عرض في موضوع : مبادئ ومساطر إبرام الصفقات العمومية – إبراهيم المصلوحي
مبادئ ومساطر إبرام الصفقات العمومية
إبراهيم المصلوحي
طالب باحث بسلك الماستر تخصص المالية العامة
المقدمة:
تعتبر الصفقات العمومية الأداة الإستراتيجية للأجهزة العمومية لتحقيق التنمية على المستوى الوطني والمحلي كما أنها أداة وظيفية لإعادة توزيع الموارد الوطنية والمحلية، وتعد كذلك من أهم الآليات التعاقدية لتنزيل السياسات العمومية التي تراهن عليها الدولة لتحقق تنمية اقتصادية واجتماعية، ويرتبط إصلاح نظام الصفقات العمومية بتطور وظائف الدولة.[1]
اعتمدت الدولة المغربية ابتداء من عقد الثمانينيات نمط اقتصاد السوق وتبعت في حركة الرساميل الخاصة والمبادرات الحرة، ومع ذلك ظلت تتدخل بنوع من الحركية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بغية التوجيه وضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، وكذا ضبط موازنة الدولة ومحاربة الهشاشة الهيكلية، هذا التدخل يكتسي في غالب الأمر صبغة السياسة المالية أو الضريبية على شاكلة التوجه الحركي، و في أحيان عديدة يأتي على شاكلة مشاريع استثمارية تقوم بها المؤسسات ذات الرساميل العمومية أو ميزانية الاستهلاك التنظيم للمؤسسات في إطار قوانين المالية عن طريق الصفقات العمومية، مما يستدعي معه ضرورة رصد قانون خاص لهذه الصفقات لترشيد نفقات الدولة وتوجيهها وفق الأهداف المرسومة لها والمبتغات منها. وما تجدر الإشارة إليه، هو أن اسم الصفقات العمومية يطلق على العقود التي تبرعت بها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى مع المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين، بهدف الحصول على الأعمال المطلوبة، أما من الناحية القانونية فيظل من أبرز التعريف التي أعطيت للصفقات العمومية ما قدمه الفقيه أندري دولوبادير جاء فيه ما يلي ” إن الصفقات العمومية هي عقود بمقتضاها يلتزم المتعاقد بالقيام بأعمال لفائدة الإدارة، مقابل ثمن محدد، أما الأستاذ روني روموف فيرى أن الصفقات العمومية هي عقد بمقتضاه يلتزم أحد الأشخاص ذاتيا أو معنويا تجاه شخص عمومي (الدولة- الجماعات الترابية- أو مؤسسة عمومية بإنجاز لحساب وتحت مسؤولية هذه الأخيرة مشروعا عاما أو القيام بتوريدات أو خدمات تهم تسيير مرفق عمومي مقابل ثمن محدد.[2] و طبقا للشروط المنصوص عليها في العقد.
أما بالنسبة للمشرع المغربي فلم يعرف الصفقة إلا ابتداء من مرسوم 30 دجنبر 1998، حيث عرف الصفقة على أنها كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع- ( وهو الإدارة التي تبرم الصفقة باسم الدولة مع المقاول أو المورد أو الخدماتي)- من جهة، و شخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، ويهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات. كما يعتبر مرسوم 30 دجنبر بمثابة إصلاح قانوني الذي سلكه المغرب في نظام الصفقات العمومية الذي جاء كاستجابة لمطالب الفاعلين في مجال القانون والإقتصاد والذي يشكل منعطفا أساسيا في تاريخ المنظومة التشريعية التي تعاقبت على المغرب في ميدان الصفقات العمومية، وصولا إلى وضع رؤية عصرية لنظام الصفقات العمومية تأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الإقتصادية والمالية والإجتماعية للصفقات رغم المستجدات التنظيمية التي جاء بها مرسوم 1998 فإنه كان محط انتقاد من طرف الفاعلين الإقتصاديين حيث أبرزوا قصوره على مواكبة التحولات الإقتصادية، إضافة إلى التغيرات الكبيرة التي خلفها أثناء الممارسة، هذه الأخيرة كانت وراء تفكير المشرع في إصدار مرسوم 5 فبراير 2007 المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها وذلك وفق سياسة الإنفتاح التي نهجها المغرب على الإقتصاد العالمي، وجاء مرسوم 5 فبراير 2007 بعدة مبادئ مؤطرة لإبرام الصفقات العمومية لضمان حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية والمساواة في التعامل مع المتنافسين والشفافية في اختيار نائل الصفقة، كما كان من أهداف المرسوم إلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب و المنصف لجميع المتنافسين خلال مختلف مراحل إبرام الصفقات العمومية، وترسيخ قيم وأخلاقيات الإدارة، والحد من التدخل البشري عبر نزع الصفة المادية عن المساطر وإلزام صاحب المشروع بنشر المعلومات والوثائق في البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية. ورغم المستجدات التي جاء بها مرسوم 5 فبراير 2007 لتدعيم حكامة إبرام الصفقات العمومية فإن الممارسة العملية بانت عن هشاشة وقصور بعض مقتضياته التي كشفت من عدة اختلالات أبرزها عدم إدخال هذه لصفقات المؤسسات العمومية والجماعات الترابية وغياب آليات فعالة لتسوية الشكايات ، وصعوبة الحد من السلطة التقديرية الواسعة لصاحب المشروع وعدم نشر الثمن التقديري للمشروع، كما أن المرسوم كان محط مذكرة استعجالية من طرف الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى رئيس الحكومة يبرز فيها اختلالات التنظيمية التي تشوب مرسوم 5 فبراير، لهذا تدخل المشرع المغربي عبر وضع ترسانة قانونية جديدة لتجاوز النقائص التدبيرية للصفقات العمومية عبر مرسوم 20 مارس 2013 الذي جاء بعد الدستور 2011 الذي نص على مجموعة من المبادئ التي تهم تخليق الحياة العامة وإقراره مجموعة من المبادئ لتوفير المنافسة الحرة والمشروعة[3].
وقد حاول المشرع المغربي من خلال مرسوم 20 مارس 2013 تكريس وإرساء قواعد ومبادئ الشفافية والنزاهة و التنافسية في تعاملات الإدارة والمساواة بين جميع المتنافسين، وكذا ضمان فعالية النفقة العمومية وإيجاد التوازن بين المصلحة العامة عن طريق مجموعة من الإمتيازات الإستثنائية غير المألوفة في العقود العادية وبين المصلحة الخاصة عبر التنصيص على ضمانات وحقوق لفائدة صاحب الصفقة حتى يتأتى تحقيق الغاية المبتغات من الصفقة العمومية وهي تمكين الإدارة من تحقيق سياساتها العمومية في أسرع وقت ممكن وبشكل أفضل وبأقل تكلفة ممكنة عبر مجموعة من المبادئ والقواعد التي تؤطر الصفقات العمومية وفق ترسانة قانونية تجد سندها في مقتضيات مرسوم 20 مارس 2013 ولعل أبرزها طرق الإبرام التي بواسطتها تبرر الصفقات المتعلقة بالأشغال والتوريدات و الخدمات.
من خلال ما سبق وبعد أن تطرقنا بشكل موجز لتعريف الصفقات العمومية وتطورها على مستوى الترسانة القانونية المنظمة لها، يمكننا التساؤل عن المبادئ والمساطر المؤطرة للإبرام الصفقات العمومية ؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات سوف نعتمد التصميم التالي:
المبحث الأول: مبادئ إبرام الصفقات العمومية
المبحث الثاني: مساطر إبرام الصفقات العمومية
المبحث الأول: المبادئ العامة للصفقات العمومية
تعتبر الصفقات العمومية عقودا إدارية مكتوبة يتم إبرامها وفق الطرق التي تحددها النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، وهي الطرق التي يتوخى منها اتباعها احترام المبادئ العامة لها التي تمكن الإدارة من تحقيق أحسن إنجاز سواء من الناحية الفنية أو المالية ابتغاء المصلحة العامة والحفاظ على المال العام.
و بالرجوع إلى مقتضيات المادة الأولى من مرسوم 20 مارس 2013 فإن إبرام الصفقات العمومية يخضع لمجموعة من المبادئ .
حرية الولوج إلى الطلبية العمومية، المساواة في التعامل مع المتنافسين، ضمان حقوق المتنافسين،الشفافية في اختيار صاحب المشروع،ومن شأن هذه المبادئ أن تمكن من تأمين الفعالية في الطلبية العمومية وحسن استعمال المال العام وتتطلب تعريفا قبليا لحاجات الإدارة واحترام واجبات الإشهار واللجوء إلى المنافسة و اختيار العرض الأفضل اقتصاديا[4].
المطلب الأول : مبدأي المنافسة و الفعالية
الفقرة الأولى: مبدأ المنافسة
يعتبر مبدأ المنافسة قيمة حقوقية مرتبطة بحرية المبادرة الخاصة التي ضمنتها مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011 للحق في ممارستها، حيث أن حق الخواص في مزاولة أنشطتهم كفاعلين اقتصاديين لا تطبق على أرض الواقع، إلا إذا كانت شروط المنافسة مؤطرة بضمانات قانونية نافذة وحماية قضائيا ناجعة[5]، وهو ما ذهب إليه المشرع في مجال الصفقات العمومية من إبرام الصفقات، وقد حدد في المادة الرابعة المتنافس كل شخص ذاتي أو اعتباري يقترح عرضا بقصد إبرام الصفقة، حيث يعطي الحق لكل مترشح تتوفر فيه الشروط القانونية لولوج سوق المنافسة قصد نيل المشروع موضوع الصفقة[6].
وقد عمل المشرع المغربي على توسيع مجال المنافسة وفتح المجال لأكبر عدد من المتنافسين فتكون مقاييس قبول المتنافسين موضوعية وغير تمييزية و متناسبة مع محتوى الأعمال وكما يجب أن تكون ذات صلة مباشرة بتوفير الصفقة المراد إبرمها، فالمقاولة الأجنبية هي كذل كفتح المجال أمامها من أجل تقديم عروضها على المستوى الوطني، شرط صياغة ثمن العروض بالعملة أو بالعملات الأجنبية لموطن المتنافس الأجنبي وأيضا على مستوى اللغة وضمان للمساواة على مستوى التقدم للطلبيات العمومية، وخصوصا من طرف المتنافسين الأجانب، فقد تم التأكيد على وجوبية اللغة أو اللغات التي يجب تحرر بها الوثائق المضمنة في الملفات والعروض المقدمة من طرف المتنافسين.
و لحفظ مبدأ المنافسة وضمانه، كرس مرسوم 20 مارس 2013 عناصر تساهم في تبسيط وتحقيق الوثائق المطلوبة للولوج إلى الطلبيات العمومية، و بذلك عمل التحديد الدقيق للوثائق والملفات الواجب الإدلاء بها من طرف المتنافسين.
الفقرة الثانية: مبدأ الفعالية
إن اعتماد مبدأ الفعالية في التدبير العمومي جاء بعد نجاحه في تجربة المقاولات الخاصة التي تبحث لنفسها الرفع من المردودية والزيادة في الأرباح، ولأن الفعالية في عمل الإدارة العمومية تكون على شكل خدمات وتمثل شكلا نوعيا فيركز على ممارسة أفضل من طرف الإدارة لمهام المصلحة الجماعية التي تقع على عاتقها، وبالتالي فإن هذا المفهوم ليس إلا عبارة عن شكل جديد ومعدل للمفهوم التقليدي للمصلحة العامة[7].
إن مبدأ الفعالية يلزم الإدارة بالنظر إلى المتعاملين معها ليس كمرتفقين بل كشركاء، بحيث كل شريك يبحث من جهة على تحقيق الربح وتبحث الإدارة بدورها على تلبية الحاجات العامة وفق أفضل المواصفات و تحقيقا لمبدأ الفعالية.
من المظاهر التأسيسية لمبدأ الفعالية في ميدان الصفقات العمومية، منح المشرع للسلطة المختصة الحرية في اختيار العرض الأفضل من الناحية الاقتصادية من بين العروض المقدمة، ومن أجل ضمان فعالية مسطرة حرية اختيار العرض الأفضل من الناحية الاقتصادية فقد وضع المشرع حسب الفصل 41 من مرسوم 20 مارس 2013 المنظم للصفقات العمومية لتحقيق مبدأ الفعالية سمح للجنة فحص العروض بإمكانية إقصاء العروض المنخفضة بكيفية عادية أو المفرطة ويعتبر العرض الأكثر أفضلية عرضا مفرطا عندما تجاوز:
ــــ بعشرين في المائة عن الثمن التقدير الذي وضعه صاحب المشروع بالنسبة لصفقات الأشغال والتوريدات والخدمات غير تلك المتعلقة للدراسات، وإذا اعتبر عرضا ما مفرط، يتم اقصاؤه من قبل لجنة طلب العروض[8].
ويعتبر العرض الأكثر أفضلية منخفضا بكيفية غير عادية إذا كان يقل بأكتر من:
ـــ خمسة وعشرين بالمئة بالنسبة للثمن التقديري الذي وضعه صاحب المشروع بالنسبة لصفقات الأشغال. وخمسة وثلاثين بالمائة بالنسبة للثمن التقدير الذي وضعه صاحب المشروع بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات غير تلك المتعلقة بالدراسات.
عندما يعتبر عرضا منخفضا بكيفية عادية، تطلب لجنة طلب العروض كتابة من المتنافسين المعنيين التوضيحات التي تعتبرها مفيدة، بعد فحص الإثباتات المقدمة، يمكن طلب العروض قبول أو رفض هذا العرض بقى تبرير قرارها[9].
المطلب الثاني: مبدأي الشفافية و المساواة
الفقرة الأولى: مبدأ الشفافية
الشفافية كمصطلح تعني القيام بالأمور على الوجه الصحيح من خلال الوضوح والعلنية المطلقة في كل التصرفات التي تقوم بها الإدارة، وهي تتعارض مع مفهوم السر المهني للإدارة الذي يؤسس انغلاق الإدارة من خلال حفظ البيانات والمعلومات التي تهم الأداء الإداري[10]، عكس الشفافية فهي تزيد من الثقة مع الإدارة وتشجيعه على الإخلاص والوفاء معها للقيام بالأعمال والالتزامات التي تكون موضوع الصفقة.
يرتبط مفهوم الشفافية بالكشف عن المعلومات وحرية الوصول إلى المعطيات، كأحد المبادئ الأساسية التي أقرها المشرع المغربي في إبرام الصفقات العمومية، باعتبارها وسيلة في يد السلطات العمومية للسماح بمراقبة حقيقية وموضوعية لها، في نفس الوقت كآلية لتحقيق المساواة بين المترشحين المتعهدين وأيضا السماح للمواطنين بمعرفة وتقييم التدبير العام كون أن هذا الأخير يعد بمثابة العلاقة الرابطة بين الإدارة صاحبة المشروع والمرتفقين من المرافق العمومية التي تساهم في تحقيق التنمية سواء تعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية…
يعتبر نشر البرنامج التوقعي من أهم مظاهر الشفافية، فهو ضمانة توجب الإدارة بأن تتوقع الأشغال والتوريدات التي تريد القيام بها على نحو مضبوط ودقيق فتسمح للمتنافسين والمقاولات إمكانية التعرف على طلبات الإدارة في كل المجالات في بداية كل سنة مالية وذلك قبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير حسب المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013.
كما يشكل نظام الاستشارة أحد العناصر الأساسية التي تقل بمبدأ شفافية الصفقات العمومية، فهو وثيقة تحدد شروط تقديم العروض وكيفية إسناد الصفقات، ويتضمن كل المعايير المتخذة في تقييم العروض، بما فيها:
1-) لائحة المستندات التي يجب أن يدلي بها المتنافسون.
2-) مقاييس قبول المتنافسين بإسناد الصفقة.
3-) العملة أو العمولات القابلة للتحويل التي يجوز التعبير بها عن ثمن العروض إذا كان المتنافس غير مقيم بالمغرب.
4-) اللغة أو اللغات التي يجب أن تحرر بها الوثائق المتضمنة في الملفات والعروض المقدمة من طرف المتنافسين[11].
ويظهر أيضا من خلال المادة 36 من المرسوم المنظم للصفقات العمومية مدى تكريس الشفافية من خلال عمومية الجلسات فتكون جلسة فتح أظرفة المتنافسين عمومي والهدف من وراء ذلك:
– تحقيق المساواة في الولوج في الوصول إلى الطلبيات العمومية، فكل شخص يحق له أن يكون على علم بكل الصفقات التي تعتزم الإدارة صاحبة المشروع إبرامها.
-إتاحة الفرصة للمتعهدين من أجل إيداع أظرفتهم خلال الجلسة نفسها.
-إتاحة الفرصة للمتعهدين من أجل المشاركة في حضور أعمال الجلسة،،حيث يمكنهم تقديم أي تعرض أو ملاحظة[12].
وتشكل طريقة إبلاغ المتنافسين بنتائج طلب العروض مظهرا آخر لإقرار الشفافية في الصفقات العمومية، حيث يجب على الادارة صاحبة المشروع إبلاغ المتنافسين وإخبارهم بنتائج طلب العروض و يتجلى ذلك من خلال المادتين 44 و 45 من مرسوم الصفقات العمومية.كتنزيل لمبدأ الشفافية في مرسوم الصفقات العمومية المغربي يبتدئ من خلال تكريس دعم القواعد الضامنة للشفافية، وذلك عن طريق الشروط الهادفة إلى تدعيم قواعد السلوك القويم داخل الإدارة[13].
الفقرة الثانية: مبدأ المساواة
إن مبدأ المساواة تم إقراره في جميع طرق إبرام الصفقات حيث هذا المبدأ يمكن الإدارة من دخول عدد كبير من المترشحين للمشاركة وتحقيق تكافؤ الفرص بينهم سواء على مستوى شروط تقديم العروض وقبول الطلبات أو على مستوى شروط الإنجازات والمراقبة والمصادقة.
وهو ما ذهب إليه مرسوم الصفقات العمومي المغربي ضمانا لحظوظ متساوية بين مختلف المترشحين كمظهر من مظاهر حكامة الصفقات العمومية.
وتحقيقا لمبدأ المساواة من الناحية العملية قام المشرع المغربي بإحداث نظام التصنيف والاعتماد من أجل تخليق عملية اختيار المتنافسين، ويعتبر هذا النظام من أهم الضمانات التي تم تكريسها من أجل تقوية حظوظ المتنافسين عن طريق إثبات الكفاءات والمؤهلات من طرف سلطة إدارية مستقلة ووفقا لمعايير وإجراءات محددة[14].
إن الشهادة المسلمة في إطار نظام التأهيل هو التصنيف المطبق على صفقات الدولة وصفقات الجهات و العملات والأقاليم والجماعات تحل مكان السلف التقني طبقا للأحكام التنظيمية الجارية على هذا النظام، وأيضا الشهادة المسلمة في إطار النظام الاعتمادي على مطلب الصفقات المهنية لأعمال تقرير الملف التقني[15].
ويعتبر توحيد مسطرة الشروط القانونية من الإشكال القانونية التي تقرر مبدأ المساواة وحسب المادة 24 من مرسوم 20 مارس 2013 التي تنص على الشروط المطلوبة من المتنافسين. فإنه يجوز أن يشارك بصفة صحيحة وأن ينال الصفقات العمومية في إطار المساطر المقررة في هذا المرسوم، الأشخاص الذاتيون أو الاعتباريون الذين:
– يثبتون توفرهم على المؤهلات القانونية والتقنية والمالية المطلوبة.
– يوجدون في وضعية جبائية قانونية لكونهم أدلوا بتصاريحهم ودفعوا المبالغ المستحقة بصفة نهائية طبقا للقانون أو في حالة عدم الأداء لكونهم قدموا صفقات يرى المحاسب المكلف بالتحصيل أنها كافية وذلك طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل بشأن تحصيل الديون العمومية.
– يكونون منخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو في نظام خاص للإحتياط الاجتماعي، ويدلون بصفة منتظمة بتصريحاتهم المتعلقة بالأجور ويوجدون في وضعية قانونية إزاء هذه الهيئات.
– ولا يقبل أن يكون المتنافس من الأشخاص الموجودين في حالة تصفية قضائية أو تسوية قضائية ما عدا الأشخاص المرخص لهم. وأن لا يكون المرشح قد أقصي سواء بصفة مؤقتة أو نهائية حسب ما هو منصوص عليه.
وترسيخ لمبدأ المساواة بين المتنافسين في الإطلاع على المعلومات فقد أصبح كل صاحب مشروع ملزم بنشر برنامجه التوقعي في بداية كل سنة مالية وقبل متم ثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير هدفه تمكين المتنافسين الراغبين في المشاركة لنيل الطلبية العمومية من الاطلاع على الصفقات المزمع تنفيذها في السنة المالية[16].
وحرصا من المشرع المغربي على إقرار مبدأ المساواة في الصفقات العمومية فقد ضمن إشهار طلب العروض في المرسوم ووجب تبليغه ونشره بشتى الطرق الممكنة.
المبحث الثاني: طرق إبرام الصفقات العمومية و المصادقة عليها
وعيا من المشرع بأهمية تدبير الصفقات العمومية في المغرب فقد اتجه إلى تأكيد عزمه نحو إعادة النظر في النظام القانوني من خلال طرق ومساطر إبرام الصفقات العمومية في مرسوم 20 مارس 2013 تبسيطا وتوضيحا للمساطر ولتحسين مناخ الأعمال والمنافسة وتدعيم الشفافية وأخلاقيات تدبير الطلبيات العمومية، وهكذا تبرم الصفقات العمومية من أشغال و توريدات وخدمات، وفق مسطرتين أساسيتين[17]، إما أن تكون عادية تنحصر في طلب العروض أو المبارات (مطلب أول) أو تكون استثنائية تنحصر في المسطرة التفاوضية أو سندات الطلب، وفي مقابل ذلك لا يمكن تنفيذ مقتضيات هذه الصفقة إلا بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة (مطلب ثاني).
المطلب الأول: الطرق العادية لإبرام الصفقات العمومية
وهي الطرق الأكثر وضوحا ودقة في تحقيق الشفافية في اختيار صاحب المشروع ومساواة المتنافسين في الوصول إلى الطلبيات العمومية وبالإضافة الى ذلك خلق اكبر قدر ممكن من المنافسة ضمانا للشرعية والنزاهة في إطار النفقة العمومية وتحقيق المصلحة العامة و تتجلى في الصفقات ابتدءا على طلب العروض والصفقات بناء على مباراة.
إذ أنها تقوم على مبدأ الإشهار كمسألة ضرورية وقاعدة عامة وتكون الإدارة ملزمة باحترام مسطرة الإشهار وإلاوقع تصرفها باطل.
الفقرة الأولى : طلب العروض
إن هذا الأسلوب من التعاقد حل محل طريقة المناقصة، فبموجب هذه الطريقة يمكن للإدارة اختيار المقاول الكفء، وتعتبر هذه المسطرة الأكثر تداولا، والرئيسية لإبرام الصفقات العمومية وهي تستهدف إخضاع نظام التعاقد لأكبر قدر من المنافسة دون أن تكون الإدارة ملزمة باختيار متعاقد بعينه[18].
هذا وينقسم طلب العروض إلى نوعين: طلب العروض مفتوح أو محدود(أولا) ، وطلب العروض الانتقاء المسبق(ثانيا) .
أولا-طلب العروض مفتوح أو محدود
- طلب العروض المفتوح
يكون طلب العروض مفتوحا، عندما يفتح في وجه كل من تتوفر فيه الشروط المشاركة في هذه العملية، فسمح لكل مترشح بالحصول على ملف الاستشارة وبتقديم ترشيحه دون التمييز بين هذا النوع أو ذاك من المترشحين وهي المسطرة التي تضمن شفافية أكبر.
ويكون محدودا عندما لا يسمح بتقديم العروض إلا للمترشحين الذين قرر صاحب المشروع استشارتهم[19].
ويدعى طلب العروض “بالانتقال المسبق” عندما لا يسمح بتقديم العروض بعد استشارة لجنة القبول، إلا للمتنافسين الذين يتوفرون على المؤهلات الكافية لا سيما من الناحية التقنية والمالية[20].
وتتم طلب العروض عبر مراحل:
حيث تبتدئ بنشر طلب العروض المفتوح في بوابة الصفقات العمومية وفي جريدتين توزعان على الصعيد الوطني على الأقل يختارهما صاحب المشروع تكون إحداهما باللغة العربية والاخرى بلغة أجنبية، كما يمكن موازاة مع ذلك تبليغه إلى علم المتنافسين المحتملين وعند الاقتداء الى الهيئات المهنية عن طريق الإدراج في نشره الإعلانات القانونية و القضائية أو الادارية بالجريدة الرسميةأو أي وسيلة أخرى للاشهار ولاسيما بطريقة الكترونية. أضافة الى إشهاره ضمن البوابة الالكترونية للصفقات العمومية، ويجب أن يتم هذا الإعلان قبل التاريخ المحدد لاستلام العروض ب(21) يوما قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة. ويمكن تمديد أجل الإعلان إلى 40 يوما على الاقل في الحالات الآتية[21]:
1-بالنسبة لصفقات الاشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر 63 مليون درهم دون احتساب الرسوم[22].
2- بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر مليون وستمائة ألف دون احتساب الرسوم[23].
3-بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات المبرمة لحساب المؤسسات العمومية والجهات والعمالات والاقاليم والجماعات التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر ثمانية ملايين وسبعمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم[24].
ويمكن تغيير حدود هذه المبالغ بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات.
ويتضمن إشهار الإعلان عدة شروط نصت عليها المادة 20 حيث يجب أن يبين فيه:
– موضوع طلب العروض مع بيان مكان التنفيذ عند الاقتضاء.
– صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض.
– مكتب أو مكاتب صاحب مشروع وعنوانه حيث يمكن سحب ملف طلب العروض.
– المكان واليوم والساعة المحددة لانعقاد جلسة فتح الأضرفة مع الاشارة الى إمكانية تسليم المتنافسين لأظرفتهم مباشرة الى رئيس لجنة طلب العروض عند افتتاح الجلسة.
– الإحالة إلى مادة نظام استشارة التي تحدد لائحة الوثائق المثبتة الواجب على كل متنافس الأداء بها.
– مبلغ الضمان المؤقت عندما يكون هذا الضمان مطلوبا.
– تقدير كلفة الأعمال المعد من طرف صاحب المشروع.
– عند الاقتضاء، المكان واليوم والساعة القصوى لاستلام العينات والنماذج المصغرة والوثائق الوصفية والبيانات الموجزة.
– تاريخ الإجتماع أو زيارة المواقع التي يعتزم صاحب المشروع تنظيمها لفائدة المتنافسين عند الاقتضاء، يجب ان يقع هذا التاريخ في الثلث الثاني من الأجل الذي يسري بين تاريخ نشر الإعلان في بوابة الصفقات العمومية والتاريخ المقرر لفتح الأظرفة.
-عند الاقتضاء العنوان الالكتروني للموقع المستعمل لنشر اعلان طلب العروض.
-ثمن اقتناء التصاميم والوثائق التقنية عند الاقتضاء.
هذا أو تعيين على كل متنافس لإثبات كفائته ومؤهلاته أن يقدم ملفا إداريا وآخر تقنيا وعند الاقتضاء ملفا اضافيا، ويمكن إرفاق كل ملف بقائمة للوثائق التي يتكون منها تم تعدادهاا بالمادة 25 من مرسوم 20 مارس 2013.
ويجب أن تتضمن الفئات التي يقدمها المتنافسون، علاوة على دفتر الشروط الخاصة الموقع الأحرف الأولى والموقع عليه، مستندات الملف الإداري والتقني والملف الإضافي عند الاقتضاء، وعرضا ماليا وإذا كان اقتضى نظام الاستشارة ذلك، عرضا تقنيا برسم الحل الأساسي أو برسم الحل البديل أو برسمهما معا[25] ويظل المتنافسون ملتزمين بالعروض التي قدموها في خلال أجل 75 يوما تحسب ابتداء من تاريخ جلسة فتح الأظرفة[26].
وبعد ما كانت الجلسات سرية في مرسوم 1965 أعطى مرسوم 14 أكتوبر 1976 الخيار للإدارة بين السرية والعلنية، أما مرسوم 1998 فقد نص صراحة في مادته 37 على أن فتح أظرفة المتنافسين يكون في جلسة عمومية، كذلك الأمر بالنسبة لرسوم 5 فبراير 2007 [27]هذا ما أقره مرسوم 20 مارس 2013 الذي نصف المادة 36 على الإجراءات والمقتضيات التي تهم وفتح أظرفة المتنافسين في جلسة عمومية لتكريس مبدأ العلنية والشفافية لطمأنة المشاركين في طلبات العروض باستثناء تلك التي تطرحها إدارة الدفاع الوطني فإن جلسة فتح الأظرفة غير عمومية بالضرورة[28].
ويتم تبليغ النتائج لطلب العروض المفتوح أو المحدود داخل أجل لا يتعدى 5 أيام [29] ابتداء من تاريخ انتهاء أشغال اللجنة طبقا لمقتضيات المادة 44 من مرسوم 20 مارس 2013.
2 – طلب العروض المحدود
يكون طلب العروض المحدود موضوع رسالة دورية مضمونة مع إشعار بالتواصل توجه في نفس اليوم إلى جميع المتنافسين الذين يقرر صاحب المشروع استشارتهم وتتضمن هذه الرسالة الدورية نفس بيانات طلب العروض المقترح[30].
ثانيا ــ طلب العروض بالانتقاء المسبق
نظم المشرع المغربي طلب العروض بالانتقاء المسبق بموجب المواد من 46 إلى 62 من مرسوم 20 مارس 2013، وتلجأ الادارة الى هذه الطريقة اذا تعلق الأمر بأعمال ذات طبيعة معقدة أو طبيعة خاصة تستوجب القيام بانتقاء مسبق للمترشحين في مرحلة أولى قبل دعوة المقبولين منهم لإيداع عروضهم في مرحلة ثانية[31]، حيث تتطلب من المتنافسين توفرهم على مؤهلات كافية لانجاز المشروع وفق المعايير المتطلبة على المستوى التقني والمالي وبجودة عالية و بتكلفة مالية أقل.
ورغم حداثة طلب العروض بانتقاء مسبق في ابرام الصفقات العمومية فإنه لا يختلف عن طلب العروض المفتوح والمحدود[32] نظرا لتشابه الإجراءات المسطرية المنظمة لهما وموضوعهما، باستثناء ما يتعلق ب”الحد القيمي” المتمثل في مليوني درهم كحد أقصى للجوء إلى طلب العروض المحدود في حين أن هذا الحد لا يسري على طريقة إبرام الصفقات العمومية بناء على طلب العروض بالانتقاء المسبق.
وتنقسم الإجراءات بخصوص صفقة طلب العروض بالانتقاء المسبق إلى مرحلتين:
-مرحلة الانتقاء المسبق
-مرحلة تقييم العروض
وينشر الإعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق وفقا لنفس الشروط المقررة بالنسبة لطلب العروض المفتوح المنصوص عليها في المادة 20 من مرسوم الصفقات العمومية.
ويجب أن يتم هذا النشر خلال 15 يوما على الأقل قبل التاريخ المحدد لتلقي ملفات القبول[33].
ويكون كل طلب العروض بالانتقاء المسبق موضوع نظام استشارة يعده صاحب المشروع[34]، كما يكون طلب العروض بالانتقاء المسبق موضوع ملف يعده صاحب المشروع قبل الشروع في المسطرة[35].
وتكون جلسة القبول عمومية، تحرر لجنة طلب العروض بالانتقاء المسبق خلال الجلسة محضرا عن جلسة القبول ويسجل عند الاقتضاء في هذا المحضر الذي لا يجوز نشره أو تبليغه للمتنافسين،الملاحظات أو الاعتراضات المقدمة خلال جلسة القبول من طرف الأعضاء أو من قبل المتنافسين وكذا رأي اللجنة بخصوص هذه الملاحظات أو الاعتراضات، ويبين كذلك أسباب إقصاء المتنافسين المبعدين مع التعليل، ويوقع هذا المحضر على الفور من قبل الرئيس وأعضاء اللجنة خلال الجلسة.
ويلصق مستخرج منه بمقر صاحب المشروع خلال 24 ساعة لإنتهاء أشغال اللجنة لمدة 15 يوما على الأقل، وينشر ذلك في بوابة الصفقات العمومية ويتم تبلغ المتنافسين الذين تم قبولهم والمتنافسين غير المقبولين مع ذكر أسباب الإقصاء برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وفاكس مع إثبات الوصول أو بأية وسيلة أخرى لها تاريخ مؤكد، داخل أجل 5 أيام[36]، من تاريخ انتهاء أشغال لجنة القبول[37].
الفقرة الثانية : المباراة
يمكن تطبيق أسلوب الصفقة بمباراة عندما تكون طبيعة العمل المطلوب إنجازه تقنيا أو جماليا أو ماليا، والذي يحتاج إلى أبحاث خاصة.
وتخضع هذه الصفقة لنفس الإجراءات المتبعة في الصفقة بطلب العروض بالانتقاء المسبق. والتي تقتضي الفرز الأولي للمترشحين لتحديد المقبولين منهم، ثم القيام بالتباري فيما بينهم لأجل الحصول على الصفقة[38].
وتتعلق المباراة إما:
– بتصور مشروع،
– بتصور مشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به معا،
– إما في آن واحد بتصور مشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به وتتبع مراقبة إنجازه،
– إما بتصور وإنجاز مشروع عندما يتعلق الأمر بصفقة تصور وإنجاز[39].
ويخضع هذا النوع من الصفقات لنفس الإجراءات المتبعة في الصفقة بطلب العروض
والمتمثلة في:
1-الإشهار
يقتضي إشهار نية الادارة في عقد الصفقة، ليتم وصولها إلى علم المتنافسين الذين يهمهم الأمر وبنشر إعلان المباراة طبقا للكيفيات المقررة بخصوص مسطرة طلب العروض.
- برنامج المباراة
ويتم تنظيم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع، وينص برنامج المباراة على منح جوائز الى الخمسة مشاريع ترتيبا من بين المشاريع المقبولة. ويحدد مبالغ هذه الجوائز.
يتم خصم مبلغ الجائزة الممنوحة لنائل الصفقة من المبالغ المستحقة له برسم الصفقة. ويطبق هذا المقتضى أيضا على نائل صفقة تصور وإنجاز[40].
- نظام المباراة
تكون المباراة موضوع نظام مباراة يعده صاحب المشروع وفقا للكيفيات والمبادئ المنصوص عليها في المادة 66 من مرسوم 20 مارس.
4-ملف المباراة
تكون مباراة موضوع ملف يعده صاحب المشروع ويضم ما يلي:
أ- نسخة من إعلان المباراة
ب- برنامج المباراة
ج- نموذج طلب القبول،
د- نموذج التصريح بالشرف،
ه- نظام المباراة[41].
أما بخصوص جلسة القبول ومحضر الجلسة فيتم مراعاة نفس الكيفيات والشروط لمسطرة العروض.
ويتم تبليغ المتنافسين بالنتائج النهائية لجلسة القبول الذين تم قبولهم والمتنافسين غير المقبولين مع ذكر أسباب الإقصاء برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وفاكس مع إثبات الوصول أو بأية وسيلة أخرى لها تاريخ مؤكد داخل أجل (5) خمسة أيام[42] من تاريخ انتهاء أشغال لجنة القبول[43].
يتضح من خلال ما سبق، أن مسطرة المباراة تحتل أهمية وفعالية كبيرة، نظرا لأنها تسمح باختيار يوفق بين منح الإدارة في سلطة تقديرية في اختيار وابتكار بعض الحلول لتجسيد المشاريع المزمع بلوراتها وتنفيذها وبين اختيار المتقدم بأحسن عرض مع الأخذ بعين الاعتبار الثمن والحاجيات التي يتعين أن يستجيب لها، مع ضرورة استدعاء الدوافع التقنية والجمالية والمالية وضرورات التنمية، وتطرح الصفقة عن طريق المبارات معادلة ثلاثة الأبعاد: الثمن، الجودة، المدة[44].
المطلب الثاني: الطرق الاستثنائية
الفقرة الأولى : الصفقات التفاوضية وأعمال سندات الطلب
بالرغم من التوجه العام في إبرام الصفقات نحو طلب العروض و المباراة، وهي الطرق التي تمكن من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية والشفافية في التعامل مع المترشحين و تكريسا للمساواة والعلانية والمنافسة الشريفة، إلا أنه قد تحول ظروف دون الإلتجاء إلى إبرام الصفقات بالطرق العادية التي تحترم بشكل صريح جل المبادئ التي تم تكريسها في مرسوم الصفقات العمومية وتلجأ الى الصفقات التفاوضية أعمال سندات طلب، وصفقات الهندسة المعمارية التي تعتبر من أهم المستجدات التي تضمنها مرسوم 2007 الذي خصص لها بما مجموعه 40 مادة من (الفصل 89 إلى الفصل 129) كما لا تصبح الصفقة سارية المفعول الا بعد المصادقة عليها.
أولا: الصفقات التفاوضية وأعمال سندات الطلب
1- الصفقات التفاوضية
إن إبرام الصفقات العمومية بالطريقة التفاوضية يستوجب من السلطة المعنية إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على هذا الشكل وأن توضح الأسباب التي أدت بها إلى هذه الحالة باستثناء الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها اعتبارا لضرورات تقنية أو لصيغتها المعقدة إلا لصاحب الأعمال المستعجلة التي يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروطها، وهي طريقة تختار بموجبها، لجنة التفاوض، نائلا للصفقة بعد استشارة متنافس أو أكثر والتفاوض بشأن شروط الصفقة وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 84 من مرسوم 20 مارس 2013.
فالمسطرة التفاوضية تعتبر وسيلة بيد صاحب المشروع للمناقشة والتفاوض بشكل مباشر مع المقاولات التي يمكن أن تلبي حاجات الإدارة، فاختيار المتعهد يأتي بقرار جماعي للجنة التفاوض، و المعينة من طرف صاحب المشروع وتحت مسؤوليته، فالاختيار يأتي بعد استشارة المتنافسين و التفاوض حول شروط الصفقة فالفصل 84.1 أعطى للإدارة حرية اختيار المنافسة و المفاوضة مع مرشح واحد أو عدة مترشحين، على أن لا يقل العدد على (3) ثلاثة مترشحين. هذه الإمكانية تخول الإدارة المتعاقدة إستقلالية واسعة، لأنه بإمكانها تحديد بحرية المتعاقد وشروط المفاوضات، وقد حدد المشرع الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الصفقة التفاوضية وهي قسمان:
– صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق وإجراء مناقشة؛
– صفقات تفاوضية بدور إشهار مسبق وبدون إجراء مناقشة.
فبالنسبة لصفقات التفاوض بعد إشهار مسبق وإجراء مناقشة حددها مرسوم 20 مارس 2013 في حالتين:
-الحالة الأولى: تهم الصفقات التي تعلن فيها مسطرة عديمة الجدوى، إذا تعلق الأمر بعدم تقديم أي عرض أو عدم قبول العروض المقدمة أي أن مسطرة طلب العروض أو المباراة أعلنت عديمة الجدوى مع اشتراط أن المسطرة كانت سليمة، وعدم إدخال أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة ولا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ نشر التصريح بعدم جدوى المسطرة وتاريخ نشر الإعلان عن الصفقة التفاوضية واحد وعشرون (21) يوما.
-الحالة الثانية: حالة تقصير صاحب الصفقة أثناء تنفيذها، مما يستدعي البحث عن متعاقد آخر وفقا للشروط الواردة في الصفقة الأصلية.
فبالنسبة للحالتين يجب اتباع المسطرة التالية:
– إشهار الإعلان عن الصفقة في جريدة ذات توزيع وطني وفي بوابة الصفقات العمومية؛
إعلان إشهار يجب أن يضم: موضوع الصفقة، صاحب المشروع، عنوان ومكتب سحب ملف الصفقة، المستندات الواجب الإدلاء بها، مكتب إيداع عروض المتنافسين، عنوان الموقع الالكتروني المستعمل في النشر، التاريخ الأقصى لإيداع الترشيحات؛
ــ الأجل الأدنى للنشر: عشرة (10) أيام[45]؛
ملف الصفقة التفاوضية يضم
– نسخة من إعلان الإشهار؛
– دفتر التحملات؛
– التصاميم؛
– عقد الإلتزام؛
– جدول الأثمان والتقدير المفصل؛
– تحليل الأثمان بالنسبة للصفقات بأثمان إجمالية عند الاقتضاء؛
– العناصر المكونة للعرض التقني عند الاقتضاء.
أما بالنسبة للمسطرة المتبعة في الصفقة التفاوضية:
– توجهه الترشيحات المحتوية على الملفين الاداري والتقني و الإضافي بأية وسيلة مؤكدة؛
تفحص لجنة التفاوض الترشيحات التي تم التوصل بها؛
– ضرورة ثلاثة متنافسين؛
– توجه رسالة استشارة إلى المقبولين لإيداع عروضهم. مع توجيه رسالة إلى المقصيين لتبيان أسباب إقصئهم؛
– بعد استلام العروض، في لجنة التفاوض المفاوضات مع المتنافسين المقبولين بصورة متزامنة؛
– في نهاية المفاوضات تقترح اللجنة العرض الأكثر أفضلية[46].
فالثمن هو العنصر الأكثر تفاوضا من طرف لجنة التفاوض، في مرسوم 20 مارس 2013 حدد ايضا المفاوضات حول الأجل وظروف التنفيذ، وتأثير الثمن على الأجل.
ويمكن في التفاوض التطرق إلى ضمانات حسن التنفيذ للصفقة (كفوائد التأخير وشروط الفسخ…)
وهذه المعايير تعتبر وسيلة اختيار العرض الأفضل اقتصاديا.
– تدون المفاوضات في تقرير يوقعه رئيس و أعضاء لجنة التفاوض، ويرفق بملف الصفقة.
فالصفقات التفاوضية كما سبق الإشارة إليه بأنها وسيلة بيد صاحب المشروع لاختيار المرشحين والتفاوض معهم من قبل لجنة التفاوض المعنية من قبله، نظرا لخصوصيات هذا النوع من الصفقة الذي يهم بعض الأعمال التي تتسم بطابع خاص يميزها عن باقي الصفقات الأخرى. فنجد المشرع المغربي يحدد الصفقات التفاوضية بدون إشهار مسبق و بدون إجراء منافسة في سبعة حالات وهي كالآتي:
1- الأعمال التي لا يمكن القيام بها الا من طرف صاحب أعمال محددة لخصوصيتها التقنية والمعقدة.
2- الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام للحفاظ على سريتها.
3-أصحاب الأعمال الحاملين براءات الاختراع.
4- حالات الاستعجال الناجمة عن ظروف غير متوقعة كالكوارث الطبيعية ولكن مع احترام الحاجيات التي تطلبتها ظروف الاستعجال.
5- الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية الشروع في تنفيذها قبل تحديد شروط الصفقة.
6- تنظيم الحفلات أو الزيارات الرسمية التي تكتسب صبغة استعجالية وغير متوقعة.
7- الأعمال الإضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت إليه الصفقة، ويجب أن لا تتجاوز نسبة عشرة في المئة (10%) وتعتبر تكملة لها، ويجب أن تبرم وفق عقود ملحقة بالصفقات الأصلية[47].
وحدد المشرع شكل الصفقات التفاوضية في المادة 87 من مرسوم 20 مارس 2013 حيث نصت بأن الصفقات التفاوضية تبرم إما بناء على عقد التزام يوقعه الراغب في التعاقد وعلى دفتر الشروط الخاصة، وإما بصفة استثنائية، بتبادل الرسائل أو اتفاقية خاصة بالنسبة للأعمال المستعجلة المنصوص عليها في حالة الاستثناء الواردة في الفقرة 5 من البند الثاني من المادة 86 أعلاه، التي يتلائم إنجازها مع إعداد الوثائق المكون للصفقة.
ويبين تبادل الرسائل أو الاتفاقية الخاصة المذكورة على الأقل على طبيعة العمليات وكذا حدود التزامات السلطة المتعاقدة من حيث المبلغ والمدة ويحدد لها ثمنها نهائيا أو مؤقتا، وفي هذه الحالة الأخيرة، لا يجوز أن يؤدي أي دفع أي سلفة أو دفعات مسبقة. ويجب أن تتم تسوية تبادل الرسائل أو الاتفاقية الخاصة على شكل صفقة بثمن نهائي الثلاثة أشهر الموالية.
2- أعمال بناء على سندات الطلب
يعد هذا الأسلوب استثنائيا في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات. وبمقتضاه يحق لصاحب المشروع القيام باقتناء توريدات ممكن تسليمها في الحال، وإنجاز أشغال أو خدمات في حدود مبلغ مئتي ألف (200000) درهم[48]. مع احتساب الرسوم، ويراعي هذا الحد في إطار سنة مالية واحدودة وحسب نوع الميزانية مع اعتبار كل آمر بالصرف أو آمر بالصرف المساعد وحسب أعمال من نفس النوع[49].
فالطلبيات العمومية ليست في حاجة دائمة إلى المصادقة المسبقة، بل يكفي لكي تكون صحيحة أم تبرم من طرف المفوضين للالتزام (الآمر بالصرف أو الآمر بالصرف المساعد) مع احترام قواعد المحاسبة العمومية، وهي ليست بشكل صفقات، وتمكن الإدارة من اقتناء ما تحتاجه من أدوات أو خدمات أو إنجاز أشغال إذا لم تتجاوز قيمتها مبلغا معينا[50].
وينبغي أن تتضمن هذه السندات مواصفات ومحتوى الأعمال المراد تلبيتها، وعند الاقتضاء أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم وشروط الضمان. ويجب أن تخضع الأعمال موضوع سندات الطلب إلى المنافسة قدر الإمكان، وحسب الوسائل اللازمة. ما عدى إذا استحال اللجوء اليها أو كانت تتعارض مع العمل. ويلزم صاحب المشروع لهذه الغاية باستشارة ثلاثة متنافسين على الأقل و بتقديم بيانات مختلفة للأثمنة[51]، على الأقل مقدمة من طرف المتنافسين المعنيين ما عدا في حالة الاستحالة أو عدم الملاءمة. وفي حالة عدم ملائمة إجراء منافسة أو استحالة تقديم ثلاثة بيانات للأثمان يعده الآمر بالصرف أو الآمر بالصرف المساعد أو الشخص المؤهل، عند الاقتضاء، مذكرة تبرر هذه الإستحالة أو عدم الملائمة.
ونظرا لخصوصيات بعض القطاعات الوزارية، يمكن لرئيس الحكومة أن يأذن فيما يتعلق ببعض الأعمال برفع حد مائتي ألف (200000) درهم مع احساب الرسوم بموجب مقرر يتخذه بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات وتأشيرة الوزير المكلف بالمالية وذلك دون تجاوز خمسمائة ألف (500000) درهم مع احتساب الرسوم. أما بالنسبة للمؤسسات العمومية، يمكن رفع حد مائتي ألف (200000) درهم مع احتساب الرسوم بموجب مقرر لمدير المؤسسة العمومية يتخذه بعد موافقة مجلس الإدارة وتأشيرة الوزير المكلف بالمالية وذلك من دون تجاوز خمسمائة الف (500000) درهم مع حساب الرسوم[52].
الفقرة الثانية: إدماج صفقات أعمال الهندسة المعمارية
لقد جاء إدماج أعمال الهندسة المعمارية ضمن نصوص المرسوم الجديد ، حيث خصص لها الباب الخامس ، محدثا بذلك القطيعة مع النظام القديم ( عقد المهندس النموذج) و الذي تم العمل به منذ سنة 1947 من طرف الإدارات العمومية ، و الذي كان يتيح لها هامشا أكبر في اختيار المهندس المعماري دون التقيد بمسطرة خاصة ، و في غياب تام لمبادئ الشفافية و المنافسة ، حيث ظلت هذه الأعمال المجال الخاص لبعض المهندسين و حكرا عليهم دون الآخرين .
و قد خصص مرسوم 20 مارس 2013 تسعا و ثلاثين مادة لهذه الأعمال في بابه الخامس ، نظرا لأهميتها الخاصة في ارتباطها بإنجاز الصفقات الكبرى و الذي يكون موضوعها مرتبط بالبنيات التحتية ، الشيء الذي يتطلب تأطيرا من طرف مهندس معماري، و مراقبة و مواكبة تنفيذها كما أن هذا المستجد المتمثل في إدماج صفقات أعمال الهندسة المعمارية كان مطلبا نادت به الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين خلال مرحلة إعداد المرسوم، و ذلك لما كان يشكله التنظيم السابق من نقائص على مستوى الشفافية و المنافسة والمساواة ، حيث لا تتيح للمهندسين المعماريين سهولة الولوج للتعاقد مع الإدارة.
و قد حدد الباب الخامس من مرسوم 20 مارس 2013 كما سبق أن أشرنا إلى ذلك ، حيث تم تحديد طرق إبرام الهندسة المعمارية ، في الاستشارة المعمارية ، المباراة المعمارية ، و الاستشارة المعمارية التفاوضية[53].
- الاستشارة المعمارية
تمكن الاستشارة المعمارية صاحب المشروع من اختيار المهندس المعماري الذي قدم العرض الأكثر أفضلية ، بعد إجراء تباري مفتوح في وجه جميع المهندسين المعماريين على أساس برنامج للاستشارة المعمارية . و بعد استطلاع رأي لجنة الاستشارة المعمارية ، يتم اللجوء إلى الاستشارة المعمارية بالنسبة للمشاريع التي تقل الميزانية الإجمالية المتوقعة للأشغال المرتبطة بها عن عشرين مليون درهم دون احتساب الرسوم[54] .
كما تبرم العقود المتعلقة بعمليات التجزئة عن طريق الاستشارة المعمارية.
و لقد عرفتها المادة 91 من مرسوم 20 مارس 2013 بأنها مسطرة يتبارى من خلالها مهندسون معماريون على أساس برنامج مباراة ، و يتيح الصاحب المشروع بعد استطلاع رأي لجنة المباراة ، اختيار تصور للمشروع، و إسناد تتبعه ، ومراقبة تنفيذه فيما بعد إلى صاحبه ، و مكافأة أصحاب المشاريع الأحسن ترتيبا .
و تقوم الاستشارة المعمارية على أساس برنامج يبن المحتوى و الحاجات التوقعية التي يتعين أن يستجيب لها المشروع، كما تضع لنفس المسطرة المتبعة في مسطرة المباراة، بما في ذلك من إشهار مسبق ، وإيداع للعروض ، و فتح الأظرفة في جلسة عمومية من طرف لجنة الاستشارة المعمارية ، و تقييمها لعروض المهندسين المتنافسين.
- المباراة المعمارية
المباراة المعمارية هي مسطرة يتبارى من خلالها مهندسون معماريون على أساس برنامج المباراة ، لاختيار تصور لمشروع ، و إسناد تتبعه و مراقبة تنفيذه فيما بعد إلى صاحبه ، و مكافأة المشاريع أحسن ترتيبا .
و تخص المشاريع التي تعادل أو تفوق ميزانيتها الإجمالية المتوقعة للأشغال المتعلقة بالمشروع عشرين مليون درهم دون احتساب الرسوم ، مع إمكانية اللجوء إلى المسطرة حتى بالنسبة للمشاريع التي يقل مبلغها عن هذا الحد[55].
- الاستشارة المعمارية التفاوضية
الاستشارة المعمارية التفاوضية طريقة إبرام تختار بموجبها لجنة تفاوض نائل العقد، بعد استشارة متنافس أو أكثر ، و التفاوض بشأن شروط هذا العقد ، و تتعلق هذه المفاوضات على الخصوص بالأتعاب ، و الآجال و شروط تنفيذ العمل.
و لا يمكن أن تخص هذه المفاوضات الموضوع ، و البرنامج المعد من طرف صاحب المشروع . و تعين لجنة التفاوض من طرف السلطة المختصة أو الأمر بالصرف المساعد . و تتكون هذه اللجنة من رئيس وممثلين اثنين عن صاحب المشروع يكون أحدهما مهندسة معماريا . و في حالة عدم توفر صاحب المشروع على مهندس معماري ، يطلب من إدارة أخرى أن تضع رهن إشارته مهندسا معماريا لهذه الغايةو يقدم في مرحلة الترشيح كل مهندس ملفا إداريا يضم جميع الوثائق المقررة من الاستشارة المعمارية طبقا للمادة 97 من المرسوم ، و تكون المفاوضات موضوع تقرير يوقعه صاحب المشروع و يرفق بعقد ، و يتضمن هذا التقرير لائحة المهندسين المعماريين المشاركين و المهندسين المعماريين الذين ترشحوا و الذين تم التفاوض معهم ، و موضوع هذه المفاوضات وجودة مقترحاتهم ، و مبالغ عروضهم ، و الأسباب التي أدت إلى اختيار المهندس المعماري المقبول .
و تشترط المادة 129 من مرسوم الصفقات العمومية إعداد شهادة إدارية من طرف السلطة المختصة ، أو من طرف الآمر بالصرف المساعد، تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام العقد على الشكل المذكور ، و الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة[56].
و يتم اللجوء إلى الاستشارة المعمارية التفاوضية ، و تبرم عقودها إما بعد إشهار مسبق و إجراء المنافسة ، أو دون إشهار مسبق مع استشارة كتابية الثلاثة مهندسين معماريين على الأقل ، أو دون إشهار مسبق و دون إجراء منافسة[57].
خاتمة:
نظرا لأهمية الصفقات العمومية في تحريك الاستثمار العمومي على المستوى الوطني والمحلي فقد أحاطها المشرع المغربي بمجموعة من القواعد التدبيرية والتنظيمية، يجب على الأشخاص المعنوية العامة الالتزام بها خصوصا عند مرحلتي الإبرام والمصادقة من أجل تكريس الحكامة الجيدة التي نص عليها مرسوم 20 مارس 2013، والتي تعتبر مدخلا لتطوير نظام الصفقات العمومية نحو الفاعلية والكفاءة، وتتعلق مبادئ حكامة تدبير الصفقات العمومية في ضمان حرية الولوج الطلبيات العمومية والمساواة بين المتنافسين وضمان حقوقهم والشفافية في اختيار نائل الصفقة، مع ضرورة احترام البيئة، ووضع الادارة برنامجها التوقيعي ونشره، ثم احترام مبدأ العلنية واختيار العرض الأفضل اقتصاديا.
ومن خلال دراستنا الإطار القانوني لإبرام الصفقات العمومية تبين لنا مدى إحاطتها بمجموعة من الإجراءات التدبيرية التي تنحو منحى ضمان المنافسة بين المتنافسين و تقييد السلطة التقديرية للإدارة عبر الامتثال للمبادئ التي تجد سندها في مقتضيات مرسوم 20 مارس 2013.
وتعد مرحلة المصادقة على الصفقة العمومية بمثابة إعلان السلطة المختصة بذلك قانونا على موافقتها على تنفيذ مشروع الصفقة و تترتب عن المصادقة حقوق والتزامات بالنسبة لصاحب الصفقة كما تترتب عنه امتيازات وواجبات بالنسبة للإدارة صاحبة المشروع.
وبناء على ما سبق يمكننا تقديم بعض الاقتراحات من أجل النهوض بتنافسية وشفافية الصفقات العمومية على مستوى المبادئ والطرق التي تؤطرها.
- ضرورة تعديل مرسوم 20 مارس 2013 المنظم للصفقات العمومية، عبر وضع مدونة قانونية للصفقات العمومية لجمع شتات النصوص القانونية و التنظيمية التي تدخل في مجال الصفقات العمومية.
- التقليص من اللجوء إلى سندات الطلب و المسطرة التفاوضية لإبرام الصفقات العمومية.
- التوسيع من اللجوء الإلكتروني لإبرام الصفقات العمومية.
- الإلتزام بالإعتمادات المالية التي تم رصدها لإبرام الصفقات العمومية.
لائحة المراجع:
الكتب و المجلات
ـــ مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب، الأشغال، التوريدات، الخدمات، مطبعة النجاح الجديدة، 2009.
ـــ كريم لحرش، مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية، سلسلة اللامركزية و الإدارة الترابية، العدد 22، 2014.
ـــ عبد اللطيف الشدادي،نظام الصفقات العمومية، مطبعة سيليكي أخوين، طنجة 2019.
ـــ عبد الكريم النوجي، موجز محاضرات الصفقات العمومية بكلبة السداسي السادس، قانون عام، السنة الجامعية: 2018ــ2019.
الأطروحات و الرسائل:
ـــ دنيا مكوار، الصفقات العمومية بين النص القانوني و الرقابة القضائيةــ دراسة مقارنةــ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية سكات، السنة الجامعية 2028ــ2028.
ـــ نجاة البرهوني، الصفقات العمومية ــ عقد الأشغال العمومية نموذجاــ ، رسالة لنيل شهادة الماستر ، وحدة الدراسات العقارية و التعمير، كلية الحقوق ، سطات، السنة الجامعية 2017ــ2016.
ـــ إدريس المرابط، النطام القانوني للصفقات العمومية بالمغرب و مدى تأثره بالنموذج الفرنسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر، السنة السنة الجامعية 2012ــ 2013.
نصوص قانونية:
ــــ دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
ـــ مرسوم رقم 2.12.349 صادر في 8 جمادى الأولى 1434 الموافق ل 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية.
[1]دنيا مكوار، الصفقات العمومية بين النص القانوني والرقابة القضائية، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة الحسن الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات، السنة الجامعية 2018-2019.
[2] يقصد بالصفقة لغويا: ضرب اليد على اليد الأخرى، حيث يقال: صفق على يده بمعنى ضرب على يده، وفي ذلك علامة لحصول اتفاق، و من أجل هذا أطلقت كلمة صفقة على جميع عمليات شراء مواد أو القيام بخدمات أو أو إنجاز أشكال معينة، أما كلمة عمومية، فيقصد بها جانب الدولة أو أحد الأشخاص المعنية التابعة لها.
[3] ينص الفصل 36 من الدستور على مايلي:
يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي، على السلطات العمومية الوقاية، طبقا للقانون، من كل أشكال الإنحراف المرتبطة بنشاط الأدارات و الهيئات العمومية،وباستعمال الأموال الموجودة تت تصرفها و بإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، و الزجر عن هذه الإنحرافات,
ويعاقب القانون على الشطط في استغلال مواقع النفوذ و الامتياز، ووضعيات الإحتكار و الهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة و المشروعة في العلاقات الإقتصادية…
[4] المادة الأولة من مرسوم رقم 2.12.349 بتاريخ 20 مارس 2013
[5] إدريس المرابد
[6] المادة الرابعة من مرسوم 20 مارس 2013.
[7] كريم لحرش، مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية، سلسلة اللامركزية و الإدارة الترابية، العدد 2014، 22 ، ص 143
[8][8] المادة 41 من مرسوم 20 مارس 2013
[9] المادة 41 من مرسوم 20 مارس 2013
[10] إدريس المرابط، النظام القانونني للصفقات العمومية بالمغرب و مدى تأثيره بالنموذج الفرنسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر، 2012ــ 2013.
[11] المادة 18 من مرسوم 20 مارس 2013.
[12] للمزيد من التفاصيل ــ كريم لحرش مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية ص 145.
[13] إدريس المرابذ، النظام القانوني للصفقات العمومية بالمغرب و مدى تأفيره بالنموذج الفرنسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في وحدة التكوين و البحث و الشراكة بين القطاع العام و الخاص، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية صطات، السنة الجامعية 2012ــ2013، مرجع سابق ، ص 17.
[14] كريم لحرش، مستجدات المرسوم الجديد، مرجع سابق، ص: 146.
[15] المادة 25 من مرسوم الصفقات العمومية المغربي.
[16] مرسوم الصفقات العمومية المغربي.
[17] المادة من مرسوم رقم 2.12.349 صادر في 20 مارس 2013.
[18] نجاة البرهومي، الصفقات العمومية ، عقد الأشغال العمومية نموذجا، رسالة لنيل شهادة الماستر، وحدة الدراسات العقارية و التعمير، كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول، سطات 2016ــ 2017 ص 11.
[19]وسواء تعلق الأمر بطلب العروض مفتوح أو محدود فينبغي أن تخضع هذه المسطرة للمبادئ و الكيفيات التي تم التنصيص عليها في المادة 17 من مرسوم رقم 2ــ12ــ349 بتاؤيخ 20 مارس 2013.
[20] المادة 16 من مرسوم 2.12.349 بتاريخ 20 مارس 2013.
[21] المادة 20 من مرسوم 2.12.349 بتاريخ 20 مارس 2013
[22] كان المبلغ محدد بمقتضى ممرسوم 5 فبراير 2007 في 65000000 خمسة وستين مليون درهم.
[23] كان المبلغ محدد بمقتضى ممرسوم 5 فبراير 2007 في 65000000 خمسة وستين مليون ذرهم.
[24] تمت إضافة هذه المحالة بمقتضى مرسوم 2.12.349 بتاريخ 20 مارس 2013.
[25] المادة 27 من مرسوم 20 مارس 2013.
[26].كان هذا الأجل محددا في 60 يوما في ظل مرسوم 5 فبراير 2007، مع إمكانية التمديد ل 90 يوما إذا نص دفتر الشروط على ذلك.
[27] النطام القانوني للصفقات العمومية بالمغرب و مدى تأثره بالنموذج الفرنسي، مرجع سابق، ص25.
[28] المادة 171 من مرسوم 20 مارس 2013.
[29] بمقتضى مرسوم 5 فبراير 2007 كان الأجل محدد في 10 أيام.
[30] المادة 20 من مرسوم 20 مارس 2013.
[31] المادة 46 من مرسوم 20 مارس 2013.
[32] دنيا مكوار، الصفقات العمومية بين النص القانوني و الرقابة القضائيةــ دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 31.
[33] المادة 46 من مرسوم 20 مارس 2013.
[34] المادة 48 من مرسوم 20 مارس 2013.
[35] للإطلاع على مختلف الوثائق ة المسطرة المتبعة، ينظر المادة 49 من مرسوم 20 مارس 2013.
[36] المادة 54 من مرسوم 20 مارس 2013.
[37] تم تقصير هذا الأجل إلى خمسة أيام بخلاف مرسوم 5 فبراير 2007 الدي كان ينص هل أجل 5 أيام، تكمن الغاية من التعديل تبسيط المساطر و السرعة في الإجراءات لإضفاء المرونة على المعاملات الإدارية.
[38] مليطة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب الأشغال ــ التوريدات ــ الخدمات، الطبعة الّأولى1430 ــ 2009، ص 125.
[39] المادة 63 من مرسوم 20 مارس 2013.
[40] نجاة البرهومي، الصفقات ــــ عقد الأشغال العمومية نموذجاـ مرجع سابق، ص 26.
[41] المادة 67 من مرسوم 20 مارس 2013.
[42] تم تقصير هذا الأجل إلى 5 أيام بخلاف مرسوم 5 فبراير 2007 الذي كان ينص على أجل 10 أيام، و لعل الغاية من هذا التعديل تبسيذ المساطر و السرعة في الإجراءات لإضفاء المرونة على المعاملات الإدارية.
[43] المادة 55 من المرسوم السالف الذكر.
[44] دنيا مكوار، ــ إدريس المرابط، النظام القانوني للصفقات العمومية و مدى تأثره بالنموذح الفرنسي، مرجع سابق، ص: 31.
[45] المادة 85 من نفس المرسوم.
[46] المادة 86 من نفس المرسوم
[47] المادة 86 من المرسوم.
[48] مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب الأشغال ـ التوريدات ــ الخدمات مرجع سابق، ص ، 136.
[49] يراعى حد مائتي ألف 200000 جرهم في لإطار سنة مالية، و المعلوم أن السنة المالية بالمغرب تبتدأ من 1 يناير و تنتهي في 31 دجنبر، و حسب نوع ال الميزانية، المقصود هل يتعلق الأمر بميزانية التسيير أو الإستثمار، أو ميزانية مرفق عمومي مسير بطريقة مستقلة.
[50] فحسب ظهير 1958 الخاص بالمحاسبة العمومية، كان هذا الرقم محدودا في 10.000 درهم، و مع ارتفاع الأسعار و ازدياد حاجيات اللإدارة بلغ مقداره 30000 درهم مع صدور مرسوم 1976، و منذ 1998 إلى الآن 200000 ددرهم، مع إمكانية رفع السقف إلى 500000 درهم.
ـــ عببد الكريم النوحي، موجز محاضرات الصفقات العمومية لطلبة السداسي السادس، قانون عام، السنة الجامعية 2018 ــ 2019.
[51] مليكة الصروخ، الصفقات العمومية، نفس المرجع، ص 1137.
[52] المادة 86 من مرسوم 20 مارس 2013.
[53] عبد اللطيف الشدادي، نظام الصفقات العمومية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، م. سيليكي أخوين طنجة 2019، ص: 260.
[54] المادة 91 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية.
[55] المادة 112 من مرسوم 20 مارس 2013
[56] المادة 129 من مرسوم 20 مارس 2013
[57] مرجع نفسه، ص 278.