مقالات قانونية

إجراءات الشاحن في مواجهة الناقل البحري عنذ حدوث ضرر بالبضائع

téléchargement (1)

 

شيهاب عينونة
طالبة باحثة في سلك الدكتوراه جامعة وهران الجزائر

تضمنت الإتفاقـيات الدولـية و معـظم القوانين على حث الشاحـنـيـيـن المتضرريـن أو أصحاب الحق في البضاعة كالمرسل إليه بإتخاذ إجراءات معينة في سبيل الرجوع على الناقل البحري بالتعويض من المسؤولية و ذلك بإخطاره في ميناء الوصول بحصول الضرر المتمثل في هلاك البضاعة أو تلفها. (1)

و قبل التطرق إلى الإجراءات التي يتعين على الشاحن القيام بها في مواجهة الناقل عنذ حدوث ضرر بالبضائع ، يتعين علينا التعريف بطبيعة هذا الضرر سواءاً كان هلاك أو تلف أو تأخير في التسليم.(2)

المبحث الأول:حالات الضرر اللاحقة بالبضائع

القاعدة هي أن الناقل يعتبر مسؤولا عند حدوث ضرر بالبضائع و المتمثل في هلاكها أو تلفها، إلا إذا توفرت لديه سبب من الأسباب التي تبيح له دفع المسؤولية عنه(3)،فعلينا توضيح مفهوم هذا الضرر و تمييزه عن بعضه البعض.

المطلب الأول:المقصود بالهلاك و التلف

هلاك البضائع قد يكون كليا أو جزئيا ، و الهلاك الجزئي يأخذ حكم التلف.

أما تلف البضاعة يعنى وصولها كاملة من حيث مقدارها و لكنها تالفة كأجهزة تحطمت أو مرايا تهشمت ، أو هلاك جزء من البضاعة مع صلاحية الباقي إذ يستوى أن يشمل العيب البضاعة كلها

أو جزء منها.

و لكن ما هو الحكم لو تلف جزء من البضاعة بحيث لا يصلح الباقي لإستعماله فيما أعد له؟

يذهب رأي إلى إعتبار هذه الحالة بأنه ثمة هلاك كلي للبضاعة ، غير أن هذا الرأي يعاب عليه بأن أساس التفرقة بين الهلاك الكلي و الهلاك الجزئي هو حصول تسليم من عدمه ، فإذا ما كانت البضاعة قد سلمت إلى المرسل إليه و مهما كان قدر التلف الذي لحق بجزء منها و الذي يؤدي إلى عدم صلاحية الجزء الباقي للإستعمال فيما أعد له ، فإن الأمر لا يرقي إلى حصول هلاك كلي.

إذ الفرض في الهلاك الكلي أن لا يكون ثمة تسليم للبضاعة أو جزء منها ، أما إذا حصل تسليم و لو كان التلف شاملا للبضاعة كلها فإننا نكون بصدد حالة تلف كلي و ليس هلاك كلي.

-1-

و يأخذ الهلاك الجزئي حكم التلف ، و صورة الهلاك الجزئي أن يصل جانب من البضاعة فقط أي أن يلحق البضاعة نقصان في الوزن أو الحجم أو المقاس أو العدد ، مثال ذلك: أن تكون البضاعة عشرة طرود و لا يسلم منه عنذ الوصول غير سبعة طرود.

و لا يعد نقصاً في البضاعة يسأل عنه الناقل البحري النقص العادي الذي يصيب البضاعة أثناء نقلها بسبب طبيعتها أو بسبب عملية النقل و هو ما يعرف بعجز الطريق.

فتحديد وجود و مقدار الهلاك الجزئي يكون بمقارنة ما هو وارد بسند الشحن من بيانات تتعلق بوزن أو قياس أو حجم أو عدد الطـرود التي تكـون مجمـوع البـضائع بوزن أو مقاس أو حجم أو عدد الطرود التي يسلمها الناقل لصاحب الحق في البضاعة عنذ الوصول.

أما إذا تضمن سند الشحن تحفـظاً يتعلق بالبـيانات الواردة بالبضائع و الخاصة بالـوزن أو المقاس

أو الحجم أو عدد الطرود ، فيقع على عاتق المدعى بغية إثبات الهلاك الجزئي إثبات حقيقة المقدار المشحون من البضاعة ، و إذا كان سند الشحن نظيفاً أي خالياً من التحفظات ، يفترض معه أن الناقل قد تسلم البضاعة في حالة جيدة ، و من تم يسأل عن كل ما يصيب البضاعة من هلاك أو تلف.

المطلب الثاني: تعريف التأخير

أما المقصود بالتأخير فيعنى أن يكون ثمة تأخير من جانب الناقل في تسليم البضائع إذا لم يسلمها لصاحب الحق فيها في الميعاد المتفق عليه ، أما إذا لم يكن ثمة ميعاد متفق عليه للتسليم ، فإن الناقل يتعين عليه أن يسلم البضائع في الميعاد الذي يسلمها فيه الناقل العادي في ظروف النقل المماثلة.

أما المقصود بالناقل العادي فهو الناقل المتوسط الحرص أي غير الغافل أو الشديد اليقظة.

فيفترض في حالة التأخير أن البضاعة وصلت سليمة ، و التأخير على عكس الهلاك أو التلف ليس ضرراً بذاته ، و إنـما يكـون الضرر في النتائـج التي تترتـب عـليه ، و الذي يكون بالضرورة ضرراً إقتصادياً يتمثل في فوات الكسب أو وقوع خسارة ، و هذا الضرر قد يقع على البضاعة كما إذا كانت فاكهة و فسدت و يسأل الناقل عن مثل هذا الضرر بوصفه تلفاً.

و قد يقع الضرر على الشاحن أو على منشأته كما إذا فوت عليه التأخير صفقة مربحة أو ألحق به خسارة نشأت عن تعطيل العمل في المنشآة بسبب تأخر وصول الالآت المطلوبة.

-2-

و إثبات التأخير لا يثير أي صعوبة ذلك أن مجرد حلول ذلك الميعاد دون حصول تسليم يكون بذاته خطأ عقدي ، و من ثم لا يحتاج المدعى بعد ذلك إلا إثبات الضرر بوجود علاقة سببية بين الخطأ و الضرر مفروضة. (4)

المبحث الثاني: الإخطار عن حدوث ضرر بالبضائع

نظمت معاهدة بروكسل الإخطار بالهلاك أو التلف في المادة 03 فقرة 06 و التي تضمنت أيضا بنداً خاصاً بالتقادم عدل ببروتوكولها لسنة 1968 ، و هذه المادة مماثلة للمادة
19 من قواعد هومبورغ ، إلا أن هذه الأخيرة أضافت الإخطار في حالة التأخير و غيرت في فترة الإخطار ، كما إستحدثت الإخطار الذي يوجهه الناقل أو الناقل الفعلي إلى الشاحن. (5)

و الحكمة من وراء عمل الإخطار هو إثبات الحالة التي عليها البضاعة في مواجهة الناقل تمهيداً لرفع الدعوى عليه ،أو لتمكينه من مواجهة الموقف إذا كانت لديه أسباب تعفيه من المسؤولية أو لإعطائه الفرصة لمحاولة التوصل إلى حل و مصالحة مع الشاحن بتعويضه أو لتقديم المنازعة إلى محكمين يتفق عليهم الأطراف. (6)

المطلب الأول:الإخطار في حالة الهلاك أو التلف

نصت المادة 03 فقرة 06 من معاهدة بروكسل على أنه: ” إذا لم يحصل إخطار كتابي بالهلاك أو التلف ، و بماهية هذا الهلاك أو التلف للناقل أو وكيله في ميناء التفريغ قبل أو في وقت تسليم البضاعة و وضعها في عهدة الشخص الذي يكون له الحق في إستلامها طبقا لعقد النقل ، فإن هذا التسليم يعتبر ، إلى أن يثبت العكس ، قريتة على أن الناقل قد سلم البضائع بالكيفية الموصوفة بها في سند الشحن.

و إذا كان الهلاك أو التلف غير ظاهر فيجب أن يحصل الإخطار في مدى ثلاثة أيام من التسليم.

و لا يترتب أي أثر على هذه الإخطارات المكتوبة إذا كانت حصلت معاينة البضاعة من التسليم.

و في جميع الأحوال ترتفع عن الناقل و السفينة كل مسؤولية ناشئة عن الهلاك أو التلف إذا لم ترفع الدعوى في خلال سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغى تسليمها فيه.

و على الناقل و مستلم البضائع في حالة الهلاك أو التلف المحقق أو المدعى حدوثه أن يتبادلا تقديم التسهيلات المستطاعة للتفتيش على البضاعة و التحقق من عدد الطرود”.

و يلاحظ أن البند الثالث الخاص بحالة إجراء المعاينة قد ترجم خطأ و ترجمته الصحيحة هي:” لا تكون هناك حاجة للإخطار الكتابي إذا كانت حالة البضائع وقت تسليمها محلا لمعاينة مشتركة أو تفتيش”.

-3-

و قد إستقر القضاء المصري على أن المقصود بالإخطار أن يحاط الناقل علماً بالعجز أو العوار المدعى به ، و بأن المرسل إليه لا يرضاه و يتمسك بحقوقه الناشئة عنه حتى يتمكن الناقل من إعداد أدلته إستعداداً لدعوى المسؤولية.

و عليه فإن علم الناقل بالعجز عنذ التسليم لا يعفى المرسل إليه من توجيه الإخطار حتى يفصح عن موقفه في هذا العجز ، كما يشترط في الإخطار و حتى يحفظ حق المرسل إليه قبل الناقل في حالة التلف أو العجز أن يسلم للناقل أو وكيله أو يثبت إمتناعه عن إستلامه، و أعتبر عدم توجيه الإخطار قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة بالكيفية الموصوفة بها في سند الشحن إلا أنه يجوز إثبات عكسها.

و يجب أن يوضح الإخطار الضرر على وجه التحديد بعد إستلام البضاعة و فحصها ، أما الإخطار الذي يرسل قبل إستلام البضاعة و يقتصر على تحفظ المرسل إليه على ما قد يظهر بالبضاعة من عجز أو تلف عنذ إستلامها فإنه لا يعتد به.

و عليه فإن المرسل إليه ملزماً بأن يوجه الإخطار الكتابي وقت التسليم في الفترة المحددة ، و لا يترتب على عدم توجيه الإخطار سقوط دعوى المسـؤولية أو عـدم قبولها ، و إنما كل ما يترتب على ذلك أن تقوم في حق المرسل إليه قرينة بأنه تسلم البضائع بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن ، و هذه القرينة هي قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس بكافة طرق الإثبات.

و لا يسقط حق المرسل إليه في إقامة دعوى المسؤولية إلا بالتقادم ، و قد إشترطت معاهدة بروكسل تقديم الإخطار إلى الناقل أو وكيله في ميناء التفريغ و لا محل للإخطار بطبيعة الحال في حالة الهلاك الكلي إذ لا يكون هناك تسليم ما. (7)

بينما تطرقت المادة 19 من قواعد هومبورغ للإخطار بالهلاك أو التلف أو التأخير فنصت بأنه: ” ما لم يقم المرسل إليه بإخطار الناقل كتابة بالهلاك أو التلف مع تحديد الطبيعة العامة لهذا الهلاك أو التلف ، و ذلك في تاريخ لا يتجاوز يوم العمل الذي يلي مباشرة تسليم بضائع إلى المرسل إليه ، أعتبر هذا التسليم قرينة ظاهرة على ان الناقل سلم البضائع كما هي موصوفة في وثيقة النقل ، فإذا لم تكن هذه الوثيقة قد أصدرت أعتبر قرينة ظاهرة على أنها سلمت بحالة سليمة.

– إذا كان الهلاك أو التلف غير ظاهر ، تسرى بالقدر نفسه أحكام الفقرة 01 من هذه المادة إذا لم يوجه الإخطار الكتابي خلال 15 يوما متصلة تلى مباشرة يوم تسليم البضائع إلى المرسل إليه.

 

-4-

-إذا كانت قد أجريت بصورة مشتركة من الطرفين عملية معاينة أو فحص لحالة البضائع وقت تسليمها إلى المرسل إليه إنتفت الحاجة إلى توجيه الإخطار الكتابي عما يتم التحقق منه أثناء المعاينة أو الفحص المذكورين من هلاك أو تلف.

– في حالة وجود أي هلاك أو تلف فعلي أو متصور ، يجب على كل من الناقل و المرسل إليه أن يقدم إلى الأخر جميع التسهيلات المعقولة لفحص البضائع و جردها.

– لا يستحق أي تعويض عن أية خسارة تنتج عن التأخير في التسليم ما لم يوجه إخطار كتابي إلى الناقل خلال 60 يوما متصلة تلى مباشرة يوم تسليم البضائع إلى المرسل إليه.

– إذا قام ناقل فعلي بتسليم البضائع ، فأي إخطار يوجه بمقتضى هذه المادة إلى الناقل الفعلي يكون له نفس الأثر كما لو كان قد وجه إلى الناقل ، كما يكون لأي إخطار يوجه إلى الناقل نفس الأثر كما لو كان قد وجه إلى هذا الناقل الفعلي.

– ما لم يقم الناقل أو الناقل الفعلي بتوجيه إخطار كتابي عن الخسارة أو الضرر إلى الشاحن يحدد الطبيعة العامة لهذه الخسارة أو الضرر ، و ذلك في موعد لا يتجاوز 90 يوما متصلة تلى مباشرة وقوع الخسارة أو الضرر أو تسليم البضائع وفقاً للفقرة 02 من المادة 04 ، أيهما أبعد ، فإن عدم توجيه مثل هذا الإخطار يكون قرينة ظاهرة على أنه لم تلحق بالناقل أو الناقل الفعلي أي خسارة أو ضرر يرجع إلى خطأ أو إهمال من جانب الشاحن أو مستخدميه أو وكلائه.

– لأغراض هذه المادة ، يعتبر كل إخطار يوجه إلى شخص يتصرف نيابة عن الناقل أو الناقل القعلي بما في ذلك ربان السفينة أو الضابط المسول عنها ، أو إلى شخص يتصرف نيابة عن الشاحن ، كأنه قد وجه إلى الناقل ، أو الناقل الفعلي ، أو الشاحن حسب الحالة.” (8)

و منه يجب الإخطار في حالتي الهلاك الجزئي و التلف دون الهلاك الكلي ، إذ وفقا للفقرات الأربعة من المادة 19 من قواعد هومبورغ ، فثمة تسليم و معاينة و فحص و جرد للبضائع ، و كلها أمور تنتفى في حالة الهلاك الكلي.

فالإلتزام بالإخطار يقع على عاتق المرسل إليه ، و هو يقوم به بنفسه أو بواسطة نائب عنه ، كذلك فإن الإخطار قد يوجه إلى الناقل أو إلى نائبه كالربان أو وكيل الشحنة او الضائط المسؤول عن السفينة ، على إعتبار أن هذا الأخير يتصرف نيابة عن الناقل و هذا ما أتت به الفقرتين 06 و 08 من نص المادة 19. (9)

 

-5-

 

أما عن طبيعة الإخطار في قواعد هومبورغ فيجب أن يكون كتابياً و مبيناً لطبيعة الهلاك أو التلف ، فإشترطت الكتابة لتفادى النزاع بشأن حصول الإخطار ، و لا يلزم الإخطار في حالة إجراء معاينة مشتركة بين الطرفين وقت تسليم البضائع ، إذ مثل هذه المعاينة تمكنهما من التحقق معاً مما لحق البضائع من هلاك أو تلف. (10)

و بالرجوع إلى إتفاقية روتردام فقد تطرقت المادة 23 للإخطار عن الهلاك أو التلف بنفس الطريقة التي تناولتها المادة 19 من قواعد هومبورغ، فتنص هذه المادة بأنه: ” يفترض أن يكون الناقل ، في غياب ما يثبت العكس ، قد سلم البضائع وفقاً لوصفها الوارد في تفاصيل العقد ، ما لم يكن قد وجه إشعار بحدوث هلاك او تلف للبضائع ، يبين الطبيعة العامة لذلك الهلاك أو التلف ، إلى الناقل أو الطرف المنفذ الذي سلم البضائع ، قبل وقت التسليم أو عنذه ، أو في غضون سبعة أيام عمل في مكان التسليم بعد تسليم البضائع إذا لم يكن الهلاك أو التلف ظاهراً “.

غير أن غياب توجيه هذا الإخطار لا يحدث أية نتيجة مؤسفة من شأنها ضياع حق طالب التعويض وفقاً لنص الفقرة 02 من المادة 23 من إتفاقية روتردام التي تنص : ” لا يجوز أن يفضي عدم توجيه الإشعار إلى الناقل أو الطرف المنفذ إلى المساس بالحق في المطالبة بالتعويض عن هلاك البضائع أو تلفها ، و لا إلى المساس بعبء الإثبات “، و عملياً إذا لم يوجه الإخطار سيكون من الصعب إثبات بأن الخسارة حدثت أثناء تواجد البضائع بين أيدي الناقل. (11)

و بالرجوع للقانون البحري الجزائري فقد حددت المادة 790 منه وقت تقديم الإخطارات من قبل المرسل إليه، فيتعين على المرسل إليه أو ممثله في حالة إكتشاف خسائر أو أضرار أن يقوم بتبيلغ الناقل أو ممثله كتابيا في ميناء التحميل قبل أو في وقت تسليم البضاعة، و إذا لم يتم ذلك تعتبر البضاعة مستلمة حسبما تم وصفها في وثيقة الشحن إلى غاية ثبوت العكس (12)، و قد أكدت الغرفة التجارية البحرية في قراراتها القضائية أن إحتساب أجال الإخطار يبدأ من تاريخ التسليم و ليس يوم التفريغ، و أبقت على قيام مسؤولية الناقل حتى و لو كانت عمليات التفريغ من إحتكار مؤسسة الميناء. (13)

و يختلف ميعاد الإخطار حسب ما إذا كان الهلاك أو التلف ظاهراً أو غير ظاهر، فتوجب معاهدة بروكسل طبقا لمادتها 03 فقرة 06 في حالة الهلاك أو التلف الظاهر يتم توجيه الإخطار ” قبل أو وقت تسليم البضاعة” ، و قد تغير هذا الميعاد في قواعد هومبورغ بموجب الفقرة 01 من المادة 19 إلى ” في تاريخ لا يتجاوز يوم العمل الذي يلى مباشرة تسليم البضائع إلى المرسل إليه”. (14)

-6-

و يعنى ذلك أن قواعد هومبورغ منحت للمرسل إليه يوم عمل كامل لتوجيه الإخطار يلى يوم التسليم ، و ذلك بالإضافة إلى يوم التسليم ذاته ، و بشرط أن يكون ذلك اليوم الذي يلى يوم التسليم يوم عمل، فإذا كان يوم عطلة إمتد العمل إلى يوم العمل الذي يليه. (15)

أما إذا كان الهلاك أو التلف غير ظاهر ، فطبقا لمعاهدة بروكسل يجب أن يحصل الإخطار في مدة ثلاثة أيام من التسليم ، إلا أن الفقرة 02 من المادة 19 من قواعد هومبورغ تطلبت أن يوجه الإخطار الكتابي خلال 15 يوماً متصلة تلى مباشرة يوم تسليم البضائع إلى المرسل إليه. (16)

في حين أحدثت إتفاقية روتردام تغييراً بخصوص مدة الإخطار على خلاف المعاهدتين السابقتين ، إذ إشترطت أن يكون الإخطار قبل وقت التسليم أو عنده ، أو في غضون سبعة أيام عمل في مكان التسليم بعد تسليم البضائع إذا لم يكن الهلاك أو التلف ظاهراً. (17)

و يدخل في حساب المدة المتصلة أيام العطلات التي تتخللها ، إلا أنه إذا كان اليوم الأخير من الميعاد عطلة رسمية إمتد الميعاد إلى يوم العمل التالي.

فنستنتج من المادة 19 من قواعد هومبورغ بأن الإعفاء من توجيه الإخطار الكتابي من جانب المرسل إليه قاصر فقط على ما تم التحقق منه من ضرر أثناء المعاينة المشتركة ، فإذا ما ثبت وجود أضرار أخرى بعد عملية المعاينة المشتركة وجب على المرسل إليه إخطار الناقل بشأنها في المواعيد القانونية.

و مثال ذلك: أنه إذا تمت معاينة مشتركة بين الناقل أو المرسل إليه للهلاك أو التلف الظاهر فإن هذه المعاينة لا تغن المرسل إليه من عمل إخطار للناقل خلال 15 يوما من الإستلام إذا ما أكتشف عند فتح الطرود أو الحاويات هلاكاً أو تلفاً غير ظاهر.

كما توجب الفقرة 04 من المادة 19 على الطرفين أن يتبادلا التسهيلات المعقولة لفحص البضائع و الكشف عن الهلاك أو التلف و التعرف على مداه. (18)

من جهة القانون البحري الجزائري فحسب المادة 790 إذا لم تكن الخسائر و الأضرار ظاهرة ، فيبلغ عنها خلال ثلاثة أيام عمل ، إعتباراً من إستلام البضائع، و لا جدوى من التبيلغ الكتابي إذا كانت حالة البضائع محققاً فيها حضورياً عند إستلامها.

أما إذا لم تكن الأضرار و الخسائر ظاهرة لمتسلم البضائع ، فقد منحه المشرع ثلاثة أيام عمل إبتداءاً من إستلام البضاعة ، و إذا كانت مسؤولية الناقل لا تنقضي إلا بتسليمه البضاعة إلى المرسل إليه أو إلى ممثله القانوني ، فهذا

-7-

 

يعني أن عملية تفريغ البضاعة يقع على عاتقه و يتحمل بالتالي الأضرار و الخسائر التي تلحق بالبضاعة أثناء التفريغ. (19)

و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 22/07/1997 و الذي نقض قرار مجلس قضاء مستغانم للأسباب التالية:” و لما تبين من قضية الحال أن قضاة الموضوع رفضوا دعوى الطاعنة الرامية إلى تعويض الخسائر اللاحقة بالبضائع على أساس أنها أفرغت من 26 ماي إلى 21 جوان 1983 و أن تقرير الخبير المتعلق بالخسائر حرر في 21/02/1984 أي بعد تاريخ إنزالها من الباخرة ، و أنهم بقضائهم كما فعلوا فإن قضاة المجلس خرقوا مقتضيات المادة 790 من ق.ب التي تشترط تقديم التحفظات قبل أو في وقت تسليم البضاعة و ليس في وقت تفريغها “. (20)

و عليه لا يتمكن المرسل إليه من إثارة دعوى المسؤولية ضد الناقل إلا إذا أثبت بأن البضائع تم تسليمها متضررة و قد لحقتها خسائر. (21)

و تطبق نفس الأحكام على الإخطار الذي يوجهه الناقل أو الناقل الفعلي إلى الشاحن بشأن ما يلحقه من خسارة أو ضرر، فإذا لم يوجه الإخطار خلال 90 يوما متصلة التالية مباشرة لوقوع خسارة أو الضرر أو تسليم البضائع أيهما أبعد ، قامت قرينة ظاهرة بسيطة على عدم وجود ضرر أو خسارة يرجع إلى خطأ الشاحن أو الناقل أو الناقل الفعلي إثبات العكس أي إقامة الدليل على الضرر أو الخسارة. (22)

فيترتب على الإخطار في الميعاد القانوني قيام قرينة قانونية لمصلحة المرسل إليه بأن الناقل لم يسلم البضاعة كما هي مبينة في سند الشحن، و يجوز للناقل في هذه الحالة إثبات العكس بكافة الطرق،فللناقل أن يثبت أن الأخطار لا محل له ، لأن البضاعة سلمت فعلا بأكملها أو بحالة جيدة.

أما إذا لم يحصل الإخطار في الميعاد القانوني فلا يترتب على ذلك سقوط دعوى المسؤولية أو عدم قبولها،بل تقوم قرينة قانونية لمصلحة الناقل على أنه سلم البضاعة كما هي مبينة في سند الشحن، و هذه القرينة بسيطة يجوز للمرسل إليه إثبات عكسها بكافة الطرق ، كأن يثبت حدوث الهلاك أو التلف أثناء عملية النقل.

المطلب الثاني: الإخطار في حالة التأخير

يعتبر الناقل قد تأخر في التسليم إذا لم يسلم البضائع في الميعاد المتفق عليه أو في الميعاد الذي يسلمها فيه الناقل العادي في الظروف المماثلة إذا لم يوجد مثل هذا الإتفاق.(23)

-8-

فحسب رأي الأستاذ R, ACHARD فمن الصعب السماح للناقل بحفظ حق تسليم البضائع متى يشاء هو بعيداً عن جميع الآجال المقررة لكل ناقل حريص.

فالمبدأ هو أن يتم تسليم جميع البضائع في الآجال المتفق عليها، أما في حالة تسليمها في آجال غير متفق عليها فإنه يعتبر بمثابة تأخر في التسليم.

لم تتطرق كلا من أحكام معاهدة بوركسل و كدا القانون البحري الجزائري إلى حالة الإخطار بالتأخير ، على عكس قواعد هومبورغ التي نصت في الفقرة 02 من المادة 05: ” يقع التأخير في التسليم إذا لم تسلم البضائع في ميناء التفريغ المنصوص عليه في عقد النقل في حدود المهلة المتفق عليها صراحة

أو في حالة عدم وجود هذا الإتفاق في حدود المهلة التي يكون من المعقول تطلب إتمام التسليم من ناقل يقظ ، مع مراعاة ظروف الحالة “.

كما تفرض الفقرة 05 من المادة 19 من قواعد هومبورغ على المرسل إليه الإلتزام بعمل الإخطار كتابي للناقل في حالة التأخير في تسليم البضائع و ذلك خلال 60 يوما يبدأ سريانها من اليوم التالي لليوم الذي تم في تسليم البضاعة إلى المرسل إليه.

فيختلف أثر عدم القيام بالإخطار الكتابي في حالة التأخير عن التسليم عنذ في حالة الهلاك أو التلف الذي يعترى البضاعة فعدم قيام المرسل إليه بالإخطار الكتابي في الحالة الأخيرة يقيم مجرد قرينة بسيطة على تسلم البضاعة بحالتها المذكورة في سند الشحن، أما في التأخير في التسليم فإن عدم توجيه الإخطار الكتابي في الميعاد يؤدي إلى سقوط حق المرسل إليه في مطالبة الناقل بالتعويض ، و منه لا يتم مسائلة الناقل.

و في كل الأحوال إذا قام الناقل الفعلي بتسليم البضائع إلى المرسل إليه فإن أي أخطار كتابي يوجه إلى الناقل الفعلي يكون له نفس الأثر كما لو تم توجيهه إلى الناقل ، كما يكون لأي إخطار كتابي يوجه إلى الناقل نفس الثر كما لو كان قد وجه إلى هذا الناقل الفعلي(24) ،و من تم تسرى على الإخطار بالتأخير ما يسرى على الإخطار بالهلاك أو التلف من أحكام، فيجب أن يكون الإخطار مكتوبا مشتملا على طبيعة الضرر اللاحق بطلب التعويض. (25)

و قد تم تبنى مسؤولية الشاحن بصورة واضحة في حالة التأخير في إتفاقية روتردام ، إذ تفترض هذه المسؤولية من جهة عنذ وجود دليل عن خطأ الشاحن ، و من جهة أخرى في حالة خسارة تلحق بالناقل، و حسب الفقرة 04 من المادة 23 لإتفاقية روتردام لا يدفع أي تعويض فيما يتعلق بالتأخير ما لم يوجه إلى الناقل في غضون 21 يوما متتالية من تسليم البضائع إشعار بالخسارة الناجمة عن التأخير. (26)

-9-

و تجدر الملاحظة بأن مسألة التأخير في إتفاقية روتردام تبقي في متناول أطراف الإتفاقية ، فحسب هذه الإتفاقية لا تقوم مسؤولية الناقل عن التأخير إلا في حالة مرور الوقت المتفق عليه حسب المادة 21 ، و بإستقراء تركيب نص هذه المادة يتضح بأن مسؤولية الناقل عن التأخير ليست نظامية.

فقد عرفت المادة 21 حدة نقاش شديد في الأعمال التحضيرية للفريق العامل على هذه الإتفاقية بخصوص مسؤولية الشاحن عن التأخير، بحيث أراد الأمريكيين حذف كل ما يتعلق بالتأخير من مشروع الإتفاقية ليس فقط بخصوص مسؤولية الشاحن و إنما للناقل أيضاً،أما الفريق الإفريقي فقد إتجه فقط إلى حذف مسؤولية الشاحن عن التأخير. (27)

الهوامش:

1- ذ/ جلال وفاء محمدين،قانون التجارة البحرية،دار الجامعة الجديدة للنشر،طبعة 1997،ص369.

2- ذ/ كمال حمدى،مسؤولية الناقل البحري،منشأة المعارف بالإسكندرية،الطبعة الثانية 2003.

3- ذ/ محمد عبد الفتاح ترك،التحكيم البحري،دار الجامعة الجديدة،2003.

4- ذ/ كمال حمدى،المرجع السابق،ص46،47،48،49.

5- ذ/ احمد محمود حسنى،التعليق على نصوص إتفاقية هومبورغ،منشاة المعارف بالإسكندرية،ص 191.

6- ذ/ جلال وفاء محمدين،المرجع السابق،ص 332.

7- ذ/ أحمد محمود حسني،المرجع السابق،ص191.

8- قواعد هومبورغ،المادة 19.

9- ذ/ كمال حمدى،المرجع السابق،ص 162.

10- ذ/ أحمد محمود حسنى،المرجع السابق،ص 194.

11- Ibrahima khalil diallo,obligations et responsabilité du chargeur dans les regles de rotterdame,collaque du 21 septembre 2009 à rotterdame,faculté de droit de dakar,porte parole du groupe africain,page09

-10-

12- ذ/ العربي بوكعبان،الوجيز في القانون البحري الجزائري،دار الغرب،الطبعة 2002،ص125.

13- قرار المحكمة العليا،الغرفة التجارية البحرية،المؤرخ في 14/03/1995،المجلة القضائية،العدد الأول،سنة 1995،ديوان المطبوعات الجامعية،ص 186.

14- ذ/ أحمد محمود حسنى،المرجع السابق،ص 194.

15- ذ/ كمال حمدى،المرجع السابق،ص 163.

16- ذ/ أحمد محمود حسنى،المرجع السابق،ص 194.

17- إتفاقية روتردام،المادة 23 فقرة 01.

18- ذ/ كمال حمدى،المرجع السابق،ص 163.

19- ذ/ العربي بوكعبان،المرجع السابق،ص 125.

20- قرار المحكمة العليا،الغرفة التجارية البحرية،المؤرخ في 22/07/1997،المجلة القضائية الجزائرية،عدد 1997،ص 230.

21- Kamel khalifa,contrat de transport maritime :les obligations contractuelles entre les parties,le phare n°121,page 10.

22- ذ/ أحمد محمود حسنى،المرجع السابق،ص 196.

23- ذ/ المستشار عز الدين الدناصوري،و المستشار عبد الحميد الشواربي،المسؤولية المدنية على ضوء الفقه و القضاء،الجزء الثاني،منشأة المعارف بالإسكندرية،ص 2581.

24- ذ/ جلال وفاء محمدين،المرجع السابق،ص 333 و 334.

25- ذ/ المستشار عز الدين الدناصوري،و المستشار عبد الحميد الشواربي،المرجع السابق،ص 2852.

26- jean charles vincent,responsabilité et obligations du chargeur en conteneur,centre de droit maritime et des transports,année universitaire 2006-2007,page 67.

 

-11-

27- philippe delebeque,la convention des nations unies sur le contra de transport international de marchandise entiérement ou partiellement par mer et la liberté contractuelle,annuaire de droit maritime et oceanique,tome-xxvi2008,page 489.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-12-

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى