في الواجهةمقالات قانونية

المسؤولية الجنائية لمفتش الشغل

المسؤولية الجنائية لمفتش الشغل،

سفيان أيت بن علي
الصفة : باحث في القانون

مقدمة

كانت فكرة تدخل الدولة في شؤون الشغل لسن تشريعات اجتماعية تطرح نفسها بإلحاح، وذلك لتنظيم علاقات الشغل وخلق نوع من التوازن بين عنصري الإنتاج[1]، وإدراكا منها بأنه لا فائدة من سن القوانين دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان تطبيقها وتحقيق أهدافها، عملت معظم التشريعات على خلق هيئات تتولى القيام بمهمة تفتيش الشغل[2].

وقد شكلت وظيفة تفتيش الشغل بالمغرب منذ تأسيسها أدورا هامة في المجال الرقابي المتمثل أساسا في ضمان التطبيق الجيد لمختلف النصوص القانونية المؤطرة لعلاقات الشغل عن طريق زيارات المراقبة والتفتيش لمختلف الوحدات الإنتاجية الخاضعة لتشريع الشغل، مع إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية[3]، وكذا في مجال تدبير العلاقات المهنية من خلال التدخلات الاستباقية لتفادي نشوب نزاعات الشغل من جهة، وإجراءات محاولات التصالح من جهة أخرى، مع تكثيف الجهود من أجل مأسسة المفاوضة الجماعية بهدف تطوير القوانين التعاقدية، وتحويل مفاهيم الصراع بين طرفي الإنتاج من فلسفة التصادم إلى وضع يقوم على الثقة والتفاهم والحوار الإيجابي بغية تحقيق سلم اجتماعي يكون في خدمة التنمية السوسيو اقتصادية لبلادنا.

وغير خاف أن مفتشية الشغل كهئية إدارية متدخلة في علاقات الشغل، محط العديد من الإنتقادات، بل من الإتهامات الموجهة إليها، خاصة من طرف المعنيين مباشرة بوظيفتها من الأجراء والمؤاجرين والهيئات الممثلة لهم، وهذا سواء بالنسبة لمفتشية الشغل على المستوى الوطني أو بالنسبة لغيرها خارج الوطن[4].

ويعتبر مفتش الشغل موظفا عموميا[5]، خاضعا لمقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية والتي تكفل له التمتع بمجموعة من الحقوق والإمتيازات، كما أنه يعد مسؤولا جنائيا عن أعماله متى خرق القانون، فهو ليس محصنا أو بعيدا عن الملاحقة الجنائية إذا تلقى رشوة أو ارتكب تزويرا في المحاضر أو استغل نفوذه أو أفشى سرا مهنيا وهذه المسؤولية تجد أساسها في القانون المغربي.

وبناء على ما تقدم يمكننا أن نتساءل إلى أي حد استطاع المشرع المغربي الإحاطة بالأفعال التي يمكن ينتج عنها قيام المسؤولية الجنائية لمفتش الشغل؟.

 

وعليه سأعتمد في دراسة هذا الموضوع المنهج القانوني التحليلي تبعا لمقتضيات طبيعة مشكلة الموضوع وأهدافه، من أجل الوقوف على الجرائم التي يتصور وقوعها من جانب مفتش الشغل فيما يتعلق بعمله.

وللإجابة على التساؤل المطروح، آثرت الوقوف أولا عند مسؤولية مفتش الشغل الجنائية في جرائم الأموال، قبل التعرض لجريمتي التزوير وإفشاء السر المهني  وذلك كالتالي :

المبحث الأول : مسؤولية مفتش الشغل الجنائية عن جرائم  الأموال

اعتبارا لما قد تشكله جرائم الأموال المرتكبة من أفراد حددهم المشرع، ورعيا منه لخطورتها على المجتمع فقد عمل المشرع خلق ترسانة قانونية زجرية تعاقب كل صورها بشكل تضمن اجتثاتها من جذورها وتعمل على رفض الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة[6].

المطلب الأول : في جرائم الرشوة واستغلال النفوذ

إن جرائم الرشوة (الفقرة الأولى) واستغلال النفوذ (الفقرة الثانية) كثيرا ما تعرض على القضاء، لذا ارتأيت تناولها بنوع من التفصيل

الفقرة الأولى : جريمة الرشوة

الرشوة آفة خطيرة وداء خبيث تعاني منه كل المجتمعات – وإن بدرجات متفاوتة-  وهي من جرائم شراء الضمير المهني والإخلال بالثقة العامة لأنها تنحرف بسلوك الموظف وغيره ممّن نص عليهم المشرع وتؤدي بهم إلى الإخلال بواجباتهم والتحيز في أدائها إلا بمقابل.

  • أركان جريمة الرشوة

اعتنى الفقهاء والباحثون في القانون الجنائي بتعريف الرشوة، ولا إن اختلفوا في المعاني إلاّ أن المقاصد ذاتها، حيث يذهب غالبة الفقه إلى تعريف الرشوة بأنها “إتجار الموظف العام في أعمال وظيفته وذلك بتقاضيه أو قبوله أو طلبه مقابلا نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو إمتناعه عنه[7]“.

والرشوة بهذا المفهوم هي قيام مفتش الشغل باستغلال السلطات المخولة له بمقتضى تلك الوظيفة لحسابه الخاص، وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال مهنته أو يزعم أنه من أعمال مهنته أو للإمتناع عن ذلك العمل أو للإخلال بواجبات مهنته.

وعليه يتجلى الركن الأول للجريمة محل الدراسة في صفة المرتشي إذ أن الجريمة محل الدراسة تصنف ضمن الجرائم التي تشترط توافر صفة معينة في شخص الفاعل الرئيسي للجريمة، ويترتب على ذلك أن الرشوة لا تقع إلا من فاعل يتميز بصفة الموظف العمومي أو من في حكمه ومختصا بالعمل أو الامتناع المطلوب منه أداؤه، إلا أن المشرع ألحق بها أشخاصا آخرين يعملون بالأساس في القطاع الخاص لما لنشاطهم من أهمية اقتصادية واجتماعية[8].

أما الركن المادي للجريمة فيتكون من نشاط يتمثل في صورة من الصور الآتية : من طلب أو قبول عرض أو وعد أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن هذا العمل.

فالطلب يقصد به تعبير مفتش الشغل عن رغبته فيه الحصول على مقابل لأداء العمل أو الامتناع عنه، وهنا يكون مفتش الشغل هو المبادر، وتقوم الجريمة لمجرد طلبه مقابلا عن عمله ولو لم يستجيب صاحب الحاجة لطلبه، أما القبول فيقصد به قبول مفتش الشغل العرض المقدم من طرف صاحب المصلحة، وهي تشكل نشاطا سلبيا للمرتشي لأن صاحب الحاجة هو المبادر.

أما الأخذ أو التسلم فيقصد به تلقي مفتش الشغل لمقابل أداء وظيفته أو الامتناع عنها، مثل هبة أو هدية أو منفعة أخرى ويتم ذلك باستلام مفتش الشغل لما عرض عليه، مهما كان شكل هذا الاستلام، وهي الصورة الأكثر إنتشارا في الواقع العملي .

والرشوة جريمة عمدية يتشكل الركن المعنوي فيها من القصد الجنائي[9]، هذا القصد الجنائي هو قصد عام يتكون من العلم والإرادة، علم مفتش الشغل بأن هناك فائدة قدمت له، مع علمه بأن تقديم تلك الفائدة هي في مقابل قيامه بعمل أو امتناع أو مخالفة لواجبات وظيفته، وإرادته في أن يحصل عليها.

  • العقوبة المقررة لجريمة الرشوة

قرر المشرع الجنائي لمرتكب جريمة الرشوة عقوبات متفاوتة تتناسب وخطورة الفعل الصادر عن الجاني، وتتراوح هذه العقوبات بين عقوبات أصلية وأخرى إضافية.

وتتجلى العقوبات الأصلية في الحبس من سنتين إلى خمس سنوات الغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة ألف درهم، غير أن المشرع شدد عقوبة الرشوة لتصبح جناية في حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة هو القيام بعمل يكون جناية في القانون المغربي، حيث أن العقوبة المقررة لتلك الجناية تطبق على مرتكب الرشوة.[10]

أما العقوبات الإضافية فتتجلى في جواز الحكم على مفتش الشغل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من القانون الجنائي لمدة تتراوح بين خمس سنوات إلى عشر، كما يجوز أن يحكم عليه بالحرمان من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد عن عشر سنوات[11].

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يحدد وسيلة خاصة لإثبات جريمة الرشوة، وبذلك فهي تخضع للأحكام العامة للإثبات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، ولذلك فقد تثبت بالإعتراف – قضائيا كان آم غير قضائي – كما قد تثبت بحالة التلبس بالأوراق الصادرة عن المتهم أو عن الغير، أو بناء على محضر الضابطة القضائية في حالة التلبس بالجريمة، كما يمكن أن تثبت الرشوة بالشهادة، بما في ذلك شهادة المتهمين بعضهم على بعض، كما تلعب القرائن دورا هاما في إثبات هذه الجريمة والتي يستخلصها القاضي من وقائع القضية المعروضة أمامه، وعلى كل فإن خصوصية جريمة الرشوة تجعل للظروف والملابسات المحيطة بالفعل المادي للجريمة دورا كبيرا في استجلاء عناصرها لاسيما القصد الجنائي لدى الجاني.

الفقرة الثانية : جريمة استغلال  النفوذ

جرم المشرع المغربي استغلال النفوذ بموجب الفصل [12]250 من القانون الجنائي، وتبدو الحكمة من هذا التجريم واضحة، سواء تعلق الأمر باستغلال نفوذ حقيقي أو مزعوم، فمستغل النفوذ يوحي إلى صاحب الحاجة أن السلطات العامة لا تتصرف وفقا للقانون وبروح من الحيادة والموضوعية، وإنما تتصرف تحت سطوة ماله من نفوذ عليها.

وبخلاف جريمة الرشوة التي تشترط الصفة في الفاعل – مفتش الشغل – فإن الصفة في جريمة استغلال النفوذ، ليست عنصرا لقيام الجريمة، ومع ذلك فصفة الموظف العمومي تعد ظرفا مشددا في هذه الجريمة.

ولجريمة استغلال النفوذ ركن مادي يتحقق بتوفر النشاط الاجرامي ( نفس عناصر النشاط الاجرامي لجريمة الرشوة) والتذرع بنفوذ حقيقي أو مزعوم، وركن معنوي يتجلى في عنصر العلم والإرادة لدى الجاني، وبالنسبة لصاحب الحاجة فالقصد لديه يتحقق بتقديم الفائدة لصاحب النفوذ قصد الاستفادة من نفوذه عاجلا آم أجلا[13].

    وبالنسبة للعقوبة المقررة للجريمة فقد نص عليها المشرع المغربي في الفصل 250 مع رفع العقوبة الضعف إذا تحققت الصفة.

المطلب الثاني : في جريمة الإختلاس

عمل المشرع المغربي على تجريم الاختلاس soustraction بموجب الفصلين 241 و242 من القانون الجنائي، نظرا لطابع وخطورة الاختلاس المرتكب من طرف الموظف العمومي والذي ينطوي على خيانة الأمانة التي حملتها الدولة للموظف والثقة التي وضعتها فيه، وعلى غرار باقي الجرائم فإن للاختلاس أركان لابد من توفرها لتتحق الجريمة[14].

المبحث الثاني : مسؤولية مفتش الشغل عن جرائم التزوير وإفشاء السر المهني

يضطلع مفتش الشغل بوظائف محورية في نطاق علاقات الشغل، سواء الرقابية أو الوقائية او حتى العلمية منها، وقد ألزمت معايير العمل الدولية مفتشي الشغل بالخضوع لعدة قواعد معيارية أدبية ومهنية وأخلاقية ضمانا لمصداقيتهم.

 

المطلب الأول : مسؤولية مفتش الشغل عن جريمة التزوير

يعتبر مفتش الشغل بمثابة ضابط الشرطة القضائية في حدود المآل المعهودة إلية قانونا، فبالعودة الى الفصل 19 من قانون المسطرة الجنائية، نجد أن المشرع المغربي، لم يقصر مهام الشرطة القضائية على النيابة العامة وظباط الشرطة القضائية من شرطة ودرك وأعوانهم فحسب، بل منحت هذه الوظيفة للموظفين والأعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية.

كما أن الفصل 27 من نفس القانون ينص على “أنه يمارس موظفو وأعوان الإدارات والمرافق العمومية الذين تسند إليهم بعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة هذه المهام حسب الشروط وضمن الحدود المبينة في هذه النصوص”.

وبالتالي فإن مفتش الشغل يحضى بالصفة الضبطية في ضبط ومعاينات المخالفات التي ترتكب خرقا لقواعد قانون الشغل، والتي يحرر بشأنها محاضر، هذه الأخيرة  التي تنظمها القواعد المسطرية لمدونة الشغل، إلا أنه في حالة غياب النص فإنه لاضير من الرجوع إلى قواعد المسطرة الجنائية – الفصل 24 – والذي أورد المحاضر بصفة عامة، ونظم الشكليات المتعلقة بها من مُحرّرْ المحضر وصفته ومكان عمله وتوقيعه إلى شكليات تتعلق بالزمن والمكان ونوع المخالفة.

وقد منح المشرع المغربي لمفتش الشغل سلطة تحرير المحاضر وظبط  المخالفات يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس ( الفقرة الأولى من المادة 539 من المدونة) والمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية التي تركت حرية الإثبات لمن يواجه بالمحضر، وتترك للقاضي سلطة تقدير صحة ما ورد بها من عدمه على ضوء الحجج المعروضة عليه. وبالتالي ما هي مسؤولية مفتش الشغل في حالة تبث تزويرالمحضرر المحرر ؟

الفقرة الأولى : أركان جريمة التزوير في التشريع المغربي

بخلاف ما عليه الشأن بالنسبة لبعض الجرائم عمل المشرع المغربي على تعريف التزوير إذ نص في الفصل 351 من القانون الجنائي على أن ” تزوير الأوراق هو تغير الحقيقة فيها بسوء نية، تغيرا من شأنه يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها. وعليه فالركن المادي لجريمة التزوير المرتكب من طرف مفتش الشغل هو وقوع التزوير في المحرر الرسمي (المحضر)، والركن المعنوي يتجلى في علم مفتش الشغل بحقيقة فعله من الناحية القانونية والواقعية.

وعليه يعتبر التزوير من الجرائم التي تهدر الثقة العامة في المحررات والأوراق الثبوتية، وتخل بالضّمان واليقين والاستقرار في المعاملات وسائر مظاهر الحياة القانونية في المجتمع، خاصة أن الناس يعتمدون على المحررات الرسمية والخاصة لإثبات حقوقهم ومركزهم، وكونها وسيلة أساسية لحسم النزاعات[15]. وعليه فأي تزوير أو تغيير للحقيقة في المحضر المحرر من طرف مفتش الشغل، سواء بإقرار معلومات مغلوطة أوبيانات وهمية يعلم أنها غير صحيحة أو غير مؤكد فإنه يتحمل وزر ما حرره.

ويلزم التنويه هنا إلى أن إثبات ما يخالف المحضر يختلف عن الزور فالأول يقدم في شكل دفع يروم استبعاد المحضر ليس إلا، في حين أن الزور يلزم أن يصاغ في شكل طعن ويهدف إلى تحميل محرر المحضر تبيعات تحريف الوقائع المضمنه له، كما أن إثبات ما يخالف المحضر لا يترتب عنه من الناحية المبدئية أي مساءلة لمحرر المحضر طالما ان إثبات ما يخالف المحضر لا ينبني حتما على تغيير في الحقيقىة أو تزييفها بقدر ما يرتبط في بعض الأحيان  بعدم الدقة في التحري أو إغفال التثبت من بعض الوقائع في حينها[16].

الفقرة الثانية :عقوبة جريمة التزوير في التشريع المغربي

بناء على ما تقدم فمتى قامت مسؤولية مفتش الشغل عن جريمة التزوير فإنه يعاقب وفق مقتضيات الفصل 532 من القانون الجنائي والذي ينص على أنه يعاقب “بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أوعدل ارتكب، أثناء قيامه بوظيفته، تزويرا بإحدى الوسائل الآتية” :

  • وضع توقيعات مزورة،
  • تغير المحرر أو الكتابة أو التوقيع،
  • وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين،
  • كتابة إضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية، بعد تمام تحريرها أواختتامها.

كما نص المشرع أيضا على عقوبة السجن المؤبد، في حالة ارتكاب تغيير في جوهر الاوراق التي يحررها، أو اثبا وقائع يعلم أنها غير صحيحة تخص الأطراف[17].

المطلب الثاني : مسؤولية مفتش الشغل عن جريمة إفشاء السر المهني

يترتب على إفشاء مفتش الشغل للأسرار المتعلقة بمهنته قيام مسؤوليته الجنائية، ويعتبر الكتمان وعدم إفشاء الأسرار من أهم المقتضيات الملقاة على عاتق مفتش الشغل، كونه قد يطلع على معلومات ذات طبيعة سرية سواء للأجراء أو للمقاولة وقد يترتب على إفشاء سر مهني مخاطر معينة، فبعضها مسائل لا يجوز نشرها لأنها ذات أهمية خاصة، ويظل هذا الإلتزام قائما ولو بعد ترك الوظيفة أو العمل الموكول إليه، ومفتش الشغل باعتباره موظفا عموميا، يخضع للمقتضيات الخاصة بالحفاظ على السر المهني طبقا لما يشير إليه الفصل 18[18] من قانون الوظيفة العمومية، وبقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر المهني[19]، فإن كل موظف يكون ملزما بكتمان سر المهنة في كل ما يخص الأعمال التي اطلع عليها أو يعلمها أثناء تأديته مهامه أو بمناستها.[20] وهو ما تم التنصيص عليه كذلك في الفصل 15 من الاتفاقية الدولية رقم 81 كونه “يلتزم مفتشو الشغل حتى بعد اعتزالهم الخدمة بعدم إفشاء أي أسرار صناعية أو تجارية أو عمليات تجهيز تكون قد بلغت إلى علمهم أثناء أدائهم لواجباتهم وإلا تعرضوا للعقوبات الجنائية أو التدابير التأدبية المناسبة”

بالإضافة إلى ذلك ينص الفصل من الاتفاقية رقم 81 على أنه يحيط مفتشو الشغل عملهم بالسرية المطلقة وألا يكشفوا عن مصدر أي شكاية ترد عليهم بشأن أي نقص أو اي خروج عن الأحكام القانونية.

 

خاتمة

تناولنا بالدراسة في هذا البحث موضوع “المسؤولية الجنائية لمفتش الشغل” وقد حاولنا بحث جوانبه المختلفة والمشاكل التي تثار حوله، فكان من الضروري وضع خاتمة لهذه الدراسة بعد أن بلغت نهايتها، سوف تتضمن  بعض الإقتراحات :

كما هو معلوم، يضطلع السادة مفتشو الشغل بدور هام في ترسيخ العدالة في العمل وسيادة القانون في العلاقات الاجتماعية والحرص على تأمين شروط العمل اللائق، ودرءا للشبهات والإنتقادات  فإننا نقترح مايلي :

  • إصدار مدونة أخلاقية خاصة بجهاز تفتيش الشغل
  • توفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية الكفيلة بتطوير الجهاز
  • تطوير التكوين والتكوين المستمر للسادة مفتشي الشغل
  • النص صراحة على منع مفتش الشغل من مزاولة مهامه إذا ارتكب أية جريمة من الجرائم المشار إليها أنفا خاصة الرشوة والتزوير، ما لم يكن هذا الأخير ناتج عن خطأ مادي لا غير.
  • النص صراحة على عدم جواز إعفاء مفتش الشغل من العقوبة مهما كان السبب أو المبرر.
  • التشهير بالجناة الذين ارتكبوا هذا النوع من الجرائم ( الرشوة، التزوير، الاختلاس)
  • قيام الجهات ذات الإختصاص في تفعيل دورها في التحري والبحث في كل ما يصل إلى علمها وبأية طريقة بشأن الإعتداء على المال دون حاجة إلى تقديم الشكاية.

تلكم إذا بعض الإقتراحات المتواضعة، علها توقف نزيف هذه الجرائم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

  • المراجع العامة

▪ أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول، مكتبة المعارف 1985

▪ أبو مسلم الحطاب، الوجيز في الجرائم المالية دراسة تحليلية ونقدية في ظل القانون المغربي والمقارن، مطبعة الأمنية- الرباط 2013

▪ عبد القادر باينة، الموظفون العموميون في المغرب، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر 2002 الطبعة الأولى

▪ عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام الطبعة الخامسة 2013

▪ عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم الخاص الطبعة السابعة 2015

▪ فؤاد بوظيشط، المسؤولية الجنائية للخبير القضائي، مجلة القانون المغربي العدد 39، يناير 2019.

  • المراجع الخاصة

▪ صباح كوتو: مفتشية الشغل ودورها في ضمان الحماية العمالية، اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني – عين الشق – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الدارالبيضاء – السنة الجامعية 2003/2004 ص 2.

▪ عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004 ص 131.

▪ محمد شبيب محاضر مفتشي الشغل وحجياتها، مجلة المحامي عدد 68  يناير 2017

ج- القوانين

▪ الظهير الشريف رقم 1.03.194 صادر 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، (الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 ديسمبر 2003).

▪ ظهير شريف رقم 1.58.008 الصادرفي 24 فبراير 1985 بمثابة قانون بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية

▪ ظهير الشريف رقم 1.59.413 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة  القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963) ص 1253 ، كما تم تعديله بالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.18.19 بتاريخ 5 جمادى الأخرة 1439 (22 فبراير 2018) الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الأخرة 1439 ( 12 مارس 2018) ص 1449.

 المراسيم

▪ مرسوم رقم 2.08.69 صادر في 5 رجب 1429 (9 يوليو 2008) بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل. الجريدة الرسمية عدد 5649 – 17 رجب 1429 ( 21 يوليو 2008).

 

 

 

 

[1] – صباح كوتو: مفتشية الشغل ودورها في ضمان الحماية العمالية، اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني – عين الشق – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الدارالبيضاء – السنة الجامعية 2003/2004 ص 2.

[2] – عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004 ص 131.

[3] – المادة 532 من الظهير الشريف رقم 1.03.194 صادر 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، (الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 ديسمبر 2003).

[4] – عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل.م.س. ص 130.

[5] – عرف المشرع المغربي الموظف العمومي في الفصل 2 من ظهير شريف رقم 1.58.008 الصادرفي 24 فبراير 1985 بمثابة قانون بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ( الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 الموافق ل 11 أبريل 1958)، والفصل 224 من ظهير الشريف رقم 1.59.413 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963) ص 1253 ، كما تم تعديله بالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.18.19 بتاريخ 5 جمادى الأخرة 1439 (22 فبراير 2018) الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الأخرة 1439 ( 12 مارس 2018) ص 1449.

حول مفهوم الموظف العمومي راجع في هذا الصدد : عبد القادر باينة، الموظفون العموميون في المغرب، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر 2002 الطبعة الأولى ص 10.

أنظر كذلك : مرسوم رقم 2.08.69 صادر في 5 رجب 1429 (9 يوليو 2008) بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل. الجريدة الرسمية عدد 5649 – 17 رجب 1429 ( 21 يوليو 2008).

[6] – أبو مسلم الحطاب، الوجيز في الجرائم المالية دراسة تحليلية ونقدية في ظل القانون المغربي والمقارن، مطبعة الأمنية- الرباط 2013، ص 4.

[7] –  عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم الخاص الطبعة السابعة 2015 ، ص 119.

[8] – عبد الواحد العلمي م.س.ص 132.

[9] – عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام ،الطبعة الخامسة  2013، ص 222.

[10] – ينص الفصل 252 من القانون الجنائي : “إذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو القيام بعمل يكون جناية في القانون، فإن العقوبة المقررة لتلك الجنائية تطبق على مرتكب الرشوة أو استغلال النفوذ”

[11] – الفصل 256 من القانون الجنائي.

[12] – يعد مرتكبا لجريمة استغلال النفوذ، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة الآف إلى مائة ألف درهم، من طلب أو قبل عرضا، أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى، من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه، من الحصول على وسام أو نيشان أو رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أة خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطات العمومية أو صفقة أو مشروع أو أي ربح ناتج عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها، وبصفة عامة الحصوص على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض.

وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متوليا مركزا نيابيا، فإن العقوبة ترفع إلى الضعف.

[13] – الفصل 251 من القانون الجنائي

[14]–  يتجلى الركن المادي في جريمة الاختلاس في إيتيان مفتش الشغل  بعض صوره  كالتبديد والإستلاء وإخفاء الأموال المعهودة إليه، والركن المعنوي يتمثل في توفر القصد الجنائي  لدى الفاعل . حول جريمة الإختلاس راجع في هذا الصدد : أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول، مكتبة المعارف 1985 ص 187.

[15] – فؤاد بوظيشط، المسؤولية الجنائية للخبير القضائي، مجلة القانون المغربي العدد 39، يناير 2019 ص 69.

[16] – محمد شبيب محاضر مفتشي الشغل وحجياتها، مجلة المحامي عدد 68  يناير 2017 ص 141.

[17] – الفصل 253 من القانون الجنائي المغربي.

[18] – الفصل 18 من النظام الأساسي العام الوظيفة العمومية

[19] – الفصل 446 من القانون الجنائي.

[20] – يجوز للوزير الذي ينتمي إليه الموظف وحده أن يحرره من هذا الإلتزام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى