“مقال حول رقمنة الإدارة القضائية بالمغرب”
من إنجاز الطالبة أسماء محيب:
باحثة بسلك الماستر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بسطات 2019 – 2020
مقدمة
عرف المغرب في الآونة الأخيرة تحولات مهمة نتيجة الثورة الرقمية التي شهدها العالم، وكذا الاستعمال المكثف لتكنولوجيا المعلوميات والاتصالات التي أحدثت تغيرات جوهرية في الحياة اليومية للإنسان .
كما أصبحت الوسائط التكنولوجيا من آليات الأساسية والمعول عليها في إحداث التنمية المستدامة، مما انعكس ذلك على كيفية تدبير وتسيير المرافق والإدارات العمومية وشبه العمومية، التي تعتبر القاطرة تحرك بها عجلة التنمية في الدول النامية.
والجدير بالذكر أنه تم وضع إستراتيجية “المغرب الرقمي”، من خلال العمل على تحقيق جملة من الأولويات إلى جانب وضع آليات للمواكبة والتنفيذ .
وتتمثل هذه الأولويات في تمكين المواطنين من الولوج إلى الأنترنيت ذي الصبيب العالي وتشجيع الولوج إلى تبادل المعرفة وتقريب الإدارة من حاجيات روادها، لاسيما على مستوى الفعالية والجودة والشفافية، انطلاقا من برنامج طموح للحكومة الالكترونية.
والملاحظ أن المغرب من بين البلدان التي عملت على تطوير وتسريع وتحسين مردودية في أداء خدمات إدارية، إذ يجعل من الإدارة ضرورة تطوير نظم المعلومات المتكاملة بما فيها التنظيم والمعالجة، ونخص بالذكر استخدام الحاسوب وتكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا البرمجيات، بحيث لا يمكن تصور تقديم خدمات إلكترونية متاحة عبر الشبكة العالمية (الأنترنيت)، دون اللجوء إلى تبسيط المساطر وإدخال بعض الحركات والمرونة في إجراءاتها، إذ يعتبر مشروع إدارة أو الحكومة الالكترونية نتيجة حتمية لتفاعلات مجالات تكنولوجيا المعلومات الاتصال وتبسيط المساطر وتحسين وتسهيل العلاقة مع المواطن والإدارة.
والإدارة القضائية بالمغرب لم تكن بمنأى عن هذه التطورات وإستعابها والتفاعل معها جزءا لا يتجزأ عن منظومة العمل الحديث والذي يتطلب مواكبة التحول الرقمي والتفاعل معه، وكذا مكون أساسي في خطاب إصلاح منظومة العدالة.
أهمية الموضوع:
ويكتسي الموضوع الذي نحن بصدد دراسته أهمية بالغة سواء على المستوى العلمي، إذ أصبح هاجسا للكتابة والنقاش لدى جل الباحثين في الشأن القانوني .
أو على المستوى العملي، حيث نجد أن المحاكم بكل درجاتها وتصنيفاتها تقوم على شق إداري وشق قضائي، وما للشق الأول من أهمية في تجويد وتحسين عمل الخدمة القضائية بصفة عامة، بأن الحديث عن تأهيل الإدارة القضائية في شتى جوانبها بعيدا عن الواقع التشريعي والمستجدات الهامة، التي تؤثث هذا المشهد، يتعلق الأمر بالقانون رقم 38.15، الجديد المتعلق بالتنظيم القضائي، وما يحمله من مستجدات مهمة في هذا الجانب، إلى درجة يمكن معها القول أن هذا القانون سيضع البنية الأولى للإدارة القضائية الرقمية في التنظيم القضائي المغربي.
إشكالية الموضوع:
وتأسيسا على ما سبق يمكن إثارة الإشكالية التالية:
- ما مدى نجاعة التحول الرقمي في مواجهة تحديات التي تواجهها الإدارة القضائية بالمغرب؟
المنهج المعتمد:
ولتحليل الموضوع الذي بين أيدينا سنعتمد على المنهج الوصفي من خلال نقل بعض المعطيات والمعلومات حول الموضوع، كما سنسلك المنهج التحليلي من خلال تحليل بعض النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع.
– وللإجابة على هذه الإشكالية التي سبق إثارتها، يقتضي منا الأمر تقسيم الموضوع الذي بين أيدينا إلى مبحثين رئيسيين وهما:
المبحث الأول: ماهية الإدارة الرقمية
المبحث الثاني: تحديات وواقع تطبيقات الإدارة الرقمية بالمغرب – وزارة العدل – (أنموذجا).
المبحث الأول: ماهية الإدارة الرقمية
تعد الإدارة الرقمية أو ما يسمى أيضا الإدارة الإلكترونية مفهوما مبتكرا أملته المراحل المتقدمة من ثورة تكنولوجيا المعلومات واقتصاد والمعرفة والاقتصاد الرقمي وأسهمت في تكوينه وانتشاره برمته ومن خلال هذا المبحث سنتناول مفهوم الإدارة الرقمية (المطلب الأول)، إضافة إلى العلاقة القائمة ما بين الإدارة الرقمية والأعمال الإلكترونية. (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم الإدارة الرقمية
مفهوم الإدارة الرقمية يشير إلى منهجية جديدة تقوم على الاستيعاب الشامل، والاستخدام الواعي، والاستثمار الإيجابي لتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في ممارسة الوظائف الأساسية للإدارة على مختلف المستويات التنظيمية في المنظمات المعاصرة.
وبناءا على ما سبق سنحاول إعطاء تعريفا للإدارة الرقمية (الفقرة الأولى)، ثم سنتطرق إلى مكونات الإدارة الرقمية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف الإدارة الرقمية
يمكن تعريف الإدارة الرقمية أو ما يسمى كذلك بالإدارة الإلكترونية” على أنها توظيف لتكنولوجيا المعلومات والاتصال لتحديث العمل الحكومي بالإضافة إلى جعل العمل الحكومي أكثر كفاءة وشفافية ويتجه نحو تحقيق احتياجات المواطن” كما عرفها الدكتور عبد الفتاح بيومي حجازي على أنها: “تحول المصالح الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاء وظائفها ومهامها فيما يتعلق بخدمة الجمهور أو فيما بينها وبعضها بطريقة الكترونية عن طريق تسخير تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات الحديثة في أداء هذه المهام”.
وفي نفس السياق تذهب لجنة ماركيز الدولي في تعريفها للإدارة الإلكترونية بأنها: “تطبيق التكنولوجيا الرقمية لتحديث أو تغيير وظائف الإدارة بقصد تحسين فعاليتها ونتائجها وكذلك جودة الخدمات المقدمة.
ومن خلال ما سبق يمكن تعريف الإدارة الرقمية عموما على أنها استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال وخاصة الانترنيت والبرامج المعلوماتية من طرف الإدارة والمؤسسات العمومية وحتى الجماعات المحلية، بهدف تطوير أدائها الداخلي وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين سواء كانوا أشخاصا عامة أو ذاتية .
ومن هنا يمكن تساؤل حول مكونات الإدارة الرقمية وهو ما سنتطرق إليه في الفقرة الموالية .
الفقرة الثانية: مكونات الإدارة الرقمية
يتبين أن الإدارة الرقمية في المنظمات تتكون من متغيرات أساسية تلعب تكنولوجيا المعلومات وإدارتها دورا أساسيا فيها، وهذه المتغيرات هي: إستراتيجية، المنظمة، والأفراد، وثقافة المنظمة، وتكنولوجيا المعلومات في إطار من البيئة المتفاعلة الداخلية من خلال الشبكة الداخلية، والبيئة السريعة التغير من خلال الشبكة الخارجية.
وهذا ما سنتحدث عليه لاحقا فيما يخص المتغيرات وتفاعلاتها الداخلية والخارجية.
أولا :الإدارة الرقمية وإدارة المعلومات
ولتمييز ما بين الإدارة الرقمية وإدارة المعلومات، فالرقميات تعمل في فضاء غير ملموس بينما المعلومات تعمل في فضاء ملموس وغير ملموس في آن معا.
ومن الخطأ المزج بين الرقميات والمعلومات، لأن الكثير من المعلومات يعرض من خلال مادة ملموسة في الكتب والمجالات والصحف) .
أما الرقميات فمن خلال يمكن نقل أشياء كثيرة وتوصيلها بالإضافة إلى المعلومات، وثورة الرقميات هي التي أدنت بمجيء الاقتصاد الرقمي والإدارة الرقمية.
ثانيا: الإدارة الرقمية والأعمال الإلكترونية
وفي هذا الصدد يمكن القول أن الإدارة الرقمية هي مفهوم ومنظومة وبنية وظائفه ونشاطات تتفوق على كل النشاطات والعمليات في مستوى الأعمال الإلكترونية أولا، والأعمال الحكومية الإلكترونية ثانيا .
وبالتالي فالإدارة الرقمية هي تكون أشمل وأوسع من الأعمال الإلكترونية مثلما أن الأعمال الإلكترونية نفسها هي أوسع وأشمل من التجارة الإلكترونية[1].
المطلب الثاني: العلاقة القائمة ما بين الإدارة الرقمية والأعمال الإلكترونية
سنتناول من خلال هذا المطلب الأعمال الإلكترونية الإلكترونية (الفقرة الأولى)، وتمييزها عن الإدارة الرقمية والأعمال الإلكترونية والممارسات الفضلى .
الفقرة الأولى: الأعمال الإلكترونية الإلكترونية
وبدورها تصنف إلى فئتين هما التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية غير التجارة مثل: إدارة سلسلة التوريد أو التجهيز، والتسويق الإلكتروني، وإدارة شبكات الانترنيت والإكستراتت وما يرتبط بها من نشاطات وعمليات وغير ذلك من عمليات الأعمال ونشاطاتها غير المندمجة مباشرة بمعاملات شراء السلع والخدمات والمعلومات وبيعها.
أما فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، فهي تضم بشكلها التبادل التجاري بين الشركات إلى زبائن الأفراد، ويشار إليها اختصار ب B2 c، والتبادل التجاري الإلكتروني بين شركة وأخرى B2B وهناك من يصنف التجارة البينية للأفراد بوصفها جزاء من التجارة الإلكترونية، ويشار إليها بالرمز C2 C.
الفقرة الثانية: الإدارة الرقمية والأعمال الالكترونية والممارسات الفضلى
يشير مصطلح الممارسات الفضلى، إلى الإبداع والابتكار[2]، وهي عملية أو أسلوب أو استخدام في معدات أو موارد أثبت نجاحا منقطع النظير في تحقيق تحسينات ملموسة ومرئية في مجالات الكلفة، والجدولة والأداء والأمان والبيئة وأي عوامل أخرى قابلة للقياس، وتؤثر في حالة المنظمة، ويرى خبراء الإدارة الرقمية أن الممارسات الفضلى في عصر الاقتصاد الرقمي لا تتحقق إلا من خلال إدارة رقمية متطورة ذات معايير مفتوحة وفي ظل بيئة رقمية افتراضية راقية.
وأبرز ما يقال عن تطبيقات الإدارة الرقمية في مجال الأعمال الافتراضية ما يأتي.
- تسهم الإدارة الرقمية في تعجيل الخطى باتجاه تحقق استمرار الممارسات الفضلى وضمانها، ما دامت الإدارة الرقمية الأسلوب الأكثر فاعلية وكفاءة لتسيير العمل الافتراضي (من حيث التخطيط والتنفيذ والرقابة).
- تتمتع الإدارة الرقمية بخاصية القدرة على تحسين الفعالية التشغيلية من خلال الاستثمار الأمثل لا رقى في التقنيات المتاحة والعقول الرقمية المدربة والخبيرة، إلا أن الإدارة الرقمية بحكم طبيعتها الديناميكية المتجددة لا تؤمن فقط بتحسين الفاعلية التشغيلية، وإنما تسعى جاهدة لتحقيق الميزة التنافسية المستدامة من خلال تحقيق أعلى مستويات الفاعلية التشغيلية وضمانات مقارنة بالمنافسين وهذا لا يتحقق بسهولة في العالم الواقعي، خصوصا عندما لا تكون المنافسة شديدة، أما في حالة المنظمات الافتراضية. فإن المنافسة شديدة جدا والبقاء لا يكون إلا للأفضل دائما مقارنة بالمنافسين الآخرين في السوق[3].
- إذا ما أخذنا بالحسبان حقيقة أن الممارسات الفضلى تتجسد في تقليص التكاليف وتعزيز الأداء وضمان السلامة والأمان وتحسين مستويات جودة الخدمات والسلع، فإن تجارب المنظمات الافتراضية الرائدة مثل Amazon وbay e وغيرها كثير نشير بما لا يقبل الشك – إلى أن نجاحات هذه المنظمات جاءت بفضل قوة إرادتها الرقمية المفتوحة ومتانتها .
- من أبرز خواص المنظمات الإفتراضية، وكذا الإدارات الرقمية: القدرة على تحقيق أعلى درجات المرونة والسرعة في الأداء التنظيمية وهذا من خلال أن الإدارات الرقمية تستخدم قدرات كل من التكنولوجيا والموارد البشرية إلى أقصى مدى.
- بما أن الإدارة الرقمية هي من نتاجات مرحلة معالجة المعرفة في مجال تطور تقنيات المعلومات، فإن ذلك يعني تفوقها على الإدارة التقليدية كما ونوعا، فمرحلة معالجة المعرفة هي المرحلة التي نعيشها حاليا، حيث حدثت طفرة كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبهذا أمكن وضع وحدات الذكاء الاصطناعي في أجهزة لا يستخدم كحاسب، مثل أجهزة التشخيص والإنذار والري والتصنيع، وأمكن الذكاء الاصطناعي (وتطبيقاته في مجال الإدارة الرقمية ذاتها)، منافسة الذكاء البشري في بعض المجالات، مثل الميكنة وضوح الخطط ومراقبتها وتصحيح النصوص المكتوبة وغيرها، وتناوب ذلك مع ظهور الأنترنيت والواقع الافتراضي Virtual reality.
المبحث الثاني:تحديات وواقع تطبيقات الإدارة الرقمية بالمغرب وزارة العدل (أنموذجا)
أصبح الولوج إلى العدالة والقانون من الحقوق التي نص عليها الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، بتاريخ 29 يوليوز 2011، الفصل 27 منه، والأخذ بهذا المبدأ الدستوري عبر آليات منها استغلال التكنولوجيات الحديثة للحصول على المعلومة، والإدارة القضائية على غرار باقي المؤسسات الحكومية عملت على استقبال المتقاضين والوافدين على المحاكم عبر إحداث مكاتب الاستقبال من خلال استغلال التكنولوجيا الحديثة لتقديم خدمات إلكترونية متعددة تسهل ولوج العموم للقانون والمعلومة القانونية، إلا أن تطبيق الإدارة الرقمية تعترضه بعض التحديات على ارض الواقع ومن هنا يقتضي منا الأمر التطرق إلى تحديات التحول الرقمي بالإدارة القضائية (المطلب الأول)، ثم واقع التحول الرقمي بالإدارة القضائية بالمغرب (المطلب الثاني) .
المطلب الأول: تحديات التحول الرقمي بالإدارة القضائية
سنخصص (الفقرة الأولى ) للتحديات المرتبطة بالإستراتيجيات الرقمية والميزانيات المرصودة، ثم سندرس التحديات المرتبطة بأمن البيانات وإكراهات تدبير الموارد البشرية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التحديات المرتبطة بالإستراتيجية الرقمية والميزانيات المرصودة
سنتناول الإستراتيجية الرقمية محدودة الأفق والإجراءات (أولا)، ثم سنتطرق إلى القيود المالية والميزانية المخصصة للدعم استعمال التكنولوجيا الحديثة (ثانيا).
أولا: الإستراتيجية الرقمية محدودة الأفق والإجراءات
من المعلوم أن المغرب قد انخرط عملية رقمية مرافقه العمومية منذ زمن غير بعيد، غير أن الطموحات والأهداف المسطرة التي راهن عليها صناع القرار من خلال الإستراتيجيات المعتمدة، لم تتحقق في كلياتها[4].
كما تجدر الإشارة إلا أنه إلى وقتنا الراهن لم تصدر أي وثيقة رسمية واضحة المعالم تحدد وتسطر برامج وأفق المغرب الرقمي 2020، إضافة إلى أن وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية لم تصدر المخطط التوجيهي الخاص بالتحول الرقمي بالإدارة العمومية حتى أواخر سنة 2018 [5]، ويهدف هذا المخطط حسب الجهة المصدرة له إلى تسهيل عملية التحول عبر اعتماد الأدوات التكنولوجيا الحديثة من أجل توفير خدمات عالية ومتعددة القنوات وتحسين تطلعات المرتفقين.
وهذا التعثر الذي عرفته الإستراتيجيات الوطنية من حيث التنزيل الفعلي، قد أثر نوعا ما على إستراتيجية الإدارة القضائية في تنزيل مشروع التحول الرقمي، إذ بالرجوع إلى ميثاق إصلاح منظومة العدالة والذي حدوا أهداف واضحة وأجال لتنفيذها، فإنه على مستوى الهدف الفرعي الثالث المتمثل في إرساء مقومات المحكمة الرقمية لا من خلال آليات التنفيذ 187، و189، 188، 190، والتي حدد آجال تنفيذها في الفترة الممتدة بين 2013 – 2020، إلا أن إكراهات الواقع العملي قد أثرت سلبا على الجدولة الزمنية، مما أدى إلى تمديد آجال بلوغ المحكمة الرقمية، وثم تعويض سنة 2020 بنسبة 202% .
ثانيا: القيود المالية والميزانيات المخصصة للدعم استعمال التكنولوجيا الحديثة
يعد توفير الاستثمارات المالية أحد أهم التحديات التي تواجهها الإدارة القضائية، إذ تعمد هذا الأخيرة بجميع مكوناتها إلى توفير الميزانيات المطلوبة لتمويل المشاريع التي تساهم في إرساء التحول الرقمي[6]، خاصة على مستوى :
- تحديث البنية التحتية المعلوماتية
- توفير المعدات واللوازم المعلوماتية
- إعداد دراسات للمواكبة التحول الرقمي
- إقتناء البرمجيات
- التشبيك والربط البيني
- مشاريع والربط البيني
- مشاريع المرتبطة بالأمن المعلوماتي
- مشاريع اقتناء نظام تدبير وتحليل قواعد البيانات والمنصات الحسابية
- تعميم اقتناء تقنية التواصل عبر النظام السمعي البصري للمؤتمرات[7].
إضافة إلى ضرورة توفير اعتمادات مالية لتنظيم للقاءات العلمية والتواصلية بين الإدارة القضائية ومحيطها، واعتمادات مالية لتكوين الموظفين ومواكبتهم في عملية استغلال التكنولوجيا الحديثة في التصريف اليومي
الفقرة الثانية: التحديات المرتبطة بأمن البيانات وإكراهات تدبير الموارد البشرية
سنتحدث من خلال هذه الفقرة على سياسة الأمن والخصوصية أولا إضافة إشكالية تدبير الموارد البشرية (ثانيا) .
أولا: سياسة الأمن والخصوصية
تقوم الإدارة القضائية بتدبير مجموعة من المعطيات والبيانات ذات الطابع الشخصي، الشيء الذي يتطلب ضمان حمايتها من إتلاف العرضي أو غير المشروع أو الولوج غير المرخص، كما هو منصوص عليه في المادة 23 من القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي .
وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن مديرية الدراسات والتعاون والتحديث قد أعلنت في هذا الصدد عن طلب عروض حول التدقيق الأمني الشامل للنظام المعلوماتي لوزارة العدل وإنجاز مخطط عمل لمطابقة التوجهات الوطنية في مجال أمن النظام المعلوماتي[8]. وذلك مسايرة الإستراتيجية المغرب الرقمي 2020[9]، ولتوصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية[10].
لذا يجب على الإدارة القضائية العمل على بلورة إستراتيجية واضحة المعالم في مجال أمن المعلوماتي، والعمل على إنجاز مساطر ودلائل وتوجيهات للمستعملين، والقائمين على التطبيقات المعلوماتية التي تتضمن مجموعة من المعطيات والبيانات ذات الطابع الشخصي، إضافة إلى ضرورة العمل على الرفع من القدرات الوقائية والعملية للأنظمة المعلوماتية بالإدارة القضائية بشكل يضمن بسلامة وحماية المعطيات، ويعزز ثقة المرتفقين في هذا القطاع الحيوي، خاصة وأن الابتكار الرقمي يتجاوز بشكل كبير التدبير الأمنية .
ثانيا: إشكالية تدبير الموارد البشرية
تعترض عملية التحديث إشكالات مرتبطة بالعنصر البشري في عمله اليومي بالبرامج المعلوماتية، ويمكن تلخيصها إجمالا فيما يلي :
- غياب إستراتيجية واضحة المعالم في مجال تكوين الموارد البشرية للمساهمة في تكريس التحول الرقمي باعتبار أن العنصر البشري يعد إحدى الركائز الأساسية في عملية تحديث الإدارة القضائية
- ضرورة التوعية بأهمية مكننة العمل القضائي
- عدم إلمام جميع الموظفين بكيفية استعمال الحاسوب
- معالجة الملفات القضائية السابقة على النظام المعلوماتي نظرا لعددها الهائل
- قلة خبرة عدد كبير من مساعدي القضاء في كيفية استعمال المعلوميات للحصول على الإجراءات عن بعد عبر الخطط وكذلك باستعمال أجهزة الخدمة الذاتية داخل المحاكم
- تعدد المتدخلين في عملية التكوين، وغياب التنسيق فيما بينهم
- غياب مخطط مديري للتكوين
- ضعف تكوين المستمر فيما يتعلق بالمجال المعلوماتي
- غياب إستراتيجية تواصلية مع المرتفقين عن طريق عملية ترويج وإشهار الخدمات المعلوماتية
لذا يجب على الإدارة القضائية العمل على الرفع من كفاءة ومهارات الموارد البشرية بما يهيئ لها تقبل التأقلم مع استقلال المعلوميات في تصريف العمل اليومي، ودعم التغيرات الجديدة بما يضمن الحفاظ على مستوى عال من الإنتاجية وتحمل المسؤولية والاستمرارية في تحسين الأداء والخدمات المقدمة لمختلف المرتفقين .
المطلب الثاني: واقع التحول الرقمي بالإدارة القضائية بالمغرب
إن واقع خدمات المرافق العمومية ومتطلبات المرتفقين المتزايدة، دفعت الإدارات العمومية إلى مواكبة الثورة الرقمية، ووضع إستراتيجيات واضحة بغية تحقيق إدارة عمومية مبنية على المعرفة، وقائمة على الشفافية، وتعمل بحد أدنى من الأوراق .
ومن خلال ما سبق سنتطرق إلى مشروع حوسبة الإدارة القضائية (الفقرة الأولى )، إضافة إلى الخدمات المعلوماتية ودورها في تبسيط المساطر وتحسين جودة خدمات مرفق الإدارة القضائية، (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى: مشروع حوسبة الإدارة القضائية: بدايات مشروع التغيير والتحول
تعرف الإدارة القضائية بكونها من القطاع الحكومية التي لها خصوصية تتسم بطابع السيادة، باعتبارها تنتج قيمة لها أهمية بالغة وتأثيرها على السلم والأمن المجتمعي بطريقة مباشرة.
وترجع بداية التحول إلى مطلع الألفية مع جيل جديد من مديري شأن القطاع الحكومي المكلف بالعدل[11]، وإبداء الإهتمام للنهوض بالبنية التحتية للمحاكم لتوفير ظروف ملائمة للعمل والاستقبال، وكذا تحديث أساليب الإدارة القضائية بما يكفل عقلنة تدبير الموارد البشرية والمادية، والارتقاء بأدائها، مع ارتكابها على استخدام التكنولوجيا الحديثة والحوسبة الشاملة للإجراءات والمساطر القضائية، في أفق تحقيق المحكمة الرقمية لسنة 2020[12] وعلى غرار باقي البيانات الإدارية، عرف بناء المنظومة المعلوماتية للإدارة القضائية[13]، التدرج بدءا بتطبيقات بسيطة وبجداول معلوماتية وصولا إلى منصات رقمية .
الفقرة الثانية: الخدمات المعلوماتية ودورها في تبسيط المساطر وتحسين جودة خدمات مرفق الإدارة القضائية
برزت تكنولوجيا المعلومات والاتصال كرافعة أساسية لتحديث القطاع العمومي، فأمام محيط يعرف تحولات متواصلة وإكراهات مختلفة ووجدت الإدارة نفسها بكل مكوناتها، مدعوة إلى التلاؤم مع هذا السياق وإلى تبسيط المساطر لإنجاح مشروع التغيير الذي تحدثه الوسائل التكنولوجية في أفق إقرار إدارة إلكترونية[14].
كما أن إدراج تقنية المعلوميات، قد ساهم في إحداث تغيرات إيجابية على العلاقة الرابطة بين الإدارة والمتعاملين معها، إذ حاول القضاء على كمية النماذج الورقية العادية والمستندات والتوقيعات المطلوب استيفاؤها في المعاملات الإدارية، وذلك من خلال نزع الطابع المادي عن المساطر الإجراءات الإدارية من خلال رقمنتها، والاستغناء التدريجي عن المستندات الورقية وتعويضها بالمستندات الرقمية.
وتتوخى الإدارة الإلكترونية ،في هذا الإطار، تبسيط المساطر لمرتفقيها، وكذا تحقيق تعاون تداخلي بين الإدارات العمومية، كما تروم تحقيق أرباح هامة على مستوى النفقات العمومية[15].
ويتم تقديم الخدمات إلكترونية للمواطنين بواسطة أنظمة مخصصة للتشارك في المعلومات ضمن الحكومة، وذلك عن طريق تطبيقات تمكن المواطن من الوصول إلى المعلومات والخدمات من خلال بوابة إلكترونية تعمل كنافذة واحدة .
ونفس التوجه قد صارت عليه الإدارة القضائية، وذلك عن طريق مكننة تدبير الملفات والإجراءات وتسهيل ولوج الوافدين على المرفق والمتقاضين[16] وأصحاب المهن القضائية إلى المعلومة القانونية والخدمات القضائية لاسيما الخدمات المقدمة عن بعد، وذلك بتمكين العموم من تتبع مسار القضايا والإطلاع على جداول الجلسات اليومية وتحميل مطبوعات، مع إمكانية إيداع الطلبات وتتبعها وإنجاز إجراءات إدارية عبر الخط، مما يجعل الأنترنيت وسيطا لتقديم الخدمات القضائية والإدارية عبر مواقع إلكترونية مختلفة.
خاتمة
ونستنتج من خلال ما سبق بأن تحديث الإدارة مواكبتها للتطور العملي التكنولوجي المتواتر والمتلاحق ومقتضيات العولمة مطلب ينادي به الجميع ويأمل في تحقيقه الكل، ولذلك فيجب أن تتضافر الجهود من طرف كل الفاعلين حتى تتمكن الإدارة القضائية ببلادنا أن تساير الركب وتنخرط بشكل كبير في مجتمع المعرفة والتكنولوجيا والإعلام، وتستفيد من فوائد التحول الرقمي.
وكما سبق الذكر فلإرساء التحول الرقمي بالإدارة القضائية يجب توفر مجموعة من المقومات الأساسية التي تستعمل لا محالة للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما تتجه التطبيقات والخدمات الإلكترونية من تبسيط وشفافية المساطر والرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وثيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام إلى جانب تأهيل المهن القضائية وتأهيل الموارد البشرية.
لائحة المراجع
I – المراجع باللغة العربية
- لائحة الكتب
- بشير عباس العلاق وسعد غالب التكريتي التجارة الإلكترونية عمان، دار المناهج، 2003 .
- الكتاب الأبيض 11 توصية من أجل تنافسية الشركات المتدخلة في التجارة الخارجية، المؤتمر السنوي الثالث للشيك الوحيد، بورتنيت 12 دجنبر 2017، الرباط.
- الكتاب العام السابق لوزارة العدل، الدكتور أحمد غزالي (1999- 2003).
- مقالات ومنشورات
- تقرير حول أنشطة المجلس الأعلى للحسابات بوسع سنة 2013، الجزء الأول، منشور في الموقع الرسمي للمجلس.
- الخطة الوطنية للإصلاح الإدارة 2018 – 2021، نجاعة إدارية في خدمة المواطن والتنمية.
- عرض السيد وزير العدل بمناسبة ندوة تقديم حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة 2018، المعهد العالي للقضاء 21 دجنبر 2018
- عمر رحيم الخدمات الإلكترونية للإدارة القضائية، مخرجات التحول الرقمي، عرض قدم تكوين بالمعهد العالي عرض غير منشور
- البطاقة الوصفية للمشروع: وثائق مشروع برنامج تحديث محاكم المملكة المغربية الممول من طرف الاتحاد الأوربي في إطار مشروع ميد2 .
II – لائحة المراجع بالغة الإنجليزية
1 – – Mariano Nieto « Basic propositions for the study of the technologicial innovation procès in the fourme »européen journal of innovation management Eme eraled .group public sheng limited volume 7 .Nombre 4.2004.
2 – Dianne Waddell edith Cowan université « E –Business Innovation and change Mangement » Mohini singh Remit university Australia 2004 by Idea group Inc.
- stratégies nationales pour le développement de économie numérique Broadband d forum and 3id sème étang noue 2018 intime Samia chakra .dire actrice de larmoie numérique.
- guide de d’éplorement a l’usage des responsable et du personnel des juridictions ministère de justice 2009 (de crument interne) sans mention de lieu et maison d’édition 18.
[1] – المصدر يشير عباس العلاتف وسعد غالب التكريتي، التجارة الإلكترونية، عمان دار المناهج، 2003، ص 11.
[2] – Mariano Nieto « Basic propositions for the study of the technologicial innovation procès in the fourme »européen journal of innovation management Eme eraled .group public sheng limited volume 7 .Nombre 4.2004
[3] – Dianne Waddell edith Cowan université « E –Business Innovation and change Mangement » Mohini singh Rmit university Australia 2004 by Idea group Inc .
[4] – للمزيد من المعلومات المرجو الرجوع إلى: تقرير حول أنشطة المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2013، الجزء الأول، منشور في الموقع الرسمي للمجلس.
[5] – الخطة الوطنية للإصلاح الإدارة 2018 – 2021، نجاعة إدارية في خدمة المواطن والتنمية.
Hhhp.//www.mmsf .gov .ma /uploafs /documents/pnra 2018 – 2021 –ar. pdf .
[6] – عرض السيد وزير العدل بمناسبة ندوة تقديم حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة 2018، المعهد العالي للقضاء 21 دجنبر 2018 .
[7] – الكتاب الأبيض 11 توصية من أجل تنافسية الشركات المتدخلة في التجارة الخارجية، المؤتمر السنوي الثالث للشيك الوحيد، بورتنيت، 12 دجنبر 2017، الرباط.
[8] – العروض رقم 2017/15 المتعلق بالتدقيق الأمني الشامل للنظام المعلوماتي لوزارة العدل وإنجاز مخطط عمل لمطابقة التوجهات الوطنية في مجال أمن النظام المعلوماتي .
[9] – stratégies nationales pour le développement de économie numérique Broadband d forum and 3id sème étang noue 2018 intime Samia chakra .dire actrice de larmoie numérique
[10] – Râpait OCDE .Examen du conversent numérique du Maroc .Base de la transformation numérique du secteur public au MAROC .
[11] – نحيل هنا إلى فريق الكتاب العام السابق لوزارة العدل الدكتور أحمد غزالي 1999 – 2003 .
[12] – معالم على درب الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة حصيلة منجزات وزارة العدل والحريات خلال سنة 2013 الصفحة 122 .
[13] – خلاصة ندوة تحديث الإدارة القضائية 2002
[14] – عمر رحيم، الخدمات الإلكترونية للإدارة القضائية، مخرجات التجول الرقمي، عرض قدم تكوين بالمعهد العالي .عرض غير منشور .
[15] – guide de d’éplorement a l’usage des responsable et du personnel des juridictions ministère de justice 2009 (de crument interne) sans mention de lieu et maison d’édition 18.
[16] – البطاقة الوصفية للمشروع ك وثائق مشروع برنامج تحديث محاكم المملكة المغربية الممول من طرف الاتحاد الأوربي في إطار مشروع ميداني