التهريب الجمركي بين الواقع والمأمول
الأستاذ لحسيني مصطفى .
محامي بهيئة المحامين بالجديدة
تعد محاربة الاجرام بمختلف أشكاله من التحديات التي تواجهها بلادنا ، وعليه عمل المشرع المغربي على تسخير الإمكانات البشرية والمادية الضرورية لضمان أمن وسلامة الأشخاص وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ومن بين هذه الجرائم نجد الجرائم الجمركية التي تعد من بين الجرائم الماسة بالتطور الاقتصادي.
تعد الجريمة الجمركية إخلالا بالقانون والنظام الجمركي وتعتبر من أكثر الجرائم الاقتصادية الماسة بالمنافسة الحرة والنزيهة ، وكذلك زعزعة مصداقية الضمانات الممنوحة للراغبين في الإستثمار .
دفعت خطورة الجرائم الجمركية الدولة إلى وضع نظام جمركي[1] من أجل حماية الاقتصاد الوطني وذلك بتداول السلع والبضائع بمختلف أنواعها بطريقة سليمة موافقة لمدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة، لذلك حددت رسوم جمركية والتي تعد بدورها مصدرا ماليا هاما لكل دول العالم ، فهي تشكل المورد أساسي لخزينة الدولة ، وعليه فإن أي تهرب جمركي مهما كانت صورته يشكل نزيفا لموارد الدولة .
حاولت الدولة مكافحة جريمة التهرب الجمركي بكافة الطرق القانونية وذلك إما بتنصيب أجهزة مخول لها هذه المهة أو عن طريق فرض عقوبات رادعة ، كل ذلك من أجل حماية وتشجيع الإستثمار والمحافظة على ثروات البلاد وجلب رؤوس الأموال ومحاربة تداول السلع المحضورة عبر الإقليم الجمركي.
وتلعب إدارة الجمارك دورا معززا للقيام بالمهام المستندة إليها في مكافحة الجريمة الجمركية بحيث أنها مزودة بوسائل مادية وأليات قانونية من أجل فرض تطبيق التنظيمات الموضوعة من أجل السير حسن المبادلات التجارية الخارجية ومنح التسهيلات الجمركية.
إذ تعتبر جريمة التهريب الجمركي من أخطر الجرائم الجمركية وهي عينة من الجرائم الإقتصادية الواقعة على الدولة و المهددة لكيانها الإقتصادي ، حيث تشكل تحديا مستمرا للأنظمة المالية و الإقتصادية لدى جميع الدول و ذالك لما لها من سمات تميزها عن غيرها من جرائم التبديد المال العام ، و المغرب لم يكن في مبنى من إقتحام هذه الظاهرة إقليميا بل أن إتساع إقليمها و تنوع طبيعة و صعوبة مراقبة جميع حدوده أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة لذا نجد أن المشرع المغربي سخر وسائل بشرية و قانونية لإكتشاف ومتابعة وقمع جريمة التهريب الجمركي .
و بما أن الموضوع الذي نحن بصدد دراسته يتسم بطابع خاص سواء من حيث التجريم أو من حيث الجزاءات المقررة لهذه الجريمة فإن البحث فيه يقتضي طرح الإشكالية التالية :
مدى فعالية الضوابط القانونية المعتمدة من قبل المشرع المغربي المتعلقة بمتابعة جريمة التهريب الجمركي في الحد منها . ؟
و للإجابة على إشكالية هذا الموضوع سنعتمد على خطة ثنائية حيث تم تقسم الموضوع إلى مبحثين ، مبحث أول نتناول فيه ماهية التهريب الجمركي ، أما اما الثاني يتعلق بالتهريب الجمركي والعقوبات التي قررها المشرع لزجره.
المبحث الأول: ماهية التهريب الجمركي.
اختلفت التشريعات في تحديد مفهوم التهريب الجمركي ، حيث ذهبت طائفة منها إلى قصر نطاق التهريب على دفع الضريبة الجمركية ، بينما ذهبت طائفة أخرى من التشريعات إلى إعتبار التهريب الجمركي كل فعل يتعارض مع القواعد التي تتعلق بمنع إستيراد أو تصدير بعض السلع أو بفرض ضرائب جمركية على السلع في حالة إدخالها أو إخراجها من إقليم الدولة[2]
اذن فالبحث في ماهية التهريب الجمركي يتطلب دراسة الإطار القانوني للظاهرة كون أن مفهوم التهريب الجمركي يتميز بنوع من الليونة والتباين جعل من الضروري ضبط مفهومه بصفة واضحة وشاملة ، ولهذا قسمنا مبحثنا هذا إلى ثلاث مطالب، تناولنا في المطلب الأول تعريف التهريب الجمركي ، أما المطلب الثاني فخصصناه لبيان التهريب الجمركي في حين كان المطلب الثالث يتعلق بأنواع جريمة التهريب الجمركي.
المطلب الأول: تعريف التهريب الجمركي.
بالنظر إلى أن ظاهرة التهريب الجمركي تتصف بالعالمية مما يعني أن ليس لها مفهوم واحد، حيث اختلفت تعريفاتها من بلد للأخر باختلاف شكل التهريب الذي عرفته ، و يظهر هذا التباين في تعريف في تشريعات الدول وكذا في الفقه ، ولقد عملنا في هذا الشأن للتطرق إلى تعريف التهريب الجمركي من الناحية الإصطلاحية (الفقرة الأولى) والقانونية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف التهريب الجمركي من الناحية الإصطلاحية
يعتبر التهريب الجمركي بأنه ”مخالفة جمركية تتعلق بإجتياز غير شرعي للبضائع عبر الحدود للتهرب من حقوق الخزينة العمومية.[3]
كما يعرف أيضا بأنه ”إدخال البضاعة في الإقليم أو إخراجها منه خالف القانون التهريب هو البضائع وهي كل شيء قابل للتداول سواء كانت خاضعة للضرائب الجمركية أو البضائع الممنوعة، وسواء كانت ذات طبيعة تجارية ولا يشترط أن تكون للبضائع قيمة معينة”[4]
و يعرفه من جهة أخرى بأنه ” التهريب كل استيراد أو تصدير خارج مكاتب الجمارك و كذا كل إنتهاك ألحكام القانونية أو التنظيمية المتعلقة بحيازة أو نقل البضائع داخل اإلقليم الجمركي. [5]
و يعرف من جهة أخرى بأنه ” إدخال البضاعة في اإلقليم المصري أو إخراجها منه على نحو مخالف القانون وهو يقع عند إجتياز البضاعة للدائرة الجمركية[6]
الفقرة الثانية: تعريف التهريب الجمركي من الناحية القانونية
تنوعت الإتجاهات التشريعية في تعريف التهريب الجمركي وسنتناول بعض التعريفات الواردة في القوانين المقارنة وكذا تعريف المشرع المغربي حتى يتسنى لنا الوقوف عند المعنى الحقيقي والدقيق لتهريب الجمركي.
أولا: تعريف المشرع المصري لتهريب الجمركي.
عرفت المادة121 الفقرة الأولى من قانون الجمارك المصري رقم 66 الصادر 1963 ،التهريب الجمركي بأنه”يعتبر تهريبا إدخال البضاعة من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها، أو بمخالفة للنظام المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة.
اما الفقرة الثانية من نفس المادة أشارت إلى أنه يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الإتجار مع العلم بأنها مهربة ، وكما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطفة أو وضع عالمات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العالمات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظام المعمول بها في شأن البضائع الممنو عة.[7]
ثانيا: تعريف المشرع القطري للتهريب الجمركي.
عرف قانون الجمارك القطري رقم 5 لسنة 1988 التهريب الجمركي في المادة 199 ” يعتبر تهريبا إدخال البضائع من أي نوع إلى البلد أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الرسوم الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع المحظورة والممنوعة.[8]
ثالثا: تعريف المشرع المغربي لتهريب الجمركي
المشرع المغربي لم يعرف التهريب الجمركي صراحة ولكن بين المقصود به في المادة 282 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة كتالي:
يقصد من التهريب :
1- الاستيراد أو التصدير خارج مكاتب الجمرك وبوجه خاص الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى أو من طائرة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات حيث تتواجد مكاتب الجمرك (الفصول 52 و58-1 و60-2 من هذه المدونة) ؛
2- كل خرق لأحكام هذه المدونة المتعلقة بحركة أو حيازة البضائع داخل المنطقتين البرية والبحرية لدائرة الجمارك ؛
3- حيازة البضائع الخاضعة لأحكام الفصل 181 أعلاه عندما تكون هذه الحيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة؛
4- الاستيراد أو التصدير بدون تصريح عندما تكون البضائع المارة من مكتب جمركي قد وقع التستر عنها عند إجراء المعاينة من طرف الإدارة بإخفائها في مخابئ أعدت خصيصا لذلك أو بأماكن غير معدة عادة لتلقي هذه البضائع.[9]
وبهذا نستنتج ان المشرع المغربي إستفاذ كثيرا من مجموعة من التجارب التشريعية لعدديد من البلدان الشيء الذي يضهر من خلال الفصل اعلاه اولا وسع من الافعال المكونة لجريمة التهريب الجمركي ولم يحددها على سبيل الحصر هذا من جهة ولم يعرف الجريمة وإنما بين المقصود منها عن طريق إيراد العديد من الأفعال وحسن ما فعل.
نستنتج من خلال كل هذه التعاريف يلاحظ أنه إنقسمت التشريعات المقارنة في تعريف التهريب الجمركي إلى إتجاهين:
الاتجاه الأول : قام بتعريف التهريب الجمركي بأنه عملية إستيراد أو تصدير بدون أداء الضرائب و الرسوم المستحقة .
الإتجاه الثاني: عرفه ب:
ـ إدخال البضائع و إخراجها بدون أداء الضرائب الجمركية .
إدخال البضائع و إخراجها بالمخالفة للنظم المعمول بها بشأن إستيراد أو تصدير البضائع حتى و لو لم يلحق ضرر للخزينة العامة .
المطلب الثاني: خصائص التهريب الجمركي.
ان الباحث والمتمعن في التعريفات المقدمة بخصوص جريمة التهريب الجمركي، يلاحظ أن لهذه الأخيرة خصائص و سمات تحفظ لها طابع الخصوصية جعلتها مستقلة عن غيرها من الجرائم وذلك نظرا لمرونتها والتطور أساليب وطرقها وهذا ما سنتطرق إليه من خلال المرور على أهم الخصائص المميزة لها.
الفقرة الاولى : التهريب الجمركي جريمة اقتصادية
تعتبر جريمة التهريب الجمركي جريمة اقتصادية وذلك كون أن الحقوق والرسوم الجمركية مصدرا هاما لمزانية الدولة ، و هي تشكل في المغرب موردا هاما للخزينة العامة ، إذا تساهمت في ميزانية الدولة بشكل كبيرالأمر الذي يؤكد أهميتها والهدف الذي يتوخاه المشرع من خلال تسليط العقاب في حالة التهرب من تسديد الحقوق والرسوم الجمركية،وبالتالي حماية المصلحة الإقتصادية للدولة والتي نذكر منها:
-حماية المنتوجات الوطنية.
– جذب رؤوس األموال األجنبية.
– تشجيع االستثمار والمحافظة على ثروة البلاد….
الفقرة الثانية: التهريب الجمركي جريمة مادية
الأصل في التشريع الجمركي المغربي أن جريمة التهريب الجمركي جريمة مادية بمعنى تتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي أي لازم لتقرير المسؤولية، وهو ما يتبين من نص المادة 282 في مدونة الجمارك التي ذكرت صراحة الأعمال المادية التي تتطلب المبادرة والارادة من استيراد وتصدير او حيازة لبضائع.
فالجرائم المادية هي التي لا توجد الا إذا تحقق الغرض الذي قصد إليه الفاعل كالقتل، والضرب، والسرقة، أما الجرائم الغير المادية، ، فهي التي توجد ولو لم يتحقق الغر ض الذي أراده الفاعل كصنع النقود المزيفة دون التعامل بها وغيرها من الجرائم الشكلية.
ولما كانت جريمة التهريب الجمركي تتحقق بإدخال البضائع إلى إقليم الدولة أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة مع إقتران إرادة الفاعل بالإمتناع عن أداء الضرائب الجمركية المستحقة فإنها تعتبر من الجرائم المادية.
الفقرة الثالثة: التهريب الجمركي جريمة عمدية.
هناك نوعان من الجرائم جرائم إيجابية وجرائم سلبية ، فالجريمة الإيجابية هي عبارة عن إتيان الأمر الذي ينهي عنه القانون ، أما الجريمة السلبية أو جرائم الترك فهي عن إلإمتناع عن أداء أمر يأمر به القانون.
و هنا يعد التهريب الجمركي جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائي فيها إتجاه إرادة الجاني إلى إرتكاب الواقعة اإلجرامية مع علمه بعناصرها ، و الأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعال و لا يصح القول بالمسؤولية المفترضة إلا إذا نص عليها القانون صراحة أو كان إستخالصها سائغا عن طريق إستقراء نصوص القانون و تفسيرها بما يتفق و صحيح القواعد و الأصول المقررة في هذا الشأن.
الفقرة الرابعة: التهريب الجمركي جريمة مستمرة.
الجريمة الوقتية هي التي ترتكب دفعة واحدة في برهة من الزمن، اما الجريمة المستمرة فهي التي ّ يستغرق إرتكابها وقتا قصيرا كان أم طويلا، وقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أن جريمة الاخلال بواجب تقديم شهادة الجمركة القيمة في خلال الاجل المحدد وهي بطبيعتها من الجرائم الوقتية[10]
المطلب الثالث: أنواع التهريب الجمركي.
يتخذ التهريب الجمركي عدة أنواع وذلك حسب المعيار المعتمد لتقييم فينقسم التهريب الجمركي من حيث المصلحة المعتدي عليها إلى تهريب ضريبي، وتهريب غير ضريبي (الفقرة الاولى) ومن حيث أركانه إلى تهريب حقيقي وتهريب حكمي (الفقرة الثانية) ومن حيث المقدار الذي يتم التهرب منه من الضريبة الجمركية إلى تهريب جماعي وتهريب فردي (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: أنواع التهريب الجمركي من حيث المصلحة المعتدي عليها.
يتخذ التهريب الجمركي حسب المصلحة المعتدي عليها صورتين :
أولا-التهريب الضريبي: ويتحقق بإدخال بضائع أو مواد من أي نوع أو إخراجها بطرق غير مشروعة دون أداء الضرائب الجمركية المقررة ، وتتميز جريمة التهريب الجمركي الضريبي بأنها توقع إضرارا بمصلحة الضريبية للدولة تتمثل من حرمانها من الحصول على الضريبة الجمركية المستحقة لها وهي من العناصر الرئيسية لمواردها المالية.[11]
ثانيا: التهريب غير الضريبي: توقع الجريمة في هذه الصورة من حيث صور التهريب إضرارا بمصلحة أساسية للدولة غير مصلحتها الضريبية ، فهي ترد على منع بعض السلع التي ال يجوز استيرادها أو تصديرها بقصد خرق الخطر المفروض بشأنها مخالفا للقوانين والتعليمات المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. [12]
الفقرة الثانية: أنواع التهريب الجمركي من حيث أركانه.
ينقسم التهريب الجمركي من حيث أركانه إلى نوعين تهريب حقيقي (أولا) وتهريب حكمي (ثانيا).
اولا-التهريب الحقيقي: وهو الصورة الغالبة في التهريب سواء وقع االعتداء على مصلحة الدولة الضريبية ( أو غير ضريبية ) أو (تهريب ضريبي)أو (تهريب غير ضريبي)، ويتحقق هذا النوع من التهريب بإدخال بضاعة تستحق عليها ضريبة جمركية إلى البلاد أو بإخراجها منها بطريقة غير مشروعة دون أداء هذه الضريبة وباستيراد أو تصدير بضاعة يحضر القانون استيرادها أو تصديرها ، حيث تكتمل عناصر الركن المادي في هذه الجريمة بأن يقوم الجاني باألفعال التالية:
- إدخال البضائع إلى إقليم الدولة أو إخراجها منه.
- أن يتم ذلك بطريقة غير مشروع عدم علم إدارة الضرائب الجمركية والضر ائب الاخرى.[13]
ثانيا-التهريب الحكمي: يقصد به نوع من التهريب تتخلف منه بعض العناصر الجوهرية التي يتكون منها التهريب الجمركي بمعناه المألوف، فهذا التهريب إذن صورة ال تدخل بطبيعتها ضمن الإطار العام لجريمة التهريب ولكن المشرع يلحقها حكما، لأنها و إن كانت تختلف منه في الشكل فهي تتفق معه في الجوهر، إذ أن التهريب الحكمي يؤدي إلى ذات النتيجة التي يقضي إليها التهريب الحقيقي.
الفقرة الثالثة: أنواع التهريب الجمركي من حيث المقدار الذي يتم التهرب منه من الضريبة الجمركية.
تتمثل صور التهريب من حيث المقدار الذي يتم التهرب منه من الضريبة إلى تهريب كلي وتهريب جزئي.
أولا-التهريب الكلى: و يتحقق إذا إستطاع المهرب أن يتلخص من كل الضرائب الجمركية المستحقة ويترتب على ذلك فقدان الخزينة العامة لكامل الضريبة الجمركية.
ثانيا-التهريب الجز ئي:ويتحقق عندما يستطيع المهرب أن يتلخص من جزء من الرسوم والضرائب الجمركية والضرائب األخرى المستحقة وبالتالي فقدان الخزينة العامة بعضا من تلك الضرائب والرسوم.
الفقرة الرابعة: أنواع التهريب الجمركي من حيث تعدد المهربين.
حسب معيار تعدد المهربين ينقسم التهريب إلى تهريب جماعي وتهريب فردي.
اولا-التهريب الجماعي: وهو التهريب الذي ينصب على كميات كبيرة من البضائع وأنواع محددة منها غالبا ما تكون محل إعتبار، وهو يقع عمليا بواسطة عصابات منظمة.
ثانيا-التهريب الفردي: و هو الفعل الذي يقع بفعل شخصا أو أشخاص منفردين وهو ينصب عادة على كافة البضائع دون تمييز وتقع على كافة الحدود وبواسطة كافة الوسائل الممكنة، وهو أقل خطورة من التهريب الجماعي ويسميه بعض الفقهاء التهريب البسيط.
المبحث الثاني: التهريب الجمركي والعقوبات التي قررها المشرع لزجره
المشرع المغربي بعد انتشار ظاهرة التهريب الجمركي وإلحاق أضرار اقتصادية للدولة مست ذمتها المالية، الشيء الذي جعله يتصدى لها من خلال وضع ترسانة قانونية من اجل زجر المرتكبين لهذه الجرائم من خلال وضع مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم على الخصوصبتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) كما وقع تغييرها وتتميمه بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000).
وسنتحدث في هذا المبحث عن أركان جريمة التهريب الجمركي في المطلب الاول، ثم سنتطرق الى الجزاء الذي أقره المشرع لهذه الجريمة في المطلب الثاني.
المطلب الاول: أركان جريمة التهريب الجمركي:
لكل جريمة أركان تتأسس عليها وهي الركن المادي و المعنوي و القانوني،بحيث يجب ان يكون هناك فعل مادي و قصد اجرامي صادر من مرتكب الجريمة ، وسنتعرض لهده الاركان في الفقرات التالية:
يتجلى الركن المادي بفعل يتجسد في مظهر خارجي،اي ان يصدر نشاط اجرامي من خلاله يضر بمصلحة ما أو يخرق من خلاله النصوص القانونية.
و الركن المادي هو الركن الاساسي والجوهري في جريمة التهريب الجمركي،ويمكن ان نلمس هدا الركن المؤسس للجللايمة من خلال مقتضيات المادة 282 من مدونة الجمارك التي تنص على مايلي:
يقصد من التهريب :
1- الاستيراد أو التصدير خارج مكاتب الجمرك وبوجه خاص الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى أو من طائرة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات حيث تتواجد مكاتب الجمرك (الفصول 52[14] و58-[15]1 و60-2 [16]من هذه المدونة) ؛
2- كل خرق لأحكام هذه المدونة المتعلقة بحركة أو حيازة البضائع داخل المنطقتين البرية والبحرية لدائرة الجمارك ؛
3- حيازة البضائع الخاضعة لأحكام الفصل 181 أعلاه عندما تكون هذه الحيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة؛
4- الاستيراد أو التصدير بدون تصريح عندما تكون البضائع المارة من مكتب جمركي قد وقع التستر عنها عند إجراء المعاينة من طرف الإدارة بإخفائها في مخابئ أعدت خصيصا لذلك أو بأماكن غير معدة عادة لتلقي هذه البضائع.
ومن خلال المادة السالف دكرها يتضح ان الركن المادي لجريمة التهريب الجمركي معدود على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال.
حسب بعض الفقه ان الاتجاه السائد في التشريعات الجنائية الحديثة الحديثة ان مادية الجريمة لا تنشىء مسؤولية ولا تستوجب عقابا، ما لم تتوفر الى جانبها كل العناصر المعنوية التي يتطلبها كيان الجريمة داته، والركن المعنوي ارادة ناتجة عن اتجاهها الاثم الى مخالفة القانون، اي تحقيق ماديات غير مشروعة.[17]
ولقيام الجريمة من حيث الركن المعنوي يكفي توفر القصد الجنائي العام[18]، اي تنصرف ارادته الى ارتكاب فعل مجرم بحكم القانون.
هدا الراي انتقد من طرف بعض الفقه ودلك لكون جريمة التهريب دات قصد خاص وبالتالي لايكفي لقيامها علم الشخص بارتكاب الفعل انه مجرم بل يجب ان تتحق رغبته في عدم الخضوع لمقتضياة مدونة الجمارك و ان تكون له النية في عدم اداء الوجيبة الجمركية[19].
و التشريع المغربي لم ينتصر لاي راي من الاراء الفقهية السالف دكرها و اخد بهما معان وبصفة عامة لابد من توفر عنصر العلم والادراك كصور للركن المعنوي.
المطلب الثاني: العقوبات التي اقرها المشرع لجريمة التهريب الجمركي
بعد توفر اركان الجريمة الجمركية تأتي مرحة ترتيب الجزاء وقبل الخوض في التفصيل للعقوبات التي وضعها المشرع سنتطرق الى التصنيف الذي أعطاه المشرع للجريمة الجمركية في الفقرة الأولى،ثم سنتحدث عن العقوبات المقررة للجريمة الجمركية في الفقرة الثانية.
الفقرة الاولى: تصنيف الجريمة الجمركية
كما هو معلوم ان المشرع المغربي في الفصل 111 من مجموعة القانون الجنائي نص على ان ان الجريمة اما جنايات او جنح تاديبية او جنح ضبطية او مخالفات.
اما بالنسبة للقانون الجمركي نجد ان المشرع اكتفى بصنيفين من الجرائم وهي جنح جمركية ومخالفات جمركية، وقسم الجنح الى طبقتين اما بالنسبة للمخالفات فصنفها في اربعة اصناف[20].
الفقرة الثانية: العقوبات التي حددها المشرع لزجر مرتكبي الجريمة الجمركية:
سنتطرق هده الفقرة الى العقوبات الجنحية أولا، ثم المخالفات ثانيا.
أولا: بالنسبة للجنح:
1–الجنح الجمركية من الطبقة الأولى :
الفصل 279 المكرر – يعاقب عن الجنح الجمركية من الطبقة الأولى :
1- بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ؛
2- بغرامة تعادل ثلاث مرات مجموع قيمة البضائع المرتكب الغش بشأنها ووسائل النقل والبضائع المستعملة لإخفاء الغش ؛
3- بمصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنها ووسائل النقل والبضائع المستعملة لإخفاء الغش.
الفصل 279 المكرر مرتين – تشكل جنحا جمركية من الطبقة الأولى :
1- استيراد أو تصدير المخدرات والمواد المخدرة ومحاولة استيرادها أو تصديرها بدون رخصة أو تصريح ؛ وكذا استيرادها أو تصديرها بحكم تصريح غير صحيح أو غير مطابق ؛
2- الحيازة غير المبررة بمفهوم الفصل 181 أعلاه للمخدرات والمواد المخدرة ؛
3- كل خرق للأحكام المتعلقة بحركة وحيازة المخدرات والمواد المخدرة داخل دائرة الجمارك ؛
4- وجود مخدرات أو المواد المخدرة في مستودع أو مخازن وساحات الاستخلاص الجمركي.
-2الجنح الجمركية من الطبقة الثانية :
الفصل 280 – يعاقب عن الجنح الجمركية من الطبقة الثانية :
1- بالحبس من شهر إلى سنة ؛
2- أ ( بغرامة تعادل أربع مرات مبلغ الرسوم و المكوس بالنسبة للمخالفات المشار إليها في 1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 من الفصل 281 بعده ؛
ب – بغرامة تعادل ثلاث مرات مجموع قيمة الأشياء المرتكب الغش بشأنها بالنسبة للمخالفات المشار إليها في 8 و 9 من الفصل 281 بعده ؛
تضاعف الغرامات أعلاه، عندما تتعلق المخالفات المرتكبة ببضائع ذات تأثير على الأمن أو الأخلاق أو الصحة العامة أو البيئة أو عندما تكون تلك المخالفات مقترنة بظروف تشديد خاصة إخفاء البضائع في أماكن معدة لهذا الغرض أو استعمال العنف أو الإيذاء أو استعمال السلاح أو العربات أو التجهيزات المعدة لهذا “الخصوص أو ارتكاب أفعال مادية تتعلق بالتهريب من طرف ثلاثة أشخاص على الأقل.
3- بمصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنها ووسائل النقل والأشياء المستعملة لإخفاء الغش.
ثانيا: بالنسبة للمخافات:
المخالفات الجمركية من الطبقة الأولى :
الفصل 284 – يعاقب عن المخالفات الجمركية من الطبقة الأولى :
1- أ) بغرامة تعادل ثلاث مرات مبلغ الرسوم والمكوس المتجانف عنها أو المتملص منها ؛
ب) بغرامة تتراوح بين نصف قيمة البضائع موضوع المخالفة والقيمة الإجمالية لهذه البضائع فيما يخص “المخالفة المتعلقة بتصدير البضائع المحظورة المشار إليها في 1 من الفصل 285 بعده ؛
ج) بغرامة تتراوح بين 80.000 و 100.000 درهم فيما يخص المخالفة المشار إليها في 14 من الفصل 285 بعده.
د) بغرامة تعادل مجموع قيمة البضائع موضوع العمليات الجمركية التي لم يتم الاحتفاظ بوثائقها بالنسبة للمخالفة المشار إليها في 15 من الفصل 285 بعده.
2- بمصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنها؛
3- مصادرة وسائل النقل طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل 212 أعلاه.
المخالفات الجمركية من الطبقة الثانية :
الفصل 293 – يعاقب عن المخالفات الجمركية من الطبقة الثانية :
– بغرامة تعادل ضعف الرسوم والمكوس ؛
– بغرامة تتراوح بين 3000 و30.000 درهم فيما يخص المخالفات المشار إليها في 5 و6 و 8 و 9 من الفصل 294 بعده.
– بغرامة تتراوح بين 30.000 و60.000 درهم فيما يخص المخالفة المشار إليها في 7 من الفصل 294 بعده.
– بغرامة تتراوح بين 80.000 و100.000 درهم فيما يخص المخالفة المشار إليها في 10 من الفصل 294 بعده.
– بغرامة تتراوح بين ثلث قيمة البضائع موضوع المخالفة و نصف قيمة هذه البضائع فيما يخص المخالفة المتعلقة بتصدير البضائع المحظورة المشار إليها في 6 مكرر من الفصل 294 بعده .
المخالفات الجمركية من الطبقة الثالثة
الفصل 296 – يعاقب عن المخالفات الجمركية من الطبقة الثالثة بغرامة تعادل مبلغ المنافع المرتبطة بالتصدير.
المخالفات الجمركية من الطبقة الرابعة
الفصل 298 – يعاقب عن المخالفات الجمركية من الطبقة الرابعة بغرامة تتراوح بين 500 و2500 درهم.
قائمة المراجع (بصفة عامة)
- منصور رحماني ،القانون الجنائي للمال و الأعمال ، جزء الأول ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، الجزائر .
- كلود جبار ترجمة سعادنة العيد العايش، مدخل في القانون الجمركي، دار النشر Itcis ،2009 .
- نسرين عبد الحميد، الجرائم االقتصادية التقليدية و المستحدثة، المكتب الجامعي الحديث بحث منشور بالويب
- محمد سعيد فرهود ، )الضريبة الجمركية في الكويت( ، مجلة الحقوق ، تصدر عن مجلس النشر العلمي جامعة الكويت العدد الثالت
- سيواني عبد الوهاب ، التهريب الجمركي واستراتيجيات التصدي له، رسالةلنيل ماستر في العلوم الإقتصادية، جامعة الجزائر،
- مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000)
- كرماش هاجر جريمة التهريب الجمركي مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الأعمال جامعـة محـمد خيضـر – بسكـرة- كلية الحقوق و العلوم السياسية – قسم الحقوق-2016/2015 .
- مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000)
- فوزية عبدالستار:المساهمة الاصلية في الجريمة،رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة القاهرة سنة 1967،مؤخودة من مصفحة قانون الاعمال و المقاولات
- فاروق سيف النصر:محاضرات في جرائم القتل الخطأ في قضايا التهريب الجمركي،القاهرة 1985 منشورة بمجلة قانون الاعمال.
- احمد فتحي سرور:الجرائم الضريبية و النقدية،القاهرة،1960 ، مقال منشور بشيكة المجلة القانونية الالكترونية.
[1] مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000)
[3] منصور رحماني ،القانون الجنائي للمال و الأعمال ، جزء الأول ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، الجزائر ، ص155 ” المرجع متاح بالأنترنيت على شكل ب.د.ف)
[4] منصور رحماني م س ص 189
[5] كلود جبار ترجمة سعادنة العيد العايش، مدخل في القانون الجمركي، دار النشر Itcis ،2009 ،ص114.
[6] نسرين عبد الحميد، الجرائم االقتصادية التقليدية و المستحدثة، المكتب الجامعي الحديث بحث منشور بالويب
[7] محمد سعيد فرهود ، )الضريبة الجمركية في الكويت( ، مجلة الحقوق ، تصدر عن مجلس النشر العلمي جامعة الكويت العدد الثالت متاحة بالويب لتحميل
[8] سيواني عبد الوهاب ، التهريب الجمركي واستراتيجيات التصدي له، رسالة ماجيتسر في العلوم االقتصادية، جامعة الجزائر، .،58ص، 2007
[9] مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000)
[10] علي عوض حسن ،مرجع سابق، ص14.
[11] كرماش هاجر جريمة التهريب الجمركي مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الأعمال جامعـة محـمد خيضـر – بسكـرة- كلية الحقوق و العلوم السياسية – قسم الحقوق-2016/2015 صفحة 27 -28
[12] كرماش هاجر جريمة التهريب الجمركي مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الأعمال جامعـة محـمد خيضـر – بسكـرة- كلية الحقوق و العلوم السياسية – قسم الحقوق-2016/2015 صفحة 27 -28
[13] راجع المادة 282 من مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة.
1الفصل 52 – 1- في غير حالة استثناء يؤذن فيه بمقرر لمدير الإدارة لا يمكن إفراغ البواخر من حمولتها إلا في حظيرة الموانئ التي توجد بها مكاتب للجمرك.
2- لا يمكن أن تفرغ أية بضاعة أو تنقل إلى باخرة أخرى إلا بإذن كتابي من أعوان الإدارة وحضورهم. وتتم عمليات التفريغ والمسافنة خلال الساعات وطبق الشروط المحددة بمقررات لمدير الإدارة.
2الفصل 58 – 1- يمنع كل تفريغ ورمي بالبضائع أثناء الطريق.
3الفصل 60–2 لا يمكن أن تباشر مسافنة البضائع وشحن البواخر والطائرات إلا في حظيرة الموانئ والمطارات التي بها مكاتب للجمرك خلال الساعات و طبق الشروط المحددة بمقررات لمدير الإدارة على أن تراعى في ذلك مقتضيات 2 من الفصل 27 أعلاه.
فوزية عبدالستار:المساهمة الاصلية في الجريمة،رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة القاهرة سنة 1967،مؤخودة من مصفحة قانون الاعمال و المقاولات.[17]
فاروق سيف النصر:محاضرات في جرائم القتل الخطأ في قضايا التهريب الجمركي،القاهرة 1985 منشورة بمجلة قانون الاعمال.[18]
احمد فتحي سرور:الجرائم الضريبية و النقدية،القاهرة،1960 ، مقال منشور بشيكة المجلة القانونية الالكترونية.[19]