بحوث قانونية

عقد النقل البحري للبضائع على ضوء القانون المغربي والاتفاقيات الدوليــــة

عقد النقل

البحري للبضائع على ضوء القانون المغربي والاتفاقيات الدوليــــة

 

 

 

مقدمة

تحتل الدول العربية مكانة بحرية هامة في العالم، حيث تتوسط القارات الثلاث إفريقيا وأوربا وأسيا، وتمتد سواحلها من المحيط الأطلسي غربا إلى المحيط الهندي والخليج العربي شرقا[1].

والمغرب من بين هذه الدول إذ يطل على واجهتين بحريتين، الأولى تطل على البحر الأبيض المتوسط والثانية على المحيط الأطلسي، ونظرا للدور الأساسي الذي يلعبه البحر وعلاقته الوطيدة باقتصاد هذه الدول، فإنه تعدد الممارسات التعاقدية في الميدان البحري، وتتنوع بحسب موضوعها. فهناك عقود ترد على السفينة،  كعقد بنائها، وعقد الرهن المنصب عليها، ثم عقد إيجار السفينة، وعقد الشغل البحري، ثم هناك عقود ترد على البضاعة المنقولة بحراً، كالبيوع البحرية وعقد التأمين البحري، إلى جانب عقد النقل البحري للبضائع الذي يعد أساس التجارة البحرية، وهو الموضوع الذي سنحاول دراسته في هذا العرض.

وتؤطر موضوع عقد النقل البحري للبضائع عدة مرجعيات قانونية، تتوزع بين مقتضيات القانون الداخلي، ونميز فيها بين القواعد الخاصة التي جاءت في مدونة التجارة البحرية لسنة 1919[2]، والقواعد العامة المضمنة في كل من مدونة التجارة لسنة 1996[3]بخصوص عقد نقل الأشياء من المادة 445 إلى المادة 475، وبعض فصول قانون الالتزامات والعقود التي تعتبر الشريعة العامة لمختلف فروع القانون، إلى جانب المرجعية القانونية الدولية خصوصا اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بحرا لسنة 1978، المعروفة اختصارا بقواعد هامبورج[4].

وينقسم لنقل البحري إلى نوعين، نقل الأشخاص ونقل البضائع وإذا كان الأول لم يعطه المشرع المغربي، تلك الأهمية التي شمل بها النقل البحري للبضائع، مما جعل أغلب الباحثين في الموضوع يقتصرون في دراستهم على هذا النوع الأخير، مع إشارة طفيفة إلى عقد النقل البحري للأشخاص.

ونظراً للإمكانيات التي تستدعيها ممارسة نقل البضائع بحراً من تجهيز للسفن وكرائها، والقيمة العالية للبضائع المنقولة بحراً، وأيضا ارتفاع أقساط التأمين المؤداة عليها، كلها أسباب تجعل الأشخاص الممارسين لنشاط النقل البحري للبضائع يتجمعون في إطار مقاولة للنقل البحري.

ويجب التمييز بين المقاولات الفاعلة في موضوع النقل البحري للبضائع بالنظر إلى طبيعة الرأسمال المكون لها من مقاولات خاصة وأخرى عامة (الوكالة الوطنية لاستغلال الموانئ[5] والشركة الوطنية لاستغلال الموانئ "مارسا ماروك" شركة كوماناف للنقل…)، أما من حيث نطاق اشتغالها فتصنف إلى مقاولات وطنية للنقل البحري، ومقاولات دولية (شركة مارونا، وشركة ميرسك MERESK…).

وتعتبر إدارة الجمارك أيضا أحد الفاعلين في موضوع النقل البحري، إذ تقوم بمهام مراقبة حركة البضائع والأشخاص، إلى جانب الأدوار الأمنية والإدارية التي تقوم بها.

هذا وتجب الإشارة إلى الدور الفعال الذي تلعبه المستودعات العمومية داخل الموانئ إذ نظم المشرع المغربي أحكام الإيداع فيها بمقتضى مدونة التجارة[6]، إذ بها يتم حفظ البضائع الموجهة إلى الخارج والآتية منه إل حين استكمال الإجراءات الإدارية والتقنية اللازمة للشحن أو الدخول نحو الاستهلاك الداخلي.

وتتجلى أهمية النقل البحري في تنمية المبادلات التجارية الداخلية والدولية، خصوصا بالنسبة للدول التي تتوفر على واجهة بحرية على الأقل نظرا لما يتميز به هذا النوع من النقل من سمات يستمدها من طبيعة البيئة البحرية، كانخفاض التكاليف مقارنة مع بعض طرق النقل الأخرى إلى جانب الإمكانية الضخمة التي توفرها السفن في نقل البضائع بالمقارنة مع الوسائل الأخرى.

أما بالنسبة للمغرب فأهمية النقل البحري تظهر من ناحية الموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي يحتله كما أشرنا سابقا.

فمعظم المعاملات التجارية للمغرب يؤمنها النقل البحري نظراً لتوفره على مجموعة من الموانئ هذا الأخير الذي عزز بميناء طنجة المتوسطي كأكبر ميناء في إفريقيا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن سياسة الدولة تذهب في إطار استغلال الإمكانيات التي يوفرها النقل البحري كمرتكز أساسي للتنمية الاقتصادية.

هكذا سنحاول مقاربة موضوع النقل البحري للبضائع، نظراً للأهمية السالفة الذكر، من جهة وتعدد وازدواجية القواعد القانونية المؤطرة لعقد النقل البحري للبضائع من جهة أخرى.

فإلى أي حد استطاعت هذه المنظومة القانونية المزدوجة تنظيم عقد النقل البحري للبضائع و معالجة مختلف الصعوبات التي يفرزها التطبيق العملي لهذا العقد؟

وهذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال موضوعنا هذا الذي ارتأينا أن نتناوله من خلال مبحثين أساسيين:

المبحث الأول: الإطار العام لعقد النقل البحري للبضائع

المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن عقد النقل البحري للبضائع

                                

 

 

 

 

 

 

 

 

التصميــم

مقدمة:

  المبحث الأول: الإطار العام لعقد النقل البحري للبضائع

    المطلب الأول : مفهوم عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الأولى: ماهية عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الثانية: القانون الواجب التطبيق  

     المطلب الثاني:تكوين عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الأولى: مراحل إبرام عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الثانية : اطراف عقد النقل البحري للبضائع 

      المطلب الثالث:إثباث عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الأولى: وسائل إثبات عقد النقل البحري للبضائع

            الفقرة الثانية:  سند الشحن البحري و حجيته

    المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن عقد النقل البحري للبضائع

      المطلب الأول: الالتزامات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع

           الفقرة الأولى: التزامات الناقل

           الفقرة الثانية: التزامات الشاحن

      المطلب الثاني: المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع

           الفقرة الأولى: أحكام المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع

           الفقرة الثانية: إجراءات رفع دعوى المسؤولية

خاتمة

المبحث الأول

الإطار العام لعقد النقل البحري للبضائع

يعتبر عقد النقل بصفة عامة من العقود التجارية، التي نظمها المشرع المغربي في مدونة التجارة، إلى جانب زمرة من العقود التجارية الأخرى إلا أن عقد النقل البحري للبضائع وبصفة خاصة افرد له المشرع المغربي مدونة خاصة وذلك نظرا للمكانة الهامة التي يحتلها والدور الحيوي الذي يلعبه في المبادلات التجارية ، وإذا كنا نود التركيز على إثبات عقد النقل البحري للبضائع (المطلب الثاني) إلا أنه يجب أن يسبق ذلك استعراضا لمفهومه  (المطلب الأول) .

 

المطلب الأول: مفهوم عقد النقل البحري للبضائع

سنتناول في هذا المطلب ماهية عقد النقل البحري للبضائع وخصائصه في (فقرة أولى) على أن نخصص النظام القانوني لعقد النقل البحري للبضائع في (فقرة ثانية).

 

الفقرة الأولى: ماهية عقد النقل البحري للبضائع و خصائصه

لقد تناول المشرع المغربي عقد النقل من خلال المادة 443 من مدونة التجارة بأنه "اتفاق يتعهد بمقتضاه الناقل مقابل ثمن بأن ينقل شخص أو شيئا إلى مكان معين، مع مراعاة مقتضيات النصوص الخاصة في مادة النقل والاتفاقيات الدولية التي تعد المملكة المغربية طرفا فيها.

تسري على عقد النقل كل من القواعد العامة المتعلقة بعقد إجارة الصنعة والمقتضيات الآتية"[7].

أما بخصوص تعريف عقد النقل البحري للبضائع فقد تناوله المشرع المغربي في القسم الأول من الكتاب الثالث من قانون التجارة البحرية لسنة 1919 بحيث خصص له 3 أبواب حيث تنص المادة 206 " إيجار السفينة هو العقد الذي بمقتضاه يلتزم مجهزها نحو المرسل بنقل بضائعه إلى ميناء ما أو خلال مدة ما ومقابل ثمن ما مخصصا لهذا النقل إما السفينة كلها وإما جزءا منها ".

 وهكذا فإن القانون البحري المغربي لم ينظر إلى عقد النقل كعقد متميز من عقد الإيجار وهو خلط يرتبط  في الحقيقة بالصورة القديمة للنقل البحري حيث كان صاحب البضاعة يستأجر سفينة أو جزءا منها لينقل عليها بضاعته أو بضائع الغير وقد رتب المشرع المغربي على هذا التكييف نتائج لم تعد تتلاءم مع الظروف الجديدة التي صارت تعرفها الملاحة البحرية.

هذه الظروف والحاجات التي أخذتها بعين الاعتبار المعاهدات الدولية التي أبرمت في مجال النقل البحري، ولاسيما معاهدة بروكسيل لسنة 1924[8] بشأن سندات الشحن التي انضمت إليها العديد من الدول وأدخلت أخرى أحكامها في قوانينها الوطنية برغم عدم انضمامها إليها وكذلك معاهدة هامبورج لسنة 1978 الخاصة بنقل البضائع بالبحر.

وهكذا فإن عقد النقل البحري للبضائع هو العقد الذي يلتزم الناقل بمقتضاه بأن ينقل بضاعة معينة لحساب الشاحن من ميناء إلى أخر وتسليمها إلى المرسل إليه في مقابل قبض أجرة محددة من الشاحن[9].

·       خصائص العقد من حيث طريقة التعاقد:

أنه عقد رضائي: يكفي لقيامه توافق إرادتين متطابقتين إيجاب وقبول فهو ليس بعقد عيني يشترط لقيامه تسليم الشيء المراد نقله بحراً ولا يعتبر عقدا شكليا، لأن القانون لا يتطلب لقيامه شكلا خاصا وعليه فإنه ينتج لحل أثاره بمجرد توفر الرضا ومؤدى ذلك ألا يتوقف انعقاد العقد على اتخاذ إجراء معين كإصدار سند الشحن[10] أو تسليمه إلى الشاحن أو قيام هذا الأخير بتسليم البضاعة إلى الناقل البحري تمهيدا لنقلها، أما سند السند الشحن البحري الذي يصدره الناقل إلى الشحن والذي تدور حوله أحكام النقل البحري للبضائع فينحصر دوره في إثبات العقد ولا يمتد إلى تكوينه.

عقد إذعان: يعتبر عقد النقل البحري للبضائع من قبيل عقود الإذعان حيث ينفرد الناقل البحري بتحديد مضمونه الاتفاقي ولا يكون للشاحن سوى الرضوخ لما يحدده الناقل من شروط وما يضمنه العقد من بنود ومؤدى ذلك أن شركة التجهيز تحدد مسبقا شروط العقد العامة، ولا يكون للشاحن إلا قبولها كاملة فينعقد العقد، أو يرفض جملة فلا يقوم العقد[11].

 

 

·       خصائص العقد من حيث الآثار المترتبة عليه:

عقد ملزم للجانبين: فهو يرتب التزامات متبادلة في ذمة الطرفين وتتمثل التزامات الناقل في تحويل البضاعة بحرا والمحافظة عليها وتسليمها في ميناء الوصول، أما التزامات الشاحن فتتمثل بالخصوص في أداء أجرة للناقل.

عقد فوري: ذلك أن عقد النقل البحري ينشأ وينتج كل أثاره في لحظة واحدة ولو طال الزمن المطلوب واللازم لتنفيذ النقل خلاله ما دام النقل يتم دفعة واحدة، بخلاف العقود المستمرة، لذلك نستنتج أنه ينقضي بمجرد تقديم الطرفين لأدءاتهما دون أن يكون لعنصر الزمن أثر في ذلك فخدمة النقل من الخدمات التي تستهلك بمجرد الحصول عليها.

·       عقد النقل البحري للبضائع من عقود المعاوضة:

رأينا أن  أجرة النقل من عناصر تعريف عقد النقل البحري للبضائع وبالتالي يخرج النقل المجاني من نطاق النقل البحري. وبناء عليه يعتبر النقل البحري للبضائع من عقود المعاوضة إذ يتمثل في مبادلة خدمة النقل البحري بمبلغ من النقود غالباً[12].

الفقرة الثانية: القانون الواجب التطبيق

      

1-         القانون الداخلي:

يخضع النقل البحري لبضائع بين الموانئ المغربية لظهير 31 مارس 1919 من م ت البحرية الملحق الأول الكتاب الثالث، والظهائر الملغية أو المعدلة لبعض نصوصه.

ونذكر من بين هذه الظهائر، ظهير 25 شتنبر 1962  المنظم للنقل البحري ومرسومه لتاريخ 24 أكتوبر 1962 المحدد للمبادئ العامة المنظم للعلاقات القائمة بين الشاحنين والتجهيز الوطني.

ونشير هنا أن ظهير 31 مارس 1919 استوجب مقتضياته من قانون (هارتز) الأمريكي في القرن 19 ومن مشروع القانون التجاري الفرنسي 1919، ومنذ سنة 1975 تم وضع مشروع القانون البحري ليتلاءم والتقنيات الجديدة للملاحة والصناعة البحرية وتطلعات المغرب في هذا القطاع.

2-              الاتفاقيات الدولية:

من بين الاتفاقيات الدولية المبرمة في ميدان النقل البحري نذكر اتفاقية بروكسيل لتاريخ 24 غشت 1924 وبرتوكولها لسنة 1968 وجاءت هذه الاتفاقية لوضع حد للنزاع الناشئ بين الناقل والشاحن بسبب الشروط التعسفية التي يفرضها الأول على الثاني مثل تلك التي تعفيه من المسؤولية، وينحصر مجال تطبيق اتفاقية بروكسيل لسنة 1924 على العلاقات والمعاملات ذات الطابع الدولي وتلتزم كل دولة موقعة على الاتفاقية تطبيق مقتضياتها على سند الشحن، وإضافة إلى هذه الاتفاقية تمثل اتفاقية هامبورج لتاريخ 31 مارس 1978 تقدما ملموسا مقارنة مع اتفاقية بروكسيل ذلك لأنها لا تقتصر على تقنين بعض النقط، المتعلقة بسند الشحن، بل تعتبر مدونة دولية شاملة لعقد النقل البحري ولفهم الموضوع أكثر يجب التطرق إلى نطاق تطبيق الاتفاقية الدولية[13].

إن الضابط المميز بين نطاق تطبيق أية اتفاقية دولية خاصة بالنقل البحري والقانون الوطني، يتحدد إما بطبيعة المرحلة المشمولة بحماية الاتفاقية، وإما بالطابع الدولي لعملية النقل حيث نجد في طبيعة المرحلة الشمولية الإشارة إلى أن عقد النقل البحري للبضائع لا يضع عمليات النقل بمعناها الضيق أي المرحلة البحرية، بل أنه يشمل أيضا كل العمليات السابقة واللاحقة التي تعتبر لازمة لتنفيذه، ولكن ماذا عن موقف الاتفاقيات الدولية فهل تطبق على كل هذه المراحل دون تمييز أم أنها تقتصر على المرحلة البحرية وحدها؟

إن المسألة رهينة بالتعريف الذي تعطيه لعقد النقل وبذلك تختلف مواقف الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن[14].

حيث نجد نظرية تجزئة العقد ويقصد بها اختلاف النظام القانوني الواجب التطبيق على كل المرحلة البحرية والمراحل السابقة واللاحقة، وهذا موقف منتقد إذ كيف يعقل أن نطبق على نقل بحري قانونا تم وضعه لضبط عمليات النقل البري خصوصا وأن الناقل تسلم البضاعة بقصد نقلها بطريق البحر ولو أنه قام بخزنها ودراستها قبل لشحن أو بعد التفريغ ونجد أن اتفاقية بروكسيل قد أخذت بهذه النظرية.

نظرية وحدة العقد: يقصد بها وحدة المرحلة البحرية والمراحل السابقة على الشحن واللاحقة للتفريغ من حيث أنها تشكل كلا لا يتجزأ من عقد النقل البحري، وهذه النظرية كانت سائدة قبل اتفاقية بروكسيل حيث يعمل بها في الحالة التي تكون فيها بصدد عقد واحد موضوعه النقل، أما إذا التزم الناقل بمقتضى عقد خاص فإنه يكون مسؤولا عن هذه المراحل لا كناقل وإنما كمودع لديه (المادة 7 من اتفاقية بروكسيل)، أما عن اتفاقية هامبورج نجدها قد أخذت بهذه النظرية، إذ يعتبر الناقل مسؤول عن البضاعة طيلة الفترة التي تكون فيها تحت حراسته في ميناء الشحن، وفي ميناء التفريغ سواء سلم هذه البضاعة  مباشرة أو عن طريق أحد الأغيار.

ولذلك نلاحظ أن الاجتهاد القضائي لا زال يتأرجح بين نظرية وحدة العقد ونظرية تجزئة العقد،  حيث نجد أن الاتجاه الأول يؤكد على مسؤولية الناقل البحري من تاريخ تسلمه البضاعة إلى حين التسليم الفعلي للمرسل إليه، هذا الاتجاه يأخذ بمبدأ وحدة العقد، أما الاتجاه الثاني والذي يكرس نظرية تجزئة العقد يقول بأن مسؤولية الناقل البحري تنتهي بخروج البضاعة من تحت حراسته وذلك بتسليمها إلى مكتب الشحن تحت الدوافع[15].

·       طبيعة النقل:

إذا كانت المادة 10 من اتفاقية بروكسيل تقضي بتطبيق مقتضيات هذه الاتفاقية على كل سند شحن صادر في إحدى الدول المتعاقدة، فإن هذه الصياغة قد تحملنا على عدم تطبيق القوانين الوطنية بصفة مطلقة لمجرد أن سند الشحن المثبت لعقد النقل قد صدر في هذه الدولة إذا كانت متعاقدة لذا كان لابد من إيجاد معيار يساعد على ضبط نطاق تطبيق كل من القانون الوطني والاتفاقية الدولية.

وهكذا نجد بالنسبة للقانون والقضاء المغربين لم يتعرضا لهذه المسألة إطلاقا لعدم مصادقة المغرب على هذه الاتفاقية، وانطلاقا من هذا الأساس يكون القانون المغربي بدون منازع هو الواجب التطبيق أيا كانت جنسية الأطراف وبلد إصدار سند الشحن حتى ولو كانت دولة موقعة. أما عن اتفاقية هامبورج فإنها قد تنبهت لعديد من المسائل التي كانت محط نقاش فقهي وقضائي وذلك بمقتضى مادتها الثانية.

–      لقد حددت نطاق تطبيقها مند البدء بشكل واضح لا مجال معه للبس أو الشك.

–      إن نطاقها أوسع من نطاق اتفاقية بروكسيل

–      لقد استلزمت اتفاقية هامبورج لتطبيق مقتضياتها أن يكون هناك نقل دولي على غرار ما أخذت بها اتفاقية بروكسيل الخاصة بنقل الركاب[16]

 المطلب الثاني: تكوين عقد النقل البحري للبضائع

سنحاول التطرق في هذا المطلب الى مراحل إبرام عقد النقل البحري للبضائع (الفقرة الاولى) على ان نخصص (الفقرة الثانية) لأطرافه

الفقرة الاولى: مراحل إبرام عقد النقل البحري للبضائع

لإبرام عقد النقل البحري من الناحية العملية في المغرب يجب على الشاحن، او وسيط العبور الذي يمثله والذي يرغب في إرسال البضاعة ان يقوم بالخطوات الثالية: 

–      التوجه إلى الشركة الملاحية قصد الحصول على المعلومات الضرورية حول حجز مكان للبضاعة .

–      تقديم تصريح كامل حول البضاعة المزمع إرسالها: طبيعتها ، وزنها، عدد الطرود، علامة البضاعة، وكذا اتجاه البضاعة

–      التوصل الى إتفاق مبدئي بين الشاحن والشركة الملاحية حول المكان المتوفر لشحن البضاعة، ويعتبر إجراء الحجز هذا إجراءا مؤقتا وليس نهائيا، غير انه في بعض الاحيان يمكن للشركة الملاحية أن تلتزم رسميا بحجز مكان البضاعة بصفة نهائية

–      ضرورة تقديم الشاحن لورقة الإذن بالشحن للشركة الملاحية قصد الحصول على حجز مكان للبضاعة في السفينة كدليل على قيام الشاحن بجميع الإجراءات الجمركية

–      ضرورة تقديم الشاحن لورقة الامربوضع البضاعة على الرصيف كدليل على ان البضاعة قد سلمت لمكتب إستغلال الموانئ

–      شراء الشاحن لسند الشحن من الشركة الملاحية، وملئه لهذا السند بالبيانات المتعلقة به وبالبضاعة

–      يجب على الشركة الملاحية تاريخ سند الشحن وإمضائه كما يمكن لها وضع تحفظات وزن وجودة البضاعة، وكذا حالتها الظاهرة…

–      يجب على الشركة الملاحية أن ترجع للشاحن أو لوسيط البضاعة أو لوسيط العبورالذي يمثله الوثيقة الأصلية لسند الشحن

–      ضرورة تسليم ورقة الإذن بالشحن وكذا ورقة الإذن لوضع البضاعة على الرصيف لمصلحة التتصدير التابعة للشركة الملاحية التي تقوم  بتحرير تذكرة السفينة التي تتبث أن البضاعة ستشحن على السفينة.

وانطلاقا من جميع هذه الوثائق يتم وضع تصاميم خاصة بالبضاعة، معلنة بذلك عن قيام عقد النقل البحري.

الفقرة الثانية: أطراف عقد النقل البحري للبضائع

حصر المشرع المغربي أطراف العقد في النقل البحري في ثلاثة أطراف: الناقل، الشاحن، المرسل اليه.

 

أ‌-         الناقل

ليس من السهل تحديد هوية الناقل إذ يلزم معرفة الشخص الذي ينبغي ان نعتبره كذلك وانه غالبا ما يتم تنفيذ هذا النقل بواسطة شخص اخرغير الذي ورد إسمه في السند اذا فمن هو الناقل ومن يلزم إعتباره كذلك، أهو الشخص الوارد إسمه في السند وإن لم ينفذ النقل ؟ أم الناقل الفعلي ولو لم يرد إسمه في السند ؟

ويمكن القول بأن الناقل هو كل شخص طبيعي أو معنوي يلزم بنقل ما تم الإتفاق عليه مع الشاحن بحرا، والناقل إما ان يكون واحدا أو متعددا بطريق التتابع، كما يمكن ان يكون ناقلا ملتزما بتنفيذ بنود العقد أو ناقلا فعليا . وقد عرفت إتفاقية هامبورغ بأنه " كل شخص أبرم عقدا او ابرم بإسمه عقد مع الشاحن لنقل البضائع بطريق البحر"، فالناقل إذن هو كل شخص يتعاقد مع الشاحن لنقل ما تم الإتفاق عليه من بضائع بحرا من ميناء إلى  ميناء أخر، وذلك تحت مسؤوليته سواء كان هذا التعاقد بإسمه او بإسم وكيله، وسواء تم تنفيذ ما تعهد بنقله شخصيا وتحت عهدة شخص اخر

ب‌-      الشاحن

و قد أطلق عليه القانون البحري تسمية المرسل لتشمل كل أنواع النقل والواقع أن المصطلحين يؤديان لنفس المعنى، و لكن تماشيا مع العرف البحري فتستعمل عبارة الشاحن.

لقد إلتزم المشرع المغربي الصمت بخصوص تعريف الشاحن لهذا عملت إتفاقية هامبورغ على سد هذه الثغرة في المادة الأولى من قواعد هامبورغ،الذي جاء فيها:"يقصد به كل شخص أبرم مع الناقل في إطار عقد النقل البحري".

ج- المرسل اليه

  يستلزم عقد النقل عموما توافر الشخص له صلاحية المطالبة بالتسليم في محطة الوصول، وقد يكون هذا الشخص هو المرسل للبضاعة أو ممثله، وقد يتقدم بهذه المطالبة أحد الأغيارباعتباره حاملا شرعيا للسند المثبت للنقل، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يتعرض لتعريف شخص المرسل اليه مع العلم ان هذا الاخير غالبا ما نجد محلا له في النقل البحري لعلاقته الوطيدة بعقد البيع البحري، باعتباره مالكا للبضاعة المشحونة او ممثلا لمالكها.    

المطلب الثالث : إثبات عقد النقل البحري للبضائع

لدراسة مسألة الإثبات في عقد النقل البحري للبضائع ارتأينا تناول الوسائل التي يتم بها هذا الإثبات (الفقرة الأولى)، تمهيدا للتطرق لمفهوم سند الشحن (الفقرة الثانية) ومدى حجيته (الفقرة الثالثة).

 

الفقرة الأولى: وسائل إثبات عقد النقل لبحري

ينص الفصل 207 من القانون البحري المغربي أن عقد النقل البحري يثبت بتذكرة شحن أو بأي محرر آخر.

ويعني ذلك أنه لإثبات عقد النقل البحري للبضائع يجب أن يكون مكتوبا، وذلك استثناء من المبدأ القاضي بحرية الإثبات في المواد التجارية، وتبعا لذلك فإن العقد لا يجوز إثباته بالإقرار أو باليمين وهي أدلة لا تقل قوة عن الكتابة[17].

وشرط الكتابة تطلبه المشرع البحري (قانون 1919) لإثبات بيع السفينة (الفصل 71)، والرهون البحرية (الفصل 83) وعقد العمل البحري (الفصل 167)…مما يفهم منه أن الكتابة "مبدأ" يحك سائر قواعد القانون البحري[18].

والقانون البحري المغربي خصص لإثبات عقد النقل البحري خمسة فصول بحيث أشار في الفصل 207 منه – كما أسلفنا – إلى أنه يثبت بتذكرة شحن أو بأي محرر آخر، وعرف تذكرة الشحن في الفصل 209[19]، وإذا كان الفصل 207/ ق ب م قد أجاز إثبات عقد النقل البحري للبضائع بأي محرر سواء كان سند شحن أو غيره، فإن مشروع القانون البحري المغربي لم يكتف في الفصل 319 منه بالقول بأن العقد يثبت بالكتابة بل أضاف بأن "السند الذي يثبثه يسمى سند الشحن "، الأمر الذي يفهم منه أن واضعوه قد استبعدوا سائر السندات الأخرى في مجال إثبات العلاقة بين أطراف العقد[20].

وبالرجوع إلى معاهدة بروكسيل لسنة 1924 نجد أن عقد النقل في مفهومها، وكما أشارت إلى ذلك المادة 1 بحري، هو الذي يثبت بسند شحن أو بأية وثيقة مماثلة تكون سند نقل البضائع بحرا، ومن بين هذه المستندات المماثلة التي تنطبق عليها المعاهدة  نذكر: الإيصال المؤقت Mate'sreceipt والسند من أجل الشحن أو برسم الشحنReceired for shipement، وأمر التسليم Delikery-order[21].

 

الفقرة الثانية:  سند الشحن البحري وحجيته   

أولا: ماهية سند الشحن                 

يقتضي تحديد مفهوم سند الشحن البحري، تعريفه  وتحديد وظيفته  ثم شكله فتوقيعه.

أ – تعريف سند الشحن :

عرف الفصل 209 من القانون البحري المغربي سند الشحن بأنه "اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان"[22].

ويعتبر سند الشحن أو تذكرة الشحن بمثابة عقد بين الناقل والشاحن يعبر عن الاتفاق الواقع بين الطرفين في نشاء الالتزام بالنقل، فهي إيصال بالاستلام أو هي اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان حسب الفصل السالف الذكر[23].

ويلعب سند الشحن دورا جوهريا في إثبات العقد، بل إن دوره يتجاوز مجرد الإثبات إذ تدور أحكام العقد وتنفيذه حول هذا السند، حيث يمثل البضائع فيجوز تداولها بتداوله ويقرر لحامله الشرعي حق استلام البضائع من الناقل البحري في ميناء الوصول[24].

والحقيقة أن دور وثيقة الشحن لم يعد قاصرا على إثبات واقعة الاستلام فحسبن وإنما تعدى ذلك ليقوم بعدة وظائف أملتها ضرورة التطور في الحياة التجارية البحرية[25].

وبما أن الناقل البحري هو الذي يقدم خدمة النقل البحري وبالتالي لا غرابة في أن يتولى إصدار سند الشحن على اثر اتفاقية مع الشاحن على النقل، إلا أن هناك من البيانات التي يجب إدراجها  في هذه الوثيقة لا يستطيع الإدلاء بها سوى الشاحن، وقد تولى المشرع المغربي تحديد البيانات التي يجب أن يشتمل عليها السند من خلال الفصل 210 ق ب م فيما يلي:

–      تعيين البضاعة المسلمة إلى الناقل مع الإشارة إلى كميتها وعلامتها الفارقة.

–      تاريخ تسليم السند

–      اسم الشاحن وموطنه

–      اسم المجهز أو الناقل موطنه

–      أجرة النقل، إلا إذا وقعت الإحالة إلى مشارطة الإيجار أو إلى أي اتفاق آخر

–      عدد نظائر سند الشحن التي أنشاها الربان.

وقد جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 210/ ق ب م بأن كل "نظير من تذكرة الشحن لا يتضمن البيانات المشار إليها أعلاه لا يعتبر إلا بداية حجة".

والملاحظ أن المشرع المغربي لم يعرض للجزاء الذي يترتب على تخلف بعض هذه البيانات، ولكن من المقرر أنه لا يترتب على ذلك بطلان سند الشحن البحري أو بطلان عقد النقل البحري للبضائع[26]، ذلك أن الكتابة لا تشترط لتكوين العقد وإنما هي شرط لإثباته فحسب، كما ان هناك حقوقا تتعلق للغير على البضائع المنقولة مما لا يجوز معه القول بعدم جواز الاحتجاج بما ورد فيه من بيانات التي أوجب القانون ذكرها على وجه الخصوص[27].

ونشير هنا إلى أن الشروط الواردة في سند الشحن تتناقض فيما بينها فيما لو تعلق الأمر ببيانات مخطوطة وأخرى مطبوعة، وفي هذه الحالة ترجح الشروط المطبوعة على تلك المطبوعة، ونفس الشيء يسري حينما يجتمع سند الشحن مع مشارطة الإيجار[28].

 ب – وظيفة سند الشحن

تتجلى الوظيفة الأساسية لسند الشحن في إثبات واقعة شحن البضاعة ذاتها، وهي وظيفة تقليدية يؤديها سند الشحن بمفرده إذا سبقه تحرير مشارطة إيجار، إذ يثبت عقد النقل حينئذ بمقتضى المشارطة، ولكن في غير هذه الحالة يؤدي سند الشحن – إلى جانب وظيفته الأصلية في إثبات عملية شحن البضاعة- وظيفة إثبات عقد النقل ذاته، هذا بالإضافة إلى وظيفته كسند يثبت ملكية البضاعة المشحونة، إذ يكفي أن يتقدم بسند الشحن من تم تحويله إليه من الغير أو من تم تقديمه إليه، كالدائن المرتهن للبضاعة ليتسلم البضاعة المشحونة من  الربان ويحوزها[29].

 ج – شكل سند لشحن[30]

ينص الفصل 211 من القانون البحري المغربي على أنه "يمكن أن تحرر تذكرة الشحن على اسم شخص معين أو للأمر أو للحامل" ويتجلى من خلال هذا النص أن سند الشحن يمكن أن يكون سندا اسميا أو إذنيا أو لحامله، وإذا كان السند اسميا فإن الربان يمتنع عليه أن يسلم البضاعة إلا للشخص المعين بالاسم في السند وهذا ما أكده الفصل 245 ق ب م بقوله "أن تذكرة الشحن الاسمية لا تقبل التداول ولا يجوز للربان أن يسلم البضائع إلا لشخص المعين اسمه في التذكرة"[31].

وينبني على ذلك أن البضاعة لا يمكن أن تنتقل عن طريق تحويل سند الشحن إلا بإتباع إجراءات حولة الحق المدنية طبقا للفصل 189 وما بعده من ق ل ع ، وللإشارة فإن سند الشحن عادة ما يتخذ هذا الشكل حينما يكون الشاحن والمرسل إليه شخصا واحدا[32].

وقد يكون السند إذنيا – وهذا هو الغالب – ويتم تداوله بطريق التظهير ولو كان ناقلا للملكية، هو يصدر باسم المرسل إليه، بحيث يكون الاسم مسبوقا بصيغة الإذن أو الأمر، وفي ذلك يقول الفصل 246 ق ب م "أن تذكرة الشحن لأمر قابلة للتداول بالتظهير، ولا يجوز للربان أن يسلم البضائع إلا لحامل التذكرة المظهرة ولو كان التظهير على بياض".

ويكون سند الشحن – أخيرا- لحامله فلا يتضمن اسم المرسل إليه ولكن يذكر فيه أنه لحامله، وفي ذلك يقول الفصل 247 ق ب م" تذكرة الشحن المحررة للحامل قابلة للتداول بمجرد المناولة ويتعين على الربان أن يسلم البضائع لكل شخص يتقدم إليه وهو حامل هذه التذكرة"[33].

د – توقيع سند الشحن:

لم يحدد القانون البحري المغربي عدد النسخ التي ينبغي كتابتها من سند الشحن إذ اكتفى في الفصل 210 منه (الفقرة الأخيرة) بتأكيد ذكر عدد نظائر تذكرة الشحن المنشأة فيها، والإشارة في كل نظير إلى البيانات التي أوردها في الفقرات السابقة، وإلا اعتبر السند مجرد بداية حجة عند خلوه من تلك البيانات[34]، وهو نفس موقف اتفاقيتا بروكسيل وهامبورج.

وإذ كان القانون الوطني والدولي قد سكت عن بيان ذلك، فإن العمل قد جرى تطبيق للعرف البحري على صدور سند الشحن من نسختين: الأولى يحتفظ بها الناقل البحري بواسطة الربان والثانية تسلم إلى الشاحن، ولا يوقع الناقل أو الربان إلا هذه النسخة الأخيرة التي يرسلها الشاحن إلى المرسل إليه في حالة وجوده ليتسلم البضائع بموجبها[35].

ولا خلاف أن النسخ الأصلية من سند الشحن يتم توقيعها من طرف الناقل أو ممثله[36]، أما فيما يخص توقيع الشاحن، فقد اتجه مرسوم صادر في فرنسا بتاريخ 12 نوفمبر 1987 إلى إلغاء ذلك الالتزام التقليدي الملقى على عاتق الشاحن بتوقيع سند الشحن، هذا الموقف من المشرع الفرنسي كان الغرض منه هو ترك الفرصة للشاحن لإظهار رأيه بخصوص العقد وبخصوص الشروط الخاصة التي قد ينطوي عليها: كشرط الاختصاص القضائي مثلا[37].

كما اعتبر بعض الفقه[38] أن سند الشحن يوقع من طرف واحد فقط ويسلم إلى الشاحن، وهذا يتم عادة بعد أن تكون البضائع قد وضعت فعلا على ظهر السفينة، وقد يجد الشاحن عند استلامه السند أن بعض شروطه غير مقبولة لديه أو أنه لا يتضمن شروطا اتفق عليها مع الناقل، فذا لم يتمكن من استعادة البضائع في الوقت المناسب، فيجب ألا يحرم من إثبات أن العقد الذي قبل توقيع سند الشحن يختلف عما يتضمنه هذا السند.

وللعلم فإن معاهدة بروكسيل لسنة 1924 لا تستلزم توقيع الشاحن بل لم تتكلم في موضوع التوقيع على سند الشحن أصلا، أما توقيع الربان على سند الشحن فهو مجرد دليل على استلامه للبضاعة، ولا يعني أنه طرف في عقد النقل.

فالعقد يبرم – كما هو معروف – بين المجهر أو الناقل والشاحن، وتوقيع الربان على السند يقوم به بوصفه تابعا للمجهر أو ممثلا له أي نيابة عنه، فلا علاقة قانونية أو تعاقدية تربطه بالشاحن[39]، وهذا ما أكدته اتفاقية هامبورج في الفقرة الثانية من المادة14 حيث تنص على أنه " … يجوز أن يوقع سند الشحن شخص مفوض لذلك من قبل لناقل،  ويعتبر سند الشحن الموقع من ربان السفينة الناقل للبضائع سندا موقعا من قبل الناقل…".

ثانيا: حجية سند الشحن في الإثبات

تعظم أهمية سند الشحن عن اختلاف الشخص الذي يرسل البضائع وهو الشاحن عن الشخص الذي يتسلمها من الناقل البحري بعد تمام النقل ويسمى المرسل إليه، كما أن هناك أشخاص آخرين من الغير قد تتعلق لهم حقوق بتنفيذ عقد النقل البحري والمثال على ذلك شركات التأمين التي تحل محل المضرور في الرجوع على الناقل البحري بالمسؤولية، فإلى أي مدى يمكن الاحتجاج في مواجهة هؤلاء بالبيانات التي يتضمنها سند الشحن؟

تقتضي الإجابة عن هذا السؤال التمييز بين حجية سند الشحن البحري في الإثبات في العلاقة بين الناقل البحري والشاحن وحجيته في الإثبات في مواجهة الغير.

أ- حجية سند الشحن في العلاقة بين الناقل البحري والشاحن

لم يتعرض المشرع المغربي لبيان هذا الأمر، ولكن انطلاقا مما هو ثابت في التشريعات المقارنة[40] نقول بأن سند الشحن يمثل قرينة بسيطة يجوز إثبات عكس ما جاء فيه وذلك في العلاقة بين الشاحن والناقل[41].

ذلك أن ليس لسند الشحن حجية قاطعة في إثبات واقعة تسليم الناقل البحري للبضائع، وبالتالي يجوز في العلاقة بين الناقل البحري والشاحن إثبات خلاف الدليل المستخلص من سند الشحن وخلاف ما ورد به من بيانات.

ويتضح من ذلك مدى نسبية الحجية التي تتمتع بها بيانات سند الشحن، فإذا كان يحق لأي من الناقل والشاحن التمسك بما ورد في السند من بيانات في مواجهة الأخر إلا أنه يجوز للطرف الأخر أن يقيم الدليل على عدم صحة هذه البيانات[42].

ب- حجية بيانات سند الشحن في مواجهة الغير

إذا كان سند الشحن يشكل قرينة بسيطة يجوز إثبات عكس ما جاء فيه في العلاقة الرابطة بين الشاحن والناقل، فإن الأمر مختلف في علاقة هذا الأخير بالغير حيث يعتبر قرينة قاطعة، سواء تعلق الأمر بسند نظيف خال من التحفظات أو بسند أدرجت فيه تحفظات[43]. وبما أن الغير أجنبي عن عقد النقل البحري للبضائع فإن العقد يعد بمثابة واقعة بالنسبة إليه، ومؤدى ذلك جواز إثبات خلاف ما هو وارد من بيانات بكافة طرق الإثبات، ولذلك يكون الناقل البحري أو الشاحن مقيدا بما ورد به في مواجهة الغير، أما الغير وإن كان له التمسك بما ورد بالسند من بيانات في مواجهة الناقل البحري إلا أنه يستطيع إقامة الدليل بكافة طرق الإثبات على خلاف ما ورد به، ويستوي في ذلك أن يكون الغير حسن النية أو سيء النية[44].

ويثور هنا التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق هذه الأحكام على المرسل إليه، فهذا الأخير لم يبرم عقد النقل، ومع ذلك لا يعد من الغير بالمعنى الدقيق للاصطلاح بل هو كما تذهب محكمة النقض المصرية "طرفا ذا شأن في عقد النقل البحري للبضائع"[45] أو "شخص تعاقد الشاحن لمصلحته مما ينشأ له علاقة شخصية ومباشرة في مواجهة الناقل البحري"[46].

ومع ذلك لا يختلف المركز الواقعي للمرسل إليه عن مركز الغير فيما يتعلق بإصدار سند الشحن البحري وما يتضمنه من بيانات.

 ولذلك وبغض النظر عن اعتباره طرفا ذا شأن أو طرفا في علاقة شخصية ومباشرة تربطه بالناقل البحري يجب معاملته معاملة الغير فيما يتعلق بالاحتجاج بسند الشحن البحري وما يرد به من بيانات[47].

ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للنقال البحري إقامة الدليل على خلاف ما هو ثابت في سند الشحن في مواجهة المرسل إليه، أما المرسل إليه فيستطيع إقامة الدليل على خلاف ما هو ثابت في سند الشحن بكافة طرق الإثبات.

 

 

                                  المبحث الثاني

الآثار المترتبة عن عقد النقل البحري للبضائع

يعتبر النقل البحري من أهم وأكثر الوسائل المستعملة لنقل البضائع، نظرا للأهمية الاقتصادية والتجارية إذ تشكل الركيزة الأساسية للتجارة الخارجية والدولية.

وكما أشرنا سابقا فلقيام عقد النقل البحري للبضائع لا بد له من أطراف للقيام بهده المهمة، الناقل من جهة ، والشاحن من جهة  أخرى ، ويترتب في ذمة كل واحد منهما التزامات معينة، كما أن الإخلال بهذه الالتزامات سواء من جانب الناقل أو الشاحن يترتب عنه وجود مشاكل ومنازعات بين  هؤلاء الأطراف ، هذه الأخيرة التي يترتب عنها نشوء مسؤولية الطرف المخل بالالتزامات المنصوص عليها في العقد.

ولمعالجة الآثار المترتبة عن عقد النقل البحري ، سنحاول التعرف على الالتزامات الناتجة عن عقد النقل البحري للبضائع ( المطلب الأول) على أن نخصص( المطلب الثاني) للمسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع.

 

المطلب الأول: الالتزامات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع

سنتطرق في هذا المطلب لكل من التزامات الناقل (الفقرة الأولى) على أن نخصص ( الفقرة الثانية ) لالتزامات الشاحن.

الفقرة الأولى : التزامات الناقل

قبل التطرف لالتزامات الناقل سنحاول التعرف على من هو الناقل البحري؟

فمن خلال مدونة 1919  المتعلقة بالنقل البحري ، نجد المشرع المغربي عند حديثه عن النقل البحري والتزامات طرفيه ، قد استعمل ألفاظ مختلفة للدلالة على الناقل البحري، فتارة نجده يستعمل" لفظ " المجهز، وتارة أخرى " لفظ " الناقل، كما استعمل كثيرا لفظ " المؤجر" وهو راجع أساسا إلى إدماجه لعقد إيجار السفينة والنقل البحري في نصوص واحدة. [48]

وكان من الأفضل أن يستعمل المشرع لفظ الناقل نظرا لعموميته وتماشيا أيضا مع قانون الالتزامات والعقود باعتباره الشريعة العامة وكذا مع مدونة التجارة التي استعملت بدورها مصطلح الناقل في الباب المتعلق بعقد النقل .

وبالرجوع إلى معاهدتي بروكسيل وهامبورغ ، فقد عرفته معاهدة

بروكسيل في فقرة أ من المادة الأولى " يشمل اصطلاح الناقل مالك السفينة ومستأجرها الذي يكون طرفا في عقد نقل يبرمه مع الشاحن ".

كما جاء في الفقرة الأولى من معاهدة هامبورغ "يقصد باصطلاح "الناقل " كل شخص أبرم عقدا أو أبرم باسمه عقد مع شاحن لنقل بضائع بطريق البحر" .

وعقد النقل البحري يلقي بالتزام أساسي على عاتق الناقل ويتجلى في القيام بتنفيذ عملية النقل، وهذا الالتزام تتفرع عنه التزامات عديدة منها ما يتعلق بالسفينة أداة النقل، ومنها ما يتعلق بالبضاعة محل عقد النقل .

وسنتعرض لهذه الالتزامات طبقا للقانون البحري وأحكام معاهدتي بروكسيل وهامبورغ.

 

 

أولا: الالتزامات المتعلقة بالسفينة

الأصل أن يتولى الشاحن عملية شحن البضاعة على ظهر السفينة – وتفريغها منها إذا كان المرسل إليه شخصا آخر غير الشاحن.

ولما كان الأمر  كذلك، فإن الناقل يلتزم أولا بوضع سفينته الصالحة للملاحة[49] تحت تصرف الشاحن حتى يقوم هذا الأخير بعملية الشحن .

فلا يخلو أي تشريع يتعلق بالمادة البحرية من التنصيص على الالتزام بتجهيز وإعداد سفينة صالحة للملاحة ، وهذا الالتزام له أهمية ودور كبير في تنفيذ عملية النقل[50]،  بحيث لا  يمكن تصور قيا م هذه الأخيرة بدون سفينة صالحة ومهيأة خصيصا لهذا الغرض ، لذلك يتعين على الناقل أن يبذل العناية الكافية لجعلها صالحة من جميع الجوانب وقادرة على الإبحار من الناحيتين الملاحية والتجارية [51].

لكن التساؤل المطروح هنا هو أن الناقل لا يشرف شخصيا على عمليات إصلاح السفينة وإعدادها للإبحار دون خطر ، وإنما يستعين في ذلك بخدمات متخصصين في الميدان يقومون بعمليات الفحص الدوري وإصلاح الأضرار التي  تكون قد لحقت بالسفينة للملاحة ، هؤلاء المتخصصون الذين يكونون في الغالب إحدى شركات التصنيف أو الترتيب العالمية . وهنا يثور إشكال حول مدى اعتبار هذه الشهادة قرينة على صلاحية السفينة للملاحة تخلص الناقل من عبء إثبات بدل العناية الكافية. 

وجوابا على ذلك فإن الفصل /214 ق ب م ينص على أنه " يجوز أن يقبل إثبات عدم صلاحية السفينة للملاحة بالرغم من شهادة المعاينة عند الإقلاع ولو كان هذا إلا إثبات يناقض مضمن تلك الشهادات ". الأمر الذي يفهم منه أن المشرع المغربي لم يعتبر شهادة المعاينة قرينة على صلاحية السفينة للملاحة ، ولا يبذل الناقل العناية الكافية [52]

والتزام الناقل ببذل العناية اللازمة لجعل السفينة صالحة للملاحة يقاس بمعيار عناية الشخص العادي.

ونشير ان التزام الناقل المتعلق بالسفينة ، هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة،  ولذلك فان مسؤوليته تسقط إذا أثبت أنه بذل العناية الكافية والمعقولة لتنفيذه، كما أنه التزام يتعلق بالنظام العام،  بمعنى أن الاتفاق في العقد على شرط إعفاء الناقل من المسؤولية في حالة عدم تنفيذه يقع تحت طائلة البطلان  طبقا للفصل268  من القانون البحري المغربي

ثانيا: الالتزامات المتعلقة بالبضاعة

هناك عدة التزامات تتعلق على عاتق الناقل البحري المتعلقة بالبضاعة، ويمكن حصرها في شحن البضاعة، ورصها، ونقلها،و حفظها، والعناية بها وتفريغها [53].

 

أ-الشحن:

       شحن البضاعة لا يقصد به مجرد عملية رفعها على ظهر السفينة ، بل إلى جانب ذلك كافة العمليات من استلام البضاعة تحت روافع السفينة مرورا بنقلها عبر حاجز السفينة وحتى توضع داخل العنبر المعد لاستقبالها أو على السطح إذا اتفق على ذلك [54].

وهناك تساؤل يطرح حول مدى التزام الناقل بالشحن خصوصا وأن القانون البحري المغربي يفترض وقوع هذا الالتزام على عاتق الشاحن [55]، ويثار حول  هذا الموضوع جدل والسبب ربما راجع  إلى غموض عملية الشحن ذاتها، أي حول طبيعة العمليات التي تندرج تحتها .

       لكن بالرجوع إلى الفصل    218ق ب م [56] يتبين أن ما يدخل في التزام الناقل بالشحن هو الجزء الذي يبدأ من تسلم البضاعة عند حافة السفينة دون باقي الأجزاء الأخرى التي تسبق توصيلها ووضعها تحت الروافع والتي يتكفل بها الشاحن على حسابه ، سواء كانت السفينة التي ستشحن عليها البضاعة راسية بجانب الرصيف أو كانت بعيدة عن رصيف الميناء  أو خارج الميناء.

وعلى العموم  فالالتزام بالشحن يظل على عاتق الناقل لأن هذا الالتزام يدخل ضمن نطاق التزام الناقل بالرص، وهذا ما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة كالقانون المصري، إذ يلتزم الناقل عادة بشحن البضاعة ورصها في المكان المعد لها في العربة أو القطار أو المركب بطريقة تقي البضاعة خطر الهلاك أو التلف أثناء النقل [57]. وعموما فغالبا ما يقوم بهذه العملية مقاولين متخصصين هم مقاولو الشحن ، سواء قام بعملية الشحن الناقل أو الشاحن.

 ب- الرص:

ويقصد بعملية الرص أو التستيف وضع البضاعة في المكان المخصص لها في عنابر السفينة أو على سطحها وترتيبها بشكل يحفظها من خطر الهلاك أو التلف أُثناء الرحلة البحرية والتي غالبا ما تكون طويلة مما يلزم أخد كافة الاحتياطات للحفاظ على هذه البضاعة وعدم تعرضها للتلف والهلاك، و يلتزم الناقل  بالقيام بذلك بكل عناية والدقة[58].

وعملية الرص تختلف تبعا لنوع البضاعة فهناك بضائع تحتاج إلى رصها في مكان بارد – أي غرف التبريد – وأخرى تستلزم قدرا من التهوية ، وبضائع لا تحتاج إلا لتثبيتها داخل عنابر السفينة ، وذلك بربطها بالحبال أو ببعضها ، وهناك من البضائع ما يستلزم قدرا كبيرا من العناية في التستيف لقابليتها الشديدة للكسر أو للانسكاب كالبراميل التي تتضمن على سبيل المثال عسلا أو غيره من السوائل . إذن فالرص المقصود ليس هو تكديس البضائع في  عنبر السفينة بإحكام وترتيب بل هو الرص الأمن[59]

وفما يتعلق بالرص على سطح السفينة، فالأصل انه يمنع على الربان القيام بذلك لأن من شأنه تعريض البضاعة للخطر ولذلك فالناقل يسأل عن هلاك أو تلف البضاعة في حالة رصها على سطح السفينة ولو كان ذلك بفعل قوة قاهرة لأن مجرد رص البضاعة على سطح السفينة يعتبر خطأ في ذاته. ولكن يجوز رص البضاعة على السطح في الأحوال التالية :

– إذا أذن الشاحن بذلك مع اشتراط أن يكون إذنه مكتوبا، أي مشار إليه في سند الشحن وموقع عليه من طرفه[60]

– إذا تعلق الأمر بالسفن الصغيرة التي تباشر الملاحة الساحلية [61]

– هناك من يضيف الى الحالتين السابقتين حالة ثالثة تتعلق بإجازة رص البضاعة على سطح السفينة في حالة وجود عرف ملزم بالنسبة للبضاعة محل النقل برصها بتلك الطريقة ، كنقل الأخشاب الكبيرة الحجم  ونقل المستوعبات[62] .

ج- نقل البضاعة وحفظها والعناية بها:

– نقل البضاعة :

هو الالتزام الرئيسي للناقل، وماعداه من الالتزامات فيرد في المرتبة الثانية ، ويجب على الناقل أن يخصص للنقل وسيلة صالحة مع مراعاة طبيعة البضاعة وطول الرحلة.

ويلتزم الناقل في الأصل باتباع الطريق المتفق عليها أو التي جرت العادة باتبعها، فلا يجوز أن يسلك طريقا آخر إلا إذا اضطرته إلى ذلك قوة قاهرة أو لسبب جدي ورد في سند الشحن أو لأي سبب آخر معقول كالتأكد من قرب هبوب عاصفة شديدة أو لإنقاذ سفينة في خطر أو لإصلاح خلل حصل في السفينة  أو لتجنب الدخول إلى ميناء دولة في حرب[63] ،ونفس الشيء ذهبت إليه معاهدة بروكسيل بشأن هذا الالتزام [64].

ويجب أن يتم النقل في الميعاد المتفق عليه، غير أن هناك حالات لا يتم النقل فيها في الميعاد المحدد ، مما يجعلنا نطرح التساؤل عن عدم بلوغ السفينة ميناء التفريغ بسبب حدوث عطل  بالات السفينة يعوق ملاحتها أو وقوع تصادم بحري أو وقوع قوة قاهرة حالت دون مواصلة السفر. فالمشرع المصري عالج هذه المسألة من خلال المادة 217 من ق ت ب الجديد، أوجبت على الناقل البحري بدل العناية اللازمة لإعداد سفينة أخرى إلى الميناء المتفق عليه[65].

ونلاحظ أن المشرع المصري لم يميز بين الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى توقف السفينة عن مواصلة السفر، بل أكد على وجوب بذل العناية اللازمة لإعداد سفينة أخرى أيا كان سبب التوقف عن مواصلة السفر في حين نجد المشرع المغربي لم يتطرق إلى مسألة تغيير الناقل لطريق السير المحدد بمقتضى الاتفاق أو العادات المحلية ، إذ فضل الالتزام بالصمت دون التطرق إلى المسألة مع العلم أن معظم  التشريعات البحرية [66] قد تطرقت إلى المسألة بتفصيل تفاديا للنزاعات التي يمكن أن تنشب بين أصحاب الإرساليات البحرية وبين شركات النقل حول خط سير الرحلة خصوصا في الحالة التي لا يتم الاتفاق على موانئ الوقوف.

       لذلك كان حريا بالمشرع أن يتدخل لتنظيم هذه المسألة على غرار التشريعات المقارنة لاسيما وأن هذه القاعدة اليوم أصبح مسلما بها في جميع البلدان. 

 د – المحافظة على البضائع

إن التزام الناقل بالمحافظة على البضاعة والعناية بها لا يقوم فقط أثناء عملية النقل – بمعناها الضيق- بل حتى أثناء عمليات الشحن أو التشوين والرص والتفريغ، فلا يكفي أن تصل البضاعة إلى ميناء الوصول في الميعاد المحدد لذلك بل ينبغي أن تصل سليمة كاملة بالحالة التي شحنت عليها والموصوفة في سند الشحن .

ولقد أكدت على أهمية هذا الالتزام معاهدة بروكسيل لسنة 1924 في الفقرة الثانية من المادة الثالثة بقولها " …مع عدم الإخلال بأحكام المادة الرابعة على الناقل أن يقوم بشحن البضائع المنقولة وتشوينها ورصها ونقلها والعناية بها وتفريغها بما يلزم ذلك من عناية ودقة". إلا أن ما يسجل في هذا الإطار هو أن المعاهدة السالفة الذكر جعلت من التزام الناقل بالمحافظة على البضائع التزام ببذل عناية وليس التزاما بتحقيق النتيجة[67] .

أما على المستوى التشريع الداخلي نجد أن المشرع المغربي اعتبر التزام الناقل بالمحافظة على البضائع هو التزام بتحقيق نتيجة حيث جاء في المادة 221  من القانون البحري المغربي " يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن كل هلاك أو عوار  يصيب البضائع ما دامت تحت حراسته وما لم يثبت وجود قوة قاهرة "، وبما ان التزامه بتحقيق نتيجة هو المحافظة على البضائع، وإيصالها سالمة إلى المكان المتفق عليه، فإنه يسأل عن عدم تحقيق هذه الغاية . وهو نفس الأمر الذي ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في"قضية بين شركة الوطنية للتأمين التي تقدمت بمقال افتتاحي تعرض فيه أنها آمنت بطلب من شركة السيارة الشريفة بضاعة متكونة من سيارات نقلت على ظهر باخرة كراندي سان باولو التي وصلت إلى ميناء الدار البيضاء ووجد عوار  وخصاص في البضاعة عند جعلها  رهن إشارة المرسل إليه"  [68]

وهذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى حيث قضى بأن " الناقل البحري مسؤول عن ضياع أو تلف يصيب البضاعة ما دامت تحت حراسته وتنتقل هذه المسؤولية إلى مكتب الشحن إذا وقعت الخسارة أثناء وجود البضاعة في عهدته أو لم يبد التحفظات على الروافع بشأن الحالة الظاهرة للبضاعة، أو بشأن عدم إفراغ جميع الطرود كما وردت في وثيقة الشحن " [69].

ه – الالتزام بتفريغ البضاعة وتسليمها

تختلف عملية تفريغ البضاعة في ميناء الوصول عن عملية تسليمها في ان الأولى مادية والُُُثانية قانونية .

ويلتزم الناقل بمجرد رسو السفينة في ميناء الوصول بتسليم البضاعة المشحونة عليها إلى المرسل إليه [70].

ويقصد بالتفريغ إنزال البضاعة من السفينة ووضعها على رصيف الميناء أو تحت الروافع أو على الصنادل متى كانت السفينة تقف بعيدا عن الرصيف، ويثار هنا أيضا تساؤل حول من يقع على عاتقه الالتزام بالتفريغ ؟ ومتى يتم ؟ ومن يتحمل نفقاته ؟

والجواب على ذلك أنه إذا لم يحدد في عقد النقل الملتزم بالتفريغ ولم يقم به الشاحن أو المرسل إليه تحمل به الناقل، لان التفريغ هو وسيلة الناقل إلى تنفيذ التزامه بالتسليم.

والناقل قد يقوم بعملية التفريغ شخصيا بمساعدة تابعيه ، وقد يستعين في ذلك بالمقاولين المتخصصين الذين يستخدمون عمال الميناء، وفي كلتا الحالتين فانه يتحمل مسؤولية تلف البضاعة أو هلاكها أو أي خطأ آخر يصدر عنه أثناء عملية التفريغ ولو تضمن سند الشحن إعفاؤه من المسؤولية في هذه الحالة [71]، هذا وتستتبع عمليات تفريغ البضاعة تسليمها إلى المرسل إليه.

ويقصد بالتسليم تلك العملية القانونية التي يلتزم فيها الناقل بتسليم البضاعة التي قام بنقلها إلى صاحب الحق فيها ، والذي يقبلها بحالتها التي وصلت عليها، أي لا يتعرض عليها[72].

وتعتبر عملية التسليم الالتزام الأخير الذي يرتبه عقد النقل البحري في ذمة الناقل وبتنفيذه ينتهي عقد النقل وتنتهي معه مسؤولية الناقل البحري [73]، ويقع التسليم إلى مكتب استغلال الموانئ [74]تحت الروافع، والذي يتولى هذه المهمة لا بمقتضى عقد عمل يبرمه مع الناقل ولا بصفته وكيلا ، وإنما بما له من حق الاحتكار الذي منحه له المشرع بمقتضى القانون جبرا على أطراف عقد النقل [75].

        أما عن شكليات التسليم فيتم تحديدها بمقتضى الاتفاق ، وهي التي يضمنها الأطراف في سند الشحن ، والتسليم عادة ما يكون في ميناء التفريغ، ما لم يكن الناقل قد التزم بتوصيل البضاعة إلى محل إقامة شخص المرسل إليه . هنا يمكن طرح التساؤل عما إذا كان الناقل البحري يلتزم بإخطار صاحب الحق في تسلم البضاعة بوصول ميناء التفريغ ؟

      في جميع الأحوال يتعين على الناقل فور وصول البضاعة إلى ميناء الوصول إعلام المرسل إليه بالحضور لتلقي البضاعة ، إلا انه قد يتأخر المرسل إليه في الحضور عن الوقت المحدد، وبما أن السفينة لا تستطيع الانتظار في الميناء أكثر من المدة المحددة لها ، فإن الناقلين قد درجوا على تضمين شرط ضمن بنود العقد يسمح لهم بتفريغ البضاعة ما لم يحضر المرسل إليه في المدة المعينة أو لم يرسل من ينوب عنه في استلام البضاعة [76] .وهذا ما يعرف بشرط التفريغ لكن هذا الشرط لا يسمح للناقل بإهمال هذه البضاعة لذلك يلزمه العناية بها على حساب المرسل إليه، كما أنه قد يكون حريصا على استخلاص مبلغ أجرة النقل إذا كانت مستحقة عند الوصول[77].

      في حين نجد  بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري أن ليس هناك التزام يفرضه القانون على عاتق الناقل البحري بالإبلاغ عن وصول السفينة ميناء التفريغ ، وينشأ التزام بالإبلاغ إذا تم تعيين الشخص الواجب إبلاغه في سند الشحن البحري .

الا انه قد تثير قابلية سند الشحن للتداول بعض الصعوبات بتبدل شخص صاحب الحق في تسلم البضائع بتداول سند الشحن ، وقد يترتب على ذلك إلا يكون لإبلاغ الشخص المعين في سند الشحن جدوى من الوجهة العملية. ومن جهة أخرى قد تعترض الرحلة البحرية بعض الأحداث، وهدا يثير التساؤل حول مدى وجوب الإخطار بوصول البضائع ميناء التفريغ؟

      للإجابة عن هذا التساؤل فقد ذهبت محكمة النقض المصرية في حكم لها إلى أنه إذا كان من مستلزمات تنفيذ عقد النقل البحري وتسلم البضاعة إلى صاحب الحق في استلامها إخطار  الأخيرة وإعلامه بوصول السفينة والبضاعة إلا أن مناط ذلك قيام الحاجة إلى هذا الإجراء الذي خلا قانون النقل البحري من النص عليه ، ومن ثم إذا خلا سند الشحن من النص على التزام الناقل به فإن الناقل لا يلزم به إلا إذا كان ميعاد الوصول غير محدد في سند الشحن أو كان الشحن على خطوط ملاحة غير منظمة وغير معلوم سلفا مواعيد وصولها أو طرأ تعديل على ميعاد الوصول المحدد من قبل.[78]  

الفقرة الثانية: التزامات الشاحن أو المرسل

      بعد تطرقنا لالتزامات الناقل سنحاول الآن التعرف على التزامات الطرف الثاني في عقد النقل البحري للبضائع أي التزامات الشاحن .

      هذه الالتزامات التي تتجلى في التزام الشاحن بوضع البضاعة تحت تصرف الناقل (أولا) والتزامه بدفع الأجرة (ثانيا) .

      لكن قبل الحديث عن التزامات الشاحن سنحاول التعرف على من هو الشاحن على أن نعرج على ذكر التزاماته تباعا.

فالقانون البحري المغربي نجده قد استخدم لفظ " الشاحن " في أغلب النصوص،  واستخدم كذلك لفظ " المرسل "[79] وهذا الأخير هو الذي تم استعماله أيضا في مدونة التجارة.[80]

      وبالرجوع إلى معاهدتي بروكسيل وهامبورغ نجد أن الأولى لم تذكر تعريفا للشاحن في حين نجد معاهدة هامبورغ عرفته بأن " الشاحن هو كل شخص أبرم مع الناقل عقد نقل بضائع بالبحر أو أبرم مثل هذا العقد باسمه أو لحسابه، وهو كذلك كل شخص يسلم فعلا بضائع إلى الناقل في إطار عقد النقل البحري "[81].

 أولا: التزام الشاحن بوضع البضاعة تحت تصرف الناقل

      ينص الفصل 218\ ق ب م على ما يلي " يجب أن تكون السفينة جاهزة في الميعاد المتفق عليه لتلقي البضائع في مكان الشحن العادي ، ويجب على الربان أن يتسلم البضائع على حافة السفينة على نفقة المجهز وأن يضعها في ميناء الوصول تحت الرافعات تحت تصرف المرسل إليه ".

      ويتضح من النص أن الناقل إذا كان يلتزم بعمليتي الشحن والتفريغ عند عدم الاتفاق على قيام الشاحن بهما. وذلك حتى يتمكن الربان من القيام بشحنها في المواعيد المناسبة للسفينة مما يضمن عدم تعطلها .

      ويعتبر الإخلال بهذا الالتزام خطأ من جانب الشاحن يعطي للناقل الحق في طلب فسخ العقد ، وكذا في طلب تعويض في حدود أجرة النقل كاملة مضافا إليها مختلف الصوائر التي اضطرت السفينة إلى أدائها بسبب كل شحن مشترط في العقد ، وإن كانت تسقط لفائدته الصوائر التي وفرت على السفينة بسبب عدم الشحن وكذلك ثلاثة أرباع أجرة نقل البضائع التي شحنت عوضا عن البضائع متفق على شحنها [82].

      ويجب الإشارة إلى أن البضاعة التي يريد الشاحن نقلها ويلتزم بوضعها تحت تصرف ربان السفينة تختلف  باختلاف التزامات الشاحن ومسؤوليته بحسب تلك الطبيعة ، فاذا كانت البضائع ثمينة يلتزم الشاحن بالتصريح بطبيعتها و القيام بتغليفها بإحكام في صناديق أو علب تختم وتوضع على أختامها "بصمة" توضع مثلها على سند الشحن [83].

     وهناك أيضا البضائع الخطيرة أو ذات طبيعة متفجرة بحيث يسأل الشاحن عن الأضرار التي تسببت فيها اتجاه الناقل وباقي الشاحنين الآخرين وتجاه الغير  إذا لم يخبر بها الناقل ولو أخبر بها الربان، وقبل هذا الأخير نقلها ، ونفس الشيء يصدق على البضائع الضارة والممنوعة[84].

بعد تطرقنا للالتزام الأول للشاحن المتعلق بتسليم البضاعة للناقل ، سنحاول في النقطة الثانية التعرف على التزام آخر لا يقل أهمية عن الالتزام الأول وهو الالتزام بدفع الأجرة (ثانيا) .

ثانيا: الالتزام بدفع الأجرة

     يمكن تعريف أجرة النقل بأنها ذلك المبلغ الذي يلتزم الشاحن بدفعه للناقل أو وكيله مقابل التزام هذا الأخير بنقل البضاعة المتفق عليها من القيام إلى ميناء الوصول.

     والأصل أن مقدار الأجرة يتم تحديده باتفاق الطرفين، وإذا لم يحدد اتفاقا وهذا أمر نادر الحصول في العمل يرجع في تحديده إلى العرف المستقر في ميناء الشحن أو يتحدد بأجرة المثل وفقا لتقدير القاضي [85].

     وقد تتحدد الأجرة بسعر أعلى من السعر الموجود في ميناء الشحن لبضاعة من نفس البضاعة المشحونة ولنفس مدة السفر، إذا تم نقلها على ظهر السفينة بدون التصريح بها للناقل أو للربان[86].

     وتحديد أجرة النقل يتم على أساس حجم البضاعة أو وزنها او مقدارها عند الشحن وهو ما يثبت في سند الشحن [87]

       إلا أنه قد تكون التصرفات من النوع الذي ينقص أثناء السفر ، كأن تكون قابلة للتبخر ، وفي هذه الحالة قد يتفق الأطراف على  ترك تحديد الأجرة إلى حين وصول البضاعة إلى ميناء الوصول وتفريغها ووزنها .

     والقاعدة أن الذي يلتزم في مواجهة الناقل بدفع الأجرة هو الشاحن في ميناء القيام ، لكن قد يتفق في العقد على خلاف ذلك أي أن تؤدى الأجرة عند وصول البضاعة ، وفي هذه الحالة يصير المرسل إليه أو أي شخص آخر حامل لسند الشحن ملتزما بدفعها مع بقاء حق الناقل في الرجوع على الشاحن عند تخلف المرسل إليه أو المتلقي للبضاعة عن دفعها ، وذلك على أساس أن الشاحن هو الطرف الآخر في عقد النقل وهو الملتزم أصلا في مواجهة الناقل بدفع الأجرة [88] والشاحن لا يلتزم بدفع الأجرة بل حتى بملحقاتها التي تصير مستحقة الأداء ، وهي تتمثل في مصاريف عمليتي الشحن والتفريغ ومصاريف الرص والتخزين إذا ما اتفق في العقد بأنها ستكون على نفقة الشاحن.

المطلب الثاني:

 المسؤولية في عقد النقل البحري

يلعب النقل البحري للبضائع أهمية قصوى بالمقارنة مع وسائل النقل الأخرى، وتأتي هذه الأهمية من الدور الذي يلعبه في تنمية التجارة العالمية بصفة عامة وفي اعتماد جل الدول المطلة على البحر على هذا النوع من النقل في تنميتها الاقتصادية بصفة خاصة، نظراً لانخفاض تكاليفه مقارنة بباقي وسائل النقل الأخرى هذا من جهة، ومن جهة أخرى الامتياز الذي تقدمه السفينة من حيث طاقتها الاستيعابية القادرة على استقبال مختلف أنواع البضائع حجما وكماً.

لكن هذه المعطيات وغيرها لا تقي المخاطر الجسيمة التي تطبع هذا النقل، لأن المجال البحري غير مأمون ومحفوف بالمغامرة، لذلك ارتأينا في هذا المطلب تسليك الضوء، على المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع من خلال التطرق لأحكام هذه المسؤولية (فقرة أولى) والإجراءات المسطرية لرفع دعوى المسؤولية (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: أحكام المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع

حرصاً على الإلمام بأحكام المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع من جميع الجوانب، سنعرض لطبيعة وأساس هذه المسؤولية كنقطة أولى، عل أن نعرج في النقطة الثانية على الأساس القانوني لقيام هذه المسؤولية.

 

أولا: طبيعة وأساس المسؤولية في عقد النقل البحري للبضائع

أ‌-                    طبيعة المسؤولية

المسؤولية المدنية وفقا للتشريع تنقسم إلى مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية، وتقوم المسؤولية العقدية نتيجة إخلال المدين بالتزامه العقدي، وهو التزام يختلف باختلاف العقود، أما المسؤولية التقصيرية فتقوم على الإخلال بالتزام قانوني لا يتغير، هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير. فالدائن والمدين في المسؤولية العقدية كانا مرتبطين بموجب عقد قبل أن تتحقق المسؤولية أما في المسؤولية التقصيرية فقبل تحققها كان المدين أجنبيا عن الدائن[89].

بناء على ما سلف، فإن كل هلاك أو تلف يصيب البضائع وهي في عهدة الناقل من شأنه أن يرتب مسؤولية هذا الأخير العقدية، إذ أنه أخل بالتزام عقدي يتجلى في إيصال البضاعة سالمة وبدون تأخير إلى من له حق في استلامها. وهذا ما أكدته المحكمة التجارية بالدار البيضاء في حكم لها إذ حكمت للمدعى عليه لفائدة المدعية بأداء تعويض  نتيجة تلوث وفقدان جزء مهم من الكمية المنقولة من البضاعة إذ تبين في البضاعة عوار وخصاص راجع بالدرجة الأولى إلى حالة الصدأ والبلل الذي أصاب عنابر السفينة .[90]

والمسلم به من المنظور التشريعي والفقهي والقضائي أن المسؤولية العقدية للناقل تتطلب زيادة على تحقق الضرر بعض العناصر الإضافية نقف عند أبرزها:

 

·       وجود عقد صحيح يربط بين الناقل والشاحن

مفاد هذا المعطى أن المسؤولية العقدية لا تتأسس إلا بوجود عقد صحيح يربط بين الناقل والشاحن، وبالمفهوم المخالف فالعقد الباطل لا يرتب المسؤولية العقدية بل يرتب المسؤولية التقصيرية إذا كان لها محل. ومن الحالات التي تنعدم فيها مسؤولية الناقل العقدية نتيجة بطلان العقد، الحالة التي يكون فيها محل العقد غير مشروع كالاتفاق على نقل البضائع ممنوعة كالمخدرات والأسلحة المهربة، أو يكون سبب العقد مخالف للنظام العام.

·       تضرر البضاعة وهي في حراسة الناقل

وهذا الأمر تفرضه طبيعة الأمور ذاتها إذ أن الحراسة هي مناط تطبيق أحكام مسؤولية الناقل. والمقصود بالحراسة في هذه الحالة، تلك التي يستمد بها الناقل من العقد بحيث يبقى الناقل المتعاقد مسؤولا عن الأضرار التي أصابت البضائع حتى ولو انتقلت الحراسة فعلا إلى ناقل أخر كما هو الشأن بالنسبة للناقل الفعلي[91]، ما لم يقضي المشرع خلاف ذلك.

ب‌-                 أساس المسؤولية

ينص الفصل 221 من ق ت ب على ما يلي: " يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن كل هلاك أو عوار يصيب  البضائع ما دامت تحت حراسته وما لم يثبت وجود قوة قاهرة " . من هذا النص نستخلص أن المشرع ألزم الناقل البحري بتحقيق نتيجة، بحيث يكون الناقل مسؤولا عن عدم تحقيق النتيجة المقصودة أي مسؤولا عن هلاك البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها. ومن ثم فإن المضرور لا يلزمه إقامة الدليل على ارتكاب الناقل لخطأ ما في تنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد النقل، وإنما يكفيه أن يثبت أن الناقل لم يقم بتنفيذ ما التزم به والمتمثل في نقل البضاعة كاملة وتوصيلها سالمة في الميعاد المحدد. إذ بهذا الإثبات يكون المضرور قد اثبت فعل الخطأ العقدي في جانب الناقل.

أما بالنسبة لاتفاقية هامبورج، فقد قضت الفقرة الأولى من المادة 5 بما يلي: "يسأل الناقل عن الخسارة الناتجة عن هلاك البضائع أو تلفها وكذلك الناتجة عن التأخير في التسليم إذا وقع الحادث الذي تسبب في الهلاك أو التلف أو التأخير أثناء وجود البضائع في عهدته على الوجه المبين في المدة 4 ما لم يثبت الناقل أنه قد اتخذ هو ومستخدموه ووكلاؤه جميع ما كان يلزم اتخاذه بشكل معقول من تدابير لتجنب الحادث وتبعاته".

ما يمكن استخلاصه من المادة أعلاه، أن الناقل يتحمل بالتزام يتمثل في ضمان سلامة البضاعة وموعد وصولها، فإن أخل به افترض الخطأ في جانبه وانعقدت مسؤوليته. والتزام الناقل هنا هو بذل عناية، وبالتالي فإن المضرور ليس مطالبا بإثبات خطأ الناقل وإنما يكفيه إثبات وجود البضاعة في حراسة هذا الأخير خلال الرحلة البحرية وإثبات الضرر المدعى به[92].

ثانيا: أسباب قيام والإعفاء من المسؤولية

 

 

أ‌-                   أسباب قيام المسؤولية

من خلال ما سبق، نجد أن مسؤولية الناقل البحري في عقد النقل البحري للبضائع تقوم وتثار في ثلاث حالات وهي الهلاك، العوار أو التلف، التأخير.

·       الهلاك Loss-Perte:

تتحقق هذه الحالة بعدم وصول البضاعة كلها فهنا نكون أمام الهلاك الكلي، أو بعضها كأن تصل ناقصة في وزنها أو في عدد طرودها المشار إليها في سند الشحن وهنا نكون أما الهلاك الجزئي للبضاعة.

والناقل يسأل عن الهلاك الكلي أو الجزئي للبضاعة (الفصول 221-222-254 ق ب م) وإن كان العرف قد جرى على إعفائه من المسؤولية بالنسبة للنقص العادي في البضاعة الذي يصيبها أثناء عمليات نقلها وشحنها وتفريغها…وهو ما يطلق عليه "عجز الطريق"Déchets de route، كتبخر جزء من مادة سائلة[93].

·       العوار أو التلف:

والمقصود هنا هو الحالة التي تصل فيها البضاعة كاملة ولكن معيبة أو تالفة، سواء لحق التلف البضاعة كلها أو جزء منها فقط، مثال ذلك فساد السمك أو ذبول الأزهار، أو تهشم المرايا أو تحطم الأجهزة…، الخ، وهذا ماذا سارت عليه المحكمة التجارية بالدار البيضاء في حكمها بتحميل الناقل البحري المسؤولية بسبب تضرر 14 كيس من أصل 560 بفعل تمزقها وضياع محتواها [94] والناقل يسأل كما في الحالة السابقة عن التلف أو العوار بنوعيه الكلي أو الجزئي الذي يكتشف عند وصول البضاعة ولا يكون ثابتا في سند الشحن، إذ يفترض في حالة خلو السند من أي تحفظ بشأن البضاعة أنه تسلمها في حالة جيدة. ما لم يثبت سبب الإعفاء من المسؤولية في كون التلف راجع إلى عيب ذاتي في البضاعة، أو إلى عدم تصريح الشاحن ببيانات صحيحة عنها، أو إلى قوة قاهرة.

·       التأخير

والتأخير يقع إذا لم تسلم البضاعة في الميناء المعين في العقد للتفريغ وفي الميعاد المتفق عليه فيه، أو في الميعاد المناسب إذا لم يتفق على ميعاد معين. ويسأل الناقل عن ذلك إما مسؤولية محدودة إذا ترتب عن التأخير ضرر بالبضاعة، كما لو كانت سريعة الهلاك أو التلف، وأما مسؤولية عامة – طبقا للقواعد العامة في المسؤولية – إذا ألحق التأخير ضرراً بصاحب الحق في البضاعة.

ب‌-              أسباب الإعفاء من المسؤولية

تتحقق مسؤولية الناقل البحري – كقاعدة – سواء كانت عقدية أو تقصيرية، بتوافر أركانها المتمثلة في الخطأ والضرر والعلاقة السببية وقد تضمن ظهير 31 مارس 1919 أحكاما تقضي بإعفاء الناقل من المسؤولية إذا توافرت حالات محددة يترتب على تحقيقها انتفاء رابطة السببية، وبالتالي انتفاء المسؤولية. وتدخل هذه الحالات ضمن أسباب الإعفاءات القانونية، لكونها مقررة بنص القانون. وبعضها يأتي في نتيجة اشتراطات مدرجة في سند الشحن وتلك هي أسباب الإعفاء الاتفاقية.

وقد أوردت اتفاقية هامبورج في الفقرة الأولى من المادة 5 قاعدة عامة وبمقتضاها يمكن للناقل دفع مسؤوليته إذا اتخذ هو أم مستخدموه أو وكلاءه جميع التدابير المعقولة لمنع وقوع الضرر كما عرضت. الاتفاقية لتنظيم خاص لمسؤولية الناقل عن البضاعة بسبب التدابير التي قد يتخذها الناقل لتجنب وقوع ضرر أكبر، وهذا ما سنعرض له في نقطتين أساسيتين:

النقطة الأولى: حالات الإعفاء القانونية

معالجة حالات الإعفاء القانونية المضمن في ظهير 31 مارس 1919 وتلك التي أوردتها اتفاقية هامبورج سيكون من خلال الترتيب التالي:

–      العيب الخفي في السفينة le vice caché

من التزامات الأساسية التي يتحمل بها الناقل البحري طبقا للفصل 213 من ق ت ب تقديم سفينة صالحة للملاحة. ويترتب على الإخلال بهذا الالتزام انعقاد مسؤولية الناقل في حالة ما إذا تسبب هذا الاختلال بضرر أصاب البضائع المنقولة. ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا إذا ثبت أن هذا الضرر ناتج عن عيب خفي في السفينة لم يكن في الإمكان اكتشافه إلا بالفحص الدقيق قبل انطلاق الرحلة البحرية.

والواقع أنه إذا كان بالإمكان قبول فكرة العيب في السفينة في بداية القرن الماضي، "وهي الفترة التي صدر فيها ظهير 31 مارس 1919 " بالنظر للبساطة التي كانت تتميز بها صناعة السفن وعدم تعقد أجهزتها الفنية والتقنية. فإنه في الوقت الحالي، ومع ظهور تنافسية كبيرة في صناعة السفن، حيث ولجت ميدان الملاحة البحرية سفن مزودة بتكنولوجيا عالية في الدقة والحداثة وذات تقنية معقدة ومتطورة، لذلك فإن الفحص الدقيق لهذا النوع من السفن، من طرف عمال وتقنيين متخصصين خصوصا، إذا كانوا تابعين لشركات الصنع، جعل من العيب المكتشف أثناء الرحلة من العيوب التي تتضمن أحد عناصر الحادث الفجائي المتمثل في عدم التوقع[95].

وعلى مستوى الاجتهاد القضائي المغربي ذهب المجلس الأعلى[96] إلى أن "الإعفاء القانوني من المسؤولية يطبق في الحالة الناشئة عن العيوب الخفية التي لا يسمح باكتشافها بفحص دقيق[97]".

واعتبرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في أحد قراراتها: "حيث إن القول بأنه لم يعاين على السفينة عند وصولها أي عيب لا يمكن ذلك أن يحلل المجهر من مسؤولية الأضرار التي لحقت البضاعة محل النزاع ، طالما أن مؤجر السفينة ملزم تسليمها في حالة صالحة للملاحة. وتكون مسؤوليته ثابتة إذا قام بتسليم سفينة معيبة ما لم تكن ناشئة عن عيب خفي لا يمكن اكتشافه سوى بفحص دقيق استنادا إلى الفصل 213 ق ت ب[98].

نفس التوجه كرسه المشرع الفرنسي حيث أكد على أن وجود العيب الخفي وحده لا يعفي الناقل من المسؤولية بل يتعين على هذا الأخير أن يثبت أنه اتخذ كافة التدابير المعقولة لجعل السفينة صالحة للملاحة.

تبقى الإشارة إلى أن اتفاقية هامبورج لم تتناول هذه الحالة بالتنظيم، إلا أنه يمكننا القول إن هذه الحالة تدخل في الحكم العام المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من الاتفاقية والتي تفرض على الناقل اتخاذ تدابير معقولة لتجنب الضرر.

 

·       القوة القاهرة La Force majeur

حسب الفصل 221 من ق ت ب فإن الناقل البحري يبقى مسؤولا عن كل هلاك أو عوار يصيب البضائع ما دامت تحت حراسته وما لم يثبت وجود قوة قاهرة. وتمثل القوة القاهرة والحادث الفجائي وسيلة قانونية هامة تسمح للمدين في التزام عقدي أصبح مستحيل التنفيذ طبقا لها، بالتحلل من هذا الالتزام، إضافة إلى أنها وسيلة قانونية تسمح له بالتخلص من مسؤوليته المدنية عموما.

وقد نظم المشرع المغربي القوة القاهرة والحادث الفجائي من خلال الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على ما يلي:" القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية (الفيضانات، الجفاف، العواصف، والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.

ولا يعتبر من قبل القوة القاهرة الأمر الذي كان بالإمكان دفعه وتجنبه ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل العناية لدرئه عن نفسه وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين". فمن خلال هذا النص  نستخلص أن القوة القاهرة تتمثل في كل حادث لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه وأن لا يكون للمدين دخل في إثارته[99].

أ‌.         يجب أن يكون الحادث غير متوقع ويقصد بهذا الشرط أن يكون الحادث قادما من خارج دائرة نشاط الناقل.

ب‌.     يجب أن يكون الحادث غير قابل للدفع ، وهذه الفكرة تفيد معنيين الأول هو عدم قدرة الشخص على منع نشوء الواقعة المنشئة للقوة القاهرة، والثاني يتمثل في عدم تمكنه من التصدي للآثار المترتبة عنها[100].

ويعتبر الاجتهاد القضائي أن التغييرات المناخية في أوقات معلومة لا تعد من قبيل القوة القاهرة لانتفاء شرط عدم التوقع، في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء:" إن عاصفة بلغت قوتها عشرة درجات، وقعت في شهر دجنبر، وهي فترة تكثر فيها الزوابع البحرية التي تعترض طريق السفن لا يمكن أن تكون غير متوقعة من طرف الربان…" [101].

غير أن العاصفة البحرية إذا بلغت من الشدة مدى يجعلها غير متوقعة الحدوث، فإنها تعتبر قوة قاهرة.

–      حالة الشحن البضائع الخطرة

حيث نص المشرع في الفصل 227 من ق ت ب على ما يلي: "إن الذي يشحن بضائع خطرة أو ضارة أو ممنوعة يكون مسؤولاً تجاه مؤجر السفينة وتجاه جميع الأشخاص الذين لهم مصلحة في حمولتها عن الأضرار التي قد تتسبب فيها  تلك البضائع هذا وأن قبول هذه البضائع من طرف الربان لا يرفع هذه المسؤولية الا تجاه مؤجر السفينة ". واستنادا إلى هذا الفصل، فالناقل لا يتحلل من المسؤولية إلا بتحقق شرطين:

أ‌.         أن يكون الناقل جاهلا لخطورة البضاعة أو ضررها أو عدم مشروعيتها سواء أثناء تسليمها إلى الربان في ميناء الشحن أو أثناء الشحن. وجهل الناقل لهذه الحقيقة لا يمكن تصوره إلا في حالتين اثنتين هما، حالة تعمد الشاحن ذكر البيانات غير صحيحة ، عن طبيعة البضاعة الحقيقية وحالة شحن هذه البضاعة بمعرفة الربان دون الناقل.

ب‌.     أن تلحق هذه البضاعة المشحونة أضرارا إما بالسفينة أو بحمولتها.

ومن أمثلة البضائع الخطرة أو الضارة أو الممنوعة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر الطيور أو الحيوانات المصابة بأنفلونزا الطيور أو الحمى القلاعية أو النفايات النووية…

النقطة الثانية: حالات الإعفاء الاتفاقية

من أبرز التساؤلات التي تطرح بصدد الحديث عن مسؤولية الناقل البحري، ما يتعلق بإمكانية إدراج شرط في سند الشحن من شأنه إعفاء هذا الأخير من المسؤولية عن الأضرار التي تصيب البضاعة وهي في عهدته. نص القانون البحري الفرنسي من خلال المادتين 37 و38 على عدم جواز إعفاء الناقل من المسؤولية خلال الفترة التي توجد أثناءها البضاعة في حراسته.  ويعد هذا الحكم من النظام العام وبالتالي لا يجوز الاتفاق على إعفاء الناقل من المسؤولية، باستثناء ما نصت عليه المادة 30 بخصوص النقل على سطح السفينة وكذا نقل الحيوانات الحية[102].

والمشرع المصري سار في نفس المسار حيث نصت المادة 236 من القانون البحري لسنة 1990 على أنه "يقع باطلا كل اتفاق يتم قبل وقوع الحادث الذي نشأ عنه الضرر ويكون موضعه أحد الأمور الآتية:

أ‌.         إعفاء الناقل من المسؤولية عن هلاك البضائع أو تلفها

ب‌.     تعديل عبء الإثبات الذي يضعه القانون على عاتق الناقل

ت‌.     تحديد مسؤولية الناقل بأقل مما هو منصوص عليه

ث‌.     النزول للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين على البضائع أو أي اتفاق أخر مماثل".

وقد قررت معاهدة هامبورج هي الأخرى بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية من خلال المادة 23 التي قضت ببطلان كل شرط يرد في عقد النقل البحري أو في سند شحن أو في أية وثيقة أخرى مثبتة لعقد النقل البحري يكون مخالفا بشكل مباشر أو غير مباشر لأحكام هذه الاتفاقية . ولا يؤثر بطلان مثلا هذا الشرط على عقد النقل ولا على باقي الشروط الأخرى، كما أن الاتفاقية اعتبرت أن كل شرط من شأنه أن يتضمن تنازلا عن الحقوق الناشئة عن التأمين على البضائع لصالح الناقل أو أي شرط اخر يعتبر باطلا بطلانا مطلقا.

والتشريع المغربي لا يختلف عن باقي التشريعات بخصوص مسألة بطلان أو صحة شروط الإعفاء من المسؤولية ، حيث جاء موقفه قاطعا في هذا المضمار من خلال الفصل 264 ق  ب م الذي اعتبر بطلان كل شرط يدرج في سند الشحن أو أي سند آخر تكون غايته إعفاء الناقل من المسؤولية أو مخالفة قواعد الاختصاص أو قلب عبء الإثبات ويرد على هذا المبدأ استثناءين، يجوز من خلالهما للناقل أن يدرج في سند الشحن أو أي سند آخر شرطاً يعفيه من المسؤولية، ويتمثل هذين لاستثناءين في حالتين، وهما الخطأ الملاحي وحالة الشحن على سطح السفينة، وهو ما سنعرض له بالتفصيل.

–      الخطأ الملاحي La Faute nautique

بعدما نصت الفقرة الأولى من الفصل 264 من ق ت ب ببطلان كل شرط يكون من شأنه إعفاء المجهز من مسؤوليته، جاءت الفقرة الثانية من نفس الفصل بما يلي: "إلا أنه يمكن للمجهز أن يتحلل من الأخطاء المرتكبة من طرف الربان أو المرسل أو الملاحين في تنفيذ مهامهم التي تتعلق بالسفينة ".

لذلك فالأصل والقاعدة هي قيام مسؤولية المجهز سواء كان مؤجرا ومستأجراً تجاه صاحب الحق في البضاعة عن جميع الأضرار التي تلحق هذه الأخيرة، واستثناء يمكن للمجهز أن يتحلل من هذه المسؤولية في الحالات المحددة في الفصل أعلاه، لكن هذا الإعفاء لا يتقرر بكيفية تلقائية بل لابد أن يشترط المجهز في سند الشحن أو أي وثيقة أخرى عدم مسؤوليته عن الأخطاء المرتكبة من طرف الأشخاص المذكورين في الفصل أعلاه.

وبالتالي فهذه الحالة لا تدخل في حالات الإعفاء القانونية من المسؤولية، بدليل أن المشرع أعطى فقط للمجهز إمكانية التحلل من المسؤولية، فإذا لم يمارس هذه المكنة تبقى مسؤوليته قائمة.

والأخطاء التي من هذا النوع يطلق عليها الأخطاء الملاحية وقد تردد الفقه والقضاء في احتواء تعريف واضح وشامل لمفهوم الخطأ الملاحي[103]، حيث اعتبر من أكثر المفاهيم تعقديا أ تغييرا حسب ظروف كل قضية[104].

وحسب الفقه الفرنسي فإن فكرة الخطأ الملاحي تتضمن نوعين من الأخطاء:

–      الخطأ في الملاحة   la faute dans la navigation                       

 –  الخطأ في إدارة السفينة la faute dans l'administration du native

     ومن حيث الاصطلاح اللغوي، يقصد ب "الملاحي" كل ما علاقة بالملاحة البحرية، وبالتالي فإن هذا المفهوم ينصرف إلى خطأ المرتكب أثناء كل مناورة بحرية لتأمين تنقل السفينة في البحر، أو الخطأ في الحكم بالنسبة للمناورات البحرية والناتج أساس عن التقدير السيئ للمشاكل التي تواجه السفينة[105].

ومن أمثلة الوقائع التي حاول القضاء الفرنسي ونظيره المغربي تكييفها[106] بالخطأ الملاحي، نذكر على سبيل المثال ما يلي:

·       يعد خطأ مزدوجا مرتكب من ربان الباخرة، غلطة في تأويل خرائط البحر الذي يؤدي إلى ارتطام الباخرة بالصخور، وتأخير عمليات جذبها إلى أن غرقت في آخر الأمر قبل أن يتسنى جرها.

·       الخطأ في قراءة الخرائط أو تفسير اتجاه السفينة.

·       الخطأ في اتخاذ مسلك أو مدخل الميناء.

ويشمل الخطأ الملاحي الخطأ في إدارة السفينة[107].

خلاصة القول، يعتبر الناقل البحري -كقاعدة عامة- مسؤولا عن الضرر الذي يصيب البضائع التي في عهدته نتيجة خطأ ملاحي مرتكب من طرف الربان أو المرسل أو الملاحين في تنفيذ مهامهم التي تتعلق بالسفينة، غير أنه يسوغ الخروج عن هذه القاعدة إذا اشترط المجهز في سند الشحن أو أي وثيقة أخرى عدم مسؤوليته عن الأخطاء الملاحية المرتكبة من طرف الأشخاص  المذكورين أعلاه.

–      الشحن على سطح السفينة

نص على هذه الحالة الفصل 147 ق ت ب في فقرته الأولى، بقوله "الربان مسؤول عن جميع الأضرار والخسائر التي تلحق بالبضائع المشحونة على سطح السفينة. ما لم يكن الشاحن قد أذن صراحة بالشحن بهذه الكيفية باشتراط خاص موافق وموقع عليه من طرفه في تذكرة الشحن".

ويستخلص من هذا الفصل بأنه لا يكفي لكي يتحلل الناقل من مسؤوليته عن الأضرار التي تلحق وتصيب البضائع المشحونة على سطح السفينة، أن يكون ثمة اتفاق على أن يتولى الناقل شحن البضائع بالكيفية التي يراها ملائمة حتى ولو كان هذا الاتفاق كتابة، كما لا يعتد بسند الشحن الذي يذكر فيه أن البضاعة تشحن على سطح السفينة لأن هذا السند يحرر من طرف الناقل ولا يوقعه الشاحن في الحالات العادية، بل لابد أن يضمن هذا الإذن في سند  الشحن ويتمثل في اشتراط خاص وصريح بشحن البضائع على سطح السفينة، وأن يكون هذا الإذن موقع عليه من طرف الشاحن.

ومن جهة أخرى فقد أجاز المشرع المغربي شحن البضائع على سطح السفينة بالنسبة للملاحة الساحلية، والتي حددت نطاقها الفقرة الثالثة من ذات الفصل حيث جاء فيها: " ولا تطبق هذه القاعدة على الأسفار التي تكون نقطة ابتداءها أو انتهاءها أحد موانئ المغرب ولا تبتعد فيها السفينة أكثر من أربعمائة ميل بحرية عن الموانئ أو المرافئ المغربية "، وعليه فالأصل العام هو عدم جواز شحن البضائع على سطح السفينة، وإنما أجاز المشرع ذلك في حالة وجود اتفاق خاص مع الشاحن مضمن في تذكرة الشحن وكذا في حالة الملاحة الساحلية.

أما المشرع المصري فقد أضاف إلى  الاستثناءين[108]:

–      وجود عرف في ميناء الشحن يقضي بالشحن بهذه الكيفية

–      وجود قانون في ميناء الشحن يلزم الناقل بالشحن بهذه الكيفية

–      أن تقضي طبيعة البضاعة شحنها بهذه الطريقة، كما في حالة شحن مادة الخشب المشحونة على شكل أشجار أو آلات كبرى…

ولا يختلف الحكم بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي استثنى، كذلك من الشحن على سطح السفينة، من خلال المادة 22 من قانون 18 يونيو 1966، حالة الملاحة الساحلية وحالة وجود اتفاق صريح ومكتوب أو وجود مقتضيات قانونية تسمح بهذا النوع من الشحن.

أما بالنسبة لاتفاقية هامبورج، فقد تضمنت المادة 9 القواعد الخاصة التي تحكم المسؤولية على البضائع المشحونة على سطح السفينة. والقاعدة وفقا لأحكام هذه المادة هو خطر نقل البضائع على سطح السفينة، إلا أنه استثناءا يجوز الشحن على سطح السفينة في الأحوال الآتية:

 

–      وجود اتفاق مع الشاحن على شحن البضائع على سطح السفينة

–      إذا جرى العرف البحري في ميناء الشحن على نقل بضائع معينة على سطح السفينة

–      إذا وجد نص قانوني يقضي بشحن بضائع معينة على سطح السفينة.

ويتعين أن يضمن اتفاق الأطراف بخصوص الشحن على سطح السفينة في سند الشحن أو الوثيقة المثبتة لعقد النقل، حتى يمكن للناقل الاحتجاج به على الشاحن وعلى الغير بمن فيهم المرسل إليه وفي حالة عدم إدراج هذا الاتفاق كتابة فإن الناقل يتحمل عبء إثبات وجود اتفاق على شحن البضائع على سطح السفينة.

ويتعين أن يضمن اتفاق الأطراف بخصوص الشحن عل سطح السفينة في سند الشحن أو الوثيقة المثبتة لعقد النقل حتى يمكن للناقل الاحتجاج به على الشاحن وعلى الغير بمن فيهم المرسل إليه، و في حالة عدم إدراج مثل هذه الاتفاق كتابة فإن الناقل يتحمل عبء إثبات وجود اتفاق على شحن البضائع على سطح السفينة، على أنه حتى على فرض تمكن الناقل من إثبات وجود هذا الاتفاق فإنه لا يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير الذي حصل على سند الشحن بحسن نية[109].

الفقرة الثانية: إجراءات رفع دعوى المسؤولية

يتعين على المرسل التي يرغم دعوى المسؤولية في مواجهة الناقل البحري احترام مجموعة من الإجراءات والشكليات بما في ذلك توجيه إخطار بهلاك أو تلف البضاعة إلى الناقل البحري وكذا رفع دعوى التعويض داخل الأجل القانوني أمام المحكمة المختصة، وإلا كان للناقل البحري الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم التقيد بهذه الإجراءات.

أولا: الإخطار بالهلاك أو التلف أو التأخير

لقبول دعوى المسؤولية ضد الناقل البحري يجب توافر الشرطين التالين:

–      تنظيم احتجاج معلل داخل أجل ثمانية أيام من الاستيلام الفعلي للبضاعة.

–      رفع الدعوى في ظرف تسعين يوماً.

وسوف نعرض لهذين الشرطين من خلال النقطتين التاليتين:

·        شكليات الإخطار:

حتى يتمكن المرسل إليه من المحافظة على حقوقه ومقاضاة الناقل البحري من الأضرار التي لحقت البضاعة والحصول  على التعويض، يتعين عليه توجيه إخطار بذلك إلى الناقل يشعره فيه بالعوار أو الخصاص اللاحق بالبضاعة وهذا ما أكده المشرع المغربي في الفصل 262 ق ت ب بقوله: "لا تقبل أية دعوى تعويض بسبب عوار خصوصي أو هلاك جزئي من الربان أو المجهر أو أصحاب البضائع، إذا لم يقع تنظيم احتجاج معلل داخل لا يزيد على ثمانية أيام… من تاريخ اليوم الذي وضعت فيه البضائع فعليا تحت تصرف المرسل إليه ولم يتبع هذا الاحتجاج بدعوى قضائية داخل أجل تسعين يوما…"[110].

من خلال هذا النص يتضح أن المشرع المغربي حرص على سرعة إنهاء المنازعات البحرية الناشئة عن عقد النقل، بحيث رتب على عدم تقيد المرسل إليه أو مؤمنه بالآجال المنصوص عليها في الفصل المذكور أعلاه الدفع بعدم القبول.

والإخطار يشترط فيه أن يأتي كتابة، ولم يحدد المشرع شكل خاصا ينبغي أن يتم تحت غطائه، لذلك لا يمكن أن يتم في سند الشحن الذي يسلم للربان عند استيلام البضاعة، إلا أنه ينبغي أن يكون معللا فلا عبرة بالإخطارات التي تأتي في صيغة عامة وغامضة لأن الغاية من توجيه هذا الإخطار إلى الناقل هو إحاطته علما بالعوار أو الهلاك اللاحق بالبضاعة وأن المرسل إليه يتمسك بحقوقه ويطالب بالتعويض وذلك حتى يتمكن الناقل من إعداد الأدلة ضد هذا الإدعاء، كأن يقيم الدليل عل أن التلف بعزي إلى سبب أجنبي لا يد له فيه.

ولا يكفي لمقاضاة الناقل البحري توجيه إخطار كتابي، بل يتعين أن يتم داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ وضع البضاعة تحت تصرف المرسل إليه، وعدم احترام هذا الميعاد يفسح المجال للناقل ليدفع بعدم قبول الدعوى.

 هذا ولا تحتسب أيام العطلة داخل الأجل، كما لا يحتسب فيه اليوم الأول الذي تم فيه التسليم ولا اليوم الأخير، ويسري الميعاد لكل مرسل إليه على حدة وبالنسبة لكل عقد لا بحمولة السفينة ككل، حتى لو كان للمرسل إليه عدة إرساليات وحرر بشأن كل منها تذكرة شحن خاصة، فإن العبرة بنهاية التسليم لكل إرسالية على حدة.

ثانيا: أجل رفع الدعوى

يتعين على المرسل إليه أو مؤمنه بعد إخطار الناقل البحري بالضرر الذي أصاب البضاعة رفع دعوى قضائية داخل أجل تسعين يوماً، وإلا ترتب عن ذلك سقوط الحق في رفعها[111]، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار صادر عنه بتاريخ 28/03/1990 إذ جاء في إحدى حيثياته ما يلي: " والثابت من عناصر الملف أن البضاعة وضعت رهن إشارة المرسل إليه بتاريخ 05/02/1979 وان رسالة الاحتجاج قد وجهت إلى الناقل البحري بتاريخ 07/02/1979،  في حين أن هذه الدعوى لم ترفع إلا بتاريخ 25/06/1979، أي بعد انصرام أجل تسعين يوما المحددة بمقتضى الفصل المذكور الذي هو أجل سقوط يترتب عنه عند تحققه سقوط الحق في إقامة الدعوى"[112].

من باب المقارنة فاتفاقية هامبورج لسنة 1978 جاءت مخالفة لتوجه المشرع المغربي حيث لم تنص على أجل مسقط، بحيث لا يترتب على عدم رفع دعوى التعويض في ميعادها سقوط الحق وإنما يترتب على ذلك مجرد قرينة على كون المرسل إليه تسلم البضاعة في حالة سليمة ومطابقة لوثيقة الشحن، ويبقى على عاتق هذا الأخير عبء إثبات الخطأ والضرر والعلاقة المسببة طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، أي أن قرينة الخطأ المفترض تتعطل لتحل محلها قرينة الخطأ الواجب الإثبات[113].

 

ثالثا: رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة

بعد القيام بالإجراءات المنصوص عليها في الفصل 262 ق ت ب من توجيه الإخطار ورفع الدعوى داخل الميعاد القانوني لها، يبقى على المرسل إليه رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة، تحت طائلة الدفع بعدم الاختصاص.

أ‌-                    المحكمة المختصة في التشريع المغربي

منذ أن تم إحداث المحاكم التجارية بالمغرب، وباعتبارها أن عقد النقل البحري هو عقد تجاري، فإن المحكمة المختصة التي تنظر في المنازعات الناتجة عن هذا العقد هي المحكمة التجارية حسب ما تحدده المادة 5 من قانون 95-53 المحدث للمحاكم التجارية التي تنص على ما يلي: " تختص المحاكم التجارية بالنظر:

–      في الدعاوي التي تتعلق بالعقود التجارية

–      في الدعوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية…"

وتنص المادة 9 من نفس القانون على ما يلي: " تختص المحكمة التجارية بالنظر في مجموع النزاع التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا. " إذن النصوص أعلاه جاءت صريحة وواضحة بالحسم في مسألة المحكمة المختصة من خلال منح الاختصاص للمحاكم التجارية في الدعاوي الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، يبقى أن نشير إلى أنه قد يقوم الناقل البحري بتضمين سند الشحن شرطا بمقتضاه يمنح الاختصاص للنظر في النزاعات الناشئة عن تنفيذه إلى محاكم بعيدة عن الشاحن أو المرسل إليه مما يحمل هذا الأخير نفقات إضافية إذا ما رغب في مقاضاة الناقل البحري. إلا أنه بالرجوع إل الفصل 264/1 من ق ت ب نجده ينص على بطلان كل شرط من شأنه مخالفة قواعد الاختصاص[114].

ب- المحكمة المختصة في ظل الاتقاقيات الدولية

فيما يخص هذه النقطة ، نجد المادة 21 من اتفاقية هامبورغ في فقرتها الأولى، تعطي للمدعى الخيار في رفع الدعوى المتعلقة بنقل البضائع، بين اختصاص محاكم إحدى الدول التي يقع في إقليمها احد الأماكن التي عددتها وهي:

-المحل الرئيسي لعمل المدعى عليه، وإن لم يكن له محل رئيسي فالمحل الاعتيادي لإقامة المدعى عليه.

– مكان إبرام العقد ، شريطة أن يكون للمدعى عليه فيه محل عمل أو فرع أو وكالة أبرم العقد عن طريق أي منها.

– ميناء الشحن أو ميناء التفريغ.

وبين أي مكان آخر يعين لهذا الغرض في عقد النقل البحري وإذا اختار المدعي من بين هذه الخيارات، دولة معينة لإقامة الدعوى فإن قانون هذه الدولة هو الذي يعين المحكمة المختصة نوعيا ومحليا بالنظر في النزاع.

وحسب الفقرة الثانية من نفس المادة ، فإن للمدعي خيار آخر يتمثل في محاكم أي ميناء أو مكان في دولة متعاقدة يكون قد وقع فيه الحجز على السفينة حاملة البضاعة " السفينة الناقلة " أو أية سفينة  أخرى مملوكة لنفس المالك.  

والحكمة من هذا الاختيار هو إعطاء المضرور فرصة الحصول على سند تنفيذي بالتعويض يسمح له بالاشتراك في توزيع ناتج بيع السفينة المحجوز عليها.[115]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

على امتداد هذه الصفحات حاولنا قدر المستطاع أن نسلط الضوء على عقد النقل البحري للبضائع على ضوء ظهير31 مارس 1919.واتفاقية هامبورج لسنة1978  وقد أفرزت هذه الإطلالة على وجود تباين واختلاف طفيف في بعض المسائل بين أحكام هذا الظهير ومقتضيات تلك الاتفاقية ، هذا الاختلاف الذي يعزى إلى أن هذا الظهير كان وليد فترة الاستعمار وهي فترة اتسمت بعدم نضج الأفكار وكان الصراع بين الشاحنين والناقلين على مجموعة من البنود المضمنة في هذا العقد.

ويجب التنبيه إلى أن اغلب نصوص هذا الظهير أصبحت اليوم متجاوزة  نظرا للتطور الهائل الحاصل في المجال البحري، والذي لم يعد تشريعنا مسايرا له .       

ولتجاوز هذا الوضع ومواكبة هذه التطورات والدفع بعجلة هذا النشاط باعتباره أحد الأنشطة  الاقتصادية الهامة فقد أعدت الحكومة سنة 2004 مشروعا جديدا لتنقيح مدونة القانون البحري،  إلا انه ما زال يتلمس طريقه إلى النور.

 

 

 

 

 

 

 

الملحق

 

·       أنواع البيوع البحرية

ذكرنا أن البيع البحري هو البيع التجاري لبضاعة ما يتم إرسالها عن طريق البحر من البائع إلى المشتري وهو أنواع يمكن تصنيفها ضمن طائفتين  وذلك بحسب ما إذا كان البيع قد تم عند القيام أو عند الوصول.

·       البيوع عند القيام

ومن الأهم والأكثر شيوعا في العمل وتعني أن تم الاتفاق بين البائع والمشتري على تسليم البضاعة المبيع في ميناء القيام حيث تعني وتنتقل ملكيتها إلى المشتري قبل نقلها أو أثناءه، واهم ما ميز هذه العملية أن مخاطر النقل يتحملها المشتري بحيث تقع على عاتقه تبعة هلاك البضاعة أثناء عملية نقلها فالبائع تنتهي علاقته بالبضاعة بمجرد انتقال ملكيتها إلى المشتري وينتهي التزامه بتسليم بضاعة مطابقة للمواصفات وبالتاي فهو لا يهتم بعد ذلك بضاعة باعها وخرجت من دورته.

والبيوع عند القيام تأخذ في العمل صورتان: البيع فون F.O.B والبيع كاف C.A.F وهناك أيضا البيع F.A.S.

·       البيوع فوب F.O.B

البيع فوب هو الصورة الحقيقية للبيوع عند القيام وترمز كلمة فوب F.O.B إلى العبارة الإنجليزية "free o board" ومعنا ها أن البائع يبرأ من التزامه وتنتهي مسؤوليته تجاه المشتري بوضع البضاعة على ظهر السفينة وهو يختلف عن البيع f.a.s اختصار للعبارة الانجليزية free alony side" الذي يقتصر فيه التزام البائع على تسليم البضاعة المبيعة عل رصيف الميناء بحيث تنتهي مسؤوليته بوضعها على الرصيف الذي تقف السفينة التي سيتم شحن البضاعة على ظهرها.

وفي البيع فوب لا يلتزم البائع كما هو أحال في البيع كاف بإبرام عقد نقل الباعة ما لم يتفق طرف عقد البيع على أن يقوم البائع بتلك العمليات ولا يلتزم بتزويد المشتري بأجرة نقل البضاعة إلا إذا طلب منه ذلك بمقتضى "وكالة مجانية" وفي هذه الحالة لا يسأل البائع سوى إذا اثبت المشتري خطأه الجسيم.

إذن ففي عقد البيع فوب الأصل المشتري هو الذي يقوم بإبرام عقد النقل على البضاعة ولا يتحمل البائع مصاريفها ومخاطر النقل يتحملها بمفرده كما لو هلكت البضاعة أو أتلفت اثناء السفر

·       البيع «كاف" C.A.F أو سيف "C.I.F

يقصد بالبيع كاف (COUT- ASSURTONCE- Fret) أو كما يعرف أيضا بالانجليزية بالبيع سيف تلك العملية التي يتفق علها البائع والمشتري على أن يقوم الأول فعلا عن تسليم البضاعة في ميناء الوصول بشحنها على سفينة يختارها هو بمعرفته والتأمين عليها، وذلك في مقابل أن يدفع له المشتري ثمن البضاعة وقيمة التأمين  وأجرة ، ومن هنا جاءت تلك السمية فالبائع يقدم للمشتري فاتورة تشتمل على العناصر الثلاثة.

إذا فهنا المشتري يلتزم بأن يدفع إلى البائع فضلا عن ثمن البضاعة نفقات نقلها وتأمين عليها خلال مدة الرحلة وحتى الوصول وتمام التسليم والبائع من جهته يلتزم بتنفيذ تلك العمليات التي تعهد بها في مقابل قبض مصاريفها.

 والبيع كاف هو بيع عند القيام، فالبضاعة تنتقل ملكيتها إلى المشتري قبل عملية شحنها ومن تم فإن مخاطر النقل تظل -كما في البيع فوب – على عاتقه، فهو الذي يرجع على  النقال في حالة تلفها أو هلاكها، وهو الذي يتحمل المصاريف "المسافنة" أي نقل البضاعة من السفينة التي شحنت عليها إلى سفينة أخرى لسبب من الأسباب.

وإلا جانب التزام البائع في شحن البضاعة في الميعاد المتفق عليها والتزامه بالتأمين عليه فإنه يلتزم أيضا بإرسال كافة المستندات المتعلقة بالبضاعة إلى المشتري: سند الشحن، وثيقة التأمين…، حتى يستطيع هذا الأخير استلام البضاعة بموجبها عند الوصول.

ومن العمل غالبا ما يلجأ بخصوص البيع كاف إلى عمليات من عمليات البنوك وهي عمليات" الاعتماد المستندي"، حيث يقوم البائع سحب كمبيالة بقيمة البضاعة على المشتري، ولخصمها يقدم الكمبيالة ومعها مستندات البضاعة ولذلك تسمى" الكمبيالة المستندية".

·       البيوع عند الوصول

هذا النوع من البيوع البحري قليل في العمل، وهو يتجسد في تلك العملية التي يتعهد فيها البائع بتسليم البضاعة في ميناء الوصول، وعليه فهو الذي يبرم عقد النقل وهو الذي يتحمل الخطيرة ومصاريفها. وإذا شاء فيمكنه تأمين على البضاعة،  فلا التزام عليه بذلك اتجه المشتري ما دامت البضاعة ما زالت بضاعته ولن تنتقل  ملكيتها إلى المشتري إلا بتسليمها إليه في المكان المحدد والتزام البائع ينتهي بتسليم البضاعة في ميناء الوصول ولكن قد يتم الاتفاق على أن  يقوم البائع بتسليم البضاعة في المخازن، الأمر الذي يتطلب منه – فضلا عن عملية النقل البحري- عمليات نقل أخرى قد تكون برية أو بالسكة الحديدية وذلك تحت مسؤوليته.

والبيع البحري عند الوصول نوعان:

البيع بسفينة معينة أو البيع بسفينة غير معينة وكل منهما يمثل نوعان من عمليات الشحن فبينما يغلب النوع الأول في السفن الغير النظامية نجد الثاني في سفن الخطوط المنتظمة.

وهكذا ففي البيع بسفينة معينة يتم الاتفاق على شحن البضاعة محل البيع على سفينة محددة يتم تعينها في عقد البيع من طرف البائع في وقد تعين أيضا في وقت لاحق لعقد البيع.

أما في البيع بسفينة غير معينة فإن البضاعة تسلم إلى شركة التجهيز أو إلى وكيل العبور لشحنها على أول رحلة وأهمية التفرقة تبدو في أن البضاعة في النوع الأول تفرز وتعين عن القيم، وبالتالي فإذا هلكت بفعل قوة قاهرة أنقضى التزام البائع يفسخ العقد،  ويسقط قي المقابل التزام المشتري بدفعه الثمن ولا يكون لهذا الأخير الحق في مطالبة البائع بتسليمه بضاعة أخر بدل الهالكة بنفس النوع بعكس الحال في النوع الثاني حيث لا يتم إفراز البضاعة وتعيينها لأن السفينة التي سيتم تعليه الشحن غير معروفة للمشتري وعليه إذا هلكت البضاعة التزم البائع بتسليم المشتري بضاعة أخرى من نفس النوع ويحق لهذا الأخير مطالبته بذلك.

 

 

 

أحكام وقرارات قضائية غير منشورة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نموذج سند الشحن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

الكتب العامة :

·       عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1964 .

·       محمد الكشبور، نظام التعاقد ونظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 1993 .

·       مصطفى كمال طهى، العقود التجارية ، منشورات الجلبي الحقوقية ، بدون طبعة.

الكتب الخاصة :

·       إدريس الضحاك ، قانون البحار وتطبيقاته في الدول العربية ، دراسة كاملة للقوانين البحرية العربية والاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف ، طبع في إسبانيا بمطابع أوتيغراف، الطبعة الأولى 1987 .

·       بضراني نجاة، القانون البحري ، الجزء الأول، طبعة 1993، بدون دار النشر.

·       فريد الحاتمي ، الوسيط في القانون البحري المغربي ، الجزء الأول ، السفينة وأشخاص الملاحة البحرية ، مطبعة دار النشر المغربية ، عين السبع الدار البيضاء ، الطبعة الأولى2000

·       هاني محمد دويدار، الوجيز في القانون البحري ، بدون دار نشر، طبعة 1993.

·       هاني محمد دويدار، موجز القانون البحري ، المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروث   .1977

·       هاني محمد دويدار ، إشكالات تسليم البضائع في ظل قانون التجارة البحرية  ،  رقم 8 ، دار الجامعية الجديدة للنشر سنة  1990  طبعة غير متوفرة

·       يونس بنونة، مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون  المغربي ، المطبعة السريعة سلا ، 1993 .

 

الأطروحات والرسائل

–      المحجوب فتح الله ، التزامات الناقل البحري في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية ، رسالة لنيل الدبلوم الدراسات العليا المعمقة ، وحدة التكوين والبحث ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول سطات، 2007-2008.

–      محمد الكشبور ، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية محاولة للتمييز بين الواقع والقانون ، أطروحة لنيل الدكتوراه ، كلية الحقوق الدار البيضاء    1986 مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء 2001.

 

المقالات :

§       عبد الرزاق أيوب، مسؤولية الناقل البحري للبضائع بين القانون البحري المغربي واتفاقية هامبورغ ، لسنة 1978 ، مجلة طنجيس، العدد  7، 2008 .

§       فريد الحاتمي، القانون المطبق على عقد النقل البحري للبضائع، مجلة القضاء والتشريع، عدد07 السنة الخامسة والثلاثون.

§       محمد البعدوي، مسؤولية الناقل البحري عن تسليم البضاعة الى المرسل إليه ، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات ، العدد9  شتنبر2005.

§       يونس بنونة، تحديد المسؤولية في ميدان النقل ، مجلة المحاكم المغربية ، عدد74  مارس /ابريل 1995.

المحاضرات:

– عائشة فاضل ، محاضرات في القانون البحري ، ألقيت على طلبة سلك الإجازة المهنية ، السنة الجامعية 20092010.

 


[1] – إدريس الضحاك: قانون البحار وتطبيقاته في الدول العربية، دراسة كاملة للقوانين البحرية الغربية والاتفاقيات الدولية الثنائية وإعداد الأطراف، طبع في اسبانيا بمطابع أو تيغراف، الطبعة الأولى ، 1987م. ص ، 13.

[2] – ظهير الشريف، مؤرخ في 28 جمادى الثانية عام 1337 الموافق ل 31 مارس سنة 1919 في المصادر ة على ثلاثة نصوص تتعلق بالتجارة والملاحة والصيف بحراً بالمنطقة الجنوبية بالمملكة

[3] – ظهير الشريف رقم 83.96.1 الصادر في 15 من ربيع الأول 1417( فاتح أغسطس 1996) بتنفيذ القانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة المنشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 19/ جمادى الأولى 1417 (3 أكتوبر 1996)، عدد 4418، ص2187.

[4] – تعدد التواريخ المتعلقة بهذه الاتفاقية بالنسبة للمغرب منذ التوقيع عليها إلى حين دخولها حيز التطبيق ونميز فيها بين ما يلي:

* سنة 1978م التوقيع عليها.

* سنة 1981 انضم المغرب إلى الدول الموقعة على اتفاقية هامبورج.

* سنة 1982 تم نشر هذه الاتفاقية بالجريدة الرسمية عدد 3953.

* سنة 1992 دخلت هذه الاتفاقية حيز التطبيق باستكمال النصاب القانوني لدخولها حيز التطبيق.

[5] – تم إحداث الوكالة الوطنية للموانئ وشركة استغلال الموانئ بمقتضى القانون رقم 15.02 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.05.146 الصادر بتاريخ 23 نونبر 2005 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 15 دجنبر 2005 عدد 5378.

[6] – من المادة 341 إلى المادة 354 من مدونة التجارة .

[7] – المادة 443، من م، ت.

                                                                                                                                                           [8] وهي اتفاقية دولية نظمت التجارة البحرية وقد أخذت بها أغلب الدول وسنتها في قوانينها الوطنية، (23-2-1968  وقد عدلت في بروتوكول بروكسيل                                                                                                                                                                      

[9] –  بضراني نجاة: القانون البحري ، الجزء الأول، بدون دار النشر، طبعة ،1993، ص 233.

[10]–  وسنتطرق إلى مفهوم سند الشحن بالتفصيل  في حينه ، الفقرة الثانية من المطلب الثاني

[11] –  دويدار هاني محمد: الوجيز في القانون البحري، بدون دار النشر ، طبعة 1993 ، ص12.

[12] –  دويدار هاني محمد:  المرجع السابق، ص 13.

[13] – انظم المغرب إلى اتفاقية هامبورج بتاريخ 17 يوليوز 1981 ، وصدرت بالجريدة الرسمية في 3 غشت 1988.

[14] –  فريد الحاتمي: القانون المطبق على عقد النقل البحري للبضائع، مجلة القضاء والتشريع، عدد 7 ، السنة الخامسة والثلاثون، ص176.

[15] –  فريد الحاتمي: م، س ص177.

[16] –  فريد الحاتمي: م، س ص181.

[17] –  بضراني نجاة، م س، ص236.

[18] – بيع السفينة ليس من العقود الرضائية، بل لابد من تحرير سند مكتوب إما بواسطة محرر رسمي، وإما بواسطة محرر عرفي تطبيقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 73 من القانون البحري. وتعتبر هذه الكتابة شرط صحة عقد بيع السفينة وشكلية إثبات طالما أن المشرع نص على أي كان نوع المحرر.

* الرهن البحري: لم يشترط المشرع أن يتم بمحرر رسمي بل يمكن أن يتم بمحرر عرفي تطبيق لمقتضيات الفصل 83 من القانون البحري المغربي، ويترتب على ذلك أن الرهن يكون باطلا إذا لم يتم إفراغه في قالب مكتوب، والكتابة التي استلزمها المشرع المغربي تعتبر ضرورية لصحة عقد الرهن البحري تحت طائلة البطلان باعتبارها شكلية انعقاد سواء تم إبرامها بواسطة محررات رسمية أو عرفية.

* عقد العمل البحري: يخضع لمجموعة من الإجراءات الشكلية الهدف منها حماية البحر وهذه الإجراءات هي كالتالي:

– كتابة عقد العمل البحري (ف 167 ق ب م).

– تسجيل وإلحاق بنود وشروط العقد بلائحة البحارة (ف 167 ق ب م).

– قراءة بنود وشروط العقد  على المتعاقدين (ف 170 ق ب م)

–        تأشيرة السلطة البحرية المختصة على العقد (ف172 ق ب م)

ففيما يتعلق بهذه الشروط الشكلية يجب إثبات بنود وشروط عقد العمل البحري كتابة، أمام السلطة البحرية المختصة وتسجيل وإلحاق هذه البنود والشروط بلائحة البحارة كما يجب على السلطة البحرية المختصة أن تتأكد من أن أطراف العقد قد أدركوا بنود وشروط العقد وهذا لضرورة قراءة الشروط والبنود كما يؤكد ذلك الفصل 170 من لقانون المذكور أعلاه.

د. عائشة فضيل، محاضرات في القانون البحري،. محاضرات ألقيت على طلبة الأسدس، السنة الجامعية، ص50-66-113

[19] – ينص الفصل 209 من القانون البحري المغربي على أنه "تذكرة الشحن هي اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان".

[20] –  بضراني نجاة، م س، ص237.

[21] – نشير هنا ان معاهدة بروكسيل سنة 1924 تنطبق على عمليات النقل التي تتم بموجب سند شحن، ولا تفرق في ذلك بين أن يكون السند اسميا أو للأمر أو للحامل، شأنه في ذلك شأن القانون البحري المغربي (الفصل 211) كما تسري على عمليات النقل التي تتم بموجب مستندات أخرى غير سندات الشحن عندما ينص في هذه السندات صراحة على خضوعها لأحكام المعاهدة ولكن المعاهدة تخرج من نطاق تطبيقها العمليات التي تتم بموجب مشارطات الإيجار، إذ أن هذه العمليات قد تركت للحرية التعاقدية ،

هامش أوردته بضراني نجاة، م  س، ص237.

[22] – عرفته المادة 197 من قانون التجارة البحرية اللبناني على أنه "سند الشحن الذي يصدره الناقل عند الشحن البضاعة".

[23] – المحجوب فتح الله: التزامات الناقل البحري في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال، كلية الحقوق ، جامعة الحسن الأول سطات،   2007-2008، ص 33.

[24] –  هاني محمد دويدار: موجز القانون البحري ، المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1977، ص 220.

[25] – المحجوب فتح الله، م س، ص34.

[26] – هاني محمد دويدار،  م س، ص 224.

[27] – هاني محمد دويدار، م س، ص 225.

[28] – الفصل 212 من القانون البحري المغربي

[29] – بضراني نجاة، م س، ص 239.

[30] – أنظر نموذج سند الشحن في الملحق

[31] – وأكده أيضا القضاء المغربي: أنظر حكم محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 9 فبراير 1943، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 947، سنة 1944.

[32] – بضراني نجاة: م س، ص239.

[33] – بضراني نجاة: م س، ص240.

[34] – علا خلاف ذلك نصت المادة 197 فقرة أولى من قانون التجارة البحرية اللبناني على أن سند الشحن يحرر من ثلاث نسخ، تسلم إحداها إلى الشاحن والثانية للمرسل إليه وتبقى الأخير لدى الناقل.

[35] – هاني محمد دويدار، م س، ص228.

[36] – وتوقيع سند الشحن من طرف الناقل يثبت أمرين، أولهما أنه تسلم البضاعة فعلا من الشاحن، وثانيهما أن البضاعة مطابقة للمواصفات الواردة في السند لا يقبل إثبات عكس ذلك إذا كان سند الشحن قد تم تحويله إلى الغير الحامل حسن النية

[37] – بضراني نجاة: م س، ص241.

[38] – د. أحمد حسني: "النقل الدولي البحري للبضائع أشارت إليه نجاة بضراني م س، ص241 وما بعدها.

[39] – بضراني نجاة: م س، ص 242.

[40] – تقرر المادة 199 فقرة 6 من قانون التجارة البحرية اللبناني أن سند الشحن يعد دليلا على تسليم الناقل البحري للبضائع من الشاحن بالحالة المبنية به، ما لم يقد دليل عكسه.

[41] – بضراني نجاة، م، س. ص 242.

[42] – هاني محمد دويدار، م. س، ص 236.

[43] – تعرض المشرع المغربي لمسألة التحفظات في الفصل 265 من القانون البحري المغربي بقوله "إن إدراج الشروط المعبر عنها بعبارات (الذي يقول أنه…) أو (الوزن والنوع المضمن مجهول) أو غيرها من العبارات المماثلة لا يكون له من أثر سوى وضع عبء إثبات النقص في البضائع على عاتق المرسل أو المتلقي".

وترتكز التحفظات على الملاحظات التي يقوم بها الناقل أو وكيله عمد تسلم البضاعة، وإما  على التصريحات التي يدلى بها الشاحن ويتجلى الغرض من إدراج التحفظات في سند الشحن هو إيجاد المسؤولية عن الناقل أو على الأقل تحديدها. لمزيد من التعمق ينظر نجاة بضراني ، م. س، ص244 وما بعدها.

[44] – هاني محمد دويدار، م . س، ص 238.

[45] – قرار محكمة النقض المصرية، رقم 72، لسنة 34 ق، جلسة 29 حزيران (يونيو) 1967، مجموعة أحكام النقض: س 18، ص1403  . أشار إليه محمد دويدار، موجز  القانون البحري، م. س، ص 221.

[46] – هاني محمد دويدار، م. س، ص238 .

[47] – هاني محمد دويدار، موجز  القانون البحري، م.س، ص 239

 

[48] نجاة بضراني ، م .س، ص 250

[49] للتوسع أكثر حول مفهوم السفينة الصالحة للملاحة: انظر فريد الحاتمي ، من الوسيط في القانون البحري المغربي ، ج 1 ، السفينة وأشخاص الملاحة البحرية  ، مطبعة دار النشر المغربية عين السبع ،الدار البيضاء،الطبعة الأولى 2000 ، ص 42

[50] نصت المادة  213من  ف  1من مدونة التجارة البحرية "مؤجر السفينة ملزم بتسليمها في حالة صالحة للملاحة ويعني ذلك أن تكون جميع الجوانب للقيام بكل أمان بالملاحة التي أعدت لها، " إلى جانب هذه القوانين نصت معاهدة بروكسيل لسنة1924   في مادتها الثالثة على التزام الناقل بان يبذل الهمة الكافية قبل السفر وعند البدء فيه ، لجعل السفينة صالحة للسفر ، وذلك  بتجهيزها بالطاقم والمؤونة اللازمين وإعداد العنابر والغرف الباردة والمبردة ، وجعل الأقسام الأخرى في حالة صالحة لشحن البضائع وحفظها".

[51]  المحجوب فتح الله ، م . س.

[52] نجاة بضراني ،م . س ، ص 25 3.

[53] المادة 2/3  من معاهدة بروكسيل

[54] نجاة بضراني م . س ، ص    254،  255

[55] الفصول 226  ،216 ، 227 من القانون البحري المغربي

[56] الفصل من218   ق . ب .  م

[57] د ، مصطفى كمال طهى، العقود التجارية وعمليات البنوك ، منشورات الجلبي الحقوقية ، طبعة غير متوفرة .

[58] المادة3/2  من معاهدة بروكسيل.

[59] بضراني نجاة  م. س ، ص 257.

[60] الفصل  1/147من القانون البحري المغربي.

[61] الفقرة   3، من الفصل 147

[62] يقصد بالمستوعبات أو " الحاويات " أوعية تعبأ فيها البضائع ، أو كما وصفها البعض "بالعنبر أو قعر متنقل " وهناك سفن متخصصة في نقل المستوعبات"

[63] الفصول 309 ، 300 ،  235من القانون البحري المغربي

[64] الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسيل

[65]  هاني محمد دويدار ، إشكالات تسليم البضائع في ضل قانون التجارة البحرية ، رقم  8 ،  دار الجامعة الجديدة للنشر سنة

     ;1990 طبعة غير متوفرة ، ص  30

[66] من بين هذه التشريعات نجد القانون البحري المصري "المادة 217 "

[67] المحجوب فتح الله ، م . س ، ص  52.

[68]  قرار رقم 52932010 ،صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 2010-12-14 ، رقم الملف بالمحكمة التجارية 645-6-2008، ورقمه بمحكمة الاستئناف التجارية  ، 520220099 ، غير منشور.

[69] القرار رقم 601  بتاريخ 3   1مارس 1985    ملف  مدني عدد         891370منشور في مجموعة قرارات   المجلس الأعلى المادة المدنية ، ص 193 و 194 .

[70] للمزيد من التفصيل ينظر ، محمد البعدوي، " مسؤولية الناقل البحري عن تسليم البضاعة إلى المرسل إليه " مقال منشور، بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات ، العدد9 ، شتنبر 2005 .

[71] الفصلان  268-264 من القانون البحري المغربي

[72] نجاة بضراني ، م . س ، ص 263.

[73] هذا ما أكده المجلس الأعلى في إحدى قراراته : القرار 978 الصادر بتاريخ 9 ابريل 1986 ، ملف مدني ، 91009 ، إذ نص على انه "تنتهي مسؤولية الناقل البحري بخروج البضاعة من حراسته ولا تمتد إلى تاريخ تسليمها إلى المرسل إليه." ص 201

[74] ظهير شريف رقم 1.05.146 صادر في 20  من شوال  1426 (23نوفمبر2005 ) بتنفيذ القانون رقم  15.02  المتعلق بالموانئ وبإحداث الوكالة الوطنية للموانئ  وشركة استغلال الموانئ

[75] يونس بنونة ، مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون المغربي ، م. س  ، ص 178

[76] المحجوب فتح الله ، م .  س ، ص  55-54.

[77] هذا ما أكده القانون البحري المغربي بموجب المادة 225  والتي جاء فيها ما يلي" إذا لم يتقدم احد لتسلم البضاعة أو إذا رفض المرسل إليه تسلمها جاز للربان ، أن يستأذن المحكمة لبيعها في حدود قيمة أجرة النقل وإيداع الفائض منها وإذا كانت غير كافية لأداء أجرة النقل بقي له الحق في الرجوع على الشاحن بالفرق" . 

[78] هاني محمد دويدار ، إشكالات تسليم البضائع في ظل قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، السكندرية, طبعة غير متوفرة.

[79] الفصل206   من القانون البحري المغربي.

[80] انظر فصول القسم السادس المتعلق بعقد النقل.

[81] الفقرة الثالثة من المادة الأولى من معاهدة هامبورغ.

 [82] الفصل 226 من  ق ، ب ، م.

[83]  نجاة بضراني ، م ، س   ص 268

[84]  الفصل227 من ق، ب ، م " إن الذي يشحن بضائع خطرة أو ضارة أو ممنوعة يكون مسؤولا اتجاه  مؤجر السفينة  واتجاه جميع الأشخاص الذين لهم مصلحة في حمولتها عن الأضرار التي قد تسبب فيها تلك البضائع, هذا وان قبول هذه البضائع من طرف الربان لا يرفع هذه المسؤولية اتجاه مؤجر السفينة".

[85]  نجاة  بضراني ، م . س ،   ص268 .

[86]  الفصل 216 من  ق ، ب ، م

[87] وهذا ما يختلف عن تحديد الأجرة في عقد إيجار السفينة مجهزة ، فهي تحتسب على أساس الرحلة إذا كانت المشارطة بالرحلة أو على أساس مدة معينة إذا كانت المشارطة زمنية.

[88] نجاة بضراني ،  م . س, ص269 .

[89] – عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1964، ص847.

[90]  حكم رقم، 10-   323صادر عن المحكمة التجارية الدار البيضاء بتاريخ  20-11-2003 ، ملف رقم 132912002، غير منشور

[91] – عرفه محمد التغدويني: "الناقل الذي يعهد إليه المتعاقد بتولي نقل البضائع التي تسلمها من الشاحن، بصفة كلية أو جزئية، وذلك بالرغم من كونه لا تربطه بهذا الشاحن أية علاقة قانونية ." أورده  عبد الرزاق أيوب، مسؤولية الناقل البحري للبضائع بين القانون البحري المغربي واتفاقية هامبورج، لسنة 1978، مجلة طنجيس، العدد7، 2008، ص145.

[92] – أورده عبد الرزاق أيوب، م. س.

[93] – نجاة بضراني، م. س.

[94]  حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، رقم 88792003  بتاريخ 2003-10-26، ملف مدني رقم 131502002، حكم غير منشور.

[95] – عبد الرزاق أيوب، م. س، ص 152.

[96] – محكمة النقض حاليا

[97] – قرار المجلس الأعلى، عدد 5124، الصادر بتاريخ 29 يوليوز 1998، ملف مدني، في عدد 91/3222 مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 56، ص130.

[98] – قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، رقم 343 الصادر بتاريخ 14 دجنبر 1983، عدد 86/1776، أورده يونس بنونة مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون المغربي، المطبعة السريعة ، سلا، 1993، ص 178.

[99] – للمزيد من المعلومات راجع:

 محمد الكشبور، نظام التعاقد ونظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1993.

[100] – محمد كشبور، م. س، ص 33.

[101] – حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، صادر بتاريخ 2 أكتوبر 1986 ، منشور في المجلة المغربية للقانون، عدد 5 ، ص 298 وبعدها.

[102] – يونس بنونة، تحديد المسؤولية في ميدان النقل ، مجلة المحاكم المغربية، عدد 74، مارس/أبريل 1995، ص 63.

[103] – بالرغم من الصعوبة التي أبداها الفقه الفرنسي في تحديد مفهوم الخطأ الملاحي، فقد بادر بعض الباحثين المغاربة إلى تعريف هذا المفهوم وذلك كالتالي:

" الخطأ الفني في قيادة السفينة وتسييرها كإقلاع السفينة من الميناء دون اعتبار للظروف الجوية السيئة أو القيام بمناورات معينة أدت إلى التصادم أو الخطأ في اختيار الطريق البحري…"  أورده يونس بنونة، تحديد المسؤولية في ميدان  النقل البحري، م . س، ص 83.

[104] – اعتبرت اتفاقية بروكسيل الصادرة بتاريخ 25 غشت 1924 ، الخطأ الملاحي من الحالات التي تعفي الناقل البحري من المسؤولية، وجاءت الصياغة الأصلية لهذه الاتفاقية باللغة الإنجليزية حيث تناولت الخطأ الملاحي كالأتي

 "Failts in the navigation or in the mangement of the ship".

[105] – عبد الرزاق أيوب، م. س، ص 159-160.

[106] – التكييف القانوني "عملية ذهنية لتحليل قانوني وأداة ضرورية في مجال الفكر، تأخذ بعين الاعتبار العناصر التي ينصب عليها التكييف (واقعة بحتة، عقد، الخ…) والعمل على إدخالها ضمن إحدى الفئات القانونية الموجودة عن طريق ربطها بنظام قانوني يكون محلا لتطبيقها بواسطة خصائص فئة الربط" ينظر محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية محاولة للتمييز بين الواقع والقانون، أطروحة لنيل الدكتوراه ، كلية لحقوق بالدار البيضاء 1986، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2001، ص 296 ما يليها.

[107] – "الأخطاء التي تقع فيها أفراد طاقم السفينة بشأن إداراتهم لأجزاء السفينة والتي يترتب عليها عدم المحافظة على سلامة السفينة وعدم صيانتها…" أورده يونس بنونة، تحديد المسؤولية في ميدان النقل، م. س. ص 89

[108] – المادة 216 ، من قانون التجارة البحري المصري.

[109] – عبد الرزاق أيوب، م. س، ص163.

[110] – في نفس السياق نصت المادة 275 من القانون البحري المصري على أنه: "قد تكون المطالبات والبروتستات المذكورة لاغية، إذا لم تحصل وتعلن في ظرف ثمان وأربعين ساعة ولم يعقبها رفع الدعوى للمحكمة في ظرف واحد وثلاثين يوما من تاريخها…"

[111] – المحجوب فتح الله ، م. س ، ص 158 .

[112] – قرار المجلس الأعلى رقم 711، بتاريخ 28/03/1990، ملف مدني ، عدد 99568/58، غير منشور .مشار إليه لدى  يونس بنونة، مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون المغربي، م. س، ص158 .

[113] – المادة 19، من اتفاقية هامبورج، لسنة 1978.

[114] – ينص الفصل 264 من ق .ت. ب على أنه "يكون باطلا وعديم الأثر كل شرط مدرج في تذكرة الشحن أو في أي سند كان يتعلق بنقل بحري منشأ في المغرب أو في بلاد أجنبية، تكون غايته مباشرة إعفاء المجهز من مسؤوليته أو مخالفة قواعد الاختصاص…"

– عبد الرزاق أيوب ، مرجع  سابق ، ص  1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى