بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

الاعتقال الاحتياطي بين ضمان سلامة التحقيق الإعدادي وأزمة اكتظاظ السجون – تقرير حول رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص من انجاز الباحث الفرحي عبدالصمد



ناقش الطالب الفرحي عبدالصمد رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بتاريخ 21/06/2022 حول موضوع:”
الاعتقال الاحتياطي بين ضمان سلامة التحقيق الإعدادي وأزمة اكتظاظ السجون”
،
حيث كانت لجنة المناقشة مكونة من الدكتورة فاطمة الزهراء علاوي رئيسة ومشرفة ، والدكتور يونس الصالحي مشرفا، والدكتور محمد حمزة بولحسن عضوا، وقد تناول الموضوع تعريف
الاعتقال الاحتياطي بكونه عبارة عن وضع المتهم على ذمة التحقيق أو المحاكمة بسبب ارتكابه لجنحة أو جناية معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، ونظرا لمساس هذا الإجراء بالحق في الحرية الذي كفلته مختلف المواثيق والإعلانات الدولية وكذا أسمى قانون في البلاد، فالمشرع أحاطه بشروط دقيقة لممارسته بشكل قانوني، سواء منها الشروط الشكلية المتمثلة في البيانات التي يجب أن يتضمنها الأمر بالاعتقال الاحتياطي، من هوية وعنوان الشخص والتاريخ الذي صدر فيه الأمر بالاعتقال الاحتياطي، وأيضا توقيع القاضي الذي صدر عنه، وبيان النصوص القانونية المطبقة على الشخص والتهمة الموجهة إليه، كما يجب التقيد بالشروط الموضوعية المتمثلة أساسا في الالتزام بمدة الاعتقال الاحتياطي المحددة في شهر واحد قابل للتمديد مرتين في الجنح، وشهرين قابلة للتمديد خمس مرات في الجنايات، كما أن الاعتقال الاحتياطي يختلف عن بعض التدابير الأخرى، كالحراسة النظرية والمراقبة القضائية، من حيث الجهة التي تصدره، فالحراسة النظرية تصدر عن ضباط الشرطة القضائية في مرحلة البحث التمهيدي، بينما الاعتقال الاحتياطي يصدر من طرف قاضي التحقيق أو النيابة العامة في مرحلة التحقيق الإعدادي من أجل ضمان حسن سير إجراءات التحقيق.

وقبل اتخاذ إجراء الاعتقال الاحتياطي لابد من توفر مبررات معينة، كالحفاظ على النظام العام، وضمان حسن سير إجراءات التحقيق الإعدادي، وخطورة الجريمة وما أحدثته من اضطراب اجتماعي، أيضا من بين المبررات نجد انعدام ضمانات الحضور، لذلك المشرع المغربي مكن قاضي التحقيق من صلاحيات مهمة في مرحلة التحقيق الإعدادي من أجل ضمان حسن سير إجراءات التحقيق، بحيث له السلطة التقديرية في اتخاذ أي إجراء يراه مناسبا، ولعل من أهم هذه الصلاحيات نجد الأوامر التي يصدرها كالأمر بالحضور، والأمر بالإحضار الذي يوجهه للقوة العمومية لتقديم المتهم أمامه في الحال، أيضا يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر بالإيداع في السجن وهو أمر يوجهه إلى رئيس المؤسسة السجنية كي يتسلم المتهم ويعتقله اعتقالا احتياطيا، كما يمكنه إصدار أمر بإلقاء القبض وهو أمر موجه للقوة العمومية بالبحث عن المتهم ونقله إلى المؤسسة السجنية المبينة في الأمر.

ولابد من الإشارة إلى أن الاعتقال الاحتياطي بالإضافة لكونه يساهم في ضمان سلامة التحقيق الإعدادي فإنه بالمقابل يشكل سببا من الأسباب التي تؤدي إلى اكتظاظ المؤسسات السجنية.

والملاحظ أن دور المؤسسات السجنية لم يعد بمقتضى الإصلاحات التشريعية يقتصر على الاعتقال والإيلام، وإنما تجاوز النظرة التقليدية وأصبح يهدف إلى إصلاح الجناة وإعادة إدماجهم في الحياة وتجاوز آثار الاعتقال الاحتياطي الوخيمة على حياة الأفراد الاجتماعية والاقتصادية والتي من أبرزها اكتظاظ السجون، فمعضلة الاكتظاظ دفعت المشرع إلى إيجاد بدائل للاعتقال الاحتياطي، كالمراقبة القضائية باعتبارها مجموعة من التدابير التي يتخذها قاضي التحقيق من أجل حسن سير عملية التحقيق وضمان حضور المتهم، وهي صلاحية مهمة بيد قاضي التحقيق من شأنها ترشيد الاعتقال الاحتياطي، أيضا من البدائل الهامة نجد المراقبة الإلكترونية باعتبارها من مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية المرتقب، ومفادها وضع سوار إلكتروني قصد تتبع الشخص، كما نجد أيضا من البدائل الكفالة المالية باعتبارها وسيلة تضمن حضور المتهم لجميع أطوار المحاكمة وعدم تخلفه إلا بعذر مقبول، والقاضي المختص هو الذي يقدر قيمة الكفالة المالية.

ولاشك أن الضرر الذي يلحق المعتقل احتياطيا سواء الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لا يحتاج إلى إثبات، وبالتالي أصبح تعويض المتضررين من الاعتقال الاحتياطي أمرا ضروريا، وتماشيا مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية كان توجه المشرع المغربي واضح من خلال الوثيقة الدستورية، بحيث أكد على أنه من حق كل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة، والقضاء الإداري كرس الحق في التعويض عن الاعتقال الاحتياطي في العديد من الأحكام مستندا على الفصل 122 من الدستور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى