالية حقوق الانسان، اطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، اكدالن السنة الجامعية: 2001-2002، ص 147.

[33] -لحسن فضل الله، دور المؤسسة السجنية في اعادة تاهيل الحدث الجانح دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد ابن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الدراسية: 2005-2006، ص 103

[34] – لحسن فضل الله، مرجع سابق، ص 104

[35] – لحسن فضل الله، مرجع سابق، ص 106

[36] -هشام ملاطي، مساهمة القاضي في حل ازمة السجون بالمغرب دراسة مقارنة لاهم المقتضيات الجنائية الاجرائية والموضوعية مع المعطيات الاحصائية ، السلسلة المغربية للابحاث والدراسات السجنية، العدد 1، نشر وتوزيع دار السلام، الطبعة الاولى 2007، ص 34

[37] – هشام ملاطي، مرجع سابق، ص 111

[38] – هشام ملاطي، مرجع سابق، ص 111

[39] -عبد العاطي الازهري الحماية القانونية للاحداث في التشريع المغربي وعلى ضوء الاتفاقيات الدولية ص 22

[40] -المادة 489 من ق.م.ج

[41] -انظر المادة 468 من ق.م.ج

[42] -انظر الاحكام  الواردة بالملحق ، حكم عدد: 04/2012 الصادر بتاريخ: 26/01/2012 ملف عدد: 06/01/2012 غير منشور، والحكم الصادر بتاريخ: 12/04/2012 ملف عدد: 01/2012 غير منشور، حكم عدد: 13 الصادر بتاريخ: 18/09/2013 ملف عدد: 46/01/2013 غير منشور

[43]-انظر الملحق حكم صادر بتاريخ: 23/09/2011 ملف جنحي احداث عدد: 36/11 غير منشور

[44] – عبد الرحيم العطري، مقال منشور بالموقع الالكتروني:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=36917 date de : 22/02/2014

[45] –  احمد بن عجيبة، اضواء حول مؤسسة السجون بالمغرب، مجلة القصر العدد 19 يناير 2008، ص 118

[46] – محمد ازيزبي، واقع السجون المغربية واهدافها الاصلاحية بحث ميداني دراسي، افريقيا الشرق، طبعة 2006،ص 93

[47] – محمد عبد النباوي، تاملات في السياسة الجنائية في المغرب، الاعمال.التحضيرية للمناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية بالمغرب واقع وافاق، ص 137

[48] – محمود سليمان موسى، قانون الطفولة الجانحة والمعاملة الجنائية للاحداث، دراسة مقارنة، منشأة المعارف الاسكندرية، طبعة 2006، ص 358

[49] –انظر الملحق احصائيات سنة 2013

 

[50] – محمد الحمياني، أي دور للقضاء في الحد من ازمة السجون مقارنة ما بين النظري والواقعي،  مجلة الملحق القضائي، العدد 42 ماي 2009، ص 122-123

[51] – كلمة القاها السيد مدير المؤسسة السجنية عكاشة بالدار البيضاء بمناسبة زيارة الفوج 36 من الملحقين القضائيين للمؤسسة المذكورة، بتاريخ: 06/04/2011.

[52] – الحمياني محمد،مرجع سابق، ص 125

[53] – محمد المرابط، التوزيع الداخلي للسجناء واثره على اصلاح السجين، مجلة القصر العدد 12، ص 89

[54] – محمد الحمياني، مرجع سابق، ص 128-129

[55] – المرابط محمد، مرجع سابق، ص 96

[56] – المادة 27 من المرسوم رقم: 599-08-2 الصادر في 8 من ذي القعدة 1429 (7 نوفمبر 2008) بشان النظام الاساسي الخاص بموظفي المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج

[57] – الموقع الالكتروني للمندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج:

http://www.dgapr.gov.ma/index.php?page=format&idMenu=14 date de : 03/03/2014

[58] – المرابط محمد، مرجع سابق، ص 109

[59] – انظر ، “الرعاية اللاحقة”، الموقع الالكتروني:

http://benhamza.jeeran.com/archive/2007/2/155138.html, date de : 03 /02/2014

 

[60] -محمد ابراهيم زيد، “علم الاجرام والعقاب”، طبعة 1980، ص 443

[61] -رمضان الالفي، “نحو سياسة جنائية فاعلة تسهم في تحقيق العدالة الجنائية وحماية حقوق الانسان وحرياته” دار الفكر العربي، بدون ذكر السنة، ص 127

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى