في الواجهةمقالات قانونية

عرض حول موضوع : حدود تأثر العقد بالتحولات الاقتصادية و التكنولوجية

 

مقال حول:

حدود تأثر العقد بالتحولات الاقتصادية و التكنولوجية

 

من إعداد الطلبة الباحثين بماستر المهن القانونية والقضائية جامعة عبد المالك السعدي طنجة:

مصطفى أسوباي

رشيدة كايو

سكينة الوهابي  

كوثر العساتى 

إيمان نجيم             

عواطف الطيبي

فاطمة الزهراء بنعمار

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

 

يعتبر العقد من أهم التصرفات القانونية إلى جانب الإرادة المنفردة،  فهو مصدر من مصادر الالتزام،وهو اتفاق بين إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني،سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله.وقد نظمه ظهير الالتزامات والعقود الصادر بتاريخ 12غشت191، ويمثل العقد أهم الوسائل القانونية التي تربط الأفراد في معاملاتهم مهما كانت، ويقوم على مبدأ سلطان الإرادة، ويقصد به أن الفرد حر في إبرام ما شاء من عقود أو عدم التعاقد ولا يحده في ذلك إلا سلاح النظام العام، وكذا حرية اختيار المتعاقد الآخر وحرية تحديد مضمون العقد من حقوق والتزامات، وإذا قيد نفسه بالموافقة على العقد فهذا يكون عن اقتناع واختيار تامين[1]، وهو الأساس الذي يستند إليه في مرحلتي الإنشاء والتنفيذ والذي يقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، ولا يجوز المساس بالحقوق والالتزامات التي هي نتاج إرادتين.

ولما كان العقد يعد الأداة الأكثر تداولاً في إنشاء العلاقات بين الأشخاص وترتيبها، فإن مبادئه التقليدية عجزت عن تحقيق التوازن بين أطرافه نظرا للتحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي عرفها المجتمع، والتي آثرت بشكل واضح على أسلوب المعاملات، فحينما شرع ظهير الالتزامات والعقود على تنظيم العقد رسم واضعوه صورة في غاية البساطة للعملية العقدية، تقوم على فكرة أن العقد يتم بإرادتين متطابقتين بغية إحداث أثر قانوني بين طرفين متساويين في المراكز الفعلية والقانونية وفي القوة والحاجة إلى التعاقد، دون أن يخضع أحدهما لاعتبارات الإذعان أو الإكراه أو الغلط أو التدليس من الطرف الآخر، وهذا ما كان ينسجم مع الفلسفة الفردية ونظرية مبدأ سلطان الإرادة، غير أن هذه الصورة  تغيرت مع تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ظل ما يشهده المجتمع منذ منتصف القرن العشرين من تقدم اقتصادي وتكنولوجي، الأمر الذي جعل مبادئ العقد التقليدية أمام تحد كبير، فقد تطورت الأشياء والخدمات على نحوٍ لم يكن معروفاً، مما أثر بشكل واضح  على أسلوب المعاملات و على القواعد التقليدية خصوصا نظرية الالتزام  التي كرسها ظهير الالتزامات و العقود على مبدأ سلطان الإرادة وما يتفرع عنها من نتائج،بحيث ظهرت أنماط جديدة تستجيب للسرعة المتطلبة في المعاملات ولحجمها المتزايد،وتركيز آليات الإنتاج في يد عدد قليل من المنشآت الصناعية الكبرى، بحيث لم تعد العقود تقتصرعلى المساومة الحرة التي تنبني على تكافؤ المراكز القانونية و الاقتصادية للمتعاقدين، وأصبحت العلاقة العقدية تتميز بعدم المساواة في العلم بين أطراف العقد ، بما يجعل الطرف الضعيف في وضع أقل من الآخر الذي يتميز بقوة اقتصادية كبيرة.

وتتجلى أهمية البحث في موضوع حدود تأثر العقد بالتحولات الاقتصادية والتكنولوجية، في رصد تجليات تأثر المبادئ التقليدية للعقد التي كرسها ظهير الالتزامات والعقود على مبدأ سلطان الإرادة بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية، ومركز الأطراف المتعاقدة في ظل هذه التحولات، علاوة على، إبراز الآليات التي اتخذها المشرع المغربي لإعادة التوازن التعاقدي بين أطراف العلاقة التعاقدية.

 

إشكالية البحث:

لما كان من الناحية القانونية تصرف قانوني يهدف من خلاله الأطراف إلى إحداث آثر قانوني،فإنه من الناحية الاقتصادية وسيلة فعالة لتبادل السلع والخدمات ولكل متعاقد أن يؤمن مصالحه الخاصة بوسائله الذاتية، غير أن  التطور الذي عرفته العلاقات الاقتصادية والاجتماعية من تقدم اقتصادي وتقني، الأمر الذي جعل المفاهيم التقليدية للعقد، غير قادرة على مواكبة هذه التحولات، وأصبحت المساواة بين أطراف العقد لم تعد تتفق مع الواقع  وهو ما يجعلنا نطرح إشكالية أساسية ما هي مظاهر تأثر المفاهيم التقليدية للعقد جراء التحولات الاقتصادية والتكنولوجيا ؟

 

 

 

 

 

وللإجابة على هذ الإشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين :

 

 

المبحث الأول:مظاهر تأثر العقد بالتحولات الاقتصادية والتكنولوجية

 

 

المبحث الثاني:آليات حماية المتعاقدين من التحولات الإقتصادية والتكنولوجية

 

 

 

 

 

المبحث الأول:مظاهر تاثر العقد بالتحولات الإقتصادية والتكنولوجية

يعتبر الأصل في العقود هو مبدأ سلطان الإرادة الذي يقوم على حرية الشخص في التعاقد أو عدم التعاقد،وإن تعاقد ألزم نفسه بما تعاقد عليه اذ لايجوز نقضه أو  تعديله إلا بإرادة الأطراف معا أو في الحالات المنصوص عليها قانونا،بحيث يصبح هذا العقد بمثابة قانون يلزم كلا الطرفين فقط إذ لا تمتد أثاره إلا على  هؤلاء عما بمبدأ نسبية أثار العقد الذي كرسه ظهير الإلتزامات والعقود.لكن ظل التحولات الإقتصادية والتكنولوجية  التي عرفتها ولا زالت تعرفها المجتعات المعاصرة قد أثرت بشكل واضح على هذه المبادئ التي وضعت لتتناسب والمعاملات السائدة أنذاك.

ولهذا إرتأينا تقسيم المبحث الأول الى مطليبن حيث سنتطرق لمظاهر تأثر العقد بالتحولات  الإقتصادية والتكنولوجية على مستوى تكوين العقد(المطلب الأول)بينما سنعالج أثر هذه التحولات على مستوى تنفيذ العقد(المطلب الثاني)

المطلب الأول:أثر التحولات الإقتصادية والتكنولوجية على مستوى تكوين العقد

أثرت التحولات الإقتصادية و التكنولوجية على مبدأ سلطان الإرادة حيث تراجع بشكل ملحوظ (الفقرة الأولى)،علاوة على ظهور أنماط جديدة للتعاقد(الفقرة الثانية)

الفقرة الاولى : ارادة المتعاقدين في ظل التحولات الاقتصادية

 

اولا : تراجع مبدأ سلطان الارادة

 

من المبادئ التي يلفظها العقد نجد مبدأ سلطان الارادة ومعنى هذا المبدأ ان بإمكان الافراد عن طريق التقاء ارادتهم من اقرار قانون خاص بهم[2].حيث ان ارادة الانسان لها السلطان في انشاء العقد وتحديد الاثار المترتبة عليه [3]و بالرجوع  الى قانون الالتزامات والعقود المغربي نجده ينص في الكثير من فصوله على مبدأ سلطان الارادة في تكوين العقد منها الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود  الذي يعتبر ان الرضى ركن من اركان العقد [4] ،كذلك هناك الفصل 19 ،[5]و كلها تتعلق بالرضى والحرية في التعاقد إضافة الى ذلك نجد الفصل 230 الذي حدد نطاق مبدأ سلطان الارادة حيث جاء في هذا الفصل “الالتزامات التعاقدية الناشئة بوجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها ولا يجوز الغاؤها الا برضاهما معا اوفي الحالات المنصوص عليها في القانون ” وبالتالي جعل المشرع سلطان الارادة الشريعة العامة في التعاقد .

ولمبدأ سلطان الارادة عدة خصائص منها :

-حرية الشخص في التعاقد

-عدم تعارض حرية المتعاقد مع حريات الاخرين.

-الدور الضيق للقانون في الرقابة على الفرد في التعاقد والالتزامات[6].

من هذه الخصائص يتبين ان مبدأ سلطان الارادة له ركيزتين وهما اولا لا يمكن إلزام الشخص بما لا يرغب فيه وثانيا اذا التزم عن طواعية عليه ان ينفذ ما التزم به(القوة الملزمة للعقد) . ومؤدى ذلك ان للأفراد حرية تضمين التزاماتهم بما يشاؤون وكيف ما يشاؤون  وهو ما يسمى بالحرية التعاقدية ،بالتالي يمكن  استبعاد جميع النماذج التي يقترحها المشرع ، في المقابل لا يجوز للمتعاقدين او الغير تعديل شروط العقد من جانب واحد ذلك ان العقد الذي ابرم بالتراضي لا ينتهي الا بالتراضي[7].

الا انه في ظل المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية التي عرفتها المجتمعات المعاصرة اثرت بشكل واضح على القواعد التقليدية خصوصا نظرية الالتزام وما لذلك من أثر سلبي على مبدأ سلطان الإرادة .

فطالته قيود شتى  وذلك انطلاقا من انتشار المبادئ الاشتراكية التي تنبني على تقديم مصلحة الجماعة على الفرد ما نتج عنه الاخلال في التوازن الاقتصادي بين المتعاقدين الذي يبرز وقت العقد ، والذي يصدر عن واقع انعدام المساواة الاقتصادية بين المتعاقدين ومصدره الاوجه الجديدة للمشاريع الاقتصادية  التي شكلت في انتماءاتها الاقتصادية والمهنية المختلفة ولما تملكه من الخبرة والاطلاع بمجموعات ضاغطة اثرت في المرحلة الشكلية والموضوعية في التعاقد[8]

مما ترتب عنه هيمنة الطرف القوي في مجال التعاقد[9].

كما نجد ان المشرع تجاوز دوره الضيق في الرقابة على الفرد في التعاقد الى وضع تدابير الحماية والتوجيه وذلك حماية  للطرف الضعيف في العقد ما فرض وضع قراعد امرة بالتالي الانتقال من حرية التعاقد الى العقد المراقب في مرحلة ابرام العقد ، ومن مرحلة الارادة في فرض مضمون العقد الى مرحلة التدخل في مضمون العقد[10].

والمبرر من ادخال القواعد الامرة على العقد هي تحقيق العدل والمصلحة العامة وذلك عن طريق تنظيم الكثير من العقود او مراقبتها او منعها او فرضها احيانا . فمثلا نجد المشرع حدد في عقد الشغل الحد الادنى للأجر من  خلال المادة 356  كإستثناء من الاصل الذي هو الحرية في تحديد الاجرة طبقا لمقتضيات الفصل723 الذي ينص على ان:”اجارة الخدمة او العمل عقديلتزم بمقتضاه احد طرفيه بان يقدم للاخر خدماته الشخصية لاجل محدد،او من اجل اداء عمل معين،في نظير اجر يلتزم هذا الاخير بدفعه له.”

وكذلك فرض حد ادنى لسن الاجراء المتمثل في 15 سنة من خلال المادة 143 وغيره بهدف خلق التوازن في المراكز القانونية للاطراف المتعاقدة وهو ما يسمى بالعقود المنظمة اما العقود،المفروضة من امثلتها منع بيع وتداول البضائع المغشوشة التي تهدد الصحة والحياة وذلك بموجب صدور قانون 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع [11] اما بالنسبة للعقود المفروضة فقد تجلت في كونها عقودا لا تناقش ولا تبرم بإرادة المتعاقدين وانما تكون مفروضة عليهم  من ذلك التامين الاجباري على السيارات ، وهذا ما اكدته المادة 120 من مدونة التامينات المغربية[12].

والملاحظ انه من القيود والتاثيرات على مبدأ سلطان الارادة اتجاه المشرع نحو تعميم فرض شكلية الكتابة في بعض انواع العقود [13].  بالتالي اصبح الفصل 19 من قانون الالتزامات والعقود يطبعه القصور ولا يؤخذ به على اصله واصبح ذو استثناءات بفعل تدخل المشرع وجنوحه الى الشكلية في العقد ويترتب على غيابها بطلان  .

وهذا يتضح اكثر في الكثير من العقود من ضمنها عقد  الكراء سواء كان مدنيا او تجاريا ، فبالرجوع الى الفصل 628 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاء فيه:” يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى الأجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد.” ما يدل على ان الكراء يتم بالتراضي الا انه بموجب القانون الجديد رقم 67.12 المتعلق بالكراء المدني[14]،وحسب المادة 3 منه والتي جاء فيها “يبرم عقد الكراء وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ”

وما يلاحظ ان المشرع اوجب اخضاع العلاقة بين المكري والمكتري للشكلية وهذا في محرر ثابت التاريخ وكذلك القانون رقم 49.16 المتعلق بالكراء التجاري [15]بدوره اوجب عقدا شكليا حيث نص  في مادته 3 على انه “تبرم عقود كراء العقارات او المحلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ”

وجنوح المشرع المغربي نحو تعميم الشكلية لم يكن اعتباطيا و إنما كان الهدف منه حماية الطرف المستهلك الذي أثبت الواقع العملي صعوبة اثباته للعقد في ظل التحولات الهائلة الاقتصادية منها والتكنولوجية.

 

ثانيا: ظهور عقود الاذعان

 

اذا كانت القفزة الاقتصادية والتكنولوجية قد حققت للمجتمع العديد من المزايا فانها في المقابل  خلقت على المستوى القانوني العديد من المشاكل وفي مقدمتها جعل العقد عرضة للاحتكار المعتمد على طغيان الشركات الصناعية  الرأسمالية[16]. فنتيجة للاوضاع التي افرزتها الثورة الصناعية وبسبب ظهور مشروعات كبرى في مجالات متعددة حيث تتمتع بالنفوذ الاقتصادي وقد صاحب هذه الشركات ظهور نوع من العقود يسمى بعقود الاذعان حيث تلجأ هذه الاخيرة الى تسهيل التعامل معها الى اعداد عقود نموذجية لتطبيقها على جميع المتعاملين معها ، والذين لا يكون  لهم في اغلب الاحوال سوى قبولها سلفا برمتها او رفضها  ، دون ان يكون لهم الحق في مناقشتها  كما ان تسمية “الاذعان” تعكس بجلاء ظهور المتعاقد للقبول الذي هوسمة هذا النوع من العقود والتي تعتبر كنقيض لمبدأ المساومة والتفاوض الذي عرف به مبدأ سلطان الارادة بهذا يختل التوازن العقدي نظرا لوجود العلاقة التعاقدية بين طرفين قوي واخر ضعيف يفتقد للكفاءة الفنية والقانونية التي تخوله مناقشة بنود العقد عن بينة ما ينتج عنه ابرام هذه المعاملات تمرير العديد من الشروط التعسفية لهذا الطرف الضعيف[17].

تتميز عقود الاذعان بمجموعة من الخصائص والتي تقيد مبدا سلطان الارادة منها :

-الايجاب موجه للعموم في عقود الاذعان

-ان العقد نتاج احد الاطراف المتعاقدة

-يكون محل العقد سلعة او خدمة ضرورية للطرف المذعن .

ومن الامثلة البارزة في عقود الاذعان نجد قانون التأمين  فالمتغيرات المعاصرة جعلت طرفي هذا العقد التأميني غير متساوي السلطات فالمؤمن له يوجد في مواجهة طرف قوي هو المؤمن وبالتالي لا يمكنه سوى الرضوخ لارادته والتسليم بالشروط الجاهزة التي يمليها عليه بدون اية مناقشة وهي تكون في العادة مكتوبة ومطبوعة وتعرف بالعقود النموذجية [18].

كما ان الدولة ايضا قد تتجه الى توجيه المتعاقدين نحو ابرام عقود اذعان دون رغبتهم ًكما هو الشان بالنسبة لعقود التامين على السيارات ، حيث ان  التأمين إجباري بمقتضى المادة 120[19].

 

 

 

الفقرة الثانية: ظهور أنماط جديدة للعقود في ظل التحولات التكنولوجية

 

خلفت ثورة التكنولوجية على وجه العموم وشبكة الانترنت الخصوص نسيجا من العلاقات بين الأفراد، ومع أن بيع السلع و تقديم الخدمات التجارية عن بعد ليست ظاهرة جديدة إلا ان انتشار الشبكة العنكبوتية غلى المستوى العالمي أدى الى تعزيز هذا النوع من الخدمات، هذا الوضع حتم على مختلف الدول التدخل لخلق تشريعات تكون جديرة بتنظيم المعاملات و التجارة الالكترونية لمواكبة هذه الثورة المعلوماتية، والمشرع المغربي كباقي التشريعات تدخل مستجيبا لمتطلبات العصر، فأصدر تشريعا نظم بمقتضاه التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية بموجب القانون53.05 الصادر بتاريخ   الذي اعترف بمقتضاه بامكانية استخدام الوسائل الاكترونية لوضع عروض تعاقدية او معلومات متعلقة بسلع او خدمات رهن اشارة العموم من اجل ابرام عقد من العقود[20].

أولا:تعريف العقد الالكتروني

بالرجوع الى القانون رقم53.05 الخاص بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية فنجد انه لم يحدد المقصود بالعقود الالكترونية رغم اعترافه بالوسائل الالكترونية بموجب الفصل 65-3 لوضع عروض تعاقدية او معلومات متعلقة بسلع او خدمات رهن اشارة العموم من اجل ابرام عقد من العقود.

وقد عرفت المادة الثانية من التوجيه الاروبي الصادر في 20ماي1991 عن البرلمان الاروبي المتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد العقد الالكتروني بأنه ” عقد متعلق بالسلع و الخدمات يتم بين المستهلك و المورد من خلال الاطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد او تقديم الخدمات التي ينظمها المورد والتي يتم باستخدام واحدة او اكثر من خلال وسائل الاتصال الالكترونية حتى اتمام العقد”.

في حين عرفته المادة الثانية من قانون المعاملات الالكترونية بأنه الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائط الكترونية كليا او جزئيا.

وعليه فالعقد الالكتروني بما فيه مسألة الرضا لا تعتبر عقودا مختلفة بشكل أساسي عن العقود التقليدية بحيث أن هذا النمودج  العقدي ما هو في الواقع الا صورة من صور التعاقد بين غائبين عن مجلس العقد باستعمال وسائل حديثة لم تكن معروفة من قبل[21].

ثانيا:خصوصية العقد الالكترونية:

رغم ان العقد الالكتروني ما هو إلا نسخة متطورة للعقد التقليدي الذي يجمع بين شخصين غائبين عن المجلس كالعقود الحاصلة بالمراسلة او عن طريق وسيط او التعاقد بالهاتف، الى غير ذلك من الوسائل الاخرى  التي كانت معروفة، الا أن التباعد المادي بين الاطراف في هذا النوع من العقود أثر على طبيعة كل من الايجاب[22] و القبول المشكلين لركن الرضى، فأصبح هذا الاخير يتميز بخصوصيات اثرت على المفاهيم التقليدية السائدة في النظرية العامة للعقود، الشيء الذي أدى بالمشرع المغربي الى تعطيل بعض الاحكام الواردة في قانون الالتزامات و العقود باعتبار ان هذه القواعد تمت صياغتها لتتناسب وطبيعة المعاملات و العقود التقليدية[23]، وهذا ما ينطبق على مضمون الفصول من 23الى30 وكذا الفصل 32 من قانون الالتزامات و العقود التي لم تعد قابلة للتطبيق على هذا النمط التعاقدي الجديد وذلك بصريح الفصل2-65الذي جاء فيه ” لا تسري أحكام الفصول من 23الى 30 و32 أعلاه على هذا الباب”.

أما بالنسبة لزمان ومكان ابرام العقد الالكتروني فعلى خلاف ظهير الالتزامات والعقود الذي حدد زمان العقد الحاصل بالمراسلة[24] او عن طريق الوسيط[25] في الوقت الذي يتم فيه الاعلان عن القبول الموجب بالرد في الاجل المناسب، فان القانون53.05 لم يحدد هذه المسألة بشكل واضح اذ أن الفصل65-5 يشترط لصحة ابرام العقد ان يكون من ارسل العرض اليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل الاذن الصادر عنه ومن السعر الاجمالي ومن تصحيح الاخطاء المحتملة وذلك قبل تأكيد الاذن المذكور من اجل التعبير عن قبوله، ويجب على صاحب العرض الاشعار بطريقة الكترونية ودون تأخير غير مبرر بتسلمه قبول العرض الموجه اليه.

وعليه فان زمان العقد المبرم الكترونيا ينعقد في الوقت الذي يتوصل فيه العارض برد القابل بشرط اعلامه لهذا الاخير بأنه تسلم قبول العرض داخل الاجل المناسب[26]، وبذلك يكون القانون53.05 قد خرج عن المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 24و30 من قانون الالتزامات و العقود الامر الذي دفع بالمشرع الى تجميد مفعول هذين الفصلين، أما بالنسبة لمكان ابرام العقد الالكتروني فان المشرع المغربي تجاهل تحديد مكان ابرام هذا النوع من العقود

وأخيرا تجدر الاشارة الى أن المشرع المغربي ولاعتبارات متعددة منها ما هو حمائي للمستهلك بالدرجة الاولى ومنها ما هو مرتبط بطبيعة بعض المعاملات الشخصية بالخصوص، فانه استبعد من نطاق تطبيق القانون 53.05 عقود الزواج لما لها من قدسية ومنزلة خاصة في نفوس الناس، كما أن الطلاق لا يمكن ايقاعه بهذه الطريقة بالاضافة الى الارث و اقرار النسب أو حتى نفيه بالوسال الالكترونية، وكذلك الضمانات الشخصية او العينية في الميدانين المدني و التجاري لكون هذه الضمانات غالبا ما تنصب على تصرفات مركبة و معقدة[27].

 

المطلب الثاني : أثر التحولات الاقتصادية والتكنولوجية على مستوى تنفيذ العقد

 

كما هو الشأن بالنسبة لمبدأ سلطان الارادة فإن مبدا القوة الملزمة للعقد قد طالته مجموعة من التحولات والتي جردته من القوة التي كان يتمتع بها من خلال إيراد مجموعة من الإستثناءات عليه(الفقرة الأولى)،ولم يقتصر الأمر فقط على هذا المبدأ وإنما تعداه ليشمل مبدأ نسبية أثار العقد حيث عرف هذا الأخير خروجا صارخا على مضمونه(الفقرة الثانية)

الفقرة  الأولى: حدود مبدأ القوة الملزمة للعقد

يقصد بهذا المبدأ ان العقد الذي ابرم بين الطرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم علاقتهما في حدود المتفق عليه وهذا ما نص عليه الفصل 230 من ق.ل.ع : “الالتزامات التعاقدية المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها ولا يجوز إلغاؤها إلا   برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”، مسايرا بذلك توجه المشرع المدني الفرنسي في الفقرة الأولى من الفصل1134 :” الاتفاقات التي تمت على وجه شرعي تقوم مقام القانون بالنسبة الى عاقديها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما المتبادل أو في الحالات التي يسمح بها القانون “.

ويعد هذا المبدأ-القوة الملزمة للعقد- من أهم نتائج مبدأ سلطان الإرادة لكنه قد تأثر بشكل مهم بفعل التغيرات التي لحقت ماهيته أو بمعنى أخر تم التلطيف من حدته ليلائم التغيرات التي عرفتها الحياة الحديثة نتيجة لمجموعة من التحولات الاقتصادية التكنولوجية التي أثرت على نظرية العقد وبدرجة مهمة على مبدأ القوة الملزمة للعقد.

وتحقيقا للعدالة منح المشرع للقاضي سلطة التدخل في العلاقات العقدية لمواجهة  الظروف المتغيرة التي ينشا عنها اختلال التوازن العقدي كتعديل الشروط التعسفية (ج) مراجعة الشرط الجزائي (ب) وكذلك حق القاضي في منح أجلا للوفاء أو ما يسمى بمهلة الميسرة (ا)وأخيرا استقالة الأجير(د).

وقبل التطرق لهذه الأمور لابد أولا من التنبيه الى ان المشرع المغربي لم يأخذ بنظرية الظروف الطارئة على غرار باقي التشريعات الأخرى كالتشريع المصري[28] الذي نص في مادته147 والتي جاء فيها: ” ومع ذلك اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان يرد الالتزام المرهق الى حد المعقول ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك”، لان الأخذ بها يؤدي الى اهتزاز استقرار المعاملات[29] على غرار المشرع  الفرنسي الذي أصبح يأخذ بها بمقتضى الأمر الصادر10 فبراير2016 ليخول بواسطة المادة1195 إمكانية اعتماد الظروف الطارئة.

أـ منح المدين مهلة الميسرة:

الأصل العام هو نص عليه الفصل 128 من ق.ل.ع.م الذي فيه :”لا يسوغ للقاضي أن يمنح أجلا وأن ينظر الى مسيرة,ما لم يمنح هذا الحق بمقتضى الاتفاق أو القانون “.

اذا كان الأجل محددا بمقتضى الاتفاق أو القانون,لم يصغى للقاضي أن يمدده ما لم يسمح له القانون بذلك”،فالمعاملات التي تتم بين الأشخاص قد تكون منجزة وذلك هو حال أغلب المعاملات في مجال العقود ،ومع ذلك فقد تكون الالتزامات التي تتضمنها هذه المعاملات مؤجلة,والأجل هو الذي يكون مصدره القضاء حيث يجيز القانون للقاضي أن يمنح للمدين حسن النية أجلا أو آجالا معقولة للوفاء بدينه دون أن يلحق الدائن بضرر جسيم ،وهذا ما يعبر استثناءا من الأصل العام بحيث نص عليه الفصل 243 في فقرته الثانية على ما يلي : ” ومع  استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق أن يمنحوه آجالا معتدلة للوفاء ،وأن يوقفوا إجراءات  المطالبة مع إبقاء الأشياء على حالها”،مسايرا بذلك الشريعة الإسلامية التي كانت سباقة لهذه القاعدة لقوله تعالى(وان كان ذو عسرة فنظرة الى مسيرة ) .[30]

كل هذا من أجل الحفاظ على الاستقرار الحقيقي للرابطة التعاقدية من خلال تخويل القاضي إمكانية تعديل العقد من أجل ملائمته مع الظروف الاقتصادية دون أي قيد أو شرط.[31]

لكن في مقابل موقف المشرع من هذا المبدأ –منح مهلة الميسرة- نجد آراء بعض الفقهاء منهم من يرى على أن السماح للقاضي بإمكانية منح المدين مهلة الميسرة ما هو إلا تطبيق  لنظرية الظروف الطارئة في مجال القانون الخاص[32]،في حين يرى الأستاذ السنهوري على أن نظرة الميسرة كنظرية الظروف الطارئة يراد بها التخفيف من عبء التزام المدين الجدير بالرأفة.

وبالرجوع الى الفصل243 من ق.ل.ع.م نجده استعمل مصطلح “يسوغ للقضاة” بمعنى أن  القاضي له الخيار في منح مهلة  الميسرة أو عدم منحها حتى في الحالة  التي يطلب القاضي هذه المهلة,فالقاضي ليس مجبرا على الاستجابة لطلبه.

ومن تطبيقاتها ما ورد في الفقرة الثانية من المادة 556 من القانون التي جاء فيها:” اذا تم إبرام اتفاق مع الدائنين الرئيسيين,أمكن لرئيس المحكمة أن يصادق عليه أيضا، وأن يمنح للمدين آجالا للأداء وفق النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق.”

ب-مراجعة الشرط الجزائي:
يمكن تعريف الشرط الجزائي أو ما يعرف بالتعويض الاتفاقي هو:” اتفاق سابق على تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين للالتزامه الأصلي أو لمجرد التأخير في تنفيذه.”

وعليه فان الشرط الجزائي لا يعتبر بهذا المعنى شرطا تعسفيا اذا اتفق أطراف العقد على تعويض عادل لا يتجاوز بشكل كبير الضرر الذي يصيب أحدهما نتيجة عدم التنفيذ أو التأخير فيه، إلا أنه متى كان مبالغا فيه بشكل كبير،فانه يتحول الى شرط تعسفي.[33]

وكنتيجة لذلك شهد المغرب إصلاحا تشريعيا بحيث جاء بالقانون رقم27.95 الذي عدل وتمم الفصل 264من ق.ل.ع.م الذي جاء في فقرته الثالثة على أنه:” يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه اذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته اذا كان زهيدا,ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي”،وبهذا يكون المشرع قد كرس ما استقر عليه القضاء من مشروعية التعويض الاتفاقي كنوع من التلطيف من مبدأ القوة الملزمة للعقد الذي نص عليها الفصل230من ق.ل.ع.م،والفصل264 من ق.ل.ع بعد تعديله وضع حد للإرادة المطلقة للتعويض الاتفاقي ،فالملاحظ من مقتضى هذا الفصل أصبح بإمكان القاضي التدخل بشكل مباشر في مجال العقد ،وفي هذا الإطار نستعرض الحكم رقم9167 الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء[34] الذي جاء فيه:”حيث تضمن عقد القرض في بنده السادس أن المدين يكون ملزما بأداء تعويض يصل الى من  مجموع المبلغ المتبقي لأجل تغطية المصاريف غير المستحقة،وحيث مادام أن الأمر لا يتعلق بأصل الدين وتم الاتفاق على هذا التعويض تحسبا لإخلال المقترض بالتزامه أداء الأقساط في إبانها المتفق عليه،وهي بطبيعتها تدخل في باب الجزاءات عن عدم التنفيذ والتي أعطى المشرع للمحكمة في الفصل 264من ق.ل.ع بعد التعديل الذي أجري على هذا النص بظهير 11-08-1995،الحق في تعديل التعويض الاتفاقي.

وحيث ان المحكمة التعويض ارتأت اعمال سلطتها في تقدير التعويض المستحق للمدعية بعد مراعاتها لحجم الضرر الحاصل وقررت حصره في المبلغ درهم .”

و توجه المحكمة التجارية السالفة الذكر تأثر بقرار لمحكمة النقض الصادر سنة 2004[35]، والتي خولت بمقتضاه للقضاء سلطة المراجعة بشكل تلقائي.

 

ج- تعديل الشروط التعسفية:

ان الأصل في التعاقد ان يتم إجراؤه بحرية النقاش و المساومة ،بحيث تترك لكل من طرفيه  الفرصة في أن يجعل الآخر يرتضي أفضل الشروط بالنسبة إليه،وهذا هو عقد المساومة الذي يكون فيه توافق الإرادتين نتيجة مساومة بين طرفين متساويين يؤدي كل منها دورا في إبرام العقد مساويا للدور الذي يؤديه الآخر.[36]

لكن في مقابل هذه القاعدة نجد نوع آخر من العقود وهو ما يسمى بعقود الإذعان ويقصد بها تلك العقود التي يسلم فيها القابل بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشته فيها ، وذلك فيما يتعلق بالسلع أو مرافق ضرورية تكون محل احتكار قانوني أو فعلي،أو تكون المنافسة بشأنها محدودة[37]،وبالتالي لا يكون أمام الطرف الثاني إلا أن يذعن لها ويقبل تلك الشروط أو لأن يرفضها ،مما يؤدي الى غياب التوازن الاقتصادي بين مركزي المتعاقدين.[38]

وتداركا لهذه الأمور جاء المشرع المغربي بقانون رقم 31.08[39] المتعلق بحماية المستهلك وخصص له القسم الثالث وعنونه “بحماية المستهلك من الشروط التعسفية” في المواد من15 الى 20[40]،بحيث تنص المادة15 من هذا القانون على ما يلي:”يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك”.

كما قضت المادة من نفس القانون على تعداد الشروط التي تعتبر تعسفية وجعلها المشرع على سبيل المثال لا الحصر، إلا أنه في المقابل يمكن للقاضي التدخل لتعديل الشروط التعسفية أما بالزيادة أو النقصان أو إلغائها فهذه الصورة الأخيرة من التدخل تعتبر دون شك أشد جرأة من الصورة الأولى، وسلاحا بالغ الخطورة في يد القضاء، اذ بموجبه يستطيع القاضي اذا ما وصف الشرط بأنه تعسفي أن يلغيه،فيعفي الطرف المذعن منه، مخالفا بذلك قاعدة العقد شريعة المتعاقدين.[41]

وخلاصة القول أن الأصل هو عند حلول الأجل يجب على المدين الوفاء بدينه تجاه الدائن،إلا أن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي تشهدها  المعاملات أدت الى ضرب لمبدأ القوة الملزمة للعقد،مما جعل المشرع يعطي للقاضي الإمكانية للتدخل من أجل تعديل شروط العقد،وتطبيقا لذلك نجد أعطى الحق للطرف الضعيف في العقد عدت إمكانيات للتخلص من هذه العقود التي قد تتسبب في إرهاقه ،ومنها:

استقالة الأجير:

ان القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل[42]،يعتبر من أبرز النماذج التي قطعت نسبيا الصلة مع مبدأ القوة الملزمة للعقد،بحيث أثرت الظروف الاقتصادية غير المتكافئة بين المشغل والأجير والتي تميل كفتها الصالح الأول المتمتع بالمركز الاقتصادي القوي،وذلك عبر إمكانية تقديم الاستقالة من طرق الأجير وانهائه لعقد الشغل بصفة منفردة،رغم أن العقد أنشئ في بدايته بإرادة  الطرفين ،وهذا ما نصت عليه المادة 34من مدونة الشغل في فقرتها الثانية على ما يلي:” يمكن للأجير إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة ل الأجير من طريق الاستقالة…”.

° في قانون بيع العقار في طور الانجاز:

ينص الفصل618-3 مكرر ثلاث مرات في فقرته الأولى على ما يلي:”يحق للمشتري في التراجع عن عقد التخصيص داخل أجل لا يتعدى شهرا ابتداء من تاريخ إبرام عقد التخصيص”.

وما يلاحظ على المشرع في هذا الإطار أنه حصر التراجع في عقد التخصيص فقط ،والحال أنه كان عليه أن يمدده الى العقد الابتدائي أيضا بحيث أن أهمية ممارسة تظهر إبان هذه المرحلة على وجه الخصوص.

 

الفقرة الثانية: حدود مبدأ نسبية آثار العقد

إن الاصل في العقود أنها تقوم محل قانون بالنسبة للأطراف الذين ابرموها بمعنى أن العقد هوشريعة المتعاقدين وذلك حسب الفصل 230 من ق.ل.ع.[43]

يخضع العقد لإرادة طرفيه، هما من يقومان بإنشاءه وتعديله ونقله وإنهاءه. وإضافة إلى ذلك، فإن العقد كما عرفه الفقه[44] على أنه توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، على إعتبار أن الآثار الناتجة عن هذا العقد لا تضر ولا تنفع إلا أطرافه دون غيرهم، وهذا مايطلق عليه بمبدأ نسبية آثار العقد.

فهذا المبدأ نظمته العديد من التشريعات المدنية، من بينها التشريع المغربي وذلك في الفصل 228 من ق.ل.ع الذي نص على أنه:” الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون”.[45]

وبما أن المعاملات الاقتصادية عرفت تطورا ملحوظا، كان ضروريا على جل التشريعات مواكبة هذه التحولات، مما  أدى إلى المساس بكيان  نظرية العقد والمبادئ المؤطرة لها، بحيث  لم يسلم هذا المبدأ بدوره من التأثيرات الاقتصادية تلك التي تم إسقاطها على العقد والآثار الناتجة عنه.

وعلى هذا الأساس، ارتأينا في هذه الفقرة  إبراز تجليات التأثيرات الاقتصادية على مبدأ نسبية آثار العقد، من خلال التطرق الى مجموعة من القوانين التي تتضمن مظاهر هذا   التأثير، منها قانون التأمين الذي يعد أهم تطبيق لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير(أ)، ومدونة الشغل(ب)، وبعض الحالات الواردة في الكتاب الخامس من مدونة التجارة(ج).

أ- عقد التأمين كأهم تطبيق لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير.

كما أشرنا سابقا، أن القاعدة العامة في العقود هي عدم انصراف آثار العقد إلى غير أطرافه، إلا أن هذه القاعدة ترد عليها استثناءات كما هو منصوص عليه  في الفصل 228 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه: ” الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون. “وهذا يدل على أن هذه الحالات الاستثنائية هي بمثابة قيود على مبدأ نسبية آثار العقد[46] وهي مذكورة بمقتضى قوانين. بحيث اصبحت  الآثار الناتجة عن العقد  لا تبقى محصورة على اطراف العلاقة التعاقدية بل تنتقل إلى أشخاص آخرين لم يكونوا أثناء إبرام العقد وتكون إرادة الأطراف هي من سمحت بذلك.

ولعل خير مثال يمكن استحضاره في هذا المقام هو  الاشتراط لمصلحة الغير الذي يعد عقد التأمين أهم تطبيق عملي لها كإستثناء من الأصل الذي هو عدم قابلية انصراف أثار العقد الى الغير الذي لم يكن طرفا في العلاقة التعاقدية وكما تقضي بذلك مقتضيات الفصل 228 ق ل ع الأنف الذكر  .

ويعرف الاشتراط لمصلحة الغير بأنه تلك الحالة التي يتم فيها التعاقد بين شخص يسمى المشترط وآخر يسمى المتعهد من أجل إنشاء حق لمصلحة شخص ثالث يسمى المستفيد من الاشتراط[47].

وقد ذكر الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري أمثلة عديدة   لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير، نذكر منها عقد التأمين على الحياة لمن يؤمن لمصلحة أقاربه. وكذلك نظرا للإقبال الكثير على عقود التأمين في الحياة العملية، فكثيرا ما يؤمن رب العمل لمصلحة عماله مما يصيبهم من أضرر أثناء العمل، فيكون الغير هنا هم العمال يكسبون حقا مباشرا من طرف شركة التأمين عما يصيبهم من ضرر. وكذلك قد يؤمن عامل النقل لمصلحة مرسل البضاعة ويكون هذا الاشتراط لمصلحة الغير. وقد يكون عقد التأمين لحساب من يملك الشيء المؤمن عليه فيه اشتراط للغير، فقد يكون الشيء منزلا يؤمن صاحبه من الحريق أو بضاعة يؤمنها من التلف أو الغرق أو نحو ذلك من المخاطر، ويشترط على شركة التأمين أن تدفع في حالة تحقق الخطر لأي شخص يكون مالكا في ذلك الوقت[48].

ب- الاستثناءات الواردة على مستوى مدونة الشغل.

ان الاحتياجات الاقتصادية التي يفرضها الواقع العملي فمدونة الشغل تضمنت بعض مقتضياتها خروجا عن القاعدة العامة لمبدأ نسبية آثار العقد. لأن الأصل والمبدأ في ظهير الالتزامات والعقود انا الخلف الخاص يعتبر من الغير بالنسبة للتصرفات الصادرة عن من نقل الحق إليه[49]. بمعنى أن الخلف الخاص هو من يخلف الشخص في عين معينة أو في حق عيني عليها كالمشتري الذي يخلف البائع في المبيع، لكن في هذه الحالة فإن آثار العقود التي يبرمها السلف لا تنصرف إلى الخلف الخاص كقاعدة عامة ذلك ان مشتري العقار لا يتأثر بالتصرفات التي يبرمها البائع والتي لا علاقة لها بالشيء المبيع[50].

لكن هذه القاعدة تم التخلي عنها في ظل التحولات الاقتصادية التي تعرفها ولا زالت تعرفها المجتمعات المعاصرة حيث وردت عليها استثناءات في مدونة الشغل، خاصة في المادتين 19 و110. بحيث تنص المادة 19 على انه:     << إذا طرأ تغيير على الوضعية القانونية للمشغل، أو على الطبيعة القانونية للمقاولة، وعلى الأخص بسبب الإرث، أو البيع، أو الإدماج، أو الخوصصة، فإن جميع العقود التي كانت سارية المفعول حتى تاريخ التغيير، تظل قائمة بين الأجراء وبين المشغل الجديد، الذي يخلف المشغل السابق في الالتزامات الواجبة للأجراء، وخاصة في ما يتعلق بمبلغ الأجور، والتعويضات عن الفصل من الشغل، والعطلة المؤدى عنها…>>. وهذا يؤكد على أن الخلف الخاص في هذه المادة يتحمل الالتزامات الواجبة تجاه الأجراء برغم من أنه مشغل جديد، لذلك فالعقود التي كانت مبرمة بين المشغل القديم والمشغل والأجراء لا تتأثر وتظل قائمة وتستمر مع المشغل الجديد.”

و هو نفس  الأمر بالنسبة لاتفاقية الشغل الجماعية والتي تعد من العقود الجماعية[51]، فهي تخالف مقتضيات الفصل 228 من ق.ل.ع. لكن في المقابل نجد المادة 110 من مدونة الشغل تنص على أنه:”يمكن لكل منظمة نقابية للأجراء، أو لكل منظمة مهنية للمشغلين، أو لكل مشغل، الانضمام لاحقا إلى اتفاقية شغل جماعية، ليس طرفا من أطراف مؤسسيها… .”[52]

ج-بعض التطبيقات لحدود مبدأ نسبية آثار العقد الواردة في الكتاب الخامس من مدونة التجارة:

تضم مدونة التجارة العديد من الاستثناءات الواردة على مبدأ نسبية آثار العقد، نذكر منها تلك  الإستثنات التي تشكل خروجا عن المبدأ الأنف الذكر والموجودة في الكتاب الخامس[53] من نفس المدونة المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة التي تخضع لها كل مقاولة تعترضها الصعوبات ذات الطبيعة القانونية أو الاقتصادية أو المالية أو الاجتماعية، التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلالها[54].

ومن بين المقتضيات القانونية التي تؤكد على أن آثار العقد تنسحب إلى غير أطرافه، نذكر مسطرة المصالحةالتي أطرها المشرع في المواد من 551 إلى 559 من مدونة التجارة، من خلالها يقوم رئيس المقاولة بتقديم طلب فتح هذه المسطرة إلى رئيس المحكمة التجارية فيقوم هذا الأخير بتعيين مصالح لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بطلب من هذا الاخير [55].و تتجلى مهمة المصالح في إبرام اتفاق مع الدائنين وتذليل الصعوبات المالية أو الاقتصادية، بحيث من خلالها يسعى المصالح إلى منح آجال جديدة للأداء أو التخفيض من الديون أو غيرها من الحلول ذات طابع مالي أو اقتصادي أو اجتماعي. إلا أنه بالنسبة للاتفاق الذي يبرمه المصالح مع الدائنين فإن المشرع حسب المادة 556 من مدونة التجارة مدد آثار الاتفاق الودي إلى الدائنين   غير المشمولينبالإتفاق، وهذا خلاف للقواعد العامة التي تقضي بمبدأ نسبية آثار العقد، وأن العقد لا يلزم سوى موقعيه ففي هذه الحالة يمنح رئيس المحكمة للمقاولة آجال للأداء الواردة في النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق[56].

وكذلك من التطبيقات الأخرى على حدود مبدأ نسبية آثار العقد في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، نجد مخطط التفويت الذي اطره المشرع في المواد من 636 إلى 650 فالغاية من هذا المخطط هو الحفاظ على مناصب الشغل وابراء ذمة المقاولة من الخصوم[57]. لهذا السبب يتم إجراء مخطط التفويت الذي ينتج عنه انتقال ملكية المقاولة من المفوت إلى المفوت إليه غير أن هذا الأخير عندما يؤدي ثمن التفويت لا يستفيد منه المفوت وأنما يقوم السنديك بتوزيعه على الدائنين حسب مرتبتهم[58]. وكذلك تترتب على المفوت إليه التزامات وهي الحفاظ على مناصب الشغل وابراء ذمة المقاولة من الخصوم وهذا لا يعد بيعا كما عهدناه في ظهير الالتزامات والعقود الذي يتأسس على انتقال الملكية من البائع إلى المشتري دون تحمل هذا الأخير بالالتزامات التي التي لم يكن طرفا فيها والتي  كانت على عاتق البائع مثلا الذي يشتري مصنعا لا يكون مسؤول عن ديون والتزامات البائع وهذا يختلف تماما عن التفويت الذي يقع على  المقاولة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: الحماية القانونية للمتعاقد في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية

 

إن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي تعرفها المجتمعات المعاصرة أثرت بشكل واضح على المبادئ التقليدية التي كرستها نظرية الإلتزام،والذي أثبت الواقع العملي عدم كفاية الأليات التقليدية التي يتضمنها ظهير الإلتزامات والعقود،وهو ما أدى بالمشرع على غرار التشريعات المقارنة الى مسايرة هذه التحولات من خلال اصدار  مجموعة من القوانين،سواء المنصوص عليها في ظهير الالتزامات(المطلب الأول)،او المنصوص عليها في قوانين خاصة (المطلب الثاني)

 

المطلب الأول: الأليات المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود

 

تضمن ظهير الالتزامات والعقود مجموعة من القوانين الجديدة التي ترمي إلى حماية الطرف الضعيف مواكبة منه لهذه التحولات ومن بينها القانون03-50 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية(الفقرة الأولى)،وكذا القانون12-107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز(الفقرة الثانية)

 

المطلب الأول: الأليات المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود

تضمن ظهير الالتزامات والعقود مجموعة من القوانين الجديدة التي ترمي إلى حماية الطرف الضعيف مواكبة منه لهذه التحولات ومن بينها القانون03-50 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية(الفقرة الأولى)،وكذا القانون12-107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز(الفقرة الثانية)

 

الفقرة الأولى :حماية المتعاقد الالكتروني

 

نظرا لخصوصية العقد الإلكتروني في المعاملات المدنية والتجارة وما يتميز به من السرعة والفعالية في تبادل المعطيات الالكترونية,بين المتعاقدين اثناء المفاوضات التعاقدية, خاصة أن هذا النوع من العقود تتم عن طريق وسائل تقنية دون حضور الأطراف في مجلس العقد الواحد, ولكون العرض الذي يتقدم به الموجب يلعب دور كبير في نجاح هذه العلاقة التعاقدية فإن المشرع استلزم خضوع هدا العرض لمجموعة من البيانات هذا (اولا)  كما عمل ايضا على توفير الحماية لمتلقي العرض الإلكتروني باعتباره طرفا ضعيفاً في العقد (ثانيا)

 

اولا:خضوع العرض الإلكتروني لشكليات خاصة

 

  1. من بين هاته الشكليات التي استلزمها المشرع المنصوص عليها في الفصل 5-65 حيث جاء فيه أنه يتعين على كل من يقترح, بصفة مهنية وبطريقة إلكترونية توريد سلع أو تقديم خدمات أو تفويت اصول تجارية أو أحد عناصرها أن يضع اشارة للعموم الشروط التعاقدية المطبقة  بشكل يمكن الاحتفاظ بها واستنساخها دون الأخلاق بشروط الصحة النصوص عليها في العرض، فإن صاحب العرض يظل كلاما به سواء طيلة المدة المحددة في العرض المذكور أو ان تعذر ذلك طالما ظل ولوج العرض مثيرا بطريقة                                    إلكترونية نتيجة فعله.

إضافة إلى ذلك يجب ان يتوفر  هذا العرض الإلكتروني على  مجموعة من البيانات والمتمثلة فيما يلي:

1:الخصائص الأساسية الساعة أو الخدمة المقترحة او الأصل التجاري المعني او احد عناصره.

2:شروط بيع السلعة أو الخدمة أو شروط تفويت الأصل التجاري.

3: مختلف المراحل التي يجب اتباعها لابرام العقد بطريقة الإلكترونية.

4:الوسائل التقنية التي تمكن المستعمل المحتمل, قبل ابرام العقد من كشف الأخطاء المرتكبة أثناء تحصيل المعطيات وتصحيحها .

5: اللغة المقترحة من أجل إبرام العقد .

6: طريقة حفظ العقد من الارشيف من بدن صاحب العرض وشروط الاطلاع على العقد المحفوظ إذا كان من شأن طبيعة العقد او الغرض منه تبرير ذالك

7: وسائل الإطلاع بطريقة إلكترونية على القواعد المهنية و التجارية التي يعتزم صاحب العرض الخضوع لها عند الاقتضاء. (وتعتبر ابرز وسيلة يمكن استخدامها هي البريد الإلكتروني)

ويعتبر كل اقتراح غير متضمن لكافة البيانات  المشار اليها في هذا الفصل لا يمكن اعتباره عرضا (ايجابا)  بل يبقى مجرد اشهار ولا يلزم صاحبه.

 

ثانيا: حماية متلقي العرض الإلكتروني

 

نظرا للدور الذي يلعبه متلقي العرض الإلكتروني في هذا النوع من العقود لكونها لا تكون في مجلس العقد الواحد وإنما تكون عن بعد فالمتلقي فقط يتلقى الايجاب او العرض كما عبر عنه هذا القانون (53.05)  بواسطة تقنيات[59] الإتصال الحديثة والتي تقوم بنقل مضمون العرض للعموم وبالتالي يتعين على من ينوي التعاقد ان يقبل هذا الايجاب مما يستلزم توفير حماية لهذا المتلقي وهذا ما نستشفه من خلال نص تشريعي بموجب قانون 53.05 في الفصل5-65 الذي جاء فيه:” يشترط لصحة ابرام العقد ان يكون من ارسل العرض اليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل الاذن الصادر عنه ومن سعره الاجمالي ومن تصحيح الأخطاء المحتملة وذلك قبل تأكيد الاذن المذكور الاجل التعبير عن قبوله. كما نصت ايضا الفقرة الثانية من نفس الفصل على انه يجب على صاحب العرض  الاشعار بطريقة إلكترونية ودون تاخير غير مبرر، وبطريقة إلكترونية بتسلمه قبول العرض الموجه اليه”

 

الفقرة الثانية :الحماية المقررة في القانون 107.12 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز

 

يعد العقار ركيزة أساسية في الحياة اليومية للأفراد ,لاسيما في عصرنا الحالي  بفعل التحولات الاقتصادية  التي شهدتها المعاملات المالية في العقود الأخيرة  في مجال البيوع،خاصة ما يسمى البيع على الخطة أو البيع في التصميم كما يسميه بعض الفقه[60],  مما استوجب ضرورة تشريعية لتقنين هذا النوع من العقود ،ولحماية حقوق كلا الطرفين المتعاقدين البائع والمشتري في هذا النمط التعاقدي ثم تحديث ترسانة تشريعية جديدة في هذا المجال وهي دخولال قانون 107.12 حيز التنفيذ بتاريخ 15/02/2016 المعدل والمتمم للقانون 44.00 والذي جاء بالعديد من المستجدات لتحقيق التوازن العقدي وحماية الطرف المشتري في هذا النوع من البيوعات التي ترد على أشياء مستقبلية  من خلال فرض العديد من المقتضيات الشكلية من أهمها :

تحديد طريقة تحرير عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز:-

حيث نص الفصل 3-618 على انه يجب ان يحرر عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز اما في محرر رسمي او بموجب عقد ثابت التاريخ يثم تحريره من طرف مهني ينتمي الى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحث طائلة البطلان » .

كما نص الفصل5 -618 أنه لا يمكن ابرام العقد الابتدائي  لبيع العقار في طور الانجاز الا بعد الانتهاء من اشغال الاساسات على مستوى الطابق الارضي. بمعنى ان المشرع كان صريحا في هذا النص حين اشترط لإبرام العقد الابتدائي الى ان يتم انهاء اشغال البناء على مستوى الارضي ضمانا لحقوق المشتري في هذا النمط التعاقدي.

إبرام عقد الخصيص:-

إن من بين أهم المستجدات التي جاء بها هذا القانون-12-107- التنصيص على عقد التخصيص للعقار في طور الانجاز والذي جاء به المشرع لحماية الطرف الضعيف  اي المشتري. وعقد التخصيص هو عقد اختياري مدته لا تتجاوز ستة أشهر غير قابلة للتجديد ولفهم هذا العقد فإنه يتعين الرجوع لمختلف الاشارات التي وردت  في فصول قانون 107.12 التي لها علاقة بأحكام هذا العقد، و أول إشارة من المشرع وردت في الفصل 3-618 مكرر مرتين ق ل ع الذي ينص على أنه:”يمكن للبائع  والمشتري قبل تحرير العقد ابرام عقد التخصيص من أجل اقتناء عقار في طور الانجاز يحرر إما في محرر رسمي او عرفي ثابت التاريخ وفق الشكل المتفق عليه بين الأطراف .لا يجوز ابرام عقد التخصيص في بيع العقار في طور الإنجاز، تحث طائلة البطلان الا بعد الحصول على رخصة البناء  كما يتضمن عقد التخصيص البيانات الواردة في البنود 1.2.3.4.5.6.7 الواردة في الفصل3- 618.

و يتميز عقد التخصيص كمستجد من المستجدات التي جاء بهذا القانون[61] من خلال:

 

– تبسيط طريقة ابرامه وذلك بتمكين الاطراف من الاختيار بين التوثيق الرسمي او العرفي عكس العقد الابتدائي الذي اشترط فيه المشرع ضرورة تحريره بمقتضى عقد رسمي او محرر ثابت التاريخ والذي يتم توثيقه من طرف شخص ينتمي لمهنة قانونية

– لا يمكن إبرام عقد التخصيص إلا بعد حصول البائع على رخصة البناء كشرط اساسي لابرام هذا العقد.ونظرا لأهمية هذا العقد فقد تطلب المشرع أن يكون متوفر على نفس البيانات الذي تطلبها لإبرام العقد الابتدائي عدا تلك المتعلقة باالضمانات البنكية .اضافة الى ان عقد التخصيص هو الية لحماية المتعاقدين في مرحلة تمهيدية قبل ابرام عقد الابتدائي  هناك الى حق اخر منحه المشرع للمشتري المستهلك والذي تنطبق عليه مواصفات الطرف الضعيف في العقد وهذا الحق هو حق التراجع [62]والذي ربطه المشرع بمرحلة ابرام العقد التخصيص الذي يتميز بطابعه الاختياري ؛حيث يمكن للاطراف تجاوز هذه المرحلة والانتقال مباشرة إلى ابرام العقد الابتدائي دون اخذ مهلة التفكير الذي يؤسس عليها عقد التخصيص ،في هذه الحالة لا يمكن للمشتري الاستفادة من حق التراجع عن العقد الابتدائي لعدم وجود أي نص يقضي باحقية المشتري في التراجع من هذا العقد

وفي حالة التراجع من طرف المشتري في عقد التخصيص يجب على البائع أن يرجع المشتري المبلغ المدفوع كاملا داخل اجل لا يتعدى سبعة أيام ابتداء من تاريخ ممارسة هذا الحق طبقا للفصل 3-618.

 

وجوب تقديم ضمانة للمشتري:

أوجب المشرع على البائع عند ابرام العقد الابتدائي،تقديم ضمانة لفائدة المشتري الهدف منها ضمان إنهاء الأشغال أو إسترجاع الأقساط في حالة عدم تنفيذ العقد المتفق عليه طبقا لمقتضيات الفصل9-618 الذي ينص على أنه:”يتعين على البائع بعد توقيع عقد البيع الابتدائي إن يقدم لفائدة المشتري أما ضمانة إنهاء الأشغال أو ضمانة استرجاع الاقساط المؤداة في حالة عدم تنفيذ العقد.”

تحديد طريقة الأداء:

من بين المستجدات التي جاء بها كذلك هذا القانون تحديد طريقة أداء المشتري للثمن المتفق عليه بين البائع و حيث   يؤدي المشتري كحد اقصى،قسطا من الثمن الاجمالي تبعا لتقدم الأشغال حسب المراحل التالية.

5%عند ايران عقد التخصيصـ؛

5%عند ايران عقد الابتدائي  او 10% عند عدم وجود عقد التخصيص؛

10%عند بداية الأشغال؛

60% مقسمة على ثلاث مراحل تؤدى حسب اتفاق الأطراف وعند إشغال انجاز كل مرحلة:

مرحلة الأشغال المتعلقة بالاساسات الطابق الأرضي؛

مرحلة الأشغال الكبرى لمجموع العقار؛

مرحلة الاشغال النهائية والحصول على رخصة السكن؛

20% عند ابرام عقد النهائي وتسلم المفاتيح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: الحماية المقررة بمقتضى قوانين خاصة {قانون حماية المستهلك نموذجا}

نظرا للتطور الذي يشهده العالم في الأواني الأخيرة في المجال الاقتصادي والاجتماعي من إنتاج الصنع والخدمات عرفت القواعد العامة قصورا لإعادة التوازن بين المتعاقدين. وعلى هذا الأساس تدخل المشرع المغربي بمجموعة من القوانين الخاصة من أجل حماية الطرف الضعيف في العقد، ويعتبر القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك- نموذجا على هذه الحماية.

وقد حاول المشرع من خلال مقتضياتهذا  القانون سن مجموعة من الضمانات القانونية الهادفة الى تنوير إرادة المستهلك سواء في مرحلة تكوين العقد{الفقرة الأولى}،أو خلال مرحلة تنفيذ العقد أو إنهاءه {الفقرة الثانية}.

 

الفقرة الأولى: الحماية المقررة أثناء تكوين العقد

عمل المشرع من خلال القانون 31.08 على تجاوز المبادئ العامة التي كرستها نظرية لعقود من الزمن العقد من خلال نصه على مجموعة من التدابير الحمائية لفائدة المستهلك من بين هذه التدابير التي نص عليها هذا القانون أثناء مرحلة تكوين العقد:

-الالتزام بالاعلام ويعتبر هذا الأخير من أهم المرتكزات الذي يقوم عليها القانون 31.08

حيث عمل  المشرع المغربي على التنصيص على هذا  الحق- الالتزام بالإعلام – ضمن ديباجته، واعتبره أول حق أساسي في مجال حماية المستهلك[63].

ونظرا للارتباط الوثيق بين قانون حرية الأسعار وضرورة حماية المستهلك،فان المشرع المغربي عمل على سد هذه الثغرة من خلال الفصل الأول من الباب السادس من قانون 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة  كما عدل وتمم بمقتضى القانون رقم 104.12 والذي عنونه كما يلي “حماية المستهلك وإعلامه”.

غير أنه في ظل عدم كفاية هذا القانون سن المشرع قانون 31.08 الذي يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ونظرا لأهمية هذا المقتضى{الالتزام بالإعلام} خصص له قانون 31.08  قسما كاملا من المواد من 3 الى 14 منه.

ومن خلال استقراءنا لهذه الفصول يتجلى الالتزام بالإعلام في كون أن المستهلك يحتاج في الفترة السابقة لعملية التعاقد للكثير من المعلومات العامة والخاصة التي تساعده على فهم موضوع العقد،حيث أن الإعلام المناسب والواضح للمستهلك حول المنتجات و الخدمات يعتبر من الحقوق الأساسية لهذا الأخير وفقا للمادة 3 من ق.ح.م بواسطة أي طريقة ملائمة وقبل إبرام العقد وذلك بذكر مواصفات سلعة أو البضاعة أو الخدمة وتركيبتها وتاريخ صلاحيتها… وغير ذلك من البيانات الأخرى التي تساعد على اقتناءها من عدمه، هذا ويعاقب كل من أخل وبلغ هذه البيانات عن طريق الإشهار الكاذب و المضلل أو الخادع بعقوبات زجرية.[64]

وقد بدأ القضاء المغربي فعلا بتطبيق المقتضيات الخاصة بالالتزام بالإعلام بمجرد صدور قانون31.08 ، ويمكن أن نشير هنا الى القرار الصادر عن محكمة النقض المغربية بتاريخ

25 أكتوبر2011، حيث ألزمت هذه الأخيرة الطبيب بإعلام المريض وتبصيره لكافة الأخطار والعواقب التي تنتج عن العملي الجراحية ومدى احتمال نجاحها من عدمه ونسبة ذلك.[65]

وتنبغي الإشارة هنا أن الالتزام بالإعلام لا ينحصر فقط في خصائص السلع و الخدمات محل التعاقد فحسب، ولكن أيضا في مرحلة إبرام العقد وذلك من خلال تنوير المستهلك بالبيانات التعاقدية التي من شأنها أن تبرز الثقة و حسن النية – الذي يقره الفصل 231 من ظ.ل.ع- في خلق نوع من المساواة بين التعاقدين .

الفقرة الثانية: الضمانات المقررة أثناء تنفيذ العقد أو إنهاءه

نص المشرع على مجموعة من الضمانات القانونية الهادفة الى حماية المستهلك من قبيل الحماية الشروط التعسفية{أ}،وكذا حق الاختيار القضائي{ب}.

أ: الحماية من الشروط التعسفية

خصص المشرع لهذا المقتضى قسما كاملا وهو القسم الثالث من القانون 31.08 من المواد  15الى 20 .

وعرف الشرط التعسفي في المادة 15 بقوله :” يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك”.

ومن خلال استقراء المادة 18 من هذا القانون نجد أن المشرع المغربي اتبع نفس نهج المشرع الفرنسي وذلك من خلال تنصيصه على الشروط التعسفية  على سبيل المثال لا الحصر ،وتوفر الأمثلة الواردة في المادة 18 من ق.ح.م للشروط التعسفية حماية فعالة للمستهلك لسهولة اكتشافها من قبل المستهلكين والقضاء ،ومن هذه الأمثلة نجد إلغاء أو انتقاص حق المستهلك في الاستفادة من التعويض في حالة إخلال المورد بأحد التزاماته…

وبالتالي كل شرط من الشروط الواردة في المادة 18 تم إدراجها في العقد تعد باطلة، ويمثل هذا الأمر ضمانة مهمة لحماية المستهلك حيث تضل جميع مقتضيات العقد الأخرى مطبقة ما عاد المعتبرة تعسفية اذا أمكن أن يبقى العقد قائما شروط المذكورة وهذا ما أكدته المادة 19 من نفس القانون[66].

ب: حق الاختيار القضائي

مكن القانون {31.08} كلا من المستهلكين والجمعيات الهادفة لحمايتهم من الخروج عن المبدأ العام المنصوص عليه في الفصل  27 من قانون المسطرة المدنية القاضي برفع الدعاوى كأصل عام أمام محكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.  وخوفا من عرقلة مصالح المستهلكين بضرورة احترامهم للمبدأ المنصوص عليه أعلاه فانه مكن المستهلك والجمعيات الهادفة لحمايته من عدت اختيارات على مستوى الاختصاص القضائي وذلك على الشكل التالي :

1: عندما يتعلق الأمر بالمنازعات القائمة بين المهنيين والمستهلكين فانه يحق لهؤلاء الآخرين رفع دعواهم المدنية أمام:

– محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك

– أو أمام المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في وقوع الضرر،عملا بمقتضيات المادة 202 من القانون الانف الذكر

وللمستهلك أن يختار المحكمة التي يراها مناسبة لمصلحته، وكل اتفاق يحرم المستهلك من هذا الخيار إلا ويكون عديم الأثر لارتباط ذلك بالنظام العام.

2 : عندما يتعلق الأمر بالدعاوى المدنية التي ترفعها الجمعيات الهادفة لحماية المستهلك نيابة عنه ،فانه يحق لها أن تختار بين من يرفعها أمام المحكمة التي وقع في دائرتها الفعل موجب للرفع الدوى أمام محكمة المدعى عليه.

أما بالنسبة للدعاوى المدنية التابعة للدعوى العمومية فانه يتعين احترام مقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 22.01 المتعلقة بقانون المسطرة الجنائية الذي يربط قواعد الاختصاص المحلي للدعوى المدنية التابعة الجنائية بالقواعد العامة المنظمة لهذا الاختصاص في المجال الزجري.[67]

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

صفوة القول،إن تطور المعاملات القانونية أدى إدى إلى بروز عناصر إقتصادية جديدة غير مألوفة في ظهير الالتزامات و العقود،فمعيار الإرادة اصبح غير كاف لتحديد المركز القانوني للطرف أمام إنقسام المجتمع إلى مستهلك ومحترف،في ظل قصور ظهير الالتزامات والعقود في توفير الحماية الكفيلة و تحقيق المساواة بين المتعاقدين، مادام أن عدم الخبرة ليست من عيوب الرضى.مما يجعل المشرع المغربي يتدخل بوضع نصوص قانونية على غرار التشريعات المقارنة إيمانا منه بضرورة توفير الحماية للطرف الضعيف تحقيقا للعدالة التعاقدية من جهة،وحماية التوازن العقدي من الإنهيار من جهة أخرى حفاظا على إستقرار المعاملات القانونية.

إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوةهو مدى قدرة المشرع المغربي على مسايرة التحولات الإقتصادية والتكنولوجية المستقبيلية؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

عبدالرحمان الشرقاوي،القانون المدني،دراسة حديثة للنطرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمقاهيم الجديدة الإقتصادية للقانون اللإقتصادي،الجزء الأول،مطبعة المعارف الجديدة الرباط،الطبغة السادسة.2019

عبدالرحمان الشرقاوي،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي،طبعة2018.

عبدالقادر العرعاري،مصادر الإلتزامات المتاب الأول،نظرية العقد،مطبعة دار الأمان،بالرباط،الطبعة السادسة2018.

حافظ بكور،محاضرات في مادة النظرية العامة للالتزامات،طبعة 2014.2015.

العربي محمد مياد،الوسيط في عقود الإدعان،دراسة مقارنة،طبعة2012.

سامي بديع منصور،عنصر الثبات وعامل التغير في العقد المدني ذكر الطبعة.

عبدالرزاق السنهوري،الوسيط في شرح القانزن المدني،الجز الأول،نظرية الإلتزام بوجه عام،دار إحياء الثرات العربي،بيروت لبنان.

محمد بنحساين،القانون الإجتماعي المغربي،علاقة الشغل الفردية و الجماعية،الجزء الأول طبعة 2018.

مصطفى بونحة و الدكتور نهال اللواح،مساطر صعوبات المقاولة،وفقا للقانون73.17 ،الطبعة الأولى2018.

الرسائل و الأطروحات:

عاشور عثمان وعبد الفتاح فريدة،مبدأسلطان الإرادة بين التأصيل و الحداثة،مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص،جامعة علد الرحمان ميرة سنة2012.

حليس الخضر،مكانة الارادة في القانون الخاص،جامعة أبي بكر،بلقايد تلمسان،كلية الحقوق و العلوم السياسة،السنة الجامعية2015.2016.

المجلات و المقالات:

عبد الحق الصافي،قانون العقود بين التنظيم العام و التتنظيمات الخاصة”الحصيلة و الأفاق” مقال منشور في مجلة مغرب القانون.

هشام العرج،القوة الملزمة للعقد في قانون الإلتزامات والعقود،مقال منشور في مجلة المنازعات و الأعمال،العدد السادس.

إبراهيم بعلي،النطام العام كألية حمائية من الشروط التعسفية،بين القصور التشريعي و الإجتهاد القضائي،مقال منشور في مجلة منازعات الأعمال.

مجلة الممارس للدراسات القانونية،العدد الثالث2019.

بلال العشيري،أعمال الندوة العلمية المتعلقة بالتحولات الإقتصادية و إنعكتاساتها على ظهير الالتزامات و العقود المغربي

عبدالكريم غيوان،أثر التحولات الإقتصادية على النطرية العامة للإلتزام،مبادئ مؤسسة العقد بين الثابت و المتغير في ضوء التشريع المغربي مقال منشور في موقغ مجلة المنازعات والأعمال

 

مقدمة: 2

المبحث الأول:مظاهر تاثر العقد بالتحولات الإقتصادية والتكنولوجية 3

المطلب الأول:أثر التحولات الإقتصادية والتكنولوجية على مستوى تكوين العقد  3

الفقرة الاولى : ارادة المتعاقدين في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية  3

الفقرة الثانية: ظهور أنماط جديدة للعقود  7

المطلب الثاني : أثر التحولات الاقتصادية والتكنولوجية على مستوى تنفيذ العقد  9

الفقرة  الأولى: حدود مبدأ القوة الملزمة للعقد  9

الفقرة الثانية: حدود مبدأ نسبية آثار العقد  13

المبحث الثاني:الحماية القانونية للمتعاقد في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية 18

المطلب الأول: الأليات المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود  18

الفقرة الأولى :حماية المتعاقد الالكتروني   18

الفقرة الثانية :الحماية المقررة في القانون 107.12 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز  19

المطلب الثاني: الحماية المقررة بمقتضى قوانين خاصة {قانون حماية المستهلك نموذجا}  22

الفقرة الأولى: الحماية المقررة أثناء تكوين العقد  22

الفقرة الثانية: الضمانات المقررة أثناء تنفيذ العقد أو إنهاءه  23

 

خاتمة:………………………………………………………………………

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ن

يتعلق الأمر بالمنازعات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] أو كما عبر عنه الفقيه GONOT في أطروحته :”أنا لست ملزما بأي تصرف قانوني إلا إذا رغبت فيه وفي الوقت الذي أريد و بالكيفية التي أحددها.”

[2]  د.عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام  في ضوء تاثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي  ،الجزء الاول ،مطبعة المعارف الجديدة- الرباط ،الطبعة السادسة 2019

[3]  د.حافظ بكور : محاضرات في مادة النظرية العامة للالتزامات ، طبعة 2014 -2015 ،ص:10

[4] عبد الكريم غيوان : اثر التحولات الاقتصادية على النظرية العامة للالتزام مبادى مؤسسة العقد بين الثابت والمتغير في ضوء التشريع المغربي ،مقال منشور في موقع مجلة منازعات الاعمال

[5] ينص الفصل 19على : << لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط  المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية.

والتعديلات التي يجريها الطرفان بإرادتهما على الاتفاق فور إبرامه لا تعتبر …  جزءا من الاتفاق الأصلي وذلك ما لم يصرح بخلافه. >>.

[6]  عاشور عثمان وعبد الفتاح فريدة : مبدأ سلطان الارادة  بين التاصيل والحداثة ، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمن ميرة سنة 2014 ،ص: 9

[7] العربي محمد مياد : الوسيط في عقود الاذعان دراسة مقارنة ، طبعة 2012 ،ص41

سامي بديع منصور : عنصر الثبات وعامل ابتغير في العقد المدني  ، دون ذكر الطبعة ،ص : 106 [8]

د.عد الرحمان الشرقاوي : دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي طبعة 2008 ،ص 8[9]

سامي بديع منصور ،مرجع سابق ،ص109[10]

[11] قانون رقم 83.13 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 108.83.1 بتاريخ 9 محرم 1405 كما تم تغييره بالقانون رقم 08.31 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 03.11.1 بتاريخ 14 ربيع الاول 1432(18فبراير 2011)

 [12] د. عبد الرحمان الشرقاوي :دور القضاء في تحقيق التوازن العقد ،مرجع سابق ،ص45.

[13]العقود الشكلية هي عقود لا تتم بمجرد تراضي المتعاقدين اي لا يكفي التراضي لانعقادها بل يجب لاتمام العقد  اتباع شكل مخصص يعينه القانون ويتتطلب مراعاة شكل خاص يعد ركنا في العقد  ” انظر : الدكتور  مرزوق ايت الحاج : الوجيز في نظرية الالتزام ، دار ابي رقراق للطباعة والنشر ، طبعة 2015 ،ص: 114

[14] ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 15 من محرم  1435 ( 19 نوفمبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني. المنشور في  الجريدة الرسمية عدد 6208 الصادرة بتاريخ 24 محرم 1435 (28 نوفمبر 2013)

[15] ظهير  شريف رقم .16.99 صادر في 13 من شوال 1437 (18 يوليو 2016) بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي.

[16]  د.عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام  في ضوء تاثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي،مرجع سابق ،ص: 73

[17]  عبد الرحمان الشرقاوي : دورالقضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص: 7

[18]  العربي محمد مياد الوسيط في عقود الاذعان ،مرجع سابق ص:63

[19]  د.عبد الحق الصافي :قانون العقود بين التنظيم العام والتنظيمات الخاصة “الحصيلة والافاق ” مقال منشور في مجلة مغرب القانون

[20]الفصل 3-65 :”يمكن استخدام الوسائل الالكترونية لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع او خدمات رهن اشارة العموم من اجل ابرام عقد من العقود

يمكن المعلومات المطلوبة من أجل إبرام عقد أو المعلومات الموجهة اثناء تنفيذه عن طريق البريد الاكتروني اذا وافق المرسل إليه صراحة على استخدام الوسيلة المذكورة.

يمكن توجيه المعلومات الى المهنيين عن طريق البريد الاكتروني ابتداء من الوقت الذي يدلون فيه بعنوانهم الالكتروني.

اذا كان من الواجب إدراج المعلومات في استمارة،تعين وضع هذه الاحيرة بطريقة الكترونية رهن اشارة الشخص الواجبة عليه تعبئتها.”

[21] عبد القادر العرعاري،مصادر الالتزام نظرية العقد،الجزء الاولـ،مطبعة دار الامان،الطبعة السادسة2018،ص106

[22] تجدر الاشارة الى ان المشرع استعمل مصطلح “العرض” عوض الايجاب.

[23] اكرام مختاري،التراضي في العقود الكترونية،مجلة الفقه و القانون،عدد خاص بمناسبة مرور مائة سنة على ظهير الاتزامات والعقود،ابريل2014،ص25.

[24] الفصل 24 قانون الالتزامات والعقود:يكون العقد الحاصل بالمراسلة تاما في الوقت و المكان اللذين يرد فيهما من تلقى الايجاب بقبوله.”

 

[25] تنص الفقرة الثانية من الفصل24 ق ل ع على أن:”العقد الحاصل بواسطة رسول او وسيط يتم في الوقت و المكان اللذين يقع فيهما رد من تلقى الايجاب للوسيط بأنه يقبله.”

[26]عبد الرحمان الشرقاوي،مرجع ساابق،ص113.

[27] عبد الرحمان الشرقاوي،مرجع سابق،ص111

كذلك المادة من القانون الجزائري ,والمادة 146من القانون المدني العراقي ,والمادة 269 من القانون البولوني .[28]

عبد الرحمان الشرقاوي ,القانون المدني,الجزء الأول مصادر الالتزام “التصرف القانوني”,الطبعة السادسة ,سنة 2019,ص:257=258.[29]

سورة البقرة الآية  :268[30]

عبد الرحمان شرقاوي ,مرجع سابق,ص:268[31]

الفقيه والأستاذ محمد كشبور  [32]

 عبد الرحمان شرقاوي ,مرجع سابق ,ص:274[33]

 حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 9167،منشور بمقال إبراهيم البعلي ،النظام العام كآلية حمائية من الشروط التعسفية بين القصور التشريعي والاجتهاد القضائي،مجلة منازعات الأعمال ،تاريخ الإطلاع : 28-11-2019[34]

 قرار مجلس الأعلى ،عدد489، في الملف التجاري  عدد2004-1-33-1314 ، المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد68، سنة 2006،ص:114، أشير إليه في مقال إبراهيم البعلي ،م. س.[35]

هشام الأعرج، القوة الملزمة للعقد في قانون الالتزامات والعقود المغربي،مقال منشور بمجلة منازعات الأعمال،العدد 6،سنة 2016، ص:7.[36]

تعريف الفقيه والأستاذ إدريس العلوي العبدلاوي  مأخوذ عن عبد الرحمان الشرقاوي،م.س،ص:261.[37]

عبد الرحمان الشرقاوي ،م.س،ص:65.[38]

الجريدة الرسمية عدد 6192الصادر بتاريخ 26 ذو القعدة 1434 {3أكتوبر2013} مرسوم رقم الصادر في 4 ذي القعدة {11 سبتمبر2013}   بتطبيق أحكام القانون رقم31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.[39]

عبد الرحمان شرقاوي،م.س،ص:278- 279[40]

هشام الأعرج ،مرجع سابق.[41]

الجريدة الرسمية عدد5167 بتاريخ  08-12-2003 الصفحة 3969 ، ظهير شريف رقم 194-03-01 الصادر في 14 رجب  1424،الموافق ل  11سبتمبر 2003، بتنفيذ القانون رقم 65.99المتعلق بمدونة الشغل.[42]

1-الفصل 230 من ق.ل.ع ينص على أنه:” الالتزامات التعاقديةالمنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشيئها ولا يجوز إلغاؤها الا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها فيالقانون “.

د.عبد الرزاقاحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني.الجزء الاول.دار احياء التراث العربي.بيروت-لبنان.ص.570-571-572.-2

د.عبد الرحمان الشرقاوي.القانون المدني.الجزء الاول. مصادر الالتزام. التصرف القانوني.طبعة السادسة ص44.-3

د.عبد الرحمان الشرقاوي م.س ص.293.-4

د.عبد الرحمان الشرقاوي م.س ص.294.-5

د.عبد الرزاق احمد السنهوري م.سص.570-25-6

[49]د.محمدبنحساين،القانونالاجتماعي،الجزءالأول،ط.2018 ص.29.

[50]د.عبدالرحمانالشرقاوي،م.س،ص.287.

[51]  “يقصدبالعقدالجماعي Contrat collectif ذلكالنوعمنالعقودالتيتمتدآثارهإلىأشخاصآخرينلميوافقواعليه. والمثالالأبرزعلىذلكالاتفاقياتالجماعيةفيميدانالشغل،التيتبرمهاالنقابةبالنيابةعنالأجراء،فبنودهذاالعقدتعدملزمةللجميعبمافيذلكالأقليةالتيعارضته”. ذكرهد.عبدالرحمانالشرقاويم.سص.84.

[52]د.محمدبنحساينم.سص.31.

[53]القانونرقم 73.17 القاضيبنسخوتعويضالكتابالخامسمنقانونرقم 15.95 المتعلقبمدونةالتجارة،فيمايخصمساطرصعوباتالمقاولة،الصادربتنفيذهالظهيرالشريفرقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439(19 أبريل 2018 )،الجريدةالرسميةعدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1339 (23 أبريل 2018)،ص 2345.

[54]المادة 547 منمدونةالتجارة.

[55]المادة 553 منمدونةالتجارة.

[56]د.مصطفىبونجة/دة.نهالاللواح،مساطرصعوباتالمقاولةوفقالقانونرقم 17.73 ط. الاولى 2018،منشوراتالمركزالمغربيللتحكيمالمغربيومنازعاتالأعمالص.102.

[57]المادة 635 منمدونةالتجارة.

 

[58]المادة 647 منمدونةالتجارة.

[59]  تقنيات الاتصال عن بعد المنصوص عليها من خلال المادة 25 من قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك ” كل وسيله تستعمل لابرام العقد بين المورد و المستهلك دون حضورهم شخصيا و في آن واحد”.

عبد القادر العرعاري_نظرية العقد, مصادر الالتزامات الكتاب الاول،دراسة مقارنة على ضوء التعديلات الجديدة. ط2018،ص1063

   انظر الفصل 618–3 مكرر مرتين في بيع العقار في طور الانجاز4

يعد حق التراجع من أهم الحقوق التي جاء بها قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك  إلى جانب الحق في الإعلام والتمثيلية…  5

[63]مجلة الممارس للدراسات القانونية والقضائية ،العدد الثالث،أبريل 2019،ص:54

[64] عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،مصادر الالتزام ،الجزء الأول “التصرف القانوني”،الطبعة السادسة ،سنة 2019، ص:163

[65] عبد الرحمان الشرقاوي، م.س:ص:164

[66] بلال العشيري ،أعمال الندوة العلمية الدولية الثانية: التحولات الاقتصادية وانعكاساتها على ظهير الالتزامات والعقود المغربي ،ص:112

[67] عبد القادر العرعاري،مصادر الالتزامات ،الطبعة السادسة2018،ص:-202-201

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى