تطبيقات نظرية الظروف الطارئة على العقود الإدارية
سيف الدين فايدة طالب بماستر القانون العام المعمق.
كلية العلوم القانونية والسياسية سطات.
السنة الجامعية:
2020-2021
تقديم:
إن الحفاظ على سير المرفق العام باطراد واستمرار و تحقيق التنمية الشاملة وكذا إشباع رغبات المواطنين عبر مجموع التراب الوطني ،يُلْزِمُ الدولة عبر إداراتها ومؤسساتها العمومية وجماعاتها الترابية ، بمباشرة ما يسمى بالعقود الإدارية . هذه العقود تتعدد أنواعها و المجالات التي تستهدفها ولعل أبرزها [ عقود التدبير المفوض و عقود الشراكة عام -خاص والصفقات العمومية … ] لكن هذه الرابطة التعاقدية تعتبر أكثر تعقيدا من نظيرتها في القانون الخاص وذلك لكونها تنشأ ببن قوتين غير متساويتين ، فالإدارة هنا لها حقوق تفوق الحقوق المخولة للمتعاقد معها ، إذ أنه من حقها تعديل العقد أو فسخه أو إنهاءه وقتما شاءت ، وهو ما يحتم على القاضي الإداري العمل على تحقيق التوازن في هذه العلاقة التعاقدية خصوصا عندما يتعلق الأمر ببعض الظروف الطارئة و المستجدة التي من شأنها إرهاق المتعاقد و قلب اقتصاديات العقد رأسا على عقب . الأمر الذي يحيلنا على إشكالية رئيسية تتجلى في دور القضاء في حفظ التوازن المالي للعقد . بدورها هذه الإشكالية تحيلنا على بعض الأسئلة الفرعية التي ترتبط بها و التي ستشكل الهيكل المكون لهذا الموضوع وهي كالتالي :
ما مفهوم نظرية الظروف الطارئة ؟ . –
-ماذا يميزها عن نظرية فعل الأمير ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة والقوة القاهرة؟
ما شروط تحققها ؟ –
ما الآثار القانونية المترتبة عن تحققها ؟. –
ما مجالات تطبيق نظرية الظروف الطارئة ؟. –
خلال هذه الورقة سنعتمد تقسيما ثنائيا من مطلبين أساسيين ، الأول سنسخره لإعطاء تعريف لنظرية الظروف الطارئة وكذا تبيان الفرق بينها وبين نظريتي فعل الأمير والصعوبات المادية غير المتوقعة ، مع العمل على تبيان شروط تحققها وكذا الآثار القانونية التي تترتب عن تطبيقها . أما الثاني فسوف نسخره لمجالات تطبيق النظرية من خلال بعض الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري الفرنسي باعتباره بمثابة دستور لها ، وأيضا مجال تطبيقها القضاء الإداري المغربي في مجال الصفقات العمومية ، مع الحديث عن الجهود التي بدلها المشرع المغربي من أجل تنظيم هذا المجال الحيوي إبان الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا بعد تفشي وباء كورونا كوفيد 19 خدمة لاستمرار المرفق العام دون تأثر.
المطلب الأو9iل : تعريف نظرية الظروف الطارئة ، وتمييزها عن نظريتي فعل الأمير والصعوبات المادية غير المتوقعة وشروط تطبيقها وآثارها القانونية.
سنعمل خلال هذا المطلب على إعطاء تعريف دقيق لنظرية الظروف الطارئة من خلال الفقه والقضاء ، وتمييزها عن نظريات فعل الأمير والصعوبات المادية غير المتوقعة وكذا نظريةالقوة القاهرة نظرا لما يكتسيه هذا التمييز من أهمية (فقرة أولى) . و تحديد الشروط الأساسية التي يجب توافرها من أجل الأخذ بها مع تبيان الآثار القانونية التي تنتج عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى : تعريف نظرية الظروف الطارئة و تمييزها عن نظريتي فعل الأمير والصعوبات المادية غير المتوقعة .
أولا : تعريف نظرية الظروف الطارئة: التعريف الفقهي: ☆
تعددت تعاريف نظرية الظروف الطارئة في صفوف فقهاء القانون . إذ عرفها البعض بأنها :” عبارة عن أحداث وظروف لم تكن متوقعة حدثت أثناء تنفيذ العقد الإداري أدت إلى قلب اقتصادياته . إذ كان من شأن هذه الظروف أن تجعل تنفيذ العقد أكثر عبأ وأكثر كلفة مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول [1] .
وقد عرفها البعض الآخر ” بأنها عبارة عن حوادث و ظروف لم تكن متوقعة عند إبرام العقد وتؤدي إلى قلب اقتصادياته ، وبالتالي خسارة للمتعاقد غير محتملة ،ففي هذه الحالة من حق المتعاقد مع الإدارة أن يطالبها بتعويضه جزئيا عن هذه الخسارة[2].
☆التعريف القضائي:
هنا سنقدم التعاريف التي أعطاها القضاء الإداري. حيث عرفتها المحكمة الإدارية العليا في مصر بقولها ” إن تطبيق نظرية الحوادث الطارئة في الفقه والقضاء الإداري رهين بأن تطرأ خلال تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية كانت او اقتصادية او من عمل جهة إدارية غير الجهة الإدارية المتعاقدة أو من عمل انسان اخر ، لم تكن في حسبان المتعاقد عند ابرام العقد ، ولا يملك لها دفعا ، ومن شأنها أن تنزل خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيما ، ومؤدى تطبيق هذه النظرية بعد توافر شروطها الزام جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد معها في احتمال نصيب الخسارة التي لحقت به طوال فترة الظروف الطارئة ، وذلك ضمانا لتنفيذ العقد الإداري واستدامة المرفق العام الذي يخدمه ، ويقتصر دور القاضي الإداري على الحكم بالتعويض المناسب دون أن يكون له حق تعديل الالتزامات التعاقدية[3]
كما عرفتها المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 30/ 05/2007 تحت عدد 338 ” ان الظروف الطارئة هي تلك الظروف التي لا يمكن توقعها من جانب منجز الصفقة وأدت إلى حدوث تغييرات تمثلت في تمديد أجل إنجازها . وأدى هذا التمديد إلى حدوث اختلال في التوازن المالي للعقد[4]
ثانيا : تمييز نظرية الظروف الطارئة عن بعض النظريات المشابهة لها .
هنا سنحاول إعطاء أوجه التشابه والاختلاف بين نظرية الظروف الطارئة و بعض النظريات الأخرى ، إذ أنه إلى جانبها نجذ نظرية القوة القاهرة ، ثم نظرية فعل الأمير ثم نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة .
نظرية القوة القاهرة : قبل تحديد أوجه التشابه والاختلاف بين النظريتين لابد من●
تقديم تعريف موجز للقوة القاهرة وهي ” كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه ، ويجعل من تنفيذ الالتزام مستحيلا . كقيام حرب غير متوقعة أو فيضان أو زلزال … “.
من هذا المنطلق تبرز أمامنا أوجه التشابه والاختلاف بين النظريتين . فالتشابه يتجلى في كون أن لا يمكن بأي حال من الأحوال توقع حصول النظريتين ، أي أنهما يأتيان بشكل مفاجئ دون علم مسبق من طرفي العقد . أما الاختلاف فيكمن في الآثار القانونية المترتبة على تحقق النظريتين . فالقوة القاهرة يستحيل خلالها تنفيذ الالتزامات التعاقدية استحالة تامة ، ومن خلالها يتحرر المتعاقد من هاته الالتزامات وبالتالي يتم فسخ العقد . أما نظرية الظروف الطارئة فهي لا تصل إلى حد الاستحالة بل ترهق المتعاقد فقط و بالتالي يمكنه اتمام تنفيذ التزاماته وطلب التعويض متى توفرت شروط تطبيق النظرية .
- نظرية فعل الأمير : تتشابه نظرية فعل الأمير مع نظرية الظروف الطارئة في بعض النقاط من أهمها ، أن الادارة ملتزمة بدفع التعويض للمتعاقد معها . ولكنها تختلف عنها في جوانب عديدة ويتمثل الاختلاف في أن التعويض عن نظرية فعل الأمير يكون تعويضا كاملا في حين التعويض عن نظرية الظروف الطارئة تعويضا جزئيا ، كما يتمثل الاختلاف أيضا في الجهة التي تكون سببا في الضرر . إذ أنه في نظرية فعل الأمير تكون الإدارة المتعاقدة ، أما في نظرية الظروف الطارئة فيكون السبب غالبا أجنبيا ( حروب فيضانات …) ويمكن أن يكون أيضا جهة إدارية غير الإدارة المتعاقدة .
- نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة : بدورها تتشابه مع نظرية الظروف الطارئة في بعض النقاط وتختلف عنها في نقاط أخرى ، فمن أوجه التشابه أن كلتا النظريتين تهدف إلى إعادة التوازن المالي للعقد بعد حدوث ظروف طارئة واستثنائية غير متوقعة ولا يمكن دفعها وينتج عنها ارهاق للمتعاقد وعدم تمكنه من تنفيذ التزاماته دون نفقات اضافية . وتقوم الإدارة بتعويض المتعاقد المضرور في النظريتين معا . أما أوجه الاختلاف فتتجلى في مصدر الفعل الذي بتحققه تطبق نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة ، التي تشترط ان تكون الصعوبات خارجة عن إرادة المتعاقدين سواء الإدارة او المتعاقد معها . ومن بين الاختلافات بين النظريتين أيضا . أنه يتطلب تطبيق نظرية الظروف الطارئة اختلالا في اقتصاديات العقد في حين لا يشترط ذلك في الصعوبات المادية غير المتوقعة ، ثم التعويض كوجه من أوجه الاختلاف والذي يكون كاملا في نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة فيما يكون جزئيا في نظرية الظروف الطارئة .
الفقرة الثانية : شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة و الآثار القانونية المترتبة عنها .
يقتضي تطبيق نظرية الظروف الطارئة توافر عدة شروط ، والتي بتحققها تترتب آثار قانونية ،و هو ما سنعمل على تبيانه في هذه الفقرة .
أولا : شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة .
- أن يصبح تنفيذ العقد الإداري مهددا للمتعاقد بخسائر فادحة دون ان تجعل من التنفيذ مستحيلا كما في حالة القوة القاهرة التي تؤدي إلى فسخ العقد . ● ان ع صعوبات التنفيذ عن حوادث غير عادية وغير متوقعة عند ابرام العقد : اي ان تنتج الصعوبات عن حادث غير عادي كالحرب او ارتفاع سلعة ما ارتفاعا فاحشا او بسب الجفاف ، او الفيضانات او الأزمات الاقتصادية او المالية ، كانخفاض قيمة العملة الوطنية وذلك شريطة أن يفاجأ المتعاقدون ، ولم يأخذاها بالحسبان .
- أن تؤدي إلى قلب التوازن المالي للعقد رأسا على عقب فتضع المتعاقد في مركز خارج العقد : فلا يكفي لتطبيق النظرية أن ينقص أو يتلاشى ربح المتعاقد أو ان تلحق به خسارة طفيفة ، بل يجب أن يكون الخسارة فادحة يخشى بسببها أن لا يستطيع المتعاقد الاستمرار في تنفيذ التزاماته على الوجه الأكمل .واذا تحققت تلك الخسارة الفادحة والغير متوقعة فإن المتعاقد يصبح في مركز خارج عن العقد وذلك منذ اللحظة التي تتجاوز فيها أعباء المتعاقد مع الإدارة أقصى حدود الزيادة التي كان يمكن للمتعاقدين توقعها لحظة انعقاد العقد ، تنتهي عندما تقف أعباء المتعاقد الإدارة عند حد ما فلا تزيد عليه. وإما لأن الزيادة الشديدة في أعباء المتعاقد قد أصبحت أمرا عاديا لا مفر منه وإما لأن الزيادة في الأعباء قد تناقصت إلى الحد الذي توقعه المتعاقدون عند إبرام العقد. وبالتالي فإن الأعباء المتضاعفة التي لحقت بالمتعاقد خلال وجوده في مركز خارج عن العقد هي التي يستحق عنها التعويض بنسبة تتراوح ما بين 80 % و 85 % .
أن لا يكون لأحد المتعاقدين دور في حدوث الظرف الطارئ : فإذا كان الظرف ●
الطارئ ناجم عن إهمال المتعاقد فما لا مجال لتطبيق هذه النظرية ، وإذا كان ذلك من فعل الإدارة المتعاقدة فإن النظرية الواجب تطبيقها هي نظرية فعل الأمير ، والتي بموجبها يعوض المتعاقد تعاقدا كاملا عن الخلل في التوازن المالي للعقد .
أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد. ●
أن تكون الظروف الطارئة لفترة مؤقتة : ويعني ذلك أن تستمر وضعية المتعاقدين●
بفعلها إلى ما لا نهاية ، بل يجب أن تنتهي نتيجة ما ، أما عودة الأمور إلى حالتها العادية أو تعديل العقد بما يتلاءم مع الظروف الجديدة ، أو إلغاء العقد من لدن الإدارة بإرادتها المنفردة او من خلال القضاء بطلب من المتعاقد[5] .
ثانيا : الآثار القانونية المترتبة عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة.
التزام المتعاقد بإتمام تنفيذ التزامه : ●
من المعلوم أن الظرف الطارئ لا يعفي المتعاقد من اتمام تنفيذ التزاماته التي تنشأ عن العقد . فالتزام المتعاقد بالاستمرار في التنفيذ على الرغم من وقوع الحادث الطارئ وإن كان مرهقا إلا أنه ممكن . لذا يمكن القول أن فكرة الظروف الطارئة تقع في مركز وسط من الحالة العادية التي يستطيع فيها المتعاقد القيام بتنفيذ التزاماته وبين حالة القوة القاهرة التي تؤدي الى تحرير المتعاقد من التزاماته[6]. وفي حالة توقف المتعاقد عن الوفاء بالتزاماته للظرف الطارئ ، فإنه يسقط حقه في المطالبة بتطبيق النظرية إذا توافرت شروط تطبيقها ، فضلا عن أنه يمكن للإدارة فرض الجزاءات بأنواعها كافة عليه[7] . هذا من ناحية ، من ناحية أخرى فإن تقدير توافر شروط تطبيق النظرية أمر يستقل به القاضي ولا يحق للمتعاقد الذي واجهته صعوبات في التنفيذ أن يتوقف عن التنفيذ بحجة تحقق الشروط[8].وفي حالة توقفه عن تنفيذ التزاماته العقدية ولو تحققت شروط النظرية يعد ذلك خطأ عقديا يعطي لجهة الادارة الحق في توقيع الجزاء المناسب على المتعاقد ، بالإضافة إلى ذلك فإن امتناعه هذا يقلل من نسبة التعويض التي يمكن أن يحصل عليها . وحري بالذكر أن الجزاء هنا يقتصر في الغالب على توقيع غرامات التأخير على المتعاقد ، دون أن يصل الأمر إلى الامتناع عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة كجزاء لعدم الاستمرار في تنفيذ العقد[9] .
ويرجع المبرر الأساسي لالتزام المتعاقد مع جهة الإدارة بتنفيذ التزاماته العقدية الى فكرة المرفق العام ومقتضيات سيره بانتظام واضطراد . مما يستلزم بذل أقصى الجهد من جانب المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية والتي تتمثل في المقام الأول بتحقيق النفع العام للمستفيدين من خدمات المرفق العام[10]. هذا النفع هو الغاية و الهدف الأسمى الذي تسعى الإدارة تحقيقه من مباشرة الالتزامات التعاقدية .
- التزام الإدارة بتعويض المتعاقد المضرور:
تجدر الإشارة إلى أن فقهاء القانون لم يتفقوا على أساس موحد يرجع إليه تبرير منح المتعاقد تعويضا جزئيا استنادا إلى نظرية الظروف الطارئة ، ويمكن رد الأسس التي اقترحها الفقهاء إلى الأفكار التالية :
فكرة النية المشتركة لأطراف العقد . –
فكرة التوازن المالي للعقد . –
فكرة سير المرفق العام بانتظام واضطراد : وهذه الفكرة الأكثر شيوعا ، حيث-
يرى العديد من الفقهاء أن التعويض في حالة الظروف الطارئة يستند إلى ضرورات استمرارية المرفق العام ، ويقتصر التعويض على الخسارة التي لحقت بالمتعاقد منذ اللحظة التي فاقت فيها الأسعار الحد الأقصى الذي كان متوقعا عند ابرام العقد ، ولا يدخل فيها ما فات للمتعاقد من الربح ولا الخسارة الحاصلة قبل ذلك ، كما لا تحتسب الخسائر الناتجة عن فعل المتعاقد أو خطئه . كما لا يجوز إجراء مقاصة بين الخسارة الحاصلة والأرباح[11].
والواقع أن فكرة استدامة المرافق العامة بانتظام واضطراد لا تكفي لوحدها كأساس لتعويض المتعاقد عن وقوع الظرف الطارئ ، وخاصة في الحالات التي يستحق فيها المتعاقد التعويض على الرغم من فسخ العقد أو انتهائه [12]. وبالتالي فإن أساس التعويض هنا يكون أساس مزدوج يتمثل في سير المرافق العامة بانتظام واضطراد ، وقواعد العدالة . وهذا الأساس المزدوج يفسر التزام جهة الإدارة بتعويض المتعاقد معها على الرغم من عدم حدوث خطأ منها ، وفي حالة انتهاء العقد بفسخه لاستحالة إعادة التوازن المالي له [13].
حري بالذكر ، أن القاضي المدني يختلف دوره عن دور القاضي الإداري في مواجهة الظروف الطارئة [14]. فالقاضي المدني سلطاته أوسع فيما يخص تعديل الالتزامات التعاقدية ، عكس تماما القاضي الإداري الذي تبقى سلطاته محصورة في الحكم بالتعويض . لكنه في حالة تداخل نظرية الظروف الطارئة مع القوة القاهرة يصبح من حقه الحكم بفسخ العقد الإداري . وذلك لكون أن القوة القاهرة تعتبر سببا يستحيل معه تنفيذ الالتزام وذلك لتعذر تجاوز الصعوبات الاقتصادية .
هذا وتجدر الإشارة إلى أن التعويض له قواعد وأحكام وجب توافرها ويمكن إجمالها في ما يلي :
أن التعويض الذي يحصل عليه المتعاقد مع الإدارة ما هو إلا تعويض جزئي [15].¤
يجب على القاضي أن يراعي عدة اعتبارات عند تحديد النسبة المئوية لمشاركة¤
جهة الإدارة في الخسائر التي تكبدها المتعاقد المترتبة على وقوع الظرف الطارئ[16].
إذا تضمن العقد شروطا يتنازل بمقتضاها المتعاقد مع جهة الإدارة (مقدما عن ¤
حقه) في المطالبة بالتعويض عن الظروف الطارئة فإن هذه الشروط تعد باطلة ، ذلك لأن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متعلقة بالنظام العام ، لأنها وسيلة لضمان سير المرفق العام وتحقيقا للصالح العام[17].
المطلب الثاني : تطبيقات نظرية الظروف الطارئة في فرنسا والمغرب . خلال هذا المطلب وفي إطار المنهج المقارن، سنعمل تبيان على مجالات تطبيق نظرية الظروف الطارئة ، من خلال أحكام صادرة عن مجلس الدولة الفرنسي (فقرة أولى) ، ثم سنتحول إلى تطبيقاتها بالمملكة المغربية في مجال الصفقات العمومية من خلال المراسيم التنظيمية لهذا النوع من العقود ، ثم بعد ذلك تقديم بعض الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية المغربية في هذا الباب ( فقرة ثانية ) .
الفقرة الأولى : تطبيق نظرية الظروف الطارئة أمام القضاء الإداري الفرنسي .
تعتبر قضية غاز بوردو لسنة 1916 ، بمثابة دستور نظرية الظروف الطارئة ، إذ يعتبرها الفقه هي أول دعوى في العالم بخصوص هذه النظرية ، فبعد أن ارتفعت أسعار الفحم ارتفاعا فاحشا لدرجة جعلت شركة الإضاءة لمدينة بوردو الفرنسية وجدت أن الأسعار التي تتقاضاها مقابل التزامها بإنارة المدينة أقل بكثير من أن تغطي نفقات الإنارة ، وهو ما دفعها إلى طلب رفع الأسعار من السلطة مانحة الالتزام ، لكن هذه السلطة امتنعت بناء على قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) لأن التنفيذ ليس مستحيلا لكون أن الفحم موجود وإن ارتفعت أسعاره ، وانتهى الأمر بالشركة المتعاقدة والسلطة مانحة الالتزام الى مجلس الدولة الفرنسي[18]. والذي خلص من ذلك إلى قوله بالتزام الشركة بضمان المرفق محل الالتزام من ناحية ، ومن ناحية أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خلال هذه الفترة الوقتية جزء من النتائج المبهضة [19].
لا تزال دعوى غاز بوردو إلى يومنا هذا تحتفظ بقيمتها على الرغم من أن مجلس الدولة الفرنسي قد أدخل تعديلات على تطبيق هذه النظرية وتتمثل هذه التعديلات في :
الجانب الأول : تبين في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى أن التقلبات ●
الاقتصادية وما نتج عنها من انخفاض لقيمة العملة وارتفاع الأسعار إلى مناخ اقتصادي جديد مضمونه أنه لا أمل في أن تعود المراكز التعاقدية الأصلية لحالتها الأولى الأمر الذي جعل مجلس الدولة الفرنسي يتبين حلولا جديدة فيما يتعلق بنهاية الظروف الطارئة [20] في دعوى ترام شاربورج عام 1932 . والتي تتلخص وقائعها في أن ملتزم الركاب في المدينة المذكورة قد واجه اختلالا جسيما في المشروع ابتداء من عام 1916 لانتشار وسائل النقل السريعة الأكثر تقدما ، والمنافسة الشديدة التي واجهت المشروع محل الالتزام اذ انصرف المنتفعون عن استعمال الترام مفضلين استخدام الوسائل الأخرى الحديثة ، وقد تبين أنه لا أمل في أن يعود للمشروع توازنه الاقتصادي الذي اختل على الرغم من رفع أسعار الركوب مابين عان 1916 و 1922 لثماني مرات ولدرجة أن المدينة في نهاية الأمر رخصت للشركة المتعاقدة بتحديد السعر الذي تراه لمواجهة خسائرها . إلا أنه على الرغم من ذلك كله ظل دخل الشركة المتعاقدة أبعد ما يكون عن تغطية النفقات من دون اعانة الإدارة لها بصفة دائمة ، ولما عرض الأمر على مجلس الدولة أكمل نظرية الظروف الطارئة بوضع الأحكام الكفيلة بمعالجة هذه الحالة على وفق ما يأتي :
إذا ثبت استحالة زوال الظرف الطارئ فإن لطرفي العقد كليهما الحق في طلب ■
تسجيل تلك الحالة، واذا تم ذلك تحررت بالتزامها بالتعويض .
على طرفي العقد محاولة التفاهم وإعادة النظر في شروط العقد إذ يجعله قابلا ■
للحياة كمحاولة استبدال وسائل النقل القديمة بأخرى حديثة تعيد التوازن المالي للعقد.[21]
- الجانب الثاني: نتجت عن الحرب العالمية الثانية متغيرات على الحياة الاقتصادية اذ اصبحت الدولة مسؤولة على العديد من الظواهر الاقتصادية ، واصبح ذلك جزءا من مشكلة نظرية الطارئة التي اتسع نطاقها واصبح يشمل ايضا الأفعال التي تصدر عن السلطات الإدارية . بعد أن كان محصورا في الظواهر الأجنبية تماما عن الدولة . وخلق ذلك مشكلة جديدة تتعلق بمعيار التفرقة بين عمل الأمير والظروف الطارئة لوجود مجال مشترك لمصدر الفعل الذي مرجعه عمل جهة الإدارة . في حكم مجلس الدولة الصادر في 15 يوليوز 1949 في قضية :
. [22]Villed’elbeuf
- الجانب الثالث: أعلن مجلس الدولة الفرنسي مبدأ جديدا في 12 مارس 1976 في دعوى : [23]Département des hautes pyreures société sofilia
والتي أكد من خلالها ، أنه من حق المتعاقد طلب التعويض عن الفترة اللاحقة لانقضاء عقد الالتزام وهو ما يسوغ أن نظرية الظروف الطارئة ليست مقصورة على تسويغ استمرارية المرفق العام وإنما هناك اعتبارات أخرى لتسويغ التعويض في هذه الحالة ، مما يعكس تطور قضاء مجلس الدولة الفرنسي بالنسبة لنظرية الطارئة [24].
الفقرة الثانية : تطبيق نظرية الظروف الطارئة بالمغرب .
سنسخر هذه الفقرة لتقديم أهم ما جاء به المشرع القضاء المغربي فيما يخص تطبيق نظرية الظروف الطارئة على مستوى الصفقات العمومية، وذلك بإبراز أهم القوانين والمراسيم التي تنظمها ، ثم سنحاول تقديم مجموعة من الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الإداري في هذا الباب.
أولا: مجالات تطبيق نظرية الظروف الطارئة أمام المشرع المغربي.
باذئ ذي بدأ وجب الإشارة إلى أن الصفقات العمومية هي عبارة عن عقود إدارية ، تهدف من خلالها الدولة إلى تحديث الاقتصاد ، عن طريق تطوير البنية التحتية و تشجيع الاستثمارات الأجنبية والوطنية . وقد برز تنظيم مجال الصفقات العمومية بالمغرب قبل توقيع معاهدة الجزيرة الخضراء على شكل نموذج بسيط يتمثل في المزاد العلني[25] والذي كان يطبق في كراء الأملاك المخزنية وبيع ممتلكات الدولة ومنح بعض الامتيازات [26] . قبل أن ينظمها المشرع المغربي بمرسوم 14 أكتوبر لسنة 1976 والمتعلق بصفقات الأشغال والتوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة .
وقد اشترط هذا المرسوم أن يتم الإيجاب والقبول بين الطرفين عن طريق المناقصة ، والذي يهدف بالخصوص إلى مراعاة مبدأ التوازن بين السعر والجودة [27]. وقد أخد هذا المرسوم صراحة بمبدأ مراجعة العقد الإداري كلما حتمت ذلك ظروف طارئة ، إذ نص الفصل الخامس منه على مايلي:
يمكن أن تشمل الصفقات إما على ثمن إجمالي وجزافي بالنسبة للعمل المطلوب ●
وإما على ثمن أو عدة أثمان أحدية . ويجوز كذلك إبرامها بصفة استثنائية على أساس نفقات المراقبة
أن يكون الثمن ثابتا عندما لا يمكن تغييره باعتبار التقلبات الاقتصادية ، ويكون ●
قابلا للمراجعة في حالة العكس . وإذا كان الثمن قابلا للمراجعة وجب التنصيص صراحة على المراجعة وشروطها في الصفقة التي يبين فيها كذلك التاريخ المعمول فيه بالثمن المتفق عليه .
يمكن أن تطالب الإدارة بأن تكون التعهدات أو العروض مشفوعة بمذكرة وصفية●
تتضمن معلومات عن عناصر تأليف الأثمان وتشتمل على جميع البيانات التي تساعد على تقدير مقترحات الأثمان فيما يخص هذه الأشغال أو الأدوات أو الخدمات.
إذا كانت هذه الصفقة تشمل على أعمال منجزة عن طريق الوكالة أو مؤدى عنها●
على أساس نفقات مراقبة وجب أن يبين فيها نوع وكيفية الحساب وعند الاقتضاء قيمة مختلف العناصر التي تساعد على تحديد ثمن التسديد[28]. وتهدف هذه الأحكام بالخصوص إلى تحقيق عدة أهداف منها عدم تهرب الخواص من التعاقد مع الإدارة خدمة للصالح العام ، ومنها تجنب التقاضي أمام المحاكم الأمر الذي لا يخدم سمعة الإدارة في شيء ، ومنها أن المقاول وهو فرد من أفراد المجتمع ، ليس من العدل أن يتحمل الخسارة لوحده في هذا الصدد[29]. وبما أن الثمن يتم تحديده قبل بداية تنفيذ الأشغال موضوع العقد فإن المراجعة تتم بواسطة عملية رياضية تأخذ بعين الاعتبار ثمن المواد وأجرة اليد العاملة ، وتطور الظروف الاقتصادية .إذ أن الغاية الأساسية من هذه المراجعة تتمثل في الحفاظ على التوازن المالي للمشروع[30].
تعتبر بداية سنة 2020 استثنائية من حيث إصدار المراسيم التنظيمية في جل المجالات بما فيها مجال الصفقات العمومية ، وذلك راجع للأزمة التي شهدها العالم بعد تفشي وباء كورونا كوفيد 19 . هذه الجائحة دفعت السلطات العمومية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية على مستوى التراب الوطني سعت من خلالها ، بالأساس حفظ النظام العام ، وقد تجلت في منع التجمعات العمومية و تشديد الإجراءات الاحترازية مخافة تفشي الوباء بشكل سريع الأمر الذي من شأنه تهديد هذا النظام ولاسيما عنصر الصحة العامة .
هذا وقد اختلف الفقهاء حول تصنيف وباء كورونا . فجانب منهم اعتبره قوة قاهرة وجانب آخر وضعه في خانة الظروف الطارئة . علما بأن مجموعة من المشاريع التي شرعت فيها إدارات الدولة لم يتم توقيفها إبان فترة الطوارئ الصحية ولنا في ذلك مثال الملاعب الرياضية التي تعود ملكيتها للمجالس الجماعية ( ملعب العربي الزاولي بالدار البيضاء ، الملعب البلدي لوادي زم ، ثم ملعب مدينة بني ملال ) ، ونحن على علم مسبق بأن القوة القاهرة فور تحققها يفسخ العقد بين الإدارة والمتعاقد ، وبالتالي هو ما يرجح الجانب الفقهي القائل بأن وباء كورونا يدخل ضمن نظرية الظروف الطارئة .
وفي هذا السياق أصدرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة منشورا[31] تحث فيه الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية اتخاذ اجراءات لتسهيل ابرام الصفقات العمومية في ظل هذه الظروف التي تمر منها البلاد عبر الاقتصار على المشاركة الإلكترونية عوض العمل بالطريقة الورقية بل يجب تحميلها من بوابة الصفقات العمومية[32]. وقد أشار مرسوم 20 مارس 2013 إلى إمكانية إبرام الصفقات العمومية وفق طرق عادية وأخرى استثنائية .نفس مقتضيات المرسوم في إطار حكامة تدبير الطلبيات العمومية أشارت إلى مسألة إبرام الصفقات عن بعد بطريقة إلكترونية في إطار تجريد الصفة المادية عن المساطر [33].
إن الهدف من هذه التدابير هو العمل على الحفاظ على سير المرافق العامة باضطراد واستمرار دون التأثر بالظروف الطارئة التي ألمت بالبلاد بعد أن اجتاحها فيروس كورونا كوفيذ19 . علما بأن دستور المملكة لسنة 2011 نص صراحة على ضرورة سير المرافق العامة في المادة 154 [34] .
ثانيا: تطبيق نظرية الظروف الطارئة أمام القضاء الإداري المغربي.
هنا سنعمل على تقديم مجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء الإداري المغربي فيما يخص فض النزاعات التي تنشأ بين المتعاقد والإدارة إبان فترة الظروف الطارئة ، فيما يخص مجال الصفقات العمومية . فقد قضت المحكمة الإدارية بالرباط في الملف عدد 2006/228 ، بتاريخ 27/09/2012 ، في قضية بين مجموعة من المقاولات وبين الشركة الوطنية للطرق السيارة بالرباط ، والتي تدور وقائعها حول اشغال بناء الجزء رقم 3 ب الفاصل بين شرق مدينة مكناس ومدينة فاس في نطاق الطريق السيار الرباط وفاس ، إذ أن هذه المقاولات المدعية قد تكبدت مجموعة من الأضرار اللاحقة الناشئة عن الصفقة نتيجة ظروف التي صاحبت تنفيذها بالنظر للدراسات الأصلية للمشروع التي عرفت بعض التغييرات اثناء التنفيذ والمؤثرة على السير العادي للأشغال والمتسببة في تكاليف إضافية لم يتم مراعاتها اثناء ابرام الصفقة مما يستلزم اثمنة جديدة ، والتمست المجموعة المدعية الحكم على الشركة الوطنية للطرق السيارة بأدائها تعويض على تلك الظروف الطارئة التي ألمت بها أثناء تنفيذ الصفقة وهو الأمر الذي أكدته الخبرة القضائية ، والتي تبين من خلالها أن المغارات الصلصالية والمنشآت المائية الإضافية وتأثيراتها والتي لا يمكن التنبؤ بمواقعها ولا حجمها في غياب استطلاعات مدققة متعددة التخصص يجعل شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة متوافرة لكون الالتزامات الجديدة المترتبة عنها أصبحت أكثر ارهاقا للمقاولة المدينة ونتج عنها تكاليف إضافية استثنائية قلبت موازين العقد ، ولا تستوعب الأثمنة المتفق عليها ، وهو الأمر الذي دفع القاضي إلى قبول الطلب شكلا وموضوعا والحكم بتعويض مجموعة المقاولات عن الاضرار التي ألمت بهم من جراء الظروف الطارئة [35]. كما قضت نفس المحكمة في الملف عدد 01/06 بتاريخ 07/02/26 في قضية بين الشركة الجديدة لأنابيب المياه والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بإعادة التوازن المالي للعقد من خلال تطبيقها لنظرية الظروف الطارئة بتحمل المتعاقد خسارة استثنائية نتيجة لظروف غير متوقعة اثناء التعاقد وبضرورة مشاركة الإدارة له في تحمل هذه الخسارة بتعويضه جزئيا عن الضرر اللاحق والتي جاء في حكمها ما يلي ” وحيث إن الثابت كذلك من تقرير الخبرة تعرض الفلاحين اصحاب الضيعات الفلاحية المعنية بتنفيذ المشروع قد ادى الى تمديد اجل إنجاز الأشغال الطبوغرافية وإلى تحويل القنوات عن مسارها الأصلي وهو ما تسبب للمتعاقد مع الإدارة المدعى عليها في خسارة استثنائية ناجمة عن تجميد وسائلها المادية والبشرية خلال فترات التوقف وهو ما أسفر عن قلب اقتصاديات العقد موضوع النزاع[36]. وفي نازلة أخرى قضت المحكمة الإدارية بفاس من خلا الحكم عدد 498 الصادر بتاريخ 19/07/2006 في الملف عدد 27ت/04 والذي جاء فيه ما يلي ” حيث إن الثابت من خلال عناصر المنازعة وكذا ما اثبته تقرير الخبرة المنجز في النازلة طبقا للقانون ، ان الصفقة المشار إليها أعلاه لم يتم تنفيذها داخل الأجل القانوني المحدد فيها والذي هو 12 شهرا ابتداء من 25/10/1999 إلى غاية 24/10/2000 . وذلك نتيجة مجموعة من العوامل من ضمنها تأخير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب فيوضع موقع الزنجفور رهن اشارة الوكالة المستقلة المدعى عليها ، حيث لم تحصل على الترخيص المطلوب إلا بتاريخ 21/02/2001 . وكذا العثور على قنطرة قديمة مدفونة في الأرض التي تعبرها قناة التجميع على قنوات تابعة للمكتب الوطني للكهرباء مستواها غير ملائم لمستوى قناة التجميع ، بالإضافة إلى تعليق القرض الذي تم منحه للمدعى عليها لتمويل المشروع ، مما تطلب مدة تمديدات لإنهاء أشغال الصفقة خارج الأجل المحدد لها سلفا بلغت 14 شهرا و 5 أيام كتمديد . و كذا 3 أشهر و15 يوما . وكذا تمديد أخير لمدة 3 أشهر … وحيث إنه وقد تبين من خلال ما تم بسطه أعلاه كون الوكالة المستقلة المدعى عليها لم تحصل من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على الترخيص اللازم لدخول موقع الزنجفور ووضعه رهن إشارة المدعية قبل بداية الأشغال كما تلزمها بذلك الضوابط القانونية المشار إليها في مرسوم 4 ماي المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة ، إلى أن حصلت على ذلك بتاريخ 21/02/2001 ، اي بعد انتهاء أجل الصفقة المحدد قانونا ، بالإضافة إلى عدم القيام بالدراسات لمعرفة وجود بعض المعوقات كالعثور على قنطرة قديمة بل وتأخيرها في المصادقة على الحل المقترح عليها في هذا الصدد من طرف المقاولة مما أدى إلى تأخير مدته 21 شهرا و16 يوما ، وهو ما ينطبق على مستوى انحدار القناة ، بالإضافة إلى اعتراض قناتان حديديتان تابعتان للمكتب الوطني للكهرباء لأشغال تثبيت قناة التجميع … وهو ما يعني أن الوكالة المستقلة المدعى عليها هي التي تسببت بنسبة كبيرة في تأخير تنفيذ المشروع داخل الأجل المتفق عليه وهو ما يعطي الحق للمقاولة المدعية في الحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت بها خلال فترة التمديدات والمثبتة قانونا[37].
بدون أدنى شك أن نظرية الظروف الطارئة وعلى الرغم من إرهاق المتعاقد أثناء تنفيذ التزاماته ، إلا أنها تلعب دروا كبيرا في إعادة التوازن المالي للعقد والحفاظ على سير المرافق العامة التي تستهدف الإدارة عن طريقها تقديم خدمات لجمهور المواطنين بمجموع التراب الوطني ، وأيضا تشجيع المقاولين على التعاقد دون ما تخوف ، وهي مهمة يضطلع بها القضاء الإداري أيضا والذي عن طريقه لا يمكن للإدارة المتعاقدة أن تتغول و تترك المتعاقد يواجه الظروف المستجدة التي تجعل تنفيذ الالتزام معقدا . لكن وعلى الرغم من اجتهادات القضاء الإداري في تحقيق التوازنات للعلاقات التعاقدية فإن أغلب الإدارات لعمومية لا تمتثل للقرارات والأحكام القضائية الصادرة ضدها ، وهي إشكالية حقيقية تواجه الاجتهاد القضائي في المنازعات الإدارية . علما أن المشرع الدستوري المغربي كان واضحا في هذا الباب من خلال مجموعة من الفصول التي تؤكد على مساواة الكل أمام القضاء . ولا سيما الفصل 126 والتي ينص بصريح العبارة أن الأحكام القضائية ملزمة للجميع.
لائحة المراجع:
الكتب :
حسن صحيب ، القانون الإداري المغربي ، الوسائل القانونية للعمل الإداري ، ☆
سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون الطبعة الأولى ، سنة 2018 .
محمد الكشبور ، نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة ،دراسة ☆
من وحي حرب الخليج ، ق.م 5 ، دون ذكر سنة ودار النشر .
☆ محمد الأعرج ،القانون الإداري المغربي الباب الرابع ، المرافق العامة ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة ، العدد 66 ، سنة النشر 2010. . ☆سليمان الطماوي ، الأسس العامة للعقود الإدارية ، جامعة عين الشمس الطبعة الخامسة ، سنة 1995 .
المقالات:
عبد الرحيم المحجوبي ، ” إبرام الصفقات العمومية في ظل حالة الطوارئ ☆
الصحية بالمغرب ” السنة 2020 .
☆أنوار الشقروني ، ” نزاعات المتعاقدين مع الإدارة في مجال الصفقات العمومية. أية حماية قضائية ؟ ، منشور بسلسلة الأيام الدراسية لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، الطبعة 6 ، السنة 2010 .
: PDFS
محمد ابو بكر ، ” اثر الظروف الطارئة في إعادة التوازن المالي للعقد ” . ☆
محمد علي محمد حسن البنان ، “أثر الظروف الطارئة في تنفيذ العقد الإداري “☆
دراسة مقارنة.
☆محمد أبو بكر عبد المقصود ، ” إعادة التوازن المالي للعقد الإداري في ظل الأزمة المالية العالمية “.
القوانين والمراسيم:
☆الدستور المغربي لسنة 2011 .
☆المرسوم عدد ، 2.76.479 ، الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 1976 ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3339 ، الصادرة بتاريخ 27/10/1976 ، المتعلق بصفقات الأشغال والتوريدات والخدمات المبرمة لصالح الدولة.
المرسوم عدد 2.13.665 ، بتاريخ 20 مارس 2013 ، الصادر بتاريخ 20 ☆
غشت 2013 ، المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
الأحكام القضائية:
حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، الملف عدد 2006/228 ، بتاريخ 27/09/12 ☆
قسم القضاء الشامل ، بين الشركة الوطنية للطرق السيارة للمغرب ومجموعة مقاولات.
سليمان الطماوي ، الأسس العامة للعقود الإدارية، جامعة عين الشمس ، الطبعة الخامسة ، سنة 1991 ، الصفحة 631. 1
جابر جاد نصار عقود بوت ، والتطور الحديث لعقد الالتزام دار النهضة العربية ، بدون سنة نشر ، ص 174 ومابعدها ، اورده محمد ابوبكر 2
في مرجعه “دور الظروف الطارئة في إعادة التوازن المالي للعقد الإداري . ص 8 .
المحكمة الإدارية العليا ، بتاريخ 11/05/1968 ، الطعن رقم 1562 ، لسنة 10 ق ، بدون سنة نشر ، ص 331 ، اورده محمد ابوبكر في 3
المرجع السابق . ص 9 .
4_ محمد الأعرج ، القانون الإداري المغربي ،الباب الرابع المرافق العامة ، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية . سلسلة مواضيع الساعة، عدد 66 ، سنة 2010 ص432.
5 -محمد الأعرج، مرجع سابق ، ص 433.
محمد سعيد حسن أمين ، المبادئ العامة في تنفيذ العقود الإدارية وتطبيقاتها ( دراسة مقارنة) دار الثقافة الجامعية ، القاهرة ، 1995 ص 283 6
وما بعدها ، اورده محمد علي محمد حسن البنان في مرجعه ” أثر الظروف الطارئة في تنفيذ العقد الإداري (دراسة مقارنة ) ، ص 188 .
سعاد الشرقاوي ، العقود الإدارية ، دار النهضة العربية القاهرة ، دون سنة نشر ، ص 526 , اورده محمد حسن محمد علي البنان ، مرجع 7
سابق ، ص 189 .
8 -علي محمد علي عبد المولى ، الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد الإداري ( دراسة مقارنة) أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة
عين شمس سنة 1991 ، ص 417 ، اورده محمد علي حسن البنان ، مرجع سابق ، ص 189 .
9-جابر جاد نصار ، مرجع سابق ، ورد عند محمد ابو بكر عبد المقصود في مرجعه “إعادة اتوازن المالي للعقد الإداري في ظل الأزمة المالية العالمية ” ص 38 .
-علي محمد علي عبد المولى ، مرجع سابق ، ص 407 , ورد عند محمد ابوبكر المقصود ، مرجع سابق ص 39 . 10
محمد الأعرج المرجع السابق، الصفحة 433 . -11
محمد ابو بكر المقصود ، المرجع السابق ، الصفحة 43 . -12
13-حكم المحكمة الإدارية العليا ، 16بتاريخ ماي 1987 ، الطعن رقم 3562 لسنة 49 ق ، مجموعة المكتب الفني ، السنة 32 , ص 1235 ، اورده محمد ابو بكر المقصود في المرجع السابق ، ص 43 .
يتمثل الاختلاف بين القاضي المدني و القاضي الإداري ، في كون أن للقاضي المدني الحق في تعديل نصوص العقد ، بنقص التزامات -14
المتعاقد أو الزيادة فيها متى ارتأى ذلك مناسبا . أما القاضي الإداري فتنحصر سلطاته في الحكم بالتعويض الجزئي دون تجاوز ذلك إلى تعديل نصوص العقد .
سليمان الطماوي ، المرجع السابق ، الصفحة 701 . -15
16- LAUBADER (A.DE ) MODERNE (F) DEVLOPE (P),0P CIT, P.623 , CITÉ PAR MOHAMED ABOUBAKR MAQSOUD op.cit P.46 .
محمد أبو بكر المقصود ، المرجع السابق ، الصفحة 47 . -17
رياض عيسى الجريسات ، نظرية التوازن المالي للعقد ( دراسة مقارنة ) ، اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة عين شمس ، سنة 2002 ، -18
ص 177 ، اورده محمد علي محمد حسن البنان في المرجع السابق ، ص 161 .
أحكام المبادئ في القضاء الفرنسي ، ص.164 ، ورد عند حسن صحيب في مرجعه ” القانون الإداري المغربي ، الوسائل القانونية للعمل -19
الإداري ، سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون (2) الطبعة الأولى ، 2018 ، ص 173 و 174 .
رياض عيسى لجريسات ، مرجع سابق ص 177 . -20
للتوسع أكثر في وقائع الدعوى راجع مقال محمد علي محمد حسن البنان ، المرجع السابق ص 190 و 191 . -21
محمد علي محمد حسن البنان ، مرجع سابق ص 162 . -22
رياض علي الياس الجريسات ، المرجع السابق الصفحة 187 . -23
علي محمد علي عبد المولى ، مرجع سابق ص 32 و 33 . -24
عبد الله حداد ، صفقات الأشغال ودورها في التنمية ، منشورات عكاظ ، 2000 , ص 18 ورد عند -25
عبد الكريم النوحي في مطبوع خاص بوحدة الصفقات العمومية للسداسي السادس ، كلية الحقوق سطات , الصفحة 3
[26] – charkaoui abdelaziz : evoulution des modes conclusion revue de L’ENAP,n 1 année 1980 , cité par abdelkarim nouhi op.cit p.3.
محمد الكشبور “نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة [دراسة مقارنة من وحي حرب الخليج] ” ق.م 5 بدون سنة -27
نشر ، الصفحة 160 .
ص 2720،المرسوم عدد 2.76.479 ، الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 1976 ، بالجريدة الرسمية عدد 3339 بتاريخ 27/10/1976 -28
، المتعلق بصفقات الأشغال والتوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة
29- محمد الكشبور ، مرجع سابق , ص 161 .
عبد الله حداد ، نظرة على الكيفية التي يجب أن تتم بواسطتها مراجعة الثمن ، ص 191 ، اورده محمد الكشبور في المرجع السابق ،ص -30
. 161-162
31منشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 1/2020 ، بتاريخ 26 مارس 2020 في شأن التدابير الوقائية من خطر انتشار فيروس كورونا بالإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ، ورد عند عبد الرحيم المحجوبي ، في مقال بعنوان “إبرام الصفقات العمومية في ظل حالة الطوارئ الصحية بالمغرب ” ص 246 .
عبد الرحيم المحجوبي ،نفس المرجع السابق ، ص 246 . -32
المرسوم رقم 2-13-665 ، بتاريخ 20 مارس 2013 ، الصادر بتاريخ 19 غشت 2013 . -33
المادة 154 من دستور 2011 ، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم .1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011 . -34
حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، ملف عدد 2006/228 ، بتاريخ 27/09/2012 ، قسم القضاء الشامل ، بين مجموعة من المقاولات -35
والشركة الوطنية للطرق السيارة بالرباط.
36-راجع مقال محمد قصري المعنون ب ” القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية ” المنشور بمجلة الحقوق المغربية ، العدد 12 ، السنة 2011 ، الصفحة ، 37 .
37لمعلومات أكثر راجع مقال أنوارالشقروني في مقاله المعنون ب ” نزاعات المتعاقدين مع الإدارة في مجال الصفقات العمومية :”أية حماية
قضائية ؟ ” المنشور بسلسلة الأيام الدراسية لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، الطبعة 6 ، سنة 2010 ، الصفحاتة126 و 127 .