في الواجهةمقالات قانونية

الدليـل الـعلمـي ودوره فـي تـحقيق العــدالة الجنــــائيــة – الباحثة سناء الزين   باحثة في سلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط أكدال المغرب

الدليـل الـعلمـي ودوره فـي تـحقيق العــدالة الجنــــائيــة

The scientific evidence and its role in achieving criminal justice

الباحثة سناء الزين

  باحثة في سلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط أكدال المغرب

 

 

الملخص:

  لقد تطورت وتنوعت الوسائل والطرق العلمية التي بات يتم اللجوء إليها في مجال البحث في الدليل الجنائي، وذلك نتيجة لتطور فكر المجرم الذي بات يعمل وقبل إقد امه على نشاطه الإجرامي على التفكير في الطريقة التي لا تترك آثارا مادية تدل عليه، لذلك حاولت أجهزة البحث والتحقيق الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي، نذكر منها على سبيل المثال تحليل الحمض النووي “ADN“، الإستعراف الطبي والبصمات العشرية والأعيرة النارية، التصوير، جهاز كشف الكذب، غسل المعدة،… إلى غير ذلك.   

             كما أن التطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عصر المعلومات أفرز أنماطا من الجرائم التي تتم باستخدام الوسائل الالكترونية، التي قوامها نظم وبرمجيات الحاسب الآلي والشبكات الحاسوبية وشبكة الاتصالات العالمية (الانترنيت).

    إن الأدلة العلمية لا تقع تحت حصر ومرد ذلك هو إعمال مبدأ حرية القاضي الجنائي وعقيدته، والإقرار بهذه الحرية يستلزم إطلاق حريته في اختيار الدليل أو الأدلة التي تشكل هذا الاعتقاد بما يستتبع تعدد الأدلة التي قد يلجأ إليها القاضي، والواقع أن حرية القاضي الجنائي في اختيار الدليل وحريته في تكوين عقيدته وجهان لعملة واحدة هي مسؤوليته عن حكمه يدعم ذلك ظهور الأدلة العلمية والتي لا تقبل بطبيعتها إخضاع القاضي لأي قيود سوى اقتناعه بها .

 كما أصبحت الشرطة التقنية والعلمية تشكل دعامة أساسية لدى مصالح الشرطة القضائية وذلك راجع إلى الأهمية التي تكتسيها والدور الذي تقدمه أثناء سريان البحث الجنائي بصفة عامة والبحث الذي تقوم به الشرطة بصفة خاصة ، فهي بذلك تستغل جميع الأدلة الجنائية التي يتم اكتشافها في مسرح الجريمة بطرق علمية عن طريق توظيف مجموعة من الوسائل التقنية و الفنية قصد الوصول إلى فهم طرق ارتكاب بعض الجرائم وفك ألغازها والمساعدة في تحديد هوية الفاعلين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Abstract

        The scientific methods that are resorted to in the field of forensic evidence have evolved and varied, as a result of the development of the criminal’s thought, which is working before his criminal activity to think about the way that does not leave material traces indicating it, so the research and investigation devices tried to use modern scientific means in criminal evidence, including, for example, DNA analysis ,medical identification, decimal fingerprints and bullets, imaging, lie detector, gastric lavage,… etc.  

             The tremendous development in the field of information and communication technology in the information age has also resulted in patterns of crimes carried out using electronic means, consisting of computer systems and software, computer networks and the World Wide Web (Internet).

             The tremendous development in the field of information and communication technology in the information age has also resulted in patterns of crimes carried out using electronic means, consisting of computer systems and software, computer networks and the World Wide Web (Internet). The scientific evidence does not fall under the limitation and the reason for this is the implementation of the principle of freedom of the criminal judge and his belief, and the recognition of this freedom requires the release of his freedom to choose the evidence or evidence that constitutes this belief, which entails the multiplicity of evidence that the judge may resort to, and in fact the freedom of the criminal judge to choose evidence and his freedom to form his belief are two sides of the same coin is his responsibility for his judgment supported by the emergence of scientific evidence, which does not accept by its nature subjecting the judge to any restrictions other than his conviction in it.

            The technical and scientific police have also become a fundamental pillar of the judicial police services, due to the importance they acquire and the role they play during the conduct of criminal investigation in general and the research carried out by the police in particular.

 

مقدمة

    إن التطور الكبير في ميدان الإثبات الجنائي بفضل التقدم المضطرد في مجال العلوم الطبيعية عامة والعلوم الجنائية على وجه الخصوص مما جعله يقف على أعتاب مرحلة جديدة يمكن تسميتها بمرحلة الإثبات العلمي حيث أصبح الدليل العلمي يلعب دورا أساسي في الإثبات.

           وغني عن البيان أن موضوع كشف الجريمة في عصرنا الحاضر وإثباتها والتوصل إلى الجاني أو الجناة يتطلب معرفة كاملة ودقيقة بأسس ومبادئ كثير من العلوم الجنائية التي تقدم البراهين والأدلة العلمية  للجهات القضائية.

         وغير خاف على كل مشتغل في ميدان العدالة الجنائية الأهمية القصوى التي أصبح يكتسيها الدليل العلمي في الدعوى العمومية، وما قد يحمله من قوة في الإثبات والإقناع بما فيه من صدق ومصداقية قد لا تتوفر لغيره من وسائل الإثبات الأخرى والذي قد تطمئن له المحكمة وتجعله أساسا لتكوين قناعتها ومدخلا إلى إصدار أحكامها التي يتعين أن تبنى على اليقين لا على الشك والتخمين فالمتتبع للأحكام القضاء الجنائي المغربي يلمس توسعا في الاعتماد على الدليل العلمي لاسيما في المسائل التي تكتسي صبغة تقنية وفنية بحثة وهو ما يسوغ معه أن الدليل العلمي أضحى فعلا مصدرا لا غنى عنه لجميع العاملين في الحقل الجنائي فهو بحق آلية من آليات العدالة الجنائية ، وعلى ضوء ما سبق سنحاول الإحاطة بالموضوع من خلال مبحثين بحيث سنخصص الأول للحديث عن الدليل العلمي وحجيته أمام القضاء لنتحدث في المبحث الثاني عن الرقابة القضائية على تقدير الدليل العلمي.

المبحث الأول: الدليل العلمي وحجيته أمام القضاء

            لقد تطورت وتنوعت الوسائل والطرق العلمية التي بات يتم اللجوء إليها في مجال البحث في الدليل الجنائي، وذلك نتيجة لتطور فكر المجرم الذي بات يعمل وقبل إقدامه على نشاطه الإجرامي على التفكير في الطريقة التي لا تترك آثارا مادية تدل عليه، لذلك حاولت أجهزة البحث والتحقيق الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي، علها تفك الخيوط المتشابكة والتي تتمثل على سبيل المثال في تحليل  ADN، الاستعراف الطبي والبصمات والأعيرة النارية، التصوير، جهاز كشف الكذب، غسل المعدة، العقاقير المخدرة،   كما أن التطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عصر المعلومات أفرز أنماطا من الجرائم التي تتم باستخدام الوسائل الالكترونية، التي قوامها نظم وبرمجيات الحاسب الآلي والشبكات الحاسوبية وشبكة الاتصالات العالمية (الانترنيت) .

            ولا شك أن ظهور هذه  الأنواع من الجرائم يعني توقع ظهور المزيد منها مما يتوجب معه تحديث الأنظمة والجهات الأمنية المختصة بمعالجة القضايا الناتجة عن ظهور هذه الجرائم الجديدة، وهو ما يستتبع تطوير أسلوب التحقيق فيها، كما أن الطبيعة الفنية والتقنية الناجمة عن الجرائم المعلوماتية نتج عنها في مجال الإثبات الجنائي نوع جديد من الأدلة يطلق عليه الدليل الرقمي أو الدليل الالكتروني.

            وسنتطرق في هذا المبحث إلى الحديث عن تعريف الأدلة العلمية وبعض صورها  في المادة الجنائية كمطلب أول في حين سنخصص المطلب الثاني للحديث عن الأدلة العلمية واستغلالها خلال أطوار المحاكمة.

المطلب الأول: مفهوم الدليل العلمي وصوره

 

سنحاول توضيح مفهوم الدليل العلمي كفقرة أولى ثم سنخصص الفقرة الثانية للحديث  عن بعض صور الأدلة العلمية.

الفقرة الأولى: تعريف  الدليل العلمي

 

لقد اعتاد البعض أن يطلقوا لفظ الدليل المادي على كل ما يعثر عليه من أشياء أو مواد أو آثار في مكان الجريمة والتي تفيد في تحديد شخصية الجاني وكشف الحقيقة [1].

فالدليل العلمي هو حالة قانونية تنشأ من العثور على الأثر المادي في مسرح الجريمة أو على جسم المتهم أو المجني عليه ثم ضبط هاته الآثار ورفعها وتحريرها بطريقة فنية صحيحة ثم فحصها مخبريا ، وعلى ضوء نتيجة هذا الفحص تتكون صلة أو رابطة المتهم بها، والرابطة هنا قد تكون إيجابية فتثبت الصلة أو سلبية فتنفى الصلة، فعلى سبيل المثال عند العثور على بصمة ما في مسرح الجريمة، فإنها هنا تعتبر أثرا ماديا ولكن عند انطباق هذه البصمة على ما يقابلها من بصمات المشتبه فيه في لجريمة ، يحول هذا التطبيق الأثر إلى دليل مادي، والذي أوجد العلاقة القانونية بين المتهم ومسرح الجريمة وموضوع الجريمة، وعلى المتهم أن يبرر سبب وجود بصماته في مكان الحادث.

                                   

كما أصبحت الشرطة التقنية والعلمية تشكل دعامة أساسية لدى مصالح الشرطة القضائية وذلك راجع إلى الأهمية التي تكتسيها والدور الذي تقدمه أثناء سريان البحث الجنائي بصفة عامة والبحث البوليسي بصفة خاصة .

 فهي بذلك تستغل جميع الأدلة الجنائية التي يتم اكتشافها في مسرح الجريمة بطرق علمية عن طريق توظيف مجموعة من الوسائل التقنية و الفنية قصد الوصول إلى فهم طرق ارتكاب بعض الجرائم والمساعدة في تحديد هوية الفاعلين .

 كما أن مصالح الشرطة التقنية والعلمية تعمل جنبا إلى جنب مع فرق البحث الجنائي قصد فك رموز كثير من الجرائم وذلك باستخدام مجموعة من التقنيات الحديثة في المختبرات المتخصصة تحت إشراف خبراء لهم كفاءة وخبرة، ومن هذا المنطلق فإنها تعمل على إجراء بعض الاختبارات والتجارب والمقارنات باستعمال المحاليل الكيمائية والمساحيق بخصوص وسائل الإثبات التي تم العثور عليها في مسرح الجريمة.

حيث تعمل على إرسال نتائج بحثها بواسطة تقرير إلى الجهات المختصة سواء كانت مصالح الشرطة القضائية أو الجهات القضائية، وهي بذلك أصبحت توجه البحث البوليسي بناء على ما توصلت إليه من نتائج. ونظرا لأهمية الشرطة العلمية والتقنية فإنها أصبحت تتوفر على مجموعة من التخصصات تختلف حسب الآثار المادية المراد استغلالها[2].

   الفقرة الثانية:  بعض صور الأدلة العلمية

 

            تتنوع صور الأدلة العلمية من جريمة إلى أخرى فمنها ما هو مستمد من الآثار البيولوجية ومن الخبرة وسائل الاستعراف على المتهمين والبصمة الوراثية والبصمات وآثار الأقدام وأثار الأعيرة النارية…، كما نجد الأدلة  الالكترونية والمعلوماتية المرتبطة بالتقدم التكنولوجي.

          فالآثار البيولوجية عادة ما تتواجد إما على شكل بقع دموية أو على المتهم وتحت أظافره وعلى ملابسه أو على الجثة وما عليها من ملابس أو على مسرح الحادث وملحقاته وكذا كل ما يتصل به من أماكن خاصة الأرضيات والجدران وقطع الأثاث الموجودة وعلى الأسلحة والأدوات المستخدمة في الجريمة وعلى السيارات وإطاراتها مع ملاحظة أشكال البقع الدموية ودلالة كل شيء فيها، وأهم الطرق الفنية لرفع البقع الدموية سواء كانت على شكل دم سائل أو متجلط أو دم جاف سواء كانت على الأرض أو على الأسطح المختلفة أو على المفروشات وغيرها ثم إيضاح الفحوص التي تجري على البقع والمتلوثات الدموية وهي اختبارات مبدئية على شكل اختبارات ميكروسكوبية أو اختبارات خاصة و تشمل اختبار الترسيب و فصيلة الدم والحامض النووي.

              أما الأهمية الفنية للبقع والمتلوثات الدموية في مجال التحقيق الجنائي فتشمل معرفة هوية الجاني ومعرفة حركته وسلوكه عند ارتكاب الجريمة أو حركة المجني عليه بعد الإصابة  وبالتالي  المساعدة في معرفة الزمن التقريبي لوقوع الحادث أو الجريمة ، ومعرفة سبب الوفاة في بعض الحالات وإثبات حالات البنوة والأبوة أو نفيهما وتحديد عدد الجناة وغير ذلك.

               ولا بد من دراسة اللعاب كأحد الآثار البيولوجية من حيث أماكن تواجدها في مسرح الجريمة وكيفية رفعها وفحصها، والأهمية الفنية و الجنائية للمتلوثات اللعابية ثم توضيح آثار الأسنان و أنواعها و أماكن البحث عنها و طرق رفعها و مقارنتها ودلالاتها الفنية وأهميتها في التحقيق الجنائي ، فقد تساعد على التعرف على الجاني أو التعرف على الجثث المجهولة الهوية والمعالم أو التعرف على الجثث عقب الكوارث و الحوادث الجماعية والتعرف على بعض أسباب الوفاة الناتجة عن التسمم المزمن بالإضافة للأظافر وآثارها وأنواعها وكيفية التعامل معها وأهميتها من الوجهة الجنائية وكذلك آثار الشعر ومكوناته وخصائصه وأماكن العثور عليه  في مسرح الجريمة والطرق العلمية والمخبرية لفحصه .

 

وتكمن الأهمية الفنية للشعر في التعرف على الجثث وأنواع الجروح أو التفريق بينها وتحديد الأداة المستخدمة في إحداثها إذا وقعت الجروح في مناطق من الجسم مغطاة بالشعر، كما تساعد في التعرف على فتحة الدخول وفتحة الخروج في إصابات الأعيرة النارية في حالات الإطلاق من المسافات القريبة و كذلك للتفريق بين آثار الحروق وتشخيص بعض حالات التسمم المعدنية، وحوادث الدهس والكشف عن المخدرات وحدوث العنف أو المقاومة و إثبات النسب وغير ذلك.

 

              وبالنسبة لدراسة السائل المنوي فإن له أهمية كبيرة في الكشف عن مرتكبي الجرائم الجنسية  وذلك بالبحث عن أماكن المتلوثات المنوية ووسائل وطرق كشف البقع  الطرق العلمية لرفع الآثار المنوية وأهم الفحوص المخبرية للكشف عنها والاستفادة منها في المجال الجنائي سواء في مجال إثبات المواقعة الجنسية أو التعرف على هوية الجناة.

 

       ونظرا لأهمية بصمات اليد في الكشف الجنائي كان من الواجب بدءا إعطاء تعريف للبصمة،  فهي عبارة عن خطوط على باطن أصابع اليدين والكفين والقدمين، حيث تتكون من خطوط حلمية بارزة تحاذيها خطوط أخرى منخفضة وعند ملامسة الأشياء تترك هذه الخطوط أو ما يسمى بطبعات البصمات أو الأثر، وأثبتت البحوث الطبية كثيرا من الحقائق العلمية المميزة للبصمات ومنها إثبات شكل الخطوط الحلمية بالبصمات منذ تكونها في الشهر الرابع من الحمل و حتى نهاية العمر وعدم تأثر البصمات بعامل الوراثة حتى في حالات التوائم التي تنتمي لبويضة واحدة فكلا بصماتها مختلفة و أن هذه الخطوط خاصة بكل فرد و لا تتطابق مع غيرها لأي شخص آخر.

 

                وهناك آثار الأقدام والأحذية وأنواعها وطريق مضاهاتها مع آثار المتهمين ، وتكمن  أهمية آثار الأقدام في المجال الجنائي وأوجه دلالاتها من حيث معرفة عدد الأشخاص الذين كانوا متواجدين في مسرح الحادث، ومعرفة الجهة التي قدم منها الجاني وحالة القدم والعمر التقريبي لصاحبها وحالة صاحبها وقت تركه للأثر من حيث الوقوف أو السير أو الجري أو حمل الأشياء الثقيلة أو للدلالة أحيانا على بعض صفات الأثر من حيث سلامة الجسم أو كونه أعرج أو أعور أو أنه في حالة سكر و وجود اضطراب أثناء تواجده في مسرح الجريمة.

                  وهناك أيضا آثار تساعد على الاستدلال وكشف الجريمة كآثار السيارات الممكن العثور عليها في مسرح الحادث حيث يوجد آثار للإطارات وآثار الزيوت والسوائل المتساقطة من السيارة المشتبه بها في حوادث الدهس من خلال تتبع المواد العالقة بالسيارة.

 

       المطلب الثاني: الاستعانة بالأدلة العلمية خلال أطوار المحاكمة

 

           إن الأدلة العلمية تلعب دورا بالغ الأهمية في الإثبات الجنائي وحجيتها تتباين كلما انتقلنا بين القانون والفقه والقضاء، وإذا كان المشرع المغربي قد أشار في الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 45.00[3] إلى إمكانية المحاكم الاستعانة بآراء الخبراء القضائيين على سبيل الاستئناس دون أن تكون ملزمة لها، فإنه عاد وسكت في معرض سرده للنصوص المنظمة للخبرة في قانون المسطرة الجنائية عن تحديد القيمة الاثباتية للدليل العلمي فلم يشر إلى مدى إلزاميته أو تقييده لقناعة القاضي، إذ ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام أراء الفقهاء واجتهادات العمل القضائي للتصدي لهذه المسألة وحسنا فعل لأن القضاء هو الجهة المعنية بتطبيق القانون وتفسيره، والفقه بآرائه ونظرياته يبقى الوسيلة المثلى لتوضيح نصوصه ورفع اللبس عنها[4]

            وعلى ضوء ذلك سنتناول في هدا المطلب أراء بعض الفقهاء كفقرة أولى وموقف القضاء من خلال مجموعة من القرارات القضائية كفقرة ثانية.

الفقرة الأولى: عند الفقهاء

 

           من خلال استقراء أراء مجموعة من فقهاء القانون حول حجية الدليل العلمي أمام القضاء يظهر لنا أن موقفهم انقسم إلى اتجاهين رئيسيين الأول يقول بعدم إلزامية الدليل العلمي على القاضي في حين يذهب الاتجاه الثاني إلى الجزم بإلزاميته.

الاتجاه الأول: يقر هذا الاتجاه بأن الدليل العلمي لا يكون ملزما للقاضي ولا يقيد من قناعته فهو الخبير الأعلى وبالتالي فله كامل الحق في الأخذ بهذا الدليل أو استبعاده بصفة كلية أو جزئية ولا شئ له في ذلك شريطة أن يعلل قراره ، وهذا هو الاتجاه الراجح عند جل فقهاء القانون المغاربة ، ومن القائلين به نرد على سبيل المثال:

محمد عياط حيث يقول:” إن نتائج الخبرة كمبدأ عام لا تلزم القاضي بقبول فحواها، وبالتالي لا تحتم عليه إصدار حكم موافق لما صرحت به، والواقع أن خلاصات الخبرة لا هي دائما في المستوى المطلوب من الموضوعية، ولا هي دوما عين الحقيقة حتى بفرض المشرع الالتزام بها على القاضي، فمن المعروف أن خبراء في نفس الميدان وعلى نفس الكفاءة والتمكن من اختصاصهم، كثيرا ما يصدرون آراء متناقضة حول موضوع واحد، وأن الخبرة معرضة للخطأ[5].”

وللقاضي أن يقتنع بما أثبتته الخبرة أو لا يقتنع به وله أن يستعمله جزئيا أو كليا، أو يهمله تماما بدون حرج، على أن ذلك مرهون دائما بتعليل مقنع للحكم الذي يصدره .

وهو نفس الرأي الذي جاء به الحبيب بيهي في معرض حديثه عن القيمة الإثباتية للخبرة، موضحا أن القاضي يتمتع إزاءها بحرية التقدير، وله أن يأخذ بها أو يطرحها، وعليه أن يعلل قراره باستبعادها[6]. وفي نفس السياق أوضح الأستاذ أحمد الخمليشي أن للقاضي السلطة الكاملة لتقدير مدى سلامة الاستنتاج الذي انتهت إليه الخبرة، فله أن يأخذ بها وله أن يستبعدها، وفي هذه الحالة يتعين عليه تعليل قراره[7]

وفي رأينا أن أصحاب هذا الاتجاه يبخسون من قيمة الخبرة وأعمال الخبراء باعتبارهم مساعدون للقضاء، ويرومون إلى تحرير القاضي من أية إلزامية بالأخذ بالدليل العلمي أثناء إصداره لحكمه، وبالتالي فلا فائدة من مراجعة أهل الخبرة ما دامت آراءهم غير ملزمة للقاضي.

الاتجاه الثاني: هذا الاتجاه  يذهب إلى أن الدليل العلمي ملزم للقاضي بحيث يشكل  قيدا  له في تكوين قناعته ، ومن القائلين بهذا الرأي نذكر على سبيل المثال : خليل محمود، عبد الرحيم محمود وضاوي خليل وهم أنصار المدرسة الوضعية التي انتصرت للرأي القائل بإلزامية مستنتجات الخبرة على قناعات القاضي، وهذا الرأي وإن كان يسبغ على تقارير الخبرة ما هي جديرة به من اهتمام، إلا أنه ينطوي على الكثير من الغلو ، بحيث يضفي على الخبرة طابع القدسية، التي تجعلها بمنأى عن الرقابة القضائية، وهو ما لا يستقيم ومنطق العدالة الحقيقية[8] وهو الشئ الذي فتح المجال إلى ظهور اتجاه توفيقي يعتبر الدليل العلمي قيدا على قناعة القاضي ما لم تخالف نتائجه الظروف والملابسات المحيطة بالقضية، ومن أنصار هذا الاتجاه نذكر الأستاذ محمد أحمد محمود الذي قال أنه وإن كان تقرير الخبير يخضع لحرية القاضي في الاقتناع، لأنه ليس معنى ذلك أن ينازع القاضي في قيمة ما يتمتع به التقرير من قوة استدلالية قد استقرت بالنسبة له وتأكدت من الناحية العلمية ، ولكن تقديره يكون للظروف والملابسات التي أحاطت به، بحيث يكون في مقدوره أن يطرح مثل هذا التقرير، رغم قطعيته من الناحية العلمية، وذلك عندما يجد أن مضمونه لا يتفق منطقيا مع ظروف الواقعة وملابساتها[9]

من خلال الفقرة أعلاه نؤكد أن صرف النظر عن الدليل العلمي قد يكون مدخلا للاعتماد على دليل علمي آخر قد يكون مضادا، والقاضي عندما يفاضل بين دليلين فنيين ويرجح أحدهما على الآخر فإنه يوازن بينهما من الناحية الواقعية ولا يناقش القيمة العلمية لكل واحد منهما، وهو بذلك يمارس رقابته القضائية على وقائع القضية.

  الفقرة الثانية: أمام القضاء

                       بعد استقرائنا  لمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض في موضوع الأدلة العلمية أن الاتجاه السائد في الاجتهاد القضائي المغربي على غرار نظيره المصري يعتبر أن أعمال الخبرة غير ملزمة للقاضي ولا تشكل قيدا عليه في تكوين قناعته، فله أن يأخذ بنتائجها ويعتمدها في إصدار حكمه وله أن يستبعدها إلى غيرها من وسائل الإثبات، حيث نص القرار رقم 685 الصادر بتاريخ 30 يونيو 1960 على أن آراء الخبراء المنتدبين من طرف القضاة ليست مفروضة على القاضي[10]    

                        وفي نفس السياق فقد جاء في حيثيات القرار الصادر عن المجلس الأعلى سابقا بتاريخ 03/09/1996 في الملف الجنحي عدد 24691/91 : الخبرة تكتسي صبغة تقنية محضة لا يقوم بإنجازها إلا من أناطه القانون القيام بها ، وهي تندرج في مفهوم وسائل الإثبات العامة، نتائج الخبرة وإن كانت لا تلزم قاضي الموضوع الزجري بالتقيد بفحواها فإنها تساعده في الاستئناس بها للتحقيق بثبوت الاعتقاد الصميم الذي يحكم به ثبوت الأفعال. [11]

إلا أن المجلس الأعلى سابقا وبالرغم من اعتباره أن أعمال الخبرة لا تكون ملزمة للقاضي غير أنه اشترط في ذلك مجموعة من الشروط منها: ضرورة تسبيب الحكم القاضي باستبعاد الخبرة وتعليله، وهذا ما يفهم من خلال الاطلاع على القرار رقم 545 الصادر بتاريخ 11/02/1960[12]

كما ذهب المجلس الأعلى إلى تنبيه القضاة إلى عدم استبعاد آراء الخبراء، استنادا إلى آراء أو حجج مخالفة لا تكتسي صبغة فنية، إذ لا يسوغ للمحكمة أن تستند في دحض ما قال به الخبير الفني إلى معلومات شخصية، بل يتعين عليها إذا ما ساورها الشك فيما قرره الخبير في هذا الشأن ، أن تستجلي الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة[13]

                   فالخبرة الفنية لا يمكن دحضها إلا بخبرة فنية أخرى، وإلى هذا يشير القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 27/06/2002 تحت عدد 246/72 في الملف الجنحي 2001/7/6/3، والذي ورد في حيثياثه: “إنه لئن كان تقدير الدليل موكلا إلى محكمة الموضوع في المادة الجنائية، فإنها لا يسوغ لها أن تستند في دحض ما قال به الخبير إلى معلومات شخصية، بل يتعين عليها إذا ما ساورها الشك فيما قرره الخبير، أن تستجلي الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة، مادام من المسائل الفنية التي لا يصح للمحكمة أن تجادل الخبير فيها”[14]

              وفي نفس السياق، نذكر القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 10/09/2003 تحت عدد 1885/1 في الملف الجنحي عدد 03/9440 والذي جاء فيه : “المحكمة حينما انبرت بنفسها، إلى تفنيد واستبعاد ما خلصت إليه خبرة قضائية طبية، في أمر يدخل في مسائل تقنية، ورتبت عنها نتائج قانونية، دون أن تسترشد في ذلك بخبرة أخرى لذوي الاختصاص، تأمر بها لتوضيح أمر لا تقوم فيه مقام الخبير، تكون قد بنت قضاءها على تعليل ناقص يوازي انعدامه، ويعرض قرارها للنقض والإبطال”[15]

              ونفس الاتجاه سار عليه المجلس الأعلى سابقا في قراره المؤرخ في 26/11/1959 عندما نص على: “أنه إذا كانت تقديرات الخبراء القضائيين المعنيين لا تلزم القاضي، فإن هذا الأخير الملزم بتعليل قراره لا يمكنه تعديلها أو تكذيبها بمجرد تأكيد رأي مخالف عار من أدنى حجة”[16]

             وفي مجال الخبرات النفسية ومن واقع الخبرات النفسية ومن خلال مجموعة من القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى سابقا نستشف أنه حاول الترسيخ لاجتهاد قانوني مؤداه إلزامية استشارة المتخصصين من الخبراء النفسانيين، كلما أثيرت أثناء سريان الدعوى العمومية مسألة التثبت من القدرات العقلية للأشخاص المتابعين أو المرتكبين لأفعال جرمية، وذلك شريطة توافر بعض القرائن التي قد تؤسس لفرضية وجود مثل هذا الخلل، وفي هذا السياق نورد مثال قرارين غير منشورين صادرين عن المجلس الأعلى الأول تحت عدد 1599-4 المؤرخ في 24/07/2002 الصادر في الملف الجنائي عدد 18288-01، والقرار عدد 1130/9 المؤرخ في 15/11/2005 الصادر عن المجلس الأعلى في الملف الجنحي عدد 11783/2003، حيث ورد في الحيثية المعتمدة لنقض وإبطال القرار المطعون فيه بالنقض ما يلي: وحيث أن الأمر يتعلق بمسألة طبية دقيقة لا يكون فيها الجزم إلا لمن تتوفر فيه الخبرة في ذلك الميدان، وأن المحكمة عندما اعتبرت الطاعن متمتعا بكامل قواه العقلية، وأعرضت عن استدعاء الطبيبين المطلوب الاستماع إليهما، وبرفضهما اللجوء إلى خبرة لاستجلاء الحقيقة، واعتمادها فقط على كون أجوبة المتهم كانت واضحة ومفهومة، ولا توحي بأي اضطراب، تكون قد أبدت رأيها في موضوع لا دراية لها به ودون الاستعانة بذوي الاختصاص في هذا الميدان، علما أن المطلوب هو حالة المتهم وقت ارتكابه الفعل الجرمي مما تكون معه قد عرضت قرارها للنقض والإبطال.

        

المبحث الثاني: الرقابة القضائية على تقدير الدليل العلمي

 

          لا يمكن الحديث عن الدليل العلمي دون الإشارة إلى حجيته وقيمته الإثباتية في المادة الجنائية، فالسلطة التقديرية المخولة للقاضي تجعله يعود للدليل العلمي عند تقديره لأحكامه وعلى هذا الأساس سنتحدث في المطلب الأول عن مفهوم الرقابة القضائية وسنخصص المطلب الثاني  للحديث عن الخبرة كوسيلة للإثبات في المادة الجنائية.

المطلب الأول: ماهية الرقابة القضائية

 

          إن الأصل أن الرقابة على أعمال الخبرة تختص بها محكمة الموضوع، غير أن هذه المحكمة عليها أن تبني حكمها على علل مستساغة، أما إذا اعتمدت عللا متناقضة، فإن محكمة النقض وفي إطار رقابة حسن تطبيق القانون من محكمة الموضوع، يقوم بنقض الحكم الصادر عن هذه المحكمة، وبالتالي ممارسة الرقابة على أعمال الخبرة التي اعتمدتها المحكمة كأساس لحكمها[17].

          وهذا ما سنحاول الإحاطة به من خلال فقرتين نتحدث في الأولى عن الرقابة القضائية على تقدير الدليل العلمي من طرف محكمة الموضوع ونخص الفقرة الثانية للحديث عن الرقابة القضائية لمحكمة النقض.

الفقرة الأولى: رقابة محكمة الموضوع

 

        يتحدد الإطار القانوني للخبرة القضائية بالحكم الصادر بها والذي تصدره المحكمة قبل البث في جوهر الدعوى لما يتوقف عليه من توضيح لمسألة علمية أو فنية ، فتصدر حكما بانتداب خبير لإعطاء التفسيرات المطلوبة وذلك في تقرير يقدمه عن مأموريته ويضمنه الإيضاحات التي تساعد المحكمة على حل النزاع، هذا وانتداب الخبير يمكن أن يكون بناء على طلب الخصوم أو أحدهم أو من طرف المحكمة تلقائيا[18]

        وإن معظم التشريعات تأخذ بمبدأ الرقابة القضائية على الدليل العلمي وأعمال الخبرة [19] باعتبارها وسيلة لضمان حسن سير الدعوى وتحقيق العدالة الجنائية ، وهو ما نص عليه المشرع المغربي صراحة في الفقرة الثانية من المادة 194 من قانون المسطرة الجنائية الذي جاء فيها:” يقوم الخبير أو الخبراء بمهمتهم تحت مراقبة قاضي التحقيق أو المحكمة المعروضة عليها القضية أو القاضي الذي تعينه المحكمة عند الاقتضاء[20]

                وسلطة القاضي على القضية لا تنتهي بصدور الحكم التمهيدي القاضي بإجراء الخبرة فيها، بل إنه يبقى واضعا يده عليها إلى حين الفصل النهائي في النزاع[21]، وبناء على ذلك فإنه يجب على الخبير أن يبقى على اتصال بالقاضي أثناء قيامه بأعمال الخبرة ويطلعه على الصعوبات التي تعترضه وقد تحول دون أدائه للمهمة المسندة إليه، وإلى هذا تشير المادة 200 من قانون المسطرة الجنائية إلى أنه :” يجب على الخبير القيام بمهمته باتصال مع قاضي التحقيق أو المحكمة أو القاضي المعهود إليه بذلك، كما يجب عليه أن يخبرهم بتطور عملياته في أي وقت وحين، وتمكينهم من اتخاذ كل الإجراءات المفيدة”، وكذلك الشأن بالنسبة للمادة 24 من القانون 45.00 التي تنص على ما يلي: يطلع الخبير المستشار المقرر أو القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية على كل الصعوبات التي تعترضه في أداء مهمته.

الفقرة الثانية: رقابة محكمة النقض

 

             من المعلوم أنه على القاضي في إطار السلطة التقديرية المخولة له أن يقدم في حكمه أسبابا يشرح فيها وجه التقييم الذي انتهى إليه في مجال تحديد قيمة الأدلة العلمية، فرقابة جهة الطعن بالنقض، ليست رقابة على رأي القاضي، وإنما هي رقابة على طريقة تكوين هذا الرأي[22]، فسلطة القاضي ليست مطلقة عند استخلاصه للأدلة العلمية وتكوين قناعته، ذلك أن كل حكم يجب أن يكون معللا تعليلا كافيا وسليما من الناحيتين القانونية والواقعية.

          فهناك مسائل فنية محضة لا يمكن تجاوز أمر البث فيها، والتي تتطلب تكوينا خاصا،بحيث يتعين على المحكمة أن تبرز في حكمها كيف استخلصت مكونات اقتناعها بشأنها. وبخصوص التقرير الطبي الذي يشكل دليلا فنيا، يعتبر بالنسبة للحق بمثابة الروح من الجسد[23]  لكونه يضم كل الأسس والمقاييس الفنية التي ارتكز عليها الخبير، فلا يجوز دحضها إلا بأسانيد فنية، زد على ذلك أن خطأ المحكمة في فهم مضمون تقرير الخبرة يعيب حكمها ويكون مشوبا بعيب فساد الاستدلال.

         ولا يسوغ كذلك للمحكمة أن تعتمد على نتيجة الخبرة في إدانة المتهم دون مناقشة باقي الأفعال المكونة للجريمة وكذا النصوص المطبقة عليها، ودون التصريح بأن اقتناع القاضي كان مبنيا على دراسة الملف، مما قد يعرض حكمها للنقض.

     

        من خلال ما سبق نخلص إلى أن البث في طلب إجراء خبرة والأخذ بنتيجتها من عدمه، هي من أمور الواقع التي تخضع في الأصل لسلطة محكمة الموضوع، إلا أنها تخضع كذلك لرقابة محكمة النقض من خلال مراقبة تعليل الحكم، وعلى هذا الأساس فإنه يجوز لمحكمة النقض نقض الحكم بخصوص ما يتعلق بإجراء الخبرة في إطار عدم كفاية التعليل.

 

المطلب الثاني: الخبرة كوسيلة إثبات في المادة الجنائية

 

          تكتسي الخبرة بصفة عامة أهمية بالغة بالنسبة للدعوى الجنائية، إذ كثيرا ما يكون الحل القانوني متوقفا على الكشف على نقطة واقعية معينة، لا يمكن استجلاء اللبس فيها إلا بالاستعانة بوسائل علمية تشكل مادة للخبرة.

         ولكن ماهي حدود هذه الضرورة؟ وهل تكون المحكمة ملزمة بالاستجابة دائما لطلب ندب الخبير؟

قد يتسرع البعض ويجيب أن المحكمة هي الخبير الأعلى، وبالتالي لا مجال للحديث عن إلزام المحكمة بندب خبير في الدعوى، ما دامت هي الخبير الأعلى.

          وهذا القول وإن كان صحيحا، إلا أنه لا يعني أن المحكمة خبير أعلى دون قيود أو ضوابط، فهذه الصفة منوطة بها في المسائل القانونية، ولهذا خولت سلطة الفصل والحكم والقضاء، لكنها في غير المسائل القانونية لا يمكن التسليم بأنها الخبير الأعلى، وبالتالي تلزم بندب خبير في المسائل العلمية أو الفنية التي لا تستطيع أن تفصل فيها برأي؛ فعلى الرغم من أن الأصل في ندب الخبراء الجواز، إلا أنه في بعض الأحوال يكون واجبا ، بحيث يبطل الحكم إذا فصلت المحكمة في الدعوى دون الاستعانة بخبير، ويتحقق الوجوب إذا تعلق الأمر بمسألة فنية بحثة[24]

         فكثيرا ما أصبح يلاحظ لجوء القضاء في السنوات الأخيرة إلى الاستعانة بالخبراء باعتبار أن الخبرة إجراء من إجراءات التحقيق بشأن المواضيع التي ليس سهلا على محاكم الموضوع إدراكها أو التقرير فيها .

         وقد نظم المشرع المغربي الخبرة القضائية ضمن الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية وخاصة في الفصول من 59  إلى 66  فيه، لكنه لم يعرف الخبرة وإنما اكتفى في الفصل 55  من قانون المسطرة المدنية بالإشارة إلى ما يلي:

”يمكن للقاضي بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا، قبل البث  في جوهر الدعوى أن يأمر بإجراء خبرة .“

        إلا أنه يستنتج من الأحكام القانونية المذكورة أن الخبرة هي  في جوهرها إجراء من إجراءات التحقيق يلتجئ إليها القضاة من أجل  الحصول على  المعلومات الضرورية بواسطة أهل الاختصاص لا يستطيعون التقرير فيها من دون الالتجاء إلى الغير وبالخصوص في الجانب الفني لكن على أساس مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية التي نصت على انه : “يحدد القاضي النقط التي تجري الخبرة فيها عل أساس أن  تكون تقنية  لا علاقة لها بالقانون” .

         والخبرة في الأصل مسألة اختيارية بالنسبة للقاضي لكنها أصبحت إلزامية في بعض المجالات إما بأمر المشرع نفسه وإما نتيجة  اجتهاد قضائي قار صادر عن المجلس الأعلى، فقد قرر المجلس الأعلى إلزامية الخبرة في بعض المجالات ومنها مجال القسمة القضائية التي أصبح اللجوء إليها فيها عرفا قضائيا بالمغرب ، والخبرة القضائية تتم بأمر من قاضي الموضوع الذي يقضى من خلال حكم تمهيدي بتعيين خبير مؤهل للقيام بها ويحدد له المهمة المنوطة به، ولا يمكن أبدا الاكتفاء بمجرد إشارة إلى الإجراء في ملف الدعوى.

ويعين الخبير اعتمادا على ما يمكن أن يفيد به  لا اعتمادا على غزارة معارفه من بين الخبراء المدرجة أسماؤهم بالجدول  ويمكن استثناء تعيين خبير من خارج الجدول. لأنه من الملاحظ أن بعض الخبراء يسجلون أنفسهم كخبراء محلفين  لدى بعض المحاكم المغربية لإدراج تلك الصفة كشعار في بطائق الزيارة من اجل تحقيق تجارب أخرى وتحدد المحكمة للخبير أجلا لإنجاز خبرته حسبما نص الفصل 60  من قانون المسطرة المدنية لان المواعيد تعتبر من أهم الإجراءات التي تؤثر في سير الدعوى وعليها يتوقف مدى سرعة البث في مختلف النزاعات التي تعرض على القضاء .

والحديث عن الخبرة يقتضي منا إبراز نوع الهيئات القضائية التي أوكل لها المشرع المغربي أمر إصدارها ( الفقرة الأولى ) وإظهار حدود لجوء هذه الهيئات إلى أهل الخبرة (الفقرة الثانية). 

 

 

الفقرة الأولى: الجهات المختصة للأمر بإجراء الخبرة

 

           في الميدان الجنائي لا يمكن أن يعتمد بتقرير الخبير إلا إذا أنجزه بناء على قرار الجهة التي خول لها القانون القيام بذلك، أما إذا أنجز الخبرة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم فإن تقريره يبقى عديم المفعول أمام غياب صدور قرار الجهة المختصة، وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 194 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تنص على أنه: “يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق أو الحكم كلما عرضت مسألة تقنية، أن تأمر بإجراء خبرة إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو من الأطراف.”

فمن خلال نص المادة المذكورة يتضح أن الجهتان المخول لهما الأمر بإجراء الخبرة هما هيئة التحقيق وهيئة الحكم.

أولا: هيئة التحقيق:

                   حسب مقتضيات المادة 194 من قانون المسطرة الجنائية فإن قاضي التحقيق يأمر بإجراء الخبرة تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من الأطراف، وفي حالة ما إذا ارتأى قاضي التحقيق أنه لا موجب للاستجابة للطلب المقدم إليه والرامي إلى إجراء خبرة، فإنه يتعين عليه أن يعلل قراره، ويكون هذا القرار المعلل قابلا للطعن بالاستئناف من طرف النيابة العامة أو الأطراف [25].

وحسب المادة 196 من ق م ج فإن القرار الصادر عن قاضي التحقيق والقاضي بإجراء خبرة طبية فلا يقبل الطعن بالاستئناف، غير أنه يمكن للنيابة العامة وكذا الأطراف أن يبدوا ملاحظاتهم خلال الثلاثة أيام الموالية لتاريخ التبليغ، ويمكن أن تتعلق هذه الملاحظات إما باختيار الطبيب الخبير وإما المهمة الموكولة إليه.

        أن المادة 195 من ق م ج ألزمت أن يتم اختيار الخبير المنتدب من بين الخبراء المسجلين بجدول الخبراء القضائيين، وإذا تعذر ذلك وتم تعيين خبير من خارج الجدول فيتعين على الخبير أن يؤدي أمام قاضي التحقيق اليمين المنصوص عليها في المادة 345 من ق م ج.[26].

                    ويتم انتداب الطبيب الخبير بمقتضى قرار يصدره القاضي، الذي يضمنه النقط التقنية التي يتعين عليه تقييمها كالكشف الطبي أو التشريح أو تحليل الدم أو المواد المخدرة أو السامة ، وما إلى ذلك من المسائل التي تقتضي دراية علمية ومعرفة تقنية.[27]

           ويتعين على قاضي التحقيق حسب ما جاء ضمن المادة 196 من ق م ج في فقرتها الأولى أن يبلغ قراره بإجراء الخبرة الطبية إلى النيابة العامة وإلى الأطراف، ويشار في التبليغ إلى إسم الطبيب الخبير وصفته، ويضمن فيه نص المهمة التي كلف بها.

                 وإذا تعلق الأمر بإجراء خبرة على أشياء من بينها علامات أو مواد أو منتوجات قابلة للتغير والاندثار في إمكان النيابة العامة أو الأطراف أو محاميهم، أن يختاروا خلال أجل ثلاثة أيام خبراء مساعدين يعينهم قاضي التحقيق لمؤازرة الخبير المعين، وفي حالة الاستعجال يجوز لقاضي التحقيق كلما تطلبت الضرورة ذلك أن يصدر قرارا معللا يأمر فيه الخبير المعين بالشروع على الفور في إنجاز المهمة المأمور بها [28]

                   وفي حالة ما إذا اعترضت الخبير مسألة لا تدخل في اختصاصه فإنه وطبقا لمقتضيات المادة 201 من ق م ج فيمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له في الاستعانة بتقنيين تتم تسميتهم من بين التقنيين المؤهلين لذلك يؤدون اليمين أمام قاضي التحقيق ما لم يكونوا مسجلين في جدول الخبراء القضائيين.

           ووفقا للمادة 208 من ق م ج يقوم قاضي التحقيق باستدعاء الأطراف لاطلاعهم على استنتاجات الخبير ولإبداء ملاحظاتهم حولها داخل أجل يحدده ، حيث يمكن للأطراف طلب إجراء خبرة تكميلية أو خبرة مضادة، ويحق لهم الحصول على نسخة من تقرير الخبير، وفي حالة ما إذا رفض قاضي التحقيق طلب إجراء خبرة تكميلية أو مضادة، فإنه يتعين عليه أن يصدر قرار معللا بالرفض يكون قابلا للطعن بالاستئناف. [29]

ثانيا: قاضي الحكم

            جاء في نص المادة 194 من ق م ج في فقرتها الأولى على أنه : يمكن  لكل هيئة من هيئات التحقيق أو الحكم كلما عرضت مسألة تقنية ، أن تأمر بإجراء خبرة إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو من الأطراف، وبناء على ذلك فإن المشرع خول لجميع هيئات الحكم الحق في إصدار أوامر بإجراء خبرات في مختلف الجرائم كلما عرضت مسألة تقنية في الدعوى المعروضة عليها.

           ومعلوم أنه فيما يتعلق بالخبرة الطبية النفسية ، فإنه عندما تثار أمام هيئات الحكم مسألة تحديد المسؤولية الجنائية لمرتكبي الأفعال الإجرامية التي ظهرت عليهم أثناء المحاكمة علامات وجود خلل عقلي، فإنه يكون لزاما على القضاة طلب مساعدة أهل الخبرة من الأطباء النفسانيين المتخصصين[30]

وهذا الإلزام ليس على إطلاقه، فقد سبق لمحكمة النقض أن أصدرت قرارا جاء في حيثياته أن المحكمة لا تكون ملزمة بالاستجابة لملتمس الدفاع بإحالة المتهم على خبرة طبية عقلية ونفسية ، إذا كان لا يوجد بالملف ما يفيد أنه كان مصابا بأي مرض عقلي أو نفسي وكان يتحدث أمامها ويجيب عن أسئلتها بوضوح[31].، بعد انتدابهم، يقوم الأطباء الخبراء بإجراء الفحوصات اللازمة على المتهمين ، قصد تحديد وجود الخلل العقلي من عدمه ووقت الإصابة به، وهذه من المسائل الفنية التي لا تشملها المعرفة القانونية للقضاة، وبعد تبيان النقط التقنية وبسط نتائجها أمام هيئة الحكم ، تتولى هاته الأخيرة تحديد المسؤولية الجنائية عن الأفعال الإجرامية .

                  ويختلف الإطار القانوني الذي تنتدب فيه هيئات الحكم الأطباء الخبراء، بحسب اختلاف ظروف كل قضية عن الأخرى، فإذا تعلق الأمر بالتأكد من وجود خلل عقلي أعدم لدى الجاني الإدراك والإرادة بتزامن مع ارتكابه لأفعاله الانحرافية، يكون انتداب الخبير قد تم في إطار الفصلين 76 و 134 من القانون الجنائي [32]، اللذين يتحدثان عن انعدام المسؤولية الجنائية ، أما إذا كان انتداب الطبيب الخبير قد تم للتثبت من وجود خلل عقلي لدى الجاني أنقص لديه الإدراك والإرادة فأضعفهما، دون أن يبلغ درجة إلغائهما بتزامن مع ارتكابه للأفعال المنسوبة إليه ، فيكون هذا الانتداب قد تم في إطار المسؤولية الناقصة المنصوص عليها في الفصلين 135 و 78 من القانون الجنائي [33].

             وكنتيجة لذلك فإن الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في هذا النوع من القضايا تتنوع بين الإعفاء والإدانة بإصدار عقوبات كاملة أو مخففة أو توقيف النظر في الدعوى إلى حين[34].

 

 الفقرة الثانية: حدود اللجوء إلى الخبرة

 

            إن مناط أعمال الخبرة هو الاشتغال على المسائل التقنية والفنية البحتة التي تتطلب دراية خاصة ولا يأنس القاضي في نفسه القدرة على الإحاطة بها ولا يستطيع أن يشق إليها طريقه بنفسه، ولا يمكن للخبرة أن تمتد إلى مناقشة وجه من أوجه العمل القضائي أو إبداء رأي في الجوانب القانونية.

           والأصل في اللجوء إلى  الخبرة أنها جوازية وليس إلزامية، فالقاضي ليس ملزما بالأمر بإجراء خبرة، كما أنه لا يسوغ لأي طرف إلزامه بالاستجابة لطلب إجراء الخبرة، وهذا ما أكدت عليه المادة 194 من ق م ج ، فاللجوء إلى الخبرة أمر موكول إلى السلطة التقديرية للقاضي، وهي سلطة لا تخضع لرقابة محكمة النقض كما أسلفنا الحديث عن ذلك.[35]

فقد يستجيب القاضي للطلب الرامي بإجراء الخبرة ، وقد يصرف النظر عنه إلا أنه وفي هذه الحالة يتحتم عليه أن يصدر في ذلك أمرا معللا قابلا للاستئناف، وهذا المبدأ يتلاءم مع اعتبار أن الأصل هو قدرة القاضي على حل جميع المشاكل التي تعرض عليه، فهو خبير في مهنته. وقد أباح المشرع على سبيل الاستثناء استعانة القضاء بأهل العلم من الخبراء في المسائل التي تعرض أمامه[36]، نذكر على سبيل المثال ما نص عليه الفصل 36 من ظهير 05/10/1984 بشأن زجر الغش والذي بموجبه يكون القاضي ملزما بإجراء الخبرة، ولا سبيل إلى رفضها ولو علل رفضه، حيث جاء في المادة المذكورة: إذا تمت المنازعة في مستنتجات تقرير أو تقارير التحليل في جلسة، وإذا طلب المتهم إخضاعها لخبرة جديدة، فإن على المحكمة أن تأمر بها.

                                وكما سبق الذكر أن مسألة الاستعانة بالخبرة متروك للسلطة التقديرية للقاضي بحيث  يمكن للقاضي بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه أن يأمر شفاهة أو كتابة بأي إجراء من إجراءات التحقيق التي يسمح بها القانون، إلا أن هناك حالات تكون فيها الخبرة استثنائيا إجبارية في حالات حددها القانون بصريح النص وسبق بيان ذلك  فالقاضي يمكنه تعيين خبيرا أو أكثر وهذا هو الأصل العام، فتعقيد المسألة التقنية المطروحة في النزاع تؤدي إلى تعيين خبيرا أو أكثر.

                                 كما يمكن اللجوء إلى الخبرة بطلب من الأطراف أجاز قانون 00-45 للخصوم أو أحدهم طلب تعيين خبير ويقدم إلى القاضي، الذي بناء على سلطته التقديرية يوافق على الطلب أو يرفضه[37]، ولا يشترط في الطلب الذي يقدمه الخصوم لإجراء الخبرة شكلا معينا فيجوز تقديمه شفاهيا ثم يسجل في محضر الجلسة أو كتابة متضمنا أهمية طلب الخبرة وأسبابه.

           مما سبق نخلص إلى أن العالم المتقدم قطع شوطا بعيدا في الأخذ بطرق الإثبات الحديثة، حيث يعتبرها قرائن قوية أو دلائل على إثبات الحق لصاحبه أو على نسبة الجرائم إلى شخص مرتكبيها أو نفيها عنهم والاستفادة منها في إثبات الحقوق وتحقيق العدالة وقمع الجناة، ولحل المسائل الجنائية المتعلقة بالجرائم ، فإن العلوم القانونية تلتقي بالعلوم الطبية البيولوجية مولدة ما يسمى بالطب الشرعي الذي وجد لتقديم الدلائل والبراهين التي تساعد جهاز القضاء على حل هذه المسائل ، وهذا الموضوع هو الذي سنتطرق له في الفرع الثاني من هذا البحث.

لائحة المراجع:

  • إبراهيم صادق الجندي، حسين حسن الحسيني، تطبيقات البصمة الوراثية في التحقيق والطب الشرعي، الطبعة الأولى، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض 2002.
  • عصام المديني، مرشد الشرطة القضائية في أساليب البحث والتحري وطرق الاستدلال الجنائي مطبعة سيدي مومن، الدار البيضاء، الطبعة الثانية ، 2011.
  • محمد عياط، دراسة في المسطرة الجنائية المغربية- الجزء الأول – منشورات شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.
  • الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- الطبعة الأولى، سنة 2004، ص 311.
  • عبد الكافي الورياشي ، دور الطب الشرعي في الميدان الجنائي ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، عدد 68.
  • أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، منشورات مكتبة المعارف، الرباط.
  • محمد أحمد محمود، الوسيط في الإثبات في المواد الجنائية، المكتب الفني للإصدارات القانونية، 2008.
  • عبد الكافي الورياشي، الطب النفسي الشرعي، الخبرة الطب- نفسية والمسؤولية الجنائية في ضوء القانون الجنائي والعمل القضائي بالمغرب-، مطبعة دار النشر المغربية ، الطبعة الأولى، بدون سنة.
  • عمرو عيسى الفقي، ضوابط الإثبات الجنائي، منشأة المعارف بالإسكندرية ، بدون طبعة.
  • كمال الودغيري، الخبرة في القانون المغربي، دراسة تأصيلية وتطبيقية، مطبعة ابي فاس ، المغرب، الطبعة الأولى ، 2001.
  • مجلة القانون المغربي: مجلة الأبحاث القانونية والفقهية، العدد 2. 2002.
  • منصور عمر المعايطة – الأدلة الجنائية والتحقيق الجنائي- دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2009.
  • لحسن بيهي، اقتناع القاضي الجنائي بناء على الدليل العلمي- الطبعة الأولى 2010.
  • هشام زوين المحامي، موسوعة المحامي في الأدلة ، الأدلة في المواد الجنائية ، المجلد الخامس، المكتب الدولي للموسوعات القانونية ، الطبعة الأولى ، 2008.

محمد مروان، نظام الإثبات في المواد الجنائية في القانون الوضعي الجزائر، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجماعية، الجزائر.

 

[1] إبراهيم صادق الجندي، حسين حسن الحسيني، تطبيقات البصمة الوراثية في التحقيق والطب الشرعي، الطبعة الأولى ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض 2002، الصفحة 9.

[2] . عصام المديني: مرشد الشرطة القضائية في أساليب البحث والتحري وطرق الاستدلال الجنائي مطبعة سيدي مومن، الدار البيضاء، الطبعة الثانية ، 2011، ص 121.

[3]  القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين والذي ينص في الفقرة الثانية من مادته الثانية على أنه : يمكن للمحاكم أن تستعين بآراء الخبراء القضائيين على سبيل الاستئناس دون أن تكون ملزمة لها.

2 . محمد عياط، دراسة في المسطرة الجنائية المغربية- الجزء الأول – منشورات شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ص 279.

 

 

[6] الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- الطبعة الأولى، سنة 2004، ص 311.

[7] أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، منشورات مكتبة المعارف، الرباط، ص 208.

 

[9] محمد أحمد محمود، الوسيط في الإثبات في المواد الجنائية، المكتب الفني للإصدارات القانونية، 2008، ص 56.

[10]قرار منشور في مجلة اجتهادات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1957-1965، ماخوذ من عبد الكافي الورياشي : دور الطب الشرعي في الميدان الجنائي ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، عدد 68، ص 188.

[11] قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55 ص 382 وما يليها ، مأخوذ عن محمد بفقير: قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي، م س ص 128.

[12] والذي جاء فيه: حيث أن تقدير البيانات المضمنة في تقرير الخبير، وملاءمة الأمر بإجراء خبرة تكميلية، يدخل في إطار سلطات قضاة الموضوع الذين بينوا في هذه القضية مواضع النقض التي حدت بهم إلى استبعاد تقرير الخبير، وعللوا مقررهم بملاحظات واقعية لهم فيها السلطة التقديرية.- اجتهادات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1957-1965، مأخوذ عن عبد الكافي ورياشي، الطب النفسي الشرعي، الخبرة الطب- نفسية والمسؤولية الجنائية في ضوء القانون الجنائي والعمل القضائي بالمغرب-، مطبعة دار النشر المغربية ، الطبعة الأولى ، 2008.، ص 188.

[13] عمرو عيسى الفقي، ضوابط الإثبات الجنائي، منشأة المعارف بالاسكندرية ، بدون طبعة. ص 123.

[14] قرار منشور بمجلة المرافعة عدد 13، ص 123 وما يليها، مأخوذ عن محمد بفقير، قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي، م س ، ص 130

[15]  قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 61 ص 307 وما يليها، مأخوذ عن محمد بفقير ، م س ، ص 131.

[16]  أورده عبد الكافي ورياشي، الطب النفسي الشرعي، الخبرة الطب- نفسية والمسؤولية الجنائية في ضوء القانون الجنائي والعمل القضائي بالمغرب-، مطبعة دار النشر المغربية ، الطبعة الأولى ، ص 188.

[17] كمال الودغيري، الخبرة في القانون المغربي،  دراسة تأصيلية وتطبيقية، مطبعة ابي فاس ، المغرب، الطبعة الأولى ، 2001.، ص 243.

 

[18] مجلة القانون المغربي: مجلة الأبحاث القانونية والفقهية، العدد 2. 2002.

[19] هناك بعض التشريعات التي لا تأخذ بهذا المبدأ كالتشريع الألماني واليوناني والهولندي والبولندي والسوفياتي، أورده إبراهيم زعيم، رقابة القضاء على أعمال الخبراء، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 25، أكتوبر – دجنبر 1998، ص 71.

[20] كما تنص المادة 22 من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين على أنه: يجب على الخبير أن يؤدي مهمته تحت مراقبة المستشار المقرر أو القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية…

[21] كمال الودغيري، مرجع سابق ، ص 243.

[22] لحسن بيهي- اقتناع القاضي الجنائي بناء على الدليل العلمي- الطبعة الأولى 2010، ص 78.

[23] منصور عمر المعايطة – الأدلة الجنائية والتحقيق الجنائي- دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2009- ص 44.

[24] هشام زوين المحامي، موسوعة المحامي في الأدلة ، الأدلة في المواد الجنائية ، المجلد الخامس، المكتب الدولي للموسوعات القانونية ، الطبعة الأولى ، 2008، ص 14.

[25]  تنص المادة 194 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الأخيرة على أنه : إذا ارتأى قاضي التحقيق أنه لا موجب للاستجابة للطلب الخاص بإجراء الخبرة ، فعليه أن يصدر في ذلك أمرا معللا قابلا للاستئناف ضمن الكيفيات وضمن الآجال المنصوص عليها في المادتين 222 و 223.

[26]  تنص المادة 345 من ق م ج في فقرتها الأولى على أنه: يؤدي الخبراء غير المحلفين اليمين التالية أمام المحكمة : أقسم بالله العظيم على أن أقدم مساعدتي للعدالة وفق ما يقتضيه الشرف والضمير.

[27]  وإلى هذا تشير المادة 195 من ق م ج في فقرتها الأخيرة التي جاء فيها أنه : يجب أن توضح دائما في المقرر الصادر بإجراء الخبرة مهمة الخبراء التي لا يمكن أن تنصب إلا على دراسة مسائل تقنية.

[28]  المادة 197 من ق م ج .

[29] وبخصوص الخبرة الطبية النفسية  فمن خلال المادة 194 من ق م ج أصبح بإمكان قاضي التحقيق الأمر بإجراء خبرات عقلية على الجناة ، لمساعدته في إبراز نوع الخلل الذي لوحظ عليهم ومدى تأثير ذلك على إدراكهم وإرادتهم.

[30]  عبد الكافي ورياشي، الطب النفسي الشرعي، الخبرة الطب نفسية والمسؤولية الجنائية في ضوء القانون الجنائي والعمل القضائي بالمغرب، مرجع سابق ، ص 84.

[31]  قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا بتاريخ 13/01/2000 تحت عدد 26 في الملف عدد 17798/99.

[32]  ينص الفصل 76 من القانون الجنائي

[33]  ينص الفصل 135 من القانون الجنائي

[34]  الفصل 79 من القانون الجنائي.

[35] فقد يستجيب القاضي للطلب الرامي بإجراء الخبرة ، وقد يصرف النظر عنه إلا أنه وفي هذه الحالة ، يتحتم عليه أن يصدر في ذلك أمرا معللا قابلا للاستئناف ، وهذا المبدأ يتلاءم مع اعتبار أن الأصل هو قدرة القاضي على حل جميع المشاكل التي تعرض عليه ، فهو خبير في مهنته وهو سفير الخبراء، ولذلك أهله القانون لإصدار الحكم في جميع المشاكل التي تعرض عليه ومع ذلك فلا منازعة في تعذر الإحاطة الشاملة بجميع المعارف الإنسانية، بما يتطلبه الأمر من دقة وتخصص، كما أن طلب المترافعين لإجراء الخبرة يعتبر من الوجهة القانونية من وسائل الدفاع التي يحرص القانون على ضمانها لهم.

[36] كمال الودغيري، م س ، ص 10.

[37]  محمد مروان، نظام الإثبات في المواد الجنائية في القانون الوضعي الجزائر، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجماعية، الجزائر، 1999، ص 304.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى