الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة الصلاحيات والإكراهات
الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة
الصلاحيات والإكراهات
بقلم : المختار السريدي
يلعب الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة Le secrétaire rapporteur de la CLT دورا محوريا وأساسيا داخل اللجنة لايمكن لأحد أن ينكره ، باعتباره منتميا للجهاز الضريبي وله إلمام واسع ودراية كبيرة بالنصوص القانونية ذات الصلة ، بالإضافة إلى خبرة وتجربة لا يستهان بها في الميدان الجبائي والمحاسباتي والإقتصادي .
وتتمثل مهمته الأساسية بعد تلقيه ملف الطعن وتفحصه لمختلف الوثائق المرفقة به شكلا وموضوعا ، في إعداد تقريرمفصل ومعلل يبسط فيه طبيعة النزاع المعروض على أنظاراللجنة ، ونوع الضريبة أو الرسم أو الواجب المطعون فيهم ، والهوية الكاملة للطاعن ، ومسطرة التبليغ والتوصل ، والضرائب أوالرسوم أو الواجبات المؤداة أوالأسس المصرح بها ، وكذا مبلغ الضرائب أوالرسوم أوالواجبات أو الأسس الجديدة المعدلة ، وموقف الخاضع للضريبة من التعديلات والتصحيحات التي أدخلت على إقراراته ومحاسباته ومجموع وضعيته الضريبية مع ملاحظاته وردوده ، ثم موقف الإدارة الضريبية من خلال الأسس والمعاييروالعناصروالمقارنات التي اعتمدتها في عملية المراقبة والتصحيح ، مع ضرورة الإشارة إلى تاريخ الطعن المقدم إلى الإدارة وتاريخ توصل اللجنة المحلية بهذا الطعن وذلك احتراما لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 225 من المدونة العامة للضرائب والتي تحدد أجلا أقصاه ثلاثة (3) أشهرلتسليم اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المطالبات والوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكن اللجنة من البث .
غير أن هذا التقرير rapport ليس هو التقرير الأولي rapport préliminaire الذي ينجزه مفتش الضرائب الذي تلقى الطعن حسب ما جاء في الكتيب الصادر عن المديرية العامة للضرائب بتاريخ 14 شتنبر2017 والمتعلق بمسطرة الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة ، فالتقريرالأول يعده الكاتب المقرر بعد توصله بملف الطعن كاملا من طرف مفتش الضرائب المكلف بالمراقبة والتحقيق والتصحيح ويرسله بعد ذلك إلى القاضي رئيس اللجنة ، أما التقرير الثاني فيعده مفتش الضرائب المطعون في قراره ويحيله على الكاتب المقرر بعد التأشير عليه من طرف رؤسائه الإداريين .
ولعل المهام الجديدة والقوية للكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة التي جاء بها قانون المالية للسنة المالية 2016 ، تتلخص في كونه هو من أصبح يتكلف – عوضا عن القاضي – باستدعاءconvoque أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة خمسة عشر(15) يوما على الأقل قبل التاريخ المحدد للجلسة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب ، وقد أثبتت التجربة والممارسة اليومية لعمل اللجنة أن الكاتب المقرر هو من يستدعي فعلا للجلسة كلا من ممثل عامل العمالة أو الإقليم وممثل الخاضعين للضريبة عن طريق استدعاء كتابي وفق نموذج معد من طرف الإدارة ولايقوم بنفس الشيء مع القاضي رئيس اللجنة مكتفيا بإخباره شفويا فقط بحكم أن هذا الأخير هو من يرأس الإجتماع ويحدد تاريخ انعقاد الجلسة .
ومن مهام الكاتب المقرر أيضا تكليفه بإخبارinforme الأطراف بتاريخ انعقاد الجلسة قبل حلول موعدها بما لايقل عن ثلاثين (30) يوما وفق نفس الإجراءات الواردة بالمادة 219 آنفة الذكر.
كما يتكلف بتحرير محاضر الإجتماعات والجلسات ، و تحرير المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية وتبليغها إلى الخاضعين للضريبة والإدارة الضريبية ، ودائما وفق نفس الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 ، خلال الأربعة (4) أشهر الموالية لتاريخ صدورها ، وهذا بخلاف المقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة حيث أن القاضي– وليس الكاتب المقرر– هو من يتكلف بتبلغ المقررات إلى الأطراف وفقا لما هو مبين في الفقرة الثالثة من المادة 226 من المدونة العامة للضرائب .
ويهدف المشرع المغربي من وراء تعيين الكاتب المقررالمنتسب للجهاز الضريبي كعضو من أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، مساعدة القاضي رئيس اللجنة على التعرف عن قرب وكثب على بعض الملفات المطعون فيها بسبب إطلاعه الواسع ومعرفته الكبيرة والدقيقة بالمسائل الجبائية والتقنية .
لكن ما العمل إذا كان الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة طرفا في المنازعة ، كأن يكون هو من قام بتأسيس أو تصحيح الضريبة أو الرسم أو الواجب المطعون فيهم أمام اللجنة أو وقع أو أمضى على الوثائق المسطرية بصفته رئيسا إداريا لمفتش الضرائب الذي قام بعملية التصحيح والتحقيق موضوع الطعن ، وفي نفس الوقت يحضر كعضو ضمن أعضاء اللجنة الموكل إليها البث في الطعن ، كما هو الشأن بالنسبة لرؤساء بعض التقسيمات الضريبية المحلية أو رؤساء المصالح الجهوية لتحقيقات الضرائب الذين ينتمي إليهم الكتاب المقررون إداريا ؟
مبدئيا لايمكن للكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت ، وإذا حدث أن كان هو من قام بتصحيح أومراقبة أو تحقيق أو تأسيس الضريبة المطعون فيها أمام اللجنة التي هو كاتبها المقرر ، فإنه يمكن أن ينيب ممثلا عنه لا صلة له بعملية التصحيح أوالتحقيق أو المراقبة أو التأسيس تلك ، وإلا أصبح مقرر اللجنة غير ذي قيمة أو مشكوكا في صحته أو تشكيلته القانونية ومعرضا بالتالي للبطلان .
لكن نباهة بعض المسؤولين الجهويين للإدارة الضريبية جعلتهم يجنحون مؤخرا إلى تعيين الكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمعزل عن باقي مفتشي الضرائب حتى يتفرغ للمهمة المذكورة ويؤديها بكامل التجرد والإستقلالية وحتى لا تسقط الإدارة في حالة التنافي .
إلا أنه مهما كانت هوية الشخص أو الموظف الضريبي الذي أسنذت إليه مهمة الكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، فإننا نتساءل عن مدى استقلالية الكاتب المقرر في القيام بعمله داخل حظيرة اللجان المحلية لتقديرالضريبة ؟
إن الكاتب المقررللجنة المحلية لتقديرالضريبة الذي يتم تعيينه من بين أطرالمديرية العامة للضرائب ، هو بمثابة المنسأة الصلبة التي تتوكأ عليها اللجنة المحلية لتقديرالضريبة ، فهو من يتلقى الطعون reçoit les requêtes ويوجهها إلى القاضي رئيس اللجنة ، وهو من يستدعي أعضاء اللجنة الثلاثة الباقين للإجتماع ، وهو من يخبرالخاضعين للضريبة ومفتشي الضرائب بانعقاد الجلسة ، وهو من يحرر محاضر الجلسات والمقررات الصادرة عن اللجنة ، وهو من يبلغ هذه المقررات إلى الأطراف ، وبالتالي فهو عنصر مهم ونشيط وأساسي وفعال وضروري داخل اللجنة ، بحيث لايمكن تصور تشكيلتها دون حضوره بل أن بعض القضاة رؤساء اللجان المحلية من يرفع الجلسة أو يؤجلها إذا تغيب الكاتب المقرر أو تعذر عليه الحضور .
وهذا يستدعي أن يتم تعيينه من خيرة الأطر، وأن يكون على بينة ودراية تامة بالنصوص القانونية والجبائية ، وصاحب تجربة مهمة وكفاءة كبيرة في الميدان ، تؤهله لأن يكون مستشارا للقاضي وللجنة قبل أن يكون مقررا ، وأن يكون حكما عدلا قبل أن يكون عضوا عاديا يتمتع فقط بصوت تداولي .
وبالرغم من المؤاخذات الكثيرة التي يؤاخد عليها الكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة سواء من طرف الخاضعين للضريبة الذين يشكون في استقلاليته عن إدارته الأصلية وميوله اللاشعوري إلى ترجيح كفة هاته الأخيرة في بعض الأحيان ، أو حتى من طرف بعض مفتشي الضرائب الذين يعتبرونه جزءا من الأسرة الضريبية التي يمكن أن يعود إليها في أي وقت ، وبالتالي فهم ينتظرون منه شيئا من ” التغاضي ” أوبعضا من ” المحاباة ” .
فإنه ومهما كانت من مؤاخذات ومهما حصلت من ميولات وتجاذبات ، فالقانون يبقى هو الفيصل في تذبير الملفات والبث فيها ، ويبقى الكاتب المقررمجرد عضو من أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة يتمتعون جميعهم بصوت تداولي لكل عضو مع ترجيح كفة الرئيس في حالة تعادل الأصوات ، ذلك أن تمتعه بصوت واحد ضمن أربعة أصوات مع امتياز لصوت الرئيس لايمكن أن يكون له تأثير كبير على مصير تلك الملفات ، وبالتالي فلاخوف على حقوق الخاضعين للضريبة من أي تحيز أو تجاوز أو محاباة .
لكننا مع ذلك نبقى متحفظين على بعض الإختصاصات القوية التي أسندتها قوانين المالية – خصوصا قانون المالية لسنة2016 – للكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة المتمثلة في استدعاء أعضاء اللجنة واستدعاء الأطراف للجلسة وتبليغها بمقررات اللجنة أو إخبارها بعدم بث اللجنة داخل الأجل القانوني المحدد لها ، وقد كان من الأفضل إسناد هذه الإختصاصات للقاضي رئيس اللجنة نظرا لحياده ولإستقلاليته ، أما الكاتب المقرر فيجب أن يبقى كاتبا للجنة ليس إلا، كما أن انتماؤه للجهاز الجبائي يجعل عمله عرضة للشك والريبة من طرف بعض الطاعنين في الضريبة .
وكم نتمنى وحفاظا على استقلالية اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أن يتم تعديل المادة 225 من المدونة العامة للضرائب بأن لا يبقى الكاتب المقرر هو ” رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله ” وأن يتم تعيينه من بين أطر المديرية العامة للضرائب الحاصلين على تأهيل في الميدان الضريبي والمحاسباتي والقانوني والإقتصادي وأن تكون له على الأقل رتبة متصرف من الدرجة الثالثة أو ما يعادلها ، كما هو الشأن في تعيين الموظفين في حظيرة اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، وذلك حتى يكون هذا التعديل مواكبا وموافقا لما هو موجود على أرض الواقع ، لأن النص القانوني في صيغته الحالية قد يبدو متجاوزا ومعيبا ولأن تعيين رئيس المصلحة المحلية للضرائب ككاتب مقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة يجعله في موقع يصعب عليه فيه التوفيق بين مهمتين متعارضتين بين مهمته الأساسية كمكلف بربط وتأسيس ومراقبة الضريبة ومهمته الإستثنائية كحكم عدل وظيفته الفصل في طعن يعتبر هو طرفا فيه بصفة مباشرة أو غير مباشرة ، كما أن جعل الكاتب المقرر تحت الوصاية الإدارية لرؤساء المصالح الجهوية لتحقيقات الضرائب قد لايستقيم والمهام النبيلة الموكولة إليه والمتمثلة في المشاركة في البث في مختلف الطعون المعروضة على أنظاره ومن ضمنها طعون رؤسائه الأعلين.
وقد أثبتت التجربة أن تعيين الكتاب المقررين للجان المحلية لتقدير الضريبة بشكل مستقل عن تعيين رؤساء المصالح المحلية للضرائب بلغة المدونة العامة للضرائب أو رؤساء تقسيمات الضرائب بلغة الإدارة الضريبية ، قد بدأ يؤتي أكله سواء على مستوى ضبط المساطر الجبائية أو على مستوى الدقة والفعالية والسرعة في البث في الطعون والملفات .
كل هذه المهام والصلاحيات والمسؤوليات تتطلب إمكانيات مادية ومعنوية غالبا ما تكون إمكانيات شخصية سواء باستعمال السيارة الشخصية في التنقل إلى مقر المحكمة الإبتدائية أثناء ايداع طلبات الطعون أو أثناء حضور الإجتماعات و الجلسات أو الحضور عند القاضي من أجل مناقشة أو التداول في بعض الملفات ، أو أثناء تقديم مسودة المقررات إلى أعضاء اللجنة الثلاثة الباقين من أجل الإطلاع عليها وتوقيعها ، أو أثناء التنقل من أجل تبليغ الإستدعاءات والمقررات النهائية إلى أصحابها ، وكثيرا ما يتم اللجوء إلى استعمال الهواتف الشخصية من أجل الإتصال بأعضاء اللجنة من أجل حضور أشغال الإجتماع أو تحديد مواعيد جديدة أو الإتصال بمفتشي الضرائب المعنيين من أجل حضور الجلسة أو تأجيلها أو تحديد موعد جديد أو الإدلاء ببعض الوثائق الثبوتية . هذا ودون الحديث عن ” المجهودات الشخصية ” التي يقوم بها المقررون من أجل التقريب ما بين الإدارة الضريبية والخاضعين للضريبة والبحث عن الحلول الحبية والتسويات الودية فيما بينهما بأيسر السبل وأبسط الطرق .
وعليه فإن هذه الفئة المنسية أو المغبونة لم تستفذ من منحة المسؤولية قط ، وقد سبق لبعض الحالات أن راسلت المصالح المركزية تحت إشراف المديرين الجهويين للضرائب من أجل النظر في الموضوع ، فكان جوابهم أن صفة ” كاتب مقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة ” لا تخول حاملها منحة المسؤولية ، وأنه يمكن الإستعاضة عنها إما بصفة ” رئيس شعبة Chef de section ” مكلف بتتبع الطعون أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إذا كانت المهمة على الصعيد المحلي أو بصفة ” رئيس مكتب Chef de bureau ” مكلف بتتبع الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة إذا كانت المهمة على الصعيد الجهوي .
وسيكون حريا بالإدارة الضريبية التي يرتدي جبتها الكتاب المقررون للجان المحلية لتقدير الضريبة لو تم إدراج هؤلاء الجنود المجهولين ضمن المستفيذين من منحة المسؤولية تحفيزا لهم على البدل والعطاء والمساهمة من موقعهم في حماية المال العام .