في الواجهةمقالات قانونية

العامل الذي غير الهوية الواقعية للشباب الجامعي الى هوية رقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

 

ذ.عبد القادر الادريسي العرابي

باحث في القانون الدستوري و علم السياسة

فاعل جمعوي و ناشط حقوقي

 

 

العامل الذي غير الهوية الواقعية للشباب الجامعي الى هوية رقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ركز الباحث الإسباني” لوكاس براون” في أطروحته ”الإعلام الاجتماعي والرأي العام ” على الهوية الرقمية ، هوية الإنسان في العالم الرقمي ”الإنترنت ” ونموها في العالم الرقمي ، من خلال عوامل أيديولوجية وثقافية وسياسية تتداخل فيما بينها ، لتكّون رأيا عاما لمختلف المجتمعات في العالم.

ديناميكية الهوية الرقمية عبر شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك.

الهوية الرقمية هي ” مجمع الصفات و الدلالات و الرموز التي يوظفها الانسان للتعريف بنفسه في الفضاء الافتراضي فيتفاعل و يتواصل على اساسها مع الاخرين و قد لا يتوافق مضمونها مع هويته الحقيقية في الواقع الاجتماعي. اختلف الباحثون حول الطابع السلبي او الايجابي لمميزاتها من منطلق الاثار و المتمخضة عنها رغم الاعتراف الصريح بالمكاسب الهامة التي حققتها للإنسان اليوم من خلال توسيع قدرته على التواصل الرقمي ‘ التعريف بشخصيته و قدراته مع امكانية التحرر من عراقيل التواصل الاجتماعي الواقعي ‘ إلا ان ذلك لا يغنينا عن التنويه الى مضارها ‘ خاصة اذا لم تكن الذات الفاعلة فيها مدركة لكينونتها الامر الذي يفقدها طابعها الانساني ‘ الاجتماعي ‘ و المعياري ‘ كما تسقط ضوابط الالفة و المستلزمات الاخلاقية الموجهة لجوهر العلاقات الاجتماعية تجعلها اكثر كونها سطحية ‘ و نفعية كونها تفسح المجال لتعديل العلاقات دون الاخذ بعين الاعتبار ردود الاخر او تحترم خصوصيته و انسانيته مما يعني هدر الانسان.

فالفيس بوك يفتح فضاءا واسعا للتواصل الاجتماعي و الثقافي بين الهويات التي تتبادل المعلومات و تتقاسم الاهتمامات فيما بينها و تنسج علاقات اجتماعية متعددة لكن ما يميز هذا الفضاء انه يطبع الهوية الرقمية لمنتسبيه بسمات تميزها عن غيرها ”

” يستطيع المشارك اخفاء هويته و التحكم في معلوماته الشخصية مع ضبط هوية متصفحيها من الاصدقاء.

” سمة الدوام ‘ بقاء المعلومات على الصفحة لفترة طويلة ووجود امكانية الاستخدام المستقبلي و تحقيق تواصل ‘ غير متزامن ‘.

” امكانية  التواصل ‘ الحوار ‘ التعليق و المشاركة في أي وقت و في أي مكان.

” امكانية استرجاع نص الحوار مستقبلا لإعادة التفاعل و اعادة صياغة مضامينه او التعليق عليه من جديد فالزمن على الشبكة يتطابق فيه الماضي مع الحاضر.

” القدرة على العزل و التصنيف للانتقاء الاصدقاء و فق الاهتمامات و الخصائص المعدة سلفا لعزل المجموعات غير المرغوب فيها.

” ربح الوقت بدل تضييعه في البحث عن علاقات ذات خواص محددة سلفا.

” إمكانية نقل المعلومات نسخها و استرجاعها بين الصفحات المختلفة و التعليق عليها.

” و جود جمهور غير مرئي مجهول الهوية بإمكانه الاطلاع على المحادثات و الصور المتداولة.

” إمكانية التحيز في الراي المواقف و الاتجاهات المطروحة.

” التحرر من سلطة الرقابة الاجتماعية من حيث المضامين المتداولة.

بفضل المميزات التي يتيحها الفيس بوك للمستخدمين تتخذ علاقات التواصل عبر الشبكة وتيرة مغايرة الامر الذي ينعكس بقوة على هوياتهم الالكترونية دلالاتها و الهوية خاصة اذا علمنا ان طابع التواصل الاجتماعي في الفضاء الافتراضي يفترض تفاعل الذوات في فضاء مفتوح على انساق ثقافية متباينة باستخدام مجموعة من الوسائط الالكترونية متعددة.

إن مشكل الهوية أو أزمة الهوية (لا نقصد أزمة القيم) ليست وليدة اليوم وإنما مرتبطة بعمليات الانفتاح الثقافي حتى قبل ظهور وسائل الإعلام ولاتصال حين كانت الدول والأمم في الماضي تنفتح على ثقافة أمة أخرى فتنهل منها ما يعجبها أو العكس ويتحقق ذلك بفعل عملية التأثير والتأثر. أما في وقتنا المعاصر فازداد مشكل الهوية أكثر حده، ليس فقط لأن مبتكرو وسائل الإعلام والاتصال يصدرون ثقافتهم لشعوب الدول النامية.

بمعنى أن العلاقة بين الهوية المحلية و هوية العولمة ليست علاقة وحيدة الاتجاه وإنما أصبحت الهوية تركيب بين معطيات العالم الواقعي والعالم الافتراضي الذي يشكل جزءا كبيرا من العالم الواقعي وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى انقسام على صعيد الهوية.

مظاهر تغير الهوية ”

إن من أبرز مظاهر التحول الهوياتي هو التجرد من الخصوصية. ثم أن الهوية تتجرد من مركزيتها في إحكام سلوك و أفعال الأفراد و الجماعات ، و إلى جانب هذا هناك مؤشرات أخرى تدل على تغير أو تحول في الهوية نذكر منها ما يلي:

– فك الارتباط بالوطن

– فك الارتباط بالرموز القومية ( الذاكرة المشتركة)

– فك الارتباط بالرموز الدينية و التاريخية

– تغير اللغة المستعملة في التواصل و الإشارة و التحية و الرموز إضافة إلى كل ما سبق فهناك تحول آخر مرتبط بإقبال الكثيف على المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنيت ، و هو العلاقات الاجتماعية الافتراضية وانعكاساتها السلبية على العلاقات الاجتماعية التقليدية ، و الملاحظ أن هذه العلاقات الاجتماعية تنسج إراديا عكس العلاقات التقليدية التي يفرضها الواقع بحكم القرابة العائلية أو علاقات العمل أو الدراسة ، فالشبكات الافتراضية تمكن الأفراد من الدخول في علاقات مع من يريدون متى يريدون وكيف يريدون. ويعتبر هذا التحول تحوّلا سوسيولوجيا جوهريا أدخله الإنترنيت على العلاقات الاجتماعية التي أصبحت اختيارية وليست تراتبية . وعن انعكاسات هذا التحول على هوية الأفراد يرى بعض علماء النفس أن ظاهرة تمضية أعداد متزايدة من الناس أوقاتا مطوّلة أمام شاشة الكمبيوتر لقضاء “حياة أخرى تحت هوية غير هويتهم المعتادة و ذلك سواء عند المشاركة في فضاء ات الدردشة كما هو الحال في “البال تولك” أو “السكيب”. أو في فضا ءا ت افتراضية مفتوحة ك”الفايسبوك” و “تويتر” و “مايسبيس”، فيقوم بتقمص شخصية مغايرة لشخصياتهم المعتادة ، أو أثناء التواصل عبر هذه الوسائط الاتصالية الحديثة فيتحقق التأثير والتأثر في أحاسيس و علاقات و هوية الشخص عندما يقضي ساعات طوال في الإبحار على الإنترنيت في عوالم افتراضية يلتقي فيها بطريقة تفاعلية مع أشخاص آخرين تحت هوية غير هويته .

ومن مظاهر التأثير الهوياتي التي لفتت أنظار كثير من الباحثين في موضوع العولمة هذا الانتشار السريع للثقافة الشعبية الأمريكية في مجالات الموسيقى والسينما والتلفزيون والأطعمة السريعة والملابس وغيرها ، وبالأخص في أوساط الشباب .  ويفسر “بول سألم ” ذلك بإرجاعه إلى عوامل عدة منها هيمنة شركات  الإعلان الأمريكية على التسويق العالمي ، وقوة شركات الإنتاج الفني واستغلالها لعصر ازدهار الأقمار الصناعية في ترويج مظاهر ثقافية نجحت بين الشباب ألأمريكي فتنقلها إلى الشرائح الشبابية في أنحاء العالم فيما يشبه “صناعة ثقافية خاصة بالشباب ” تتوافر فيها كل عناصر الجذب والتشويق ، وتشبع لديهم وهم مجاراة العصر والتشبه بالقرين الأمريكي. وإلى جانب الكسب العاجل من وراء هذا التسويق على المستوى العالمي ، فإن الكسب الأهم يتمثل في أن شباب اليوم هم نخب المستقبل في بلادهم.

المراجع

1- مصعب حسام الدين قتلوني” ثورات الفيسبوك ” مستقبل وسائل التواصل  الاجتماعي في التغيير.من الصفحة 95 إلى الصفحة 101.                     2- المصطفى حدية ” التنشئة الاجتماعية والهوية ” دراسة نفسية اجتماعية للطفل القروي المتمدرس بالمغرب ‘ ترجمة ‘محمد بن الشيخ منشورات كلية الآداب-الرباط – 1996 . الصفحة 24.

3- عبد الرزاق الدليمي”دراسات وبحوث في الاعلام.

4- راضي , زاهر ‘ 2003 م: استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي ، مجلة التربية ، عدد  15 ، جامعة عمان الأهلية ، عمان..

5- محمد الجمال ” كتابه.مناهج البحث في الدراسات الاعلامية. الصفحتين’143 -144.

6- “مأمون طربيه ” تقنيات البحث الخاصة في علم النفس الاجتماعي صفحة 9.

7- محمد عابد الجابري ، العولمة ومسألة الهوية بين البحث العلمي والخطاب الاديولوجي ، مجلة فكر ونقد ، عدد 22 ، ص. 13

8- حوار مع الفيلسوف داريوش شايغن حول الفضاء الافتراضي، مجلة الآوان الالكترونية .

9- علي ليلة تاثير الفيسبوك على الثقافة السياسية و الاجتماعية للشباب المركز العربي للابحاث الفضاء الاكتروني.

www.accronline.com                      67ص 2013/09/10

10- نصير بو علي’ قراءات في نظرية الحتمية القيمية في الاعلام’ منشورات اقراء قسنطينة 2009/ص24

المواقع الالكترونية

_ شبكات التواصل الاجتماعي وأثرها على القيم لدى طلاب الجامعة “تويتر نموذجا”. http://repository.nauss.edu.sa/bitstream/handle/123456789/62407/%.

الفيسبوك يهيمن على مواقع التواصل الاجتماعي  .                           _

http://www.skynewsarabia.com/web/article/857171.

_ مقال لريم السعودي الهوية الرقمية.

http://www.aleqt.com/2013/12/29/article_811288.html

_ انتحال الهوية الرقمية.بحث لزياد سويدان.

www.urdri.fdspt.rnu.tn/…/zied-souiden-usurpation-id

_ الهوية في ظل التطورات التقنية الحديثة.دراسة للدكتور محمد بن صالح الطيار جامعة الإمام بن مسعود الإسلامية الرياض.

http ://repository.nauss.edu.sa/bitstream/handle

_ بحث بعنوان” شبكات التواصل الاجتماعي”تحت اشراف د”خلود العتيبي.

https://khawlahalageel.wordpress.com/

_شبكات التواصل الاجتماعي / جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية

https://khawlahalageel.wordpress.com/%

توظيف الفيسبوك في التعليم لاكتروني.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى