في الواجهةمقالات قانونية

رقابة تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة. – الدكتورة كوثر الرفاعي

رقابة تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة.

 

الدكتورة كوثر الرفاعي

ـ إطار بالوكالة القضائية للمملكة ـ

 

تخلق مساطر معالجة صعوبات المقاولة على غرار مساطر الافلاس التي لا زالت تتمسك بها كثير من الدول العربية وغير العربية، مشاكل عملية وقانونية واجتماعية عبر الحدود أو في مجال القانون الدولي، وأن البحث جار على قدم وساق في الفقه والقضاء وخاصة لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ـ الأونسيترال باللغة الإنجليزية ـ للبحث عن حلول شمولية وعادلة تنهض إلى جانب الاتفاقات أو الاتفاقيات الجماعية والثنائية التي تبرمها بعض الدول لحل هذه المعضلة المتشعبة والناجمة عن انتقال الأشخاص ورأس المال عبر الحدود(1).

ونظرا لكون المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة من المستجدات التي أتى بها القانون رقم 73.17 وذلك في إطار رغبة المشرع في إخضاع المقاولات التي تعاني صعوبات عابرة للحدود إلى المعالجة بهدف تقويم وضعيتها ووضع حد لتفاقمها(2)، فإن جزئية رقابة تكييف التوقف عن الدفع لهاته المقاولات الخاضعة للمساطر المذكورة تثير العديد من الإشكالات القانونية ارتأينا أن نعالجها في مطلبين اثنين:

 

 

 

(1)ـ الدكتور أحمد شكري السباعي، ” الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها”، الجزء الثاني، الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة، يونيو 2007، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الصفحة: 267.

(2)ـ الدكتور طارق البختي، ” قراءة في المستجدات المتعلقة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة”، منشورات مجلة المهن القانونية والقضائية، العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية الرباط، الصفحة: 24.

المطلب الأول: رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند الولوج إلى المساطر الوطنية والأجنبية.

المطلب الثاني: رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند تزاحم مساطر صعوبات المقاولة دوليا.

المطلب الأول: رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند الولوج إلى المساطر الوطنية والأجنبية.

 

إن المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة مظهر من مظاهر التعاون القضائي بين محاكم المملكة والمحكمة الأجنبية، وتعني: كل الإجراءات الواردة في قانون أجنبي والمطلوب تنفيذها في بلد آخر، لها علاقة بمادة صعوبات المقاولة، وتتمحور حول علاقة الدائن بالمدين في المادة التجارية، والتي تختص بالنظر فيها حصرا: المحاكم التجارية دون غيرها مـن الهيئات الأخرى كالتحكيم أو الوساطة الاتفاقية مثلا(1)، وعلى هذا النحو ونظرا لوجود فراغ تشريعي بخصوص مسألة إعمال الرقابة على تكييف التوقف عن الدفع عندما تكون مسطرة صعوبات المقاولة مسطرة عابرة للحدود، فإن هذا الاشكال القانوني سنعالجه عبر البحث عن أحقية كل من سلطة المساطر الوطنية (أولا)، أو المساطر الأجنبية (ثانيا) في إعمال رقابتهما على تكييف التوقف عن الدفع، وهو الأمر الذي سنجيب عنه.

أولا: إشكالية رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند ولوج المساطر الوطنية.

تتأسس المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة مراعاة مسألة في غاية الأهمية، وهي تداخل المصالح المرتبطة بالمقاولة: منها مصلحة رئيس المقاولة الذي ينوب عنه ممثل أجنبي، ومصلحة المقاولة في حد ذاتها، و منها مصلحة الدائنين والأجراء المغاربة والأجانب، ومنها مصلحة السلطات العمومية ومصلحة الزبناء، ونظر لكون هاته المساطر مستحدثة بموجب القانون رقم 73.17، فإن تطبيقها وتفعيلها عمليا يثير العديد من الإشكالات القانونية أمام محاكم المملكة خاصة عندما يلج الممثل الأجنبي المساطر الوطنية قصد

 

 

 

 

(1)ـ الأستاذ نورالدين الرحالي، “المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة: أي نظام قانوني لأية أهداف اقتصادية ـ قراءة في ضوء القانون رقم 17/73 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارةـ”، م.م.ق.ق…، م.س، ص: 445.

المطالبة أمامها بفتح إحدى مساطر صعوبات المقاولة، وهو ما جعلنا نثير هذا الاشكال قصد معرفة بداية تصنيف رقابة تكييف توقف المقاولة عن الدفع (أ)، ومن هو المكلف بإعمال الرقابة على هذا التكييف (ب).

أـ تصنيف رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند الولوج للمساطر الوطنية.

 

لا شك أن تكييف التوقف عن الدفع في مساطر صعوبات المقاولة المحلية تحتاج إلى رقابة قانونية ـ كما فصلنا سابقا ـ التي تمارسها محكمة النقض عن طريق آلية الطعن بالنقض ضد الأحكام القضائية التي تصدرها محاكم الموضوع التجارية، في حين أن إعمال ذات الرقابة في المساطر العابرة للحدود يظل مبهما في قانوننا رقم 73-17، وهذا إشكال قانوني آخر نثيره عبر قيامنا بتصنيف هذا النوع من الرقابة لتلك المساطر الخاصة وفق النصوص القانونية المنظمة لها إلى رقابة سابقة عن هذا التكييف(1)، ثم رقابة لاحقة عنه(2).

1ـ الرقابة السابقة لتكييف التوقف عن الدفع للمقاولة العابرة للحدود.

بمقتضى مساطر صعوبات المقاولة عبر الحدود، يمكن لممثل أجنبي أو أحد الدائنين في دولة أجنبية اللجوء إلى المساطر الوطنية للدفاع عن مصالحه، علما أنه يخضع تطبيق هذه المساطر لمبدأ المعاملة بالمثل، وهذا ما ينعكس على مسألة الاعتراف المتبادل بالأحكام القضائية الخاصة بصعوبات المقاولة(1)، ومن تم ووفقا لذلك تقوم المحكمة التجارية الوطنية بتفحص الملف والاطلاع عليه قبل أن تقوم بتكييف واقعة توقف المقاولة المدينة التي توجد أصولها داخل المملكة، وتوظيف آلية الرقابة القضائية عليها.

وبهذا الخصوص، نعتقد أن إثارتنا لمسألة الرقابة السابقة لتكييف التوقف عن الدفع التي تُجريها محاكمنا التجارية لم تكن اعتباطية، بل استنتجناها من نصوص مواد القسم التاسع، المتمثلة في تفحص أصول المدين أو أعماله التجارية الأجنبية، وكذا وضعية الممثل الأجنبي (المادة 777 من م.ت)، ثم توجيه إشعار للدائنين كل على حدة القاطنين داخل تراب

 

 

 

 

(1)ـ الدكتور يونس الحكيم، ” مساطر صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17 والعمل القضائي ـ دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى 2019، مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، الصفحة: 205.

المملكة وخارجها، والذي يتضمن ضرورة تصريحهم بالديون خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 720 من م.ت، مع تحديد مكان الإدلاء بهذا التصريح، ومختلف المعلومات الضرورية التي تراه المحكمة مناسبا للإخبار به.

2ـ الرقابة اللاحقة على تكييف التوقف عن الدفع للمقاولة العابرة للحدود.

إن مشرعنا المغربي بمقتضى القانون رقم 73.17 لم يتحدث بالمرة عن إعمال آلية الرقابة عند قيام محاكم الموضوع التجارية بتكييف مؤسسة التوقف عن الدفع في مساطر صعوبات المقاولة، فبالأحرى أن ينظم هاته الآلية في نظام المساطر العابرة للحدود الذي يبقى نظاما فتيا يحتاج إلى ضبط إجراءاته المعقدة أولا عندها نتحدث عن مسألة الرقابة.

ورغم ذلك، فإننا سنحاول تبيان مظاهر الرقابة اللاحقة على تكييف التوقف عن الدفع(1)، والتي قصدنا بها أن المقاولة عندما يتأكد للمحكمة التجارية المحلية أنها توجد في مرحلة التوقف عن دفع ديونها فإنها تصدر حكمها – بعد استيفاء كل الإجراءات القانونية شأنها شأن مساطر صعوبات المقاولة العادية – المحدد لمآل المقاولة القاضي إما بالتسوية أو التصفية القضائية، وهذا الحكم بدوره نرى أنه يخضع للرقابة القضائية التي تجريها محاكم الاستئناف التجارية عن طريق آلية الطعن بالاستئناف، والتي بموجبها ترى ما إذا كان هذا الحكم المطعون فيه احترم شكلا وموضوعا المعايير القانونية المحددة للتوقف المنصوص عليها في القانون المشار إليه أم لا؟، ولكن من هو المكلف برقابة قرارات محكمة الدرجة الثانية بشأن تكييف التوقف؟.

 

 

 

 

 

(1)- L’une des lacunes importantes de la loi du 17 avril 1995 Tunis est de n’avoir pas donné une définition légale de la cessation des paiements qui est pourtant une notion clef de la procédure de redressement des entreprises en difficultés économiques, son importance est telle que ce vide a été rapidement corrigée par l’intervention de la doctrine et de la jurisprudence si bien que lorsque la réforme de 2003 est venue combler cette lacune en offrant une définition légale, celle-ci ne se présentait pas comme une révolution car son contenu était déjà inscrit dans le droit positif.

– professeur farouk mechri, « Droit des entreprises en difficultés économiques », sud éditions Tunis 2008, page : 47 et 48

ب ـ المكلف برقابة تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود.

إنه من بين أهم المقتضيات العامة التي جاء بها نظام المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة بموجب المادة 768 من القانون رقم 73-17 هو إدارة هاته المساطر إدارة منصفة وناجعة بالشكل الذي يحمي الدائنين والأطراف الأخرى بمن فيهم المدين، ولذا نتساءل عن من هو المكلف برقابة تكييف التوقف عن الدفع التي تجريها محاكم الموضوع عند ولوج الممثل الأجنبي للمساطر الوطنية؟ لنجب أن محكمة النقض تظل هي المكلفة بإعمال هاته الرقابة (1)، مع إبداء مقترحاتنا بخلق نواة رقابية بشأن ذلك (2).

1ـ إعمال سلطة محكمة النقض على رقابة تكييف التوقف عن الدفع.

نرى أنه ما دام الممثل الأجنبي تقدم بطلب أمام المحكمة المختصة داخل تراب المملكة، يرمي إلى فتح إحدى مساطر صعوبات المقاولة المنظمة في القانون رقم 73.17، فإن هذا الطلب يروم في النهاية إلى إصدار حكم قضائي لصالح أموال مدينه الموجودة داخل المغرب.

ولذلك، فهذا الحكم القضائي الصادر عن محاكم الموضوع التجارية بدرجتيها يحتاج إلى هيئة رقابية تنظر فقط في مدى مطابقة صدور هذا الحكم للقانون، ومدى اعتماد معايير أساسية عند قيام بتكييف واقعة التوقف، ومن هنا فالأمر يتعلق بهيئة محكمة النقض باعتبارها أعلى هيئة قضائية لها كامل الحق في أن تقوم بهذا الدور خصوصا إذا تعلق الأمر بالمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة، انسجاما مع المساطر العادية.

2 ـ خلق نواة رقابية داخل مقر محكمة النقض.

بما أننا أقررنا آنفا على أن محكمة النقض لها كامل الصلاحية عن طريق آلية الطعن بالنقض أن تراقب تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود من طرف محاكم الموضوع التجارية بدرجتيها، وبأنه يوجد فراغ تشريعي بخصوص هذا الأمر، فإننا ندعو المشرع المغربي نظرا لتبنيه هذا النوع من المساطر المعقدة أن يخلق نواة رقابية داخل مقر محكمة النقض تتكون من قضاة مستشارين محترفين لهم كامل الدراية القانونية بطبيعة هذا النوع من المنازعات المعروضة عليهم.

هاته النواة مهمتها الأساسية هي القيام بالإطلاع على مدى قانونية الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع، ومدى توفيقها في إعمال التكييف المناسب لوضعية المقاولة المدينة الخاضعة لنظام المساطر العابرة للحدود، يحترم العنصرين المحددين لهذا التكييف وهما: عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة ثم عدم كفاية أصولها المتوفرة.

ثانيا: رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند ولوج مساطر أجنبية.

إن المقصود بالمساطر الأجنبية لصعوبات المقاولة هي مساطر معالجة صعوبات المقاولة المفتوحة ببلد أجنبي سواء كانت إدارية أو قضائية بما في ذلك المساطر المؤقتة، وخاضعة للمقتضيات المنظمة لصعوبات المقاولة في هذا البلد(1)، وفي إطار تسهيل تعاون المحاكم المغربية مع المحاكم الأجنبية أقر المشرع المغربي الاعتراف بهذا النوع من المساطر من طرف المحكمة المختصة داخل تراب المملكة، وهو ما سنبينه (أ)، قبل الحديث عن إبراز رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند الاعتراف بالمساطر الأجنبية (ب).

أـ الاعتراف بالمساطر الأجنبية.

إن المقصود بالاعتراف هو القبول الرسمي من طرف المحاكم المغربية لقاعدة قانونية تتضمنها مسطرة أجنبية تطبق على وقائع وتصرفات تخص مجال المقاولات بين الدائن والمدين، ويقتضي الاعتراف بالمسطرة الأجنبية اتجاه الهيئة القضائية بالمحكمة التجارية الوطنية إلى التقيد بمضمونها شكلا ومضمونا، وبتطبيق الأثر القانوني الذي تحتويه والذي يهم أساسا المعالجة أو التصفية(2)، ويتضح من خلال الباب الثالث في المواد من 781 إلى 788 من م.ت المنظم لمسألة الاعتراف بالمسطرة الأجنبية لصعوبات المقاولة أنه يتطلب شروط قانونية حتى ترتب آثارها (1)، ويتم صدور حكما قضائيا بشأنها (2).

 

 

 

 

 

(1)ـ الدكتور علال فالي، ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة “، الطبعة الثالثة مزيدة ومحينة 2019، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الصفحة: 536.

(2)ـ ذ. نورالدين الرحالي، ” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 454.

1- الشروط القانونية للاعتراف بالمسطرة الأجنبية.

لابد من التأكيد على هذا المستوى أن تنظيم المشرع لهذه المسطرة في نظام معالجة الصعوبات العابرة للحدود للمقاولات يعني أنه أحلها محل مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية التي كان معمولا بها على هذا المستوى قبل صدور قانون 73.17، ولذلك يتعين أن نبين أهم الشروط القانونية التي أقرها مشرعنا عند تقديم طلب الاعتراف بالمسطرة الأجنبية من طرف الممثل الأجنبي(1) في:

  • يتعين على الممثل الأجنبي سلوك مسطرة الاعتراف بالمسطرة الأجنبية مرة واحدة كمسطرة خاصة شمولية وواسعة ومفيدة للمسطرة بدل تقديم طلب تذييل بالصيغة التنفيذية لكل حكم من الأحكام أو الأوامر أو القرارات المتعلقة بهذه المسطرة(2).
  • ينبغي للممثل الأجنبي أن يبين في طلب الاعتراف بالمسطرة الأجنبية ما إذا كان الأمر متعلقا بمسطرة أجنبية رئيسية، أو تعلق الأمر بمسطرة أجنبية غير رئيسية(3).
  • اعتبار المقر الاجتماعي للشخص الاعتباري أو محل الإقامة المعتاد بالنسبة للشخص الذاتي هو مركز المصالح الرئيسية للمدين ما لم يثبت خلاف ذلك، غير أنه يمكن للمحكمة تعديل الاعتراف أو إنهائه، إذا تبين لها أن مبررات الاعتراف غير متوفرة كليا أو جزئيا أو لم تعد قائمة(4).
  • يجوز لممثل أجنبي أن يتقدم بطلب إلى المحكمة المختصة يرمي إلى الاعتراف بمسطرة أجنبية لصعوبات المقاولة وبكونه معين فيها بهذه الصفة(5).

 

 

(1)ـ لقد عرف المشرع المغربي ” الممثل الأجنبي ” بمقتضى المادة 769 في فقرتها الرابعة بأنه: ” كل شخص أو هيئة مأذون لهما في إطار مسطرة أجنبية، بإدارة أموال المدين وشؤونه عن طريق المعالجة أو التصفية، أو التصرف كممثل لمسطرة أجنبية “.

(2)ـ د. علال فالي، ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 536.

(3)ـ وهو ما توضحه لنا المادة 782 من م.ت التي تنص على أنه: ” يمكن الاعتراف بالمسطرة الأجنبية إما: ـبوصفها مسطرة أجنبية رئيسية في حالة ما إذا كانت مفتوحة في دولة يوجد بها مصالح المدين الرئيسية ـ أو بوصفها مسطرة أجنبية غير رئيسية إذا كان للمدين فقط مؤسسة بالمعنى المقصود في البند الأخير من المادة 769 أعلاه.”

(4)ـ الدكتور مصطفى بونجة / الدكتورة نهال اللواح، ” مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم 73.17 / دراسة عملية وتحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ضوء مستجدات القانون رقم 73ـ17 الصادر بتاريخ 23ـ04ـ2018 “، منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، الطبعة الأولى 2018، مطبعة ليتوغراف طنجة، الصفحة: 355.

(5)ـ وهو الأمر الذي توضحه المادة 781 من م.ت، إذ يتوجب على الممثل الأجنبي بعد تقديمه لطلب الاعتراف بمسطرة أجنبية، أن يرفق طلبه بمجموعة من الوثائق الضرورية وهي:

ـ نسخة مصادق عليها من قرار المحكمة الأجنبية القاضي بفتح المسطرة الأجنبية أو شهادة صادرة عنها تفيد فتح المسطرة وتعيين الممثل الأجنبي.

ـ تصريح يعده الممثل الأجنبي يتضمن الإشارة إلى جميع المساطر الأجنبية المعروفة لديه والمتعلقة بشخص المدين.

  • يتعين على الممثل الأجنبي ابتداء من تاريخ تقديم طلب الاعتراف تبليغ المحكمة فورا بأي تغيير جوهري في المسطرة الأجنبية أو في تعيينه كممثل لها، وكذا بكل مسطرة أجنبية أخرى قد تصل إلى علمه(1).
  • يمكن للمحكمة أن تطلب ترجمة الوثائق المرفقة بطلب الاعتراف إلى اللغة العربية (الفقرة الأخيرة من المادة 781 من م.ت).

2- صدور حكم قضائي بشأن الاعتراف بالمساطر الأجنبية.

لقد انشغل الفقه والقضاء كثيرا بمسألة الآثار الدولية لحكم فتح مساطر المعالجة، وبمعنى آخر هل يمتد أثر الحكم إلى كل دولة تملك فيها المقاولة المدينة أموالا أو يكون لها فيها دائنون؟، أو على العكس فإن آثاره تقتصر على الأموال والدائنين الموجودين في الدولة التي صدر الحكم باسمها فقط؟(2)، ولذا فقبل أن تقضي المحكمة بالاعتراف بالمسطرة الأجنبية لا بد من توفر مجموعة من الشروط حتى يتم النطق بالحكم القضائي بشأنه.

إن ما تجري عليه العادة، هو أن تقوم المحكمة التجارية المحلية بالتحري عن مدى توفر الشروط العامة والخاصة من عدمها عندما يتم تقديم طلب الاعتراف بالمسطرة الأجنبية المتعلقة بصعوبات المقاولة والتي هي:

  • أن تكون المسطرة الأجنبية التي يلتمس الاعتراف بها هي مسطرة (سواء كانت مؤقتة أو نهائية) قضائية أو إدارية في دولة أجنبية، ولا يمكن أن تخوض المحكمة المتلقية للطلب في مسألة مدى صحة فتح المسطرة الأجنبية بموجب القانون الواجب تطبيقه(3).
  • أن تكون المسطرة القضائية أو الإدارية قد انبثقت من قانون يتصل بالإعسار(4)

 

 

 

(1)ـ د. يونس الحكيم، ” مساطر صعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 209.

(2)ـ الأستاذ عبد الكريم عباد، ” البعد الدولي في مساطر صعوبات المقاولة المغربية ـ قراءة في القسم 9 من القانون رقم 17/73″، مجلة المهن القانونية والقضائية، سلسلة قانون الأعمال والممارسة القضائية 2، العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية الرباط، الصفحة: 431.

(3)- د. علال فالي، ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 542.

(4)ـ لقد انشغل الفقه والقضاء كثيرا بمسألة الآثار الدولية لحكم فتح مسطرة المعالجة أو حكم الإفلاس أو حكم الإفلاس أو حكم الاعسار ـ وتصدق عبارة حكم الاعسار بالنسبة للدول التي تطبق المساطر الجماعية على سائر المعسرين سواء كانوا تجارا أو غير تجار ـ .

ـ د. أحمد شكري سباعي، ” الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات…”، م.س، ص: 268.

تخضع فيه عملية التصرف بموجودات المدين وأعماله لمراقبة محكمة أجنبية أو إشرافها، بهدف إعادة تنظيمها (التسوية) أو تصفيتها.

  • أن تتولى المحكمة الأجنبية عملية المراقبة أو الاشراف، وتحديدا السلطة القضائية أو سلطة أخرى مختصة بمراقبة مسطرة أجنبية أو الاشراف عليها، وقد أورد دليل اشتراع وتفسير القانون النموذجي أن عملية المراقبة أو الاشراف قد لا تمارس فحسب بشكل مباشر من جانب المحكمة بل أيضا من جانب ممثل الاعسار متى كان يخضع لمراقبة المحكمة.
  • ضرورة أن تكون المسطرة جماعية بطبيعتها تهم مصالح جميع الدائنين، بحيث يمكن رفض الطلب متى تعلق الأمر بالاعتراف بمسطرة فردية تهم دائنا واحدا أو مجموعة معينة من الدائنين فقط.
  • أن يكون مقدم الطلب قد حصل على إذن في سياق المسطرة الأجنبية لإدارة أو تسوية (إعادة تنظيم) أو تصفية موجودات المدين أو أعماله أو للتصرف كممثل للمسطرة الأجنبية، ولا يمكن أن تخوض المحكمة المتلقية للطلب في مسألة مدى صحة تعيين الممثل الأجنبي أو تقييم حيثيات قرار المحكمة الأجنبية الذي بموجبه تم هذا التعيين، وذلك على ضوء القانون الواجب تطبيقه(1).

ب – رقابة تكييف التوقف عن الدفع عند الاعتراف بالمساطر الأجنبية.

يخضع الاعتراف بالمساطر الأجنبية من طرف المحكمة المختصة لمسطرة من نوع خاص نظمتها المواد من 781 إلى 784 من م.ت، والتي تتمثل في تقديم طلب بذلك من الممثل الأجنبي إلى المحكمة المختصة محليا، وفي وجوب البث في الطلب في أقرب الآجال، وفي إمكانية اتخاذ بعض التدابير خلال الفترة الفاصلة بين تقديم الطلب والبث فيه(2)، ونظرا لأهمية هذا الاعتراف داخل نظام المساطر العابرة للحدود، فإننا نتساءل عن ما إذا كان للمحكمة الوطنية صلاحية إعمال الرقابة على تكييف توقف المقاولة عن الدفع المتواجدة داخل التراب الوطني؟، وهذا الاشكال بدا لنا أن نحلله في نقطتين هامتين وهي: مدى أحقية

 

 

(1)ـ د. علال فالي، ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 543.

(2)ـ د. علال فالي، ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة….”، م.س، ص: 538.

سلطة محكمة الاعتراف في رقابة القرار الأجنبي بشأن ما إذا كان تكييف التوقف عن الدفع سليما؟، وهل يمكن للدور الرقابي لمحكمة النقض أن يبرز في هذا الاطار؟.

في الحقيقة يعد إثارتنا ـ أمام وجود الفراغ التشريعي ـ لمسألة ضرورة وجود دور رقابي هام في نظام المساطر العابرة للحدود، وخاصة منها الرقابة على مسطرة الاعتراف بالمساطر الأجنبية نظرا لجدتها داخل منظومة صعوبات المقاولة(1) في تشريعنا الوطني، وتعقيدها وعدم الإلمام بها من طرف قضاء الموضوع التجاري، الأمر الذي يتبين لنا أن هذا الدور الرقابي يظهر في حالة الاعتراف بالقرار الأجنبي (1)، وفي حالة تنفيذ المساطر الأجنبية (2).

1ـ  رقابة محكمة النقض على قرار الاعتراف.

إن تجسيد دور الرقابة القانونية لمحكمة النقض على القرارات التي تصدرها المحاكم التجارية الوطنية بشأن الاعتراف بالمساطر الأجنبية العابرة للحدود، هو مطلبنا الأساسي من أجل لفت الانتباه لمشرعنا بأن يضيف مواد على قانونه رقم 73.17 تبرز هذا الدور، ونظرا لهاته الأهمية يبرز إشكالين هامين، وهما: كيف تتم عملية الرصد الرقابي من طرف محكمة النقض؟، وماهي نتائج هذا الرصد على المصالح الاقتصادية للمقاولة؟.

  • كيف تتم عملية الرصد الرقابي لمحكمة النقض على قرار الاعتراف؟.

من وجهة نظرنا إن عملية الرصد الرقابي لمحكمة النقض الوطنية على قرار الاعتراف بالمساطر الأجنبية الصادر عـن المحاكم التجارية الوطنية تكون بواسطة ممارسة الطعن بالنقض فيها مباشرة أمام خلية رقابية بمقر محكمة النقض ـ الذي كان هذا مطلبنا أعلاه ـ، حتى لا تكون هاته القرارات مضرة بمصالح المقاولة المدينة المتواجدة داخل تراب المملكة.

 

 

 

(1)- Comme disait, Georges lautner, (les barbouzes de 1964), la vérité n’est jamais amusante à dire, sans cela tout le monde la dirait, assurément, lorsqu’une entreprise éprouve des difficultés, créanciers et fournisseurs redoublent leur prudence ; ils ne veulent prendre aucun risque nouveau. Une telle situation amène à un blocage qui à lui seul, peut entrainer la cessation des paiements. De leurs cotées conscients de cette réalité, les chefs d’entreprises cachent leurs difficultés.

–  Docteur ED-DARKAOUI NAJIB, « contribution au droit de la prévention de difficultés des entreprises », Revue de conseil juridique, Numéro 6 – Mars 2019. page :240 et 241.

ولذلك، نرى أن القانون رقم 73.17 يتعين عليه أن يقوم بتحيين بعض من نصوصه في مادة المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة، عن طريق الاهتمام بمسألة إضفاء الرقابة القانونية على قرار الاعتراف بالمساطر الأجنبية نظرها لخطورتها، إذ أنه كيف يمكن لمحاكمنا المحلية أن تتلقى طلبات الاعتراف المقدمة من طرف الممثل الأجنبي وتصدر أحكامها بهذا الشأن، دون أن تخضع لرقابة محكمة النقض ليراقب ما إذا كان قرار الاعتراف سليما قانونا.

ـ نتائج الرصد الرقابي على المصالح الاقتصادية للمقاولة.

حسب رأينا ينتج عن قيام محكمة النقض الوطنية بالرصد الرقابي على قرار الاعتراف بالمساطر الأجنبية، سواء كانت رئيسية أو غير رئيسية الصادر عن المحاكم التجارية المحلية، نتائج جمة تهم بالأساس الحفاظ على المصالح الاقتصادية للمقاولة من بينها:

  • تعزيز الأمن القانوني في مجال التجارة والاستثمار، وذلك من خلال الاطلاع على ما إذا كانت محاكم الموضوع قد طبقت نصوص القانون رقم 73.17، وما إذا احترمت المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الشأن.
  • حماية وتثمين أصول المقاولة المتوقفة عن الدفع(1).
  • تسهيل إنقاذ المؤسسات التجارية المتعثرة ماليا مما يوفر الحماية للاستثمار ويحافظ على فرص الشغل.

2رقابة محكمة النقض على تنفيذ المساطر الأجنبية.

إن إعمال الرقابة القانونية التي تمارسها محكمة النقض الوطنية على تكييف التوقف

 

 

 

 

 

(1)- En l’état actuel de la législation, l’état de cessation des paiements constitue le critère décisif dans le traitement pouvant être apporté à l’entreprise. Soit l’état de cessation n’est pas encore avéré, et il est encore possible d’avoir recours au (règlement amiable), procédure de nature conventionnelle et visant à négocier des délais et remises de dettes avec les créanciers. Soit l’état de cessation des paiements est caractérisé et la seule issue possible était alors l’ouverture d’une procédure judiciaire lourde (redressement ou liquidation judiciaire).

— Houda el guennouni, « Le droit des entreprises en difficulté : Quel Bilan ?», Thèse pour l’obtention du doctorat national en droit privé, président : docteur farid el bacha, université Mohammed v- agdal, faculté des sciences juridiques économiques et sociales rabat, janvier 2010. page : 305

عن الدفع عند تنفيذ المساطر الأجنبية على المقاولة المدينة الموجودة داخل تراب المملكة هو مطلبنا، والذي يتعين على مشرعنا الأخذ به في صلب القانون رقم 73.17، ونظرا لأهمية هاته الرقابة نرى أنها تثير العديد من الإشكالات القانونية أهمها رقابة منح الاعتراف لتنفيذ مساطر المعالجة القضائية الأجنبية، وما إذا كانت ملاءمة مع المساطر الوطنية.

ـ رقابة محكمة النقض على تنفيذ مساطر المعالجة القضائية.

عندما نقول مساطر المعالجة القضائية الأجنبية فإننا نعني بذلك ما آل إليه القرار الأجنبي بخصوص إعداد الحل النهائي لوضعية المقاولة المتوقفة عن الدفع(1) المتواجدة أصولها داخل تراب المملكة، وهذا الحل قد يقضي إما بالحكم بالتسوية القضائية إذا كانت وضعية المقاولة غير ميؤوس منها، أما إذا كانت غير كذلك فإنه يتم الحكم عليها بالتصفية القضائية.

والاشكال القانوني الذي نحاول إثارته بموجب القانون رقم 17.73 هو أن هذا الأخير لم ينظم آلية الرقابة على تنفيذ مساطر المعالجة القضائية الأجنبية التي يمكن لمحكمة النقض أن تمارسها، رغم أن محاكم الموضوع المحلية هي صاحبة الاختصاص في تفعيل القواعد العامة للتنفيذ في هذا النوع من المساطر لكونها هي التي تمنح الاعتراف بها، ولكن نوع الرقابة التي نبتغيها أن تكون هي مراقبة مدى قانونية الاجراءات المتبعة في التنفيذ، ومدى احترام مبدأ قاعدة إثارة الصعوبة في التنفيذ المخولة للمدين (المقاولة) أم لا؟، وذلك نظرا لاختلاف المساطر العابرة للحدود التي يتداخل فيها قانونين أو أكثر من أجل التنفيذ على أموال المدين.

ـ رقابة محكمة النقض على ملاءمة تنفيذ المساطر الأجنبية بالمساطر الوطنية.

إن تعقد المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة في مرحلة تنفيذها داخل تراب

 

 

 

 

 

(1)- la liquidation judiciaire est la solution à retenir lorsqu’aucune possibilité de sauvetage de l’entreprise ne peut être élaborée. Elle est prononcée par un jugement du tribunal, soit à la cessation des paiements lorsque le redressement apparait impossible, soit au cours de la période d’observation, soit à la fin de celle-ci, soit enfin en cas d’inexécution du plan de continuation.

– Abdelhadi Maniani, « La défaillance des entreprises au Maroc », thèse pour l’obtention du doctorat ES sciences économiques, président : m. Mohamed abouch, université Mohammed V, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales rabat- agdal, Année Universitaire : 2008 – 2009. page : 38.

المملكة يستوجب تدخل محكمة النقض ـ حسب رأينا ـ، لماذا؟ لأن القواعد العامة الأجنبية للتنفيذ قد لا تكون منسجمة مع النظام العام للتنفيذ الوطني، وهذا بطبيعة الحال قد يضر بمصالح المقاولة ويزعزع استقرار نشاطها التجاري، خصوصا إذا تعلق الأمر بتنفيذ مخطط التصفية القضائية عليها.

ولذلك، فرغم أن الذي يباشر مسطرة التنفيذ هي المحاكم التجارية مانحة الاعتراف للحكم الأجنبي، فإننا نرى أن تقوم هاته الأخيرة بإحالة الملف على محكمة النقض عن طريق خلق آلية جديدة نسميها ” الطعن بالإحالة “، وذلك متى تبين لمحكمة الموضوع أن هناك خرق للقانون الداخلي أو خرق لقواعد الاجراءات المسطرية … من طرف التشريع الأجنبي.

المطلب الثاني: الرقابة على تكييف التوقف عن الدفع عند تزاحم المساطر دوليا.

بغية تفادي تزاحم مساطر(1) صعوبات المقاولة على الصعيد الدولي، ومن أجل إدارة منصفة لمساطر صعوبات المقاولات عبر الحدود أكثر إيجابية وفائدة، من شأنها وضع حد لعمليات إخفاء أو تبديد أصول المدين من جهة، وعدم عرقلة عملية إعادة التنظيم أو تصفية أصول المدينين حفاظا على حقوق دائنيهم بما فيهم الأجراء من جهة أخرى، لهذا عمل المشرع المغربي على خلق آليات للتنسيق بين المسطرتين الوطنية والأجنبية وبين المساطر الأجنبية.

بغض النظر عن التمييز في الاجراءات المتخذة القائمة بين المساطر الأجنبية المعترف بها الرئيسية وغير الرئيسية، فإنه يلاحظ أن المحاكم المحلية لها سلطات تقديرية واسعة في اتخاذها لكل تدبير جديد أو تعدل أو تنهي تدابير متخذة(2)، لكن هل لها ذات السلطات في قيامها بقراءة القرار الأجنبي الذي قامت بالاعتراف به، قصد تفحص مدى صواب المحكمة الأجنبية في منح تكييف سليم للتوقف عن الدفع للمقاولة المدينة؟، إن هذا

 

 

 

(1)ـ لقد قام المشرع المغربي بمقتضى القانون رقم 73.17 بتنظيم الأحكام العامة المتعلقة بتزاحم مساطر صعوبات المقاولة على الصعيد الدولي في الباب الخامس في المواد من 791 إلى 794 من م.ت.

(2)ـ ذ. عبد الكريم عباد، ” البعد الدولي في مساطر صعوبات المقاولة…”، م. س، ص: 442.

الأمر نعتبره إشكالا قانونيا في نظام مساطر العابرة للحدود.

لذا، إذا كانت بالمغرب لا توجد أية مقتضيات قانونية تحكم موضـوع سلطة رقابة تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة بموجب القانون رقم 73.17، فإن هذا الطرح ارتأينا إدراجه نظرا لأهميته (أولا)، في الاطلاع على المعايير القانونية الدولية المعتمدة في تكييف واقعة التوقف عن الدفع (ثانيا).

أولا: أهمية تحديد الرقابة على تكييف التوقف العابر للحدود.

تتحدد أهمية تحديد سلطة إعمال الرقابة على تكييف التوقف عن الدفع للمقاولة المدينة المفتوحة ضدها إحدى المساطر العابرة للحدود عند تزاحمها وتعددها، في الأهمية القانونية(أ)، ثم الأهمية العملية (ب).

أـ الأهميـة القانونيـة.

تتحدد الأهمية القانونية المتعلقة بتحديد الرقابة على تكييف التوقف عن الدفع في المساطر المذكورة، في السعي إلى توحيد مفهوم التوقف المعتمد ما بين المحكمة الأجنبية والمحكمة الوطنية (1)، ثم معرفة ما إذا كان هذا المفهوم محترما لتوصيات قانون الأونسيترال أم لا؟ (2).

توحيد ضبط مفهوم التوقف عن الدفع المعتمد بين المحاكم الأجنبية والوطنية.

إن مسألة التنسيق بين المسطرة الوطنية والمساطر الأجنبية في غاية الأهمية، حيث تمكن من اعتماد حلولا تخدم المصالح الفضلى للدائنين والمدينيين معا(1)، وهذا بطبيعة الحال يعد مبدئا أساسيا عند تزاحم المساطر العابرة للحدود في دعاوى صعوبات المقاولة.

ولذلك، وبموجب هاته المساطر فإن توحيد ضبط مفهوم التوقف عن الدفع بين المحاكم الأجنبية والمحاكم الوطنية يُعد مطلبا أساسيا، حتى يكون صدور الحكم القضائي في حق المقاولة منصفا وعادلا بخصوص تحديد مصيرها القاضي إما بالتسوية أو التصفية القضائية عليها، وهذا الأمر يحظى بأهمية قانونية كبيرة في المساطر العابرة للحدود المعقدة،

 

 

 

 

(1)ـ د. يونس الحكيم، ” مساطر صعوبات المقاولة….”، م.س، ص: 214.

والمتجلية في معرفة سلامة المعايير القضائية المعتمدة من طرف المحاكم الأجنبية مصدرة القرار الخاضع للاعتراف أمام المحاكم الوطنية تكون متوافقة مع التشريع الأجنبي والوطني معا.

2ـ مدى توافق مفهوم التوقف عن الدفع لمضامين قانون الأونسيترال.

انطلاقا من مواد القانون النموذجي للأونسيترال، فإن الغاية المرجوة من وراء هذا القانون لا تتمثل في توحيد القوانين وإنما الغاية من هذا القانون تتمثل في التنسيق والتعاون بين القوانين الوطنية لحل معضلة المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة(1).

إلا أنه ما يجب أن نبديه من ملاحظة في هذا الاطار، أننا نستغرب رغم صدور قانون الأونسيترال المحين بشأن الاعتراف بالأحكام القضائية لسنة 2019، ومعه القانون النموذجي بشأن الاعسار الصادر في سنة 2014 لم ينظما في صلبهم مواد تقنن فكرة التوقف عن الدفع بوجه عام، حتى تتقيد بها كل من المحاكم الأجنبية والمحاكم الوطنية عند تزاحم المساطر بينهما، وحتى يكون هناك توافق قانوني بين المعايير المأخوذة عنهما مع مفهوم التوقف.

ولذا، نقول أنه لا يتبين لنا أن مفهوم التوقف عن الدفع الذي صاغه القانون رقم 73.17 متوافقا مع مقتضيات قانون الأونسيترال، نظرا لكون أن هذا الأخير يعد قانونا دوليا مكلفا بتقنين إجراءات صعوبات المقاولة العابرة للحدود وليس صياغة مفهوم التوقف المذكور.

ب – الأهميـة العمليــة.

إنه على المستوى العملي، لم تعرف مساطر معالجة صعوبات المقاولة المحلية النجاح الاقتصادي والاجتماعي المتوخى منها، ذلك أن أغلب مساطر التسوية القضائية التي تفتتح في وجه المقاولات تؤول إلى التصفية القضائية، ليبقى التساؤل مطروحا في هذا الاطار حول مدى إمكانية نجاح هذه المساطر في بعدها الدولي بعد محدودية تحقق أهدافها في بعدها

 

 

 

 

 

(1)ـ د. مصطفى بونجة / دة. نهال اللواح، ” مساطر صعوبات المقاولة….”، م.س، ص: 346.

المحلي(1)، ومن تم تتمثل الأهمية العملية في: ضرورة تأسيس محكمة محايدة دولية مكلفة بالرقابة على تكييف التوقف (1)، ثم تفعيل دور محكمة النقض لبسط هذه الرقابة في هذا الصدد (2).

  • تأسيس محكمة محايدة دولية مكلفة برقابة تكييف التوقف عن الدفع.

إن عنصر التوقف عن الدفع باعتباره شرطا جوهريا لافتتاح مساطر صعوبات المقاولة في تشريعنا الوطني، فهو أيضا يعد أساسيا في المساطر العابرة للحدود، حيث أن الأحكام القضائية الأجنبية التي حظيت بالاعتراف تكون كذلك اعتمدت هذا الشرط، ولذا تظهر الأهمية العملية في ضرورة إيجاد سلطة مكلفة بإعمال رقابتها على تكييف هذا التوقف.

ونظرا للفراغ التشريعي في هذا الاطار سواء من جانب القانون رقم 17.73 أو من جانب قانون الأونسيترال الدولي، فإننا نقترح أن يتم تأسيس محكمة محايدة دولية تتجلى مهمتها في إعمال الرقابة على مدى قانونية تكييف توقف المقاولة عن الدفع(2) من طرف المحاكم الأجنبية، وحتى المحاكم الوطنية التي خضعت أحكامها للاعتراف أمام الدولة التي يوجد مقر المقاولة المدينة بها.

  • تفعيل دور محكمة النقض في رقابة تكييف التوقف عند تزاحم المساطر.

دائما نؤكد في مختلف الإشكالات القانونية المرتبطة بالسلطة المكلفة بإعمال الرقابة القانونية على تكييف التوقف عن الدفع المتعلقة بنظام المساطر العابرة للحدود، على ضرورة وجود دور محكمة النقض فيها، باعتبارها أعلى سلطة قضائية مخول لها القيام بهذه المهمة، ولهذا نتساءل عن دور هاته المحكمة في إعمال هاته الرقابة؟.

 

 

(1)ـ ذ. عبد الكريم عباد، ” البعد الدولي في مساطر صعوبات المقاولة…”، م.س، ص: 444.

(2)- La détermination du moment du déclenchement de la procédure de traitement des difficultés de l’entreprise est donc une question délicate. Il faut éviter que le tribunal n’intervienne trop tôt, étant donné que cette procédure est couteuse et risque de porter préjudice à l’image de l’entreprise. Mais il est également important que le tribunal n’intervienne pas trop tard, c’est-à-dire lorsque l’entreprise est déjà très affaiblie et ne dispose plus de fonds nécessaires pour assurer son redressement qui est l’objectif fondamental des procédures collectives.

– Laalaoui Sanaa, « la cessation des paiements dans les procédures collectives », mémoire de fin d’études en vue de l’obtention d’un master en sciences juridiques, option : droit des affaires, sous la direction du professeur : benjelloun touimi, université Mohamed v, faculté de sciences juridiques économiques et social rabat-agdal, sans année., page : 25.

بالرجوع إلى قانوننا رقم 73.17 وقانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعسار لا نجد أي إشارة ضمنية تتحدث عن تفعيل دور محكمة النقض في إعمال الرقابة المذكورة، وهو الأمر الذي نناشد به كلا التشريعين بضرورة تحقيق هذا الأمر لما في ذلك من محاسن عدة أهمها الاطلاع على الأحكام الأجنبية الرامية إلى تنفيذها أمام المحاكم الوطنية، وما إذا كانت هاته الأحكام قد راعت واقعة تكييف التوقف عن الدفع بشكل سليم أم لا؟.

ثانيا: المعيار الدولي المعتمد في تكييف التوقف عن الدفع.

إن مسألة البحث عن السلطة المخول لها رقابة تكييف التوقف عن الدفع فـي المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة تبقى مبهمة لا نعرف عنها شيء، وهو الأمر الذي حذا بنا إلى إثارة إشكال قانوني آخر مرتبط بمسألة الرقابة التي نعنيها، ألا وهو معرفة المعيار الدولي المعتمد في تكييف التوقف عن الدفع، والتي استنتجناها في معيار واحد وأساسي وهو معيار إعسار المقاولة (أ)، مع تحديد إجراءات هذا المعيار (ب).

أ ـ معيـار إعسـار المقاولـة.

لقد عرفت المادة الثانية من قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعتراف بالأحكام القضائية(1) المتعلقة بالإعسار وإنفاذها مع دليل الاشتراع الإعسار بأنه: ” إجراء جماعي قضائي أو إداري يُتخذ ولو بصفة مؤقتة عملا بقانون يتصل بالإعسار، وتخضع فيه أو كانت تخضع فيه موجودات المدين وأعماله للمراقبة أو الاشراف من جانب محكمة أو سلطة مختصة أخرى بغرض إعادة التنظيم أو التصفية “، وفقا لذلك فبما أن معيار الإعسار اعتبرناه معيارا دوليا يُعتمد في تكييف توقف المقاولة عن دفع ديونها في أجلها، فإن مرامي اعتماد هذا المعيار هو إيجاد آليات حل ضائقة المدين المالية (1) مع تبيان الحكم القضائي الصادر عنه (2).

 

 

 

 

 

(1)- Le jugement de liquidation emporte de plein droit dessaisissement pour le débiteur de l’administration et de la disposition de ses biens même acquis, à quelque titre que ce soit, jusqu’à la clôture des opérations de liquidation.

– Abdelhadi maniani, « la défaillance de entreprises… » op. cit, p : 38.

1- آليات حل الضائقة المالية للمدين المعسر.

عندما يتعذر على المدين سداد ديونه والتزاماته الأخرى حالما تصبح مستحقة، يوفر معظم النظم القانونية آلية قانونية لمعالجة مسألة الوفاء الجماعي بالمطالبات المتبقية من موجودات المدين، ومن الضروري أن تراعي تلك الآلية القانونية مجموعة من المصالح: مصالح الأطراف المتضررة من الإجراءات، والدائنين، والموظفين وكفلاء الديون…(1).

ومن هنا، فحسب الدليل التشريعي لقانون الأونسيترال للإعسار، فإنه تتحدد أهم الآليات القانونية لحل ضائقة المدين المالية، والذي كُيف توقفه عن الدفع بناء على معيار الاعسار، في استخدام مفاوضات إعادة الهيكلة الطوعية التي استحدثها القطاع المصرفي قبل بضعة أعوام كبديل عن إجراءات إعادة التنظيم الرسمية في إطار قانون الاعسار، وهذا النوع من التفاوض انتشر تدريجيا إلى عدد كبير من الولايات القضائية(2).

ولذلك، تهدف هاته المفاوضات إلى ضمان ترتيبات تعاقدية فيما بين المقرضين أنفسهم وبين المقرضين والمدين، لأجل إعادة هيكلة الكيان المدين، مع إعادة ترتيب التمويل أو بدونها، وهذا يمكن أن يوفر وسيلة لإضفاء المرونة على نظام الاعسار بتخفيف العبء الملقى على الأجهزة القضائية(3).

2 ـ الحكم القضائي المتعلق بالإعسار الدولي.

في الفقرة د من المادة الثانية من قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعتراف بالأحكام القضائية المتعلقة بالإعسار وإنفاذها مع دليل الاشتراع، قامت بتحديد تعريف عام عن الحكم القضائي المتعلق بالإعسار الذي يقصد به: ” حكم قضائي: – ناتج عن إجراءات إعسار أو مرتبط بها ارتباطا جوهريا، سواء أكانت إجراءات الاعسار المعنية اختتمت أم لم تختتم، ـ صدر عند استهلال إجراءات الاعسار تلك أو بعد استهلالها “.

 

 

 

 

(1)ـ أنظر الدليل التشريعي لقانون الأونسيترال للإعسار صادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بنيويورك سنة 2005، الصفحة: 11.

(2)ـ أنظر الدليل التشريعي لقانون الأونسيترال للإعسار…، م.س، ص: 27.

(3)ـ أنظر الدليل التشريعي لقانون الأونسيترال للإعسار…، م.س، ص: 28.

وهكذا، يجوز لممثل الاعسار أو لأي شخص آخر يجيز له قانون الدولة المصدرة التماس الاعتراف بحكم قضائي متعلق بالإعسار وإنفاذه، أن يلتمس الاعتراف بذلك الحكم القضائي وإنفاذه في هذه الدولة، ويجوز أيضا أن تثار مسألة الاعتراف كوسيلة للدفاع أو كمسألة عرضية(1).

ب- إجـراءات الإعسـار الدولي.

إن قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعسار عبر الحدود يراعي الفوارق بين القوانين الإجرائية الوطنية، ولا يسعى إلى توحيد جوهري لقوانين الاعسار، بل يقدم إطار للتعاون بين الولايات القضائية، ويتيح حلولا تساعد بعدة طرائق متواضعة، ولكنها مهمة أيضا على اتباع نهج موحد حيال الاعسار عبر الحدود وتيسره وتعززه(2)، ومن هنا نقول أن للإعسار عبر الحدود نوعان رئيسيان من الإجراءات مشتركان بين أغلبية قوانين الاعسار وهما: إعادة التنظيم (1)، ثم التصفية (2).

1ـ إعــادة التنظيــم.

إن إعادة التنظيم بصفتها إجراء يرمي إلى إنقاذ المدين أو إذا تعذر ذلك إنقاذ المنشأة، يمكن أن تتخذ واحدا من عدة أشكال، ويمكن أن تكون أكثر تنوعا من التصفية في مفهومها وقبولها وتطبيقها على الصعيد العالمي، وتوخيا للبساطة يستخدم مصطلح إعادة التنظيم في الدليل بمعنى واسع لكي يشير إلى نوع الإجراءات الذي يتمثل غرضه النهائي في تمكين المدين من التغلب على صعوباته المالية واستئناف عملياته التجارية المعتادة أو مواصلتها(3).

2ـ التصفيــة.

إن نوع الإجراءات الذي يشار إليه باسم ” التصفية ” ينظمه قانون الاعسار، وينص عموما على أن تتولى سلطة عمومية (هي في العادة ولكن ليس بالضرورة محكمة تعمل من

 

 

 

 

(1)ـ المادة 11 من قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعتراف بالأحكام القضائية المتعلق بالإعسار، م.س، ص: 6.

(2)ـ قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الاعسار عبر الحدود مع دليل الاشتراع والتفسير…، م.س، ص: 19.

(3)ـ دليل الأونسيترال التشريعي لقانون الاعسار…، م.س، ص: 35.

 

خلال شخص يعين لذلك الغرض) مهمة الاشراف على موجودات المدين بغية إنهاء نشاطه التجاري تحويل الموجودات غير النقدية إلى شكل نقدي، ومن تم توزيع عائدات بيع تلك الموجودات بالتناسب على الدائنين(1).

 

 

صراحة، إن موضوع إعمال الرقابة القانونية على تكييف التوقف عن الدفع في المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة لم يتطرق بشأنه لا قانوننا رقم 73.17 ولا قانون الأونسيترال الدولي، سواء تعلق الأمر عند الولوج إلى المساطر الوطنية والأجنبية أو عند تزاحم المساطر، وهذا في حقيقة الأمر ينبغي إعادة النظر بشأنه، لكون أن هاته المساطر الخاصة تستوجب إعمال هاته الرقابة، عبر خلق مؤسسة قانونية تكون مهمتها بسط رقابة الأحكام القضائية الأجنبية، والنظر في مدى توفيقها في تكييف مفهوم توقف المقاولة تكييفا سليما، وذلك حتى لا يتم إجحاف مصالح المقاولة المتواجدة في الدولة الأجنبية، وإقبار نشاطها التجاري بشكل نهائي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(1)ـ دليل الأونسيترال التشريعي لقانون الاعسار…، م.س، ص: 39.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى