في الواجهةمقالات قانونية

بحث تحت عنوان : المحاكم الإبتدائية في ضوء ظهير 1974 ومشروع القانون رقم 38.15

مقدمة :

إن الرغبة الملحة في المحافظة على كيان الدولة وبالتالي تحقيق العدالة والإنصاف داخل المجتمع ,تقتضي توفرها على ترسانة قانونية مثينة ,خاصة في المجال القضائي لما له من دور في تحقيق الأمن و الإستقرار داخل المجتمع

وكما هو معلوم فالقاعدة القانونية التي تسنها السلطة التشريعية لا قيمة لها في غياب السلطة القضائية التي تسهر على حسن تطبيقها,هذه السلطة التي يتولى التنظيم القضائي تنظيمها بإعتباره مجموعة من القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية والتي تحدد أنواع المحاكم ودرجاتها وكيفية تشكيلها وتوزيع الإختصصات بينها ,وكما هو معلوم أن التنَظيم القضائي بالمغرب عرف عدة تطورات وذلك راجع الى ما شهدته بلادنا من دينامية سياسية وقانونية ودينية وإجتماعية 1

ويبقى لهذا التنظيم أساس يقوم عليه على غرار القوانين المقارنة ، و هي المبادئ الأساسية للتنظيم القضائي والتي تعتبر بمثابة التوجه والموقف اللذين تبناهما المشرع المغربي في ماله علاقة بتنظيم المحاكم أيا كان نوعها

كما ينبغي للسلطة التشريعية أن تحتكم لهذه المبادئ عندما تضع القوانين المتعلقة بهذا التنظيم . ولا ننسى أن هذه المبادئ تعد الأساس الفعلي لقيام نظام قضائي عادل و على أسس مثينة و الدليل على ذلك تنصيص الدستور عليها

و من أهم هذه المبادئ إلى جانب مبدأ إستقلالية السلطة القضائية نجد “مبدأ التقاضي على درجتين ” بإعتباره مبدأ أساسي يضمن حقوق الدفاع و التقاضي  فبالرجوع الى القانون المغربي يمكن التأكيد على أن تشريعنا حرص على إحترام هذا المبدأ على مستوى التنظيم القضائي الصادر في 15 يوليوز 1974 أو على صعيد قانون المسطرة المدنية الصادر في 28 شتنبر 1974

 

1-عبد الكريم الطالب، “التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية ” الطبعة الخامسة، يونيو 2017  ص 12

 

والهدف الأساسي من هذا المبدأ الذي أخد به, هو توفير المزيد من الضمانات للمتقاضين ، مادام أن هذا المبدأ يخول للمتقاضين إمكانية عرض  النزاع على درجتين 3

وهذا البحث سيعالج الشق الأول من مسألة التقاضي الذي يعنى بمحاكم الدرجة الأولى ، تخصيصا “المحاكم الابتدائية ” بإعتبارها هي الدرجة الاولى في مراحل التقاضي للمطالبة بحق مهما كان نوعه او الحصول على احدى الخدمات التي يجب ان تجرى أمام القضاء مهما كانت تلك الخدمة في نطاق قوانين و أنظمة البلاد .

تجدر الإشارة الى أن دراسة المحاكم الإبتدائية تعتبر ركيزة أساسية و بالغة الأهمية , بحيث يؤطرها ظهير بمثابة قانون رقم 1.74 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 (15 يوليوز 1974 ) يتعلق بالتنظيم القضائي ، والذي بدوره خضع لتغير بمقتضى مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي

وهذا ما يدفعنا الى طرح إشكالية  حول ماهية هذه المحاكم في ظل القانون رقم 1.74 و مشروع قانون 38.15 ؟

وفي ضوء هذا الإشكال المطروع سيتم التطرق لموضوع هذه المحاكم و ذلك من خلال التقسيم التالي :

 

 المطلب الاول : تأليف و تنظيم المحاكم الإبتدائية

المطلب الثاني : إختصاصات المحاكم الإبتدائية و المسطرة الخاصة بها

 

 

 

2- عبد الكريم الطالب ، “التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية “, الطبعة الخامسة، يونيو 2017  ص6

 

-المطلب الأول : تأليف وتنظيم المحاكم الإبتدائية

تعتبر المحاكم الإبتدائية الهيكل الرئيس للتنظيم القضائي للمملكة,بإعتبارها الجهة القضائية ذات الولاية العامة والتي ينعقد لها الإختصاص للنظر في سائر القضايا والمنازعات, ما لم ينص القانون على إسناد الإختصاص الى غيرها من المحاكم

ويبقى لهذه المحاكم تأليف{1} ونظام{2} خاص بها .

-الفقرة الأولى : تأليف المحاكم الإبتدائية 

حسب الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي4، نجد على أن تأليف المحاكم الإبتدائية يكون كالتالي : من رئيس و قضاة و قضاة نواب، ومن نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب او عدة نواب, كتابة الضبط, كتابة للنيابة العامة .

في ضوء هذا الفصل من الظهير نجد أن المشرع استعمل لفظ “قضاة نواب ” والملاحظ في ذلك  إنعدام التوفق في السياق ذلك أن  النظام الأساسي لرجال القضاء الملغى لم يكن يعرف هذا النوع من القضاة “قضاة نواب ” ويبدو أن المشرع كان قصده يسير نحوى الذين يتولون مهام النيابة عن رئيس المحكمة5

ولكن المشرع كان اكثر دقة عندما اتى بالمادة 44 6 من مشروع قانون التنظيم القضائي  والتي اخدت بالتأليف الآتي : رئيس و وكيل الملك ومن نائب للرئيس وقضاة

النائب الأول لوكيل الملك وباقي نوابه

الكاتب عام للمحكمة ورؤساء مصالح وموظفي كتابة الضبط

 

3-ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74 يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة

4- خالد بنمومن “محاضرات التنظيم القضائي”  سنة 2017 “, ص 22

5- المادة 44 من مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي كما وافقت عليه لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر 2018

 

فكما هو واضح إذن من الفصل أعلاه. “الثاني ” من ظهير التنظيم القضائي و المادة 44 من مشروع قانون التنظيم القضائي، أن المحاكم الإبتدائية تتشكل من جانبين رئيسيين أولهما خاص بالرئاسة و يتكون من الرئيس و القضاة و ثانيهما بالنيابة العامة و يتكون من وكيل الملك و النواب، و يوجد الى جانب هذين الجناحين كتابة الضبط التي تعتبر المحرك الإداري للمحكمة7

أ-الرئاسة

يعهد لها إلى رئيس المحكمة الإبتدائية والذي يتولى تدبير الشؤون الخاصة بالمحكمة عموما، على اعتباره مسؤول قضائي أي المسؤول الأول على المحكمة الإبتدائية، وهذا المسؤول يباشر الإشراف العام على المحكمة من حيث تدبيرها الإداري والمالي وكذلك من حيث تدبيرها القضائي و ذلك لكونه له صلاحية الإشراف على تعيين القضاة في الجلسات بغاية الفصل في النزاعات المعروضة

تختلف الصفة التي يصدر بها رؤساء المحاكم ويبتون فيها في القضايا المعروضة أمامهم إما ولائيا في غيبة الأطراف دون الإضرار بحقوقهم او إستعجاليا محل قضاة الموضوع في كل إجراء مؤقت دون المسااس بالجوهر واما بصفتهم هاته المسندة اليهم بواسطة نصوص قانونية خاصة باعتبارهم رؤساء محاكمهم عبر سلوك مسطرة سريعة وتخفيف العبء على قضاة الموضوع او كذلك بصفتهم قضاة التنفيذ و مشرفين عليه لحل المشاكل التي تعترض مسطرة تنفيذ الأوامر و الاحكام القضائية بسرعة8، ونذكر من ذلك

–القضاء الإستعجالي

–البت في أوامر الاداء

–إختصاص البت في الإجراءات الوقتية

 

 

6- عبد الكريم الطالب ,التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية ” الطبعة الخامسة، يونيو 2017  ص62

7- مجلة القانون و القضاء المغربي

 

والى جانب رئيس المحكمة القاضي بإعتباره أعلى مرتبة إدارية بهذا الجناح ، قضاة و نواب من الدرجة الثالثة بناءا على منطق التدرج في تحمل المسؤولية القضائية و ذلك استنادا على المواد 16 14 13 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة أي  قضاة الموضوع الذين يفصلون في النزاعات عن إصدار الأحكام في القضايا

ويضم هذا الجناح أيضا جهازا إداريا، يطلق عليه جهاز كتابة الضبط ، يتكون من موظفين إدارين يتراسهم رئيس مصلحة كتابة الضبط الذي يشرف على مهام التسير و المراقبة، والتأطير والتكوين وتنسيق أعمال كتابة الضبط تحت سلطة المسؤول القضائي 9

النيابة العامة

تعتبر سلطة الإتهام داخل المجتمع وهي التي خول لها المشرع صلاحية حفظ النظام العام والأمن العام والحق العام ، ومن خلال ذلك أعطاها صلاحية تحريك الدعوى العمومية ومتابعتها أي متابعة الجناة للضرب على أيدي الاشخاص المخالفين لمقتضيات القانون الجنائي بحيث يمكننا القول أن النيابة العامة هي الجهاز الذي له صلاحية تحريك الدعوى العمومية .

بحيث تتألف هذه النيابة من وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية و يشتغل تحت إمرته نواب لوكيل الملك

و يضم جناح النيابة العامة ايضا جهازا إداريا يطلق عليه كتابة النيابة العامة التي تتكون من موظفين إداريين يشرف عليهم رئيس مصلحة كتابة النيابة العامة بإعتباره رئيسهم المباشر المكلف بتأطيرهم، ومراقبتهم و تنقيطهم  وتدبير مختلف الجوانب التي تمس حياتهم الإدارية والتي تدخل ضمن إختصاصه بتنسيق مع وكيل الملك10

_____________________________________________

8-  ذ.بناصر ” المسطرة المدنية ، تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها ” ص16

9- نفس المرجع ذ .بناصر ص 16

الفقرة الثانية تنظيم المحاكم  الابتدائية:

حسب ما جاء به الفصل الثاني من القانون رقم 1.74 المتعلق بالتنظيم القضائي ، و الذي نص على تأليف المحاكم بحيث يقول : تتألف المحاكم الإبتدائية من رئيس المحكمة وقضاة وكتابة الضبط ومن نيابة عامة التي تتكون من وكيل الملك و نائب او عدة نواب ومن كتابة للنيابة العامة.

نص كذلك على أنه يمكن تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها, الى أقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب وغرف مدنية و تجارية وعقارية وإجتماعية و زجرية

–أقسام قضاء الأسرة

أحدثت هذه الاقسام بمقتضى القانون رقم 73.03 المغير و المتمم للظهير 1.74.338 السالف الذكر، ويكمن الهدف الأساسي من خلقها هو تحسين أوضاع المرأة من جهة أولى ، ومن جهة ثانية البت السريع في القضايا المرتبطة بالأسرة11 ، أقسام قضاء الأسرة تتكون من غرف، شعب حسب نوعية القضايا التي تسجل به ، و منها غرفة الحالة المدنية، وغرفة النفقة، وغرفة الرجوع لبيت الزوجية، وغرفة شؤون القاصرين، والكفالة

ويرأس القسم قاضي بصفته رئيسا للقسم ، و يساعده قضاة في النظر في القضايا التي تعرض على القسم ،كما يتوفر على ممثل للنيابة العامة او أكثر، بالإضافة الى جهازي كتابة الضبط و النيابة العامة يتولون المهام الإدارية .

–أقسام قضاء القرب

حسب 42.10 يتمثل هذا القضاء في الأقسام المحدثة على مستوى المحاكم الإبتدائية و كذلك مراكز القضاة المقيمين التابعة لها وتعتبر أقسام قضاء القرب جزء من المحاكم الإبتدائية و المراكز المدكورة ولا يمكن إعتبارها جهة قضائية مستقلة 12

_____________________________________________________________________

10 11- يونس العياشي ” تلخيص كتاب التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية و العدالة البديلة او المكملة“2018/2017 ص 16

وتنظر أقسام قضاء القرب في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم بإستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية و الإفراغات, كما تنظر أيضا في المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد إختصاصاته .

الى جانب الأقسام هناك غرف بهذه المحكمة ، (غرف مدنية ، غرف تجارية ، غرف عقارية ، غرف اجتماعية وغرف زجرية وغرف إستئنافية)

وبالرجوع الى مشروع القانون رقم 38.15 في مادته 47 والذي تطرق في إطار المستجدات الى أن المحاكم الإبتدائية تشتمل على أقسام بما فيها قسم قضاء الأسرة يمكن أن تضم هذه الأقسام ، حسب نوعية وحجم القضايا التي تختص بالنظر فيها ، غرفا مدنية وزجرية وعقارية وتجارية واجتماعية وغرفا لقضاء القرب أي التخلي عن قسم قضاء القرب وحصره في مجرد غرفة قضاء القرب.

ونجده نص كذلك على إحداث أقسام متخصصة في القضاء التجاري والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري ، المحدثة بالمحاكم الإبتدائية ذات الولاية العامة

وبذلك يمكن تصنيف المحاكم الإبتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها الى محاكم ابتدائية مدنية ومحاكم ابتدائية اجتماعية ومحاكم ابتدائية زجرية

-المحاكم الابتدائية المدنية

تقسم المحاكم الإبتدائية الى : أقسام قضاء القرب، وغرف مدنية، وغرفة تجارية وغرفة عقارية وغرف الإستئنافات والتي تختص بالنظر في بعض الإستئنافات المرفوعة ضد الاحكام الصادرة عنها ابتدائيا 13

-المحاكم الإبتدائية الإجتماعية

تقسم المحاكم الإبتدائية الإجتماعية الى : أقسام قضاء الأسرة، وغرف حوادث الشغل والامراض المهنية، وغرف نزاعات الشغل، وغرف الإستئنافات 14

 

12- التنظيم القضائي ، ذ.بناصر ” المسطرة المدنية ، تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها ص 20)

13- نفس المرجع ذ.ب ص 20

تختص بالنظر في بعض الإستئنافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها  ابتدائيا 15

-المحاكم الإبتدائية الزجرية

تقسم المحاكم الإبتدائية الزجرية الى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث وغرف الإستئنافات تختص بالنظر في بعض الإستئنافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائيا 16

تجدر الإشارة الى أنه في  إطار القانون المرتقب صدوره أي مشروع قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 17  نجده جاء بأجناس المحاكم الإبتدائية وذلك من خلال المادة 45

تشمل المحاكم الإبتدائية على ما يلي :

المحاكم الإبتدائية ذات الولاية العامة

المحاكم الإبتدائية ذات الولاية العامة المشتملة على أقسام متخصصة في القضاء التجاري وأقسام متخصصة في القضاء الإداري

المحاكم الإبتدائية المصنفة التي يمكن إحداثها طبقا لمقتضيات المادة 50 من هذا القانون .

بالنسبة للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة تقسم الى قسم قضاء الأسرة و غرف قضاء القرب وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية و غرف إجتماعية

أما عن المحاكم الإبتدائية ذات الولاية العامة المشتملة على أقسام متخصصة تتشكل من أقسام متخصصة في القضاء التجاري و أقسام متخصصة في القضاء الإداري و أقسام قضاء الأسرة وغرف عقارية وإجتماعية وغرف زجرية

 

16- ذ.بناصر ” المسطرة المدنية ، تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها, ص 20

17- نفس المرجع ذ.بناصر , ص20

18- من مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي كما وافقت عليه لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر 2018

وينبغي الإشارة الى المادة 52 من مشروع قانون التنظيم القضائي 38.15 و التي مقتضاها

يحدث بكل من المحاكم الإبتدائية ومحاكم الإستئناف مكتب للمساعدة الإجتماعية  يعهد إليه، علاوة على المهام المسندة إليه بموجب النصوص التنظيمية و التشريعية الجاري بها العمل

ممارسة الإختصاصات التالية :

 

-القيام بالإستقبال والاستماع والدعم والتوجيه والمرافقة مواكبة الفئات الخاصة

-إجراء الأبحاث الإجتماعية بطلب من السلطات القضائية

-ممارسة الوساطة او الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء

-القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع

-القيام بزيارات تفقدية لاماكن الإيواء

-تتبع تنفيذ العقوبات والتدابير

-القيام بدراسات وبحوث ميدانية

-تعزيز التنسيق و التواصل داخل مكونات خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف مع باقي الفاعلين في مجال حماية الفئات الخاصة

-إعداد تقارير دورية ترفع الى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل

-إعداد و تتبع يرامج و مشاريع نوعية للحماية و التكفل بالفئات الخاصة داخل الجهوية والمحلية

 

 

 

 

  المطلب الثاني : الإختصاصات والمسطرة المتعلقة بالمحاكم الابتدائية

لا تستقيم دراسة المسطرة المعتبرة في المحاكم الإبتدائية دون التطرق للإختصاصات المنوطة بهذه المحاكم .

الفقرة الأولى : إختصاص المحاكم الابتدائية

يقصد بالإختصاص في نظر بعض الفقه1 صلاحية المحكمة للبت في الدعوى المعروضة عليها، و يعرفه البعض الآخر2 انطلاقا من علاقته بالولاية القضائية قائلا : إذا كانت الولاية تعني سلطة الحكم بمقتضى القانون الممنوحة لكافة محاكم الدولة فإن الإختصاص هو نصيب كل محكمة من هذه الولاية .

لذلك فمن خلال هذه الدراسة المتواضعة سنحاول الوقوف على كل من الإختصاص النوعي والإختصاص القيمي والإختصاص المحلي المتعلق بالمحاكم الإبتدائية

الإختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية

قبل الخوض في غمار بيان الإختصاص النوعي المتعلق بالمحاكم الإبتدائية بإعتبارها محكمة موضوع، لا بد ان نستعرض في البداية الإختصاصات المسندة لرئيس هذه  المحكمة

الإختصاص الولائي لرئيس المحكمة الإبتدائية نص الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي

يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم  بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف. ويصدرون الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أية صعوبة.

___________________________________________

  • Rene morel , traité élémentaire de procédure civile , paris, 2 éd . 1949 N194 p.177
  • أحمد مليجي : تحديد نطاق الولاية القضائية و الإختصاص القضائي ، دراسة مقارنة في القانون المصري و الفرنسي و الشريعة الإسلامية ، مكتبة دار النهضة العربية ،القاهرة 1998

يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للإستيناف داخل خمسة عشر يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار. ويرفع هذا الاستيناف أمام محكمة الاستيناف إذا عاق الرئيس مانع ناب عنه أقدم القضاة

يقوم عون كتابة الضبط المكلف بإنذار أو بإثبات حالة بتحرير محضر يثبت فيه باختصار أقوال وملاحظات المدعى عليه الاحتمالي أو ممثله ويمكن تبليغ هذا المحضر بناء على طلب الطرف الملتمس للإجراء إلى كل من يعنيه الأمر، ولهذا الأخير أن يطلب في جميع الأحوال نسخة من المحضر

إذا لم يكن القيام بالمعاينة المطلوبة مفيدا إلا بواسطة رجل فني أمكن للقاضي تعيين خبير للقيام بذلك .

و المستفاد من ذلك ان لرئيس المحكمة الإبتدائية صلاحية إصدار اوامر بناء على طلب او إصدار الأمر كذلك في غيبة الأطراف، و كذلك إستغنى عن حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أية صعوبة

ومن أمثلة الأوامر بناء على طلب كما ورد بالفصل 148 من قانون المسطرة المدنية و كذا نصوص اخرى، نذكر :

طلب إثبات حال3 ، طلب توجيه إنذار4 ، طلب تقييد احتياطي5 ، طلبات الحجز التحفظي6 ) 7

 

3- و هو يرمي إلى تهيئة الدليل في نزاع ، عرض على القاضي او لم يعرض ، و ذلك عند حدوث واقعة يخشى اضمحلالها او زوال معالمها ،او تغيرها بمرور الوقت ، صيانة للحق من خطر الزوال

4- مثال ذلك الإنذار باداء واجب كراء المحلات للإستعمال السكني و المهني ، و هو ما تنص عليه المادة 23 من القانون رقم 67.12 الصادر بتنفيذه الظهير المؤرخ في 2013/11/19

5- يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ ان يطلب تقييدا احتياطيا للإحتفاظ به مؤقتا ، و قد يكون هذا التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الإبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها طبقا للفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري

6- طبقا للفصلين 452 و 453 من ق م م فإن الحجز التحفظي يصدر الأمر المبني على الطلب بالحجز التحفظي من رئيس المحكمة الإبتدائية ، و يحدد هذا الامر ولو على وجه التقريب مبلغ الدين الذي رخص الحجز بسببه و يبلغ هذا الامر و ينفذ دون تأخير

7- خالد بنمومن “محاضرات في مادة التنظيم القضائي”  سنة 2017 الصفحة 31

 

-مباشرة القضاء الإستعجالي

يباشر رئيس المحكمة الإبتدائية القضاء الإستعجالي بصفته قاضيا للمستعجلات , بحيث يتم الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من مرور الوقت في حالة سلوك المتقاضي المسطرة العادية مما قد يترتب عنه أضرار لا يمكن تداركها8

وهذا ما جاء به الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية من خلال قوله

يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده  بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات

إذا عاق الرئيس مانع قانوني أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة

إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستيناف مارس هذه المهام رئيسها الأول

تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس

وينبغي الإشارة الى الفصل  9152الذي  تناول الأوامر الإستعجالية وذلك من خلال : لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر

والمستفاد من الفصل 149 و الفصل 152، على أن رئيس المحكمة الإبتدائية وحده له صلاحية البت في القضايا التي تقتضي الإستعجال وذلك بصفته قاضيا للمستعجلات، ولا تبت الأوامر الإستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية، ولا يمكنها المسااس بالجوهر كذلك، بحيث تكون هذه الاوامر مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ويمكن للقاضي مع ذلك ان يقيد التنفيذ بتقديم كفالة

____________________________________________

8- يونس العياشي,” تلخيص كتاب التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية و العدالة البديلة اوالمكملة, ص 20

9- الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية

الإختصاص النوعي للمحاكم الإبتدائية

 

المشرع المغربي أعطى للمحاكم الإبتدائية صلاحية النظر في جميع القضايا و المنازعات ما لم يكن هناك نص يمنح الإختصاص لمحكمة اخرى و ذلك من خلال المادة 18 من قانون المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1974 و المعدل سنة 2011 على أنه

“تختص المحاكم الابتدائية – مع مراعاة الاختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام قضاء القرب  – بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا الأسرة  والتجارية10  والإدارية11  والاجتماعية ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستيناف

تختص أيضا بقطع النظر عن جميع المقتضيات المخالفة ولو في الحالة التي يسند فيها قانون خاص سابق النظر في بعض أنواع القضايا إلى محكمة أخرى ”

من خلال قراءة الفصل أعلاه يتبين على أن المحاكم الإبتدائية هي صاحبة الولاية العامة للنظر في جميع القضايا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك

بل إن المحاكم الإبتدائية تنظر كذلك في بعض القضايا الأخرى على الرغم من وجود نصوص خاصة تنظم أحكامها، كما هو الحال بالنسبة لمادة الصحافة و مادة الجمعيات اللتين يحكمهما ظهير 1958 بشأن الحريات العامة 12

____________________________________________________________________

10- لم تعد المحاكم الإبتدائية مختصة بالنظر في كل القضايا التجارية بعد تحديد 20000 درهم كاختصاص قيمي يفصل بين اختصاصها و اختصاص المحاكم التجارية التي اصبحت صاحبة الولاية العامة في هذا النوع من النزاعات بحيث تنظر في كل القضايا التجارية التي تتجاوز قيمتها المبلغ المذكور

11- حلت المحاكم الإدارية محل المحاكم الإبتدائية في الإختصاص في المادة الإدارية بمقتضى القانون 41.90 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.91.225 بتاريخ 10 شتنبر 1993

12- عبد الكريم الطالب “”التنظيم القضائي المغربي” , الطبعة الخامسة، يونيو 2017  ص123

 

 

إختصاصات أقسام القضاء المتخصص المحددة على ضوء القانون 38.15

—القسم المتخصص في القضاء التجاري

حسب المادة 57 : يختص القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الإبتدائية دون غيره ، بالبت في القضايا التجارية المسندة للمحاكم الإبتدائية التجارية بمقتضى القانون، و كذا القضايا التجارية الأخرى التي تدخل في إختصاص المحاكم الإبتدائية, تطبق أمام القسم المتخصص في القضاء التجاري نفس المسطرة المطبقة أمام المحاكم الإبتدائية التجارية .مع مراعاة الإختصاصات المخولة لرئيس المحكمة يمقتضى الفقرة الثانية من المادة 56 أعلاه ، يمارس رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري او من ينوب عنه الإختصاصات المخولة قانونا لرئيس المحكمة الإبتدائية التجارية ، فيما له صلة باختصاصات هذا القسم .

والواضح من ذلك على أن القسم المعني له صلاحية البث في القضايا التجارية المسندة للمحاكم التجارية قانونا، و تلك المدرجة تحت ظل إختصاص المحاكم الإبتدائية كذلك

—القسم المتخصص في القضاء الإداري

يختص القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الإبتدائية ، دون غيره، بالبت في القضايا الإدارية المسندة للمحاكم الإبتدائية الإدارية بمقتضى القانون، و في القضايا الإدارية الأخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم الإبتدائية الإدارية

مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 56 اعلاه، يمارس رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري او من ينوب عنه الاختصاصات المخولة قانونا لرئيس المحكمة الإبتدائية الإدارية، فيما له صلة باختصاصات هذا القسم  13

نفس الشيء بالنسبة لقسم القضاء الإداري بدوره، يشمل القضايا الإدارية المسندة للمحاكم الإبتدائية الإدارية والقضايا الإدارية الاخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم الإبتدائية .

13- المادة 58 من مشروع قانون38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي كما وافقت عليه لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر 2018

 

–الإختصاص المحلي و القيمي للمحاكم الإبتدائية

الإختصاص القيمي الذي يسري على المحاكم الإبتدائية

تناول المشرع المغربي الإختصاص القيمي المتعلق بالمحاكم الإبتدائية في نص الفصل 19 من قانون المسطرة المدنية بحيث :

تختص المحاكم الابتدائية بالنظر :

– ابتدائيا، مع حفظ حق الاستيناف أمام غرف الاستينافات بالمحاكم الابتدائية، إلى غاية عشرين ألف درهم (20.000 درهم)؛

–  وابتدائيا، مع حفظ حق الاستيناف أمام المحاكم الاستينافية، في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرين ألف درهم (20.000 درهم)؛

– يبت ابتدائيا طبقا لأحكام الفصل 12 أعلاه، مع حفظ حق الاستيناف أمام المحاكم الاستينافية.

وكما تجب الإشارة إلى ان الإختصاص القيمي للمحكمة الإبتدائية لا يبدأ إلا في القضايا التي تتجاوز قيمة الطلب فيها خمسة آلف درهم ، على إعتبار ان ما يساوي او يقل عن هذا المبلغ يدخل ضمن اختصاص قاضي القرب 14

بحيث نجد أن المشرع المغربي حدد إختصاص اقسام قضاء القرب في المادة 10 من القانون 42.10 نص على ما يلي

يختص قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم ، ولا يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة و العقار و القضايا الإجتماعية و الإفراغات

 

14- خالد بنمومن” محاضرات التنظيم القضائي” سنة 2017 “, ص 39

في إطار المادة المدنية  :حسب مقتضى المادة 10 أعلاه “يختص قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم

—الدعاوى الشخصية

المقصود بهذه الدعاوى تلك التي ترمي الى المطالبة بحق شخصي او الالتزام بغض النظر عن المصدر ،شريطة عدم تجاوز قيمة الحق المطالب به 5000 درهم

والمستفاد من ذلك أن أقسام قضاء القرب لا يسوغ لها النظر في الدعاوى التي تتعلق بحق عيني أيا كانت قيمة النزاع الحاصل . وكذلك الدعاوى المختلطة بدورها لا تدخل في صلاحيات أقسام قضاء القرب ما دامت تنطوي على شق عيني

الدعاوى المنقولة

الدعاوى المنقولة هي التي تنصب على المنقولات دون العقارات ، و المنقول كما هو متعارف عليه ما يسمح بطبيعته ان ينقل من مكان لآخر دون ان يحدث اي تغير في هيأته، غير ان اختصاص اقسام قضاء القرب بالنظر في الدعاوى المنقولة متوقف على قيمة النزاع، فإذا تجاوز 5000 درهم يخرج من اختصاصه 15

في اطار المادة الجنائية :

تناولت ذلك المادة 1416 من قضاء القرب على انه “يختص قاضي القرب بالبت في المخالفات المرتكبة من طرف الرشداء المنصوص عليها في المواد الموالية ، ما لم يكن لها وصف أشد إذا ارتكبت داخل الدائرة التي يقيم بها المقترف

بالرجوع كذلك الى المواد 15 الى 18 من القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصه

 

15-المسطرة المدنية -تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها . ذ.بناصر ص 120

16- القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصه

 

المادة 15 التي اشارت الى جرائم حين ترتكب يعاقب بغرامة تتراوح بين 200 و 500 درهم “من رفض او تهاون في القيام بأشغال او خدمة او تقديم مساعدة كلف بها بوجه قانوني و كان في استطاعته القيام بها

المادة 16 ” يعاقب بغرامة تتراوح بين 300 درهم الى 700 درهم مرتكبو جرائم معينة ندكر منها

مرتكبو أعمال العنف او الإيذاء الخفيف ومرتكبو السب غير العلني ….

المادة 17 “يعاقب بالغرامة من 500 الى 1000 درهم مرتكبو جرائم محددة ، مثل من تعمد عن علم إزالة او إخفاء او تمزيق أعلان وضع بمقتضى امر صادر عن السلطات الإدارية المختصة

المادة 18 “يعاقب بغرامة تتراوح بين 800 درهم الى 1200 درهم من ارتكب احد الجرائم المحددة في هذه المادة ، و ندكر من ذلك من قتل أو بتر دون ضرورة حيوانا مستأنسا في ملك الغير و في مكان يملكه

وبذلك يمكن القول ان المشرع ميز بين اربعة انواع من الجرائم

المخالفات المنصوص عليها في المادة 15 والتي تتراوح عقوبتها بين 200 و 500 درهم

المخالفات المنصوص عليها في المادة 16 والمعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 300 و 700 درهم

المخالفات المنصوص عليها في المادة 17 والمعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 500 و 1000 درهم

المخالفات المنصوص عليها في المادة 18 المعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 800 و 1200 درهم

 

المواد من 15 الى 18 من القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصه لتفصيل اكثر

-الإختصاص المحلي الخاص بالمحاكم الإبتدائية

كما هو متعارف أن الإختصاص المحلى هو سلطة المحاكم فى الدعاوى والمنازعات بحسب المقر أو الموقع أو المكان ويعبر عنه بدائرة إختصاص المحكمة

وتقتضي دراسة الإختصاص المحلي لمحاكم المملكة التطرق للمبدأ العام المتمثل في منح الاختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه أو محكمة محل إقامته، هكذا يقرر الفصل 27 من ق.م.م يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه

إذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل

إذا لم يكن للمدعى عليه لا موطن ولا محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو واحد منهم عند تعددهم

إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم

يقصد بالموطن الحقيقي المكان الذي يستقر فيه الشخص عادة و يباشر فيه أعماله، فالموطن الحقيقي يتكون من عنصرين عنصر مادي يقتضي الإقامة الفعلية، وعنصر معنوي يكمن في نية البقاء بصفة دائمة و مستمرة …،ويقصد بالموطن المختار المكان الذي يختاره الشخص لإجراء تصرف قانوني معين 16

والمستفاذ من ذلك أن الشخص الذي يريد رفع دعوى، عليه أن يشد الرحال و يدفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد في دائرة نفوذها موطن او محل اقامة المدعى عليه, و في الحالة التي لا يكون فيها للمدعى عليه موطن او محل إقامة هنا يمكن تقديم الدعوى أمام محكمة موطن المدعي أو محل إقامته .

كما يستوجب  ذلك التعرض لمختلف الاستثناءات التي قررها المشرع على القاعدة أو المبدأ العام و هو ما ورد في المادة 28 و 29 من ق.م.م

حيث جعل المشرع محكمة محل العقار هي مناط اختصاص المحكمة محليا للنظر في النزاعات العينية المتعلقة بها استحقاقا أو بيعا أو قسمة أو ارتفاقا أو طلب شفعة

___________________________________________________________________________

16-محمد كرام ،الوجيز في التنظيم القضائي المغربي،المطبعة و الوراقة الوطنيةمراكش الطبعة الأولى 2010 ،ص 60

 باعتبار أنها أقدر من غيرها على حل النزاع المتعلق به إذ في استطاعتها و بسهولة الإنتقال إليه لمعاينة أو سماع شهود يسكنون فيه أو بجواره أو نذب خبير لمعاينته و تقويمه  17

 كما جعل المشرع الإختصاص بقضايا النفقة ودعاوى الأمراض المهنية و حوادث الشغل لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعي لأنه هو الطرف الضعيف و الأجدر بالرعاية

أما بخصوص قضاء القرب تم تناول إختصاصه المحلي في إطار المادة الاولى من القانون 42.10 : يحدث قضاء القرب بدوائر نفوذ المحاكم الإبتدائية يوزع اختصاصه على اقسام قضاء القرب بالمحاكم الإبتدائية الذي يشمل اختصاصها الترابي الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المحاكم

يحيث هناك أقسام قضاء القرب بمراكز القضاة المقيمين ، و يشمل إختصاصها الترابي الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة التراببة لمركز القاضي المقيم

فبالنسبة للإختصاص المحلي لأقسام قضاء الأسرة يخضع للقاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 2717 أي في الدعاوى الأسرية يرجع الى موطن المدعى عليه إلا أن هذا المبدأ المتعلق بالشق الأسري يعرف إستتناءات واسعة و منها قضايا الطلاق والتطليق والنفقة ودعاوى انعدام الأهلية والنيابة الشرعية

بحيث نصت المادة 79 من مدونة الاسرة على ما يلي

يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك، بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب

و كذلك الفصل 212 18المؤطر للإختصاص المحلي المعني بالتطليق

نصت على انه يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم فيها عقد الزواج

17- الإختصاص النوعي و المحلي للمحاكم  “منظمة الحريات للتواصل بين موظفي قطاع العدل بالمغرب              18- الفصل 27 و212  من قانون المسطرة المدنية

الفقرة الثانية :  المسطرة أمام المحاكم الابتدائية

تجدر الإشارة أولا الى أنه يتم توزيع الأشغال للسنة القضائية بواسطة الجمعية العمومية ، و التي تتكون من رئيس المحكمة ووكيل الملك ، و جميع القضاة و النواب العاملين بالمحكمة و المراكز التابعة لها ، و بحضور رئيس كتابة الضبط حيت يتم تحديد الغرف (هيئات الحكم ) و تكوينها ، و ايام و ساعات الجلسات، و توزيع القضايا على مختلف الغرف 19

و يشير الفصل الرابع من ظهير التنظيم القضائي 20

تعقد المحاكم الإبتدائية، بما فيها المصنفة، جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الإختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد و بمساعدة كاتب الضبط ، ما عدا الدعاوى العقارية العينية والمختلطة وقضايا الاسرة والميراث، باستثناء النفقة  التي يبت فيها بحضور ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس ، وبمساعدة كاتب الضبط .

و في هذا الإطار ينبغي إرساء توضيح طفيف لكل من  الدعاوى العقارية على إعتبارها من القضايا العينية و التي ترمي الى المطالبة بحق عيني، و بالنسبة للقضايا المختلطة يقصد بها تلك التي تجمع بين كونها دعاوى شخصية أي الرامية الى المطالبة بحق شخصي او التزام . وبين الدعاوى الدعاوى العقارية العينية

اما بخصوص قضايا الأسرة والميراث، على إعتبار أن قضايا الأسرة او قضايا الأحوال الشخصية تتعلق بالأحوال الشخصية أي تلك الأحوال التي تتعلق بكل ما يهم حالة الشخص من نسب و اهلية و حالة مدنية . و الأحوال العينية تتعلق بالاحوال المالية، و الميراث يدخل في إطار الحقوق المالية والتي تفعل بعد الوفاة ، و الملاحظ ايضا على ان الفصل إستتنى النفقة ،ويعني ذلك أن النفقة يبت فيها بقاضي منفرد مراعاة لخصوصيتها و طلب سرعة البت فيها.

________________________________________________________________________________

19- ذ.بناصر “المسطرة المدنية -تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها“,ص 21

20- بمثابة قانون رقم 1.74 المتمم من قبل القانون رقم 34.10

إذا تبين للقاضي المنفرد أن أحد الطلبات الأصلية او المقابلة أو المقاصة يرجع الإختصاص فيه الى القضاء الجماعي ، او له ارتباط بدعوى جارية امام القضاء الجماعي رفع يده عن القضية برمتها بامر ولائي 21

يتولى رئيس المحكمة الإبتدائية إحالة ملف القضية على القضاء الجماعي

يساعد المحكمة و هي تبت في قضايا نزاعات الشغل أربعة مستشارين تحدد طريقة تعيينهم بمقتضى مرسوم

يجب حضور ممثل النيابة العامة في الجلسات الزجرية تحت طائلة بطلان المسطرة و الحكم

و يعتبر هذا الحضور اختياريا في جميع القضايا الاخرى، عدا في الاحوال المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية ،و خاصة اذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا و في الاحوال الاخرى المقررة بمقتضى نص خاص

وتماشيا مع المستجدات القانونية ,نجد أن مشروع قانون التنظيم القضائي المرتقب صدوره رقم38.15 , طرح مستجد بخصوص المجال الزجري

كما هو معلوم في قانون المسطرة الجنائية  ، في الفصل 373 و الذي جاء ب   تختص المحكمة الابتدائية بالنظر في المخالفات والجنح طبقا للمادة 252 والمواد 255 إلى 260 من هذا القانون وذلك مع مراعاة مقتضيات المادة 251

ويليه الفصل 374 تعقد المحكمة جلساتها بقاض منفرد  وبحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط يترتب البطلان عن الإخلال بهذه المقتضيات

على هذا الأساس جاءت المادة 53 من المشروع أعلاه، و الذي يتعلق بنظام الحكم في هذه القضايا خاصة الجنح، بحيت نص على أنه مع مراعاة الإختصاصات المخولة لرئيس المحكمة الإبتدائية بمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية اونصوص قانونية خاصة

_______________________________________________________________________________

21- اضيفت هذه الفقرة بمقتضى القانون رقم 15.03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.177 في 16 من رمضان 1424(11 نوفمبر 2003) ، الجريدة الرسمية عدد 5170 بتاريخ 23 شوال 1424 (18 ديسمبر 2003) ص 4240

 

تعقد المحاكم الإبتدائية بما فيها المصنفة في جلساتها بقاضي منفرد و بمساعدة كاتب للضبط ، عدا عند وجود نص قانوني خاص ، او في الحالات التالية التي يبت فيها بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس، وبمساعدة كاتب للضبط ومن بين هذه الحالات :

القضايا الجنحية التي تقرر فيها متابعة شخص في حالة اعتقال ولو توبع معه اشخاص في حالة سراح ، و تبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبت في القضية في حالة منح المحكمة السراح المؤقت للشخص التابع

-القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري

-القضايا الإدارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري

بخصوص أقسام قضاء القرب ، فتعقد جلساتها بقاض منفرد بمساعدة كاتب للضبط وبدون حضور النيابة العامة، ولكن مشروع قانون التنظيم القضائي المرتقب صدوره اوجب حضور النيابة العامة بالنسبة لقضايا المخالفات التي تدخل ضمن اختصاص قضاء القرب وذلك حسب المادة 2254

التشكيلة الجماعية للمحكمة حسب الفصل 4 من ظهير التنظيم القضائي المشار إليه سابقا، لم تعد هذه المحاكم تنظر في القضايا بقاض منفرد وإنما اصبحت تتبنى القضاء الجماعي وذلك ب 3 قضاة، ويدرج ذلك في اطار التعديلات التي جاء بها المشرع على قانون المسطرة المدنية

تبنى كذلك القضاء الفردي نظرا لما يحققه من منافع بالنسبة للمتقاضين أهمها السرعة في البت

المسطرة الشفوية و المسطرة الكتابية :

حسب الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية المعدل في 17 غشت 2011 :

تطبق أمام المحاكم الابتدائية وغرف الاستينافات بها  قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستيناف وفقا لأحكام الفصول 329 و331 و332 و334 و335  و336 و342 و344 الآتية بعده

22-22- من مشروع قانون38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي كما وافقت عليه لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر2018

 

تمارس المحكمة الابتدائية ورئيسها أو القاضي المقرر، كل فيما يخصه، الاختصاصات المخولة حسب الفصول المذكورة لمحكمة الاستيناف ولرئيسها الأول أو للمستشار المقرر

غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية

القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا؛

قضايا النفقة والطلاق والتطليق؛

القضايا الاجتماعية؛

قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء؛

قضايا الحالة المدنية

 

من خلال الفصل 2345 يتضح على أن المسطرة أمام المحاكم الإبتدائية تقوم على عدة مبادئ أهمها التشكيلة الجماعية للمحكمة أو الفردية و ضرورة سلوك المسطرة الكتابية 24

أما بالنسبة للمسطرة الكتابية فإن المشرع و بعد تعديل الفصل 45 تبنى المسطرة الكتابية في التقاضي أمام المحاكم الابتدائية بعدما كانت شفوية .

 

 

 

 

 

23- الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية المعدل في 17 غشت

24- عبد الكريم الطالب “التنظيم القضائي المغربي “، الطبعة الخامسة، يونيو 2017  ص68

 

 

 

 

خاتمة :

 

في الختام يمكن القول اننا حاولنا من خلال صفحات هذا البحث الوقوف على موضوع المحاكم الإبتدائية لإبراز الطبيعة القانونية المتجسدة في حماية الحقوق، وذلك من خلال التطرق إلى التأليف الخاص بها والتنظيم الذي يسري عليها، ويليه بيان الخصائص المسندة لهذه الأخيرة بإعتبارها محكمة موضوع وكذا توضيح الإختصاصات المخولة لرئيسها على إعتبار ان له صلاحيات واسعة ولعل أهمها الإشراف عليها من حيث التدبير المالي والإداري ولا ننسى كذلك القضائي،  ولإحاطة أكثر تم التطرق أيضا للمسطرة المنوطة بها . و كل ذلك تحت ظل ظهير التنظيم القضائي بمثابة قانون رقم 1.74 ومعدله المشروع المرتقب صدوره رقم 38.15 المتعلق بهذا الأخير، وذلك في إطار مجاراة التعديلات الحاصلة الجديدة التي أدخلها المشر ع على التنظيم القضائي .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة

كتب

– عبد الكريم الطالب “التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية ” الطبعة الخامسة مزيد 2017

– أحمد مليجي : تحديد نطاق الولاية القضائية و الإختصاص القضائي ، دراسة مقارنة في القانون المصري و الفرنسي و الشريعة الإسلامية ، مكتبة دار النهضة العربية ،القاهرة1998

– ذ.بناصر “المسطرة المدنية -تمهيد : التنظيم القضائي إطاره و مبادئه و تاليف المحاكم و المساطر امامها” .

– محمد كرام ،الوجيز في التنظيم القضائي المغربي ،المطبعة و الوراقة الوطنية-مراكش الطبعة الأولى 2010 ،

– Rene morel , traité élémentaire de procédure civile , paris,

مواقع الكترونية::

-الإختصاص النوعي و المحلي للمحاكم  “منظمة الحريات للتواصل بين موظفي قطاع العدل بالمغرب

– مجلة القانون و القضاء المغربي

مطبوعات ورقية , محاضرات :

خالد بنمومن “محاضرات التنظيم القضائي” سنة 2017 “جامعة مولاي إسماعيل الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية

محمد نعناني “التنظيم القضائي ” جامعة الحسن الاول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات .

يونس العياشي “تلخيص كتاب التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية و العدالة البديلة او المكملة”

نصوص قانونية

القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة

قانون المسطرة المدنية  رقم 1.47

القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصه

مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي كما وافقت عليه لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر2018.

ظهير بمثابة قانون رقم 1.74 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 (15 يوليوز 1974 ) يتعلق بالتنظيم القضائي

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى