بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

قبول التحكيم بلا اتفاق أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمارICSID)) دراسة تحليلية – الباحث : عامر صالح عيد القرعان

قبول التحكيم بلا اتفاق أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمارICSID)) دراسة تحليلية

Acceptance of arbitration without agreement in front of the International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID).Analytic Research

الباحث : عامر صالح عيد القرعان

باحث بصف الدكتوراه قسم القانون الخاص / جامعة مؤته / المملكة الأردنية الهاشمية

لتحميل الاصدار كاملا 

مجلة القانون والأعمال الدولية : الاصدار رقم 49 لشهري دجنبر 2023 / يناير 2024

الملخص

سنحاول في هذا البحث إلقاء الضوء على مدى تقيد هيئات تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمارICSID) ) ، ومقره في العاصمة الأمريكية ( واشنطن ) باختصاصها الشكلي في تسوية منازعات الاستثمار والواردة بشكل خاص في المادة (25) من اتفاقية واشنطن، لنرى ومن خلال استقراء الأحكام الصادرة من هيئات تحكيم المركز الدولي، بأن هناك توسع في السنوات الأخيرة لهذه الهيئات في نطاق اختصاصها الشكلي الوارد في المادة (25) من اتفاقية واشنطن ، وذلك من خلال التوسع في تفسير السمة الاختيارية الواردة في المادة (25) من الاتفاقية ، حيث اكتفت تلك الهيئات لتقرير اختصاصها على وجود نص تشريعي متعلق بالاستثمار أو بوجود بند في اتفاقيات الاستثمار الثنائية منها والمتعددة الأطراف يشير الى تحكيم المركز ، حيث كيفت هيئات تحكيم المركز بأن تلك النصوص أو البنود عبارة عن إيجاب وعرض مفتوح من الدولة المضيفة للاستثمار ، وإذا ما قابله رضا المستثمر الأجنبي بتقديم طلب للمركز الدولي، فأنه، والحالة هذه، يكون قد تم التراضي الذي نصت عليه المادة (25) من اتفاقية واشنطن، وبالتالي انعقد الاختصاص لهذه الهيئات بنظر النزاع .

وقد تم تقسيم هذا البحث الى ثلاثة مباحث رئيسية الأول منها : تم التطرق الى موضوع التحكيم أمام المركز الدولي بناء على التشريعات الداخلية للاستثمار، والثاني منه تم التطرق الى موضوع التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار الثنائية ، وفي المبحث الثالث منه والأخير تم التطرق الى موضوع التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف .

Abstract

Acceptance of arbitration without agreement in front of the International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID).

This research aims to shed light on the limitations imposed by the International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID), based in Washington, D.C., on its jurisdiction in settling investment disputes, specifically outlined in Article 25 of the Washington Convention.

Examining rulings from ICSID arbitration Committees reveals an expansion of their jurisdictional scope in recent years, interpreting the optional attribute outlined in Article 25 of the Convention.

These committees rely on the existence of legislative provisions related to investment or clauses in bilateral and multilateral investment agreements indicating recourse to the Center for arbitration. ICSID tribunals emphasize that such provisions or clauses constitute a positive and open offer from the host state to investment. If the foreign investor accepts this offer by submitting a request to the Center, it signifies a consensual resolution, as stipulated by Article 25/1 of the Washington Convention, thereby establishing the Center’s jurisdiction over the dispute.

The research is divided into three main sections:

1. The first section explores arbitration before ICSID based on internal investment legislation.

2. The second section delves into ICSID arbitration based on bilateral investment agreements.

3.The third section addresses ICSID arbitration based on multilateral investment agreements.

المقدمة

لا يمكن اللجوء إلى التحكيم بموجب اتفاقية واشنطن إذا لم يوافق طرفا النزاع كتابة على ذلك(). كما هو الحال بالنسبة لأشكال التحكيم الدولي الأخرى.

وهذه السمة والطبيعة الرضائية لنظام التحكيم أمام المركز الدولي إنما تتجسد إما في صورة شرط تحكيم يرد ضمن بنود عقد الاستثمار ، أو في صورة مشارطة تحكيم تتجسد في صورة شكل اتفاق مكتوب مستقل عن العقد الأصلي، يتفق بمقتضاه الأطراف على إحالة النزاع إلى التحكيم وفق قواعد المركز().

ومن الجدير بالذكر انه خلال العقدين الأوليين من حياة المركز الدولي، كان تحكيم المركز ملتزما بهذا الأساس لعقد الاختصاص لهيئات تحكيم المركز ، أي انه كان يتطلب وجود شرط أو مشارطة تحكيم بالمفهوم التقليدي المتعارف عليه().

إلا انه لوحظ في السنوات الأخيرة اتجاه هيئات تحكيم المركز الدولي إلى التوسع في تفسير السمة الاختيارية التي نصت عليها المادة (1/25) من الاتفاقية، حيث اكتفت تلك الهيئات لتقرير اختصاصها في نظر القضايا المعروضة عليها بوجـود نـص تشريعي متعلـق بالاستثمار، يشير إلى تحكيم المركز وذلك إذا ما لجأ المستثمر الأجنبي إلى طلب التحكيم أمامه، وذلك استنادًا إلى أن التراضي غير معدوم في هذه الحالة؛ لأن الدولة حينما نصت في تشريعها الوطني أو في اتفاقية للاستثمار على إحالة نزاعها مع المستثمر من الأجانب إلى تحكيم المركز فإنها تكون قد أعطت موافقتها ورضاها مرة واحدة في قبول التحكيم (). فإذا وافق المستثمر على اختصاص المركز المعروض بشكل دائم يكون قد حصل التلاقي بين العرض والقبول؛ لأن المستثمر في دعواه يعلن قبول عرض الدولة المضيقة للاستثمار الوارد في تشريعها الوطني أو اتفاقية الاستثمار ( الثنائية ، متعددة الأطراف ( فيكون التراضي قد تم .

وهذا ما سنتطرق إليه في المبحث الأول من هذا البحث ، وسنتطرق إلى التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار الثنائية في المبحث الثاني منه، وأخيرًا سنتطرق إلى التحكيم أمام المركز الدولي على أساس اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف في المبحث الثالث منه إن شاء الله

أهمية البحث

يكتسب البحث أهميته نظرا للطبيعة الخاصة لأطراف المنازعة ، دولة مضيفة للاستثمار ذات سيادة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى مستثمر أجنبي من أشخاص القانون الخاص ، ومن الطبيعة الفنية المعقدة لعقود الاستثمار من جهة ثالثة .

وتظهر أهمية هذا البحث لتناوله للموضوع ليس من الناحية النظرية فحسب ، وإنما أيضا من الناحية العملية والتطبيقية والتي أظهرت ومن خلال الأحكام التحكيمية الصادرة عن هيئات تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التوسع من قبلها في تفسير الصفة الرضائية للتحكيم من خلال تطبيقها لنص المادة (25/1) من اتفاقية واشنطن ، الأمر الذي أدى بالنهاية بالخروج الواضح عن حرفية نص المادة المذكورة .

مشكلة البحث

تتمثل مشكلة البحث بأنه ومن خلال الاطلاع على نص المادة (25) من اتفاقية واشنطن لعام 1965 المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID)) تبين بأن هناك غموضا واضحا في المفاهيم وللمصطلحات الواردة فيها كونها فضفاضة وتكتسي طابعا عاما ، الأمر الذي دفع بهيئات تحكيم المركز للخروج عن حرفية النص القانوني، وذلك من خلال التوسع في نطاق اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار باعتناق تلك الهيئات تفسيرات موسعة لتلك المفاهيم الواردة في المادة 25/1) من الاتفاقية ، وان كانت نصوص الاتفاقية لا تسعفها في ذلك سعيا منها لجلب وتوسيع اختصاص المركز الدولي للنظر في المنازعة ، مما يشكل إخلالا بمصالح الأطراف المتنازعة . وبأهداف اتفاقية واشنطن ذاتها والتي من أهمها تحقيق التوازن بين مصالح المستثمر من جهة ومصالح الدولة المضيفة للاستثمار من جهة أخرى .

محددات البحث

يتضمن هذا البحث دراسة موضوع التحكيم بلا اتفاق أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ، والذي انشيء بموجب اتفاقية واشنطن لعام 1965، والتي عالجت المادة (25) منها مسألة اختصاص المركز الدولي وهيئاته للنظر في المنازعة، لذا سوف يقتصر البحث على نص المادة (25) من الاتفاقية، وخاصة النطاق الشكلي لاختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، دون التطرق الى كل من النطاق الشخصي والموضوعي لاختصاص المركز الدولي .

منهجية الدراسة

لغرض انجاز هذا البحث سوف يتبع الباحث المناهج الآتية ان شاء الله :

1. المنهج الوصفي : وذلك من خلال نقل القواعد القانونية والآراء كما هي ،من خلا لما يتوفر للباحث من مراجع ومصادر تتعلق بموضوع البحث.2

2. المنهج التحليلي: وذلك من خلال تحليل الأحكام الصادرة من قبل هيئات تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ومقارنتها مع النصوص القانونية ذات الصلة وبشكل خاص نص المادة ( 25/1) من اتفاقية واشنطن والتي تناولت اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار.

خطة البحث

سيتم تقسيم هذا البحث الى المباحث والمطالب الآتية:

المبحث الأول: التحكيم أمام المركز الدولي بناء على التشريعات الداخلية للاستثمار.

المطلب الأول: تقرير التحكيم أمام المركز الدولي في التشريعات الداخلية للاستثمار .

المطلب الثاني : انعقاد اختصاص المركز الدولي وفقا لتشريعات الاستثمار الداخلية .

المبحث الثاني: التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار الثنائية .

المطلب الأول : الإحالة لتحكيم المركز الدولي في الاتفاقيات الثنائية للاستثمار .

المطلب الثاني: انعقاد اختصاص المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار الثنائية .

المبحث الثالث: التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف.

المطلب الأول: الإحالة بالتحكيم أمام المركز الدولي في الاتفاقيات متعددة الأطراف.

المطلب الثاني: انعقاد اختصاص المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف .

المبحث الأول:التحكیم أمام المركز الدولي بناء على التشریعات الداخلیة للاستثمار

تقوم الدول بتنظيم جميع المجالات الداخلية ، السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، وذلك عن طريق سن مجموعة من القوانيين التي تنظم مختلف المجالات ، ويعتبر المجال الاقتصادي من أهم المجالات الحيوية الذي تسعى إليه الدول جاهدة لتنظيمه خاصة ما يتعلق بالاستثمار كونه يلعب دورًا كبيرًا وهاما في تنمية الاقتصاد.وتثير مسألة تسوية المنازعات الناتجة عن الاستثمار عدة إشكاليات خاصة على المستوى الدولي، لذا تقوم الدول بوضع مجموعة من النصوص التشريعية تنظم عملية التسوية .

ويعتبر التحكيم التجاري من أهم وسائل التسوية التي يكثر النص عليها في تشريعات الاستثمار وخاصة التحكيم أمام المركز الدولي، وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الأول من هذا المبحث، وسنتطرق في المطلب الثاني منه إلى انعقاد الاختصاص للمركز الدولي استنادًا إلى تشريعات الاستثمار الداخلية إن شاء الله.

المطلب الأول : تقرير التحكيم أمام المركز الدولي في التشريعات الداخلية للاستثمار

تسعى الدول وخاصة النامية منها إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لذا تبذل قصارى جهودها لتحسين المناخ الاستثماري، من خلال توفير البيئة القانونية المناسبة لتسوية المنازعات التي تنشأ بينها وبين المستثمرين الأجانب، وذلك من خلال النص في تشريعاتها الداخلية للاستثمار على موافقتها على اللجوء إلى تحكيم المركز الدولي(). بغرض جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توفير ضمانة إضافية للمستثمرين الأجانب ومنحهم أمانًا قانونيًا لحماية هؤلاء من الأحكام التي يمكن أن لا تنصفهم وتهدد حقوقهم.

وقد أوضح التقرير الصادر عن المديرين التنفيذيين للبنك الدولي وذلك من اجل عقد الاختصاص لهيئات تحكيم المركز () بأن موافقة الأطراف باللجوء إلى التحكيم ليس بالضرورة أن تكون معبرًا عنها في وثيقة واحدة، حيث اقترحوا بان تعرض الدولة في تشريعاتها الداخلية والمتعلقة بحماية وتشجيع الاستثمار إمكانية إخضاع المنازعات الناشئة بينها وبين المستثمرين الأجانب إلى تحكيم المركز، فإذا وافق المستثمر على ذلك فما عليه سوى تقديم طلب كتابي بالموافقة على التحكيم أمام المركز .

ومنذ إبرام اتفاقية واشنطن لعام 1965 اتبعت العديد من الدول اقتراح المديرين التنفيذيين للبنك الدولي، حيث أدرجت أكثر من ثلاثين دولة في تشريعاتها الداخلية للاستثمار بنودًا تشتمل على موافقات لإخضاع منازعاتها مع المستثمرين الأجانب إلى تحكيم المركز الدولي().

وقد تتضمن هذه التشريعات بنودًا تشير بشكل صريح لا لبس فيه إلى أن النزاع ما بين الأطراف لا بد وأن يخضع للتحكيم أمام المركز الدولي بموجب اتفاقية إنشاء المركز، أو لقواعد التسهيلات الإضافية للمركز، إذا كان احد الطرفين فقط دولة متعاقدة في اتفاقية واشنطن().

ومن ذلك ما نصت عليه المادة (2/8) من قانون الاستثمار الألباني لعام 1993 مثلًا على انه:” قد يقدم المستثمر الأجنبي النزاع ليتم تسويته، وهنا تقبل جمهورية ألبانيا تقديمه إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار”، كما يشير أيضًا قانون الاستثمار لدولة غينيا، وسريلانكا، وزائير إلى تحكيم المركز باعتباره الوسيلة الوحيدة لتسوية المنازعات الاستثمارية بين الدولة المضيفة والمستثمرين الأجانب ().

كما قد تتضمن هذه التشريعات نصوصًا تشير إلى اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار باعتبارها إحدى الوسائل المشروعة لتسوية النزاعات الاستثمارية(). وقد تشمل هذه الوسائل المعروضة التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية، أو التحكيم الخاص. ومن أمثلة تلك النصوص يمكن أن نشير إلى نص المادة (10) من قانون الاستثمار في جمهورية أفريقيا الوسطى لسنة 1984، وأيضًا نص المادة (2/7/د) من قانون الاستثمار الموريتاني لسنة.1989

في حين أن هناك بعض بنود التشريعات الداخلية المتعلقة بالاستثمار ليست واضحة، ولكن يمكن الاستدلال منها على قبول الدولة لتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، كأن تتضمن القوانين الوطنية النص على أن المستثمر الأجنبي من حقه أن يطلب عرض النزاع على عدد من الجهات من بينها تحكيم المركز، مثل نص المادة (1/45) من قانون الاستثمار الكاميروني لسنة 1990، أو أن النزاع تتم تسويته بواحدة من هذه الطرق مثل نص المادة(19) من قانون الاستثمار الصومالي لسنة 1987().

في حين أن بعض التشريعات الأخرى تتضمن أحكامًا اقل وضوحًا في دلالتها على موافقة الدولة على تحكيم المركز الدولي، إذ تنص المادة (43) من قانون الاستثمار الأردني رقم 30 لسنة 2014 على انه تسوى نزاعات الاستثمار بين الجهات الحكومية والمستثمر وديًا خلال مدة أقصاها ستة أشهر ، وبخلاف ذلك لطرفي النزاع اللجوء إلى المحاكم الأردنية أو تسوية النزاعات وفقاً لقانون التحكيم الأردني أو اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات باتفاق الطرفين”، وكذلك المادة (17) من قانون الاستثمار الجزائري إذ تنص ” يخضع كل خلاف بين المستثمر الأجنبي والدولة الجزائرية يكون بسبب المستثمر أو بسبب إجراء اتخذته الدولة الجزائرية ضده للجهات القضائية المختصة إلا في حالة وجود اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف أبرمتها الدولة الجزائرية تتعلق بالمصالحة والتحكيم أو في حالة وجود اتفاق خاص ينص على بند تسوية أو بند يسمح للطرفين بالتوصل إلى اتفاق تحكيم خاص().

ولقد شجع المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار على اعتماد هذه النصوص في التشريعات الداخلية للاستثمار، حيث اعد شرطًا نموذجيًا يمكن إدراجه في وثيقة مستقلة ويتحقق بها القبول على اختصاص المركز، ونص الشرط النموذجي كما يلي: ” تطبيقًا لأحكام(القانون أو المرسوم ) فان ( اسم المستثمر) يرتضي الخضوع لمركز تسوية منازعات الاستثمار بهدف تسوية المنازعات القانونية الناشئة بمناسبة كل استثمار يتم طبقا ( الإشارة إلى عقد الاستثمار أو المرسوم المصادق عليه) ().

المطلب الثاني : انعقاد اختصاص المركز الدولي وفقًا لتشريعات الاستثمار الداخلية

لقد استندت هيئات تحكيم المركز الدولي إلى البنود الواردة في التشريعات الداخلية للاستثمار التي تنص على الإحالة إلى تحكيم المركز إذا ما نشب نزاع ما بين الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي من أجل بسط اختصاصها بفض منازعات الاستثمار الناشئة بينهما، فقد رأت بأن مثل هذا النص يشكل إيجابًا من جانب الدولة المضيفة للاستثمار، وينشأ عنه الرضا باختصاص المركز إذا ما أعلن المستثمر الأجنبي عن رغبته في الاستفادة من هذا النص(). وتعتبر قضية (Southern Pacific Properties (spp ضد الجمهورية العربية المصرية أول قضية أثيرت فيها مسألة اختصاص المركز الدولي استنادًا إلى تشريع داخلي().

وتتمثل وقائع هذه القضية في اتفاق استثمار ابرم بين شركة (SPP) وهي شركة تتبع بجنسيتها (هونج كونج ) وبين الحكومة المصرية وهيئة السياحة المصرية (Egyptian (EGO Organization Tourism في 1974/4/14 بهدف إنشاء محميات سياحية في منطقة أهرامات الجيزة .

وطبقًا لبنود هذا الاتفاق تعهدت الحكومة المصرية بتوفير الأرض اللازمة لإقامة المشروع، ولقد جاء في مقدمة الاتفاق انه صدر وفقًا لقوانين الاستثمار المصرية ومن بينها قانون الاستثمار رقم (43) لسنة 1974.

وفي شهر تموز من عام 1977 بدأت الأعمال الإنشائية للمشروع، ثم بعد فترة وجيزة تعالت الأصوات على الصعيد المحلي والعالمي للهجوم على المشروع، كونه يمثل تهديدًا حقيقيًا لموقع حضاري وثقافي وتاريخي، وعلى اثر ذلك وفي شهر حزيران من عام 1978 سحبت الحكومة المصرية موافقتها على المشروع .

أقامت الشركة إجراءات تحكيم ضد الحكومة المصرية والهيئة المصرية للسياحة أمام غرفة التجارة الدولية بباريس، وأصدرت حكمها ضد الحكومة المصرية والزامها بان تدفع لشركة SPP تعويضًا قدره اثنا عشر ونصف مليون دولار أمريكي، وأعفت الهيئة المصرية للسياحة من أية مسؤولية، ذلك أن عدم تنفيذها لالتزاماتها يرجع لظروف قوة قاهرة.

أبطلت الحكومة المصرية الحكم الصادر من غرفة التجارة الدولية بباريس وبشكل نهائي في 1987/2/16 بواسطة محكمة استئناف باريس. وأثناء نظر دعوى الأبطال أمام القضاء الفرنسي بادرت شركة SPPبتقديم طلب تحكيم امام المركز الدولي استنادا الى نص المادة )8( من قانون الاستثمار المصري رقم )43( لعام )1974 ()(.

تشكلت على أثر ذلك هيئة تحكيمية من روبرت بينروسكي RopertBenrowski)) محكمًا معينًا من قبل الشركة المدعية SPP ومحمد أمين المهدي معينًا من قبل الحكومة المصرية وادواردو جميمنزدو أرشتا EdouardoJimenezde Arechaga)) محكمًا معينًا باتفاق الأطراف().

اعترضت الحكومة المصریة على انعقاد اختصاص المركز الدولي حیث انه على الرغم من إن المادة (8) من قانون الاستثمار تعتبر بمثابة الرضا بالمثول أمام المركز من جانب الحكومة المصریة، إلا أن هذا النص یشیر فقط إلى إمكانیة تقدیم النزاع وفقا ً لأحكام الاتفاقیة كأحد الوسائل المتعددة المذكورة في نص القانون، وان اختیار التحكیم كوسیلة لتسویة المنازعات كان یتطلب خطوة إضافیة أخرى تتمثل بالاتفاق علیه بین الأطراف.

وقد أبرزت الحكومة المصریة اعتراضا أخر على اختصاص المركز، من حیث أن نص المادة (8) من قانون الاستثمار المصري المشار إلیه لا تكفي لتكوین الرضا بالتحكیم أمام المركز؛لأن نص المادة(8) كان یقرر بأنه یمكن تسویة المنازعات في إطار الاتفاقیة وتشیر هذه العبارة إلى كل من التوفیق والتحكیم اللتان أشارت إلیهما الاتفاقیة لتسویة منازعات الاستثمار()رفضت محكمة التحكیم حجة الحكومة المصریة على أساس أن غیاب اتفاق مسبق بین الأطراف على الاختیار بین التحكیم أو التوفیق لا یحول دون انعقاد اختصاص المركز، إذ أن اختیار أحد هذين الطریقین یكون متروكا للطرف الذي یقیم الإجراءات، ولما كانت شركة SPP هي التي أقامت الإجراءات فیكون اختیارها للتحكیم صحیحا وفقا لأحكام اتفاقیة واشنطن ()

وهكذا فقد فتحت هیئة التحكیم التي أعلنت أنها مختصة بالفصل في القضیة على أساس تشریع الاستثمار المصري المحلي، الباب أمام توسع كبیر في تحكیم المركز الدولي لتسویة منازعات الاستثمار لتغطية القضايا التي جاءت خالية من اتفاق التحكیم بالمعنى التقلیدي، حیث أن المستثمر الأجنبي یتعامل مع النص التشریعي للدولة المضیفة للاستثمار على انه إیجاب مفتوح یقبله لمجرد طلب التحكیم أمام المركز()

ولقد أصبح قبول التحكیم أمام المركز الدولي استنادا إلى تشریع داخلي عرف معمول به أمام المركز، حیث تكرر الفصل في منازعات أخرى بناء على تشریعات داخلیة للدول المضیفة تتضمن إحالة إلى تحكیم المركز الدولي والذي كُیف بأنه إیجاب ملزم للدولة().

وقد أدى هذا التوجه لدى المركز الدولي بقبول التحكیم أمامه استنادا إلى التشریع الداخلي للاستثمار ببعض الدول إلى مراجعة موقفها وتعدیل قوانین الاستثمار الخاصة بها، بحیث أصبحت تشترط ضرورة الحصول على موافقة محددة وصریحة من الدولة لكي یتم الإحالة إلى التحكیم بموجب قواعد المركز الدولي ()ومن هذه الدول نذكر ألبانیا حیث نصت المادة (2/8) من القانون الألباني الخاص بالاستثمار الأجنبي لسنة 1993 على ما یلي :”

قد یقدم المستثمر الأجنبي حیثیات النزاع لیتم تسویته، وهنا تقبل جمهوریة ألبانیا تقدیمها إلى المركز الدولي لتسویة منازعات الاستثمار”، وكذلك نص المادة (7) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار المصري رقم (8) لسنة .(1997)

المبحث الثاني : التحكيم أمام المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمارالثنائية

إضافة إلى الرضا الذي يمكن أن يتم عن طريق تشريعات الاستثمار الوطنية للدول، يمكن أيضًا أن تعطي الدولة موافقتها على اختصاص المركز من خلال اتفاقيات الاستثمار الثنائية التي تبرمها مع الدول بهدف تقديم الضمانات القانونية للاستثمار عبر الحدود () والاتفاقيات الثنائية عبارة عن اتفاق ثنائي بين دول ذات سيادة ، غالبًا ما تكون دولة مصدرة لرأس المال ودولة أخرى مستوردة لهذا المال.()

وتهدف هذه الاتفاقيات بشكل أساسي إلى وضع نظام شامل لجميع الموضوعات الخاصة بالاستثمار () حيث تتضمن هذه الاتفاقيات على سبيل المثال عدم التمييز في المعاملة، وعدم التدخل في العلاقات التعاقدية، السماح بإعادة الدخل إلى دولة المستثمر بالعملة المحولة، والسماح بالتعويض السريع والكافي في حالة صدور قرارات بالتأميم أو نزع الملكية للمنفعة العامة.

ويمكن تقسيم تلك الاتفاقيات الثنائية التي تشير إلى الرضا باختصاص المركز الدولي إلى ثلاث طوائف، فطائفة منها تتضمن تعهدًا من جانب أي من الدولتين باختصاص المركز الدولي على تسوية منازعات الاستثمار التي تنشأ في المستقبل بين المستثمرين الأجانب والدولة المضيفة للاستثمار، وهنا يتوفر الرضا باختصاص المركز بإعلان المستثمر قبوله هذا الاختصاص، فإذا لم يعلن المستثمر قبوله اختصاص المركز فلا يتوفر الرضا، ذلك أن تعهد الدولة المضيفة للاستثمار بموجب الاتفاقية الثنائية بقبول اختصاص المركز هو تعهد لمصلحة الغير معلق تحوله إلى رضا عندما يقترن بقبول المستثمر (). وهذا التعهد قد يشير إلى تحكيم المركز كوسيلة وحيدة لتسوية المنازعات الاستثمارية التي تثور بين الدولة الطرف في الاتفاقية ومواطن دولة أخرى وهو انتهجته اتفاقية الاستثمار المبرمة بين أذربيجان وانجلترا، إذ تنص المادة (1/8) منها على انه:

“توافق كل دولة متعاقدة على اللجوء إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى أي نزاع قانوني ينشأ بين هذه الدول المتعاقدة والمتعلق باستثمار”().

أما الطائفة الثانية من اتفاقيات الاستثمار الثنائية فتقضي بأن الدولة المضيفة للاستثمار لا تلتزم بانعقاد اختصاص المركز على منازعات الاستثمار إلا بناء على طلب المستثمر، ويكون ذلك بأحد أسلوبين : إما أن تقوم الدولة المضيفة للاستثمار بتضمين عقد الاستثمار شرط تحكيم يقضي بتقديم منازعات الاستثمار إلى المركز، أو أن تلزم الاتفاقية الثنائية الدولة المضيفة للاستثمار للتحكيم أمام المركز إذا ما طلب المستثمر ذلك، وهنا لا يشترط أن يظهر قبول الدولة باختصاص المركز في عقد الاستثمار نفسه().

وهذا ما انتهجته اتفاقية الاستثمار الثنائية المبرمة بين هولندا وباكستان عام 1988 إذ تنص المادة (10) منها على انه :”يجب أن يوافق الطرف المتعاقد الذي تتم عملية الاستثمار على إقليمه على طلب مواطن الطرف المتعاقد الأخر على تقديم النزاع الذي ينشأ مباشرة عن استثمار إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار”().

أما الطائفة الثالثة من الاتفاقيات الثنائية (). فهي تلك التي تنص على جواز تقدیم منازعات الاستثمار بين الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمرين الأجانب إلى المركز بناء على اتفاق لاحق بين الأطراف، وهذا النوع من الاتفاقيات الثنائية لا تشكل بذاتها قبولًا باختصاص المركز من جانب الدولة المضيفة للاستثمار.

ويرجع تاريخ أول اتفاقية ثنائية تتعلق بتشجيع وحماية الاستثمارات إلى عام 1959 المبرمة بين ألمانيا وباكستان والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 1962/11/28.

ومع نهاية عقد الستينات من القرن العشرين تم توقيع (65) اتفاقية مماثلة اشتملت غالبية هذه الاتفاقيات على التسوية التحكيمية للنزاعات بين الدول الأطراف، في حين لم تشتمل على بنود تنص على تسوية النزاعات التي يمكن أن تثور بين إحدى الدولتين المتعاقدتين ومواطني أو شركات الدولة المتعاقدة الأخرى().

إلا انه بعد توقيع اتفاقية واشنطن عام 1965 المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، بدأت تكثر الإشارة إليها في اتفاقيات الاستثمار (ثنائية كانت أم متعددة الأطراف )، استنادًا إلى انه قد ورد في تقرير المديرين التنفيذيين للبنك الدولي المصاحب لإنشاء الاتفاقية أن التراضي يمكن أن يتم على سبيل المثال في اتفاقيات للاستثمار تحيل الخلافات التي تنشأ بين دولة طرف في الاتفاقية ومواطني دولة طرف أخرى إلى المركز الدولي().

وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الأول من هذا المبحث، وفي المطلب الثاني منه سنتطرق إلى انعقاد اختصاص المركز الدولي بناء على الاتفاقيات الثنائية للاستثمار إن شاء الله.

المطلب الأول: الإحالة لتحكيم المركز الدولي في الاتفاقيات الثنائية للاستثمار

لقد شهد عام 1969 من شهر حزيران إبرام أول اتفاقية استثمار ثنائية بين الحكومة الايطالية ودولة تشاد تشتمل على القبول من جانب كل دولة طرف على إخضاع المنازعات مع مواطني الطرف الأخر لتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار().

ثم جاء العقد الأخير من القرن العشرين ليشهد زيادة هائلة في أعداد هذه الاتفاقيات الثنائية، حيث لا تكاد توجد دولة في العالم سواء أكانت متقدمة أم نامية إلا وتعد طرفًا في اتفاقية أو أكثر من هذه الاتفاقيات، ففي عام 2002 أبرمت 76 دولة 82 اتفاقية استثمار ثنائية ليصل عدد هذه الاتفاقيات حسب تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ( UNCTAD ) سنة 2010 إلى 2700 اتفاقية معظمها تتضمن شرط تحكيم أمام المركز الدولي().

وتتضمن معظم هذه الاتفاقيات الثنائية للاستثمار الإشارة إلى واحد أو أكثر من أشكال التحكيم التي يديرها المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، ومنها التحكيم بموجب اتفاقية واشنطن لعام 1965، والتحكيم بموجب قواعد التسهيلات الإضافية التابعة للمركز ().

ومن ذلك ما نصت عليه اتفاقية الاستثمار بين مصر ودولة مالي عام 1998 في المادة (9) منها الخاصة بتسوية الخلافات الخاصة بالاستثمار بين احد الطرفين المتعاقدين ومستثمر من الطرف المتعاقد الأخر من أنه : “إذا تعذر تسوية النزاع وديًا بطريق مباشر بين طرفي النزاع في غضون ستة أشهر من تاريخ الإخطار كتابة فأن النزاع يتم عرضه باختيار المستثمر على أي من: (أ) محكمة مختصة في إقليم الطرف المضيف للاستثمار (ب) المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار والمنشأ وفق أحكام اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى والموقعة في واشنطن بتاريخ 1965/3/18().

ومما يثير الانتباه في هذه الاتفاقية أن حق الخيار بين الجهة التي تتولى تسوية المنازعة حكر للمستثمر دون الدولة، مما يخلق عدم التوازن بين الأطراف وهو أمر منتقد ذلك انه يخدم مصالح المستثمر الأجنبي دون التفكير في العواقب للمصالح الوطنية للدولة.

وأيضًا الاتفاقية المبرمة بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة الجمهورية الفرنسية عام 1999 التي ذكرت في المادة (1/6) منها على انه : “يسوى أي خلاف حول الاستثمارات ينشأ بين فريق متعاقد ومستثمر تابع للفريق المتعاقد الأخر بصورة ودية بين الفريقين المعنيين، وإذا لم تجر تسوية هذا الخلاف فإن الخلاف يحال على طلب أي من طرفي الخلاف للتحكيم لدى المركز الدولي لتسوية الخلافات حول الاستثمارات بين الدول ورعايا دول أخرى”().

وكذلك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المبرمة بين المملكة الأردنية الهاشمية والاتحاد الكونفدرالي السويسري عام 2001 حيث نصت المادة (9) منها فيما يخص تسوية المنازعات على ما يلي :

1. يجب إجراء مشاورات بين الطرفين المتعاقدين وذلك للتوصل إلى تسوية ودية للنزاع بين طرف متعاقد ومستثمر من الطرف المتعاقد الآخر

2. إذا لم ینجم عن هذه المشاورات تسویة خلال ستة أشهر من تاریخ الطلب الخطي لهذه المشاورات، فللمستثمر إحالة النزاع إما إلى القضاء المحلي للطرف المتعاقد المقام الاستثمار في إقليمه، أو إلى التحكيم الدولي، وفي الحالة الأخيرة يكون للمستثمر الخياربين أي من التالي :

أ. المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار …..الخ.

ب.التحكيم بموجب لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي….الخ.

ج. التحكيم وفقًا لقواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية.

3. يوافق كل من الطرفين المتعاقدين على إحالة أي نزاع استثماري إلى التحكيم الدولي().

ومن الملاحظ بان الاتفاقية المبرمة بين مصر ومالي نصت بأنه إذا لم يتم تسوية النزاع وديًا وخلال ستة أشهر من تاريخ الإخطار، فان للمستثمر الحق في عرض النزاع إما أمام محكمة مختصة في إقليم الطرف المضيف للاستثمار، وإما أمام المركز الدولي، بينما في الاتفاقية الأخرى المبرمة بين لبنان وفرنسا نجد بأن تسوية الخلاف بصورة ودية ما بين الأطراف لم تحدد له مدة. وإذا لم يحل هذا الخلاف فانه يحال للتحكيم أمام المركز الدولي وليس أمام أية جهة أخرى وبناء على طلب أي من طرفي النزاع .

بينما نلاحظ بان الاتفاقية المبرمة بين المملكة الأردنية الهاشمية والاتحاد الكونفدرالي السويسري قد منحت مهلة لمدة ستة أشهر لتسوية الخلاف بين الأطراف وديًا من تاريخ المشاورات، وإذا لم تسو الخلافات بهذا الطريق فان للمستثمر إحالة النزاع إما أمام القضاء المحلي أو التحكيم الدولي، وفي حالة اختيار المستثمر للتحكيم الدولي، فله الحق والحرية في طرق عدة أبواب من ضمنها المركز الدولي، وفي منح المستثمر هذه الحرية فان هذا يعد ضمانًا لحقوقه في البلد المقام عليه استثماره ويعد حافزًا ومشجعًا للاستثمار .

المطلب الثاني : انعقاد اختصاص المركز الدولي بناء على اتفاقيات الاستثمار الثنائية

إن الشبكة الهائلة من اتفاقيات الاستثمار الثنائية، وما ورد بها من قبول للتحكيم بموجب اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، قد أدت إلى توسع جذري في اختصاص المركز عن طريق السماح للأفراد أو الشركات الخاصة بالالتجاء مباشرة للتحكيم ضد الدولة دونما حاجة إلى اتفاق تحكيم بالمفهوم التقليدي().

وهذا أدى إلى تراجع عدد القضايا المعروضة على المركز الدولي على أساس اتفاق تحكيمي بالمفهوم التقليدي ، الذي يتسم بالثبات، حيث سجل المركز قضية واحدة في عام 1999 وعام 2000 وعام 2002، وقضيتان في عام 2001، مقابل ست قضايا على أساس اتفاقيات ثنائية للاستثمار في عام 1998، وسبع قضايا في عام 1999، وتسع قضايا في عام 2000، واثنا عشر قضية في عام 2001، وتسعة عشر قضية في عام 2002، وسبع وعشرون قضية في عام 2007 وسبعة عشر قضية في عام 2009().

فمنذ عام 1998 والمركز الدولي يسجل تقريبًا قضية كل شهر تم رفعها من قبل المستثمرين بدون اتفاق تحكيم بالمفهوم التقليدي المتعارف عليه، وإنما استنادًا إلى قبول الدول لبنود تسوية المنازعات عن طريق تحكيم المركز في اتفاقيات للاستثمار ().

ففي نهاية السنة المالية 2003 بلغ عدد القضايا المسجلة لدى المركز الدولي 63 قضية، منها 47 قضية استندت إلى اتفاقيات الاستثمار ثائية الأطراف().

وهذه الإشارة المتزايدة لتحكيم المركز في اتفاقيات الاستثمار الثنائية دفعت المركز إلى الخروج عن صمته، إذ انه بتاريخ 1990/6/27 صدر أول حكم يعطي الاختصاص لهيئة التحكيم استنادًا إلى اتفاقية استثمار ثنائية، وذلك في قضية شركة أسيا للمنتجات الزراعية المحدودة (Asian (AAPL Agricultural Products LTD ضد سريلانكا ().

ففي 1987/7/8 تقدمت شركة (AAPL) من هونغ كونغ (). التي كانت مؤجرة لانكلترا في ذلك الوقت بطلب تحكيم إلى المركز الدولي، من أجل إلزام جمهورية سريلانكا بدفع التعويض عن الأضرار التي أصابتها من جراء الدمار الذي وقع على المنشآت الخاصة نتيجة للعمليات العسكرية التي قامت بها القوات السريلانكية ضد المتمردين .

وقد أسست شركة AAPL طلبها في اللجوء إلى تحكيم المركز بناء على نص المادة (8) من اتفاقية الاستثمار الثنائية المبرمة عام 1980 بين بريطانيا وحكومة سريلانكا، الذي يحيل إلى تحكيم المركز الدولي بأنه على كل دولة متعاقدة الموافقة على إحالة أي نزاع قانوني ينشأ بين أي طرف متعاقد ورعايا أو شركة تابعة للطرف المتعاقد الأخر بشأن استثمار الأخير في إقليم الطرف الأول إلى التحكيم وفقًا لقواعد المركز”.

وقد اعتبرت هيئة تحكيم المركز الدولي إنها مختصة بالفصل في هذا النزاع استنادًا إلى نص المادة الثامنة سالفة الذكر، الذي اعتبرته موافقة خطية من الدولة على الرغم من عدم إبرام أي اتفاق تحكيمي بين المستثمر وحكومة سريلانكا.

كما استخلصت المحكمة من ظروف إبرام هذه الاتفاقية، ولجوء الأطراف إلى تحكيم المركز أن إرادة الأطراف قد اتجهت إلى تطبيق نصوص الاتفاقية الثنائية المعقودة بين سريلانكا وبريطانيا في عام 1980، وأن هذه الاتفاقية قد صارت جزءًا من النظام القانوني لسريلانكا، ومن ثم اعتبرت هيئة تحكيم المركز أنها مختصة بالفصل في هذا النزاع استنادًا إلى نص هذه الاتفاقية والذي تضمن موافقة الدولة العضو فيها إلى اللجوء إلى التحكيم وفقًا لقواعد المركز الدولي، وهو ما يمثل إيجابًا من قبل الدولة بالموافقة على تحكيم المركز، التقى بقبول المستثمر الأجنبي لهذا الإيجاب بتقديمه لطلب التحكيم مما يتكون معه الرضا المتطلب لانعقاد الاختصاص لهيئات تحكيم المركز ().

وكان هذا الحكم بمثابة التأشيرة التي فتحت الطريق على مصراعيه أمام هيئات تحكيم المركز لجلب اختصاصها استنادًا إلى اتفاقيات الاستثمار الثنائية والشعلة التي أضاءت طريقه، فمنذ عام 1990 ولغاية عام 2013 تم تسجيل أكثر من 300 قضية () حيث كيفت هيئات تحكيم المركز الاتفاقيات الثنائية لحماية الاستثمار بمثابة عرض من قبل الدولة المضيفة للاستثمار قابلها قبول من طرف المستثمر بتقديمه طلب تحكيم أمام المركز ، وبذلك يكون التراضي قد تم عملا بنص الفقرة (24) من تقرير مديري البنك الدولي().

لكن في الآونة الأخیرة أصبحت هیئات تحكیم المركز تكتفي بتقریر اختصاصها، وان لم تتضمن اتفاقیات الاستثمار الثنائیة بنودا ً تقضي باللجوء إلى تحكیم المركز، وذلك من خلال تطبیق شرط المظلة()وتطبیق شرط الدولة الأولى بالرعایة()والى جانب اتفاقیات الاستثمار الثنائیة، نجد اتفاقیات الاستثمار متعددة الأطراف، والتي تسعى إلى حمایة الاستثمارات بین عدد كبیر من الدول، وتنظیم مختلف جوانب الاستثمار التي من بینها المنازعات الناشئة عنها، فنجد التحكیم أكثر الآلیات استعمالا خاصة تحكیم المركز الدولي نظرا ً ً لفعالیته، وهذا ما سنتطرق إلیه في المبحث الأتي والأخیر من هذا البحث إن شاء االله.

المبحث الثالث: التحكيم أمام المركز على أساس اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف

يعتبر حماية الاستثمارات الأجنبية أهم هدف تسعى الدول لتحقيقه، ومن الوسائل الجاذبة لرأس المال، وذلك عن طريق اتخاذ الإجراءات التي تساعد في ذلك . و تعد اتفاقيات الاستثمار المتعددة الأطراف إحدى أهم هذه الوسائل ذلك راجع للدور الفعال الذي تؤديه، حيث أنها تجمع عدد كبير من الدول والتي تسعى إلى جذب المزيد من المستثمرين عن طريق توفير البيئة المناسبة للاستثمارات.

ويعد مجال تسوية المنازعات من المجالات التي لقيت اهتمامًا من قبل هذه الاتفاقيات عن طريق منح المستثمرين بدائل عديدة لتسوية المنازعات(). ومن أهم البدائل العديدة لتسوية المنازعات الإحالة بالتحكيم في هذه الاتفاقيات متعددة الأطراف أمام المركز الدولي، وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الأول من هذا المبحث ، وفي المطلب الثاني منه سنتطرق إلى تأسيس اختصاص المركز الدولي بناء على هذه الاتفاقيات إن شاء الله.

المطلب الأول: الإحالة بالتحكيم أمام المركز الدولي في الاتفاقيات متعددة الأطراف

مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي أدركت الدول أهمية توسيع نطاق الحماية للمستثمرين الأجانب، ولم تكتف في سعيها لإيجاد تنظيم دولي شامل للاستثمارات الأجنبية بإبرام الاتفاقيات الثنائية بغرض حماية وتشجيع الاستثمارات بل لجأت أيضًا إلى إبرام الاتفاقيات متعددة الأطراف().

ولقد أشار التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى انه ولغاية 2005/4/31 تم عقد (212) اتفاقية متعددة الأطراف متضمنة إجراءات تنظيمية للاستثمارات().

ومن أهم هذه الاتفاقيات () اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة (North American (NAFTA Free Agreement ، اتفاقية ميثاق الطاقة (Energy Charter Treaty (ECT، اتفاقية Mercosur، اتفاقية قرطاجة للتجارة الحرة Cartagena Free Trade Agreement.

وقد اشتملت غالبية هذه الاتفاقيات على شروط لتسوية المنازعات، والتي تشير في الغالب إلى شكل واحد أو أكثر من أشكال التحكيم التي تتم في إطار المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، وذلك إما عن طريق التحكيم بموجب اتفاقية إنشاء المركز الدولي لعام 1965، أو عن طريق التحكيم بموجب قواعد التسهيلات الإضافية التابعة للمركز ().

وتعتبر اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة أهم هذه الاتفاقيات حيث أبرمت في 1992/12/17 بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا والمكسيك ودخلت حيز النفاذ في 1994/1/1 بهدف إنشاء منطقة تجارة حرة().

اشتملت الاتفاقية على شروط تتعلق بحماية وتشجيع الاستثمار ، ووضع أسس ومعايير المعاملة الوطنية، وعدم التمييز، وكذلك آلية فض المنازعات التي قد تنشأ بين الحكومات والمستثمرين من الدول الأخرى المتعاقدة().

تضمنت الاتفاقية في القسم الثاني من الفصل الحادي عشر منها، النصوص الخاصة بتسوية منازعات الاستثمار بين احد الأطراف المتعاقدة ومستثمر الطرف الثاني المتعاقد الناتجة عن الإخلال بالالتزامات المترتبة على الأطراف طبقًا لأحكام القسم الأول من الفصل الحادي عشر(). ويعتبر التحكيم أمام المركز الدولي من أول الخيارات الممنوحة للمستثمر في حالة النزاع، وذلك إما وفقًا لنظام المركز إذا كان كلا من الطرفين المتنازعين متعاقدين في الاتفاقية، أو وفقًا لقواعد التسهيلات الإضافية بحالة كون احد الأطراف غير متعاقد في اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي، إلى جانب إمكانية اللجوء إلى تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، أو وفقًا لقواعد التحكيم المطبقة على التحكيم().

ولكن هذا الخيار الممنوح للمستثمر مقرونًا بشروط، وهي أن يحاول قدر الإمكان تسوية النزاع بالتشاور بين الأطراف ووجوب تراضيها وقبولها اللجوء إلى التحكيم. وهذا ما نصت عليه المادة (1122) من الاتفاقية :

1. يوافق كل طرف على تقديم العريضة للتحكيم طبقًا للكيفية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.

2. إن الموافقة المنصوص عليها في الفقرة الأولى وتقديم العريضة للتحكيم من قبل المستثمرلا بد أن تستوفي تراض مكتوب للطرفين بمفهوم الفصل الثاني من اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ) اختصاص المركز ) وقواعد التسهيلات الإضافية().

ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي فقط وحدها الدولة المتعاقدة في اتفاقية واشنطن، وهذا يعني أنه إذا كان النزاع بين كندا واحد مستثمري دولة المكسيك أو العكس فأنه وحتى قواعد التسهيلات الإضافية غير متاحة ؛ كون كلتا الدولتين غير متعاقدتين في اتفاقية واشنطن، فتقديم طلب التحكيم أمام المركز الدولي يقتصر فقط على النزاعات التي يكون أحد أطرافها الولايات المتحدة الأمريكية أو أحد مواطنيها ().

إلى جانب اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة توجد اتفاقية ميثاق الطاقة التي تعتبر أحد الاتفاقيات متعددة الأطراف،والتي تخص قطاع الطاقة والتجارة والنقل وحماية الاستثمارات في مجال الطاقة. تم التوقيع على هذه الاتفاقية في ليشبونا في 1994/12/17 ، ودخلت حيز النفاذ في 1998/4/16 وتعتبر كل من الاتحاد الأوروبي، و(52) دولة أطراف في هذه الاتفاقية، ورغم الأصل الأوروبي لهذه الاتفاقية نجد هناك دول عديدة خارج القارة قد انضمت منها الولايات المتحدة الأمريكية ، وكندا، واستراليا، واليابان ()

وتنص الاتفاقية في المادة (26) منها والتي تتناول مسألة تسوية المنازعات بين الدولة والمستثمر الأجنبي على أن للمستثمر في حالة النزاع، إذا فشل الأطراف في حل النزاع وديًا خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ طلب التسوية الودية، فإن للمستثمر الخيار بين اللجوء إلى المحاكم المحلية أو لأية جهة محايدة تم الاتفاق عليها مسبقًا، أو اللجوء إلى التحكيم، وفي حالة اللجوء إلى التحكيم ، فهناك أربعة خيارات أوردتها الفقرة الرابعة من المادة (26) وهي إما التحكيم بموجب اتفاقية المركز الدولي إذا كان الطرفان ينتميان إلى اتفاقية المركز، أو التحكيم بموجب قواعد التسهيلات الإضافية التابعة للمركز إذا كان طرف واحد ينتمي إلى اتفاقية المركز، وإما التحكيم بموجب قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL)، وأخيرًا التحكيم بموجب قواعد غرفة ستوكهولم التجارية().

كما تشتمل اتفاقية MERCOSUR المبرمة عام 1994 بين كل من الأرجنتين والبرازيل والارغواي والبرغواي على نصوص مشابهة، إذ أن المادة (9) منها تمنح المستثمر حق الاختيار بين أكثر من آلية لتسوية منازعاته الاستثمارية مع الدولة المضيفة من بينها تحكيم المركز الدولي إما وفقًا لاتفاقية المركز، أو بموجب قواعد التسهيلات الإضافية التابعة للمركز، أو قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL)().

وتمثل اتفاقية قرطاجة للتجارة الحرة المبرمة عام 1994 بين كل من المكسيك وفنزويلا وكولومبيا مثالًا أخر على القبول بتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (). فبموجب المادة (17) والمادة (18) من الاتفاقية فإنه يحق للمستثمر الخيار بين التحكيم بموجب اتفاقية المركز، أو قواعد التسهيلات الإضافية، أو وفقًا لقواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي(UNCITRAL). ومع ازدياد النصوص في الاتفاقيات متعددة الأطراف المتضمنة إحالة إلى تحكيم المركز الدولي، وجدت هيئات تحكيم المركز نفسها مرغمة على قبول الاختصاص استنادًا إلى هذه الاتفاقيات والفصل في النزاع وفقًا لأحكام نصوص اتفاقية واشنطن ، وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الاتي من هذا المبحث إن شاء الله.

المطلب الثاني: انعقاد اختصاص المركز الدولي بناءً على الاتفاقيات متعددة الأطراف

أدت البنود الواردة في اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف والتي تحيل إلى تحكيم المركز الدولي إلى التوسع في اختصاصه نتيجة لسماح المستثمرين برفع دعوى التحكيم ضد الدولة المضيفة للاستثمار على الرغم من عدم وجود اتفاق تحكيمي بالمعنى التقليدي المتعارف عليه، حيث تعتبر موافقة الدولة على التحكيم متحققة بمجرد التصديق على الاتفاقية، واعتباره إيجابًا من الدولة المضيفة للاستثمار قابله قبول المستثمر بمجرد تقديمه طلب التحكيم إلى المركز ().

ويعتبر التحكيم استنادًا إلى اتفاقيات الاستثمار متعددة الأطراف احد الصور المستحدثة للتحكيم بدون اتفاق، حيث تعمد هيئات التحكيم إلى قبول الاختصاص والفصل في الموضوع، مدعية توفر شروط الاختصاص المنصوص عليها في المادة (25) من اتفاقية واشنطن والمتمثلة في موافقة كلا الطرفين على التحكيم أمام المركز الدولي في شكل كتابي، حيث اعتبرت تصديق الدولة على الاتفاقية بمثابة قبول من طرفها ويكتمل بمجرد رفع الدعوى من طرف المستثمر الأجنبي().

تزايدت عدد القضايا المعروضة على المركز الدولي استنادًا للاتفاقيات متعددة الأطراف، وعلى وجه الخصوص اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة حيث بلغ عدد القضايا أكثر من (20) قضية منذ عام 1999 ولغاية نهاية السنة المالية 2011().

ويعتبر الحكم الصادر في 1999/11/1 في قضية Rebert Azinian And Others .()Vs United Mexican States وكذلك الحكم الصادر في 2000/8/30 في قضية Metalclad Corporation Vs. United Mexican States.()أول حكمين يصدران بموجب اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة ( NAFTA).

وتتلخص وقائع قضية Metalclad Corporation بأن تقدمت مؤسسة Metalcladوهي شخص اعتباري ينتمي بجنسيته إلى الولايات المتحدة الأمريكية الطرف في اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة (NAFTA ) ، والطرف أيضًا في اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي بتاريخ 1997/1/13 بطلب عرض النزاع القائم بينه وبين حكومة جمهورية المكسيك الطرف في اتفاقية (NAFTA ) وليست طرفًا في اتفاقية واشنطن على المركز للفصل فيه، وقد تم الموافقة علىالطلب في 1997/2/2.

وترجع أحداث النزاع إلى قيام الشركة المدعية بإنشاء منطقة صناعية في مدينة جودالك زار في المكسيك بهدف التخلص من النفايات الخطيرة، وقد تم منح التراخيص والموافقات اللازمة لإقامة المشروع من الهيئات الحكومية المختصة، وتم الانتهاء من المشروع في شهر (3) عام 1995 إلا إن المظاهرات الشعبية ضد هذا المشروع حالت دون افتتاحه.

وفي شهر 11 من عام 1995 توصلت الشركة إلى اتفاق مع السلطات المحلية في الولاية لوضع الاشتراطات المناسبة حتى يتسنى للشركة افتتاح المشروع، إلا أنها تفاجئت في شهر 12 من ذات العام بإعلان السلطات المحلية في الولاية رفضها النهائي لافتتاح المشروع نتيجة ضغط الرأي العام.

رفعت السلطات المحلية في الولاية الأمر إلى القضاء الوطني في جمهورية المكسيك وحصلت على حكم قضائي لصالحها بعدم البدء في مزاولة المشروع لأعماله.

تقدمت الشركة الطرف في النزاع برفع طلب إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار للفصل فيه، وقضى في حكمه الصادر في 2000/8/30 أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة المكسيك ممثلة بسلطاتها المحلية تنطوي على انتهاك لحقوق الشركة المدعية مما عرض استثمارات هذه الشركة للخسائر الجسيمة، وانتهاك للحد الأدنى لحقوق الأجانب المقررة وفقًا لقواعد القانون الدولي، كما أنها تعد مناقضة لأحكام المادة (1105) من اتفاقية(NAFTA) التي تتطلب ضرورة تحقيق العدالة والمساواة في التعامل مع مواطني الدول الأطراف في الاتفاقية. وبالتالي رأت المحكمة ضرورة قيام حكومة المكسيك بتعويض الشركة المدعية عما لحق بها من أضرار وخسائر نتيجة لتلك الإجراءات التعسفية التي قامت بها الحكومة ضد الشركة.

عرضت قضايا أخرى على المركز استنادًا إلى اتفاقيات متعددة الأطراف منها قضية Consortium Limited ضد حكومة بلغاريا ()

وهكذا فإن استنتاج موافقة الدولة على اللجوء إلى التحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بموجب تشريع وطني أو اتفاقية للاستثمار سواء أكانت ثنائية أم متعددة الأطراف، وبدون اتفاق تحكيم مسبق بين طرفا النزاع، أصبح أمرًا شائعًا في الأحكام الصادرة عن هيئات تحكيم المركز منذ عام 1984().

وهذا الاتجاه المتمثل باعتماد هيئات تحكيم المركز على الالتزام الصادر بالإرادة المنفردة للدولة، والمدرج في نصوص تشريعها الوطني أو اتفاقية الاستثمار سواء أكانت ثنائية أم متعددة الأطراف على اللجوء إلى التحكيم أمام المركز الدولي(). يبدو متناقضا ما أكده تقرير المديرين التنفيذيين في اعتبار الرضا هو حجر الزاوية الذي يقوم عليه تحكيم المركز، ومع اتفاقية المركز ذاتها التي أكدت على ضرورة وجود اتفاق تحكيمي في المادة (25) منها

وإن هذا الاتجاه الذي سلكته هيئات تحكيم المركز، والذي بمقتضاه يستطيع المستثمرون التقدم بطلب للتحكيم أمامه بشكل منفردًا اعتمادًا على نص تشريعي وطني للاستثمار، أو اتفاقية للاستثمار، فيه استدراج للدولة المضيفة للاستثمار أو مؤسساتها التابعة لها إلى هيئات تحكيم المركز، وعلى غير رغبتها أو موافقتها في جميع أنواع المنازعات التي لم تكن تتوقعها، في الوقت الذي لا تملك فيه الدولة نفس الحق بإقامة إجراءات التحكيم ضد المستثمر(). وهذا ما يخل بمبدأ التوازن بين الأطراف.

وإن هذا التحكيم قد تحول بفعل هذه السلطة الانفرادية للمستثمر إلى حيوان مفترس يدوس على سيادة الدولة، فمجرد تقديم المستثمر لطلب التحكيم لا تملك الدولة سحب موافقتها وذلك بسبب الطبيعة القطعية والملزمة للرضا بالتحكيم أمام المركز الدولي .(). وهو ما حدا بالبعض إلى أن يصف هذا التحكيم بأنه تحكيم دولي إلزامي().

كما إن التحكيم بدون اتفاق يتناقض مع المبادئ الأساسية في التحكيم الدولي، ويخالف ما استقر عليه الفقه القانوني بضرورة اعتماد إجراءات التحكيم على اتفاق سابق بين الأطراف على اللجوء إلى التحكيم لتسوية منازعاتهم.(). حيث تقضي المبادئ الأساسية في التحكيم الدولي بان الاتفاق التحكيمي هو الذي يجيز تنصيب المحكم ، أي إن نقطة البداية في نظام التحكيم هي الاتفاق على مبدأ التحكيم، واختياره سبيلا لحل منازعات معينة أو المنازعات التي تثيرها معاملات معينة().

وإن هذا التوسع في تفسير الرضا من قبل هيئات تحكيم المركز الدولي أصبح يشكل تحديًا لمستقبل المركز، إذ دفع ببعض الدول المتعاقدة في اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي إلى الانسحاب منها مثل بوليفيا الإكوادور، فنزويلا، ونيكاراغوا . ولم تتوقف عند هذا الحد بل راحت هذه الدول تبحث عن بديل للمركز الدولي، حيث اقترح وزير خارجية الإكوادور عام 2009 إنشاء هيئة تحكيمية تحت رعاية اتحاد دول أمريكيا الجنوبية كبديل عن المركز الدولي().

ولهذا يكون من الضروري بالنسبة للأطراف الراغبة في إحالة منازعاتها إلى التحكيم، وإخراجها من اختصاص المحاكم الوطنية، الاتفاق عليه واختياره سبيلا لتسوية منازعاتها كون التحكيم يعتمد بشكل حصري على إرادة الأطراف ولعل هذا هو السبب في وصفه بصفة عامة بأنه رضائي().

وأمام إصرار هيئات تحكيم المركز على قبول التحكيم بدون اتفاق تحكيمي بالمعنى التقليدي، وإنما تأسيسا على التشريعات الوطنية للاستثمار واتفاقيات الاستثمار، فإنه يكون من الضروري على الدول توخي الدقة في صياغة تشريعاتها وكذلك الاتفاقيات التي تبرمها بان تشترط بان تكون الموافقة صريحة ومحددة من جانبها لكي تتم الإحالة إلى التحكيم أمام المركز الدولي().

ويرى الباحث بأن مسلك هيئات تحكيم المركز وإصرارها على قبول التحكيم بدون اتفاق تحكيمي بالمعنى التقليدي، وإنما استنادًا إلى التشريعات الوطنية للاستثمار والاتفاقيات الاستثمارية التي تبرمها الدول، ليس له من سند في نصوص اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي، وفيه مخالفة صريحة وواضحة لنص المادة (25) منها التي اشترطت بان تكون هناك موافقة خطية من كلا طرفا النزاع (الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي) حتى يتسنى انعقاد الاختصاص للمركز الدولي، كما أن أي دولة متعاقدة في اتفاقية واشنطن لا تعتبر بمجرد التصديق عليها ملزمة بعرض منازعاتها على التحكيم أمام المركز الدولي بغير رضاها، فإنه ومن باب أولى أن لا تعتبر كذلك بمجرد إبرام اتفاقية استثمار سواء أكانت ثنائية أم متعددة الأطراف أو بمجرد النص في تشريعها الوطني للاستثمار الذي لا يكون القصد من تلك النصوص سوى تشجيع الاستثمار، وجلب واستقطاب المزيد من المستثمرين، وعليه فإن مثل هذه النصوص تشكل دعوة من هذه الدول للمستثمرين الأجانب للإقبال على الاستثمار فيها، ولا يمكن تكييف هذه النصوص عرضًا للتحكيم، وإنما مجرد دعوة إلى التعاقد، والدعوة إلى التعاقد مرحلة من مراحل تكوين العقد لا ترتب في الأصل أثرًا قانونيًا ().

وعلى هيئات تحكيم المركز الدولي أن تفسر الإرادة الحقيقية من جراء وضع تلك الدول لمثل هذه النصوص بما لا يخالف تلك الإرادة، مع ضرورة احترام الدول لتعهداتها واتفاقاتها الدولية مع الآخرين

كما إن هذا الاتجاه الذي سلكته هيئات تحكيم المركز الدولي، فيه مخالفة صريحة لمقدمة الاتفاقية التي أشارت بأنه “ومع التسليم بان رضا الطرفين المشترك بان يعرضا مثل هذه المنازعات للتوفيق أو التحكيم بواسطة مثل هذه الأداة”.

الخاتمة

لقد عرضنا في بحثنا هذا موضوع قبول التحكيم بدون اتفاق بالمعنى التقليدي أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار. ولقد تبين لنا، ومن خلال استقراء تلك الأحكام الصادرة عن هيئات تحكيم المركز الدولي، بأنها قد اعتمدت على النصوص الواردة في التشريعات الوطنية للاستثمار ، والبنود الواردة في اتفاقيات الاستثمار ، الثنائية منها والمتعددة الأطراف، والتي تشير الى قبول التحكيم المركز الدولي ، حيث رأت هيئات تحكيم المركز أن تلك النصوص والبنود ، عبارة عن إيجاب وعرض مفتوح من الدولة المضيفة للاستثمار ، وإذا ما قابله قبول من المستثمر الأجنبي ، بتقديم طلب تحكيم أمام المركز ، فأنه ، والحالة هذه، يكون قد تم الرضا والموافقة التي اشترطتها المادة (25) من اتفاقية واشنطن ، وهذا ما لا سند له في الاتفاقية ، وفيه مخالفة صريحة واضحة لنص المادة (25) منها، وتوسعا للاختصاص الشكلي لهيئات تحكيم المركز وفق مقتضى نص المادة (25) من الاتفاقية .

وهذا النهج الذي انتهجته هيئات تحكيم المركز الدولي قد يكون نابعا من الطبيعة الذاتية ، وتقاليد نظام التحكيم ، حيث ان هيئات التحكيم ، بشكل عام ، تبحث عن أي منفذ لإدخال المنازعة في نطاق اختصاصها، وهذا على خلاف النهج السائد في القضاء، حيث أن القضاء ، في جميع الدول، متفق على أن قضاء التحكيم طريق استثنائي عن الأصل في فض المنازعات ، وأن القضاء هو الأصل في فضها ، والطريق الطبيعي لها، وهو صاحب الولاية العامة ().

وأخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين

النتائج

1. یجوز لأطراف النزاع التعبیر عن الرضا باللجوء إلى التحكیم أمام المركز الدولي باستخدام أيٍ شرط من الشروط النموذجیة التي وضعها المركز الدولي، أو عن طریق استخدام الصور التقليدية لاتفاق التحكیم (شرط تحكیم أو مشارطة تحكیم)، أو استخدام الصورة المعاصرة لاتفاق التحكیم (شرط تحكیم بالإحالة)، وقد یكون التعبیر عن الرضا باللجوء إلى التحكیم أمام المركز الدولي عبر سن الدول، في تشریعاتها الداخلیة، أو في اتفاقیاتها الاستثماریة؛ الثنائیة، أو الجماعیة منها، نصوصا تتضمن إقرارا بقبولها اللجوء إلى التحكیم أمام المركز الدولي.

2. لوحظ في السنوات الأخیرة اتجاه هیئات تحكیم المركز الدولي إلى التوسع في نطاق اختصاص المركز من خلال التوسع في تفسیر السمة الاختیاریة التي نصت علیها المادة (1/25) من اتفاقیة واشنطن؛ حیث اكتفت تلك الهیئات، لتقریر اختصاصها في نظر القضایا المعروضة ٍ علیها، بوجود نص تشریعي متعلق بالاستثمار، یشیر إلى تحكیم المركز، أو بوجود بند في اتفاقیات الاستثمار یشیر إلى تحكیم المركز، حیث كَّیفت هیئات تحكیم المركز بأن تلك النصوص أو البنودعبارة عن إیجاب وعرض مفتوح من جانب الدولة، فإذا ما قابله رضا المستثمر الأجنبي بتقدیم طلب تحكیم أمام المركز، فإنه، والحالة هذه، یكون قد تم التراضي الذي نصت علیه المادة(25) منها.

3. أصبحت هیئات تحكیم المركز الدولي في الآونة الأخیرة تكتفي بتقریر اختصاصها، وان لم تتضمن اتفاقیات الاستثمار بنودا ً تقضي باللجوء إلى تحكیم المركز، وذلك من خلال تطبیق شرط المظلة، أو تطبیق شرط الدولة الأولى بالرعایة.

التوصیات

1. ضرورة توخي الدقة في صیاغة التشریعات الداخلیة للاستثمار، وكذلك الاتفاقیات التي تبرمها الدول، ثنائیة، أو جماعیة؛ وذلك بأن تشترط بأن تكون الموافقة من الدولة صریحة، ومحددة؛ لكي تتم الإحالة إلى التحكیم أمام المركز الدولي، أمام إصرار هیئات تحكیم المركز الدولي بتقریر انعقاد اختصاصها للنظر في النزاع، استنادا ً إلى نص تشریعي، أو بند من بنود الاتفاقیات الاستثماریة.

2. تعديل بعض المفاهيم والمصطلحات الواردة في المادة (25) من اتفاقية واشنطن، خاصة منها، تلك التي جاءت في صيغ عامة وذلك بموجب الصلاحية المنوحة للدول المتعاقدة ، وفق المادة ( 65) والمادة (66) منها.

المراجع

أولاً: الكتب العربیة

1. د.الحداد، حفیظة السید (2003) العقود المبرمة بین الدول والأشخاص الأجنبیة(تحدید ماهیتها، والنظام القانوني الحاكم لها) منشورات الحلبي الحقوقیة ، بیروت.

2. د.الحداد، حفیظة السید (2001) التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق،ط1، دار المطبوعات الجامعية،الإسكندرية

3. د.الأسعد، بشار محمد(2006) عقود الاستثمار في العلاقات الدولیة الخاصة ( ماهیتها، القانون الواجب التطبیق علیها، وسائل تسویة منازعاتها) منشورات الحلبي الحقوقیة، بیروت.

4. د.الأسعد، بشار محمد(2009) الفعالیة الدولیة للتحكیم في منازعات عقود الاستثمار الدولیة ، منشورات الحلبي الحقوقیة، بیروت.

5. د.الطراونة، مصلح احمد والأستاذة محمودي،فاطمة الزهراء(2013) التحكیم في منازعات الاستثمار الدولي بین الدولة المضیفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي، ط،1 ج،1 دار وائل للنشر، عمان.

6. د.السنهوري،عبد الرزاق احمد(2004) الوجیز في النظریة العامة للالتزام ، المصادر،منشاة المعارف، الاسكندریة.

7. د.أبو طالب،فؤاد محمد محمد(2010)التحكیم الدولي في منازعات الاستثمار الأجنبي،دراسة مقارنة،دار الفكر الجامعي،الإسكندریة.

8. د.صدقة،عمر هاشم محمد(2008) ضمانات الاستثمارات الأجنبیة في القانون الدولي،دار الفكر الجامعي،الإسكندریة.

9. د.صادق،هشام علي(2002) الحمایة الدولیة للمال الأجنبي،إشارة للوسائل المقترحة لحمایة الأموال العربیة في البلاد العربیة، دار الجامعیة للنشر، بیروت.

10. د.قاسم،طه احمد علي(2008) تسویة المنازعات الدولیة الاقتصادیة دراسة سیاسیة قانونیة لدور المركز الدولي لتسویة منازعات الاستثمار، دار الجامعة الجدیدة،الإسكندریة.

11. د. محمدين،جلال وفاء (2001) التحكيم بين المستثمر والدولة المضيفة للاستثمار أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (القواعد،الإجراءات،الاتجاهات الحديثة) دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية

ثانیا: الرسائل الجامعیة

1. حسیني یمینه(2011) تراضي الأطراف على التحكیم أمام المركز الدولي لتسویة منازعات الاستثمار،رسالة مقدمة لنیل درجة الماجستیر في القانون، فرع قانون التعاون الدولي، جامعة مولود معمري_الجزائرذ

2. ضیا،لیندا فضل(2008) خ ً صوصیة التحكیم في حل المنازعات المتصلة بالاستثمار وفقا لمعاهدة واشنطن لعام ،1965 رسالة مقدمة لنیل درجة الماجستیر في الحقوق،جامعة بیروت.

3. علي،غسان علي(2004) الاستثمارات الأجنبیة ودور التحكیم في تسویة المنازعات التي قد تثور بصددها، رسالة مقدمة لنیل درجة الدكتوراه في الحقوق، جامعة عین شمس.

ثالثاً: المجلات

1. د.الأحدب،عبد الحمید(2002) التحكیم الإلزامي الدولي، مجلة العدل، نقابة المحامین،بیروت، بلا مجلد، بلا سنة، العدد(1).

رابعاً: القوانین والاتفاقیات

أ. القوانین

1. قانون الاستثمار الأردني رقم (30) لسنة .2014

2. الأمر رقم 1-3 المؤرخ في جمادي الثانية عام 1422هجري، الموافق 2001/8/20 المتعلق بتطوير الاستثمار، منشور على شبكة الإنترنت على الموقعhttp://www.joradp.d2

3.قانون الاستثمار المصري رقم (8) لسنة .1997

ب.الاتفاقیات

1. اتفاقیة واشنطن لعام 1965

2. اتفاقیة تشجیع وحمایة الاستثمار المبرمة بین الأردن والاتحاد الكونفدرالي السویسري لسنة .2001

3. اتفاقیة تشجیع وحمایة الاستثمارات المتبادلة المبرمة بین الأردن ودولة الكویت لسنة 2001

4. اتفاقیة أمریكا الشمالیة للتجارة الحرة لسنة .1992

5. اتفاقیة میثاق الطاقة لسنة .1994

6. اتفاقیة Mercosur المبرمة بین الأرجنتین والبرازیل والارغواي والبراغواي لسنة .1994

7. تفاقیة قرطاجة للتجارة الحرة المبرمة بین المكسیك وفنزویلا وكولومبیا لسنة .1994

خامساً: مواقع الانترنت

1.http://www.Nafta.sec-alena.Org.

2.www.f-Law.Net>Threads>39195

3.http://www.joradp.d2

4. http://www.jic.gov.jo

سادساً: المصادر الأجنبیة

1. ICSID Annual Report 2010.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى