في الواجهةمقالات قانونية

دور ادارة الجمارك في حماية حقوق الملكية الصناعية في زمن كورونا

 

  • ايوب عويش باحث في القانون الخاص, في جامعة محمد الخامس للعلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية, وحاصل على شهادة الاهلية لمزاولة مهنة المحاماة.

 

دور ادارة الجمارك في حماية حقوق الملكية الصناعية في زمن كورونا

مقدمة المقال.

تعتبر حقوق الملكية الصناعية من اهم حقوق الملكية الفكرية التي ما فتئت تشكل احدى المواضيع الدسمة والتي سالت مداد العديد من اقلام الباحثين في الدراسات القانونية وعلى وجه الخصوص المتخصصين في مجال عالم المال والاعمال, باعتبارها حق ذهني فكري يتربع على عرض الحقوق ويتصل بأغلى ما يملك الانسان وهو العقل.

إذن فالملكية الفكرية على حسب قول استاذنا محمد محبوبي,[1] انها نتاج فكري ترد على اشياء غير مادية كالملكية الأدبية والفنية وايضا الصناعية حيث كان لظهور هذه الحقوق اثرها للتصدي للمعتدين عليها وكان لها الفضل الكبير في انقاد المؤلفين والمبتكرين من سلب حقوقهم نهبا وبشكل علني, غير   ان الصورة لحد الان لم تكتمل اذ توصلت المنظمة العالمية للملكية الفكرية من خلال الواقع العملي انه بالرغم من الترسانة وجود ترسانة تشريعية داخل الدول الاعضاء فيها انه بعض المظاهر التي تشكل صورا من صور الاعتداء على حقوق الملكية الصناعية بالخصوص والتي تمارس عبر الحدود الوطنية كالتزييف والتقليد, هنا ظهرت اهمية ضرورة وجود جهاز يلعب دور مهما في رصد هذه الاعمال وتم التوصل الى ان ادارة الجمارك هي الجهاز الوحيد القادر والاقدر على تطبيق التدابير الوقائية المتمثلة في توقيف وضبط السلع الحاملة لتلك الحقوق, والتي قد تنطوي عليها اعتداءات سافرة على حقوق اصحابها الاصليين.

وقد اطلق المشرع على تدخل ادارة الجمارك في القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية[2] بتسمية التدابير على الحدود, باعتبارها مجموع الاجراءات التي تقوم بها هذه الادرة لغاية ضبط الاعتداءات على حقوق الملكية الصناعية من المواد المادة 1-176 الى المادة 8-176, وقد كانت هذه التدابير احدى اهم المحاور التي ركزت عليها جوانب اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة[3] في المادة 51 منها.

غير انه في ظل هذه الازمة العالمية الصحية بسبب فيروس كوفدي ظهرت مستجدات غيرت من طبيعة اشتغال جهاز ادارة الجمارك فأصبح يقوم بدور وقائي تجاه السلع المزيف مع التزامها في نفس الوقت بعدم عرقلة المبادلات التجارية, لذلك في هذا المقال يحق لنا ان نضع اشكالا محوريا مباشرة دون سرد اهمية الموضوع مادام انها مستشفة من راهنيته, مفاده الى اي حد انعكست ازمة كوفيد19 على دور الادارة الجمركية في حماية حقوق الملكية الصناعية.؟؟

للإجابة عن هذه الاخيرة اقتضت الضرورة المنهجية تقسيم الموضوع عبر محورين, كالأتي :

المحور الاول. مستجدات مسطرة التدابير على الحدود الجمركية لحماية حقوق الملكية الصناعية

المحور الثاني. تطبيقات مسطرة التدابير على الحدود الجمركية لحماية حقوق الملكية الصناعية واثاره.

 

 

 

 

 

 

المحور الاول. مستجدات مسطرة التدابير على الحدود الجمركية لحماية حقوق الملكية الصناعية

تعتبر مسطرة التدابير على الحدود مسطرة ذات طبيعة مختلطة من حيث طبيعتها القانونية, اي انها مسطرة ادارية قضائية لذلك فكمالية عملها تتوقف على صدور حكم قضائي كما سنرى لاحقا في مثن الموضوع, سواء تعلق الامر بوقف الافراج على السلع بناء على طلب المتضرر من الإدارة (اولا), او عبر تدخلها التلقائي (ثانيا) غير ان القراءة لهذه المقتضيات في هذا المحور لن تكون إلا في ضوء المستجدات التي املاها واقع الازمية الصحية عقب انتشار فيروس كوفيد19.

اولا. على مستوى وقف الافراج الجمركي عن السلع بناء على طلب

تعتبر حقوق الملكية الصناعية بالنسبة لصاحبها وسيلة لجني الثمرات من خلال استغلاله لذلك فإن المشرع جعل له موقعا في عملية وقف الافراج الجمركي على البضائع التي يشتبه انها تشكل اعتداءا على حقوقه ذلك بتقديم طلب الى ادارة الجمارك من اجل وقف الافراج عليها بمقتضى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة في المادة 51 مع اشتراطها بتبسيط الاجراءات حتى لا تشكل عرقلة لمدعي التزييف والتقليد, وحسب المادة 1-176 من القانون المتعلق بحقوق الملكية الصناعية  وهذا الطلب يجب ان تتوفر فيه بعض البيانات مدعما بعناصر إثبات ملائمة توحـي بوجـود مس ظاهر بـالحقوق المحمية، ويتضمن معلومات كافية  يمكن أن يستشف منها بشكل معقول أنها معروفة لدى مالك الحقوق، لجعل السلع المشكوك فـي تزييفها قابلة للتعرف عليها بصورة معقولة من طرف إدارة الجمارك انطلاقا من هوية صاحب الطلب مع الادلاء بسند ملكية الحقوق والحق المراد حمايته مع وصف البضاعة المراد تطبيق عليها التدابير على الحدود ناهيك عن وسائل الاتصال بينه وبين صالحب الحقوق او وكيله اذا كان خارج المغرب مع تقديمه التزامين الاول يدرج فيه الاول يتعهد بموجبه تحمل المسؤولية تجاه  المطبق عليه مسطرة التدابير على الحدود والتزام ثاني متعلق بالقيام بالاجراءات القضائية او التحفضية داخل اجل عشرة ايام من تاريخ اعلامه بالحجز, ويمكن لإدارة الجمارك أن تطلب إضافة إلى عناصر الإثبات المذكورة سلفا أي وثيقة أو معلومة ضرورية لدراسة الطلب المذكور وكذا أي رسم مستحق, والمستجد في ظل هذه الازمة الصحية العالمية وكما نصت الدورية الاخيرة لإدارة الجمارك[4] ان هذه الطلبات ستقدم من طرف طالب وقف الافراج على السلع الى الادارة عبر تطبيق منصة ”بدر” التي يسيرها اطر واعوان ادارة الجمارك وذلك إبتداءا من 16 مارس2020, وسيتم حصر الولوج إلى مكاتب الجمارك وعدم السماح بذلك إلا للحالة التي تستدعي بشكل ضروري الحضور الفعلي إلى مكاتب إدارة الجمارك, غير ان هذه الدورية لم تبين هذه الحالات التي تتطلب الحضور, مما يجعل تفسير هذا المعطى بيد المصالح الجمركية.

ودراسة هذه الطلبات هي الاخرى سيتم بشكل إلكتروني حيث تنتهي بإصدارها لأحد القرارين داخل اجل 30 يوما من تاريخ ايداع الطلب[5]:

  • قرار قبول الطلب, تحدد الادارة مدة زمنية التي يمكنه من خلالها تكتيف المراقبة بهدف ضبط البضاعة المزيفة او المقلدة, إلا ان هذا الفحص والبحث سواء داخل المغرب او خارجه في اطار التعاون الدولي التي نظمته المظمة العالمية للجمارك, بل اكثر من ذلك فهذه الاخيرة خلصت تعهد مشترك لمنظمتي التجارة والجمارك[6] لدعوة الأعضاء بالفعل إلى زيادة الشفافية عن طريق تبادل المعلومات عن التدابير التجارية الجديدة والمتصلة بالتجارة التي اتخذت استجابة لوباء كورونا.هو الاخر يتم بشكل إلكتروني كما سنرى في المحور الموالي, اما ادارة الجمارك المغربية فإنها لم تخرج عن هذا السياق وبالتالي معالجتها بشكل الكتروني وحاولت الى حد كبير تجنب كل ما من شأنه إلحاق الاضرار سواء بأطرها او بالمستهلك خصوصا اذا كانت تلك السلع مصدرها دول موبوءة.
  • قرار رفض الطلب, من الواضح ان قرار قبول الوقف عن الافراج من اخطر القرارات التي يمكن ان تتخدها الادارة الجمركية لما فيه من تعطيل مصالح صاحب السلع التجارية, بل اكثر من ذلك من شأنه المساس بسمعته داخل السوق, لذلك فإن الادارة الجمركية تدرس الطلب اكثر داخل الاجل المذكور والمحدد في 30 يوما من تاريخ تبليغها بالطلب بشكل إلكتروني.

ثانيا. على مستوى وقف الافراج الجمركي التلقائي عن السلع

تجسيدا لدور الادارة الجمركية في حماية حقوق الملكية الصناعية خصوصا في زمن كورونا فإن المشرع خول لها في  المادة 176-4 من القانون المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية عندما تتأكد إدارة الجمارك أو لمجرد الشك بأن سلعا مستوردة أو مصدرة أو عابرة هي سلع مزيفة، فإنها توقف تلقائيا التداول الحر لهذه السلع, غير ان هذه الفرضية خلال من شأنها ان تتحقق اكثر لعاملين ; التقليص من نسب السلع المستوردة من جهة ومن جهة اخرى الاستعانة بالآليات التقنية والتكنولوجية للفحص كما سنرى ذلك في المحور الموالي.

وتخبر في هذه الحالة فورا مالك الحقوق بالإجراء المتخـذ وتطلعه به، مع التزامها بحماية السر المهني حتى لا يتضرر صاحب السلع أي انها لا تعطي اسم الشركة المستورد  والتي ضبطت بحوزتها الحقوق التي يشتبع انها مزيفة لأن من شأن ذلك المس بثقة الزبناء, اذ يصعب رد الاعتبار في هذه الحالة خاصة في حالة عدم ثبوت الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية,[7] وحسب المادة 4-176 فإنه خلال أجل عشرة أيام عمل ابتـداء من تاريخ إخـباره من لدن الإدارة المذكورة الكترونيا حسب المستجدات، ان يشعرها بنفس الطريقة بما يثبت القيام بـالإجـراءات أو رفع الـدعوى القضائية عبر منصة ”بدر” .

اما عن مصير السلع والبضائع الموقوفة فإنها لن تخرج عن اثنين :

  • الافراج عن السلع المزيفة او المقلدة او المزيفة, بقوة القانون إذا لم يدل مالك الحقوق لدى إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة خلال أجل عشرة أيام عمل ابتـداء من تاريخ إخـباره كما جاء في المادة 5-176 من القانون المتعلق لحقوق الملكية الصناعية, وايضا في حالة عدم الاقرار بوجود التزييف والتقليد من طرف المحكمة ولا تتحمل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة أية مسؤولية إزاء إجراء توقيف التداول الحر, ويجوز للمستورد أن يطلب من المحكمة تعويضا عن الأضرار يدفع لفائدته من طرف الطالب لجبر الضرر المحتمل أنه لحـق به حسب المادة 6-176 من نفس القانون, غير ان دور المحكمة من الصعب ان يكون معاملا مساعدا في حماية حقوق الملكة الصناعية نظرا للعديد من الاكراهات يعاني من الجسم القضائي المغربي خلال هذه الفترة, عموما فإن الافراج عن السلع والبضائع يقيد في نفس المنصة الالكترونية ويسمح المفتش بعد ذلك بخروجها.
  • اتلاف السلع المقلدة او المزيفة, يتم بحصول ادارة الجمارك بحكم قضائي قاضي بأن السلع مزيفة او مقلد من صاحب الحق او وكيله, في هذه الحالة يتحمل المزيف مصاريف التخزين والإتلاف وكذا كل المصاريف ذات الصلة, ويجوز لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة إتلاف السلع المتخلى عنها بالجمارك بناء على أمر من قاضي المستعجلات وبطلب لمن له حق ملكية التصرف في هذه السلع، الذي يجب عليه تحمل مصاريف الإتلاف, ولا يمكن بأي حال من الاحوال الترخيص بأن تكون محل تصدير او انظمة ومساطر جمركية ما عدا في حالت استثنائية كما جاء في المادة 5-176 من القانون المتعلق لحقوق الملكية الصناعية.

 

 

 

المحور الثاني. تطبيقات مسطرة التدابير على الحدود لحماية حقوق الملكية الصناعية الجمركية واثاره.

بعدما تم تناول الجانب النظري الصرف في المحور الأول, يتم في هذا المحور التطرق الى الشق الاخر للموضوع الذي يعتبر ذا طبيعة تطبيقية حيث انه لفهم المقتضيات التشريعية المنظمة لمسطرة معينة يتطلب ان يتم الوقوف عليه تطبقيا, لذلك سنتناول التطبيقات الجمركية للتدابير على الحدود ”ميناء الدار البيضاء واكادير كنمودج” (اولا), مع استعراض اثار هذا التدبير على الاقتصاد الوطني وايضا المستهلك (ثانيا).

  اولا. التطبيقات الجمركية للتدابير على الحدود ”ميناء الدار البيضاء واكادير كنمودج”

إن التغيرات التي شهدها العالم على إثر تفشي جائحة COVID 19 تعتبر أمرا مستجدا لم تعهده الدول  العالمية من قبل، حيث ظهرت انعكاساته على جميع المستويات الاقتصادية الاجتماعية و السياسية.. و هذا ما دفع معظم التشريعات لاتخاذ تدابير احترازية ووقائية لمنع تفشي الوباء، حيث تجلت أهم هذه التدابير في إغلاق الحدود بين الدول وتعليق الرحلات الجوية لإشعار آخر,  و لتطبيق هذه التوجهات التي ساهم بها المغرب أيضا أثناء هذه الجائحة، أصدرت إدارة الجمارك والضرائب المباشرة بتاريخ 16/03/2020  إشعارا لمرتفقي الإدارة بحصر الولوج إلى مكاتبها إلا في الحالات الإستثنائية و الضرورية التي تتطلب حضورا فعليا و الاستعانة فقط بالخدمات الالكترونية في خدمة زبنائها.

هذه التدابير الإحترازية كان لها التأثير المباشر على السلع و المنتجات المصدرة و المستوردة من و إلى المغرب حيث أكد الاستاذ عبد الله بوكيوض “الآمر بالصرف المكلف بالمراقبة عن بعد للواردات بمديرية الجمارك بميناء الدار البيضاء” في حوار له مع قناة [8]CAP 24 TV أن التهديدات التي يطرحها تفشي وباء كورونا و من أجل كبح انتشار الفيروس اتخذت مديرية الجمارك مجموعة من الاحتياطات لضمان سلامة المرتفقين تتجلى أساسا في أن 90% من السلع تتم مراقبتها عبر تقنية الفحص بالأشعة SCANNER و 10% منها يتم معاينته بشكل مادي، كما أن اجراءات وضع التصاريح و الشكايات و الطلبات و عمليات التخليص الجمركي أصبحت تتم عن بعد عبر منصة “بدر” المحدثة لهذا الغرض، وأكد الاستاذ بلهان محمد عادل “الآمر بالصرف لدى إدارة الجمارك بميناء أكادير” في حوار له مع نفس القناة[9] أن هذه القرارات ستساهم بشكل إضافي في تسهيل المساطر الجمركية على الفاعلين الاقتصاديين و ضمان السرعة و الفعالية في عمليات رفع اليد على السلع و التخليص الجمركي لها.

إن التدابير على الحدود تظهرت فعاليتها بشكل مهم في حماية حقوق الملكية الفكرية للسلع و  البضائع المستوردة أو المصدرة وضمان حماية أوفر لمالكيها خاصة أن المادة 176-1 و 176-2 من قانون17 .97 المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية, أشارت إلى أنه في حالة إذا ما تبث من خلال معاينة إدارة الجمارك أن بعض السلع مزيفة أو مقلدة وارتأت الإدارة اتخاذ قرار وقف تداولها تلقائيا, فإن عليها أن تقوم فورا بإخبار مالك العلامة المسجلة لهذه البضائع أو حائزها بذلك و على طالب الوقف أن يبادر إلى استصدار أمر بالإجراءات التحفظية على هذا السلع صادر عن رئيس المحكمة التجارية و تبليغ إدارة الجمارك بهذا الأمر تحت طائلة رفع الوقف بقوة القانون بعد مضي 10 أيام من تاريخ تبليغ الوقف و الإفراج عن السلع, وهذا يظهر بجلاء أهمية تموقع إدارة الجمارك في حماية حقوق الملكية الفكرية بتوفرها على الوسائل التقنية والتكنولوجية في تطوير مسطرة التدابير على الحدود, مما يسهل معه التعامل مع السلع المزيفة أو المقلدة و بالتالي محاربة آفة التزييف بفعالية.

 

 

 

  ثانيا. تأثير التدابير على الحدود الجمركية في ومن كورونا على الاقتصاد المغربي

إن مسطرة التدابير على الحدود المتخذة من طرف إدارة الجمارك والضرائب المباشرة جاءت كمستجد سنه المشرع المغربي في قانون 17.97 المتعلق بحقوق الملكية الصناعية  وقانون 2.00[10] المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، للمساهمة  في حماية هذه الأخيرة[11] و العلامات التجارية[12] من أي تقليد أو قرصنة أو تزييف قد يطالها من جهة, وتطوير الاقتصاد الوطني و ووقف الآثار الخطيرة للمنافسة غير المشروعة التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي في السنوات الاخيرة بفعل العولمة و التطور التكنولوجي وانفتاح الأسواق على بعضها البعض من جهة اخرى، وعندما نتحدث عن الاقتصاد فأول ما يتبادر الى ذهننا هي المقاولات كوحدة أساسية للإنتاج ووسيلة لنمو النشاط الاقتصادي والإجتماعي على حد سواء بل إن هذه المسطرة تقوم بدور أساسي في حماية المستهلك من خطر السلع المستوردة المزيفة أو المقرصنة عن طريق مراقبتها و التدقيق في مدى خضوعها للمواصفات المحددة ومدة صلاحيتها[13]… لذلك سنتطرق مبدئيا لتأثير هذه المسطرة على المقاولة عامة (ا) ثم المستهلك بشكل خاص (ب).

 

  • بالنسبة لتأثيرها على مناخ المقاولة

إن الحماية الجمركية لحقوق الملكية الفكرية -خاصة علامة التجارة والصنع والخدمة- من التزييف والقرصنة تنتج مجموعة من الآثار المهمة على الوضع الاقتصادي للمقاولة و أساليب إنتاجها بشكل عام، حيث أن هذا التأثير الإيجابي يرجع إلى سلطة وهيمنة حقوق الملكية الفكرية على منتجات المقاولة المالكة لها وأداة لفرض جودتها في السوق و تمييز منتجاتها عن المنتجات و السلع المنافسة مما يشكل وسيلة لنجاح المشروع الاقتصادي بشكل عام.[14]

كما أن هذه المسطرة تساهم بشكل فعال في تعزيز وظيفة العلامة باعتبارها وسيلة للتسويق و الإشهار لا يمكن للمقاولة الاستغناء عنها في التعريف بمنتجاتها وخدماتها و تمييزها عن باقي المنتجات المنافسة,[15] وتشكل السمعة التي تتمتع بها هذه الحقوق وقوة الجذب الذي تثيره في نفوس الزبائن قيمة اقتصادية إضافية و مهمة بالنسبة للمقاولة، مما يجعلها بذلك تستحق الحماية التي تتناسب مع مكانتها في السوق و هذا ما دفع المشرع المغربي إلى إحداث  “التدابير على الحدود” كمسطرة فعالة تحول دون الإضرار بحقوق الملكية الفكرية أو الإعتداء عليها بشكل يعد قرصنة أو تزييفا أو تقليدا…كما جعلت منها التشريعات مسطرة قبلية ذات صبغة وقائية تطبق في أول خط دفاعي لدخول المنتجات و البضائع عبر الحدود, من اجل تفادي إغراق الأسواق المحلية بالسلع المغشوشة والمزيفة, وبالتالي حماية المقاولات المنتجة من هذه الأفعال التي تشكل تهديدا للاقتصاد المغربي و ظاهرة وبائية تلقي بظلال الشك على الفعالية التي يوفرها النظام القانوني للإستثمار عامة و الأجنبي بصفة خاصة.

 

  • بالنسبة لتأثيرها على للمستهلك

إن عملية مراقبة السلع و المنتجات المستوردة من الخارج كانت ولا تزال تقوم بدور أساسي في حماية المستهلك المغربي من الآثار الخطيرة للمنتجات المزيفة أو المقلدة، و تعد إدارة الجمارك الوحدة الأساسية التي أناط إليها المشرع مهمة القيام بالمراقبة الحدودية الدقيقة لمنع أي مساس أو اعتداء على حقوق الملكية الفكرية المسجلة قانونا والذي قد يلحق ضررا ليس فقط بمالكها بل حتى مستهلكي هذه السلع المزيفة مما يؤدي لا محالة إلى فقدها لجودتها [16]و قيمتها في السوق، الشيء الذي يمكن أن يحدث في ذهن المستهلك خلطا بين السلع المزيفة و الأصلية, و هذا في حد ذاته ضربا لأحد الوظائف الاساسية للعلامات التجارية وهي وظيفة الإعلام و توجيه المستهلك بناءا على ما يعرفه على كل منتج أو سلعة و بالتالي ممارسة حقه الطبيعي في الاختيار بكل حرية.

هذه الإشكاليات أصبحت تفرض على إدارة الجمارك تكثيف جهودها لضبط أي تزييف او قرصنة قد يطال حقوق الملكية الفكرية بشكل فوري و سريع لتوفير حماية أنجع للمستهلك كما أشرنا أنفا، بل إن هذا التدخل الإحترازي يساهم بشكل فعال في تجريد السوق المحلية من المنتجات الحاملة لعلامات مزيفة أو مقرصنة من خلال التموقع الاستراتيجي لإدارة الجمارك على الحدود مما سيحقق بلا شك نوعا من الثقة والاطمئنان لدى المستهلك أثناء اقتناء المنتجات الأصلية وزيادة قدرته الشرائية وهذا سينعكس بشكل إيجابي على الإقتصاد الوطني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

             إن ظاهرة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية أصبحت وباءا عالميا لا تؤثر فقط على الاقتصاد الوطني بل على التجارة العالمية ككل، مما أصبح يحتم معه على التشريعات فرض مساطر التدابير على الحدود كآلية فعالة وقائية و احترازية لوقف أي تزييف أو تقليد لحقوق الملكية الفكرية، لكن مع أزمة انتشار وباء COVID 19 أصبحت هذه التدابير تطرح أكثر من سؤال حول نجاعتها في تحقيق الغاية التي جاءت بها أمام الصعوبات التي أصبحت إدارة الجمارك تواجهها في التعامل مع السلع المستوردة في المعابر الحدودية و محدودية الوسائل المعتمدة في عمليات المراقبة، كل ذلك يفرض على المشرع الضرب بيد من حديد على كل من يستغل هذه الظرفية لإدخال سلع مزيفة للسوق المحلية لما لها من تأثير على الاقتصاد الوطني عامة و المستهلك المغربي بشكل خاص.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع.

الكتب

  • فؤاد معلال:”مقرر مادة الملكية الفكرية” مطبوع موجه لطلبة السداسي السادس من مسلك القانون الخاص, كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بفاس السنة الجامعية 2018-2019 محمد محبوبي, مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي, مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الاولى 2015.
  • محمد المحبوبي:”النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية و الاتفاقيات الدولية” دون طبعة او سنة .

-Abderazak El Messadeq:” Les nouvelles missions de la Douane act.du séminaire organisé par commission économique financière de la CGEM et le centre marocain conjoncture,1999 p:1

الدوريات والقوانين

  • إشعار لزبناء ومرتفقي إدارة الجمارك : 16/03/2020 منشور على الموقع الالكتروني(https://www.finances.gov.ma/ar/Pages/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%A9.aspx?fiche=4964 ) ساعة الاطلاع الرابعة والنصف صباحا, بتاريخ 14 ماي 2020.
  • الدورية رقم410.4991 الصادرة عن ادارة الجمارك بتاريخ 10 مارس 2006
  • قانون 2.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.20 بتاريخ 15 فبراير 2000, الجريدة الرسمية عدد 14-4796- 18 ماي 2000
  • القانون 17,97 المتعلق بقانون حماية الملكية الصناعية , لجريدة الرسمية عدد 4776 بتاريخ 2 ذي الحجة 1420 (9 مارس 2000)، ص 366

المقالات والحوارات الصحفية المنشورة

– جمارك ميناء الدار البيضاء قدوة عالمية في تدبير ومكافحة جائحة كورونا” لقاء صحفي لقناة CAP 24 TV بتاريخ 10 أبريل 2020 رابط الحوار الصحفي  https://www.youtube.com/watch?v=6x4lWlzEfoc تم الاطلاع عليه يوم 14 ماي 2020 على الساعة 14.00

-“من ميناء أكادير..الجمارك تتغلب على تداعيات أزمة كورونا بتفعيل أوراش رقمنة القطاع” لقاء صحفي لقناة CAP 24 TV بتاريخ 8 أبريل 2020 رابط اللقاء الصحفي  https://youtu.be/U5VNuuGx_rI تم الاطلاع عليه يوم 14 ماي 2020 على الساعة 15.00 .

  • في تعهد مشترك لمنظمتي التجارة والجمارك, سنعمل على تسهيل حركة السلع الاساسية عبر الحدود., مقال منشور على الموقع الالكتروني (https://www.aleqt.com/2020/04/12/article_1803251.html) ساعة الاطلاع الخامسة صباحا, بتاريخ 14 ماي 2020.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

مقدمة المقال.. 1

المحور الاول. مستجدات مسطرة التدابير على الحدود الجمركية لحماية حقوق الملكية الصناعية.. 3

اولا. على مستوى وقف الافراج الجمركي عن السلع بناء على طلب… 3

ثانيا. على مستوى وقف الافراج الجمركي التلقائي عن السلع.. 5

المحور الثاني. تطبيقات مسطرة التدابير على الحدود الجمركية لحماية حقوق الملكية الصناعية واثاره.. 7

اولا. التطبيقات الجمركية للتدابير على الحدود ”ميناء الدار البيضاء واكادير كنمودج”. 7

ثانيا. تأثير التدابير على الحدود الجمركية في ومن كورونا على الاقتصاد المغربي.. 9

خاتمة: 12

لائحة المراجع.. 13

 

 

[1] – محمد محبوبي, مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي, مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الاولى 2015. ص 13 .

[2] -الجريدة الرسمية عدد 4776 بتاريخ 2 ذي الحجة 1420 (9 مارس 2000)، ص 366

[3] – انبثقت عن المنظمة العالمية للتجارة التي انعقدت بمراكش في 15 ابريل 1995

[4]– إشعار لزبناء ومرتفقي إدارة الجمارك : 16/03/2020 منشور على الموقع الالكتروني(https://www.finances.gov.ma/ar/Pages/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%A9.aspx?fiche=4964 ) ساعة الاطلاع الرابعة والنصف صباحا, بتاريخ 14 ماي 2020.

[5] – الدورية رقم410.4991 الصادرة عن ادارة الجمارك بتاريخ 10 مارس 2006

[6] – في تعهد مشترك لمنظمتي التجارة والجمارك, سنعمل على تسهيل حركة السلع الاساسية عبر الحدود., مقال منشور على الموقع الالكتروني (https://www.aleqt.com/2020/04/12/article_1803251.html) ساعة الاطلاع الخامسة صباحا, بتاريخ 14 ماي 2020

[7] – محمد محبوبي, مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي, مرجع سابق, ص146 و 147 .

[8]-“جمارك ميناء الدار البيضاء قدوة عالمية في تدبير ومكافحة جائحة كورونا” لقاء صحفي لقناة CAP 24 TV بتاريخ 10 أبريل 2020 رابط الحوار الصحفي  https://www.youtube.com/watch?v=6x4lWlzEfoc تم الاطلاع عليه يوم 14 ماي 2020 على الساعة 14.00

[9]-“من ميناء أكادير..الجمارك تتغلب على تداعيات أزمة كورونا بتفعيل أوراش رقمنة القطاع” لقاء صحفي لقناة CAP 24 TV بتاريخ 8 أبريل 2020 رابط اللقاء الصحفي  https://youtu.be/U5VNuuGx_rI تم الاطلاع عليه يوم 14 ماي 2020 على الساعة 15.00 .

[10]– قانون 2.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.20 بتاريخ 15 فبراير 2000, الجريدة الرسمية عدد 14-4796- 18 ماي 2000

[11]-المادة 61-1 و ما بعدها من قانون 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

[12]– العلامة التجارية LA MARQUE : هي “كل شارة قابلة للتجسيد تمكن من تمييز منتجات و خدمات شخص طبيعي أو معنوي” المادة 133- فقرة 1 من قانون 17.97 المتعلق بحقوق الملكية الصناعية.

[13]-Abderazak El Messadeq:” Les nouvelles missions de la Douane act.du séminaire organisé par commission économique financière de la CGEM et le centre marocain conjoncture,1999 p:1

[14]– محمد المحبوبي:”النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية و الاتفاقيات الدولية” ص:44

[15]– فؤاد معلال:”مقرر مادة الملكية الفكرية” مطبوع موجه لطلبة السداسي السادس من مسلك القانون الخاص, كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بفاس السنة الجامعية 2018-2019 ص:52

[16]– محمد محبوبي حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي,مرجع سابق ص 152

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى