في الواجهةمقالات قانونية

الشروط الخاصة بدعوى المسؤولية الضريبية

الشروط الخاصة بدعوى المسؤولية الضريبية

من إنجاز: الدكتورة عزيزة تابتي

باستقراء مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع والتي تنص على ما يلي: “إذا تعذر تحصيل الضرائب (…) الواجبة على الشركة (…) يمكن جعل المديرين أو المتصرفين أو المسيرين الآخرين مسؤولين على وجه التضامن مع الشركة أو المقاولة عن أداء المبالغ المستحقة وذلك إذا لم يكون ملزمين بأداء ديون الشركة تطبيقا لأحكام آخرى“.

نلاحظ أن المشرع أحاط دعوى المسؤولية الضريبية الخاصة للمسير بجملة من الشروط العامة لقيامها، والمتمثلة في ضرورة توافر الأركان الثلاثة الموجبة للمسؤولية بصفة عامة، إضافة إلى التنصيص على شرطين من نوع خاص بهدف التضييق من مجال تطبيق دعوى المسؤولية الضريبية المؤسسة بموجب مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع، بحيث لا يمكن إثارة هذا النوع من المسؤولية إلا في الحالتين التاليتين:

  • الحالة الأولى: تتعلق بالدين الضريبي موضوع التحصيل.
  • الحالة الثانية: تتعلق بعدم وجود التزام قانوني يتم بموجبه تحميل المسير أداء ديون الشركة، وذلك منعا لتوارد مسؤوليات المسير عن أداء ديون الشركة بصفة عامة والدين الضريبي بصفة خاصة.

المطلب الأول: الشروط المتعلقة بالدين الضريبي موضوع التحصيل

باعتبار الدين الضريبي يشكل محل دعوى المسؤولية الضريبية، فقد ألزم المشرع المحاسب المكلف بالتحصيل قبل مباشرة إجراءات التحصيل معاينة الدين الضريبي، إذ يجب عليه أن يتأكد من مدى وجود الدين الضريبي في ذمة المطالب به أولا واستحقاقه ثانيا، فإذا كان أجل الاستحقاق لم يحل بعد، أو أن الدين قد سقط بالتقادم أو تم دفعه تلقائيا أو تم استخلاصه بواسطة التنفيذ الجبري، فإن دعوى المسؤولية الضريبية تعد في غير موضعها ومضيعة للوقت والجهد بالنسبة للإدارة الجبائية من جهة وتعطيل لنشاط الشركة من جهة آخرى.

إذ لا يمكن متابعة المسير بدعوى المسؤولية الضريبية الخاصة، إلا بالنسبة للديون الضريبية المستحقة والواجبة على الشركة، بحيث هنالك مجموعة من الشروط الأساسية التي يجب أن يستوفيها الدين الضريبي حتى يكون موضوع متابعة في إطار دعوى المسؤولية الضريبية الخاصة لمسير الشركة.

الفقرة الأولى: ماهية الاستحقاق والوجوب في الدين الضريبي

القاعدة العامة أن الديون الضريبية يجب أن تؤدى على أبعد تقدير قبل تاريخ الاستحقاق لأن حلول أجل الاستحقاق دون الوفاء بالدين الضريبي يفتح المجال لتطبيق فوائد التأخير، واللجوء إلى مساطر التحصيل الجبري، وتتمثل الغاية من الاستحقاق في إمكانية فرض تأدية الضريبة، وفي أن من ضمن الشروط التي يتطلبها المشرع في الدين العمومي قبل أن يشرع المحاسب المكلف بالتحصيل في مطالبة مديني الدولة بأداء ما تخلد بذمتهم من حقوق للخزينة، هو أن تكون الديون العمومية ومن بينها الديون الضريبية مستحقة، وتكون كذلك إذا حل أجلها لتصبح مستحقة استحقاقا لأجل أو استحقاقا فوريا[1]، ما لم يسقط حق المدين في الاستفادة من مزية الأجل.

البند الأول: أن يكون الدين مستحقا وواجب الأداء

وضع المشرع صراحة عدة شروط لتحريك دعوى المسؤولية الضريبية للشركة، ومن بينها أنه لا يمكن أن تستهدف هذه الدعوى سوى الديون الضريبية الواجبة على الشركة، إذ أكد على نحو لا لبس فيه أن دعوى المسؤولية الضريبية لا يمكن أن تثار إلا بالنسبة للمبالغ المستحقة والمتخلدة في ذمة الشركة.

وحيث إن المقصود بالمبالغ المستحقة، حسب معجم المصطلحات القانونية للأستاذ كورنو “المستحق هو ما يمكن أن يطالب به بالطرق القانونية، وعليه فالدين الذي سقط بالتقادم غير قابل للتنفيذ الجبري، وبالتالي فهو غير مستحق”.

وتبعا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 98 من م.ت.د.ع، فإنه لا يمكن تحريك دعوى المسؤولية عن أداء الديون الضريبية للشركة، إلا لاستهداف مبالغ ضريبية مستحقة لم يسقط حق المحاسب المكلف بالتحصيل بالتقادم باستخلاصها جبريا في مواجهة الشركة.

أما الديون الواجبة على الشركة، فهي الضرائب التي نشأت في ذمة الشركة بحصول الواقعة المنشئة لها المحدد تاريخها في القوانين المحدثة لها.

وهكذا لا يمكن مباشرة إجراءات التحصيل الجبري في مواجهة مسير الشركة، إلا بعد التأكد من وجود الالتزام الضريبي للديون المطالب بها بناء على سند تنفيذي، بمعنى أن يكون الدين الضريبي دينا مؤكدا وواجب الأداء في مواجهة الشركة، ولا يكون كذلك إلا بإصدار أمر قابل للتنفيذ[2]، وهو ما يعرف بالإعلام بأداء الدين أو بيان التصفية.

وبناء عليه فالمبالغ المستحقة والواجبة على الشركة هي جميع المبالغ الضريبية المتخلدة بذمة الشركة بناء على سند تنفيذي[3] صالح لمطالبة المدين بأداء ما تخلد بذمته بموجبه من ديون ضريبية بجميع طرق التحصيل الودية والجبرية في حالة تماطل المدين عن الوفاء بالدين الضريبي موضع التحصيل والذي لم يسقط بالتقادم.

وتبقى غاية المشرع من وراء التنصيص على مقتضى الوجوب والاستحقاق ليس الاقتصار على المعنى الذي يحمله المصطلحان في الميدان الجبائي، وإنما اتجهت إرادته إلى التأكيد على مبدأ هام يجب على المحاسب المكلف بالتحصيل مباشرته في أول إجراء من إجراء التحصيل الجبري في دعوى المسؤولية الضريبية، ألا وهو مبدأ ضم المبالغ المستحقة والواجبة على الشركة.

البند الثاني: مبدأ ضم المبالغ المستحقة والواجبة على الشركة. 

إن مبدأ شمولية التحصيل الجبري يجد أساسه القانوني في المادة 38 من م. ت.د.ع، والتي تنص على ما يلي: ” يشمل التحصيل الجبري مجموع المبالغ المستحقة الواجبة على نفس المدين”.

تطبيقا لهذا المبدأ يتعين على المحاسب المكلف بالتحصيل ضم جميع الضرائب الواجبة والمستحقة على نفس المدين سواء كانت تتعلق بالسنة الجارية أو بالسنوات السابقة، قبل أن يشرع في إجراءات التحصيل، إذ يتوجب عليه أن يضمنها جميعا في أول إجراء من إجراءات التحصيل الجبري ألا وهو الإنذار القانوني، وما يليه من حجز وبيع وصولا عند الاقتضاء للإكراه البدني، وذلك بناء على ما تم التنصيص عليه في  دورية تحصيل الديون العمومية والتي جاء فيها ما يلي” بموجب المادة 38 من المدونة، يجب أن ينصب التحصيل الجبري على مجموع المبالغ المستحقة الواجبة على نفس المدين، لذلك يجب على المحاسب المكلف بالتحصيل أن يقوم بضم الديون الصادرة برسم السنوات السابقة إلى تلك التي أصبحت مستحقة خلال السنة الجارية”[4].

بحيث يتم تجميع كافة الضرائب المستحقة سواء كانت تتعلق بالسنة الجارية أو السنوات السابقة، العالقة بذمة نفس المدين في شكل لائحة تضم مجموع المبلغ المكون للدين الضريبي حيث تشمله إجراءات التحصيل الجبري برمته، وذلك عن طريق وضع لوائح بأسماء المدينين المماطلين في الأداء، جرت العادة على تسميتها بقائمة المتابعات، تتضمن جردا مفصلا لكل الديون الضريبية وغيرها من الديون العمومية الواجبة في حق المدينين بالضريبة.

وتجدر الإشارة أن هذا المبدأ كان معمول به قبل دخول م.ت.د.ع حيز التنفيذ، بناء على مقتضيات الفصل 26 من الظهير 21 غشت 1935 والذي جاء فيه ما يلي: ” تشمل المتابعات كل المبالغ المستحقة على المدين بالضريبة كيفما كان نوعها دون تفرقة بين السنوات المالية”[5].

وتتمثل الحكمة من وراء سن إلزامية إعمال مبدأ ضم الديون الضريبية الواجبة والمستحقة على نفس المدين، أولا تجنيب المحاسب المكلف بالتحصيل مشقة سلوك مسطرة التحصيل الجبري بالنسبة لكل دين على حدة، وثانيا في وجوب إخبار المدين بالضريبة بكافة المبالغ المستحقة والواجبة عليه، إذ باعتبار عملية الربط المعمول بها في مجال التحصيل، فإن كل إجراء من الإجراءات الجبرية ينصب على السنة الجارية المستحقة عليها الضرائب، وعلى السنوات التي قبلها ما لم تسقط بالتقادم الرباعي[6].

ويؤدي عدم التزام المحاسب المكلف بالتحصيل بهذا المبدأ القانوني، إلى بطلان إجراءات التحصيل الجبري للدين الضريبي محل دعوى المسؤولية الضريبية للمسير.

الفقرة الثانية: عدم المنازعة في وجود الالتزام بالأداء

تتخذ المنازعات المتعلقة بالدين الضريبي عدة أشكال، إما شكل منازعات في مبدأ الخضوع للالتزام الضريبي المتمثل في المنازعة في صفة الخاضع  للضريبة، كإخضاع شخص للضريبة على الرغم من عدم القيام بالواقعة المنشئة لها، أو في صفته كمدين بها، كمتابعة شخص على أساس أنه مدين بدين ضريبي لا علاقة له به، أو في قانونية فرض الضريبة، أو عدم وجود سند قانوني للدين الضريبي المطالب به، وإما منازعة في وجود الالتزام الضريبي، كعدم أحقية المحاسب في التحصيل، أو إدعاء المدين بأداء ما عليه من ديون ضريبية، أو أن حق الخزينة في التحصيل قد انقضى بإحدى الأسباب القانونية التي ينقضي بها الالتزام بصفة عامة[7]، والالتزام الضريبي بصفة خاصة كالتقادم أو الإبراء الكلي أو الجزئي من الدين الضريبي والأمثلة على ذلك متعددة.

وعموما لإثارة دعوى المسؤولية الضريبية للمسير الخاصة يجب ألا يكون الدين الضريبي المطالب به محل نزاع من أي نوع سواء تعلق الأمر بمرحلة تأسيسه أو تحصيله.

وسنقتصر على دراسة المنازعة في وجود الالتزام الضريبي، والمتمثلة إما في ادعاء الأداء أو تقادم الدين الضريبي المطالب به، باعتباره أهم الدفوع التي يتمسك بها المدين في إطار دعوى المسؤولية الضريبية للمسير، لأن الدعوى غالبا ما تتعلق بديون ضريبية تراكمت على الشركة لسنوات عديدة.

البند الأول: ادعاء أداء الدين الضريبي

يمكن للمدين ألا ينازع في أصل أو أساس الدين الضريبي أو في صحة الإعلام بوجود الضريبة، وإنما ينازع الإدارة الجبائية في مدى الأحقية المخولة لها لتنفيذ الجدول الضريبي، أي السند التنفيذي للدين الضريبي، بمعنى أن المدين ينفي على الإدارة الجبائية هذه الأحقية لسبب من الأسباب، كأن يدعي أنه دفع ما عليه من ديون ضريبية، أو أن حق الإدارة الجبائية قد انقضى بإحدى الأسباب القانونية التي ينقضي بها الالتزام في المادة الجبائية[8].

وتتعلق المنازعة بادعاء الأداء بمدى وجود الالتزام الضريبي من عدمه، ذلك قد يحدث أن يقوم المدين بأداء الدين الضريبي إما كليا أو جزئيا، ومع ذلك تقوم الإدارة الجبائية بمطالبته بنفس الدين الذي سبق استخلاصه من طرفها، لذلك منح المشرع للمدين إمكانية المنازعة في دين ضريبي سبق أداءه شريطة توافر ما يثبت واقعة الأداء الكلي أو الجزئي للدين الضريبي محل النزاع، وهو ما يعرف بمنازعة ادعاء الأداء والتي غالبا ما تثار بسبب إلزامية قاعدة الأداء بغض النظر عن أي مطالبة أو دعوى في حق المدين المطالب بأداء دين سبق له الوفاء به، لذلك فالمنازعة في هذا المجال لا تنصب على صحة إجراء من إجراءات التحصيل الجبري، ولكنها تتعلق بعدم أحقية الإدارة الجبائية في المطالبة بدين سبق أداءه من طرف المدين به[9].

ويلاحظ أن أسباب انقضاء الالتزام بالأداء الأكثر إثارة من طرف المدين تتعلق بتقادم الدين الضريبي، مما يثار معه التساؤل حول كفاءة الجهاز القائم على عمليات التحصيل ومدى حرصه على صيانة حقوق الخزينة العامة[10].

وفي إطار دعوى المسؤولية الضريبية الخاصة للمسير غالبا ما يتمسك المسير بتقادم الديون الضريبية المطالب بها، الأمر الذي يترتب عنه في حالة ثبوت واقعة التقادم قيام مسؤولية المحاسب المكلف بالتحصيل عن الديون المتقادمة بموجب مقتضيات المادة 125 من م.ت.د.ع[11]، عوض إدانة المسير بأداء ديون الشركة التي سقطت بالتقادم، لذا يبقى شرط عدم تقادم الديون الضريبية في دعوى مسؤولية المسير عن أداء ديون الشركة شرط أساسي وقائم بذاته.

البند الثاني: سقوط إجراءات التحصيل

يعتبر التقادم المعمول به في المجال الجبائي تقادم مسقط، بحيث يترتب عن عدم قيام الإدارة الجبائية بإجراءات استخلاص الدين الضريبي خلال الفترة الزمنية المحدد قانونا، سقوط حقها في استخلاص هذه الديون، بحيث تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب والرسوم والحقوق الجمركية والتمبر بمضي أربع سنوات من تاريخ الشروع في تحصيلها[12].

إذ يساوي التقادم في هذه الحالة من حيث المفعول والنتيجة التحلل من الالتزام الضريبي بالنسبة للمدين بالضريبة.

وتكمن أهمية التقادم في مجال منازعات تحصيل الدين الضريبي، في دوره الحاسم في صحة التحصيل من عدمه، وأحقية الإدارة الجبائية في استخلاص الدين الضريبي، كما تكمن أهميته من ناحية آخرى بالنظر إلى أن أغلب الدعاوى المرفوعة ضد الخزينة العامة تتعلق بادعاء تقادم الدين الضريبي محل منازعة التحصيل، أو عدم احترام تراتبية إجراءات التحصيل[13]، فهذا النوع من الدعاوى هو الأكثر فائدة وأكسبها وأنجحها بالنسبة للمدين بالضريبة، كما أنها الأيسر بالنسبة للإثبات القضائي بخصوص تحقق التقادم من عدمه، بحيث بمجرد ما يثبت لدى القضاء عدم قيام المحاسب المكلف بالتحصيل بالإجراءات الضرورية لاستخلاص الدين الضريبي داخل الأجل القانوني للتحصيل، يعلن عن حالة وجود التقادم ويقضي تبعا لذلك بإبطال الضرائب المعنية[14].

وعلى هذا الأساس لم يقيد المشرع المحاسب المكلف بالتحصيل بوسيلة واحدة لقطع التقادم بل أتاح له إمكانية الاستفادة من الوسائل المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية والثالثة من المادة 123 من م.ت.د.ع[15]، بحيث يتجلى الهدف من وراء ذلك هو عدم غل يد المحاسب المكلف بالتحصيل وتمكنيه من جميع الوسائل القانونية المتاحة لحماية الدين الضريبي من الضياع نتيجة تهاونه أو تقاعسه عن القيام بمهامه، باعتبار أن كل إجراء يقوم به فهو قاطع للتقادم يترتب عنه حماية الدين الضريبي من الضياع[16].

ولقد وسع المشرع من هذه الحماية القانونية للدين الضريبي من الضياع، باعتباره أن كل إجراء سواء كان صادر عن المحاسب[17] أو المدين[18] فهو إجراء قاطع للتقادم.

إذ يؤدي قطع التقادم إلى القضاء على المدة السابقة وجعلها كأنها لم تكن، بحيث إذا بدأ سريان تقادم جديد بعد انقطاعه وجب أن تستمر المدة الكاملة لتترتب عنه آثاره القانونية، وهي سقوط حق الإدارة الجبائية في استخلاص ديونها.

وعلى عكس وقف التقادم الذي يقصد به تعطيل سريان مدته بصفة مؤقتة، لأسباب معينة تؤدي إلى وقف سريان أجل التقادم، وعندما تختفي هذه الأسباب يكون من اللازم احتساب الفترة المنصرمة قبل حدوث التوقف لاكتمال نصاب المدة القانونية للتقادم، على أن المدة التي يتوقف خلالها لا تحتسب ضمن مدة التقادم.

وإثارة المدين لمسألة التقادم في إطار دعوى المسؤولية الضريبية للمسير قد لا يراد منه أحيانا سوى المماطلة، وإبعاد المحكمة عن جوهر الطلب المتمثل في التصريح بإقرار مسؤوليته عن أداء الديون المترتبة بذمة الشركة.

بحيث أن الدفع بالتقادم يعتبر من الأمور التي تدخل في إطار المنازعة في التحصيل، والتي حدد لها المشرع شروطا وإجراءات وجعل الولاية والاختصاص للنظر فيها لجهة القضاء الإداري، في حين أن موضوع دعوى المسؤولية الضريبية تتعلق بالمسؤولية الشخصية المالية للمسير التي تخضع للقواعد العامة للمسؤولية كما حددها قانون الالتزامات والعقود والمادة 98 من م.ت.د.ع، وترجع الولاية والاختصاص للنظر فيها لجهة القضاء العادي.

فمسألة تقادم الدين الضريبي تطرح جملة من الإشكالات أهمها:

  • إشكالية حماية الدين الضريبي بين تواني المحاسب المكلف بالتحصيل والنص القانوني؛
  • إشكالية إشعار المدين بالدين الضريبي؛
  • إشكالية وقوع التبليغ الصحيح المؤدي إلى قطع التقادم؛
  • إشكالية إثبات التقادم قبل سقوط الحق المطالب به، إذ يتعين على الإدارة الجبائية إثبات التقادم بالنسبة لكل ضريبة على حدة ومدته وعناصره القانونية، لا سيما في ظل إقرار مبدأ ضم الديون المطالبة بها.

وبين إثبات وجود واقعة التقادم من عدمه أمام المحكمة الإدارية، وإثارة دعوى المسؤولية الضريبية للمسير أمام المحكمة الابتدائية، تثار جملة من الإشكالات القانونية التي يترتب عنها انحراف دعوى المسؤولية الضريبية عن مسارها، ألا وهو الإقرار بالمسؤولية الشخصية والتضامنية للمسير عن أداء الديون الضريبية للشركة، إذا توفرت الشروط الضرورية لقيامها، إذ لا يكفي إثبات تقادم الدين الضريبي من عدمه، بل لا بد، أن يكون مسيرو الشركة موضوع الدعوى غير ملزمين بأداء ديونها طبقا لأحكام آخرى، وذلك منعا لتوارد مسؤوليات المسير عن أداء ديون الشركة.

المطلب الثانية: عدم التزام المسير بأداء ديون الشركة طبقا لأحكام آخرى

إن المادة 98 من م.ت.د.ع ليست المقتضى الوحيد الذي يحمل المسير مسؤولية أداء ديون الشركة إذا توفرت الشروط الضرورية لقيامها، بل هناك العديد من النصوص القانونية والتي يتم بموجبها تحميل المسير مسؤولية أداء ديون الشركة.

إذ بالرجوع إلى الدورية الصادرة عن الخزينة العامة المتعلقة بتحصيل الديون العمومية، والتي جاء فيها ما يلي:” يمكن مطالبة المسيرين والمتصرفين والمسيرين الآخرين القانونيين أو الفعلين للشركات أو المقاولات بأداء ديون الشركة وفق الشروط المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، خاصة عندما يفرضها شكل الشركة (شركات الأشخاص) أو عندما يتم إعلانهم مسؤولين طبقا للمساطر المنصوص عليها في مدونة التجارة أو نتيجة مخالفتهم للمقتضيات المنصوص عليها في قوانين الشركات أو في النصوص الخاصة المنظمة لأنشطتهم المهنية[19].

ومن خلال تفسير المقتضيات المتعلقة بالمسؤولية الضريبية الخاصة للمسير أورد المشرع على سبيل الحصر الحالات التي يمكن فيها إثارة مسؤولية المسير عن أداء ديون الشركة.

إذ لا يمكن تحميل المسيرين مسؤولية أداء ديون الشركة إلا إذا كان الشكل  القانوني للشركة يفرض عليهم الالتزام بأداء ديونها كما هو الحال بالنسبة لشركات الأشخاص، أو حالة إثارة مسؤوليتهم في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة المنصوص عليها في الباب الخامس من مدونة التجارة، أو جعلهم مسؤولين نتيجة مخالفة أو خرق مقتضيات قانون الشركات التجارية أو النصوص الخاصة المنظمة للنشاط المهني الذي يمارسونه كمخالفتهم الأحكام التي تنظم علاقة الشركة الأم بفروعها التجارية، أو التشريع المنظم لحرية الأسعار والمنافسة بما في ذلك السر المهني وغيرها.

الفقرة الأولى: مسؤولية المسير عن ديون الشركة وفقا لقانون الشركات

باستقراء مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع، لا يمكن متابعة مسير الشركة بدعوى المسؤولية الضريبية، إلا في حالة عدم وجود مقتضيات قانونية خاصة تحمل المسير مسؤولية أداء الديون المترتبة بذمة الشركة بصفة شخصية كما هو الشأن بالنسبة لشركات الأشخاص، أو عند مخالفة المقتضيات القانونية الخاصة بالشركات التجارية.

البند الأول: مسؤولية المسير عن ديون الشركة بالنسبة لشركات الأشخاص

تقوم شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي، ولذلك أطلق على هذا النوع من الشركات تسمية شركات الأشخاص[20]، وتتكون أساسا من عدد قليل من الأشخاص تربطهم روابط مبنية على الثقة وبذل الجهد المشترك، وتمارس نشاطا صغير الحجم قريبا من النشاط الفردي، وتكون فيها شخصية الشريك محل اعتبار، سواء في علاقات الشركاء بعضهم مع بعض أو في علاقاتهم مع الغير، وهذا الاعتبار الشخصي هو الذي يجعل الشركاء مسؤولين عن ديون الشركة مسؤولية تضامنية مطلقة وغير محدودة، إذ تشكل المسؤولية الشخصية والتضامنية للمسيرين أهم خصائص شركة الأشخاص[21]. والتي سنعمل على دراستها من خلال شركة التضامن باعتبارها النموذج الأمثل لهذا النوع من الشركات.

أولا: المسؤولية الشخصية للمسير عن ديون الشركة

تنص الفقرة الأولى من المادة 3 من القانون 5.96 على أنه: “شركة التضامن هي الشركة التي يكون فيها لكل الشركاء صفة تاجر، يسألون بصفة غير محدودة وعلى وجه التضامن عن ديون الشركة”.

ومن خلال نص المادة السالفة الذكر يكتسي الشركاء في شركة التضامن صفة تاجر، إذ يعتبر كل شريك في شركة التضامن تاجرا، ولو لم تكن له هذه الصفة قبل الدخول في الشركة، مما يجعله مسؤولا مسؤولية شخصية وتضامنية عن ديون الشركة الناتجة عن الأنشطة التي تقوم بها، فيكون كل شريك في وضع وكأنه يقوم بهذه الأعمال باسمه ولحاسبه الخاص.

فالمسؤولية الشخصية وغير المحدودة للشريك في شركات الأشخاص معناه أن دخول الشريك في الشركة سواء كان مسير أما لا، يترتب عنه مسؤوليته عن ديون الشركة[22]، وأن هذه المسؤولية تتجاوز أموال الشركة لتطال أمواله الخاصة، وذلك في حالة عدم كفاية أموال الشركة للوفاء بديونها، فيكون لدائني الشركة ضمان خاص بهم على ذمة الشركة، وضمان إضافي على ذمة الشريك الشخصية، شريطة أن ترتبط هذه الديون بنشاط الشركة وغرضها، علما أن هذه المسؤولية من النظام العام فلا يجوز الإعفاء أو التخفيف منها، فيكون باطلا كل اتفاق يعفي المسير من المسؤولية الشخصية والمطلقة عن ديون الشركة، أو يحد منها[23].

إذ يسأل الشريك المسير في شركات الأشخاص عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة وشخصية كما لو أنه دين شخصي عليه، وبالتالي لا تقتصر مسؤولية المسير عن ديون الشركة بمقدار حصته فقط، خلافا لمسؤولية الشريك في شركات الأموال، ولكن تطال المسؤولية كل أمواله الخاصة ويسأل في ذمته المالية والشخصية[24].

وأساس هذه المسؤولية يرجع إلى كون جميع التزامات الشركة وتعهداتها توقع بعنوان الشركة الذي يتضمن جميع الشركاء المتضامنين سواء كانوا مسيرين أم لا، إذ يعتبر كل شريك ملتزما بهده التعهدات وموقعا عليها بنفسه.

والملاحظ أن هذه المسؤولية وإن كانت من مستلزمات الشركة بالنسبة للغير، فهي ليست كذلك بالنسبة للشركاء أنفسهم، بحيث يجوز لهم الاتفاق في عقد الشركة على ما من شأنه أن يخفف من هذه المسؤولية على بعض الشركاء اتجاه الآخرين، وذلك عكس المسؤولية التضامنية المبنية على تضامن الشركاء فيما بينهم في الوفاء بديون الشركة.

ثانيا: المسؤولية التضامنية للمسير عن أداء ديون الشركة

تؤكد الفقرة الرابعة من المادة 8 من القانون 5.96 على أنه: “يكون المسيرون مسؤولين بصفة فردية أو بالتضامن تجاه الشركة عما أنجزوه من أعمال مخالفة للقانون أو النظام الأساسي”.

بحيث إلى جانب هذه المسؤولية الخاصة بمسيري شركة التضامن، تثار مسؤولية المسير بمقتضى الأحكام الواردة بالقانون 5.96 طبقا للمادة 92 منه التي تجعل المسيرين الأوائل مسؤولين متضامنين اتجاه الشركاء والأغيار عن الضرر الناتج عن البطلان.

ويسأل كذلك مسيرو الشركة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبنها سواء كانت تدخل في مجال القانون الجنائي كالنصب وخيانة الأمانة… إلخ، أو في الجرائم المرتبطة بميدان الأعمال والتي من شأنها الإضرار بمصالح الشركة[25].

ويخضع المسير غير الشريك بصفة عامة إلى قواعد المسؤولية المدنية أو الجنائية، أما المسير الشريك في شركة التضامن فيخضع لمسؤولية إضافية، والمتمثلة أساسا في المسؤولية التضامنية مع الشركة لسداد كافة ديونها بما فيها الديون الضريبية.

ويقصد بالمسؤولية التضامنية للشركاء بما فيهم المسير، الحق لدائني الشركة بالمطالبة بدينهم ليس فقط من الشركة كشخص معنوي، وإنما كذلك من الشركاء حتى تستوفى ديونهم منهم جميعا أو من أحدهم[26].

وعلى هذا الأساس يصبح الشركاء مسؤولين عن ديون الشركة على وجه التضامن، وهذا التضامن يقوم بين الشركاء والشركة من جهة، والشركاء فيما بينهم من جهة آخرى، فإذا لم تسدد الشركة ما عليها من ديون، جاز لكل دائن حل أجل دينه اتجاه الشركة أن يطالب شريكا واحدا أو مجموع الشركاء بالوفاء بجزء من الدين أو بالدين كله، دون الأخذ بعين الاعتبار حدود حصة كل واحد في رأس المال، فإذا وفى الشريك بالدين، كان له الحق في الرجوع على الشركاء كل حسب حصته في الدين، الذي يحسب انطلاقا من حصته في رأس مال الشركة، أما إذا كان أحد الشركاء معسرا تحمل عنه الآخرين نصيبه كل بحسب حصته في الشركة[27].

ولا ينطبق مبدأ التضامن المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 5.96 سوى على المسير الشريك ذاته وخلال النطاق الزمني الذي حدده المشرع للإقرار المسؤولية التضامنية للمسير.

أما إذا كان المسير عبارة عن شخص معنوي فإنه يخضع لنفس الشروط والالتزامات ويتحمل نفس المسؤولية المدنية والجنائية كما لو كان مسيرا باسمه الخاص، بصرف النظر عن المسؤولية التضامنية للشخص المعنوي الذي يسيره[28].

وعموما فمسؤولية المسير عن أداء ديون الشركة بالنسبة لشركات الأشخاص مسؤولية شخصية وتضامنية ومطلقة، إذ يسأل المسير عن ديون الشركة كما لو كانت ديونه الخاصة، لذا يجوز لدائني الشركة أن يرجعوا عليه ومطالبته بكامل الدين، وذلك في حالة عجز الشركة عن الوفاء بديونها بصفة عامة والدين الضريبي بصفة خاصة، الأمر الذي يجعل مسؤولية الشركاء سواء كانوا مسيرين أم لا مسؤولية احتياطية وليست أصلية، مما يحول دون التنفيذ على الأموال الخاصة للمسير في حالة كفاية أموال الشركة، شأنها في ذلك شأن المسؤولية الضريبية الخاصة للمسير وفق مقتضيات المادة 98 من م.د.ت.ع، مما دفع بالمشرع إلى استثناء شركات الأشخاص من تطبيق مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع وذلك تفاديا لمتابعة المسير بنفس المسؤولية مرتين ولكن وفق مقتضيات قانونية مختلفة.

البند الثاني: مسؤولية المسير عن ديون الشركة بالنسبة لشركات الأموال

يتولى التسيير في هذا النوع من الشركات مسير أو عدة مسيرين يطلعون بمهام إدارة وتسيير الشركة وفق الشروط المحددة قانونيا أو في النظام الأساسي للشركة، وتضم كل من شركة المساهمة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة.

أولا: حدود مساءلة المسير عن أداء ديون الشركة  في شركة المساهمة

تثير المادة 352 من القانون 17.95 المعدل بمقتضى القانون 20.05 إمكانية جعل المتصرفين والمدير العام وإن اقتضى الحال المدير العام المنتدب أو أعضاء مجلس الإدارة الجماعية مسؤولين فرادى أو متضامنين، حسب الحالة، اتجاه الشركة أو الأغيار سواء عن مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة على شركات المساهمة أو عن خروقات النظام الأساسي للشركة أو عن الأخطاء التي يرتكبونها في التسيير.

إن إساءة التصرف والإضرار بمصلحة الشركة يشكل خطأ تترتب عنه مسؤولية المسيرين، وتقتصر مسؤولية المساهم على أداء قيمة الأسهم التي أكتتب فيها ولا يسأل عن ديون الشركة إلا في حدود القيمة الاسمية التي اكتتب فيها.

فمسؤولية الشركاء في شركات الأموال محددة بقيمة مساهمتهم في رأسمال الشركة، وفي ذلك ضمان لهم من مخاطر أداء ديون الشركة من ذمتهم المالية خلافا لما عليه الحال في شركات الأشخاص التي تتسم بإتحاد الذمة المالية للشركة والشركاء مما يجعلهم بحكم القانون مسؤولين عن أداء ديون الشركة من أموالهم الخاصة.

إن الفصل بين الشخصية القانونية للشركة في شركات الأموال وبين شخصية الشركاء يضعف من مبدأ الشفافية في تسيير هذه الشركات، بما يمس من حماية  الدائنين والأغيار المتعاملين مع الشركة، وهو ما حدا بالمشرع إلى وضع قواعد صارمة على مستوى التسيير والإدارة وتمديد المسؤولية من الشخص المعنوي (الشركة) إلى المسير في حالة ارتكاب خطأ في التسيير نتج عنه إضرار بالغير أو الشركة، بما يضمن حقوق جميع المتعاملين مع الشركة.

ثانيا: حدود مساءلة المسير عن ديون الشركة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

تجمع الشركة ذات المسؤولية المحدودة بين مزايا شركات الأموال من حيث مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة، إذ لا يسأل الشركاء عن ديون الشركة إلا في حدود حصصهم المقدمة، مع احتفاظها بالطابع الشخصي، بحيث رأس مالها ينقسم إلى حصص كما هو الحال، في شركات الأشخاص، ولا يقسم إلى أسهم قابلة للتداول، والحصص تكون متساوية ولا تقبل الانتقال بحرية إلى الأشخاص الآخرين، ولا يتحمل الشركاء مسؤولية خسارة الشركة سوى في حدود حصصهم[29]، وهذه هي الخاصية الأساسية للشركة باعتبارها من شركات الأموال.

ويكون المسيرون مسؤولين عن أخطاءهم التي تلحق ضررا بالشركة أو الأغيار، إما نتيجة مخالفة الأحكام القانونية المطبقة على الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو عن طريق خرق أحكام النظام الأساسي للشركة أو عن الأخطاء المرتكبة أثناء التسيير[30]، وتكون هذه المسؤولية إما تضامنية أو فردية تقرر بموجب المادة 67 من القانون 5.96 والتي تنص على ما يلي:” يسأل المسيرين فرادى أو متضامنين حسب الأحوال، تجاه الشركة أو تجاه الأغيار عن مخالفتهم للأحكام القانونية المطبقة عن الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو عن خرق أحكام النظام الأساسي أو عن الأخطاء المرتكبة في التسيير.

إذا ساهم عدة مسيرين في نفس الأفعال، فإن المحكمة تحدد النسبة التي يتحملها كل واحد منهم في تعويض الضرر”.

وتكون المسؤولية فردية إذا ارتكب أحد المسيرين الفعل أو الخطأ أو التقصير أو الإهمال بمفرده دون باقي المسيرين، على أن أثرها يمتد إلى كل مسير آخر شاركه في إحداث الفعل أو الخطأ أو الإهمال والتقصير.

ويقع على المتضرر إثبات كل فعل أو خطأ أو إهمال أو تقصير والضرر والعلاقة السببية بينهما، على أن يخضع تقدير جميع الوقائع والظروف لسلطة قضاة الموضوع، إذ تتمتع المحكمة بسلطة واسعة في تحميل المسؤولية للمسير أو المسيرين فرادى أو بالتضامن وفق وقائع كل قضية والاجتهاد القضائي المتعلق بها.

والحكم بأداء التعويض على المسيرين فرادى أو بالتضامن يرتبط في الحقيقة ارتباطا وثيقا بمدى تورط المسير في الخطأ الذي أدى إلى قيام المسؤولية، أي إن كان مشاركا فيه مشاركة إيجابية أو سلبية، أو عدم مساهمته في الخطأ إذا أثبت ذلك، أما إذا كان الخطأ مرتكبا جماعيا بما لا يتيح أي تمييز بين نسبة مساهمة المسيرين في الخطأ، تكون المسؤولية تضامنية بين مسيري الشركة، والالتزام بالتعويض عن الضرر الذي لحق الغير، وفي حالة عسر الشركة يتحمل المسيرين مسؤولية أداء ديون الشركة بصفة عامة والدين الضريبي بصفة خاصة.

وعند القضاء بالمسؤولية التضامنية بين المسيرين، فإن نظام التضامن في أداء ديون الشركة، طبقا لقانون الالتزامات والعقود[31]، يقوم عل أساس مطالبة المسيرين المتضامنين بكامل المبالغ المحكوم بها على أن يتقاسموا الأعباء فيما بينهم بعد ذلك.

كما يمكن أن تنشأ المسؤولية التضامنية في حالة الحكم جنائيا على عدة مسيرين ارتكبوا ذات الفعل المجرم والمعاقب عليه في القانون الجنائي طبقا للمادة 109 والتي جاء فيها ما يلي: “جميع المحكوم عليهم من أجل نفس الجناية أو نفس الجنحة أو نفس المخالفة يلزمون متضامنين بالغرامات والرد والتعويضات المدنية والصوائر، إلا إذا نص الحكم على خلاف ذلك”.

ويكون من حق المضرور أن يتابع قضائيا سائر المسيرين أو أن يختار واحدا أو أكثر منهم.

وإذا كان لا يجوز للمتابع أن يدفع بتوزيع المسؤولية التضامنية، فإن من حقه إذا حكم عليه وأدى التعويضات المحكوم بها، أن يرجع على باقي المتضامنين معه كل واحد في حدود ما ارتكبه من أخطاء أو بقدر حصته في الدين[32]، ويتحدد الضرر طبقا للمادة 98 من ق.ل. ع[33].

فكل هذه المقتضيات القانونية تهم المسؤولية التضامنية للمسير بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة، والتي يتحمل بموجبها أداء ديون الشركة في حالة عجزها عن الوفاء بديونها نتيجة الأخطاء التي يرتكبها أثناء مزاولته لمهام الإدارة والتسيير داخل الشركة.

ثالثا: حدود مساءلة المسير عن ديون الشركة في شركة التوصية بالأسهم

تجمع شركة التوصية بالأسهم بين خصائص شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي، وشركات الأموال التي تقوم على الاعتبار المالي، بحكم احتوائها على فئتين من الشركاء، شركاء متضامنين لهم صفة تاجر، ويسألون مسؤولية شخصية وغير محدودة عن ديون الشركة والتزاماتها، ويخضعون لنفس النظام القانوني الذي يخضع له الشركاء المتضامنون في شركة التوصية البسيطة[34]، وشركاء موصون لا يسألون إلا في حدود مساهمتهم في رأس مال الشركة.

ويقوم بمهام التسيير في شركة التوصية بالأسهم مسيرا واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين، والذي يعين أثناء حياة الشركة من قبل الجمعية العامة العادية للمساهمين بموافقة جميع الشركاء المتضامنين، ما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك[35].

وتنحصر مهمة إدارة وتسيير شركة التوصية بالأسهم في يد الشركاء المتضامنين، ولا يتدخل الشركاء الموصون في الشؤون الإدارية للشركة.

وتسري أحكام شركة التضامن على الشركاء المتضامنين في شركة التوصية بالأسهم، ويتولى إدارة الشركة شريك متضامن واحد أو عدة شركاء متضامنين، سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين، دون الشريك الموصي أو الشركاء الموصين الذين على غرار الشركاء في شركة التوصية البسيطة حيث يمنعهم القانون من التدخل في أعمال التسيير الملزمة للشركة، كإبرام الصفقات باسم الشركة أو التوقيع على العقود التجارية، ولو بناء على توكيل خاص، وإذا خالفوا هذا المنع يعدون بمثابة شركاء متضامنين يسألون مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة.

وتبقى الغاية من هذا المنع، هي حماية الأغيار الذين يتعاملون مع الشركة وينخدعون بوضع الشريك الموصي عندما يكون مسيرا، فيعتقد أنه مسؤول مسؤولية شخصية ومطلقة عن التزامات الشركة، بحيث إذا تدخل الشريك الموصي بصفته مسير للشركة وأدى ذلك إلى إلحاق أضرار بالغير، فإنه يسأل مسؤولية شخصية ومالية عن ديون الشركة شأنه في ذلك شأن المسير بصفته شريك متضامن.

وتقوم إلى جانب هذه المسؤوليات مسؤولية آخرى من نوع خاص ومتشدد في حق مسيري الشركات التجارية، وهي مسؤولية المسير الناشئة عن فتح مسطرة من مساطر معالجة صعوبات المقاولة، بحيث استثنى المشرع متابعة المسير بأداء الديون الضريبية للشركة وفق مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع إذا سبق أن حكم عليه بأداء ديون الشركة في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة.

الفقرة الثانية: مسؤولية المسير عن ديون الشركة طبقا لمساطر صعوبات المقاولة.

إضافة إلى مسؤولية المسير عن أداء ديون الشركة في ظل قانون الشركات التجارية أو بحكم الشكل القانوني للشركة كما هو الحال بالنسبة لشركات الأشخاص، فقد نصت مدونة التجارة في الباب الخامس تحت عنوان مساطر صعوبات المقاولة على مسؤولية خاصة ومشددة يتحملها مسيرو الشركة عند فتح مساطر صعوبات المقاولة[36].

وتختلف العقوبات المتخذة ضد مسيري الشركات في إطار صعوبات المقاولة حسب الطبيعة والشكل القانوني للشركة موضوع التسيير، كما هو الحال بالنسبة لمسؤولية المسيرين عن ديون الشركة.

فإذا كان المسيرون في شركات الأشخاص يسألون عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة مسؤولية مطلقة وتضامنية، وإذا حكم على الشركة بمسطرة من مساطر صعوبات المقاولة طالت هذه المساطر آليا مسيري الشركة، نظرا لاتحاد الذمة المالية للشركة بالذمة المالية للمسيرين، فإن مسؤولية هؤلاء عن ديون الشركة في شركات الأموال تبقى محصورة بقدر مساهمتهم في رأس مال الشركة دون أن تطال أموالهم الشخصية كقاعدة عامة.

أما الاستثناء فإن هذه المسؤولية تكاد أن تكون مطلقة ويسألون في كافة أموالهم في الحالة التي تكون فيها الشركة متوقفة عن الدفع نتيجة ارتكابهم أخطاء في الإدارة والتسيير، ساهمت بشكل أو بآخر في إيصال الشركة إلى مرحلة التوقف عن دفع ديونها.

ويتم فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة الشركة التي توجد في وضعية مالية صعبة أو مختلة بشكل لا رجعة فيه.

إذ يترتب عن فتح المسطرة في مواجهة مسيري الشركة إما تحميلهم مسؤولية تغطية خصوم الشركة، وإما تمدد مسطرة التسوية والتصفية القضائية إليهم ومتابعتهم في ذمتهم الشخصية والمالية.

البند الأول: تحميل المسير تغطية خصوم الشركة

يتحدد النص القانوني لدعوى تحميل المسيرين النقص الحاصل في باب أصول الشركة، في مقتضيات المادة 704 من مدونة التجارة والتي تنص على ما يلي:” حينما يظهر من خلال سير المسطرة في مواجهة شركة تجارية نقص في باب الأصول، يمكن للمحكمة، في حالة حصول خطإ في التسيير ساهم في هذا النقص، أن تقرر تحميله، كليا أو جزئيا تضامنيا أم لا، لكل المسيرين أو للبعض منهم فقط”.

بناء على مقتضيات هذه المادة يتضح أنه لا يمكن متابعة المسير بدعوى تغطية خصوم الشركة إلا إذا تحققت الشروط التالية:

  • أن تكون مسطرة المعالجة مفتوحة في مواجهة الشركة سواء تعلق الأمر بالتسوية أو التصفية القضائية؛
  • أن يظهر من خلال سير المسطرة وجود نقص في باب أصول الشركة؛
  • أن يثبت وجود خطإ في التسيير قبل فتح المسطرة، وأن هذا الخطأ هو الذي ساهم بشكل أو بآخر في حدوث النقص في باب الأصول.

ويخضع تقدير وجود الخطأ من عدمه، وإثبات العلاقة السببية بين خطأ المسير وحدوث النقص في باب الأصول للسلطة التقديرية للمحكمة التجارية مصدرة الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة الشركة.

فإلزام مسيرو الشركة بتغطية خصومها يجب أن يحدد بدقة، بحيث لا يرتب آثره بنتيجة آلية لفتح المسطرة اتجاه الشركة، كالالتزام الذي يتوجب على الشركاء المتضامنين بصفة مطلقة، فالالتزام بتغطية خصوم الشركة يفترض وجود حكم مقدر بكل حرية من طرف المحكمة، نتيجة ارتكازه على الأركان العامة للمسؤولية المدنية[37].

ويحصل الضرر في إطار دعوى تغطية خصوم الشركة من خلال وجود عجز في موجودات الشركة، فتقوم مسؤولية المسير لسد النقص في تلك الموجودات، فوجود الضرر يعد شرطا أساسيا للحديث عن التعويض، لأنه لا تعويض إلا عن الضرر الواقع، سواء كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا.

ولما كان الأمر يتعلق بحصول دائني الشركة على ديونهم فقد قصر المشرع الأمر في هذه الدعوى على الضرر المادي الذي يتمثل في نقص أصول الشركة الذي يمثل الجانب الإيجابي لذمتها المالية، والتي تشكل الضمان العام لدائني الشركة للوفاء بديونهم، أي أن المشرع في هذه المادة قد ربط بين تحقق الضرر الذي يلحق بدائني الشركة وبين العجز في موجوداتها، نظرا لسهولة إثباته لأنه يعد مسألة حسابية لا تحتاج لأية طريقة أو وسيلة خاصة للإثبات.

إذ يلحق النقص الحاصل في باب الأصول ضرارا بالدائنين لاستحالة أداء الشركة ما عليها من ديون سابقة ليوم الحكم بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، وينتج النقص في الأصول عندما تكون خصوم الشركة تفوق أصولها[38].

وتجدر الإشارة أن الخصوم التي تؤخذ بعين الاعتبار لتحديد النقص في الأصول هي التي تنشأ قبل فتح المسطرة وليس بعد فتحها، وذلك بعلة أن الشركة عندما تتابع نشاطها تكون قادرة على أداء ما عليها من ديون، غير أن هناك ما يرى بأن متابعة النشاط لا يمنع الحديث عن النقص في الأصول، وبالتالي يطبق نص القانون على هذه الحالة أيضا[39].

وتقدر قيمة العجز الحاصل في باب الأصول على أساس الفرق بين عنصري الذمة المالية للشركة أي الأصول والخصوم، ويكون موجبا عندما تكون الأصول تفوق الخصوم، وسالبا في الحالة المعاكسة.

ويؤدي النقص الحاصل في الأصول والذي يجب أن يكون موجود يوم فتح المسطرة، إذ لا تؤخذ بعين الاعتبار الديون التي تنشأ بعد تاريخ فتح المسطرة، إلى استحالة سداد ديون بعض دائني الشركة من ذمتها المالية، مما يؤدي إلى مساءلة المسير عن النقص الحاصل في باب الأصول، والذي يمثل الديون الواجبة على الشركة أي الديون التي تحققت وتم قبولها بصفة نهائية أو مؤقتة سواء كانت ديونا عادية أو مضمون برهن، وبالتالي تحميل المسير مسؤولية تسديد ديون الشركة التي عجزت عن الوفاء بها يوم فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، من خلال الحكم عليه بتغطية خصوم الشركة إما كليا أو جزئيا.

وتتمتع المحكمة بسلطة واسعة في تحميل النقص في أصول الشركة إما بصفة كلية أو جزئية وبطريقة تضامنية أم لا وذلك لكل المسيرين أو للبعض منهم.

إذ لا يسوغ للمحكمة عندما تبت في دعوى مسؤولية تغطية خصوم الشركة أن تلزم المسير أو المسيرين بأداء ما يتجاوز النقص المسجل في باب الأصول سواء بعد حصرها نهائيا أو مؤقتا للخصوم، بحيث يمكن أن تقرر تحميل المسير أو المسيرين كلهم أو بعضهم فقط، تضامنا بينهم أو بصفة غير تضامنية، كل النقص الحاصل في باب الأصول إذا كان ذلك ناجما بأكمله عن أخطاء في التسيير، أو قد تقتصر على إلزامهم بأداء جزء فقط من هذا النقص متى كانت الأخطاء في التسيير سببا واحد فقط إلى جانب أسباب آخرى متنوعة داخلية أو خارجية[40].

أما إذا تم الحكم بتحميل النقص تضامنيا بين المسيرين، فإن المحكمة في هذه الحالة تكون غير ملزمة بتحديد المبلغ الذي يجب أن يؤديه كل واحد منهم، غير أنه على خلاف ذلك قد يفرض على المحكمة في بعض الحالات أن تحدد الأقساط كل على حدة[41].

وفي مقابل السلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها المحكمة، يجب عليها أن تراعي نسبة مشاركة كل واحد من المسيرين في الخطأ أو الإهمال أو التقصير، باعتباره أساس قيام مسؤولية المسير في تحميله النقص الحاصل في باب أصول الشركة، وأن تعفي كل من أثبت تعرضه على القرار الخاطئ الذي اتخذه المسير، والأخذ بعين الاعتبار إذا كان هذا النقص قد حصل في المرحلة التي كان يتولى فيها المسير مهام الإدارة والتسيير بالشركة أم بعد انسحابه منها، وأن تجري بحثا في الديون المتراكمة على الشركة[42].

وتخصص المبالغ المحكوم بها على المسير حسب ما يتطلبه تنفيذ الحل المختار للشركة، إذ يتم توظفها وفق الكيفيات المنصوص عليها في مخطط الاستمرارية من خلال تكملة أصول الشركة، وذلك إذا كان الحل المختار للشركة هو استمرارها في نشاطها، وإما منحها للدائنين كتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء عدم كفاية أصول الشركة لسداد ديونهم، بحيث يتم توزيعها بالتناسب فيما بين دائني الشركة إذا كان الحل المختار هو تفويت المقاولة أو تصفيتها قضائيا.

وعليه تهدف دعوى تغطية خصوم الشركة بالدرجة الأولى إلى إصلاح الضرر الجماعي لدائني الشركة دون تمييز فيما بينهم، مما يجعلها تشكل حاجز قانوني أمام ممارسة دعوى المسؤولية الضريبية للمسير، بحيث إذا تم تحميل المسير مسؤولية تغطية خصوم الشركة لسداد ديونها، فإنه لا يمكن إعمال دعوى المسؤولية الضريبية، باعتبار الدين الضريبي من ضمن الديون الآخرى التي سيتم تسديدها بموجب تكملة خصوم الشركة من طرف المسير وذلك في حالة تفويت أو تصفية الشركة، بغض النظر عن الامتيازات والضمانات التي يحظى بها، فدعوى تغطية خصوم الشركة جاءت لحماية دائني الشركة سواء العاديين أو الذين يحظون بامتيازات، كامتياز الخزينة العامة، وذلك بفرضها التوزيع بالتناسب فيما بين الدائنين لمحصول إدانة المسير بتغطية خصوم الشركة.

أما فيما يتعلق بإمكانية الجمع بين دعوى تمديد المسطرة للمسير ودعوى تغطية خصوم الشركة، فعلى الرغم من أن الأمر يتعلق بدعويين تدخلان ضمن نطاق مساطر صعوبات المقاولة، فإن إقامة الدعوى الأولى تسحب المصلحة والفائدة من الدعوى الثانية، لأنه لا يمكن أن تمدد المسطرة للمسير في ذمته الشخصية والمالية، ثم الحكم عليه بتغطية جزء من خصوم الشركة، الأمر الذي يمكن تطبيقه في الحالة المعاكسة، بحيث يمكن الحكم على المسير بتغطية خصوم الشركة، وإذا لم يؤدي ما حكم عليه به، يتم إصدار حكم قضائي إما تلقائيا أو بناء على طلب من السنديك بتمديد المسطرة لمسير الشركة في ذمته الشخصية المالية، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 705 من مدونة التجارة.

البند الثاني: تمديد المسطرة للمسير في ذمته الشخصية المالية

لقد حاول المشرع توحيد قواعد المسطرة بخصوص تطبيق العقوبات المتخذة ضد مسيري الشركة[43]، بحيث جعل المحكمة التي أصدرت الحكم بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة الشركة، هي المحكمة المختصة بتمديد المسطرة لمسيريها إذا  تبث في حقهم، إما الامتناع عن أداء الديون المتخلدة بذمتهم لفائدة الشركة نتيجة الحكم بتحميلهم مسؤولية النقص الحاصل في باب الأصول، وإما ارتكابهم بعض الأفعال المنصوص عليها في المادة 706 من مدونة التجارة، والتي من شأنها الإنقاص من الذمة المالية للشركة، مما يترتب عنه عجز هذه الأخيرة عن أداء ديونها.

الحالة الأولى: المنصوص عليها في المادة 705 من مدونة التجارة والمتمثلة في عدم التزام المسير بأداء المبالغ المحكوم بها لتغطية خصوم الشركة، والتي ورد فيها ما يلي: “يجب على المحكمة أن تفتح المسطرة تجاه المسؤولين الذين تم تحميلهم خصوم الشركة كلا أو بعضا منها، والذين لم يبرئوا ذمتهم من هذا الدين”[44].

تطرح هذه المادة جملة من الإشكالات والمتمثلة فيما يلي:

  • لم تحدد المادة 705 من مدونة التجارة نوع المسطرة التي يجب على المحكمة أن تفتحها ضد المسير المحكوم عليه بتغطية خصوم الشركة، أهي مسطرة التسوية القضائية أم التصفية القضائية، إذ ترك المشرع للمحكمة السلطة التقديرية الكاملة لتحديد وضعية المسير والتعامل معها حسب مراحل مساطر صعوبات المقاولة، فإذا كانت وضعيته مختلة بشكل لا رجعة فيه، تقضي المحكمة ضد المسير بالتصفية القضائية، أما إذا كانت هناك إمكانيات جدية لتسوية وضعيته وسداد ديونه، في هذه الحالة تقضي المحكمة ضد المسير بالتسوية القضائية[45].
  • لم تحدد المادة 705 من مدونة التجارة أجلا محددا يتعين فيه على المسير أداء المبالغ المحكوم بها عليه في إطار دعوى تغطية خصوم الشركة، وبالتالي ليس هناك ما يمنع من إلزامه بأدائها بمجرد صدور الحكم بإدانته بتكملة النقص الحاصل في باب الأصول، خاصة وأن هذا الحكم يكون مشمولا بالنفاذ المعجل طبقا لمقتضيات المادة 728 من مدونة التجارة[46].

وعلى هذا الأساس فإن مجرد تحقق واقعة امتناع المسير عن تنفيذ الحكم بالإدانة بتغطية خصوم الشركة أي عدم أداء المبالغ المحكوم بها، لأي سبب من الأسباب، يترتب عنه إلزام المحكمة بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة المسير تحت طائلة الامتناع عن أداء المبالغ المحكوم بها في إطار دعوى تغطية خصوم الشركة[47].

الحالة الثانية: ارتكاب المسير للأفعال المنصوص عليها في المادة 706 من مدونة التجارة.

تصدر المحكمة حكم فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد مسيري الشركة بصفة شخصية، الذين تبث في حقهم ارتكاب إحدى الأفعال المنصوص عليها في المادة 706 من مدونة التجارة، والتي وردت على سبيل الحصر كالآتي:

  • التصرف في أموال المقاولة كما لو كانت أمواله الخاصة؛
  • إبرام عقود تجارية لأجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته؛
  • استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها لأغراض شخصية أو لتفضيل مقاولة آخرى له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة؛
  • مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحهَ خاصة من شأنه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع؛
  • مسك محاسبة وهمية أو العمل على إخفاء وثائق محاسبة الشركة أو الامتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد القانونية؛
  • اختلاس أو إخفاء كل الأصول، أو جزء منها، أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسية؛
  • المسك، بكيفية واضحة، لمحاسبة غير كاملة أو غير صحيحة.

إن طبيعة هذه الأفعال وخطورتها على الذمة المالية للشركة التي تشكل الضمان العام لدائنيها، تبرر خطورة الجزاء الذي أقره المشرع في حق مسيري الشركة إذا تبث في حقهم ارتكاب إحدى هذه الأفعال أو الوقائع، وهو متابعتهم في ذمتهم الشخصية المالية، من أجل تسديد ديون الشركة المتوقفة عن الدفع، نتيجة إخلالهم بواجباتهم والتزاماتهم اتجاه الشركة، والسهر على حسن تسيير وتدبير شؤونها، بما يخدم مصالحها ومصالح المساهمين والأغيار المتعاملين معها لا سيما الدائنين.

وكما سبق الإشارة لذلك يترتب عن متابعة مسير الشركة بدعوى تغطية خصوم الشركة، أو تمديد المسطرة إليه في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة، تحميله مسؤولية أداء ديون الشركة المتوقفة عن الدفع في ذمته الشخصية المالية، إذا توفرت الشروط الضرورية لقيامها، كما سنرى لاحقا، وتبقى غاية المشرع من وراء نصه على استثناء تطبيق مقتضيات المادة 98 من م.ت.د.ع، في الحالة التي يتم فيها إدانة مسيري الشركة بمسؤولية تسديد ديونها في إطار مساطر صعوبات المقاولة، هي منع توارد مسؤوليات المسير حتى لا يكون عرضة للحيف والظلم.

وعليه لا يمكن تحميل المسير المسؤولية عن أداء الديون الضريبية للشركة على أساس المادة 98 من م.ت.د.ع إذا سبق تحميله مسؤولية أداء ديون الشركة على أساس مقتضيات قانونية آخرى.

وعلى هذا الأساس يتضح أن الغاية من إقرار المشرع عدم متابعة المسير بأداء الديون الضريبية  للشركة وفق مقتضيات المادة 98 من مدونة تحصيل الديون العمومية، إذا وجدت مقتضيات قانونية آخرى يتحمل بموجبها المسير ديون الشركة، تتجلي من جهة فاتساع مجال مسؤولية مسيري الشركات التجارية، وتعددها من مسؤولية مدنية وجنائية وضريبية عامة وخاصة، وإلى مسؤولية تغطية خصوم الشركة، وتمديد المسطرة للذمة الشخصية المالية للمسير، وغيرها من المسؤوليات التي يمكن أن يتعرض إليها المسير نتيجة الأضرار اللاحقة بالشركة أو الأغيار بمناسبة ممارسته لمهام الإدارة والتسيير بالشركة، ومن جهة ثانية إمكانية التوسع في أخطاء الإدارة والتسيير التي تؤسس لقيام هذه المسؤوليات، من مخالفة الأحكام القانونية والخروقات المتعلقة بالنظام الأساسي للشركة إلى أخطاء الإدارة  والتسيير، ومما تثيره من غموض في المفهوم والتأويل.

وهذا التعدد والتنوع في المسؤولية التي يتعرض إليها المسير بمناسبة ممارسته لمهام تسيير الشركة، يطرح مسألة التشدد تجاه المسيرين بما يمكن أن يشكل سببا في العزوف عن التسيير من جهة، وكذلك مسألة التوارد بين مختلف أنواع المسؤوليات بما يثقل كاهل المسير أحيانا من جهة ثانية.

والملاحظ أن المشرع المغربي تشدد في تطبيق دعوى المسؤولية الضريبية الخاصة للمسير، إسوة بالمشرع الفرنسي الذي استلهمت منه المادة 98 من م.ت.د.ع، ولعل الحكمة من وراء ذلك، هي توفير بعض الحماية القانونية لمسيري الشركات التجارية باعتبارهم الجهاز الإداري الرئيسي لحسن سير وتدبير أمور الشركة.

ونظرا لخطورة الوقع المباشر لهذه المسؤولية على الذمة الشخصية المالية للمسير، كان لزاما أن يقتضي إعمالها توفر جملة من الشروط الشكلية والموضوعية كما سبق دراسة ذلك، حتى لا يتم التوسع فيها من جهة، وإحاطة مسطرة إدانة المسير بدعوى المسؤولية الضريبية الخاصة، بمجموعة من الخطوات الإجرائية المحددة قانونيا حتى تفضي إلى آثار مضبوطة من جهة ثانية.

 

 

 

قائمة المراجع

الكتب باللغة العربية.

  • أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2005.
  • أحمد شكري السباعي: الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2009.
  • جهد كان حجيبة: تحصيل الديون الضريبية بين قانون المسطرة المدنية وخصوصيات التشريع الضريبي، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأول، 2006.
  • عبد الرحمان أبليلا ورحيم الطور: تحصيل الضرائب والديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة، مطبعة الأمنية، الرباط، 2000.
  • عبد الغني خالد: المسطرة في القانون الضريبي المغربي، دار النشر المغربية، 2002.
  • عبد اللطيف العباسي: مسؤولية مسير الشركة موضوع مسطرة جماعي، مجلة المحاكم المغربية، مطبعة فضالة المحمدية، عدد 100 يناير/فبراير 2006.
  • علال فالي: مساطر معالجة صعوبات المقاولة، الطبعة الأولى، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 2012.
  • محمد بن سالم صالح با يوسف البريكي: شركات الأشخاص في الفقه الإسلامي وقانون الإمارات مع التركيز على شركة المحاصة، دراسة مقارنة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، 1426 ه-2005 م.
  • نسرين شريقي: الشركات التجارية، سلسلة مباحث في القانون، دار بلقيس الجزائر، 2013.

الأطروحات والرسائل

  • رزان سباطة: نظام العقوبات في قانون صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2003-2004.
  • عبد الغني خالد: الندوة الوطنية حول الإشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، ضمانات تحصيل الدين الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2001.
  • عبد الفتاح بلخال: المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي، رسالة لنيل الدكتوراه للقانون العام، شعبة العلوم السياسية وحدة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000-2001.
  • عبد الكريم عباد: دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004.
  • فاطمة المعاشي: وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي وعلاقته بالإدارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2001-2000.

الكتب باللغة الفرنسية

  • COMPANA MARIE JEANNE : « Droit De L’entreprise : L’essentiel Pour Comprendre », Ed Lamy, 2002..
  • JEAN FRANÇOIS MARTIN : « Redressement Et Liquidation Judiciaire Faillite Personnelle- Banqueroute », 5ème Edition, Delmas, 1993.
  • KHELIFA KHARROUBI: « Droit Des Sociétés Commerciales, Volume 1 », MIP, 2008.
  • NICOLAS MOLFESSIS: « Droit Commercial, Les Sociétés Commerciales, Tome 2 », Economica, 2011.
  • -PIERRE MICHEL LE CORRE : « Doit Et Pratique Des Procédures Collectives », 2ème Edition, Dalloz-Action, 2003.
  • YVES GUYON : « Droit Des Affaires, Entreprises En Difficultés Redressement Judiciaire- faillite, Tome 2 », 6ème Edition, Economica, Paris 1997.
  • YVES GUYON: « Droit Des Affaires, Droit Commerciale Générale Et Sociétés, Tome 1 », 9ème Edition, Economica, 1996.

الدوريات

  • Instruction Relative Au Recouvrement Des Créances Publiques: Mais, 2011.

 

[1] – الاستحقاق الفوري: من أجل الحفاظ على المال العام أورد المشرع في م.ت.د.ع. استثناء على قاعدة الأداء بأجل في التحصيل الرضائي فأعطى صبغة الاستحقاق الفوري في الحالات التالية:

  • بالنسبة للجداول وقوائم الإيرادات التي يتم إصدارها على سبيل التسوية فيما يتعلق بالضرائب والرسوم المفروض تسديدها أصلا بناء على تصريح الخاضع للضريبة؛
  • بالنسبة للخاضع للضريبة اللذي لم يعود متوفرا بالمغرب على محل إقامة اعتيادي أو محل مؤسسته الرئيسي أو موطنه الجبائي؛
  • بالنسبة للخاضع للضريبة الذي ينتقل للإقامة خارج دائرة اختصاص المحاسب المكلف بالتحصيل دون أن يشعر هذا الأخير بمحل إقامته الجديد داخل أجل 15 يوما قبل ذلك الانتقال؛
  • في حالة البيع الإرادي أو الجبري؛
  • في حالة توقيف النشاط؛
  • في حالة إدماج أو انفصال أو تحويل الشكل القانوني للشركة، وعلى العموم في حالة أي تغيير يطرأ على شخص الخاضع للضريبة.
  • عموما فقد سعى المشرع على مستوى الإطار العام – مدونة تحصيل الديون العمومية- أو الإطار الخاص -المدونة العامة للضرائب- إلى تنويع طرق التحصيل الرضائي وآجاله حسب طبيعة وخصوصية كل ضريبة على حدة.

غاية المشرع من هذا التنويع المحافظة على حقوق الخزينة من الضياع في شتى المناسبات، ومن وراء ذلك ضمان عملية التحصيل في كافة الظروف الحاسمة التي تتطلب الحزم والجدية واليقظة والحرص حتى لا تضيع الموارد العمومية نتيجة تغيير في الأوضاع القانونية التي قد تطرأ على حين غفلة كتوقيف النشاط أو بمناسبة إدماج أو انفصال أو تحويل الشكل القانوني للشركة أو تبديل في شخص الخاضع للضريبة لأي سبب من الأسباب.

للمزيد أنظر: جهد كان حجيبة: تحصيل الديون الضريبية بين قانون المسطرة المدنية وخصوصيات التشريع الضريبي، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأول، 2006، ص 76.

[2]– تنص المادة 8 من م.ت.د.ع على أنه: ” جداول الضرائب وأوامر المداخيل التي يصرها قباض التسجيل تذيل بمجرد إصدارها بصيغة التنفيذ من طرف الوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك”.

[3]– تحديد الاستحقاق لا يرتبط دائما بوجود سندات تنفيذية، وذلك على اعتبار حالات الأداء التلقائي.

[4]– Instruction Relative Au Recouvrement Des Créances Publiques: Mais, 2011, P 40.

[5]– الظهير الشريف المعتمد في ظل النظام القديم للمتابعات، تم نسخه بالظهير الشريف رقم 1.00.157 بتاريخ 28 محرم 1421 الموافق لـ 3 ماي 2000، الجريدة الرسمية عدد 4800 بتاريخ فاتح يونيو 2000 بتنفيذ القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية.

[6] – المادة 123 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[7]–  ينص الفصل 319 من ق.ل.ع على أنه: “تنقضي الالتزامات بما يأتي:

  • الوفاء؛
  • استحالة التنفيذ؛
  • الإبراء الاختياري؛
  • التجديد؛
  • المُقاصة؛
  • اتحاد الذمة؛
  • التقادم؛
  • الإقالة الاختيارية”.

[8]– عبد الفتاح بلخال: المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي، رسالة لنيل الدكتوراه للقانون العام، شعبة العلوم السياسية وحدة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000-2001 ، ص 440.

[9]– فاطمة المعاشي: وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي وعلاقته بالإدارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2001-2000، ص 222.

[10]– عبد الرحمان أبليلا ورحيم الطور: تحصيل الضرائب والديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة، مطبعة الأمنية، الرباط، 2000، ص 207.

[11]– تنص المادة 125 من م.ت.ع على أنه:” إن المحاسبين المكلفين بالتحصيل الذين تركوا أجل التقادم يمر دون القيام بإجراءات التحصيل أو الذين شرعوا فيھا ثم تخلوا عنھا إلى أن تقادمت الديون المعھود إليھم بتحصيلھا، تسقط حقوقھم تجاه المدينين، غير أنھم يبقون مسؤولين تجاه الھيئات العمومية المعنية”.

[12]– تنص المادة 123 من م.ت.د.ع على أنه: “تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب والرسوم والحقوق الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر بمضي أربع سنوات(4) من تاريخ الشروع في تحصيلها.”

[13]– حكم رقم 604/2012 بتاريخ 18/09/2012 صادر عن المحكمة الإدارية بأكادير، غير منشور.

– حكم رقم 460/2012 بتاريخ 02/10/2012 صادر عن المحكمة الإدارية بأكادير، غير منشور.

[14] – عبد الغني خالد: المسطرة في القانون الضريبي المغربي، دار النشر المغربية، 2002، ص377-378.

[15]– تنص المادة 123 من م.ت.د.ع على أنه:” تتقادم الديون الآخرى المعھود باستخلاصھا للمحاسبين المكلفين بالتحصيل، وفق القواعد المقررة في النصوص المتعلقة بھا، وعند انعدامھا، وفق القواعد المنصوص عليھا في الظھير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.

ينقطع التقادم المشار إليه في الفقرتين السابقتين بكل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري يتم بمسعى من المحاسب المكلف بالتحصيل، أو بإحدى الإجراءات المنصوص عليها في الفصلين 381 و382 من الظهير الشريف بمثابة قانون الالتزامات والعقود السالف الذكر”

[16]– عبد الغني خالد: الندوة الوطنية حول الإشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، ضمانات تحصيل الدين الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2001، ص 285.

[17]– الإجراءات التي تصدر عن المحاسب:

إن قطع التقادم حسب مقتضيات الفقرة الثالثة من م.ت.د.ع يتم بكل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري بمسعى من المحاسب المكلف بالتحصيل أو بإحدى الإجراءات المنصوص عليها في الفصلين 381 و382 من ق.ل.ع.

إذ لا يمكن الدفع بعدم أحقية المحاسب في المطالبة بديون ضريبية لسقوطها بالتقادم إدا قام باتخاذ الإجراءات التي يفرضها القانون في إبانها والقاطعة للتقادم.

ومن بين هذه الإجراءات:

  • تبليغ الإنذار القانوني للمدين؛
  • الحجز؛
  • البيع؛
  • الإكراه البدني؛
  • الإشعار غير الحائز؛
  • المطالبة القضائية أو غير القضائية؛
  • دعوى افتعال العسر المواد من 84 إلى 89 من م.ت.د.ع؛
  • دعوى بيع السفن المنصوص عليها في المادة 66 من م.ت.د.ع؛
  • دعوى المسؤولية الضريبية المنصوص عليها في المادة 98 من م.ت.د.ع؛

[18]– الإجراءات التي تصدر عن المدين بالضريبة:

– تنص المادة 382  من ق.ل.ع على أنه وينقطع التقادم أيضا بكل أمر يعترف المدين بمقتضاه بحق من بدأ التقادم يسري ضده، كما إذا جرى حساب عن الدين أو أدى المدين قسطا منه وكان هذا الأداء ناتجا عن سند ثابت التاريخ، أو طلب أجلا للوفاء، أو قدم كفيلا أو أي ضمان آخر، أو دفع بالتمسك بالمُقاصة عند مطالبة الدائن له بالدين.

بناء عليه فالإقرار الذي يصدر عن المدين بحق الإدارة الجبائية، يكون سببا لقطع التقادم سواء كان صراحة أو ضمنيا، كما ينقطع التقادم بالأداء الجزئي للدين الضريبي من طرف المدين.

[19]-Instruction Relative Au Recouvrement Des Créances Publiques, op, p 183.

“Les gérants, administrateurs et autres dirigeants de droit ou de fait de sociétés ou d’entreprises peuvent être tenus au paiement des dettes sociales dans les conditions prévues par les lois en vigueur, notamment, lorsque la forme de la société l’impose (sociétés de personnes) ou lorsqu’ils sont déclarés responsables suite à des procédures engagées en application du code de commerce ou à raison d’infractions aux dispositions prévues par les lois sur les sociétés ou par les textes spéciaux régissant leurs activités professionnelles”.

[20]– تقوم شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي الذي يستند إلى المعرفة والثقة وتنشأ في الغالب بين عدد قليل من الشركاء، وتمارس نشاطا صغير الحجم قريبا من النشاط الفردي.

وتتضمن شركات الأشخاص: شركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة وشركة التضامن التي تشكل النموذج الأمثل لشركات الأشخاص

[21]– KHELIFA KHARROUBI: « Droit Des Sociétés Commerciales, Volume 1 », MIP, 2008, P 272-273.

[22]– NICOLAS MOLFESSIS: « Droit Commercial, Les Sociétés Commerciales, Tome 2 », Economica, 2011, P 451-452.

[23] – نسرين شريقي: الشركات التجارية، سلسلة مباحث في القانون، دار بلقيس الجزائر، 2013، ص 47.

[24]– محمد بن سالم صالح با يوسف البريكي: شركات الأشخاص في الفقه الإسلامي وقانون الإمارات مع التركيز على شركة المحاصة، دراسة مقارنة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، 1426 ه-2005 م، ص 192.

[25]– YVES GUYON: « Droit Des Affaires, Droit Commerciale Générale Et Sociétés, Tome 1 », 9ème Edition, Economica, 1996, P 261-262.

[26]– ينص الفصل 1042 على أنه: “الشركاء في شركة المفاوضة مسؤولون بالتضامن فيما بينهم عن الالتزامات المعقودة على وجه صحيح من أحدهم، ما لم يكن هناك غش”.

[27]-محمد فريد العريني: القانون التجاري، الشركات التجارية-شركات الأشخاص والأموال، مرجع سابق، ص 126-127.

[28]– تنص الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون 5.96 التي أنه:” إذا كان المسير شخصا معنويا، فإن مسيريه يخضعون لنفس الشروط والالتزامات ويتحملون نفس المسؤولية المدنية والجنائية كما لو كانوا مسيرين باسهم الخاص، بصرف النظر عن المسؤولية التضامنية للشخص المعنوي الذي يسيرونه”.

[29]– تنص المادة 44 من القانون 5.96 على أنه: “تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم”.

[30]– قرار  رقم 397 ملف عدد 434/08 صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس، منشور بالموقع الالكتروني: http//www.Jurisprudence.ma

[31] – الفرع الثاني من ق.ل.ع: التضامن بين المدنين.

[32] – المواد 164 و166 و179 من ق.ل.ع.

[33] – أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2005، ص 321-323.

[34] – شركة التوصية نوعان: شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم.

– طبقا لمقتضيات المادة 20 من القانون 5.96، شركة التوصية البسيطة تتكون من شركاء متضامنين وشركاء موصين، ويخضع الشركاء المتضامنين للنظام المطبق على الشركاء المتضامنين في شركة التضامن، ويسأل الشركاء الموصون عن الديون المستحقة على الشركة في حدود حصتهم التي لا يمكن أن تكون حصة صناعية.

– وبناء على مقتضيات المادة 25 من القانون 5.96 لا يمكن للشريك الموصي القيام بأي عمل تسيير ملزم للشركة اتجاه الأغيار لو بناء على توكيل، وفي حالة مخالفة للمنع المنصوص عليه في الفقرة السابقة، يسأل الشريك الموصي بالتضامن مع الشركاء المتضامنين عن ديون والتزامات الشركة المترتبة عن الأعمال الممنوعة، ويمكن أن يلزم تضامنا بكل التزامات الشركة أو ببعضها فقط، حسب عدد وأهمية الديون والالتزامات المذكورة.

وللتذكر فقط فأن شركة التوصية البسيطة تعتبر من شركات الأشخاص بينما شركة التوصية بالأسهم فتعتبر من شركات الأموال.

[35]– تنص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون 5.96 على أنه:” يعين المسير أو المسيرون أثناء وجود الشركة، من طرف الجمعية العادية للمساهمين بموافقة جميع الشركاء المتضامنين، ما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك.”

[36]– بد اللطيف العباسي: مسؤولية مسير الشركة موضوع مسطرة جماعي، مجلة المحاكم المغربية، مطبعة فضالة المحمدية، عدد 100 يناير/فبراير 2006، ص 69 وما بعدها.

[37]– YVES GUYON : « Droit Des Affaires, Entreprises En Difficultés Redressement Judiciaire- faillite, Tome 2 », 6ème Edition, Economica, Paris 1997, P 417.

[38] – JEAN FRANÇOIS MARTIN : « Redressement Et Liquidation Judiciaire Faillite Personnelle- Banqueroute », 5ème Edition, Delmas, 1993, P175.

[39] -COMPANA MARIE JEANNE : « Droit De L’entreprise : L’essentiel Pour Comprendre », Ed Lamy, 2002, P 1284.

[40]– علال فالي: مساطر معالجة صعوبات المقاولة، الطبعة الأولى، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 2012، ص 359.

[41]– رزان سباطة: نظام العقوبات في قانون صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2003-2004، ص 26.

[42] -PIERRE MICHEL LE CORRE : « Doit Et Pratique Des Procédures Collectives », 2ème Edition, Dalloz-Action, 2003, P875.

[43]– عبد الكريم عباد: دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004، ص461-462.

[44] – المادة 705 من مدونة التجارة.

[45]– أحمد شكري السباعي: الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2009، ص 288.

[46]– تنص المادة 728 من مدونة التجارة على أنه: “تكون الأحكام والأوامر الصادرة في مادة مسطرة معالجة الصعوبات والتصفية القضائية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون عدا تلك المشار إليها في البابين الثاني والثالث من القسم الخامس”.

[47]– علال فالي: مرجع سابق ص 365.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى