بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

التدقيق المالي ورهان النجاعة والفعالية

التدقيق المالي ورهان النجاعة والفعالية

إيمان بنجيلاني    

طالبة باحثة بسلك الماستر

أسامة البلومي

طالب باحث بسلك الماستر

تخصص: التدبير الاداري للموارد البشرية و المالية للإدارة العمومية

ملخص

وجد التدقيق أساسا بغرض التقويم  وليس بغرض الزجر، وهو في أبرز محطاته عبارة عن إجراء استباقي لدرء جل المخاطر التي قد تهدد السير العادي للمنظمة العمومية والذي قد يكلفها خسائر مالية باهظة قد تصل إلى حد عدم القدرة على أداء المستحقات  لدائنيها.

فإذا كان تحسين محيط الرقابة ضروريا لتفعيل آلياتها، فان الفعالية والنجاعة لا يمكن تحقيقهما دون تركيز الاجهزة الرقابية على جوانب ذات أهمية في التدقيق المالي، فباستثناء مكاتب الخبرة الخاصة والمجلس الأعلى ثم المجالس الجهوية للحسابات، فإن  باقي الاجهزة الرقابية التقليدية لازالت تعتمد على رقابة المشروعية، ورغم انها ضرورية الا انها غير كافية و لا تعبر على مستوى الاداء المحقق.

وقد تم إعداد هاته المقالة بغرض تشخيص وضعية التدقيق المالي كآلية حديثة ومدى قدرته على تحقيق الفعالية والنجاعة مع طرح أبرز مثبطات تحقيق الغايات المرجوة وسبل تجاوزها.

إن الاهتمام بالتدقيق كأسلوب يختلف عن الأساليب الكلاسيكية، يرجع أساسا إلى ما حققته هذه الآلية من فعالية في تقويم أنظمة التدبير المالي والاداري، مادامت تعتمد مقاربة شمولية تتجاوز المفهوم الكلاسيكي للمراقبة التي تعتبر بطبيعتها وقائية بينما يهتم التدقيق بالتقويم والاصلاح من خلال الوقوف على مكامن الخلل لمعالجتها واقتراح حلول بديلة وكفيلة لتفعيل البنية الادارية في جميع جوانبها التنظيمية والمالية والبشرية.

ثم إن المجال المالي هو مجال دقيق يصعب تحقيق مردوديته و نجاعة أداءه سواء تعلق الامر بالتحصيل أو انفاق الاموال العمومية، دون وجود سلطة مستقلة تسهر على إجراء الرقابة المالية كشرط اساسي في التدبير العمومي المستند على مستلزمات الحكامة الجيدة و ذلك بواسطة آليات رقابية حديثة أبانت على فاعليتها في كل من القطاع العام او الخاص بدل اليات رقابية كلاسيكية.

لقيت مسالة تعريف آلية التدقيق اهتماما واضحا من قبل الفقه القانوني فالبعض يرى أن مفهوم التدقيق يعود إلى أصول جد قديمة من حضارة مصر والحضارة اللاتينية وقد عرف تطورات هامة خلال القرنيين الثالث و الرابع عشر ببريطانيا.

تطلب اعتماد التقنيات والمناهج العصرية للتدقيق من قبل الدول المتقدمة، حقبة تاريخية وتطورات اقتصادية واجتماعية، والتي  أدت بدورها  إلى تحقيق نتائج مهمة دفعت بالأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية إلى الالحاح على ضرورة تطبيقه في القطاعات العمومية، لكن الاشكال الذي طرح، هو صعوبة تكييف وتطبيق هذه التقنيات في محيط سوسو- اقتصادي مخالف للمحيط الذي نشأت فيه.

في المغرب لم يقع الاتفاق حول  مصطلح التدقيق  بين كل المختصين، حيث  يستعملون  تارة كلمة افتحاص أو تدقيق و تارة أخرى مراجعة او مراقبة مالية ، كما ان الدول العربية المنتمية للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة على المال العام بدورها لم تستطع توحيد المصطلح .غير أن المشرع المغربي من خلال قانون شركات المساهمة ترجم  audit  بكلمة تدقيق رغم ان عدد كبير من الخبراء لا يزالون يستعملون مصطلح الرقابة او الافتحاص.

ويعود مصطلح التدقيق إلى القرن الثالث ميلادي مع الحضارة المصرية الفرعونية والرومانية، مستجيبا بالدرجة الأولى للقطاع الخاص من خلال مساعدته للوحدات الانتاجية على عقلنة تدبير مواردها وتفعيل مسلسل اتخاد القرار، على أن الحصيلة الإيجابية التي شكلتها هذه الآلية داخل القطاع الخاص، شكلت حافزا للمعنيين بتدبير الشأن العام للعمل على نقل هذه التقنية إلى مكونات القطاع العام.

و في المغرب شكلت الرسالة السامية الملكية الموجهة بتاريخ 19يوليوز1993 دعوة لاعتماد تقنية التدقيق في القطاعات العمومية حيث ابانت هده التجربة على تجاوز الأساليب التقليدية في المراقبة وتصديق المناهج الرقابية الحديثة و التي على إثرها خضعت المؤسسات العمومية والجماعات الترابية لنظام التدقيق.

وقد أصبح نظام التدقيق يحظى بأهمية بالغة باعتباره أساس نجاح كل مؤسسة أو إدارة سواء كانت عامة أو خاصة، ويفسر ذلك بما حققه من نجاعة في القطاع الخاص وفي الأنظمة المقارنة الراعية للمعايير الحديثة للرقابة على المال العام.

من خلال ما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية:

إلى أي حد يساهم التدقيق المالي في تحقيق النجاعة والفعالية؟

وهو ما سنعمل على الإجابة عليه وفق التصميم التالي:

  • المحور الأول: الإطار النظري للتدقيق المالي
  • المحور الثاني: التدقيق المالي كآلية لتحقيق النجاعة والفعالية
  • المحور الثالث: مثبطات نجاعة التدقيق المالي وفعاليته
  • المحور الرابع: سبل بلوغ تدقيق مالي ناجع و فعال

 

 

المحور الأول: الإطار النظري للتدقيق المالي

الفرع الأول: ماهية التدقيق المالي

سنتطرق من خلال ماهية التدقيق المالي إلى تحديد كل من الخصائص والمبادئ التي تميز التدقيق ثم المعايير الواجب توافرها في المدقق إضافة إلى أصناف التدقيق المالي.

أولا:  خصائص التدقيق المالي

إذا كانت المراقبة ذات طابع زجري فإن نظام التدقيق ذو طابع تقييمي محض يتجاوز المطابقة بين النص القانوني والتسيير الفعلي.

يمتاز التدقيق بجديته وحداثته وملاءمته لمسار تطوير الرقابة وتحويلها إلى رقابة علاجية أكثر منها زجرية عقابية، الأمر الذي يجعله منفرد بمجموعة من الخصائص يمكن إجمالها في العناصر التالية[1]:

الاستقلالية: يقصد بها استقلالية الجهاز المختص بالتدقيق، من الجهاز الخاضع للتدقيق وعن السلطات التي ترأسها أو تمارس عليها تدخلا مباشرا، فالوضعية التنظيمية للفاحص لا يمكن بأية حال من الأحوال أن تكون خاضعة للهياكل التسلسلية للجهة محل التدقيق سواء كانت منتمية للقطاع العام أو القطاع الخاص.

التخصيص: فوظيفة التدقيق أو الافتحاص تتميز بوجود نوع من الاحتراف المهني والتقني، إذ العمليات المتعلقة بالتدقيق تكون غالبا ذات طبيعة نقدية ومحاسبية تتطلب استعمال آليات عملية وتقنية ومعلوماتية.

اتساع مجال التدقيق: وذلك بشموليته مختلف جوانب التسيير والتدبير بل أن عملية الرقابة المتعلقة به، لا تقتصر في واقع الأمر على النشاط المالي وإنما تطال حتى الجوانب الأخرى لتدخلات الجهة الخاضعة للتدقيق.

تنظيم العمل: رغم اختلاف الآليات المعتمدة في مجال التدقيق، فإن أهم ما يميز هذه الآلية الرقابية هو الصيرورة التنظيمية، والانتظام الموضوعي والمنطقي الذي يميز سير العمل وتنفيذ عمليات الفحص والمراقبة، حيث يتم تحديد الموضوع قبل الانتقال إلى خطة العمل الأساسية.

وعموما فالتدقيق لا يمكن أن يباشر إلا بعد الترخيص للجهة المختصة بالتحقيق والبحث في المعلومات للاضطلاع على واقعها الحقيقي، وإعداد تقرير يبرر نتائج هذا البحث ويقترح حلولا ومقاربات، تتوخى الجودة وتبسيط الاجراءات والمساطر قصد تأهيل التدبير الإداري والمالي بهذه المصلحة.

 

 

ثانيا:  مبادئ التدقيق المالي

 

بحكم تركيز التدقيق على الأهداف العلمية والواقعية للرقابة، فإنه يقوم على مجموعة من الأسس والمبادئ القائمة على الأهداف والنتائج[2]، أبرزها:

مبدأ الاقتصاد: وذلك بفحص استعمال الموارد وملائمة قدرها مع الانفاق وتفيد هذه القاعدة التأكد من استعمال الحد الأدنى من الامكانات المادية والبشرية قصد تحقيق الأهداف المسطرة، أي اعتماد قاعدة التدبير بأقل كلفة ممكنة.

مبدأ النجاعة: يقوم على تحليل قيمة الموارد المستعملة بالمقارنة مع النتائج المحصل عليها.

مبدأ الفعالية: ويتأسس على قياس درجة تحقيق الأهداف المتوخاة عبر استعمال الأمثل للموارد المتاحة.

     ثالثا:  المعايير الأساسية للمدقق العمومي

إن الحصول على تقرير محايد له أهميته ومغزاه، يتطلب وجود مدقق على درجة عالية من الكفاءة، وأن يتمتع بالاستقلالية المطلوبة، وخاضع لقواعد السلوك المهني المتعارف عليه، فمعايير التدقيق تعتبر بمثابة مقياس للأداء الوظيفي، والنموذج والنمط الذي يستخدم في الحكم على نوعية العمل الذي يقوم به المدقق، فهي تتعلق بالتكوين الشخصي لمزاولي وظيفة التدقيق، والمقصود بهذه المعايير أن الخدمات المهنية يجب أن تقدم على درجة من الكفاءة المهنية، بواسطة أشخاص مدربين ومتخصصين.

الفرع الثاني: أصناف التدقيق المالي

 

يهتم التدقيق المالي بمدى كون المستندات المالية للمؤسسة تعكس بصدق ووفاء وضعيتها المادية، وذلك إطار احترام المبادئ المحاسبية و المالية المتعارف عليها، كما أنه يهتم بالعمليات التي لا تتعلق بعمل المحاسبة المالي و يتعامل معها كعناصر محددة لمصداقية و انتظامية المعلومات المحاسبية و المالية و التي عليه إبداء الراي بشأنها .

يمكن تصنيف التدقيق من زوايا متعددة، على النحو التالي[3]:

+ من حيث حدوده نميز بين التدقيق الكامل والتدقيق الجزئي.

+من حيث مدى الفحص نميز بين التدقيق التفصيلي والتدقيق الاختياري.

+من حيث الزمن نميز بين التدقيق النهائي والتدقيق المستمر.

+من حيث الالزام نميز بين التدقيق الالزامي والتدقيق الاختياري.

+من حيث الاستقلال نميز بين التدقيق الداخلي والتدقيق الخارجي.

 

وسنحاول التركيز في دراستنا على صنفين اثنين من التدقيق المالي:

أولا: التدقيق الداخلي

يرتبط التدقيق الداخلي ارتباطا وثيقا ومباشرا بالمنظمة، حيث يتم إجراء عملية التدقيق من طرف مدققين ينتمون إلى الجهاز المسير من داخل  الادارة ذاتها على عكس التدقيق الخارجي[4].

وهذا النوع من التدقيق لا يهدف إلى رصد المخالفات والخروقات ومعاقبة المخالفين، بل يسعى إلى وضع أسس لتصحيح الاختلالات  وتقييم المخاطر والعوامل المؤثرة سلبا على المنظمة، بحيث يسمح بدراسة الأسباب الفعلية المتعلقة بها من جهة، ثم بتفادي هذه المخاطر ومسبباتها من جهة أخرى.

فالتدقيق الداخلي لا يكتفي بنقل المعلومات إلى المقررين، بل يفتحص أيضا مدى صحتها ويدقق فيها، ويعمل على تقييم الأداء العام للمنظمة، وإبداء الرأي في مدى نجاعة أسلوبها التنظيمي والتدبيري[5].

يتميز التدقيق الداخلي بخصائص عديدة يمكن إجمالها في ما يلي[6]:

  • أنه عبارة عن نشاط داخلي.
  • عملياته تكون ذات طابع تقييمي.
  • يهدف إلى البحث عن الحلول للمشاكل المرصودة.
  • يساهم في تحسين وترقية وضعية الرقابة داخل المنظمة…

ثانيا: التدقيق الخارجي

إن وظيفة التدقيق الخارجي لا تختلف كثيرا عن وظيفة التدقيق الداخلي، حيث يستهدف تقويم الاختلالات الداخلية للمنظمة وتحسين رقابتها سيما وأن طلب التدقيق الخارجي يتم انطلاقا من طلب معالجة وتدقيق مواقف وممارسات سائدة، تتطلب طرح بدائل واقتراحات جديدة تأخد بعين الاعتبار الوقت المناسب والموارد المتاحة لتحقيق الجودة الكلية[7].

فهو لا يعاكس التدقيق الداخلي إلا من الناحية الشكلية، أي في الهيئة المختصة بممارسة الفعل الرقابي، وبالتالي نجد أن التدقيق الخارجي يقترب أكثر من الناحية العضوية من الآليات الرقابية الأخرى وخاصة الكلاسيكية[8].

الفرع الثالث : الاجهزة المكلفة بالتدقيق المالي

يمكن تصنيف الأجهزة المكلفة بالتدقيق إلى أجهزة ذات صلاحيات داخلية وأخرى خارجية.

الفقرة الأولى : أجهزة التدقيق المالي الخارجي

1-    المجلس الاعلى للحسابات

تأسس المجلس بمقتضى قانون 14 شتنبر 1979 معلنا نهاية صلاحية اللجنة الوطنية للحسابات التي كانت قد تأسست بمقتضى ظهير 14 أبريل 1960 إلا أنها لم تحقق عملا يذكر[9]، وقد تم تعديل قانون 14 شتنبر 1979 بقانون رقم 62-99 الصادر في 13 يونيو 2002 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، وحسب المادة الثانية من القانون المذكور وطبقا للمادتين 147 و148 من الدستور، يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة الرقابة العليا لمراقبة المالية العمومية، بحيث يتجلى أول اختصاص في التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية التي يقدمها المحاسبين العموميون.

يقوم المجلس بتدقيق حسابات مرافق الدولة، وكذا حسابات المؤسسات العمومية، والمقاولات العمومية، والمقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، إذا كانت هذه الأجهزة تتوفر على محاسب عمومي[10]

بناء على البرنامج السنوي لأشغال المجلس الأعلى للحسابات، يقوم رئيس الغرفة بتوزيع الحسابات والبيانات المحاسبية على المستشارين المقررين من أجل القيام بالتدقيق و التحقيق بشأنها،  يتمتع المستشار المقرر خلال مسطرة التحقيق بسلطات واسعة و يمكنه في هذا الإطار أن يطلب من الآمر بالصرف والمراقب والمحاسب العمومي أو أي مسؤول آخر تقديم جميع التوضيحات أو التبريرات التي يراها المستشار المقرر ضرورية، وذلك في حدود الصلاحيات المخولة إلى كل واحد منهم، والوثائق التي هم ملزمون بحفظها تطبيقا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل. وفضلا عن ذلك، يجوز له القيام في عين المكان بجميع التحريات التي يراها ضرورية لإنجاز مهمته[11].

2-  المجالس الجهوية للحسابات

تشير تجربة البلدان التي قامت بإصلاحات طموحة لتحقيق اللامركزية  إلى ضرورة مصاحبة عملية اللامركزية بتعزيز مؤسسات الرقابة ينبغي أن يضمن ذلك أن الموارد المستعملة من طرف المدبرين المحليين قد تمت بشكل صحيح ومكنت من تحقيق النتائج المرجوة للسياسات.

ففي المغرب، كان للإصلاحات الإقليمية الكبرى التي أدخلت في 2010 آثارا قوية فيما يتعلق بأعباء العمل وتدبير الموارد بالنسبة للمجلس الاعلى للحسابات ، حيث يحصل المدبرون المحليون في الجماعات والأقاليم والعمالات و الجهات على كفاءات وموارد

متزايدة لقيادة وتنفيذ سياسات جديدة كليًا ضمن نطاق مجالها الترابي، ويشمل ذلك خدمات التدبير المفوض القائمة على منح الامتيازات لتدبير المرافق الأساسية أو الأشكال الأخرى من مساهمة القطاع الخاص في تقديم الخدمات العمومية.

تعتمد الحكامة المسؤولة على مساهمات العديد من الفعاليات عبر جميع القطاعات الوزارية وفي بعض البلدان ولا سيما تلك التي تتبع نظام حكم اتحادي، تعد وظيفة التدقيق الخارجي لامركزية أو يتم تفويضها إلى هيئات إقليمية أو محلية، وهذا هو الحال في المكسيك والولايات المتحدة وألمانيا …، وفي سياقات أخرى تكرر مؤسسات مراجعة الحسابات على المستويات الجهوية وظائف نظرائها الوطنيين بالكامل تقريبًا[12].

وفي محاولة لضمان تغطية منتظمة ومتناسقة للرقابة على جميع مستويات الحكومة بالتوازي مع إصلاح اللامركزية في المغرب فقد شهد المجلس الاعلى للحسابات تحولاً هيكليًا، أدى إلى إنشاء 12 مجلسا جهويا للحسابات يقوم المجلس الجهوي في حدود دائرة اختصاصه بالتدقيق و البت في حسابات الجماعات المحلية و هيئاتها و كدا في حسابات المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها [13].
و بناء  عليه فإن الجماعات الترابية تقدم حساباتها سنويا الى المجلس الجهوي حيث يبت المجلس في الوثائق في جلسة سرية بعد دراسة تقرير و اجوبة المحاسب العمومي و رأي المستشار و وكيل الملك و تبت في القضية هيئة الحكم المكونة من خمسة قضاة بمن فيهم الرئيس.

الفقرة الثانية: أجهزة التدقيق المالي الداخلي

1-    لجنة التدقيق

انطلاقا من القانون 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة و هيئات   [14] أخرى نجد المادة 14 منه  تنص على ضرورة احداث لجنة للتحقيق من طرف الهيئة الخاضعة للمراقبة المواكبة.

تتألف  اللجنة من مراقب الدولة ومن عضوين الى اربعة اعضاء يعينهم مجلس الادارة او الجهاز التداولي من بين اعضاء غير المسيرين او من ينوب عنهم شخصيا لهذا الغرض.

تتولى لجنة التدقيق من خلال عمليات التدقيق لتقييم  العمليات وجودة التنظيم و الدقة وحسن تطبيق منظومة الاعلام و انجازات  الهيئة و يجوز لها ان تشرك اي خبير مستقل في اشغالها.

تتم مهام لجنة التدقيق وفق الشكل التالي :

  • دراسة مشروع حصر حسابات الشركة و الحسابات المجمعة و تقييم المخاطر.
  • تقييم من خلال عمليات الافتحاص قانونية العمليات وجودة التنظيم و الدقة وحسن تطبيق منظومة المعلومات و أداء المنشأة.
  • الامر بعمليات التدقيق الخارجي و أعمال التقييم التي تراها ضرورية و انجازها على نفقة المؤسسة.

 

2-  المفتشية العامة للمالية

تعود الأهمية التي أولتها وزارة الاقتصاد والمالية  لهذه الهيئة  في كونها جهازا ذو طبيعة إدارية محضة يتسم بالدقة والفعالية، يتألف من مفتشين تشمل مهامهم الرقابية جل الهيئات العمومية ،  ويوفر القانون لأعضائها نظاما يهيئ لهم كافة الظروف للرقابة والتفتيش والتدقيق وتتبع تنفيذ الاعتمادات المالية للميزانية وكافة الأموال العمومية، وذلك على أساس إجراءات تفتيش معينة وضوابط خاصة تنظم عملها.

ومن جهة أخرى ، نجد في كل قطاع وزاري مفتشية  تعنى بالرقابة على تنفيذ ميزانية الوزارة ومصالحها الخارجية والهيئات التابعة لها ، تحت إشراف سلطة الوزير المعني باعتباره أعلى سلطة في وزارته ، وتعمل هذه المفتشيات العامة  وفق اختصاصات محددة لها قانونا داخل التنظيم الإداري للوزارة التي تنتمي إليها .

إلا أن وجه الاختلاف القائم بين هذه المفتشيات و المفتشية العامة لوزارة المالية  هو النطاق الذي تشتغل عليه كل منها فيما يتعلق بالرقابة على المؤسسات والهيئات العمومية ومتابعة الأموال العامة، إذ نجد أن مهام المفتشية العامة للمالية واسعة النطاق والاختصاص تشمل الإدارات العمومية والمرافق والمؤسسات والمنشآت العامة  والجماعات الترابية ، في حين نجد المفتشيات العامة للوزارات محصورة الاختصاص والمهام ، ترتبط ارتباطا وثيقا بوزارتها ومصالحها الخارجية ، حيث تمارس رقابتها الداخلية على الأجهزة الخاضعة لسلطة الوزارات على وجه محدود بهدف تقييم أدائها[15]

3- المفتشية العامة للإدارة  الترابية

تعتبر المفتشية العامة للإدارة  الترابية جهازا تابعا لوزير الداخلية تم احداثها بمقتضى المرسوم 2.94.100 صادر في 16 يونيو [16]1994 وتناط بالمفتشية العامة للإدارة الترابية  مهمة المراقبة و التحقق  من التسيير الاداري و التقني و المحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية و الجماعات المحلية وهياتها حيث تزاول مهامها في اطار برامج موضوعة من قبل  و اما في اطار اعمال التفتيش الاستثنائية التي يقررها وزير الداخلية.

وأكد وزير الداخلية، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني حول دعم الافتحاص الداخلي بالجماعات، الذي نظمته المديرية العامة للجماعات المحلية، على أهمية الافتحاص الداخلي للجماعات، واعتبر أن ورش تكريس الافتحاص الداخلي بالجماعات يأتي في إطار تنزيل مقتضيات الدستور، كما يعد عنصرا مهما من عناصر تفعيل الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا خاصا، نص فيه على إخضاع المرافق العمومية للمراقبة والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة.

في إطار تعزيز المسار الديمقراطي للمغرب وجعل الجهوية رافعة محورية للتنمية الترابية، تم توسيع اختصاصات الجماعات الترابية وتخفيض مستويات الوصاية والرقابة القبلية عليها، لذلك أصبح من اللازم اعتماد آليات الرقابة الداخلية، من قبيل الافتحاص الداخلي الذي يعد أداة لمساعدة القائمين على التدبير المحلي على تقييم مدى استجابة البرامج للخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا على أن وزارة الداخلية، بكل مكوناتها، ستظل حريصة على مواكبة هذا الورش، خاصة عبر التكوين ودعم القدرات[17] .

 

المحور الثاني: التدقيق المالي كآلية لتحقيق النجاعة والفعالية

قمنا باعتماد مقاربة شمولية لفحص مدى قدرة تقنية التدقيق المالي على تحقيق النجاعة والفعالية على المستويين الترابي والمؤسساتي.

   الفرع الاول : على مستوى الجماعات الترابية

1* تحديث آلية التدقيق على مستوى الجماعات الترابية

إن تحديث آلية التدقيق على مستوى التسيير والتدبير المالي للجماعات الترابية على سبيل الخصوص،  أصبح يشكل ضرورة استراتيجية  ملحة في اطار تطوير تدبير الشؤون المالية بالجماعات الترابية وتكريس قيم النجاعة والفعالية المالية، كما اضحى يعبر عن ثقافة رقابية تؤسس لقاعدة المساءلة والتقويم والتقييم وتعكس الرغبة في تجاوز المشاكل والصعوبات وكذا الاكراهات التي تنعكس سلبا على التسيير المالي للجماعات الترابية [18] وبالتالي تبدو افاق التدقيق المالي الوظيفية والعملية  متعددة وتطال جوانب مختلفة يمكن اجمالها فيما يلي:

  • التدبير الجيد و المعقلن للموارد المالية وملاءمة استخدامها وتكلفتها مع الأهداف والنتائج.
  • تبسيط المساطر والتقليص من هوامش الخطأ.
  • ترشيد استعمال الموارد والإمكانات وحسن استغلالها.
  • اعتماد دراسة تحليلية للمخاطر المالية والمحاسبية والمخاطر الاقتصادية لتحقيق الفعالية.
  • ادراج آلية التدقيق كرقابة ادارية لاحقة على المالية الترابية، من اجل توجيه النشاط المالي وتقييم فعالية المشاريع التنموية ودراسة جدواها وملاءمتها للحاجيات وتحليل كلفتها ومدى تحقيقها للأهداف التنموية التي وجدت من اجلها.
  • عصرنة التدبير الاداري والمالي للجماعات الترابية عبر تحديث الرقابة لتحقيق تدبير جيد وفعال للمالية الترابية كهدف استراتيجي عام.

ولتحقيق الفعالية والنجاعة في التدبير المالي والمحاسبي للجماعات الترابية  يجب ان تعهد بوظيفتها الاشرافية الى هيئة داخلية للتدقيق تتألف من مجموع الموظفين المستقلين عن وظائف  إدارة العمليات في المشروع ويمنحون اختصاصا قانونيا دائما وغير محدود في القيام بعمليات التدقيق الداخلي.[19]

     والتدقيق يعتبر من أنجع الآليات الرقابية الحديثة، لكونه رقابة خارجية ومحايدة، يسعى إلى تقييم حصيلة التدبير المالي للجماعة الترابية وكذا تقويم مسارها. كما يبقى تفعيل الجماعات الترابية لهذا النوع من الرقابة، ضرورة يقتضيها واقع التدبير المالي في الجماعات الترابية، باعتباره وسيلة لتقويم منجزات الجماعات الترابية.

يهدف التدقيق إلى تحسين مردودية التسيير المالي المحلي وحسن تدبير الموارد المالية وعدم تبذيرها، وكذا التأكد من مدى تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي سطرتها الجماعات الترابية. وفي هذا الاطار لا تفوتنا الفرصة لأن نشير إلى دورية وزير الداخلية[20] ، التي تؤكد على أنه في إطار مساعي وزارة الداخلية لتحديث آليات التدبير المالي والميزانياتي والمحاسباتي الخاص بالجماعات الترابية، فقد تم إدماج العمليات المتعلقة ببرمجة الميزانية -من الاعداد إلى التأشير- وإدراجها ضمن منظومة التدبير المندمج للنفقات GID، ولتسهيل المراقبة والتتبع على المستوى الاقليمي ، سيتم في المستقبل القريب إدراج بيانات ومؤشرات لتتبع تنفيذ الميزانيات على منصة GID- Reporting- بالاضافة إلى وضع أسس منظومة متكاملة لتدبير المداخيل GIR، بشراكة بين الوزارة المعنية والخزينة العامة للمملكة حيث استفادت أكثر من 100 جماعة من المميزات التي تقدمها هذه المنظومة في انتظار تعميمها بشكل تدريجي على باقي الجماعات في أفق نهاية سنة 2020.

2* دور التدقيق المالي في رصد الاختلالات على المستوى الترابي

      إن  واقع التدقيق المالي بالجماعات الترابية على ضوء تقارير المجالس الجهوية ،يعتبر ذو أهمية بالنظر الى حاجة هذه الجماعات الى أجهزة للرقابة على تدبيرها ،حيث ان بعض الجماعات الترابية لا زالت تسجل فيها مجموعة من الاختلالات على مستوى تدبيرها للشأن المحلي ، و هو ما يعرقل تنزيل البرامج التنموية الجهوية  ويطرح إشكالية الفعالية و النجاعة للتدبير المالي على ترابها.

أنجزت المجالس الجهوية للحسابات، 224 مهمة رقابية في إطار مراقبة التسيير واستخدام الأموال العمومية من طرف الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي،  تتوزع هذه المهمات الرقابية ما بين 204 جماعة، ومهمتين على مستوى مؤسستين عموميتين محليتين، ومهمتين لمراقبة استخدام الأموال العمومية، و14 مراقبة لعقود التدبير المفوض للمرافق العمومية المحلية[21].

وتجدر الإشارة إلى أن نفقات الجماعات المحلية لا تتجاوز 10 % من مجموع النفقات العامة و% 19.5 من نفقات الاستثمار، في المقابل شكلت نفقات الاستثمار بالجماعات الترابية بفرنسا 70% من إجمالي الاستثمار العمومي لسنة 2015 وذلك راجع أساسا لضعف الجباية المحلية[22].

وعلى اثر عمليات التدقيق المالي التي تقوم بها المجالس الجهوية تم رصد مجموعة من الاختلالات على مستوى التدبير المالي و التي يمكن إدراج بعضها كما يلي :

  • فيما يتعلق بجماعة “بئر كندوز” حيث قامت الجماعة ببيع ممتلكات بأثمنة بخسة اذ قامت بتفويت منقولات حديثة من سيارة ،جرار ،كراسي ، مكاتب ، ثلاجات وحواسيب…بمبلغ 12.000 درهم ما فوت موارد مالية على ميزانية الجماعة.
  • جماعة “عين الركادة” اعلنت عن عدة طلبات عروض لإنجاز مشاريع دون تحديد للحاجيات و الاطار التعاقدي و كيفية التنفيذ مما افضى الى أداء مبالغ 59.920 درهم مقابل توريدات لم يتم استعمالها في احدى الصفقات، وكذا تحمل ميزانية الجماعة تكاليف زائدة قدرها 36000 نتيجة تجزيئ الاشغال على صفقتين  في احد الأشغال.
  • كما تم رصد أداء مبالغ مالية مقابل أشغال لم تنجز بعد و ذلك في اربع صفقات بجماعة “العروي” حيث وصل مجموع المبالغ المؤداة عن اشغال غير منجزة الى حوالي 122.123.40 درهم وكذا في جماعة “إعزانن”، حيث تم اداء مبلغ زائد قدره 25.297.44 درهم[23].

نلاحظ أن معظم التقارير الرقابية المتعلقة بأنشطة المحاكم المالية كشفت عن وجود مخاطر واختلالات سواء على مستوى ضعف التخطيط والبرمجة، أو على مستوى تدبير المشاريع أو حتى على مستوى ضبط التسيير العادي لشؤون الجماعة، خاصة في العالم القروي التي لا تقوم أغلبيتها حتى بالمراقبة الداخلية، بل ولا تعقد لجانها اجتماعاتها بشكل عادي، بل ولا يحضر رؤسائها اجتماعات المجالس التي يرأسونها لسبب مبرر أو غير مبرر.

يلاحظ من خلال تقارير المجلس أن هناك عدة مخاطر تشترك فيها أغلب الجماعات:

             + ضعف المراقبة الداخلية:

–       عدم انتظام اجتماعات بعض اللجان الدائمة للجماعة الترابية.

–       تداخل الاختصاص بين مصالح الجماعة وغياب التنسيق بين هذه المصالح.

–       عدم الفصل بين العمليات المتعلقة بالمداخيل والجمع بين وظيفة تحديد الوعاء الضريبي ومهمة استخلاص الرسوم.

–       وجود هياكل غير مفعلة على أرض الواقع.

–       غياب التقارير الدورية لأنشطة المصالح الجماعية.

–       غياب قرارات تعيين المسؤولين عن المصالح الجماعية وحتى لما توجد فإنها تكون مشوبة بعيوب.

               + مخاطر سوء تدبير المداخيل والمبالغ المستخلصة

–        عدم ضبط الوعاء الضريبي واستغلال الملك الجماعي بشكل عشوائي أو بغض الطرف لأغراض تجارية وغياب كناش للجرد ومحاضر إثبات لما تنجزه الجماعة من التجهيزات وتهيئة الطرق وعدم تنفيذ مقتضيات دفتر التحملات الخاصة بتدبير المحطات ومحطات الوقود والاسواق الاسبوعية وحظيرة السيارات والأكرية..

–       استغلال الملك الجماعي بشكل غير منظم وعدم قيام الملزمين بأداء الدفوعات الناتجة عن عمليات تجزئة الاراضي وتطبيق اسعار مختلفة على مؤسسات من نفس النوع دون سند قانوني وعدم القيام بإجراءات تحصيل الضرائب المستحقة للجماعة.

–       ظاهرة الباقي استخلاصه وارتفاعه المتزايد بسبب تهاون المصالح المعنية.

             مخاطر عدم احترام مقتضيات الصفقات واجراءاتها الادارية والمسطرية:

كتكليف مقاول ببدء الاشغال قبل المصادقة على الصفقة، أو إنهاء الأشغال قبل موعدها أو تنفيذ أشغال غير واردة بدفتر التحملات، أو تسليم شيك قبل بدء الأشغال..

الفرع الثاني: على مستوى المؤسسات العمومية

1-   التدقيق الخارجي للمؤسسات والمقاولات العمومية

 

تعمل وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة، سنويا على إنجاز عمليات تدقيق خارجي للمؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك بعد موافقة رئيس الحكومة. فتدقيق الحسابات في القطاع العمومي يشكل آلية مهمة لتحقيق نجاعة وشفافية الحسابات، وأداة لتصحيح الاختلالات، مما يتيح إرساء مناخ للثقة يساهم في تعزيز الدينامية الاقتصادية والسياسية.

يحظى الافتحاص المالي بدور مهم كعامل مؤثر لأداء المقاولات العمومية، يمكنها من الإضطلاع بمهامها على نحو أمثل، بالتالي ضمان ارتقاءها إلى مستوى تطلعات المواطنين.

ثم إن إعادة تأهيل التدبير المحاسبي العمومي يوجد في صلب الأوراش التي أطلقتها الحكومة، دون إغفال أهمية الشراكة القائمة بين القطاع العمومي وخبراء القطاع الخاص في المجال، نظرا لدور هيئة الخبراء المحاسبين في مسلسل التنمية بالمغرب وإسهاماتها في تكريس مبادئ الحكامة وشفافية الحسابات[24].

أنجزت مديرية المنشآت العامة والخوصصة خلال الفترة الممتدة بين 2018-2000، ما يقارب (81) عملية تدقيق خارجي مكنت من رصد إسهامات المؤسسات والمقاولات العمومية وكذا النواقص المتعلقة بالتوافق الاستراتيجي للمؤسسات موضوع التدقيق مع المهام المخولة لها وأوضاعها التنظيمية بالإضافة لنظامها المعلوماتي والتدبيري.

كشفت العمليات كذلك عن ضعف نموذج الاعمال لبعض المؤسسات العمومية، وعن محدودية الاطار المؤسساتي وعن نواقص في منظومة الحكامة، وبالتالي تم اتخاد التدابير الداعية إلى تطبيق التوصيات المنبثقة عن عمليات التدقيق والتي تدعو إلى تحقيق الفعالية والنجاعة، ووضع أدوات القيادة والتدبير الحديث أي القيادة بحسب الأهداف[25].

في إطار تبسيط وتوحيد المساطر المتعلقة بالمراقبة المالية للدولة على المؤسسات والمقاولات العمومية، أعدت وزارة الاقتصاد والمالية قائمتين للوثائق المثبتة لمساطر الأداء وعمليات الالتزام بنفقات المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية للدولة. وتشكل القائمتان المذكورتان أداتين تم وضعهما رهن إشارة مراقبي الدولة والخزنة المكلفين بالأداء لتمكينهم من التوفر على غرار الآمرين بالصرف بالمؤسسات والمقاولات العمومية، على مرجع موحد للرقابة غايته تبسيط مساطر المراقبة وتقليص آجال معالجة الملفات وضمان فعالية أكبر في إنجاز النفقات العمومية، وبالتالي المساهمة في تحسين تدبير المؤسسات والمقاولات العمومية وتعزيز أداءها[26].

 

2- دراسة وضعية بعض المؤسسات العمومية

أ_ صندوق الايداع والتدبير

يعد صندوق الايداع والتدبير من أبرز الفاعلين الاقتصاديين في المملكة، فصفة العمومية تجعل منها مصاحبة للمملكة لسياسات الحكومة التنموية، وبالتالي مساهما هاما في القطاع العمومي. فهو جهاز لتأمين الادخار الوطني يلعب دورا هاما في استقبال وحفظ وإدارة موارد الادخار التي تتطلب حماية من نوع خاص.

يتم الاشراف على المجموعة بأكملها من لدن لجنة المراقبة التي تصدر أراء حول توجهاته وأنشطته بأكملها، ويوجد ضمن اللجنة: والي بنك المغرب وممثل عن رئيس الحكومة وممثل عن وزارة الاقتصاد والمالية وقاضيان اثنين عن المجلس الاعلى للحسابات.

كما تتوفر الشركات التابعة للمجموعة على لجان للافتحاص، وعند الاقتضاء على لجان للالتزامات والاستثمارات تدرس القرارات التي تنطوي على التزام مالي[27].

تجب الاشارة إلى أن صندوق الايداع والتدبير يتوفر على هيئات خاصة بالمراقبة، يتعلق الامر ب :

  • لجنة الحراسة[28]: تراقب باسم الدولة، عمليات صندوق الايداع والتدبير، تتألف من عضوين عن المجلس الأعلى يعينهما وزير العدل، رئيس الحكومة أو ممثله، وزير الاقتصاد والمالية أو ممثله، والي بنك المغرب أو ممثله، وتعقد اجتماعاتها أربع مرات في السنة.
  • لجنة التدقيق والمخاطر: تتكلف بمساعدة لجنة الحراسة عبر إجراء دراسة معمقة للملفات المرتبطة بالتدقيق الداخلي، وتدبير المخاطر، والمعلومات المالية والمحاسبية، والتدقيق الخارجي (بالنسبة لفروع الشركة الأم)، وغيرها من المواضيع المعروضة على لجنة الحراسة. وتتألف اللجنة من ثلاث أعضاء، عضوان من لجنة الحراسة، وشخصية خارجية تعينها لجنة الحراسة، وتعقد اجتماعاتها هي الأخرى أربع مرات في السنة.

يصعب إيجاد تقارير للتدقيق الداخلي بحكم طابع السرية واعتماد على مبدأ كتمان السر المهني، لذلك سنسلط الضوء على مخرجات تقرير المجلس الأعلى للحسابات وكذا تقرير مكاتب التدقيق والافتحاص الخاصة.

تطرق المجلس الأعلى للحسابات[29] في تقريره لثلاث نقاط تهم:

تقييم الوضع الحال + عرض الانجازات والجهود + ثم تحديد أوجه القصور.

وقد تم رصد جملة من التجاوزات خصوصا فيما يتعلق بالتدقيق الداخلي، من أبرزها:

  • عدم شمولية التدخلات التي يقوم بها جهاز المفتشية العامة والتدقيق لتغطي كافة مهن المجموعة، حيث لا يشمل هذه المهام الشركات الفرعية التي تعاني من صعوبات كانت موضوع انذارات من قبل مدققي الحسابات القانونيين خاصة فيما يتعلق بالمخاطر المرتبطة باستمرارية الاستغلال.
  • لم تشمل عمليات التدقيق المنجزة بعض الجوانب والاشكالات المطروحة أمام المجموعة، خاصة الشق المتعلق بتشخيص استراتيجيات الشركات الفرعية وطرق قيادتها، واستعمال القروض والتسبيقات الممنوحة، ومنظومة الرقابة الداخلية وتدبير المخاطر.

ب_ صندوق التجهيز الجماعي

بتاريخ 3 فبراير 2015 أحال السيد رئيس مجلس النواب طلبا على المجلس الأعلى للحسابات ضم أسئلة أعدتها لجنة مراقبة المالية العامة، من أجل القيام بمهمة تقييم تدبير مؤسسة صندوق التجهيز الجماعي وذلك طبقا للفصل 148 من الدستور والمادة 224 من النظام الداخلي لمجلس النواب. لتتوصل لجنة مراقبة المالية، في 1 غشت 2016 بالتقرير الذي أعده المجلس الأعلى حول وضعية صندوق التجهيز الجماعي.

يعتبر صندوق التجهيز الجماعي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تم إحداثه سنة 1956 بظهير شريف واكتسب صفة بنك سنة 1996 بموجب القانون رقم 11.96 بتاريخ 2 غشت 1996، ويخضع كذلك لمقتضيات القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.

طبقا للتشريع البنكي، يتوفر صندوق التجهيز الجماعي منذ 2003 على لجنة الافتحاص مكلفة بمساعدة المجلس الاداري قي تقييم آلية المراقبة الداخلية. تقوم هذه اللجنة بمراقبة المساطر المطبقة في مجال تدبير المخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسة أثناء ممارستها لأنشطتها[30].

يتوفر صندوق  التجهيز الجماعي كذلك منذ سنة 2009[31] على لجنة المخاطر التي تتكلف بتتبع المخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسة. وهي مسؤولة أيضا عن مراقبة تطبيق سياسة تدبير المخاطر من طرف مختلف الوحدات المعنية.

تطبيقا لمذكرة بنك المغرب رقم 4 اجتمع المجلس الاداري لصندوق التجهيز الجماعي بتاريخ 26 ماي 2015 وصادق على إحداث لجنة الافتحاص والمخاطر مكونة من:

  • المدير العام لصندوق الايداع والتدبير رئيسا.
  • الوالي المفتش العام للإدارة الترابية (وزارة الداخلية).
  • مدير الخزينة والمالية الخارجية (وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة).

من أجل تمويل صندوق التجهيز الجماعي لأنشطته ، يلجأ الصندوق أساسا، إلى السوق المالي الوطني. وتتكون موارد الصندوق من استرداد القروض من الجماعات الترابية ومن شهادات إيداع واقتراض السندات والقروض البنكية على المدى القصير والمتوسط والطويل، وكذا خطوط الاعتماد المتعاقد بشأنها، خلال السنوات السابقة، مع الجهات المانحة. ليصل تحصيل الاقساط السنوية للقروض الممنوحة للجماعات الترابية مبلغ 1.767مليار درهم برسم سنة 2013 ومبلغ 1823 مليار درهم سنة 2014[32].

أنجز المجلس الأعلى للحسابات سنة 2010 مهمة مراقبة التسيير وقد نشر مقتطفا من التقرير سنة 2012 والذي تضمن 81 توصية، لوحظ أن 51بالمائة من التوصيات قد نفدت، و 17 بالمائة توجد في طور التنفيذ و 23 لم تنفذ بعد واعتبر 9 بالمائة من التوصيات قد اصبحت متجاوزة. وقد لاحظ المجلس غياب مؤشرات الفعالية في معالجة الملفات بحيث لم يضع البنك التمويلي نظاما فعالا لمراقبة التدبير قائما على مؤشرات الفعالية لتقدير وظائف المهنة. خاصة في ما يتعلق بآجال معالجة ملفات القروض وتكاليف المعالجة وبعثات البحث ونسبة رفض الطلبات المعالجة من طرف لجنة القروض… فغياب هذا النظام لا يسمح لصندوق التجهيز بالتوفر على أداة التحكم وقيادة أنشطته وتمكين السلطات العمومية والجهات المانحة للقروض من مصادر للمعلومات حول انتاجية وفعالية المؤسسة[33].

إن نسبة مساهمة الاقتراض في تمويل الاستثمارات الإجمالية للجماعات الترابية بلغت حوالي 22 في المائة؛ والأرقام المتعلقة بإنجازات الصندوق خلال سنة 2017 توضح المساهمة الفعالة لهذه المؤسسة في مواكبة المجهود التنموي الذي تقوده الجماعات الترابية.
ثم إن حجم القروض الممنوحة من طرف الصندوق للجماعات الترابية خلال سنة 2017 بلغت 5,5 مليار درهم مقابل 3,1 مليار درهم سنة 2016 أي بزيادة قدرها 86 في المائة؛ بحيث شكلت رافعة أساسية مكنت من تمويل مشاريع تنموية بقيمة إجمالية وصلت إلى 16 مليار درهم.
واصل صندوق التجهيز الجماعي تمكين الجماعات الترابية من خطوط اعتماد بقيمة إجمالية بلغت 17 مليار درهم خلال الفترة الممتدة ما بين 2004-2017، وذلك بغية عقلنة برمجة عمليات تمويل مشاريعها التنموية؛ واستفادت الجماعات الترابية كذلك، من المجهودات التي يبذلها الصندوق لتنويع وترشيد عمليات تمويله مما ترتب عنه خفض مهم في نسب الفائدة.

إن الصندوق بصفته مؤسسة تمويلية، يساهم بفعالية في تمويل المشاريع المحلية ومواكبة البرامج والمخططات التنموية للجماعات الترابية وكذا دعم مختلف المبادرات الرامية إلى اعتماد آليات التخطيط الاستراتيجي لضمان تنمية مندمجة ومستدامة تتماشى مع البرامج الوطنية[34]، فصندوق التجهيز الجماعي مطالب اليوم بتجويد أداءه والرفع من دوره وفعاليته تماشيا مع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة الذي يهدف أساسا إلى تعزيز دور الجماعات الترابية كشركاء متميزين للدولة وفاعلين أساسيين للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمجالية للمملكة من جهة، والاستجابة لارتفاع حاجيات تمويل العديد من البرامج والمخططات التنموية على صعيد مختلف جهات المملكة والتي يحرص الصندوق على مواكبتها والمساهمة في تمويلها من جهة أخرى، وهو مالا يمكن تحقيقه بدون تبني تقنيات تدقيق مالي بكيفية ناجعة تسعى من خلالها الجهات المختصة، لتقويم الانحرافات وتوجيه المؤسسة للطريق الأسلم بتجاوز كل المخاطر المتوقعة وبالتالي تحقيق نتائج فعالة .

 

المحور الثالث : مثبطات نجاعة آلية التدقيق المالي وفعاليته

إن ضعف وقصور الممارسة الرقابية للمجلس الأعلى للحسابات، أدت إلى فسح المجال أمام توسع استعمال الرقابة الداخلية، واللجوء إلى ما يعرف بالتدقيق، وهو أسلوب من أساليب الرقابة الخارجية، تم اعتماده سلفا في القطاع الخاص، ومع الأزمة التي عرفها القطاع العام، تم اللجوء إلى أسلوب التدقيق والاستعانة به خاصة في إطار تطبيق سياسة التقويم الهيكلي خلال الثمانينات،  وذلك قصد إنجاز المشاريع الخاصة بإصلاح نظام التسيير ومراقبة الأجهزة العمومية[35] .

إن اللجوء إلى مكاتب الاستشارة والتدقيق الأجنبية رغم فوائده المعلنة، فإن هذه الوسيلة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر والعيوب، تتمثل أساسا في أنها تبنى بالدرجة الأولى على اعتبارات خارجية، لا تراعي خصوصية الواقع المغربي، كما أن أعمال وأنشطة هذه المكاتب تنجز في ظروف قياسية، وتحيط بكثير من السرية، كما أن توصياتها ونتائجها تبقى مجرد أماني تهتم بالشكل ولا تبحت في جوهر المشكل المطروح، بالإضافة إلى كون هذه الممارسة تتطلب لتنفيذها اعتمادات مالية جد هامة وباهظة[36].

لا يمكن أن نتحدث عن نجاعة مسطرة التأديب المالي في حماية المال العام في ظل وجود آليات ضعيفة وهشة للضغط والردع، ثم إن الاعتماد على فرض الغرامات لا يشكل بحد ذاته وسيلة فعالة لحماية المال العام، كما أن النجاعة تكون محدودة فيما يتعلق بالتدقيق في الحسابات التي يتم الادلاء بها، والتي تستمر تصفيتها أحيانا إلى ما يفوق عقدا من الزمن[37].

إن مسطرة المتابعة تبقى ناقصة، لكونها تستثني من المتابعة التأديبية حسب المادة 52 من مدونة المحاكم المالية، أهم فئة من الآمرين بالصرف، وهم الوزراء الذين يديرون المالية العامة في منبعها، وأعضاء مجلسي البرلمان، وهو ما يؤثر على نجاعة المحاكم المالية في الرقابة، ويجعل مراقبة المال العام محدودة أمام صعوبة إثارة المسؤولية الجنائية للوزراء أمام المحاكم، وهو ما يتناقض مع ما نص عليه الدستور في الفصل 94 والذي يقضي بكون أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم، إضافة إلى تناقضه  مع الخطابات الملكية التي تتشبث بكون أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يجب أن يخضع له كافة المسؤولين على اختلاف درجات مسؤولياتهم ومهما بلغ مركزهم الاجتماعي[38].

تعاني المفتشية العامة للمالية من إكراه تقادم القواعد القانونية المنظمة لها بحيث تشتغل وفق نصوص تعود إلى حقبة الستينيات من القرن الماضي أي ما يقارب 60 سنة[39] على وضعها ، إذ أصبح هذا القانون يعرقل العديد من أنشطة وأعمال المفتشية العامة التي تتطلب ترسانة قانونية حديثة وملائمة للتطورات الراهنة في المجال المالي، لا سيما وأن هذه الهيئة تعد من أهم الأجهزة في المراقبة الإدارية الداخلية[40].

وغياب بوادر لاتخاذ إجراءات زجرية في حالة كشفها وإثباتها للاختلالات على مستوى التدبير الإداري والمالي[41]  انحصرت مهمتها في إظهار التجاوزات وإبداء الملاحظات حول التجاوزات والانحرافات، فلا يحق لهيئة التفتيش تحريك المسطرة القانونية تجاه من ثبت إخلاله بالتزامه وإنما تكتفي برفع التقارير إلى الجهات المختصة، فضلا عن ذلك عدم تمتيع تقاريرها بالقوة اللازمة من قبيل نشر تحقيقاتها على العموم من خلال وسائل الإعلام ، أو عرضها في البرلمان أو إحالتها للقضاء للبث فيها ، وهذا الطابع السري المعهود في تقارير المفتشية يجعلها عديمة الفعالية والتأثير[42]،  بالإضافة الى ضعف الموارد البشرية  العاملة لدى المفتشية مرفقة بقلة الوسائل المادية المرصودة لها كما ونوعا ، مما يحول دون إنجاز مهامها ووظائفها على الوجه المطلوب ويساهم بشكل كبير في إعاقة سيرها وضعف إنتاجها ومحدودية  نشاطها الرقابي، مما يغيب دورها بشكل شبه كلي في صيانة الأخطاء  و الاختلالات المالية التي تطال المال العام من تلاعب واختلاس ومختلف أنواع الجرائم المالية .

المحور الرابع: سبل بلوغ تدقيق مالي ناجع وفعال

ان ضمان فعالية ونجاعة تقنية التدقيق المالي لن يتأتى بدون تواجد جهاز للرقابة المالية، ثم ان فعالية هذه الاخيرة لن تتجسد الا بتفعيل لا مركزيها لان مركزية الرقابة و التدقيق لن تؤدي الى تحقيق الاهداف المرجوة نظرا للبعد المجالي و تعدد المؤسسات الخاضعة للرقابة، و هو ما يسهم في نقص تحقيق الفعالية بحكم صعوبة المراقبة و المتابعة.

أصبحت القطاعات الوزارية اليوم ملزمة بإعداد مشروع نجاعة أداءها والذي تقدمه مرفق بميزانيتها القطاعية، وذلك لتسهيل الوقوف عند الأهداف المتوخاة ومقارنتها مع النتائج المحققة، وكذا تيسير صلاحية التدقيق وتتبع تنفيذ كل البرامج الملتزم بها من قبل الوزارة المعنية.

لا يمكن إنكار ما للتدقيق المالي من أهمية في رصد الاختلالات على مستوى المنظمة، والذي بموجبه يتم الوقوف على المخاطر التي تهددها كحالة مؤسسة القرض العقاري والسياحي بحيث أسفرت التحقيقات التي باشرتها مديرية التفتيش والمراقبة عن رصد اختلاسات بالجملة، يتعلق الأمر بتقديم مجموعة من الأشخاص لطلبات سحب مبالغ لا يتوفرون عليها في البنك، وبعد الإذن لهم يتم سحبها من دون تسجيلها في حساباتهم الشخصية.

و تجدر الاشارة الى انه إحداث المجالس الجهوية للحسابات كجهة قضائية مختصة بالرقابة و التدقيق المالي اهمية بالغة على المجال الترابي، فكلما تقلص نطاق الاختصاص كلما زادت فعالية الرقابة و التدقيق، ثم ان انفتاح الجماعات الترابية على محيطها السوسيو اقتصادي وتوسع نشاطها الاقتصادي جعلها في حاجة ماسة الى اليات الرقابة و التدقيق المالي تكون قريبة منها  لجعل تدخلاتها اكثر نجاعة و فعالية.[43]

ثم إن إسناد صلاحيات الردع للمجلس الاعلى و المجالس الجهوية كأجهزة عليا مستقلة عن السلط الثلاث من شأنه ان يوفر مزيدا من النجاعة في تحقيق الغايات المنشودة من المراقبة و التدقيق  المالي[44].

واذا كان تحسين محيط الرقابة ضروريا لتفعيل آلياتها، فان الفعالية لا يمكن تحقيقها دون تركيز الاجهزة الرقابية على جوانب ذات اهمية والابتكار و التجديد في تقنية التدقيق المالي، فباستثناء مكاتب الخبرة الخاصة والمجلس الأعلى ثم المجالس الجهوية للحسابات، فإن  باقي الاجهزة الرقابية التقليدية لازالت تعتمد على رقابة المشروعية، ورغم انها ضرورية الا انها غير كافية و لا تعبر على مستوى الاداء المحقق.

و تأسيسا على ذلك، يتوجب على هذه الاجهزة الاستجابة لمتطلبات التحولات المستجدة باعتماد المعايير المهنية المتعارف عليها دوليا في مجال الرقابة و التدقيق، كأحد المؤشرات الهامة من أجل قياس و تقييم درجة الفعالية .

يتعين على الأجهزة العليا للرقابة أن تحدد منذ البداية الأهداف و الآليات اللازمة لإنجاح مهامها، وأن تكون على استعداد للتعامل مع مختلف التغيرات الطارئة في بيئتها الداخلية والخارجية، وتطوير الثقافة الرقابية والأخلاق المهنية التي تؤمن نجاحها. ثم  إن الأجهزة العليا للرقابة المالية المتمتعة بالاستقلالية والمهنية ستظل مؤسسات حيوية في مجتمعاتنا الحديثة، فهي التي بإمكانها أن تجلب الأمل في فترات الشك والأزمات، بتقييمها الموثوق به وباقتراحاتها الحيادية[45].

خاتمة:

ختاما يمكن القول أنه خلافا لمنطق الرقابة، فإن التدقيق وجد أساسا بغرض التقويم  وليس بغرض الردع، كما أنه في أبرز محطاته هو عبارة عن إجراء استباقي لدرء جل المخاطر التي قد تهدد السير العادي للمنظمة العمومية والذي قد يكلفها خسائر مالية باهظة قد تصل إلى عدم القدرة على أداء المستحقات  لدائنيها.

وباستحضار كل الجهود المبذولة من قبل  القطاعات الوزارية والتي أشرنا لها سلفا، لا مجال لإنكار ما لتقنية التدقيق من دور في رصد التجاوزات والاختلالات التي تشهدها مختلف المنظمات سواء على المستوى الوطني، المؤسساتي، الترابي أو المحلي، وبالتالي بموجب هذه الآلية أصبحت مسألة تحقيق مقاصد النجاعة أمرا يسيرا و ممكنا .

لكن من منظور شمولي فإن التدقيق المالي لازال  يشكو إكراهات عدة منها ماهو قطاعي سياسي قانوني وبشري، لذلك هذه دعوة للسلط الحكومية المختصة لاستكمال خطوات برامجها المتعلقة بتحيين منظومة الرقابة والتدقيق وفق ما يتلاءم ومستجدات الساحة الوطنية والدولية لدرء كل مثبطات تحقيق منظومة للتدقيق المالي عالية الجودة والفعالية.  

 

 

لائحة المراجع

  • مؤلفات أطروحات ورسائل
  • نجيب جيري، الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، دار نشر المعرفة، الطبعة الاولى
  • عبد النبي اضريف، قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية13 “،مطبعة بني ايزناسن، 2015.
  • احميدوش مدني المحاكم المالية في المغربدراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، مطبعة فضالة، المحمدية
  • أحمد حلمي جمعة، المدخل الحديث لتدقيق الحسابات، دار صفا للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان،
  • توفيق منصوري، التدقيق والاستشارة في الجماعات المحليةأطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية الحقوق الرباط أكدال، سنة2003/2004.
  • محمد حنين :” تقنيات الميزانية ، دار الطباعة والنشر الرباط ،الطبعة الثالثة ، سنة
  • هدى بنيفو، تقنية التدقيق بالتدبير العمومي الحديث بالمغرب، بنك المغرب نموذج، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق أكدال الرباط، 2014/2015.
  • مقالات ومحاضرات.
  • عبد اللطيف برحو، مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنميةمنشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 70،
  • زكرياء حقيق، المفتشية العامة للمالية : “قصور في الأداء وآفاق تطوير العمل الرقابي، مقال منشور بالموقع الالكتروني مجلة القانون.
  • المشاريع التنموية الممولة من صندوق التجهيز الجماعي لفائدة الجماعات الترابية، مقال منشور بالموقع الالكتروني مغرس.
  • فتيحة بشطاوي، الحكامة والتنمية مثال منظومة الرقابة والتدقيق على الصعيد المحلي، مجلة مسالك، عدد 13/14.
  • إيمان بنجيلاني، ربط المسؤولية بالمحاسبة في سياق الحكامة المالية، مقال منشور بمجلة قانون الأعمال.
  • محمد الأعرج ، غياب لآليات التنسيق بين القضاء المالي والقضاء الجنائي، مقال منشور بالجريدة الإلكترونية أخبار بريس.
  • زكرياء حقيق، المفتشية العامة للمالية : قصور في الأداء وآفاق تطوير العمل الرقابي، مقال منشور بالموقع الالكتروني المجلة القانونية.
  • ادريس بلماحي :” المفتشية العامة للمالية ، جهاز مهم للرقابة وفعالية محدودة ، أسبوعية مغرب اليوم ، العدد 10 ، بتاريخ 11-17 مارس
  • أحمد العماري، حكيمة مناعي، محاضرات في مادة التدقيق المالي والمحاسبي، جامعة الحاج الأخضر باتنة، الجزائر.
    • مراجع باللغة الفرنسية
  1. HARAKAT: “L’audit dans le secteur public au Maroc”, Ed. Babel, Tome II, 1994.
  • Jacques renard , « théorie et pratique de l’audit interne », les éditions de l’organisation, Paris, 1995.
  • Ahmed Gadi, «  Audit et gestion », Edition Mithaq Almaghreb, Rabat, 1996.
  • HOUSSAINI LARAQUI : « L’audit interne opérationnelle financier » collection audition 1999.
  • Mohamed Harakat, Le Droit du contrôle supérieur des finances publiques au Maroc » ,Edition Babel, Rabat 1992.

o   وثائق قانونية وإدارية

  • قرار المدير العام لصندوق التجهيز الجماعي رقم 5595 بتاريخ 30 أكتوبر
  • مرسوم 94.100 صادر في 16 يونيو1994 في شأن النظام الاساسي الخاص بالمفتشين العامين للادارة الترابية بوزارة الداخلية، ج ر عدد 4264 بتاريخ 1994.
  • دورية وزير الداخلية إلى ولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة، عدد F/3788، بتاريخ 01 أكتوبر 2019، حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة2020
    • التقارير
  • تقرير حول المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، مشروع قانون مالية 2020.
  • التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة
  • تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية، مشروع قانون المالية لسنة 2018.
  • التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات حول صندوق الايداع والتدبير لسنة
  • تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول موضوع صندوق التجهيز الجماعي، دورة أبريل
  • التقرير الخاص للمجلس الأعلى والمتعلق بمراقبة تسيير صندوق التجهيز الجماعي.
  • تقرير حول المجلس الأعلى للحسابات بالمملكة المغربية:” مبادرة تعلم مشتركة لتحسين الحوكمة من خلال التدقيق الخارجي.صادر سنة 2017 عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
  • تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب بدعم من السفارة الهولندية.
    • مداخلات
  • مداخلة رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني أثناء افتتاح الدورة السادسة لمناظرة هيئة الخبراء المحاسبين بالرباط، ، موضوع الافتحاص المالي في القطاع العمومي وحتمية الشفافية ومصداقية الحسابات.
  • مداخلة السيد نور الدين بنسودة الخازن العام للمملكة، خلال المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات.
  • مداخلة السيد الميداوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أثناء افتتاح أشغال المؤتمر الثاني عشر للجمعية العامة للمنظمة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة (الآسوساي) بمدينة جايبور الهندية سنة 2012.

[1]  عبد اللطيف برحو، “مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية” منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 70 ، 2011 صفحة 109-110.

[2]  HOUSSAINI LARAQUI : « L’audit interne opérationnelle  financier » collection audition 1999 page 36-37.

[3]  أحمد حلمي جمعة، المدخل الحديث لتدقيق الحسابات، دار صفا للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، 2000، صفحة 12-13.

[4] Jacques renard , « théorie et pratique de l’audit interne », les éditions de l’organisation, Paris, 1995, page 29.

[5] Ahmed Gadi, «  Audit et gestion », Edition Mithaq Almaghreb, Rabat, 1996 ; page 40.

[6]   احميدوش مدني “المحاكم المالية في المغرب- دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة”، مطبعة فضالة، المحمدية 2003، صفحة 56-57.

[7]  Mohamed Harakat, Le Droit du contrôle supérieur des finances publiques au Maroc » ,Edition Babel, Rabat 1992, Page 46.

[8]  عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية، الطبعة الثانية2016، العدد 21، صفحة125.

[9]  يرجع الكثير من الباحثين في علم المالية العامة وعلى رأسهم ذ. أبو علي (أستاذ المالية العامة بكلية القوق الدار البيضاء) فشل هذه اللجنة إلى مسألة تبعيتها لجهاز إداري ولضعف الوسائل المادية والبشرية التي كانت تتوفر عليها اللجنة، لأن الضعف في الامكانيات يؤدي إلى ضعف في الاستقلال عن السلطة المركزية، وبالتالي بدعم التبعية للجهاز الاداري.

[10]  عبد النبي اضريف، “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 13.130″،مطبعة بني ايزناسن، صفحة133.

[11]  الموقغ الالكتروني  للمجلس الأعلى للحسابات  www.courdescomptes.ma.

[12]  منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تقرير حول المجلس الأعلى للحسابات بالمملكة المغربية:” مبادرة  تعلم مشتركة لتحسين الحوكمة من خلال

التدقيق الخارجي”.

[13] الموقع الالكتروني  للمجلس الأعلى للحسابات  www.courdescomptes.ma.

[14] القانون رقم 69.00 المتعلق بمراقبة  مالية الدولة على المنشآت العامة وهيئات اخرى الصادر بتنفيذه  ظهير شريف رقم 1.03.195،بتاريخ 16رمضان1424  11نونبر2003،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5170 بتاريخ 1دجنير 2003 ص4240.

[15]  زكرياء حقيق، المفتشية العامة للمالية : “قصور في الأداء وآفاق تطوير العمل الرقابي”، الموقع الالكتروني

www.magazine-sc-juridiques.

[16] مرسوم 2.94.100 صادر في 16 يونيو1994 في شأن النظام الاساسي الخاص بالمفتشين العامين للادارة الترابية بوزارة الداخلية، ج ر عدد 4264 بتاريخ 1994.

[17]   توفيق منصوري، “التدقيق والاستشارة في الجماعات المحلية” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية الحقوق الرباط أكدال، سنة2003/2004، صفحة 38.

[18]   عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية، م س، ص: 133.

[19]  نجيب جيري، الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، دار نشر المعرفة، الطبعة الاولى 2012، ص223.

[20]  دورية وزير الداخلية إلى ولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة، عدد F/3788، بتاريخ 01 أكتوبر 2019، حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة2020.

[21]  تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة2018.

[22]  مداخلة  نور الدين بنسودة  الخازن العام للمملكة، خلال  المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات.

[23]  التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2018.

[24]   مداخلة رئيس الحكومة السيد سعد الدسن العثماني أثناء افتتاح الدورة السادسة لمناظرة هيئة الخبراء المحاسبين بالرباط، ، موضوع “الافتحاص المالي في القطاع العمومي وحتمية الشفافية ومصداقية الحسابات”،

[25]  مشروع قانون مالية 2020، تقرير حول المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، صفحة97.

[26]  تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية ، مشروع قانون المالية لسنة 2018، ، صفحة126.

[27]  الموقع الالكتروني لمؤسسة صندوق الايداع والتدبير www.cdg.ma .

[28]  تم احداثها بموجب الظهير الشريف رقم 1.59.074 بشأن إحداث صندوق الايداع والتدبير، الجريدة الرسمية عدد 2421 بتاريخ 1959/03/20.  .

[29]  التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات حول صندوق الايداع والتدبير لسنة 2019.

[30]  تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول موضوع صندوق التجهيز الجماعي، دورة أبريل 2017.

[31]  قرار المدير العام لصندوق التجهيز الجماعي رقم 5595 بتاريخ 30 أكتوبر 2009.

[32]  تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول موضوع صندوق التجهيز الجماعي، دورة أبريل 2017.

[33]  التقرير الخاص للمجلس الأعلى والمتعلق بمراقبة تسيير صندوق التجهيز الجماعي.

[34]  “عدد المشاريع التنموية الممولة من صندوق التجهيز الجماعي لفائدة الجماعات الترابية”، مقال منشور بالموقع الالكتروني مغرس.

[35]  أحميدوش مدني : “المحاكم المالية”، مرجع سابق، ص273.

[36]  M. HARAKAT: “L’audit dans le secteur public au Maroc”, Ed. Babel, Tome II, 1994, 96-102.

[37]   تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب بدعم من السفارة الهولندية، صفحة 72.

[38]  إيمان بنجيلاني، “ربط المسؤولية بالمحاسبة في سياق الحكامة المالية”، مقال منشور بالموقع الالكتروني www.droitdesentreprises.ma

[39]  الظهير الشريف رقم  1.59.268 الصادر في 14 أبريل 1960.

[40]  زكرياء حقيق، المفتشية العامة للمالية : قصور في الأداء وآفاق تطوير العمل الرقابي، مقال منشور بالموقع الالكتروني المجلة القانونية.

[41]   محمد حنين :” تقنيات الميزانية ” ، دار الطباعة والنشر ، الرباط ،الطبعة الثالثة ، سنة 2000 ، ص : 113.

[42]  ادريس بلماحي :” المفتشية العامة للمالية ، جهاز مهم للرقابة وفعالية محدودة ” ، أسبوعية مغرب اليوم ، العدد 10 ، بتاريخ 11-17 مارس 1996، ص: 10.

 [43]  فتيحة بشطاوي، “الحكامة والتنمية مثال منظومة الرقابة والتدقيق على الصعيد المحلي”،  مجلة مسالك، عدد 13/14.

[44]  أحميدوش مدني : “المحاكم المالية في المغرب”، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الأولى 2003 ، ص 284 289 .

[45]   مداخلة السيد  الميداوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أثناء افتتاح أشغال المؤتمر الثاني عشر للجمعية العامة للمنظمة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة (الآسوساي) بمدينة جايبور الهندية سنة 2012.

+الأسوساي تأسست عام 1979، هي مجموعة إقليمية تابعة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية (الانتوساي)، تتوخى تعزيز التفاهم والتعاون بين الأجهزة الأعضاء من خلال تبادل الخبرات في مجال التدقيق والمراجعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى