بحوث قانونية

هل عدم احترام مسطرة تبليغ الأمر بالأداء لايشكل سببا للطعن بالنقض؟

٠٨٠٣٢٠١٣٣٥٥٦

هل عدم احترام مسطرة تبليغ الأمر بالأداء لايشكل سببا للطعن بالنقض؟

تعليق على قرار المجلس الاعلى الصادر بتاريخ 1999/04/14 ملف عدد 92/1/82

أتيحت الفرصة للمجلس الأعلى بمناسبة بته في النازلة موضوع هذه القراءة كي يعطي تفسيرا يرفع الغموض عن مقتضيات الفصلين 160 و 161 و 162 من قانون المسطرة المدنية. هذه المقتضيات التي خلقت تشويشا لدى رجل القانون بمناسبة اعمالها في الواقع، وهي تتعلق بمسطرة تبليغ وتنفيذ الأمر بالأداء، ومقتضى الغموض يتجلى في الفقرة الأولى من الفصل 161 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها ( تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة المقال وسند الدين من بين مشتملاتها.

وهو ما رد عليه دفاع الدائن ومعه رجال القانون بالقول »اذا تمكين الطرف المدين قبل الوفاء يسند الدين عمل غير منطقي اذ لاشك ان هذا الاخير سوف يبدده ويضيع على الطرف الدائن حقوقه« إن هذا الغموض هو الذي كان يوسع المجلس الأعلى ان يعطيه اهتماما خاصا اثناء رده على وسيلة النقض المثارة في هذا الخصوص منه ثم يفعل واعتبر الوسيلة المعتمدة غير مبررة قانونا لتعلقها بنشاط كتابة الضبط وليس فيها نعي على الحكم القضائي، ولكي تحيط بالنازلة والقراءة الموالية لها.

نقترح المنهج التالي: أولا: قرار المجلس الأعلى. ثانيا: النصوص القانونية المنظمة. ثالثا: وجهة نظر.

أولا: تحليل قرار المجلس الأعلى:

باسم جلالة الملك، بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 92/04/16 من طرف الطالب المذكور حوله بواسطة نائبه الاستاذ عبد الله العلوي والرامي الى نقض قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء الصادر بتاريخ 89/02/21 في الملف عدد 88/2184 .

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتبنر 1974 .

وبناء على الأمر بالتخلي والابلاغ الصادر في 99/3/17

وبناء على الاعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 99/04/14

وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهما.

وبعد تلاوة المستشار المقررالسيد محمد كرام لتقريره وبعد الاستماع الى ملاحظات المحامي العام السيدة فاطمة الحلاق.

بعد المداولة طبقا للقانون

بناء على قرار السيد رئيس الغرفة بعدم اجراء بحث عملا باحكام الفصل 363 من قانون المسطرة المدنية في شأن الوسيلة الأولى.

حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن استئنافية البيضاء بتاريخ 89/02/21 تحت عدد 443 في الملف عدد 88/2184 أن شركة كمسطار(المطلوبة) استصدرت من رئيس المحكمة الابتدائية بالبيضاء امر يقضي على المدعى عليه احمد الغزواني (الطالب) بأداء مبلغ 00،140.38 درهم بما في ذلك أمر الدين و الفوائد القانونية والمصاريف في ذمته عن شيكين أيدته محكمة الاستئناف مع تعديله وذلك يخص المبلغ المحكوم به في 00،000.18 درهم ويرفض مازاد عن ذلك واحالة المستأنف عليها بشأنه أمام محكمة الموضوع تبعا للاجراءات العادية.

حيث يعيب الطاعن القرار بخرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف (خرق الفصل 161 من قانون المسطرة المدنية) بدعوى انه اثار امام محكمة الاستئناف ان الأمر المبلغ الى العارض لم يشتمل على سند الدين تطبيقا للفصل 161 من ق.م.م وأن المحكمة عللت رفضها هذا الدفع بأنه ليس من المنطقي ان يبلغ مع الأمر بالأداء سند الدين لما في ذلك من تعرضه للضياع وليس في الفصل 161 مايوجب ذلك… وأن هذا التعليل يستعيد كل المعايير القانونية التي حرص المشرع على توفرها لحسن سير مسطرة الأمر بالأداء.

والأمر بالآداء يصدر في غيبة الأطراف وانه عندما يبلغ الى المعني بالأمر فيتعين ان يكون هذا الاخير على اطلاع بالمستند المعتمد عليه لاصدار ذلك الأمر حتى يتمكن المحكوم عليه من تقديم استئنافه احتراما لمقتضيات الفصل 194 من ق.م.م الذي يوجب ان يتضمن المقال الوقائع والوسائل المثارة اذ يستحيل على المستأنف الذي توصل بالأمر بالأداء احترام مقتضيات الفصل 142 اذا لم يرفق التبليغ بسند الدين تنفيذا للفصل 161 وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد بني على فهم خاطئ لفصل صريح في القانون وهو الفصل 161 مما يجعل هذا السبب وحده لنقض القرار المطعون فيه.

من حيث أن مقتضيات الفصل 161 من ق.م.م أنما تتعلق بالاجراءات التي يجب القيام بها من طرف كتابة الضبط بعد صدور الأمر مما يكون معه النعي منصبا على أعمال كتابة الضبط وليس على القرار المطعون فيه الذي لم يخرق اي مقتضى والوسيلة على غير اساس.

في شأن الوسيلة الثانية:

حيث يعيب الطاعن القرار بعدم ارتكازه على أساس قانوني محتفظا بحقه في الادلاء بمذكرة توضيحية خلال الاجل المنصوص عليه قانونا.

لكن حيث ان الطاعن لم يبين وجه عدم ارتكاز القرار على اساس ولم يدل بالمذكرة التوضيحية، مما تكون معه الوسيلة غير مقبولة.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب مع ابقاء الصائر على رافعه.

من خلال قراءة أولية للقرار أعلاه يتبين ان تعليل رفض طلب النقض سار في اتجاه مفاده ان اجراءات كتابة الضبط لايمكن ان تبني عليها وسيلة الطعن.

حيث ان تبليغ الأمر بالأداء ولو تم بطريقة معيبة لايمكن بحال من الأحوال أن يعرض على انظار المجلس الاعلى ويرتب اثرا قانونيا محددا. فاذا اخذنا هذه القاعدة في مفهومها العام اعتبرنا أن كل الاجراءات المسطرية المتعلقة بتبليغ الأحكام لايمكن في حالة عدم التقيد بالضوابط القانونية المنظمة لها أن تكون سببا للطعن بالنقض. فهل يمكن بدءا عرض النص القانوني والاشكال الحائم حوله.

ثانيا: تفسير النص القانوني:

جاء في الفصل 160 من ق.م.م مايلي: »يبلغ الأمر المرافق للطلب الى المدعى عليه الذي يجب عليه ان يدفع المبلغ المحكوم به في ظرف ثمانية ايام الموالية لهذا التبليغ..«

وجاء في الفصل 161 من ق.م.م تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من المقال وسند الدين والصوائر المحددة في الأمر مع اشعاره بانه اذا كانت لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص الاختصاص اوالموضوع فإن من الواجب عليه ان يقدم الاستئناف داخل أجل 8 أيام)

وقد طرح الفصلان المذكوران على مستوى النقاش الفقهي عدة تفسيرات، فجانب من الفقه قال بان المقصود من ارفاق وثيقة التبليغ بسند الدين هو ارفاقه بنسخة منها فقط يخص الاختصاص أوا لموضوع ان من الواجب عليه ان يقدم الاستئناف داخل اجل 8 أيام)

وقد طرح الفصلان المذكوران عل مستوى النقاش الفقهي عدة تفسيرات، فجانب من الفقه قال بان المقصود من ارفاق وثيقة التبليغ بسند الدين هو ارفاقه بنسخة منها فقط، ويبقى الأصل بيد المبلغ لمباشرة اجراءات التنفيذ عند انتهاء اجل الثمانية ايام المنصوص عليها قانونا.

وجانب من الفقه رأى أن مسطرة تبليغ الأمر بالأداء هي على مرحلتين: التبليغ من أجل سلوك طريق الطعن وهو المقصود بالفصل 160 من ق. م . م عندما ينتقل مأمور اجراءات التنفيذ الى موطن او محل اقامة المدين ويبلغه بالأمر وينذره بانه يتعين عليه الاداء ويمهله ثمانية أيام لهذا الغرض. فاذا أدى حالا مكنه من سند الدين اما اذا امهله فينتظر الى حين انتهاء اجل الثمانية ايام اذا أدى مكنه ايضا من سند الدين فاذا استأنف الحكم بقي السند الأصلي بيد المحكمة وهذا لما يمنع من تمكين الطرف المدين من صورة منه.

وهذان الرأيان يردان في مذكرات المحامين ومنهم من يعتبر ان التبليغ غير قانوني والأجل لازال ساري المفعول متى فاته اجل الثمانية ايام ولم يكن التبليغ يشتمل على سند الدين.

وقد سارت محكمة الاستئناف بالرباط في اتجاه مفاده انه متى كان أجل الطعن لم يستوفي دفعا بعدم قانونية التبليغ للسبب الآنف الذكر الى اعتبار ان هذا السبب من غير فائدة مادام الاستئناف له أثر ناشر وبوسع المستأنف الاطلاع علي سند الدين واستنساخه.

اما اذا كان الأجل قد انصرم وطعن المستأنف في عدم قانونية التبليغ فإن المحكمة كانت ترى أن هذا السبب مبرر بالتالي تقبل الاستئناف شكلا.

وثبت في الموضوع .

إن هذا العمل القضائي قد لايكون مقنعا يتجاوز غموض النص ولذلك قلنا ان الفرصة كانت مواتية للمجلس الأعلى كي يعتبر الفصل 160 و 161 من ق.م.م ولا اعتقد ان تعليل قرار المجلس الأعلى الذي اسسه على كون الطعن ينصرف الى الأحكام دون نشاط كتابة الضبط.

وجهة نظر:

إن من بين الأسباب التي نص عليها المشرع المغربي كأسباب للطعن بالنقض هي خرق قاعدة مسطرية اضرت بحقوق الاطراف وهذه القاعدة المسطرية ذات نطاق واسع ولايمكن الاقتصار فيها فقط على الحكم القضائي بل ايضا ما يسبقه وما يلحقه بعد ذلك من عوائق تضر بالطرف صاحب المصلحة ويمكن للمجلس الاعلى متى تبين له ان خرق الفصل 160 و 161 من ق.م.م لم يلحق ضررا بالطاعن ان يعتبر طعنه غير مؤسس لهذا السبب ويمكنه ايضا ان يبني تعليله على انعدام المصلحة اذا كان الاستئناف داخل الأجل ويمكنه ايضا ان يفسر عبارة سند الدين بالعبارة التي سبقتها و التي جاء فيها:»تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من الأمر بالأداء وسند الدين اي نسخة من سند الدين وبذلك يريح القضاء والمتقاضين من تداعيات هذه الاشكالية وبصرف النظر عن ذلك فان اعمال كتابة الضبط تتصل اتصالا مباشرا بالحكم القضائي ويستعصي استئصالها والقول بعدم جواز مساطر الطعن بشأنها.

ذ. رشيد مشقاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى