مقالات قانونية

الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية في التشريع الجزائري

 

مقدمة:

       نظرا لمدى تأثير النشاط المصرفي على النشاط الاقتصادي، وما ينجر عنه من نتائج في بعض الأحيان تكون وخيمة على الاقتصاد الوطني، ازداد تدخل الدولة في النشاط المصرفي ليس فقط من أجل توجيهه وفقا لما يخدم المصلحة العامة، بل أيضا من أجل حمايته.

       ونظرا لكون البنوك والمؤسسات المالية تشكل قاعدة النظام المصرفي، ومن أجل القيام بدورها وفقا للقوانين والأنظمة المصرفية المعمول بها، فإنه لا بد ن وضع نظام رقابة محكم وصارم يهدف إلى التحقق من سلامة تدفق أموالها وتصريفها وصحة عملياتها ودقة تسجيلها وقيدها، وما مدى احترامها للقوانين والأنظمة المتعلقة بممارسة النشاط المصرفي.

       لقد عرف النظام المصرفي الجزائري مند الاستقلال عدة إصلاحات من ضمنها القانون 90/10 المؤرخ في 14 أبريل 1990 المتضمن قانون النقد والقرض، ونظرا للأزمات والانهيارات التي مست البنوك الجزائرية[1] استدعى الأمر من السلطات العمومية إلغاء القانون 90/10 وتعويضه بالأمر 03/11 المؤرخ في 26 غشت 2003، الذي أرسى العديد من الأحكام المتعلقة بإلزامية الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية وخول مجموعة من الهياكل التي تعمل تحت سلطة بنك الجزائر سلطة إصدار تنظيمات ومنح لها صلاحية مراقبة مدى التزام البنوك والمؤسسات المالية بالأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة عليها، سواء عند إنشائها أو أثناء ممارستها لنشاطها.

       وعلى ضوء ما تقدم فإن الإشكالية التي يمكن طرحها حول موضوع دراستنا هذه تتمثل في:

ما هو مضمون هذه الرقابة والإطار القانوني والتنظيمي لممارسة رقابة فعالة على البنوك والمؤسسات المالية؟.

       وتجدر الإشارة إلى أن الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية محل الدراسة هي تلك الرقابة الممارسة من طرف أجهزة خارج البنوك والمؤسسات المالية، وليست الرقابة التي تمارس من طرف أجهزة داخل البنك أو المؤسسة المالية، والتي تعد رقابة داخلية ولا تدخل ضمن دراستنا.

       ومنه تتطلب الإجابة على الإشكالية المطروحة، تناول الرقابة على إنشاء البنوك والمؤسسات المالية (المبحث الأول)، ثم الرقابة على نشاط البنوك والمؤسسات المالية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: الرقابة على إنشاء البنوك والمؤسسات المالية         

       تخضع البنوك والمؤسسات المالية لرقابة تسبق ممارستها للأعمال المصرفية تسمى برقابة الإنشاء، وقد خول قانون النقد والقرض مهام القيام بها لهيئات مستحدثة على مستوى بنك الجزائر باعتباره منظم السياسة النقدية في البلاد، تتمثل في كل من محافظ بنك الجزائر ومجلس النقد والقرض[2].

 

المطلب الأول: شروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية

 أورد المشرع الجزائري شروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية من خلال النظام رقم 06/02 الصادر عن بنك الجزائر بتاريخ 24 سبتمبر 2006، الذي حدد شروط تأسيس بنك ومؤسسة مالية أو إقامة فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية في الجزائر.

الفرع الأول: الترخيص

 يعتبر الحصول على ترخيص مجلس النقد والقرض إجراء أولي إلزامي لأجل إنشاء بنك أو مؤسسة مالية يحكمها القانون الجزائري، مع مراعاة أحكام المادة 80 من قانون النقد والقرض.

أولا: طلب الترخيص

 يوجه طلب الترخيص بإنشاء البنك و المؤسسة المالية أو فرع البنك والمؤسسة المالية إلى رئيس مجلس النقد والقرض[3]. يجب أن يتضمن ملف طلب الترخيص المقدم من طرف الطالبين، على وجه الخصوص العناصر والمعطيات المتعلقة ببرنامج النشاط وإستراتيجية تنمية الشبكة والوسائل المادية والمالية المسخرة لذلك، بالإضافة إلى قائمة المسيرين الرئيسيين والقوانين الأساسية للبنك أو المؤسسة المالية والتنظيم الداخلي مع الإشارة إلى عدد الموظفين وكذا الصلاحيات المخولة لكل مصلحة[4].

ثانيا: شروط الترخيص

 يشترط للحصول على الترخيص بإنشاء البنك أو المؤسسة المالية توفر الشروط والإجراءات المنصوص عليها في التنظيم رقم 06/02 والمتمثلة في:

1- استفاء الشكل القانوني للبنك أو المؤسسة المالية: حيث تؤسس البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة للقانون الجزائري في شكل شركات مساهمة ويمكن أن يدرس مجلس النقد والقرض جدوى اتخاذ بنك أو مؤسسة مالية شكل تعاضدية، ولا يمكن الترخيص بالمساهمات الخارجية إلا في إطار شراكة تمثل المساهمة الوطنية المقيمة 51 % على الأقل من رأس المال[5].

2- ممارسة مجموعة محددة من العمليات المصرفية: تتضمن العمليات المصرفية تلقي الأموال من الجمهور وعمليات القرض، وكذا وضع وسائل الدفع تحت تصرف الزبائن وإدارة هذه الوسائل[6].

3- شرط رأس المال الأدنى المطلوب: تطبيقا للمادة 88 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض التي تلزم بأن يتوفر للبنوك والمؤسسات المالية رأس مال مبرأ كليا ونقدا يساوي على الأقل المبلغ الذي يحدده مجلس النقد والقرض، صدر النظام رقم 04/01 المؤرخ في 04 مارس 2004 والمتعلق بالحد الأدنى لرأس مال البنوك والمؤسسات المالية العاملة في الجزائر.

       ألزمت المادة 02 من هذا النظام البنوك والمؤسسات المالية، المؤسسة في شكل شركة مساهمة الخاضعة للقانون الجزائري أن تمتلك، عند تأسيسها، رأس مال محررا كليا ونقدا يساوي على الأقل:

– مليارين وخمسمائة مليون دينار (2.500.000.000 دج) بالنسبة للبنوك المحددة في المادة 70 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض.

– خمسمائة مليون دينار (500.000.000 دج) بالنسبة للمؤسسات المالية المحددة في المادة 71 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض.

       وقد منحت المادة 04 من النظام رقم 04/01 للبنوك والمؤسسات المالية مهلة سنتين للتقيد بالأحكام التنظيمية وذلك اعتبارا من تاريخ إصدار هذا النظام، وإلا ترتب عنه سحب اعتمادها من طرف مجلس النقد والقرض وفقا لمقتضيات المادة 95 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم.

4- الشروط المتعلقة بالمساهمين أو المؤسسين أو مالكي الحصص: الأصل أن لا اعتبار لشخصية المساهم في البنوك والمؤسسات المالية باعتبارها شركة مساهمة، لأن المسؤولية ليست تضامنية، لكن الأمر 03/11 المعدل والمتمم، المتضمن قانون النقد والقرض يجعل شخصية المساهمين في رأس مال البنوك والمؤسسات المالية محل اعتبار، نظرا لدورهم الهام في المساهمة في تعيين أعضاء مجلس الإدارة ومجلس المراقبة وكل المسيرين، وكذا المساهمة في استقرار الوضع المالي للبنك أو المؤسسة المالية.

5- الشروط المتعلقة بالمسيرين: إن وعي المشرع بالدور الهام والفعلي للمسيرين في تحديد مسار نشاط البنوك والمؤسسات المالية جعله يولي اعتبارا كبيرا لشخصهم، بدء من الحرص على توفر الأهلية القانونية والكفاءة والخبرة والنزاهة. كما نص المشرع على منع بعض الفئات التي ثبت الحكم عليها قضائيا نتيجة لارتكابهم بعض الأفعال المنصوص عليها في المادة 80 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم.

6- شرط الإمكانيات التقنية والمالية المستعملة: يتعلق هذا الشرط بضرورة توفر البنوك والمؤسسات المالية على وسائل اتصال وانتقال المعلومات بين مختلف البنوك وربطها مع بنك الجزائر، وكذلك مراعاة إمكانية تطوير استعمال الإعلام الآلي ووسائل الدفع الحديثة كالنقود الإلكترونية.

       وخول المشرع مجلس النقد والقرض بصفته سلطة نقدية صلاحية وضع الشروط التقنية لممارسة المهنة المصرفية، وكذا ممارسة مهام الاستشارة والوساطة في المجالين المصرفي والمالي.

       وقد نصت المادة 06 من النظام رقم 06/02 المتعلق بشروط تأسيس بنك ومؤسسة مالية وشروط إقامة فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية على أنه "يدخل الترخيص الممنوح والمتعلق بتأسيس بنك ومؤسسة مالية وكذا الترخيص بإقامة فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ تبليغه."

       باستقراء نص المادة 06 من النظام رقم 06/02 السالفة الذكر نستشف أن قرار مجلس النقد والقرض الرامي إلى قبول طلب الترخيص هو الذي يبلغ دون قرار رفض الترخيص، وباعتبار أن هذا الرفض لا يبلغ ولا يصدر أصلا، فنكون في هذه الحالة أمام السكوت الضمني للإدارة. في حين أنه بالرجوع إلى القواعد العامة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، نجد أن من ضمن شروط رفع دعوى الإلغاء أن يكون هناك قرار إداري ، وباعتبار أن المادة 87 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم أوردت أنه لا يمكن الطعن أمام مجلس الدولة في القرارات التي يتخذها المجلس بموجب المواد 82 و84 و85 من نفس الأمر، إلا بعد قرارين بالرفض، ولا يجوز تقديم الطلب الثاني إلا بعد مضي أكثر من عشرة أشهر من تبليغ رفض الطلب الأول فهذا يدل على وجوب تبليغ قرار الرفض لطالب الترخيص.

 

الفرع الثاني: الاعتماد

 يعد الحصول على الترخيص بتأسيس البنك أو المؤسسة المالية أو إقامة فرع لبنك أجنبي في الجزائر غير كافي للبدء في ممارسة النشاط البنكي والمالي، فقد اشترط المشرع بعد الحصول على الترخيص طلب الاعتماد كبنك أو مؤسسة مالية حسب الحالة بعد استفاء جميع الشروط المحددة في الأمر 03/11 وجميع الأنظمة المتخذة لتطبيقه.

أولا: طلب الاعتماد

 حدد النظام رقم 06/02 في المادة الثامنة منه، الإجراءات المتبعة للحصول على الاعتماد، حيث أنه، وبعد الحصول على الترخيص، يجب على البنك أو المؤسسة المالية تقديم طلب الاعتماد إلى محافظ بنك الجزائر مرفقا بالمستندات والمعلومات المطالب بها وفقا للمادة الثانية من التعليمة رقم 2000/04 الصادرة عن محافظ بنك الجزائر[7] في أجل أقصاه اثنا عشر شهرا ابتداء من تاريخ تبليغ الترخيص والمتمثلة في:

– رسالة تعهد مصادق عليها من قبل الجمعية العامة للمساهمين، موقع عليها من قبل رئيس مجلس إدارة البنك أو المؤسسة المالية.

– النسخة الأصلية للقوانين الأساسية المحررة بموجب عقد توثيقي أو نسخة طبق الأصل مصادق عليها للقوانين الأساسية للمؤسسة الأم.

– نسخة طبق الأصل مصادق عليها للسجل التجاري.

– نسخة طبق الأصل مصادق عليها للتصريح بالوجود محررة لدى قباضة الضرائب في مكان تواجد المقر الاجتماعي.

– شهادة تحرير جزء من رأس المال أو التخصيص المكتتب لدى موثق، وصورة مصادق عليها الإيصال بالمبلغ المدفوعة فعليا في الحساب البنكي.

– شهادة تحويل للعملة الصعبة بالنسبة للمساهمين غير المقيمين.

– تقرير لمندوبي الحصص عن الحصص العينية.

– محضر الجمعية العامة التأسيسية يتضمن، ولاسيما انتخاب الرئيس، أو محضر مجلس المراقبة المتضمن تعيين أعضاء مجلس المديرين ورئيسه، أو محضر مجلس الإدارة للبنك الأجنبي المتعلق بالسلطات الممنوحة لمسيري الفرع.

– محضر الجمعية العامة العادية المتضمن تعيين أعضاء مجلس الإدارة أو مجلس المراقبة، محضر مجلس المراقبة للمؤسسة الأم المعين على الأقل لشخصين مكلفين بنشاط وإدارة الفرع.

– مصادقة محافظ بنك الجزائر على أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين العامين، أو الأشخاص المكلفين بالنشاط وإدارة الفرع حسب الحالة.

– محضر اجتماع مجلس الإدارة المتضمن انتخاب رئيس مجلس الإدارة وتعيين المدير العام أو المديرين العامين.

– نسخة مصادق عليها لسند الملكية أو عقد الإيجار للمقرات أين سيتواجد البنك مع العنوان ورقم الهاتف.

       يمنح الاعتماد بمقرر من محافظ بنك الجزائر إذا استوفي الطالب كل شروط التأسيس المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما، وينشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية[8]، مع ملاحظة أن المشرع الجزائري لم يتناول مسألة رفض الاعتماد إن كان بموجب مقرر أم لا، كما لم يحدد طرق الطعن في هذا الرفض.

ثانيا: أثار منح الاعتماد

 يترتب على منح البنك أو المؤسسة المالية الاعتماد ونشره في الجريدة الرسمية وتسجيله في قائمة البنوك والمؤسسات المالية، تمتع البنك أو المؤسسة المالية بحق ممارسة الأعمال  المصرفية المنصوص عليها في المواد 66، 67، 68، 69 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم في كامل التراب الوطني، لكن يخضع فتح شبابيك تابعة له أو فروع لصدور ترخيص من بنك الجزائر.

       تجدر الإشارة إلى أن التعديلات التي تطرأ على القوانين الأساسية والمتعلقة بغرض أو رأس مال  البنوك والمؤسسات المالية يتم عرضها، سواء قبل أو بعد منح الاعتماد، على مجلس النقد والقرض وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 02 و 03 من النظام رقم 06/02، ولا تصبح قابلة للتنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من طرف مجلس النقد والقرض[9]، وبذلك فإن أي تغيير جوهري في البنك أو المؤسسة المالية يستوجب الحصول على اعتماد جديد، خاصة وأن المادة 95 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم تمنح لمجلس النقد والقرض صلاحية سحب الاعتماد تلقائيا إن لم تصبح الشروط التي يخضع لها الاعتماد متوفرة[10].

المطلب الثاني: الهيئات المكلفة بالرقابة على إنشاء البنوك والمؤسسات المالية

 أوكل المشرع الجزائري مهام الرقابة على إنشاء البنوك والمؤسسات المالية لهيئتين تعملان تحت سلطة بنك الجزائر، هما محافظ بنك الجزائر ومجلس النقد والقرض.

الفرع الأول: محافظ بنك الجزائر

 يتولى محافظ بنك الجزائر مهام إدارة بنك الجزائر ويساعده في ذلك ثلاثة نواب محافظ، كما يتولى رئاسة مجلس النقد والقرض. فهو يضطلع بدور هام في الرقابة على إنشاء البنوك والمؤسسات المالية من خلال المساهمة في منح الترخيص والاعتماد.        

       يعين محافظ بنك الجزائر ونوابه بموجب مرسوم رئاسي، وتتنافى وظيفة المحافظ مع كل عهدة انتخابية وكل وظيفة حكومية وكل وظيفة عمومية، وكذلك الأمر بالنسبة لوظيفة نائب المحافظ، ولا يمكن المحافظ ونوابه أن يمارسوا أي مهنة أو نشاط أو وظيفة أثناء عهدتهم، ما عدا تمثيل الدولة لدى المؤسسات العمومية الدولية ذات الطابع النقدي أو المالي أو الاقتصادي.

       يتخذ محافظ بنك الجزائر الذي يدعى في صلب النص "المحافظ" جميع تدابير التنفيذ ويقوم بجميع الأعمال في إطار القانون لاسيما:

– يوقع باسم بنك الجزائر جميع الاتفاقيات والمحاضر المتعلقة بالسنوات المالية والحصائل وحسابات النتائج.

– يمثل بنك الجزائر لدى السلطات العمومية في الجزائر ولدى البنوك المركزية الأجنبية ولدى الهيئات المالية الدولية ولدى الغير بشكل عام.

– يرفع الدعاوى القضائية ويدافع عنها بناء على متابعته وتعجيله، ويتخذ جميع الإجراءات التحفظية التي يراها مناسبة.

– يقوم بكل شراء للأملاك العقارية المرخص بها قانونا والتصرف فيها، وينظم مصالح بنك الجزائر ويحدد مهامها.

– يوظف أعوان بنك الجزائر وفقا للشروط المنصوص عليها في القانون الأساسي للمستخدمين ويعينهم في مناصبهم ويرقيهم ويعزلهم ويفصلهم.

– يعين ممثلي بنك الجزائر في مجالس المؤسسات الأخرى، عندما يكون هذا التمثيل مقررا.

كما يتولى محافظ بنك الجزائر تحديد صلاحيات كل نائب من نوابه ويوضح سلطاته، ويمكنه تفويض إمضاءه إلى أعوان من بنك الجزائر.

وتوخ المشرع الجزائري إدراج عدة شروط لتولي مهام محافظ بنك الجزائر ونوابه بهدف تحصينهم ماديا ومعنويا من إمكانية ضلوعهم أو توريطهم في ارتكاب الجرائم التي تتم عن طريق النظام البنكي والمالي أهمها[11]:

– عدم ممارسة أي نشاط أو مهنة أو تولي أي منصب خلال مدة ولايتهم، ما عدا تمثيل الدولة لدى المؤسسات العمومية الدولية ذات الطابع البنكي أو المالي أو الاقتصادي.

– عدم اللجوء إلى اقتراض مبالغ مالية من أية مؤسسة جزائرية أو أجنبية.

– عدم قبول أي تعهد عليه توقيع أحدهم في محفظة البنك المركزي أو محفظة أي مؤسسة عاملة في الجزائر.

– عدم جواز قيامهم خلال السنتين التاليتين لنهاية مدة ولايتهم بإدارتهم أو العمل في مؤسسة خاضعة لسلطة أو رقابة بنك الجزائر أو شركة تسيطر عليها هذه المؤسسة، أو قيامهم بالعمل كوكلاء أو مستشارين لدى مؤسسات أو شركات مماثلة.

الفرع الثاني: مجلس النقد والقرض

 يعتبر إنشاء مجلس النقد والقرض من أهم الإصلاحات الجديدة التي حملها القانون 90/10 المتعلق بالنقد والقرض[12] الذي يمثل بموجب هذا القانون مجلس إدارة بنك الجزائر ويمثل أيضا السلطة النقدية في الدولة.

       وبصدور الأمر 03/11 المعدل والمتمم، أصبح مجلس النقد والقرض يتمتع بصلاحيات واسعة عن تلك التي كانت مخولة له في ظل القانون 90/10 من خلال ممارسته لرقابة فعلية على النظام المصرفي، فهو سلطة بمعنى الكلمة، ينشئ، ينظم ويراقب المراكز القانونية للمتدخلين في النشاط المصرفي[13].

       يجتمع مجلس النقد والقرض باعتباره مجلس بنك الجزائر الذي يرأسه محافظ بنك الجزائر ويستدعيه للاجتماع ويحدد جدول أعماله. يتكون مجلس النقد والقرض من:

– أعضاء مجلس إدارة بنك الجزائر.

– شخصيتين تختاران بحكم كفاءتهما في المسائل الاقتصادية والمالية.

       خول الأمر 03/11 المعدل والمتمم مجلس النقد والقرض مراقبة الدخول إلى ممارسة النشاط المصرفي من خلال الترخيص بالإنشاء، وكذلك الترخيص بالتعديل الذي يمس القوانين الأساسية للبنوك والمؤسسات المالية قبل أو بعد الحصول على الاعتماد طبقا لنص المادة 62 منه.

       كما وسع المشرع من صلاحيات مجلس النقد والقرض في مجال الرقابة لتمتد إلى جوانب متعلقة بالمهنة المصرفية، ويمكنها أن تشكل موضوع سحب الاعتماد حسب نص المادة 95 من الأمر 03/11 الذي جاء فيه "دون الإخلال بالعقوبات التي تقررها اللجنة المصرفية في إطار صلاحياتها، يقرر المجلس سحب الاعتماد:

  • بناء على طلب من البنك أو المؤسسة المالية
  •  تلقائيا:

1- إن لم تصبح الشروط التي يخضع لها الاعتماد متوفرة،

2- إن لم يتم استغلال الاعتماد لمدة اثني عشر (12) شهرا،

3- إذا توقف النشاط موضوع الاعتماد لمدة ستة (6)أشهر".

المبحث الثاني: الرقابة على نشاط البنوك والمؤسسات المالية

       أسند الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض، المعدل والمتمم مهام الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية إلى هيئات لها دور في تدعيم النظام البنكي والمالي:

المطلب الأول: اللجنة المصرفية

 أسست اللجنة المصرفية بموجب المادة 143 من القانون 90/10 المتعلق بالنقد والقرض، ورغم إلغاء القانون 90/10 بالأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض، إلا أنه أبقى على وجود هذه اللجنة بموجب نص المادة 105، الذي اعترف للجنة المصرفية باختصاصات ضبط واسعة في المجالات المرتبطة بها، وكذلك بسلطات واسعة فيما يخص توقيع العقوبات في حالة مخالفة القوانين والأنظمة التي تحدد قواعد السير الحسن للمهنة[14].

       حسب المادة 106 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم فإن اللجنة المصرفية تتكون من:

– المحافظ، رئيسا.

– ثلاثة أشخاص يختارون بحكم كفاءتهم في المجال المصرفي والمالي والمحاسبي.

– قاضيان ينتدب الأول من المحكمة العليا ويختاره رئيسها الأول وينتدب الثاني من مجلس الدولة ويختاره رئيس المجلس، بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء.

– ممثل عن مجلس المحاسبة يختاره رئيس هذا المجلس من بين المستشارين الأولين.

– ممثل عن الوزير المكلف بالمالية.

       ويتم تعيين أعضاء اللجنة من طرف رئيس الجمهورية لعهدة مدتها خمس سنوات بموجب مرسوم رئاسي. وتطبق على رئيس اللجنة المصرفية وأعضاؤها أحكام المادة 25 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، إذ لا يجوز لهم أن يفشوا بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وقائع أو معلومات اطلعوا عليها في إطار عهدتهم، وذلك دون المساس بالالتزامات المفروضة عليهم بموجب القانون، وما عدا الحالات التي يدعون فيها للإدلاء بشهادة في دعوى جزائية.

       إن الأمر03/11 المعدل والمتمم مثله مثل سابقيه، لم يشر صراحة في ظل أحكامه إلى الطبيعة القانونية للجنة المصرفية إن كانت ذات طبيعة إدارية أم قضائية, إلا أن مجلس الدولة الجزائري قد اعتمد معيار قابلية القرارات للطعن بالإلغاء في قضية "union bank " في تكييفه للجنة المصرفية، أين توصل في القرار الصادر عنه إلى اعتبار هذه الأخيرة سلطة إدارية مستقلة، رغم غياب أي نص صريح ضمن قانون النقد والقرض يجيز الطعن بالإلغاء في القرارات الصادرة عن اللجنة المصرفية، كما أنها لا تتمتع بالاستقلالية والشخصية المعنوية.

الفرع الأول: مجال رقابة اللجنة المصرفية

 نصت المادة 105 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم على أن اللجنة المصرفية تكلف بمراقبة مدى احترام البنوك والمؤسسات المالية للأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة عليها، وبفحص شروط استغلالها والسهر على نوعية وضعياتها المالية، والمعاقبة على الإخلالات التي تتم معاينتها.

       كما تعاين عند الاقتضاء المخالفات التي يرتكبها أشخاص يمارسون نشاط البنك أو المؤسسة المالية دون أن يتم اعتمادهم، وتطبق عليهم العقوبات التأديبية المنصوص عليها في هذا الأمر دون المساس بالملاحقات الأخرى الجزائية والمدنية.

       وتوسع اللجنة المصرفية تحرياتها إلى المساهمات والعلاقات المالية بين الأشخاص المعنويين الذين يسيطرون بصفة مباشرة أو غير مباشرة على بنك أو مؤسسة مالية، وإلى الفروع التابعة لهما. ويمكن توسيع مراقبة اللجنة المصرفية في إطار اتفاقيات دولية إلى فروع الشركات الجزائرية في الخارج.

       تلجأ اللجنة المصرفية للقيام بمهامها في إطار الرقابة على نشاط البنوك والمؤسسات المالية إلى نوعين من التحقيق هما:

أولا: الرقابة على الوثائق والمستندات(le contrôle sur pièce)

 خول الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض اللجنة المصرفية سلطة مراقبة البنوك والمؤسسات المالية بناء على الوثائق والمستندات قصد التحقق من الاحترام الظاهر للتشريعات والأنظمة السارية المفعول، وكذا مدى احترام قواعد الحيطة والحذر في التسيير للبنوك والمؤسسات المالية الخاضعة لرقابتها، من أجل البحث عن مدى وجود إختلالات في التوازن المالي من عدمه.

       ويمنح المشرع الجزائري اللجنة المصرفية مهمة تنظيم برنامج عمليات المراقبة التي تقوم بها، وتحديد قائمة الوثائق والمستندات ومدة تسليمها، كما يخول لها أن تطلب من البنوك والمؤسسات المالية جميع المعلومات والإيضاحات والإثباتات اللازمة لممارسة مهامها.

       وتتمثل أهمية الرقابة على الوثائق والمستندات في[15]:

– تسهيل مهام البنوك والمؤسسات المالية التي ترسل للسلطات الرقابية مجموعة موحدة من المعطيات تعتمد على منهجية متناسقة.

– تسمح هذه الرقابة بكشف مخالفات التشريع والتنظيم المعمول بهما، وخرق قواعد حسن سلوك المهنة.

– تسمح بالكشف عن أخطاء في تطبيق أسس الاستغلال من طرف البنوك والمؤسسات المالية، قبل الوصول إلى مخالفة.

ثانيا: الرقابة في عين المكان(le contrôle sur place)

 بناء على نتائج الرقابة على الوثائق والمستندات، قد تلاحظ اللجنة ضرورة الانتقال إلى عين المكان من أجل معاينتها والتأكد من صحة المعلومات التي بلغت بها، أو حتى بمبادرة منها متى رأت ذلك ضروريا.

       وقد خول الأمر 03/11 المعدل والمتمم، المتعلق بالنقد والقرض اللجنة المصرفية سلطة مراقبة البنوك والمؤسسات المالية في عين المكان، كما يمكن لبنك الجزائر أن يقوم بإجراء التفتيش لحساب اللجنة المصرفية، ويمكن لهذه الأخيرة أن تأمر أي شخص يقع عليه اختيارها القيام بهذه الرقابة.

       وتدعيما لهذا الدور، جاءت قوانين خاصة تكرس دور اللجنة المصرفية في معاينة الجرائم من خلال أعوان بنك الجزائر، فنجد القانون 96/22 المتعلق بمخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، المعدل والمتمم، قد نص على مساهمة هؤلاء الأعوان في التقصي عن الجرائم عن طريق المعاينة وتقديم المعلومات[16]، كما أن القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما[17] نص صراحة على الدور المباشر الذي تطلع به اللجنة المصرفية في الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية من خلال التقرير السري الذي يعده مفتشو بنك الجزائر المفوضين من قبل اللجنة المصرفية في إطار المراقبة في عين المكان.

       كما يمكن اللجنة المصرفية ممارسة الرقابة على تقارير وأعمال محافظو حسابات البنوك والمؤسسات المالية التي يمكنها أن تسلط عليهم المنصوص عليها في المادة 102 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم.

       وقد أقر قانون النقد والقرض مبدأ جوهري يعزز دور اللجنة في مجال الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية يتمثل في عدم التمسك بالسر المهني في مواجهتها.

الفرع الثاني: التدابير والعقوبات الصادرة عن اللجنة المصرفية:

تبعا لنتائج التحقيق حسب الوثائق والمستندات وفي مراكز البنوك والمؤسسات المالية ومدى احترام هذه الأخيرة لقواعد الحيطة والحذر في التسيير، قد تلاحظ اللجنة المصرفية وجود مخالفات للأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بممارسة النشاط المصرفي وأخلاقيات المهنة أو التدابير التي يفرضها بنك الجزائر بمقتضى صلاحياته القانونية أو تقديم بيانات ومعلومات خاطئة أو ناقصة وغير مطابقة للحقيقة، فإن اللجنة المصرفية وفي إطار صلاحياتها الرقابية والتأديبية تقوم باتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أية مخالفات تكتشفها من خلال رقابتها المستندية والميدانية للبنوك والمؤسسات المالية[18].

أولا: التدابير والإجراءات الإدارية

 طبقا للمواد 111، 112، 113 و115 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم المتعلق بالنقد والقرض، إذا أخلت البنوك والمؤسسات المالية بقواعد حسن سير المهنة المصرفية تقوم اللجنة المصرفية باتخاذ تدابير وإجراءات إدارية وهي وقائية غرضها ضمان حسن سير البنوك والمؤسسات المالية وحماية أموال المودعين من جهة، ومن جهة أخرى حماية النظام المالي بشكل عام، فهي لا تهدف إلى توقيع العقاب بل هي إجراءات تهدف إلى التصحيح والنهوض بوضعية البنك أو المؤسسة المالية[19].

       يتجسد هذا النوع من التدابير والإجراءات الإدارية في:

– توجيه اللجنة المصرفية تحذيرا لأحد البنوك أو المؤسسات المالية الخاضعة لرقابتها إذا أخلت بقواعد السير الحسن للمهنة المصرفية، وذلك بعد إتاحة الفرصة لمسيري هذه المؤسسة بتقديم تفسيراتهم طبقا للمادة 111 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم التي نصت على ما يلي: "إذا أخلت إحدى المؤسسات الخاضعة لرقابة اللجنة بقواعد حسن سير المهنة، يمكن اللجنة أن توجه لها تحذيرا، بعد إتاحة الفرصة لمسيري هذه المؤسسة لتقديم تفسيراتهم".

       هذا وإذا لم يراع هذا التحذير من قبل البنك أو المؤسسة المالية، يمكن اللجنة المصرفية اتخاذ العقوبات المنصوص عليها في المادة 114 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم.

– تقديم الأوامر للبنك أو المؤسسة المالية عندما تبرر وضعيته المالية ذلك، وفي هذا الإطار وطبق للمادة 112 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم يمكن للجنة المصرفية أن تدعو أي بنك لاتخاذ ضمن مهلة معينة جميع التدابير التي من شأنها أن تعيد أو تدعم توازنه المالي أو تصحح الأساليب الإدارية المطبقة في التسيير.

– تعيين قائم بالإدارة مؤقتا، فطبقا للمادة 113 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، يمكن للجنة المصرفية أن تعين قائم بالإدارة مؤقتا تخول له الصلاحيات اللازمة لإدارة وتسيير البنك أو المؤسسة المالية المعنية أو فروعها في الجزائر بما في ذلك حق إعلان التوقف عن الدفع.

       يمكن أن يتم تعيين قائم بالإدارة مؤقتا بناء على طلب من مسيري البنك أو المؤسسة المالية المعنية، عندما يروا بأنهم لم يعد باستطاعتهم ممارسو مهامهم بشكل عاد، كعدم قدرتهم على استرداد ديونهم، وإما مباشرة من قبل اللجنة المصرفية عندما تتيقن أنه لم يعد بالإمكان إدارة البنك أو المؤسسة المالية المعنية في ظروف عادية أو عندما تقرر ذلك إحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 114 من الأمر 03/11 المتعلق بالنقد والقرض والمتمثلة في:

– التوقيف المؤقت لمسير أو أكثر مع تعيين قائم بالإدارة مؤقتا أو عدم تعيينه.

– إنهاء مهام شخص أو أكثر من هؤلاء الأشخاص مع تعيين قائم بالإدارة مؤقتا أو عدم تعيينه.

– تعيين مصفي، فحسب المادة 115 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم فإنه يصبح قيد التصفية كل بنك أو مؤسسة مالية خاضعة للقانون الجزائري تقرر سحب الاعتماد منها، وكذا كل فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية عاملة في الجزائر تم سحب الاعتماد منها.

       ويمكن للجنة المصرفية أن تضع قيد التصفية وتعين مصفيا لكل مؤسسة تمارس بطريقة غير قانونية العمليات المخولة للمؤسسات المصرفية، أو التي تخل بإحدى الممنوعات المنصوص عليها في المادة 81 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم المتعلق بالنقد والقرض.

ثانيا: الإجراءات التأديبية

 تتمتع اللجنة المصرفية بصلاحيات واسعة في توقيع العقوبات على البنوك والمؤسسات المالية التي لا تتقيد في نشاطها بالأحكام التشريعية والتنظيمية، أو لم تستجيب لأمر وكذا في حالة تجاهلها للتحذير الموجه لها.

       وتتراوح العقوبات الواردة في المادة 114 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم ما بين الإنذار، التوبيخ، المنع من ممارسة بعض العمليات وغيرها من أنواع الحد من ممارسة النشاط، والمنع من ممارسة الصلاحيات لمدة معينة.

       وفي إطار العقوبات التأديبية يخول قانون النقد والقرض اللجنة المصرفية سلطة سحب الاعتماد من البنك أو المؤسسة المالية إذا ما عاينت أثناء قيامها بالرقابة وجود مخالفة تستدعي سحب الاعتماد من البنك أو المؤسسة المالية.

       وفضلا عن ذلك يمكن اللجنة المصرفية أن تقضي إما بدلا عن العقوبات السابقة الذكر، وإما إضافة إليها بعقوبة مالية لا تتجاوز بأي حال من الأحوال الرأس مال الأدنى المطلوب توافره لدى البنك أو المؤسسة المالية المعنية، وتقوم الخزينة العمومية بتحصيل هذا المبلغ الذي يدخل في ميزانية الدولة.

       من خلال ما سبق ذكره حول العقوبات التأديبية الصادرة عن اللجنة المصرفية الواردة في المادة 114 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، نلاحظ أن هذه العقوبات لم تقترن بطبيعة المخالفة المرتكبة من طرف البنك أو المؤسسة المالية وبالتالي فإن اللجنة المصرفية لها كامل السلطة في توقيع العقوبات وكذا الحال بالنسبة لاستبدال العقوبات التأديبية بالعقوبات المالية أو بالإضافة إليها، ففي كل الحالات لم يحدد القانون طبيعة المخالفة ويبقى على عاتق أعضاء اللجنة تحديد العقوبات المناسبة بحسب طبيعة المخالفة المرتكبة.

الفرع الثاني:  المصالح المشتركة لبنك الجزائر

 تمثل المصالح المشتركة لبنك الجزائر الدعم الحقيقي للبنوك والمؤسسات المالية بالمعلومات وتعتبر كوسيلة للرقابة وتقدير أعمالها، وتحقيق السير الحسن للجهاز المصرفي.

       وتتمثل هذه المصالح في مركزية المخاطر(1)، مركزية المستحقات غير المدفوعة(2)، مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدون رصيد(3)، مركزية الموازنات(4)، المديرية العامة للمفتشية العامة في بنك الجزائر(5).

أولا: مركزية المخاطر (la centrale des risques)

 تم إنشاء مركزية المخاطر بموجب المادة 160 من القانون 90/10 المتعلق بالنقد والقرض التي تقابلها المادة 98 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم المتعلق بالنقد والقرض، التي نصت على أنه: "ينظم بنك الجزائر ويسير مصلحة لمركزة المخاطر تدعى "مركزية المخاطر" تكلف يجمع أسماء المستفيدين من القروض وطبيعة القروض الممنوحة وسقفها والمبالغ المسحوبة والضمانات المعطاة لكل قرض، من جميع البنوك والمؤسسات المالية.

يتعين على جميع البنوك والمؤسسات المالية الانخراط في مركزية المخاطر، ويجب أن تزود مركزية المخاطر، بالمعلومات المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة …".

       تلتزم البنوك والمؤسسات المالية بالانخراط في هذه المصلحة وتحترم قواعد عملها احتراما دقيقا طبقا للمادة 03 من النظام رقم 92/01 المؤرخ في 22 مارس 1992 المتضمن تنظيم مركزية الأخطار وعملها. وقد تلت هذا النظام التعليمة رقم 92/70 التي نصت المادة 15 منها على كيفية تنظيم وتمويل مركزية المخاطر[20].

       يتمثل الهدف من إنشاء مركزية المخاطر في كشف وتدارك المخاطر المرتبطة بالقرض ومنح البنوك والمؤسسات المالية المعلومات الضرورية المرتبطة بالقروض والزبائن التي تشكل مخاطر محتملة من خلال مهام مركزية المخاطر والمتمثلة في:

– تركيز المعلومات المرتبطة بالقروض ذات المخاطر في مصلحة واحدة ببنك الجزائر مما يسمح بتسيير أفضل لسياسة القرض.

– مراقبة ومتابعة نشاط البنوك والمؤسسات المالية ومعرفة مدى العمل الذي تقوم به في مجال الخضوع لمعايير وقواعد العمل التي يحددها بنك الجزائر.

– منح البنوك والمؤسسات المالية فرصة المفاضلة بين القروض المتاحة بناء على معطيات سليمة نسبيا.

ثانيا: مركزية المستحقات غير المدفوعة (la centrale des impayés)

 تم إنشاء مركزية المستحقات غير المدفوعة بموجب النظام 92/02 المؤرخ في 22 مارس 1992 المتضمن تنظيم مركزية المبالغ غير المدفوعة وعملها[21]، حيث نصت المادة الأولى منه على إحداث ضمن هياكل بنك الجزائر مركزية المبالغ غير المدفوعة ينظم إليها الوسطاء والماليين المتمثلين في كل من البنوك والمؤسسات المالية والخزينة العامة والمصالح المالية التابعة للبريد والمواصلات وأي مؤسسة أخرى تضع تحت تصرف الزبائن وسائل الدفع وتتولى تسييرها.

       وتظهر أهمية مركزية المستحقات غير المدفوعة في الدور الهام الذي تلعبه في ممارستها لوظائفها بالنسبة لكل وسيلة دفع و/أو قرض ما يأتي[22]:

– تنظيم فهرس مركزي لعوائق الدفع وما قد يترتب عليها من متابعات، ثم تسيير هذا الفهرس وتنظيمه.

– تبليغ الوسطاء الماليين وكل سلطة أخرى معنية دوريا قائمة عوائق الدفع وما قد بترتب عليها من متابعات.

       وتعمل هذه المصلحة بالتنسيق مع اللجنة المصرفية باعتبار أن لهذه الأخيرة جميع الصلاحيات في الحصول على المعلومات التي تصل إلى هذه المصلحة، والنظر فيما تتخذه بشأن أي مخالفة من النظام الخاص بمركزية المستحقات غير المدفوعة.

ثالثا: مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدون رصيد

 تم إنشاء مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدون رصيد بموجب النظام رقم 92/03 المؤرخ في 22 مارس 1992، ويعمل هذا الجهاز على تجميع ومركزة المعلومات المتعلقة بعوارض دفع الشيكات لعدم وجود رصيد أو عدم كفايته، والقيام بتبليغ هذه المعلومات إلى الوسطاء الماليين المعنيين بما فيهم البنوك والمؤسسات المالية بغرض الاطلاع عليها واستغلالها لاسيما عند تسليم دفتر الشيكات الأول لزبائنهم[23].

       كما أصدر بنك الجزائر النظام رقم 08/01 المؤرخ في 20 يناير 2008، يتعلق بترتيبات الوقاية من إصدار الشيكات بدون رصيد ومكافحتها، المعدل والمتمم بالنظام رقم 11/07 المؤرخ في 19 أكتوبر 2011[24]، حيث نصت المادة 11 منه على ضرورة أن يبلغ بنك الجزائر بانتظام البنوك والخزينة العمومية والمصالح المالية لبريد الجزائر القائمة المحينة للممنوعين من استعمال دفتر الشيكات.

رابعا: مركزية الموازنات (la centrale des bilans)

 تم إنشاء مركزية الموازنات بتاريخ 03 يونيو1996، وهي عبارة عن نظام جمع وتبادل المعلومات حول الوضعية المالية للبنوك والمؤسسات المالية، وذلك لتسهيل اتخاذ القرارات المالية عن طريق فحص جداول الموارد والاستخدامات الخاصة بالبنك والاطلاع على حالتها[25].

       تتمثل مهام مركزية الموازنات في مراقبة توزيع القروض التي تمنحها البنوك والمؤسسات المالية قصد تعميم استعمال طرق موحدة في التحليل المالي الخاص بالمؤسسات ضمن النظام المصرفي[26].

       ويساهم الدور الذي تؤديه مركزية الموازنات في الوقاية من تبييض الأموال، لاسيما من خلال متابعتها لنشاط البنوك والمؤسسات المالية ومختلف المؤسسات القطاعية الأخرى المتصلة بها.

 خامسا: المديرية العامة للمفتشية العامة في بنك الجزائر

 تتمثل مهمة هذه المديرية في القيام نيابة عن اللجنة المصرفية بالرقابة على البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة لبنك الجزائر، وتعمل المفتشية العامة تحت سلطة الأمين العام لبنك الجزائر.

وتتكون المفتشية العامة في بنك الجزائر من:

1- المفتشية الداخلية: وتتمثل المهمة الرئيسية للمفتشية الداخلية في مراجعة ومراقبة كل أنشطة وعمليات هياكل بنك الجزائر من جهة، ومراقبة العمليات المصرفية والمالية للبنوك والمؤسسات المالية من جهة أخرى.

2- المفتشية الخارجية: تمثل المفتشية الخارجية هيكل بنك الجزائر المكلف بتنظيم الرقابة المستندية وممارسة الرقابة الميدانية، وذلك لحساب اللجنة المصرفية.

 

 

الفرع الثالث: محافظ الحسابات[27]

 تلتزم البنوك والمؤسسات المالية وفروع البنوك الأجنبية بتعيين محافظين اثنين للحسابات على الأقل[28] ويخضعان لرقابة اللجنة المصرفية التي يمكنها تسليط العقوبات التالية على محافظ الحسابات دون الإخلال بالملاحقات التأديبية والجزائية[29]:

– التوبيخ.

– المنع من مواصلة عمليات مراقبة بنك ما أو مؤسسة مالية ما.

– المنع من ممارسة مهام محافظي الحسابات لمدة ثلاث سنوات مالية.

       تتمثل مهمة محافظ الحسابات في التحقق من الدفاتر والأوراق المالية وفي مراقبة انتظام حسابات الشركة وصحتها، كما يدقق في صحة المعلومات المقدمة في تقرير مجلس الإدارة أو مجلس المديرين حسب الحالة وفي الوثائق المرسلة إلى المساهمين حول الوضعية المالية للشركة وحساباتها، ويجوز له الاطلاع في أي وقت وفي عين المكان على السجلات المحاسبية والموازنات والمراسلات والمحاضر وأن يقوم بالتفتيشات التي يراها مناسبة[30].

       يتعين على محافظي حسابات البنوك والمؤسسات المالية، زيادة على التزاماتهم القانونية القيام بالمهام التالية[31]:

– إعلام محافظ بنك الجزائر فورا بكل مخالفة ترتكبها المؤسسة الخاضعة لرقابتهم طبقا لأحكام قانون النقد والقرض والنصوص التنظيمية المتخذة بموجب أحكامه.

– أن يقدموا لمحافظ بنك الجزائر تقريرا خاصا حول المراقبة التي قاموا بها في أجل أربعة أشهر ابتداء من تاريخ قفل كل السنة المالية.

– أن يقدموا للجمعية العامة خاصا حول منح المؤسسة أية تسهيلات لأحد الأشخاص المعنويين أو الطبيعيين المذكورين في المادة 104 من قانون النقد والقرض[32]. وفيما يخص فروع البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية فيقدم هذا التقرير لممثليها في الجزائر.

– أن يرسلوا إلى محافظ بنك الجزائر نسخة من تقاريرهم الموجهة للجمعية العامة للمؤسسة. 

       كما ألزم النظام رقم 12/03 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما[33] محافظ الحسابات بتقييم مطابقة الإجراءات الداخلية الخاصة بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، لكل من المصارف والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر مقارنة مع الممارسات المطابقة للمعايير وممارسات الحذر السارية المفعول وإرسال تقرير سنوي إلى اللجنة المصرفية.

الخاتمة:

       من خلال ما سبق ذكره نستنتج أنه ونظرا للأهمية البالغة التي تحظى بها البنوك والمؤسسات المالية كونها تمثل قاعدة النظام المصرفي والمساهم الأول والمباشر في توفير الائتمان المصرفي، فإن المشرع الجزائري وضع آليات لتنظيمها تتماشى وطبيعتها التجارية وذلك من أجل حماية النشاط المصرفي.

       وأمام التطور الذي تعرفه البنوك والمؤسسات المالية في الدول المتقدمة، فإن الواقع العملي أثبت ضعف أجهزة الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية سواء من حيث محدودية استقلاليتها أو عدم تمتعها بالوسائل والإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح لها بضمان ومتابعة حسن تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة.

       وعليه وفي إطار هذه الدراسة يمكننا اقتراح بعض التوصيات بخصوص تفعيل عملية الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية والتي تتمثل في:

– تحسين وتطوير الإطار القانوني لعملية الرقابة عن طريق تقييم مختلف الأحكام القانونية والتنظيمية في مجال الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية.

– توفير أنظمة رقابية متطورة، حتى تكون أكثر فعالية وقادرة على مواكبة التطورات المستجدة التي يشهدها النشاط المصرفي.

– منح استقلالية أكبر لبنك الجزائر واللجنة المصرفية عن السلطة التنفيذية للقيام بمهامها الرقابية بكل حرية، ووضع الإمكانيات المادية والبشرية تحت تصرفهما.

 


[1]  تتمثل أهم المخالفات والفضائح التي عرفها النظام المصرفي الجزائري في:

– قضية آل خليفة بنك: سحب ترخيص البنك نتيجة تميز وضعية البنك بالعجز في الموارد ملفق بتصاريح مزورة نتيجة تهريب رؤوس الأموال نحو الخارج ومخالفة أحكام قانون تنظيم حركة رؤوس الأموال من وإلى الجزائر.

 قضية البنك الصناعي والتجاري: قررت اللجنة المصرفية سحب الاعتماد وتعيين مصف له كون وضعية السيولة المالية للبنك لا تسمح بتغطية التزاماته تجاه الغير وكذا عدم تمكن مساهمي البنك من الاستجابة لطلب السلطات النقدية لتقديم الدعم المالي اللازم لبنكهم.

– قضية البنك الوطني الجزائري: وتدور القضية حول تواطؤ كبار مسئولي فروع البنك مع أحد العملاء عن طريق تأسيس 24 شركة وهمية وإصدار 1957 صك دون رصيد، بعدما استفاد هذا العميل من قروض بنكية دون ضمانات. 

 

[2] فضيلة ملهاق، وقاية النظام البنكي الجزائري من تبييض الأموال، دار هومة، الجزائر، 2013، ص172-173.

[3]  المادة 02 من النظام رقم 06/02 المؤرخ في 24 سبتمبر 2006 المتضمن شروط تأسيس بنك ومؤسسة مالية وشروط إقامة فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية.

[4]  المادة 03 من النظام رقم 06/02، مرجع سابق.

[5]  المادة 83 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[6]  المواد من 66 إلى 69 من نفس الأمر.

[7]  Instruction n° 2000/04 du 30 Avril 2004, déterminant les éléments constitutifs du dossier de demande d’agrément de banque ou d’établissement financier.

[8]  أنظر:

– مقرر رقم 99/03 مؤرخ في 04 نوفمبر 1999 يتضمن اعتماد بنك "الشركة العامة الجزائر".

– مقرر رقم 02/03 مؤرخ في 23 سبتمبر 2002 يتضمن اعتماد "بنك التنمية المحلية ش.أ".

 

[9]  المادة 10 من النظام رقم 06/02، مرجع سابق.

[10]  أنظر:

– مقرر رقم 05/02 مؤرخ في 28 ديسمبر 2005 يتضمن سحب اعتماد بنك "أركو بنك".

– مقرر رقم 06/01 مؤرخ في 19 مارس 2006 يتضمن سحب اعتماد "بنك الريان الجزائر".

[11]  المادتان14 و 15 من الأمر 03/11، مرجع سابق.

[12]  القانون 90/10 المؤرخ في 14 أبريل 1990 المتعلق بالنقد والقرض (ملغى).

[13]  آيت وازو زاينة، مسؤولية البنك المركزي في مواجهة الأخطار المصرفية في القانون الجزائري، رسالة دكتوراه في القانون، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2012، ص56.

[14]  ZOUAIMIA Rachid, les autorités de régulation indépendantes dans le secteur financier en Algérie, édition Houma, Alger, 2005, p46.

[15] شيخ عبد الحق، الرقابة على البنوك التجارية، رسالة ماجستير في قانون الأعمال، جامعة أحمد بوقرة، الجزائر، 2009/2010، ص152.

[16]  المادة 07 من القانون 96/22 المؤرخ في 09 يونيو 1996، المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.

 القانون 05/01 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتضمن قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما.[17]

[18]  RIVES- LANGE Jean -louis. CONTAMINE RAYNAUD Monique, Droit bancaire, Edition Dalloz, 5eme édition, paris, 1990,p80.

[19]  بن لطرش منى، السلطات الإدارية المستقلة في المجال المصرفي: وجه جديد لدور الدولة، مجلة إدارة، عدد24، 2002، ص73.

[20] Instruction 92/70 du 24 novembre 1992 relative à la centralisation des risques bancaires et des opérations des crédit-bail.

[21] النظام رقم 92/02 المؤرخ في 22 مارس 1992، يتضمن تنظيم مركزية المبالغ غير المدفوعة وعملها.

[22] المادة 03 من النظام 92/02، مرجع سابق.

[23] لطرش الطاهر، مكانة السياسة النقدية ودورها في المرحلة الانتقالية إلى اقتصاد السوق، رسالة دكتوراه في علوم التسيير، المدرسة العليا للتجارة، الجزائر، 2004، ص342.

[24] النظام 11/07 المؤرخ في 19 أكتوبر2011، يعدل ويتمم النظام رقم 08/01 المتعلق بترتيبات الوقاية من إصدار الشيكات بدون رصيد ومكافحتها.

[25] النظام رقم 96/07 المؤرخ في 03 يونيو 1996، يتضمن تنظيم مركزية الميزانية وسيرها.

[26] المادة 01 من نفس النظام.

[27] أنظر المرسوم التنفيذي 11/30 المؤرخ في 27 يناير 2011، يحدد شروط وكيفيات الاعتماد لممارسة مهنة الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب المعتمد.

[28] المادة 100 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[29] المادة 102 من نفس الأمر.

[30] المادة 715 من الأمر 75/59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم؛ المادة 31 من القانون 10/01 المؤرخ في 29 جوان 2010 يتعلق بمهنة الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب المعتمد.

[31] المادة 101 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[32] نصت المادة 104 من الأمر 03/11 المعدل والمتمم على: "يمنع على كل بنك أو مؤسسة مالية أن تمنح قروضا لمسيريها وللمساهمين فيها أو للمؤسسات التابعة لمجموعة البنك أو المؤسسة المالية … وكذلك الأمر بالنسبة لأزواج المسيرين والمساهمين وأقاربهم من الدرجة الأولى".

[33]  النظام رقم 12/03 المؤرخ في 28 نوفمبر 2012، يتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى