مقالات قانونية

منازعات عقود النقل وفقا للتشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية

111

بقلم الأستاذة: بن زرفة هوارية من جامعة غيليزان ( الجزائر الشقيقة)

منازعات عقود النقل وفقا للتشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية

مقدمــــــــــــة

يعد انتقال الأشخاص أو تنظيم نقل أشيائهم وبضائعهم من مكان إلى آخر جزءاً من الاحتياجات الطبيعية للفرد، فلا بد من الانتقال إلى العمل، أو الزيارة، أو السياحة، أو العلاج، أو التجارة، كما لابد من نقل المواد الأولية من مصانع المصدرين إلى مخازن المستوردين، ومن ثم إلى تجار الجملة، والتجزئة لبيعها للمستهلكين. كل ذلك يحتاج إلى وسائل نقل تختلف حسب طبيعة البضاعة والمسافة الجغرافية، ورغبة أطراف عقد النقل، فقد تكون عبر الطرق البرية، أو البحرية أو عبر الفضاء الجوي.

والنقل قديم قدم الإنسان، فبعد أن كانت العربات التي تجرها الحيوانات تقوم بوظيفة النقل البري، كما والقوارب والمراكب الشراعية بوظيفة النقل البحري والنهري، إلا أنه ومع ازدياد أهمية النقل تبعاً لنمو العلاقات بين مختلف الدول والشعوب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ظهرت وسائل حديثة لنقل البضائع والأشخاص فتطورت هذه الوسائل وظهرت الشاحنات الضخمة، والسيارات، والقطارات كوسائل نقل معتمدة للنقل على اليابسة

وتبعاً لذلك صدرت التشريعات المنظمة لهذا النوع من النقل كقوانين النقل على الطرق البرية، كما أن تطور بناء السفن جعل من السفينة الأداة الأكثر إقبالاً عليها لنقل البضائع بحراً، كما ظهرت الطائرات وسيلة لنقل البضائع والمسافرين جواً، وقد ترتب على ذلك اختلاف التشريعات الناظمة لعقود النقل تبعاً لاختلاف وسيلة النقل وأصبح لكل نوع من النقل نظام قانوني خاص به.

ونظراً للبعد الدولي وبالذات في النقل الجوي والبحري فقد تم تنظيم عقود النقل الجوية والبحرية نتيجةً لتوافق المجتمع الدولي وتجسد ذلك بالتوصل لاتفاقيات دولية عملت على إيجاد توازن بين أصحاب المصالح المختلفة المرتبطة بعقود النقل, فظهرت اتفاقية بروكسل (Brussels Convention) لتنظيم أحكام النقل البحري لعام 1924، وخضعت هذه الاتفاقية لأكثر من تعديل حتى صدرت أحكام اتفاقية هامبورغ لعام 1978 وعرفت قواعد هامبورغ (Hamburg Rules) التي نظمت النقل البحري ومسؤولية الناقل البحري، بالإضافة إلى ظهور القوانين الوطنية لتنظيم أحكام عقد النقل البحري. .

أما النقل الجوي فقد توصل المجتمع الدولي مبكراً إلى اتفاقية (وارسو) لعام 1929 وهذه الاتفاقية خدمت لعدة عقود وعملت على توحيد قواعد النقل الجوي الدولية، إلا أن التطور في صناعة الطائرات وزيادة انتقال الأشخاص عبر الحدود والإقبال على الطائرة لاختصار الوقت والقيام بشحن البضائع الثمينة على متنها دفع إلى محاولة ترميم الثغرات التي ظهرت بهذه الاتفاقية على مدى عقود تطبيقها، ولم يتوان المجتمع الدولي عن عقد المؤتمرات الدولية لتعديل بعض أحكامها أو الإضافة عليها، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن نتيجة حاسمة إلى أن حلت اتفاقية مونتريال لعام 1999 (Montreal Convention 1999) والتي بنت أسسها على مبادئ اتفاقية وارسو مع ما تقتضيه الحاجة إلى التعديلات اللازمة لتتناسب مع تطور النقل الجوي، وأخذ المجتمع الدولي في محاولةً منه لتجنب التضارب بين تشريعاته الوطنية، والاتفاقيات الدولية بسن التشريعات الوطنية المتوافقة مع نصوص الاتفاقية، فما هي المنازعات الناشئة عن عقد النقل ؟

للإجابة على التساؤل المطروح تناولت عرض البحث من خلال مبحثين: الأول المنازعات المتعلقة بالعقود البحرية، وأما المبحث الثاني المنازعات المتعلقة بعقد النقل الجوي والبري.

المبحث الأول:

المنازعات الناشئة عن العقود البحرية

أوجب القانون البحري على صاحب البضاعة إخطار الناقل بالخسائر والأضرار الحاصلة للبضاعة، وهذا ما تضمنته المادة 790 من القانون البحري : « إذا حصلت خسائر أو أضرار للبضاعة يقوم المرسل إليه أو من يمثله بتبليغ الناقل أو ممثله كتابياً في ميناء التحميل ، قبل أو في وقت تسليم البضاعة، وإذا لم يتمّ ذلك فتعتبر البضائع مستلمة حسبما تمّ وصفها في وثيقة الشحن لغاية ثبوت العكس. وإذا لم تكن الخسائر والأضرار ظاهرة فيبلغ عنها خلال ثلاثة أيام عمل اعتباراً من استلام البضائع. ولا جدوى من التبليغ الكتابي إذا كانت حالة البضائع محققا فيها حضورياً عند استلامها.

تعتبر باطلة كل الشروط التعاقدية الناصة على تكاليف زائدة بالنسبة لمن أرسلت إليه البضائع عن الشروط المبينة أعلاه ».

المطلب الأول:التحفظات مواعيدها وآثارها

الفرع الأول: ضرورة التحفظات ومواعيدها.

تقتضي الدعوى المتعلّقة بمسؤولية الناقل البحري إثبات أنّ الضرر الذي أصاب البضاعة منسوب إلى الناقل، والضرر لا يكون منسوباً إلى الناقل إلاّ إذا وقع والبضاعة في يده أي خلال النقل وقبل تسليمها للمرسل إليه، وللتحقق من أنّ الضرر سابق للتسليم، لا بدّ من إثباته في الوقت الذي يتمّ فيه هذا التسليم، ولذلك رأى المشرع حماية الناقل ، ففرضت المادة 7901 من القانون البحري على المرسل إليه إذا هلكت البضاعة أو تضررت توجيه تحفظات كتابية إلى الناقل أو ممثله في ميناء التحميل قبل أو في وقت تسليم البضاعة، وإذا لم يتمّ الإخطار تعتبر البضاعة مستلمة حسبما وصفت في وثيقة الشحن لغاية ثبوت العكس.

لقد فرّقت المادة 790 من القانون البحري بين الخسائر والأضرار الظاهرة وغير الظاهرة.

فإذا كانت الخسائر والأضرار ظاهرة كما لو كان عدد الطرود ناقصاً أو كانت الأكياس ممزقة ، وجب على المرسل إليه أن يوجه إلى الناقل أو ممثله تحفظا كتابياً في ميناء التحميل وذلك قبل أو وقت تسليم البضاعة ، ويتّضح من ذلك أنّ حكم معاهدة هامبورغ أشدّ من حكم القانون البحري إذ لا يمنح المرسل إليه إلاّ يوماً واحداً لتوجيه الإخطار.

أمّا إذا لم تكن الخسائر والأضرار ظاهرة فيجب أن تبلغ هذه التحفظات إلى الناقل خلال ثلاثة أيام عمل اعتباراً من استلام البضائع. أمّا معاهدة هامبورغ فقد حدّدت أنّه في حالة العيب غير الظاهر للبضاعة يتعيّن على المرسل إليه توجيه الإخطار إلى الناقل خلال 15 يوما التالية لتسليم البضائع. فتاريخ تسليم البضاعة إلى المرسل إليه هو التاريخ الذي يبدأ منه احتساب أجل الإجراءات المدنية للضرر وليس تاريخ التفريغ أو تاريخ وصول السفينة للميناء.2

فعملية التسليم إذن تشكل عنصرا هاماً في عقد النقل البحري. فقد عرّف المشرع التسليم في الفقرة الثانية من المادة 739 بأنّه تصرّف قانوني يلتزم الناقل بموجبه تسليم البضاعة إلى المرسل إليه أو إلى ممثله القانوني مع إبداء قبوله لها ما لم ينصّ خلاف ذلك في وثيقة الشحن. 3

الفرع الثاني: آثار انتفاء التحفظات

إذا لم يقدّم المرسل إليه تحفظات إلى الناقل أو قدّمها في وقت متأخر فقد نصت المادة 790 من القانون البحري على أنّه تعتبر البضائع المستلمة كما تمّ وصفها في وثيقة الشحن إلاّ إذا أثبت المرسل إليه عكس ذلك بأن يقيم الدليل بجميع الوسائل على أنّ الخسائر تسبب فيها الناقل وذلك بواسطة محضر معاينة أو محضر خبير معيّن قضائياً.

وقد جسّدت المحكمة العليا هذا النص في العديد من قراراتها ومن ذلك القرار المؤرخ في 1996/07/09 الذي قضى بأنّ عدم تقديم المرسل إليه لتحفظاته في الآجال المذكورة في المادة 790 من القانون البحري لا يؤدّي إلى سقوط حق المرسل إليه ، بل تبقى حقوقه قائمة حسب المادة 743 من القانون البحري، ويتمّ إثبات ذلك بجميع الوسائل الخسائر اللاحقة بالبضاعة بمرور سنة تبدأ من تاريخ التسليم.

ونتيجة لذلك فإنّه لا يمكن الحكم برفض دعوى المرسل إليه أو المؤمن له على أساس أنّ التحفظات قد قدمت بعد فوات الأجل من تاريخ تسليم البضائع لكن يتعيّن على قضاة الموضوع أن يناقشوا صحّة

التحفظات وتبريرها مع مراعاة مقتضيات المادة 7434 من القانون البحري المتعلّقة بأجل رفع الدعوى ضدّ الناقل البحري في مهلة سنة.

كما تقضي المادة 790 فقرة 3 بأنّه لا جدوى من التبليغ الكتابي إذا كانت حالة البضائع محققاً فيها حضورياً عند استلامها.

ويتضح من ذلك أنّه في حالة إجراء معاينة مشتركة بين المرسل إليه والناقل البحري لا يُلزم الناقل بتوجيه التحفظ إلى الناقل بالخسائر، ولكن يجب إثبات حالة البضائع وقت استلامها.

ويكتفي المشرع بالتحقق من حالة البضاعة حضورياً لأنّ الحاجة إلى الإخطار تنتفي معها، ذلك أنّ حضور الناقل أو نائبه يؤكّد على الناقل بما يعتري البضاعة من نقص أو خسارة.

المطلب الثاني:الإثبات وقرينة المسؤولية

القاعدة أنّ المدعي هو من يتحمل عبء الإثبات، فمن يطالب بالتعويض عليه إثبات الخطأ، والضرر، ولما كان خطأ الناقل مفترضا ( المادة 802 ) 5 بقرينة فيقع على المدعي ( المرسل إليه ) عبء إثبات الأضرار سواء كانت التلف الكلي للبضاعة أو العيب الذي لحق بها، ويجب أن نميّز بين المدعي هنا في مجال الإثبات والمدعي في مجال دعوى المسؤولية ، ففي هذا الغرض الأخير المدعي هو من يرفع الدعوى بينما المدعي في نطاق الإثبات من يدعي خلاف الأصل وهناك قرينة يستفيد منها الناقل مفادها أنّ التسليم تمّ بشكل موافق لما ذكر في سند الشحن ( المادة 790 )6 وعلى المرسل إليه إذا ما أراد هدم هذه القرينة أن يثبت عكسها. ويترتّب على قيام هذه القرينة لمصلحة الناقل أن ينتقل عبء الإثبات إلى المرسل إليه أو من يحلّ محله.

وعملية الإثبات تختلف بحسب ما إذا كان بصدد هلاك كلّي أو تلف أو تعيب البضاعة.

الفرع الأول: حالة الهلاك الكلي.

هنا لا بدّ من إثبات واقعتين، الأولى هي استلام الناقل للبضائع، وهذه تثبت بتقديم سند الشحن حسب المادة 749 من القانون البحري، والثانية هي عدم تسليم الناقل للبضائع وهذه يجوز إثباتها بكافة الطرق، وهنا ينقلب عبء الإثبات، فإن أراد الناقل التخلّص من المسؤولية عليه إثبات أنّه سلّم البضاعة للمرسل إليه القانوني إذ كما هو معلوم لدينا أنّ تسليم البضاعة لغير ذي صفة يعدّ بمثابة عدم التسليم تماماً، أي وكأنّه هلاك كلّي للبضاعة.7

الفرع الثاني حالة الهلاك الجزئي أو التعيب

هنا في الحقيقة تكون عملية الإثبات بإجراء عملية مطابقة ( Confrontation ) بين ما هو وارد في سند الشحن وبين ما هو موجود فعليا ، وهذا مع مراعاة أنّ الناقل يمكنه إثبات أنّه لم يستلم أكثر مما تسلّم فعلياً، كما أنّه بإمكانه الاعتماد على التحفظات الّتي أوردها في وثيقة الشحن فيما يتعلّق بحالة البضائع (المادة 756)8 فقد يتخلّص من مطالبة المدعي.

المطلب الثالث: التقادم

القانون البحري الجزائري أرسى أحكاماً خاصة بتقادم الدعوى الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، فلم يُقصر حكم التقادم على دعوى مسؤولية الناقل البحري، وكذلك أورد حكماً خاصا بتقادم دعوى الرجوع الّتي تخصّ المؤمن، شأنه في ذلك شأن معاهدة بروكسل لسنة 1924، فيقتضي الأمر بصدد دراسة تقادم دعوى المسؤولية أن نتعرّض لأساس ونطاق التقادم في فرع الأوّل ثمّ لمدّة التقادم وقف وانقطاع التقادم في فرع ثاني.

الفرع الأول: أساس التقادم

من خلال المادتين743و 744 يتبيّن بأنّ المشرع أخضع دعوى المسؤولية عن الأضرار اللاحقة بالبضاعة لتقادم قصير مدّته سنة واحدة وهذا ما يجسّدُ رغبته في تصفية عملية النقل بأسرع وقت ممكن حماية من جهة للناقل حتّى لا تتراكم عليه قضائيا التعويض فيعجز عن الوفاء بها، وحماية من جهة أخرى للطرف الضعيف في العقد حتّى لا يرهقه الناقل باشتراط مدّة تقادم لا تتيح له الوقت الكافي لتحضير دعواه.كما أن أدبية وحرفية هذان النصين تنمّ عن اعتبار المشرع هذه المدد مقررة للتقادم المسقط ، ذلك أنّه لو كانت هذه المواعيد مقررة للسقوط لما أجاز المشرّع تعديلها باعتبار أنّ مواعيد السقوط لا يرد عليها الوقف، والانقطاع كما لا يجوز الاتفاق على إطالتها بخلاف مدّة التقادم.

مع العلم أنّ الدفع بالتقادم دفع موضوعي فيجوز التمسك به في أيّة حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية، ولكن لا يجوز الدفع بالتقادم لأوّل مرّة أمام المحكمة العليا.

أما بخصوص نطاقه فيسري التقادم الذي نصّت عليه المادتان 743 و744 9من القانون البحري على دعاوى المسؤولية عن هلاك البضاعة أو تلفها أو تأخير وصولها الّتي ترفع ضدّ الناقل البحري.

ومن ثمّ يسري التقادم على الدعاوى التالية :

– دعوى الشاحن أو المرسل إليه ضدّ الناقل للمطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بالبضائع، أو تلفها، أو التأخير في تسليمه، وذلك خلال سنة واحدة تبدأ من تاريخ التسليم.10

– دعوى الرجوع الّتي تخص المؤمن لتحصيل حقوقه في حدود المبلغ الذي سدّده للمؤمن له، وذلك حتّى بعد انقضاء أجل السنة المقرّرة بدعوى المرسل إليه على أن يكون في خلال ثلاثة أشهر من اليوم الذي يسدّد فيه رافع دعوى الرجوع ( المؤمن) المبلغ المطالب به تعويضا عن الخسائر.

فالشرط الأوّل الذي يجب احترامه من طرف المؤمن ( شركة التأمين ) لرفع دعوى الرجوع وهو تقديم عقد الحلول يوم رفع الدعوى أين يوضح قيمة الخسائر الّتي تمّ دفعها للمرسل إليه، كما سبق شرح ذلك.

أمّا الشرط الثاني المطلوب توفره لقبول دعوى الرجوع يتعلّق بمهلة ممارستها فإذا رفعت الدعوى خلال مهلة سنة المنصوص عليها في المادة 743 فتكون مقبولة ولا يطرح أي إشكال.

أمّا إذا رفعت خارج مهلة السنة فإنّها تكون مقبولة فقط عندما تقام في مدّة ثلاثة أشهر من يوم تسديد المبلغ المطالب به عملاً بأحكام المادة 744.

كما أنّ أحكـام المادة 744 لا تطبق إلاّ في حالة انقضـاء مهلة سنة المنصوص عليها في المادة 743.

أمّا المادة 742 تطبق على دعوى مسؤولية الناقل البحري ، فهي تخصّ كل الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري ما عدا دعوى مسؤولية الناقل بسبب الفقدان أو الأضرار الحاصلة بالبضاعة المنقولة، ودعوى الرجوع.

وبمفهوم المخالفة فإنّ التقادم المنصوص عليه في المادة 742 من القانون البحري يخصّ :

– دعوى الناقل ضدّ الشاحن أو المرسل إليه للمطالبة بأجرة النقل ( المادة 797 من القانون البحري ).

– دعوى مسؤولية الشاحن عن الأضرار الّتي تلحق بالبضاعة أو بالسفينة من جراء خطئه أو خطأ مندوبيه ( المادة 779 من القانون البحري ).

– دعوى الناقل ضدّ المرسل إليه للتعويض عن الخسائر الّتي تلحق به من جراء التأخير غير المبرّر في استلام البضائع ( المادة 794 من القانون البحري ).

– دعوى الناقل الذي يكون قد دفع تعويضا لصاحب البضاعة ، نظراً لمسؤوليته التضامنية الناتجة عن وثيقة شحن مباشرة ، وذلك في الرجوع على الناقلين الآخرين (المادة 766 من القانون البحري ).

وبالتالي فكل الدعاوى الناتجة عن عقد النقل البحري تتقادم بسنتين تبدأ من يوم تسليم البضاعة أو اليوم الذي كان يجب أن تسلّم فيه.

الفرع الثاني: بداية الأجل ووقف وانقطاع التقادم:
بما أنّ المشرع الجزائري لم ينصّ في القانون البحري على حساب مواعيد التقادم ، فإنّه يستوجب الرجوع إلى أحكام القانون المدني ، فتحسب مدّة التقادم في دعوى مسؤولية الناقل البحري وفي جميع الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع عموماً بالأيام ، ولا يُحسب اليوم الأوّل وتكمل المدّة بانقضاء آخر يوم فيها.11

وتبدأ مدّة التقادم من يوم تسليم البضاعة أو اليوم الذي كان يجب أن تسلم فيه. وهذا حسب المادة 742 من القانون البحري. وبالتالي فإنّ حساب أجل التقادم يبدأ من تاريخ التسليم النهائي للبضائع، وعليه سوف نعرض الأحوال الّتي يتمّ فيها تسليم البضائع وتلك الني ينتفي فيها ذلك التسليم للتعرّف على كيفية احتساب بدء مدّة التقادم.

أ: حالة حصول تسليم البضائع: إذا كان ثمة تسليم للبضائع فإنّ المدّة تُحسب من تاريخ ذلك التسليم، وإذا استغرق التسليم عدّة أيام فإنّها تحسب من اليوم الذي انتهي فيه وضع البضاعة بأكملها في عهدة المرسل إليه.

فعملية تسليم البضائع تشكل إذن عنصراً هاماً في عقد النقل البحري، هذا ما دفع المشرع الجزائري إلى تعريفه في المادة 739 فقرة 2 والمقصود بالتسليم هو التسليم المادي أو الفعلي للبضائع، بحيث تنتقل حيازتها إلى صاحب الحق فيها حتّى يتمكّن من فحصها والتحقق من حالتها.

وعلى ذلك لا يعتبر تسليماً فعليا، تسليم وثيقة الشحن من المرسل إليه إلى الناقل، فلا يسري التقادم من تاريخ تسليم وثيقة الشحن، وإنّما من تاريخ التسليم الفعلي للبضائع.

كما أنّه لا يبدأ سريان التقادم عندما تفرغ البضائع في ميناء غير الذي تمّ الاتفاق عليه ( ميناء الوصول) في وثيقة الشحن. كذلك لا يعتبر تسليماً فعلياً إلى المرسل إليه، أو ممثله، تسليم البضائع إلى الجمارك، إذ لا تعتبر مصلحة الجمارك نائبة عن المرسل إليه في استلام البضاعة، وإنّما الجمارك تتسلّم البضاعة بناءاً على حقّ مخوّل لها قانوناً.

ب: حالة عدم حصول تسليم للبضائع: إذا لم يكن ثمّة تسليم للبضائع فإنّ مدّة التقادم تبدأ من التاريخ الذي كان يجب أن يتمّ فيه التسليم.
ففي حالة هلاك البضائع كلياً فإنّه يُرجع في تعيين التاريخ الذي كان يجب فيه التسليم إلى حكم المادة 805 فقرة 01 من القانون البحري، الميعاد الذي يسلّمها فيه الناقل الحريص في ظروف النقل المماثلة، ومن ثمّ فإنّ الناقل يكون مطالباً بإثبات هذا الميعاد حتّى يتسنّى الاحتجاج به كبداية لسريان التقادم.

والملاحظ أنّه يجب على المرسل إليه الحضور لاستلام بضاعته وإلاّ ترتّب عليه تحمّل نفقات إيداعها بمستودع الميناء، كما يترتّب عليه تعويض من الناقل عن التأخير في الاستلام، وهذا وفق المادتين 794-793 من القانون البحري.

والجدير بالملاحظة أنّ المحكمة العليا في قراراتها دائماً تأخذ بعملية التسليم، سواءاً في التقادم، أو في إبداء التحفظات أو في نطاق مسؤولية الناقل البحري عن الشحن والتفريغ، مما يصحّ معه القول أنّه في حالة امتناع المرسل إليه استلام البضائع فإنّ مدّة التقادم تسري من استلام المرسل إليه البضائع وليس من يوم إيداعها في المستودعات والمخازن ، بحيث يبقى الناقل مسؤولاً عن البضاعة حتّى تسليمها فعلياً للمرسل إليه طبقا للمادة 802 من القانون البحري.12

وأخيرا بما أنّ المشرع الجزائري لم ينص في القانون البحري على أسباب وقف وانقطاع التقادم، فإنّ البحث في ذلك يستوجب الرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في أحكام القانون المدني.

ومن خلال نصّ المادتين 316 و 318 من القانون المدني المذكورتين أعلاه يتبيّن أنّ أسباب انقطاع التقادم هي:

_ المطالبة القضائية:

_ بالحجز : والحجز نوعان، حجز تحفظي، وهو وضع أموال المدين المنقولة تحت يد القضاء دون بيعها، وحجز تنفيذي، وهو يسمح بإعداد الشيء المحجوز عليه للبيع بغية استفاء الدائن لحقّه من ثمنه.

_ إقرار الناقل بحق المرسل إليه إقراراً صريحاً أو ضمنياً، وبالتالي إجراء مباحثات ومفاوضات بين الناقل والمرسل إليه إذا أمكن أن يستخلص منها إقرار بالمسؤولية تعتبر سبباً من أسباب انقطاع التقادم.

فيترتّب على انقطاع التقادم بدء تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتّب على سبب الانقطاع وتكون مدّته مدّة التقادم الأولى، أي سنة من يوم التسليم، أو من اليوم الذي كان يجب فيه التسليم، أو سنتان كحدّ أقصى إذا اتفقا الطرفان على تمديد المدّة بعد الحادث المنشئ للدعوى، وفي دعوى الرجوع يجوز وحتى بعد انقضاء أجل سنة أن ترفع دعوى الرجوع ضدّ الناقل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تسديد المبلغ المطالب به تعويضاً عن الأضرار اللاحقة بالبضاعة.13

المبحث الثاني:

منازعات العقود الجوية والبرية

نتطرق في هذا المبحث للحديث عن منازعات كل من النقل الجوي، ومنازعات النقل البري بشيء من التفصيل من خلا ل مطلبين.

المطلب الأول: المنازعات المتعلقة بالعقود الجوية


تبنت اتفاقية مونتريال لعام 1999 14نفس القواعد الخاصة بدعوى المسؤولية من حيث أطرافها، وجهه الاختصاص القضائي، وتقادمها الواردة باتفاقية وارسو والبروتوكولات والاتفاقيات المعدلة والمكملة لها.

الفرع الأول:المسؤولية في نقل الأشخاص


وضعت اتفاقية مونت
ريال على عاتق الناقل الجوي التزاما بضمان سلامة الركاب(مادة 17/1) فإذا أخل بهذا الالتزام، وترتب على هذا الإخلال ضررا للمسافر انعقدت مسؤوليته ولزمه التعويض.


هذه المسؤولية كأصل عام، مسؤولية موضوعية لا يجوز للناقل نفيها، أو أن يحدها (مادة 21/1).

فالناقل عليه نفي قرينة الخطأ المفترض، وبالتالي درء مسؤوليته، بإثبات أن الضرر لم ينشأ عن إهمال، أو خطأ، أو امتناع من جانبه أو من جانب تابعيه أو وكلائه.

الفرع الثاني:المسؤولية عن نقل الأمتعة

حسب اتفاقية مونتريال لعام
15
1999 فترصد المسؤولية الموضوعية للأمتعة المسجلة والحاجيات الشخصية التي يحتفظ الراكب بحراستها بالمسؤولية الشخصية القائمة على الخطأ واجب الإثبات.

الفرع الثالث: المسؤولية عن نقل البضائع

تتفق المبادئ التي أخذت بها اتفاقية مونتريال بشأن المسؤولية عن نقل البضائع مع تلك التي تبناها بروتوكول مونتريال لعام 1970.من حيث إقرار المسؤولية الموضوعية للناقل عن هلاك أو ضياع أو تلف البضائع بمجرد وقوع الحدث المسبب للضرر أثناء فترة النقل الجوي، طبقا للمادة مادة 18/1.

الفرع الرابع : المسؤولية عن التأخير في نقل الركاب والأمتعة والبضائع

أبقت الاتفاقية في شأن مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير، على الحكم الذي قررته اتفاقية وارسو والبروتوكولات المعدلة لها في هذا الخصوص، فظلت هذه المسؤولية شخصية تقوم على خطأ الناقل المفترض(مادة 19). كما يرى البعض، ويحق، أن هذه المسؤولية ينبغي أن تنصرف إلى الأضرار التي لا تمس البضاعة أو الأمتعة في حد ذاتها، كالتأخير في تسليمها إلى المرسل إليه مما أدى إلى عدم مقدرة هذا الأخير على تصريفها مثلا ، أما إذا تأخر على تلف البضاعة أو هلاكها فلا محل لتطبيق هذه المسؤولية، بل يتعين إعمال أحكام المسؤولية الموضوعية الخاصة بتلف أو هلاك البضائع (مادة 18 ).

الفرع الخامس: دعوى المسؤولية

تبنت اتفاقية مونتريال لعام 1999 نفس القواعد الخاصة بدعوى المسؤولية، من حيث أطرافها، وجهة الاختصاص القضائي، وتقادمها الواردة باتفاقية وارسو والبروتوكولات والاتفاقيات المعدلة والمكملة لها.

1 _ فالمحكمة المختصة في التعويض عن الأضرار الناجمة عن وفاة المسافر أو إصابته بجرح أو تأخير أو فقد أو تلف أمتعته هي التي يقع في دائرة اختصاصها منشأة مملوكة للناقل إذا كان للمسافر موطن أو يقيم بصفة دائمة على إقليم نفس الدولة المتعاقدة .وعليه لا ينعقد لها الاختصاص بشأن دعاوى المسؤولية عن أضرار تلف البضائع.فللمدعي الاختيار أي المحاكم للفصل في دعواه.

فبالنسبة للنقل الجوي الداخلي فلم يؤسس المشرع المسؤولية على الخطأ المفترض كما هو الشأن في اتفاقية وارسو وبروتوكول لاهاي المعدل لها، أو على فكرة الخطر وتحمل التبعة، كما هو الحال في بروتوكول غواتيمالا لعام 1971، وبروتوكول مونتريال لعام 1975، بل أخذ بفكرة قرينة المسؤولية، بمعنى أن تفترض مسؤولية الناقل بمجرد حدوث ضرر للركاب، أو شاحني البضاعة، أو الأمتعة نتج عن حادث وقع أثناء فترة النقل الجوي . ولا ينطبق نظام المسؤولية المفترضة إلا على النقل التجاري للأشخاص، والأمتعة والبضاعة التي تكون في حراسة الناقل.

2_دفع المسؤولية

لا يستطيع الناقل الإفلات من المسؤولية لمجرد أنه لم يكن هناك إهمال أو خطأ أو امتناع من جانبه أو من جانب تابعيه ووكلائه، أو لمجرد أنه هو وتابعيه قد اتخذوا كافة التدابير الضرورية لتجنب وقوع الضرر، أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها، فهذه الطرق مقررة لدفع المسؤولية على أساس الخطأ.

أما وأن مسؤوليته، لا تؤسس على فكرة الخطأ المفترض، بل تبنى على فكرة قرينة المسؤولية، ولا يمكن للناقل درء هذه الأخيرة ونفيها إلا بإثبات القوة القاهرة، أو العيب الذاتي في الشيء، أو خطأ المرسل، أو المرسل إليه أو الراكب ،حيث يجب أن تكون هذه الأمور هي السبب الوحيد في إحداث الضرر.

فإن لم تكن هي السبب الوحيد ، تظل مسؤولية الناقل كاملة ولكن يلتزم بتعويض مخفض.16

3_التعويض

بناءا على اتفاقية وارسو والبروتوكولات المعدلة لها، فقد تم ربط التعويض بمبلغ ثابت لا يسمح تجاوزه إلا في حالات معينة. حيث لا يجوز أن يزيد مجموع ما يحصل عيه المضرور من الناقل وتابعيه،

ووكلائه على حدود التعويض المنصوص عليه قانونا وفق القانون التجاري.

4_تقادم دعوى المسؤولية

تتقادم بمضي سنتين، كل دعوى ناشئة عن عقد النقل الجوي يكون موضوعها مطالبة الناقل بالتعويض عن وفاة المسافر، أو إصابته بأضرار بدنية، وتسري هذه المدة في حالة الوفاة من تاريخ وقوعها، وفي حالة الإصابة البدنية من تاريخ وقوع الحادث.

كما تتقادم بمضي سنة كل دعوى ناشئة عن عقد النقل الجوي يكون موضوعها مطالبة الناقل بالتعويض عن هلاك الأمتعة والبضائع الجزئي وتلفها حيث تسري هذه المدة من تاريخ تسليم الشيء موضوع النقل إلى المرسل إليه أو إلى الجمرك أو إلى الأمين الذي يعينه القاضي، وفي حالة الهلاك الكلي من تاريخ مرور 30 يوما من تاريخ الانقضاء الميعاد المعين للتسليم.

وأخيرا تتقادم كل دعوى أخرى بمضي سنة تلك التي تنشأ عن عقد النقل الجوي ، وتسري هذه المدة من الميعاد المعين لوصول الطائرة.17

وجدير بالذكر أنه لا يجوز أن يتمسك بهذا التقادم من صدر منه أو من تابعيه أو من وكلائه أو خطأ جسيم.


المطلب الثاني: منازعات العقود البرية

تتحدد منازعات النقل البري من حيث الاختصاص القضائي، ومن حيث صاحب الحق في الدعوى.

الفرع الأول: بالنسبة للاختصاص القضائي

يتحدد الاختصاص القضائي في عقود النقل البري وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية المعدل بنوعيه النوعي والمحلي.

1 – الاختصاص النوعي: فتتولى المحكمة الابتدائية الفصل في دعوى المسؤولية المرفوعة على الناقل باعتبارها صاحبة الولاية العامة، للفصل في منازعات القانون الخاص حيث تعتبر المحاكم بأنها الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام، وهي تفصل في جميع القضايا المدنية والتجارية، أو دعاوى الشركات

التي تختص بها محليا.

فإذا كان المدعي على الناقل تاجرا فيرفع دعواه أمام القسم التجاري، أما إذا كان غير تاجر فله الخيار بين رفع دعواه أمام القسم المدني أو القسم التجاري.

2_الاختصاص المحلي: فللمدعي على الناقل الخيار بين رفع دعواه أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن الناقل، أو المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان التسليم الفعلي للبضاعة.

ويجوز الأطراف تحديد الجهة التي تتولى الفصل في المنازعات المتعلقة بعقد النقل البري.

الفرع الثاني: بالنسبة لصاحب الحق في الدعوى:

يثبت الحق في الدعوى على الناقل للمرسل أو المرسل إليه، فالمرسل له الحق في رفع الدعوى لأنه طرف في العقد، فإذا أخل الناقل بالالتزامات الناشئة عن العقد فيكون للمرسل أن يطالبه بتنفيذ التزاماته أو يطالبه بالتعويض.

ويتقرر حق الإدعاء للمرسل كذلك إذا أبرم العقد بواسطة وكيل عنه أظهر صفته هذه للناقل عن إبرام العقد أو كان هذا الأخير يعلم أنه لا يتعاقد مع المرسل الحقيقي وإنما مع وكيل عنه.

أما المرسل إليه فيحق له رفع الدعوى ضد الناقل وضد كل من ينوب عنه إذا استلم البضاعة لأن استلامه للبضاعة دليل على قبول العقد، أما إذا رفض استلام البضاعة فإنه يبقى طرفا أجنبيا عن العقد ، وبالتالي لا يحق له الإدعاء ضد الناقل إلا إذا كان رفضه مبررا بسبب له علاقة بعمل الناقل، ففي هذه الحالة لا يرفض العقد في حد ذاته، بل يرفض فقط البضاعة محل العقد وبالتالي يستطيع الادعاء ضد الناقل.18

الفرع الثالث: تقدير التعويض

متى ثبت مسؤولية الناقل فإنه يلتزم بتعويض المضرور عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ،بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالتزامه أو لتأخره في الوفاء به، مالم ينص العقد أو القانون على خلاف ذلك لتقدير مبلغ التعويض طبقا لنص المادة 182/1 من القانون المدني.19

ولما كانت مسؤولية الناقل من قبيل المسؤولية التعاقدية .فإنه لا يسأل إلا عن تعويض الضرر المتوقع وقت التعاقد، إلا إذا ثبت الغش أو الخطأ الجسيم من جانب الناقل فإنه يكون مسؤولا عن تعويض كل الضرر سواء كان متوقعا أو غير متوقع وقت التعاقد حسب نص المادة 182 ق م. وللمحكمة تقدير التعويض في حالة ضياع البضائع أو هلاكها على أساس القيمة الحقيقية للبضاعة وقت وصولها في مكان الوصول، كما قد تكون هذه القيمة مذكورة في العقد.

أما في حالة تلف البضاعة فتقدر المحكمة التعويض على أساس الفرق بين قيمة البضاعة التالفة في مكان الوصول وقيمتها في ما لو وصلت سليمة.

أما في حالة تأخر الناقل عن توصيل البضاعة في الموعد المتفق عليه أو الميعاد المعقول حسب العرف، فللمحكمة الحرية في تقدير التعويض، آخدة بذلك كل الظروف والملابسات .

لا يجوز للمضرور في حالة الضياع الكلي أن يجمع بين التعويض عن هذا الضياع الكلي، والتعويض عن التأخير، مراعاة لمصلحة الناقل حتى لا يثرى المضرور على حسابه. وللمضرور الخيار بين التعويض الكلي والتعويض عن التأخير فقط.20

الفرع الرابع: سقوط دعوى المسؤولية

تسقط دعوى المسؤولية إما بالدفع بعدم القبول، وإما بالتقادم.

أ/ أما عن سقوط الدعوى بالدفع بعدم القبول حسب نص المادة 55 من القانون التجاري21، ويستخلص من المادة أن الناقل يدفع أمام القضاء بعدم قبول الدعوى التي يرفعها عليه المرسل، أو المرسل إليه إذا توافرت شروط:

_ أن يستلم المرسل أو المرسل إليه أو أي شخص للعمل لحساب احدهما البضاعة المنقولة استلاما فعليا.

_ يجب أن يكون موضوع النزاع بين الناقل والمرسل إليه أو أي خص يعمل لحساب أحدهما في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ الاستلام دون حساب أيام العطل. ويتم الاحتجاج بإخبار غير قضائي أو رسالة موصى عليها توجه إلى الناقل وتحتوي احتجاج المرسل أو المرسل إليه .نتيجة الضياع الجزئي أو التلف اللاحق بالبضاعة المنقولة.

_ أن يطلب أحد أطراف العقد إجراء الخبرة المنصوص عليها في المادة 54 ق ت قبل تسلم البضاعة المنقولة، أو خلال 3 أيام التالية لاستلام المرسل إليه البضاعة.

وأخيرا يلاحظ أن الدفع بعدم القبول دفع موضوعي.22

ب- سقوط دعوى المسؤولية بالتقادم

من المادة 61 ق ت فإنها جميع الدعاوى الناشئة عن عقد البري للبضائع للتقادم السنوي، سواء كانت الدعاوى التي يرفعها الناقل على المرسل أو المرسل إليه، ويطالب فيها بدفع أجرة النقل، أو المصروفات الملحقة بها، أو الدعاوى التي يرفعها المرسل أو المرسل إليه على الناقل، سبب تلف أو ضياع البضائع المنقولة، أو تأخير في توصيلها عن الميعاد المتفق عليه، وعليه فمدة سنة تنطبق على جميع الدعاوى الناشئة عن العقد سواء رفضها الناقل، أو المرسل أو المرسل إليه.

تحسب مدة السنة في حالة ضياع البضاعة كليا، فيحسب مدة السنة ابتدءا من اليوم الذي كان يجب فيه تسليم البضاعة المنقولة، بمعنى آخر ابتدءا من اليوم المتفق عليه أو الذي حدده القانون للتسليم.

أما في حالة تلف البضاعة المنقولة أو تأخر توصيلها من الموعد المتفق عليه، فتحسب مدة السنة من تاريخ تسليم الناقل البضائع المنقولة إلى المرسل إليه أو تاريخ عرضها على المرسل إليه.

وإذا قام المدعي برفع الدعوى ضد المسؤول في عقد النقل البري، فيجب عليه الاستمرار فيها، ولا يتركها للسقوط، فإن لم يحددها خلال 3 أشهر من وقت رفعها، سقط حقه بعد هذه المدة. 23

الخاتمة

من خلال ما تقدم يتبين جليا تميز الدعاوى الناشئة عن عقد النقل بأنواعه الثلاث وما تحكمه من أعراف، ومن تم تسهيل عملية النقل.

غير أن هذا التميز يتجسد في الواقع في الإشكال الذي يتعرض له القاضي عند الفصل في نزاعات الدعاوى الناشئة عن عقود النقل،ومدى توافر قرينة المسؤولية وكيفية إثباتها.

لذلك على المشرع إعادة النظر في أحكام هذه العقود كل على حدة، مع رصد لها قضاة متخصصون.

الهوامش

1– انظر المادة 790 من الأمر رقم 76-80 المؤرخ في 23 أكتوبر1976 المتضمن القانون البحري الجزائري.

2-
العربي بوكعبان، القانون البحري، منشورات الألفية الثالثة، سيدي بلعباس،2011،ص.142.

3- العربي بوكعبان، المرجع نفسه، ص149.

4- انظر المادة 743 من القانون البحري الجزائري من الأمر السالف الذكر.

5- انظر المادة 802 من القانون البحري الجزائري من الأمر السالف الذكر.

6- أنظر المادة 790 من القانون البحري الجزائري من الأمر السالف الذكر.

7- العربي بوكعبان، المرجع السابق، ص148.

8- انظر المادة 756 من القانون البحري الجزائري من الأمر السالف الذكر.

9-المادتين743و 744 من القانون البحري الجزائري.

10- خليل بوعلام، التأخير عن تسليم البضاعة المنقولة بحرا في الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية،م. ق، دراسات العدد الثاني، 2004، الجزائر، ص51.

11- انظر أحكام مواد القانون البحري الجزائري من الأمر السالف الذكر.

12 – مسؤولية الناقل البحري للبضائع في ظل قواعد روتردام،مذكرة ماجستير، جامعة بومرداس،2012-2013، ص21و22.

13-نبات خديجة ، المرجع السابق، ص23.

14- اتفاقية مونتريال ل1999.

15- اتفاقية مونتريال1999 .

16- محمد فريد العريني، القانون الجوي، جامعة الإسكندرية، 2008، ص335.

17- محمد فريد العريني، المرجع السابق، ص 351.

18- شتواح العياشي، عقد النقل البري للبضائع، مذكرة ماجستير في قانون الأعمال، جامعة منتوري، قسنطينة، 2004-2005،ص93.

19- المادة 182 من الأمر رقم 75- 87 المعدل والمتمم والمتضمن القانون المدني الجزائري.

20- شتواح العياشي، المرجع السابق،ص93.

21- المادة51 من الأمر رقم 75- 59 مؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المعدل والمتمم والمتضمن القانون التجاري الجزائري.

22- شتواح العياشي،المرجع السابق، ص95و96.

23- المرجع نفسه، ص97.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى