مقالات قانونية

الوحدتين المركزيتين لتكوين الأطر والبحث التربوي بين الشرعية والمشروعية

DSC03067 

 

 

                                                                                                بقلم الدكتور عبد الكريم جلام

                                                                                                أستاذ التعليم العالي مساعد

                                                                                      ( شعبة القانون التربوي والتنظيم الإداري)

                                                                                                       مراكش

من مميزات النسق السياسي في المغرب الحديث، هناك ميزتان أولهما أن نظام الملكية الدستورية، الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، يقوم على أسس حضارية ثابتة منها الشرعية والمشروعية، وثانيهما أن الملك أمير المؤمنين الذي هو رئيس الدولة، يتابع عن كثب إصلاح نظام التربية والتكوين، ويبدي ملاحظاته السامية بشكل متواصل بشأنه.

ومن بين الدعوات الجريئة السامية في هذا الموضوع، قول جلالته: ” وفي هذا الصدد، ينبغي إعادة النظر في مقاربتنا، وفي الطرق المتبعة في المدرسة، للانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه، مقتصرا على تلقين المعارف للمتعلمين، إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين، وتنمية قدراتهم الذاتية، وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار، فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات، والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين (…) إن الأمر لا يتعلق إذن، في سياق الإصلاح المنشود، بتغيير البرامج، أو إضافة مواد أو حذف أخرى، وإنما المطلوب هو التغيير الذي يمس نسق التكوين وأهدافه، وذلك بإضفاء دلالات جديدة على عمل المدرس لقيامه برسالته النبيلة(1).

وبتحليل مضمون هذه الأفكار الحضارية والسامية بامتياز، يتبين أن إصلاح نظام التربية والتكوين في نظرية ” المفهوم الجديد للسلطة “، لا يتحقق بمجرد تغيير البرامج، أو حذف مواد وتعويضها بأخرى، و إنما المقصود كما يؤكد جلالة الملك، هو تغيير نسق وأهداف التكوين الأساسي والمستمر، عبر إضفاء دلالات وقيم جديدة على عمل الأستاذ(ة) [ والمفتش والإدارة التربوية …إلخ ] لتحقيق نتيجة ملموسة تتمثل في تبليغ المدرس رسالته النبيلة إلى الناشئة. إنه تحدٍّ حقيقي يجعلنا مضطرين إلى القيام بوقفة حقيقية مع الذات، وذلك بطرح الأسئلة الآتية: كيف يمكننا تغيير نسق وأهداف التكوين الأساسي والمستمر؟ ومن المسؤول عن هذا التغيير؟ ثم كيف يمكن إضفاء دلالات جديدة على عمل الأستاذ(ة) حتى يتمكن من تبليغ رسالته النبيلة؟ هل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين معنية بهذا التغيير؟ ثم ما هي طبيعة العلاقة بين الوحدة المركزية لتكوين الأطر بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين؟ وكيف يمكننا تقييم دور ومسؤولية “الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، و”الوحدة المركزية للبحث التربوي ” من وجهة نظر قانونية؟

إنها أسئلة معقدة ومركبة لا نستطيع الإجابة عنها إلا بالتركيب. وعليه، إذا اعتبرنا ” أن التقدم في حياة الأمم، يكون نتاج تضافر الجهود من مختلف المواقع، ويتنامى بغنى النقاش، الذي يؤمن بالاختلاف، وينهج خيار الإقناع، ويركب الصعاب من أجل نيل المبتغيات، إضافة إلى الوقوف على ما اعترى مسار [ الإدارة في قطاع التعليم] من تعثرات، والتنبه إلى ما لوحظ من نقائص واختلالات، بغية تطويقها مع تدارك والابتعاد عما يزال لصيقا بالإدارة مما لا يقبل كممارسات” كما جاء في الفقرتين الأولى والسادسة من مقدمة التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط(2)، فإن التنبيه إلى ضرورة الابتعاد عن كل الممارسات غير المقبولة والتي لاتزال لصيقة بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مما لا يقبل كممارسات، يقتضي طرح السؤال التالي: إذا كانت الشرعية تفيد في الفقه الإداري أن يتوفر مسؤول أو جهاز إداري معين، على الإطار القانوني الذي يخوله اتخاذ قرارات إدارية تكون مقبولة ومعترف بها من قبل المعنيين بتطبيقها، وما يميز الشرعية في هذه الحالة، هو طابعها الوظيفي، وهو ما نسميه بالمفهوم الوظيفي في ممارسة السلطة الإدارية، ويحدث هذا النوع من الشرعية إما بواسطة مرسوم إذا تعلق الأمر بجهاز إداري ( وزارة التربية الوطنية ومديرياتها المركزية مثلا…إلخ)، أو بتعيين مسؤول من قبل السلطة الحكومية المعنية إذا توفرت الشروط اللازمة لذلك، شريطة أن ينشر المرسوم المعني بالجريدة الرسمية ليطلع عليه الجميع. فإن المشروعية بالمقابل، هي الخضوع التام للقانون(3)، ومن ثم، فالمشروعية هي الهيكل النظري المنظم عموديا للعلاقة بين الدستور والقانون التنظيمي والقانون والمراسيم والمناشير والقرارات و” المذكرات التنظيمية ” في إطار مبدإ توافق القاعدة القانونية الأدنى للقاعدة القانونية الأعلى، وعدم مخالفتها شكلا وموضوعا، لأنه في حالة حصول مخالفة يصاب القرار بعيب عدم المشروعية ويدخل ضمن نطاق القرار المعيب.

وبناء على هذه الحقيقة، يمكننا التمييز بين المسؤول الإداري الفعلي، والمسؤول الإداري المغتصب، والجهاز الإداري الفعلي، والجهاز الإداري المغتصب. فالمسؤول الإداري الفعلي، ليس فقط هو المسؤول الذي يتحمل المسؤولية بشكل شرعي، بعد مشاركته في مباراة رئاسة منصب عال معين، ونيله ثقة المسؤولين بوزارة معينة، والذين سيصبحون فيما بعد رؤساءه، ومصدر الأوامر والتوجيهات التي تعطى له إما عبر الهاتف، أو عبر الفاكس، أو من خلال مذكرات ومراسلات مركزية، وإنما المسؤول الفعلي هو الذي يعترف المرتفقون بجدارته، ويشعر المنفذون الذين يعملون تحت رئاسته، بقدرته على الفعل، وعلى حل المشاكل التي تعترض مسار الإدارة التي يديرها. أما المسؤول الإداري المغتصب، هو المسؤول الذي يشعر المرتفقون والموظفون العاملون تحت رئاسته، باغتصابه لذلك المنصب، لأنه رغم نيله ثقة المسؤولين المركزيين، فإنه ” مكروه ” ومنبوذ داخل الإدارة التي عين لتسييرها إما بسبب انفراده بالسلطة، أو بفعل انغلاقه العميق على ذاته، أو نتيجة تشبثه بالمفهوم التقليدي للسلطة.

وبالمقابل، يكون الجهاز الإداري جهازا فعليا، إذا كان يتوفر على إطار قانوني يعترف بوجوده فعليا في الواقع (قانون أو مرسوم إحداثه منشور بالجريدة الرسمية) ويستمد منه شرعيته في اتخاذ القرارات، لكنه في غياب هذا الإطار، فإنه يعتبر مغتصبا للسلطة الإدارية.

ومن قاعدة الشرعية والمشروعية تنطلق عملية ممارسة السلطة الإدارية، فإذا كانت السلطة الإدارية شرعية واتخذت قرارا غير مشروع، يكون قرارها معيبا وفق مبدإ المشروعية، وإذا كانت السلطة الإدارية غير شرعية وقرارها مشروع، يمكن للقضاء الإداري -إذا لجأ إليه موظف متضررا طاعن في ذلك القرار -أن يرفض القرار بدعوى أن السلطة الإدارية صاحبة القرار غير شرعية، ومن ثم، فإن الحالة الطبيعية هي أن تكون السلطة الإدارية شرعية وقرارها مشروع.

إن السؤال الذي علينا طرحه ضمن هذا الإطار: هل هناك علاقة بين تعثر إصلاح منظومة التربية والتكوين بمفهومي الشرعية والمشروعية؟ ولماذا تنظر أغلبية مكونات هيئة التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بعيون قلقة إلى ” العُدد “، و” الرزنامات ” الصادرة عن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” باعتبارها الجهاز الإداري الذي يتحمل أكثر من أربع سنوات، مسؤولية تدبير سياسة الحكومة في مجال التكوين الأساسي والمستمر بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين؟ ثم لماذا هناك شبه إجماع في صفوف الأساتذة العاملين بمؤسسات التكوين التطبيقي والميداني المرتبطة بالمراكز على رفض استقبال الأساتذة المتدربين إلا بعد مفاوضات ماراثونية بين مؤسسات التطبيق ورؤساء الشعب بالمراكز؟ ثم لماذا توترت العلاقة أكثر بين مؤسسات التكوين التطبيقي والمراكز مع بداية أول وضعية تطبيقية خلال السنة التكوينية 2014/2015؟

سبق لنا في مقالة تحت عنوان ” إشكالية الشُّعَب ومعضلة التدبير بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين”، أن عرفنا الشعبة داخل المراكز، بأنها وحدة للتكوين والبحث التربوي النظري والتطبيقي المُمَهْنَنْ Professionnalisant تسهم داخل المراكز ضمن مفهوم الجهوية الموسعة، وتحت إشراف السلطة الحكومية الوصية، في بلورة الإنتاج التربوي والبيداغوجي والإداري الخاص بالأساتذة المتدربين، وبباقي موظفي وزارة التربية الوطنية عبر التكوين المستمر، إضافة إلى كونها تسهر على تنفيذ البرامج حين تنضج تصوراتها وتصبح قابلة للاستهلاك داخل المراكز، أي عندما تبلغ درجة الإصلاح.

وإذا كنا نؤمن بحقيقة تفيد أن إصلاح نظام التربية والتكوين طبقا لمضمون الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2012، يقتضي ليس فقط أن ينظم الجهاز التنفيذي مجموعة من المشاورات، ثم يتم الإنصات إلى مداخلات وملاحظات المتدخلين من أساتذة وآباء وأمهات وأولياء التلاميذ…إلخ، ثم تجميع تلك الملاحظات في تقارير تعتمد فيما بعد لصياغة ” العدد ” و ” الرز نامات”، وإنما المطلوب أولا وأخيرا، هو الوقوف الحقيقي مع الذات، لإدراك أين يكمن الخلل ومن أين نبدأ وكيف نقوم بإصلاحه؟

إن الخلل من وجهة نظرنا لا يكمن مطلقا في الجهاز التنفيذي (وزير التربية الوطنية والتكوين المهني)، بل يكمن أساسا في الجهاز المنفذ. كيف ذلك؟

كثير من المحللين لأزمة قطاع التعليم، يعتقدون أن إصلاح نظام التربية والتكوين، يجب أن يبدأ من قاعدة الهرم التربوي، أي من مؤسسات التعليم العمومي (المدرسة الابتدائية، والثانوية الإعدادية، والثانوية التأهيلية، ثم الجامعة فيما بعد) باعتبارها بيئة صناعة الناشئة. وهو اعتقاد صحيح وخاطئ في الوقت ذاته، صحيح لأنه يركز على المؤسسة، وخاطئ لأنه يغفل المحرك الأساسي للمؤسسة ألا وهو الأستاذ(ة) والإدارة التربوية من جهة، وهيئة المراقبة التربوية والإدارية من جهة ثانية. ومن ثم، إذا كان الأستاذ(ة) (جمع أساتذة (ات)) هو(ي) المسؤول(ة) عن تمرير المضمون التربوي موضوع الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى التلاميذ (الناشئة) داخل مؤسسات التعليم العمومي والخصوصي ( ابتدائي، وثانوي إعدادي، وثانوي تأهيلي…)، فإن ما يمرره هذا ” الجيش ” من المدرسين ( ما يفوق 300000 أستاذ وأستاذة وما يقارب 8000000 تلميذ وتلميذة سنويا) إضافة إلى أطر الإدارة التربوية (مديرين ونظار وحراس عامين للداخلية والخارجية…إلخ)، وهيئة المراقبة التربوية والإدارية (بمختلف فئاتهم)، تتم صناعته في مراكز التكوين (المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين حاليا، ومركز تكوين المفتشين….). ومن ثم، فإن الأزمة التي تعيشها منظومة التربية والتكوين في المغرب الحديث، تنطلق بالأساس من مراكز التكوين، عبر ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، لأن المراكز طبقا لنظرية ” المفهوم الجديد للسلطة [التربوية والبيداغوجية] “، يجب أن تكون مقاولات وطنية لإنتاج المواطنة الملتزمة، وليس العكس. ولكي تكون المراكز كذلك، لا بد أن تتجدد، والتجديد يجب أن يمس وجوبا الأستاذ(ة) المكون(ة) والمؤطر(ة) داخل المراكز، ثم مؤسسات التربية والتكوين العمومي والخصوصي عبر الأساتذة(ات) المتدربين(ات)، ومن خلال أطر الإدارة التربوية، و” المفتشين ” المتدربين!

إن فهم وجهة نظرنا هذه فهما صحيحا، يحتم علينا تسليط الضوء على بعض أهم وسائل الإصلاح ألا وهو مفهوم ” التنفيذ ” داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وهو مفهوم يختلف من حيث الجوهر، ليس فقط على مفهوم التنفيذ الجاري به العمل في المدارس الابتدائية والثانويات الإعدادية والثانويات التأهيلية العمومية والخصوصية، وإنما يختلف عن مفهوم التنفيذ المعمول به في الجامعة. كيف ذلك؟

لفهم هذه الحقيقة التي تبدو شيئا ما مركبة، علينا التمييز بين الجهاز التنفيذي والجهاز المنفذ. الأول نعني به الحكومة عامة ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني خاصة، والثاني نقصد به الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية ثم المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية على المستوى المحلي. الأول مهمته إدراك المضمون التربوي والبيداغوجي لنظرية ” المفهوم الجديد للسلطة “، ثم تحويله إلى برنامج حكومي في مجال التربية والتكوين وترجمة مضمونه إلى واقع (قانون، مرسوم، قرار، مقررات، كتب مدرسية، توجيهات رسمية، مذكرات تنظيمية…إلخ)، والثاني مهمته تنفيذ ما توصل به من إصلاحات من قبل الأجهزة التربوية الوطنية والجهوية والإقليمية حسب مهمة كل جهاز.

إن مفهوم التنفيذ في إطار هذه المقاربة، يحتم علينا كذلك التمييز بين علاقة الوزارة الوصية بالأكاديميات والنيابات الإقليمية ومختلف مؤسسات التعليم العمومي والخصوصي في الأقاليم؛ وعلاقة الوزارة ذاتها بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

بالنسبة لمفهوم التنفيذ في العلاقة الأولى، فإن خاصيته الأساسية هي ” لا اجتهاد مع النص “، ومن ثم فإن الأساتذة(ات) بمختلف مستوياتهم في جميع جهات المملكة، وفي كل المؤسسات العمومية والخصوصية للتربية والتكوين، مقيدون بمضمون التوجيهات الوزارية، وبالكتب والمقررات الدراسية المقررة، لأن المرجعية القانونية والتنظيمية لهذا الشكل من التنفيذ بالنسبة لموظفي وزارة التربية الوطنية العاملين بمؤسسات التعليم الأولي والابتدائي والثانويات الإعدادية والتأهيلية…إلخ، هو ظهير 24 فبراير 1958، والنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية الصادر سنة 2003 كما تم تعديله وتتميمه.

أما بالنسبة لمفهوم التنفيذ في العلاقة الثانية، فإن وضعية ” الشُّعبة ” داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، تختلف عن وضعية الموظفين الإداريين في الأكاديميات والنيابات من جهة، وعن وضعية الأساتذة(ات) بمختلف مؤسسات التعليم العمومي بالجهات من جهة ثانية. كيف ذلك؟

سبق لنا أن عرفنا الشعبة بما فيه الكفاية، وللتذكير فقط، سنسلط الضوء على معنى هذه الأخيرة في اللغة، وسنجد في منجد اللغة العربية المعاصرة (طبعة ثانية، 2001، ص:772) أن شُعْبَة: ج شُعَب: فرع. جزء يتشعَّب من أصل شيء، يتفرَّع منه، يتفرق منه، يتوزع منه. وفي روبير الصغير (ص:666)، نجد أن الشعبة = Département من Départir بمعنى التوزيع أو تقسيم إدارة إلى وحدات إدارية تتفرع عنها قصد القيام بنشاط يختلف من وحدة إلى وحدة ضمن الكل الذي تكونه هذه الوحدات. ومن ثم، فالشعبة في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، هي عبارة عن شخص اعتباري يضمن لمكوناته الاستقلالية في التفكير والإسهام عبر عمليتي التكوين الأساسي والمستمر ضمن إطار البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي، في تزويد موظفي وزارة التربية الوطنية ومدهم بالكفايات والمهارات الضرورية للدفاع عن مشروع الدولة الحضاري وتحصينه.

وبناء على هذه المقاربة، نستطيع التأكيد أن ” الشعبة ” داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، غير ملزمة بتفعيل مفهوم التكوين الأساسي والمستمر موضوع الدعامة الثالثة عشرة من المجال الرابع من الميثاق الوطني للتربية والتكوين بناء على وصفات أو ما يسمى عشوائيا ب ” العدة ” أو ” الرزنامة ” التي تصنع في الكواليس في غياب تام للشُّعَب، لأن المشرع التربوي والبيداغوجي ومن خلال مرسوم إحداث المراكز، وكذلك من خلال القانون رقم 00.01 المنظم للتعليم العالي، لا ينظر إلى المراكز نظرته إلى المدارس الابتدائية والثانويات الإعدادية والتأهيلية، وإنما ينظر إليها على أنها مؤسسات للتعليم العالي، أي أنها مؤسسات تسهم من خلال الشعب، في بلورة التصورات الإصلاحية المرتبطة بمجال التكوين الأساسي والمستمر، وبالبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي، ثم تعمل على تنفيذها جهويا داخل المراكز .

إن سر ما يميز التنفيذ ويضمن أو لا يضمن إنجاحه في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يكمن في التزام الحكومة بضمان الاحترام الواجب للقاعدة القانونية في المجالين التربوي والبيداغوجي المرتبطين بالتكوين الأساسي والمستمر، وبالبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي. ومن ثم، فإذا شعرت ” الشعبة ” داخل المراكز بتقدير السلطة الحكومية الوصية واحترامها لمقتضيات المرسوم المحدث للمراكز، اتخذت المبادرة اللازمة وشرعت في القيام بما يجب عليها القيام به. أما إذا تبين أنها مقصية وتُعامل بكثير من سوء التقدير، انكمشت وشرعت في تنفيذ ” عدة ” أو ” رزنامة ” ترى أنها غير جديرة بالتنفيذ لأنها نزلت من فوق بطريقة غير شرعية.

وليس ” الانكماش ” ردة فعل انفعالية من قبل ” الشعبة “، ولا ينبغي تأويله على أنه رفض من الشعبة لتطبيق ما يسمى بالعدد والزنامات، ولكنه موقف حضاري ينم عن شعور الشعب بالمسؤولية التي ألقاها المشرع على عاتقها، وبالتالي فلا يمكن للشعب ولا ينبغي لها ذلك، أن تتحمل مسؤولية ” خطة “، أو ” تصور” لم تكن طرفا في بلورته، لأنها تؤمن أنه يستحيل بالنسبة إلى أي إجراء يتعلق بالتكوين الأساسي والتكوين المستمر أن ينجح ويحقق النتائج الوطنية المرجوة، ما لم تكن الشعب داخل المراكز طرفا فاعلا في صياغته وجوبا داخل مختبراتها، ومن خلال واجهة البحث العلمي التربوي في شقيه النظري والتطبيقي بالمراكز.

إن تشبت الشعب داخل المراكز بحقها في الإسهام في بلورة الإصلاح التربوي والبيداغوجي المطلوب، يبقى تشبثا مشروعا لأن الفقرات 5 و6 و7 من المادة 3 من مرسوم الإحداث تنص على أن المركز يتولى ” القيام بأنشطة البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي في المجالات التربوية والبيداغوجية والديداكتيكية وحكامة المؤسسات، وإنجاز الدراسات والأبحاث في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات المركز أو التي يتطلبها التكوين؛ وإنتاج الوثائق التربوية، وكذا القيام بتبادل المعلومات والوثائق ذات الصلة باختصاصات المركز مع الجهات المعنية؛ ثم اقتراح مشاريع إصلاح وتجديد مناهج وبرامج التكوين”.

وعلاوة على ذلك، تنص المادة 17 في السياق ذاته، على أن المركز يتوفر على مجلس خولته المادة 18 سلطة التقرير عبر قيامه بمهام حددت بدقة في المادة 33 من القانون رقم 00.01 المنظم للتعليم العالي، وهي تحديدا،  النظر في جميع المسائل المتعلقة بمهام المركز وحسن سيره، مع إمكانية تقديمه اقتراحات في هذا الشأن إلى مجلس التنسيق؛ واقتراح مشاريع إحداث مسالك للبحث والتكوين؛ ثم إعداد نظام الامتحانات ومراقبة المعلومات الخاصة بالتكوينات المدرسة، ويمارس السلطة التأديبية للأساتذة المتدربين، وكذلك إعداد نظامه الداخلي وعرضه قصد المصادقة على وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بعد استطلاع مجلس التنسيق، إضافة إلى قيامه بتوزيع وسائل العمل على مختلف الهياكل المتواجدة بالمركز، ثم الإسهام باقتراحاته في ميزانية المركز، دون أن ننسى إمكانية المجلس في إحداث لجان دائمة وأخرى خاصة لدراسة قضايا تهم التكوين داخل المركز.

وإلى جانب ذلك، تنص المادة 34 من مرسوم إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، على أن هذه الأخيرة تتولى تطوير البحث العلمي التربوي والارتقاء به من خلال إرساء وتفعيل عمل فرق البحث؛ وملاءمة البحث العلمي التربوي مع أولويات قطاع التعليم المدرسي؛ ونشر نتائج البحوث والتعريف بها واستثمارها في الرفع من جودة تكوين الأساتذة وتأهيلهم؛ ثم التنسيق مع المختبرات الجهوية للبحث التربوي والجامعات، وكذا مع المتدخلين في هذا المجال وطنيا ودوليا؛ وأخيرا تنظيم ندوات وملتقيات علمية في مجال البحث العلمي التربوي.

إن كل هذه الإجراءات التي كفلها المشرع التربوي لمجالس المراكز ضمن الشبكة الوطنية لمؤسسات تكوين الأطر التربوية موضوع المادة 3 من مرسوم الإحداث، لا تقوم بها لا الشعب داخل المراكز، ولا مجالس هذه الأخيرة، و إنما يسهر على بلورتها و إرسالها في شكل ” عدد “، و” رزنامات” إلى المراكز قصد تنفيذها، جهازين إداريين بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني هما ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، و” الوحدة المركزية للبحث التربوي “، الأمر الذي يحتم علينا ضمن المفهوم الملكي للمواطنة الملتزمة، أن نسلط الضوء على شرعيتيهما، ومشروعية القرارات التي يتخذاها تنفيذا لسياسة الحكومة في مجال التكوين الأساس والمستمر لموظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي التربوي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وهي المهمة التي سنعالجها عبر أربعة نقاط: أولا في موضوع الشرعية، ثانيا في موضوع المشروعية، ثالثا في خطورة ضرب الشرعية والمشروعية على الأمن التربوي والبيداغوجي الوطني، رابعا بشأن التصور الإجرائي ما قبل الشروع في الإصلاح الحقيقي للتربية والتكوين.

  • أولا: في موضوع الشرعية: وفيه سنتطرق إلى شرعية ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” (1)، ثم شرعية ” الوحدة المركزية للبحث التربوي ” (2).

 

  • 1: شرعية ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”

علينا التأكيد بداية على أهمية وواجب الثقة في قضائنا الدستوري والإداري الحديث للحكم بشرعية هذا المنتخب أو هذا المسؤول الإداري أو هذا الجهاز الإداري على أنه فعلي أو مغتصب. وتحقيقا لذلك، فإنه بإطلالة سريعة على الاجتهادات القضائية في مجال التربية والتكوين، نجد نموذجا من الأحكام الصادرة في مجال ” قضاء الإلغاء “(4)، تسلط فيه المحكمة الإدارية بالرباط، الضوء على مسألة الشرعية بشكل واضح، وذلك من خلال الحكم رقم 1273 بتاريخ 30/11/2004 – ملف رقم 299/03 غ الذي يتعلق بموظف معين ضد وزير التربية الوطنية.

من حيث الوقائع، كان الموظف المعني يشغل منصب مدير مدرسة ابتدائية بالرباط منذ 01/09/2001، فتم إعفاؤه بطريقة فيها الكثير من الشطط في استعمال السلطة، فاضطر الموظف/المدير إلى الاحتماء بالقضاء من أجل إلغاء قرار الإعفاء مؤسسا طعنه على أربع وسائل: عيب عدم الاختصاص، ومخالفة القانون، والمس بحقوق الدفاع، ثم عيب السبب. وارتباطا بقضية الشرعية، سنركز على الوسيلة المستمدة من عيب عدم الاختصاص، حيث جاء في الحكم أن الطاعن (مدير المدرسة ) يعيب على القرار المطعون فيه اتسامه بعيب عدم الاختصاص، موضحا أن قرار الإعفاء صدر بتاريخ 22/04/2003 عن مديرية العمل التربوي، وأنه بالرجوع إلى المرسوم المتعلق بتنظيم واختصاصات وزارة التربية الوطنية، يتبين أنه لا يتضمن مديرية العمل التربوي ضمن هياكل الوزارة المذكورة، وبالتالي يكون القرار صادرا عن جهة لم تعد قائمة، ولهذا السبب ألغت المحكمة الإدارية بالرباط القرار المطعون فيه، مما يعني أن المحكمة نظرت إلى مديرية العمل التربوي صاحبة القرار، على أنها جهاز إداري غير شرعي، على أساس أنه غير موجود ضمن هيكلة المرسوم المنظم والمحدد لاختصاصات وزارة التربية الوطنية.

وقياسا عليه، إذا عدنا إلى المرسوم ذاته(5)، وبالنظر إلى المعطيات المسجلة بخصوص هيكلة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني(6)، والتي تتضمن إضافة إلى الوزير والمفتشية العامة للتربية والتكوين والكتابة العامة، تسع مديريات، والمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب في حكم مديرية، ثم قسم الاتصال، نستطيع القول إن ” الوحدتين المركزيتين لتكوين الأطر والبحث التربوي “، غير موجودتان من الناحية القانونية، ولكنهما موجودتان في الواقع!  ومن ثم، فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف يمكننا تفسير هذه الظاهرة التي تتعارض من حيث الجوهر مع مفهوم الشرعية في بعدها الإداري؟

من المبادئ العامة في القانون الإداري، أن الإدارة لا تتصرف إلا بناء على أسباب منطقية ومبررة قانونيا، وبالتالي، فبقراءة متأنية في سياق إحداث ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” كجهاز إداري تابع لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، لا نجد أي تبرير منطقي لإحداث هذا الجهاز الذي عمَّر حتى الآن، حوالي أربع عشرة سنة، وبالمقابل، يمكننا التأكيد أن النتائج التي عرفها إصلاح نظام التربية والتكوين خلال العشرية الأولى من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، لم تكن بالنسبة إلى الملك محمد السادس، نتائج تعكس طموح الأمة المغربية، الأمر الذي جعل جلالته يأمر السلطة التنفيذية باعتماد مخطط استعجالي لتسريع وثيرة الإنجاز في مجال التربية والتكوين(7)، وهو ما جعل الحكومة تعتمد مسطرة الاستعجال، أي اتخاذ التدابير الاستعجالية اللازمة لتنفيذ توجيهات رئيس الدولة في مجال التربية والتكوين. ولكن ماذا حصل؟

إن ما حصل في الواقع، هو إحداث ” أجرة ” عن الخدمات المقدمة من قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي (قسم استراتيجيات التكوين) برسم الأعمال التي تقوم بها لفائدة الأغيار(8)، علما أن وزارة التربية الوطنية آنذاك، كانت تتوفر على قسم استراتيجيات التكوين تابع لمديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر(9). ومن ثم، إذا كانت بعض شواهد الحضور التي تسلمها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” في إطار التكوينات التي تنظمها هذه الأخيرة، ممهورة بطابع كتب بداخله ” قسم استراتيجيات التكوين “. فالسؤال تبعا لذلك، هو أية علاقة بين ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، و” قسم استراتيجيات التكوين ” من جهة، وبينهما والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من جهة ثانية؟ ثم أيهما ساري المفعول، هل ” قسم استراتيجيات التكون ” موضوع المادة 27 من المرسوم الصادر بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية (2002)، أم   ” قسم استراتيجيات التكوين ” موضوع المادة الأولى من مرسوم 27 ديسمبر 2007 المشار إليه سابقا؟ ثم إذا كان ” قسم استراتيجيات التكوين ” التابع لمديرة الموارد البشرية وتكوين الأطر، هو من يقدم الخدمات برسم الأعمال التي يقوم بها لفائدة الأغيار مقابل ” أجرة “، فهل تدخل ” العدد”، و” الزنامات ” التي تبلورها         ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” ضمن الأعمال التي يقدمها القسم المعني؟

  • 2: طبيعة شرعية ” الوحدة المركزية للبحث التربوي “

بقراءة في سياق إحداث ” الوحدة المركزية للبحث التربوي”، نجد أنها انبثقت من ثنايا المخطط الاستعجالي، وأحدثت بواسطة مذكرة وزارية جاء فيها ما يفيد: أنه بناء على الميثاق الوطني للتربية والتكوين لا سميا دعامته الخامس عشرة التي تؤكد على أهمية البحث العلمي في المجال التربوي، وطبقا للمادة الثانية من القانون 00.07 الخاص بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ووفقا كذلك للمشروع E1P8 من المخطط الاستعجالي، وعملا بنتائج الأيام الدراسية المنعقدة بآسفي يوم 27 نوفمبر 2008 ثم بالرباط يوم 14 أبريل 2009 عملت الوزارة على إعداد استراتيجية وطنية للنهوض بالبحث التربوي…وذلك عبر إحداث وحدة مركزية للبحث التربوي، يعهد إليها بمهمة تدبير البحث على المستوى الوطني …إلخ(10). وبالتالي، فالسؤال الذي علينا طرحه تبعا لذلك، هو كيف يمكننا تقييم مكانة ” المذكرة الوزارية ” ضمن تراتبية القوانين كما هي على المستوى الدولي؟ وكيف يعقل إحداث جهاز إداري بواسطة مذكرة وزارية لا يعرف بمحتواها إلا الذين توصلوا بها في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مهمتها إعداد والسهر على استراتيجية وطنية للنهوض بالبحث التربوي؟ ثم من أين ستمول هذه        ” الوحدة ” أنشطتها طبقا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين ذات الصلة؟ ثم ما هو موقف البرلمان من هذه القضية؟ ثم إذا كانت ” الوحدة المركزية للبحث التربوي ” قد أحدثت ضمن التدابير الاستدراكية للمخطط الاستعجالي، فلماذا تم الاحتفاظ بها رغم انتهاء العمل بمقتضيات المخطط الذي انتهي بانتهاء فترة تطبيقه 2009/2011؟

وعلى غرار ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، فإن ” الوحدة المركزية للبحث التربوي ” تعتبر من وجهة نظر قانونية غير موجودة لسببين: أولا لأن الوسيلة التنظيمية التي اعتمدتها الوزارة في إحداثها (مذكرة)، تعتبر ضمن إطار تراتبية القوانين، ضعيفة إلى حد لا يطمئن الدولة على تحقيق الأهداف المعلن عنها في المذكرة ذاتها لتبرير إحداث ” الوحدة ” المعنية، ثانيا لأن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي التي أصدرت المذكرة، لم تعد موجودة حاليا، كما أنها لم تحترم  مقتضيات المنشور رقم 14 ق ت إ الصادر في 19 ماي 1982 المتعلق بمسطرة المصادقة على النصوص التنظيمية المتعلقة بمؤسسات التكوين(11).

 – ثانيا: في موضوع المشروعية: سنسلط الضوء في هذه النقطة على مفهوم المشروعية بالنسبة للتدابير والقرارات الصادرة عن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” (1)، ثم الإجراءات المتخذة من قبل ” الوحدة المركزية للبحث التربوي ” (2).

 

 

– 1: مشروعية القرارات الصادرة عن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”

سبق أن عرفنا المشروعية بأنها الامتثال التام للتشريعات في إطار ما يعرف عالميا بمبدإ ” تراتبية القوانين=  Hiérarchie des normes”، أي خضوع القاعدة القانونية الأدنى للقاعدة القانونية الأسمى عند اتخاذ أي إجراء قانوني يتسم بصفة التنظيم. غير أنه بقراءة الفصل 89 من دستور فاتح يوليوز 2011، نجد أن المشرع الدستوري المغربي قد منح الحكومة سلطة فعلية لتنفيذ البرنامج الذي منحها البرلمان الثقة لتفعيله في الواقع، ذلك أن صيغ المضارع   ” تمارس “، و” تعمل”، ثم ” تمارس ” مضمون الفصل 89: ” تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية”، تبين بشكل واضح طبيعة الهيبة التي أعطاها الدستور للحكومة باعتبارها جزءا من سلط الدولة المغربية المدنية الحديثة. كما أن عبارة ” والإدارة موضوعة تحت تصرفها “، لا تعني أبدا، أنه بوسع الحكومة ( رئيس الحكومة والوزراء ) أن تفعل ما تريد، ولكنها تعني أن تتقيد الحكومة وتلتزم بحدود البرنامج الذي على أساسه منحها البرلمان الثقة، والذي عليها ليس فقط أن تنفذه في الواقع، وإنما عليها كذلك أن تعمل على ضمان تنفيذ القوانين بما في ذلك المرسوم المحدث للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وذلك في إطار المشروعية.

ولتوضيح الخروقات التي طالت مبدأ المشروعية لابد من تسليط الضوء على التدابير المتخذة فقط خلال الموسم التكويني 2014 من قبل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، ضمن تدبيرها لسياسة الحكومة في مجال التكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وذلك عبر مجموعة من الملاحظات سنعالجها كما يأتي:

قبل ذلك، علينا التذكير على مستوى التخطيط، بأنه ليس ل” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، مشروع واضح المعالم، ومعروف من قبل الجميع في مجال التكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي، بدليل أنه بولوج بوابة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني(الصفحة الرئيسية)، نجد ضمن خانة       ” التوجهات الاستراتيجية “، توجهات ملكية واضحة حول إصلاح نظام التربية والتكوين(10)، وتوجهات حكومية دقيقة في مجال التكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي(11)، في حين لم نجد في توجهات القطاع وبخاصة في مخطط عمل الوزارة 2013/2016(12)، إلا أهدافا عامة و إغفالا ملحوظا للتكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مما يعني أنه لا يمكن الرهان على         ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، لإصلاح نظام التربية والتكوين، لأنها تغفل أهمية التكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي في تحقيق الإصلاح الذي تسعى الدولة من خلاله إلى الانتقال من صفة ” دولة غير متقدمة”، إلى صفة ” دولة صاعدة “(13). وسنختزل هذه الحقيقة في بعض الأمثال التي خرقت فيها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” مبدأ المشروعية:

  • المثال الأول: يتعلق بتدبير ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لمفهوم الاستحقاق موضوع الفصل 31 من دستور فاتح يوليوز 2011، وهو مفهوم يقتضي تفعيله في الواقع، حرق أربع مراحل بالنسبة إلى من يرغب في أن يصبح أستاذا رسميا طبقا لمفهوم الموظف العمومي كما تحدده المادة الثانية من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وهي التوظيف، والتكوين الأساسي النظري والتطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والمؤسسات التطبيقية المرتبطة بها، ثم امتحان التخرج بنجاح من المراكز، وأخيرا النجاح في امتحان شهادة الكفاءة التربوية بعد التخرج. وما يهمنا أكثر في هذا الموضوع هو المرحلتان الأولى والثانية من الاستحقاق.

بالنسبة للمرحلة الأولى، فبقراءة في المذكرات الوزارية الثلاث الصادرة بتاريخ 11 يونيو 2014 على سبيل المثال، سندرك أنها على مستوى الشكل، تعتبر وثائق تنظيمية صادرة عن سلطة حكومية شرعية تمارس اختصاصها الدستوري ( الفصل 89 من الدستور) بمسؤولية تامة وشفافية، ولكنها من حيث المضمون، تتعارض مع قرار وزير التربية الوطنية المشار إليه في مرجع المذكرات ذاتها، لأن هذه الأخيرة أضافت شروطا جديدة(14)، لم تنص عليها القرارات الوزارية في مادتيها الثانية والثالثة(15)، ومن ثم، تكون “الوحدة المركزية لتكوين الأطر” باعتبارها الساهرة على تتبع تدبير الشؤون المرتبطة بالمراكز، ومن خلال تلك المذكرات الوزارية الصادرة لأجل تنظيم مباراة الولوج للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين(مسلك تأهيل أساتذة التعليم الأولي والتعليم الابتدائي (التخصص المزدوج، وتخصص اللغة الأمازيغية)، والثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي)، قد خرقت مبدأ المشروعية لأنها تعارضت في تنظيم المباراة المعنية، ليس فقط مع القرار الوزاري المحدد لكيفية تنظيم مباراة الدخول إلى مسالك تأهيل الأساتذة المعنيين، والذي ينص في الفقرة الثالثة من مادته الثالثة، على أن الشواهد والدبلومات المطلوبة في المباراة، يجب أن تحدد بمقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية(16)، والذي يعتمد في توفر هذا الشرط على مرسوم آخر صادر عن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة(17)، و إنما تعارضت أيضا مع مبدإ دستوري بامتياز، هو مبدأ ” تكافؤ الفرص ” المنصوص عليه في الديباجة وفي الفصل 30، و35، ثم 92 من الدستور المغربي الجديد.

وبالنسبة إلى المرحلة الثانية، ونعني بها التكوين الأساسي النظري والتطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، فإن خرق ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لمبدإ المشروعية واضح، ذلك أن المادة 25 من مرسوم إحداث المراكز، تنص صراحة على أن مدة التكوين في مسالك تأهيل هيئة التدريس، تستغرق سنة دراسية كاملة، وهو ما لم يتحقق خلال سنة 2013، لأن عدم تنظيم مباراة الدخول إلى المراكز في وقتها المناسب، عطل العملية التكوينية بسبب ضياع ثلاثة أشهر من السنة التكوينية موضوع المادة 25 المشار إليها فوق خلال الموسم 2012/2013. ليس هذا فحسب، بل إن المادة 24 من مرسوم الإحداث، قد أفرغت من محتواها هي أيضا وبخاصة خلال بداية الموسم التكويني 2014/2015، لأن هذه المادة تنص إلى جانب التأهيل التربوي لمهنة التدريس، على ضرورة أن يتلقى الأساتذة المتدربون تأهيلا عمليا في إطار التداريب الميدانية بمؤسسات التربية والتكوين، الأمر الذي لم يتحقق بسبب رفض الأساتذة العاملين بمؤسسات التطبيق المرتبطة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، استقبال الأساتذة المتدربين. وهو رفض جائز من وجهة نظر قانونية، لأن مهمة ” استقبال الأساتذة المتدربين …” غير منصوص عليها في مهام الأستاذ موضوع النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني.

ويتجلى خرق ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لمبدإ المشروعية في هذا المجال، في كونها أصدرت ما أسمته ب ” عدة “، أرسلتها إلى المراكز قصد التنفيذ، والحال أنها غير واقعية و لا هي منطقية لأنها قررت أن تكون المحطة الأولى في شهر شتنبر حيث لم يلتحق تلاميذ التعليم الثانوي التأهلي بعدُ بالمؤسسات، وركزت في المحطة الثانية على ضرورة خروج الأساتذة(ات) المتدربين(ات) إلى ” وضعية تعلم ” بمؤسسات التطبيق بداية شهر أكتوبر، وهو توقيت لم يدرك فيه الأساتذة المتدربون بعد، معنى التخطيط، وبالتالي، يستحيل على الأساتذة المتدربين القيام بتدبير ” وضعية تعلم ” وهم لم يستوعبوا بما فيه الكفاية مفهوم التخطيط. والأخطر في هذه الرزنامة، هو أن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لم تولي الاهتمام اللازم لواحد من أهم أسس دولة المؤسسات، ونعني به    ” التشريع التربوي والتنظيم الإداري” بما فيه الحياة المدرسية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التشريع أو الجانب الروحي منه، إذ جعلت أساتذة هذا التخصص في عطلة تامة خلال الأسدوس الأول من الموسم التكويني(شتنبر، أكتوبر، نونبر، دجنبر، ويناير).

ومن مظاهر خرق مبدإ المشروعية كذلك، أنه منذ سريان العمل بالمرسوم المحدث للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، تقرر نجاح أساتذة(ات) أفواج 2011/2012/2013/2014 بشكل غير مشروع، على اعتبار أن المادة 26 من مرسوم الإحداث، تنص صراحة على أنه: ” يعتبر ناجحا كل متدرب استوفى جميع الشروط المنصوص عليها في القرار المنظم للتكوين في سلك تأهيل أطر هيئة التدريس “. وبما أن هذا القرار لم يصدر بعد، فإن الإجراءات التي اعتمدتها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” في هذا المجال، يعتبر خروجا عن المشروعية، إذ بناء على أي قاعدة قانونية نشرت ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لوائح الناجحين في امتحان التخرج خلال الفترة 2012/2014؟ وبناء على أي نص قررت ” الوحدة ” اعتبار بعض الأساتذة(ات) المتدربين(ات) غير مستوفين لشروط النجاح؟

وما يؤكد بالملموس عدم إدراك ” الوحدة ” لمفهوم المشروعية، هو أنه في ديباجة الوثيقة التي أرسلتها إلى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين تحت عنوان ” إجراءات تدبير السنة التكوينية 2014/2015 بسلك تأهيل أطر هيئة التدريس “، جاء ما يلي: ” في إطار تنظيم الموسم التكويني 2014/2015، تمت صياغة هذه الوثيقة التي تهدف إلى بسط الإجراءات التدبيرية، ووضعها رهن إشارة هياكل المراكز قصد استثمارها لضمان سير أنجع للتكوين التأهيلي بالمراكز، وتحقيق الأهداف المتوخاة من عدة التأهيل “. وتضيف الوثيقة أن صياغة هذه الوثيقة تمت انطلاقا من نتائج أعمال ندوة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين 2013/2014، التي تطرقت في محطاتها الثلاث إلى هندسة التكوين بسلك أطر هيئة التدريس، وتنظيم التداريب الميدانية، والتقويم. الأمر الذي جعل الأساتذة(ات) العاملين(ات) بالمراكز يتساءلون كيف سمح المسؤولون عن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لأنفسهم بصياغة ” عدة ” بناء على نتائج أعمال ندوة، وهي مهمة أوكلتها المادة 3 من مرسوم الإحداث، وكذا المادة 18 إلى مجالس المراكز طبقا لمضمون المادة 33 من القانون رقم 00.01 المنظم للتعليم العالي؟ إنه مثال آخر على خرق ” الوحدة ” لمبدإ المشروعية.

وفضلا عن ذلك، هناك مسألة أخرى لم تنتبه إليها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” عندما اجتمعت مع بعض ” المتعاونين ” معها من المراكز لصياغة هذه الوثيقة(18)، وهي أن كلمة “هياكل”  في عبارة ” تمت صياغة هذه الوثيقة التي تهدف إلى بسط الإجراءات التدبيرية، ووضعها رهن إشارة هياكل المراكز…”، غير موجودة في الواقع، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 6 من مرسوم الإحداث، تنص على : ” ويحدد الهيكل التنظيمي للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بما فيها الملحقات المتواجدة بالأقاليم التابعة لنفوذها الترابي، بقرار للسلطة الحكومية الوصية بناء على اقتراح من مجلس المؤسسة [المركز] بعد استطلاع رأي مجلس التنسيق “، علما أن مجالس المراكز لم تجتمع بعد لتدارس هذه القضية، ومن ثم، عن أي هياكل تتحدث ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” ؟

  • المثال الثاني: يتعلق بالتكوين الأساسي والمستمر لأطر الإدارة التربوية.

ما يميز تدبير ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لمف التكوين الأساسي والمستمر لأطر الإدارة التربوية، هو المزج بين الاستعجال والارتجال الإداري، الأمر الذي أفرز في الواقع، خطة بنظامين: الأول يسمى بالتكوين الأساسي لأطر الإدارة التربوية مدته سنة، والثاني تقليدي يعرف بالتكوين المستمر لأطر الإدارة التربوية لمدة 150 ساعة.

بالنسبة إلى النظام الأول، نجحت ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” في تمريره بطريقة استعجالية تحت مظلة    ” التجريب “، دون تحديد المؤشرات الضرورية لضمان نجاحه في الواقع، لأنه كما يقول اللغويون: ” الزيادة في المبنى تؤدي إلى الزيادة في المعنى “، والسؤال هو إلى أية وضعية ستؤدي مشاركة الأستاذ في المباراة، ونجاحه في الامتحانات الكتابية والشفوية، وخضوعه إلى تكوين أساسي باعتباره إطارا ينتمي إلى أطر الإدارة التربوية، ثم تخرجه بنجاح؟ وما هي طبيعة إطاره الجديد؟ هل سيكون مديرا؟ وإذا افترضنا أنه سيكون كذلك، هل سيكون مديرا في المدرسة الابتدائية؟ أم في الثانوية الإعدادية؟ أم في الثانوية التأهيلية؟ واعتمادا على أي نص قانوني يمكن ل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” أن تقترح على السلطة الوصية بعد امتحان التخرج، تسمية هذا الأستاذ مديرا والآخر حارسا عاما للخارجية والآخر حارسا عاما للداخلية والآخر ناظرا في ثانوية تأهيلية وهكذا؟ إن غياب إطار قانوني واضح بشأن مصير الأساتذة الذين يتلقون تكوينا أساسيا بالمراكز في سلك تكوين أطر الإدارة التربوية، فضلا عن غياب قرار وزاري كما تنص المادة 31 من مرسوم الإحداث، كلها أمور تؤشر على مثالية التصور.

أما بخصوص النظام الثاني، لابد من الاعتراف بأنه من الصعب إدراك طبيعة الأهداف التي تتوخاها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” من الطريقة التي يتم بمقتضاها تكوين الأساتذة الراغبين في الانضمام إلى هيئة أطر الإدارة التربوية. ولتقييم هذه الطريقة وكذلك الأهداف، علينا قراءة المرجعية القانونية ذات الصلة.

بالرجوع  إلى المذكرات الصادرة عن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” بشأن تحديد شروط وكيفيات تنظيم التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية، وبخاصة المذكرة الأخيرة بتاريخ 26 شتنبر 2014، نجد أنها موجهة إلى السيدتين والسادة مديرتي ومديري الأكاديميات الجهوية لمهن التربية والتكوين، مركزة في المرجع على قرار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 1849.05 بتاريخ 8 أغسطس 2005، علما أن هذا الأخير ينص في مادته الثانية على أن التكوين النظري لأطر الإدارة التربوية، ينظم تحت إشراف مديري مراكز التكوين التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية ويتم بهذه المراكز….، مما يعني أن إرسال المذكرة إلى مديرتي ومدراء الأكاديميات، وعدم إرسالها إلى مدراء المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين باعتبارهم معنيين بالدرجة الأولى بالتكوين الأساسي والمستمر لأطر الإدارة التربوية، ترتبت عنه في الواقع نتيجتان:

  • الأولى أن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” حين صاغت المذكرة المعنية وقدمتها للكتابة العامة قصد التوقيع، تكون قد كالت بمكيالين في تواصلها مع مؤسستين جهويتين للتربية والتكوين: الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، لأنها من خلال هذه المذكرة تنظر إلى المراكز على أنها تابعة للأكاديميات، والحقيقة هي أن المراكز تعتبر طبقا لمرسوم إحداثها، أصلا وليست فروعا تابعة للأكاديميات، ومن ثم تكون ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” قد خرقت مبدأ المشروعية بشكل واضح، لأن المذكرة المعنية تتعارض شكلا ومضمونا ليس فقط مع قرار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 05 بتاريخ 8 أغسطس 2005، و إنما تتعارض أيضا مع مرسوم إحداث المراكز لا سيما الفقرتين الثالثة والرابعة من مادته 3، والفقرة الرابعة من المادة 9، والفقرة الرابعة من المادة 10، والفقرة الثالثة من المادة 21، والمادة 33.
  • الثانية إذا كانت الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية موضوع المادة 10 من المرسوم رقم 02.376 بتاريخ17  يوليوز2002 ، والتي تم تعيينها لأول مرة، تخضع طبقا للمادة 1 من القرار رقم 1849.05 بتاريخ 8 أغسطس 2005، لتكوين خاص يشمل الجانب النظري والميداني والذاتي، وأن المادة 4 من القرار ذاته، تنص على أن الفريق الإقليمي للمصاحبة الميدانية يتكون حسب المهمة والسلك التعليمي من أستاذ باحث…إلخ يعمل بالمركز، وأن اقتراح هذا الأستاذ مهمة تعود إلى مدير المركز الذي تجاهلته المذكرة، فكيف يمكن والحالة هذه، أن تحقق         ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” أهداف التكوين الخاص لفائدة الأطر المكلفة بمهام الإدارة التربوية، في غياب آليات التنسيق بين الأكاديميات والمراكز موضوع المادتين 2 و33 من مرسوم إحداث المراكز؟ إن النتائج المترتبة عن سوء التقدير هذا، تمثلت خلال السنة التكوينية 2013/2014 بجهة مراكش على سبيل المثال، في تقليص زمن التكوين الذي حدده قرار 8 أغسطس 2005 في 150 ساعة على الأقل، إلى أقل من هذا العدد، فيما لم ينطلق تكوين أطر الإدارة التربوية للسنة التكوينية 2014/2015 إلا بداية ديسمبر في بعض الأكاديميات، علما أن القرار رقم 1849.05 ينص في مادته الثانية على أن التكوين النظري يستغرق مائة وخمسين (150) ساعة على الأقل موزعة على ست (6) دورات تكوينية تبتدئ من فاتح أكتوبر إلى غاية نهاية شهر مارس!
  • المثال الثالث: يرتبط موضوع هذا المثال بموضوع المثال الذي سبقه، ويتعلق هو أيضا بخرق ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لمبدإ المشروعية عبر إصدارها تكليفات للمديرين المساعدين اعتمادا على اقتراحات من قبل مدراء المراكز. وتتمثل مؤاخذات علم الإدارة على هذه العملية، أن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، وكذا بعض المدراء، غلبوا منطق ” هذا صاحبي “، الأمر الذي أفرز في الواقع التكويني بالمراكز ظاهرتين:

– الظاهرة الأولى: تتمثل في اغتصاب سافر للقاعدة القانونية، ذلك أنه في الوقت الذي أغلقت فيه ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” ملف تعيين المدراء الجدد للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وبقي العاملون بهذه الأخيرة ينتظرون من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إصدار إجراءات تنظيمية لتفعيل الهياكل موضوع المادة 6، وتفعيل مضمون الفقرة السادسة من المادة 9 من مرسوم الإحداث، قامت ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، وبتنسيق مع مدراء المراكز عبر تقنية الفاكس، بتكليف المرغوب فيهم للقيام بالإدارة المساعدة خارقة بذلك مبدأ الاستحقاق موضوع الفصل 31 من دستور فاتح يوليوز 2011، وكذلك مضمون الفقرة السادسة من المادة 9 التي تنص على أن تعيين المديرين(ات) المساعدين(ات) يتم من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي[التربية الوطنية والتكوين المهني حاليا] بناء على اقتراح من مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بعد استطلاع رأي الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية. ويختار واحد منهم على الأقل من بين أساتذة التعليم العالي أو الأساتذة المؤهلين، وهو ما لم يتم إجرائيا في الواقع.

وبالربط تركيبيا بين مضمون المادة 9 ومضمون المادة 10 من مرسوم الإحداث، سندرك أن تعيين المديرين المساعدين لابد أن تتم مسطرة تحقيقه في الواقع أولا (بما في ذلك استطلاع رأي الأكاديمية)، ثم تتحقق عملية التكليف موضوع المادة 10 تلقائيا، لأن فعل ” التكليف ” في المادة 10، يندرج ضمن مهام الإدارة المساعدة، ويتم من قبل مدير المركز، لأن عبارة ” يكلف المديرون(ات) المساعدون(ات) تحت إشراف مدير(ة) المركز”، تفيد أنه بعد تعيين الإدارة المساعدة من قبل الوزير، تجتمع مع مدير(ة) المركز قصد توزيع مجموعة المهام التي تعتبر من حيث الاختصاص مشتركة بين المدراء(ات) المساعدين(ات)، وهي مهام إضافية لأن المهام الرئيسية، هي التي سبق ذكرها في المادة 9، والتي جاءت في صيغة ” مدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تأهيل أطر هيئة التدريس، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تحضير مباريات التبريز، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تكوين أطر الإدارة التربوية وأطر هيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بالتكوين المستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي”، ومن ثم، فكلمة ” مكلف ” في المادة 9، تفيد المهمة التي يقترحها مدير المركز على المدير المساعد للقيام بها. الأمر الذي يؤكد أن اختلاط الأمور على    ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، جعلها تتجاوز مضمون المادة 9، لتقفز إلى المادة 10 من أجل تحريك مسطرة التكليف التي تبقي من الاختصاصات الجهوية التي خولها مرسوم الإحداث لمدراء المراكز.

  • الظاهرة الثانية: وهي الرغبة المتواصلة ل” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” في ترسيخ ثقافة التكليف بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، الأمر الذي يجعلنا مضطرين لطرح السؤال التالي: لماذا قفزت ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” مباشرة إلى المادة 10 لتحريك مسطرة تكليف الإدارة المساعدة، دون احترام المادة 9 التي تنص على تقنية التعيين؟

يمكن تفسير هذا السلوك الذي نهجته ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” مع من كلفتهم سابقا بإدارة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين خلال الفترة 2011/2014، وتنهجه حاليا مع من كلفتهم بالإدارة المساعدة، وكذلك مع من ستكلفهم مستقبلا بالكتابة العامة للمراكز ذاتها، بأنه سلوك إرادي ينتمي من حيث المقاربات، إلى مقاربة المركزية المتشددة، والتي يمكننا تكييفها على أنها إحساس من يخاف أن يفقد شيئا اعتاده في ملكه. ومن ثم، فالتكليف بالنسبة ل” السلطة ” التي تكلف أو تَقترح للتكليف، هو بمثابة مصدر للتباهي أمام الشخص المكلَّف، لأنه منح هذا الأخير ” الصفة ” أو ” المسؤولية ” التي يرغب في تحملها المعني بها مجانا بعيدا عن       ” صداع ” التباري، والمحاسبة. ولذلك فالشخص المكلف يشعر دائما بأنه مجرد مكلف، وأنه لا يتقاضى اي تعويض مقابل ما يقوم به من أعمال، الأمر الذي يستحيل في ظله، الحديث عن الجودة في التدبير. كما أن المكلفين حاليا بالإدارة المساعدة في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مكلفون بمساعدة مدراء المراكز في بعض الأعمال الإدارية، وليسوا مكلفين بالصفة التي حددها المشرع في صلب المادة 9 من مرسوم الإحداث، لأنه رغم مرور أربع سنوات على دخول المرسوم حيز التطبيق، لا يوجد في المراكز “مدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تأهيل أطر هيئة التدريس، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تحضير مباريات التبريز، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بسلك تكوين أطر الإدارة التربوية وأطر هيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، ومدير(ة) مساعد(ة) مكلف(ة) بالتكوين المستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي”، بل يوجد فقط، أشخاص مكتوب على بوابة مكاتبهم ” مدير مساعد “، يقومون بين الفينة والأخرى، بالسفر إلى الرباط، من أجل المشاركة في العدد والرزنامات التي تقدمها ” الوحدة ” باسم مجالس المراكز إلى المراكز قصد استهلاكها.

  • المثال الرابع: يتعلق بطريقة تدبير الخصاص الذي تعاني منه المراكز فيما يخص الموارد البشرية، حيث توصلت الأكاديميات التي تعاني المراكز التي توجد ضمن نفوذها، من خصاص في هيئة التدريس، بمراسلات عبر الفاكس أواخر أكتوبر 2014، تطلب فيها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” من الأكاديميات – وإن كانت المراسلة ممهورة بطابع الكتابة العامة – انتقاء أساتذة مبرزين في عدة تخصصات بما في ذلك اللغة الإنجليزية! مع التأكيد أنه في حالة عدم توفر أساتذة مبرزين، يجب تعويضهم بأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، وذلك قصد تكليفهم بالتدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين المعنية.

وبقراءة متأنية لمضمون هذه المذكرة بناء على مقتضيات النصوص التي تعتبر المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مؤسسات للتعليم العالي غير تابعة للجامعة(19)، نستطيع التأكيد أن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” خرقت مرة أخرى وبشكل سافر مبدأ المشروعية، لأنها لم تحترم أولا مضمون المادة 14 من مرسوم إحداث المراكز، والتي تنص على أن هيئة التدريس بالمراكز تتكون من أطر هيئة الأساتذة الباحثين، والأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي، وموظفين يعهد لهم القيام بمهام التدريس، وفق شروط ومعايير تحدد بمقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي.

ويمكننا تحديد خرق ” الوحدة ” لمبدإ المشروعية بناء على مضمون المادة 14، في كونها فوتت على التكوين الأساس والمستمر فرصة تطعيم هيئة التدريس بالمراكز، بأساتذة باحثين. لأنه بتحليل مضمون الفقرة الخامسة من المادة 14 من مرسوم إحداث المراكز، سندرك أن نية الحكومة حين بدأت الفقرة السادسة بأداة الاستثناء:      ” غير أن أطر هيئة التدريس المزاولين عملهم بمراكز تكوين المعلمين والمعلمات والمراكز التربوي الجهوية (…) يستمرون في مزاولة نفس المهام بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين”، هي أن ممارسة التكوين بالمراكز الجهوية باعتبارها مؤسسات للتعليم العالي غير تابعة للجامعة اعتبارا من تاريخ دخول مرسوم إحداثها حيز التنفيذ، تتم من قبل الأساتذة الباحثين، والأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي. ومن ثم، فمطالبة الأكاديميات بانتقاء أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي لسد الخصاص الحاصل في هيئة التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين عبر مراسلة، يعد خرقا لمبدإ المشروعية، وانتقاصا من قيمة مجالس المراكز، إذ كيف يعقل أن تكون الشُّعب حاضرة عند انتقاء وامتحان المترشحين لمنصب مدير المركز، ومُغَيَّبة في مسألة وجودية تتعلق بمصير التكوين بالمراكز؟ ثم كيف يمكن للأكاديمية انتقاء أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي للعمل بالمراكز في غياب مقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي موضوع المادة 14؟

إن الطريقة التي اعتمدتها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” لسد الخصاص الحاصل في هيئة التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مع بداية 2014، تكشف بشكل واضح، عن نية مقاربتها ” المركزية ” المتعارضة شكلا ومضمونا مع دستور فاتح يوليوز 2011 الذي يقر بمبدإ الجهوية(20)، والتي تسعى إلى تحويل المراكز من مؤسسات للتعليم العالي غير تابعة للجامعة، إلى ” ثانويات ” تفتقر للمبادرة. إنه شكل جديد للحجر الإداري على المراكز، غايته إقبار مفهوم البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي موضوع المادة 34 من مرسوم الإحداث، المفهوم الذي لم تقدم بشأنه ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” أي شيء يذكر.

2: عدم مشروعية القرارات المتخذة من قبل ” الوحدة المركزية للبحث التربوي “

حول هذه النقطة لدينا ملاحظتين: أولا رغم أن مرسوم إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين دخل حيز التنفيذ وقت نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 فبراير 2012، فإنه تنفيذا لمضمون الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2012، وجه وزير التربية الوطنية يوم الخميس 27 سبتمبر 2012 نداء إلى كل الخبراء والباحثين في التربية يدعوهم إلى المساهمة بأبحاث أو دراسات تتناول القضايا التربوية، مع التركيز على تقديم الحلول الناجعة والاقتراحات العملية البناءة الكفيلة بتطوير المنظومة التربوية(21)، وهو إجراء لم يحترم مبدأ المشروعية لكون ” النداء ” يتعارض مع المرسوم المحدث للمراكز، والذي ينص على أن مهمة البحث العلمي التربوي من اختصاص المراكز، وبالتالي عندما يتعارض إجراء تنظيمي مع نص أسمى منه، فالأولوية للنص الأسمى. ثانيا إرسال مذكرة وزارية تحت رقم 127/14 بتاريخ 11 سبتمبر 2014 إلى السادة مدراء المراكز تحت إشراف السيدتين والسادة مديرتي ومدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين جاء فيها ” أنه في إطار الارتقاء بالبحث التربوي بمراكز تكوين الأطر التربوية ” تخبر الوزارة بأنه سيتم تحت إشراف ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، وبتنسيق مع ” الوحدة المركزية للبحث التربوي ” تنظيم مباراة وطنية لاختيار أحسن البحوث التربوية الخاصة بطلبة مراز التكوين. ومن ثم، فما يعاب على هذه المذكرة، هو أنها تتحدث عن ” طلبة مراكز التكوين “، والحال أنه ليس في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين طلبة، وإنما أساتذة(ات) متدربون(ات). كما أن آخر أجل لبعث البحوث المقدمة للتباري إلى ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” والذي حددته الوزارة في 30 أكتوبر 2014، يعتبر تاريخا بعيدا عن الواقع، إذ كيف يمكن لأستاذ متدرب لم تستقر وضعيته بعد، أن يقدم بحثا للتباري في ظرف أقل من شهر؟ غير أن ما يعاب على هذه المذكرة أكثر، هو خرق الوزارة لمبدإ المشروعية، لأنها اعتمدت في تنظيم ما أسمته بالمباراة الوطنية للبحث التربوي، على مذكرة سابقة، وهي المذكرة الوزارية رقم 179 بتاريخ 23 دجنبر 2009، والتي تعتبر من الناحية القانونية قد سقطت بدخول مرسوم إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين حيز الوجود، على اعتبار أن المادة 34 من الباب السادس من هذا المرسوم، تنص صراحة على أنه إضافة إلى المهام السالفة الذكر، تتولى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين تطوير البحث العلمي التربوي والارتقاء به من خلال إرساء وتفعيل فرق البحث، وملائمة البحث العلمي التربوي مع أولويات [ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني]، ونشر نتائج البحوث والتعريف بها واستثمارها في الرفع من جودة تكوين الأساتذة وتأهيلهم، والتنسيق مع المختبرات الجهوية للبحث التربوي والجامعات، وكذا مع المتدخلين في هذا المجال وطنيا ودوليا، ثم تنظيم ندوات وملتقيات علمية في مجال البحث العلمي التربوي. ومن ثم، فمهمة البحث العلمي التربوي، تعد من وجهة نظر قانونية، قضية جهوية تندرج ضمن اختصاص المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وعلى الوزارة الوصية، أن تحترم المشروعية، وتساعد المراكز على اتخاذ المبادرات ذات الصلة.

ونعتقد انطلاقا من هذه الأمثلة، أن سوء التقدير الذي يميز تعامل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، و”الوحدة المركزية للبحث التربوي” مع المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بناء على ما يخوله المرسوم لمجالس المراكز من صلاحيات، يجعلنا نحلل طبيعة النتائج التي قد تمس بالأمن التربوي والبيداغوجي الوطني على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما سنوضحه كما يأتي:

ثالثا : خطورة ضرب الشرعية والمشروعية على الأمن التربوي والبيداغوجي الوطني

يمكننا تحديد خطورة السياسة المعتمدة من قبل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” على الأمن التربوي والبيداغوجي الوطني على مستويين: المدي القريب والمتوسط، ثم المدى البعيد. بالنسبة إلى المستوى القريب والمتوسط، تنبثق الخطورة أساسا من صفة ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، ومن نظرة باقي المؤسسات إليها كجهاز غير موجود في هيكلة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وهي نظرة تؤثر سلبا على مردودية المراكز في مجال التكوين الأساسي والمستمر من جهة، وعلى إمكانية الإبداع لدى الأساتذة(ات) الباحثين(ات) العاملين(ات) بالمراكز ضمن إطار البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي من جهة ثانية. ذلك أن” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” عندما يتعلق الأمر بميزانية المراكز على سبيل المثال، تجد صعوبة في إقناع الأجهزة المالية المعنية، بضرورة هذا الرقم أو ذاك، لأن هذه المهمة تعتبرها الأجهزة المحاورة للوحدة المركزية لتكوين الأطر، من اختصاص مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر. كما أن ضغطها المتواصل على مدراء المراكز أثناء دعوتها لهم قصد دراسة بعض الأمور التي لها علاقة بالتكوين الأساسي بالمراكز، وإلحاحها عليهم بضرورة التعاون مع مديرتي ومدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، جعل مدراء المراكز المعينين بالطريقة ذاتها التي عين بها نظراؤهم بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، يشعرون بعدم الاحترام، و ب” الفقر” و”الهشاشة” مقارنة مع مديرتي ومدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إذ ما معنى ” المنصب العالي ” بالنسبة إلى مدراء المراكز إذا كان المنصب ذاته يوفر لمديرتي ومدراء الأكاديميات احترام الإدارات الجهوية والإقليمية والمحلية، ويوفر لهم فضلا عن ذلك، إقامة محترمة (فيلا)، وحظيرة للسيارات، ولا يوفر لمدراء المراكز، لاسكن ولا سيارة، بل جعلهم في وضعية ” مد اليد ” إلى مدير الأكاديمية يطلبه أن يجود عليه من فضل الأكاديمية في البناية، والهاتف، والكهرباء ! الأمر الذي جعل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” تغظ الطرف حين قرر مدراء المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين الجدد مع بداية الدخول التكويني 2014/2015، وفي غياب أي نص قانوني يسمح لهم بذلك، استخلاص مبالغ مالية مهمة ضمن إطار مسطرة تسجيل الأساتذة(ات) المتدربين(ات) !

وفيما يخص المستوى البعيد، تنبثق الخطورة من الطريقة التي تنتج بها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر” ما تسميه ب ” عُدَّة التكوين “، و “الرزنامات” الخاصة بتكوين الأساتذة(ات) المتدربين(ات)، وأطر الإدارة التربوية….إلخ. والسبب هو أن منتوجات ” الوحدة” لا تخضع من حيث مضمونها التربوي والبيداغوجي والإداري، لا لمراقبة البرلمان، ولا لمراقبة الأمانة العامة للحكومة، ولا لمراقبة المجلس الأعلى للتربية والتكوين، إنها تنتج وتمرر إلى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بطريقة تشبه إلى حد ما، طريقة تهريب المنتوجات غير المأمونة.

ويمكننا توضيح هذه الحقيقة كما يلي: إذا تفحصنا الوثيقة التي تتضمن إجراءات تدبير السنة التكوينية الموجهة للمراكز برسم السنة التكوينية 2014/2015، نجدها في الفقرة 2 تنص في ما عنونته ب: [ مبادئ واعتبارات ] على الآتي: تخصيص 60% من زمن التكوين للتداريب الميدانية، و40% منه للمجزوءات (…) وتخصيص مجزوءة أو أكثر لإنماء كل كفاية، تتضمن مقاطع خاصة بعلوم التربية، ومقاطع خاصة بديدكتيك المواد، ولها امتدادات في التداريب الميدانية، لضمان تحقيق الانسجام والتكامل بين مختلف مجالات وفضاءات التأهيل بمراعاة الأنموذج ” عملي-نظري-عملي“.

ويمكننا إبداء ملاحظتين بشأن هذه الفقرة: أولا أن عبارة ” تخصيص 60% من زمن التكوين للتداريب الميدانية، و40% منه للمجزوءات…”، تنسجم نظريا مع ما أسمته ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “،         بالأنموذج: “عملي/نظري/عملي(22). ولكنه من حيث المنطق والواقع، غير قابل للتطبيق، لأنه يقتضي أن يبدأ الأساتذة(ات) المتدربون(ات) تكوينهم الأساسي بتدبير الوضعيات التعلمية بمؤسسات التطبيق، دون تحكمهم في عملية التخطيط التي تلقن لهم(ن) ضمن الشق النظري داخل المراكز وهو أمر غير ممكن. ثانيا، أن مفهوم     ” الأنموذج ” واسمه الحقيقي كما صاغه توماس كون في كتابه ” بنية الثورات العلمية “(23)، هو النموذج/الأنموذج الإرشادي= البراديغم، وهو مجموع القواعد المسلم بصحتها من قبل جماعة البحث العلمي، أي العلماء، وفي حالتنا هم الأساتذة(ات) الباحثون(ات) العاملون(ات) بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، والذين يمكن تطعيمهم بأساتذة باحثين آخرين تحقيقا للفائدة. وبما أن عملية التعلم من خلال [ التداريب] أو [ التطبيقات العملية]، تستمر طوال عملية تلقين المبادئ الأولية لممارسة التخصص رباعي الأبعاد، فإن ” الأستاذية ” كممارسة، أو  كما تسميه ” الوحدة ” بالمهننة، لابد أن تتجدد، وهي غاية يرتبط تحقيقها بتطور البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي – الذي لا ترغب ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”  في فتح ملفه علنا أمام المسؤولين – والذي لابد أن يقود إلى ما هو جديد وغير مألوف، ومن ثم، فالأنموذج  ” عملي/نظري/عملي ” كما نلاحظه في الواقع، يعتبر بنية متداعية، أجزاؤها المتباينة ضعيفة التماسك، لا يمكن الرهان عليه من أجل بناء أسس الدولة الصاعدة.

ونستطيع الكشف عن ضعف هذا التماسك عبر ما نسميه ب ” سوء التقدير ” الذي أرخى بظلاله على مكونات العدة، وبخاصة ” الوثيقة الإطار “(24)، و”دليل الاصطحاب”(25)، ثم ” دليل مرجعيات التأهيل”(26). بالنسبة إلى الوثيقة الإطار، جاء في المقدمة (الصفحة 5)، أن منهاج التكوين الذي تم إعداده في سياق تفعيل المرسوم المحدث للمراكز: ” يستمد مرجعياته من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والبرنامج الحكومي، والمستجدات الوطنية والدولية، حيث يهدف إلى بناء تصور جديد يؤسس لنقلة نوعية في آليات ولوج هذه المراكز….”، ولم تنتبه ” الوحدة المركزية لمهن التربية والتكوين “، إلى الخطب الملكية السامية التي تعتبر إطارا أساسيا لتحديد سياسة الدولة في مجال التربية والتكوين. أليس ” المفهوم الجديد للسلطة ” التربوية والبيداغوجية تصورا جديدا في هذا المجال؟ أليس من واجب الأستاذ(ة) (باعتباره موظفا عموميا يتقاضى أجره من ميزانية الدولة) وهو يخطط عمل يوم أو أسبوع أو شهر، أن يكون مدركا لمضمون نظرية المفهوم الجديد للسلطة في المجال التربوي والبيداغوجي؟

وقد جاء في المقدمة علاوة على ذلك، أن ” منهاج ” تأهيل الأساتذة…. سيخضع لتجريب ” أول” خلال الموسم الدراسي 2012/2013، وهذا معناه، أنه لأول مرة سيخضع منهاج ” تأهيل الأساتذة المتدربين…” إلى تجريب، والحقيقة هي أنه بحلول الموسم الدراسي 2012/2013، ستكون عملية التجريب في مجال تكوين الأساتذة(ات)، قد أنهت عُشريتها الأولى خلال القرن 21، لأن المادة 14 من المرسوم المنظم لوزارة التربية الوطنية(27)، تنص على أن للمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب، مجموعة مهام منها : ” تجريب برامج وطرائق التعليم والتكوين” (الفقرة الرابعة)، ومن ثم فالسؤال الذي يطرح نفسه هو ألم تنته ” الوحدة ” بعد من التجريب ؟ ثم من أين تأتي ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” بهذه ” العُدد “، والرزنامات ” التي لم تشبع بعد من تجريبها في الواقع المغربي؟

إن أهم الأسباب التي تجعل التجريب من دون جدوى في الواقع، هو مفهوم ” التأهيل ” الذي جعلته         ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” حجر الزاوية في الوثيقة الإطار، لأن ” الوحدة ” لم تبدل المجهودات ذاتها كما فعلت في دليل الاصطحاب كما سنرى، في تحديدها لمفهوم “التأهيل” تحديدا دقيقا. هل التأهيل أو تأهيل الأستاذ(ة) المتدرب(ة) يقابله في الفرنسية المعنى المتضمن في كلمة la qualification، أم أنه يفيد المعنى الذي تتضمنه كلمة la mise à niveau، أم يقابله ما تعنيه كلمة la mise au niveau ؟ ومن ثم، إذا كانت كلمة la qualification تفيد طبقا للفقرة الرابعة من المادة 2 من النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي(28)، أن تقوم الثانوية التأهيلية بتهييئ تلاميذ هذه المرحلة، بالتمرين والتعليم إلى ولوج المعاهد والمدارس ومؤسسات التعليم العالي بمختلف فروعه، فإننا نميز بين ما تعنيه كلمة la mise au niveau، وما تعنيه كلمة la mise à niveau، الأولى كما وضحناها في أطروحة في الموضوع(29)، تعني الانتقال من وضعية معينة، إلى وضعية أفضل، وبالتالي، فالتأهيل= la mise à niveau الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه في قطاع التعليم، هو إحداث تغيير في كفايات ومهارات ” المتدربين(ات) ” بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، أي الانتقال بهم(ن) من وضعية شخص حامل لإجازة أساسية في تخصص معين، إلى وضعية يصبح فيها الشخص ذاته قادرا على جعل الكفايات التي اكتسبها في ” الجامعة “، بمثابة ” أداة ” لتمرير القيم العلمية، وكذا القيم والثوابت المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وبناء على وجهة نظرنا هاته، فالتأهيل هو الانتقال من وضعية إلى وضعية أفضل داخل الإطار.

أما التأهيل بمعنى la mise au niveau، فإنه يفيد الانتقال بشخص معين [الأستاذ(ة) عبر المرحلة التي يقضيها كمتدرب(ة)] من وضعية إلى وضعية أخرى يقع الاختيار عليها خارج الإطار. ولتوضيح الصورة أكثر نقول: إذا ربطنا تركيبيا بين مفهوم ” التجريب ” كما هو في عدة تأهيل الأساتذة(ات) بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، والمحاولات المتواصلة  لترجمة مضامين ” البراديغمات ” التي تستوردها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” عبر الأمريكيين ( برنامج إثقان)، والكنديين (برنامج باجيزم)، إضافة إلى البلجيكيين ” بيداغوجية  الإدماج”، فإن مفهوم التأهيل لدى ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، معناه، الانتقال بالأستاذ(ة) المتدرب(ة) من وضعية الأزمة، لا إلى وضعية يسهم فيها هذا الأخير بعد تخرجه من المركز في حل هذه الأزمة، بل إلى وضعية تشبه وضعية نظيره في الخارج، وهو أمر يستحيل تطبيقه في المغرب لأن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، تجاهلت في هذه النقطة ليس فقط مفهوم ” الخصوصية ” الذي وضحه جلالة الملك بشكل مسؤول أمام أعضاء الأمم المتحدة(30)، بل تجاهلت حقيقة التكوين الذي تلقاه حامل الإجازة في الجامعة، وهو تكوين تخصصي، ومن ثم، ما دام الأستاذ(ة) المتدرب(ة)، يتلقى أثناء تواجده بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، تكوينا إضافيا وضروريا في القانون التربوي والتسيير الإداري، وعلوم التربية والإعلاميات، فإننا نتحدث عن ما نسميه ب ” استكمال التكوين التأهيلي ” لممارسة المهنة. لأنه بدون كفايات ومهارات تلقن للأستاذ(ة) المتدرب(ة) من قبل أساتذة القانون وعلوم التربية والإعلاميات، لا يمكن الحصول على صفة        ” الأستاذية “.

وفيما يخص “دليل الاصطحاب”، لا نستطيع إنكار المجهود الذي بدله المتعاونون مع ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، في تحديد مفهوم الاصطحاب (أربع صفحات)، ولكننا نسألهم بالمقابل، إذا كان ” الاصطحاب أثناء التكوين ” كما جاء في الدليل (الصفحة 6)، يفيد ” اصطحاب الأساتذة المتدربين داخل المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وبالمؤسسات التعليمية التي تنظم فيها الوضعيات المهنية”، فمن يقوم بهذه العملية؟ أو بتعبير آخر، ما المقصود بعبارة: ” اصطحاب الأساتذة المتدربين…. بمعية مجموعة من الفاعلين سيفصل القول فيهم لا حقا «؟ ثم إذا كانت ” الوحدة ” لم تفصل بعد فيما أسمتهم ب ” الفاعلين “، فمن يصطحب الأساتذة المتدربين داخل المراكز؟ ثم ما هي طبيعة ما أسمته ” الوحدة ” ب ” عدة اصطحاب خاصة ومفردنة ” التي يستفيد منها الأساتذة المتخرجون المستوفون كل مجزوءات التكوين؟ ومتى سيستفيد أفواج 2012/2013/2014 من هذه العدة؟ ثم إذا كان النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية قد حدد بدقة صفات ومهام موظفي الوزارة(31)، فما المقصود بالأستاذ ” المورد “، أو ” المرشد التربوي ” كما جاء في الدليل؟ ثم كيف يتم تفعيل               ” الاصطحاب ” بالنسبة إلى الخريجين الذين تمكنوا من استيفاء كلي لمجزوءات التكوين؟ ومن يقوم بهذا الاصطحاب؟ وكيف يعقل أن تراهن ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” على إغناء الرصيد المهني للأستاذ(ة) المتدرب(ة) بطرائق جديدة في التدريس، تفترض أنه بإمكان العاملين بمؤسسات التربية والتعليم العمومي بلورتها؟

وبالنسبة لدليل مرجعيات التأهيل ورزنامة تدبير زمن التكوين، سنركز فقط على ” الكفاية ” رقم 4              ( الصفحة 10)، بالنسبة لأساتذة(ات) التعليم الأولي والابتدائي، والصفحة (19) بالنسبة لأساتذة(ات) التعليم الثانوي التأهيلي، والصفحة (30) بالنسبة لأساتذة(ات) التعليم الثانوي التأهيلي، ونطرح السؤال التالي: إذا كان زمن التكوين حاليا بالمراكز حسب مرسوم الإحداث، هو سنة واحدة، وأن 60% من هذا الزمن مخصصة للتكوين العملي حسب ” العدة “، فهل المطلوب من الأساتذة(ات) المتدربين(ات) لتقديم حلول عملية قابلة للإنجاز طبقا لمضمون ” الكفاية” الرابعة، هو القيام ب ” مشروع “، أم ب ” بحث تربوي ” تدخلي ؟ ثم من سيُقَوم ” المشروع، أو ” البحث التربوي التدخلي “؟ هل سيتم تقويمه بمؤسسات التطبيق المرتبطة بالمركز، أم من قبل الأساتذة(ات) الباحثين(ات) العاملين(ات) بالمراكز؟

وفيما يخص النقطة الثانية ذات الخطورة على الأمن التربوي والبيداغوجي الوطني، فيمكننا الكشف عنها عبر التوضيح التالي: إذا كان المغرب يعيش منذ مدة أزمة حادة في مجال التربية والتكوين، وأن الأمة لازالت تعاني من الأزمة ذاتها في ظل ” نظام التربية والتكوين ” الحالي، فإن مواصلة ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” تطبيق الأنموذج ” عملي/نظري/عملي” معناه، أن وثيرة تكوين 8000 أستاذ(ة) سنويا خلال فترة افتراضية هي: 2011/2051، يعني تكوين 340000 أستاذ(ة)، أي ما يوازي عدد موظفي وزارة التربية الوطنية في الوقت الحالي، وهذا معناه، أن نتيجة التكوين الأساسي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، سواء تعلق الأمر بالأساتذة(ات)، أو أطر الإدارة التربوية، أو أطر هيئة المراقبة التربوية والبيداغوجية والإدارية، هي تكريس النظام التربوي والبيداغوجي ذاته، الذي لا يمكنه إلا إعادة إنتاج ” موظفين ” يستحيل من وجهة نظر حضارية، اعتماد الدولة عليهم قصد الانتقال من وضعيتها الحالية، إلى وضعية الدولة الصاعدة.

إن الكسب الحضاري أو تحقيق النتائج التي ترغب الدولة في ملامستها في الواقع طبقا لمضمون الخطاب الملكي بتاريخ 20 غشت 2012، لا يمكن ضمانها إلا بالقطع مع بعض المعتقدات أو الإجراءات المعيارية كالتي تقدمها      ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” في مجال التكوين الأساسي والمستمر لفائدة موظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني داخل أسوار المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، أي لا بد من تغيير الأنموذج                 ” عملي/نظري/عملي”، بأنموذج إرشادي آخر قابل للتطبيق في الواقع المغربي الجديد. لأنه كل من قرأ الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وأعاد قراءته آلاف المرات، سوف لن يجد ما أسمته ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، بالأنموذج ” عملي/نظري /عملي”، بل سيجد تكوينا أساسيا مرفقا بتداريب في المادة 134، علما أن صيغة 60% المخصصة للتكوين التطبيقي، و40% المخصصة للتكوين النظري موضوع ” العدة ” الغير قابلة للتطبيق، تشبه إلى حد ما، الصيغة المنصوص عليها في الجدولة الزمنية المحددة طبقا لمقتضيات المادة 28 من الميثاق، والتي تنص في فقرتها (ج) على ما يلي: ”   وفي الآفاق الآتية يصل التلاميذ المسجلون بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي في 1999-2000 إلى : نـهاية المدرسة الابتدائية بنسبة 90 في المائة، عام 2005؛ ونهاية المدرسة الإعدادية بنسبة 80 في المائة، عام 2008؛ ونهـاية التعليم الثانوي (بما فيه التكوين التقني والمهني والتمرس والتكوين بالتناوب) بنسبة 60 في المائة، عام  2011؛ ثم نيل البكالوريا  بنسبة 40 في المائة عام 2011 “. علما أن الفقرة (د) من المادة 28 ذاتها، تنص على أنه لا ينبغي تحقيق هذه الأهداف الكمية على حساب جودة التعليم.

إن نقدنا “المواطني” للسياسة التي تدبر بها ” الوحدتين المركزيتين لتكوين الأطر والبحث التربوي” مجال التكوين الأساسي والمستمر لفائدة موظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وكذا البحث العلمي التربوي، هو في الحقيقة نقد للنماذج التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام التربوي والبيداغوجي – بناء على الصلاحيات المخولة لها في إطار الفصل 89 من الدستور- بتعاون مع شركاء أجانب ( أمريكيين، وكناديين، وفرنسيين…إلخ) من أجل إصلاح نظام التربية والتكوين، ونقد كذلك للتهميش المقصود للبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. كما أن نقدنا هذا ليس معناه، أننا عاجزون عن تقديم بديل للأنموذج الحالي، ولكننا قادرون أيضا على تقديم الحل للأزمة التي حالت لحد الآن، دون إرساء أسس     ” مدرسة مغربية وطنية جديدة ” على قاعدة صلبة يمكن للأمة المغربية الانطلاق منها لمنافسة الأمم الأخرى، وهي الحقيقة التي سنكشف عنها في النقطة الرابعة.

  • رابعا: التصميم الحضاري لبناء مدرسة مغربية وطنية جديدة

 

يمكننا تلخيص تصورنا بشأن بناء مدرسة مغربية وطنية جديدة، في نقطتين أساسيتين: النقطة الأولى يمكن تحقيقها على المدى القريب، والثانية لا يمكن تحقيقها إلا على الأمدين المتوسط والبعيد. الأولى تحتاج إلى إرادة وجرأة من قبل وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، وتتحقق عبر إجراءين:

  • الإجراء الأول: يتمثل وجوبا في حل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر “، و” الوحدة المركزية للبحث التربوي “. الأولى باعتبارها جهازا إداريا غير شرعي لكونها غير موجودة ضمن هيكلة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وأن جهازا ك ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” لا يمكن من وجهة نظر قانونية، مراقبته أو محاسبته. والثانية باعتبار أن ” البحث التربوي ” الذي تدعي أنها ترعاه، غير موجود، لأن مرسوم إحداث المراكز، ينص صراحة على البحث العلمي التربوي الذي أصبح من اختصاص اللجن المنبثقة عن مجالس المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من جهة، ثم تعديل وتتميم المرسوم المنظم لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني من جهة ثانية، كما يأتي:

في الأسباب: أنه انسجاما مع رغبة الدولة في تطبيق الجهوية كما حددها دستور فاتح يوليوز 2011، وتفعيلا لمفهوم الجهوية في مجال التكوين الأساسي والمستمر لموظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني كما ينص على ذلك مرسوم إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وتفاديا للتداخل غير المبرر في الصلاحيات بين مجموعة من المديريات المركزية، ينبغي إعادة تنظيم العلاقة بين السلطات التربوية المركزية والسلطات التربوية في الجهات بما يفيد مستقبل الأمة في مجال التكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

في المضمون: تخفيفا من ثقل الآلية المركزية في قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني، وتنفيذا للمقتضيات المنصوص عليها في منشور الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة رقم 2 بتاريخ فاتح أبريل 2003 حول قواعد تنظيم الإدارة المركزية للدولة ومصالحها اللاممركزة(32)، والذي يؤكد على ضرورة تركيز مهام الإدارة المركزية على الوظائف الاستراتيجية المرتبطة بمجالات كل وزارة (…)، واعتماد اللاتركيز الإداري في توزيع الاختصاص ما بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة كقاعدة عامة(…)، إضافة إلى ترشيد النفقات العمومية وذلك بحذف أو تقليص الهياكل المركزية مع دمج بعضها في البعض تفاديا للازدواجية في الهياكل والاختصاصات وضرورة مراعاة المهام المسندة إلى المصالح اللاممركزة، يبقى من الصائب وطبقا لمقتضيات الخطاب الملكي بتاريخ 12 أكتوبر 1999 الذي وضع نظرية جديدة في التدبير هي ” المفهوم الجديد للسلطة “، وكذلك الرسالة الملكية حول التدبير اللامتمركز للاستثمار بتاريخ 9 يناير 2002 التي تدعو إلى ” أن اللامركزية لا يمكن أن تحقق الأهداف المتوخاة منها إلا إذا واكبها مسلسل عدم التركيز…”، تعديل وتتميم المادة 4 من المرسوم المحدد والمنظم لوزارة التربية الوطنية(33) على الشكل التالي:

المادة 4

تشتمل الإدارة المركزية على:

– الكتابة العامة؛

– المفتشية العامة للتربية والتكوين؛

– مديرية المناهج والتجديد التربوي وتكوين الأطر والبحث العلمي التربوي؛

– مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية؛

– مديرية الاستراتيجية والإحصاء والتخطيط؛

– مديرية إدارة منظومة الإعلام والاتصال؛

– مديرية الشؤون القانونية و المنازعات؛

– مديرية الشؤون العامة والميزانية والممتلكات؛

– مديرية الموارد البشرية والتقويم وتنظيم الحياة المدرسية؛

– مديرية التعاون والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي؛

وبطبيعة الحال، سوف يترتب عن هذا التعديل، حذف بعض البنيات وإدماج أخرى في بعضها البعض ضمن الهيكلة الجديدة للوزارة.

الإجراء الثاني: إذا أدركنا أن الإصلاح الحقيقي الذي تبحث عنه الحكومة بدون جدوى خارج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يوجد في مكان ما داخل بيئة التكوين الأساسي والمستمر، فإن الأمر يقتضي تغيير المرسوم المحدث للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بطريقة تجعل منه مؤسسة جهوية للتكوين، بكل ما تحمله كلمة جهوية من معنى. ولا يتحقق ذلك إلا بجعل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، توضع تحت وصاية السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية والتكوين المهني، تماما كما هو الحال بالنسبة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والجامعات، وبذلك تصبح كل جهة من جهات المملكة الاثني عشرة حسب التصور الجديد، تتوفر على مؤسسات تتكامل على مستوى الأدوار، في تهيئة الناشئة، وإعدادها، وتأهيلها علميا ومعرفيا، ثم تكوينها تكوينا أساسيا فعالا لتمكينها من الاختيار بين ما يعرضه سوق الشغل الوطني والدولي. وبهذه الطريقة وليس بغيرها، يتحقق الإصلاح، وتتحقق الأهداف والغايات الكبرى المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

أما النقطة الثانية وهي الأهم، فإننا من حيث الجوهر، نعتبرها ذات طبيعة حساسة لكونها ترتبط بشكل وثيق بأمن الدولة التربوي والبيداغوجي، الأمر الذي نرى أنه من الصواب عدم الكشف عنه بطريقة علنية أمام العموم! وفي جميع الأحوال، نرى أن سنة تكوينية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمواصفات المعتمدة من قبل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” غير كافية، ومن المفيد اعتماد رؤية وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، أي الزيادة في زمن التكوين: حيث سيكون من المفيد أن تُقرر سنتان بالنسبة لأساتذة(ات) التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي، وثلاث سنوات بالنسبة لأساتذة(ات) التعليم الثانوي التأهيلي والتبريز، على أساس أن تتم إعادة النظر في مبلغ المنح بالمراكز، وبناء مدرجات وداخليات ومطاعم بالمراكز التي لا تتوفر على ذلك، وتحديد أقسام للتكوين التطبيقي بالمؤسسات المجاورة للمراكز، وأخرى بالعالم القروي لجعل التكوين واقعيا، مع ضرورة تفعيل قرارات وزير التربية الوطنية الجديدة الخاصة بولوج المراكز(34)، وتطعيم المراكز بأساتذة باحثين للرقي بالبحث العلمي التربوي، وذلك عبر تخصيص مناصب معينة ضمن المناصب السنوية المخصصة لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني قصد فتح التباري أمام الدكاترة من موظفي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني.

ونختتم هذه المقالة كما بدأناها، بالحديث عن الشرعية والمشروعية، مع التأكيد على دور الحكومة في مساعدة القضاء الإداري على حماية القانون، ثم التذكير بضرورة التمييز بين نوعين من عدم شرعية جهاز إداري معين، أو عدم اختصاصه في اتخاذ إجراءات تنظيمية معينة: أولا عدم الاختصاص المادي = l’Incompétence matérielle، ثانيا عدم الاختصاص الترابي = l’Incompétence territoriale، ذلك أن عدم الاختصاص المادي يرتبط وجوبا بعدم شرعية جهاز إداري يتخذ قرارات من حق جهاز إداري آخر لأنه هو صاحب الاختصاص طبقا للقانون، وصاحب الاختصاص في حالتنا هذه، هو ” مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر” طبقا لمقتضيات المرسوم المحدث والمنظم لوزارة التربية الوطنية [ حاليا وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني]. ولابد من التذكير في السياق ذاته، بأن هناك اجماع بين علماء الإدارة وفقهاء القانون الإداري، على أن عدم الاختصاص الترابي يتحقق في الواقع عندما يتخذ مسؤول معين، قرارات خارج الاختصاص الترابي المخول له قانونيا. وبما أن مرسوم إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يخول هذه الأخيرة صراحة عدة صلاحيات جهوية، فإن الترامي على هذه الصلاحيات سواء من قبل ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، أو من طرف ” الوحدة المركزية للبحث التربوي”، يعد ” اغتصابا ” Usurpation لصلاحيات الشُّعَب ومجالس المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. كما أن النتائج القانونية المترتبة عن عدم الاختصاص بشقيه حسب نظرية المعدوم أو غير الموجود = la théorie de l’Inexistence، والتي تميز بين اغتصاب الوظيفة، وعدم الاختصاص الذي هو التدخل بصفة عامة في اختصاص سلطة إدارية أخرى، والذي تكيفه هذه النظرية على أنه ” عدوان “، لأن المغتصب Usurpateur يمارس الفعل الإداري ويتخذ القرارات خارج الإطار القانوني. ومن ثم، فالإجراءات والتدابير القانونية الصادرة ضمن هذه البنية، تعتبر ليس فقط غير شرعية، ولكنها غير موجودة أصلا. وهي الحقيقة التي أكدها مجلس الدولة الفرنسي فيما يعرف بقضية روسان جيرار l’Arrêt de Rosant Girard، والذي يفيد أنه بالإمكان إثارة قضايا من هذا النوع في أي وقت ولو خارج الآجال المسموح بها قانونيا(35). وعلى كل حال، إذا كانت المادة 133 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين تنص صراحة على أن ” تجديد المدرسة رهين بجودة عمل المدرسين وإخلاصهم والتزامهم. ويقصد بالجودة، التكوين الأساسي الرفيع والتكوين المستمر الفعال والمستديم، والوسائل البيداغوجية الملائمة، والتقويم الدقيق للأداء البيداغوجي”، فإن الطريقة المثلى والمضمونة لتحقيق هذه الغاية الوطنية النبيلة، هي تجديد المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين واستقلاليتها بما يتمشى مع مفهوم الجهوية الموسعة، ثم تزويدها بالإمكانيات اللازمة لتطوير البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي، مع التسريع بتفعيل الخطاب الملكي الذي أكد فيه جلالته على دور المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في إصلاح منظومة التربية والتكوين(36)، وذلك عبر المبادرات والاقتراحات المتجددة، وكذلك من خلال مراقبته الفعالة للمنتوجات الصادرة وطنيا وجهويا قصد استهلاكها بمراكز التكوين وبمؤسسات التربية والتكوين العمومي والخصوصي بجهات وأقاليم المملكة(37). لأن إصلاح نظام التربية والتكوين ليس عملية سهلة كما يعتقد البعض، وإنما هو معركة حضارية حقيقية، سلاحها الإيمان بالخصوصية المغربية، والثقة العميقة في الثوابت والإبداع الوطني، إنه قضية وجودية بالنسبة للدولة المدنية المغربية الحديثة، ولا يمكن ربحها إلا بتكوين أساسي مثين للأستاذ(ة) الملتزم(ة)، والمفتش(ة) الفعال(ة)، ثم الإدارة التربوية الناجعة، وكلها أجهزة يتم تكوينها في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ومن ثم، فالقرار ليس قرارا حكوميا اعتمادا على مضمون الفصل 89 من الدستور، ولكنه قرار أمة عريقة لم يمت بعد فيها طموح المنافسة والفوز حضاريا، فإما الحرية بمفهومها المغربي الأصيل، وفي هذه الحالة يجب أن يكون التكوين الأساسي بالمراكز فعالا بالمعنى المحدد في نظرية ” المفهوم الجديد للسلطة”، أي قدرة ” المراكز ” على العيش في قلق مستمر ضمن مواجهتها بشكل متواصل للمتغيرات، وللمواقف غير المتوقعة أو المألوفة ثم اتخاذ القرارات الجريئة من حيث البحث العلمي التربوي والبيداغوجي المسؤول، أو ” التبعية ” إذا تقرر الحفاظ على الطريقة ذاتها التي تدبر بها المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في الوقت الحالي !؟

 

 

 

 

 

 

 

(1)  مقتطف من الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس مساء الإثنين 20غشت 2012 إلى الأمة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب.

(2)  تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة 2013 مرفوع إلى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده، الجريدة الرسمية عدد 6294-29 ذو القعدة 1435 (25 سبتمبر 2014) ، ص ص : 7031-7073.

(3)  عرف الدكتور محمود حافظ في مؤلفه ” القضاء الاداري ” مبدأ الشرعية تعريفا بسيطا ومختصرا حيث قال : ” يقصد بمبدإ الشرعية، الخضوع للقانون”، كما عرفه الدكتور سليمان الطماوي، في كتابه ” القضاء الإداري “، بأنه ” سيادة القانون  ” .ويترتب عن الأخذ بهذا المبـدإ، التزام الإدارة في تصرفاتها بالحدود المرسومة لها في مجموع القواعد القانونية المقررة في الدولة، وممارسة نشاطها في نطاق هذه القواعد، علما أن القواعد القانونية في المغرب باعتباره دولة مدنية حديثة، هي مجموع القواعد المكتوبة، وغير المكتوبة. أما القواعد المكتوبة فهي ” الدستور، والظهير الشريف، والقانون التنظيمي، والقانون العادي، والمرسوم التشريعي، والقرار الاداري…إلخ “، أما القواعد غير المكتوبة فهي ” العرف والمبادئ القانونية العامة ” .

(4)  وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي – قطاع التربية الوطنية – الكتابة العامة، مديرية الشؤون القانونية والمنازعات، الاجتهادات القضائية في مجال التربية والتكوين، نماذج من الأحكام الصادرة في مجال ” قضاء الإلغاء “، الجزء الأول، فبراير 2007، ص ص : 193-200.

(5)  يتعلق الأمر بالمرسوم رقم 2.02.382 المتعلق بتنظيم واختصاصات وزارة التربية الوطنية، الجريدة الرسمية عدد 5024 بتاريخ 25/07/2002.

(6) http://www.men.gov.ma/Lists/Pages/organigramme_ar.aspx, consulté le 01 Novembre 2014 à 15 h.

(7) في خطابه السامي بتاريخ 30 يوليوز 2008، قال جلالة الملك بشأن إصلاح التعليم : ” وإذا كنا قد وضعنا التعليم في صدارة هذه القطاعات، فلأننا نعتبره المحك الحقيقي لأي إصلاح عميق. ولكي يأخذ إصلاح منظومتنا التربوية سرعته القصوى، ووجهته الصحيحة، ندعو الحكومة لحسن تفعيل المخطط الاستعجالي. وسنحرص على ألا يخلف المغرب موعده مع هذا الإصلاح المصيري. لذلك على الجميع أن ينخرط فيه بقوة. فظروف النجاح متوفرة، من إرادة حازمة لجلالتنا وتعبئة جماعية لكل المؤسسات والسلطات والفاعلين والتنظيمات، هدفنا الجماعي، إعادة الاعتبار وترسيخ الثقة في المدرسة العمومية المغربية، كمؤسسة للتنشئة الجماعية على قيم المواطنة الملتزمة وتكريس تكافؤ الفرص”.

(8)  يتعلق الأمر بالمرسوم رقم 2.07.1262 صادر في 16 من ذي الحجة 1428 (27 ديسمبر 2007) بإحداث أجرة عن الخدمات المقدمة من قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي (قسم استراتيجيات التكوين)، الجريدة الرسمية عدد 5591-20 ذو الحجة 1428 (31 ديسمبر 2007)، ص ص: 4695-4696.

(9)   مرسوم رقم 2.02.382 صادر في 6 جمادى الأولى 1423 ( 17 يوليو 2002) بشأن اختصاصات وتنظيم  وزارة  التربية

الوطنية، الجريدة الرسمية عدد 5024 – 14 جمادى الأولى 1423 ( 25 يوليو 2002)، ص: 2136

.

(10)  يتعلق الأمر بالمذكرة الوزارية رقم 179 بتاريخ 23 دجنبر 2009 بشأن إرساء بنيات البحث التربوي على مستوى منظومة التربية والتكوين.

(11)  جاء في هذا المنشور الموجه من كتابة الدولة في الشؤون الإدارية (مديرية الإصلاح الإداري)، إلى السادة الوزراء وكتاب الدولة، أنه على هؤلاء العمل على تزويد مصالح وزارة الشؤون الإدارية بالنسخ الكافية من النصوص في المرحة الأولى وذلك قصد توزيعها على ممثلي الوزارات التي تشارك في دراستها، وفي حالة ما إذا تم تعديل أو تغيير بشأن هذه النصوص فإن ذلك يستوجب بعد التوقيع من طرف الوزير المعني بالأمر إرسال خمسين نسخة (50) من نص المشروع إذا كان مرسوما وعشر نسخ (10) من نص المشروع إذا كان قرارا. ويضيف المنشور أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاريع النصوص التنظيمية بإحداث مؤسسات أو شعب جديدة، ينبغي أن يرفق كل نص مشروع بمذكرة توضيحية شاملة: علما أن عبارة ” شعب جديدة ” تفيد الوحدات أو الخلايا، والتي يجب أن تحدث إما بمرسوم، أو بقرار، لأن العبرة من ذلك هي اطلاع السلطتين التشريعية والتنفيذية على مضمون هذه النصوص، فضلا عن كونها ستنشر بالجريدة الرسمية.

 

(10) http://www.men.gov.ma/Lists/Pages/orientations_royales_ar.aspx

(11) http://www.men.gov.ma/Lists/Pages/prog_gouv2012.aspx

(12) http://www.men.gov.ma/Lists/Pages/orientations_departement.ar.aspx

(13)  في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم الجمعة 10 أكتوبر 2014 في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، قال جلالته : ” لقد وصل المغرب اليوم، والحمد لله، إلى مستوى متميز من التقدم. فالرؤية واضحة، والمؤسسات قوية بصلاحياتها، في إطار دولة القانون. ومصدر افتخار لنا جميعا، ومن حق كل المغاربة، أفرادا وجماعات، أينما كانوا، أن يعتزوا بالانتماء لهذا الوطن. وكواحد من المغاربة، فإن أغلى إحساس عندي في حياتي هو اعتزازي بمغربيتي. وأنتم أيضا [لخطاب موجه للبرلمانيين ولجميع المغاربة ذكورا وإناثا داخل المغرب وخارجه]، يجب أن تعبروا عن هذا الاعتزاز بالوطن، وأن تجسدوه كل يوم، وفي كل لحظة، في عملكم وتعاملكم، وفي خطاباتكم، وفي بيوتكم، وفي القيام بمسؤولياتكم. ولمن لا يدرك معنى حب الوطن، ويحمد الله تعالى، على ما أعطاه لهذا البلد، أقول: تابعوا ما يقع في العديد من دول المنطقة، فإن في ذلك عبرة لمن يعتبر. أما المغرب فسيواصل طريقه بثقة للحاق بالدول الصاعدة”.

(14)  يتمثل الجديد الذي اشترطته المذكرات المعنية، في التنصيص على ضرورة الإدلاء بشهادة التسجيل بأحد المسالك الجامعية للتربية برسم سنة 2013/2014، ومتابعة الدراسة إلى غاية تاريخ إصدار المذكرة المعنية، وشهادة نهاية التكوين بمؤسسة للتكوين في مجال التربية والتعليم العمومي مرخص لها من طرف السلطات المختصة.

(15)  بالنسبة للمادة الثانية، فإنها جاءت كما يلي: ” تفتح المباراة …. بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية، مع مراعاة المادة 4 من مرسوم الإحداث. وينشر هذا القرار وجوبا قبل خمسة عشر (15) يوما على الأقل، من التاريخ المحدد لإيداع الترشيحات، في صفحتين وطنيتين، وعلى بوابة الخدمات الالكترونية، وعلى الموقع الالكتروني للوزارة. أما المادة الثالثة، وبخاصة في القرارين الخاصين بمباراة التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، فإنها تنص في فقرتها الثالثة على: ” الشواهد والدبلومات المطلوبة والمحددة لائحتها بموجب مقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية. اُنظر القرارات رقم 2199.12 بتاريخ 21 ماي 2012 بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الأولي والابتدائي، والقرار رقم 2200.12 بتاريخ 21 ماي 2012 بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، والقرار رقم 2201.12 بتاريخ 21 ماي 2012 بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي،

(16)  يتعلق الأمر بقرار وزير رقم 2200.12 بتاريخ 21 ماي 2012 بتحديد تنظيم كيفية مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، وقرار وزير رقم 2201.12 بتاريخ 21 ماي 2012 بتحديد تنظيم كيفية مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي، الجريدة الرسمية عدد 6055 بتاريخ 11 يونيو 2012، ص ص: 3632-3635.

(17)  يتعلق الأمر بمرسوم رقم 2.12.90 صادر في 8 جمادى الآخرة 1433 ( 30 أبريل 2012) يتعلق بالشهادات المطلوبة لولوج مختلف الدرجات المحدثة بموجب الأنظمة الأساسية، الجريدة الرسمية عدد 6051- 6 رجب 1433 ( 28 ماي 2012)، ص: 3416.

(18)  ظلت ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” تمارس اختصاصات مجالس المراكز منذ دخول المرسوم المحدث للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين حيز التنفيذ، وذلك من خلال إرسال مراسلات عبر الفاكس تطلب فيها من ” المكلفين ” بإدارة هذه المراكز قديما، والمدراء المعينون لتسيير هذه المراكز حاليا، بعض الأساتذة(ات) ” المقربين ” العاملين بالمراكز للمشاركة في صياغة ” العدة “، أو ” الرزنامة “…إلخ، وهي الطريقة  التي تأول بها ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” مضمون المادة 33 من القانون رقم 00.01 المتعلق بالتعليم العالي. وبما أن الشُّعب داخل المراكز تتشبث بشكل متواصل، بحقها المشروع في المشاركة في إصلاح منظومة التربية والتكوين في شقه الخاص بالتكوين الأساسي والمستمر والبحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي في إطار الهياكل المؤسساتية داخل المراكز وليس خارجه، فإن المقصود ب ” المتعاونين “، في هذه المقالة، بعض المكونين العاملين بالمراكز، والذين هم في وضعية شبيهة بوضعية ” المتفرغ ” لفائدة ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر”، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على ميزانية المراكز نتيجة كثرة التنقلات التي تدرج ضمن خانة ” الأمر بالقيام بمهمة “.

(19)  يتعلق الأمر بالمواد 25 و 26 و 27 و 33 و 34 و 35 و 36 من القانون رقم 00.01 المنظم للتعليم العالي، وكذلك المرسوم رقم 2.03.201 بتاريخ 21 أبريل 2006 بتحديد قائمة مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات كما تم تعديله وتتميمه، والمرسوم رقم 2.05.885 بتاريخ 21 أبريل 2006 بتطبيق المادتين 33 و 35 من القانون رقم 00.01 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، الجريدة الرسمية عدد 2417 – 3 ربيع الآخر 1427 ( فاتح ماي 2006)، ص ص: 1074-1079.

(20)   وردت كلمة الجهوية في دستور فاتح يوليوز 2011 تسع مرات في الفقرة الرابعة من الفصل الأول: ” التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة”، والفقرة الثانية من الفصل 17:” يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية”، والفقرة الثانية من الفصل 78:” تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، غير أن مشاريع القوانين المتعلقة، على وجه الخصوص، بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية، وبالقضايا الاجتماعية، تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين”، ثم في الفصول 84 و143 و145 و150 .

(21) http://www.recherchepedagogique.ma/appelrecherche.html, consulté le 19/11/2014 à 9 h 35.

 

(22)  جاء في الصفحة 8 ضمن ما أسمته ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” ب ” المبادئ والمرتكزات الأساسية لبناء منهاج التأهيل، أن الخيار الأنسب لبلورة منهاج تأهيل منسجمة مع الاختيارات والتوجهات السالفة الذكر، يكمن في المرتكزات الآتية: ” … تبني التكوين بالتناوب مع التركيز على الوضعيات والأنشطة المهنية، اعتماد الأنموذج عملي-نظري-عملي…”.

(23) بنية الثورات العلمية، تأليف: توماس كون، ترجمة شوقي جلال، سلسلة عالم المعرفة، عدد 168، ديسمبر 1992.

(24)  وزارة التربية الوطنية، الوحدة المركزية لتكوين الأطر، عدة تأهيل الأساتذة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- الوثيقة الإطار – مدينة العرفان، 2012.

(25)  وزارة التربية الوطنية، الوحدة المركزية لتكوين الأطر، عدة تأهيل الأساتذة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- دليل الاصطحاب – مدينة العرفان، 2012.

(26)  وزارة التربية الوطنية، الوحدة المركزية لتكوين الأطر، عدة تأهيل الأساتذة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- مرجعيات التأهيل ورزنامة تدبير زمن التكوين- مدينة العرفان، 2012.

(27)  مرسوم رقم 2.02.382 صادر في 6 جمادى الأولى 1423(17 يوليوز 2002) بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية، الجريدة الرسمية عدد 5024- 14 جمادى الأولى 1423 (25 يوليو 2002)، ص: 2133.

(28)  مرسوم رقم 2.02.376 صادر في 6 جمادى الأولى 1423(17 يوليوز 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، الجريدة الرسمية عدد 5024- 14 جمادى الأولى 1423 (25 يوليو 2002)، ص: 2126.

(29)  عبد الكريم جلام، تأهيل الصادرات الفلاحية المغربية في إطار المنظمة العالمية للتجارة – العلاقات التجارية الفلاحية الأورو/مغربية نموذجا- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، وحدة البحث والتكوين ” القانون الاقتصادي الدولي والأوروبي”، السنة الجامعية 2005/2006، بميزة مشرف جدا، مع توصية من لجنة المناقشة بالطبع والنشر.

(30)  في الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك في موضوع التنمية البشرية المستدامة، والذي تلاه رئيس الحكومة السيد عبد الاله ابن كيران بتاريخ 26 شتنبر 2014، قال جلالته: ” وإدراكا منا للطابع الحاسم لهذه التحديات، فإننا نعمل على بناء نموذج تنموي متميز، يقوم على القيم الحضارية للشعب المغربي، وخصوصياته الوطنية، وعلى التفاعل الإيجابي مع المبادئ والأهداف الدولية في هذا المجال (…)   لذا، فإن أول نداء أتوجه به من هذا المنبر، هو ضرورة احترام خصوصيات كل بلد، في مساره الوطني، وإرادته الخاصة، لبناء نموذجه التنموي، لاسيما بالنسبة للدول النامية، التي ما تزال تعاني من آثار الاستعمار(…) إن الامر يتطلب توفير الظروف الملائمة، على مستوى الفكر والممارسة ، للانتقال من مرحلة إلى أخرى، في المسارين الديمقراطي والتنموي، دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول، التي عليها في المقابل، الالتزام بمبادئ الحكامة الجيدة”.

(31)  بقراءة في المرسوم رقم 2.02.854 الصادر في 8 ذي الحجة 1423 ( 10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية كما وقع تغييره وتتميمه، الجريدة الرسمية عدد 5082 بتاريخ 13 فبراير 2003، ص: 725، نجد أن المشرع التربوي يحدد في المادة 2 هيئة التأطير والمراقبة التربوية (إطار المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي، والثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي)، وفي المادة 13 هيئة التدريس(إطار أساتذة التعليم الابتدائي، والثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي، ثم الأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي)، وفي المادة 34 هيئة التسيير والمراقبة المادية والمالية (إطار الممونين، ومفتشي المصالح المادية والمالية)، وفي المادة 46 هيأة التوجيه والتخطيط التربوي ( إطار مستشار في التوجيه التربوي والتخطيط التربوي، مفتش في التوجيه التربوي والتخطيط التربوي)، وفي المادة 65 هيأة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي   ( إطار الدعم التربوي(الملحق التربوي من ثلاث درجات)، إطار الدعم الإداري (ملحق الاقتصاد والإدارة من ثلاث درجات)، وإطار الدعم الاجتماعي(الملحق الاجتماعي من ثلاث درجات))، ولا وجود لما أسمته ” الوحدة المركزية لتكوين الأطر ” بالأستاذ المورد أو المرشد التربوي.

(32)  جاء في هذا المنشور، أنه تنفيذا للتعليمات المولوية السامية، جعل التصريح الحكومي من ” إحداث تغييرات على مستوى الهياكل ” أحد الانشغالات الحكومية الأساسية (…) وتيسيرا لهذا العمل، فإن الوزارات مدعوة إلى مراجعة هياكلها الادارية وعرض مشاريع النصوص المعدة من طرفها في هذا الشأن على مسطرة المصادقة طبقا للأنظمة الجاري بها العمل.

(33) مـرســـوم رقـم 2.02.382 صادر في 6 جمادى الأولى 1423(17 يوليوز2002) بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية، جريدة رسمية عدد : 5024 بتاريخ 25 يوليو2002- ص: 2131.

 

(34)  يتعلق الأمر بقرارات وزير التربية الوطنية رقم 2447.12 في 14 ماي 2012 بتحديد كيفيات تنظيم مبارتي التوظيف في إطار أستاذ التعليم الابتدائي من الدرجتين الثالثة والثانية، والقرار رقم 2448.12 في 14 ماي 2012 بتحديد كيفيات تنظيم مبارتي التوظيف في إطار أستاذ التعليم الثانوي الإعدادي من الدرجتين الثالثة والثانية، والقرار رقم 2449.12 في 14 ماي 2012 بتحديد كيفيات تنظيم مبارتي التوظيف في إطار أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي من الدرجتين الثانية والأولى، والقرار رقم 2450.12 في 14 ماي 2012 بتحديد كيفيات تنظيم مبارتي التوظيف في إطار ممون من الدرجتين الثانية والأولى، والقرار رقم 2451.12 في 14 ماي 2012 بتحديد كيفيات تنظيم مبارتي التوظيف في الدرجة الثالثة من إطار ملحق تربوي وإطار ملحق اجتماعي، الجريدة الرسمية عدد 6070 – 13 رمضان 1433 ( 2 أغسطس 2012)، ص ص: 4393-4402.

(35)  بخصوص واقعة هذا القرار، أنه خلال الانتخابات البلدية التي أجريت بفرنسا خلال شهر أبريل 1953 حيث كانت العلاقة جد متوترة بين المتنافسين ورجال السلطة وبخاصة في جماعة مول ب ” كواد لوبي”. ذلك أنه تبعا لعدة حوادث وقعت أثناء عملية الاقتراع لا سيما خلال عملية فرز الأصوات، حيث طلب الوالي من العمدة المنتهية ولايته، والذي كان يرأس المكتب المركزي بضرورة نقل صناديق الاقتراع إلى مجلس العمالة قصد الإشراف على عملية الفرز وإعلان النتائج، فرفض العمدة قرار الوالي غير أن واحدا من الصناديق تم نقله بالقوة من قبل رجال الدرك إلى حيث أمر الوالي، بعد ذلك أعلن المكتب المركزي النتائج التي أقرت إعادة انتخاب العمدة. وعوض ان يحيل الوالي تلك النتائج على قاض الانتخابات، أعلن بواسطة قرار عدم وجود العمليات الانتخابية، وهو ما أدى إلى إرسال لجنة بلدية خاصة إلى عين المكان، فتم إعادة الانتخابات التي أدت إلى إسقاط العمدة، وبالمقابل، قام هذا الأخير بالطعن في قرار الوالي أمام القضاء خارج الآجال القانونية، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي، قبل الطعن، وألغى قرار الوالي نظرا لحجم الخطورة التي شكلها إجراء السلطة الإدارية، والمتمثلة في قيام الوالي بإجراء يدخل ضمن اختصاص قاض الانتخابات.

(36) في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم الجمعة 10 أكتوبر 2014 في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، قال جلالته :” ما فتئنا نعطي بالغ الأهمية، لتكوين وتأهيل مواطن، معتز بهويته، ومنفتح على القيم الكونية، ولاسيما من خلال مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين. وفي هذا الإطار، ندعو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، لإعادة النظر في منظور ومضمون الإصلاح، وفي المقاربات المعتمدة، وخاصة من خلال الانكباب على القضايا الجوهرية، التي سبق أن حددناها، في خطاب 20 غشت للسنة الماضية. ونخص بالذكر هنا، إيجاد حل لإشكالية لغات التدريس، وتجاوز الخلافات الإيديولوجية التي تعيق الإصلاح، واعتماد البرامج والمناهج الملائمة لمتطلبات التنمية وسوق الشغل”.

(37)  يمكن للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، القيام بتلك المهام انطلاقا من مقتضيات المادة 2 ولاسيما فقراتها 6 و7 و8 من الظهير الشريف رقم 1.14.100 الصادر في 16 من رجب 1435 (16 ماي 2014) بتنفيذ القانون رقم 105.12 المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الجريدة الرسمية عدد 6257 – 19 رجب 1435 (19 ماي 2014)، ص ص: 4564-4570.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى