في الواجهةمقالات قانونية

الأصول الشرعية و القانونية لمدونة الحقوق العينية.

الأصول الشرعية و القانونية لمدونة الحقوق العينية.

حسن السايحي:باحث في العلوم القانونية

مقدمة:

يرتبط الإنسان وجودا واعتمارا، فردا وجماعة بالأرض، فحياته عليها وفناؤه فيها وبعثه منها، لذلك سعى إليها حائزا أو مالكا أو غاصبا، مبتدعا في كل ذلك قواعد تنظم له استعمالها واستغلالها والتصرف فيها، لقوله تعالى: “منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى[1]“.

ومما لاشك فيه أن المسألة العقارية تعتبر عنصرا أساسيا لبلوغ التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية، بل وهي الركيزة الأساسية في مجال الإسكان والتعمير.

وبالتالي فإن الكيفية التي يتم بها الانتفاع بالعقار في أي بلد تنعكس إلى حد بعيد على مستوى هذا البلد، وترهن مصيره اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا أيضا. واليوم لم يعد مجرد وجود قواعد منظمة للعقار كافيا للفت الانتباه إليه، وجلب الاهتمام به في العمليات الاستثمارية، بل أصبح المهم أكثر هو مدى وضوح هذه القواعد ودقتها.[2]

وعليه فالعقار يشكل أحد أهم هذه المجالات، باعتباره الأرضية الأساسية لانطلاق المشروعات المنتجة وإقامة المشاريع السكنية والنهوض بالاستثمار، وهو ما يتطلب استقرارا تاما في الوضعية المادية والقانونية للعقار.[3]

فالعقارات في المغرب كانت تشكل كتلة متجانسة تخضع لقواعد الفقه الإسلامي، وخصوصا المذهب المالكي. ثم ما لبث المغرب أن بسطت عليه الحماية سلطتها، مستقدمة معها ترسانة من القوانين ذات المرجعية اللاتينية، فنتجت عن ذلك ازدواجية في مرجعية القواعد  القانونية المنظمة للعقار بين مرجعية الفقه الإسلامي من راجح ومشهور وما جرى به العمل، ومرجعية القانون اللاتيني كما تعددت الأنظمة العقارية، حيت أنضاف نظام عقاري جديد هو نظام العقار المحفظ إلى الأنظمة العقارية التي كانت موجودة قبل مجيء  الاستعمار.

غير أن هذه الترسانة القانونية التي أحدثها المستعمر لم تكن شاملة وتركت مجموعة من المسائل بدون تأطير قانوني، مما جعلها تظل محكومة بالقواعد التي كانت تسري عليها قبل الحماية ومن ضمنها النوازل المتعلقة بالعقار غير المحفظ، بعد أن بات ينقسم إلى عقار محفظ بعد خضوعه لنظام التحفيظ الذي تم تطبيقه بالمغرب بموجب ظهير 1913[4] المنظم للتحفيظ العقاري، ولظهير 2 يونيو 1915 المتعلق بالقواعد الموضوعية  الواجب التطبيق عليها، بالإضافة إلى العقار غير محفظ مما جعل العقار ببلادنا يتسم بازدواجية النوع من جهة وازدواجية القواعد من جهة أخرى.

إن إشكالية الازدواجية  هاته التي يعانى منها التنظيم القانوني للعقار تعتبر الحاجز الرئيسي الذي يحول دون تطوير النظام العقاري بالمغرب، سيما وأنه منذ حصول هذا الأخير على الاستقلال لم تكن هناك رؤية واضحة لتعميم نظام التحفيظ العقاري، بحيث ظهر ذلك جليا من خلال قانون التوحيد والمغربة والتعريب  بتاريخ 26 يناير 1965، والنقاش الذي أثير حول نطاق تطبيق قانون الالتزامات والعقود ونطاق تطبيق الشريعة والفقه الإسلامي، وانتهاء بمختلف القوانين الصادرة مع بداية هذه الألفية، التي حاول من خلالها المشرع إعادة هيكلة المشهد العقاري إلا أنه لم تكن له رؤية واضحة للتعميم،ونقصد هنا خاصة القانون18.00[5] المنظم للملكية المشتركة، القانون 44.00[6] المنظم لبيع العقار في طور الانجاز والقانون 51.00[7] المنظم للإيجار المفضي إلى تملك العقار وأيضا القانون 39.08[8] بمثابة مدونة الحقوق العينية[9].

وتعتبر صدور مدونة الحقوق العينية حدثا تشريعيا بارزا في مجال التشريع العقاري المغربي بحيث احتوت على مبادئ هامة ومستجدات ساهمت في تطوير البنية العقارية. فإنجاز هذه المدونة وإخراجها إلى الوجود هو هدف طال انتظاره لعقود من الزمن.

وتدخل هذه المدونة في إطار تحقيق هدف تدوين أحكام الفقه الإسلامي في جميع المجالات وهو مقصد نبيل سبق للمرحوم محمد الخامس أن نادي به بمناسبة تعيينه للجنة تدوين الفقه الإسلامي[10]، حيت ورد في خطابه بمناسبة تعيين أعضاء هذه اللجنة بتاريخ 19 أكتوبر 1957.[11]

ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة على المستوى النظري والعملي، في محاولة إبرازه للمرجعيات والأصول الموضوعية المختلفة التي ساهمت في تشكيل مضامين وبنود المدونة، سواء كانت مرتبطة بالفقه الإسلامي أو كانت عبارة عن قواعد قانونية.

ويطرح هذا الموضوع إشكالية جوهرية مفادها:

مدى مساهمة القواعد الشرعية والقانونية في بناء مضامين مدونة الحقوق العينية؟

وتتفرع عن الإشكالية التساؤلات التالية:

ما مركز الفقه الإسلامي داخل مدونة الحقوق العينية؟

وما هي أهم القواعد الفقهية المتضمنة في المدونة؟

وما مركزية قانون التزامات والعقود وظهير التحفيظ العقاري في مدونة الحقوق  العينية؟

المبحث الأول: الأسس الشرعية لمدونة الحقوق العينية

تستمد الحقوق العينية معظم مرجعياتها وأصولها من الفقه الإسلامي على المذهب المالكي باعتباره الأساس الذي اعتمد عليه المشرع لاستمداد جل القواعد الناظمة للمعاملات العقارية، ويظهر ذلك جليا من خلال نصوص مدونة الحقوق العينية التي عمد فيها المشرع إلى تفسير مجموعة من القواعد الفقهية الخاصة بالعقار في إطار قانوني موحد يسهل الرجوع إليه بعدما كانت متفرقة.

وسنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى مكانة الفقه المالكي في الترسانة القانونية لمدونة الحقوق العينية (المطلب الأول) على أن نتطرق لتجليات قواعد الفقه المالكي في المدونة ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: دور الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية

باعتبار المغرب دولة إسلامية بالهوية والتاريخ وبنص الدستور[12]، فإننا نجد أحكام الفقه الإسلامي وخاصة الفقه المالكي يحتل مركزا متقدما في القانون المدني المغربي فهو المرجع الأساسي لمدونة الحقوق العينية (الفقرة الأولى)، كما يحظى الفقه المالكي بالدور التكميلي لمدونة الحقوق العينية  فيما لا نص فيه حينما أحالت هذه المدونة على الفقه المالكي بمقتضى مدتها الأولى[13] (الفقرة الأولى).

الفقرة الأولى: الدور الأساسي

يحتل الفقه المالكي مساحة واسعة ضمن أحكام مدونة الحقوق العينية حيت  أن المشرع المغربي اقتبس جل مقتضيات أحكام هذه المدونة من قوعد الفقه المالكي[14]، فنص المدونة عموما جاء مرتبطا بالفقه المالكي الذي اعتبر قاعدة لارتكاز أحكامها، ومرجعية أساس لقواعدها[15].

وغني عن البيان كذلك أنه تم الاعتماد أثناء وضع مدونة الحقوق العينية على مجموعة من المؤلفات الفقهية المالكية المشهورة[16]، ومعلوم أن هذه المظان هي عمدة الفقه المالكي، وأشهر مصادره[17].

حتى وأنه بالنظر لمدونة الحقوق العينية من الزاوية التشريعية فإن اللجنة التي أحدثت بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، وتحت إشراف وزير العدل قد عوهد إليها بوضع مشروع مدونة الحقوق العينية مستمد من الفقه الإسلامي والفقه المالكي على وجه الخصوص. ولذاك فإنه بالنظر إلى أعضاء هذه اللجنة يلاحظ انها جمعت ثلة من العلماء والفقهاء والقضاة والجامعيين المؤهلين لسبر أغوار مظان الفقه المالكي، والخروج منها بقواعد مقننة مختصرة، وواضحة ودقيقة، لان اللغة الغامضة تجعل القانون مغلقا، وغير دقيق تجعله مبهما[18].

وقد كانت مهمة اللجنة تتلخص في إيجاد نقلة سليمة للأحكام الفقهية من مصادرها ومظانها، في إطار قانوني حديث، يتمثل في شكل مدونة تحوي منخول كتب الفقه، كذلك فان الحديث عن الرجوع إلى مدونات ومصادر الفقه المالكي لتقنينها، يطرح مشكل تعددها وتشتتها، ناهيك عن حاجتها إلى التحيين وإلى من يشرح مغلقاتها، فهذه اللجنة قد عهد اليها في بادئ الأمر تدوين الفقه الإسلامي المتعلقة بالحقوق العينية الواردة على العقارات غير المحفظة، والملاحظ أن المشرع الأول[19]، قد سار في طريق تكريس الازدواجية بين العقاريين المحفظ والعادي لذلك. تم التراجع عليه واستبداله بمشروع قانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية  لكي تطبق على العقار عموما دون تمييز بين المحفظ وغيره.[20]

ويبقي الفقه المالكي أهم المصادر الرسمية لمدونة الحقوق العينية خصوصا،  والنظام العقاري المغربي دون تمييز بين العقارات المحفظة وغير المحفظة، كما كان في السابق[21].

غير أن هذا لا يعني أن مدونة الحقوق العينية لم تخرج عن قواعد الفقه المالكي في بعض المقتضيات، في مقابل ذلك قامت بتوحيد الأحكام الموضوعية المتعلقة بالعقار غير المحفظ وإلغاء الازدواجية السائدة في ما يخص المنازعات العقارية المتعلقة به.

الفقرة الثانية: الدور التكميلي

جاء في المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية في فقرتها الأخيرة “.. فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي[22]“.

فانطلاقا من هذه المادة يتضح أن المدونة جاءت متمسكة بالفقه المالكي في ما لا نص فيه، فقد أحالت على المذهب المالكي لتكميل نصوص هذه المدونة والتي تضمنت مجموعة من الضوابط الأساسية التي تتحدد في الاعتماد على تأويلات الفقه الإسلامي، وبالخصوص المذهب المالكي الذي يعد اللبنة الأولى التي اعمتد علها المشرع عند صياغته لنصوص المدونة،والتي جاءت منسجمة مع هذا الفقه(المالكي) في جل قواعدها.

بالإضافة إلى ذلك، فان الفقه المالكي يؤدي دورا آخر داخل مدونة الحقوق العينية، فإلى جانب دوره الأساسي في تدوين نصوصها، يعد في المقابل مصدرا تكميليا لهذه النصوص وسندا يعتمد عليه القضاء في إعمال قواعد هذا الفقه من أجل حل النزاعات العقارية المرتبطة بالحقوق العينية، والذي جعله المشرع من المرجعيات الأساسية للقاضي عند عدم وجود نص داخل المدونة، حسب المادة الأولى.

لذلك يجب على القاضي أن يستفرغ جهده داخل هذا المذهب وخصوصا الأقوال الراجحة أو المشهورة أو التي جرى بها العمل، لايجاد قاعدة فقهية يعتمد علها أثناء حله للنزاع المعروض أمامه في حالة عدم وجود نص داخل مقتضيات مدونة الحقوق العينية.[23]

المطلب الثاني: تجليات قواعد وأحكام الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية

اهتم الفقهاء المسلمون بمختلف أوجه المعاملات بما في ذلك الحقوق والتصرفات المنصبة على العقار، وأولو عناية فائقة به، ولم تختلف كثيرا كيفية تناول الفقه الإسلامي عن القانون الوضعي لهذه المواضيع إلا من جهة الإخراج والتبويب والألفاظ والمصطلحات المستعملة على خلاف ما هو مضمن في المدونة التي تمزج بين ما هو فقهي وقانوني.

لذلك سنركز من خلال هذا المطب على تجليات(الفقرة الأولى)ومظاهر (الفقرة الثانية) الفقه المالكي على مدونة الحقوق العينية.

الفقرة الأولى: تجليات قواعد الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية

تعتبر القواعد الأصولية تلك القواعد الرامية إلى فهم قصد الشارع من وراء النص الشرعي وذلك بفك مغالاته وفهم معانيه، بغية كشف الحكم الشرعي الملائم حول قضية من القضايا أو نازلة من النوازل، كما أن الباحث في أي نص قانوني لا بد أن يضع كمرتكز لذلك، مجموعة من المحددات الشكلية التي يمكن من خلالها النفوذ إلى مرامي الموضوع، لهذه الغاية واعتبارا لكون مدونة الحقوق العينية لها امتداداتها في أحكام الفقه الإسلامي، لذلك سنعمد على ايراد بعض القواعد الأصولية التي قام المشرع بالتنصيص عليها في إطار سرده لبعض القواعد المعتمدة في الترجيح بين البيانات (أولا)، ثم سنتطرق إلى الجانب اللغوي للمدونة انطلاقا من بعض المصطلحات والمفاهيم التي وظفت فيها (ثانيا).

أولا: على مستوى قواعد الترجيح

تعتبر الدعوى الوسيلة القانونية الاستصدار حكم قضائي منشئا للحق المدعى فيه أو كاشفا لهذا الحق، ومجرد الإدعاء لا يخول المدعي اقتضاء الحق موضوع النزاع، اذ لابد من تعزيز الطلب بما يثبته، من مختلف وسائل الإثبات تطبيقا للمبدأ القانوني، اثبات الالتزام على مدعيه، والمنصوص عليه في الفصل 399 ق.ل.ع.

إن المنازاعات العقارية كغيرها من المنازعات التي تحفل بها سائر الدعاوي المختلفة التي تثار أمام القاضي، يستوجب فيها المنطق القانوني والعقلي إقامة الدليل على الوقائع المحتج بها وممارسة الحق في الإثبات[24]، الذي هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها.[25]

وتماشيا مع القاعدة الفقهية التي تقول “من ادعى شيء لنفسه لزمه الإثبات”، وتبعا لذلك فالمنازعة القضائية حول العقار تفرض هي الاخرى وجود ادعائين مختلفين مبنيين على حجج ودلائل  مختلفة ومتعاكسة، وعلى هذا الأساس فإذا ادعى شخص حجة تقضي بعكس ما تقضي به حجة الطرف الآخر وعجز المدعي عن دحضها فإنه يتوجب على المحكمة الجمع بين الحجتين إذا أمكن لها ذلك تطبيقا للقاعدة الفقهية التي تقضي بأن إعمال النص خير من إهماله.[26]

تعد مدونة الحقوق العينية مجالا خصبا للقواعد الفقهية المالكية في هذا المجال ومنها قواعد الترجيح[27] بين الأدلة، ومعلوم أن قواعد التعارض والترجيح مبحث أصولي خالص وغايته إزالة التعارض بين الأدلة، وذلك بالجمع بينما اذا آمكن وإلا فالترجيح بين الأدلة بناءا على مرجح ولا ترجيح من غير مرجح.

ومنها ما ورد في المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية التي تنص: “..إذا تعارضت البينات المدلى بها لإثبات ملكية عقار أو حق عيني على عقار وكان الجمع بينهما غير ممكن فإنه يعمل بقواعد الترجيح بين الأدلة ومن بينها:

  • ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه.
  • تقديم بينة الملك على بينة الحوز
  • تقديم بينة الإثبات على بينة النفي.

كذلك ما ورد في نفس المادة، أن تقدم بينة النقل على بينة الاستصحاب، فالاستصحاب هو لآخر دليل شرعي يلجأ إليه المجتهد عند غياب دليل آخر للحكم على الشيء بما كان ثابت له من قبل. ومن قواعده، الأصل في الأشياء الإباحة وفي الإنسان البراءة. وقد لمح المشرع إلى اعتبار هذا الدليل دليلا عند غياب دليل ناقل عن أصل المستصحب في مجال البيانات.

وقواعد لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال، وقاعدة الأخذ بأخف الضرر. فمن تطبيقات هذه القواعد في مدونة (ح ع ) نجد المادة (20) تنص على ما يلي:” إذا تعلق حق الغير بعقار، فلا يسوغ لمالكه أن يتصرف فيه تصرفا ضارا بصاحب الحق”.

هذه المادة تحيل على تطبيق قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وهي من أمهات القواعد[28]، في الفقه المالكي والدين الإسلامي.

كما تنص المادة 21 على ما يلي:” لا يسوغ لمالك العقار أن يستعمله استعمالا مضرا بجاره ضررا بليغا، والضرر البالغ يزال”

وهذه المادة 64، تنص على أن:” لكل مالك عقار ليس له منفذ إلى الطريق العمومي أو له منفذ غير كاف لاستغلال عقاره أن يحصل على ممر في أرض جاره نظير تعويض مناسب، شرط أن يقام هذا الممر في المكان الذي لا يسبب للأرض المرتفق بها إلا أقل الضرر.”

فمن خلال المواد أعلاه نجد أن المشرع استمد قاعدة الأخذ بأخف الضرر والضرر يزال ولا ضرر ولا ضرار في تنظيم المعاملات العقارية وفي الارتفاقات بشكل خاص سيرا على نهج المذهب المالكي.

ثانيا:على مستوى والمصطلحات والمفاهيم

  • المصطلحات:

من خلال تتبع المصطلحات الواردة في المدونة تبين أن المشرع استعمل مصطلحات عديدة يرجع أصلها للفقه المالكي مثل: الشياع، حق العمرى[29]، حق الحبس، إحياء أراضي الموات والحريم، الميراث والوصية، المغارسة[30]، الصدقة، الهبة، الشفعة، القسمة.

وإذا قارنا هذه المصطلحات بما ورد في مصادر الفقه المالكي وجدنا ما يقابلها، فقد ورد في موطأ الإمام مالك باب ما لا يجوز في غلق الرهن، القضاء في الهبة، الاعتصار في الصدقة، القضاء في العمرى، الوصية للوارث، الحيازة، كتاب الشفعة[31].

  • المفاهيم:

اعتمد المشرع في مدونة الحقوق العينية على مفاهيم فقهية في عدة مواضيع ومنها ما ورد في المادة 105 م.ح.ع بشأن تعريف حق العمرى ما نصه: حق عيني قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض يقرر طول حياة المعطى له أو المعطى، أو لمدة معينة.

وهو ما نجده في تعريفي الباجي وابن عرفة المالكيين:

  • الباجي: ” هبة منافع الملك عمر الموهوب له.”[32]
  • ابن عرفة: ” تمليك منفعة حياة المعطى بغير عوض”.[33]

لذا يتبين من خلال هذين التعريفين أن التعريف القانوني الوارد في المادة أعلاه مسوغ من هذبن التعريفين الأخيرين.

وكذلك في المادة 265 م.ح.ع عرف المشرع المغارسة: عقد يعطي بموجبه مالك أرضه لآخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من الأرض والشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد الإطعام.

وعرف التسولي في كتاب البهجة بقوله: “أن يعطي الرجل أرضه لآخر ليغرسها بجزء معلوم منها يستحقه بالإطعام.[34]

الفقرة الثانية:مظاهر أحكام الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية

عمل المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية على وضع القواعد المؤطرة لمجموعة من الوقائع والتصرفات المكسبة للملكية والتي كانت في الأصل خاضعة للقواعد والأحكام المضمنة في مصنفات الفقه الإسلامي ومن جملتها مجموعة من التصرفات التبرعية كعقد الهبة والعمري، نظرا لدورهما المجتمعي في تحقيق ما يجب أن يكون عليه المجتمع الإسلامي من سيادة لروح التكافل والتعاون بين أفراده وتقديرا لهذه الغاية. ورغبة من المشرع في حل الإشكالات التي تطرحها طبيعة هذه التصرفات، تولاها بالتنظيم في المدونة بناء على أحكامها في الفقه الإسلامي، كما يمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الحيازة باعتبارها سببا مكسبا للملكية في العقار غير المحفظ والتي تعد كذلك مظهرا من مظاهر التأثر بالأحكام المضمنة في الفقه الإسلامي إلى جانب الشفعة التي نظمت بعض أحكامها في ظهير 1915 بعد أن تم إعادة صياغة مضامينها وتعزيزها بمقتضيات جديدة داخل مدونة الحقوق العينية.[35]

ففيما يخص الحيازة، والتي يراد بها لغة الجمع والضم، وحوز الشيء أي ضمه ووضع اليد عليه، أما في الاصطلاح فتعني ضم الشيء وأخذه ووضع اليد والسيطرة عليه، وفي معنى الحيازة من الناحية الفقهية فقد عرفها الفقيه الدردير بأنها وضع اليد على الشيء والاستلاء عليه والتصرف فيه بهدم أو بناء أو صدقة أو زرع أو غرس أو ايجار أو بيع أو قطع شجر.

ولقيام الحيازة يجب أن تستوفي مجموعة من الشروط منها وضع اليد والظهور المادي ومرور المدة المعتبرة للأخذ بها وانتفاء أحد موانعها، كأن  يكون السبب غير ناقل للملكية ومبنيا على سبب غير مشروع.

وبذلك فإن الحيازة تحظى بأهمية كبيرة في تقرير ملكية العقارات غير المحفظة وتعد مستند القضاء في قضايا الاستحقاق وعمدة أرباب التوثيق في إبرام التصرفات القانونية، ومستندا يبني عليه المحافظ قراره بتحفيظ العقار، وقد كان القضاء يرجع بخصوصها قبل  صدور المدونة إلى مصنفات الفقه الإسلامي بالإضافة إلى المصنفات المضمنة في قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية.

أما بخصوص الشفعة فقد شرعت قصد حماية الملك الشائع من الأضرار التي قد تلحقه وتعطل من قيمته الاقتصادية والاجتماعية، وتعرف[36] بأنها الحق الثابت للشريك على الشياع في أخذ حصة شريكه من المشتري الأجنبي دون رضاه بالثمن الذي اشترى به تضاف له المصارف الضرورية والنافعة.

وأقر الفقه الإسلامي مشروعية الشفعة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: “قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم[37]“.

وقد أجمعت سائر المذاهب على وجوب الشفعة مع اختلافها في مسألة مدى أحقية الجار بالشفعة، حيث ذهب كل من المالكية والشافعية والحنابلة بأن الشفعة لا تثبت للجار أما الحنفية فيرون عكس ذلك مستدلين بحديث أبي رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الجار أحق بصقبه”.

 

 

المبحث الثاني: الأصول القانونية لمدونة الحقوق العينية

تعد مدونة الحقوق العينية الشريعة العامة للحقوق العينية العقارية، ونقطة تلاقي الحقوق العينية والشخصية ومن هذا المنطلق قام المشرع في بنائه للصياغة النصية للمدونة بارتكازه أساسا على ما تقرر في ظهير 1915 من الأحكام المطبقة  على العقار المحفظ مما يبرر الاحتفاظ بكثير من قواعد هذا الأخير في إطار التشريع العقاري الجديد.

كما أن ظهير الالتزامات والعقود هو الآخر يعد شريعة عامة للقوانين المدنية، والذي كان يطبق على العقارات غير المحفظة قبل صدور مدونة الحقوق العينية، وذلك في كل المقتضيات التي قام بتنظيمها أو التي لم يرد بها نص في الفقه الإسلامي وظهير 1915، مما يستقيم معه اعتبار هذين الظهرين مرجعا وأصلا لمدونة الحقوق العينية.

المطلب الأول: القانون العقاري أصل مدونة الحقوق العينية

لقد كان المغرب أثناء صدور الظهير المنظم للتحفيظ العقاري يخضع لظروف استعمارية جعلت بعض مناطقه تخضع للحماية، والتي عمدت منذ السنوات الأولى إلى وضع مجموعة من التشريعات والقوانين العقارية، وبهذا أصبح النظام العقاري المغربي يتسم بخصوصية الازدواجية على مستوى القواعد المنظمة للعقارات، غير أنه ورغبة من المشرع في القضاء على هذه الازدواجية، فقد قرر إدماج العقارات غير المحفظة في البنية التشريعية، وذلك لوضع تشريع شامل تخضع له العقارات المحفظة وغير المحفظة.

الفقرة الأولى: السياق التاريخي لنظام التحفيظ العقاري

للإلمام بالسياقات التي تحكمت في ازدواجية البنية التشريعية للعقارات بالمغرب،  وجب علينا الحديث عن أصول هذا النظام ودواعي تطبيقه قبل الحماية (أ)، وبعد معاهدة الحماية (ب)، وبعد الاستقلال (ج).

  • قبل معاهدة الحماية

كان العقار في المغرب يخضع إلى قواعد الفقه الإسلامي المذهب المالكي بالخصوص على قاعدة الراجح والمشهور وما جرى به العمل في إطاره، غير أن هذا الواقع بدأ يعرف نوعا من الانحصار مع نظام الامتيازات الذي بموجبه تم منح القنصليات الأجنبية سلطات كان من تجلياتها السماح لها بتطبيق قواعد قانونية أجنبية، وقد كان لهذا أثر كبير في دخول البلاد في مجموعة من المعاهدات أثرت على سيادته ومنها:

  • المعاهدة المبرمة مع فرنسا بتاريخ 28 ماي 1767.
  • المعاهدة المبرمة مع البرتغال سنة 1773.
  • المعاهدة المبرمة مع اسبانيا في عهد السلطان المولى سليمان سنة 1797.
  • بعد معاهدة الحماية

عملت السلطات الاستعمارية بعد توقيع معاهدة فاس في 30 مارس 1912 التي تم  بموجبها  إخضاع المغرب للحماية على سن مجموعة من النصوص القانونية، كان من غايتها إزاحة الفقه الإسلامي، بقوانين تضمن تنفيذ السياسة الاستعمارية في البلاد، فبادرت إلى وضع نظام للتحفيظ  العقاري بغية السيطرة على أجود الأراضي بطريقة قانونية بواسطة ظهير  12 غشت 1913 في المنطقة التي كانت تخضع لنفوذها أما المنطقة التي كانت تخضع للحماية الاسبانية، فلقد عمد المشرع إلى إصدار الظهير الخليفي المؤرخ في 1 يونيو 1914.

ج. بعد الاستقلال 

عند حصول المغرب على الاستقلال تم استصدار المرسوم الملكي المؤرخ في 24 أكتوبر 1966[38]، الذي عمل على تمديد نظام التحفيظ العقاري إلى مناطق الشمال، بعد ذلك صدر ظهير 19 شتنبر 1977[39]، حاول من خلاله المشرع تجاوز النقائص التي أبان عنها المرسوم الملكي لسنة 1966 والذي تم إلغائه، ليصدر بعد ذلك مرسوم 9 نوبر 1992[40].

الفقرة الثانية: سياق الظهير المؤطر للعقارات

كما هو معلوم أن العقارات في المغرب إما محفظة أو غير محفظة أو في طور التحفيظ .

فالعقار المحفظ يخضع للظهير الأساسي المنظم للتحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 الذي تم تعديله وتتميمه بواسطة القانون 14.07بتاريخ 22 نوفمبر 2011[41] والذي يتمز بكونه يطهر العقار من كل التصرفات السابقة بعد تأسيس الرسم العقاري الذي يكتسي حجة مطلقة لا يمكن إخراج العقار منه، كما يخضع أيضا في ما يتعلق بالتنظيم للحق العيني للقانون رقم 39.08 .

أما العقار غير المحفظ فإنه بعدما كان خاضعا لمقتضيات الفقه الإسلامي الذي كان يتولى تنظيم جميع أنواع التصرفات الواردة عليه، كما يتولى تنظيم كل ما يتعلق بقواعد الحيازة والاستحقاق أصبح تنظيمه خاضع لمدونة الحقوق العينية التي تأثرت إلى حد كبير بقواعد الفقه الإسلامي وهي تنظيم الحق العيني.[42]

أما في ما يتعلق بالعقار في طور التحفيظ يبقى خاضعا لأحكام مدونة الحقوق العينية، وبالرغم من كون وضعية هذا العقار تتسم بعدم الاستقرار بسبب النزاعات التي قد تنشأ عليه، إلا أن ذلك لا يترتب عليه جمود العقار إذ يمكن أن ترد عليه مجموعة من التصرفات القانونية، والتي تتمثل في الرهن والهبة إضافة إلى البيع والوصية… وبالمقابل يلزم إيداع كل العقود المتعلق بالتصرفات التي أبرمها صاحب مطلب التحفيظ والعقار لا زال في طور التحفيظ لدى المحافظ على الأملاك العقارية.[43]

المطلب الثاني: مظاهر تأثر مدونة الحقوق العينية بقانون الالتزامات والعقود

باعتبار أن المادة الأولى[44] من مدونة الحقوق العينة جعلت من قانون الالتزامات والعقود هو المصدر الثاني بعد مدونة الحقوق العينية يرجع إليه في حالة عدم وجود نص خاص في المدونة، وعليه سنتطرق لتجليات تأثر مدونة الحقوق العينية ب ق.ل.ع على مستوى توثيق التصرفات العقارية (الفقرة الأولى)ثم على مستوى أسباب كسب الملكية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: على مستوى توثيق التصرفات العقارية

يعتبر التوثيق وسيلة قانونية تحفظ بها الحقوق والواجبات، ويعد توثيق التصرفات القانونية ووسائل الإثبات عامة، من الأمور التي يعتبر فيها قانون الالتزامات والعقود مرجعا فيما يخص الضوابط والقواعد الخاصة به بما فيها المسائل المتعلقة بتوثيق التصرفات العقارية،  فهذه المادة صريحة في تحديد المرجع الاحتياطي لهذا القانون في حالة غياب نص واجب التطبيق، وهو قانون الالتزامات والعقود بالدرجة الأولى.[45]

إلى جانب قوانين خاصة،والتي اهتمت بالأشخاص المخول لهم قانونا تحرير مثل هذه التصرفات وضوابط تحريرها، وذلك قبل صدور المدونة حيث نص الفصل 489من ق.ل.ع على أنه: “إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا  رسميا، وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون”، وهو ما يفهم منه أن التصرفات التي محلها عقار يكون لزما إفراغها في شكلية الكتابة حتى تكون نافذة ومقبولة،غير أن الإشكال الذي كان يثار أن الدليل الكتابي كان ينتج عن الوثيقة الرسمية والوثيقة العرفية، وتحقيقا للأمن القانوني واستقرار المعاملات نص المشرع في المادة الرابعة  من مدونة الحقوق العينية والتي عدلت بموجب قانون 69.16[46] على أنه: “يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض”.

ومن ثم فإن السياسة التشريعية في مجال توثيق التصرفات العقارية راعت جانب التدرج، والقطع جزئيا مع المحررات العرفية، وتكريس رسمية العقود إلى جانب المحررات الثابتة التاريخ المحررة من طرف مهنيين عينهم القانون.[47]

أولا: المحررات الرسمية

ينص الفصل 418 من ق.ل.ع:” الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.”

ولكي نكون أمام ورقة رسمية يجب أن تتحقق مجموعة من الشروط:

– صدور المحرر من ذوي الاختصاص: يتوجب لإبرام المحرر الرسمي أن يصدر هذا المحرر من طرف الأشخاص الذين أناط بهم المشرع إضفاء الرسمية على التصرفات القانونية حيث تصير هذه المسألة من اختصاص العدول الذين يزاولون مهنة خطة العدالة، وكذا الموثقين العصرين، إذ نجد المادة 48 من القانون 32.09[48]، تنص على أنه “تكون العقود والمحررات التي ينجزها الموثق وفقا لمقتضيات هذا القانون الصبغة الرسمية المقررة في قانون الالتزامات والعقود”.

– صدور المحرر في حدود سلطة و اختصاص المكلف به: وهنا يجب أن يكون للمكلف بالعمل ولاية القيام به في وقت تحرير المحرر إذ تنص المادة 35 من قانون التوثيق على أنه “يتلقى الموثق ما لم ينص القانون على خلاف كل العقود التي يفرض القانون إعطائها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وتسليم نظائر ونسخ منها”،إلا أن المشرع لم ينص صراحة على تحديد اختصاص العدول كما الموثقين بل جعلها مفتوحة شريطة أن تكون موضوعاتها مما يجوز التعامل به.[49]

– مراعاة الأوضاع القانونية في تحرير المحرر: لا يكفي أن يحرر التصرف القانوني من طرف العدل والموثق ودخول ذلك في نطاق سلطتهما الاستكمال المحرر شروطه، بل يجب كذلك كتابته وفق البيانات اللازمة استحضارها في مضمون المحرر من إجراءات وشكليات كما وضحها المشرع في المواد من 36 إلى 49 من قانون 32.09.

ثانيا: المحرر ثابت التاريخ

نظرا  للمشاكل التي نتجت عن المحررات العرفية المبرمة أساسا من قبل الأطراف أو شخص من الغير دون أن يكون له الاختصاص في تحريره، لكون هذه المحررات لا تستدعي إلى التوقيع عليها من أطرافها و المصادقة على توقيعهما لدى السلطات المختصة، و نظرا إلى أنها كانت تفتقر إلى المستلزمات الضرورية منها شروط وصياغة وشكليات وإلى أصل التملك، لذا كانت محل قدح وطعن بدعاوى البطلان والإبطال كما يتم رميها بالزور وكانت تشكل مساسا بالأمن القانوني والاقتصادي.[50]

وقد شجع على الإقبال عليها سهولة إنجازها وتكلفتها المنخفضة، ولكونها تمكن من التهرب من أداء واجبات الخزينة كما أنها تعتبر مرتعا لذوي النيات السيئة اللذين يستغلونها للترامي على حقوق الغير مما جعلها مثار منازعات بين أطراف العقد بينهم و الغير.

وأصل هذه المحررات يعود إلى خضوع المغرب للاستعمار الأجنبي حيث وجد المستعمر نفسه بحاجة إلى آلية تسهل عليه الاستيلاء على الأراضي أمام رفض العدول تلقي هذه التصرفات فما كان لإدارة الحماية إلى أن نصت في قانون الالتزامات و العقود على منح الصفة الثبوتية للورقة المكتوبة الموقعة من أطرافها.

وبقي الأمر على ما هو عليه فترة من الزمن،فكثرت فيه النزاعات حول حق الملكية والحقوق العينية العقارية،و كانت الوثيقة العرفية في ظل هذا الوضع تقبل من طرف المحافظ على الأملاك العقارية كسند لمطلب التحفيظ مع ما يترتب على ذلك من ترام على الأملاك مما جعل المشرع في مدونة الحقوق العينية يرجع اختصاص إبرام المحررات الثابتة التاريخ للمحامي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا).

وتجدر الإشارة إلى أنه عند إبرام العقد من طرف المحامي يتم التوقيع على صفحاته من الأطراف ومن المحامي الذي أشرف على تحريره ويتم تصحيح إمضائه من طرف رئيس كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس فيها مهامه.

غير أن الإشكال الذي يثار بهذا الخصوص هو مدى كفاءة المحامين في القيام بمهنة التوثيق أمام انشغالاتهم بوظيفتهم الأساسية التي هي الدفاع عن حقوق المتقاضين، فحرفة التوثيق لا تأتي ناصيتها إلا لمن وجه الجهد والمسعى إدراك خباياها ومهاراتها كونها تتطلب دراية عالية وكفاءة علمية رفيعة وبالغة فنية للإلمام الشامل بكيفية أدائها وتوضيح لأركانها وشروطها وإتقان وسرد وقائعها وإيراد ما تعتمده في الأحكام الشرعية والقوانين المرعية.[51]

ولعل الواقع العملي يبزر لنا بعض الممارسات غير السليمة فأمام انشغالات المحامي الكثيرة فإنه لا يكلف بنفسه عناء تحرير العقد بل يقوم الأطراف بإبرام التصرف ولا يقوم المحامي  إلا بوضع توقعيه على المحرر مما لا يساعد على تجاوز إشكالات الوثيقة المحررة من قبل الأطراف أو الغير غير المختص، كما يطرح الاختصاص الذي يحظى به رئيس كتابة الضبط غموضا من حيث رقابته على محتوى الوثيقة أم أنه لا ينفذ إلى دوره الآلي في المصادقة على التوقيع.[52]

الفقرة الثانية: على مستوى أسباب كسب الملكية

إن الحديث عن مظاهر تأثر مدونة الحقوق العينية بقانون الالتزامات والعقود يقودنا الأمر إلى التطرق للمقتضيات المنظمة لكل للشفعة (أولا) ثم القسمة (ثانيا)

أولا: الشفعة

عرف المشرع المغربي الشفعة من خلال الفصل 292 من مدونة الحقوق العينية:  “الشفعة أخد شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء”.

وبالتالي عندما يكون المال مشاعا بين شخصين أو اكثر ويفوت أحد الشركاء حصته للغير بعوض، فإن لباقي الشركاء الحق في أن يستردوا تلك الحصة من المالك الجديد بعد أن يؤدوا له كل ما خرج من يده بمناسبة حصوله على تلك الحصة.

ذلك أنه من المعروف أن الشركة في العقار وما يلحق به من الحقوق العينية العقارية تؤدي في الغالب إلى مشاكل وصعوبات، وينشأ عن تعدد الشركاء عراقيل قد تتسبب في عرقلة الاستفادة من ذلك العقار المشترك، لأن الشركاء قد لا يتفاهمون على إدارة العقار ولا يتفقون على طريقة استغلاله، وبالخصوص عندما يدخل عليهم شريك جديد عن طريق حصوله على حصة أحد الشركاء القدامى حيث يغلب أن لا ينسجم هذا الشريك مع بقية الشركاء، فتتعطل منفعة ذلك العقار ويتوقف عن أداء مهمته. وتفاديا لكل ذلك شرعت الشفعة لتعمل على التقليل من الشركاء ليعود العقار إلى الملكية المفرزة الخاصة، وليتأتى للشركاء إخراج الشريك الجديد الذي يمكن أن يضربهم[53].

ونظرا لأهمية الشفعة فقد قام المشرع بتنظيمها في قانون الالتزامات والعقود قبل مدونة الحقوق العينية،  وهكذا بالرجوع إلى الفصل 974 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه:  “إذا باع أحد المالكين على الشياع لأجنبي حصته الشائعة جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة لأنفسهم في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية والنافعة التي أنفقها منذ البيع، ويسري نفس الحكم في حالة المعاوضة”، غير أنه بملاحظة التعريفين اللذين وردا في كل من قانون الالتزامات والعقود ومدونة الحقوق العينية، فالفصل 974 نجده يجيز ممارسة الشفعة كلما تعلق الأمر بصورة معاوضة كعقد البيع،  لكن ليس وحده الذي يخول حق ممارسة الشفعة بل توجد إلى جانبه باقي عقود المعاوضات، أما في ظل مدونة الحقوق العينية تناول المشرع أحكام الشفعة في الحصة المبيعة وذلك في مجمل الفصول المنظمة لأحكام الشفعة إلا أنه يمكن أن نستخلص أن المدونة تبنت توجه قانون الالتزامات والعقود أي أن الشفعة تمارس بشأن كافة العقود العوضية،  وليس فقط عقد البيع وهو ما يمكن استدلاله من خلال المادتين 293[54] و 303[55] من المدونة.

فمن جهة تحدث المشرع في المادة 293 عن الشروط التي ينبغي توفرها في الشفيع، حيث أكد في الفقرة الأخيرة من أن المشفوع منه ينفي أن يكون قد تملك الحصة المبيعة بعوض فلو كانت نية المشرع متجهة إلى إقرار البيع لنص على ذلك صراحة.

ومن جهة ثانية نجد الفصل 303 والذي أقصى التبرعات من إمكانية ممارسة حق الشفعة إضافة إلى الحصة التي تقدم في صداق أو خلع ولو كانت نية المشرع استثناء باقي العقود العوضية لنص على ذلك في هذا السياق.

وتأسيسا على ذلك فإن حق الشفعة في ظل المدونة يمارس بشأن عقد البيع وبشأن باقي العقود العوضية الأخرى أما بشأن الهبات و لو كانت بعوض والوصايا والميراث فد تكون موضوعا لممارسة حق الشفعة من قبل باقي الشركاء على الشياع.[56]

أما فيما يتعلق بالجدل الذي كان قائما بخصوص هل ممارسة حق الشفعة تقتصر على البيوع الرضائية فقط، أم أنها تتسع لتشمل حق البيوع الرضائية؟ فإنه بالرجوع إلى المادة 302 من مدونة الحقوق العينية نجد المشرع قد نص على أنه: “إذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون فلا يجوز أخدها بالشفعة”، و يؤسس القضاء المغربي قبوله الشفعة بالنسبة للبيوعات التي تتم بالمزاد العلني على المقتضيات الواردة في الفصل 25من ظهير 2 يونيو 1915 الذي عرف الشخصية وأجازها في البيوع العقارية دون تمييز بين البيع الرضائي والبيع الجبري.[57]

أما في إطار قانون الالتزامات والعقود، فإن المشرع لم ينص صراحة على ما إذا كان يجوز أخد الحصة المشاعة المبيعة بالمزاد العلني بالشفعة، غير أنه بالرجوع إلى الفصل 974 من ق ل ع نجد يفيد بشكل ضمني أن ممارسة الشفعة تكون فقط بالنسبة للتصرفات الرضائية وذلك عندما منح للشريك الحق في الأخذ بالشفعة في الحالة التي يقوم فيها شريكه  ببيع الحصة الشائعة لأجنبي شرط أداء الثمن ومصروفات العقد للمشفوع منه.

 ثانيا: القسمة

لم يعرف المشرع المغربي القسمة على خلاف بعض التشريعات المقارنة[58]، ويمكن تعريف القسمة بأنها طريقة لانقضاء الشيوع بمقتضاها يفرز الشيء المشترك إلى عدة أقسام تتفق وحصص الشركاء فيه، يستقل كل واحد من هؤلاء بقسم من الأقسام دون سائر الشركاء اذا كان الشيء قابلا للقسمة العينية، أما إذا كان غير قابل لها فقسمته تتم عن طريق بيعه وتوزيع تمنه على الشركاء كل بقدر حصته في الشيء المشترك المبيع.[59]

كما قد ينقضي الشيوع عن طريق القسمة، وباعتبارها من أهم أسباب انقضاء الشيوع فقد عنى المشرع بتنظيمها في مجالين، بحيث أفرد لها من جهة  المواد من 25 إلى 27 وكذا الفصول 313 و 132 من مدونة الحقوق العينية، كما بحثها في قانون الالتزامات والعقود وبين أحكامها في الفصول من 978 إلى 981 و من 1083 إلى 1091.[60]

ويعتبر الهدف من وراء تنظيم القسمة بموجب القانون رقم 39.08 هو تجاوز تشتت والقوانين التي كانت تنظم القسمة، فإلى جانب قانون الالتزامات والعقود كانت تتجاذب أحكام القسمة بين عدة قوانين أخرى، كقانون الأسرة، المسطرة المدنية.

ومن أهم الخصائص التي تتميز بها القسمة أنها لا تجوز إلا إذا كان الشيء المشاع قابلا للقسمة العينية وإذا كانت الملكية المشاعة تؤدي إلى مجموعة من الاختلالات والمخالفات بين المالكين على الشياع.

فإن ذلك جعل المشرع يعمل على منح الحق للشريك في الخروج من حالة الشيوع وتفادي مساوئه في أي وقت متى قام بطلب إجراء القسمة هذا ما أكده الفصل 978 من ق ل ع من خلال نصه على ما يلي: “لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، ويسوغ دائما لأي واحد من المالكين أن يطلب القسمة….”.

 

 

الخاتمة:

 

ختاما يمكن القول إن مدونة الحقوق العينية لها مرجعية فقهية قانونية متينة، تتجلى في كل من الفقه المالكي، وقانون الالتزامات والعقود، وظهير التحفيظ العقاري، كما وضحنا ذلك في التحليل أعلاه.

 

 

لائحة المراجع

 

 الكتب والمؤلفات:

 

  • ادريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2013.
  • عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثاني دار إحياء التراث العربي بيروت.
  • مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، الجزء الثاني.
  • عبد العالى دقوقي نظام التحفيظ العقاري بالمغرب: قراءة في مستجدات القانون 14.07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري، طبعة 2018-2019 مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس .
  • رشيد لعنب الاحالة على الفقه المالكي في ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي، الطبعة الأولى 2016، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.
  • محمد زكي عبد البار ، تقنين الفقه الإسلامي “المبدأ والمنهج والتطبيق” دار إحياء التراث الإسلامي، قطر، ط الثانية سنة 1987، ص: 87.
  • محمد بن أحمد بونبات، الحقوق على العقارات دراسة شاملة لواقع العقار والحقوق العينية على ضوء التشريع المغربي سلسة آفاق القانون رقم 17 سنة 2009 المطبعة الوراقة الوطنية بمراكش.
  • محمد لمعكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2013.
  • عادل حاميدي، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المادة المدنية والعقارية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2013.
  • ادريس بالمحجوب، أبحاث في الفقه والقضاء على ضوء الاتجاهات الحديثة للمجلس الأعلى، الميدان المدني الجزء الأول، مطبعة الأمنية الرباط.

 

 

 

الرسائل:

  • الجزولي محمد، مرجعيات مدونة الحقوق العينية الفقهية والقانونية والقضائية، مقاربة تأصيلية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون المدني السنة الجامعية 2013-2014 كلية العلوم القانونية والاقتصادية ابن زهر أكادير

المجلات والمقالات

  • عبد الرزاق الصبيحي، مدونة الحقوق العينية بين ضورة التوحيد واكراهات الخصوصية، مقال منشور مجلة الحقوق، العدد السابع، أكتوبر 2013.
  • د. محمد خيري، مرجعية مدونة الحقوق العينية، مجلة الحقوق العدد السابع، أكتوبر 2013 .
  • محمد البوشواري، قراءة في مستجدات مشروع قانون 19.01 بمثابة مدونة الحقوق العينية في مجال تنظيم العقود والحقوق وتوثيقها، مجلة القانون المغربي العدد 14 ابريل 2009.
  • محمد بنهلال، اثر الفقه الإسلامي على النظام العقار ي بالمغرب، مجلة الملف العدد 16 أبريل 2010.
  • محمد البشواري، مدونة الحقوق العينية 39.08، قراءة في الأصول والمرجعيات، مجلة المنبر القانوني، العدد، 7-8 أبريل 2015.
  • محمد الهيني، دور المرتكزات الأساسية لمدونة الحقوق العينية في ضمان الأمن القانوني والقضائي والعقاري، سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية منشورات مجلة الحقوق.

الظهائر والمراسيم

  • الظهير الشريف المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 الموافق 22 نوبر 2011 بمثابة قانون التحفيظ عدل وتمم بموجب القانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه.
  • ظهير الشريف 49.16.1 صادر في 19 رجب 1437 الموافق ل27 أبريل 2016 بتنفيذ القانون رقم 106.12 بتغيير وتتميم القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة.
  • الظهير الشريف رقم 309-02. 1 صادر 25 رجب 1423 الموافق 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون 00.44 (المتمم والمغير بمقتضى ظهير شريف رقم 05-16-1 صادر في 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016) بتنفيذ القانون رقم 12-107 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود. ج.ر. 6439 بتاريخ 15/02/2016
  • الظهير الشريف رقم 202.03.1 صادر في 16 من رمضان 1424-11 نوفمبر 2003 بتنفيذ قانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار.
  • ظهير شريف رقم 50.17.1 صادر في 8 ذي الحجة 1438/ 30 أغسطس 2017 تنفيذا للقانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، ج.ر، عدد 6604، 23 ذي الحجة 1438/ 14 دجنبر 2017
  • القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011).
  • الظهير الشريف بمثابة قانون رقم301- 75- 1 الصادر بتاريخ 19 شتنبر 1977، ج.ر 3388 بتاريخ 5 أكتوبر 1977.
  • ظهير شريف رقم 11.179 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432/ 22 نونبر 2011 ج.ر عدد 5998.
  • الظهير الشريف رقم 167-89-1 صادر بتاريخ 9 نوبر 1992، صادر بتنفيذ القانون رقم 87-2 المغير والمتمم لظهير 1977 ج.ر عدد 3388 بتاريخ 5 اكتوبر 1977.
  • الظهير الشريف رقم 177-11-1 صادر في 25 ذي الحجة 1432 موافق ل22 نوفمبر 2011 بتنفيذ قانون رقم 14.01 المغير والمتمم بمقتضى ظهير الشريف.
  • المرسوم الملكي رقم 66-124 بتاريخ 24 أكتوبر 1966، الجريدة الرسمية 2817 .

الندوات:

  • محمد خيري، مرجعيات مدونة الحقوق العينية، أشغال الندوة الدولية ” مدونة الحقوق العينية وآفاق التطبيق” المنظمة بتاريخ 2-3 يناير 2013 بكلية الشريعة بفاس.
  • أحمد الطراش، في كلمته بمناسبة افتتاح أعمال الندوة الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق، جامعة القاضي عياض بمراكش بيومي  5و 6 أبريل 2002 (تحت عنوان” الأنظمة العقارية”) المطبعة الوطنية، مراكش الطبعة الأولى، سنة 2003.

 

 

 

 

 

الفهرس

مقدمة: 2

المبحث الأول: الأسس الشرعية لمدونة الحقوق العينية. 5

المطلب الأول: دور الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية. 5

الفقرة الأولى: الدور الأساسي.. 6

الفقرة التانية: الدور التكميلي.. 7

المطلب الثاني: تجليات قواعد واحكام الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية. 8

الفقرة الأولى: تجليات قواعد الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية. 8

الفقرة الثانية: مظاهر أحكام الفقه المالكي في مدونة الحقوق العينية. 12

المبحث الثاني: الأصول القانونية لمدونة الحقوق العينية. 15

المطلب الأول: القانون العقاري أصل مدونة الحقوق العينية. 15

الفقرة الأولى: السياق التاريخي لنظام التحفيظ العقاري.. 15

الفقرة الثانية: سياق الظهير المؤطر للعقارات.. 17

المطلب الثاني: مظاهر تأثر مدونة الحقوق العينية بقانون الالتزامات والعقود. 18

الفقرة الأولى: على مستوى توثيق التصرفات العقارية. 18

الفقرة الثانية: على مستوى أسباب كسب الملكية. 22

الخاتمة: 26

 

 

 

 

 

 

 

[1]– سورة طه الآية 54.

[2]– عبد الرزاق الصبيحي، مدونة الحقوق العينية بين ضورة التوحيد واكراهات الخصوصية، مقال منشور مجلة الحقوق، العدد السابع، اكتوبر 2013، ص: 75.

[3]– أحمد الطراش، في كلمته بمناسبة افتتاح أعمال الندوة الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق، جامعة القاضي عياض بمراكش بيومي  5و 6 أبريل 2002 (تحت عنوان” الأنظمة العقارية”) المطبعة الوطنية، مراكش الطبعة الأولى، سنة 2003، ص: 6.

[4]– الظهير الشريف المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 الموافق 22 نوبر 2011 بمثابة قانون التحفيظ عدل وتمم بموجب القانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه.

[5]– ظهير الشريف 49.16.1 صادر في 19 رجب 1437 الموافق ل27 أبريل 2016 بتنفيذ القانون رقم 106.12 بتغيير وتتميم القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة.

[6]– ظهير شريف رقم 309-02. 1 صادر 25 رجب 1423 الموافق 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون 00.44 (المتمم والمغير بمقتضى ظهير شريف رقم 05-16-1 صادر في 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016) بتنفيذ القانون رقم 12-107 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود. ج.ر. 6439 بتاريخ 15/02/2016

[7] – ظهير شريف رقم 202.03.1 صادر في 16 من رمضان 1424-11 نوفمبر 2003 بتنفيذ قانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار.

[8]– القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5587.

[9]– عبد العالى دقوقي نظام التحفيظ العقاري بالمغرب: قراءة في مستجدات القانون 14.07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري، طبعة 2018-2019 مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس ،ص: 2-3.

[10]– د. محمد خيري، مرجعية مدونة الحقوق العينية، مجلة الحقوق العدد السابع، أكتوبر 2013 ص: 65

[11]–  نص الخطاب:… ولا يخفي أننا أمة عريقة في ميدان الدراسات الفقهية  والتشريع نملك من ذلك ثروة تغنينا عن اتخاد قوانين موضوعة لدول أخرى

غير أن ما ينقص هده الثروة هو إظهارها بالمظهر الحقيقي لها بعيدة عما علق بها من تأويلات عميقة وعادات فاسدة أصبحت بحكم تداولها مع تقادم العهد من مضافات الشريعة الإسلامية ومعدودة منها . فواجبنا اذا أن نعود إلى ثراثنا وثروتنا الفقهية ونعمل على احيائها وذلك بتأليفها في مواد منسقة مضبوطة على شكل مدونة

[12]– ينص الفصل الثاني من دستور 2011 على أنه: “الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية”

[13]– المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية: “تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار.

تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي”.

[14]– محمد البوشواري، قراءة في مستجدات مشروع قانون 19.01 بمثابة مدونة الحقوق العينية في مجال تنظيم العقود والحقوق وتوثيقها، مجلة القانون المغربي العدد 14 ابريل 2009،ص: 125.

[15] – رشيد لعنب، تقديم د، عادل حاميدي الاحالة على الفقه المالكي في ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي  سلسلة أعمال جامعية مجلة القضاء المدني، الطبعة الأولى 2016، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص: 44.

[16]– مثل، تحفة ابن عاصم المعروفة بالعاصمية  بالإضافة إلى مؤلفات شراحها المعتمدين كالتسولي والتاودي، ومصادر أخرى كحاشية بناني، وتبصرة ابن فرحون، ولامية الزقاق، وشرح مختصر خليل للزرقاني.

[17]– محمد خيري، مرجعيات مدونة الحقوق العينية، أشغال الندوة الدولية ” مدونة الحقوق العينية وآفاق التطبيق” المنظمة بتاريخ 2-3 يناير 2013 بكلية الشريعة بفاس ص: 67

[18]-أورده رشيد لعنب، مرجع سابق ص:45 ، محمد زكي عبد البار ، تقنين الفقه الإسلامي “المبدأ والمنهج والتطبيق” دار إحياء التراث الإسلامي، قطر،ط الثانية سنة 1987، ص: 87.

[19] – حيث قامت اللجنة المكلفة من طرف وزير العذل السيد عمر عزيمان بإعداد المشروع الأول سمي بمدونة الحقوق العينية المتعلقة بالعقارات غير المحفظة تحت رقم 19.01 بتاريخ 12 أبريل 2011.

[20]– محمد خيري، مرجعيات مدونة الحقوق العينية، مرجع سابق، ص: 67-68.

[21]– محمد بنهلال، اثر الفقه الإسلامي على النظام العقار ي بالمغرب، مجلة الملف العدد 16 أبريل 2010، ص: 72.

[22]– عبد القادر بوعصيبة محاضرات في مادة الحقوق العينية  كلية الشريعة فاس، حول بيان مفاهيم المصطلحات التالية:

– الراجح: فيه أقوال والصواب منها إنه القول الذي يستند الى دليل قوي وان كان عدد القائلين به قليلا، ويختصر هذا في قولهم: الراجح ما قوي دليله. ومن العبارات التي تفيد معنى الراجح قولهم الأصح أو الاصوب أو الظاهر أو المفتى به كذا أو العمل على كذا ونحو كذا.

– المشهور: فيه اختلاف، ولا كان ما عليه أكثر المالكية انه ما كثر قائله، حيث يعتبر المشهور غير الراجح وأدنى منه مرتبة وحجة.

– ما جرى به العمل: وهو يطلق على الاجتهادات الفقهية والقضائية التي خالفت الراجح أو المشهور في المذهب لظروف ما اقتضت ذلك كجلب مصلحة او درء مفسدة وبعبارة أخرى هو العدول عن القول الراجح أو المشهور في بعض المسائل الى القول الضعيف فيها لمصلحة الأمة وما تقتضيه حالتها الاجتماعية

23- رشيد لعنب، مرجع سابق، ص 47-48

[24]– عرف عبد الرزاق أحمد  السنهوري الإثبات لغة: الدليل الذي يستبين به الحق ويظهر، وفي اصطلاح القانون، هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها.

[25] – عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثاني دار إحياء التراث العربي بيروت، ص:13.

[26]– الجزولي محمد، مرجعيات مدونة الحقوق العينية الفقهية والقانونية والقضائية، مقاربة تأصيلية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون المدني السنة الجامعية 2013-2014 كلية العلوم القانونية والاقتصادية ابن زهر أكادير، ص: 39.

[27]– محمد البشواري، مدونة الحقوق العينية 39.08، قراءة في الأصول والمرجعيات، مجلة المنبر القانوني، العدد، 7-8 أبريل 2015، ص: 57.

[28] – القاعدة في اللغة: الأساس، وفي الاصطلاح: حكم كلي ينطبق على جميع جزئياته أو أكثرها لتعرف أحكامها منه، والقواعد الخمس الكبرى- الأمور بمقاصدها، العادة محكمة، الضرر يزال، المشقة تجلب التيسير، اليقين لا يزول بالشك.

[29]– عرفها محمد ابن معجوز مرجع سابق (359): العمرة هي تمليك منفعة بغير عوض لمدة محددة ولمدة حياة المتبرع عليه أو المتبرع وان لم يحدد المتبرع المدة اعتبر أنه قصد طيلة عمر المتبرع عليه ولذلك سيمت بالعمرى.

– وعرفها بن عرفة، “هي تمليك منفعة مدة حياة المعطى بغير عوض انشاء”. فقوله ” تمليك منفعة” أخرج به إعطاء الذات، كما أخرج “بحياة المعطي” الحبس والعارية وما في حكمهما، وأخرج بقوله ” بغير عوض” ما اذا بعوض فأن ذلك إجارة فاسدة وقوله “انشاء” أخرج به الحكم استحقاق العمرى.

[30]– عرفها بن معجوز مرجع سابق ص: 331، هي أن يتفقا مالك الّأرض مع شخص على أن يتولى هذا الاخير غرس تلك الأرض بأشجار معينية وعندما تنبت تلك الأشجار وتطعم يكون له جزء معين من تلك الأرض.

[31]– أورده  د. محمد البوشواري، مرجع سابق ص:10، شرح الزرقاني على موطأ الامام مالك (3/400)، (4/437).

[32]–  – أورده  د. محمد البوشواري، ص: 11 ، شرح الزرقاني على الموطئ (4/48)

– نفسه، ص: 11، البهجة في شرح التحفة للتسولي (2/249)[33]

[34]– نفسه ص: 11 البهجة في شرح التحفة للتسولي (2/196)

[35]– الجزولي محمد مرجع سابق، ص: 47.

[36]– جاء في لسان العرب المجلد الثامن، مادة الشفع، ص183و 184: الشفعة من الناحية اللغوية هي بضم السين وسكون إلقاء مشتقة من الشفع وهي ضد الوتر الذي هو الزوج وسميت بذلك لأن الأخذ بها وهو الشفيع يضيف بسببها الحصة المشفوعة من المشفوع منه إلى الحصة التي كانت تحت يده فتصير الحصة شفعا بعد أن كانت وترا.

[37]– صحيح البخاري الحديث، كتاب الشفعة، باب الشفعة فيما لم يقسم رقم، 2257

[38]– يتعلق الأمر بالمرسوم الملكي رقم 66-124 بتاريخ 24 اكتوبر 1966، الجريدة الرسمية 2817 ص: 2488.

[39]– الظهير الشريف بمثابة قانون رقم301- 75- 1 الصادر بتاريخ 19 شتنبر 1977، ج.ر 3388 بتاريخ 5 أكتوبر 1977 ص: 2762.

[40]– الظهير 167-89-1 صادر بتاريخ 9 نوبر 1992، صادر بتنفيذ القانون رقم 87-2 المغير والمتمم لظهير 1977 ج.ر عدد 3388 بتاريخ 5 أكتوبر 1977.

[41]– ظهير شريف رقم 177-11-1 صادر في 25 ذي الحجة 1432 موافق ل22 نوفمبر 2011 بتنفيذ قانون رقم 14.01 المغير والمتمم بمقتضى ظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1931 موافق ل12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، ج.ر عدد 98. 59 بتاريخ 24 نونبر 2011 ص: 5575.

[42]– عبد العالي دقوقي مرجع سابق، ص: 4

[43]– محمد بن أحمد بونبات، الحقوق على العقارات دراسة شاملة لواقع العقار والحقوق العينية على ضوء التشريع المغربي سلسة آفاق القانون رقم 17 سنة 2009 المطبعة الوراقة الوطنية بمراكش، ص: 65.

[44]– تنص المادة الأولى من م.ح.ع: …. تطبق مقتضيات ظهير الشريف الصادر ف 9رمضان 1331/12 أغسطس 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون. فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي

[45]– د. محمد البوشواري مرجع سابق، ص: 15.

[46]– ظهير شريف رقم 50.17.1 صادر في 8 ذي الحجة 1438/ 30 اغسطس 2017 تنفيذا للقانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، ج.ر، عدد 6604، 23 ذي الحجة 1438/ 14 دجنبر 2017 ص: 5068.

[47]– محمد لمعكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2013 ص: 88.

[48]– ظهير شريف رقم  1.11.179 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432/ 22 نونبر 2011 ج.ر عدد 5998.

[49]– محمد الجزولي: مرجع سابق،ص 111.

[50]– عادل حاميدي، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المادة المدنية والعقارية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2013، ص: 658.

[51]– ادريس بالمحجوب، أبحاث في الفقه والقضاء على ضوء الاتجاهات الحديثة للمجلس الأعلى، الميدان المدني الجزء الأول، مطبعة الأمنية الرباط، ص:64.

[52]– محمد الجزولي: مرجع سابق ص 114.

[53]– -محمد بن معجوز، مرجع سابق، ص 163.

 

[54]– تنص المادة 293 م ح ع: يشترط لصحة طلب الشفعة أن يكون طالبها:

– شريك في الملك المشاع وقت بيع حصة شريكه في العقار أو الحق العيني.

– ان يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا على تاريخ تملك المشفوع من يده للحصة محل الشفعة.

– ان يكون حائزا لحصة في الملك المشاع حيازة قانونية أو فعلية.

– أن يكون المشفوع منه تملك الحصة المبيعة بعوض.

[55]– تنص المادة 303 م ح ع: لا شفعة فيما فوت تبرعا ما لم يكن التبرع صوريا أو تحايلا كما لا شفعة في الحصة الشائعة التي تقدم في صداق أو خلع.

[56]– عبد العالي الدقوقي: محاضرات في حق الملكية وفي الضمانات العينية والشخصية، دراسة في القانون رقم 08.39 بمتابعة مدونة الحقوق العينية، طبعة 2013-2014 ص 91.

[57]– محمد الهيني، دور المرتكزات الأساسية لمدونة الحقوق العينية في ضمان الأمن القانوني والقضائي والعقاري، سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية منشورات مجلة الحقوق، ص:23.

[58]– عرف المشرع الأردني القسمة في المادة 1114 من مجلة الأحكام العدلية بقولها: ” هي تعيين الحصة الشائعة وقد تتم بالتراضي أو بحكم قضائي”.

[59]– مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، الجزء الثاني، ص: 124-125.

[60]– ادريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الاولى 2013، ص: 135.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى