مراد فارسي : حالة الطوارئ الصحية بالمغرب: التنزيل القانوني والإجراءات المواكبة.
حالة الطوارئ الصحية بالمغرب:
التنزيل القانوني والإجراءات المواكبة.
Health State of Emergency in Morocco:
Legal Imposition and Following Measures.
الإسم الكامل: مراد فارسي FARSSI MORAD
الصفة: دكتور في العلوم القانونية والسياسية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
PhD in Law and Political Science, University Sidi Mohamed Ben Abdellah, Fez.
ملخص المقال:
تماشيا مع ما أقرته منظمة الصحة العالمية من اعتبار فيروس كورونا المستجد كوفيد- 19 “وباء عالميا”، وما تعرفه الساحة الدولية من سرعة تفشي هذا الفيروس، أعلن المغرب حالة الطوارئ الصحية بمرسوم قانون، لإعطاء المشروعية القانونية لجميع تدخلاته على جميع المستويات، وذلك بسبب حالة الاستعجال التي تتطلب السرعة والدقة في التدخل للحيلولة دون انتشار هذا الوباء، وذلك باتخاذ جميع التدابير الضرورية التي تتطلبها هذه المرحلة.
لذلك قمنا بهذه الدراسة القانونية، لتعريف حالة الطوارئ الصحية، ومعرفة القوانين المؤطرة لها، والوقوف على الاجراءات التي اتخذتها الدولة للتخفيف من تأثيرها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للأسر والمقاولات، والمعيقات التي تعترضها.
In line with the World Health Organization decision of declaring the novel corona virus outbreak a pandemic, and due to the rapid spread of this virus worldwide, Morocco has decided to declare a state of health emergency by decree-law. The decree-law gives the Moroccan government a legal legitimacy to all its interventions at all levels. Also as a matter of urgency, the quickly taken measures were to contain the spread of Covid-19 pandemic.
Therefore, we have conducted this legal study to define the state of health emergency, and to describe its decree-laws within their contexts. Also to find out the measures taken by government to mitigate the current situation impact on the social and economic life of families as well as on businesses.
تمهيــــــد:
أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأربعاء 11 مارس 2020 أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة باتت تعتبر فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض “كوفيد-19” والذي يتفشى في مختلف أرجاء المعمورة “وباء عالميا”.
وقال أمام ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة بجنيف “هذه جائحة يمكن السيطرة عليها، ولكن لا يمكن محاربة فيروس إذا كنت لا تعرف مكانه. وهذا يعني أنك بحاجة إلى مراقبة قوية للعثور على كل حالة وعزلها واختبارها ومعالجتها، مضيفا أن على كل بلد اعتماد نهج شامل يتكيف مع وضعه، ويعد احتواء الفيروس ركيزة أساسية. ودعا البلدان إلى إيجاد توازن عادل بين حماية الصحة وتجنب إحداث قلق اقتصادي واجتماعي، واحترام حقوق الإنسان.
وتماشيا مع ما أقرته منظمة الصحة العالمية وما تعرفه الساحة الدولية من سرعة تفشي هذه الجائحة، أعلن المغرب حالة الطوارئ الصحية يوم الجمعة 20 مارس 2020 عند الساعة السادسة مساءا إلى غاية 20 أبريل 2020.
فما هي إذن حالة الطوارئ الصحية؟ وما هي القوانين المؤطرة لها؟ وماهي الاجراءات التي اتخذتها الدولة، والضمانات المقدمة للتخفيف من تأثيرها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للأسر والمقاولات؟ وماهي الإكراهات التي تواجهها؟.
كل هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الاجابة عليها من خلال نقطتين:
- النقطة الأولى: مفهوم حالة الطوارئ الصحية والقوانين المنظمة لها.
- النقطة الثانية: إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب: الإجراءات والضمانات.
النقطة الأولى: مفهوم حالة الطوارئ الصحية والقوانين المنظمة لها.
إن مواجهة الحالات الصحية الطارئة يستدعي السرعة في اتخاذ القرارات والتعامل معها بجدية، والحيلولة دون انتشار المرض على الصعيد الوطني والدولي، والحماية منه ومكافحته ومواجهته، باتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية بالدرجة الأولى، والمجالات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، على نحو يتناسب مع المخاطر المحدقة، ولن يتأتى ذلك إلا بتحديد مفهوم حالة الطوارئ الصحية وتمييزها عن الحالات المشابهة لها (أولا)، وبتنزيلها المنزلة القانونية التي تؤطرها، في جو يسوده تطبيق القانون واحترام الحريات الفردية والجماعية (ثانيا).
أولا: تحديد مفهوم حالة الطوارئ الصحية.
حسب اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005، التي تم إقرارها من قبل جمعية الصحة العالمية الثامنة والخمسين[1]، والذي يعتبر المغرب عضوا فيها، تعني عبارة “طارئة صحية عمومية تسبب قلقا دوليا” حدثا استثنائيا:
- يشكل خطرا محتملا يحدق بالصحة العمومية للدول، وذلك بسبب انتشار المرض دوليا؛
- قد يقتضي استجابة دولية منسقة[2].
ولإعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية، يستشير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لجنة الطوارئ الصحية التابعة للمنظمة، ويستعين بالمعلومات المقدمة من طرف الدول الأطراف، والخبراء، وخطر الإنتشار الدولي للمرض، وخطر التأثير على التجارة والسفر الدوليين، ويتخذ القرار النهائي لإعلانها.
ويؤدي الإعلان عن حالة طوارئ صحية عالمية، إلى تقديم توصيات إلى جميع البلدان، تهدف إلى منع انتشار المرض عبر الحدود أو الحد منه، مع تجنب التدخل غير الضروري في التجارة والسفر.
وتعتبر جائحة كورونا كوفيد-19 المرة السادسة التي أعلنت فيها المنظمة “حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا”، فكانت سابقاتها على النحو الآتي: إنفلوانزا الخنازير H1N1)) سنة 2009، وشلل الأطفال سنة 2014، وإيبولا سنة 2014، وزيكا سنة 2016، وإيبولا سنة 2019.
و ينص البند الرابع من المادة الثالثة من اللوائح الصحية لسنة 2005 على أنه: “تتمتع الدول، عملا بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، بالحق السيادي في وضع التشريعات وتنفيذها وفقا لسياساتها الصحية. وينبغي لها لدى القيام بذلك دعم الغرض المتوخى من هذه اللوائح[3].
من خلال قراءة في هذه المواد يمكن أن نستنتج أن إعلان حالة الطوارئ الصحية بالنسبة للدول، يبقى قرارا سياديا للدولة تعلنه من خلال تشريعاتها الوطنية عند الاقتضاء وانسجاما مع قرارات منظمة الصحة العالمية، كلما كانت حياة الأشخاص وسلامتهم مهددة جراء سرعة تفشي العدوى واتساع نطاقها، أو قصور النهج الذي تتبعه الدولة للسيطرة عليها.
وبالرجوع إلى التشريع المغربي فإننا لا نجده ينظم حالة الطوارئ الصحية بقانون، لكن يتطرق لبعض الحالات الاستثنائية المشابهة لإعلان حالة الطوارئ الصحية، والتي تقتضي ضرورة التوفيق بين ممارسة الحرية ومتطلبات المحافظة على النظام العام، ومن بين هذه الحالات نجد حالة الاستثناء(الفصل 59 من الدستور[4] )، وحالة الحصار(الفصل 49 و74 من الدستور).
فحالتي الاستثناء والحصار، تختلفان عن حالة الطوارئ الصحية من خلال شروط موضوعية وأخرى شكلية. فالشروط الموضوعية تتمثل في تهديد حوزة التراب الوطني، أو وقوع أحداث من شأنها أن تعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية (حالة الاستثناء)، أو أن يكون أمن الدولة ومؤسساتها في خطر داخلي أو خارجي. أما الشروط الشكلية التي لابد من توفرها، فبالنسبة لحالة الاستثناء فهي تعلن بظهير ملكي بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى الأمة. وتعلن حالة الحصار أيضا بمقتضى ظهير ملكي يوقع بالعطف من قبل رئيس الحكومة، بعد التداول بشأنه في المجلس الوزاري.
ومن تم فإن حالة الطوارئ الصحية تعد أقل خطورة من حالتي الاستثناء والحصار، لكون السير العادي للدولة يبقى مستمرا من خلال مؤسساتها الدستورية ومرافقها الادارية في جو يطبعه السلم و الأمن، وأن الخطر يهدد الجانب الصحي الذي يمكن احتواءه بتدابير صحية، وقائية وتوعوية، اجتماعية واقتصادية… .
وفي ظل غياب قانون ينظم حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، يمنح المشرع للحكومة آليات قانونية يمكن عن طريقها التشريع عوض البرلمان، والغاية منها ضرورة تأمين السير العادي لمرافق الدولة التي لا تقبل التوقف مهما كانت الظروف، ومواجهة المستجدات التي تطرأ، والتي قد تكتسي صبغة الاستعجال ولا تحتمل التأخير. فما هي إذن هذه الآليات القانونية وكيف يتم تفعيلها؟
ثانيا: القوانين المنظمة لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب.
إن الحالات التي تتعلق بحلول الحكومة محل البرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية تكون ناتجة عن:
- تفويض التشريع بمقتضى القانون أثناء دورات انعقاد البرلمان، وهو ما يعرف بالمراسيم التفويضية (الفصل 70 من دستور 2011).
- التشريع في الفترة الفاصلة بين انعقاد الدورات البرلمانية، وهو ما يعرف بمراسيم الضرورة (الفصل 81 من الدستور).
إن الفرق بين التفويض في إطار الفصل 70 من الدستور، والتفويض في إطار الفصل 81 من الدستور، هو أن الأول تفويض إرادي بحيث يمكن للبرلمان أن يأذن للحكومة بالتشريع في مجال من مجالات القانون، كما يمكن له أن يمتنع عن ذلك. في حين أن التفويض في إطار الفصل 81 هو تفويض بحكم الدستور أثناء عطلة البرلمان.
لذلك استندت الحكومة على الفصل81[5] من الدستور لإصدار مرسوم بقانون[6] رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 الذي يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، الذي تزامن مع الفترة الفاصلة بين الدورات.
إذ لا بد من توافر أربعة شروط لإصدار مثل هذه المراسيم:
- وجود ضرورة ملحة تفرض إصدارها؛
- أن يكون ذلك خلال الفترة الفاصلة بين دورات البرلمان، أي بين دورة أكتوبر ودورة أبريل؛
- أن يقع بالاتفاق مع اللجنة التي يعنيها الأمر؛
- أن يتم عرض المراسيم المتخذة على مصادقة البرلمان في أقرب دورة عادية.
فإذا أقر البرلمان هذه المراسيم استمر سريان مفعولها، أما إذا رفض المصادقة عليها، فإنه يزول ما كان لها من قوة القانون، ويتوقف سريان مفعولها، إلا أن هذا الرفض لا يسري بأثر رجعي احتراما للمراكز القانونية والحقوق المكتسبة.[7]
فالفصل 81 من الدستور يعتبر الإطار الدستوري لإصدار هذا المرسوم بقانون، لكن لكي يكون هذا المرسوم مطابق لمبدأ المشروعية وملزما للأفراد ومرضيا لهم، استندت الحكومة إلى الفصول 21 و24 من الدستور.
حيث يجب أن تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع( الفصل 21 من الدستور)، ما يمكن ملاحظته بشأن الفصل 21 أنه لم يذكر كلمة “قانون” التي يمكن للحكومة أن تعتمده لتقييد حق المواطن في سلامته، فهو حق مطلق لا يمكن التصرف فيه.
لكن تجد الحكومة سندها في الفصل 24 من الدستور بقراءة الفقرة الرابعة منه بمفهوم المخالفة للتدخل وفق القانون قصد تقييد حرية التنقل، عبر التراب الوطني والخروج منه والعودة إليه، وما يترتب عن خرق هذه المقتضيات من تدابير. والهدف من اتباع هذه التراتبية القانونية هو إعطاء المشروعية لمرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية رقم 2.20.292.
واستنادا إلى الفصلين 90 و92 من الدستور بالإضافة إلى مرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية السالف الذكر… تم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد-19 بمرسوم[8] رقم 2.20.293 بتاريخ 24 مارس 2020.
ومن تم فهناك مرسومين ينظمان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، هما:
- مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 الذي يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.(عام: يمكن استعماله مستقبلا)
- مرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا- كوفيد19.( خاص بفيروس كوفيد-19)
فما هي إذن التدابير والإجراءات التي نصت عليها هذه القوانين؟ وما هي العقوبات التي تطال المخالفين؟ وما هي الإجراءات الموازية المعلن عنها من طرف الحكومة للتخفيف من تأثير حالة الطوارئ الصحية على الأسر والمقاولات؟
النقطة الثانية: إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب: الإجراءات والضمانات.
سارعت الحكومة المغربية لاتخاذ مجموعة من الإجراءات الصارمة والتدابير الوقائية والاحترازية غير المسبوقة، بهدف الحد من انتشار جائحة كورونا كوفيد-19، ومواجهة تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
فما هي إذن هذه الإجراءات الصارمة، والتدابير المتخذة لمواجهة هذا الفيروس (أولا)، وما هي الالتزامات والضمانات التي قدمتها الدولة بالمقابل لفائدة الأسر والمقاولات (ثانيا).
أولا: الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد-19 بالمغرب.
بناءا على المرسوم بقانون رقم 2.20.292 يمكن للحكومة اتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه المرحلة، بواسطة مراسيم أو مقررات تنظيمية وإدارية، أو مناشر أو بلاغات.
لذلك تم إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمرسوم رقم 2.20.293 وتضمن:
- مكان وزمان تطبيق حالة الطوارئ الصحية: بسائر أرجاء التراب الوطني إلى غاية 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة مساءا؛
- اتخاذ التدابير اللازمة من أجل عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم ومنع التنقل إلا في حالات الضرورة القصوى؛
- منع أي تجمع أو تجمهر… وإغلاق المحلات التجارية التي تستقبل العموم؛
- اتخاذ جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي (تدابير الشرطة الإدارية)؛
- تمكين الموظفين والأعوان والمأجورين التابعين لمرافق الدولة و الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية وكل مقاولة أو مؤسسة خاصة، من رخص استثنائية للعمل تحمل أسماءهم، قصد الإدلاء بها عند الاقتضاء لدى السلطات العمومية المكلفة بالمراقبة.
- وفي إطار المرسوم بقانون 2.20.292 تم تفريد العقاب بالنظر لخطورة الأفعال بين ماهو زجري وماهو جنائي، فكانت العقوبات على مخالفة حالة الطوارئ هي الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، وهذه الصيغة تحيل على إمكانية تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي[9] ولاسيما الفصول 300 إلى 302[10] منه، وهي فصول تصل العقوبة فيها إلى خمس سنوات حبسا.
لكن مقابل ما فرضته الحكومة من إجراءات و تدابير المنع والتضييق على الحريات الفردية والجماعية وما أتبعته من عقوبات للمخالفين، كان لابد لها من إعطاء ضمانات والقيام بتدابير للتخفيف من حدة حالة الطوارئ الصحية، فما هي إذن هذه الضمانات والتدابير المواكبة؟.
ثانيا: الضمانات والتدابير المواكبة لإعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب.
من بين الضمانات التي تقدمها الحكومة نجد:
- ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات المقدمة للمرتفقين.
- يجوز للحكومة اتخاذ بصفة استثنائية أي إجراء اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة الاستعجال، وكمثال على ذلك:
- تخصيص مبلغ مالي من الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا[11]، لبعض الفئات المتضررة مباشرة من الحجر الصحي. وإن كانت هذه العملية جد معقدة بالنسبة للأسر التي تشتغل في القطاع غير المهيكل، والغير مسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي لا تستفيد من خدمة “راميد”، خصوصا في ظل غياب سجل اجتماعي موحد، والذي أصبح ضرورة ملحة يجب الاسراع بإخراجه مستقبلا، لذلك يمكن أن تساعد الجماعات الترابية والسلطات المحلية الحكومة في الاستهداف السريع لهذه الفئات.
- السماح للفلاحين ببيع منتجاتهم مباشرة إلى المستهلك دون المرور عبر الأسواق.
- إصدار الحكومة مجموعة من المراسيم[12] يقضي بعضها بتمديد وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على القمح اللين ومشتقاته إلى غاية 15 يونيو 2020، والبعض الآخر بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على القمح الصلب، العدس، الحمص، الفول، الفاصوليا العادية ابتداء من فاتح أبريل 2020.
- اعتماد بنك المغرب مجموعة من التدابير[13] الجديدة سواء في مجال السياسة النقدية أو على الصعيد الاحترازي، سعيا منه إلى دعم ولوج الأسر والمقاولات إلى القروض البنكية، ومن شأن هذه التدابير الرفع بثلاثة أضعاف القدرة على إعادة تمويل البنوك لدى بنك المغرب…وتعزيز برنامجه الخاص بإعادة تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، عن طريق إدماج القروض التشغيلية إلى جانب قروض الاستثمار، والرفع من وتيرة إعادة تمويلها.
في المقابل لجأت البنوك إلى كافة وسائل إعادة التمويل المتاحة، وتشمل هذه الاجراءات بناء على طلب من الزبون، تأجيل سداد أقساط القروض ابتداءا من شهر مارس 2020 وحتى شهر يونيو 2020، بدون أن يترتب عن ذلك أي مصاريف أوغرامات عن التأخير، وتهم هذه التدابير أيضا التأجيل عن الطلب لأقساط الاعتمادات القابلة للاستهلاك، والتأخير حتى 30 يونيو2020 دون رسم أو غرامات تأخير، للأسر والشركات التي تتأثر مباشرة بهذه الظرفية.
- ايقاف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة الطوارئ الصحية. ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة. وتستثنى آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.
- اعتماد التعليم عن بعد في إطار إجراءات احتواء فيروس كورونا المستجد، وهذا شيء محمود. إلا أن تطبيقه في المغرب تعتريه مجموعة من النقائص، من بينها:
- غياب تكافؤ الفرص، بالنسبة للتلاميذ والطلبة الذين لا يتوفرون على الوسائل المسهلة للتعليم عن بعد، سواء في المجال الحضري أو القروي.
- غياب تكوين للأساتذة في هذا المجال، وانعدام التجهيزات الضرورية للقيام بهذه المهمة.
في الختام، ومن خلال الخوض في هذا الموضوع، يلاحظ أن تنزيل القانون المؤطر لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب والعمل به، أعطى الحكومة مجموعة من الصلاحيات للتدخل في جميع السلطات: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية(مراسيم الضرورة)، والسلطة القضائية في الجانب الإجرائي المتعلق بوقف انعقاد الجلسات. وهذه الصلاحيات فرضتها الظرفية الطارئة التي يمر منها المغرب، وراجعة إلى “تعاون السلط” الذي نص عليه الفصل الأول من الدستور، والتي تخضع لا محالة لقاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ففي فرنسا مثلا، يتم إبلاغ أعضاء البرلمان دون تأخير بالتدابير التي اتخذتها الحكومة أثناء حالة الطوارئ الصحية[14]، وقد يطلب أي معلومات إضافية في سياق المراقبة والتقييم. كما سيتم تحليل تطبيق هذا القانون من قبل لجنة علمية ستعلن بمرسوم، تتكون من رئيس يتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية، وعضوين آخرين يحددهما على التوالي رئيسا الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، بالإضافة إلى شخصيات مؤهلة أخرى، وبالتالي قد تطلب هذه اللجنة من الحكومة تقديم حساباتها[15].
وإذا كان لجائحة كورونا “كوفيد-19” جوانب سلبية مأساوية على البشرية فإن لها أيضا جوانب إيجابية للتفكير في المستقبل، وتغيير النهج المتبع من طرف السلطات، وذلك من خلال:
- تنفيذ إصلاحات بشكل أفضل من خلال حكامة جيدة، ونخب قادرة على رفع التحديات؛
- البحث عن نماذج اقتصادية مستدامة تستهدف كل ما هو إنساني، اجتماعي، صحي، وعلمي، لبناء مجتمع متماسك منعم بالاستقرار والعدالة والأمن؛
- جعل الدولة ومرافقها ومواردها في خدمة المواطن، وتشجيع البحث العلمي وجعله من بين الأولويات، واحتضان الكفاءات، وبث إعلام هادف.
وأخيرا يجب علينا أن نكون يدا واحدة، حكومة وشعبا لموجهة هذا التحدي، والانضباط، والتحلي بالصبر، والالتزام بكل ما يصدر عن الجهات المختصة لاجتياز هذا الامتحان بدون خسائر فادحة.
لائحة المراجع:
* عبد الحليم العربي: الحريات العامة وحقوق الإنسان في القانون المغربي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس- السنة الجامعية 2001-2002، ص:33.
* اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005، منظمة الصحة العالمية، الطبعة الثانية، بتاريخ 23 ماي 2005، وبدأ نفاذها في 15 يونيو 2008.
* دستور المملكة المغـربية لسنة 2011 الصادر بشأن تنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) ج.ر عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.
* ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253.
* مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 الذي يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 29 رجب 1441 (24 مارس 2020)، ص:1782.
* مرسوم رقم 2.20.269 صادر في 21 من رجب 1441(16 مارس 2020) بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم” الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19” ، الجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 22 رجب 1441 (17 مارس 2020)، ص: 1540.
* مرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد-19، الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر، بتاريخ 29 رجب 1441 (24 مارس 2020)، ص:1783.
* مرسوم قانون رقم 290-2020 بتاريخ 23 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الفرنسي للتصدي لجائحة كوفيد-19، الجريدة الرسمية الفرنسية رقم 0072 بتاريخ 24 مارس 2020، نص رقم 2.
* بنك المغرب، بلاغ صحفي، الاجراءات التي اتخذها بنك المغرب من أجل دعم الاقتصاد والنظام البنكي، الرباط 29 مارس 2020.www.bkam.ma .
* Anaïs Thiébaux. Loi d’urgence sanitaire en France : ça veut dire quoi? , Le journal des Femmes, 03 avril 2020.
https://sante.journaldesfemmes.fr/fiches-maladies/2627081-loi-etat-urgence-sanitaire-france-coronavirus-covid-19-definition-evolution-mesures-duree-journal-officiel/?
[1] – بتاريخ 23 ماي 2005، وبدأ نفاذها في 15 يونيو 2008.
[2] – اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005، منظمة الصحة العالمية، الطبعة الثانية، ص:9.
[3] – اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005، مرجع سابق، ص: 11.
[4] – دستور المملكة المغـربية لسنة 2011 الصادر بشأن تنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) ج.ر عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.
[5] – ينص الفصل 81 من الدستور: “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الامر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية”.
[6] – الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرربتاريخ 29 رجب 1441 (24 مارس 2020)، ص:1782.
[7] – عبد الحليم العربي: الحريات العامة وحقوق الإنسان في القانون المغربي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس- السنة الجامعية 2001-2002، ص:33.
[8] – الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرربتاريخ 29 رجب 1441 (24 مارس 2020)، ص:1783.
[9] – ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253.
[10] – الفصل 300: كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا.
والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه.
الفصل 301: إذا وقعت جريمة العصيان من شخص أو شخصين، فعقوبة الحبس من شهر إلى سنة والغرامة من ستين إلى مائة درهم.
فإذا كان مرتكب الجريمة أو أحد مرتكبيها مسلحا، فإن الحبس يكون من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
الفصل 302: جريمة العصيان التي تقع من أكثر من شخصين مجتمعين يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم.
ويكون الحبس من سنتين إلى خمس والغرامة من مائتين إلى ألف درهم إذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة.
أما إذا وجد أحد الأشخاص حاملا لسلاح غير ظاهر، فإن العقوبة المقررة في الفقرة السابقة تطبق عليه وحده.
[11] – مرسوم رقم 2.20.269 صادر في 21 من رجب 1441(16 مارس 2020) بإحداث حساب مرصد لأمورخصوصية يحمل اسم” الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19” ، الجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 22 رجب 1441 (17 مارس 2020)، ص: 1540.
[12] – الجريدة الرسمية عدد 6869 بتاريخ 5 شعبان 1441 (30 مارس 2020)، ص: من 1803 إلى 1807.
[13] – بنك المغرب، بلاغ صحفي، الاجراءات التي اتخذها بنك المغرب من أجل دعم الاقتصاد والنظام البنكي، الرباط 29 مارس 2020.www.bkam.ma
[14] – كانت فرنسا قد أعلنت حالة الطوارئ بمرسوم قانون رقم 290-2020 بتاريخ 23 مارس 2020 للتصدي لجائحة كوفيد-19، الجريدة الرسمية الفرنسية رقم 0072 بتاريخ 24 مارس 2020 نص رقم 2.
[15]– Anaïs Thiébaux. Loi d’urgence sanitaire en France : ça veut dire quoi? , Le journal des Femmes, 03 avril2020. https://sante.journaldesfemmes.fr/fiches-maladies/2627081-loi-etat-urgence-sanitaire-france-coronavirus-covid-19-definition-evolution-mesures-duree-journal-officiel/?