مقالات قانونية

البدائل الجنائية في إطار فلسفة وخيارات المشرع المغربي

cappp

نور الدين الكامل

طالب باحث بماستر الوسائل البديلة لفض النزاعات

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس

البدائل الجنائية في إطار فلسفة وخيارات المشرع المغربي.

 

مقدمة:

 

منذ عقود خلت والبحث منصب على جلب الخير لبني الإنسان ودرء المفاسد عنه، و على هذا الأساس كانت العقوبات السالبة للحرية محط تجاذب ونقاش طويل من طرف الباحثين والمهتمين بميدان العدالة، يحاولون تكييفها والظروف الاجتماعية للمجرمين وما يؤدي إلى استتباب الأمن وتحقيق الردع بنوعيه العام والخاص، وهو الشيء الذي يعبر عنه بالسياسة الجنائية لدولة ما؛ التي تعرف على أنها: الوسائل الزجرية التي تستخدمها الدولة لمكافحة الجريمة .. وتتميز بكونها سياسة عمومية للدولة هدفها مكافحة الجريمة؛ وتعتمد الوسائل الزجرية لتحقيق أهدافها؛ وهي إما إجراءات تشريعية وقانونية زجرية أو تدابير تنفيذية للأدوات التشريعية الزجرية.[1]

ففي البداية كان التشريع الجنائي يتجه نحو عقاب كل مرتكبي الأفعال الجرمية و إيداعهم السجن، سواء كان ذلك الفعل بسيطا أو خطيرا لكن هذا الأمر ما فتئ يطرح عدة مشاكل. كتلك المتعلقة بالمؤسسات السجنية التي عرفت اكتظاظا مهولا في عدد السجناء؛ إضافة إلى عدم نجاح تلك العقوبات الحبسية والسجنية، في تحقيقها للهدف المنشود منها والمتمثل في الردع بنوعيه العام والخاص، لهذه الأسباب كان حريا على المشرع إعادة النظر في السياسة الجنائية المتبعة، و البحث عن بدائل للتخفيف من تلك المشاكل التي تعاني منها منظومة العدالة؛ وهو ما أدى به فعلا إلى سن بدائل للعقوبات السالبة للحرية كالبدائل المالية والمقيدة للحقوق والمزايا؛ ومع تطور أهداف وغايات السياسة الجنائية التي أصبحت تضع المجرم والضحية وكذا العلاقات الاجتماعية بعد الفعل الجرمي والعقوبة  في الحسبان، بدأ الحديث عن البدائل الودية الاجتماعية للدعوى العمومية.

فماهية بدائل الدعوى العمومية في إطار فلسفة وخيارات المشرع المغربي؟ وما هو تأثيرها على الجانب العملي والواقعي؟ وهل نجحت السياسة الجنائية للمشرع المغربي في أهدافها؟

سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات وفق التقسيم التالي:

 

المبحث الأول: ماهية البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي.

المبحث الثاني: جدوى البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي.


 

المبحث الأول: ماهية البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي.

هدفت السياسة الجنائية للمشرع المغربي إلى تبني بدائل عقابية زجرية تهدف إلى تقويم الجانحين وردعهم حتى لا يعودوا إلى اقتراف الأعمال الجرمية، وتنبني على أساس الإصلاح والعلاج سواء للجناة أو للمجني عليهم؛ وهو ما جعل السياسة الجنائية المغربية تنحوا منحى آخر نحو إقرار بدائل ودية للعقوبات السالبة للحرية سعيا من المشرع في استتباب الأمن والاستقرار في المجتمع لتلاشي آثار الجريمة ومحو الضغائن والأحقاد بين أفراد المجتمع.

وعلى هذا الأساس ينقسم دراسة هذا المبحث على الشكل التالي:

المطلب الأول: البدائل العقابية في الميدان الجنائي.

المطلب الثاني: البدائل الودية في الميدان الجنائي.

 

المطلب الأول: البدائل العقابية في الميدان الجنائي.

 

أقرت السياسة الجنائية المغربية بدائل جنائية مقيدة للحرية (الفقرة الأولى)، و بدائل مالية للعقوبات السالبة للحرية (الفقرة الثانية)، كسبيل لمحاربة الجريمة ومنع الاضطرابات الاجتماعية وهو ما سيأتي تفصيله.

 

الفقرة الأولى: البدائل الجنائية المقيدة للحرية.

تتجه السياسات الجنائية الحديثة ومعها السياسة الجنائية المغربية إلى شرعنة العقوبات المقيدة للحرية أو ما يصطلح علية العقوبات السالبة للمزايا، كإجراء جنائي يهدف المشرع من ورائه إلى تحقيق غايات وأهداف قد تكون فعالة بنسبة كبيرة مقارنة مع العقوبات السالبة للحرية.[2]

وتعرف العقوبات السالبة للمزايا بأنها نوع من المعاملة العقابية للمحكوم عليه قضائيا بارتكابه فعلا جرميا، وإن كان يحتفظ بحقه في الحرية، فإنه يفقد أو تقيد صلاحيته في التمتع بحق من الحقوق أو ميزة من المزايا القانونية ذات الطبيعة المدنية أو السياسية أو المهنية بصفة نهائية أو بصفة محددة، على النحو الذي يسبب له إيلاما يحمله على الإصلاح والتهذيب والانخراط في المجتمع من جديد.[3]

وغاية المشرع المغربي من مراجعة سياسة التجريم و نهج سياسة جنائية جديدة واتجاهه نحو تكريس العقوبات المقيدة للحرية هو التخفيف من المشاكل التي أدت إليها العقوبات السالبة للحرية خصوصا العقوبات قصيرة المدة، التي بات القضاء والمؤسسات السجنية على الخصوص تعاني منه كالاكتظاظ  وعدم تنفيذ البرامج الإصلاحية، ناهيك عن ما تخلفه من آثار نفسية واجتماعية على الجناة.

وتتنوع العقوبات المقيدة للحرية في السياسات التشريعات المقارنة [4] بشكل يتناسب والجنحة المرتكبة، كالوضع تحت المراقبة الإلكترونية والاختبار القضائي وتأجيل النطق بالحكم؛ أما في المغرب فالسياسة الجنائية الحالية تتجه نحو فرض عقوبات بديلة محدودة حيث جاء في مسودة مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية النص على عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة كعقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية،[5] ويتجه المشرع كذلك إلى توسيع مجال الأخذ بالعقوبات الإدارية في ميدان الأعمال بدل العقوبات الزجرية[6].

 

الفقرة الثانية: البدائل المالية.

 

وهي من أكثر العقوبات البديلة انتشارا في السياسات الجنائية المعاصرة وأعمق تأثيرا على الجناة، وتنقسم إلى غرامات مالية (السندات التنفيذية)، والمصادرة للأموال.

l الغرامات المالية: تتميز العقوبات المالية بمرونتها وتجاوبها مع غايات السياسة الجنائية الحديثة التي تهدف إلى الحفاظ على الأواصر والعلاقات الاجتماعية وصون كرامة الجناة، والتخفيف من الوصمة الاجتماعية التي تخلفها العقوبة الحبسية؛ هذا فضلا عن أن الحكم بالغرامات يؤدي إلى تحصيل منافع مادية مفيدة لخزانة الدولة يمكن استغلالها في مرافق العدالة الجنائية[7].

والمشرع المغربي نص على العقوبات المالية كبديل للعقوبات السالبة للحرية ذات الأمد القصير حيث أجاز للقاضي الحكم بالعقوبة المالية كبديل للعقوبة الحبسية في الجنح الضبطية وحالات العود،[8] وكذلك في المخالفات ولو في حالة العود.[9]

وتجدر الإشارة إلى أن بعض التشريعات كالتشريع الفرنسي تأخذ بالغرامات اليومية حيث في إطار السلطة التقديرية المخولة للقاضي أعطت له الحق في تحويل العقوبة الحبسية القصيرة المدة إلى غرامات يومية.[10]

 

l المصادرة للأموال: هي نقل ملكية مال أو أكثر إلى الدولة. وهي من التدابير الوقائية التي نص عليها المشرع المغربي في القانون الجنائي.[11]

وقد بينت محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) أن المصادرة تنصب على المبالغ المالية المتحصلة من ارتكاب الجريمة دون غيرها من أموال الفاعل.[12]

وتعتبر المصادرة من العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية القصيرة الأمد وقد تكون الوسيلة المناسبة لردع الكثير من الجناة مادام أن هذا الأخير لن يستفيد من الأموال التي جنها من الجريمة، حيت تتولى الجهة المختصة مصادرتها منه.

لكن ما يجب التأكيد عليه، هو أن مجرد إبدال عقوبة السجن بعقوبة المصادرة وما يترتب عليها من تفادي المحكوم عليه وأسرته الآثار السلبية لسلب الحرية، ليس من شانه محاربة أو تغيير القيم الفاسدة للمنحرف المرسخة في نفسه، والتي قد تدفعه مرة أخرى لسلوك درب الجريمة، لذلك فإن فعالية المصادرة كعقوبة بديلة تحتاج إلى برنامج إصلاحي تأهيلي يشتمل على ملف علمي لشخصية المجرم وظروف ارتكابه الجريمة، والذي على ضوئه يمكن معرفة مدى كفاية هذا البديل في تحقيق  أغراض العقوبة.[13]

وفي الأخير يمكن القول أن السياسة الجنائية للمشرع المغربي لما اتجهت إلى إعمال العقوبات البديلة كانت غايتها وهمها الأول هو التخفيف من المشاكل التي تعاني المؤسسات السجنية، تم التخفيف من الآثار التي تخلفها العقوبات الحبسية القصيرة المدة التي قد تدفع المجرم لمزيد من الإجرام عوض إصلاحه، وذلك لما يحتك مع مجرمين خطيرين في المؤسسة السجنية.

وتتجه السياسة الجنائية الحالية للمشرع نحو الاهتمام أكثر بضحايا الجريمة والعلاقات الاجتماعية ما بعد إصدار الحكم القضائي وقضاء العقوبة، وهو الشيء الذي دفعه إلى إقرار للبدائل الودية للدعوى العمومية؛ وهو ما سيأتي الحديث عنه في المطلب الموالي.

 

 

 

 

المطلب الثاني: البدائل الودية في الميدان الجنائي.

تتجه السياسة الجنائية الحديثة وبمعيتها السياسة الجنائية المغربية إلى الاهتمام بضحايا الأفعال الإجرامية،[14] عن طريق محاولة التخفيف من الآثار النفسية والاجتماعية التي تلحقهم من جراء الجرائم المرتكبة في حقهم، والمجرمين التي تعمل السياسة الجنائية الحديثة على تقويمهم وإصلاحهم وإدماجهم داخل المجتمع حتى لا يعودوا إلى ارتكاب الإجرام مرة أخرى.

هذا ما جعل جل التشريعات وخصوصا التشريع المغربي الذي هو أساس دراستنا هاته يلجأ إلى البدائل الودية لإنهاء الدعوى العمومية عوضا عن استصدار حكم قضائي، ومن بين هذه الوسائل التسوية الودية والوساطة (الفقرة الأولى) إضافة للصلح (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التسوية الودية والوساطة.

 

التسوية الودية والوساطة من البدائل الودية التي غالبا ما تكون نتيجتها الصلح والتصالح، وبما أن التشريع المغربي يجعل الصلح من الأسباب التي توقف الدعوى العمومية،[15] فإن نجاح التسوية الودية أو الوساطة كفيل بإنهاء الدعوى العمومية، متى تم المصادقة على المحضر المحرر بشأنهما من طرف رئيس المحكمة الابتدائية وتم تنفيذ الالتزامات المصادق عليها من قبله في الأجل المحدد لها، ولم تظهر أية عناصر جديدة بالنازلة تمس الحق العام.

وهذا يرتب نتيجة أخرى وهي أن الجرائم التي يمكن أن تشملها التسوية الودية والوساطة هي تلك الجرائم المشمولة بالصلح من خلال المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

l التسوية الودية: هي مجموعة من الإجراءات والمساعي الحميدة لفض الخصومات بكل الوسائل الودية بما فيها التحكيم والوساطة والصلح، بعيدا عن الإجراءات القضائية الرسمية. وجلسات التسوية الودية التي تتم أمام القضاء يمارسها قاضي منتدب لهذه الغاية، كما يمكن أن يباشرها القاضي المكلف بإدارة الدعوى كمرحلة سابقة على مرحلة عرض موضوع الدعوى على المحكمة، و مهمة القاضي هنا هي التقريب بين وجهات نظر الجاني والمجني عليه عن طريق التفاوض والحوار للوصول لتسوية ودية للأضرار التي خلفتها الجريمة.[16]

ولعل أهمية التسوية الودية تكمن في سرعة الإجراءات واختصار الوقت في الوصول لحل للدعوى يرضي الطرفين المدعيين معا، كما تساهم في التقليل من التكاليف المادية والمعنوية والنفسية التي تتعرض لها الأطراف، إضافة إلى أنها تنهي النزاع بطريقة حبية مجنبة الأطراف الحقد والضغينة والمشاكل الاجتماعية الأخرى التي قد تتولد عقب لجوئهما للمحكمة لاستصدار حكم قضائي في الدعوى.

l الوساطة الجنائية: وتعرف على أنها “العمل عن طريق تدخل شخص من الغير يسمى (الوسيط) على الوصول إلى حلٍ لنزاع نشأ عن جريمة  –غالبا ما تكون بسيطة أو متوسطة الخطورة – يتم التفاوض بشأنه بحرية بين الأطراف المعنية٬ حيث كان من المقرر أن يفصل في هذا النزاع بواسطة المحكمة الجنائية المختصة”.[17]

و تتميز الوساطة كعدالة تصالحيه بالإضافة للعناية بالجاني والمجني عليه، بعدة مزايا.[18] من بينها  السرعة والبساطة في الإجراءات و تخفيف العبء عن القضاء عن طريق حل بعض الجرائم البسيطة بالوساطة والتفاوض بين أطراف الدعوى العمومية، إضافة إلى فعاليتها التي ترجع إلى مشاركة أطراف الدعوى في صنع القرار الذي يتم التوافق عليه، وهو ما يتضح في تنفيذ قرارات الوساطة على عكس المعوقات التي تعوق تنفيذ الأحكام والمقررات القضائية.

وأكثر من ذلك فتطبيق نظام الوساطة الجنائية تترتب عليه التزامات أهمها إصلاح الضرر وتعويض المجني عليه، وهو ما من شأنه تحقيق التوازن بين طرفي النزاع: ذلك أن الجاني من جهة يعترف بذنبه ويدفع ثمن الأضرار الناتجة عن أفعاله كشرط أساسي لقبول عملية الوساطة، ومن ثم تجنيبه آثار الوصمة الاجتماعية التي تلحق به من جراء العملية الجنائية، ومن جهة أخرى يتم تعويض المجني عليه وجبر خاطره والتخفيف عليه من وطأة الفعل الإجرامي.[19]

من هنا يمكن القول بأن الوساطة الجنائية تبقى أهم بدائل الدعوى العمومية نظرا للمزايا التي تحققها سواء بالنسبة لأطراف الدعوى وللمجتمع كله، وكذلك بالنسبة للقضاء والمؤسسات السجنية.

الفقرة الثانية: الصلح الجنائي.

يقصد بالصلح الجنائي تحويل علاقة التصادم بين الجاني والمجني إلى أسلوب تعاقدي يلتزم خلاله الجاني بتعويض الضحية وتسديد قدر من الغرامات المالية المقررة للفعل الجرمي المقترف من قبله، في مقابل تخلي الضحية عن أحقيته في تحريك الدعوى العمومية، وتدخل الدولة كطرف ثالث لتتنازل بدورها عن إنزال العقاب بالجاني متى ارتضت ووافقت على العقد التصالحي بين الضحية والمجرم.[20] ٬

فالصلح الجنائي عبارة عن تصرف قانوني يرتب أثرا في المجال الجنائي يتمثل أساسا في إنهاء الدعوى العمومية بمحص إرادة المجني عليه أو من يقوم مقامه، متى صادق رئيس المحكمة على المحرر الناتج عن ذلك الصلح.[21]

ونظم المشرع المغربي الصلح الجنائي في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية كبديل للدعوى العمومية ويشمل الجرائم التي يعاقب عليها بسنتين حبساً أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5.000 درهم؛ ويرمي المشرع من خلاله إلى إيجاد سبل للحفاظ على الأواصر الأسرية والمجتمعية والحفاظ على الاستقرار والأمن، إضافة إلى الحد من بعض المشاكل التي تعاني منها المؤسسات السجنية.

والصلح الجنائي أسال مداد أقلام الكثير من الباحثين والمهتمين بالمجال القانوني والقضائي، تجاذبوه من حيث الجرائم التي يشملها والمؤسسات التي تعرضه ثم تطرقوا لجدواه وفعاليته على المستوى العملي. وسأتولى تفصيلا موضوع الصلح الجنائي في بحث لاحق مستقل إن شاء الله تعالى.

 

 

المبحث الثاني: جدوى البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي.

إن نجاح أي سياسة جنائية لا يقتصر على التشريع وسن النصوص القانونية، بل يتعداه إلى مدى تطبيق تلك النصوص القانونية المنظرة لها كسياسة عمومية للدولة تتدخل فيها جميع قطاعاتها ومؤسساتها الحكومية.

والمغرب كباقي بلدان العالم خضع لتأثيرات التوجه الجديد للسياسة الجنائية بعد الحرب العالمية الثانية، وعقب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي حاولت تقليص الردع الزجري العقابي ذات البعد الانتقامي، وأخذت بعدا آخر يتسم بالإنسانية ويضع إصلاح و إدماج المجرمين في المجتمع، ومحو آثار الجريمة وجبر خاطر الضحية هدفه وغايته. وهو الشيء الذي دفع بالمشرع المغربي إلى اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية، وسلك سبيل بدائل الدعوى العمومية. فإلى إي حد نجحت هذه البدائل الجنائية في ما وجدت من أجله؟.

على هذا الأساس سنناقش هذا المبحث وفق التقسيم التالي:

المطلب الأول: مدى نجاعة البدائل العقابية.

المطلب الثاني: مدى نجاعة البدائل الودية للدعوى العمومية.

 

المطلب الأول: مدى نجاعة البدائل العقابية.

سنحاول تقيم البدائل العقابية التي نص عليها المشرع المغربي ومدى تطبيقها من طرف القضاء حيث سنقسم هذا المطلب لفقرتين تحص الأولى مدى فعالية العقوبات المقيدة للحرية، والثانية تهم مدى تفعيل المؤسسات المرصودة للبدائل العقابية.

 

 

الفقرة الأولى: مدى فعالية العقوبات المقيدة للحرية.

من المبررات الرئيسية التي حدت بالمشرع المغربي للجوء لبعض البدائل العقابية في القوانين الزجرية الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه مختلف المؤسسات السجنية بالمغرب نظرا لارتفاع معدل الاعتقال الاحتياطي فمثلا سنة 2003* تم الإفراج على ما مجموعه 17715 معتقلا من بين الوافدين على المؤسسات السجنية موزعين حسب القرارات الصادرة في حقهم على الشكل التالي: السراح المؤقت 3717، عدم المتابعة 99، سقوط الدعوى العمومية 715، البراءة 3981، الغرامة 312، الإعفاء من المسؤولية 108، عقوبة حبسية موقوفة 8783؛[22] وإلى حدود شهر نونبر 2014 بلغ عدد السجناء الاحتياطيين نسبة 49% من مجموع عدد السجناء وهو الشيء الذي شكل عبئا على المؤسسات السجنية الذي فاق عدد السجناء بها طاقتها الاستيعابية بضعف،[23]

وكان من المفروض على المؤسسات القضائية عدم إيداع هذا العدد الكبير من المعتقلين الاحتياطيين السجن للتخفيف من عدد السجناء في المؤسسات السجنية و الأخذ بنظام المراقبة القضائية كتدبير بديل عن الاعتقال الاحتياطي حتى لا تتحول المؤسسة السجنية إلى مؤسسة لإنتاج و إعادة إنتاج المجرمين.

و نشير إلى أنه بالنسبة لبدائل الاعتقال الاحتياطي٬ فرغم أن قانون المسطرة الجنائية الحالي قد نص على المراقبة القضائية كإجراء بديل للاعتقال الاحتياطي، فنجد أن قضاة التحقيق قلما يلجئون إلى تطبيق هذا النظام٬ فحسب الإحصائيات المتوفرة على صعيد الدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بفاس  على سبيل المثال – التي تشمل أربعة محاكم ابتدائية – نجد أن مجموع الأشخاص الذين طبقت في حقهم هذه المسطرة لا يتجاوز عددهم 30 شخصا من مجموع 5622  شخصا أودعوا السجن على سبيل الاعتقال الاحتياطي[24]. وهو رقم بسيط جدا لا يرقى للمستوى المطلوب، وإن دل على شيء إنما يدل على عدم فعالية هذه الوسيلة كبديل عقابي للاعتقال الاحتياطي. وفي نفس الاتجاه تشير الإحصائيات الصادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج،[25] أن عدد المعتقلين الاحتياطيين في متم شهر دجنبر من سنة 2004 بلغ 31655، و سنة 2005 بلغ 26636، و سنة 2006 بلغ 24920، وسنة 2007، بلغ 25922. وإذا ما قمنا بمقارنة هذا الرقم الأخير بعدد الوافدون على المؤسسات السجنية لنفس السنة دون المعتقلين الاحتياطيين وهو74366؛[26] فإن نسبة الاعتقال الاحتياطي خلال سنة 2007 تشكل 25,85% من مجموع السجناء الذي يشكل 74,15%.

وفي الأخير يمكن القول أن المراقبة القضائية كعقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجرائم البسيطة لم تنجح في ما وجدت من أجله، وربما ذلك يرجع إلى المجتمع المغربي التي لا زال تسوده ثقافة العقاب والانتقام من مرتكبي الأفعال الإجرامية، حيث لا يستساغ للمجني عليه رؤية الجاني خارج أسوار المؤسسة السجنية وإن كان مراقب قضائيا. وهو الأمر الذي قد يكون أدى بالقضاء إلى عدم اعتماد هذه الآلية لتجنب الفعل ورد الفعل من المجني عليه، وبالتالي يحصل المجتمع على جريمتين ومجرمين عوض جريمة واحدة ومجرم واحد. ويكون القضاء في هذا الباب اعتمد القاعدة التي تأخذ بأخف الضررين وهو أمر محمود.

 

الفقرة الثانية: مدى تفعيل المؤسسات المرصودة للبدائل العقابية.

إن نجاح أي سياسة جنائية يقوم على ضرورة إنشاء وتفعيل المؤسسات التي ستقوم بترجمتها على أرض الواقع، خصوصا المؤسسات القضائية التي لها دور مهم جدا في هذا الباب، والمشرع المغربي أحدث جهات قضائية كقاضي العقوبة الذي يتولى مهمة المبادرة لاقتراح العفو والإفراج المقيد بشروط. فإلى أي حد تم تفعيل هذه المؤسسة القضائية؟.

للإجابة على هذا التساؤل سنعود لأهل الاختصاص وهم القضاة حيث يقول الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس: ” كما أن مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات التي شكلت إضافة نوعية على مستوى قانون الإجراءات الجنائية، خولها المشرع مسؤولية الرقابة القضائية على تنفيذ العقوبات٬ ومراقبة المؤسسات السجنية و التأكد من شرعية اعتقال السجناء٬ و المبادرة في تقديم اقتراحات العفو و الإفراج المقيد٬ نجد أن الواقع العملي لهذه المؤسسة بعيد كل البعد عن هذا الهدف٬ فمن خلال التجربة العملية على صعيد هذه الدائرة القضائية – دائرة فاس -٬ فإن قضاة تطبيق العقوبات يفتقرون إلى الشروط الضرورية لممارسة اختصاصاتهم على الوجه الأكمل٬ و يظلون مغرقون في عشرات الآلاف من ملفات تطبيق الإكراه البدني٬ فضلا عن قيامهم بوظائفهم المعتادة كأعضاء في هيأت الحكم. و لم يسبق لي كممارس أن وقفت على اقتراح  لقضاة تطبيق العقوبات بشأن السجناء المؤهلين للاستفادة من العفو الملكي أو الاستفادة من مقتضيات الإفراج  المقيد؛ الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن القيمة المضافة لهذه المؤسسة على المستوى العملي؟”.[27] وهذا لا يترك لنا إلا لنقول بالمثل العربي الشهير “إذا كان رب الدار بالدف ضاربا، فلما لا يرقص أهل الدار” ومنه جاز لي القول بأن مؤسسة قاضي العقوبات ولدت ميتة، الأمر الذي يفسر تقهقر البدائل العقابية في التشريع الجنائي المغربي.

ويجمع جل الباحثين على أن السياسة الجنائية بالمغرب تعيش أزمة حقيقية تزكيها معالجة النص التشريعي لظاهرة الجنوح البسيط التي تتسم بنوع من الارتجالية، إضافة إلى فقدان عنصر الفاعلية، ذلك أنه وبغض النظر عن الحكم الهائل من التنصيصات الزجرية بصدد معالجة هذه الجرائم، فالملاحظ أن هذه الأخيرة أضحت تنحوا في منحى تصاعدي معاكس لغاية المشرع.[28]

هكذا يتضح أن البدائل العقابية في التشريع الجنائي المغربي لم تلقى فعالية كبيرة، وهو الشيء يحتم إعادة النظر فيها والكيفية التي يجب أن تطبق بها. لكن ماذا عن البدائل الودية التي أسسها لها المشرع في قانون المسطرة الجنائية؛ هذا ما سنحاول التطرق له في المطلب الموالي.

 

المطلب الثاني: مدى نجاعة البدائل الودية للدعوى العمومية.

سنحاول التطرق للصلح الجنائي في الفقرة الأولى، على أن نتطرق للوساطة الجنائية والتسوية الودية ومدى نجاعتهما في القوانين المقارنة ما دام أن المشرع المغربي لم ينص عليهما في قوانينه الجنائية في الفقرة الثانية.

 

الفقرة الأولى: الصلح الجنائي.

لا أحد ينكر على أن الفصل 41 من قانون المسطرة الجنائية الحالي يعد ثورة حقيقية في السياسة الجنائية للمغرب التي بدأت ومنذ سنة 2003 تنسلخ عن المدرستين العقابية التقليدية والمدرسة التقليدية الحديثة للسياسة الجنائية وتتجه نحو المدارس الوضعية والوسطية للسياسة الجنائية التي تنادي وتلح على ضرورة إعادة تأهيل المجرمين وإدماجهم في المجتمع ومحو آثار الجريمة من نفسية المتضرر والمجتمع كله.

فتنصيص المشرع على الصلح في الميدان الجنائي يعد بحق طفرة في السياسة الجنائية للمغرب وخطوة مهمة لإرساء دعائم العدالة الاجتماعية التصالحية أو كما يسميها أستاذنا محمد بوزلافة العدالة التقويمية، لكن معظم الباحثين القانونيين والممارسين بالميدان القضائي يجمعون على عدم نجاح الصلح كآلية بديلة للدعوى العمومية فيما سطر له[29]، حيث تشير إحدى الإحصائيات بالدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بفاس إلى أنه من بين 30084 متهما تم تقديمهم أمام النيابة العامة من أجل ارتكابهم لمختلف الجنح برسم سنة 2008، لم يشمل تطبيق الصلح سوى 142 شخصا[30]. و هذا الأمر الذي جعلنا نبحث للإجابة على بعض الأسئلة من قبيل: ما هي المسببات التي جعلت الصلح الجنائي لم ينجح كآلية بديلة للدعوى العمومية في الدور المسطر له؟ وهل ذلك راجع لبنية الفصل 41 من ق.م.ج. نفسه؟ أم ذلك راجع لثقافة المجتمع المغربي؟.

بالرجوع إلى الفصل 41 من ق.م.ج. نجده يحمل في طياته ما يجعله محدود التطبيق حيث جعل المشرع اللجوء إلى مسطرة الصلح اختياريا من قبل الأطراف ولم يخول النيابة العامة سلوك مسطرة الصلح إلا في حالات محدودة،[31] وحتى هذا التخويل لم يجعله المشرع ملزما للنيابة العامة وإنما جعله ممكنا ومتاحا فقط (يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكي به أو المشتبه فيه صلحا)، وهذا الأمر يتنافى و الغاية التي وجد من أجلها الصلح وهي التخفيف على المحاكم كثرة الملفات و القضايا البسيطة والتقليل من الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية؛ ولهذا كان على المشرع جعل اللجوء إلى مسطرة الصلح من النظام العام في الجرائم التي يجوز فيها كما فعل في مدونة الأسرة[32] حيث ألزم المحكمة بعدم اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية إلا استثناءا أي بعد تفعيل مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 82. و هذا من وجهتي نظرنا سيجعل الصلح الجنائي أكثر فعالية مقارنة مع ما هو عليه الآن.

وربما نرجع انتكاسة مسطرة الصلح الجنائي كذلك إلى المجتمع المغربي الذي يصنفها كمظهر من مظاهر تخلي الدولة عن دورها الريادي في مكافحة الإجرام والملقى على عاتقها بقوة العقد الاجتماعي الذي يجمعها برعاياها،[33] وبالتالي عدم القبول بالصلح حين اللجوء إلى المحكمة؛ كما أن ثقافة العقاب والانتقام من الجناة السائدة لها دور كبير في الانتكاسة التي عرفتها مسطرة الصلح. ولهذا فمهما عظمت المشاكل التشريعية المتمثلة في محدودية بعض القواعد القانونية وعدم ملائمتها للواقع المغربي فهي لا تشكل عائقا، حيث يمكن تعديلها في أي وقت أو تطويرها من طرف القضاء، إلا أن تغيير ثقافة مجتمع بأكمله أمر صعب للغاية خصوصا إذا كان يهم مجالا خطيرا كالمجال الجنائي.

 

الفقرة الثانية: الوساطة الجنائية.

نشير في البداية إلى أن الوساطة الجنائية لم تحظى بتنظيم في القانون الجنائي من قبل المشرع المغربي لكن هذا الأمر لا يمنع من البحث في مدى نجاعتها مادام أن المؤتمر العاشر سنة 2000 للأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين قرر استحداث خطة عمل وطنية وإقليمية ودولية لدعم ضحايا الجريمة تشمل آليات للوساطة والعدالة التصالحية وقرر أن يكون عام 2002 الأجل الزمني لتحقيق هذه الغاية.

تقوم الوساطة على مبدأ التفاوض بين أطراف النزاع حيث يتم اختيار شخص ثالث يتولى مهمة التقريب بينهما، ويعتبرها الكثير من الباحثين من أهم وأنجع الوسائل البديلة للدعوى العمومية نظرا لما تحققه من نتائج طيبة في بعض الدول،[34] ونظرا للأسس التي تقوم علها إضافة لمبدأ التفاوض وهي:

l اختيار أطراف النزاع للوسيط الذي يتولى مهمة الفصل بينهم.

l مشاركة أطراف الدعوى في صنع القرار الذي يتم التوافق عليه، وهو ما يتضح في تنفيذ قرارات الوساطة على عكس المعوقات التي تعوق تنفيذ الأحكام والمقررات القضائية.[35]

l كون الوساطة مناسبة على وجه الخصوص في إطار العلاقات المستمرة في الزمن بين الأطراف والتي يتطلب حل الخلاف بشأنها إيجاد حل فوري وسريع يتضمن ابتكارا يتعدى ما يمكن للمحكمة التوصل إليه بنتيجة التقاضي،[36] في ظل التقيد بالمساطر والإجراءات والنصوص القانونية.

l كونها ودية وتهدف إلى إصلاح آثار الجريمة، وتقويم الجاني بطريقة يستسيغها.

l كما أنها تقوم على السرية وحفظ الأسرار التي لا تتعدى أطراف الدعوى والوسيط الذي يختارانه.

هذا ونشير إلى أنه بإمكان المشرع الجنائي المغربي إدخالها في القوانين الجنائية المغربية مادام أن هناك باحثون يتفقون على إمكانية نجاحها[37]، لشمل الجرائم التي يجوز فيها إجراء الصلح، لكن يجب إسناد مهمة القيام بها للقاضي المكلف بتطبيق العقوبة حتى تتم في دائرة القضاء ونتفادى ذلك الاعتقاد الذي قد يصنفها كمظهر من مظاهر تخلي الدولة عن دورها الريادي في مكافحة الإجرام، والملقى على عاتقها بقوة العقد الاجتماعي الذي يجمعها برعاياها؛ ويجب إشعار هذا القاضي من طرف النيابة العامة بكل شكاية تكيف بجريمة من الجرائم المشمولة بالصلح.

 

 

خاتمة:

 

بعد أن كانت السياسة الجنائية للمشرع المغربي تعتمد على آلية القمع والعقاب لردع المجرمين والمنحرفين الذين يرتكبون أفعالا جرمية في حق المجتمع ويمسون بالنظام العام، حيث كانت ترفع شعار سلب الحرية ضد كل جاني كان فعله بسيطا أو خطيرا؛ لكن عرفت هذه السياسة أزمة كبيرة نظرا لعدد المشاكل التي طفحت على السطح كالاكتظاظ التي باتت المؤسسات السجنية تعرفه والتكاليف الباهظة التي أصبحت ترصد لها، إضافة إلى تفشي ظاهرة العود لاقتراف الأفعال الجرمية وتطور أساليب ارتكابها حيث أصاب القول القائل بـ: “السجن ما هو إلا وسيلة باهظة التكاليف لتحويل الأشرار إلى أشخاص أكثر شرا”.

وهذا ما دفع بالمشرع المغربي للتفكير في آليات جديد تكون لها نتائج إيجابية في ردع المجرمين دون أن تكون لها تكاليف باهظة وتؤدي بالضرورة إلى تخفيف العبء على المراكز السجنية، وهو الشيء الذي تأكد منذ المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية المنعقدة بمكناس سنة 1994، الذي كان الهدف منها إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية تفي بالغرض، حيث اهتدت السياسة الجنائية بعد ذلك للبدائل الجنائية المقيدة للحرية أو ما يعرف كذلك بالعقوبات المقيدة للمزايا، لكن هذا الاتجاه الجديد وإن كان فعالا في بعض الجوانب فهو لم يكن كذلك في أخرى؛ حيث بقي الأمر على ما عليه في المؤسسات السجنية التي زادت معانتها مع الاكتظاظ و الخصاص المهول في التجهيزات.

هكذا ومنذ سنة 2003 اتجهت السياسة الجنائية المغربية اتجاها آخر يتمثل في العدالة التصالحية، حيث تم تعديل قانون المسطرة الجنائية التي اعتمد فيها الصلح لأول مرة ليشمل الجرائم التي يعاقب عليها بسنتين حبساً أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5.000 درهم؛ في المادة 41. وهذه المادة مقتبسة من قانون الإجراءات الفرنسي، و تمظهر واضح لتوصيات المؤتمر العاشر للأمم المتحدة في ابريل 2000 بفيينا لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، الذي قرر استحداث خطة عمل وطنية وإقليمية ودولية لدعم ضحايا الجريمة تشمل آليات للوساطة والعدالة التصالحية. وقرر أن يكون عام 2002 الأجل الزمني لتحقيق هذه الغاية. وهو ما استجاب له المشرع وقام بتعديل قانون المسطرة الجنائية سنة 2002 التي ضمنها الصلح ونشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 30 يناير 2003.

هكذا حاول المشرع ملائمة تشريعاته لإملاءات المواثيق الدولية وحاول كذلك مسايرة الدول المتقدمة في ميدان العدالة التصالحية. عسى أن ينجح ويبلغ هدفه، وأتى بالفصل 41 وضمنه قانون المسطرة الجنائية وهو منقولا عن ثقافة وبيئة مختلفين عن ثقافتنا وبيئتنا؛ فماذا كنا نريد من هذا الفصل سوى البقاء حبرا على ورق، بعيدا كل البعد عن الواقع العملي.

من هنا وجب على المشرع أن يعيد النظر في سياسته الجنائية كسياسة عمومية تتكاثف فيها كل القطاعات الحكومية خصوصا قطاع التربية والتعليم التي أرى في المنفذ القادر على تجنيبنا ويلات الإجرام الذي أصبح يعرف أرقام مهولة ويتخذ أبعادا دولية كنتيجة للعولمة.

 

 

لائحة المراجع:

 

الكتب والرسائل

  • الحسين زين الاسم، إشكالية العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والبدائل المقترحة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث: العلوم الجنائية، جامعة عبد المالك السعدي – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، الموسم الجامعي 2005/2006.
  • بنسالم أوديجا، الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات، مطبعة دار القلم – الرباط، ط1/2009.
  • لمياء بلمير، بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، رسالة لنيل شهادة الماستر في العلوم القانونية تخصص العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، جامعة محمد الخامس – أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط، الموسم الجامعي 2009/2010.

المقالات

  • إسماعيل اوبلعيد، مقال تحت عنوان : مدى إمكانية نجاح تفعيل الوساطة في الواقع المغربي، مجلة القانون والأعمال، droitetentreprise.org
  • عبد المنعم الأزمي الإدريسي، واقع وآفاق السياسة الجنائية في مجال الأسرة، المجلة الإلكترونية لندوات محاكم فاس، العدد الخامس أكتوبر 2007.
  • عبد العزيز بوزيان، الدور المتميز للقضاء في مجال العدالة الجنائية، مداخلة في الندوة العلمية: الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في ضوء إصلاح القضاء، المنظمة من طرف جامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الحقوق بفاس، مجموعة البحث في العلوم الجنائية، بقصر المؤتمرات بفاس أيام 20 و- 21 نونبر 2009. منشورة بالموقع الإلكتروني startimes.com

المجلات

  • يوسف بنباصر، أزمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي: رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها؛ سلسلة بنباصر للدراسات القانونية و الأبحاث القضائية عدد 2/2006.
  • يوسف بنباصر، أزمة السياسة الجنائية بالمغرب: ظاهرة الجنوح البسيط كنمودج – رصد ميداني لتمظهرات الأزمة ودور المؤسسة القضائية في تكريسها والحلول المقترحة لمعالجتها…؟، مجلة الواحة القانونية، السنة الرابعة، العدد 2.
  • مجلة الحقوق العدد4 ٬ السنة 30، دجنبر 2006.
  • مجلة الشؤون الجنائية، مديرية الشؤون الجنائية والعفو، مركز الدراسات والأبحاث الجنائية، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، العدد الثاني أكتوبر 2012.

الجرائد

  • جريدة العلم المغربية عدد 09/20/2011.
  • جريدة المساء المغربية، عدد 2523 بتاريخ 08/11/2014.

المواقع الإلكترونية

  • ميثاق إصلاح منظومة العدالة يوليوز 2013، منشور بالموقع الإلكتروني لوزارة العدل، http://www.justice.gov.ma/.
  • مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية صادر بتاريخ 17/11/2014، منشور بالموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة العدل والحريات http://www.justice.gov.ma/
  • المندوبة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، النشرة الإحصائية لسنة 2007، http://www.dgapr.gov.ma/

القوانين

  • القانون الجنائي
  • قانون المسطرة الجنائية
  • مدونة الأسرة

 

 

 

الفهرس:

 

 

مقدمة: 1

المبحث الأول: ماهية البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي. 3

المطلب الأول: البدائل العقابية في الميدان الجنائي. 3

الفقرة الأولى: البدائل الجنائية المقيدة للحرية 3

الفقرة الثانية: البدائل المالية. 5

المطلب الثاني: البدائل الودية في الميدان الجنائي. 7

الفقرة الأولى: التسوية الودية والوساطة. 7

الفقرة الثانية: الصلح الجنائي. 9

المبحث الثاني: جدوى البدائل الجنائية في التشريع الجنائي المغربي. 10

المطلب الأول: مدى نجاعة البدائل العقابية 10

الفقرة الأولى: مدى فعالية العقوبات المقيدة للحرية 11

الفقرة الثانية: مدى تفعيل المؤسسات المرصودة للبدائل العقابية 12

المطلب الثاني: مدى نجاعة البدائل الودية للدعوى العمومية 13

الفقرة الأولى: الصلح الجنائي. 14

الفقرة الثانية: الوساطة الجنائية 15

خاتمة: 17

لائحة المراجع: 19

الفهرس: 21

 

 

 

 

[1]  مجلة الشؤون الجنائية، مديرية الشؤون الجنائية والعفو، مركز الدراسات والأبحاث الجنائية، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، العدد الثاني أكتوبر 2012، ص 98.

[2]  جاء في ميثاق إصلاح منظومة العدالة ليوليوز 2013 في الجزء الثاني “الأهداف الإستراتيجية الكبرى لإصلاح منظومة العدالة” الهدف الرئيسي الثالث “تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات” الهدف الفرعي الثالث “إرساء سياسة عقابية ناجعة” من خلال إقرارا بدائل للعقوبات السالبة للحرية.

[3]  الحسين زين الاسم، إشكالية العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والبدائل المقترحة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث: العلوم الجنائية، جامعة عبد المالك السعدي – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، الموسم الجامعي 2005/2006. ص106. بتصرف.

[4]  فمثلا التشريع الجنائي الفرنسي ينص في المادة 131-6 على: “في مواد الجنح المعاقب عليها بالحبس، يجوز للمحكمة أن تقضي بعقوبة أو أكثر من العقوبات السالبة أو المقيدة للحقوق الآتية:

+ وقف الترخيص بالقيادة لمدة خمس سنوات على الأكثر.

+ حظر قيادة سيارات معينة خلال مدة خمس سنوات على الأكثر.

+ إلغاء رخصة القيادة على حظر تسليم رخصة جديدة لمدة خمس سنوات على الأكثر. ..” ترجمة الحسين زين الاسم. م.س.

[5]  الفصل 647-1 وما بعده من مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية صادر بتاريخ 17/11/2014، منشور بالموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة العدل والحريات http://www.justice.gov.ma/

[6]  ميثاق إصلاح منظومة العدالة، ص 71.

[7]  الحسين زين الاسم، م.س. ص 97

[8]  الفصل 150 من ق.ج. الفقرتين الثانية والثالثة: ” ويجوز له أيضا أن يحكم بإحدى العقوبتين فقط، كما يجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الحبس، على أن لا تقل الغرامة في أي حال عن الحد الأدنى المقرر في المخالفات.

وفي حالة الحكم بالغرامة عوضا عن الحبس إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده، فإن الحد الأقصى لهذه الغرامة يمكن أن يصل إلى خمسة آلاف درهم.”

[9]  الفصل 151 من ق.ج: “في المخالفات، بما في ذلك حالة العود يستطيع القاضي، إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة، أن ينزل بعقوبة الاعتقال والغرامة إلى الحد الأدنى لعقوبة المخالفات المقررة في هذا القانون ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الاعتقال، في الحالة التي يكون فيها الاعتقال مقررا في القانون.

[10]  لمياء بلمير، بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، رسالة لنيل شهادة الماستر في العلوم القانونية تحصص العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، جامعة محمد الخامس – أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط، الموسم الجامعي 2009/2010، ص 47 – 49.

[11]  الفصل 89 من ف.ج: ” يؤمر بالمصادرة كتدبير وقائي بالنسبة للأدوات والأشياء المحجوزة التي يكون صنعها أو استعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها جريمة، ولو كانت تلك الأدوات أو الأشياء على ملك الغير، وحتى لو لم يصدر حكم بالإدانة.”

[12]  قرار المجلس الأعلى عدد 9/222، المؤرخ في 2003/1/22 في الملف رقم 96/23631 في الشق المتعلق بمفهوم المصادرة، منشور بجريدة العلم المغربية عدد 09/20/2011.

[13]  الحسين زين الاسم، م.س. ص 104.

[14]  من بين المحاور التي جاءت في مسودة مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية: المحور الخامس المتعلق بالعناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية.

[15]  الفصل 41 من ق.م.ج، الفقرة الثامنة: ” توقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت.”

[16]  بنسالم أوديجا، الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات، مطبعة دار القلم – الرباط، ط1/2009، ص 85. بتصرف.

1 عادل علي المانع، الوساطة في حل المنازعات الجنائية ٬ مجلة الحقوق العدد4 ٬ السنة  30، دجنبر 2006. ص 50.

[18]  أنظر بخصوص مزايا الوساطة: بنسالم أوديجا، م.س. ص 37.

[19]  الحسين زين الاسم، م. س. ص 145.

4 يوسف بنباصر، ازمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي: رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها؛ سلسلة بنباصر للدراسات القانونية و الأبحاث القضائية عدد 2/2006، ص 3.

[21]  الفصل 41 من ق.م.ج، الفقرة الثامنة: ” توقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت.”

 

* تم الاعتماد على إحصائيات سنة 2003، على الرغم من قدمها، وهي السنة التي تم فيها تحيين المسطرة الجنائية والنص على البدائل الودية للدعوى العمومية. وكان الغرض من ذلك هو الوقوف على مكانة البدائل العقابية التي دشنت النقاشات حولها منذ المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية المنعقدة بمكناس سنة  1994، قبل اتجاه السياسة الجنائية المغربية في منحى العدالة التصالحية.

[22]  التقرير السنوي حول السجون سنة 2003، ص 14-15، أشار إليه عبد المنعم الأزمي الإدريسي في موضوع واقع وآفاق السياسة الجنائية في مجال الأسرة، المجلة الإلكترونية لندوات محاكم فاس، العدد الخامس أكتوبر 2007، ص 78.

[23]  مقال تحت عنوان : التامك يرسم صورة قاتمة حول أوضاع السجون – اكتظاظ و خصاص كبير في عدد الأسرة – جريدة المساء المغربية، عدد 2523 بتاريخ 08/11/2014.

[24]  عبد العزيز بوزيان، الدور المتميز للقضاء في مجال العدالة الجنائية، مداخلة في الندوة العلمية: الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في ضوء إصلاح القضاء، المنظمة من طرف جامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الحقوق بفاس، مجموعة البحث في العلوم الجنائية، بقصر المؤتمرات بفاس أيام 20 و- 21 نونبر 2009. منشورة بالموقع الإلكتروني  www.startimes.com اطلع عليه بتاريخ 10/02/2015.

[25]  المندوبة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، النشرة الإحصائية لسنة 2007، http://www.dgapr.gov.ma/، اطلع عليه بتاريخ 07/02/2015.

[26]  المندوبة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، النشرة الإحصائية لسنة 2007، سبقت الإشارة إليه.

[27]  عبد العزيز بوزيان، الدور المتميز للقضاء في مجال العدالة الجنائية، مداخلة في الندوة العلمية: الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في ضوء إصلاح القضاء، المنظمة من طرف جامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الحقوق بفاس، مجموعة البحث في العلوم الجنائية، بقصر المؤتمرات بفاس أيام 20 و- 21 نونبر 2009.  م.س.

[28]  يوسف بنباصر، أزمة السياسة الجنائية بالمغرب: ظاهرة الجنوح البسيط كنمودج – رصد ميداني لتمظهرات الأزمة ودور المؤسسة القضائية في تكريسها والحلول المقترحة لمعالجتها…؟، مجلة الواحة القانونية، السنة الرابعة، العدد 2، ص 25.

[29]  يوسف بنباصر، ازمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي: رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها؛ م.س. ص 4.

[30]  عبد العزيز بوزيان، الدور المتميز للقضاء في مجال العدالة الجنائية، مداخلة في الندوة العلمية: الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في ضوء إصلاح القضاء، المنظمة من طرف جامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الحقوق بفاس، مجموعة البحث في العلوم الجنائية، بقصر المؤتمرات بفاس أيام 20 و- 21 نونبر 2009.  م.س.

[31]  الفصل 41 من ق.م.ج. الفقرة 6: “إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك، وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه، أو في حالة عدم وجود مشتك، يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكي به أو المشتبه فيه صلحا يتمثل في أداء نصف الجد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله،..”.

[32]  المادة 70 من مدونة الأسرة: “لا ينبغي اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق أو التطليق إلا استثناءا، وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين، لما في ذلك من تفكك الأسرة والإضرار بالأطفال.”

[33]  يوسف بنباصر، ازمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي: رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها؛ م.س. ص 20.

 

[34]  الحسين زين الاسم م.س. ص146 – 149.

[35]  بنسالم أوديجا، م. س. ص37.

[36]  إسماعيل اوبلعيد، مقال تحت عنوان :  مدى إمكانية نجاح تفعيل الوساطة في الواقع المغربي، مجلة القانون والأعمال، www.droitetentreprise.org، اطلع عليه بتاريخ 02/01/2015.

[37]  المرجع نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى