مقالات قانونية

الحماية القانونية للمعاق في ظل التشريع الجزائري

tahady

شيهاب عينونة باحثة في سلك الدكتوراه بجامعة وهران الجزائر

 

يشهد العالم تعاظما ملحوظا في نسب المعاقين للعديد من الأسباب أهمها التجديدات التكنولوجية،الصراعات الداخلية و العرقية،حوادث المرور و ما ينجر عن ذلك من نتائج سلبية متفاوتة الخطورة على العنصر البشري بالدرجة الأولى.

و إذا كانت الدول المتقدمة قد إستطاعت على الأقل التحكم في تداعيات المشكلة و لو بمنظار مادي، على عكس المجتمعات النامية بصفة عامة و العربية بصفة خاصة من ضمنها الجزائر لا تزال جهودها في هذا الشأن مبعثرة و مشتتة تكاد تنحصر في تبني سياسات هشة تقتصر على بعض المؤسسات الخاصة، و بعضها الأخر عبارة عن جهود تطوعية غير رسمية و مساعدات سرعان ما تخبو.

المبحث الأول: مفهوم الشخص المعاق

المطلب الأول: تعريف المعوق

يعرف المعوق لغة بأنه كل من تعوقه قدراته الخاصة على النمو السوي إلا بمساعدة خاصة، و هو لفظ مشتق من الإعاقة أي التأخير أو التعويق.

أما إصطلاحا مثل أي مفهوم آخر لا يوجد تعريف متفق عليه للمعوق، إلا أنه توجد مجموعة من التعاريف منها

منظمة العمل الدولية في دستور التأهيل المهني للمعاقين و الذي أقرته الأسرة الدولية منذ عام 1955 بتعريفها للشخص المعوق كالتالي:" كل فرد نقصت إمكانيته للحصول على عمل مناسب و الإستقرار فيه نفصا فعليا نتيجة عاهة…." (1).

و على غرار التشريعات الداخلية للدول فإن المشرع الجزائري قام بتعريف المعوق من خلال قانون الصحة و ترقيتها، و القانون المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين و ترقيتهم.

فبالنسبة لقانون رقم 05-85 المؤرخ في 16-02-1985 المتعلق بالصحة و ترقيتها، فقد تعرض في فصله السابع من الباب الثاني إلى تدابير حماية الأشخاص المعوقين، بحيث عرفت المادة 89 منه الشخص المعاق بأنه:" يعد شخصا معوقا كل طفل أو مراهق أو شخص بالغ أو مسن مصاب بمايلي:

– إما نقص نفسي أو فيزيولوجي.

– و إما عجز ناتج عن القيام بنشاط تكون حدوده عادية للكائن البشري.

– و إما عاهة تحول دون حياة إجتماعية أو تمنعها". (2)
 

أما تعريف القانون 02-09 المؤرخ في 08-05-2002 المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين و ترقيتهم، بحيث يشكل هذا القانون تشريعا متخصصا في مجال حماية الأشخاص المعوقين و قد جاء في إطار تكريس الدولة لسياستها في حقوق الإنسان بما يؤدي إلى حماية الفئات الخاصة، حيث إعتبرت المادة الثانية منه بأن المعوق هو "كل شخص مهما كان سنه و جنسه يعاني من إعاقة أو أكثر، وراثية أو خلقية أو مكتسبة تحد من قدارته على ممارسة نشاط أو عدة نشاطات أولية في حياته اليومية الشخصية و الإجتماعية نتيجة إصابة وظائفه الذهنية أو الحركية أو العضوية الحسية".(3)

و يستشف من هذا التعريف بأن المشرع الجزائري فصل في صفة المعوق على عكس الإتفاقية الدولية الخاصة بذوي الإعاقة بحيث وسع من هذه الفئة و اعطى صفة المعوق على حسب الحالة سواء المتعلقة بالشخص منذ ولادته أو تلك المكتسبة و تحد من عمله كشخص طبيعي.

المطلب الثاني: حالات الإعاقة و كيفية تصنيفها

تتعدد الأسباب المؤدية للإعاقة و يمكن أن نوجز أسبابها في مايلي:

– أسباب خلقية أو وراثية و هي ناتجة عن حدوث الإعاقة أثناء مراحل الحمل سواء كان ذلك تأثرا بالأم و ما ينعكس على الطفل في هذه المرحلة بسبب تناول الدوية،أو إعاقة الطفل بعد ولادته نتيجة الأخطاء الطبية.

– أسباب مكتسبة تحدث في مرحلة النمو و هي ترتبط بعوامل ذاتية ترتكز على التغذية أو الإصابة بالأمراض المعدية أو المزمنة أو إقترانها بالبيئة، خاصة المتعلقة بالأمراض النفسية و العقلية بما يرافقها من أسباب للإنحراف كالإدمان على الحبوب المهلوسة و المخدرات و الممنوعات بشكل عام، أما العوامل الموضوعية للإعاقة فيمكن أن تتصل بحوادث المرور أو الحوادث العادية منها حوادث العمل أو نتيجة أعمال منزلية.(4)

و قد تم تحديد أصناف المعوقين بناءا على المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 82/180 المؤرخ في 15-05-1982 كمايلي:

– القاصرون حركيا القصور الجراحي،و التقويمي،و العصبي،و إصابات داء المفاصل.

– القاصرون حسيا المكفوفون،و الصم البكم،و الأشخاص المصابون بإضطرابات النطق.

– القاصرون المزمنون العاجزون عن التنفس و أصحاب المزاج النزيفي،أو مرض السكر أو القلب.

– مختلف القاصرين بدنيا،و لاسيما ضحايا المخلفات الناتجة عن حادث عمل أو مرض مهني. (5)

أما تصنيف الإعاقة فتختص به لجان طبية متخصصة تعترف بصفة المعوف و تحدد نسبة إعاقته، و في هذا الصدد تم إنشاء لجنتين طبيتين على المستوى الولائي و الوطني تحيث تختص الأولى بالبث في الملفات المتعلقة بتحديد نسبة الإعاقة في مدة ثلاثة أشهر و يتم الطعن فيها أمام اللجنة الوطنية المكونة على مستوى الوزارة طبقا للمرسوم التنفيذي 03/175 المؤرخ في 14-04-2003.

المبحث الثاني: الرعاية الإجتماعية للمعوقين في ظل التشريع الجزائري.

المطلب الأول: حقوق المعاق في ظل القانون الجزائري.

يشكل الدستور أهم التشريعات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان و الحريات العامة للأفراد بإعتباره أسمى القوانين، و لما كان الأشخاص المعوقين هم فئة لا تقل عن الأفراد العاديين فأن الضمانات القانونية التي يقرها الدستور الجزائري هي نفسها التي يتمتع بها أي طفل أو بالغ عادي في المجتمع، أما المادة 59 فقد كان مضمونها عاما يعبر عن قيام الدولة بتوفير ظروف معيشية للمواطنين الذين لم يبلغوا سن العمل أو لا يستطيعون القيام به، و الذين عجزوا عنه نهائيا بسبب عجز يصيبه.

ففي ظل قانون 05/85 المتعلق بالصحة و ترقيتها فقد أقر جملة من الحقوق المتصلة بفئة المعوقين من المادة 89 إلى 96 منه في الفصل السابع بعنوان "تدابير حماية الأشخاص المعوقين" حيث جعل للأشخاص المعوقين الحق في التمتع بالحماية الصحية و الإجتماعية و إحترام شخصيتهم و مراعاة كرامتهم و حساسيتهم، و الإنتفاع من العلاج الدائم و إعادة التدريب و الأجهزة المعدة لهم، و التكفل بهم من طرف المستخدمون الطبيون مع مراعاة المقاييس المتعلقة بالنظافة و الأمن في المؤسسات المخصصة للأشخاص المعوقون.

في حين جاء قانون 09/02 بتكريس جملة الحقوق و الإمتيازات التي يمكن أن يستفيذ منها الأشخاص المعوقين، و الذي تضمن جملة من التدابير التي تهدف إلى ترقيتهم من خلال الكشف المبكر للإعاقة و الوقاية منها مع ضمان العلاج المتخصص و إعادة التدريب الوظيفي و التكييف، و ضمان الحصول على الأجهزة الإصطناعية و لواحقها، بالإضافة إلى إجبارية التعليم و ضمان الإدماج الإجتماعي و المهني و توفير الحد الأدنى من الدخل.

كما تضمنت جملة إجراءات تتمثل في قيام الدولة بتشجيع الحركة الجمعوية ذات الطابع الإجتماعي و الإنساني المهتمة بالأشخاص المعاقين.

و من بين الحقوق المتصلة بالمساعدة الإجتماعية المنحة المالية التي يستفيذ منها الأشخاص المعوقين الذين ليس لهم دخل تمنح لهم أو لأسرهم التي تتكفل بهم و يعانون من إعاقة خلقية أو مكتسبة أو مرض مزمن

أو متعدد الإعاقة الحسية الصم و العمى الكلي أو تأخر ذهني، و قد تم تقرير هذه المنحة بناءا على المرسوم التنفيذي 03/45 الصادر في 16/01/2006 في مادته الثانية و الثالثة المقدرة ب 3000 دج، و تم رفعها إلى 4000 دج سنة 2007 وفق المرسوم التنفيذي 07/340 الصادر في 31/10/2007.

كما يحق للمعوقين الإستفادة من مجانية تسعيرات النقل الحضري أو عن طريق السكك الحديدية و النقل البري و الجوي، و أحيانا التخفيض إلى النصف على حسب نسبة العجز بالإضافة إلى المرافقين لهم،كما يستفيذون من اماكن مخصصة في وسائل النقل، زيادة على الإعفاء من الضربية عند إقتناء السيارات السياحية ذات العداد الخاصة و حيازة رخصة السياقة خاصة بالمعوقين حركيا.

و يتم إدماج المعوقين بشكل آلي من طرف مصالح النشاط الإجتماعي أو عن طريق التأمين العائلي تحت وصاية أوليائهم أو منفردين في منظومة الضمان الإجتماعي، و يستفيذ من التعويض عن الدواء و جميع الإمتيازات الممنوحة من طرف الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي كالحصول على اللواحق الإصطناعية و لواحقها و إجراء العمليات الجراحية و مواصلة المتابعة الطبية و غيرها.(6)

و يحق للمعوقين التربية الخاصة بحيث يدل مصطلح خاصة تلك المظاهر في العملية التعليمية التي تستخدم مع الأطفال المعوقين،بمعنى أنها تتميز بنوعية غير عادية أو غير شائعة . ويستند هذا النوع من التعليم على مبادئ أساسية منها: الحق في التعليم،تكافؤ الفرص، المشاركة في الحياة الاجتماعي
وقد اهتم التشريع الجزائري برعاية هذه الفئة من المجتمع في هذا الجانب من خلال العديد من المواد التي تضمن مجانية التعليم وتكافؤ الفرص وإجبارية التعليم الأساسي ،وهذا ما جاء في المادة53 من الدستور، وقانون حماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم المؤرخ في 14 مايو 2002 حيث ورد فيه أن من أهداف حماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم ضمان تعليم إجباري وتكوين مهني للأطفال والمراهقين المعوقين،وجاء الفصل الثالث منه بعنوان: "التربية والتكوين المهني وإعادة التدريب الوظيفي وإعادة التكييف" وحثت المادة ال14 من هذا الأخير على ضرورة التكفل المبكر بالأطفال المعوقين .أما المادة 15 منه فقد ذكرت أن الأطفال المعوقين لابد أن يخضعوا إلى التمدرس الإجباري في مؤسسات التعليم والتكوين المهني. التي تهيأ عند الحاجة .
كما حددت أشكال و طرق تقديم الخدمات التعليمية من خلال المراكز المتخصصة التي تم إنشاؤها بموجب المرسوم رقم 80 – 59 المؤرخ في مارس 1980 . وقد تم فتح أقسام خاصة بالأطفال ضعيفي الحواس ( ناقصي السمع والمكفوفين) في المؤسسات التعليمية التبعة لقطاع التربية الوطنية وذلك بقرار وزاري مشترك بين وزارة التربية الوطنية ووزارة العمل والحماية الاجتماعية والتكوين المهني لسنة 21998 وقد جاء في المادة ال07 منه إمكانية الدمج الكلي أو الجزئي لتلاميذ الأقسام الخاصة في الأقسام العادية.
أما فيما يخص الخدمات التعليمية للتلاميذ الماكثين في المستشفيات ومراكز العلاج وضعت لهم أقسام خاصة بموجب القرار الوزاري المشترك بين وزارة التربية ووزارة الصحة المؤرخ في 27 أكتوبر 1998.
أما فيما يخص عملية تقييم وتنظيم الامتحانات ، فقد صدر قرار وزاري مشترك بين وزارتي التشغيل والتضامن والتربية الوطنية في ماي 2003.

أما في إطار التأهيل المهني فهو ذلك الجانب من التأهيل المستمر المترابط الذي ينطوي على تقديم الخدمات المهنية كالتوجيه المهني والتدريب المهني و التشغيل مما يجعل المعوق قادرا على الحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه، ولعل هذا العنصر هو أهم ما تسعى الدول لتحقيقه ومن ثم تحقيق رعاية فعلية للمعوق تنطلق من تحفيز إمكانياته الخاصة الداخلية لمساعدته على مساعدة نفسه.
وقد أقر المشرع الجزائـري حق المعـوق فـي العمل من خلال نص المادتين 31 و 55من الدستور، كما نصت المادة 59 على "ظروف معيشة …للذين لا يستطيعون القيام بالعمل والذين عجزوا عنه نهائيا مضمونة" وهذا ما يكرس حق المعوق القادر على العمل على نيل وظيفة تمكنه من المشاركة في الحياة الاقتصادية.
و بخصوص التوجيه المهني فقد حدد قانون حماية المعوقين وترقيتهم في المادة 18 لجنة ولائية مهامها التربية الخاصة والتوجيه المهني من خلال توجيه أفرادها إلى مؤسسات التعليم والتكوين والمؤسسات الخاصة حسب الحاجات المعبر عنها وطبيعة الإعاقة ودرجتها.
و يتمتع المعاق بحق التدريب المهني لغرض تكوين الاختصاصيين في تدريب وتعليم المعوقين صدر الرسوم 81-397 المؤرخ في 26/12/1981 المتضمن إنشاء مركز وطني للتكوين المهني للمعوقين جسديا 2 وقد ورد في مادته ال02 مهمة تحسين البرامج والمناهج والوسائل التعليمية الضرورية للتكوين المهني للمعوقين جسديا ويجمع الوثائق التقنية والتربوية المخصصة للمكونين المتخصصين.
و تكفل المرسوم الصادر سنة 1982 بتحديد أصناف المعوقين القادرين على العمل في مادته ال02 وألزم في مادته ال06 على أن تخصص مخططات التوظيف السنوية والمتعددة السنوات التي تعدها الهيئات المستخدمة قسطا من مناصب العمل ليشغلها الأشخاص المعوقون، كما أن المادة 10 منه منحت رخص الغياب للمعوق العامل وعطلا خاصة يستغلها في إعادة تربيته الوظيفية والسماح له بأجراء المعاينات الطبية.
غير أن الواقع العملي لهذه الشريحة يثير الكثير من الأسى ،انطلاقا من صعوبة أو استحالة تقبل صاحب العمل للشخص المعاق في مؤسسته، وعدم تطبيق الكثير من محتوى هذه المواد.(7)

أما فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بقطاع العدالة في تعاملها مع المعوقين،فإن البرنامج الموجه لذوي الاحتياجات الخاصة في إطار عصرنة العدالة قد انطلق فعليا على مستوى 06مؤسسات قضائية باعتبارها مشاريع نموذجية في انتظار تعميمه على 193 محكمة و27 مجلس قضائيا و127مؤسسة عقابية قبل نهاية السنة الجارية.
وتعمل وزارة العدل على إشراك وزارات وهيئات حكومية أخرى وعدد من الجمعيات والمنظمات المهتمة بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف تكييف مؤسسات القطاع وفقا لاحتياجاتهم وتمكينهم من الوصول إلى المعلومة القانونية ومعرفة حقوقهم وكيفية المطالبة بها من خلال إجراءات مادية كتزويد المحاكم والمجالس القضائية بممرات وشبابيك خاصة لهذه الفئة يشرف عليها موظفون يتقنون لغة الاتصال بالإشارات وتخصيص قاعات للراحة والاستقبال مكيفة علاوة على ضمان التغطية الصحية الضرورية من خلال قاعات تمريض بالمحاكم.
كما تم وضع تحت تصرف الأشخاص المكفوفين استمارات إدارية ووثائق مكتوبة بخط البراي وتم أيضا تكوين مجموعة من كتاب الضبط في لغة الإشارات للتواصل مع الصم والبكم.

وهذه الإجراءات قد تم تفعيلها بمجلس قضاء وهران ، قسنطينة ، الجزائر كما تم تزويد محكمة عين الترك بارزيو ومحكمة قسنطينة ببعض المعدات الخاصة بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة والأميين الطاعنين في السن الذين يعتبرون كذلك من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الفئة الضعيفة من المجتمع التي يجب التكفل بها سيما في المؤسسات القضائية لتقريبها أكثر من العدالة والحفاظ على جميع حقوقها المشروعة بطريقة قانونية في انتظار تعميم هذه الإجراءات على كافة المحاكم عبر التراب الوطني.(8)

 

المطلب الثاني: واقع الحماية القانونية للمعوق

صدر القانون رقم02/09المؤرخ في 25صفر 1423،الموافق ل08مايو 2002،والمتعلق بحماية الأشخاص المعوقين،وترقيتهم،وقد استبشرت هذه الفئة خيرا بهذا القانون،معتقدة بأنه- أخيرا- سينهي سنين التهميش واللامبالاة،خاصة وأنه جاء بمواد تكشف تقدما ملحوظا في نظرة السلطات العمومية إلى مشكلة الإعاقة بكل تداعياتها
أولا:افتقار بعض مواده للإلزامية الكافية للتطبيق،وهذا ما يؤدي إلى إيجاد ثغرات يمكن أن يستغلها أصحاب النوايا السيئة.
ثانيا: عدم نص هذا القانون على بعض المطالب التي تعزز من حماية هذه الفئة ،من كل تعسف ،كإقرار المعونة القضائية المقررة ،عندما تكون تلك المعونة ضرورية لحالتهم ،أو لحماية ممتلكاتهم،وأخذ حالتهم الصحية والعقلية،بعين الاعتبار،في حالة تحريك دعوى قضائية ضدهم،وذلك في كافة مراحل الإجراءات القضائية.
ثالثا:هناك بعض التناقض في بعض المواد،كالمادة27 التي تنص على أنه:« يجب على كل مستخدم أن يخصص نسبة واحد بالمائة على الأقل،من مناصب العمل للأشخاص المعوقين المعترف لهم بصفةالعامل» ومعناه أن يكون لهذا المستخدم أكثر من مائة موظف حتى يستطيع تشغيل معوق واحد ؛ ونحن نعلم بان معظم المؤسسات هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة ؛ والمادة24 التي تنص : بانه« لا يجوز إقصاء أي مترشح بسب إعاقته من مسابقة أو اختبار أو امتحان مهني . أو الالتحاق بوظيفةعمومية أو غيرها..» بينما نرى على أرض الوقع بعض المسابقات التي تستثني المعوقين من الترشح فيها ؛ وعلى بسيل المثال : المسابقة الوطنية للقضاة تمنع كل ذي عاهة من الترشح فيها ؛ وهو تمييز خطير ؛ لا ينبني على أسس صحيحة وموضوعية.
وأخيرا وإن كان هذا القانون بادرة خير من أجل حماية ذوي الإعاقة ؛ وصون كرامتهم وحقوقهم التي يضمنها الدستور ؛ فإنه إذا لم تتبع بما يساعد تطبيقه على أرض الواقع ،كالإسراع في إصدار المراسيم التنظيمية والتنفيذية التي تسمح بتطبيقه،ومراقبة عملية التطبيق مراقبة صارمة،تؤدي إلى تحمل كل من تسول له نفسه الدوس على القانون لمسؤولياته ؛ وتضفي الطابع الإلزامي لهذا القانون باعتبار أن تجسيد أهدافه المنصوص عليها في المادة03 تعتبر إلتزاما وطنيا . حسب ما جاءت به المادة الرابعة من هذا القانون ؛ وبدون هذه الإجراءات فإن هذا القانون يبقى مجرد حبر على ورق ؛ وما تتمناه هذه الفئة هو أن لا يكون مصيره كمصير العديد من القوانين الأخرى التي ظلت حبيسة الأدراج منذ سنوات.(9)

كما أن العجز و تحديد نسبته من طرف اللجان الطبية يعتبر عائقا في تكييف المعوق مع الإحتياجات المتوفرة لديه خاصة التعليم، أما على المستوى الإداري فإن البيروقراطية التي تعاني منها الإدارة تجعل رعاية المعوقين ليست من أولوياتها خاصة أن هذه الفئة في غالب الأحيان ليس لها القدرة على التواصل مع الإدارات، كما أن الإهتمام بالعمل الجمعوي لا يلقي أي صدى خاصة لدى الجماعات المحلية.

و مواكبة للتطورات التي تعيشها هذه الفئة يستوجب سن قوانين خاصة سواءا فيما يتعلق بآليات الإدماج الإجتماعي، بالإضافة لإعطاء الجانب الطبي إطاره القانوني لخصوصية الملفات الطبية للمعوقين، لذلك فقد أصبح السعي لإصدار التشريعات التنظيمية في فترات قصيرة لتكون متواكبة لإحتياجات هذه الفئة.(10)

خاتمة
يمكن القول إن مجمل الحقوق التي كرسها المشرع الجزائري لصالح فئة المعاقين تمثل فقط جزءا من التكفل والاهتمام الذي يقع على عاتق السلطات العمومية وكل أفراد المجتمع لان تحقيق هذه الحقوق يتطلب وعي ومرونة وتسهيلات اتجاه هذه الفئة لإعادة بعث الأمل في نفوس هؤلاء وإدماجهم في الحياة العامة.
و القضاء على الحاجز النفسي والتخفي وراء الإعاقة للعيش في عزلة وهو الجانب الذي يبقى محل دراسة وبحث من طرف مختلف الفاعلين في هذا المجال لإيجاد طرق التكفل الفعالة بهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي الأخير نأمل أن تتكرر مثل هذه اللقاءات والمحاضرات لتفعيل لغة الحوار والتذكر بثقافة الاحترام والاهتمام بهذه الفئة الضعيفة في المجتمع والتي تعني الجميع لأنه يمكن لأي شخص أن يكون أحد أطرافها.

الهوامش:

1- العمري عيسات،مسائل الإعاقة و المعوقين في الجزائر-مقاربة تحليلية-، مجلة العلوم الإجتماعية،العدد 19 ديسمبر 2014.

2- المادة 89 من القانون رقم 05-85 المؤرخ في 16-02-1985 المتعلق بالصحة و ترقيتها.

3- المادة 02 من القانون 09/02 المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين و ترقيتهم المؤرخ في 08-05-2002.

4- بن عيسي أحمد،الآليات القانونية لحماية الأطفال ذوي الإعاقة في التشريع الجزائري،مجلة الفقه و القانون،العدد الأول،نوفمبر 2012.

5- المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 82/180 المؤرخ في 15-05-1982

6- بن عيسي أحمد،الآليات القانونية لحماية الأطفال ذوي الإعاقة في التشريع الجزائري،مجلة الفقه و القانون،العدد الأول،نوفمبر 2012.

7- د. بوسكرة احمد و بلقرمي سهام، الرعاية الإجتماعية لذوي الإحتياجات الخاصة في التشريع الجزائري-واقع و آفاق، ،جامعة محمد بوضياف بالمسيلة – الجزائر
8- حقوق المعاق في ظل القانون الجزائري، بقزيز خير الدين قاضي بمحكمة مقرة.

9- الطاهر بوصبع،بصدوره قبل خمس سنوات: قانون المعوق الجزائري،هل هو حبر على ورق؟- دراسة نقدية لقانون المعوق الجزائري—10-12-2008

10- بن عيسي أحمد،الآليات القانونية لحماية الأطفال ذوي الإعاقة في التشريع الجزائري،مجلة الفقه و القانون،العدد الأول،نوفمبر 2012.


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى