مقالات قانونية

الأنظمة القانونية للرقابة الإدارية على المنشآت المصنفة

_________798465469

الأنظمة القانونية للرقابة الإدارية على المنشآت المصنفة

الأستاذة: مدين أمال

جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان(الجزائر)

كلية الحقوق والعلوم السياسية/مخبر حقوق الإنسان والحريات الأساسية

مقدمة:

المنشآت المصنفة لحماية البيئة في التشريع الجزائري هي:” كل وحدة تقنية ثابتة يمارس فيها نشاط أو عدة أنشطة من النشاطات المذكورة في قائمة المنشآت المصنفة المحددة في التنظيم المعمول به”[1]، وهي فقها ” كل منشأة مذكورة في قائمة المنشآت المصنفة، يسبب إنشاءها  واستغلالها خطرا وتأثيرا على المصالح المحمية قانونا وعلى رأسها البيئة والصحة العامة والأمن والمواقع الأثرية والتاريخية، مما يفرض ضرورة إخضاعها لمجموعة قيود تشريعية وتنظيمية وكذا رقابة إدارية وقضائية بهدف الحد من أخطارها والتقليل من آثارها”.

تعد الرقابة الإدارية على هذه المنشآت صمام الأمان للحيلولة دون إنشاء أي منشأة يمكن أن تشكل خطرا أو تهديدا للبيئة، إلا بالاستجابة للمقتضيات القانونية والتقنية التي تكفل الحد من آثارها السلبية.تعتمد هذه الرقابة على عدة وسائل تقنية وقانونية يعد الترخيص والتصريح الإداريان أهمها،حيث صنف المنظم الجزائري المنشآت المصنفة لحماية البيئة حسب خطورتها إلى أربع فئات تخضع في إنشائها لتحقق شرط واقف هو الترخيص الإداري أو التصريح الإداري لدى السلطات الإدارية المختصة، إذ تخضع منشآت الدرجة الأولى إلى الثالثة لنظام الترخيص الإداري (المطلب الأول)، بينما تخضع منشآت الدرجة الرابعة لنظام التصريح(المطلب الثاني).

المطلب الأول: نظام الترخيص الإداري

إن الترخيص الإداري هو من أكثر الآليات استعمالا وفعالية لتوجيه ومراقبة النشاط الفردي في المجتمع، كونه يسمح بتنظيم ممارسة الحريات العامة حماية للنظام العام بمختلف عناصره[2].حيث قد يتطلب التنظيم الضبطي ضرورة الحصول على إذن سابق قبل ممارسة النشاط، وهو ما يمكّن الإدارة من التدخل مقدما في كيفية القيام ببعض الأنشطة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لوقاية المجتمع من الخطر المحتمل حدوثه نتيجة ممارسة النشاط محل الترخيص، وذلك بالنظر إلى خصوصيات كل حالة على حدة تبعا لتموقعها من حيث المكان والزمان، بالإضافة إلى إمكانية مراقبة سير النشاط المرخص له وفرض اشتراطات جديدة على استغلاله متى استدعى الأمر ذلك. بناء على هذا يمكن القول أن الترخيص هو نظام أكثر تقييدا للحريات[3] من نظام التصريح. ومن أجل إدراك أهميته وشدته في نفس الوقت لابد من التعرف عليه(فرع أول)، ثم معرفة سلطة الإدارة في نظره وآثاره القانونية(فرع ثاني)، ثم بعض أشكال التراخيص الواجب الحصول عليها قبل استغلال منشأة مصنفة(فرع ثالث).

الفرع الأول:تعريف نظام الترخيص الإداري

إن الترخيص أو الإذن المسبق هما تعبيران عن نظام قانوني واحد تعددت تعريفاته الفقهية وتنوعت باختلاف الزاوية التي ينظر منها إليه، ونذكر منها:

“الترخيص الإداري هو عمل إداري يتخذ شكل القرار الإداري باعتباره عملا أحادي الطرف صادر أصلا بموجب تأهيل تشريعي من جهة إدارية سواء من سلطات إدارية صرفة أو من منظمات أو هيئات تابعة لها مباشرة، بحيث يتوقف على منحه أو تسليمه ممارسة نشاط أو إنشاء منظمة أو هيئة ولا يمكن لأية حرية مهما كانت حيوية أن توجد  أو تمارس بدون هذا الإصدار”.[4]

أو «الترخيص الإداري هو الإذن الصادر من الإدارة المختصة بممارسة نشاط معين لا يجوز ممارسته بغير هذا الإذن، تقوم الإدارة بمنح الترخيص إذا توافرت الشروط اللازمة التي يحددها القانون”.[5]

إذن فالترخيص الإداري وسيلة إدارية تمارس بواسطتها الإدارة رقابتها السابقة-وحتى اللاحقة- على النشاط الفردي،له دور وقائي يسمح للإدارة بإمكانية منع حدوث الاضطرابات والإضرار بالمجتمع ومنه الإضرار بالجوار وبالبيئة بالتحديد وذلك برصد مصدر الضرر أي المنشأة أو المؤسسة الملوثة أو المحل المضر بالصحة أو بالجوار.[6]

حددت المنشآت الخاضعة للترخيص بموجب قانون البيئة والمراسيم المتعلقة بالمنشآت المصنفة، بالإضافة إلى النصوص الخاصة المتعلقة بمنشآت مصنفة محددة مثل المرسوم التنفيذي المتعلق بشروط ممارسة مهنة الخباز الحلواني وكيفياتها[7] وكذلك المرسوم التنفيذي المتعلق بتخزين المواد البترولية وتوزيعها[8]، وغيرها من النصوص الأخرى.

الفرع الثاني:سلطة الإدارة في مواجهة طلب الترخيص وآثاره القانونية

بتقديم طلب الترخيص من المعني بالأمر إلى الإدارة تقوم هذه الأخيرة بدراسته، لكن السؤال يثور عن مدى سلطتها في منحه أو الامتناع عن تسليمه (أولا) فإن منحته فما هي الآثار القانونية المترتبة عليه(ثانيا).

أولا:سلطة الإدارة في مواجهة طلب الترخيص

يجب أن يصدر الترخيص بقرار إداري صريح لا بقرار سلبي أو ضمني، فبعد أن كان التنظيم المنظم للمنشآت المصنفة يتبنى الترخيص الضمني بالاستغلال[9]،تخلى المشرع الجزائري ومن ورائه التنظيم عن فكرة الترخيص الضمني ومفاد ذلك أنه لا يجوز للأفراد الاكتفاء بتقديم طلب بالحصول على ترخيص واعتباره كاف لممارسة النشاط، حتى ولو حدد القانون مدة للرد على طلب الترخيص وانتهت دون رد من الإدارة. ذلك أن الغاية من وراء تحديد هذه المدة هي حث الإدارة على الإسراع في نظر الطلب دون أن يترتب على تراخيها جواز ممارسة النشاط محل الطلب. ذلك أن القول بخلاف هذا يلغي أي فرق بين التصريح والترخيص، خصوصا إذا كان التصريح مقترنا بحق الإدارة في الاعتراض خلال مدة معينة، يمكن اعتبار مضيها دونه رد موافقة ضمنية. والواقع هو عكس ذلك بحيث أنه بالرغم من اقتراب التصريح من الترخيص أحيانا إلا أنه تبقى بينهما بعض الفروق يتعلق أهمها بمدى سلطة الإدارة في نظر كل منهما، حيث أن سلطة المعارضة في الإخطار هي أضيق عملا من سلطتها في رفض الترخيص. الأمر الذي يدفع بنا للتساؤل عن طبيعة سلطة الإدارة إزاء طلب الترخيص؟ الجواب على هذا السؤال يكمن في أن سلطة الإدارة في هذا الشأن هي مزيج بين التقييد والتقدير، إلا أن الأصل فيها هو التقييد، ذلك أن القانون غالبا ما يحدد بدقة الشروط اللازمة لمنح الترخيص، حيث يجب على سلطة الضبط في هذه الحالة منح الترخيص إجباريا عندما يستوفي الطالب الشروط المحددة لذلك.[10] وفي هذه الحالة تقتصر سلطتها التقديرية على التحقق من توافر هذه الشروط من عدمه، واختيار الوقت المناسب لإصدار الترخيص[11]. لكن إذا لم يحدد المشرع شروط الترخيص فإن الأصل أن تكون للإدارة سلطة تقديرية تترك لها إمكانية الموازنة بين منح الترخيص أو رفضه أو سحبه، كل هذا تحت رقابة القضاء الإداري.[12]

ثانيا:الآثار القانونية للترخيص الإداري

فيما يخص آثار الترخيص في المجال الزمني، تجدر الإشارة إلى أن الترخيص يجب الحصول عليه قبل الشروع في الاستغلال[13] فالمسألة متعلقة من الناحية القانونية البحتة بمشروعية النشاط المزمع القيام به أو المنشأة المراد إنشاؤها أو استغلالها وهي موقوفة على الحصول على الترخيص الإداري المسبق وإلا عد التصرف أو النشاط جريمة معاقب عليها قانونا.[14] وعن حدود سريان الترخيص في الزمان فالأصل أن الترخيص دائم غير محدد المدة إلا إذا نص القانون صراحة على توقيته، ومن الأمثلة على ذلك في القانون الفرنسي أن ترخيص استغلال المحاجر لا يمكن أن يتجاوز 30 سنة، وكذلك الحال بالنسبة لتراخيص تخزين النفايات، وتخزين مواد خطرة في الطبقات الجيولوجية العميقة لا يمكن أن تمنح إلا لمدة محددة.[15] ويجوز تجديد الترخيص المؤقت-متى سمح القانون بذلك-بعد استيفاء الشروط المطلوبة، وقد يكون الترخيص بمقابل يتمثل في رسوم يدفعها طالب الترخيص ضمن الشروط اللازم توافرها لإصداره، تكون هذه الرسوم عادة تكاليف المعاينة.[16]

أما في التشريع الجزائري فقد تم النص على الرخصة المؤقتة في المرسوم المتعلق بالعمارات المخطرة وغير الصحية لسنة 1976، حيث كان بإمكان الوالي تسليم رخصة مؤقتة أو ترخيص مؤقت بالاستغلال لمدة ستة أشهر غير قابلة للتجديد، في حالات معينة وبشروط محددة دون الحاجة لاتباع نفس إجراءات منح الترخيص الدائم بالاستغلال.[17] وتم النص على الرخصة المؤقتة كذلك في المرسوم المنظم للمنشآت المصنفة لسنة 1998 حيث مكن المنظم كل من الوزير، الوالي أو ر.م.ش.ب من منح رخصة محددة الأجل بناء على طلب المعني وفق نفس الإجراءات المقررة للحصول على رخصة غير محددة المدة، وأجاز المرسوم  تجديد الرخصة المؤقتة بموجب طلب يقدمه المعني للسلطة المختصة وفق نفس الإجراءت المقررة للحصول على الرخصة الأولى.[18]كما قيدت صلاحية الترخيص بمدة محددة في حال عدم الشروع بالاستغلال خلالها، أو حصل انقطاع في الاستغلال استمر طيلة المدة المحددة دون مبرر جاد أو قوة قاهرة، كانت هذه المدة محددة بسنتين في ظل مرسوم 1976[19]، ثم أصبحت ثلاث سنوات في ظل المرسوم المنظم للمنشآت المصنفة لسنة 1988.[20] أما النصوص الحالية المطبقة على المنشآت المصنفة فلم تتضمن أي إشارة إلى الرخصة المؤقتة.

وعن سريان الترخيص في مواجهة الأشخاص يمكن القول أن الترخيص يمكن أن يكون إما شخصيا أو عينيا. من أمثلة التراخيص الشخصية تراخيص حمل الأسلحة النارية التي يراعى في منحها أن يكون المرخص له حسن السيرة والسلوك وتستدعي ظروفه حمل السلاح دفاعا عن نفسه، وكذلك رخصة قيادة السيارة التي لا يتم منحها إلا بناء على معرفة قواعد المرور وتوافر مهارات القيادة لدى طالب الرخصة، ومثل هذه التراخيص لا يجوز التنازل عنها أو توارثها[21]،أو الاتفاق على استغلالها من الباطن أو مشاركة الغير فيه، لكونه يمثل مركزا قانونيا شخصيا. أما التراخيص المتعلقة بالمنشآت المصنفة أو مزاولة الأنشطة ذات الآثار المحتملة على البيئة فهي ذات طبيعة عينية مما يسمح بنقلها من المرخص له الأصلي إلى غيره عن طريق التنازل أو الوفاة، إذ هو أكثر تعلقا بالمحل موضوع الترخيص من المرخص له، فلا ينشئ له مركزا قانونيا شخصيا[22] لأن محل الاعتبار في القانون هو النشاط المرخص به، وشروط وظروف مزاولته وآثاره السلبية أو الإيجابية بصرف النظر عن أشخاص المرخص لهم، فيجوز لصاحب الترخيص أن يتنازل عن ترخيصه لغيره بمقابل أو بغير مقابل، كما ينتقل الترخيص في حالة الوفاة إلى من آلت إليه ملكية المشروع. غير أنه يجب على المتنازل إليه أو الوارث أن يقدم طلبا إلى الإدارة المختصة لنقل الترخيص باسمه خلال المدة التي يحددها القانون.[23]

في الأخير تجدر الإشارة إلى أن الإدارة قد تكتفي بالإجراءات والتدابير التي يزمع طالب الترخيص مراعاتها لتجنب المخاطر أو المصادر التي يمكن أن يسببها افتتاح المنشأة،كما يمكن أن تكملها وتضيف إليها تدابير أخرى يلتزم المستغل باحترامها مع ضرورة الموازنة بين حماية البيئة والمقتضيات الاقتصادية، بحيث يترك للمستغل حرية اختيار الوسائل الفنية الأكثر ملاءمة لمعالجة الأخطار أو المضار التي تنتج عن منشأته، وذلك بأن تكون الشروط أو التعليمات الإدارية قابلة للتنفيذ وغير مبالغ فيها مما يجعلها بمثابة رفض مقنع للترخيص.كما يمكن تعديل الترخيص إما بالتشديد أو التخفيف في ضوء الظروف دون إفراط أو تفريط، وأي مخالفة لهذه التعليمات من جانب صاحب المنشأة قد يعرضه لجزاءات إدارية مختلفة الخطورة والوقع.[24] ذلك أن التدابير التي يتضمنها الترخيص بالاستغلال ليست نهائية بل يحق للإدارة فرض تدابير إضافية أو التحقق منها تبعا للحالة موضوع البحث، حيث يعود للإدارة التدخل لفرض تدابير إضافية للحماية، حتى ولو لم تصدر أي شكوى من الجيران أو من الغير.[25] ويمكن أن يكون التعديل بالزيادة إذا ما رأت السلطة الإدارية المختصة أن التدابير المفروضة أصلا على المؤسسة المرخص لها غير كافية، فيمكنها تشديدها، وبالمقابل إذا رأى المستغل أن التدابير الأصلية المفروضة عليه قاسية وتعرقل سير المؤسسة وأن استمرارها لم يعد مبررا فيمكنه أن يقدم إلى السلطة الإدارية المختصة طلبا بتخفيف أو تعديل هذه الشروط، ويمكن للإدارة أن تستجيب لطلبه.[26]على أن يتم التعديل تحت رقابة القاضي الإداري، حيث يمكن للمستغل أو الغير المتضرر من قرار التشديد أو التخفيف أن يطعن فيه.[27] وليست الاشتراطات المحددة في الترخيص هي وحدها التي تطبق على المنشآت المصنفة، فالنصوص المتعلقة بالمياه والهواء والنفايات يمكن أن تخول الجهات المختصة تبني إجراءات أو تدابير أخرى.[28]

الفرع الثالث: التراخيص الواجب الحصول عليها قبل استغلال المنشأة المصنفة

تشكل رخصة استغلال المنشأة المصنفة حجر الزاوية في استغلال أي منشأة(أولا)، إلى جانبها قد يتطلب القانون الحصول على رخص أخرى، مرتبطة بطبيعة النشاط الذي تمارسه المنشأة المصنفة(ثانيا).

أولا:رخصة استغلال منشأة مصنفة

إن إنشاء أي منشأة مصنفة أو استغلالها لابد أن يمر بمسار إجرائي يستهدف الحصول على الإذن بإنشاء المؤسسة المصنفة، ينقسم هذا المسار الإجرائي إلى مرحلتين: إيداع ملف طلب رخصة استغلال منشأة مصنفة،ثم دراسة هذا الملف.

1-إيداع ملف طلب الترخيص بإنشاء مؤسسة مصنفة

تتحد الأصناف الثلاثة للمنشآت المصنفة من الدرجة الأولى إلى الثالثة الخاضعة للترخيص في الوثائق المطلوبة في ملف طلب الترخيص باستغلال منشأة مصنفة، ما عدا الوثائق الفنية المطلوبة،مع ضرورة الإشارة إلى أن المؤسسة التي تضم عدة منشآت مستغلة بطريقة مندمجة من طرف نفس المستغل وفي نفس الموقع، يقدم بصددها طلب واحد لرخصة الاستغلال، وتسلم لها رخصة واحدة لمجموع المنشآت. وعلى العموم فإن ملف طلب رخصة الاستغلال يضم الوثائق التالية:

1-طلب الترخيص بإنشاء المنشأة المصنفة يوجه إلى السيد رئيس لجنة المنشآت المصنفة.

2-وثيقة تقنية تتضمن: اسم المستغل، لقبه أو تسمية الشخص المعنوي وشكله القانوني، عنوان المستغل، عنوان المنشأة، طبيعة النشاطات التي يعتزم طالب الترخيص ممارستها وحجمها، فئة أو فئات المنشآت المصنفة التي يجب أن تصنف المنشأة ضمنها، مساحة المنشأة، عدد المستخدمين، القدرة الكهربائية للآلات بالكيلوواط.

3-مناهج التصنيع التي ينفذها والمواد التي يستعملها والمنتوجات التي يصنعها، والتي يمكن تقديمها في نسخة واحدة وفي ظرف منفصل إذا اعتقد أن ذلك قد يؤدي إلى إفشاء أسرار الصنع.

4-تحديد موقع المؤسسة على خريطة بمقياس بين 25000/1 و 50000/1.

5- مخطط وضعية مقياسه 255/1 على الأقل لجوار المؤسسة إلى غاية مسافة تساوي على الأقل عشر مساحة التعليق المحددة في قائمة المنشآت المصنفة، دون أن تقل عن 100 متر، يحدد على هذا المخطط جميع البيانات مع تخصيصاتها وطرق السكة الحديدية والطرق العمومية ونقاط الماء وقنواته وسواقيه.

6-مخطط إجمالي مقياسه 200/1 يبين الإجراءات التي تزمع المؤسسة المصنفة القيام بها إلى غاية 35مترا على الأقل من المؤسسة،تخصيص البنايات والأراضي المجاورة وكذا رسم شبكات الطرق المختلفة الموجودة.

7-مخطط التهيئة الداخلية للمنشأة.

8-دراسة مدى التأثير ودراسة الخطر للمنشآت من الدرجة الأولى والثانية، وموجز التأثير وتقرير عن المواد الخطيرة التي من المحتمل أن تكون بحوزته، بالنسبة للمنشآت من الدرجة الثالثة.[29]

تودع الملفات لدى مديرية البيئة على مستوى الولاية في 17 نسخة بالنسبة للطلب والوثيقة التقنية والمخططات المطلوبة، وهذا بعدد أعضاء لجنة المنشآت المصنفة، أما الوثائق التقنية (دراسة وموجز التأثير- دراسة الخطر- تقرير المواد الخطرة )فيتم إيداعها في 10 نسخ. عند الإيداع يتم التأكد من توافر كل الوثائق القانونية والتقنية في الملف، فإن ثبت استكمالها يتم تسليم وصل إيداع يثبت اسم المودع ومعلومات المنشأة وتاريخ الإيداع، يوقع هذا الوصل من طرف رئيس اللجنة المتعلقة بالمنشآت المصنفة وهو بالتفويض مدير مديرية البيئة الولائية.أما في حالة عدم استكمال الوثائق أو المعلومات فيتم إرجاع الملف لصاحبه من أجل استكمال الوثائق الناقصة وإعادته بعد ذلك .

2-دراسة طلب الترخيص باستغلال منشأة مصنفة

بعد إيداع ملف طلب الترخيص باستغلال منشأة مصنفة يعد محضر إرسال إلى أعضاء لجنة المنشآت المصنفة السبعة عشر، يرسل الملف إلى كل عضو مع التوقيع على محضر الاستلام وتحديد تاريخ الاستلام.تتم دراسة الملفات من طرف كل أعضاء اللجنة دراسة وافية يتم بناء عليها إعطاء رأي العضو الذي يكون إما رأي موافق، أو رافض أو بتحفظ. يتم إرسال الرأي إلى مصلحة التنظيم والرخص، ليوضع مع الملف. في حالة التحفظ يتم إعلام صاحب الطلب بالتحفظات لإزالتها وذلك إما مباشرة من طرف عضو اللجنة المتحفظ أو عن طريق مصلحة التنظيم والرخص.

يتم كذلك دراسة الملف على مستوى مصلحة التنظيم باعتبارها تابعة لرئاسة اللجنة سواء الأصيلة أي الوالي أو المفوضة أي مدير البيئة، تركز هذه الدراسة بالخصوص على الوثائق التقنية،تتضمن دراسة الوثيقة شكلا ومضمونا مع تبيان الملاحظات أو التحفظات الواجب إزالتها، والتي يتم بصددها تحرير رسالة لمودع الطلب، والذي يلجأ إلى مكتب الدراسات من أجل استكمال المعلومات الناقصة وذلك في أجل شهر.[30]

بعد إعداد دراسة رفع التحفظات ودراستها هي الأخرى وقبولها يختلف الأمر، إذ  تختلف الإجراءات اللاحقة باختلاف نوع الوثيقة التقنية ففيما يخص دراسة الخطر أو تقرير المواد الخطيرة لا توجد نصوص توضح طريقة اعتمادها أو دراستها[31]،فعدم صدور النص الذي يبين كيفيات دراسة والموافقة على دراسات الخطر يجعلنا أمام فراغ قانوني، والسؤال الذي يطرح هو ما هي  الجهات المختصة بهذه الدراسة ؟

إن غياب نص صريح يتعلق بدراسات الخطر يوحي بأن دراستها تتم على مستوى لجنة المنشآت المصنفة الولائية، لكن الأمر ليس كذلك إذ بالبحث في التنظيم الداخلي للإدارة المركزية في وزارة البيئة يتضح وجود مديرية تقييم الدراسات البيئية التي تتبع لمديرية البيئة والتنمية المستدامة. تضم مديرية تقييم الدراسات البيئية مديريتين فرعيتين: الأولى هي المديرية الفرعية لتقييم دراسات التأثير والثانية المديرية الفرعية لتقييم دراسات الخطر والدراسات التحليلية البيئية التي من مهامها دراسة وتحليل مدى مطابقة دراسات الخطر وإبداء رأيها فيها.[32] إذن دراسات الخطر على غرار دراسات التأثير يتم إرسالها إلى الوزارة المكلفة بالبيئة من أجل دراستها والموافقة عليها- وهذا مطبق عمليا- ومن ثم إعادتها إلى لجنة المنشآت على مستوى الولاية لاستكمال دراسة ملف طلب الترخيص.

بخلاف دراسات الخطر حددت النصوص بدقة إجراءات فحص دراسة وموجز التأثير والموافقة عليهما،حيث يعلن الوالي أو مدير البيئة-بموجب التفويض- بموجب قرار فتح تحقيق عمومي بعد الفحص الأولي وقبول الدراسة أو الموجز من أجل دعوة الغير لإبداء آرائهم في المشروع المزمع إنجازه.[33] وفي هذا تأكيد على مساهمة الجمهور ومشاركته في إعداد القرارات التي يكون لها تأثير على حياة المواطنين،كصورة من “الديمقراطية الإيكولوجية”[34].من أجل تحقيق هذه الديمقراطية أكد القانون على ضرورة إعلام الجمهور بقرار فتح التحقيق العمومي بالتعليق في مقر الولاية، البلديات المعنية وموقع المشروع، والنشر في يوميتن وطنيتين، ويجب أن يتضمن الإعلام: موضوع التحقيق العمومي بالتفصيل، مدة التحقيق التي يجب ألا تتجاوز شهرا واحدا من تاريخ التعليق، الأوقات والأماكن التي يمكن للجمهور أن يبدي ملاحظته فيها على سجل مرقم ومؤشر عليه مفتوح لهذا الغرض. ترسل أي طلبات محتملة لفحص دراسة أو موجز التأثير إلى الوالي المختص والذي يدعو الشخص المعني للاطلاع على الدراسة في مكان معين و يمنحه مهلة 15 يوم لإبداء آرائه وملاحظاته.[35]

ترجع أسباب إتاحة الفرصة للمواطنين لإبداء آرائهم إلى كونهم أصحاب المصلحة الأكبر في ضمان “صحة بيئتهم” والأقل قدرة على رفع مطالبهم والمشاركة في استخدام الموارد والتأثير في القرارات، والدفاع عن صحتهم ومصادر عيشهم[36].

بموجب نفس القرار القاضي بفتح التحقيق يعين الوالي محافظ محقق يسهر على احترام تعليمات التعليق والنشر ويسجل جميع الآراء. يجري المحافظ كل التحقيقات ويجمع المعلومات التكميليلة لتوضيح العواقب المحتملة للمشروع على البيئة،في نهاية مهمته يحرر المحافظ محضرا يحتوي على تفاصيل التحقيقات ويرسله للوالي. يحرر الوالي نسخة من مختلف الآراء واستنتاجات المحافظ ويدعو صاحب المشروع لتقديم مذكرة جوابية في آجال معقولة.

يرسل ملف الدراسة المتضمن آراء المصالح التقنية، ونتائج التحقيق العمومي مرفقا بمحضر المحافظ المحقق والمذكرة الجوابية لصاحب المشروع ودراسة التأثير ودراسة الخطر أو موجز التأثير وتقرير المواد الخطرة إلى الجهة المختصة بالمصادقة عليها، وهي إما الوزير المكلف بالبيئة بالنسبة لدراسة مدى التأثير، أو المصالح المكلفة بالبيئة محليا بالنسبة لموجز التأثير، تقوم هذه الجهات بدراسة  دراسة أو موجز التأثير والوثائق المرفقة بهما مع إمكانية الاستعانة بالخبرة أو القطاعات الوزارية المعنية، على أن لا تتجاوز مدة الدراسة والفحص 4 أشهر من تاريخ إقفال التحقيق العمومي. يوافق الوزير المكلف بالبيئة على دراسة التأثير ودراسة الخطر، ويوافق الوالي المختص إقليميا على موجز التأثير وتقرير المواد الخطرة المرفق معه، يجب أن يكون قرار الرفض معللا.

يرسل قرار الموافقة أو الرفض إلى الوالي، الذي يقوم بدوره بتبليغ القرار إلى صاحب المشروع. في حالة الرفض يمكن لهذا الأخير ودون المساس بالطعون القضائية أن يقدم للوزير المكلف بالبيئة طعنا إداريا مرفقا بجميع التبريرات والمعلومات التكميلية التي تسمح بتوضيح أو تأسيس الاختيارات التكنولوجية والبيئية لطلب دراسة أو موجز جديد، تتم دراسته والموافقة عليه حسب نفس الإجراءات والأشكال سالفة الذكر.

لا يمكن لصاحب المشروع البدء في أشغال البناء والتشييد المتعلقة بالمشاريع الخاضعة لدراسة أو موجز التأثير إلا بعد الموافقة على هذين الأخيرين.[37]

بعد المصادقة على دراسة أو موجز التأثير والموافقة على دراسة الخطر، وتقرير الموارد الخطرة تجتمع لجنة المنشآت المصنفة لفحص طلب رخصة استغلال منشأة مصنفة، ويلجأ في حالة الخلاف بين الأعضاء إلى التصويت مع ترجيح صوت الرئيس في حال تساوي الأعضاء، كما يمكن أن يحضر صاحب الطلب مناقشات اللجنة، لتنتهي الدراسة إما برفض منح الموافقة المسبقة فلا يمكن البدء في استغلال المنشأة، أو منح مقرر  الموافقة المسبقة لإنشاء المؤسسة المصنفة،الذي يجب أن يشير إلى مجموع الأحكام الناتجة عن دراسة ملف طلب الترخيص بالاستغلال للسماح بالتكفل بها خلال إنجاز المؤسسة المصنفة المزمع إنجازها، ولا يمكن بأي حال الشروع في أشغال بناء المؤسسة المصنفة إلا بعد التحصل على مقرر الموافقة المسبقة.[38]

تجدر الإشارة إلى أن التنظيم قد حدد أجل ثلاثة أشهر من إيداع ملف الطلب لتسليم رخصة الموافقة المسبقة بالإنشاء، وبالمقابل نجده يحدد أجل شهر من أجل استكمال دراسة أو موجز التأثير ويمنح أجل شهر للتحقيق العمومي، ومهلة 4 أشهر لدراسة دراسة أو موجز التأثير من طرف الجهة المختصة بالموافقة عليها وذلك ابتداء من تاريخ إقفال التحقيق العمومي[39]. يتضح إذن من خلال كل هذه المواعيد أن هناك تناقض صارخ بينها، وإذا كان من الناحية النظرية يصعب الجمع بين كل هذه المواعيد، إذ يتضح أن مهلة دراسة دراسة التأثير وحدها أطول من المهلة المقررة لمنح الموافقة المسبقة بالإنشاء، فإن الجمع بين كل هذه المواعيد عمليا مستحيل، وهذا هو الواقع إذ قد تصل مدة منح الموافقة المسبقة إلى سنة وأكثر.

بعد الحصول على الموافقة المسبقة  بالإنشاء يشرع طالب الرخصة في تشييد المنشأة-بعد الحصول على الرخص المتعلقة بالتهيئة والتعمير-وبعد إتمام الإنجاز يقوم صاحب الملف بتقديم طلب المطابقة، وبناء على هذا الطلب تقوم اللجنة بزيارة الموقع بغرض التحقق من مطابقة الإنجاز للوثائق المدرجة في ملف الطلب. بعد التأكد من المطابقة تقوم اللجنة بإعداد مشروع قرار رخصة استغلال منشأة مصنفة وترسله إلى السلطة المؤهلة للتوقيع عليهوهي إما الوزير المكلف بالبيئة والوزير المعني بالقطاع بالنسبة لمؤسسات الفئة الأولى، والوالي بالنسبة لمؤسسات الفئة الثانية و رئيس المجلس  الشعبي البلدي بالنسبة لمؤسسات الفئة الثالثة. يجب أن يحدد القرار المتضمن رخصة الاستغلال الأحكام التقنية التي من شأنها الوقاية من التلوث والأضرار والأخطار التي تطرحها المؤسسة في البيئة و تخفيفها أو إزالتها.[40] وتجدر الإشارة إلى أنه بعد أن كان التنظيم يحدد مدة معينة للشروع في الاستغلال ينتهي بانتهائها دون بدأ الاستغلال مفعول القرار المتضمن الترخيص الإداري،[41] تخلى المنظم عن هذا التوجه ولم يشر إلى تقييد الترخيص بالاستغلال بمدة محددة.

إلى جانب رخصة استغلال منشأة مصنفة لابد من الحصول على رخص أخرى قبل الشروع في الاستغلال.

ثانيا:الرخص المتعلقة بنشاط المنشأة المصنفة

إن نظام الرخصة هو الوسيلة الأكثر شيوعا لتمكين الإدارة من مراقبة النشاطات الخطرة والتحكم في مستغليها، وهذه الرخص كثيرة نظرا لتعدد المواد والأشياء التي قد تشكل خطرا ثم اختلاف درجة خطورتها[42]فإلى جانب رخصة الاستغلال هناك العديد من الرخص الخاصة الإضافية التي قد يتطلبها استغلال المنشأة، مثل رخصة نقل النفايات الخاصة الخطرة، ورخصة إنتاج واستيراد المواد السامة، ورخصة تثمين النفايات وإزالتها.

1-رخصة نقل المواد الخاصة الخطرة:النفايات الخاصة الخطرة هي كل النفايات الخاصة التي بفعل مكوناتها وخاصية المواد السامة التي تحتويها يحتمل أن تضر بالصحة العمومية و/أو البيئة[43]،أما نقل المواد الخاصة الخطرة فيقصد به شحن هذه النفايات ونقلها وتفريغها[44].

تخضع عملية نقل هذا النوع من النفايات لترخيص من الوزير المكلف بالبيئة بعد استشارة الوزير المكلف بالنقل[45]. وتمت الإحالة إلى التنظيم، لكن هذا الأخير لم يتضمن ملف طلب الترخيص بنقل النفايات  ولا كيفيات منحه ولا خصائصه التقنية، بل أحال بدوره إلى قرار مشترك بين الوزير المكلف بالبيئة والوزير المكلف بالنقل. غير أن المرسوم التنفيذي ألزم كل ناقل للنفايات الخاصة أن يكون حائزا على ترخيص قيد الصلاحية عند كل نقل للنفايات الخاصة الخطرة،تكمن أهمية هذا الترخيص في كونه وثيقة تثبت تأهيل الناقل بنقل النفايات الخاصة الخطرة، يقدمه عند كل عملية مراقبة من السلطات المختصة كدليل على قانونية النشاط الذي يمارسه.[46]

2-رخصة إنتاج واستيراد المواد الاستهلاكية ذات الطابع السام: يقصد بالمنتوج الاستهلاكي، المنتوج النهائي الموجه للاستعمال الشخصي للمستهلك وما كان منه ذو طابع سام أو ينطوي على خطورة فإن إنتاجه أو استيراده يخضع لرخصة مسبقة[47]. يوجه طلب الرخصة إلى مديرية المنافسة والأسعار المختصة إقليميا عن طريق البريد في ظرف مسجل مع إشعار بالاستلام، أو يودع مباشرة على مستوى المديرية مقابل وصل استلام لا يعد بأي حال من الأحوال رخصة مسبقة أو مؤقتة.تسلم الرخصة من طرف وزير التجارة بعد استشارة مجلس التوجيه العلمي والتقني للمركز الجزائري لمراقبة النوعية والرزم، في أجل 45 يوم من إيداع الطلب قابلة للتمديد بـ15 يوم إضافية.يتعلق هذا الأجل بمنح الرخص أو رفضها على السواء. يجب على المستفيد من الرخصة المسبقة للصنع استظهارها عند كل عملية مراقبة، كما لا تقبل المنتوجات الاستهلاكية السامة على التراب الوطني إلا بعد تقديم الرخصة المسبقة للاستيراد. يمكن سحب الرخصة في حال افتقد أحد العناصر التي سلمت من أجلها، بعد إنذار كتابي للمعني بالأمر يدعى فيه للامتثال للتشريع والتنظيم خلال شهر من التبليغ.[48]

3-رخصة تثمين النفايات وإزالتها:يلزم المشرع كل منتج للنفايات أو حائز لها بضمان أو العمل على تثمين النفايات الناجمة عن المواد التي يستوردها أو يسوقها أو يصنعها، وفي حال عدم قدرته على تفادي إنتاج هذه النفايات أو تثمينها فإنه يلتزم بالعمل على إزالة هذه النفايات على حسابه الخاص بطريقة عقلانية بيئيا، وذلك بأن تتم وفقا لشروط المطابقة لمعايير البيئة.[49] وقد صدر مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات تثمين النفايات وشروط إزالتها خصوصا نفايات التغليف، وقد أخضع المرسوم تثمين النفايات لرخصة تسلمها الإدارة المعنية وذلك بعد الاستجابة للشروط العامة المحددة في دفتر الشروط، أما عن كيفيات طلب هذه الرخصة ومنحها فقد تمت الإحالة فيها إلى تنظيم آخر. ويمكن في كل حال سحب رخصة تثمين النفايات من طرف السلطة المختصة في حال إثبات أي إخلال بالإجراءات المعمول بها.[50]

إن النظام القانوني الثاني الذي تخضع له المنشآت المصنفة هو نظام التصريح.

المطلب الثاني: نظام التصريح الإداري

قد يبيح القانون للأفراد ممارسة نشاطات محددة دون الحصول على تراخيص مسبقة، على الرغم من احتمال تلويثها للبيئة بل يكتفي باشتراط الإبلاغ عنها، وذلك لأن احتمالات التلوث المترتبة عليها أقل أو لأن المخاطر الناتجة عنها أهون[51]. من أجل الوقوف على حقيقة التصريح كنظام قانوني تخضع له المنشآت المصنفة لابد من تعريفه(فرع أول)،ثم آثاره القانونية(فرع ثان)ثم بعض صور التصريحات المرتبطة باستغلال المنشآت المصنفة(فرع ثالث).

الفرع الأول:تعريف التصريح الإداري

إن مصطلحات التصريح، الإخطار، الإعلان، الإبلاغ، الإعلام هي تسميات مختلفة لنظام قانوني واحد، يهدف إلى إلزام الأفراد أو الهيئات بإخبار سلطات الضبط الإداري أو السلطات الإدارية قبل مزاولة النشاط أو ممارسة الحرية المزمع ممارستها.[52]ولقد تعددت التعاريف التي قيلت في التصريح نذكر منها:

” التصريح هو سلوك تلقائي يقوم به المخطر و المصرح اتجاه السلطة الإدارية قبل قيامه بالنشاط، حيث يلزمه القانون بلإبب بببببتتتبببببببإبلاغ الإدارة عن نواياه”.[53]

و” الإخطار وسيلة من وسائل تنظيم ممارسة الحريات الفردية بقصد الوقاية مما قد ينشأ من ضرر، وذلك بتمكين الإدارة من إعلامها بالعزم على ممارسة نشاط معين من المعارضة فيه إذا كان غير مستوف للشروط التي أوجبها القانون سلفا، لشرعية مزاولته، ومن شأنه تقييد ممارسة النشاط المفروض عليه بالقدر الذي يجعله متفقا مع الصالح العام”. أو الإخطار ليس طلبا أو التماسا بالموافقة على ممارسة النشاط إنما هو يحوي بيانات تقدم لجهة الإدارة المختصة حتى تكون على علم مقدما بما يراد ممارسته من نشاط.[54] لكن الواقع أن التصريح لا يكون دائما سابق أو قبلي، بل قد يكون لاحقا لممارسة النشاط، حيث قد يسمح القانون بممارسة النشاط دون إذن مسبق بشرط الإبلاغ عنه خلال مدة معينة للسماح للإدارة بمراقبة آثار هذا النشاط واتخاذ اللازم للتخفيف منها.[55]

إذن يمكن القول أن التصريح أو الإخطار أو الإبلاغ يتمثل في إقدام الأفراد أو الهيئات على إعلام السلطات الإدارية إما بصفة مسبقة أو لاحقة-بحسب ما يتطلبه القانون- بالنشاط المزمع ممارسته أو الممارس فعلا مما يمكنها من دراسة الانعكاسات والآثار السلبية المحتمل نتوجها عنه، لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للقضاء على هذه الآثار أو تقليلها.

إن التساؤل الذي يثور بعد تعريف التصريح هو آثار هذا التصريح.

الفرع الثاني:الآثار القانونية للتصريح الإداري

إن الآثار القانونية للتصريح تختلف بالنظر لمدى الاختصاصات والصلاحيات التي تحوزها السلطة الإدارية في دراسته وإبداء تحفظاتها أو ملاحظتها عليه، أو رفضه تماما،[56] فالأصل أن نظام الإخطار لا يقترن بحق الإدارة في الاعتراض على ممارسة النشاط، بحيث يتمكن المصرح من ممارسته بمجرد الإخطار أو بعد مدة معينة من الإخطار وفي هذه الحالة تقتصر سلطة الإدارة على التحقق من صحة البيانات الواردة في التصريح واستيفائه الإجراءات المقررة قانونا[57] ومن ثم إما تسليم وصل الاستلام في الآجال المحددة قانونا، أو الامتناع عن تسليم هذا الوصل إذا تبين أن المصرح لم يستوف الشروط والإجراءات المتطلبة قانونا لممارسة النشاط.

إلا أن المشرع قد يعترف للإدارة بحق رفض التصريح أو الاعتراض عليه مع تقييد هذا الحق بمدة معينة أو بدون هذا التقييد، حيث تكون لها سلطة تقديرية واسعة لمنع ممارسة النشاط مؤقتا واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للحيلولة دون ضرر النشاط،[58] وفي هذه الحالة يقترب التصريح من الترخيص. غير أن هذا الطرح يثير بعض الإشكالات، ففي حالة تحديد مدة معينة للرفض فإن اتخذت الإدارة موقفا إيجابيا في الرد برفض النشاط فهذا يعد رفضا صريحا يعادل رفض الترخيص.[59] أما إن سكتت الإدارة خلال تلك المدة فإنه يكون للأفراد مزاولة النشاط بمجرد مضي المدة المحددة قانونا لأن سكوت الإدارة خلالها يعتبر عدم اعتراض على ممارسة النشاط،[60] أو قبولا ضمنيا بالقيام بالعمل محل التصريح، كما قد تتخذ الإدارة موقف وسط بين القبول  الضمني والرفض الصريح، بأن تبدي تحفظاتها عليه، أي تقرن ممارسة النشاط بتحقيق الشروط التي تحددها وتراها كافية لحماية البيئة.[61]

الفرع الثالث: التصريحات الواجب الحصول عليها لاستغلال منشأة مصنفة

إذا كان التصريح باستغلال منشأة مصنفة أهم أشكال التصاريح المتعلقة بالمنشآت المصنفة(أولا)، إلا أن التشريعات الخاصة، قد تتطلب تصريحات أخرى، ترتبط إما بمخلّفات المنشأة مثل: التصريح بالنفايات الخاصة الخطرة(ثانيا) أو طبيعة نشاطات المنشأة مثل: التصريح بالأجهزة المولدة للإشعاعات المؤينة(ثالثا).

أولا:التصريح باستغلال منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة

إن منشآت الدرجة الرابعة هي أقل المنشآت خطورة على  البيئة، لذلك فإن إجراءات إنشائها هي أقل تعقيدا مقارنة بغيرها، لكنها أيضا تمر بمرحلتين إجرائيتين هما إيداع الملف، ثم دراسته.

1-إيداع ملف التصريح باستغلال منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة:

إن الوثائق المطلوبة في ملف إنشاء منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة هي أقل من غيرها، وعموما يمكن معرفة الوثائق المطلوبة في ملف إنشاء منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة إما بالاطلاع على المرسوم التنفيذي الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة،أو بالتقرب من مديرية البيئة للحصول على مطبوعات إرشادية تبين الوثائق المتطلبة في الملف. هذه الوثائق هي كما يلي:

1-طلب التصريح بإنشاء منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة موجه إلى السيد مدير لجنة المنشآت المصنفة.

2-وثيقة تقنية تشتمل على: اسم المستغل و لقبه أو تسمية الشخص المعنوي و شكله القانوني، عنوان المستغل سواء كان شخص طبيعي أو معنوي، عنوان المنشأة، طبيعة النشاطات التي يعتزم المصرح ممارستها وحجمها، فئة أو فئات المنشآت المصنفة التي يجب أن تصنف المنشأة ضمنها مثلا: منشأة لصناعة واستعمال الزجاج يتم تصنيفها كما يلي(2541-أ.ج.ت)وباللغة الفرنسية(2541-A.c-d)، مساحة المنشأة، عدد المستخدمين، القدرة الكهربائية للآلات بالكيلوواط.

3-مخطط وضعية: يتم وضعه من طرف مهندس معماري، يبين موقع المؤسسات والمنشآت المصنفة.

4-مخطط الكتلة يبين مجالات الإنتاج وتخزين المواد.

5-تقرير يبين مناهج الصنع التي ينفذها صاحب المشروع والمواد التي يستعملها وخاصة المواد الخطيرة التي يمكن أن تكون بحوزته، وكذا المواد التي سيصنعها، بشكل يسمح بتقييم سلبيات المؤسسة.

6-تقرير عن طريقة وشروط إعادة استعمال وتصفية وتفريغ المياه القذرة والانبعاثات وإزالة النفايات.[62]

بالإضافة إلى هذه الوثائق المحددة في المرسوم التنفيذي يرفق الملف بصورة طبق الأصل عن بطاقة التعريف الوطنية وكذا نسخة من عقد الإيجار أو الملكية لمحل إقامة المنشأة.[63]

إذا كان المفروض قانونا أن التصريح باستغلال منشآت مصنفة يتم إيداعه لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي[64]،إلا أن الواقع العملي الإداري هو غير ذلك. فنظرا لعدم توافر الخبرة والكفاءة المهنية الفنية والتقنية في المصالح الموجودة على مستوى البلدية فإن ملفات التصريح بإنشاء منشأة مصنفة تودع لدى مديرية البيئة “مصلحة التنظيم والرخص” على مستوى الولاية. وعليه يمكن القول عمليا أن كل ملفات إنشاء أو استغلال منشآت مصنفة يتم إيداعها على مستوى الولاية وتوجه كل الطلبات إلى رئيس اللجنة الولائية للمنشآت المصنفة، الذي غالبا ما يكون مدير مديرية البيئة بناءا على تفويض من الوالي المختص الأصلي برئاسة اللجنة. يتم إيداع ملف التصريح في خمس نسخ [65]قبل ستون يوما على الأقل من بداية استغلال المؤسسة المصنفة. إذن المشرع الجزائري اعتمد نظام التصريح السابق، في مرسوم سنة 1998 ومرسوم 2006.

نص المشرع الجزائري صراحة وبصيغة الأمر على ضرورة تسليم وصل إيداع للمصرح  بموجب مرسوم   1998[66]، لكنه لم يحدد مدة معينة لتسليم هذا الوصل وهو ما يدعو للتساؤل عن مدى سلطة الإدارة في تسليم هذا الوصل بمجرد إيداع التصريح بغض النظر عن استيفائه للشروط القانونية من عدمه، أم أنها سلطة تقديرية تخولها عدم تسليم وصل الإيداع إذا اتضح لها عدم استيفاء الشروط والوثائق المطلوبة أو على الأقل تأخير تسليم الوصل إلى حين دراسة بيانات ووثائق التصريح والتحقق من مدى احتمال تأثير النشاط على البيئة، أو لحين استكمال النقص في التصريح[67]، وهو الأمر الذي يمكن طلبه من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي.[68] لكن مرسوم 2006 لم يتضمن أي نص يلزم السلطة الإدارية بتسليم وصل إيداع للمصرح وهو ما يدعو للتساؤل عما إذا كان هذا مجرد سهو أم أنه تجاهل متعمد، ذلك أن وصل الإيداع هو الدليل الدامغ على صحة تصريح المصرح، وعدم تسليمه له يجعله معرضا لانتهاك حقوقه طالما لم يوجد بين يديه دليل يثبت قيامه بالالتزام القانوني الملقى على عاتقه.

2- دراسة ملف التصريح باستغلال منشأة مصنفة

بعد إيداع ملف التصريح باستغلال منشأة مصنفة من الدرجة الرابعة على مستوى مصلحة التنظيم والرخص التابعة لمديرية البيئة الولائية، تتم الدراسة الأولية للملف من طرف موظفي هذه المصلحة وتشمل هذه الدراسة دراسة قانونية للملف شكلا ومضمونا،للتأكد من توافر كل المعلومات المطلوبة فيه وإرفاقه بالوثائق اللازمة وكذا دراسة تقنية يقوم بها مهندس البيئة التابع للمصلحة لمعرفة مدى تحقيق الملف للمقتضيات التقنية والفنية لاستغلال منشأة مصنفة وبالخصوص دراسة التقرير الذي يبين مناهج الصنع والمواد المستعملة، وخاصة المواد الخطيرة التي يمكن أن يحوزها والمواد المصنعة وكذا التقرير المتضمن طريقة وشروط إعادة استعمال وتصفية وتفريغ المياه القذرة، والانبعاثات من كل نوع وإزالة النفايات كل هذا من أجل الوقوف على سلبيات المؤسسة أو آثارها الجانبية.

بعد الدراسة يتم تحرير وثيقة “تحقيق في ملف التصريح” تتضمن معلومات عن صاحب الملف وتاريخ إيداعه وتصنيف المنشأة والنظام القانوني الذي تخضع له، بالإضافة إلى الملاحظات المنبثقة عن الدراسة الأولية للملف مع الإشارة إلى ضرورة تسبيب رفض الموافقة على التصريح، وكذا إرسال نسخة من الرد إلى المصلحة. يتم توقيع هذه الوثيقة من طرف رئيس لجنة المنشآت المصنفة ويتم توجيهها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي.

ترفق هذه الوثيقة بالنسخ الأربع لملف التصريح التي ترسل إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي، على أن إرسال هذه الوثائق يتم بطريقتين، إما إرسالها من طرف مصلحة التنظيم والرخص إلى الدائرة التي تقوم بدورها بإرسالها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي،أو أن يعود المصرح ليأخذ هذه الملفات ويودعها مباشرة لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي، وهذا الطريق الأخير هو الشائع، وذلك من أجل ربح الوقت، خصوصا أن المصرح يكون أكثر الناس حرصا على وصول الملف إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي في أقرب وقت للحصول على الرد بشكل أسرع. بعد وصول الملف إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي تتم دراسة الملف من جديد –تكون في الأغلب دراسة سطحية- مع الاستعانة أو بالاعتماد على وثيقة التحقيق المرفقة بالملف، من أجل التوصل إلى الرد على ملف التصريح.إن هذا الرد يحتمل ثلاث حالات:

-إما الرد بقبول التصريح، وفي هذه الحالة يتم إرسال نسخة للمصرح ونسخة أخرى لمصلحة التنظيم والرخص، وهنا يمكنه الشروع في ممارسة نشاطه.

-أو الرد برفض التصريح، فبعد أن كان المشرع الجزائري بموجب مرسوم 1998 لم يمنح رئيس المجلس الشعبي البلدي حق  الاعتراض على التصريح أو رفضه بل مكنه من صلاحيتين اثنتين هما: إما إشعار المصرح خلال 8 أيام إذا تبين أن المنشأة تخضع لنظام الترخيص وليس التصريح، أو طلب استكمال ملف التصريح في حالة عدم استيفائه الشروط والوثائق المطلوبة[69]، إلا أن الأمر تغير في مرسوم 2006، حيث أقر إمكانية رفض تصريح استغلال منشأة مصنفة من الفئة الرابعة وإن كان قيّد هذا الرفض بضرورة تبريره، والمصادقة عليه من طرف لجنة المنشآت المصنفة ليتم بعد ذلك تبليغه للمصرح[70]. ويتضح أن التشريع الجزائري والحال هذه قد غلّب نظام الترخيص على نظام التصريح، بحيث تحول من مجرد تصريح بالاستغلال إلى طلب الترخيص بالاستغلال، ذلك أن الاعتراف بإمكانية الرفض يجعل المصرح بدل البدء في الاستغلال ينتظر موافقة رئيس المجلس الشعبي البلدي الصريحة، بل والأخطر من ذلك أنه لم تتم تحديد مدة معينة يمكن الرفض خلالها، بانتهائها  يعتبر سكوت الإدارة موافقة ضمنية بل ترك المجال الزمني للرفض مفتوحا وهو ما يؤدي إلى تعطيل الممارسة الفعلية للنشاط المزمع القيام به، وفي حالة عدم انتظار الرد والشروع في الاستغلال يبقى المشروع مهددا بالرفض الذي يصدر في أي لحظة ودون سابق إنذار.

من أجل التخفيف من حدة هذا الطرح يمكن البحث في المواعيد المحددة في المرسوم، الممكن الاستئناس بها لتحديد المدة المسموح بها لرفض التصريح، ويتضح أن هناك ميعادان:

*الميعاد الأول يقدر بثلاثة أشهر، وهو أجل منح الموافقة المسبقة لإنشاء المؤسسة المصنفة بعد دراسة ملف طلب الترخيص، يبدأ حسابه من تاريخ إيداع ملف طلب الترخيص، وهو كذلك أجل تسليم رخصة استغلال منشأة مصنفة، ويبدأ سريانه من تاريخ تقديم الطلب عند نهاية الأشغال.[71] من خلال مناقشة مدى إمكانية تطبيق هذا الميعاد على أجل رفض التصريح يمكن القول أنه يفترض أن المنشآت الخاضعة للتصريح هي أقل خطرا على البيئة من تلك الخاضعة للترخيص، كما أن ملف طلب الترخيص يتضمن وثائقا تقنية وفنية –تحتاج وقتا معتبرا لدراستها- لا يتضمنها ملف التصريح، وبالتالي فالمفروض أن تكون مدة دراسة ملف التصريح أقل من تلك المقررة لدراسة ملف الترخيص، أي أقل من 3 أشهر.

*الميعاد الثاني هو الميعاد المحدد للمصرح لتقديم تصريحه خلاله، وهو 60 يوما على الأقل قبل بداية استغلال المؤسسة المصنفة[72]، من خلال مناقشة إمكانية تطبيق هذا الميعاد على المدة الممكن الرفض أثناءها، يمكن القول أنه على الرغم من أن هذا الميعاد حدد لإلزام المصرح، إلا أن ما يمكن استنتاجه بمفهوم المخالفة، أن هذا الميعاد تم تقريره لمصلحة الإدارة لتتمكن خلال هذه المدة من دراسة ملف التصريح، والتدقيق في بياناته، وبالتالي إبداء تحفظاتها، أو رفضها خلال هذه المدة، أي خلال مدة 60 يوما السابقة لاستغلال المنشأة المصنفة، وبهذا تكون سلطة الإدارة في الرفض مقيدة بمدة محددة، يعتبر فواتها دون رد صريح من الإدارة موافقة ضمنية على التصريح.

-الحالة الثالثة هي السكوت، أو عدم الرد لا إيجابا ولا سلبا، وهي الحالة الأصعب، لأنها تضع المصرح في موقف لا يمتعه بأي ضمانات،ويجعله في مفترق طريقين لا يوفر له أي منهما حلا، فمن جهة ليس بين يديه قرار صريح يمكنه إما من ممارسة نشاطه إذا كان بالإيجاب، أو إتباع سبيل التظلم أو اللجوء إلى القضاء إذا كان بالرفض، ومن جهة أخرى فإنه لا يمكنه التمسك بقرار ضمني سواء تم تفسيره بالموافقة أو الرفض، طالما أنه لا يوجد أي نص قانوني يقيد الإدارة بميعاد قانوني للرد على التصريح، يمكن الكلام بانقضائه دون رد عن قرار ضمني. فيبقى المصرح تحت رحمة الإدارة دون أن تكون له أية إمكانية قانونية للتصرف، غير إعادة تكوين ملف أو إيداعه وفق الإجراءات سالفة الذكر.

ثانيا:التصريح بالنفايات الخاصة الخطرة

ألزم المشرع من خلال القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، منتجي و/أو حائزي النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات، وكذلك الإجراءات العملية المتخذة والمتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات بأكبر قدر ممكن وقد أحال في تبيان تفاصيل هذا التصريح إلى التنظيم .[73] بالفعل صدر مرسوم تنفيذي يهدف إلى تحديد كيفيات التصريح بالنفايات الخاصة الخطرة، حدد النموذج أو القالب الذي يجب أن تفرغ فيه المعلومات المتعلقة بطبيعة النفايات وكميتها وخصائصها ومعالجتها والإجراءات المتخذة والمتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات. كما ألزم المرسوم المصرّح بإرسال التصريح إلى الإدارة المكلفة بالبيئة في أجل لا يتجاوز 3 أشهر بعد نهاية السنة المعتبرة من هذا التصريح.[74]

ثالثا:التصريح بالأجهزة المولدة للإشعاعات المؤينة

تخضع حيازة الأجهزة المولدة للإشعاعات المؤينة لإجراءات التصريح طبقا للتنظيم المعمول به لدى محافظة الطاقة الذرية،[75] التي تعتبر أداة تضع وتطبق السياسة الوطنية لترقية الطاقة والتقنيات النووية وتنميتها، تتخذ شكل مؤسسة عمومية وطنية ذات طابع خاص تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي[76].يجب أن يبين في التصريح الخاص بالجهاز الذي يرسل الإشعاعات الأيونية خاصيات الآلة ووسائل الحماية،[77]وبتفصيل أكبر يجب أن يتضمن التصريح المتعلق بالأجهزة المولدة للإشعاعات المؤينة:-الخصائص التقنية للجهاز وترتيبات الحماية المقررة-تاريخ ومكان صنع الجهاز-الاسم والعنوان الكامل للصانع-شهادات مطابقة الجهاز حسب المقاييس الوطنية والدولية الملائمة.زيادة على ذلك يجب على المستخدم أن يبين عنوان شركته ونشاطه الجاري والنشاط الذي ينوي القيام به لاستعمال المصادر المشعة وتاريخ بداية النشاط ونهايته.[78]

خاتمة:

إن  احترام كل الأنظمة القانونية والإجراءات الإدارية الآنف ذكرها يجعل المنشأة المصنفة تتخطى عقبة الرقابة الإدارية السابقة، للشروع في استغلالها وممارسة نشاطها، غير أن الرقابة الإدارية لا تقف عند هذا الحد، بل تستمر مع المنشأة أثناء ممارسة نشاطها،ذلك أن النصوص المنظمة للمنشآت المصنفة تفرض أن يكون أي تعديل في نشاط المؤسسة أو تغيير لمكانها محلا لتصريح أو ترخيص جديد وفق نفس الأشكال سالفة الذكر، أما في حال تغيير المستغل فلابد من التصريح بذلك خلال شهر إلى الوالي في المؤسسات الخاضعة للترخيص أو رئيس المجلس الشعبي البلدي في المؤسسات الخاضعة للتصريح[79]،لتمكين السلطات الإدارية المختصة من مواجهة الآثار الناشئة عن هذه التعديلات.

الهوامش:

[1]  م.2 من المرسوم التنفيذي رقم 06-198يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة و يحدد قائمتها، ج.ر.ع.37 لسنة 2006.

[2] عزاوي عبد الرحمن، النظام القانوني للمنشآت المصنفة لحماية البيئة ، مكتبة العلوم القانونية والإدارية، الجزائر، ط.1، س.2003، ص.28-38.

[3] عادل السعيد محمد أبو الخير ، الضبط الإداري و حدوده، شركة مطابع الطوبجي التجارية ، مصر ، س.1993، ص.274.

[4] عزاوي عبد الرحمن، مرجع سابق، ص.40.

[5] طارق إبراهيم الدسوقي عطية، الأمن البيئي-النظام القانوني لحماية البيئة-، دار الجامعة الجديدة، مصر، س.2009 ، ص.355.

[6]عزاوي عبد الرحمن، مرجع سابق، ص.42.

[7] م.12 من المرسوم التنفيذي رقم 01-145مؤرخ في 6يونيو2001 يتعلق بشروط ممارسة مهنة الخباز الحلواني و كيفياتها، ج.ر.ع.32، س.2001.

[8] م.4 من المرسوم التنفيذي رقم 97-435 مؤرخ في 17 نوفمبر1997 يتضمن تخزين المواد البترولية و توزيعها، ج.ر.ع.77، س.1997.

[9] م.17/ف.2، من المرسوم رقم 88-149 مؤرخ في 26يوليو1988الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى، ج.ر.ع.30مؤرخة في 27يوليو1988،ص.1104.

[10]عادل السعيد محمد أبو الخير، مرجع سابق، ص.282و ما بعدها.

[11]طارق إبراهيم الدسوقي عطية، مرجع سابق، ص.355.

[12] عادل السعيد محمد أبو الخير، مرجع سابق، ص.283.

[13] Dominique Guihal, droit repressif de l’environnement, economica, Paris,3 èd,A.2008,p.596.

[14] عزاوي عبد الرحمن، مرجع سابق، ص.50.

[15] Dominique Guihal, op.cit,p.597.

[16] محمد أحمد فتح الباب، التنظيم القانوني للنشاط الصناعي، دار النهضة العربية، مصر، ط.1، س.2001،ص.99.

[17] م.20 من مرسوم رقم 76-34 يتعلق بالعمارات المخطرة وغير الصحية أو المزعجة، ج.ر.ع21، مؤرخة في 12مارس1976،ص.287.

[18] م.19 من المرسوم النفيذي رقم 98-339 مؤرخ في 3نوفمبر1998،الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى، ج.ر.ع.82،مؤرخة 4نوفمبر1998، ص.3.

[19] م.19 من المرسوم رقم 76-34 المتعلق بالعمارات المخطرة و غير الصحية أو المزعجة الملغى.

[20] م.19/ف.1 من المرسوم رقم 88-149 الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى.

[21]طارق إبراهيم الدسوقي عطية، مرجع سابق، ص.357.

[22]محمد أحمد فتح الباب،مرجع سابق ، ص.97.

[23] طارق إبراهيم الدسوقي عطية، مرجع سابق، ص.356.

[24] ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، دار المطبوعات الجامعية، مصر، س.1995، ص93،

[25] نعيم مغبغب، مرجع سابق، ص.75.

[26] موريس نخلة، الوسيط في المحلات و المؤسسات المصنفة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،س.1999، ص.300.

[27] نعيم مغبغب، الجديد في الترخيص الصناعي والبيئي والمواصفات القياسية، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،، ط.1، س.2006، ص.76.

[28] Raphael Romi, droit et administration de l’environnement ,Montchrestien, Paris, 3 èd, A.1999,p.381.

[29] المواد5-8-9 من المرسوم التنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة و يحدد قائمتها.

[30] المادتين7-8 من المرسوم التنفيذي 07-145 مؤرخ في 19ماي2007يحدد مجال تطبيق و محتوى و كيفيات المصادقة على دراسة و موجز التأثير على البيئة، ج.ر.ع. 34مؤرخة في 22ماي2007،ص.92.

[31] م.15 مرسوم 06-198. يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[32] م.2 مرسوم تنفيذي رقم 07-351 مؤرخ في 18نوفمبر2007، يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة التهيئة العمرانية و البيئة والسياحة ج.ر.ع.73،س.2007، ص.6.

[33] م.9 مرسوم تنفيذي 07-145 يحدد مجال تطبيق ومحتوى وكيفيات المصادقة على دراسة وموجز التأثير على البيئة.

[34] طه طيار، دراسة التأثير في البيئة-نظرة في القانون الجزائري-، مجلة المدرسة الوطنية للإدارة، مطبعة دحلب، الجزائر، ع.1، س.1991..

[35] م.10-11 مرسوم تنفيذي 07-145 يحدد مجال تطبيق و محتوى و كيفيات المصادقة على دراسة و موجز التأثير على البيئة.

[36] خالد مصطفى قاسم، إدارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة، الدار الجامعية للنشر، مصر، ب.ط، س.2007، ص.225.

[37] المواد من12إلى 21 من المرسوم التنفيذي 07-145 يحدد مجال تطبيق ومحتوى وكيفيات المصادقة على دراسة وموجز التأثير على البيئة.

[38] م.16-17-18 مرسوم 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[39] المادة6 من المرسوم التنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة و المواد 8-10-17من المرسوم التنفيذي 07-145 يحدد مجال تطبيق ومحتوى وكيفيات المصادقة على دراسة وموجز التأثير على البيئة.

[40] المواد6-19-20-21 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[41] م.19 من مرسوم 76-34، و م.19 من مرسوم 88-149.

[42] علي سعيدان، حماية البيئة من التلوث بالمواد الإشعاعية والكيمياوية في القانون الجزائري، دار الخلدونية، الجزائر، ط.1،س.2008، ص.280.

[43]م.3 من القانون 01-19 مؤرخ في 12ديسمبر2001 يحدد كيفيات نقل النفايات ومراقبتها وإزالتها، ج.ر.ع.77، س.2001، ص.9

[44] م.2 من المرسوم التنفيذي رقم 04-409 مؤرخ في 14ديسمبر2004 يحدد كيفيات نقل النفايات الخاصة الخطرة، ج.ر.ع.81، س.2004، ص.3.

[45] م.24 ق.01-19.

[46] م.14-15 ، المرسوم التنفيذي 04-409.

[47] م.1-2 من المرسوم التنفيذ رقم 97-254 مؤرخ في 8 يوليو1997،يتعلق بالرخص المسبقة لإنتاج المواد السامة أو التي تشكل خطرا من نوع خاص و استيرادها، ج.ر.ع.46، س.1997، ص.21.

[48] م5.6-7-8-9-10 من المرسوم التنفيذي 97-254 مؤرخ في 8 يوليو1997يتعلق بالرخص المسبقة لإنتاج المواد السامة أو التي تشكل خطرا من نوع خاص و استيرادها، ج.ر.ع.46، س.1997، ص.21.

[49] م.7-8-11 من ق.01-19 يحدد كيفيات نقل النفايات و مراقبتها و إزالتها.

[50] المرسوم التنفيذي رقم 02-372 مؤرخ في 11نوفمبر2002 يتعلق بنفايات التغليف، ج.ر.ع.74، س.2002، ص.11.

[51] طارق إبراهيم الدسوقي عطية، مرجع سابق ، ص.357.

[52] عادل السعيد محمد أبو الخير، مرجع سابق، ص.274.

[53] عزاوي عبد الرحمن، النظام القانوني للمنشآت المصنفة لحماية البيئة، مرجع سابق، ص.30.

[54] عادل السعيد محمد أبو الخير ، مرجع سابق، ص.276.

[55]طارق إبراهيم الدسوقي عطية،مرجع سابق، ص.375.

[56] عزاوي عبد الرحمن،النظام القانوني للمنشآت…، مرجع سابق، ص.32.

[57] عادل السعيد محمد أبو الخير، مرجع سابق، ص.276.

[58] عزاوي عبد الرحمن،النظام القانوني للمنشآت المصنفة لحماية البيئة ، مرجع سابق، ص.32.

[59] طارق إبراهيم الدسوقي عطية،مرجع سابق، ص.357-358.

[60] عادل السعيد محمد أبو الخير، مرجع سابق، ص.278.

[61] طارق إبراهيم الدسوقي عطية، مرجع سابق، ص.358.

[62] م.25 -29 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[63] هذه الوثائق لا يوجد أي نص قانوني يتطلبها، بل يتعلق الأمر بإجراء إداري محض من دون سند قانوني.

[64] م24 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة

[65] هذا التحديد العددي هو اجتهاد إداري لا يستند على أي نص قانوني موضوع مسبقا .

[66] م.22 مرسوم 98-339 الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى.

[67] عزاوي عبد الرحمن،النظام القانوني للمنشآت المصنفة لحماية البيئة ، مرجع سابق، ص.34-35.

[68] م.23 مرسوم 98-339 الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى.

[69] م.23 مرسوم 98-339 الذي يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها الملغى.

[70] م.26 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة

[71] م.6 من المرسوم التنفيذي 06- 198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[72] م.24 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

[73] م.21 ق.01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، يتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها، ج.ر.ع.77، س.2001، ص.9.

[74] م.1 -2-3المرسوم التنفيذي 05-315 مؤرخ في 10 سبتمبر2005 يحدد كيفيات  التصريح بالنفايات الخاصة الخطرة، ج.ر.ع.62، س.2005، ص.5.

[75] م.5 من المرسوم الرئاسي رقم 05-117 مؤرخ في 11 أبريل 2005 يتعلق بتدابير الحماية من الإشعاعات المؤينة، ج.ر.ع.27، س.2005، ص.3.

[76] م.2-4 المرسوم الرئاسي رقم 96-436 مؤرخ في 1 ديسمبر 1996 يتضمن إنشاء محافظة الطاقة الذرية و تنظيمها و سيرها، .ج.ر.ع.75،س.1996، ص.24.

[77] م.29 مرسوم 86-132 مؤرخ في 27 ماي1986 يحدد قواعد الحماية العمال من أخطار الإشعاعات الأيونية و القواعد المتعلقة بمراقبة حيازة المواد الإشعاعية و الأجهزة التي تتولد عنها الإشعاعات الأيونية و استعمالها، ج.ر.ع.22، س.1986.،ص.870.

[78] م.7 مرسوم رئاسي رقم 05-117.

[79] المواد27-38-39-40 مرسوم تنفيذي 06-198 يضبط التنظيم المطبق على المنشآت المصنفة لحماية البيئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى