في الواجهةمقالات قانونية

عقد البيع الاستهلاكي المبرم عن بعد – الباحث محمد الخروبي

عقد البيع الاستهلاكي المبرم عن بعد

Consumer sales contract concluded at a distance

الباحث محمد الخروبي

باحث في سلك الدكتوراه مختبر القانون المدني وفقه المعاملات، بكلية الحقوق عين الشق الدارالبيضاء.

 

 

لتحميل الإصدار كاملا

https://www.droitetentreprise.com/%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9/

 

ملخص

تعد العقود الاستهلاكية عقودا ذات اهمية بما كان، حيث تحظى عموما باهتمام تشريعي كبير على المستوى الوطني و حتى على مستوى التشريعات الدولية . حيث انها و لما تتمتع به من خصوصيات معينة دفعت العديد من الباحثين الى الخوض فيها و تحليلها و دراستها . والعقود الاستهلاكية كما هو معلوم تجمع بين طرفين احدهما مستهلك و الاخر مورد أي الطرف المهني المتمتع بالخبرة والتفوق المادي و الاقتصادي وحتى القانوني . و عقود البيع هي اكثر العقود الاستهلاكية شيوعا في الوسط المعاملاتي الى جانب عقود القرض . حيث حظي هذين العقدين باهمية تشريعية اذ خصهم المشرع بالتنظيم في قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك بمجموعة من القواعد الخاصة ، فضلا عن ادراجه قواعد عامة تسري على جميع العقود اذا ما توافرت فيها الصفة الاستهلاكية . وعقد البيع عن بعد من بين اهم عقود البيع الاستهل اكية حيث يحظى بتنظيم تشرعي خاص في ضوء قانون 31.08 و يحظى باهتمام الباحثين القانونين وذلك نظرا لما له من خصوصيات معينة سواء على مستوى التفاوض و طريقة ابرام العقد و تنفيذه. وعلاوة على ذلك هناك بعض المخاطر يمكن ان يتعرض لها المستهلك عند اقباله على هذا العقد ما يستتبع تحليلها بشكل مفصل وهو ما سوف نعرضه في هذا البحث.

summary

Consumer contracts are contracts of great importance, as they generally receive great legislative attention at the national level and even at the level of international legislation. Because it has certain characteristics that prompted many researchers to delve into it, analyze it, and study it. Consumer contracts, as is well known, combine two parties, one of which is a consumer and the other a supplier, the professional party with experience and financial, economic and even legal superiority. Sale contracts are the most common consumer contracts in the transactional environment, along with loan contracts. Where these two contracts received legislative importance, as the legislator singled them out for regulation in Law 31.08 related to consumer protection with a set of special rules, in addition to including general rules that apply to all contracts if they have a consumer character. The distance sale contract is among the most important consumer sales contracts, as it enjoys a special legislative regulation in the light of Law 31.08, and it receives the attention of legal researchers, due to its specific characteristics, both at the level of negotiation and the method of concluding and implementing the contract. In addition, there are some risks that the consumer may be exposed to when accepting this contract, which entails a detailed analysis, which we will present in this research.

 

 

مقدمة

يرتبط تطور علاقات البشر فيما بينهم ارتباطا وثيقا بتطور الحياة  البشرية نفسها وتقدم وسائلها وأساليبها. فإذا كان اختراع النار واكتشاف الزراعة ظاهرتين اجتماعيتين قد غيرتا وجه تاريخ البشرية، فمهدت هذه الظروف لاستقرار البشر واختراع الكتابة وجعلها وسيلة من وسائل التواصل، ولم يقف هذا الكائن الاجتماعي بطبعه عند هذا الحد فاخترع البريد ووظف الإنسان وتطور الأمر كثيرا في نهاية القرن التاسع عشر حيث اخترع عدة وسائل للاتصال كالتلكس والهاتف والفاكس والتلغراف واعتبر ذلك في وقتها ثورة في هذا المجال. ليصل هذا التطور مداه خلال القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، ليعيش العالم فعلا ثورة معلوماتية في مجال التكنولوجيا الحديثة للاتصال والتواصل، وتزامن ذلك مع ظاهرة العولمة وما فتحته من آفاق في وجه السلع والخدمات  ورؤوس الأموال، كل ذلك بالاعتماد على التقنيات الحديثة في الاتصال والتواصل. في خضم هذه التغيرات العميقة انتشرت وبشكل ملفت للنظر ظاهرة التعاقد عن بعد في شكلها الأولي بين المهنيين فيما بينهم ممهدة الطريق لدخول طرف آخر في المعادلة وهو المستهلك. ودخول هذا الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية نتج عنه إضرار ا به حيث أصبح عرضة لممارسات غير مشروعة. وهذا ما حثم على جل المشرعين التدخل لإعادة تنظيم هذه العقود خصوصا أمام صلابة المبادئ القديمة. والمشرع المغربي لم  يحد عن هذا المنحى ثم استصدار مجموعة من القوانين منها قانون 31.08 القاضي بتدابير حماية المستهلك ، وقانون 53.05 المتعلق بتبادل المعطيات بشكل الكتروني تصب كلها في حماية المستهلك من تعسفات المهنيين عند تعاقده عن مع مورد ما وتوفر له ضمانات معينة سواء عند ابرام العقد أو عند تنفيده . فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير الحماية الموضوعية والاجرائية للمستهلك عن بعد من خلال النصوص التشريعية ، في خضم المخاطر التي يكون محاطا بها عند الإقدام على عقد البيع وفق هذه الطريقة؟ ما يدفعنا الى التساؤل عن مفهوم عقد البيع الاستهلاكي عن بعد ؟ وما خصوصيات تكونيه؟ وماهي تجليات الحماية القانونية والقضائية للمستهلك؟ وما مظاهر الانفلات الواقعي في خضم المخاطر التي تحيط بالمستهلك المتعاقد عن بعد؟

وهو ما ارتأينا للإجابة عنه وفق التصميم الأتي:

المبحث الأول : التنظيم القانوني لعقد البيع الاستهلاكي عن بعد .

المبحث الثاني : الحماية القانونية والاجرائية للمستهلك المتعاقد عن بعد.

 

المبحث الأول : التنظيم القانوني لعقد البيع الاستهلاكي عن بعد

يراد بالتنظيم القانوني لعقد البيع الاستهلاكي عن بعد ، القواعد التشريعية التي نص عليها المشرع لتنظيم هذا النوع من العقود. وقد تناول المشرع المغربي تنظيم عقد البيع الاستهلاكي عن بعد في الباب الثاني من القسم الرابع من قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك[1]، والقانون رقم  53.05 المتعلق بتبادل المعطيات بشكل الكتروني[2]، كنصوص خاصة بغية منه لمواكبة التطور الذي شهده العالم والدي أثر على شكل التعاقد. ومن يمكننا البحث حول مفهوم العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد “المطلب الأول” و خصوصيات تكوينه” المطلب الثاني “

المطلب الأول : مفهوم العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد

يراد بالعقد عموما هو توافق ارادتين على إحداث أثر قانوني[3]، غير أن العقود تختلف عن العقود التقليدية بإختلاف شكلية التعاقد وطبيعة العقد وكدا التنظيم  القانوني أيضا، فما المقصود بعقد البيع الاستهلاكي عن بعد؟ “الفقرة الاولى”  ، ثم ما المعايير المعتمدة في تحديد عقد البيع المبرم عن بعد؟ “الفقرة الثانية” .

الفقرة الأولى : تعريف عقد البيع الاستهلاكي عن بعد

يراد بالمستهلك ” كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لإستعماله الشخصي أو العائلي”[4]

ويراد بالمورد ” كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في أطار نشاط مهني أو تجاري. “[5]

نجد أن المشرع المغربي لم يعرف عقد البيع الاستهلاكي عن بعد، لا في قانون 31.08 ولا في قانون 53.05 ، لكنه عرف وسيلة الاتصال عن بعد[6] ، مما دفع بالفقه الى تعريفه بأنه  ” ﻫﻮ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺇﺭﺍﺩﺗﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻭﺍﻟﻤﻮﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺃﺛﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻣﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﻣﻨﺘﻮﺝ ﺃﻭ ﺳﻠﻌﺔ ﺃﻭ ﺧﺪﻣﺔ ﺩﻭﻥ ﺣﻀﻮﺭﻫﻤﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻓﻲ ﺁﻥﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺧﺎﺹ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺑﺮﺍﻡﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ” [7]. وهناك من عرفه على أنه “كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات، أبرم بين مورد ومستهلك في نظام لبيع أو تقديم خدمات بواسطة ألية أو أكثر للإتصال عن بعد أعدها المورد لإبرام العقد وتنفيذه”[8].

وعرف التوجيه الاوروبي الصادر في 25 أكتوبر 2011 المتعلق بحقوق المستهلكين في المادة 2/7 بأنه ” كل عقد يتعلق بسلع او خدمات مبرمة بين محترف ومستهلك في إطار نظام منظم للبيع أو تقديم خدمة عن بعد بدون الحضور المادي المتزامن للمهني والمستهلك وبإستعمال تقنية واحدة أو عدة تقنيات للاتصال عن بعد إلى أن يتم إبرام العقد ويدخل في ذلك إبرام العقد نفسه”

الفقرة الثانية : المعايير المعتمدة في تحديد عقد البيع الاستهلاكي المبرم عن بعد

تعدد المعايير المعتمدة في تمييز عقد البيع الاستهلاكي عن بعد بين محددات موضوعية ندرسها “أولا” ومحددات تتعلق بالأشخاص المتعاقدين” ثانيا”

أولا : المعايير الموضوعية في تمييز عقد البيع الاستهلاكي عن بعد

1.                  استعمال تقنية واحدة أو أكثر للإتصال عن بعد

2.                  تعلق موضوع العقد ببيع سلعة أو تقديم خدمات

3.                  وجود نظام للبيع عن بعد كنظم من طرف البائع

ثانيا : المعايير الشخصية في تمييز عقد البيع الاستهلاكي عن بعد

1.                  إبرام العقد في غياب الحضور المادي للأطراف.

2.                  كون أحد الأطراف بالضرورة مستهلكا.

المطلب الثاني : خصوصيات تكوين عقد البيع الاستهلاكي عن بعد

من المعلوم أن العقد ليكون صحيحا وجب ان يكون مستوفيا لأركان صحته حسب ما هو منصوص عليه في الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود[9]، غير أن هذه الأركان تتسم بنوع من الخصوصيات في عقود البيع الاستهلاكية المبرمة عن بعد ، فما تجليات خصوصيات أركان عقد البيع الاستهلاكي عن بعد؟

الفقرة الاولى : أهلية التعاقد في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد

تفيد الاهلية في اللغة الجدارة والكفاءة لأمر من الأمور حيث يقال مثلا فلان اهل الرئاسة أي هو جدير بها وفلان اهل العظائم أي هو كفؤ بها[10]

وفي الاصطلاح القانوني تنقسم الى نوعان اهلية وجوب واهلية اداء

وبالتالي فإن الاهلية في عقد البيع الاستهلاكي تميزها خصوصيات معينة من حيث وسيلة ابرام العقد “أولا” وطرق التأكد من أهلية المتعاقد “ثانيا” في هدا النوع من العقود خاصة ما يطرحه تعاقد القاصرين وعديمي الاهلية من إشكالات “ثالثا” 

أولا : دور آلة الكمبيوتر في إبرام العقد الالكتروني

لا تعتبر الالة لا وكيلا ولا وسيطا عن المتعاقدين بل هي فقط مجرد وسيلة للتعبير عن الارادة افرزتها وسائل الاتصال الحديثة خلافا لما ذهب إليه البعض الذي اعتبرها شخص قانونيا[11]، لأن الشخصية القانونية هي صفة يصبغها القانون على شخص ما قد يكون غير كائن كالشخص المعنوي، فالعبرة هي لإصدار الإرادة من شخص يتوفر على القدرة للالتزام يقرها القانون، وعليه فلا مانع من إعتبار الألة شخص معنوي قانوني.

وهو ما انتقد بشدة ، لأن الشخص المعنوي بالمعنى القانوني يتعين ان تتوفر لديه ذمة مالية مستقلة ، وهذا هو مايفتقد اليه الكمبيوتر وبالتالي لا يمكن الاعتراف له بالشخصية المعنوية . أضف إلى الشخصية المغنوية لا يقرها القانون إلا بناء على نص خاص و على وجه الإستثناء كما هو الحال بالنسبة للجمعيات…[12]

وهو ما أوافقه الرأي، طالما أن دور الكمبيوتر هو دور سلبي لا يمكن ان يعبر عن ارادة او اخرى إلا بموجب طرف أخر يستعمل، اذ أنه ليس من الطبيعي أن يقوم الكمبيوتر بتعاقد من تلقاء نفسه.

ثانيا : كيفية التاكد من وجود اهلية المتعاقد الالكتروني

يصعب في العقود الالكترونية التاكد من اهلية المتعاقد باعتبارها عقودا تبرم عن بعد عبر تقنيات الاتصال الحديث الدي يصعب معه الحضور المادي للاطراف.

وبالتالي فهو ما قد يعرض المعاملة الالكترونية لغش او تدليس او ان يبرم العقد شاب قاصر او عديم اهلية وبالتالي فان هناك من الناحية العملية مجموعة وسائل احترازية لتفادي الامر كالبطاقة الالكترونية و الوسيط الالكتروني و الوسائل الاحترازية [13].

وللاشارة فإنه لحدود اليوم لم يتم التوصل إلى وسائل تقنية كاملة وحاسمة للتأكد من أهلية المتعاقد إلكترونيا، وإنما توصلوا إلى استنباط وسائل تحذيرية فقط ، لكن هذه الوسائل لا تخلو من محاذير، كما هو الحال عند قيام المستخدم بوضع بيانات غير حقيقية تتعلق بأهليته[14].

ثالثا : خصوصيات تعاقد القاصر في عقود البيع الاستهلاكية عن بعد

ان التعاقد الالكتروني للقاصر يبقى خاضع للقواعد العامة التي اسلفناها مادامت لا توجد أحكام خاصة تنظمه، لدلك فهو يعامل بنقيض قصده ادا اقترف غشا او تحايلا او تدليس ليوهم الطرف الاخر على انه كامل الاهلية، بحيث يسوغ لنائبه الشرعي الطعن في التعاقد الالكتروني الذي ابرمه ومطالبة المحكمة باعلان بطلانه او تقرير بطلانه[15]

في رأيي انه وجب طلب ابطال هذه العقود لا بطلانها لأن أساس الدعوى سيقوم على عيب طال أهلية المتعاقد .

وطبقا للقواعد العامة يستثنى القاصر هنا ايضا من قاعدة الاثر الرجعي للإبطال فهو إذا كان من حقه استرجاع ما اوفى به فإنه لا يلتزم بان يرجع للطرف الاخر الا بحسب ما عاد اليه من نفع وهدا ما يستفاد من الفصل9 من ق إ ع القاصر وناقص الأهلية يلتزمان دائما، بسبب تنفيذ الطرف الآخر التزامه، وذلك في حدود النفع الذي يستخلصانه من هذا التنفيذ. ويكون هناك نفع إذا أنفق ناقص الأهلية الشيء الذي تسلمه في المصروفات الضرورية أو النافعة، أو إذا كان هذا الشيء لازال موجودا في ماله[16].

الفقرة الثانية : خصوصي التراضي في العقد الاستهلاكي عن بعد.

الرضا هو جوهر العقد وقوامه والمقصود بالرضا او التراضي تطابق ارادات الاطراف المتعاقدة من خلال الايجاب والقبول الذي يؤدي لانعقاد العقد . ويكون بصدور ايجاب من احد المتعاقدين وقبول من الطرف الاخر ثم اقتران القبول بالايجاب وتطابقهما . فالايجاب هو العرض الاول الذي يتقدم به احد اطراف العقد والقبول هو الذي يتقدم به الطرف الاخر وهذا القبول يجب ان يكون متطابقا تمام المطابقة لهذا الايجاب[17].

ويتميز الرضا في البيوع الاستهلاكية بخصوصيات تميزه عن باقي العقود التقليدية من حيث الايجاب “أولا” ، ومن حيث القبول “ثانيا “، ومن حيث عيوب الرضا” ثالثا”

أولا : الايجاب في العقود الاستهلاكية المبرمة عن بعد.

يطلق على الايجاب في العقود الالكترونية أو العقود المبرمة عن بعد العرض ، ودلك لتميزه عن الايجاب في العقود التقليدية حسب ماهو منصوص عليه في قانون الالتزامات والعقود.

وقد عالجه المشرع المغربي في قانون 53.05 تحت اسم العرض ترجمة للمصطلح الفرنسي lofrre وهو مصطلح اقتصادي يقابله في القانون مصطلح القبول جاء بخصوص هذا ضمن الفصل3-65 فقرة 1و 2 من هذا القانون.
اما بخصوص تعريف الايجاب الالكتروني فهو تعيبير عن ارادة الراغب في التعاقد عن بعد . حيث يتم من خلال شبكة دولية للاتصالات بوسيلة مسموعة مرئية . ويتضمن كل العناصر اللازمة لابرام العقد ، بحيث يستطيع من يوجه اليه ان يقبل التعاقد مباشرة[18] .

وبالرجوع الى مقتضيات قانون حماية المستهلك، نجد ان المشرع نص في المادة 29 “… يجب ان يتضمن العرض المتعلق بعقد البيع عن بعد المعلومات التالية :

1.                  التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العرض.

2.                  اسم المورد و تسميته التجارية والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي معه وبريده الالكتروني وعنوانه وإدا تعلق الأمر بشخص معنوي فمقره الاجتماعي، وادا تعلق الأمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة عن العرض، بالنسبة للتاجر السيبيرياني الخاضع لشكليات القيد في السجل التجاري، فرقم تسجيلهورأسمال الشركة

-ادا كان خاضعا للضريبة على القيمة المضافة، فرقم تعريفه الضريبي؛

-وادا كان نشاطه خاضعا لنظام الترخيص، فرقم الرخصة وتاريخها والسلطة التي سلمتها؛

-ادا كان منتميا لمهنة منظمة، فمرجع القواعد المهنية المطبقة وصفته المهنية والبلد الدي حصل فيه على هده الصفة و كدا إسم الهيئة أو التنظيم المهني المسجل فيه.

3. أجل التسليم ومصاريفه إن إقتضى الحال؛

4. وجود حق التراجع المنصوص عليه في المادة 36، ماعدا في الحالات التي تستثني فيها أحكام هدا الباب ممارسة الحق المدكور؛

5. كيفية الاداء أو التسليم أو التنفيد .

6. مدة صلاحية العرض وثمنه أو تعريفته؛

7. تكلفة استعمال تقنية الإتصال عن بعد؛

8. المدة الدنيا للعقد المقترح ، ان اقتضر الحال عندما يتعلق الأمر بتزويد مستمر أو دوري للمنتوج أو سلعة أو خدمات…”

وقد ورد أيضا في المادة 32 من نفس القانون أنه يجب ان يتلقى المستهلك كتابة أو بأي وسيلة دائمة أخرى موضوعة رهن تصرفه، في الوقت المناسب وعلى أبعد تقدير عند التسليم.

ثانيا : القبول في العقد الاستهلاكي عن بعد.

براد به موافقة الموجب له التامة على التعاقد عبر البريد الالكتروني او الموقع الالكتروني أو عن طريق الاتصال المباشر بالصوت والصورة . وهناك من يقول فيه بانه التعبير او التصرف الصادر باستعمال وسائل الكترونية ممن وجه اليه الايجاب والذي يفيد تطابق ارادته مع ارادة الموجب.[19] 

ثالثا : خصوصية عيوب الرضا في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد

1-خصوصية الغلط في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد.

قد يكون غلطا مانعا كان يضغط المتعاقد على ايقونة لا يقصده وقد يكون مؤثرا كما في الغلط في صفة جوهرية في المنتوج . وقد يمكن طلب ابطال هدا العقد وتقضي به المحكمة ادا ما تبين لها ان المتعاقد قد حصل له غلط دفع لابرام العقد الالكتروني.

تتجلى في فرض المشرع حسب المادة 3 من القانون المدكور على المورد ان يعلم المستهلك بخصوصيات وبالبيانات المتعلقة بالمنتوج .

كما خول للمستهلك ايضا اجلا للرجوع حسب المادة 36 من قانون 31.08 .وقد حددت المادة 37 الجزاء المترتب عن ممارسة هذا الحق [20].

2-خصوصية التدليس في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد.

كما أسلفنا يتجلى التدليس في جملة من الوسائل الاحتيالية  التي يقترفها أحد المتعاقدين أو من يقوم مقامه لتضليل المتعاقد الأخر وجره إلى التعاقد، فهو لا يتحقق إلا إدا لجأ المدلس إلى الخديعة والاحتيال لإيهام المدلس عليه بخلاف الواقع ، حتى يبرم العقد متأثرا بهذا الوهم[21] .

فمن خلال هدا الشرط وما ينطوي عليه من عناصر تتجلى في صعوبة توظيف نظرية التدليس ، بمفردها لحماية المستهلك ضد اختلال التوازن العقدي. بحيث يمكن للمستهلك الاستناد إلى عيب التدليس للتخفيف من حدة اختلال العقد وإبطال الشروط المجحفة، ودلك من خلال ربطه بالالتزام بالاعلام [22]

 

 

الفقرة الثالثة : محل العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد.

المحل في الواقع يعد ركنا في الالتزام لا ركنا في العقد، وينصرف بهذا التحديد الى الاداء الذي يجب على المدين القيام به تجاه الدائن . فمحل التزام البائع هو نقل ملكية الشيء المبيع او الحق المالي للمشتري بمقتضى عقد البيع . هذا المال الذي يرد على كل شيء له قيمة اقتصادية ، والذي يمثل مضمون هذا الحق مما يقتضي فيه شروطا لا تخرج عن الشروط المتطلبة في اي عقد . اما محل التزام المشتري فهو دفع الثمن النقدي مقابل نقل ملكية المبيع اليه . هذا الثمن الذي يقتضي هو الاخر شروطا من حيث ان يكون مبلغا من النقود وان يكون الثمن جديا وان يكون الثمن قابلا للتحديد.

يراد بالمحل الأداء الدي يلتزم به احد العاقدين ازاء الاخر بحيث قد يكون هذا الاداء واردا على شيء او حق او مبلغ من النقود او متضمنا القيام بعمل او امتناع عن عمل والمحل في عقد البيع عموما هو المبيع كمحل التزام البائع والثمن كمحل التزام المشتري. فما خصوصيات المحل في عقد البيع الالكتروني ؟

أولا : بخصوص المبيع في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد.

وجب ان يكون المبيع مشروعا غير متعارض مع النظام العام وان يكون داخلا في دائرة التعامل وذلك بالنظر الى كون تعدد المواقع الالكترونية  التي تتجر فيما هو غير مرغوب كالمخدرات الاباحيات .. وهو ما قد يجعل المستهلك امام عقوبات جنائية إذا ما تبت تورطه في إبرام بعض العقود كالاتجار في المخدرات والاسلحة…

اذ يتوجب ان يكون المبيع منسجما مع القانون المتعلق بتبادل المعطيات الالكترونية وقانون حماية المستهلك إد نجد في المادة 26 من قانون حماية المستهلك نصت على “تطبق أحكام هدا الباب على كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا عن بعد أو يقترح بواسطة إلكتروني توريد منتج أو سلعة أو تقديم خدمة للمستهلك، كما تطبق هده المقتضيات عل كل عقد ينتج عن هده العملي بين مستهلك ومورد بواسطة تقنية للاتصال عن بعد…”

 

ثانيا : بخصوص الثمن في العقد الاستهلاكي المبرم عن بعد

في البيوع التي تعقد بالمغرب فالاصل إن تتم بالعملة المغربية أي الدرهم مع الأخذ بعين الاعتبار السعر المحدد له من قبل البنك المركزي باعتباره اداة وفاء. اما ان تعلق الامر بالبيوع الاستهلاكية الدولية يمكن الاتفاق على دفع الثمن بالعملة الاجنبية[23]. كما أن المشرع نجده نص على الالتزام بالاداء في المادة 35 من قانون حماية المستهلك دون ان يحدد له شكليات معينة ، مع تنصيصه على ضمان المورد للمستهلك سلامة وسائل الأداء التي يقترحها وفي هدا الصدد نذكر حكم المحكمة الابتدائية الدي تمت فيه إدانة أحد التقنيين من أجل جنحة الدخول إلى نظام المعالج الألية للمعطيات الإلكترونية نتج عنه حذف و إضطراب في سيره ، دلك أن الجاني أحدث له موقعا بالأنترنت وبدأ يراسل أشخاص ذاتية ومعنوية عبر الانترنت وتسلم على ضوء دلك بريدا إلكترونيا حقق له منفعة مالية بدون وجه حق كما ألحق ضررا بموقع إحد الشركات[24].

الفقرة الرابعة : شكلية ابرام العقد في العقد الاستهلاكي عن بعد

تناول المشرع المغربي المادة 206 قانون حماية المستهلك  إن كل عقد حرر بلغة أجنبية يصطحب وجوبا بترجمة إلى العربية.

غير أننا يمكننا التساؤل عن مصير العقد الاستهلاكي عن بعد المبرم بلغة اجنبية غير مفهومة ؟

باستقرائنا للفصول المنظمة للعقد سواء في قانون حماية المستهلك أو قانون 53.05 نجده لا يرتب جزاءا و لا ينص بشكل صريح عن تعاقد الأمي ، وبالتالي فبالرجوع للعمل القضائي نجده قد سبق له البث في هدا الإشكال .

إد جاء في أحد قراراتها “الأمي ليس هو الذي لا يحسن التوقيع بل الذي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد يمكن لمن وقع العقد بخط يده أن يثبت أنه أمي”[25]

وفي قرار أخر “إن دعوى الابطال بسبب الأمية حق شخصي لايرتبط بحقوق الدفاع عن حقوق التركة، ولا يجوز تقديمها إلا من طرف الشخص الأمي وحده، والدي شرعت له هده الحماية الخاصة…”[26]

وفي هدا الصدد يمكننا الأخد عل أنه يجوز للمتعاقد الدي يجهل لغة العقد أن يتقدم للقضاء بطلب إبطاله .

الفقرة الخامسة : التسليم في العقد الاستهلاكي عن بعد

في العقود العينية يتطلب إضافة إلى تراضي الطرفين تحقق تسليم الشيء المبيع و هو التزام قانوني يقع على عاتق البائع حسب القواعد العامة والاخلال به يؤدي الى فسخ العقد أو المطالبة بالتنفيذ العيني الإجباري.

وحسب قانون حماية المستهلك نجده ينص في المادة 26 في الفقرة الثانية والثالثة “… يعتبر المورد مسؤولا بقوة القانون تجاه المستهلك على حسن تنفيذ التزاماته الناتجة عن العقد المبرم عن بعد، سواء كان تنفيد الإلتزامات المذكورة على عاتق المورد الذي أبرم العقد أو مقدمين أخرين للخدمات دون الإخلال بحق المستهلك في الرجوع عليهم.

غير أنه يمكن إعفاء المورد من المسؤولية كلها أو جزء منها إدا أثبت أن  عدم تنفيذ العقد أوسوء تنفيذه راجع إلى المستهلك أو إلى فعل غير متوقع للغير لايمكن تجاوزه أو إلى حالة القوة القاهرة”

ومنه يبدو لنا من خلال المادة أعلاه أن المشرع شدد في مسؤولية المورد عن بعد، اذ جعله مسؤولا عن حسن تنفيذ التزاماته ما لم يتعلق الأمر بقوة قاهرة.

كما نجده بالمقابل حسب المادة 35 من قانون حماية المستهلك تنص على” تخضع عمليات الإداء المتعلقة بالعقود المبرم عن بعد، للشريعات الجاري بها العمل، يضمن المورد للمستهلك سلامة وسائل الاداء التي يقترحها”

ومنه يبدو لنا أنه حتى وإن كان المستهلك ملزما حسب القواعد العامة بدفع الثمن، الى أن المشرع فرض حسب نص المادة أن يضمن المورد أساليب الدفع تحت طائلة مسؤوليته.

المبحث الثاني : الحماية القانونية والقضائية للمستهلك المتعاقد عن بعد.

من خلال استقرائنا للنصوص المنظمة للعقود المبرمة عن بعد في قانون حماية المستهلك وقانون 53.05، نجد أن المشرع يحرص عل توفير حماية قانونية” المطلب الاول”سواء المدنية أو الزجرية،  للمستهلك في العقود المبرمة عن بعد سواء قبل التعاقد ،أي مرحل التفاوض، أو بعده.  وذلك لضمان تنفيذ حسن للالتزامات التي يلقيها عقد البيع الاستهلاكي عل عاتق البائع. وهكذا فإن هده القواعد هي مؤطرة بحماية قضائية في منازعات الاستهلاك” المطلب الثاني” وهو ما ينعكس إما بنوع من الموافقة او بنوع من الانفلات على مستوى الواقع العملي.

المطلب الأول : الحماية القانونية للمستهلك في عقد البيع الاستهلاكي عن بعد.

تعتبر الحماية القانونية او الحماية التشريعية هي مختلف الضمانات التي نص عليها المشرع في قانون حماية المستهلك أو في قانون 53.05 سواء منها المدنية الفقرة الأولى أو الزجرية الفقرة الثانية

الفقرة الأولى : الضمانات الحمائية المدنية للمستهلك في عقد البيع الاستهلاكي عن بعد.

تتنوع الضمانات بحسب مرحلة العقد ووضعية المستهلك في هده العلاقة وهي ما سنجملها في الأتي

أولا : الحق في الإعلام

يراد به بيان او اشارة او تعليمات يمكن ان تقدم توضيحا بشان واقعة او قضية ما [27]

يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصالحية إن اقتضى الحال، وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته. ولهذه الغاية، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العالمة أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة الإستخدام أو دليل الاستعمال ومدة الضمان وشروطه والشروط الخاصة بالبيع أو تقديم الخدمة، وعند الإقتضاء، القيود المحتملة للمسؤولية التعاقدية  تحدد إجراءات الإعلام بنص تنظيمي[28] .

ويشكل الإلتزام بالإعلام التزاما قانوني لا يمكن للمورد ان يتحلل منه بداعي الاتفاق حسب المادة 44 من قانون حماية المستهلك. ودلك بجعلها قواعد من النظام العام.

غير ان بعض المواقع تعمد إلى استعمال لغات غير العربية وهو ما يشكل إذعانا بالنسبة للمستهلك اذ أن حاجته لبضاعة معينة تجعله يتعاقد بلغة اجنبية وهو ما قد يحمله مالا يرغبه.

ثانيا : الجق في الرجوع

ذهب المشرع في الفصل 36 من قانون حماية المستهلك للمستهلك أجل :  سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في التراجع ثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بالتزامه بالتأكيدالكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 63 و 86. وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك. تسري الأجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسلم السلعة أو قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات.

ثالثا : ضمان العيوب الخفية

من أهم الالتزامات التي يتحملها البائع حيث ينص الفصل 549 من ق ل ع على أنه ” يضمن البائع عيوب الشيء المبيع التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا ، أو التي تجعله غير صالح ﻹستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد ، أما العيوب التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو الانتفاع ، والعيوب التي جرى العرف على التسامح فيها فلا تخول الضمان .

ويضمن البائع أيضا وجود الصفات التي صرح بها أو التي اشترطها المشتري  “.

والعيب الخفي هوذلك العيب الذي يصيب أصل الشيء بحيث يجعله غير صالح ﻹستعماله في الغرض الذي أعد ﻷجله أو الذي كان يتوخاه منه المشتري . وبالتالي يرتب نقصا في قيمته أو يؤثر على منفعته .

ولتحقق العيب الخفي يجب توفر مجموعة من الشروط حتى يكون هذا الأخير موجب للضمان وهي :

                     أن يكون العيب مؤثرا

                     أن يكون العيب قديما

                     أن يكون العيب خفيا

      فدعوى ضمان العيوب الخفية هدفها الحفاظ على السلامة المالية للمستهلك ودفع الضرر الذي قد يصيبه في حالة وجود عيوب خفية في السلعة أو المنتوج

رابعا : حق المستهلك الإلكتروني في سلامة المنتوجات                                                                                                            

أقر القانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات المتمم لقانون الإلتزامات والعقود حق المستهلك في الإستفادة من السلامة والجودة في المنتوجات المقدمة إليه .

  فالمادة 4 من نفس القانون تنص على أنه ” يلزم منتجو ومستوردو المنتوجات وكذا مقدمو الخدمات بأن لا يعرضوا في السوق إلا المنتوجات والخدمات السليمة “.

  أما الفصل 106-1 من نفس القانون فينص على أنه ” يعتبر المنتج مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه .

كما ينص الفصل 106-6 ” إذا استحال تحديد هوية المنتج ، يعتبر كل موزع منتج إلا إذا أعلم هذا الأخير الضحية أو كل من له الحق ، داخل أجل 15 يوما من هوية المنتج أو هوية الشخص الذي زوده بالمنتوج .

  وهذا الضمان يكتسي أهمية بالغة تجعل المهني يتحرى السلامة والجودة أثناء تقديم المنتوج للمستهلك ، نظرا لما يمكن أن يتحمل به من مسؤولية مدنية خصوصا وأن المشرع وسع من دائرة الأشخاص المشمولين بهذه المسؤولية المدنية .

الفقرة الثانية : الضمانات الحمائية الزجرية للمستهلك في عقد البيع الاستهلاكي عن بعد.

حمى المشرع المغربي المستهلك عند قيامه بدفع الثمن من بعض الافعال التي تعد جرائم رقمية ودلك بموجب الفصل 607-3 من القانون الجنائي متى دخل الشخص الى نظام الدفع بطريقة غير مشروعة سواء تم دلك لمجموع النظام او جزء منه.

كما أفرد المشرع نصوصا في قانون حماية المستهلك تتضمن غرامات لعدم التزام المورد باعلام المستهلك او تضمين احد الشروط التعسفية او الاتفاق على مخالفة الاحكام الامرة لقانون حماية المستهلك[29].

المطلب الثاني : منازعات البيوع الاستهلاكية عن بعد ومظاهر الانفلات الواقعي .

قد يثار نزاع بين المورد والمستهلك في إطار تنفيذ عقد البيع الاستهلاكي عن بعد. إما لعدم المورد أو المستهلك لإلتزاماته و يطالب أحدهما بفسخ العقد[30] مع التعويض منه يجعلنا نتساءل عن  أساس المسؤولية في هده الحالة؟ أو أن يرفع أحدهما دعوى إبطال[31] عقد البيع أو بطلانه[32] .

الفقرة الاولى : مسؤولية المورد في عقد البيع الاستهلاكي عن بعد.

أولا : المسؤولية العقدية للمورد في عقد البيع الإستهلاكي عن بعد

تعتبر المسؤولية العقدية جزء لا يتجزأ من المسؤولية المدنية عموما، فكلاهما يهدف إلى ا تعويض الطرف المضرور عن الاضرار اللاحقة به ، والخسائر التي لحقته سواء كان دلك ناشئ عن الإخلال ببنود العقد أو التأخر في تنفيده وهو مايثير المسؤولية العقدية. حيث يتحدد مفهوم هده الأخيرة في الحالة التي يخل فيها أحد المتعاقدين بإلتزامه تجاه الطرف الأخر، ويؤخذ مصطلح الاخلال بمعناه الواسع، بحيث يشمل حالات عدم التنفيذ كلا أو جزءا وكدا حالات تأخر التنفيد في وقته المحدد في العقد.

وبالرجوع للمادة 34 من قانون حماية المستهلك نجدها تنص على ” في حالة حدوث نزاع بين المورد والمستهلك ، يقع عبء الاثباث على المورد خاصة فيما يتعلق بالتقديم المسبق للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29 وتأكيدها واحترام الأجال وكدا قبول المستهلك.
يعتبر كل إتفاق مخالف باطل وعديم الأثر”

ومنه يبدو جليا أن المشرع ألقى عبء الإثبات في منازعات الاستهلاك على المورد ، كما أنه لا يمكن ان يتحلل من دلك بالاتفاق اذ كل اتفاق مخالف يعد عديم الأثر وباطل.

كما أن محكمة النقض المغربية بدأت تسير في هدا الاتجاه بخصوص إثبات الالتزام بشكل إلكتروني ” نسخ الوثيقة المعدة بشكل إلكتروني تقبل في الإثبات مت كانت مستوفية لشروط الفصلين 417-1 و 417-2 من قانون الالتزامات والعقود”[33]

ثانيا : المسؤولية التقصيرية للمورد في عقد البيع الإستهلاكي عن بعد

من المؤكد أن المسؤولية التقصيرية تشكل جزاءا على الإخلال بالتزام قانوني عام يتجلى في عدم الإضرار بالغير، أي أنها تنشأ بسبب ما يحدثه الشخص للغير من ضرر وبسبب خطئه، اد هي تنشأ بين أشخاص لاتربطهم أي علاقة عقدية فيما بينهم.

فالتزام المهني أو المورد بإعلام المستهلك قبل إبرام العقد لا يستند في وجوده الى عقد يجمع بين طرفيه، بل هو إلتزام يفرضه واجب إعلام المستهلك بجميع البيانات والمعلومات حول المنتجات محل عقد البيع الاستهلاكي عن بعد. وفي حالة الإخلال بهدا الإلتزام يمكن لهدا الأخير مطالبة البائع بالتعويض اعتمادا على قواعد المسؤولية التقصيرية[34].

الفقرة الثانية : مظاهر الانفلات الواقعي لقواعد البيع الاستهلاكي عن بعد.

احيانا تكون النصوص القانونية كفيلة بتوفير حماية معينة وتعزيز الضمانات ، إلى  أنه على مستوى الواقع العملي قد يحدث العكس، ودلك راجع الى عدة أسباب تتمثل ابرزها في جهل المستهلك بحقوقه ودلك راجع إلى غياب الوعي والثقافة القانونية لدى الكثيرين، كما أن البيوع الاستهلاكية في الغالب تتم مع مواقع كبرى عالمية ما يجعلها تفرض شروطا تخدم مصلحتها احيانا كاللغة اد لا تكون في صالح المستهلك أحيانا، وتتجلى هده المظاهر في العقود الاستهلاكية الدولية.

كما انه على مستوى المفاوضات، فإنه في الغالب ما يفرض بعض الموردين التعاقد عبر البريد الالكتروني ومن تم تتم المفاوضات بينهم دون الحاجة الى تعبير كتابي ممن المستهلك حسب ماهو منصوص عليه في قانون 53.05.

أما على مستوى التسليم ، فإن بعض المواقع قد تعمد إل فرض مصاريف التسليم على المستهلك اضافة الى الثمن، كما أن المورد لا يضمن بأي حال وسائل أداء المستهلك حسب ما هو منصوص عليه في قانون حماية المستهلك. وهو ما يعكس حقا إنفلاتا على مستوى الواقع العملي .

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

من خلال هدا البحث نخلص الى أن هناك انفلات واقعي بخصوص العقود الاستهلاكية المبرمة عن بعد ، سواء عند الإبرام أي في مرحلة المفاوضات ، أو عند التسليم ، او حتى على مستوى المنازعات القضائية بخصوص هدا النوع من العقود.

وفي الختام نقدم بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تحد من هدا الانفلات الواقعي أو  أن تخفض من تفشيه، وهي كالتالي :

·                   وجوب اعمال قاعدة التأويل الاكثر لفائدة المستهلك.

·                   القيام بحملات تحسيسية لتوعية المستهلك بحقوقه خاصة المستهلك الالكتروني

·                   التنظيم التشريعي لوسائل الوفاء الالكترونية وتعزيز الية حماية المتعاقد الالكتروني عند الدفع.

·                   اعادة النظر في تنظيم المقتضيات الخاصة بتسليم المبيع في العقود المبرمة عن بعد

·                   تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك عل مستوى نشر الوعي والثقافة القانونيين

لائحة المراجع

v               عبد الحق صافي.الوجيز في القانون المدني.الجزء الاولى طبعة 2016. مطبعة النجاح الدار البيضاء

v               العربي جنان، التعاقد الالكتروني في القانون المغربي ،الكتاب الأول الطبعة الأولى، سنة 2010، مراكش

v               مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات والعقود، مصادر الالتزامات، الجزء الأول، طبعة 1984، بيروث، لبنان،

v               صليحة حاجي.التعاقد الرقمي ونظم الحماية الالكترونية.طبعة2015.مكتبة الرشاد.سطات

v               نورالدين الرحالي، التطبيقات العملية الحديثة  في قضايا الاستهلاك مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ،2014

v               بوعبيد العباسي.الالتزام بالاعلام في العقود.الطبعة الاولى.ماي2008.المطبعة الوطنية.مراكش

v               عبد العالي الدليمي،حسن رزقالله ،دليل جرائم قانون حماية المستهلك

v               المهدي ابن شقرون، حماية المستهلك في عقد البيع عن بعد، الطبعة الأولى،2015، مطبعة agadir services  ،أكادير

v               محمد لعروصي. المختصر في بعض العقود المسماة. طبعة 2016.مكناس

 محمد بفقير، قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي المغربي، الطبعة الثاني 2010



[1] المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 ، 7 أبريل 2011، ص 1072.

[2] المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر، 2007، ص 3879.

[3] مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات والعقود، مصادر الالتزامات، الجزء الأول، طبعة 1984، بيروث، لبنان، ص30.

[4] تنظر المادة 2 من قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك.

[5] تنظر المادة 2 من قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك.

[6] حسب المادة 25 من قانون حماية المستهلك “تقنية الاتصال عن بعد كل وسيلة تستعمل لإبرام العقد بين المورد والمستهلك بدون حضورهما شخصيا وفي أن واحد”

[7]عبد الحق صافي.الوجيز في القانون المدني.الجزء الاولى طبعة 2016. مطبعة النجاح الدار البيضاء.ص35.

[8] العربي جنان، التعاقد الالكتروني في القانون المغربي ،الكتاب الأول الطبعة الأولى، سنة 2010، مراكش،ص11.

[9] نص الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود على “الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:

1.        ألأهلية

2.        تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام

3.        شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للإلتزام

4.        سبب مشروع للالتزام “

[10]محمد لعروصي. المختصر في بعض العقود المسماة. طبعة 2016.مكناس.ص30.

[11] عبد الحق صافي، مرجع سابق ،ص78.

[12] عبد الحق صافي، مرجع سابق ، ص78.

[13]عبد الحق صافي.مرجع سابق،ص 79.

[14] عبد الحق صافي، مرجع سابق،ص 79.

[15] عبد الحق صافي، مرجع سابق ، ص81.

[16] عبد الحق صافي، مرجع سابق ، ص81.

[17]محمد العروصي. مرجع سابق.ص40.

[18]عبد الحق صافي مرجع سابق.ص48و49.

[19]صليحة حاجي.التعاقد الرقمي ونظم الحماية الالكترونية.طبعة2015.مكتبة الرشاد.سطات.ص64.

[20]المادة 37 من قانون حماية المستهلك

عند ممارسة حق التراجع، يجب على المورد أن يرد إلى المستهلك المبلغ المدفوع كاملا على الفور وعلى أبعد تقدير داخل الخمسة عشر يوما الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارس الحق المذكور.وبعد انصرام الأجل المذكور، تترتب، بقوة القانون، على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به.

 

[21] عبد الحق صافي، مرجع سابق،ص 110.

[22] نورالدين الرحالي، التطبيقات العملية الحديثة  في قضايا الاستهلاك مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ،2014 ،ص110.

[23]صليحة حاجي.مرجع سابق.ص121و122.                                                                                                                                                                          

[24] حكم ابتدائي صادر عن المحكمة الابتدائية بخريبكة ، قضية جنحية ، عدد04/385 منشور بكتاب صليحة حاجي، مرجع سابق.ص 155.

[25] قرار صادر عن غرفتين بالمجلس الأعلى بتاريخ 15/12/76 تخت عدد 777 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 ص 39 وما يليها. نقلا عن محمد بفقير، قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي المغربي، الطبعة الثانية 2010،ص261

[26] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 26/5/99 تحت عدد 2698 في الملف المدني عدد 2848/94 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد53و54 ص 469 وما يليها. منشور بكتاب محمد بفقير، مرجع سابق،ص262.

[27]بوعبيد العباسي.الالتزام بالاعلام في العقود.الطبعة الاولى.ماي2008.المطبعة الوطنية.مراكش.ص34

[28] مرسوم رقم 503.12.2 الصادر في 4 دي القعدة 1434، 11سبتمبر 2013 ، بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد 6192 بتاريخ 26 دو القعدة 1434 ، 3 أكتوبر 2013، ص 6384.

[29]للاطلاع اكثر على الحماية الزجرية ينظر مرجع :

عبد العالي الدليمي،حسن رزقالله ،دليل جرائم قانون حماية المستهلك.

[30] يراد بالفسخ resolution ويتصور في العقود التبادلية ، اد هو جزاء إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته تجاه الطرف الأخر، ينظر مأمون الكزبري مرجع سابق،ص197.

[31] يراد بالابطال annulation  فهو الجزاء الدي يرتبه المشرع إما على الإخلال بشرط من شروط صحة العقد ، وإما بموجب نص خاص يمنح حق الإبطال لأحد المتعاقدين في بعض الحالات.

[32] يراد بالبطلان nullite هو الجزاء الدي يقرره المشرع إما على عدم توافر ركن من أركان العقد ، وإما بموجب نص قانوني يقضي به في حالة خاصة ولإعتبارات تتعلق بالنظام العام ، ببطلان تصرف ما رغم توفر سائر أركان انعقاده. ينظر مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 196.

[33] قررا صادر عن محكمة النقض، ملف عدد 681 الصادر في غرفة الأحوال الشخصية والميراث، 09 أكتوبر 2012، في الملف عدد 2011/1/2/698، غير منشور.

[34] المهدي ابن شقرون، حماية المستهلك في عقد البيع عن بعد، الطبعة الأولى،2015، مطبعة agadir services  ،أكادير، ص 98و 99.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى