في الواجهةمقالات قانونية

القانون 43.13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض – في سرير انتظار مرسوم تنظيمي – يوسف بنشهيبة

القانون 43.13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض – في سرير انتظار مرسوم تنظيمي”

يوسف بنشهيبة باحث في العلوم الجنائية والأمنية

لا يخفى عليكم الأهمية الكبرى التي تلعبها المراسيم التنظيمية في تحديد الإجراءات والتفاصيل اللازمة لتطبيق النصوص التشريعية أو لتنظيم مجال معين، والهدف منها تفسير وتفصيل التشريع العادي وتحديد المفاهيم وكيفية تطبيق القانون.

فإذا كانت مهمة المشرّع هي سنّ القواعد القانونية في عموميتها المتعارف عليها وأحكامها الجوهرية الرئيسية، فهو بذلك، بطريقة غير مباشرة، يحترم مسألة أن التفصيل في الجوانب التي يتوقف عليها تطبيق القانون متروك للسلطة التنظيمية التي تُكمل في هذا المجال عمل المشرّع بسنّها للمراسيم التطبيقية. (وإن كان الحديث في هذا الباب حديثًا ذا شجون).

لا زالت مهنة التمريض تخضع للظهير الشريف رقم 1.59.367 الصادر بتاريخ 19 فبراير 1960، والسؤال: كيف إلى حدود الساعة تخضع هذه المهنة لهذا الظهير القديم، أمام غياب مواكبة وتطور قانوني، وفي ظل ما يعرفه المجال الصحي والمهني من تطورات؟

إنه فراغ قانوني خلق العديد من الإشكالات على مستوى المستشفيات والمؤسسات الصحية، ويمكن القول إنه أشبه بالوضع الذي كان عليه المختص التربوي. ومن بين الإشكالات التي خلقها هذا الفراغ القانوني غياب تحديد دقيق للتدخلات والمسؤوليات الملقاة على عاتق الممرضين (تصنيف وتحديد الأعمال وفق نظام RFC).

ولا يُفهم إلى حدود كتابة هذه الأسطر السبب وراء تأخر صدور المرسوم التنظيمي الخاص بالقانون 43.13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض.

لا يجب أن يُستهان بالتأخر الذي تعرفه المراسيم التنظيمية والتطبيقية، إذ ينعكس هذا الوضع سلبًا على علاقة المواطن بمؤسسات الدولة.

يمكن القول إننا أمام خلق أزمة ثقة بين المواطن والدولة، تتجلى في مدى قدرة الدولة على فرض احترام القوانين من جهة، ومن جهة أخرى الوفاء بتعهداتها في هذا الصدد، إلى جانب الغياب المتواتر للتقييم القبلي لهذه القوانين، وعدم إرفاق مشاريع القوانين بدراسة حول آثارها المحتملة (المادة 19 المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها)، فضلًا عن مشاكل أخرى جمة.

في خطوة محمودة، فإن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والتنسيق النقابي بالقطاع يدرسان مشروع قانون إحداث الهيئة الوطنية للممرضين والممرضات، من أجل وضع حدٍّ للفراغ القانوني الحالي الذي يخلق عددًا من الإشكالات داخل المستشفيات والمؤسسات الصحية.

كما لا يجب إغفال الدور البالغ الأهمية الذي لعبه الممرضون والممرضات خلال جائحة كوفيد-19، حيث كانوا مجندين في الصفوف الأولى لمواجهة الوباء.

هي خطوة تهدف إلى تثمين دور الممرضين بشكل عام، وتقنين وتحديد مهامهم ومسؤولياتهم المهنية، وهو ما من شأنه تحسين ظروف الممارسة وضمان الأمن الصحي للمرضى، في إطار تنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد وتنظيم مؤسساتي حديث ينسجم مع متطلبات إصلاح المنظومة الصحية الوطنية.

والجدير بالإشارة أنه في ظل غياب قانون يقنّن مهام الممرضين، فإن هذا الغياب القانوني يفتح الباب على مصراعيه لتداخل عمل الممرض مع عمل الطبيب، وقيام الممرض بمهام الطبيب في بعض الأحيان (نظرًا للخصاص في الموارد البشرية الذي يعرفه القطاع الصحي).

إن تفعيل القانون 43.13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض لم يعد مجرد مطلب مهني فحسب، بل ضرورة قانونية وتنظيمية تفرضها رهانات إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، ومجالات أخرى تشهد تأخر إصدار هذه المراسيم.

فاستمرار الوضع الراهن في غياب المراسيم التنظيمية يشكل عائقًا أمام مأسسة المهنة، كما يُضعف الجهود المبذولة للنهوض بقطاع الصحة وتحقيق الأمن الصحي للمواطنين.

لذلك، فإن التسريع بإصدار هذه المراسيم يُعتبر خطوة أساسية لترسيخ دولة القانون في بعدها المهني والمؤسساتي، وإعادة الاعتبار لهيئة الممرضين باعتبارها ركيزة أساسية في تقديم الخدمات الصحية وضمان استمراريتها وجودتها، تماشيا مع العناية المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى