في الواجهةمقالات قانونية

المحاكم الابتدائية بين ظهير 1974 و مشروع القانون 38.15

 

المحاكم الابتدائية

بين ظهير 1974 و مشروع القانون 38.15

إيمان السريري

طالبة باحثة

جامعة الحسن الأول المغرب

 

 

مقدمة:

يعتبر التنظيم القضائي صورة من صور تدخل الدولة في تحقيق العدالة،باعتبار أن القضاء يشكل صمام الأمن و درع الأمان  للمواطنين سواء حكام أو محكومين،و حارس لحقوق الأفراد و الحريات،و يشكل أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها الدولة العصرية،لأن الاعتراف بالحقوق وحده لا يكفي للحديث عن دولة الحق و القانون ،نتيجة مجموعة من التحولات اجتماعية و اقتصادية و السياسية و الدينية التي عرفها المغرب تم الانتقال من العدالة الخاصة حيث كان يحصل  الفرد على حقه بنفسه إلى العدالة العامة حيث أصبحت الدولة تقيم العدل بين الناس و ذلك بإنشاء المحاكم كوجهات قضائية لحماية الحقوق و الحريات و تحقيق العدالة.

نتيجة مجموع التعديلات التي قام بها المشرع المغربي قبل الاستقلال و بعده على التنظيم القضائي أصبح هذا الأخير يضم نوعين من المحاكم،المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية،فالمحاكم العادية في التنظيم المغربي إما محاكم درجة أولى و هي المحاكم الابتدائية و المحاكم الإدارية و المحاكم التجارية أو  محاكم درجة ثانية محاكم الاستئناف،ومحاكم الاستئناف الإدارية،و محاكم الاستئناف التجارية و أخيرا محكمة النقض كمحكمة قانون.

فموضوع دراستنا هو المحاكم الابتدائية،التي تم إنشاؤها في مرحلة إصلاحات السبعينات  الممتدة ما بين 1974 إلى 1991. فهي تشكل العمود الفقري للتنظيم القضائي حيث أن جميع النزاعات المتصورة في المغرب يتم اللجوء إليها ولها حصة الأسد من حيث عددها الذي هو 83 محكمة موزعة على كامل تراب المملكة و هي في قاعدة الهرم القضائي ,باعتبارها الجهة القضائية صاحبة الولاية و ذلك حسب الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية[1]،بالرغم من التقلص الذي عرفته هذه الولاية عندما تم سحب منها اختصاص النظر في القضايا الإدارية و التجارية بسبب  إحداث المحاكم الإدارية و المحاكم التجارية و ذلك لتخفيف العبء على المحاكم الابتدائية[2]،و كذلك المادة 5 من مشروع القانون 38.15 أكدت على أن المحكمة الابتدائية صاحبة الولاية العامة،فرغم إحداث محاكم متخصصة ظلت المحاكم الابتدائية تتميز بمكانة جوهرية بكونها المحكمة ذات الولاية العامة.

و تجدر الإشارة إلى أن دراسة المحاكم الابتدائية تعد بأقصى الأهمية لأنها الأم التي تفرعت منها باقي المحاكم وهذا سبب اختياري للبحث فيها ،فمشروع 38.15 رغم قيامه بمجموعة من التعديلات  التي تدل على اهتمام المشرع الشديد بهذه المحاكم إلا أنه حافظ على مكانها الجوهرية.

لدراسة المحاكم الابتدائية سوف أعتمد على مجموعة من المناهج لمناقشة و تحليل هذا الموضوع ،على رأسها المنهج التاريخي و كذلك المنهج المقارن،لمقارنة المحاكم الابتدائية بين ظهير 1974 ومشروع 38.15 ،بالإضافة إلى المنهج البنيوي باعتبار أن المحاكم الابتدائية  لها بنية خاصة تميزها عن باقي المحاكم الأخرى،هذه أهم المناهج التي سوف أعتمد عليها.

من خلال ما سبق نطرح الإشكالية التالية:

  • إلى أي حد يمكن اعتبار المحاكم الابتدائية الجهة القضائية صاحبة الولاية؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية:

  • من ماذا تتألف المحاكم الابتدائية ؟و ما هو تنظيمها؟
  • و ما هي الاختصاصات المخولة لها؟و ها هي المسطرة المتبعة أمامها؟
  • و هل مشروع القانون 38.15 أدخل تعديلات جذرية على المحاكم الابتدائية ،أم أنه عدل فقط بعض المقتضيات و أحال  في الأخرى على ظهير 1974؟
  • سنتطرق لموضوع المحاكم الابتدائية من خلال الحديث عن تأليفها،تنظيمها،اختصاصاتها والمسطرة المتبعة أمامها،سوف أعتمد في التقسيم على التصميم اللاتيني أو ما يسميه البعض بالتصميم المنطقي الذي يعد الأفضل و الأكثر دقة عن باقي التصاميم الأخرى،و لخوض غمار الإشكالية المطروحة نقترح الخطة التالية:

المطلب الأول: تأليف و تنظيم المحاكم الابتدائية

المطلب الثاني: اختصاص و المسطرة أمام المحاكم الابتدائية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول: تأليف المحاكم الابتدائية وتنظيمها

تناول المشرع المغربي ف ظهير 1974 تأليف و تنظيم المحاكم الابتدائية في الفصول من 2 إلى 4  وكذلك مشروع القانون 38.15 تناولها في المواد من  44 إلى 55,سوف نتطرق في المطلب الأول إلى تأليف المحاكم الابتدائية (الفقرة الأولى)،و إلى تنظيمها (الفقرة الثانية).

الفقرة  الأولى : تأليف المحاكم الابتدائية

المحاكم الابتدائية نضمها المشرع المغربي بموجب ظهير التنظيم القضائي،فبرجوع لمقتضيات هذا الظهير نجده نص  في الفصل 2 منه على ما يلي:

وتتألف المحاكم الابتدائية:

  • من رئيس و قضاة و قضاة نواب؛
  • من نيابة عامة تتكون من وكيل الملك و نائب أو عدة نواب؛
  • من كتابة الضبط؛
  • من كتابة النيابة العامة؛

جاء المشرع في المادة 44 من مشروع القانون رقم 38.1 و نص على تأليف المحكمة الابتدائية بصريح العبارة :”تتألف المحكمة الابتدائية من:

  • رئيس ؛
  • وكيل الملك؛
  • نائب لرئيس و القضاة؛
  • النائب الأول لوكيل الملك و باقي نوابه؛
  • الكاتب العام للمحكمة و رؤساء مصالح و موظفي كتابة الضبط.

من خلال الفقرة الأولى من الفصل 1 من  القانون 1.74 و المادة 44 من مشروع القانون 38.15،يتبن لنا أن المحاكم الابتدائية تتكون من قسمين رئيسين أولهما خاص بالرئاسة و ثانيهما بالنيابة العامة،ويوجد إلى جانب هذين القسمين كتابة الضبط التي تعتبر المحرك الإداري للمحكمة[3].

سوف نتطرق في الفقرة الأولى،إلى الرئاسة (1)،نيابة العامة (2)،كتابة الضبط (3) ،كتابة النيابة العامة (4).

1-الرئاسة :

بالنسبة للرئاسة تتكون من رئيس المحكمة،و يعتبر هو الرئيس الإداري للمحكمة بحيث يشرف على التسيير الإداري للمحكمة،و خاصة التسيير الإداري لكتابة الضبط،و يعد أيضا المسؤول القضائي للمحكمة بحيث يشرف على تعيين القضاة في الجلسات من أجل الفصل في النزاعات.

و بالتالي فإن رئيس المحكمة الابتدائية هو في الأصل قاضي من بين القضاة الذين يتألف منهم السلك القضائي لكنه معين بموجب قرار خاص باعتباره رئيسا للمحكمة ويعين طبقا للمادة 19 من القانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة رقم 106.13  [4].

كما تتكون الرئاسة بالإضافة إلى الرئيس من قضاة و نواب من الدرجة الثالثة بناءا على منطق التدرج في تحمل المسؤولية القضائية و ذلك استنادا على المادة 16 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة[5] ومعنى ذلك أن المحكمة تتكون من رئيس و مجموعة من القضاة الذين تم تعينهم للفصل في النزاعات التي تعرض على المحكمة الابتدائية .و هؤلاء القضاة  يشكلون في مجموعهم كتلة  قضائية موحدة،أما بالنسبة للقضاة النواب فهم  قضاة كذلك لكن صفة النيابة العامة الملحقة بهم صفة لا ستخدم إلا في حالة غياب قاض عن ممارسة مهامه المسندة إليه إما لعذر قانوني أو بعد توفر سبب لغيابهم.

و على ذلك فإن رئاسة المحكمة تتكون من رئيس وقضاة و قضاة نواب وهذه الأصناف الثلاث تشكل العمود الفقري للقضاء الجالس،تقوم باختصاصات وفق ما هو منصوص عليه سواء في ظهير التنظيم القضائي أو قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية،وهذه الفئة هي من تتولى إصدار الأحكام لذلك سميت بقضاء الحكم.

2-النيابة العامة

تتكون النيابة العامة من فئتين أساسيتين:

الفئة الأولى : هي وكيل الملك و هو قاض من حيث الأصل،إلا أنه معين بموجب قرار خاص من أجل تسيير النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية تسييرا إداريا و قضائيا،ويتولى وكيل الملك المسؤولية على تدبير الشؤون الإدارية والشؤون القضائية للنيابة العامة.  و الفئة الثانية تتمثل في نائب وكيل الملك أو عدة نواب لوكيل الملك،بالإضافة إلى أجهزة الرئاسة و النيابة العامة توجد جهتين إداريتين هما كتابة الضبط  و كتابة النيابة العامة[6].

3-كتابة الضبط

فيما يتعلق بكتابة الضبط ,فهي جهة إدارية يتولى تسيير موظفيها و شؤون العمل بها رئيس كتابة الضبط وهذا الأخير لا يحمل الصفة القضائية إنما هو موظف ينتمي إلى سلك الموظفين التابعين لوزارة العدل مباشرة،و يتولى تسيير و تدبير العمل الإداري لكتابة الضبط أيضا ليست لهم الصفة القضائية لهم اختصاصات تنظمها و تؤطرها قوانين خاصة بكتابة الضبط.

يعمل رئيس كتابة الضبط من حيث التسيير الإداري تحت إشراف رئيس المحكمة،أي أن رئيس كتابة الضبط يعتبر رئيس لجميع موظفي كتابة الضبط،لكنه يبقى مرؤوسا لرئيس المحكمة من الناحية الإدارية. غير أنه من الناحية القضائية فله مجموعة من الاختصاصات بصفة مستقلة عم رئيس المحكمة،وجاء في المادة 19 من مشروع القانون 38.15 أن : “تشكل كتابة الضبط هيئة واحدة على صعيد كل محكمة،و يمارس الموظفون المنتمون لها مهام كتابة الضبط بمجموع مصالح المحكمة.يعمل موظفو كتابة الضبط  تحت سلطة و مراقبة الوزير المكلف بالعدل،و يمارسون مهامهم تحت إشراف المسؤولين القضائيين بالمحكمة.

ويقصد بموظفي كتابة الضبط في مدلول هذا القانون موظفو هيئة كتابة الضبط و باقي الموظفين العاملين بالمحكمة،ولا يسوغ لموظفي كتابة الضبط القيام بالمهام التي تدخل في مجال اختصاصهم  في الدعاوي الخاصة بهم أو بأزواجهم أو أصهارهم أو أقاربهم إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الإخوة ” .

هذه المادة أثارت إشكال المحكمة الدستورية و بالخصوص الفقرتين 1 و 2[7] .

 

 

4-كتابة النيابة العامة

تتولى النيابة العامة تدبير الأمور الإدارية و كل الإجراءات و المساطر المتعلقة بالملفات التي تمسكها النيابة العامة،وتتكون بدورها من حيث التقسيم والتكوين من رئيس كتابة النيابة العامة،وهذا الرئيس يحمل تحت الإمرة المباشرة لوكيل الملك،لأن هذا الأخير في المحاكم الابتدائية يعتبر بمثابة السلطة العليا التي يخضع لها سواء نواب وكيل الملك أو رئيس كتابة النيابة العامة،و بالتالي فالكل يخضع لسلطة وكيل الملك.

ويتولى رئيس كتابة النيابة العامة تنفيذ التعليمات التي يتلقاها من وكيل الملك و كذا نواب وكيل الملك باعتبارهم رؤساء رئيس كتابة النيابة العامة و لباقي الموظفين العاملين بها.

الفقرة الثانية :  تنظيم المحاكم  الابتدائية

طبقا للمادة 52  من مشروع القانون 38.15 تم تنصيص على إحداث مكتب المساعدة  الاجتماعية تنص هذه المادة بصريح العبارة :”يحدث بكل من المحاكم الابتدائية و محاكم الاستئناف  مكتب للمساعدة الاجتماعية،يعهد إليه علاوة على المهام المسندة إليه بموجب النصوص التنظيمية والتشريعية الجاري بها العمل ممارسة الاختصاصات التالية:

-القيام بالاستقبال و الاستماع و الدعم و المرافقة و مواكبة الفئات الخاصة[8] ؛

– التوجيه و الإرشاد؛

 -إجراء الأبحاث الاجتماعية بطلب من السلطات القضائية؛

-القيام بزيارات تفقدية لأماكن؛

-تتبع وضعية ضحايا الجرائم؛

-ممارسة الوساطة في الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء؛

-القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع،القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيواء؛

-تتبع تنفيذ العقوبات و التدابير؛

-القيام بدراسات و بحوث مهنية؛

-تعزيز التنسيق و التواصل داخل مكونا خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف مع باقي الفاعلين في مجال حماية الفئات الخاصة؛

-إعداد تقارير دورية ترفع إلى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل؛

-إعداد تقارير دورية و تتبع تنفيذ برامج و مشاريع نوعية للحماية  و التكفل بالفئات الخاصة داخا اللجان الجهوية و المحلية؛

جاء في قرار المحكم الدستورية رقم 19/89 ،أن المادة 15 من مشروع القانون 38.15 لا تتضمن أي مقتضيات تتعلق بتركيبة مكتب المساعدة الاجتماعية و كيفية  تأليفه،و أن صياغتها تحمل معنىين الأول،أن هذا المكتب يحدث لأول مرة،بمقتضى القانون موضوع الإحالة،الثاني أن المكتب المعنى مشكلو له مهام “مسندة إليه بموجب النصوص التنظيمية والتشريعية الجاري بها العمل”،و بالتالي اعتبرت المحكمة الدستورية أن هذه المادة غير مشروعة و مخالفة للقاعدة الدستورية و يجب إعادة النظر فيها من قبل البرلمان.

وبخصوص تنظيم المحاكم ,فإن هنا ملاحظتين أساسيتين : الأولى،هي أن مشروع القانون إن كان قد احتفظ بأقسام قضاة الأسرة،فإنه تراجع عن أقسام قضاء القرب و ذلك بحصرها فقط  في مجرد غرف لقضاء القرب[9] ،كما يتضح من مقتضيات المادة 47 من هذا المشروع،إضافة إلى تخليه عن غرف الاستينافات بالمحاكم الابتدائية التي كان قد أحدثها بمقتضى تعديل سنة 2011[10]،أما الملاحظة الثانية تتمثل في إحداث مشروع القانون الجديد لأقسام القضاء المتخصص ممثلة في القضاء التجاري و القضاء الإداري[11].

سوف نتطرق  في المطلب الثاني إلى أقسام قضاء الأسرة (1)،أقسام القضاء المتخصص (2)،المحاكم الابتدائية المصنفة ( 3).

 

.قسم قضاء الأسرة

تم إحداث هذا القسم بمقتضى القانون 73.03 المغير و المتمم للظهير الشريف رقم 1.74.338 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة،والذي جاء في فقرته الثانية من الفصل الثاني،كما تم تعديلها بمقتضى القانون رقم 34.10،على أنه يمكن تقسيم المحاكم الابتدائية بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام قضاء الأسرة،أقسام قضاء القرب ،غرف مدنية و تجارية و عقارية و اجتماعية و زجرية .

و نصت كذلك المادة 47 من مشروع القانون 38.15 على اشتمال المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة على قسم قضاء الأسرة [12]،و بالتالي تم التخلي عن قسم قضاء القرب و حصره في مجرد غرفة لقضاء القرب.

فالعبرة من خلق أقسام قضاء الأـسرة هو تحسين وضع المرأة و تسريع القضايا المرتبطة بالأسرة و ذلك بتخصيص جناح واحد يجمع بين جميع القضايا المتعلقة بالأسرة،فقسم قضاء الأسرة يتكون من:

-رئيس شعبة الأسرة؛

-قاضي التوثيق وشؤون القاصرين؛

-نائب وكيل  الملك و كتابة النيابة العامة؛

-الصندوق؛

-مكتب الإرشاد؛

-مكتب التبليغ و التنفيذ؛

-مكتب النسخ؛

-مكتب العدول؛

 

2- أقسام القضاء المتخصص

إن من أهم المستجدات التي جاء بها مشروع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي هو إحداثه لأقسام القضاء المتخصص،والمتمثلة في أقسام القضاء التجاري وأقسام القضاء الإداري،حيث نص المشرع في الفقرة الثالثة من مشروع القانون رقم 38.15 الجديد على أن التنظيم القضائي يعتمد أيضا مبدأ القضاء المتخصص لا سيما بالنسبة للمحاكم و الأقسام المتخصصة.

3-المحاكم الإبتدائية المصنفة

سمح المشرع المغربي , منذ تعديلات 2011 بإمكانية تصنيف المحاكم الابتدائية بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية،و محاكم ابتدائية اجتماعية،ومحاكم ابتدائية زجرية،وهذا ما حصل بالنسبة للمحكمة الابتدائية للدار البيضاء منذ سنة [13]2012،يعني ذلك تجميع كل القضايا المتعلقة بالمادة المدنية في محكمة ابتدائية مدنية و هكذا دواليك  بالنسبة للأصناف الأخر .

و جاء مشروع القانون 38.15 حافظ  و عمم فكرة تصنيف المحاكم الابتدائية لكي تكون في كل محاكم المملكة تحدث هذه المحاكم و يحدد مقرها بمرسوم من وزير العدل بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية و الهيئات المهنية المختصة [14]،وهذا النوع من المحاكم لا يمكن الحديث عنها إلا إذا توفرت مجموعة من الشروط أهمها:كثرة عدد المتقاضين ،وكثرة النزاعات.

لذلك فإن التجربة المغربية في التنظيم القضائي لم تعرف المحاكم المصنفة إلا في مدينة الدار البيضاء،حيث يوجد ثلاث محاكم مصنفة و هي المحكمة الابتدائية المدينة والمحكمة الابتدائية الاجتماعية،والمحكمة الابتدائية الزجرية،ولكل محكمة من هذه المحاكم اختصاصات حددها المشرع المغربي في:

1-المحاكم الابتدائية المدنية

تنقسم المحاكم الابتدائية المدنية إلى ما يلي:

-أقسام قضاء القرب تتولى النظر في الدعاوي الشخصية التي اقل عن 5000 درهم؛

-غرف مدنية و غرف تجارية و غرف عقارية؛

إذن كل الدعاوي التي لها طبيعة مدنية و عقارية و تجارية (الدعاوي التجارية التي تقل قيمتها عن  20000 درهم )،والمنقولة الموكولة لقضاء القرب والتي تقل عن 5000 درهم .

2- المحاكم الابتدائية الاجتماعية

تتألف بدورها من أقسام قضاء الأسرة ، الإضافة إلى غرف لحوادث الشغل و الأمراض المهنية وغرف لنزاعات الشغل.

3-المحاكم الابتدائية الزجرية

بالنسبة للمحاكم الابتدائية الزجرية،فإنها متخصصة بالنظر في كل القضايا التي تنتج عن مخالفة القانون الجنائي،و التي تدخل ضمن اختصاصات المحاكم الابتدائية. وبالتالي فإن المحاكم الابتدائية الزجرية تتكون مما يلي:

-أقسام قضاء القرب فيما يتعلق بالشق الجنائي المنصوص عليه في قانون قضاء القرب؛

-غرف جنحية تنظر في المخالفات و الجنح التي تكون مخالفة للقانون الجنائي و يقترفها الراشدين؛

-غرف تختص في القضايا التي يقترفها،وهذه الغرف تسمى غرف قضاء الأحداث؛

المطلب الثاني : اختصاص و المسطرة أمام المحاكم الابتدائية

للحديث عن الاختصاصات والمسطرة أمام المحاكم الابتدائية نتطرق من خلال هذا المحور إلى اختصاص المحاكم الابتدائية في(المطلب الأول)،ونعرج على المسطرة المتبعة أمام نفس المحكمة (المطلب الثاني).

الفقرة الأولى : اختصاص المحاكم الابتدائية

تساعد مسألة تحديد اختصاص كل محكمة على حدى معرفة أن هذا الاختصاص يعود لنوع معين من المحاكم بحسب  الاختصاصات المخولة لكل محكمة  على حدى،ويقصد بالاختصاص بيان المحكمة المكلفة بالنظر والبت في قضايا نوعيا و محليا عن بقية المحاكم الأخرى في إطار التنظيم القضائي المتعدد الجوانب و الذي يتألف  في المغرب من محاكم مدنية و تجارية و جنائية و إدارية[15].

فموضوع الاختصاص سوف نناقشه من خلال نقطتين أساسيتين :الأولى تتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية (1)،والنقطة الثانية تتعلق بالاختصاص المحلي لنفس هذه المحاكم (2) .

   1: الاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية

يمكن تعريف الاختصاص النوعي “بأنه تلك الصلاحية التي يمنحها القانون لجهة قضائية للنظر في نوع معين من القضايا و الحكم فيها إما بالنظر لموضوعها-أحوال شخصية ،نزاعات و حوادث الشغل،نزاع عقاري،… أو بالنظر لصفة في أطرفها كالدعاوى المتعلقة بإدارة عمومية  … أو بالنظر لقيمتها[16].

ونوع القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية لا تثير  أي إشكال  لأنها –المحاكم الابتدائية –صاحبة الولاية العامة يعني أنها تختص في جميع القضايا التي لم يسند الاختصاص بشأنها صراحة إلى جهة قضائية أخرى،وذلك استنادا على الفصل 18 من ق.م.م الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1974 و المعدل سنة 2011 بنص صريح “تختص المحاكم الابتدائية-مع مراعاة الاختصاصات المخولة إلى أقسام قضاء القرب-بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأحوال الشخصية و الميراث و التجارية و الإدارية والاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف “.

يتبين من قراءة هذا الفصل أن المحاكم الابتدائية هي صاحبة الولاية العامة للنظر في كافة القضايا ما لم يكن هناك نص يمنح الاختصاص لمحكمة أخرى ومن ثم تنظر في النزعات المدنية بمفهومها العام  وكذلك في القضايا الزجرية وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد سنة 2002 و القانون الجنائي المؤرخ في 1962،بل إن المحاكم الابتدائية تنظر كذلك في بعض القضايا الأخرى على الرغم من وجود نصوص خاصة تنظم أحكامها،كما هو الحال بالنسبة لمادة الصحافة و مادة الجمعيات اللتين تحكمهما نصوص خاصة لها علاقة بممارسة الحريات العامة [17].

فاختصاص المحاكم الابتدائية للنظر في الدعاوي الموضوعية،يمكن أن نميز فيه بين ثلاث نقط أساسية بين إسناد المشرع المغربي للمحاكم الابتدائية الولاية العامة (1)،وتخصيص المشرع لأقسام قضاء الأسرة (2)،وأقسام القضاء المتخصص (3).

1-إسناد المشرع المغربي للمحاكم الابتدائية الولاية العامة

سبق واشرنا من خلال الفصل 18 من ق. م. م “تختص المحاكم الابتدائية –مع مراعاة الاختصاصات المخولة إلى أقسام قضاء القرب –بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأسرة والتجارية والإدارية والاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا  أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف.

                2-اختصاصات أقسام قضاء الأسرة

تختص أقسام قضاء الأسرة ف :

1-الأحوال الشخصية و الميراث؛

2-الحالة المدنية؛

3-شؤون التوثيق؛

4-شؤون القاصرين؛

5-الكفالة؛

6-كل ما له علاقة برعاية و حماية الأسرة؛

فبالنسبة للقضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية يمكن أن ندرج فيها كل ما يتعلق بالزواج و الطلاق،سواء من نفقة أو نسب أو حضانة كما يترتب عن الأحوال الشخصية كل ما يتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية،وعموما هذه القضايا منصوص عليها في مدونة الأسرة وبعض القوانين الخاصة،وكذلك يبقى من اختصاص أقسام قضاء الأسرة كل ما يتعلق بالميراث وبالنسبة للقضايا المتعلقة بالحالة المدنية فهي القضايا التي تهدف إلى تأسيس كل الوقائع التي تتعلق بالحالة المدنية للأشخاص،من ولادة أو وفاة أو تغير في الهوية،وتضمين كل ذلك بالنسخ الكاملة،أو سجلات الحالة المدنية.

ويدخل كذلك في نطاق قضايا الحالة المدنية كل ما يتعلق بالإصلاحات،التي تطال هوية الأفراد ،كما هو الأمر بالنسبة لإصلاح تاريخ الازدياد وكذلك إصلاح  الأخطاء المادية المتعلقة بإصلاح أسماء بعض الأشخاص وكذلك بعض القضايا التي تهم الجنسية. وبالنسبة للقضايا المتعلقة بشؤون التوثيق يوجد بأقسام قضاء الأسرة قاضي التوثيق يتولى المخاطبة على الرسوم التي ينجزها العدول،وهذا القاضي معين من طرف رئيس المحكمة بموجب قرار لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد،و هو  قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية ,لكن مهنته تكمن في مراقبة مهام العدول والناسخ وكذلك المخاطبة[18]على الرسوم.

بالإضافة إلى هذه الجهة القضائية التي تتكون منها أقسام قضاء الأسرة نجد كذلك  قاضي الأسرة المكلف بالزواج و هو قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية يتولى مهمة إعطاء الإذن بالزواج سواء للراشدين أو القاصرين  و هذا القاضي يعنى بنفس الكيفية التي يعنى بها قاضي التوثيق،كما يعين قاضي ثالث و هو قاضي مكلف بشؤون القاصرين و مهمته تكمن في التدبير الأساسي للأموال التي تعود إلى ملكية القاصرين.و يدخل كذلك من ضمن اختصاصات قضاء الأسرة الأمور المتعلقة بالكفالة،أي كفالة الأطفال المتخلى عنهم.

3-اختصاصات أقسام القضاء المتخصص

ميز القانون رقم 38.15 بين اختصاصات  أقسام القضاء التجاري (1)،واختصاصات أقسام القضاء الإداري (2) .

  • اختصاصات أقسام القضاء التجاري

نصت المادة 57 من مشروع القانون 38.15 على اختصاصات أقسام القضاء التجاري و جاء فيها بصريح العبارة:”يختص القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية دون غيره،بالبث في القضايا التجارية المسندة للمحاكم الابتدائية التجارية بمقتضى خذا القانون. وكذا القضايا التجارية الأخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية.

من خلال قراءة هذه المادة جيدا يتضح أن اختصاص أقسام القضاء التجاري يشمل نوعين:النوع الأول يتمثل في القضايا التجارية المسندة للمحاكم الابتدائية والتجارية،أما النوع الثاني فيشمل القضايا التجارية الأخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية.

  • اختصاصات أقسام القضاء الإداري

بالإضافة إلى تطرق المشرع المغربي إلى اختصاصات أقسام القضاء التجاري في مشروع قانون 38.15،فقد تطرق كذلك إلى اختصاصات أقسام القضاء الإداري بصريح العبارة :”يختص القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية،دون غيره بالبحث في القضايا الإدارية المسندة للمحاكم الابتدائية الإدارية بمقتضى القانون،وفي القضايا الإدارية الأخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية.

يتبين لنا من خلال هذا الفصل أن اختصاص أقسام القضاء الإداري يشمل نوعين:النوع الأول،يتمثل في القضايا الإدارية المسندة للمحاكم الابتدائية الإدارية،أما النوع الثاني،فيشمل القضايا الإدارية الأخرى التي تدخل في  اختصاص المحاكم الابتدائية الإدارية[19].

لكم حيث ان موضوع الذي عرض على المحكمة الابتدائية يتعلق بإتمام البيع بين شخصين خاصين تأسيسا على ما يتمسك بيه المدعي من عقود مبرمة بينهما و لا يتناول وجه النزاع المثار من طرف الدولة(الملك الخاص ) في مقال تدخلها في الدعوى ،مما يكون معه الحكم المستأنف الذي صرح بانعقاد الاختصاص للمحطمة الابتدائية في محله و يتعين تأيده .[20]

2-اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بالقضايا المستعجلة

يعود اختصاص  رئيس المحكمة الابتدائية بالقضايا المستعجلة إما بصفته الولائية ،أو بصفته قاضيا للمستعجلات .

  • بالنسبة لصفته الولائية

لعل من أهم  المعايير للتمييز بين  العمل القضائي و العمل الولائي ،ذلك المتمثل في معيار   طبيعة الإجراءات المتبعة من أجل إصدار القرار ،فمتى كان التصرف قد اتخذ في مواجهة الخصوم كان العمل قضائيا ،في حين يعتبر ولائيا إذا تم العمل بناءا على مجرد طلب أحد الخصوم دون استدعاء الطرف الآخر لإبداء رأيه ،أي دون احترام حقوق الدفاع.[21]

يختلف اختصاص رئيس المحكم الابتدائية بصفته الولائية بين الأوامر المبنية على طلب و الأمر بالأداء،فبالنسبية للأوامر المبنية على طلب،خصص لها المشرع الباب الأول من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية،الفصل 148 وأعطاها اسم الأوامر المبنية على الطلب و المعاينات[22] ،حدد المشرع على سبيل الحصر الحالات  يجوز فيها إصدار هذه إصدار هذه الأوامر،و يهدف الإجراء المؤقت المطلوب الأم به إلى حماي حق يخشى ضياعه بمرور الوقت و الذي يهدده خطر محدق.

فالأوامر بناءا  يمكن أن تهم إثبات حال أو توجيه إنذار  أو أي تدبير آخر يتميز بطابعه الإستعجالي ،و تبعا لذلك يمكن القول بأن المشرع لم يحدد على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها إصدار أوامر بناء على طلب و هي[23] :

-الأمر بإجراء حجز تحفظي

-الأمر بإجراء حجز لدى الغير

-الأمر بإجراء تقييد احتياطي

-تذييل مقرر تحكيمي بالصيغة التنفيذي .

  • بالنسبة لصفته قاضيا للمستعجلات

نصت المادة 149 من ق. م. م في الباب الثاني منه من القسم الرابع بصريح العبارة .”يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا … “،ويقصد بقضاء الأمور المستعجلة الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس اصل الحق و إنما  يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أصيانة مصالح الطرفين المتنازعين[24].

إن القاضي المستعجل لا يفصل بصفة مؤقتة في المسالة المستعجلة إلا إذا كان القضاء المدني سواء محكمة جزئية أو ابتدائية مختصا بالفصل في النزاع المنصب على أصل الحق فحيثما يكون القضاء المدني مختصا بالفصل في منازعة معينة يكون القضاء المستعجل مختصا باتخاذ الإجراء المؤقت فإذا كان القضاء المدني غير مختص بالفصل في أصل الحق  كان القضاء المستعجل غير مختص ولائيا هو الآخر في الإجراء المؤقت،والمقصود بالقضاء المدني المعنى الواسع منه بحيث يشمل جميع دوائر المحاكم المدنية والتجارية و العمال و الأحوال الشخصية ،ما عدا المحاكم الجنائية[25].

تجدر  الإشارة إلى أن المشرع المغربي حدد اختصاص  قاضي المستعجلات من خلال الفصل 149 من ق.م.م في أربع مواد،إذ يرجع له البث في صعوبات تنفيذ الأوامر الصادرة بناءا على طلب،كما يختص بالبث في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية،كما يختص  أيضا بالبث في الطلبات الرامية إلى الوضع تحت الحراسة القضائية و تلك التي تهم كافة التدابير التحفظية التي يتعين اتخاذها صيانة لحقوق المتقاضين،و يترتب عن اختصاص قاضي المستعجلات بخصوص المادة الأخيرة إمكانية نشوء تداخل ما بينه وبين اختصاصات رئيس المحكمة و هو يبت بناء هلى طلب في إطار الفصل 148 من ق.م.م[26] .

2 : الاختصاص المحلي لمحاكم الابتدائية

يطلق على الاختصاص المحلي أيضا الاختصاص المكاني أو الترابي عرف الفقه الاختصاص المحي بأنه تلك القواعد التي ترمي إلى توزيع العمل بين المحاكم على أساس جغرافي و نظم قانون المسطرة المدنية القواعد التي يقوم عليها الاختصاص المحلي بموجب الفصول من 27 إلى 30 من نفس القانون.

من بين القواعد العامة التي تطرقت لها هذه الفصول هي أن المحكمة المختصة هي التي توجد في دائرتها موطن المدعى عليه أو  محل إقامته[27]،و هذا ما أكده الفصل 27 من ق . م. م “يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه” .

يقصد بالموطن الحقيقي المكان الذي يستقر فيه الشخص عادة و يباشر فيه أعماله،فالموطن الحقيقي يتكون من عنصرين عنصر مادي يقتضي الإقامة الفعلية،وعنصر معنوي يكمن في نية البقاء بصفة دائمة و مستمرة …،ويقصد بالموطن المختار المكان الذي يختاره الشخص لإجراء تصرف قانوني معين…[28].

يعني أنه من يريد أن يرفع دعوة يجب أن يذهب إلى محكمة المدعى عليه إما حسب موطنه أو حسب إقامته .مثال على ذلك :زيد هو المدعي  يقطن  بمدينة برشيد و عمر هو المدعى عليه يقطن بمدينة الجديدة،زيد سوف يرفع الدعوة في المحكمة التابعة لمدينة الجديدة،و إذا كان المدعى عليه موطنه في بلد أجبني سوف يتم رفع الدعوة في مكان إقامة المدعى عليه .

إذا تعدد المدعى عليهم مثلا 3 يمكن رفع الدعوة أمام أي محكمة منهم،مثال على ذلك:زيد هو المدعى عليه يقطن بمدينة برشيد و المدعى عليهم،عمر يقطن بمدينة الجديدة،فاطمة تقطن بمدينة الرباط و تقطن مريم  بمدينة أسفي،زيد سوف يختار أي محكمة أرادا،سواء المحكمة الابتدائية التابعة لمدينة الجديدة،أو المحكمة الابتدائية بالرباط أو المحكمة الابتدائية بأسفي،هذا من حيث الأصل و لكن  هناك استثناء  تم تنصيص عليه في المواد 28  و 29 و 30 من قانون المسطرة المدنية .

الفقرة الثانية :  المسطرة أمام المحاكم الابتدائية

ينص الفصل الرابع من ظهير التنظيم القضائي المعدل بمقتضى القانون 17 غشت 2011 على ما يلي :”تعقد المحاكم الابتدائية ،بما فيها المصنفة جلساتها مع مراعاة المقتضيات  المنصوص عليها في الفصل 5 بعده،كذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة [29]،بمقتضى نصوص خاصة بقاض منفرد و بمساعدة كاتب الضبط. “ما عادا  الدعاوي  الآتية:

  • دعاوى الأحوال الشخصية و الميراث باستثناء النفقة.
  • الدعاوي العقارية العينية و المختلطة.

يبث فيها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس،وبمساعدة كاتب الضبط.

إذا تبين للقاضي المنفرد أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو المقاصة يرجع الاختصاص فيه إلى القضاء الجماعي،أو له ارتباط بدعوى جارية أمام القضاء الجماعي رفع يده عن القضية برمتها بأمر ولائي.

يعتبر هذا الحضور اختياريا في جميع القضايا الأخرى،ما عدا في الأحوال المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية،وخاصة إذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا و في جميع الأحوال الأخرى المقررة بمقتضى نص خاص[30].

وجاءت المادة 53 من مشروع القانون 38.15  ونصت كذلك على انعقاد الجلسات بقاض منفرد كأصل والقضاء الجماعي كاستثناء وأضافت استثناءات أخرى التي تنعقد فيها الجلسة بحضور ثلاث قضاة و هي :

-القضايا الجنحية التي تقرر متابعة شخص في حالة اعتقال و لو معه أشخاص في حالة سراح،وتبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبث في القضية في حالة منح المحكمة السراح المؤقت للشخص المتابع؛

-القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري؛

-القضايا الإدارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري؛

 

المسطرة ما بين الكتابة و الشفوية

ينص الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية “تطبق أمام المحاكم الابتدائية و غرف الاستينافات  بها قواعد المسكرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستئناف  وفقا لأحكام الفصول 329  ،و 331 و 332 و 334 و 335 و 336 و 342 و 344 الآتية بعده .

  • غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية:
  • القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا و انتهائنا؛
  • قضايا النفقة و الطلاق و التطليق؛
  • قضايا استيفاء و مراجعة واجب الكراء؛
  • قضايا الحالة المدنية؛

 

الفرق بين الأحكام الابتدائية و الأحكام الانتهائية [31]

 

الأحكام الابتدائية :هي الأحكام التي تصدر عن محكمة الدرجة الأولى و تقبل الطعن فيها بالاستئناف

الأحكام الانتهائية: هي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف سواء أكانت صادرة من محكمة الدرجة الأولى في حدود نصابها الإنتهائي أم كانت صادرة عن محكمة الدرجة الثانية

 

يتضح أن المسطرة أمام المحاكم الابتدائية تقوم على عدة مبادئ أهمها التشكيلة الجماعية للمحكمة و ضرورة سلوك المسطرة الكتابية،يمكن القول عموما بأن المشرع المغربي أخد بنظامي القضاء الفردي كأصل و القضاء الجماعي كاستثناء .

أما بالنسبة للمسطرة الكتابية فإن المشرع و بعد تعديل الفصل 45 تبنى المسطرة الكتابية في التقاضي أمام المحاكم الابتدائية بعدما كانت شفوية.

خاتمة:

يتبين لنا مما سبق أن للتنظيم القضائي أهمية قصوى،خاصة عندما يتعلق الأمر  بمعرفة الجهات القضائية التي يمكن اللجوء لها إذا ما كانت الحقوق مهددة،أو إذا كان موضوع النزاع يتعلق بحق من الحقوق،تفصل فيه جهات قضائية أوكل لها المشرع المغربي مهمة الفصل في النزاع و تتمثل في المحاكم العادية أو المحاكم المتخصصة حسب طبيعة النزاع.

و من خلال موضوعنا تبين لنا أن المحاكم الابتدائية بالمغرب تتكون من العديد من الغرف بالإضافة إلى أقسام قضاء القرب –رغم حصره في مشروع  القانون 38.15 في مجرد غرفة-في و أقسام قضاء الأسرة،و كذلك مراكز القضاة المقيمين تقريبا للإدارة للمواطن.

و نظرا لكثرة القضايا المعروضة على المحاكم،و كذلك كثرة السكان نجد المشرع المغربي نص على إمكانية إحداث المحاكم الابتدائية المصنفة مثلا في الدار بيضاء نجد المحاكم الابتدائية المدنية،الاجتماعية الزجرية.

نلاحظ  كذلك أن مشروع القانون 38.15 جاء بمجموعة منا المستجدات في ما يتعلق بالمحاكم الابتدائية و أدخل مجموعة من التعديلات الجوهرية في تأليف هذه المحاكم حيث حصر قسم قضاء القرب في مجرد غرفة،وأحدث مكتب جديد و هو مكتب المساعدة الاجتماعية الذي أثار نقاش في المحكمة الدستورية.

نلاحظ أن المشرع المغربي في مشروع القانون رقم 38.15 حافظ على مكانة المحاكم الابتدائية باعتبارها قاعدة الهرم القانوني و لازال يؤكد على اعتماد التنظيم القضائي المغربي على مبدأ وحدة القضاء.

هل المشرع المغربي سوف يعدل المواد التي أثارت نقاش المحكمة الدستورية و بالتالي يتم العمل به كقانون بعد الإجراءات و المساطر القانونية أم أنه سيضل مشروع و لا يدخل حيز التنفيذ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

كتب متخصصة:

-عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية و العدالة المكملة أو البديلة،مطبعة المعارف الجديدة-الرباط،الطبعة الخامسة 2019 .

-محمد كرام،الوجيز في التنظيم القضائي المغربي،المطبعة و الوراقة الوطنية  مراكش،طبعة الأولى 2010.

عبد الكريم الطالب التنظيم القضائي المغربي،مطبعة النجاح الجديدة،الطبعة الخامسة، 2018 .

كتب عامة:

-نور الدين لبريس ،نظرات في قانون المسطرة المدنية،مطبعة الأمنية-الرباط،الطبعة الأولى 2012.

-عبد الرحمان الشرقاوي،قانون المسطرة المدنية،دراسة فقهية و عملية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية،مطبعة المعرف الجديدة-الرباط،الطبعة الثالثة 2018.

-نور الدين الناصيري ،الموجز في المسطرة المدنية،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة الأولى 2019.

-مأمون الكزبري،ادريس العلوي العبدلاوي،شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي،الجزء الأول الأحكام-طرق الطعن –التحكيم .لا توجد طبعة و لا مطبعة في المرجع الذي اعتمدته .

-جواد أمهمول ،مجموعة القانون المسطري 1،الوجيز في المسطرة،مطبعة الأمنية -الرباط،دار الآفاق المغربية للنشر و التوزيع.

-الوجيز في المسطرة المدنية،مطبعة الأمنية-الرباط،دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع ،2015 .

-عز الدين الدناصوري وحامد عكاز،القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ  في ضوء الفقه والقضاء،نادي القضاة،دار المطبوعات الجامعية،الطبعة الثالثة 1991.

مواقع الكترونية:

-موسى بن داود الاختصاص الولائي والاختصاص القضائي لرؤساء المحاكم الابتدائية على ضوء المسطرة المدنية مجلة مغرب القانون،تاريخ الاطلاع:10 ماي 2020 على الساعة العاشرة صباحا.

عبد الكريم الطالب،توزيع الاختصاص بين المحاكم الابتدائية و المحاكم العادية،منشورات مجلة الحقوق العدد الأول،طبعة 2009.

نصوص قانونية

-القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة .

-القانون التنظيمي 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

-قانون المسطرة المدنية  رقم 1.47 و قضاء القرب ،الطبعة  الثامنة 2018/2019 الرباط .

-مشروع قانون رقم 35.15 المتعلق بالتنظيم القضائي.

-القانون رقم 1.74.338 بتاريخ  15 يوليوز  .1974 المتعلق بالتنظيم القضائي .

قرارات :

قرار المحكمة الدستورية رقم 19/89 ،ملف عدد 19/041 .

قرار محكمة النقض عدد:282 ،المؤرخ في 19/4/2006 ،ملف إداري عدد 602-4-1-2006 .

1ـ الفصل 18 من ق.م.م :”تختص المحاكم الابتدائية –مع مراعاة الاختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام قضاء القرب-بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأسرة و التجارية و الإدارية و الاجتماعية ابتدائيا وانتهائنا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف.

تختص أيضا بقطع النظر عن جميع المقتضيات المخالفة ولو في الحالة التي يسند فيها قانون خاص سابق النظر في بعض أنواع القضايا إلى محكمة النقض.

[2] ـ تم إنشاء المحاكم الإدارية بموجب القانون 41.90 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.95.225 ,بتاريخ 10 شتنبر 1993،وتم إنشاء المحاكم التجارية بموجب القانون 53.95 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.65  بتاريخ 12  فبراير1997 .

[3]ـ كما جاء  في خطاب الملك بتاريخ 29 يناير 2003 يقتضي النهوض بكتابة الضبط وذلك بوضع نظام أساسي محفز وحماية موظفيها من كل اعتداء أو إهانة.

[4] ـ تنص المادة 19 من القانون التنظيمي المذكور أعلاه على:”يعين رؤساء محاكم أول درجة و وكلاء الملك لديها،من بين القضاة المرتبين في الدرجة الثانية على الأقل “.

[5] ـ تنص المادة 16 من القانون المذكور أعلاه:”يعين قضاة محاكم أول درجة و نواب وكيل الملك لديها من بين القضاة المرتبين في الدرجة الثالثة،غير أنه يمكن تعينهم من بين القضاة المرتبين في درجات أعلى.

[6] ـ الفصل 2 من القانون رقم 1.74.338 المتعلق بالتنظيم القضائي للمحكمة.

[7]يمكن الاطلاع على قرار المحكمة الدستورية رقم 19/89 .

[8] الفئات الخاصة هي النساء ،الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة،الفئات الاجتماعية الهشة.

[9] ـ عبد الرحمان الشرقاوي ،التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المكملة أو البديلة مطبعة المعارف الجديدة،الطبعة الخامسة 2019  الرباط،ص 99.

[10] ـ الفصل الثاني من القانون 1.74.338 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة “تحدث بالمحاكم الابتدائية ،بما فيها المصنفة غرف تسمى غرف الاستينافات تختص بالنظر في بعض الاستينافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائيا.

[11]ـ م.س عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي ص 10 .

[12] ـ تنص المادة 47 من المشروع المذكور أعلاه على :مع مراعاة مقتضيات المادة 50 أدناه ،تشتمل المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة على أقسام بما فيها قسم قضاء الأسرة  يمكن أن تضم هذه الأقسام حسب نوعية وحجم القضايا التي تختص بالنظر فيها ،غرفا مدنية وزجرية وعقارية وتجارية واجتماعية وغرفا لقضاء القرب” .

[13] ـ م.س عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي،ص 102.

[14] ـ أنظر المادة 50 من مشروع القانون رقم 38.15 .

[15] ـ أحمد شكري السباعي ،كتاب الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاولات التجارية والمدنية ،ج.1،دار النشر المعرفة ،الرباط ص 187.

 نور الدين لبريس،نظرات في قانون المسطرة المدنية،مطبعة الأمنية-الرباط،الطبعة الأولى 2012،ص 25.[16]

 عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية،مطبعة النجاح الجديدة –الدار البيضاء،الطبعة التاسعة –يناير 2019،ص .24[17]

[18]ـ معنى المخاطبة التوقيع على العقود التي يوثقها العدول.

[19] ـ مرجع سابق عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي،ص 107.

 -قرار محكمة النقض عدد:282 ،المؤرخ في 19/4/2006 ،ملف إداري عدد602-4-1-2006.[20]

 عبد الرحمان الشرقاوي،ق.م.م ،دراسة فقهية وعملية مقارنة مع مسودة مشروع ق.م.م ،م المعارف الجديدة-الرباط ،ط  ثالثة 2018،ص 160 .[21]

  م.س عبد الرحمان الشرقاوي،التنظيم القضائي،صفحة 109 .[22]

 جواد أمهلول  ،الوجيز في المسطرة،مطبعة الأمنية –الرباط ،دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع ،صفحة من 137 إلى 141 .[23]

 [24] عبد الكريم الطالب ،التنظيم التنظيم القضائي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،ط.الخامسة،2018 ،ص.107

 [25] عز الدين الدناصوري و حامد عكاز ،القضاء المستعجل و قضاء التنفيذ  في ضوء الفقه و القضاء ،نادي القضاة ،دار المطبوعات الجامعية ،الطبعة الثالثة 1991 ،ص 12.

 م .س جواد أمهلول ،الوجيز في المسطرة المدنية ،ص 145. [26]

[27] م. س عبد الرحمان الشرقاوي ،التنظيم القضائي ،ص 112.

 محمد كرام ،الوجيز في التنظيم القضائي المغربي ،المطبعة و الوراقة الوطنية-مراكش الطبعة الأولى 2010 ،ص 60 .[28]

[29] ـ موسى بن داود،الاختصاص الولائي والاختصاص القضائي لرؤساء المحاكم الابتدائية على ضوء المسطرة المدنية مجلة مغرب القانون،تاريخ الاطلاع:10 ماي 2020 على الساعة العاشرة صباحا.

[30] ـ عبد الكريم الطالب،التنظيم القضائي المغربي مطبعة النجاح الجديدة،الطبعة الخامسة 2018،ص 54.

 –للمزيد أنظر :مأمون الكزبري ،ادريس العلوى العبدلاوي ،شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي  الجزء الأول ،ص 67 إلى 69 .[31]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى