مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية أواجتماعية أوهيكلية في ظل مدونة الشغل والاثار المترتبة عن هذه المسطرة
الاسم الكامل: سفيان صديقي
الصفة: طالب باحث في سلك الماستر تخصص التقنيات البديلة لحل المنازعات بالمحمدية
مقال تحت عنوان :مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية أواجتماعية أوهيكلية في ظل مدونة الشغل والاثار المترتبة عن هذه المسطرة
ملخص المقال
معلوم أن المشرع المغربي أولى عناية خاصة بفئة الاجراء لكونه الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية وتتجلى هذه العناية خاصة في الإجراءات التي وصعها المشرع في إطار فصل الأجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية بحيث ألزم المشرع المغربي سلوك مسطرة خاصة التي بموجبها يتعين أما فصل الأجراء أو إرجاعهم للعمل ولكن هذه المسطرة تتثير العديد من الإشكاليات من قبيل حكم المحكمة بإرجاع الأجير أو الاجراء إلى العمل وغيرها من الإشكالات العملية
مقدمة
لقد ظلت علاقات الشغل إلى عقد قريب تخضع لمبدا سلطان الإدارة ، الذي يقوم على أساس الحرية التعاقدية، فالمشغل حر في أن يتعاقد أو لا يتعاقد، كما لأنه هو صاحب السلطة المطلقة في المقاولة ، وهو المسؤول عن تسييرها بما تقتضيه من إلغاء لبعض مناصب الشغل أو تعديلها (1).
كما تعتبر الطبقة العاملة المحور الرئيسي للنهوض بالحياة الاقتصادية داخل المقاولات والمساهمة في تنميتها وتطورها وتحقيق رهان إستمرارها على المستوى الداخلي والخارجي ، ولا يمكن تحقيق هذا المبتغى إلا بإحترام مجموعة من الضوابط القانونية للسعي وراء تحقيق التوازن الإقتصادي بين رئيس المقاولة وبين حقوق الاجتماعية للأجراء وذلك سعيا لتحقيق السلم والإستقرار الاجتماعي وعدالة متوازنة تراعي مصلحة المقاولة (2).
كما أن عالم الشغل بالمغرب عرف خلال الأونة الأخيرة تطورا ملحوظا إنعكس بشكل جلي على عدد المشغلين به، كما أصبح التشغيل بالقطاع الخاص يحتل مكانة متميزة في مجال إنتاج الثروات ببلدنا.
وهذا ما دفع بالمشرع إلى إعادة النظر في العديد المقتضيات القانونية المنظمة لهذا الميدان حماية لأطراف علاقة الشغلية والإقتصاد الوطني.
ومن بين القوانين التي زخرت بها ثورة الإصلاح القانوني في هذا الميدان ،إصدار مدونة الشغل تهتم وفق أحكام مسايرة للإتفاقيات الدولية بتنظيم علاقات الشغل بين طرفي الإنتاج المشغل والأجير.
وقد لاحت في حفل القانون هذه المدونة بعد صراع طويل ومخاض عسير ونقاش حاد جمع بين أطراف الحوار الاجتماعي والإقتصادي من نقابات عمالية ومنظمات المشغلين وممثلين للدولة في شكل قانون حاول التوفيق بين مختلف المصالح الخاصة بهذه الأهداف
ولقد سعى المشرع المغربي من خلال سنه لمدونة الشغل تنظيم العمل على اعتبار أنه كما أشارت إلى ذلك ديباجة المدونة نفسها:” وسيلة أساسية من وسائل تنمية البلاد وصيانة كرامة الإنسان والنهوض بمستواه المعيشي ، وتحقيق الشروط المناسبة لاستقراره العائلي وتقدمه الاجتماعي”
وصيانة للأجير بين المشرع كذلك في نفس الديباجة ” العمل ليس ببضاعة، وأن العامل ليس أداة من أدوات الإنتاج ، ولا يجوز في أي حال من الأحوال ،أن يمارس العمل في ظروف تنقص من كرامة” (3).
وتحقيقا لكل هذه الأهداف يسعى المشرع المغربي إلى جماية وضمان استقرار الشغل فأكد على عدم التعسف في فصل الأجير لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية وأن هذا الفصل ينبغي أن يستند على مبررات كما أن المشرع أوجد رقابة قضائية على فصله (4).
ويعتبر موضوع فصل الأجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية من المواضيع ذات الطابع الاقتصادي والإجتماعي في نفس الوقت.
ويرجع ظهور نظرية فصل الأجراء لأسباب اقتصادية إلى 24 ماس 1945 بفرنسا حيث صدرت أول مذكرة تتعلق بمسألة التشغيل والتي فرضت على المشغل المرور بمسطرة إدارية إدارية قبل اللجوء إلى فصل الأجراء وبعد هذا التاريخ توالت النصوص المنظمة لهذه النظرية وإن كان القضاء في فرنسا قد إستعمل السبب الاقتصادي قبل ذلك بكثير.
أما بالنسبة المشرع المغربي فإنه لم ينظم نظرية فصل الأجراء لأسباب اقتصادية لم تنظم بصفة صريحة إلا بالمرسوم الملكي المؤرخ في 14 غشت 1967 والمتعلق بالإبقاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية وبإعفاء مستخدمها.
ولقد نظم المشرع المغربي نظرية فصل الأجراء لأسباب إقتصادية بمقتضى الفرع السادس من الباب الخامس من القسم من الكتاب الأول من مدونة الشغل (5) إلى جانب بعض النصوص القانونية المضمنة بالكتاب الخامس من مدونة التجارة.
ويعتبر فصل الأجراء لأسباب إقتصادية أحد الأنواع المتعددة لأنها الرابطة التعاقدية بين المشغل وأجرائه.
وتتجلى أهمية موضوع الرقابة القضائية على فصل الأجراء لأسباب اقتصادية في مدونة الشغل نظرا للأهمية الاقتصادية التي تمكن في كون محور الموضوع هو الأجير، هذا الأخير يعتبر محركا أساسيا للمقاولة ، التي تعتبر بدورها لبنة أساسية في الاقتصاد الوطني
وتتجلى أيضا في كون الشغل هو المنبع الوحيد لعيش الأجير وأسرته من خلال العمل يستطيع تدبير قوته اليومي، وتحقيق نوع من الأمن الغذائي والمعيشي في ظل عصر علت فيه الأسعار وبالتالي كان لزاما محاولة الإحاطة بموضوع الرقابة القضائية على فصل الاجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية.
أما بخصوص الأهمية القانونية تتجلى في صدور دراسة النصوص التنظيمية لفصل الأجير من أجل الوقوف على مدة تمكن المشرع من تكريس نزع من الحماية للأجير من جراء فصله لأسباب إقتصادية.
وعليه يمكن وضع الإشكالية التالية :إلى أي حد توفق المشرع في تنظيمه لمسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية في ظل مدونة الشغل و الأثار التي تترتب عن فصلهم؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية جملة من الأسئلة الفرعية:
ما المقصود بفصل الأجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية ؟
ما الإجراءات المسطرية لفصل الاجراء للأسباب الاقتصادية واجتماعية وهيكلية؟
ما هي الاثار التي تترتب عن فصل الاجراء ؟
الإجابة عن هذه الإشكالية يستدعي استحضار المنهج التحليل من خلال عرض التصميم التالي:
المحور الأول: ماهية فصل الأجراء الأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية
المحور الثاني: أثر مسطرة الأجراء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية قراءة في مدونة الشغل.
المحور الأول: فصل الأجراء الأسباب اقتصادية واجتماعية وهيكلية :ماهيتها والمسطرة المتبعة في شأنها
تقتصي منا دراسة ماهية فصل الاجراء لأسباب اقتصادية التطرق إلى مفهوم فصل الأجراء لأسباب اقتصادية، خصوصا تعريف الأسباب الاقتصادية إلى جانب تعريف فصل الأجراء (الفرع الأول)، على أن نتطرق في (الفرع الثاني)، للمسطرة المتبعة في فصل الأجراء لأسباب اقتصادية في ظل مدونة الشغل.
الفرع الأول: مفهوم فصل الأجير لأسباب إقتصادية وشروط فصله
لقد نظم المشرع المغربي مسطرة فصل الأجراء لأسباب اقتصادية واجتماعية في ظل مدونة الشغل المغربي (الفقرة الأولى)، كما نجده قد حدد شروط محددة لفصل هؤلاء الأجراء (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف فصل الأجير لأسباب اقتصادية
سنتطرف في إطار هذه الفقرة لتعريف فصل الأجراء (أولا)، كما نتطرق في (ثانيا) للأسباب الاقتصادية الناتجة عن فصل الأجراء.
أولا: تعريف فصل الأجراء
هناك من عرفه على أنه مجموعة من القواعد الموضوعية والإجراءات الشكلية يتقيد بها المشغل من أجل طلب التخفيض من عدد الأجراء بمقاولته نتيجة أزمة اقتصادية.
وهناك من عرفه بأنه نوع من أنواع الفسخ لعقود الشغل في المحددة المدة، غير أنه يتخذ مبررا له في السبب الاقتصادي أي الطرف الاقتصادي والمالي للمؤسسة المشعلة ولعل ما يبدوا أن هذا التعريف غير دقيق على اعتبار أن عقد الشغل وهو من العقود الملزمة بجانبين لا يفسخ إلا إذا تعاكس أحد الأطراف عن تنفيذ إلتزامه.(6)
ثانيا: الأسباب الاقتصادية
إن الحديث عن فصل الأجراء لا يكون له معنى ولا سند واقعي وقانوني دون تحديد السبب الاقتصادي الذي يبرره، وهذا التحديد له أهمية بالغة في تمييز فصل الأجراء المشروع وفصلهم لسبب اقتصادي مبرر حقيقي .
إن المشرع المغربي لم يحدد مفهوم السبب الاقتصادي كما أن القضاء لم يحصر حالات الفصل الاقتصادي ويرجع ذلك إلى عدم إثارة طبيعة الفصل أمامه(7).
بالنسبة للفقه يلاحظ فراغ شبه عام فيما يخص تحليل ومناسبة الأسباب الاقتصادية ،إذا أن هذا الموضوع لم يلاحظ لما يستحقه من الاهتمام ليس فقط لكونه حديث الظهور بل أيضا لكون القانون الاجتماعي نفسه لا زال لم يسوفه حقه من البحث مقارنة مع باقي فروع القانون الأخرى.
والقضاء هو الأخر لم يم بالجهد المنتظر منه في شأن تحديد مفهوم السبب الاقتصادي ويرجع ذلك إلى عدم إنشغاله بطبيعة الإنهاء بقدر إنشغاله بالأثار القانونية المترتبة عنه وبمراقبة مدة احترام الإجراءات المسطرية، إذ بمجموعة من الأجراء أو يتم إعلان المؤسسة إلا وعمد القضاء إلى إعمال سلطتهم في مراقبة مدى احترام المؤجر للشكليات التي فرضها القانون في هذا المجال دون انشغال بإظهار طبيعته.
الفقرة الثانية : شروط فصل الأجراء
لم تشر مدونة الشغل إلى الشروط الواجب توافرها في الأسباب الاقتصادية للأخذ بها كسبب لفصل الأجراء ورغم أن المشرع الفرنسي استوجب في المادة l122-14-2 من قانون الشغل أن” ينبني الفصل على سبب حقيقي وجدي فإنه لم يعرف هذا السبب الذي يعتبر شرطا ضروريا لكي لا ينعت الفصل التعسفي:
ولاستخلاص تعريف لسبب الحقيق والجدي، ينبغي الرجوع إلى المناقشات البرلمانية التي أفرزت إعتماد قانون 13 يوليوز 1973 فما المقصود به؟
أولا: السبب الحقيقي
يكون السبب حقيقيا إذا كان له طابع موضوعي وموجود ويقصد بالسبب الموضوعي إقصاء الأحكام المسبقة والأهواء الشخصية للمشغل والإعتماد على وقائع محددة ، كما يقصد بكون السبب موجودا وصحيحا ما أشار إليه مقرر الجمعية الوطنية بحيث أنه لكي يكون سبب حقيقيا ينبغي أولا أن يكون موجودا وتبعا لذلك فالوقائع التي تؤدي إلى الفصل يجب أن تكون موجودة وتشكل السبب الحقيقي (8).
ثانيا: السبب الجدي
لقد أفاد الوزير المكلف بالتشغيل أثناء المناقشات البرلمانية 1973 أن السبب الجدي هو السبب الذي يكتسي نوعا من الجسامة ، مما يصعب معه على المقاولة موصلة نشاطها بشكل عادي الشيء الذي يحتم عليها اللجوء إلى فصل الأجراء.
والسبب الحقيقي والجدي يمكن أن يكون قائما في حالة غياب من جاب الاجير إذا كان من شأنه هذا السبب أن يؤثر على السير العادي للمقاولة نتيجة توفر ظروف إقتصادية كالمحافظة على القدرة التنافسية (9).
الفرع الثاني: مسطرة فصل الأجراء لأسباب إقتصادية في مدونة الشغل
سنتطرق في ظل هذا الفرع للإجراءات الأولية للممارسة مسطرة الفصل الجماعي وإغلاق المقالات (الفقرة الأولى)، على ان نتطرق في (الفقرة الثانية) لطلب الإذن من عامل العمالة أو الإقليم.
الفقرة الأولى: الإجراءات الأولية للممارسة مسطرة الفصل الجماعي وإغلاق المقاولات
تم التعبير عن هذه المرحلة لأنها تسبق عملية إتخاذ قرار الفصل كما يلاحظ أن إجراءات هذه المرحلة يشرك فيها المشغل أشخاصا اخرين، وقد نظمت هذه الإجراءات المادة 66 من مدونة الشغل والتي سيتم التطرق إليها كما يلي:
أولا: إبلاغ واستشارة ممثلي الأجراء
نص المشرع في المادة 66 من مدونة الشغل:”… يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل … كما يجب استشارتهم والتفاوض معهم”
يجب على المشغل الذي يعتزم فصل أجراءه لأسباب لإقتصادية أن يبلغ مشروع الفصل إلى الفصل كل من مندوب الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم إما إذا كان عدد الأجراء يزيد عن 50 أجير فإن التبليغ يوجه للجنة المقاولة بدل مندوب الأجراء ويجب أن يكون تبليغ هذا المشروع للأشخاص السالف ذكرهم قبل شهر على الأقل من البدء في إجراءات الفصل مع تزويدهم في الوقت ذاته بالمعلومات الضرورية ذات العلاقة بالموضوع ومنها:
أسباب الفصل وفي حالة قيد الدراسة ينظر إلى الأسباب الاقتصادية بالمعنى الضيق أي إقصاء -عدد وفئات الأجراء المعنيين بالفعل وذلك لإحترام الأولوية في الفصل طبقا للمادة 71 من مدونة الشغل
– تاريخ الشروع في الفصل أو الفترة التي يعتزم فيها الفصل الأسباب التكنولوجية والهيكلية وإغلاق المقاولات. (10).
لكن ما يجب الإشارة إيه في إطار هذه المادة أنها تثير بعض الإشكالات من قبيل الوسيلة التي يجب اعتمادها للتبيلغ هل الكتابة أم أن يكون شفويا، وما هي الغاية من تبليغ مندوبي الأجراء والممثلين النقابين، وهل استشارتهم لها محل اعتبار عند المشغل أم مجرد إجراء شكل قانوني لا بد منه فقط؟
لم يجب المشرع عن هذه التساؤلات تركا الأمر للإجتهاد الفقهي والقضائي للبحث عن قصده ،وقبل محاولة الإجابة على هذه الإشكالات فيجب أولا أن يتم تحديد الجهة التي يتم تبليغها إذ بالرجوع إلى المادة 66 من م.ش نجدها تتحدث على جهتين الأولى تتمثل في الممثلين النقابيين في حالة وجود تمثلها داخل المقاولة وهو ما قصد المشرع بعبارة” عند وجودهم الواردة في المادة المذكورة، أما في حالة غيابهم فإن المشغل يكتفي بتبليغ مندوبي الأجراء كجهة ثانية التي غالبا ما تكون حاضرة لدى أغلب المقاولات لكون أن النصاب القانوني لضمان تواجدها داخل المقاولة هي وجود 10 اجراء دائمين فقط، ويلاحظ أن المشرع عزز تواجد مندوبي الأجراء على حساب الممثلين النقابيين ، أما في حالة تواجد أكثر من خمسين عاملا بالمؤسسة فإن لجنة المقاولة تحل محل مندوبي الأجراء بقوة القانون وبالتالي يتم تبليغ هذه اللجنة (11).
ثانيا:مرحلة الاستشارة والتفاوض
بالرجوع إلى المادة 66 المشار إليها سابقا، فإننا نجدها تنص على ضرورة الإستشارة والتفاوض مع الأشخاص الدين تم تبليغهم والدين سبقت الإشارة إليهم
والإستشارة والتفاوض ينصبان بالخصوص على تدارس الإجراءات الكفيلة بالعدول عن قرار الفصل أو على الأقل التخفيف من الأثار السلبية المترتبة عنه، خصوصا ما يتعلق بإمكانية ادماج الأجراء المراد فصلهم في مراكز شغلية أخرى.
وترى فاطمة حداد أن هذه المرحلة ناقصة من حيث فعاليتها لنقص المعلومات المقدمة وأيضا طبيعة المعلومات التقنية التي تتجاوز قدرة إدراك الهيئات الاستشارة وغياب الجزاء على عدم احترام مسطرة الاستشارة.
ثالثا: تدوين نتائج المفاوضات في محضر وتوجيهه إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل
بالرجوع إلى المادة 66 من مدونة الشغل فإننا نجدها تنص في فقرتها الأخيرة على ضرورة تحرير محضر يدون فيه نتائج المفاوضات والمشاورات التي سبقت الإشارة إليها ، ويتعين أن يوقع هذا المحضر من الطرفين وتسلم نسخة منه إلى مندوبي الأجراء وتوجه نسخة منه إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل
غير أن الملاحظ بخصوص هذه الفقرة هو تحديد الأطراف الملزمة بالتوقيع على المحضر، عما إذا كان الأمر لا يطرح أي إشكال فيما يتعلق من جانب الأجراء ، فإن الغموض يطرح في الطرف الثاني، فهل المقصود من ممثلي العمال مندوبي الأجراء أم الممثلين النقابيين أو هما معا؟
وتتجلى الغاية من إلزم المشرع إدارة المقاولة بتحرير محضر نتائج المشاورات والمفاوضات في كونه يعتبر ضمادة تمنح المفاوضات جدية أقوى ، كما يعتمد كحجة إثباتية تمكن الأجراء من مطالبة المشغل بالتزاماته أثناء فترة المشاورات، وبعد إجراء توقيع الإدارة وممثلي العمل على محضر نتائج المشاورات وتسليم نسخة منه إلى مندوب العمال ، ثاني مرحلة إجرائية وهي تقديم الطلب إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل ، تتضمن نسخة من المحضر الموقع من الطرفين (12).
الفقرة الثانية: الحصول على إذن عامل العمالة او الإقليم
لا يجوز للمشغل أن يقوم بفصل كل الأجراء أو البعض منهم، إلا بعد أن يحصل على إذن يسلمه له عامل العمالة أو الأقليم وذلك في أجل أقصاه شهرا ابتداء من تاريخ تقديم الطلب المدخل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، وهذا ما اقره المشرع في الفقرة الأولى من المادة 67 (13) من المدونة الذي اكد من خلالها المشرع على انه يتوقف فصل الأجراء العاملين في المقاولات المشار إليها في المادة 66 أعلاه كلا او بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية على إذن يجب ان يسلمه عامل العمالة أو الإقليم في أجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
ولقد حدد المشرع المغربي شروط معينة لطلب الإذن(أولا)، إلى جانب تحديده للجهة المختصة بمنح الإذن(ثانيا).
أولا: شروط طلب الإذن بالإعفاء
سوف نعمل في هذا الإطار على التطرق بداية إلى شكليات وتوقيت توجيه طلب الإذن بالإعفاء، ثم بعد ذلك سنعمل على دراسة الجهة التي يجب أن يوجه لها الإذن بالإعفاء
1-شكليات توجيه الطلب وتوقيع
سنتطرق في(أ) لشكليات توجيه الطلب ، وسنتطرق في(ب) لتوقيع الطلب
أ-شكليات توجيه الطلب
إن مدونة الشغل المغربية لم تشترط شرط معينا طلب الإذن بالإعفاء، حيث يبقى للمشغل اختيار الطريقة التي تناسبه ، فيمكنه أن يوجه الطلب هذا في شكل رسالة عادية أو رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل على خلاف ما كانت تنص عليه مقتضيات الفصل الثالث من المرسوم الملكي الصادر في 14 غشت 1967 ، وتبقى الرسالة المضمونة في نظرنا الشخصي المتواضع هي الألية التي كان من الواجب على المشرع تبنها باعتبارها تسهل عملية الإثبات خاصة فيما يتعلق بتحديد تاريخ الإرسال الذي يعتبر مسألة ضرورية لحساب أجل رد السلطات الإدارية .
. أما بخصوص محتويات الطلب الموجه إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، فغنه يجب أن يتضمن جميع الإثباتات الضرورية المتعلقة بفصل الأجراء وبمحضر المشاورات والتفاوض مع ممثلي الأجراء المنصوص عليها في المادة 66 من المدونة.
وفي حالة الفصل لأسباب اقتصادية، فإنه يضاف إلى الوثائق المشار إليها أعلاه ، بالبينات التالية:
-تقرير يتضمن الأسباب الاقتصادية التي تستدعي تطبيق مسطرة الفصل
-بيان حول الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة
-تقرير يضعه خبير في المحاسبة أو مراقب الحسابات
ب- توقيت توجيه الطلب
تنص المادة 67 من م.ش على أن المشغل ملزم بتبليغ قراره بالإعفاء إلى مندوبي الأجراء أو لجنة المقاولة قبل شهر واحد على الأقل من تارسه الشروع في مسطرة الإعفاء، والمشغل ملزم باحترام هذا الاجل الذي أقره المشرع لمصلحة الأجراء حيث لا يحق للمشغل توجيه طلب الحصول على الإذن بالإعفاء قبل إنصرام هذه المدة تحت طائلة رفض طلبه من قبل الإدارة، هذه الأخيرة التي إن قبلت طلب المشغل غير الخاضع لهذا الأجل يكون قرارها معرضا للطعن من قبل الأجراء المعنيين بالأمر.
2: الجهة الإدارية المختصة
باستقراء المادة 67 من م.ش ، نلاحظ أنها حددت الجهة الإدارية التي يوجد إليها طلب الإذن بالإعفاء وهي المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، هذا الأخير الذي يسلمه إلى أعضاء لجنة إقليمية يرأسها عامل العمالة أو الإقليم للبث في هذا الطلب ومنح الإذن من عدمه داخل أجل لا يتعدى شهر واحد من تاريخ توصله بالطلب
هذا ويقوم المندوب الإقليمي المكلف بالشغل بالإجراءات التالية:
- إجراء الأبحاث الضرورية
حسب المادة 67 من م.ش في فقرتها الرابعة فإنه بمجرد توصل المندوب الإقليمي يطلب المشغل الرامي إلى فصل كل الأجراء أو بعضهم ، لأسباب تكنولوجية أو اقتصادية أو هيكليةـ عليه أن يجري كل الأبحاث الاي يعتبرها ضرورية للوقوف على الوضعية الحقيقية للمقاولة ، وكذلك التأكد من صحة البيانات المرفقة بطلب المشغل، وبالتالي تكوين فكرة شاملة عن مختلف العناصر المتعلقة بالموضوع وتضمينها في ملف وإحالتها على اللجنة المختصة (14).
- إحالة الطلب على اللجنة الإقليمية
بعد إنتهاء المندوب الإقليمي المكلف بالشغل من إجراء الأبحاث اللازم وتحضير ملف بخصوص المقاولة التي ترغب في فصل كل أو بعض أجزائها، يجب عليه أن يقوم بإحالة هذا الملف إلى أعضاء اللجنة الإقليمية ، التي يترأسها عامل العمالة أو الإقليم ، وذلك داخل أجل لا يتعدى كحد أقصى شهر واحد من تاريخ توصله بالطلب ، وتعتبر هذه اللجنة هي الوحيدة التي لها اختصاص النظر في طلب الفصل الجماعي، والبث فيه بمقتضى قرار والذي يجب أن يكون معللا ومبنيا على الخلاصات والاقتراحات التي توصلت إليها هذه اللجنة.
ثانيا: البث في طلب الإذن بالإعفاء
باستقراء المادة 6 من م.ش ، فإنه تنص على أنه يبث العامل في طلب الإذن بالإعفاء ، وذلك بمشاركة لجنة إقليمية تتكون من ممثلين عن السلطات الإدارية المعنية وممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا ويبث العامل في طلب الإذن بالإعفاء حيث يجب عليه أن يسلم الإذن المطلوب منه داخل أجل أقصاه شهران، ويجب أن يكون قراره هذا معللا ومبنيا ومؤسسا على الإستنتاجات والخلاصات والمقترحات التي توصلت إليها اللجنة الإقليمية .
ويجب الإشارة إلى أنه في الحالة التي يتبين فيها أن عامل العمالة أو الإقليم لم يتقيد بالعناصر المذكورة قبل إصدار قراره فإنه يمكن للطرف المعني تقديم طعن ضد القرار الإداري الصادر عن العامل حيث يتوجب على المشغل أنذالك مباشرة عملية الفصل في المؤسسة أو المقاولة المعنية بالنسبة لكل فئة معنية، مع ضرورة مراعاة واحترام عناصر الأقدمية ، والقيمة المهنية والأعباء العائلية حسب ما تنص عليه المادة 71 من م.ش.
المحور الثاني: أثر مسطرة الأجراء لأسباب اقتصادية و تكنولوجية أو هيكلية قراءة في مدونة الشغل
تختلف أثار فصل الأجراء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية بحسب ما إذا كان الفصل مشروعا(الفرع الأول)، وما إذا كان الفصل غير مشروع(الفرع الثاني).
الفرع الأول: أثار الفصل المشروع
يرتب الفصل المشروع المتعلق بالأسباب الاقتصادية أو الهيكلية الحق في مجموعة من التعويضات( الفقرة الأولى)، وكذلك مجموعة من الحقوق الأخرى( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الحق في التعويضات
في حالة الحصول على الإذن من طرف عامل العمالة و الإقليم فإن الأجراء يستفيدون من التعويض عن الفصل (أولا) والتعويض عن الإخطار وعن فقدان الشغل(ثانيا).
أولا: التعويض عن الفصل
إذا توفرت مجموعة من الشروط (15)، فإن الأجراء المسرحين يحصلون على التعويضات المنظمة بمقتضى المواد من 52 إلى 53 من مدونة الشغل.
وتنص المادة 53 من مدونة الشغل على مبلغ تلك التعويضات (16) التي تحتسب على أساس السنة لا مجموع الخمس او العشر أو الخمسة عشر سنة ، وهو ما نص عليه قرار المجلس الأعلى (17)عندما أقر بأن القرار المطعون فيه عندما اعتبر أن عدد الساعات المحددة من طرف المشرع تتعلق بمجموعة الخمس سنوات لا بكل سنة يكون قد طبق الفصل الأول من المرسوم الملكي لسنة 1967 تطبيقا سيئا وعليه فإن الأجير الذي اشتغل مدة سنة يستحق تعويضا قدره 96 ساعة أما المشتغل لخمس سنوات الخاصة بالأقدمية (18).
وقد نصت المادة 55 على الأساس المعتمد في حساب التعويض وهو معدل الأجور التي يتقاضاها الاجير خلال 52 أسبوعا للفصل دون أن يقل عن الحد الأدنى حسب المواد 55 و56 من مدونة الشغل.
ويمكن أن يستفيد الأجير في هذه الحالة من تعويض أكبر إذا كانت هناك اتفاقيات أو عقود شغل تسمح له بذلك.
ويرى الأستاذ الحاج الكوري أن المشرع أحسن صنعا عندما أقر التعويض عند الفصل لصالح الأجراء سواء حصل المشغل على الإذن بالفصل أم لم يحص ذلك لأنه لا يجب أن يكون حصول المشغل على الإذن سببا في حرمان الأجراء من التعويضات المستحقة لهم بعد انتهاء عقود شغلهم.
ويبدوا أن هذه التعويضات تتجاوز قدرات المقاولة المالية في ظل تلك الظروف الاقتصادية الصعبة مما يفرض البحث عن جهة أخرى لتحل محل المشغل في الأداء كصندوق لتأمين على مثل هذه الحالات، أو اعتبارها دينا في ذمة المشغل، المهم أن لا تردي حالا لكون المقاولة في أمس الحاجة إلى السيولة في هذه الظروف.
ثانيا: التعويض عن الإخطار وعن فقدان الشغل.
يتعلق الأمر بالتعويض عن الإخطار (1)،إلى جانب فقدان الشغل(2).
- التعويض عن الإخطار
بالرجوع إلى المادة 70 من مدونة الشغل فإننا نجدها تنص على ما يلي:” يستفيد الأجراء عند فصلهم في حالة حصول المشغل على الإذن أو عدمه طبقا للمواد 66 و76 و69 أعلاه من التعويض عن أجل الإخطار…”
وبالرجوع إلى المادة 51 من مدونة الشغل ، فإننا نجدها تنص على ما يلي:” يترتب عن إنهاء عقد الشغل غير المحدد المدة، دون إعطاء أدل الإخطار ، أو قبل انصرام مدته، أداء الطرف المسؤول عن الإنهاء، تعويضا عن الإخطار للطرف الأخر ، يعادل الأجر الذي كان من المفروض أن يتقضاه الأجير لو إستمر في أداء شغله ما لم يتعلق الأمر بخطأ جسيم (19).
والإخطار يتخد أشكالا متعددة فقد يكون كتابيا وهو الاحسن لسهولة إثباته ، وقد يكون شفويا، بل وقد يكون ضمنيا، مع العلم أنه تستمر بنفس الالتزامات طيلة مدة الإخطار (20).
وأهمية تحديد مهلة الإخطار تكمن في أن مبلغ التعويض عنها يكون موازا لمبلغ الأجور التي يكون من حق الاجير أن يتقاضاها خلالها، وهكذا فمقدار التعويض عن مهلة الإخطار يحدد بأجر الأجير طيلة المدة التي حرم منها ، وهو تعويض لا يعتمد على عنصر الضرر ولا يخضع بالتالي لسلطة القاضي التقديرية4 إن احترام مهلة الإخطار واجبا قبل إنهاء عقد الشغل، فإن هذه المهلة ، حسب أحد الباحثين ، غير مطلوبة في الفصل الاقتصادي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد على أن العلاقة الشغلية بين كل من الأجير والمشغل تبقى مستمرة ، حيث على المشغل خلال مدة أجل الإخطار أن يترك الأجير يشتغل في نفس الظروف والشروط التي كانت سابقا أي أن الأجير يمارس الشغل وفي نفس المدة الزمنية وبنفس الاجر وفي المكان الذي يمارس فيه العمل
وإذا ما لجأ المشغل إلى تغيير شروط الشغل فإن تصرفه هذا يعتبر بمثابة لعقد الشغل ويمكن للأجير نتيجة ذلك التوقف عن الشغل والمطالبة بالتعويض عما تبقى من اجل الإخطار وإذا ما ارتكب الأجير خطأ جسيما، يمكن للمشغل إنهاء عقد الشغل حالا (21)
- التعويض عن فقدان الشغل
بالرجوع الى القانون 03.14 (22) المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل نجد ان المشرع قد حدد مدة الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل(أ)، كما أنه حدد مقدار الاستفادة من هذا التعويض(ب)
ا-مدة الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل
بالرجوع إلى الفصل 46 مكرر مرتين من قانون رقم 03.14 المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل نجده ينص على أنه:” يمنح التعويض عن فقدان الشغل ستة أشهر تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ فقدان الشغل”
لكن في حالة حصول الأجير على عمل جديد داخل هذه المدة المذكورة أعلاه يكون ملزم بإخبار كتابة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي داخل أدل لا يتجاوز 8 أيام تحتسب من تاريخ حصوله على العمل” (23).
أما إذا توفى الأجير المستفيد من التعويض ، فإنه ينتقل إلى ورثته كما جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 46 مكرر مرتين الذي جاء فيه” في حالة وفاة مؤمن له مستفيد من التعويض عن فقدان الشغل يصرف مبلغ التعويض المستحق له غير المدفوع له من تاريخ وفاته، لذوي حقوقه وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 45 أعلاه”.
- مقدار التعويض عن فقدان الشغل
لقد حدد المشرع المغربي مقدار التعويض عن فقدان الشغل ، وذلك من خلال الفقرة الرابعة من الفصل 46 مكرر مرتين من قانون رقم 03.14 حيث جاء فيه :” يساوي مقدار التعويض عن فقدان الشغل% 70 من الأجر الشهري المتوسط المصرح به لفائدة الأجير هلال الستة وثلاثين شهرا الأخيرة التي تسبق تاريخ فقدان الشغل، دون أن يتجاوز هذا المقدار الحد الأدنى القانوني للأجر”
يتضح من المادة أعلاه إن المشرع المغربي حدد قيمة التعويض الذي سيستفيد منه الأجير ، حيث طبقا لما نص عليه المشرع في المادة أعلاه، أن مبلغ هذا التعويض يساوي كقاعدة عامة % 70 من الأجر الشهري المتوسط المتوسط المصرح به لفائدة الاجير ، وبالتالي فإذا كانت نسبة % 70 من الأجر الشهري تفوق الحد الأدنى القانوني للأجر فإن الأجر لا يمكن له أن يستفيد من مبلغ التعويض إلا في حدود الحد الأدنى القانوني للأجر (24).
الفقرة الثانية: الحقوق الأخرى
إن حقوق الأجراء في الفصل لأسباب اقتصادية، تتحدد بحسب المرحلة التي توجد بها مسطرة فصل الأجراء لأسباب اقتصادية، وسندرس هذه الحقوق بحسب ترتيبها الزمني حسب الرحلة التي يمر منها الفصل وذلك في (أولا) إعادة الإدماج وإحترام الفصل على أن نتناول في (ثانيا) تسليم الشواهد والأسبقية في التشغيل
أولا: إدماج الاجراء واخترام معايير الفص
يتعلق الامر إذن بإدماج الأجراء(أ) واحترام ترتيب الاجراء(ب).
أ: إدماج الأجراء
بالرجوع إلى المادة 66 من مدونة الشغل، فإننا نجدها على ما يلي:”… و يجب عليه أيضا استشارتهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل أو التخفيف من أثاره السلبية بما فيها إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى…”
وعليه فإن المشغل ملزم بمناقشة مسألة إدماج الأجراء المرغوب إعفاؤهم في مناصب أخرى ، بمعنى أن الفصل هو أخر إجراء بعد دراسة الحلول الممكنة من تفادي فصل الاجراء أو التخفيف منه على الأقل، كتخفيض عدد الأجراء الذين يشملهم قرار الفصل ـ وقد كان المشرع والقضاء الفرنسيان سباقان إلى إقرار هذا المبدأ، حيث إنهما قررا عدم الفصل إلا إذا كانت إعادة إدماج الأجير داخل المقاولة غير ممكنة.(25)
ب: احترام معايير الفصل
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 71 من مدونة الشغل ، فإننا نجدها تنص على ما يلي:” يباشر الفصل المأذون به بالنسبة إلى كل مؤسسة في المقاولة تبعا لكل فئة مهنية مع مراعاة العناصر الواردة أدناه:
- الأقدمية
- القيمة المهنية
- الأعباء العائلية (26).
إن غموض هذه المادة من حيث أنها لا تفيد لا بلفظها ولا بمضمونها إلزام المشغل بتقديم معيار على أخر، او إلزامه بالنظر إليها جميعا دون ترتيب أولوية بعضها على البعض (27).
اثار جدلا فقهيا حادا بين من يعتبر أن المادة 71 أعلاه تفيد حق المشغل في أن يحتفظ بالأجراء الدائمين وأن يفصل المؤقتين ،أي أن الاختيار في البداية ينصب على معيار الأقدمية ، فإذا ما كانت للأجراء نفس الاقدمية ـ يتم اللجوء إلى معيار القيمة المهنية فيحتفظ بالأجراء الأكثر كفاءة أو قيمة مهنية على غيرهم ممن لا يتوفرون على كفاءة ، ثم يتم فصل الاجراء الذين ليسن لهم أعباء عائلية من لهم تلك الأعباء (28).
على أن هناك من يعتبر أن المادة 71 من مدونة الشغل لا تقيم تدرجا لهذه العناصر التي عددتها، حيث تعتبر هذه العناصر على قدم المساوة زلها نفس القيمة و الأهمية ،وعليه فإنه على المشغل أو رئيس المقاولة أو السنديك عند تسريح للأجراء أن يأخدوا بجميع العناصر التي وردت في المادة وذلك بإعطائها نفس أو الدرجة دون تعطيل أي عنصر منها ولا على حساب عنصر على حساب اخر.
ولذلك يجب إجراء علمية حسابية كل عنصر من العناصر التي عددتها المادة 71 معامل ثم يمنح نقطة لكل أجير عن كل عنصر من تلك العناصر ثم يحسب مجموع النقط التي حصل عليها كل أجير ليحصل على ترتيب الأجراء الذين سيشملهم الإعفاء.
ويبدوا أن الرأي الأول أقرب للصواب ، لان العناصر الواردة بالمادة 71 من مدونة الشغل لم تأت بنفس الترتيب الذي كانت عليه في ظل الفصل الرابع من النظام النموذجي حيث كانت تعطي الأولوية للكفاءة المهنية على حساب الأقدمية (29).
وعموما، فإنه عند تعارض هذه المعايير فإنه من الأفضل الأخد بالاعتبارات الاقتصادية للمقاولة انسجاما مع أهداف نظلم الفصل لأسباب اقتصادية
وفي الأخير ، نشير إلى أن العناصر الورادة بالمادة 71 من مدونة الشغل واردة على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي يمكن للمشغل إضافة أي معيار يراه مناسبا مما يعني أن عناصر المادة 71 من مدونة الشغل تشكل الحد الأدنى من العناصر الواجب مراعاتها لاختيار الأجراء المعفيين.
ثانيا: تسليم الشواهد والأسبقية في التشغيل
سنحاول في هذه الفقرة ان نتطرق إلى تسليم الشواهد(أ) ثم بعد ذلك نتطرف لأسبقية في التشغيل(ب)
أ: تسليم الشواهد
لقد حدد المشرع هذه الشواهد في شهادة الشغل إلى جانب توصيل تصفية كل حساب فبالرجوع إلى المادة 72 من مدونة الشغل فإننا نجدها تنص على ما يلي:
” يجب على المشغل، عند انتهاء عقد الشغل، تحت طائلة أداء التعويض، أن يسلم الأجير شهادة شغل داخل أجل أقصاه ثمانية أيام.
يجب أن يقتصر في شهادة الشغل على ذكر تاريخ التحاق الأجير بالمقاولة ، وتاريخ مغادرته لها، ومناصب الشغل التي شغلها غير أنه ممكن، باتفاق الطرفين تضمين شهادة الشغل بيانات تتعلق بالمؤهلات المهنية للأجير وبما أسدى من خدمات
تعفى شهادة الشغل من رسوم تسجيل ول اشتملت على بيانات أخرى غير تلك الواردة في الفقرة الثانية أعلاهن ويشمل الإعفاء الشهادة التي تتضمن عبارة” حر من كل التزام” أو أي صياغة أخرة تثبت إنهاء عقد الشغل بصفة طبيعية”.
يتبين من خلال المادة أعلاه ، أن المشرع قد حدد أجل تسليم شهادة الشغل في8 أيام وهو الأمر الذي لم يكن منصوصا عليه في الفصل 745 من ق.ل.ع، كما أن المادة 72 ألغت البيانات التي كانت تتضمنها شهادة الشغل طبقا للفصل 745 من ق.ل.م خصوصا البيان المتعلق بالتقدير المهني ـ ويبدوا أن هذا البيان جاء استجابة للانتقادات التي وجهت إليه ، حيث إن شهادة الشغل ليست شهادة توصية أو حكما على أمانة أو كفاءة، كما أن ذلك قد يؤدي إلى مساومة المشغل عليها، علاوة على أن شهادة الشغل تكون مستحقة للأجير ولو تم طرده بسبب ارتكابه لخطأ جسيم ، مما يستغله المشغل لتسويه سمعة الأجير بتقديمها لأصحاب الشغل عند بحثهم عن شغل جديد.(30)
كما نجد المشرع المغربي جاء بمستجد يتمثل في المادة 7 من مدونة الشغل والتي تنص على ما يلي:” يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم على ما يلي…عدم وضع شهادة الشغل المنصوص عليها في المادة 72 رهن إشارة الأجير ، أو عدم تسليمها داخل الأجل المحدد في نفس المادة.
يتكرر تطبيق الغرامة بحسب الأجراء الذين لم تراع في حقهم أحكام المواد الأنفة الذكر على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000درهم.”
- توصيل تصفية بالرجوع إلى الفرع الثامن من الباب الخامس من القسم الأول من الكتاب الأول من مدونة الشغل ، فإننا نجده قد نظم توصيل كل تصفية كل حساب من حيث تعريفه (31)وبياناته (32)والتراجع عنه (33)(وحجيته إذا وق التراجع عنه (34).
وقد كان هذا التوصيل منظم بالفصل 745 من ق.ل.ع
وقد عرفت إحدى الباحثات وصل صافي الحساب بأنه بمثابة إبرام لذمة المشغل من الأداءات التي لا زالت عالقة بذمته يسلمه المشغل عند انهاء العلاقة الشغلية وفي الوقت الذي تكون فيه الحقوق قد صارت مستحقة
وعليه فهناك مستجدات أهمها أن الأجل أن المحدد للطعن والذي كان شهرا من التوقيع أصبح شهرين
ويجب توفر الشروط المنصوص عليها قانونا لصحة توصيل تصفية كل حساب وباتتفاء احدهما يصبح التوصيل بسيطا لا يبري ذمة المشغل إلا في حدود المبالغ والمطالب الموقع عليها ويتحول التوصيل إلى توصيل بسيط في حالتين:
- عدم احترام الشروط الشكلية
- توصيل محترم ولكن وقع الطعن فيه داخل الأجل المحدد
فهل يعد توصيل تصفية كل حساب إبرام للمشغل من كل الحقوق أم فقط الحقوق الواردة بالتوصيل؟
إن توصيل نصفية كل حساب لا يبرئ ذمة المشغل فلا في حدود ما قبضه الأخير من مبالغ أما الباقي له الحق في أن يطالب به مجددا والقضاء يعترف بتوصيل تصفية كل حساب لإنهاء النزاع ضمن حدود الاتفاق المتبث فيه.
لكن الإشكال يثار على مستوى إمكانية الطعن في توصيل الحساب الناتج عن صلح بين المشغل والأجير، خصوصا على مستوى الرفع من قيمة التعويض المضمن بالتوصيل.
إن القضاء المغربي يعتبر ان توقيع الأجير على توصيل تصفية كل حساب في إطار الصلح دون ارتكاب المشغل والتدليس والإكراه يجعل طلبات الرفع من التعويضات المحددة في توصيل تصفية كل حساب غير مرتكزة على أساس قانوني وواقعي (35).
ثانيا: الأسبقية في التشغيل
بالرجوع إلى احد بنود مدونة الشغل نجده ينص على انه: يتمتع الأجراء المفصولون بالأولوية في إعادة تشغيلهم ، وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 508 أدناه”.
وتنص المادة 508 من مدونة الشغل على ما يلي :” يجب على المشغل ، ان يعطي لقدماء الأجراء الدائنين، أو المؤقتين عند وجود الدائنين، أسبقية في تشغيلهم في تخصص معين، سواء منهم الذين فصلوا من شغلهم منذ أقل من سنة بسبب تخفيض عدد المناصب التي يشملها أو لتوقف المؤقت في نشاط المقاولة كلها أو بعضها أو الذيم دعت الضرورة على تعويضهم بسبب مرضهم.
يجب على الاجراء في جميع الأحوال ، أن يلتحقوا بمناصب شغلهم ، في التاريخ الذي حدد لهم المشغل”
وللإشارة فإن الحق في الأسبقية في التشغيل ، نظرا لطبيعة الحماية المؤقتة التي يتمتع بها الأجراء يمكن أن يكون محل دعوى استعجالية امام الغرفة الاجتماعية إذا ما أهل المشغل بهذا الالتزام القانوني داخل أجل سنة من تاريخ إنهاء أو توقيف العقد لأسباب اقتصادية، أما إذا وفى المشغل بهذا الالتزام تجاه الأجراء المفصولين سابقا أو حدد لهم ميعادا للالتحاق بمناصب شغلهم ـ لأن الأجراء سيفقدون حق الأولوية في التشغيل عند انصرام الأجل المحدد، وتسقط كل متابعة قضائية في شأنه إذ يعتبر عدم الاستجابة للدعوة إلى الالتحاق بالشغل في الوقت المحدد رفضا له.
الفرع الثاني: أثار الفصل التعسفي لأسباب اقتصادية
يكون الفصل لأسباب تكنولوجية أو اقتصادية أو هيكلية تعسفيا وغير مشروعا في الحالة التي يقوم فيها المشغل بممارسته دون الحصول على إذن من عامل العمالة او الإقليم .
إن دراسة أثار الفصل التعسفي لأسباب هيكلية أو اقتصادية أو تكنولوجية سنتطرق لمسألة ارجاع الأجراء إلى الشغل ( الفقرة الأولى )، في حين نخصص الحديث في (الفقرة الثانية) لإشكاليات الحكم بالإرجاع إلى الشغل.
الفقرة الأولى: الإرجاع إلى الشغل
إن الحكم القضائي الذي يأمر بإرجاع الأجير إلى شغله تعويضا عينيا بالرغم من أن المحكمة تكون ملزمة بالحكم به وقد لا تملك هذا الحق ، حسب نوعية الطلب المقدم إليها من طرف الأجير
وقد يكون لها الهيار بين الحكم أو بالتعويض النقدي ، وهذا ما يكرس الرقابة التي يمارسها القضاء الاجتماعي في نزاعات الشغل (36).
ولهذا فقد اختلفت الأراء والتوجهات الفقهية(أولا) وتباينت المواقف القضائية(ثانيا) بخصوص إرجاع الاجير المفصول تعسفيا إلى شغله .
أولا: المواقف الفقهية من الإرجاع على الشغل
انقسمت المواقف الفقهية إلى قسمين (أ) والأخر معارض(ب).
- الإتجاه المؤيد لإرجاع الأجير إلى شغله
لقد اعبر بعض الفقه أن إرجاع إلى شغله بعد فصله بشكل تعسفي هو أنسب تعويض يحكم به القاضي ، وقد ارتكز هذا الاتجاه على عدة مبررات من ابرزها
- إن فسخ بدون مبرر فسخا باطلا جزاء البطلان هو إعادة المتعاقدين إلى الحالة السابقة ومثل ذلك لا يتحقق إلا بإرجاع الأجير على عمله عندما يفقده بسبب فسخ المشغل للعقد ومن هنا تبرر أهمية الفسخ عندما لا تتحقق أسبابه فسخا بدون مبرر وليس فسخا تعسفيا ـ لأن ثبوت التعسف يستلزم فقط التعويض النقدي حسب القواعد القانونية المدنية المتعارف عليها
- عن الحكم بالإرجاع يحمي الأجير من تعسف المشغل ويردع هذا الأخير للحد من تماديه في فصل أرائه بشكل تعسفي
- عن تأكد المشغل من عجز القضاء على إرغامه بإرجاع الاجير إلى عمله يشجعه على التمادي في خرق القانون وخرق مبررات واهية من بعض الاجراء
- الاتجاه المعارض لإرجاع الأجير إلى شغله
في مقابل السابق يوجد اتجاه يناهض ويعارض هذه الفكرة ويعتمد هو الأخر في تبرير موقفه على مجموعة من التبريرات من أبرزها:
- إن الحكم بإرجاع الأجير إلى شغله يلحق أثر سلبيا بالمؤسسة و المشرف عليها ذلك أن الأصل هو أن المشغل يتمتع بسلطات واسعة فيما يتعلق بتسيير وتنظيم مؤسسته ولهذا فمواجهته بإرجاع أجير سبق أن قرر فصله عن الشغل يزعزع الثقة في نفسه وتصبح أوامره معرضة لعدم الإمتثال
- إن الحكم بارجاع الأجير إلى شغله ، يعرض سلطة المشغل إلى الضعف والإحتقار أمام الاجراء الشي الذي يؤثر ويؤدي إلى فقد الانضباط والفوضى وعدم امتثال الاجراء لاوامر المشغل.
ثانيا: المواقف القضائية من الإرجاع إلى الشغل
لاشك أن الأجير أو الأجراء الذي يدعون فصلهم تعسفيا، وبعد عدم توصلهم إلى إجراء صلح ودي مع المشغل ،فإنه يمكنهم أن يتمسكوا بطلبباتهم أمام المحكمة، ويتحدد موقف هذه الأخيرة تبعا لطلب الأجير أو الأجراء الذي يتأرجح بين ثلاث حالات:
- حالة المطالبة بالإرجاع إلى الشغل
في الحالة التي يخير فيها الأجراء بين الحكم بالإرجاع إلى الشغل أو التعويض ، فإنه لا يثار أي إشكال على مستوى القضاء، طالما يكون فيها للقاضي سلطة الخيار بين الحكم بالإرجاع أو الحكم بالتعويض، وذلك تبعا لسلطته التقديرية، التي لا رقابة عليها من طرف قضاة المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) إلا من حيث التعليل.
- حالة المطالبة بالتعويض النقدي فقط
إذ اقتصر الأجراء في مقالهم على طلب التعويض النقدي فقط، فإنه يسهلون المأمورية على المحكمة ، التي تحكم بالتعويض المحكمة المستحق له والمحدد بدقة وفقا لنص المادة 41 مدونة الشغل.
أضف إلى ذلك أن حكم المحكمة يكون منسجما وغير مخالف لمقتضيات الفصل الثالث من ثانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه:” يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا مضوع أو سبب هذه الطلبات “.
ثالثا: حالة المطالبة بالإرجاع إلى الشغل
لا شك أن مقتضيات الفصل الثالث من ق.م.م تقيد القاضي بالبث في حدود طلبات الأطراف ، ولا يحق له تغيرها أو الحكم بأكثر مما طلب منه، حيث يجب عليه البث في حدود طلبات الأطراف.
فلإسقاط هذه القاعدة على الفرضية التي نحن بصددها ، تجعل القاضي مقيدا بالحكم فقط بإرجاع الأجير إلى شغله .
وتجاوزا لإشكالية الخيار بين الحكم بالإرجاع إلى الشغل أو التعويض النقدي نعتقد أن مجموعة من الفقه ذهب إلى القول بأن الدور الإيجابي الذي أصبح يتمتع به القاضي الاجتماعي، يوجب عليه أن يطلب من المدعي(الأجير) الذي يضمن مقاله المطالبة بالإرجاع إلى الشغل فقط، إصلاح المقال وتضمينه طلب التعويض إلى جانب طلب الإرجاع إلى الشغل ن حتى يتأتى للقاضي الحكم بالتعويض ، إذا تبين لع عدم جدوى الحكم بالإرجاع ، وهذا ما أوصت به أيضا الندوة الثانية للقضاء، كما ان المقتي الذي جاءت به الفقرة الأخيرة من المادة 41 من مدونة الشغل، يوحي وبشكل واضح بأن القاضي له السلطة التقديرية في الخيار بين الحكم بالإرجاع و التعويض بغض النظر عن الطلب الذي يضمنه الأجير في دعواه (37).
الفقرة الثانية: إشكالات تنفيذ الحكم بالإرجاع إلى الشغل
إن إصدار الحكم بالإرجاع إلى الشغل، يطرح مجموعة من الإشكالات على مستوى تنفيذه، ويمكن حصر أهمها في مدى استحقاق الأجير عن المدة الفاصلة بين تاريخ الفصل وتاريخ الحكم، وكذا إشكالية امتناع المشغل عن تنفيذ الحكم بالإرجاع وإمكانية تطبيق الغرامة التهديدية طبقا للفصل 448 من ق.م.م.
وعليه سأتطرق أولا لأثر الحكم بالإرجاع وثانيا إلى امتناع المشغل عن التنفيذ وإمكانية تطبيق الغرامة التهديدية.
أولا: إشكالية الأجرة كأثر للحكم بالإرجاع
اشكل الأجرة العنصر الأساس في عقد الشغل ، وهي مصدر عيش الطبقة الشغلية لذلك فإن الحكم بإرجاع الأجراء إلى شغلهم، يدفع بهم إلى المطالبة بالأجرة عن المدة الفاصلة بين تاريخ الفصل وتاريخ الحكم بالإرجاع، تبعا لمبدا سريان الحكم بالإرجاع بأثر رجعي ،فهل يستجيب القضاة لهذا الطلب أم لا؟
إن موقف القضاء بشأن هذه المسألة غير مستقر ، وعموما يمكن التمييز فيه بين ثلاثة اتجاهات:
-الاتجاه الأول:
يتلخص هذا الاتجاه في كون استحقاق الأجير لأجته عن المدة الفاصلة بين تاريخ الفصل وتاريخ الحكم بالإرجاع، مشروط بثبوت جعل خدمات الأجير رهن إشارة المشغل طيلة هذه الفترة وهذا ما قضى به المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته الذي جاء فيه أنه:” في حالة الحكم بإرجاع الاجير إلى عمله جراء فصله تعسفا،فإن المشغل يكون ملزما بأداء أجرته من تاريخ الفصل لأن الاجير قد جعل نفسه رهن إشارته في انتظارالحكم.
الاتجاه الثاني:
يتمحور هذا الاتجاه كون استحقاق الأجرة عن المدة الفاصلة بين تاريخ الفصل وتاريخ الحكم بالإرجاع، رهين بموافقة المشغل على إرجاع الأجير إلى الشغل، وعدم امتناعه عن تنفيذ الحكم القاضي بذلك، أما عند الرفض ، فيبقى للأجير الحق في المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفي دون استحقاقه للأجر عن المدة الفاصلة بين تاريخ الفصل وتاريخ الحكم بالإرجاع.
الاتجاه الثالث:
يرفض هذا الإتجاه الحكم بالأجر، مستندا على الفصل 723 من ق.ل.ع، فما دام الأجير كان متوقفا عن الشغل طيلة فترة سريان الدعوى فإنه لا يستحق الأجرة، وهذا ما قضت به المحكمة الابتدائية بوجدة في أحد أحكامها الذي جاء فيه ما يلي:” وبخصوص طلب أداء أجرته من تاريخ الطرد فإنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 723 من ق.ل.ع فإن الأجر في عقد العمل لا يؤدي للأجير إلا مقابل الخدمات التي يقدمها عذا الاجير لفائدة رب العمل…”.
ثانيا: عدم تنفيذ الحكم بالإرجاع والغرامة التهديدية
إن تنفيذ الحكم بالإرجاع إلى شغل ، غالبا ما يرى فيه المشغل مساسا بسلطته ، ويعرضه للضغط والاحتقار ، مما يؤدي إلى تمرده على تنفيذ هذا الحكم خوفا من الفوضى وعدم الامتثال لأوامره مستقبلا إذا كانت أغلب الأحكام القاضية بالحكم بالإرجاع إلى الشغل، لا تجد طريقها إلى التنفيذ بسبب امتناع المشغل ، فهل يجو تطبيق الغرامة التهديدية تبعا للفصل 448 من ق.م.م. أم هناك مسطرة بديلة عن الغرامة التهديدية؟
يذهب أحد الفقه إلى القول بأنه يمكن للقاضي اللجوء إلى الغرامة التهديدية للضغط على المشغل لتنفيد الحكم القاضي بالإرجاع، وإذا ظل المشغل ممتنعا عن التنفيذ فتطبق مقتضيات الفصل 261 من ق.ل.ع ، حيث يتحول الإلتزام بعمل عند الوفاء به إلى تعويض.(38)
خاتمة:
واضح من سبق أن مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية وإجتماعية وهيكلية كان ولا يزال هاجسا يؤرق العديد من الأجراء في ظل الوضعية التي يشهدها العالم، فحماية الاجراء من ذلك الفصل يستوجب سلوك مسطرة خاصة به .
الهوامش
(1)عبد القادر بوبكري،حدود السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الأول،وجدة، السنة الجامعية 2012-2013،ص:1.
(2) فاطمة شاوف، حماية الأجراء من الفصل التعسفي، دراسة على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي،رسالة لنيل دبلوم نهاية الماستر المتخصص المقاولة والقانون، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية ، جامعة ابن زهر،اكادير، النسة الجامعية 2011-2012،ص:4.
)(3) سعيد بوطوبل، فصل الأجير بين إجراءات التأديب وأثار التعسف، رسالة دبلوم ماستر قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية ،المحمدية ،2010-2011،ص:3.
(4) حنان وضيع ، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، رسالة دبلوم ماستر قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية ،المحمدية،2013-2012،ص:1.
(5) ظهير شريف رقم 1.03.194صادر في 14 رجب 1424(11 سبتمبر2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل.
(6) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية ، المحمدية ،ص9.
(7) الصديق براوي، قانون الشغل الفصل لأسباب اقتصادية، مطبعة دار النشر المغربية، عين السبع، الدار البيضاء، دون ذكر السنة،ص:36.
(8) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، مرجع سابق، ص:23.
(9) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة،المرجع نفسه،ص:23.
(10) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، مرجع سابق،ص:24
(11) مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية، مقال منشور على الموقع WWW.UNUVERSITYLIFESTYLE.NET تم الإطلاع عليه بتاريخ 05-04-2020 على الساعة16:00.
( 12) مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية أو تكنولوجيو أو هيكلية،، المرجع نفسه.
( 13) المادة 76 من مدونة الشغل:” يتوقف فصل الأجراء العاملين في المقاولات المشار إليها في المادة 66 أعلاه كلا او بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية على إذن يجب ان يسلمه عامل العمالة أو الإقليم في أجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل…”
(14) مسطرة فصل الاجراء لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية، مقال منشور على الموقع WWW.UNUVERSITYLIFESTYLE.NET تم الإطلاع عليه بتاريخ 05-04-2020 على الساعة16:00.
(15) تتمثل هذه الشروط فيما يلي:
- أن يكون العقد الذي يربط الأجير بالشغل غير محدد المادة
- أن يتوفر الأجير على أقدمية 6 أشهر
- 3أن لا يكون الاجير قد إرتكب خطأ جسيما
(16) تنص المادة 53 من مدونة الشغل على ما يلي: “يعادل التعويض عن فصل عن كل سنو أو جزء من السنة من الشغل الفعلي ما يلي:
96 ساعة من الأجر فيما يخص مدة الأقدمية المتراوحة بين السنة السادسة والسنة العاشرة
144 ساعة من الأجر فيما يهص مدة الاقدمية المتراوحة بين السنة الحادية عشر والسنة الخامسة عشر
240 ساعة من الاجر فيما يخص الاقدمية التي تفوق السنة الخامسة عشر
( 17) قرار المجلس الأعلى رقم 250 بتاريخ 25 أبريل 19 ملف اجتماعي عدد 5527 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 41-19 ص:17.
(18) عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل ، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية ، المطبعة والوراقة الوطنية ، مراكش ، الطبعة الأولى، 2004.ص:26.
(19) وبالضبط في فصله 754. وقد كان أجل الإخطار منظما بمقتضى ق ل ع
(20) دنيا مباركة، “حقوق العامل بعد إنهاء عقد الشغل”، دار النشر الجسور ، وجدة،2004،ص:41.
(21) المصطفى شنضيض “عقد الشغل الفردي في ضوء مدونة الشغل الجديدة، القانون رقم 99.65 والنصوص التنظيمية الصادر بشأنه ” مطبعة الجديدة الدارالبيضاء، طبعة 2004،ص:125.
(22) ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 15 جمادى الثانية 1392(27 يوليوز 1972) يتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل
(23)الفصل 46 مكرر مرتين:يمنح التعويض عن فقدان الشغل لمدة 6 أشهر تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ فقدان الشغل .
يمكن للمؤمن له من أن يستفيد من التعويض عن فقدان الشغل ، يصرف مبلغ التعويض المستحق له غير المدفوع له في تاريخ وفاته، لذوي حقوقه، وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 45 أعلاه
يساوي مقدار التعويض عن فقدان الشغل % 70 من الأجر الشهري المتوسط المصرح به لقائدة الأجير خلال الستة وثلاثين شهرا الأخيرة التي تسبق تاريخ فقدان الشغل ، دون أن يتجاوز هذا المقدار الحد الأدنى القانوني للأجر
(24)محمد اغبال،التعويض عن فقدان الشغل، دار النشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة 2018،ص:140 وما يليها.
(25) الحاج الكوري: مدونة الشغل الجديدة القانون 99-65 أحكام عقد الشغل ، مطبعة الأمنية، الرباط، السنة 2004، ص257-258
(26)الفصل 71 من مدونة الشغل
(27) فاطمة حداد، مرجع سابق،ص:336.
(28) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،السنة الجامعة:2012-2013،ص:99.
(29)حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، مرجع أعلاه،ص:100.
(30) دنيا مباركة ،حقوق العامل بعد إنهاء عقد الشغل، دار النشر الجسور،ص:6.
(31) تنص المادة 73 من مدونة الشغل على ما يلي:” التوصيل عن تصفية كل حساب هو التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل عند إنهاء العقد لأي سبب كان، وذلك قصد تصفية كل الأداءات تجاهه…”
(32) تنص المادة 74 من مدونة الشغل على ما يلي:” يجب نحن طائلة البطلان ، أن يتضمن توصيل تصفية كل حساب ، البيانات التالية:
- المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب ، مع بيان مفصل للاداءات
- أجل سقوط الحق في ستين يوما، مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته
- الإشارة إلى كون التوصيل محرر في نظيرين يسلم أحدهما للأجير
- يجب أن يكون توقيع الأجير على التوصيل مسبوقا بعبارة : قرأت ووافقت”
يجب إذا كان الأجير أميا على التوصيل تصفية كل حساب موقعا من قبل العون المكلف بالشغل، في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة 532 أدناه.
(33) تنص المادة 75 من مدونة الشغل على ما يلي:”
يرجع إثبات التراجع عن التوصيل إما بإبلاغ المشغل بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل او يرفع دعوى لدى المحكمة ، ولا يعتد بالوسيلة المثبتة للتراجع، إلا إذا حدد فيها الأجير مختلف الحقوق التي ما زال متمسكا بها”
(34) تنص المادة 76 من مدونة الشغل على ما يلي:
“لا يعتد بالتوصيل الذي وقع التراجع عنه بصفة قانونية أو الذي لا يمكن أن يسري عليه أجل سقوط إلا باعتباره مجرد توصيل بالمبالغ المبينة فيه
يعتبر الإجراء أو الصلح ، طبقا للفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود مجرد وثيقة بالمبالغ المبينة فيها
… من الضريبة عن الدخل وواجبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ورسوم التسجيل
(35) حنان وضيح، فصل الأجراء لأسباب اقتصادية بين مدونة الشغل ومدونة التجارة، مرجع سابق، ص:10.
(36) يوسف رفيق ، الفصل لأسباب هيكلية أو اقتصادية أو تكنولوجية(دراسة مقارنة)، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الأعمال ،جامعة الحسن الثاني،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجنماعية ،السنة الجامعية 2010-2011،ص106.
(37)عبدالقادر بوبكري،حدود السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الأول،وجدة، السنة الجامعية 2012-2013،ص:146 وما يليها.
(38)عبدالقادر بوبكري،حدود السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل، مرجع سابق،ص:250 وما يليها