في الواجهةمقالات قانونية

فيروس كورونا يحيي مطالب إحداث الضريبة على الثروة بالمغرب

 

   

يوسف لكيتوف/ طالب باحث بسلك الماستر كلية الحقوق أكادير

 

فيروس كورونا يحيي مطالب إحداث الضريبة على الثروة بالمغرب

 

(لا تزال الكتابات المالية تتدكر المثال الشهير الذي ضربه الأستاد “كالدور” عندما قال بأن الضرائب على الدخول لا تفرق بين المتسول الذي لا يتوفر على دخل أو ثروة ومهراجا الهند الذي لا يحصل على دخل بل يملك ثروات كبيرة)

تعتبر الضريبة من أقدم و أهم المصادر المالية و ذلك نظرا لأهمية الموارد التي توفرها لها، وتزايدت أهمية الضريبة بتزايد حصتها في الإيرادات العامة، وكذا الدور الكبير الذي تلعبه في مجال تحقيق الأهداف المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للدولة[1]،والضريبة هي بذلك الرابط المادي الذي يربط الأشخاص بالدولة[2].

إذا كان الهدف من الإصلاح الضريبي إصلاحا يراد به التغيير، فإن ذلك لا يعني التركيز فقط على النص الضريبي بل يجب التركيز أيضا على عوامل متعددة ومقاربات مختلفة، السياسية منها، والسوسيولوجية، والثقافية، والإيديولوجية الاعتقادية والاجتماعية، على اعتبار أن النظام الضريبي هو انعكاس للبنيات الاجتماعية . و في هذا الصدد، تهدف الجهود المبذولة من طرف الحكومات المغربية المتعاقبة وأغلب الأحزاب السياسية إلى إصلاح النظام الضريبي ، وإعادة هيكلة الإدارة الضريبية، وترشيد آليات عملها. هذا وقد تم العمل على إرساء أسس نظام ضريبي حديث، يستجيب للمعايير الدولية ومتقارب مع الأنظمة المعمول بها في بلدان البحر المتوسط ، ويرتكز هذا النظام على أربع دعائم: الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات، و رسوم التسجيل و التنبر.

فاليوم نحن بالمغرب بصدد نقاش وطني واسع حول فرض ضريبة الثروة، لتدعيم سياسات التنمية وتنمية البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية باتخاذ تدابير يتوخى منها على الخصوص توسيع القاعدة الجبائية، والتقليص من الإعفاءات وعقلنتها، وتبسيط النظام الجبائي مع العمل على عصرنته وملاءمته مع التشريعات الضريبية الدولية، كما أن إقرار هذه الضريبة يحضى باهتمام كبير من طرف المجتمع المغربي، ويثير نقاشا سياسيا وأكاديميا بشأن جدواها وأهدافها السوسيواقتصادية.[3]

هدا النقاش الوطني الواسع عاد الآن مجددا بمطالب جديدة إلى الواجهة بإحداث ضريبة على الثروة، وذلك في سياق المرحلة المالية و الاقتصادية العصيبة التي يمر منها المغرب،مواجها تداعيات إنتشار فيروس كورونا الذي فرض حجرا صحيا على المواطنين في المنازل و أضر بعدد من القطاعات المهيكلة و غير المهيكلة، إضافة إلى التحملات الضخمة في المجال الصحي و الاجتماعي.

كما أنه من مستجدات النقاش العمومي الذي طرحته أزمة تفشي جائحة كورونا بالمغرب، هو جعل هذه الجائحة فرصة لإعادة بناء العلاقة بين الدولة واقتصادها، وبين الدولة والقطاعات الخدماتية الأساسية كالصحة والتعليم بل وتناول هذا النقاش ضرورة إعادة التوزيع للعبء الاجتماعي وذلك من خلال إعادة بناء النظام الضريبي، عن طريق فرض ضريبة تصاعدية على الثروة، حيث أبرزت جائحة كورونا من خلال التضامن والتبرع الذي ساهمت به مختلف الفئات الاجتماعية في صندوق كورونا نجاعة هذا المقترح. ومنه لمقاربة موضوعنا  نطرح الإشكال التالي:  ماهي أهم مبررات و ممكنات تضريب الثروة بالمغرب؟ و ماهي أهم المواقف المؤيدة و المعارضة لتطبيقها؟

       و للإجابة عن التساؤل أعلاه سنعمد الى تقسيم الموضوع الى فقرتين:

 

الفقرة الأولى: مبررات و ممكنات تضريب الثروة بالمغرب.

الفقرة الثانية: المواقف المؤيدة و المعارضة لتطبيق الضريبة على الثروة بالمغرب.

 

الفقرة الأولى: مبررات و ممكنات تضريب الثروة بالمغرب

لضريبة الثروة عدة أهداف ( سيكولوجية، اقتصادية، اجتماعية ورقابية )، فهي مناسبة لتحقيق العدالة الجيائية بتوزيع التكاليف العمومية، و تشجيع قيم التضامن و التآزر بين فئات المجتمع، كما تساهم في دعم التماسك الاجتماعي، و إقرار العدالة الاجتماعية، و إعادة توزيع الثروة في إطار تضامني بين مختلف فئات المجتمع، كما أن لضريبة الثروة وقع سيكولوجي أكثر منه اقتصادي حيث يؤثر على نفسية الملزمين، حين يشعرون بأن شريحة الأغنياء تعبر على نوع من التضامن اتجاه الطبقات الأخرى بواسطة هذه الضريبة.
و من مبررات تضريب الثروة ،المساهمة في إعادة توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة، من أجل تقليل تركيز الثروة و تراكمها في يد طبقة معينة، كما ان فرضها يساهم في تحريك الثروات المعطلة و غير المستخدمة، مما يعود بالنفع على الاقتصاد ككل، كما يمكن اعتبار الثروة مؤشر فعال لمدى قدرة الفرد على دفع الضريبة، و هي مناسبة لتأدية واجب الخدمة المقدمة من طرف الدولة لحفظ ثروات الأفراد.[4]

ومنه فان المغرب يتكون من طبقات ميسورة و غنية يجب فرض عليها ضريبة اجبارية على الثروة نتيجة الحياة البادخة التي تعيشها لدعم الفئات الضعيفة و الفقيرة, وذلك عبر الإستناد إلى معايير مضبوطة تحدد الفئات المستهدفة و كذلك الممتلكات التي تستوجب فرض مثل هاته الضرائب كما هو معمول به في العديد من الدول.

فما دام النظام الضريبي المغربي عاجزا على تغطية مصاريف الدولة كبلد نامي يتميز بفوارق طبقية و يبحث عن تحقيق العدالة الجبائية، فقد تمت إثارة الضريبة على الثروة لأجل تحقيق هدف العدالة بتوزيع التكاليف العمومية( إمكانية إيجاد حل لبعض المعضلات مثل تأثير صندوق المقاصة)، وتشجيع قيم التضامن والتآزر بين فئات المجتمع، بسن ضريبة تضامنية على الثروة كمقترح لدعم التماسك الاجتماعي وإقرار العدالة الاجتماعية، على غرار الضرائب التضامنية المعمول بها في العديد من الدول المتقدمة ، حيث أصبحت مطلبا للعديد من الفعاليات السياسية، والاقتصادية وتضمنتها توصيات (المناظرة الوطنية للإصلاح الضريبي بالمغرب أبريل 2013). (المناظرة الوطنية للإصلاح الضريبي بالمغرب ماي 2019).

إن النظام الجبائي لا يتجزأ من النظام السياسي، حيث يخضع لعدة مصالح متعارضة أو متحالفة، و لتأثير مجموعة من القوى التي لا يمكن إغفال أدوارها ووظائفها في تحديد خصائص صنع القرار السياسي و الجبائي. كما أن وزنها وقدرتها وقوتها الاقتصادية والسياسية والمالية قد تقل أو توازي أو تفوق قوى السلطات الجبائية الرسمية. فمجموعات المصالح أو الفرقاء السياسيون والاجتماعيون قد يرفضون الخضوع لقرار جبائي إذا لم يضمن لهم امتيازات، لذلك قد تلجأ السلطات العمومية إلى التفاوض مع بعض الفعاليات قبل وضع الصيغة النهائية للقرارات الضريبية. و قد تكون تلك الفعاليات هي صاحبة المبادرة الجبائية، و يرتبط ذلك بقوتها التفاوضية، وقدرتها على الضغط. كما أن الحديث عن نظام ضريبي ديمقراطي لا يمكن أن يكتمل دون التطرق إلى آلياته المتمثلة في الأجهزة والقوى المتدخلة لصناعة القرار الضريبي، التي تأخذ على عاتقها صياغة سياسة ضريبية تأخذ بعين الاعتبار عنصرين مهمين هما العدالة الجبائية، والمردودية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية[5].

و ما ينبغي الإشارة إليه حسب التجربة وبعض الاقتراحات الفقهية والسياسية، ، فإن مبادئ تضريب الثروة بالمغرب يلزم أن تعتمد ثلاثة معايير: ( الشمولية، الواقعية والحذر)، بحيث لا تؤتر في الاقتصاد ، ولا يخرج عن وعاءها أي عنصر من عناصر الثروة، و بالنسبة للمغرب، فإن عملية تحديد وعاء هذه يمكن أن تشمل:
-الأملاك العقارية المبنية و غير المبنية ( أراضي فلاحية، عمارات، أراضي عقارية، فيلات…)
– بعض الأصول غير الثابتة ( أسهم، أرصدة مصرفية …) الضريبة على التركات.
– تم بعض العناصر الأخرى التي تعتبر من مظاهر الثروة ( سيارات فاخرة، مراكب ترفيهية…) و تحتسب بناء على القيمة التجارية لعناصر الثروة بعد خصم كافة الديون المستحقة.
وقد عمل بعض المحللين الاقتصاديين (نجيب اقصبي) باقتراحات يرون بأنها مطابقة للوضعية الاقتصادية المغربية:
–  من 2 مليون درهم إلى 5 مليون درهم 0,5%
–  من 5 ملايين درهم إلى 10ملايين درهم 1%
–  من 10 ملايين درهم فأكثر 2%
وبالنسبة لضريبة التركات نجد أن العديد من التشريعات تعتمد أسعار ضريبية تبدأ من نسبة 5 بالمائة كمستوى أدنى، لتصل إلى 40 بالمائة أو 50 بالمائة كمستوى أعلى، ونفس الملاحظة يمكن تسجيلها من خلا دراسة بعض تجارب الدول الاسلامية التي تطبق هذا النوع من الضريبة، وبالنسبة للمغرب فقد خلصت أغلب البحوث إلى تحديد سقف أقصى لا يمكن تجاوزه بعد خصم كافة الديون المستحقة و هو 20% نظراً لوضعية هذه الضريبة، و ما ستحدثه من نقاشات.[6]

إذن لا متسع من الوقت في اللحظة الراهنة لجدل الأيديولوجيات، فالعالم اليوم ليس اشتراكيا كما أنه ليس رأسماليا بالمطلق. وبالتالي، فإن على الدولة أن تراجع نظرتها إلى من تتضخم حساباتهم المصرفية بينما الخزينة تئن تحت عبء المديونية والعجز.
إن الجدل حول الضريبة سياسي واقتصادي، وأكثر عمقا في مستواه الاجتماعي. وفي الدول المتقدمة يكون العنوان الأكثر حضورا في أي سباق انتخابي هو الضريبة وطرق تفعيلها، صعودا أو هبوطا حسب الوضع الاقتصادي الذي تمر به تلك الدول. ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لدول لا يحسم صندوق الاقتراع الجدل فيها، حيث يبدو الحديث عن الضريبة ضربا من الترف الحسابي لمن يتحدث به، بينما هي الحل بالفعل لدول يمر اقتصادها بأزمات مالية أكبر من أزمتنا المحلية المتدحرجة.[7]
ما الذي يمنع المغرب من فرض ضريبة على الأثرياء؟ فإذا كانت معادلة توزيع الدخل وتوزيع الثروة السائلة تنحاز بشكل فاضح للأثرياء، فإن إدامة هذه المعادلة هو الانتحار بعينه. ولا ينطوي الحديث هنا على روح انتقامية من الاغنياء، بل الضريبة حق لكي يتسنى للدولة القيام بواجباتها كما ينبغي، ووفق قيم العدالة والقانون وإدامة صمودها الاقتصادي واستقراره.

 

 

 

 

 

الفقرة الثانية: المواقف المؤيدة و المعارضة لتطبيق الضريبة على الثروة بالمغرب.

 

لقد اثار موضوع الضريبة على الثروة، قبل 8 سنوات جدلا كبيرا في المغرب حين بادر الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين بإقتراحه أول مرة،مستندا على الفصلين 39 و 40 من الدستور، حيث نص الفصل 40 « على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد » [8].

ووضع الفريق التابع للفدرالية الديمقراطية للشغل، تعديلا متكاملا على المادة المتعلقة بأصناف الدخول والأرباح المفروضة عليها الضريبة، مقترحا ضريبة عل الثروة، ووضع تعريفا لها، وحدد سعرها ومجال تدبيرها وشروط الحصول على الإعفاءات، والجزاءات المترتبة عن التملص من أدائـــــها.
وقد وافقت لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين على التعديلات المقترحة من قبل الفريق الفدرالي على مشروع قانون مالية 2012، بمساندة من قبل فرق المعارضة وبعض مستشاري فرق الأغلبية وأحد أعضاء مجموعة النقابة الوطنية للشغل بالمغرب المقربة من حزب العدالة والتنمية الذي صوت لصالح هذا التعديل ضدا على رغبةالحكومة.
وقد قال أنذاك السيد يوسف اغويركات، الذي ساهم في وضع مشروع الضريبة على الثروة، إن الثروة الشخصية، يقصد بها في مدلول هذا التعديل قيمة الموجودات المالية المملوكة من قبل فرد أو مجموعة أفراد منتمين للعائلة، والقابلة للقياس بالوحدات النقدية في لحظة زمنية معينة، التي تتكون أساسا من السلع ذات القيمة العالية، أو العقارات، أو المعادن والمجوهرات النفيسة أو الأسهم والسندات والودائع المصرفية وبوليصات التأمين أو العربات والمركبات ذات القيمة العالية والمراكب البحرية والسفن ومجموع الحاصلات والأرباح والدخول وكل ما يمكن أن يشكل قيمة مالية تصل أو تفوق عشرة ملايين درهم صافية.
وأكد الخبير أن سعر هذه الضريبة حدد، آنذاك، في 1 في المائة من ثروة ما بين عشرة ملايين درهم إلى أقل من ثلاثين مليون درهم، و1.5 في المائة من ثروة ما بين ثلاثين مليون درهم إلى أقل من خمسين مليون درهم و2.5 في المائة من خمسين مليونا فما فوق[9].
وفي مجال القواعد المحاسبية، يجب على كل شخص خاضع للضريبة على الثروة أن يمسك محاسبة منتظمة تمكن من تحديد قيمة الأموال المنقولة، حسب نموذج تعده الإدارة الجبائية وبشكل يمكنها من القيام بالمراقبة المنصوص عليها في هذا القانون. وترصد حصيلة هذه الضريبة في 50 في المائة لفائدة صندوق دعم التماسك الاجتماعي المحدث بموجب قانون المالية 2012، و50 في المائة منها لتأهيل القطاعات الاجتماعية
أما الجزاء المترتب عن التملص من أداء الضريبة، اقترح الفريق تطبيق غرامة تساوي 100 في المائة من مبلغ الضريبة المتملص منها على كل ملزم ساهم في أعمال تهدف إلى التملص من دفع الضريبة، كما تطبق غرامة قدرها 30 ألف درهم إلى 100 ألف على كل ملزم أدلى بإقرار يشتمل على بيانات غير صحيحة أو تشوبه إغفالات من شأنها تقليص مقدار قدر الضريبة.

و في سياق آخر من السنة الفارطة فقد شهدت جلسة التصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2020 في لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، “دفاعا مستميتا” عن الأثرياء، حيث رفض وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، الزيادة في الضريبة على الثروة، وصوّت غالبية المستشارين ضد رفع المساهمة التضامنية على شركات المحروقات إلى 5 في المئة.

محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، علّل رفضه الزيادة في الضريبة على الثروة، التي حددتها الحكومة في 2.5 في المئة، تُطبق خلال سنتي 2019 و2020، بالتخوف من عدم إقبال المستثمرين على الاستثمار في المغرب، ونقْل استثماراتهم إلى دول أخرى تطبّق فيها ضرائب أقل.

كما أكد وزير الاقتصاد و المالية  ان كثيرا من التجارب العالمية تخلت عن الضريبة على الثروة، “لأن فرض الضريبة على من يملك المال يمكن أن يدفعه إلى الذهاب إلى مكان آخر، فالعالم أصبح مثل قرية صغيرة”، وأردف مخاطبا أعضاء لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالقول: “علينا أن نفكر في هذا السياق، وعلى كل حال (يقصد الضريبة على الثروة) ليس وقتها الآن”[10]

وفي سياق آخرأكد النائب البرلماني بلافريج عن فريق فيدرالية اليسار الديمقراطي أن مقترج الضريبة على الثروة، لم يلقى تجاوبا في البرلمان، حتى في ظل تفشي جائحة كورونا، بل هناك بعض النواب الذين عبروا بشكل شخصي على أن هذا المقترح يجب أن يُفعل نظرا لنجاعته، كما رجح بلافريج أن قانون المالية المقبل من المحتمل أن يناقش هذا المقترح، ويراجع ميزانية التعليم والصحة من خلال نقص ميزانية باقي القطاعات وصب فائضها في التعليم والصحة، ثم أخذ الضريبة على الثروة والإرث بجدية.

وزاد البرلماني، أن الضريبة على الثروة داخلة في منظومة جديدة لإعادة إحياء التضامن الحقيقي داخل المجتمع، وبداية التحرر من اقتصاد الريع إلى اقتصاد متضامن ركيزته العمل، وأن الجائحة فرصة تاريخية حقيقية لخلق اقتصاد وطني قوي، لأن التصورات الاقتصادية الماضية غير مناسبة للمغرب تماما، بل يجب تشجيع الصناعات وخلق فرص جديدة للعمل وبالتالي سنتمكن من القضاء على العديد المظاهر الاجتماعية السيئة كالبطالة والهجرة. وبناء اقتصاد وطني أساسه الإنتاج المحلي.

 

 

وخلاصة القول فإن ضريبة الثروة تحضى بمكانة مهمة في البلدان المتقدمة رغم كونها ضريبة ضعيفة من ناحية المردودية المالية، و مع ذلك فهي تعتبر خطوة إيجابية نحو محاولة إقرار نوع من العدالة الجبائية في المجتمع، كما أن بعض الدول بادرت إلى إحداث ضريبة تضامنية ظرفية، و ذلك بالتوجه إلى أغنياء البلد بالاعتماد على حسن المواطنة و حتهم على التضامن و المساهمة في حل الأزمة المالية،(مثلا أزمة كورونا).

لأنه في كل دولة ديمقراطية يجب قبول الضريبة، و يكون هذا القبول إما بشكل مباشر أو غير مباشر ( عن طريق الملزمين أو عن طريق من يمثلهم)، مثلا في سويسرا نجد أن الملزمين يقبلون الضريبة بشكل ديمقراطي عن طريق الأغلبية، هذا ما يرتبط بحقوق الإنسان بدون شك، حيث نجد الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان لسنة 1789 في بنده الرابع عشر يشير أن ” لكل مواطن الحق شخصيا أو بواسطة من يمثله في التأكد من ضرورة المساهمة العامة ( الضريبية)، من قبولها بحرية و من تتبع استعمالها، وتحديد مقدارها وأساسها وكيفية تفصيلها ومدتها التشريعية، وهو الذي يصوت على القوانين، وبذلك يتم القبول بالضريبة عن طريق ممثلي الشعب” . إلا أن الواقع بالمغرب كأحد الدول النامية يسير بعكس الدول الديمقراطية، حيث أن التركيبة البرلمانية، وتحكم السلطة التنفيذية، وتأثير الجهات الضاغطة، يحول دون فرض ضرائب جديدة ( ضريبة الثروة)، أو الحد من امتيازات ضريبية (الفلاحة مثلا).

 

[1] – محمد النميلي،الوجيز في الضرائب بالمغرب،طبعة 2016 ،ص 5

[2] – عبد السلام أديب، السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية،الطبعة الأولى،1998،ص11.

[4] – عبد النبي الطوسي،الضريبة على الثروة بالمغرب،مقال منشور بموقع WWW. MAGHRESS.COM

[5] – الضريبة على الثروة بالمغرب ، الإشكالات وممكنات التطبيق,مقال منشور بموقع سطات أون لاين.

 

[6] – عبد النبي الطوسي،مرجع سابق

[7] – حسن أحمد الشوبكي، ضريبة على الأثرياء، مقال منشور بالموقع الإلكتروني WWW.ALGHAD.COM

[8] – ظهير شريف رقم 1.11.91،صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيد نص الدستور.

[9] – الجائحة تحيي الضريبة على الثروة، منشور في الموقع الإلكتروني WWW.ASSABAH.MA/465089.html

[10] -محمد الراجي،بنشعبون يرفض الزيادة في الضريبة على الثروة، مقال منشور بجريدة هسبريس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى