بحوث قانونية

القواعد العامة المتعلقة بالقسمة القضائية

 copropriete

أطراف دعوى القسمة القضائية هم دائما الشركاء في الملك المشاع، والمدعي في هذه الحالة هو كل شريك  اختلف مع شركائه حول إجراء قسمة اتفاقية مع رغبته في الخروج من حالة الشياع كما يمكن أن يكون موصى له أو وارث أحد الشركاء، و المدعى  عليه هو الشريك الآخر أو باقي الشركاء، و كل من الطرفين ينيب عنه محاميا يكون مسجلا بأحد هيئات المحامين بالمغرب و ذلك لأن المسطرة المتبعة في هذا النوع من الدعاوي تكون كتابية وهو ما لا تكون للأطراف دراية به. وكذلك يجب على المدعي احترام الشرط الذي يقضي برفع الدعوى أمام المحكمة المختصة بالنظر في هذه الدعاوى سواء نوعيا حيث ترفع هذه الدعاوي أمام المحكمة الابتدائية أو محليا حيث يجب إثارتها أمام الحكمة التي يوجد في دائرة نفوذها العقار موضوع القسمة. ولسلوك مسطرة دعوى القسمة القضائية لاحظنا خلال فترة تدريبنا أن المدعي يكون ملزما باحترام بعض الإجراءات الشكلية والموضوعية ، حيث يتوجب عليه تضمين ملف الدعوى بمقال افتتاحي يذكر فيه أسماء الأطراف وعناوينهم وموضوع النزاع وكذلك وصف دقيق وكامل للمملوك موضوع النزاع ، مع الإشارة في الأخير إلى

 

المطلب I: الشروط الشكلية لتقديم دعوى القسمة القضائية

1ـ ضرورة إثارة الدعوى من قبل أحد الأطراف وعدم إلحاقها ضررا بأحدهم

يمكن تفسير ضرورة إثارة الدعوى من قبل أحد الأطراف الأطراف بوجوب طلب الشركاء سواء جميعهم أو البعض منهم القسمة، لأن المحكمة، لا يمكنها أن تثيرها تلقائيا، ما دام لا يتعلق الأمر بالنظام العام. أما عدم لحاقها ضررا بأحدهم فهو يعني أنه يجب أن لا ينتج عن هده القسمة أي أضرار ملحقة بالمقسوم لهم أو أحدهم في حالة القسمة العينية، و على خلاف دلك يتم اللجوء إلى قسمة التصفية. كما جاء في قرار المجلس الأعلى رقم 572 الصادر في 14 مارس 1990 في الملف 4206/89 أنه “إنهاء الشياع يتم إما بقسمة الشيء المشاع قسمة عينية ودلك بتمكين كل شريك بحصته حسب ما يملكه في المقسوم إدا كان قابلا للقسمة العينية، وإلا فبقسمة التصفية، و دلك ببيعه بالمزاد العلني و تمكين كل شريك من حصته في الحين”[1]  وهدا الاتجاه سار عليه المجلس الأعلى في كثير من القرارات الأخرى.

2ـ  وجوب إدراج جميع المالكين في الدعوى تحت طائلة عدم القبول

ويرمي هدا الشرط إلى ضرورة إدخال كافة المالكين على الشياع في الدعوى و إلا اعتبرت الدعوى غير مقبولة شكلا. و هدا الشرط يعد أساسيا لتمكينه القاضي من إتمام إجراءات الدعوى و حتى تشمل الاستفادة جميع الشركاء. وفي هدا الصدد نجد قرار المجلس الأعلى رقم 490، الصادر في 09 يناير 1985 في الملف رقم 4515/84: ” من شروط صحة دعوى القسمة أن توجه إلى كافة الأشراك عملا بقول ابن الحاجب:<< لو طرأ وارث و المقسوم كدار فله الفسخ>> ولقوله ابن عاصم << و تنقض القسم لوارث ظهر >> يعني فأحرى إدا كان موجودا كما في النازلة و لهدا فإن المحكمة لما لم تجب على الدفع المتعلق بوجود شريك موصى له يكون قضاؤها غير مؤسس[2].

إلا أن هناك استثناءا تطرحه العقارات المحفظة حيث تقتصر السمة على الشركاء المسجلة أسماؤهم بالسجل العقاري، و أي نقص به من حيث عدم تضمنه لأسماء بعض الشركاء أو عدم تسجيل التغيرات التي تحصل بموت أحد الشركاء أو بيعه لنصيبه لشخص آخر، لا يكون المدعي مسؤولا عنه، و هدا ما أكده قرار المجلس الأعلى رقم 154 الصادر بتاريخ 9 يناير1996 في الملف رقم 5289/88: حيث جاء فيه” تكون المحكمة قد صادفت الصواب لما قضت بالقسمة بين المالكين المسجلة أسماؤهم في الرسم العقاري للملك المطلوبة قسمته، و اعتبرت البيوع المدعى بها غير موجودة، ما دامت غير مسجلة في الرسم العقاري للعقار المطلوبة قسمته عملا بالفصل 66 عن ظهر التحفيظ العقاري[3] .

     

المطلب II: القواعد الموضوعية للقسمة القضائية

1ـ إثبات الملكية بالنسبة للعقار المحفظ

طبعا عند فتح ملف الدعوى أمام المحكمة بعد تضمينه مقالا افتتاحيا يشمل جميع المعلومات الضرورية عن الأطراف، والشيء المراد قسمته و الطريقة التي آل بها إليهم سواء بيع أو إرث مؤرخا. و كذلك يكون محددا به ملتمس المدعي من المحكمة و أخيرا توقيع المحامي. و إلى جانب هدا المقال مجموعة من الوثائق و السندات المدعمة له. وبعد أداء الرسوم القضائية ـ تحت طائلة عدم القبول ـ و بعد تقييد القضية في سجل معد لدلك وتعيين رئيس المحكمة قاضيا مقررا لها. يعمل هدا الأخير على فحص و تمحيص جميع الوثائق و التأكد من استيفائها للشروط القانونية و مدى تحقق شرط الأثباث فيها، حيث و بالنسبة للحالة التي نحن بصددها أي العقار المحفظ فإنه لا يثير أية إشكالات و هدا ما يتضح من الفصلين 66 و67 من ظهير 9 رمضان 1331، فصفة المالك تثبت لكل شخص مقيد الرسم العقاري دون سواه. و يكفي لقبول دعوى القسمة بالنسبة لهدا النوع من العقارات فقط، إرفاق المقال الافتتاحي بشهادة عقارية صادرة عن المحافظ العقاري، تثبت صفته كشريك مالك في المال الشائع، و تحدد حصته فيه،  وتحمل أسماء جميع الشركاء المقيدين بالرسم العقاري و تحدد حصصهم كذلك في هدا المال، وكيف آلت إليهم ملكية هدا العقار(إرث أو بيع أو وصية…) و تبين الشركاء الراشد منهم و القاصر

 

2ـ إثبات الملكية بالنسبة للعقار غير المحفظ

بالنسبة لهدا النوع من العقارات، عمل الفقه الإسلامي على تحديد الوسائل المثبتة للملكية حسب  نوعيتها، حيث في المال المشاع المكتسب عن طريق الإرث لا يكفي أن يكون المقال المقدم من طرف المدعي مستوفيا لشروطه الشكلية فقط لقبوله، بل يجب إرفاقه برسم الأراثة و هو رسم يكشف عن عدد الورثة و عن علاقتهم بالمورث . و يتعين أن تكون الاراثة مشتملة على ذكر تاريخ الوفاة بالضبط،و على ذكر جميع الورثة بأسمائهم و ألقابهم العائلية و أعمارهم وصفتهم و محل سكناهم و حالتهم الشخصية من حجر أو رشد أو جنسية ، و بيان المتزوج من غيره،ثم ذكر مناب كل وارث.

و يتعين النص في الاراثة على وجود وصية أو تنزيل إن وجدا أو على عدمهما ، و على حصص الموصى له أو المنزل.

ومشروط الاراثة معرفة الشهود للهالك معرفة تامة.و يجب ألا تكون الشهادة بإطلاق، بل ينبغي أن تكون مخصصة . و لهدا يقال عادة في الاراثة :

“لا وارث للهالك سوى من ذكر في علم الشهود”.

و أهمية هدا الرسم تظهر من خلال القرار الذي أصدره المجلس الأعلى و القاضي بان الدعوى لاتسمع من ورثة ميت إلا بعد الإدلاء باراثته.

 ورسم التركة أو ما يسمى برسم الإحصاء و هو رسم يكشف عن الأموال التي خلفها الميت . و لابد من تحديد بدقة كبيرة سواء فيما يتعلق بالمنقول أو العقار. و يجب أن يقدم كل شئ على حدة بها في دلك متاع البيت، إن كانت آه أهمية كبيرة ، كما تنبغي الإشارة إلى الموال النقدية الخاصة . و اذا تعلق الأمر بأصل تجاري فلابد من تحديد عناصره المادية و المعنوية بكل دقة .

و الملاحظ أن الإحصاء يتعلق بالأموال المتروكة في دائرة محكمة أخرى، فلابد من الإحالة على هده المحكمة التوثيقية قصد تحرير رسم ملحق.و اذا ظهرت أموال احرى للهالك كانت مختفية عمدا أو خطا،فلا مانع من تحرير رسم إضافي بها.

و تقوم الأموال على يد عارفين ياخدان أجرتهما من طرف كل الورثة . و يقع الإشهاد عليهم جميعا، و على النواب الشرعيين اذا ما وجدوا حتى يلتزموا بما ورد في وثيقة الإحصاء .

و يتعيين ذكر جميع مختلف بالحروف و الأرقام،كما يتعين ذكر اسم من حضر نيابة عن القاصرين ضمن رسم الإحصاء.

 و رسم متخلى و كدا رسم مدخل التملك الذي يثبت مدخل الهالك إلى المال المطلوب قسمته و هو رسم من الأهمية بمكان،خاصة عندما تكون يد الوارث المدعي العام منزوعة عن حصته ،بحيث تكون حيازة المال المورث تحت يد الغير أو تحت يد وارث أخر يدعي ملكية المال له وحده دون غيره.  

وأخيرا ,فمن الملاحظ  أن الرسوم التي اشرنا إليها في هده الفقرة هي من موجبات الفقه المالكي ,دلك انه قد جاء في كتاب المعيار:

“حكى بعضهم إجماع مالك و أصحابه انه لا يجوز للقاضي أن يأذن للورثة في القسمة حتى يثبتوا اصل الملك لموروثهم و استمراره بحوزة و الموت و الوراثة ,و به جرى الحكم عند شيوخ قرطة و طليطلة….”

 إذ لا تغني أية وثيقة عن الأخرى. و يكون الهدف من هده الوثائق هو تعزيز و إثبات صحة الدعوى في مواجهة الخصوم، وبهدا الخصوص نذكر قرار المجلس الأعلى عدد 856 الصادر بتاريخ 25/ 3/ 1995 ملف الأحوال الشخصية عدد 6289/ 90 إنه:  ” إدا رفع الوصي أو الورثة أمر للقاضي ليقسم بينهم، فإنه لا يقسم بينهم حتى يثبتوا اصل الملك للموروث و استمراره بيده و حيازته و إثبات الموت وعدة ورثته”[4]  و في هدا الإطار يقول العلام الشيخ محمد بن يوسف الكافي أنه: ” في الحالة التي تكون فيها القسمة للقضاء فإنما يكون بعد إثبات الواجبات بأن يثبت عند القاضي موت من يراد قسمة ماله و إثبات الورثة و ملك الشيء الموروث الذي يراد قسمته للمورث إلى أن ورثه ورثته و إثبات إهمال اليتامى و غيبة الغائب و بعدها أو انقطاع خبره و نحو دلك من الموجبات “[5] غير أن المجلس العلى ارتأى فيما بعد تحرير المدعي من إثبات ملكية وارثه ما دامت هده الملكية غير محل منازعة من قبل الأطراف، حيث جاء في قراره عدد 731 الصادر بتاريخ 2/ 1/ 1999 ملف عدد 7373/ 1997 : ” و حيث أن أطراف النزاع لا ينازعون في الملكية على الشياع فيما بينهم، وحيث أن الملكية على الشياع ثابتة بين أطراف النزاع بمقتضى رسم التركةالمدكورة المتعلقة بالهالك و الأراثة المتعلقة به و بزوجته من بعده”[6] و هدا الرأي ذهبت معه العديد من محاكم الموضوع، في حين بقيت أخرى مع الرأي الأول و الذي يعد الأقرب إلى الصواب في نظر الفقهاء. أما بالنسبة للعقارات المكتسبة عن طريق الحيازة، هده الأخيرة التي اعتبرها القضاء المغربي وسيلة و قرينة لإثبات صحة التملك و نذكر هنا قرار المجلس الأعلى عدد 275 الصادر بتاريخ 4/6/1969 :” و حيث إن مسألة قرينة الحيازة تدل على الملك لا على أداء الثمن عند التبايع “[7] و في قرار آخر

” و حيث أن شرط صحة التبرعات هو ثبوت حيازة المتبرع عليه بما وقع التبرع به عليه قبل حدوث المانع الشرعي”[8] . والحيازة بصفة عامة هي وضع اليد على الشيء المحوز سواء كان عقارا أو منقولا والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، و للحيازة المعتبرة المنتجة خمسة شروط نذكرها باختصار:

 

ـ وضع اليد على العقار و حيازته

ـ التصرف فيه تصرف المالك في ملكهـ انعدام المنازع أو المعارض

ـ أن ينسب الحائز الملك إلى نفسه و الناس ينسبونه إليه

ـ طول مدة الحيازة للعقار، بحيث ما جهل أصله يكفي فيه الحوز عشرة أشهر أما ما علم أصله فإذا كانت الحيازة بين الأجانب فيجب أن تكون مدة الحيازة أكثر من عشر سنين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى