بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

هامش الربح بالبنوك التشاركية بين التحرير و التسعير

شيماء الطيبي  باحثة بسلك الدكتوراه تخصص المالية التشاركية  جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ب فاس.

 

شيماء الطيبي

 باحثة بسلك الدكتوراه تخصص المالية التشاركية  جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ب فاس.

هامش الربح بالبنوك التشاركية بين التحرير و التسعير

-المرابحة نموذجا-

تقديم

يعد بيع المرابحة من الأساليب التمويلية و من قضايا المال العصرية في المصارف الإسلامية، التي بدأت تأخذ مكانتها في الاقتصاد الإسلامي العالمي و تشد انظار الفقهاء و القانونيين و الاقتصاديين.

و مما لا شك فيه أن المصارف و المؤسسات المالية الإسلامية أصبحت في حاجة ماسة إلى معيار لتقويم كفاءتها و قياس أدائها، و للأسف الشديد أصبح الاستئناس لمؤشر سعر الفائدة أمرا معتادا في تسعير منتجات المؤسسات المصرفية و المالية الإسلامية، و إن كان ذلك لضرورة الواقع العملي و لاعتبارات السوق التي لا يمكن بكل حال تجاهلها[1].

و في هذا الإطار إذا كانت البنوك الإسلامية بصفة عامة و البنوك التشاركية المغربية بصفة خاصة تعتمد في بيع المرابحة للامر بالشراء على معطى أساسي يتمثل في “معيار الربحية”، فإنه بات من الضروري توفير بديل مرجعي موثوق به من أجل تسعير أدوات التمويل التشاركي بدلا من قياسها على أسعار الفائدة السائدة في السوق.

و تعرف المرابحة لغة: بكونها من الربح حيث جاء في لسان العرب )ربح ربحا كعلم علما و تعب تعبا) و أربحته على السلعة أي أعطيته ربحا و قد أربحته بمتاعه و أعطاه مالا مرابحة، أي على الربح بينهما[2].

أما المرابحة من حيث الاصطلاح: فبالنظر إلى تعاريف الفقهاء يوجد اختلاف بينهم في العبارات المعتمدة أما بالنسبة للمضمون فكلها ترجع لمعنى واحد و هو “بيع السلعة بالثمن الذي اشتراها به و زيادة ربح معلوم”[3].

و التسعير لغة: فهو تقدير السعر، و السعر هو الذي يقوم عليه الثمن و جمعه أسعار و سعروا تسعيرا أي اتفقوا على سعر معين.

أما التسعير في الاصطلاح الفقهي: يقصد به أن يقدر السلطان أو نائبه سعرا للناس و يجبرهم على التبايع بما قدره أي سعره و قدر ثمنه فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان[4].

و يلاحظ أن بيع المرابحة للامر بالشراء هو مصطلح حديث حيث طرحت هذه الصيغة على المستويين النظري و العملي بصورة مختلفة حتى منصف العقد السابع من القرن العشرين[5].

و يعود تاريخ ظهور الصيغ التمويلية الحديثة التي تعتمدها البنوك الإسلامية إلى سنة 1ّ940 عندما أنشأت ماليزيا صناديق للإدخار تعمل بدون فائدة ثم أخذت المالية الإسلامية تعرف نوعا من التطور في العالم الإسلامي و أخذت تنتشر على مستوى واسع لتشمل كل من السودان و مصر و الأردن ثم الكوت.

أما على الصعيد الوطني فإن فكرة دخول المالية الإسلامية بالمغرب و اعتماد المنتجات البديلة جاءت بعد مخاض عسير، فبعد رفض المغرب الترخيص لترويج منتجات التمويل الإسلامي في بداية التسعينات من القرن الماضي تم تخطي هذا العائق و أعقب ذلك بعد مشاورات عديدة السماح بتداول محدود للمنتجات البديلة من خلال البنوك التقليدية و لكن في نطاق ضيق و تحت مسمى “المنتجات البديلة” و ليس الإسلامية.

فانتهت هذه التجربة بالفشل باستثناء تجربة “التجاري وفا بنك” التي فتحت فرعا متخصصا لتسويق المنتجات البديلة سنة 2010 تحت اسم “دار الصفا”، و نشط هذا الفرع في تسويق المرابحة للامر بالشراء سواء المتعلقة باقتناء العقارات أم السيارات، إلا أنها كانت تجربة محتشمة فكانت الإنطلاقة الفعلية للمالية الإسلامية بالمغرب مع بدايات سنة 2016 التي تكللت بإصدار قانون بنكي يتضمن مقتضيات خاصة بالبنوك التشراكية و هو القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الإئتمان و الهيات المعتبرة في حكمها، ثم فتح أول بنك تشاركي بالمغرب سنة 2018 و هو أمنية بنك و صاحب ذلك  إطلاق منتوجات بديلة عن القرض بفائدة و يتعلق الأمر ببيع المرابحة للامر بالشراء، إلى أن أصبحت هذه الصيغة هي المعتمدة بكثرة بمختلف البنوك الشراكية و أصبحت هي الصيغة التي تتنافس من خلالها هذه الأخيرة سواء فيما بينها أو بين البنوك التقليدية .

و تبرز أهمية الموضوع في كون أن صيغة المرابحة للامر بالشراء بالمغرب أصبحت تعرف إقبالا متزايدا من المواطنين المغاربة إدراكا منهم بأهمية التعامل بدون فائدة لكنهم يشتكون من غلاء هذه الخدمة البنكية بالمقارنة مع نظيرتها المعتمدة بالبنوك التقليدية، الشيء الذي أصبح معه من الضروري أن تتجه الدراسات نحو حقيقة هامش الربح المعتمد بالبنوك التشاركية و البحث عن مسوغات و حلول هذا الغلاء حتى لا تسقط البنوك التشاركية في دائرة المقارنة بينها و بين البنوك التقليدية من حيث غلاء الأسعار من عدمه.

من كل هذا و ذاك فإن الإشكالية التي يتمحور حولها الموضوع تتعلق بالمعايير المعتمدة من لدن البنوك التشاركية في تقدير هامش ربح المرابحة للامر بالشراء إذا كانت علاقة العملاء بالبنك التشاركي هي علاقة قائمة في الأساس على التكلفة كعامل محدد لاتخاذ قرار التمويل، وهل بات من الضروري الحديث عن تدخل فعلي لضبط هذه العلاقة التمويلية التي يكون أساسها ربحي بامتياز؟

ستتم الإجابة عن هذه الإشكالية من خلال مبحثين:

المبحث الأول: أحكام هامش ربح المرابحة المعتمدة بالبنوك التشاركية.

المبحث الثاني: تباين ربح المرابحة للامر بالشراء أية حماية للعميل.

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : أحكام هامش ربح المرابحة المعتمد بالبنوك التشاركية

إن الحديث عن هامش الربح كمكون أساسي ضمن مكونات الثمن الإجمالي لبيع المرابحة للامر بالشراء و كشرط موضوعي فيه[6]، يتطلب الوقوف عند الضوابط القانونية و الفقهية المنظمة له (المطلب الأول)، ثم التطرق للجوانب العملية لتقديره بمختلف البنوك التشاركية بالمغرب (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الضوابط الفقهية و القانونية لتقدير هامش الربح في المرابحة للامر بالشراء.

للوقوف على الضوابط المنظمة لهامش ربح المرابحة فقها و قانونا لا بد من تحديد ماهيته و حكمه الشرعي مقارنة بالفائدة المعمول بها بالبنوك التقليدية .

فأما ماهية الربح فهو ما عبر عنه العلامة سيدي أحمد الدردير: “هو زائد ثمن مبيع اتجر (التجارة) على ثمنه الأول ذهب أو فضة”[7]، و المراد بهذا التعريف أنه ذلك الباقي من ثمن المبيع بعد تغطية تكاليف الحصول على السلعة، فيكون بذلك الربح هو كل زيادة عن رأس المال.

و لقد حرص الفقهاء على ضرورة الربح في المرابحة لكن هذا الحرص لا يقف فقط عند إلزاميته كشرط صحة في المرابحة بل يجب أن يكون الربح معلوما فلا يصح البيع إلا إذا كان الربح معلوما[8].

و قد يقول قائل بأن الربح الذي تحصله المؤسسات البنكية التشاركية هو نفسه الفائدة التي تستخلصها البنوك التقليدية من خلال خدماتها البنكية و على رأسها القرض، فنكون أمام معاملة تنطوي على شبهة الربا[9]، و لعل مناقشة هذا الطرح من جوانبه الشرعية يمكن من إماطة اللثام عن حقاق و جزئيات يصعب التوصل إليها بالتحليل المجرد أو بإجراء عمليات حسابية حول قيمة الربح مقارنة بالفائدة، لذلك فهامش الربح من حيث المبدأ ليس حيلة لأخذ الربا كما اعتبرها أحد منظري الفكر الإسلامي[10].

و لعل سبب الخلط بين الربح و الفائدة يرجع للمفهوم اللغوي لكل منهما حيث يحملان نفس المعنى و هو الزيادة و النمو عن الأصل[11] مصداقا لقوله تعالى : “فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت”[12].

و لمناقشة هذا الخلط الشائع لا بد من الوقوف عند مسألة الفرق بين الزيادة في الربح عن الزيادة في الربا أو الفائدة بنوع من التوضيح :

فالزيادة الناتجة عن الربح هي زيادة مرتبطة بالعمل و الجهد الذي يحول المال من حال إلى حال، في حين أن الزيادة الناتجة عن الربا مؤداها مبادلة الجنس بجنسه مع الزيادة في انفصال تام عن البذل و العمل، كما في القروض الربوية و هو ما لا يتطابق مع الزيادة في المرابحة للامر بالشراء ذلك أنها تعد أحد وسائل التبادل، و المبادلة هنا لا تنصب على عوضان من نفس الجنس مثلا (نقد بنقد)، و إنما تتعلق بمقابلة (ثمن بسلعة)[13].

فالربح إذن الذي تحصل عليه المؤسسة البنكية في المرابحة للامر بالشراء مبني على أساس التبادل التجاري، و هذا الربح لا يكون مضمونا في جميع الأحوال ذلك أن التجارة تحتمل الربح كما تحتمل الخسارة كما أن البنك يتحمل المخاطر التي قد تلحق بالمبيع بعد اقتنائه، و إن كان الأمر يظهر على هذا النحو من حيث المبدأ أي حصول البنك على الربح مقابل التمويل و تحمل المخاطر إلا أنه عمليا يتم اعتماد معايير أخرى كما سيأتي بيانه لاحقا .

و جدير بالتنبيه أن الشريعة الإسلامية قد وضعت شروطا و ضوابط  للربح حتى يكون مشروعا :

  • أن يكون الربح ناتجا عن كسب مشروع و عقود مشروعة تتوافر فيها الأركان و الشروط و ليس فيها مخالفة لنص من نصوص الشرع.
  • أن لا يكون الربح بسبب الاستغلال أو الغش أو التدليس.
  • أن لا يؤدي الربح إلى تحقيق غبن فاحش للطرف الاخر.
  • أن لا يكون الربح ناتجا بسبب الاحتكار في الطعام و نحوه[14].

هذا فيما يخص الجوانب الشرعية المتعلقة بهامش الربح أما بالنسبة للجوانب القانونية المنظمة له، فالملاحظ أن القانون الجديد المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيات المعتبرة في حكمها[15] القاضي بإحداث البنوك التشاركية تطرق لهامش الربح من خلال المادة 58 منه في معرض الحديث عن المرابحة حيث جاء فيها: “المرابحة هي كل عقد يبيع بموجبه بنك تشاركي منقولا أو عقارا محددا و في ملكيته لعميله بتكلفة اقتناءه مضاف إليها هامش ربح متفق عليه“.

كما أنه و بإحالة صريحة من الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة سلفا على منشور والي بنك المغرب المحدد للمواصفات التقنية و الفنية لعقود التمويل التشاركي نجد أن المادة الثالثة منه[16] تسير في نفس التوجه المنصوص عليه في المادة 58 المذكورة، و بالوقوف عند هاذين النصين يتضح بجلاء أن هامش الربح يجب أن يتم الإتفاق عليه مسبقا بين الأطراف و هو ما يؤكد توجه المشرع و والي بنك المغرب نحو تحرير هامش الربح و عدم إخضاعه لحد معين.

كما تضيف المادة السادسة من المنشور ذاته أن” ثمن البيع يجب أن يحدد لزاما في عقد المرابحة سواء تعلق الأمر بتكلفة الاقتناء أو هامش الربح و يجب أن يكون كل منهما ثابتا، و تمنع الزيادة فيهما”، فهذه المادة تفتح المجال للتساؤل عن حقيقة الحماية التي يمكن توفيرها للعميل من الزيادة سواء تعلق الأمر بتكلفة الاقتناء أم بالربح و بالتحديد أمام خاصية ثبات الثمن المذكورة إن كان هذا الأخير له ارتباط بمتغيرات السوق التي تتأثر بعوامل عدة مرتبطة بالاقتصاد الوطني أو الخارجي.

المطلب الثاني : الجوانب العملية لتقدير هامش ربح المرابحة بالبنوك التشاركية

سبقت الإشارة فيما سلف أن الربح هو ما يحصل عليه البنك مقابل البذل أو العمل إلا أنه عمليا تتدخل في تقدير الربح عدة عوامل حددتها البنوك التشاركية المغربية خاصة و أن المشرع المغربي و والي بنك المغرب تبنيا منطق التفاوض حول الربح و بناء عليه فإن المؤسسات البنكية التشاركية أخذت على عاتقها تحديد شروط  و معايير تقدير الربح فنجد مثلا أمنية بنك تعتمد على ثلاث عناصر :

  • مراعاة مبلغ التمويل .
  • مدة العقد و الأقساط.
  • مساهمة العميل.[17]

في حين نجد أن مؤسسة الصفا تعتمد معيارا واحدا في احتساب الربح و هو المدة الزمنية لسداد الدين[18]، و هنا يبرز التباين في المعايير المعتمدة لتقدير هامش الربح و لعل هذا الأمر يحمل في طياته شقا إيجابيا و الاخر سلبي، بخصوص الأول فهو يشجع المنافسة بين البنوك التشاركية فيما أن الثاني يجعله سببا لفتح باب التلاعب و الزيادة في الربح.

و عموما فإن الربح يحسب كنسبة مئوية من ثمن الشراء و كذا جميع المصروفات الأخرى التي تحملها البنك من الشراء الأول، و هذه النسبة تختلف بحسب أجل السداد بما يؤثر على إجمالي الثمن الذي يزيد في البيع الاجل عنه في البيع النقدي، لأن الرأي الفقهي مجتمع على أن للأجل حظ في الثمن و هذا الحظ يظهر في زيادة نسبة الربح مع ضرورة الإشارة إلى أن ذلك يجب أن يكون محددا بصفة قطعية و نهائية عند إبرام عقد البيع، و لا يقال مثلا أن نسبة الربح هي 5% إذا كان السداد على ثلاث سنوات و 7% إذا كان السداد على أربع سنوات فما فوق، و هو ما يعرف بالتناسب الفردي للأرباح من أجل السداد .

فإذا كان يجوز أن يكون هذا واضحا قبل التعاقد فإنه إذا تم العقد على نسبة معينة 5% مثلا و السداد لمدة ثلاث سنوات ثم تأخر المشتري عن السداد في الموعد المحدد فلا تزاد نسبة الربح مقابل الأجل في هذه الفترة بل يعالج الموقف بأحد الإجراءات المقررة في الدفع كما فصلها الفقهاء المسلمون[19].

المبحث الثاني : تباين ربح المرابحة للامر بالشراء أية حماية للعميل

علم مما سبق أن المحدد الرئيسي لتقدير الربح بالبنوك التشاركية المتعلق بالمرابحة للامر بالشراء هو مدة السداد إذا تحدثنا عن السداد بموجب الأقساط، لكن من الواضح أن هامش الربح يعرف نوعا من التأرجح و هو غير مضبوط بحد معين مما يفسح المجال للنقاش حول إمكانية تسعير الربح عوضا عن تحريه (المطلب الأول)، و لعل الحل أيا كانت الأسباب يتطلب مأسسة هامش الربح حماية للعميل (المطلب الثاني).

المطلب الأول :  هامش ربح المرابحة بين أساسيات التحرير و دواعي التسعير .

إن سعر الربح الذي تعتمده البنوك التشاركية المغربية هو سعر ثابت كما أشارت إلى ذلك المادة 58، و خصيصة الثبات هذه إنما يراد بها أن الربح لا يتأثر بتغير العوامل الاقتصادية بعد حصول الاتفاق حوله ، و هو توجه يخالف التوجه القائل بهامش الربح المتغير الذي دعا إليه بعض الباحثين[20]، حيث يتدخل في سعر الربح عامل أساسي و هو سعر السوق و كلما تغير هذا السعر تغير معه القسط لكن السؤال الذي يظل مطروحا و الحالة هذه هل للركون لهامش الربح المتغير نجاعة حقيقية في تقدير الربح بما يوفر حماية للعميل ؟ أو بالأحرى هل هي طريقة مستساغة للعميل و كيف يمكن للمؤسسة البنكية أن تتعامل مع تقدير كل قسط حسب متغيرات السوق السنوية ؟

إن العلاقة القائمة بين العميل و المؤسسة البنكية يجب أن تحتكم للجودة الخدماتية من جهة و للمرونة و السلاسة لتسهيل و تيسير الاستفادة من الخدمة بالإضافة إلى اعتماد ثمن معقول و عادل[21]، و ليس فقط ذلك بل ثمن مضبوط خاضع لرقابة معينة.

إذا كان الأمر يجب أن يسير على النحو المذكور فإن التجربة المغربية فيما يتعلق بهامش الربح المعتمد بالبنوك التشاركية تتخذ من مبدأ تحرير سعر المرابحة للامر بالشراء-يقصد بالسعر هنا سعر الربح و ليس الثمن الإجمالي للعملية- شعارا لها و هو ما يتضح بجلاء على مستوى المادة 58 من القانون البنكي، و لعل هذا التوجه يتماها مع ما أقره قانون 104.12 المتعلق بالمنافسة و حرية الأسعار خاصة في مادته الثانية التي تؤكد على مبدأ حرية أسعار السلع و المنتوجات و الخدمات اعتمادا على العرض و الطلب و إن كانت المادة ذاتها تعطي للإدارة الحق في التدخل من أجل تحديد أسعار بعض السلع و المنتوجات و الخدمات في الحالات التالية:

  • احتكار فعلي أو قانوني.
  • صعوبات في التموين.
  • مقتضيات قانونية و تنظيمية.[22]

و من الواضح أن تكريس مبدأ حرية الأسعار في الأرباح التي تحصلها الأبناك من عمليات المرابحة للامر بالشراء إنما تخضع لمؤثر أساسي حيث عادة ما تتأثر بسعر الفائدة، و ذلك حرصا من البنوك التشاركية على خلق نوع من المنافسة بينها و بين البنوك التقليدية، و إن كانت هذه المنافسة قد تأتي على حساب العميل ذي الدخل المحدود في بعض الأحيان.

و يرى بعض الباحثين في المالية الإسلامية أن هذا التماثل بين هامش ربح المرابحة و سعر الفائدة فيه غبن للمزايا التنافسية في المرابحة المتمثلة في :

  • عدم جواز غرامة التأخير.
  • نظرة الميسرة في حالة العسر لا المماطلة عن الغني.
  • إمكانية تحول العقد بضوابطه الشرعية[23].

و في السياق ذاته هناك من يستند إلى نظرية التسعير[24] في الفقه الإسلامي و الأصل فيه عدم الجواز إلا لسبب شرعي صحيح و ما يفيده ذلك من حرية السوق و منع التدخل في حركته إلا للضرورة لحديثه صلى الله عليه و سلم: “دعو الناس يرزق الله بعضهم من بعض”[25]، كما أن الإمام مالك أسس هذا النهي انطلاقا من قوله تعالى” لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم”[26]، إلا أن هذا الرأي قد تجاوزه بعض العلماء و اتخذوا من التسعير استثناء لقاعدة النهي و ذلك عندما تقتضيه الحاجة و تدعوا إليه الضرورة كما لو تدخلت في الأسواق عوامل غير طبيعية كاحتكار بعض التجار و تلاعبهم بالأسعار[27] .

و قد يثار تساؤل بهذا الخصوص عن حقيقة ارتفاع هامش الربح بالبنوك التشاركية مقارنة بالبنوك التقليدية ؟

و يقدم رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي[28] إجابة عن ذلك حيث اعتبر أن “حقيقة المعاملة لا تقتضي بالضرورة أن تكون نسبة الربح فيها مرتفعة عن نسبة الفائدة و إذا قام مواطن مغربي ببحث دقيق في هذا الأمر سيجد أن لهم نفس الكلفة تقريبا، و حتى إن وجد فرق بينهما فإن هذا الفرق لا يتجاوز 1% و هو ليس فرق فاحش”.

فيما يعتبر الخبير و الباحث في المالية الإسلامية هشام بلامين[29] أنه “من حيث الربح فإن كلا من المؤسسات التقليدية أو التشاركية  هي مؤسسات تجارية فالأولى تبحث عن الربح من خلال الفوائد البنكية و الثانية تضمن لنفسها هامش للربح مع التمويل الذي تقدمه للزبناء مما يجعل من المرابحة بديلا شرعيا و ليس بديلا اقتصاديا”، كما أن هذه المؤسسات بعيدة عن التوجه التبرعي الذي تعمل به بعض المصارف الإسلامية و وفق شروط معينة.

لكن هذا لا ينفي عن البنوك التشاركية نهجها سياسة التعويل على أرباح المرابحات و المضاربة بالتالي على أكبر ربح ممكن بغية توفير السيولة اللازمة، خاصة و أنها تعاني من ضعف إدخار المواطنين، فثقافة الإدخار بالبنوك التشاركية لم تصل بعد إلى المغاربة بالشكل الكافي و المطلوب كما لم تستوعبها العقليات، و كيفما كان الأمر فإننا نرى أن النتيجة واحدة إن لم تكن البنوك التشاركية في وسعها و مقدورها تسويق المرابحة للامر بالشراء في قالبها الشرعي و الأخلاقي المجرد من اللهث وراء الربح بالأساس، فإننا أمام احتكار لا محالة مما يستدعي ضرورة التدخل لضبط سعر الربح، و لا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الربح المحدد بحدود الغبن و الاستغلال في الفقه الإسلامي تعد عيوبا تلحق بالعقد في بنائه و تكون الإرادة معه معيبة و للقاضي أن يرده إلى الحد المعقول الذي يحقق العدل بين أطراف العقد[30]، و لعل هذا الطرح يمكن من التساؤل  عن المرجعية التي يمكن للقاضي الإستناد عليها و الحالة هذه لإعادة ضبط سعر الربح الذي ينطوي على غبن أو استغلال الطرف الضعيف أمام خضوع هامش الربح للحرية من جهة ، كما أن القاضي من جهة أخرى يتعامل مع عقد بيع المرابحة للامر بالشراء كعقد بيع عادي و يستند في ذلك للقواعد العامة للبيوع الوارد النص عليها في قانون الإلتزامات و العقود المغربي، علما أن للمعاملة من الخصوصيات ما يستدعي الرجوع لمنشور والي بنك المغرب الذي لن يأخذ به القاضي في جميع الأحوال ؟ و ليس فقط ذلك بل السؤال الجوهري الذي يمكن بسطه بهذا الخصوص هو هل ان الأوان للحديث عن قضاء متخصص في مجال المالية الإسلامية أم أن التجربة لم تنضج بعد ؟

المطلب الثاني : مأسسة هامش الربح

أمام الوضع الذي يشهده واقع تنزيل عقود التمويل التشاركي و بالتحديد المرابحة للامر بالشراء من تحرير للربح مما يجعله خاضعا لمعايير و محددات عشوائية يصعب التكهن بها، فإن البنوك التشاركية أصبحت في حاجة ماسة للتدخل و ضبط سعر الربح و هو ما يقترحه أحد الأساتذة الباحثين[31] في هذا الصدد إذ يعتبر أنه “يجوز للمصرف المركزي أن يتدخل في تحديد معدلات الأرباح إذا ما حقق ذلك المصلحة العامة، حيث يؤدي إلى منع التضخم المؤدي إلى الإخلال بالقيمة الحقيقية للنقود، كما يؤدي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية.

كما يضيف الباحث أنه مما ينبغي الإشارة إليه أن اعتماد سياسة عادلة مرتبطة بتحديد معدلات الأرباح في الأبناك التشاركية المغربية سيجنبها الفوضى التي تتخبط فيها مثيلاتها في الدول الأخرى”.

و استنادا على ما سبق ذكره نقترح أن يكون هناك تدخل مؤسساتي بصورة تشاركية بين مختلف الفاعلين في القطاع البنكي في شخص والي بنك المغرب و المجموعة المهنية لبنوك المغرب GPBM مع ضرورة استشارة جمعيات حماية المستهلك و خضوع التقدير المحدد للربح لرقابة اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، و ذلك بغية تحقيق الموازنة في ميزان القوى الفاعلة في القطاع البنكي التشاركي للخروج بسعر محدد لهامش الربح لا يتجاوز الحدود المعقولة يراعي أسعار السوق و لا يهمل القدرة الشرائية للعميل ، و ذلك أخذا بعين الاعتبار أن المرابحة من بيوع الأمانة القائمة على الثقة و الإفصاح عن الثمن و الربح.

 

 

 

 

 

خاتمة

صفوة القول إن طرح مسألة تسعير أرباح خدمات البنوك التشاركية و خاصة المرابحة للامر بالشراء للنقاش ليست حديثة و إنما كانت هناك العديد من الدراسات في العالم الإسلامي التي اهتمت بتسعير الخدمات المصرفية الإسلامية، منها ما تعامل مع هذه الخدمات بإطارها العام و منها ما أخذ هذه الخدمات على شكل وحدات خدمية منفردة كما و الشأن بالنسبة للدراسة التي سقناها سابقا.

و يظل بسط موضوع هامش الربح بين التحرير و التسعير للنقاش اقتضته ضرورة تطوير الأبحاث في المالية الإسلامية بالمغرب و مساعدة البنوك التشاركية على المضي قدما و تجاوز التعثرات لترقى المالية التشاركية ببلادنا إلى مصاف الإبتكار المالي و تحقق بالتالي طفرة اقتصادية كبرى خاصة و أن الاقتصاد المغربي يعاني الأمرين بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية و الوطنية التي خلفتها جائحة كورونا ، فكل ذلك يقتضي بداية التسريع بطرح بقية عقود التمويل التشاركي و كذا تشجيع المواطنين على الادخار بالبنوك التشاركية لتوفير السيولة اللازمة ثم ضبط سعر المرابحة للامر بالشراء حتى لا يبقى التعويل عليها بشكل مفرط .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

-عبد الحميد البعلي، نحو مؤشر إسلامي للتعامل في السوق المالية و النقدية بديلا عن مؤشر الفائدة الربوي، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثالثة، العدد12، طبعة سبتمبر 2015.

– لسان العرب لابن منظور، الجزء الثاني، بيروت للنشر.

-العلامة محمد عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للعلامة سيدي احمد الدردير، الجزء الثالث، فصل في المرابحة،دار إحياء الكتب العربية.

-نيل الأوطار للشوكاني،الجزء 5، الطبعة الثانية.

– عائشة الشرقاوي المالقي،البنوك الإسلامية (التجربة بين الفقه و القانون و التطبيق )، المركز الثقافي العربي للطباعة و النشر بالدار البيضاء، الطبعة الأولى لسنة 2000.

– راجع بشأنه شيماء الطيبي, رسالة لنيل شهادة الماستر بعنوان ‘عقد المرابحة البنكي- دراسة تحليلية على ضوء العقد النموذجي-‘ ،ماستر الأسرة و التوثيق، السنة الجامعية 2017-2018.

– محمد عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للعلامة الدردير، ما ورد في تعريف الربح، الجزء الثالث فصل  في المرابحة ، دار إحياء الكتب العربية.

– محمد حسنى الزيني، عقد المرابحة في الفقه الإسلامي، دار الفكر الجامعي بالإسكندرية مصر ، الطبعة الأولى سنة 2012.

-فاطمة ايت الغازي ، عقد المرابحة من الأساس الفقهي إلى الاستخدام البنكي بالمغرب، مجلة الأملاك،عدد مزدوج11-12،سنة 2012-2013.

-علي محيي الدين القرهذاغي، الأسس الشرعية لتوزيع الخسائر و الأرباح في البنوك الإسلامية مع بيان النوازل الخاصة بالأزمة المالية (دراسة تأصيلية مقارنة)، الدوحة سنة 1430ه.

-الحسن العلج، حماية المستهلك في عقد المرابحة، المجلة العربية للدراسات القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، مجلة جماعية حول حماية المستهلك،مطبعة فارير سطات، الطبعة الأولى سنة 2020.

-عبد الكريم البزور، افاق المرابحة بهامش ربح متغير في البنوك التشاركية بالمغرب-الشرعية و الضوابط-، المجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية العدد 4، سنة 2019.

-محمد بن أبي بكر، الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة 1، السنة 1995.

[1] – عبد الحميد البعلي، نحو مؤشر إسلامي للتعامل في السوق المالية و النقدية بديلا عن مؤشر الفائدة الربوي، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثالثة، العدد12، طبعة سبتمبر 2015، ص 38.

[2] – لسان العرب لابن منظور، الجزء الثاني، بيروت للنشر، ص442.

[3] -العلامة محمد عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للعلامة سيدي احمد الدردير، الجزء الثالث، فصل في المرابحة،دار إحياء الكتب العربية، ص159 و ما بعدها.

[4] -نيل الأوطار للشوكاني،الجزء 5، الطبعة الثانية، ص233.

[5] – عائشة الشرقاوي المالقي،البنوك الإسلامية (التجربة بين الفقه و القانون و التطبيق )، المركز الثقافي العربي للطباعة و النشر بالدار البيضاء، الطبعة الأولى لسنة 2000، ص20.

[6] -راجع بشأنه شيماء الطيبي, رسالة لنيل شهادة الماستر بعنوان ‘عقد المرابحة البنكي- دراسة تحليلية على ضوء العقد النموذجي-‘ ،ماستر الأسرة و التوثيق، السنة الجامعية 2017-2018، ص  44 و ما بعدها.

[7] – محمد عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للعلامة الدردير، ما ورد في تعريف الربح، الجزء الثالث فصل  في المرابحة ، دار إحياء الكتب العربية، ص 160.

[8] – محمد حسنى الزيني، عقد المرابحة في الفقه الإسلامي، دار الفكر الجامعي بالإسكندرية مصر ، الطبعة الأولى سنة 2012، ص 132,

[9] – و ذلك راجع لكون المرابحة للامر بالشراء المعتمدة بالبنوك التشاركية لا تتطابق مع المرابحة الفقهية في العديد من الجوانب خاصة ما يتعلق بالربح الذي يعتبر بمثابة زيادة تنضاف لرأس المال و هو ما  يمكن أن ينطوي على الاستغلال.

[10] – الدكتور أحمد النجار من منظري فكرة البنوك الإسلامية حيث يقول ‘أن بيع المرابحة للامر بالشراء هو أكبر حل إجرامي في التاريخ الإسلامي، فهو سعر فائدة لكنه مضمون 100% فهو معاملة ليست ببيع و لا شراء و إنما حيلة لأخذ الربا “، فاطمة ايت الغازي ، عقد المرابحة من الأساس الفقهي إلى الاستخدام البنكي بالمغرب، مجلة الأملاك،عدد مزدوج11-12،سنة 2012-2013، ص197.

[11] – محمود حسنى الزيني، م س ، ص 134.

[12] – الاية 39 من سورة فصلت.

[13] – فاطمة ايت الغازي،  م س، ص 188 و 189 بتصرف.

[14] – علي محيي الدين القرهذاغي، الأسس الشرعية لتوزيع الخسائر و الأرباح في البنوك الإسلامية مع بيان النوازل الخاصة بالأزمة المالية (دراسة تأصيلية مقارنة)، الدوحة سنة 1430ه، ص 6.

[15] – ظهير شريف رقم 1.14.193 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 الموافق ل 24 ديسمبر 2014 بتنفيذ القانون 103.12  المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيات المعتبرة في حكمها.

[16] – جاء في المادة 3 من منشور والي بنك المغرب رقم 1/و/17 صادر في تاريخ 27 يناير 2017″يقصد بعقد المرابحة كل عقد تبيع بموجبه مؤسسة منقولا أو عقارا محددا في ملكيتها، لعميلها بتكلفة اقتنائه مضافا إليها هامش ربح متفق عليهما مسبقا بين طرفي العقد”.

[17] – يعتبر أمنية بنك أول بنك تشاركي تم إحداثه بالمغرب سنة 2018.

[18] – شيماء الطيبي، م س ص 49 و 50.

[19] – الحسن العلج، حماية المستهلك في عقد المرابحة، المجلة العربية للدراسات القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، مجلة جماعية حول حماية المستهلك،مطبعة فارير سطات، الطبعة الأولى سنة 2020، ص 394.

[20] – من صور المرابحة بهامش ربح متغير:

أولا: أن يكون السداد دفعة واحدة و الربح بحسب مؤشر هامش الربح في السوق وقت السداد.

ثانيا: أن يكون السداد دفعة واحدة و الربح بحسب متوسط هامش الربح في السوق عن فترة السداد.

ثالثا: أن يكون السداد على أقساط و الربح بحسب مؤشر هامش الربح في السوق وقت حلول القسط.

رابعا: أن يكون السداد على أقساط و الربح بحسب متوسط هامش الربح في السوق عن فترة سداد كل قسط.

عبد الكريم البزور، افاق المرابحة بهامش ربح متغير في البنوك التشاركية بالمغرب-الشرعية و الضوابط-، المجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية العدد 4، سنة 2019، ص 274.

[21] – مبدأ الثمن العادل « le juste prix »  الذي يعني أن كل سلعة أو خدمة يجب أن يكون لها في وقت معين و في سوق معينة ثمن عادل أي مناسب و هو من المبادئ الثلاث التي نادى بها القديس توماس الإكويني في إطار ما يسمى بالعدل التبادلي.

[22] – المادة 2 من قانون المنافسة و حرية الأسعار الصادر بموجب الظهير الشريف رقم 116-14-1 صادر في 2 رمضان 1435ه الموافق ل 30 يونيو 2014 .

[23] – عبد الحميد البعلي، نحو مؤشر إسلامي للتعامل في السوق المالية الإسلامية، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، العدد12، طبعة ديسمبر 2015، ص 42.

[24] – ابن القيم الذي يتفق في هذا التوجه مع شيخه ابن تيمية رحمه الله حيث يعتبر أن التسعير: “التزام بالعدل عن الظلم و هو يشمل تسعير السلع و الأعمال”، محمد بن أبي بكر، الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة 1، السنة 1995، ص 205.

[25] – رواه مسلم في صحيحه برقم 660/1.

[26] – الاية 29 من سورة النساء.

[27] – و هو نفس التوجه الذي نهجه قانون المنافسة و وحرية الأسعار المغربي من خلال مادته الثانية.

[28] – عبد السلام بلاجي في حوار صحفي له مع إحدى المواقع الإلكترونية .

[29] – في حوار له مع موقع لكم.

[30] -عبد الحميد البعلي، م س ، ص 42.

[31] – حسن العلج، م س، ص 394.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى