في الواجهةمقالات قانونية

إشكالية مسطرة الاستماع في حالة الفصل التأديبي ودور العمل القضائي

مقدمة

نظرا لخطورة عقوبة الفصل على حياة الأجير أمام الوضعية اللامتكافئة التي تطبع عقد الشغل بين مشغل يملك النفوذ المادي والاجتماعي وبين أجراء مستعدين لتقديم كل ما يملكون من أجل ضمان العيش، فقد تدخل المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل حيث جاء في مضمون المادة 62 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل والتي تلزم المشغل قبل أن يفصل الأجير حتى ولو ارتكب هذا الأخير خطأ جسيما تلزمه قبل فصله استدعاؤه، وأن يتيح له فرصة الدفاع عن نفسه عسى أن يترتب عن ذلك الدفاع من اقتناع المشغل بأن الأجير لم يخطئ، وبالتالي يحتفظ بالأجير عوض أن يتوجه رأسا إلى القضاء.

حيث أورد المشرع المغربي، مجموعة من القيود على سلطة المشغل في إجراء الفصل التأديبي للأجراء، وذلك حتى لا تكون مطلقة، ولئلا يتعسف المشغل في ممارسة هذه السلطة. غير أن القيود التشريعية تبقى مجرد حبر على ورق ما لم يتم تعزيزها برقابة قضائية، تضمن تطبيقا سليما، بعيدا عن كل تأويل خاطئ أو سيئ للنصوص القانونية المنضمة لها، بل وتفسيرها لصالح الأجير في حالة الغموض.

وتتمثل هذه القيود في مجموعة من الإجراءات والشكليات التي يتعين على المشغل احترامها قبل اتخاذ أي إجراء تأديبي في حق الأجير المرتكب للخطأ المهني، وتعرف هذه الإجراءات بمسطرة الاستماع إلى الأجير.

وطبعا فإن الرقابة القضائية على الفصل التأديبي للأجراء، لا يمكن أن تتضح إلا من خلال رصد الأحكام والقرارات الصادرة عن الجهاز القضائي، في إطار البت في دعاوى فصل التأديبي. باعتبارها أخطر عقوبة تأديبية يمكن أن يتعرض لها الأجير. وقد تم تدعيم هذه الرقابة من قبل المشرع المغربي، وذلك من خلال مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 42 من مدونة الشغل، التي سلطت الضوء الأخضر للقضاء لممارسة رقابته على القرارات التي يتخذها المشغل في إطار ممارسته لسلطته التأديبية.

وإذا كانت مدونة الشغل قد نصت في المادة 62 وما يليها على مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها المشغل على إيقاع عقوبة الفصل التأديبي.

ومن خلال هذا التقديم البسيط نتساءل حول كيفية حرص المشرع المغربي أثناء سنه للنصوص القانونية المنظمة لمسطرة الفصل التأديبي في توفير حماية لازمة للأجير من تعسف سلطة المشغل؟ ومدى مساهمة العمل القضائي في تحقيق هذه الحماية؟.

وللإجابة عن هذه الإشكالية لا بد أن نتطرق للطبيعة القانونية لمسطرة الاستماع ومراحلها ( المبحث الأول)، وكذا لدور العمل القضائي في حماية الأجير أثناء هذه المسطرة ( المبحث الثاني).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول: الطبيعة القانونية لمسطرة الاستماع ومراحلها

عالج المشرع المغربي مسطرة الاستماع بموجب المادة 62 من مدونة الشغل ضمن الفرع الخامس من الباب الخامس المتعلق بتوقف عقد الشغل وإنهاؤه. فما هي الطبيعة القانونية لهذه المسطرة؟(المطلب الأول)، وما هي مراحلها وإجراءاتها؟(المطلب الثاني).

المطلب الأول: الطبيعة القانونية لمسطرة الاستماع

اختلفت التشريعات في تحديد الطبيعة القانونية لجلسة الاستماع الأولى باختلاف سلطات الفاعلين داخل هذه المسطرة، فبينما لا زال المشرع المغربي يعتبرها ، ومن خلال المادة 62 من مدونة الشغل – جلست لإبداء الأجير وللأسباب والمبررات التي دفعته إلى ارتكاب الفعل موضوع الجلسة ومنحه فرصة الدفاع عن نفسه مع إسناد سلطة توقيع الجزاء التأديبي للمشغل أو لمن ينوب عنه، إسوة بنظيره الفرنسي، نجد التشريعات العربية المقارنة خاصة التشريع المصري والتونسي اعتبرت هذه الجلسة مجلسا تأديبيا مكونا من لجان استشارية متساوية ومتكافئة[1].

ولدارسة هذا المطلب كان لا بد من التطرق إلى تعريف هذه المسطرة بعدما تناولنا الطبيعة القانونية (الفقرة الأولى)، وكذا مجال تطبيق هذه المسطرة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف مسطرة الاستماع

لم يعرف المشرع المغربي شأنه شأن باقي التشريعات الأخرى المقارنة، تاركا الأمر للفقه والقضاء، فقد عرفها سعد جرندي بأنها مختلف الإجراءات  التي يتعين على المشغل إتباعها قبل إنهاء عقد الشغل الذي يوقعه مع هذا الأخير على الأجير والذي يكون في شكل طرد من العمل عبرت عنه المدونة بالفصل التأديبي والذي يرتبط وجودا وعدما بارتكاب الأجير لخطأ جسيم، كما يمكن القول بأنه نتيجة طبيعية لهذا الفعل الذي اقترفه، فضلا عن أنه يعتبر عقوبة تأديبية على إخلاله ببعض التزاماته[2].

والمشرع المغربي بتقنينه لمسطرة الاستماع، في صلب مدونة الشغل يكون قد ساير التشريع الدولي في ذلك وخصوصا الاتفاقية الدولية رقم 158 لسنة 1982[3] المتعلقة بإنهاء علاقة الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل والتي تقضي في المادة السابعة منها على أنه لا ينهي استخدام عامل لأسباب ترتبط بسلوكه أو أدائه قبل أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه ضد الإدعاءات الموجهة إليه ما لم يكن من غير المعقول أن يتيح له صاحب العمل هذه الفرصة.

وقد أكد القضاء في أكثر من مرة على تبني المشرع مسطرة الاستماع من خلال المادة 62 من مدونة الشغل هو بمثابة تنزيل لأحكام الاتفاقية السالفة الذكر.

وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي ” حيث أنه وطبقا لمقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل التي تنص على أنه يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل … وأنه طبقا لمقتضيات المادة 63 من نفس المدونة فغنه يسلم مقرر … ” وهو ما يعتبر تنزيلا من المشرع المغربي للاتفاقية الدولية رقم 158  لمنظمة العمل الدولية والمتعلقة بمسطرة الفصل التأديبي لسنة [4]1982.

الفقرة الثانية : مجال تطبيق مسطرة الاستماع

تسري مسطرة الاستماع على كل أجير خاضع لمدونة الشغل سواء كان مرتبط بعقد شغل محدد، أو غير محدد المدة، ارتكب خطأ جسيما موجب للفصل وذلك وفقا للمادة 61 من المدونة، كما أنها تطبق أيضا في حالة ما إذا أراد المشغل توقيع العقوبات التأديبية الأخرى التي تكتسي درجة كبيرة من الخطورة في حالة ارتكاب الأجير لأخطاء غير جسيمة، كما تقتضي بذلك  الفقرة الثانية من المادة 37 من مدونة الشغل والتي تعدد العقوبات التأديبية التي يمكن للمشغل اتخاذها في حق الأجير والتي جاء فيها ” تطبق العقوبتين الواردتين في الفقرتين 3 و4 من هذه المادة مقتضيات المادة 62 أدناه “.

وبالرجوع إلى هاتين العقوبتين نجدهما يتمثلان في:

  • التوبيخ الثاني، أو التوقف عن الشغل لمدة لا تتعدى ثمانية أيام.
  • التوبيخ الثالث، أو النقل من مصلحة إلى مؤسسة أخرى عند الاقتضاء مع مراعاة مكان سكنى الأجير.

مما سبق يمكننا القول بأن المشرع المغربي استثنى عقوبة الإنذار والتوبيخ الأول من مجال تطبيق مسطرة الاستماع، بخلاف المشرع الفرنسي الذي أوجب سلوك هذه المسطرة، في جميع العقوبات التأديبية التي يعتزم المشغل إنزالها على الأجير باستثناء عقوبة الإنذار أو العقوبات المماثلة لها[5].

هذا فيما يخص تعريف وتحديد مجال تطبيق مسطرة الاستماع، إذن ما هي مراحلها؟

المطلب الثاني: مراحل مسطرة الاستماع

ترتكز مسطرة الاستماع كآلية سنها المشرع المغربي لحماية الأجير من تعسف المشغل من توقيع العقوبات التأديبية، على مجموعة من المراحل تجملها المادة 62 من م. ش، كالتالي ” يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء  أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه ، وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين في ارتكاب الفعل المنسوب إليه.

يحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة، يوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه إلى الأجير.

إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة، يتم اللجوء إلى مفتش الشغل “.

من خلال المادة أعلاه نستخلص بأن مسطرة الاستماع إلى الأجير تتم وفق إجراءات محددة بدأ باستدعاء الأجير إلى جلسة الاستماع بإبلاغه بالفعل المنسوب إليه، وذلك داخل أجل معين مرورا بتدوين النقاشات التي دارت داخل الجلسة في محضر تسلم نسخة منه إلى الأجير والانتهاء باللجوء إلى مفتش الشغل في حالة رفض أحد الطرفين إتمام المسطرة.

ومنه سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في ( الفقرة الأولى)، مرحلة استدعاء الأجير والمشاركة في المسطرة ومرحلة اتخاذ القرار، وفي ( الفقرة الثانية)، مرحلة تسلم محضر الاستماع واللجوء إلى مفتش الشغل.

الفقرة الأولى: مرحلة استدعاء الأجير والمشاركة في المسطرة ومرحلة اتخاذ القرار

عند ارتكاب الأجير لخطأ جسيم فقد كانت توقع عليه عقوبة الفصل التأديبي فورا ودون سابق إنذار وذلك حسب الفصل 6 من النظام النمودجي، لكن مدونة الشغل في فصلها 61 قررت أنه يمكن فصل الأجير دون مراعاة أجال الإخطار ودون تعويض عن ذلك الفصل بشرط ارتكابه للخطأ الجسيم، ونظرا لخطورة هذه المسطرة على فقد اشترط المشرع فيها على المشغل صاحب المبادرة في الفصل باحترام الشكليات المتطلبة في هذه المسطرة ونميز هنا بين مسطرة استدعاء الأجير إلى جلسة الاستماع ( أولا )، ومشاركته بهذه المسطرة ( ثانيا )، ومرحلة اتخاذ القرار (ثالثا).

أولا : مسطرة استدعاء الأجير

ألزم المشرع المغربي المشغل الذي يعتزم تطبيق العقوبة التأديبية على الأجير المرتكب لخطأ مهني، أن يتيح له فرصة الاستماع إليه من أجل الدفاع عن  نفسه إزاء الخطأ المنسوب إليه، غير أنه لم يحدد إجراءات انعقاد جلسة الاستماع وكيف يتم استدعاء الأجير وإبلاغه بالمخالفة أو الخطأ مناط تطبيق العقوبة التأديبية.

هذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول كيفية استدعاء الأجير؟ وما هو مضمون هذا الاستدعاء أي ما هي البيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها الاستدعاء؟

وأمام قصور التشريع المغربي في الإجابة على هذه الأسئلة ، لا يسعنا سوى البحث في التشريعات المقارنة خاصة التشريع الفرنسي[6].

وبالرجوع إلى المادة L122-14(26) من قانون الشغل الفرنسي نجدها تنص على أنه يجب على المشغل أو من ينوب عنه، والذي ينوي فصل الأجير أن يقوم قبل اتخاذ أي قرار بذلك باستدعاء هذا الأخير عن طريق رسالة مضمونة أو إشعار يسلم يدا بيد مقابل وصل وأن يبين له الهدف من هذا الإشعار، مع مراعاة أخل خمسة أيام تفصل بين تاريخ تسلم الإشعار وتاريخ انعقاد الجلسة.

وبقراءة المادة R122-2-1 نجدها تنص على البيانات الإلزامية التي يجب أن يتضمنها الإشعار بالحضور لجلسة الاستماع، وهي:

  • الهدف من عقد جلسة الاستماع
  • الإشارة إلى تاريخ ومكان وساعة عقد الجلسة
  • تذكير الأجير بحقه في المؤازرة من طرف شخص من اختياره ينتمي للمقاولة، وفي حالة انعدام مؤسسات تمثيلية بمستشار يتم اختياره من اللائحة الموضوعة من السلطة المختصة بهذا الخصوص.[7]

وإن كنا نرى بأن حضور هذين الأخيرين، يبقى حضورا شكليا لأن المشرع المغربي لم يحدد دورهما في جلسة الاستماع.

ثانيا: مرحلة المشاركة في المسطرة

يعتبر تحديد الأشخاص المشاركين في جلسة الاستماع أمر ضروريا قبل الحديث عن كيفية إجراءها.

فمن جهة يشارك المشغل أو من ينوب عنه في هذه المسطرة، وفي هذا الإطار يطرح إشكالان: الأول يتعلق بتحديد من ينوب عن المشغل، والثاني ينصرف إلى إمكانية حضور بعض الأطر ممن لهم خبرة إلى جانب المشغل أثناء انعقاد هذه الجلسة.

ففي الحالة الأولى، فقد ذهب الفقه الفرنسي إلى أنه ليس هناك ما يمنع من حضور نائب المشغل نيابة عنه لجلسة الاستماع خاصة في المقاولات الكبرى التي لا يمكن فيها لرب العمل بسط سلطته التأديبية على مجموع الفروع والوكالات، غير أنه ربطه بشرط تفويض سلطة اتخاذ المقرر  التأديبي للنائب، وإلا لما كان هناك جدوى من هذا التفويض ولتم الإضرار بمصالح الأجير في الدفاع عن نفسه بطريقة صحيحة أمام ممثل للمشغل مجرد من سلطة التأديب.

وبالنسبة للحالة الثانية، فإن نفس الفقه ذهب إلى اعتبار حضور بعض الأطر ممن لهم الخبرة إلى جانب المشغل أثناء جلسة الاستماع يضمن قيمة مضافة لهذه الجلسة من جهة  لكونه يساعد على تعميق النقاش في أسباب الفصل المرتقب، لكنه من جهة ثانية قد يتضمن مساسا بمصالح الأجير وبالغاية المرجوة من جلسة الاستماع وتحويل طبيعتها القانونية إلى تحقيق مع الأجير.

ومشاركة الجير في مسطرة الاستماع حضيت باهتمام كبير من طرف تشريعات الشغل. وهكذا فقد نص المشرع المغربي من خلال المادة 62 من م. ش على ضرورة أن يكون الأجير مؤازرا بالممثل النقابي أو مندوب الأجراء، والنص المغربي على علاته المشار إليها في السابق، يبقى قاصرا على ضمان حماية الأجير خلال هذه المسطرة وهو على عكس المشرع الفرنسي الذي وسع من إمكانية تمثيل الأجراء أثناء هذه المسطرة بل وكفل لممثل الأجير ضمانات كافية من عدة وجوه.[8]

ثالثا: مرحلة اتخاذ القرار

بعد الاستماع للأجير وإلى من يؤازره، وبعد استكمال الأجير جميع أوجه دفاعه ومبرراته التي من شأنها تجنيبه العقوبة في حالة اقتناع المشغل بوجاهة رأيه، يتخذ المشغل قراره إما بصرف النظر عن العقوبة بسبب هذا الاقتناع، أو يقرر بشأنه العقوبة التأديبية المناسبة بما فيها الفصل من العمل.

والمشرع المغربي من خلال المادتين 63 و 64 من مدونة الشغل سطر الإجراءات الشكلية الواجب على المشغل اتباعها في هاته الحالة الأخيرة، والتي من أهمها:

  • تبليغ مقرر العقوبة عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق المناولة اليدوية يدا بيد مقابل وصل.
  • احترام الأجل القانوني للتبليغ المقرر وهو 48 ساعة من تاريخ اتخاذ القرار.
  • تقرير قاعدة أن عبء إثبات مبرر مقبول للفصل يقع على عاتق المشغل، وكذلك المر عندما يدعي هذا الأخير مغادرة الأجير لعمله.
  • ضرورة إرسال نسخة من مقرر الفصل الذي يتم وفق مسطرة الاستماع إلى مفتش الشغل، ويجب أن يتضمن الأسباب المبررة لاتخاذه وتاريخ عقد جلسة الاستماع، وأن يرفق بمحضر عقد جلسة الاستماع.

والملاحظ أن المشرع المغربي لم يحدد في مدونة الشغل أجل هذا الإرسال، عكس ما كان عليه الأمر في قرار 23 أكتوبر 1948 والذي حدد في فصله السادس هذا الأجل في 8 أيام الموالية لمعاينة الخطأ المرتكب من طرف الأجير.وأخذ المشرع المغربي فيما يخص المقرر المتخذ بنفس المقتضيات الواردة في القانون الفرنسي، مع الإشارة إلى أن هذا الأخير كان أكثر دقة في ترتيب إجراءاته في تحديد الآثار المترتبة عنه.

الفقرة الثانية: مرحلة تسلم محضر الاستماع واللجوء إلى مفتش الشغل

إن غدارة المقاولة ملزمة بتحرير محضر عن جلسة الاستماع في جميع الحالات،  يوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه للأجير ( أولا)، لكن الأمور ليست دائما على هذه الشاكلة، فقد يشوب جلسة الاستماع عراقيل كرفض الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة، ففي هذه الحالة يتم اللجوء إلى مفتش الشغل ( ثانيا).

أولا: تسلم محضر الاستماع

تصديا لإمكانية تحلل المشغلين من التزاماتهم، وحتى يتم إثبات احترام مسطرة الاستماع إلى الأجير، نصت الفقرة الثانية من المادة 62 من م . ش، على انه يحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة، ويوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه إلى الأجير.

انطلاقا من الفقرة أعلاه، فإن جلسة الاستماع تتوج بتحرير محضر من لدن إدارة المقاولة، الواضح أن هذه الأخيرة لا تكون ملزمة بتحرير محضر الاستماع في حالة حضور الأجير لهذه الجلسة فقط، بل تكون ملزمة بتحرير هذا المحضر حتى في حالة استدعاء الأجير وتغيبه عن جلسة الاستماع.

والحقيقة، رغم أهمية هذا المحضر فإن المادة 62 من مدونة الشغل لم تتضمن آية إشارة إلى كيفية تحريره، لا البيانات التي يجب أن يتضمنها وذلك على عكس ما نصت عليه المادة 64 بخصوص مقرر الفصل، فإننا نرى بجانب بعض الفقه[9] أن يتضمن المحضر العناصر الأساسية التي أثيرت أثناء الاستماع للأجير:

  • طبيعة الخطأ المنسوب إلى الأجير وتاريخ ارتكابه
  • الإشارة إلى مندوب الأجراء أو الممثل النقابي
  • ساعة ومكان تحرير المحضر
  • السوابق التأديبية
  • توقيع المحضر من الأجير أو الإشارة إلى سبب عدم التوقيع
  • الموقف النهائي للمشغل

هذا، وإذا كان تحرير المحضر يعهد به إلى أي شخص ينتمي إلى إدارة المقاولة حسب ما يرتئيه المشغل فإنه يتعين على المحرر أن يتسم بالأمانة، لأنه سيقوم بتدوين وقائع ومعطيات سيوقع عليها الأجير، الذي التسليم الذي قد يكون أميا.[10]

ثانيا: اللجوء إلى مفتش الشغل

نص المشرع المغربي على هذه الإشكالية بمناسبة تنظيمه لمسطرة الاستماع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 62 من مدونة الشغل والتي جاء فيها: ” إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة يتم اللجوء إلى مفتش الشغل”.

ولعل أول ملاحظة يمكن إبداؤها بهذا الخصوص هي أن المشرع لم ينظم طريقة اللجوء إلى مفتش الشغل، ولم يحدد دور هذا الأخير وصلاحيته في المسطرة هل هو سلطة تقريرية اثباتية أم تصالحية ؟ بل إنه لم يحل لا من قريب ولا من بعيد على بعض الفصول، التي تحدد الدور التصالحي لمفتش الشغل وعلى رأسها الفقرة الرابعة من المادة 532 من مدونة الشغل، والفقرة الثالثة من المادة 41 من هذه المدونة.[11]

وزيادة في البحث والتحليل، فإننا سنفصل الحديث عن دور مفتش الشغل في مسطرة الاستماع بمناسبة مناقشة الإشكالات التي تطرحها هاته الأخيرة من ناحية العمل القضائي وهو موضوع المبحث الثاني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: دور العمل القضائي في حماية الأجير أثناء مسطرة الاستماع

يطرح تطبيق المادة 62 من مدونة الشغل تضاربا في الاجتهادات القضائية بين تفسير ضيق من لدن محاكم الدرجة الأولى، وتأويل واسع لمحاكم الدرجة الثانية.

والملاحظ أن الاجتهاد القضائي المغربي لا زال يتدبدب في وصفه لعدم احترام مسطرة الاستماع بين لفظي الطرد التعسفي والفصل التعسفي، وهذا ما وضح أنه ما زال متأثرا بمقتضيات الفصل 6 من النظام النموذجي ل 23 أكتوبر 1948.

وإذا كانت مدونة الشغل نصت في المادة 62 على مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها المشغل قبل إيقاع عقوبة الفصل التأديبي، فكيف تعامل القضاء مع هذه الإجراءات، وهل يعتبرها إلزامية ومن النظام العام؟ ( المطلب الأول)، وما هو الجزاء الذي يقره القضاء عند إخلال المشغل بهذه الإجراءات؟ وما هي تجليات الرقابة القضائية على مسطرة تبليغ مقرر الفصل التأديبي للأجير؟ ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الرقابة القضائية على مدى إلزامية مسطرة الفصل التأديبي وارتباطها بالنظام العام

سنتناول في هذا المطلب بالتتابع الرقابة القضائية على مدى إلزامية مسطرة الفصل التأديبي ( الفقرة الأولى)، وكذا موقف القضاء من مدى ارتباط مسطرة الاستماع بالنظام العام (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على مدى إلزامية مسطرة الفصل التأديبي

من مستجدات مدونة الشغل ضرورة وإتاحة الفرصة للأجير للدفاع عن نفسه، ولكن المشكل الذي وقع هو أن المشرع المغربي في أخر فقرة في المادة 62 أضاف لنا فقرة مفادها ” أنه في حالة رفض أحد الأطراف إجراء أو إتمام المسطرة فعلى الطرف الأخر أن يتوجه إلى مفتش الشغل لإخباره بذلك “، على إثر هذه المادة ترتب اختلاف على مستوى العمل القضائي، بل اختلاف ليس بين محكمة وأخرى، وإنما داخل نفس المحكمة كلما عرض نزاع على هيئة إلا وكان الحكم مخالفا للحكم الذي تصدره الهيئة الأخرى، والسبب في ذلك الفقرتين المكونتين للمادة 62 من مدونة الشغل، فالفقرة الأولى تؤكد على أنه : ” يجب على المشغل أن يتيح للأجير فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه “، ثم الفقرة الأخيرة التي تنص : ” على الأطراف إذا رفض الطرف الأخر إجراء المسطرة أو إتمامها على الطرف الأخر أن يتوجه إلى مفتش الشغل “.

فجاء القضاء  متضارب بين فريقين، فريق يعتبر أن المشغل هو وحده المسؤول عن إثارة مسطرة الاستماع، وإذا لم يثرها اعتبر القضاء الفصل تعسفيا يستتبع بالحكم بمجموعة من التعويضات لأن المادة 62 تنص بصيغة الوجوب والإلزام ” يجب على المشغل” أي قاعدة آمرة.

أما الفريق الثاني فقد اعتبر أن الأجير ما دام لم يتم استدعاؤه ولم يتم التوجه إلى مفتش الشغل استنادا إلى الفقرة الأخيرة من المادة 62 من مدونة الشغل، فكأنه تنازل عن حقه في الاستماع إليه، إذن فريق يعتبر المشغل وحده المسؤول وفريق أخر يجعلهما معا مسؤولين.

وهكذا ورد في قرار صادر عن استئنافية البيضاء الأتي : ” بالرجوع إلى مقتضيات الملف ومحتوياته يتبين أن الحكم الابتدائي جاء مصادفا للصواب ومعلل تعليلا كافيا، مما يتعين تأييده خصوصا وأنه بالرجوع إلى مقتضيات المواد 62، 63، و64 من المدونة فهي قد ألزمت الطرفين الأجير والمؤاجر بسلوك مسطرة محددة في إجراء الفصل من الاستماع للطرفين، وكذا اللجوء إلى سيد مفتش الشغل، وما دام الأجير لم يحترم المقتضيات التي هو ملزم بها، وهي التوجه إلى السيد مفتش الشغل، فإنه يسقط حقه في التشبث بمقتضيات المواد    62 و63 و64 “، الملاحظ على أن هذا القرار اعتمد الاتجاه الثاني الذي يحمل الطرفين معا المسؤولية وسنده في ذلك الفقرة الثانية من المادة 62 من مدونة الشغل.

أيضا جاء في قرار آخر لنفس المحكمة – استئنافية البيضاء ب: ” حيث إن المادة 62 المتعلقة بمسطرة الاستماع لم تأتي إثارتها بصفة الوجوب من طرف المشغل فقط، بل من طرف الأجير كذلك بدليل أن الفقرة الأخيرة من المادة 62 نصت على أنه إذا رفض أحد الأطراف إتمام أو إجراء المسطرة، فعلى الطرف الأخر اللجوء إلى مفتش الشغل، علاوة على أن المشرع لم يرتب على عدم احترامها إي جزاء “.

بالتأمل في هذا القرار نجده يؤيد الاتجاه الثاني الذي يجعل من الطرفين معا مسؤولين وحجته في ذلك أيضا الفقرة الأخيرة من المادة 62 من المدونة، مع إضافته مبرر عدم ترتيب أي جزاء.

الملاحظة التي يمكن تسجيلها في هذا الإطار أن القرارين معا صار في نفس الاتجاه وهو تحميل الأجير والمشغل مسؤولية الإثارة، وما دام الأجير لم يتوجه إلى مفتش الشغل فكأنه تنازل على حقه في الاستماع إليه والقرارين استندا إلى الفقرة الأخيرة من المادة 62، ولكن القرار الأخير أضاف حجة أخرى، وهي أن القاضي قرأ المادة 62 من بدايتها إلى نهايتها ولم يعتر فيها على أي جزاء ، وبالتالي لا يمكنه مؤاخذة المشغل.

وفي قرار صادر مرة أخرى عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ورد به الأتي : ” وحيث لا يوجد بالملف ما يفيد احترام المشغل لمقتضيات المادة 62، وحيث إن هذه المعطيات تعتبر قواعد أمرة وردت بصيغة الوجوب، وأن عدم احترامها يجعل الفصل الذي تعرض له الأجير فصلا تعسفيا ويعفي المحكمة من مناقشة الأخطاء المنسوبة إليه “، من الواضح أن أصحاب هذا القرار اعتمدوا الاتجاه الأول الذي اعتبر المشغل وحده المسؤول استنادا إلى إلزامية المادة 62 من المدونة التي جاءت بقاعدة آمرة.

إذن من الناحية المنطقية الذي عليه أن يبادر إلى إثارة المسطرة هو المشغل، فمن غير المعقول أن الأجير سيرتكب خطأ ولا ينتبه إليه مشغله أو انتبه وصرف النظر عنه، وأن يبادر إلى إثارة الأمر !!!، ففي هذه الحالة على الأجير أن يبقى في عمله إلى أن يتعرض للفصل، وإذا ما تعرض للفصل عليه أن يتوجه إلى المحكمة للمطالبة بحقه مع الإدلاء بكافة الحجج التي تؤكد إدعاؤه.

وفي نفس السياق تثار إشكالية عويصة، من القواعد المسلم بها انه ” لا يعذر أحد بجهله للقانون ” أي على المشغل أن يكون على علم بهذه المقتضيات القانونية، ولا يمكنه الاحتجاج بعدم درايته بها، إلا أنه في بعض الحالات سنجد هذا المشغل سيلحقه ضرر مزدوج ، ضرر بمناسبة الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الأجير، كأن يلحق الأذى بآلات المصنع – ضرر مادي – ولكن لجهله بضرورة إتاحة الفرصة للاستماع للأجير وتيقنه من أن الفعل المرتكب يشكل خطأ جسيما لا نقاش فيه لأنه قام بإلحاق الأذى بالمصنع، يقوم بفصله دون احترام هذه المسطرة، فإلى جانب الضرر المادي الذي أصاب آلات المصنع، سيكون المشغل ملزما بدفع تعويض ثلاثي – ضرر ثاني.

على عكس المشرع الفرنسي الذي كان حكيما بخصوص هذه النقطة فمنح للقاضي إمكانية عندما يكون القاضي متأكدا من وجود الخطأ لا غبار عليه، ولكن المشغل لجهله لم يحترم المسطرة، سمح المشرع الفرنسي للقاضي أن يطلب من الأطراف العودة إلى احترام المسطرة تم الرجوع إليه من اجل البحث في مدى جسامة الخطأ للحكم بمشروعية الفصل أم لا.[12]

الفقرة الثانية: موقف القضاء من مدى ارتباط مسطرة الفصل التأديبي بالنظام العام

يقصد بارتباط قاعدة قانونية معينة بالنظام العام، عندما يكون حكمها أمرا بحيث لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، ويم ذلك حين تنصب على تنظيم ما يرجع للمصلحة العامة، حتى لا يؤدي الإخلال بمقتضياتها إلى إلحاق الفوضى والاضطراب بالبنية الاجتماعية أو بعض الأسس التي تقوم عليها.

ويكتسي تحديد مدى ارتباط مسطرة الفصل التأديبي بالنظام العام أهمية كبرى من حيث الثار القانونية المترتبة عنه فإذا اعتبرت هذه المسطرة بالنظام العام، فيمكن إثارة الإخلال بها في كل مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما يجب للمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك بها الأطراف.

والتساؤل الذي يظل مطروحا هو: كيف يتعامل القضاء مع مسألة ارتباط مسطرة الفصل التأديبي بالنظام العام ؟

وهو ما أجابة عليه محكمة النقض، بشكل أكثر وضوحا على عدم ارتباط مسطرة التأديب بالنظام العام، من خلال إجابتها  عن الوسيلة المتعلقة بخرق مسطرة الفصل حيث أقرت بأنه، ” حيث ثبت صحة ما عابته الوسيلة على القرار ذلك أن الثابت من خلال البحث المنجز أمام المحكمة بتاريخ 01/07/2001، بأن الشاهد (…) أجاب بأنه عاين المطلوب في النقض وهو في علاقة غير شرعية مع إحدى العاملات فتم إبلاغ المشغل بذلك الذي وجدهما في حالة تلبس فادعيا أنهما متزوجين وأنذرهما بأن يدلي بما يفيد ذلك إلا أنهما لم يلتحقا بالعمل كما أن المشغل أدلى بقرار استئنافي قضي برفض طلب العاملة التي هي الأخرى وجدت في حالة تلبس رفقة المطلوب في النقض فالقرار لما بت على النحو المضمن به اعتمادا على عدم سلوك المشغل لمسطرة الفصل (…) والحال أن المحكمة أثارتها تلقائيا ولم يتم إثارتها من قبل من له مصلحة تكون قد عرضت قرارها للنقض.[13]

مما سبق، يتضح بأن قضاء النقض يعتبر بأن مسطرة الفصل التأديبي ليست من النظام العام، وهو التوجه الذي فسره أحد الفقه يكون القضاء يسعى إلى تحقيق التوازن في حماية مصالح الطرفين، مما جعله يعدل عن إثارة الإخلال بمسطرة التأديب بشكل تلقائي، ولا يرتب أي جزاء أو أثار على عدم احترامها إلا إذا أثارها الأجير، بينما نعتقد بأن هذا التوجه يخالف صراحة النصوص القانونية المنظمة لمسطرة الفصل التأديبي والتي وردت بصيغ الوجوب وبقواعد آمرة، كما يشكل تراجعا عن موقف القضاء قبل مدونة الشغل والذي كان يربط مسطرة الفصل التأديبي بالنظام العام، لذلك نأمل من القضاء أن يقر ربط هذه المسطرة بالنظام العام لما في ذلك من ضمانات ومكتسبات حمائية للأجير باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية.[14]

المطلب الثاني: الرقابة القضائية على تبليغ مقرر الفصل التأديبي وجزاء عدم احترام مسطرة الاستماع

إن دور الرقابة القضائية في تطبيق النص القانوني يجعل من هذا الأخير في حركة ويبعث فيه روح الحماية التي من خلالها دعت بالمشرع صياغته، إذن أين تكمن هذه الرقابة في تبليغ مقرر الفصل التأديبي ( الفقرة الأولى)، وكذلك ما هي الجزاءات القضائية في حالة عدم احترام مسطرة الاستماع ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على تبليغ مقرر الفصل التأديبي

من بين إجراءات الفصل التأديبي، ما نصت عليه المادة 63 من مدونة الشغل، والتي أشارت إلى إلزام المشغل بتسليم مقرر الفصل إلى الأجير إما عن طريق المناولة اليدوية مقابل وصل، أو عن طريق بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل.

وتكريسا لهذا الإجراء، إستئنافية اكادير في أحد قراراتها بأن عدم إدلاء المشغل بما يفيد تبليغ مقرر الفصل للأجير يدا بيد أو عن طريق البريد المضمون، يجعل مسطرة الفصل المتبعة من قبل المشغل غير تامة يترتب عنها اعتبار الفصل تعسفيا.[15]

وفي نفس الإطار ألقى قضاء النقض، على عاتق المشغل عبء إثبات توصل الأجير بمقرر الفصل،  وذالك ما أقره في أحد قراراته الذي ورد فيه ما يلي. ” لكن حيث إن الثابت القضاء الموضوع إن الطالبة لم تطبق في حق أجرتها مسطرة الطرد من العمل بتسليمها قرار الطرد من العمل بدأ وتوجه نسخة منه لمفتش الشغل وأن يتضمن الأسباب المؤدية للطرد من العمل…، وعدم تطبيقها لهذه المسطرة الواجبة الإتباع تجعل الإجراء الذي أقدمت عليه في حق المطلوبة في النقض يشوبه التعسف، وهو ما انتهى إليه القرار ورسالة الطرد لا يكون لها أثر إلا بالتوصل بها وهو أمر لم تستطع الطاعنة إثباته وفقا لأحكام الفصل 400 من ق.ل.ع مما يغني المحكمة عن البحث في صحة الأخطاء المنسوبة للمطلوبة، وهو ما انتهى إليه القرار والوسيلة لا سند لها”.

والتساؤل الذي يظل مطروحا على مستوى تبليغ مقرر الفصل التأديبي للأجير، وهو في حالة التي يتم فيها توجيه مقرر الفصل بواسطة البريد المضمون، ويتعذر توصل الأجير لسبب من الأسباب، كرجوع الرسالة حاملة لعبارة “غير مطلوب”، ففي هذه الحالة هل يعتبر التبليغ تام، أي هل يعد المشغل قد قام بإجراء التبليغ، أم لا يعتبر كذالك طالما أن الأجير لم يتوصل بالرسالة الحاملة لمقرر الفصل؟.

في هذا الإطار، قضت محكمة استئنافية وجدة في أحد قراراتها، بأنه:”وحيث أنه فيما يتعلق بما أوردته الشركة في استئنافها الفرعي في مناقشة “غير مطلوب ” وهل يعتبر رفضا للتسلم أو امتناعا له فإنه لا حاجة إلى المناقشة لاستقرار العمل القضائي على أن هذه العبارات كلها لا تفيد التوصل وأن الذي يأخذ على الشركة هنا هو عدم احترامها للقانون بتسليم نسخة من رسالة الإعلام بالطرد إلى المدعي شخصيا يدا بيد كما هو منصوص عليه في القانون.[16]

في نفس الاتجاه أقر قضاء النقض، في أحد قراراته، بما يلي : ” وحيث إن الطاعنة لم تستطيع إثبات أن الأجير توصل لا برسالة الإنذار الالتحاق بالعمل ولا برسالة الطرد، وأن عدم سحب الرسالة من مصلحة البريد وإرجاعها إلى الطاعنة بملاحظة غير مطلوب، استقر العمل القضائي على أنه لا يعتبر توصلا، وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه، مما كان معه التعليل مطابقا للقانون… “.[17]

ومن خلال هذه القرارات يتضح أن القضاء يجعل من تبليغ مقرر الفصل، التزاما بتحقيق نتيجة وليس التزاما ببذل عناية، أي أن المشغل ملزم بإثبات توصل الأجير بمقرر الفصل وليس فقط بإثبات القيام بإجراء التبليغ، وهذا ما يشكل أحد مظاهر الحماية القضائية للأجير، باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية.

وعليه نأمل من القضاء ألا ينساق وراء هذه التبريرات التي جاء بها القرار الإعفاء المشغل من أحد إجراءات مسطرة الفصل التأديبي، لأن من شأن ذلك أن يعطف بوجوبية مسطرة الفصل التأديبي التي أقرتها مجموعة من نصوص مدونة الشغل وكذا العديد من القرارات القضائية.[18]

الفقرة الثانية: جزاء عدم احترام مسطرة الاستماع

إن عدم إقرار المشرع المغربي أي جزاء على خرق مسطرة الاستماع إلى الأجير في المادة 62 أثار نقاشا تمحور حول مدى إلزامية هذه المسطرة؟ وما هي الآثار التي ترتبت عن خرقها، وقد تم حسم النقاش بمجموعة من القرارات لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء والرباط ذهبت في اتجاه اعتبار عدم سلوك المشغل لمسطرة الاستماع مع تمسك الأجير باللجوء إلى مفتش الشغل فصلا تعسفيا موجب التعويض لصالح الأجير، وهي على التوالي:

-قرار بالدار البيضاء جاء فيه: ” …وحيث إنه بغض النظر عن ثبوت الخطأ من عدمه، فإن الأجير قد احترم المسطرة المنصوص عليها في المادة 62 من مدونة الشغل وتوجه إلى مفتش الشغل، إلا أن المشغلة لم تحترم المقتضيات القانونية الواجبة التطبيق بعد أن تمسك بها الأجير.

وحيث أنه لا يمكن تطبيق المادة 61 بمعزل عن مقتضيات المواد 62، 663، 64، من نفس المدونة مما يجعل الفصل الذي تعرض له الأجير في نازلة الحال فصلا تعسفيا يستحق معه التعويضات الناتجة عن الفصل التعسفي…”.[19]

-قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط الذي جاء فيه: ” … إن عدم الاستماع للأجير داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ ارتكاب الخطأ الجسيم وتاريخ الاستماع إليه لمدة تفوق ثمانية أيام، فإن ذلك يعتبر دليلا لعدم اقتناع المشغل لأي فعل يستحق عليه المساءلة، ويعتبر في هذه الحالة قد تنازل عن حقه في الفسخ، إن عدم تقديم إجراءات التأديب داخل أجل 8 أيام الواردة في المادة 62 تسقط المتابعة في حقه، وذلك بصرف النظر عن نطاق ومدى الفعل أو الأفعال المنسوبة إليه، ما دامت أن هذه المادة قد جاءت بصيغة الوجوب…”.[20]

-قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء جاء فيه: ” …وحيث إن مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل تنص على أنه يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عليه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي الذي يختاره الأجير نفسه…

وحيث إن مقتضيات الفصول 62-63-64 من المدونة تعتبر قواعد أمرة جاءت بصيغة الوجوب وأن عدم احترامها يجعل الفصل الذي تعرض له الأجير غير مبرر يعفي المحكمة من مناقشة الأخطاء المنسوبة إليها، ويخولها حق الاستفادة من تعويض عن الإخطار والعمل، وهذا ما أقره المجلس الأعلى في قراره عدد 938 الصادر بتاريخ 15/11/2006 ملف اجتماعي عدد 968/5/1/2006.

وحيث يتعين تبعا لما ذكر أعلاه إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن الإخطار والفصل والضرر…”.[21]

أما المجلس الأعلى فقد سار في نفس الاتجاه، واعتبر الفصل تعسفيا في بعض قراراته نورد منها ما يلي :

  • قرار يرى بأن لا ضرورة لمناقشة موضوع الفصل ما دامت المشغلة لم تحترم مسطرة لفصل: “…ومن جهة ثانية، فإن المحكمة لم تكن بحاجة لمناقشة مبرر الطرد ما دام قد تبث أن المشغلة لم تسلك المسطرة المنصوص عليها قانونا، وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه بتعليل قانوني سليم، وتبقى الوسيلة المستدل بها على غير أساس …”.[22]
  • تخلف الأجير عن جلسة الاستماع لا يعفي المشغل من إتمامها باللجوء إلى مفتش الشغل: “فالمشرع، وعملا بمقتضيات المادة 62 من المدونة أوجب على المشغل قبل إقدامه على فصل الأجير أن يتيح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرفه أو من ينوب عنه، بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه، وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي يتبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.

وحيث إنه حتى وإن تخلف الأجير عن جلسة الاستماع، فإن ذلك لا يجعل المشغل في حل من إتمام مسطرة الفصل برمتها، بدليل أن الفقرة الأخيرة من المادة 62 المذكورة تجعل اللجوء إلى مفتش الشغل أمر لا محيد عنه إذا رفض الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة.

فمحكمة الاستئناف عندما خلصت غلى أن الأجيرة المطلوبة في النقض كانت موضوع طرد تعسفي من مشغلتها طالبة النقض لعدم احترام هذه الخيرة للمقتضيات القانونية المتعلقة بمسطرة الفصل يكون قرارها المطعون فيه رد الدفع المثار من طرف طالبة النقض في هذا الشأن بتعليل سليم ومطابق للقانون، وتبقى الوسيلة على غير ذي أساس “.[23]

من خلال كل هذه القرارات القضائية بمختلف درجاتها التي تضمنت في روحها ترتيب جزاءات على من أخل بمقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل وهو اعتبار الفصل تعسفيا وموجب للتعويضات إذا ما أخل المشغل بهذه المسطرة، وإذا ما أخل الأجير بعدم حضوره رغم توصله برسالة الحضور لجلسة الاستماع يعتبر بمثابة تنازله عن حقه في الاستماع إليه وتأييد إلى ما نسب إليه من أفعال وأخطاء جسيمة.

حيث أن هذا الاجتهاد قد سطر لقاعدة قانونية سوف يتداركها المشرع لا محالة بتعديل نص المادة 62 من مدونة الشغل، وتحديد جزاء مخالفة نص هذه المادة بكيفية صريحة وواضحة وفق ما ذهب إليه المجلس.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

إذا كانت الصيغة التي جاءت بها الفقرات الواردة بالمادة 62 من مدونة الشغل قد أدت إلى اختلاف التأويلات بشأن المسطرة الاستماع المنصوص عليها في هذه المادة، وذلك بين من يرى بإلزامية هذه المسطرة لصيغتها الوجوبية التي تضمنتها في فقرتها الأولى، وبين من يرى بأنها مجرد مسطرة اختيارية شكلية لا جزاء عليها في حالة عدم احترامها أو إتمامها، فإن الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الموضوع وكذا القرارات الصادرة عن محكمة النقض في هذا الشأن قد حسمت في الأمر، وذلك بتأكيدها على أن مسطرة الاستماع هي مسطرة إلزامية ترجع المبادرة في إجراءها إلى المشغل أو من ينوب عنه اعتبارا لصيغة الوجوب التي جاءت بها الفقرة الأولى من المادة أعلاه، ورتبت عن عدم احترامها هذه المسطرة سواء بصفة جزئية أو كلية، اعتبر الفصل الذي تعرض له الأجير فصلا تعسفيا يستوجب الحكم لفائدته بالتعويضات التي تخولها له مدونة الشغل في هذه الحالة ، وذلك مهما كانت جسامة الخطأ الذي ارتكبه الأجير المعنى.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد عمل الاجتهاد القضائي على تحديد مجموعة من الشكليات المرتبطة بمختلف مراحل مسطرة الاستماع المنصوص عليها في المادة 62، وذلك بدء ببيان كيفيات استدعاء الأجير لجلسة الاستماع، ومرورا بتوضيح الحالات التي يمكن فيها تمديد الأجل القانون لإجراء مسطرة الاستماع، وإمكانية تأجيل المسطرة، والأشخاص الذين يمكنهم حضور جلسة الاستماع وكذا تحديد مضمون محضر الجلسة ومكان إجراءها وضرورة اللجوء إلى مفتش الشغل من طرف المشغل إذا رفض الأجير إجراء أو إتمام المسطرة، وانتهاء بتحديد الدور المنوط بمفتش الشغل في حالة اللجوء إليه على ضوء الفقرة الأخيرة من ذات المادة.

وقد استقر القضاء على ترتيب عن عدم احترام إجراءات وشكليات المتطلبة قانونا والمنصوص عليها في المادة أعلاه والمتعلقة بمسطرة الفصل التأديبي ، اعتبار الفصل الذي يتعرض له الأجير تعسفيا موجب للتعويضات الثلاث، وذلك زيادة في حماية الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية والذي هو الأجير وحمايته من الفصل والحفاظ على استقرار المعاملات بين الأطراف والمساهمة في تنمية اقتصادية مستدامة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

 

1 / أنظر الأستاذ هشام بحار :  في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، تخصص قانون الشغل والتحولات الاقتصادية والاجتماعية تحت عنوان: ” ضوابط ممارسة السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل ” كلية الحقوق الدار البيضاء ، السنة الجامعية : 2007-2008.

2 /محمد سعد جرندي: ” الدليل العملي لمدونة الشغل ” الجزء الأول، مطبعة صناعة الكتب، الدار البيضاء ، طبعة 2016.

3 / ندير أمباركة : دكتوراه في القانون الخاص، ” مسطرة الاستماع إلى الأجير وفق مدونة الشغل ” مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية – عدد خاص – قانون الشغل /2019.

4 / الجيلالي مكوط : طالب باحث بسلك الماستر ، قانون الأعمال ، كلية الحقوق الدار البيضاء ” مسطرة الاستماع للأجير الضمانات القانونية والقضائية ” دراسة تحليلية في ضوء الماء 62 من مدونة الشغل والتشريعات المقارنة والاجتهاد القضائي المغربي والمقارن. سنة 2009.

5 / الحاج الكوري: مدونة الشغل الجديدة القانون رقم 99-65 أحكام عقد الشغل، مطبعة الأمنية الرباط سنة2004.

6 / محمد سعيد بناني: ” قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثاني ، المجلد الثاني، مطبعة النجاح الدار البيضاء، طبعة يناير 2007 .

7 / د. محمد بنحساين : ” محاضرات في مادة القانون الاجتماعي”  صفة .

8 / ذ. عبد القادر بوبكري: ” الرقابة القضائية على مسطرة الفصل التأديبي للأجراء ” مقال منشور بمجلة القانون المغربي، العدد 31.

 

 

 

[1]  / أنظر الأستاذ هشام بحار :  في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، تخصص قانون الشغل والتحولات الاقتصادية والاجتماعية تحت عنوان: ” ضوابط ممارسة السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل ” كلية الحقوق الدار البيضاء ، السنة الجامعية : 2007-2008 ص 67 -68.

[2]  / محمد سعد جرندي: ” الدليل العملي لمدونة الشغل ” الجزء الأول، مطبعة صناعة الكتب، الدار البيضاء ، طبعة 2016 ص 349.

[3]  / ظهير  شريف رقم 1.98.167 صادر في فاتح رمضان 1432 ( 2 أغسطس 2011) بنشر الاتفاقية رقم 158 المتعلقة بإنهاء الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل المعتمدة من قبل المؤتمر الدولي للعمل في دوريته الثامنة والستين والمنعقدة بجنيف في شهر يونيو 1982، الجريدة الرسمية عدد 6062 الصادر بتاريخ 15 شعبان 1433 الموافق 5 يونيو 2012.

[4]  /  ندير أمباركة : دكتوراه في القانون الخاص، ” مسطرة الاستماع إلى الأجير وفق مدونة الشغل ” مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية – عدد خاص – قانون الشغل /2019 . ص 91.

[5]  / ندير أمباركة : مرجع سابق ، ص 92.

[6]  / ندير أمباركة : مرجع سابق ، ص 96.

[7]  / أنظر نص المادة L122-14 من مدونة الشغل الفرنسية.

[8]  / الجيلالي مكوط : طالب باحث بسلك الماستر ، قانون الأعمال ، كلية الحقوق الدار البيضاء ” مسطرة الاستماع للأجير الضمانات القانونية والقضائية ” دراسة تحليلية في ضوء الماء 62 من مدونة الشغل والتشريعات المقارنة والاجتهاد القضائي المغربي والمقارن. سنة 2009 ، ص 18 .

[9]  / الحاج الكوري: مدونة الشغل الجديدة القانون رقم 99-65 أحكام عقد الشغل، مطبعة الأمنية الرباط سنة 2004 ، ص288.

[10]  / محمد سعيد بناني: ” قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثاني ، المجلد الثاني، مطبعة النجاح الدار البيضاء، طبعة يناير 2007 ، ص 869.

[11]  / – تنص الفقرة الرابعة من المادة 532 من مدونة الشغل على أنه ” تناط بالأعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية…..

4- إجراء محاولات التصالح في مجال منازعات الشغل الفردية….”

-جاء في الفقرة الثالثة من المادة 41 من مدونة الشغل ما يلي : ” يمكن للأجير الذي فصل من الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 532 أدناه من أجل الرجوع إلى شغله أو الحصول على تعويض…” .

[12]  / د. محمد بنحساين : ” محاضرات في مادة القانون الاجتماعي”  صفة 12.

[13]  /  قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض عدد 173 بتاريخ 21/02/2007، في الملف الاجتماعي عدد 664/5/1/06، ( غير منشور).

[14]  / ذ. عبد القادر بوبكري: ” الرقابة القضائية على مسطرة الفصل التأديبي للأجراء ” مقال منشور بمجلة القانون المغربي، العدد 31، ص 87-88.

[15]  / قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف باكادير عدد 276 الصادر بتاريخ 16/12/2011 في الملف الاجتماعي 105/2011 (غير منشور).

[16]  / قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بوجدة عدد 1658 بتاريخ 27/06/1995، في الملف الاجتماعي عدد 1860/94، ( غير منشور).

[17]  / قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى عدد 585 بتاريخ 01/06/2005، في الملف الاجتماعي عدد 159/2005، ( غير منشور).

[18]  /  ذ، عبد القادر بوبكري: مرجع سابق ، ص 90.

[19]  / قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في الملف عدد 6325/2005 بتاريخ 22/06/2009.

[20]  / قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالرباط في الملف عدد 1058/5/2005، بتاريخ 17/10/2009، ( غير منشور).

[21]  / قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحت عدد: 5810، في الملف عدد:461/2007، بتاريخ 04/07/2007، ( غير منشور).

[22]  / قرار صادر  عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى تحت عدد: 152، في الملف الاجتماعي عدد: 249/115/2000 بتاريخ 01/10/2002، ( غير منشور).

[23]  / قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى تحت عدد: 276، في الملف الاجتماعي عدد: 913/5/1/2006، بتاريخ 14/03/2007،

( غير منشور).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى