القانون الضريبيبحوث قانونية

ضريبة القيمة المضافة التجارب والقضايا

téléchargement

    
 

ضريبة القيمة المضافة

التجارب والقضايا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(شعار مبادرة الحوار الدولي حول القضايا الضريبية)

 

 

 

 

 

 

 

 

وثيقة أعدت لمؤتمر الحوار الدولي حول القضايا الضريبية

المعني بضريبة القيمة المضافة

 

 

روما، 15-16 مارس 2005

 

 

المحتويات

    الصفحة

أولا: المقدمة    3

ألف-    مبررات عقد مؤتمر بشأن ضريبة القيمة المضافة    3

باء-    تعريف ضريبة القيمة المضافة ونطاق تطبيقها    7

جيم-    أداء ضريبة القيمة المضافة    12

 

ثانيا: قضايا السياسات الضريبية    16

ألف-    ما هو عدد معدلات ضريبة القيمة المضافة؟    16

باء-    ما هي الإعفاءات؟    18

جيم-    حد التكليف    19

دال-    البلدان الصغيرة    22

هاء-    مسائل العلاقة بين مناطق الاختصاص    23

 

ثالثا: قضايا الإدارة الضريبية    25

ألف-    تنظيم إدارة ضريبة القيمة المضافة    26

باء-    إجراءات التقدير الضريبي الذات    28

جيم-    تدقيق الحسابات    30

دال-    رد الضريبة    33

 

رابعا: الملخص وتحديات المستقبل    36

 

الجداول

    الجدول 1: ضرائب القيمة المضافة في العالم    4

    الجدول 2: الانتشار الإقليمي لضريبة القيمة المضافة    10

    الجدول 3: توزيع عدد معدلات ضريبة القيمة المضافة    16

 

الإطارات

    الإطار 1: لمحة تعريفية بضريبة القيمة المضافة    9

 

أولا- مقدمة

 

الغرض من هذه الوثيقة هو تقديم خلفية عامة للمؤتمر المعني بضريبة القيمة المضافة الذي ينظمه الحوار الدولي حول القضايا الضريبية وتستضيفه الحكومة الإيطالية في مارس 2005. ويصف هذا القسم السمات الأساسية لضريبة القيمة المضافة وانتشارها المتواصل. وكما هو الحال في مختلف المجالات الضريبية، لا يوجد تمايز واضح تماما بين السياسة والإدارة. ولكن لاعتبارات عملية ـ ومن نفس منطلق التمييز بين مجموعتين من الجلسات المتوازية في المؤتمر ـ يركز القسم الثاني على القضايا التي تخص السياسة الضريبية بالدرجة الأولى بينما يركز القسم الثالث على قضايا الإدارة. أما القسم الرابع فيقدم عرضا موجزا لأهم الاستنتاجات التي تركز على التحديات التي يرجح أن تواجه ضريبة القيمة المضافة في السنوات القادمة.

 

ألف- مبررات عقد مؤتمر بشأن ضريبة القيمة المضافة

 

يعتبر انتشار ضريبة القيمة المضافة أهم التطورات الضريبية التي شهدتها الخمسون عاما الأخيرة. ففي خمسينات القرن الماضي لم يكن يسمع بهذه الضريبية أحد خارج فرنسا؛ أما الآن فهي مطبقة في 136 بلدا حيث تسهم في العادة بما يقرب من ربع الإيرادات الضريبية الكلية. ويعرض الجدول 1 ضرائب القيمة المضافة المطبقة حاليا وبعض سماتها الرئيسية.

 

وعلاوة على ذلك، لا يزال هناك عمل كثير جار في مجال ضريبة القيمة المضافة، ولا يزال عدد البلدان التي تعتمد هذه الضريبة آخذ في التزايد. أما البلدان التي اعتمدتها بالفعل فهي تسعى جاهدة لتحسين تصميمها وتنفيذها، وتواجه مشكلات متشابهة في جوانب عديدة عبر البلدان ـ مثل كيفية رد الضريبة ومواجهة الاحتيال. وهناك مشكلات جديدة تنشأ، كالمشكلات المترتبة على التجارة الإلكترونية، وأفكار جديدة تظهر بشأن ما تستطيع هذه الضريبة تحقيقه فيما يتعلق بمعاملة الخدمات المالية والقطاع العام على سبيل المثال.

 

ولما كانت هناك تحديات متشابهة تواجه بلدانا كثيرة، متقدمة ونامية على حد سواء، فإن فرصة اقتسام الخبرات تعتبر كبيرة للغاية. والغرض من هذا المؤتمر هو تيسير إقامة حوار متواصل حول هذه القضايا التي تكتسب أهمية كبرى في ترجيح إمكانية تحقيق النظام الضريبي الكفء والعادل في كثير من البلدان.

 

الجدول 1: ضرائب القيمة المضافة في العالم/1

 

تاريخ استحداث ضريبة القيمة المضافة

 

المعدل المعياري

معدلات موجبة أخرى

     

تاريخ استحداث ضريبة القيمة المضافة

 

المعدل المعياري

معدلات موجبة أخرى

     

(%)

         

(%)

ألبانيا

الجزائر

الأرجنتين

أرمينيا

أستراليا

النمسا

أذربيجان

بنغلاديش

بربادوس

بيلاروس

بلجيكا

بنن

بوليفيا

بوتسوانا

البرازيل/2

بلغاريا

بوركينا فاصو

كمبوديا

الكاميرون

كندا

الرأس الأخضر

جمهورية إفريقيا الوسطى

تشاد

تشيلي

الصين/3

كولومبيا

جمهورية الكونغو

كوستاريكا

كوت ديفوار

كرواتيا

قبرص

الجمهورية التشيكية

الدانمرك

الجمهورية الدومينيكية 

يوليو 1996

إبريل 1992

يناير 1975

يناير 1992

يوليو 2000

يناير 1973

يناير 1992

يوليو 1991

يناير 1997

يناير 1992

يناير 1971

مايو 1991

أكتوبر 1973

يوليو 2002

يناير 1967

إبريل 1994

يناير 1993

يناير 1999

يناير 1999

يناير 1991

يناير 2004

يناير 2001

يناير 2000

مارس 1975

يناير 1994

يناير 1975

يناير 1997

يناير 1975

يناير 1960

يناير 1998

يوليو 1992

يناير 1993

يوليو 1967

يناير 1983  

 

20

17

21

20

10

20

18

15

15

18

21

18

14.9

10

20.5

20

18

10

18.7

7

15

18

18

19

17

16

18

13

20

22

15

19

25

12 

 

7

10.5؛ 27

 

 

10؛ 16

 

 

7.5

10

6؛ 12

 

 

 

22

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4؛ 6؛ 13

7؛ 10؛ 20؛ 35

8

5

11.1

 

10

5


 

 

إكوادور

مصر

السلفادور

إستونيا

إثيوبيا

فيجي

فنلندا

فرنسا

غابون

غامبيا

جورجيا

ألمانيا

غانا

اليونان

غواتيمالا

غينيا

هايتي

هندوراس

هنغاريا

آيسلندا

إندونيسيا

آيرلندا

إسرائيل

إيطاليا

جامايكا

اليابان/4

الأردن

كازاخستان

كينيا

كوريا

جمهورية قيرغيزستان

لاتفيا

 

لبنان 

 

يوليو 1970

يوليو 1991

سبتمبر 1992

يناير 1992

يناير 2003

يوليو 1992

يونيو 1994

يناير 1948

إبريل 1995

يناير 2003

يناير 1992

يناير 1968

ديسمبر 1998

يناير 1987

أغسطس 1983

يوليو 1996

نوفمبر 1982

يناير 1976

يناير 1988

يناير 1990

إبريل 1985

نوفمبر 1972

يوليو 1976

يناير 1973

أكتوبر 1991

إبريل 1989

يناير 2001

يناير 1992

يناير 1990

يوليو 1977

يناير 1992

يناير 1992

 

فبراير 2002

 

12

10

13

18

15

12.5

22

19.6

18

10

20

16

12.5

18

12

18

10

12

25

24.5

10

21

17

20

15

5

16

15

16

10

20

18

 

10 

 

5؛ 20؛ 30

 

5

 

 

8؛ 17

2.1؛ 5.5

10

15

 

7

 

4؛ 8

 

 

 

15

5؛ 15

14

5

4.3؛ 13.5

9

4؛ 10

12.5

 

4

 

13

 

 

5


 

الجدول 1: ضرائب القيمة المضافة في العالم/1 (تابع)

 

تاريخ استحداث ضريبة القيمة المضافةالمعدل المعياريمعدلات موجبة أخرىتاريخ استحداث ضريبة القيمة المضافةالمعدل المعياريمعدلات موجبة أخرى(%)(%)ليسوتو
ليتوانيا
لكسمبرغ
مقدونيا
مدغشقر
ملاوي
مالي
مالطا
موريتانيا
موريشيوس
المكسيك
مولدوفا
منغوليا
المغرب
موزامبيق
ناميبيا
نيبال
هولندا
جزر الأنتيل الهولندية
نيوزيلندا
نيكاراغوا
النيجر
نيجيريا
النرويج
باكستان
بنما
بابوا غينيا الجديدة
باراغواي
بيرو
الفلبين
بولندا
البرتغال
رومانيايوليو 2003
يناير 1992
يناير 1970
إبريل 2000
سبتمبر 1994
مايو 1989
يناير 1991
يناير 1995
يناير 1995
سبتمبر 1998
يناير 1980
يناير 1992
يوليو 1998
إبريل 1986
يونيو 1999
نوفمبر 2000
نوفمبر 1997
يناير 1969
مارس 1999
مايو 1986
يناير 1975
يناير 1986
يناير 1994
يناير 1970
نوفمبر 1990
مارس 1977
يوليو 1999
يوليو 1993
يناير 1973
يناير 1988
يوليو 1993
يناير 1986
يوليو 199314
18
15
18
20
17.5
18
18
14
15
15
20
15
20
17
15
10
19
5
12.5
14
19
5
24
15
5
10
10
19
10
22
19
195؛ 15
5؛ 9
3؛ 6؛ 12
5

10

5

10
8

7؛ 10؛ 14

6
3

7؛ 10؛ 12

12
2؛ 18؛ 20
10

3؛ 7
5؛ 12
9روسيا
رواندا
ساموا
السنغال
صربيا والجبل الأسود

سنغافورة
الجمهورية السلوفاكية
سلوفينيا
جنوب إفريقيا
إسبانيا
سري لانكا
السودان
سورينام
السويد
سويسرا
تايوان
طاجيكستان
تنزانيا
تايلند
توغو
ترينيداد وتوباغو
تونس
تركيا/5
تركمانستان
أوغندا
أوكرانيا
المملكة المتحدة
أوروغواييناير 1992
يناير 2001
يناير 1994
مارس 1980
صربيا: يناير 2005، 2003
الجبل الأسود: 2003
إبريل 1994
يناير 1993
يوليو 1999
سبتمبر 1991
يناير 1986
إبريل 1998
يونيو 2000
إبريل 1999
يناير 1969
يناير 1995
إبريل 1986
يناير 1992
يوليو 1998
يناير 1992
يوليو 1995
يناير 1990
يوليو 1988
يناير 1985
يناير 1992
يوليو 1996
يناير 1992
إبريل 1973
يناير 196818
18
10
17
18
17
5
19
20
14
16
15
10
10
25
7.6
5
20
20
7
18
15
18
18
20
17
20
17.5
2310

7
8

8.5

4؛ 7
10

8
6؛ 12
2.4؛ 3.6

6؛ 10؛ 29
1؛ 8

5
14الجدول 1: ضرائب القيمة المضافة في العالم/1 (تتمة)

تاريخ استحداث ضريبة القيمة المضافةالمعدل المعياريمعدلات موجبة أخرى(%)أوزبكستان
فانواتو
فنزويلا
فييت نام
الضفة الغربية وغزة
زامبيا
زمبابوي
يناير 1992
أغسطس 1998
أكتوبر 1993
يناير 1999
يوليو 1976
يوليو 1995
يناير 200420
12.5
16
10
17
17.5
1515

8
5؛ 20
 

المصادر: International Bureau of Fiscal Documentation (IBFD 2004); وCorporate Taxes 2004-2003, Worldwide Summaries, (PricewaterhouseCoopers).

/1 معدلات مستبعد منها الضريبة (أي محددة كنسبة من السعر الصافي من الضريبة.

/2 المعدلات الفعليان 7.5% و 13.6% ينطبقان على المعاملات بين المكلفين المسجلين بين الدول المختلفة.

/3 المعدلان 4%ة و 6%، على التوالي، ينطبقان على صغار المنتجين وصغار التجار الذين يحققون أرقام أعمال في حدود النطاقات المقررة. ولا يمكن للمكلفين بضريبة القيمة المضافة الخاضعين لهذين المعدلين المطالبة برد الضريبة المدفوعة على مشترياتهم، ولكن بقية المكلفين العاديين يمكنهم المطالبة برد ضريبة القيمة المضافة المدفوعة بهذين المعدلين وفقا لإجراءات خاصة.

/4 بما في ذلك ضريبة محلية مقدارها 1%.

/5 المعدلان 26% و 40% ينطبقان على السلع الكمالية.

  •  

 

 

 

 

 

 

باء- تعريف ضريبة القيمة المضافة ونطاق تطبيقها

 

يتمثل جوهر ضريبة القيمة المضافة في توفير آلية لموازنة الضريبة المدفوعة على مدخلات الإنتاج بالضريبة المدفوعة على مخرجات الإنتاج (راجع الإطار 1). وفيما عدا ذلك، يتبين التنوع الكبير في ضرائب القيمة المضافة المطبقة في الواقع العملي من حيث وعاء الضريبة ونطاق النشاط الاقتصادي الذي تنطبق عليه، وذلك ضمن جملة أمور أخرى. ونتيجة لذلك، يمكن أن يكون هناك مجال للاختلاف حول ما إذا كان يصح أن يطلق على ضريبة ما اسم ضريبة القيمة المضافة. وتأخذ هذه الدراسة بالتعريف القائل بأن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة ذات وعاء واسع تفرض على المبيعات حتى نهاية مرحلة التصنيع على الأقل، مع إجراء موازنات منتظمة للضريبة المحصلة على مدخلات الإنتاج بالضريبة المستحقة على مخرجات الإنتاج، ربما مع استثناء السلع الرأسمالية من ذلك.

 

وعلى الرغم من أن هناك اختلافات عديدة في هيكل ضريبة القيمة المضافة وكيفية تطبيقها، فهناك اتفاق عام على بعض القضايا الأساسية. أولا، يميل الرأي السائد إلى جعل الاستهلاك هو الوعاء النهائي لهذه الضريبة. ولا تؤدي هذه الضريبة على القيمة المضافة، التي تتطلب رد الضريبة المسددة على السلع الرأسمالية، إلى أي تشوه في الأسعار كالذي يواجه المنتجين عند الشراء والبيع من بعضهم لبعض، ومن ثم فهي تتميز بسمة مرغوبة هي الحفاظ على كفاءة الإنتاج (أي أن الضريبة لا تخرج بالاقتصاد عن حدود إمكانياته الإنتاجية). ونظرا لأن هذه الضريبة تفرض على كل مرحلة من مراحل الإنتاج، فإن ضمان تحميلها على الاستهلاك فقط يتطلب أيضا رد الضريبة المسددة على مدخلات الإنتاج بالكامل وخلو سلسلة ضريبة القيمة المضافة من أي انقطاعات في تسلسل مراحلها. ويؤدي إعفاء مدخلات الإنتاج إلى حدوث مثل هذا الانقطاع (راجع الإطار 1).

 

وهناك اتفاق أيضا على ضرورة استخدام طريقة خصم قيم الفواتير السابقة (invoice credit method) (مع كون اليابان استثناء ملحوظا من ذلك الاتفاق). وتطبق هذه الطريقة لعدة أسباب من أبرزها أنها تربط ربطا صريحا بين الخصم الضريبي على مدخلات المشتري وبين الضريبة التي يؤديها المورِّد عن هذه المدخلات، الأمر الذي يثني عن التحايل بتخفيض قيم فواتير المبيعات الوسيطة.

 

وقد نشأت ضريبة القيمة المضافة في بادئ الأمر لمواجهة الاحتياجات المتزايدة إلى الإيرادات التي لا يمكن الوفاء بها بسهولة عن طريق الضرائب على رقم الأعمال نظرا لطبيعتها المتضاعفة التي يمكن أن تسفر عن تشوهات شديدة في القرارات الاقتصادية. وقد بدأ ببطء اعتماد ضريبة القيمة المضافة، التي أدخلت لأول مرة في فرنسا عام 1948. غير أن وتيرة اعتمادها سرعان ما اكتسبت سرعة متزايدة كما يتضح من الجدول 2.

 

وقد ساعد اعتماد ضريبة القيمة المضافة كأحد شروط الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي على انتشار هذه الضريبة في البلدان المتقدمة في تلك المنطقة (بما في ذلك البلدان غير الأعضاء مثل النرويج وسويسرا) وقد اعتمدت هذه الضريبة الآن في جميع البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي باستثناء الولايات المتحدة.

 

وشهدت التسعينات طفرة في معدل اعتماد تلك الضريبة، إذ اعتمدتها جميع بلدان التحول الاقتصادي تقريبا (الأمر الذي يعكس حاجتها إلى تغيير موارد إيراداتها التقليدية)، عدد كبير من البلدان النامية، لا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء وكذلك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (حيث اكتسب اعتماد هذه الضريبة زخما إضافيا بفعل آثار الإصلاح التجاري بعيدة المدى)، والاقتصادات الجزرية الصغيرة التي لم تكن ضريبة القيمة المضافة مطبقة في معظمها منذ عقد مضى.

 

 

 

الإطار 1- لمحة تعريفية بضريبة القيمة المضافة

 

تتمثل السمات الأساسية لضريبة القيمة المضافة في كونها ضريبة ذات وعاء واسع تفرض على مراحل الإنتاج المتعددة، مع خصم الضرائب على مدخلات الإنتاج من الضرائب على مخرجات الإنتاج – وهي السمة الأهم. ويعني ذلك أنه رغم إلزام التجار بتحصيل الضريبة عن جميع مبيعاتهم، فمن حقهم أيضا المطالبة بخصم عما تحملوه من ضرائب على مدخلات إنتاجهم. والميزة هنا هي ضمان تحصيل الإيرادات طوال مراحل عملية الإنتاج (على عكس الضريبة على مبيعات تجارة التجزئة) ولكن بدون التسبب في تشويه قرارات الإنتاج (على نحو ما تسببه الضريبة على رقم الأعمال).

 

ولنفترض على سبيل المثال أن المنشأة "أ" تبيع مخرجات عملياتها الإنتاجية (التي تنتج بلا مدخلات) بسعر 100 دولار (بدون ضريبة) إلى المنشأة "ب" التي تقوم بدورها ببيع مخرجات عملياتها الإنتاجية بسعر 400 دولار (بدون ضريبة أيضا) إلى المستهلكين النهائيين. ولنفترض الآن أن هناك ضريبة على القيمة المضافة معدلها 10%. ومن ثم ستقوم المنشأة "أ" بتحصيل مبلغ 110 دولارات من المنشأة "ب" وسداد 10 دولارات إلى الحكومة كضريبة. أما المنشأة "ب" فستقوم بتحصيل مبلغ 440 دولارا من المستهلكين النهائيين وسداد مبلغ 30 دولارا كضريبة، أي ضريبة المخرجات البالغة 40 دولارا مخصوما منها 10 دولارات هي قيمة الضريبة السابق تحصيلها على مدخلاتها. ومن ثم تحصل الحكومة إيرادا كليا مقداره 40 دولارا. وعندئذ تعادل الضريبة من حيث آثارها الاقتصادية ضريبة معدلها 10% على المبيعات النهائية (ليس هناك حافز ضريبي معين أمام المنشأة "ب" لتغيير أساليب إنتاجها وليس هناك حافز ضريبي أمام المنشأتين للاندماج معا)، ولكن طريقة تحصيل هذه الضريبة تضمن تحقيق الإيراد بصورة أكثر فعالية.

 

والتسعير بالمعدل الصفري يعني أن يكون معدل الضريبة المفروضة على المبيعات صفرا، وإن كان الخصم لا يزال مطبقا على الضرائب المدفوعة على مدخلات الإنتاج. وفي هذه الحالة يحق للمنشأة استرداد المبلغ الكامل للضرائب المدفوعة على مدخلات عملياتها الإنتاجية. وفي حالة ضريبة القيمة المضافة المصممة للتطبيق على الاستهلاك المحلي وحده، يفرض على الصادرات معدل ضريبة صفري، أي أن الصادرات تغادر البلد المعني غير محملة بأي ضريبة محلية على القيمة المضافة. ويسمى هذا "مبدأ الوجهة" (destination principle) وهو القاعدة المأخوذ بها دوليا؛ وتحدد الضريبة الكلية المدفوعة على سلعة ما على أساس معدل الضريبة المحصلة في منطقة الاختصاص التي يتم فيها البيع النهائي مع استحقاق الإيراد لهذه المنطقة. والبديل للضريبة القائمة على مبدأ الوجهة هو الضريبة القائمة على مبدأ المنشأ، حيث تسدد الضريبة إلى البلد أو البلدان المنتجة للسلعة بالمعدل المطبق فيها، وليس إلى البلد أو البلدان المستهلكة لها ولا بالمعدل المطبق فيها.

 

ويختلف الإعفاء عن المعدل الصفري اختلافا كليا من حيث عدم إمكانية استرداد الضريبة السابق أداؤها على مدخلات الإنتاج رغم عدم تحصيل الضريبة على المخرجات في هذه الحالة أيضا. ومن ثم فلا يجوز تقديم أي مردودات ضريبية. وقد تتأثر قرارات الإنتاج في هذه الحالة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة لأن الضريبة على المعاملات الوسيطة لا تسترد.

 

 

  • الجدول 2: الانتشار الإقليمي لضريبة القيمة المضافة /1

     

    إفريقيا
    جنوب الصحراءآسيا والمحيط الهادئمجموعة الخمسة عشر بلدا الأوروبية
    (بالإضافة إلى النرويج وسويسرا)أوروبا الوسطى وبلدان الاتحاد السوفيتي السابقشمال أفريقيا
    والشرق الأوسطالأمريكتانالجزر الصغيرة/3        المجموع /233 (43)18 (24)17(17)27 (28)9 (21)23 (26)9 (27)1996 – حتى الآن 187صفر62131986-19951395215661976-198512صفرصفر26صفر1966-1975صفرصفر11صفرصفر10صفرقبل 19651صفر1صفرصفرصفرصفر 
    المصدر: من الجدول 1.

    /1 تحدد المناطق وفقا لما جاء في دراسة Ebrill and others, 2001، باستثناء صربيا والجبل الأسود المدرجة ضمن أوروبا الوسطى.
    /2 الأرقام بين الأقواس هي عدد البلدان في كل منطقة.
    /3 الاقتصادات الجزرية التي يقل عدد سكانها عن مليون نسمة، بالإضافة إلى سان مارينو.

    وهناك تنوع كبير في هيكل وأداء ضرائب القيمة المضافة المطبقة حاليا. فعلى سبيل المثال، نجد أن المعدل المعياري لضريبة القيمة المضافة أعلى في أوروبا الغربية واقتصادات التحول مقارنة بالبلدان الأخرى، ويصل إلى أدنى مستوياته في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وبالإضافة إلى ذلك، تتسم ضريبة القيمة المضافة بأشد درجات التعقيد في أوروبا الغربية وشمال إفريقيا والشرق الأوسط من حيث عدد المعدلات المعمول بها. ويتبين بمزيد من التحليل أن البلدان التي طبقت ضريبة القيمة المضافة أكثر تقدما نسبيا كما أن نسبة التجارة الدولية إلى إجمالي الناتج المحلي فيها أعلى نسبيا. أما البلدان المتبقية التي لا تطبق ضريبة القيمة المضافة، فنجد أن عدد السكان في 30% منها أقل من مليون نسمة.

    ومن الأمور الدالة على شيوع الانطباع بنجاح تلك الضريبة أن 5 بلدان فقط هي التي ألغت العمل بها بعد تطبيقها – وهي فييت نام (في السبعينات) وغرينادا (التي أدخلتها في عام 1986 ثم ألغتها بعد ذلك بوقت قصير) وغانا (التي أدخلتها في مارس 1995 ثُم ألغتها بعد ذلك بشهرين) ومالطة (التي أدخلتها في عام 1995 ثُم ألغتها في عام 1997) وبليز (التي أدخلتها في عام1996 ثُم ألغتها في عام 1999). وقد قامت ثلاثة من هذه البلدان بإعادة تطبيق هذه الضريبة بعد ذلك ـ وهي غانا في عام 1998 وكل من مالطة وفييت نام في عام 1999.

    وبالنسبة للمستقبل، يرجح أن يكون لضريبة القيمة المضافة دور أساسي في كثير من أنحاء العالم من حيث معالجة النتائج الواقعة على الإيرادات بسبب التحرير المتواصل للتجارة. ففي إفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل المثال، لا يزال ربع الإيرادات الضريبية تقريبا يأتي من ضرائب التجارة. وإذا استمرت مسيرة التحرير، قد يتطلب الأمر الحصول على هذه الإيرادات من مصادر محلية، وهنا تشير كل من النظرية والتطبيق إلى الدور الكبير الذي تؤديه الضرائب غير المباشرة ـ أي المكوس الانتقائية على المنتجات وكذلك ضريبة القيمة المضافة. فمن حيث النظرية، ينطوي التحول من ضرائب التجارة إلى ضرائب الاستهلاك على توسيع الوعاء الضريبي، مع تحويل تخفيض الأسعار من خلال تخفيض التعريفات إلى مكاسب في شكل أسعار نهائية أكثر انخفاضا وإيرادات حكومية أعلى. أما من حيث التطبيق، فمثلما هو الحال مع الرسوم الجمركية، يتم تحصيل نسبة كبيرة من إيرادات ضريبة القيمة المضافة عند الحدود ـ وهي نسبة تمثل في الغالب نصف هذه الإيرادات أو أكثر في عدد كبير من البلدان النامية.

    جيم- أداء ضريبة القيمة المضافة
    من بين الحجج القوية التي يسوقها مؤيدو ضريبة القيمة المضافة أنها تعتبر شكلا من أشكال الضرائب على درجة عالية من الكفاءة ـ فهل ثبتت صحة هذه المقولة بالفعل؟ إن من بين السبل الممكنة لاختبار صحتها أن نتبين ما إذا كانت البلدان التي تطبق ضريبة القيمة المضافة تحصل على إيرادات أكبر من تلك التي لاتطبقها، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. ويشير التحليل الاقتصادي القياسي إلى بعض النتائج الدالة في هذا الخصوص (وذلك بالطبع مع بعض التحفظات التي لا مجال للخوض فيها هنا).

    وهناك بعض الأدلة على أن وجود ضريبة القيمة المضافة يرتبط بارتفاع نسبة إيرادات ومنح الحكومة العامة إلى إجمالي الناتج المحلي. ومن المرجح أنه كلما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي انخفض إسهام قطاع الزراعة في إجمالي الناتج المحلي، وقد يعكس انخفاض هذا الإسهام الإعفاء المعتاد للناتج الزراعي من ضريبة القيمة المضافة. ويقل الأثر الإيجابي لضريبة القيمة المضافة على الإيرادات كلما ارتفعت نسبة الواردات إلى إجمالي الناتج المحلي ـ الأمر الذي قد يرجع إلى كون أنواع الضريبة الأخرى في تلك الاقتصادات ـ ومن أبرزها التعريفات الجمركية ـ أقل فعالية من ضريبة القيمة المضافة في تعبئة الإيرادات.

    وتحجب هذه النتائج العامة تباينا كبيرا بين البلدان في أداء ضريبة القيمة المضافة. فما الذي يفسر هذا التباين؟ أو بعبارة أخرى ماهي العوامل المؤدية إلى إنتاجية الإيرادات المحصلة من ضريبة القيمة المضافة ـ سواء من حيث تصميم الضريبة (كالتعريف الدقيق للوعاء الضريبي) أو البيئة الاقتصادية الأوسع (كنسبة الواردات في إجمالي الناتج المحلي)؟ ويمكن تناول هذه المسألة بالتحليل الاقتصادي القياسي من خلال الربط بين حصيلة ضريبة القيمة المضافة وبين مواصفات الضريبة ذاتها والاقتصاد ككل. وتشمل أهم النتائج ما يلي، مع مراعاة بعض التحفظات أيضا:

    إن معدل ضريبة القيمة المضافة المعياري له تأثير ملموس على الإيرادات (وهو أمر غير مستغرب)؛ فكل زيادة مقدارها نقطة مئوية واحدة في المعدل المعياري تؤدي إلى زيادة نسبة إيرادات تلك الضريبة إلى الاستهلاك الخاص بحوالي 0.6 نقطة مئوية في المتوسط.
     

 

  • كذلك يرتبط مدى أهمية التجارة للاقتصاد المعني ارتباطا موجبا ذا دلالة بحصيلة ضريبة القيمة المضافة. وهذه مسألة مختلفة عن مقدار الزيادة الإضافية في الإيرادات الكلية للحكومة نتيجة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في الاقتصادات التي يكون فيها للتجارة وزن مؤثر، وهي المسألة المطروحة للنقاش أعلاه ـ والتفسير هنا هو أنه كلما ازدادت أهمية التجارة ازدادت الإيرادات التي يمكن تحصيلها من ضريبة القيمة المضافة المطبقة، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. والتفسير الواضح لذلك هو أن الإجراءات عند الحدود (وربما وجود هيئة جمركية راسخة) يجعلان تحصيل ضريبة القيمة المضافة على الواردات سهلا نسبيا.

 

  • إن عمر تطبيق ضريبة القيمة المضافة له أثر إيجابي ملموس. وأحد أسباب ذلك أن تطبيق هذه الضريبة والامتثال لها يتحسنان مع كثرة التجارب في هذا الصدد؛ بينما يوجد تفسير آخر مفاده أن السمات غير المشاهدة في تصميم هذه الضريبة تتحسن بمرور الوقت.

 

  • يوجد ارتباط موجب قوي بين معدل الإلمام بالقراءة والكتابة وبين الحصيلة المتحققة من ضريبة القيمة المضافة.

 

  • توجد أدلة على أن النطاق بين المعدلين الموجبين الأعلى والأدنى لضريبة القيمة المضافة في البلدان التي تستخدم معدلات متعددة يؤثر تأثيرا موجبا أيضا على إيرادات هذه الضريبة عند معدل معياري معين، وإن كانت هذه الأدلة ضعيفة من الوجهة التجريبية ولا تصلح بالتأكيد أساسا لتوصيات على صعيد السياسات. (من بين التفسيرات الممكنة لهذه النتيجة المتعارضة مع الحدس أنها تحققت بفضل الأثر الإيجابي الذي يحدثه على الإيرادات فرض الضريبة بمعدل موجب على بنود استهلاك نهائي مفضلة بدلا من مجرد منح إعفاءات عليها).

 

ويقال أحيانا إن ضريبة القيمة المضافة تتسم بالتعقد الشديد، وهي ضريبة مكلفة في تطبيقها وإدارتها، ومن ثم فهي لا تلائم البلدان النامية. والواقع أن التحليل الاقتصادي القياسي المشار إليه أعلاه يوضح أن إيرادات هذه الضريبة تكون أعلى في البلدان التي يرتفع فيها معدل الإلمام بالقراءة والكتابة ومن ثم يفترض أن يكون لديها قدرات إدارية أفضل، مع افتراض تساوي جميع الظروف.

 

غير أن القضية الحقيقية هي ما إذا كان أداء ضريبة القيمة المضافة، عند مستويات التنمية الأدنى، أسوأ من أداء ضرائب أخرى بديلة تحقق إيرادات مساوية. ويتوقف هذا الأمر على التكاليف التي ينطوي عليها تطبيق تلك الضريبة. ويمكن تحليل تكاليف الموارد في هذا الصدد إلى تكاليف إدارية تتحملها الهيئات الضريبية وتكاليف امتثال يتحملها المكلفون. ونظرا للدور الذي يمكن أن تؤديه ضريبة القيمة المضافة كعامل مساعد في التغيير داخل الهيئات المختصة بتحصيل الضرائب وبين المكلفين (عن طريق التشجيع على إرساء ثقافة إمساك السجلات على سبيل المثال)، فقد تقترن ضريبة القيمة المضافة بتكاليف تحصيل مرتفعة، لا سيما في البداية، ولكنها تطبق بنجاح كبير رغم ذلك.

 

وثمة اتفاق واسع النطاق على أن تكاليف تحصيل الضريبة تقل بصورة ملموسة عندما تكون ضريبة القيمة المضافة بسيطة، حيث إن المعدل الواحد وحد التكليف المرتفع يؤديان إلى انخفاض تكاليف تحصيلها نسبيا. غير أنه نظرا لأن تكاليف الامتثال تكون ثابتة ومستقلة إلى حد كبير عن مبلغ الضريبة المستحقة، فإن صغار التجار هم الذين يتحملون الجانب الأكبر من عبئها. وتؤكد ذلك ورقة عمل أعدها مؤخرا خبراء المفوضية الأوروبية، حيث تشير إلى وجود اختلافات كبيرة في التكاليف بين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم (2.6% من المبيعات) والشركات كبيرة الحجم (0.02% من المبيعات).

 

ويستفاد من الأدلة المتاحة عن البلدان المتقدمة أن ضريبة القيمة المضافة أقل تكلفة من الضريبة على الدخل. غير أن المسألة الأهم في هذا السياق هي ما إذا كانت ضريبة القيمة المضافة أكثر أو أقل تكلفة من الأشكال البديلة لضريبة المبيعات وخاصة من الضرائب التي حلت تلك الضريبة محلها. وإذا ما أجريت هذه المقارنة في ستة من البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية وستة من البلدان الأفريقية الناطقة بالإنجليزية، يتضح أن الضرائب السابقة على ضريبة القيمة المضافة لم يكن من اليسير تحصيلها. ففي غرب إفريقيا حلت ضريبة القيمة المضافة في عموم الحالات محل الضريبة على رقم الأعمال من النوع الذي كان مطبقا في فرنسا قبل اعتماد ضريبة القيمة المضافة. وفي شرق إفريقيا حلت تلك الضريبة في عموم الحالات محل ضريبة المبيعات على مستوى المنتجين التي كانت على غرار النموذج القديم في الكومنولث. وقد تعددت أوجه الشبه بين النظم الضريبية السابقة، حيث كانت تطبق بمعدلات متعددة وفروق طفيفة فيما بينها في بعض الأحيان (بما في ذلك المكوس الانتقائية على استهلاك الكماليات)، وكانت الإعفاءات النوعية عديدة، وتجارة التجزئة معفاة، كما كانت المبيعات المحلية والواردات تعامل معاملة ضريبية مختلفة في بعض الحالات.

 

ومن أبرز السمات في هذا الخصوص أن جميع الضرائب السابقة على ضريبة القيمة المضافة كانت تستند إلى طرق معقدة لتجنب الطابع التضاعفي المميز للضرائب على رقم الأعمال. ففي النظم الضريبية التي كانت مطبقة في شرق إفريقيا والجنوب الأفريقي، على سبيل المثال، كانت تقوم بهذا الدور تركيبة تجمع بين نظام "تعليق الضريبة" (ring system)، الذي يعفي مبيعات أصناف معينة بين التجار المسجلين فقط، والإعفاء العام لبعض فئات المنتجات التي تعتبر عادة سلعا وسيطة. وفي بلدان عديدة منها الناطق بالفرنسية ومنها الناطق بالإنجليزية، كان الإعفاء يطبق على "الاستثمارات الثابتة" أو "المعدات الرأسمالية" و"المواد الخام"، وهو ما كان يثير قضايا معقدة تتعلق بتعريفها. والواقع أن الطابع المعقد للضرائب السابقة على ضريبة القيمة المضافة هو أمر مذهل بالفعل. ففي موريتانيا التي تطبق الآن ضريبة القيمة المضافة، على سبيل المثال، كان النظام الضريبي السابق ينطوي على ثلاث ضرائب منفصلة على رقم الأعمال تحصّل على مراحل متعددة مع تخفيف عبء التضاعف بخصم تكلفة بعض المدخلات من حصيلة المبيعات.

 

وعلى الرغم من الاختلافات المتعددة بين ضرائب القيمة المضافة التي حلت محل الضرائب السابقة خلال التسعينات، فهي تشترك معها في سمات بالغة الأهمية تشمل ما يلي: استخدام طريقة الخصم الضريبي على قيم الفواتير السابقة؛ والاعتماد على وعاء ضريبي أوسع مما كانت تعتمد عليه الضرائب السابقة (حتى في الحالات التي لا تزال تمنح فيها إعفاءات غير ملائمة)؛ وإعفاء الإنتاج الزراعي؛ ووجود معدل موجب وحيد أو بضعة معدلات؛ وفرض معدل ضريبة صفري على الصادرات؛ وإخضاع جميع مستويات الإنتاج للضريبة مع استبعاد جزء كبير من تجارة التجزئة والشركات الأخرى الصغيرة باستخدام حد التكليف؛ وتطبيق معاملة موحدة على الإنتاج المحلي والواردات. ولذا يصعب القول، في حالة تلك البلدان على الأقل، بأن ضريبة القيمة المضافة المطبقة حاليا أكثر تعقيدا بطبيعتها أو بأنها أكثر تكلفة في تحصيلها مقارنة بالضرائب السابقة عليها. بل إنه نظرا للسمات المشتركة مع الضرائب السابقة من حيث إجراءات خصم الضريبة المسددة على مدخلات الإنتاج أو تعليق سدادها، فإن استحداث ضريبة القيمة المضافة أدى في حالات عديدة إلى توحيد وتبسيط أساليب الخصم الضريبي السابقة.

 

ثانيا- قضايا السياسات الضريبية

 

يطرح هذا القسم ويعالج بعض المسائل الأكثر عمومية والأشد تعقيدا المتعلقة بتصميم ضريبة القيمة المضافة.

 

ألف– ماهو عدد معدلات ضريبة القيمة المضافة؟

 

المشورة المعتادة هي تطبيق معدل واحد لضريبة القيمة المضافة (إلى جانب المعدل الصفري الذي لا يسري إلا على الصادرات)، وهي مشورة لم يؤخذ بها في كل الأحوال. ويوضح الجدول 3 عدد المعدلات الموجبة المعتمدة في مجموعة البلدان التي تطبق ضريبة القيمة المضافة حاليا كنسبة من جميع البلدان التي تطبقها. ويشير التحليل إلى أنه كلما مر وقت أطول على بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة زاد تعدد المعدلات، وأن عدد المعدلات المطبقة في أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط أكبر بكثير من نظيره في المناطق الأخرى، مع مراعاة الفترة المنقضية منذ التطبيق.

 

الجدول 3- توزيع عدد معدلات ضريبة القيمة المضافة/1

معدل واحدمعدلانثلاثة معدلاتأربعة معدلاتخمسة معدلاتستة معدلات51301351صفرالمصدر: الجدول 1
/1 الرقم هو النسبة المئوية من مجموع البلدان التي تطبق ضريبة القيمة المضافة حاليا مع الإشارة إلى عدد معدلات هذه الضريبة.

ولما كانت ضريبة القيمة المضافة مصممة للتطبيق على الاستهلاك، فإن السؤال المطروح هنا يدور حول سبب الرغبة في إخضاع مكونات الاستهلاك المختلفة لمعدلات ضريبية مختلفة. وقد تستند الدعوة إلى الأخذ بمعدلات مختلفة إلى اعتبارات الكفاءة، حيث تعني قاعدة "المرونة المعكوسة" (inverse elasticity) أن السلع التي يكون الطلب عليها مفتقرا إلى المرونة يجب إخضاعها لمعدلات ضريبية أعلى من المتوسط. غير أن هذه الحجة الداعية إلى اعتماد معدلات مختلفة تضعف كثيرا أمام الحاجة إلى مراعاة الاعتبارات الإدارية وإمكان فرض ضرائب انتقائية على استهلاك بعض السلع التي يتسم الطلب عليها بانعدام المرونة (كالكحول والبنزين ومنتجات التبغ)، وهي منتجات نهائية في معظمها.

ولذلك فإن القضية الأهم قد تتمثل في إمكانية استيعاب الاختلاف في معدلات الضريبة لمراعاة اعتبارات العدالة – أي أن يكون من المرغوب إخضاع معظم السلع التي تمثل النصيب الأكبر من إنفاق الميسورين من أفراد المجتمع لأعلى المعدلات الضريبية، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. وتعتمد قوة اعتبارات العدالة على مجموعة أدوات السياسات المتاحة. فعلى عكس الحالة في البلدان المتقدمة، لا توجد في العديد من البلدان النامية ضرائب على الدخل تطبق بصورة سليمة أو برامج للإنفاق موجهة إلى مستحقيها أو كلاهما لتيسير تحقيق أهداف العدالة. غير أن إعادة توزيع الدخل التي يمكن القيام بها من خلال الضرائب غير المباشرة وحدها محدودة بطبيعتها. والنقطة الأساسية في هذا السياق هي أنه حتى إذا أنفق الفقراء نسبة أكبر من دخولهم على سلعة معينة (الأغذية مثلا)، فإن الأغنياء ينفقون في العادة مبالغ أكبر في المطلق، ومن ثم فإن تخفيض معدل الضريبة على هذه السلعة سيؤدي إلى تحويل أموال إلى الأغنياء أكثر من الفقراء. ولا بد أن يضاف إلى ذلك الزيادة في التكاليف الادارية وتكاليف الامتثال، بما فيها زيادة احتمال وجوب رد المسدد من الضريبة (إلى بائعي السلع الخاضعة لضرائب منخفضة والتي تستخدم في إنتاجها مدخلات تخضع لضرائب مرتفعة)، وإمكانية الخلاف حول التعاريف واحتمال التهرب من الضرائب، وإمكانية تسبب معدلات الضريبة المتعددة في صعوبة مقاومة الضغوط السياسية من أجل إيجاد مزيد من التمايز بين هذه المعدلات. والسؤال الحقيقي المطروح بشأن السياسات في بلدان نامية كثيرة هو ما إذا كان من الأفضل انتهاج سياسة تقوم على معدل واحد واستغلال الإيرادات الزائدة الناتجة عن ذلك لتمويل الإنفاق لصالح الفقراء والموجه إليهم بدقة أكبر مما يحققه تخفيض معدل ضريبة القيمة المضافة.

وترتبط بذلك قضية ما إذا كانت ضريبة القيمة المضافة تنازلية بطبيعتها. فصحيح أن نسبة استهلاك الدخل الجاري تميل إلى الانخفاض مع تزايد الدخل الجاري، ولكن هذه القضية تصبح أقل وضوحا عند النظر إلى الاستهلاك على مدى الحياة حيث يميل الاستهلاك والدخل إلى التناسب كل منهما مع الآخر. وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من مقارنة آثار ضريبة القيمة المضافة على توزيع الدخل مع آثار الضرائب التي حلت هذه الضريبة محلها على توزيع الدخل أيضا، بل وتقييم تبعات نظام إنفاق الحصيلة الضريبية برمته، والذي تعتبر ضريبة القيمة المضافة جزءا واحدا منه، على توزيع الدخل أيضا. وهناك أيضا مسائل مهمة من حيث مُستَقَر الضريبة فيما يتعلق، مثلا، بالميزة النسبية التي يمكن أن يتمتع بها صغار التجار الواقعين دون حد التكليف بضريبة القيمة المضافة ـ وهو ما يتوقف على الضرائب الأخرى الخاضعين لها. وبغض النظر عن هذه التحفظات، يسترعي الانتباه أن الأدلة التجريبية الأخيرة (وإن كانت محدودة) عن بضعة بلدان نامية تبين أن توزيع مدفوعات ضريبة القيمة المضافة ليس تنازليا إلى حد كبير بل إنه أكثر تصاعدية من الضرائب على التجارة.

باء– ما هي الإعفاءات؟

المشورة المعتادة أيضا هي الاقتصار على عدد محدود من الإعفاءات ينحصر في الرعاية الصحية الأساسية وخدمات التعليم الأساسي والخدمات المالية. ويصعب التوثيق بانتظام للممارسات المتبعة في هذا الصدد على مستوى العالم، ولكن انتشار الإعفاءات من ضرائب القيمة المضافة أصبح مدعاة للقلق المتزايد في الواقع العملي (وهو ما يصدق أيضا على ضرائب أخرى كضريبة دخل الشركات).

وغالبا ما تبرر الإعفاءات على أساس صعوبة إخضاع المخرجات للضريبة (كما هي الحال في إعفاء الخدمات المالية) وأنها تشكل بديلا مريحا عمليا لتخفيض المعدلات أو أي المبررين. كذلك يمكن أن تساق أسباب لتطبيق إعفاءات منتقاة؛ ويبدو أن إعفاءات المنتجات الزراعية والوقود، وهي الإعفاءات التي يشيع استخدامها، تعكس الشواغل المتعلقة بتوزيع الدخل، بينما نجد أن إعفاءات المشاريع التي يمولها مانحون تعكس في كثير من الأحيان الشروط المفروضة من أولئك المانحين.

ويلاحظ أن آثار الإعفاءات معقدة وغير مواتية بشكل عام. فالإعفاءات تتعارض مع المنطق الأساسي لضريبة القيمة المضافة، لكونها في المنتصف بين فرض معدل موجب بالطريقة المعتادة (وذلك بإخضاع المخرجات للضريبة ومنح خصم ضريبي على المدخلات) ومعدل صفري (أي إلغاء ضريبة القيمة المضافة المتضمنة في أسعار المنتجات إلغاء كاملا عن طريق منح خصم ضريبي على المدخلات، مع عدم إخضاع المخرجات للضريبة). ونتيجة لذلك فإن الإعفـاءات: (1) يمكن أن تتسبب في إعادة التضاعف الضريبي وما يصاحبه من تشوهات في الإنتاج ـ فعندما تكون سلعة معفاة مدخلا في إنتاج سلعة أخرى، لا يمكن المطالبة بخصم ضريبة القيمة المضافة المحملة على سعر السلعة المعفاة في مرحلة سابقة من مراحل الإنتاج؛ (2) تخل بمبدأ الوجهة في حالة البنود المتداولة دوليا ـ فإذا استخدم أحد المصدرين سلعا معفاة كمدخلات إنتاج، تكون ضريبة القيمة المضافة المحملة على سعر السلعة في مرحلة سابقة من مراحل الإنتاج متضمنة في المعدل الصفري المطبق على صادرات ذلك المصدر؛ (3) تنشئ حوافز لتجنب الالتزام الضريبي عن طريق التكامل الرأسي في حالة التجار المتمتعين بالإعفاء وتؤدي إلى تخطيط ضريبي أكثر جسارة في بعض البلدان المتقدمة؛ (4) تتسبب في إيجاد ديناميكية تغذي فيها الإعفاءات بعضها البعض مما يؤدي إلى ظهور ما يمكن تسميته "زحف الإعفاءات" (exemption creep) ـ أي أنه متى حصل قطاع ما على إعفاء، ينشأ لدى ذلك القطاع حافز للمطالبة بمنح إعفاءات لمنتجي المدخلات التي يستخدمها حتى يمكنه "استرداد" ضريبة القيمة المضافة التي دفعها في مراحل سابقة من عملية الإنتاج. أما على الجانب الإداري فإن الإعفاءات يمكن أن تطرح إشكاليات أيضا؛ فمن الضروري وضع قواعد لتخصيص المدخلات الخاضعة للضرائب في حالة التجار الذين يبيعون مخرجات خاضعة للضريبة ومخرجات معفاة منها، كما توجد مشكلات أخرى تثيرها نظم الشهادات الضريبية وغيرها من النظم المستخدمة لإعفاء مشاريع المساعدة الممولة من مصادر أجنبية.

ونظرا لهذه الصعوبات فمن المرجح أن يكون الحد من الإعفاءات موضوعا متكررا في إصلاح ضريبة القيمة المضافة في السنوات القادمة. وعلى المستوى الفكري، يوجد الكثير من الدروس المستفادة أيضا فيما يتعلق بالبدائل الممكنة للإعفاءات في القطاع العام والخدمات المالية. وبالنسبة للخدمات المالية على سبيل المثال، ظهر الاهتمام في السنوات الأخيرة بإمكانية تطبيق نموذج التدفق النقدي لضريبة القيمة المضافة، واعتمدت نيوزيلندا المعدل الصفري على كل ما تورده جهات تقديم الخدمات المالية حينما يكون العميل خاضعا للضريبة على 75% على الأقل من مخرجاته. ولا ينفي ذلك وجود مشكلة التضاعف الضريبي، ولكنه يعتبر تطورا جديرا بالاهتمام.

جيم– حد التكليف

يعتبر مستوى حد التكليف الذي يصبح عنده التسجيل إلزاميا في ضريبة القيمة المضافة اختيارا حاسما من حيث تصميم وتنفيذ الضريبة. ويتضح من التجربة أن بلدانا كثيرة تميل إلى وضع حدود مفرطة في الانخفاض فتواجه صعوبات كثيرة عندما يتبين لإداراتها الضريبية أنها في وضع لا يمكنها من إدارة عدد كبير من الخاضعين للضريبة. والواقع أن كندا ومالطة طبقتا في البداية حدا منخفضا للتكليف بالضريبة، وكان ذلك من الأسباب الأولية التي أدت إلى فشل ضريبة القيمة المضافة عند تطبيقها لأول مرة.

وهناك اختلاف ملحوظ عبر البلدان فيما يتعلق بمستوى حد التكليف بضريبة القيمة المضافة، حيث يتراوح بين بضعة آلاف من الدولارات الأمريكية وما يزيد على 000 20 دولار أمريكي. وحتى داخل الاتحاد الأوروبي حيث يوجد إطار قانوني مشترك يحكم ضرائب القيمة المضافة في الدول الأعضاء، تتراوح مستويات حد التكليف بين صفر وحوالي 000 100 دولار أمريكي. وهناك تنوع كبير أيضا في الشكل الذي يتخذه حد التكليف وفي مدى وطبيعة التدابير ذات الصلة. وبالإضافة إلى الحالة الأكثر شيوعا والتي تتمثل في تطبيق حد تكليف واحد، تشمل الاختلافات ما يلي: وجود حدود تكليف مختلفة للأنشطة المختلفة؛ وإجراء تعديلات متحركة (sliding adjustments) في الالتزام الضريبي للكيانات الواقعة تحت حد التكليف من أجل إزالة الانقطاعات في سلسلة الضريبة حول حد التكليف؛ وتطبيق نظم مبسطة مثل الضريبة الجزافية على صغار التجار الواقعين تحت حد التكليف.

وتنبع جاذبية حد التكليف المرتفع من المشاهدات التجريبية المنتظمة التي توضح إسهام نسبة صغيرة نسبيا من الشركات بنسبة كبيرة للغاية من الإيرادات الممكن تحصيلها من ضريبة القيمة المضافة. ومن ثم فإن وضع حد تكليف مرتفع يحقق وفورات في الموارد الإدارية النادرة مقابل تكلفة بسيطة من الإيرادات. فالهيئات المختصة بمقدورها إعفاء صغار التجار من دون التسبب في آثار سلبية على الإيرادات، حيث إن المتوقع أن تكون القيمة المضافة لدى هذه المجموعة متواضعة. ويتعارض هذا تعارضا واضحا مع ضرائب المرحلة الواحدة كضريبة المبيعات على تجارة التجزئة حيث يعني وجود حد للتكليف ضياع مبلغ الضريبة بالكامل ـ وليس فقط ضريبة القيمة المضافة ـ على المبيعات المعفاة التي يؤديها الواقعون تحت حد التكليف.

وعلى الرغم من ذلك، فمن الجلي أن بلدانا عديدة ـ ومنها على سبيل المفارقة بلدان كثيرة ذات قدرات إدارية ضعيفة نسبيا ـ لم تقتنع بالحجج المؤيدة لحد التكليف المرتفع. فإضافة إلى انعكاساته على الإيرادات، كثيرا ما تشعر السلطات الوطنية المعنية بالقلق من أن ينطوي حد التكليف المرتفع على محاباة جائرة لصغار التجار (بإعفائهم من تلك الضريبة). ومثال ذلك الاقتراح الأول من المفوضية الأوروبية بإصدار توجيهات لفرض ضريبة على الخدمات الإلكترونية ''المستوردة''، والذي دعا إلى حد تكليف يبلغ 000 100 يورو على الموردين غير المقيمين في الاتحاد الأوروبي، والذين يقومون بالتوريدات للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي. غير أن البلدان الأعضاء ألغت الإشارات إلى حدود التكليف في المفاوضات اللاحقة. ونتيجة لذلك، أصبحت منشآت الأعمال التي لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي يتعين عليها، نظريا على الأقل، سداد ضريبة القيمة المضافة الأوروبية على جميع المبيعات الداخلة إلى الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن كميات البضائع المباعة. ويتعارض ذلك مع حدود التكليف المطبقة في معظم دول الاتحاد وإن لم يكن كلها، مما يؤدي إلى إدخال بعض التشوهات.

وتعتبر المفاضلة بين الإيرادات وتكاليف تحصيلها مسألة أساسية، حيث يرتفع حد التكليف الملائم كلما ازدادت تكلفة إدارة الضريبة والامتثال وقلت حاجة الحكومة إلى الموارد وانخفضت القيمة المضافة كنسبة من المبيعات. وتتسم هذه النقطة الأخيرة بالأهمية نظرا لكونها مبررا قويا لوضع حد تكليف متمايز أكثر انخفاضا للأنشطة الأكثر ربحية و/أو كثيفة العمالة، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. غير أن هذا يثير مسألة الصعوبات العملية التي تواجه عملية التمييز بين الأنشطة المختلفة والتعامل مع التجار الذين يمارسون أنشطة متعددة. وتتضمن إحدى الدراسات تعبيرا صريحا عن حد التكليف الأمثل ـ لأبسط حالة ـ يسمح بإجراء حسابات توضيحية في هذا الخصوص.

كذلك يثير اختلاف المعاملة بين من هم فوق حد التكليف ومن هم دونه بعض القضايا الأخرى. فعلى سبيل المثال، ترغب الشركات التي تبيع إلى شركات أخرى أن تسجَّل في نظام ضريبة القيمة المضافة حتى تسترد الضريبة المسددة على مدخلاتها. ومن ثم، جرت العادة على السماح للشركات الواقعة دون حد التكليف بالتسجيل الاختياري في نظام ضريبة القيمة المضافة. وعلى العكس من ذلك، يرجح أن تجد الشركات التي تتميز بارتفاع نسبة القيمة المضافة إلى المبيعات وتبيع لمشترين غير مسجلين ـ أبرزهم صغار التجار الذين يقدمون خدمات مباشرة للمستهلكين النهائيين ـ أن الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة هو الأفضل لها. ولهذه المحاباة الضمنية لصغار التجار دون كبار التجار آثار على العدالة والكفاءة. فعلى وجه التحديد، يحقق حد التكليف صالح صغار التجار الذين يتحملون تكلفة مرتفعة على حساب التجار الأكبر الأكثر كفاءة، الأمر الذي يعني وجود حد تكليف أمثل أكثر انخفاضا، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. ويرتبط بهذه المسألة ما يسببه حد التكليف من إمكانية تجنب ضريبة القيمة المضافة عن طريق تنظيم الإنتاج في سلسلة من المشاريع الصغيرة بالقدر الكافي.

غير أن مدى وطبيعة التشوه بين من هم فوق حد التكليف ومن هم دونه يعتمد على كيفية إخضاع المجموعة الثانية للضريبة. والضرائب الجزافية (مثل ضريبة بسيطة على رقم الأعمال) شائعة الاستخدام نسبيا، مما يعني ضرورة تعديل حد التكليف الأمثل على أساس اختلاف الإيرادات وتكاليف التحصيل المرتبطة بالضريبتين الواقعتين حول حد التكليف. والنتيجة العامة هي أنه كلما انخفضت تكلفة تحصيل الضريبة البديلة وارتفع معدلها، ارتفع حد التكليف الأمثل لضريبة القيمة المضافة.

دال – البلدان الصغيرة

هل هناك بلدان يعتبر حجمها من الصغر بحيث لا يلائمها استخدام ضريبة القيمة المضافة؟ إنه سؤال مهم بالنسبة لانتشار ضريبة القيمة المضافة في المستقبل، لأن العديد من البلدان التي لم تستحدث هذه الضريبة بعد هي بلدان صغيرة. وكما ورد آنفا، يشير التحليل التجريبي إلى أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة ترتفع كلما زاد وزن التجارة الدولية في الاقتصاد المعني، مع افتراض تساوي جميع الظروف الأخرى. وحيث إن الاقتصادات الأصغر تميل إلى الاعتماد بدرجة أكبر على التجارة، فمن المنطقي أن تحقق ضريبة القيمة المضافة في البلدان الصغيرة أداء أفضل مما تحققه في البلدان الأكبر. وبالإضافة إلى ذلك، يشير التحليل الاقتصادي إلى أن فرض ضريبة على الاستهلاك يؤدي عموما إلى تشويه الاقتصاد بدرجة أقل مما يسببه استخدام نظام للتعريفات الجمركية يحصل مقدارا معادلا من الإيرادات. غير أن مدى ملاءمة ضريبة القيمة المضافة للاقتصادات الصغيرة يعتمد أيضا على الفرق في تكاليف التحصيل بين هذه الضريبة ومصدر الإيرادات البديل.

ويشير التحليل أيضا إلى أن فرض ضريبة القيمة المضافة يكون أقل نفعا للبلدان التي تعتمد على الاستيراد في معظم استهلاكها والتي يكون نصيب السلع الوسيطة في وارداتها محدودا، لأن الفرق بين التعريفة الجمركية على الواردات وبين الضريبة على الاستهلاك يكون طفيفا بالتأكيد في هذه الحالة. وفي حالة أصغر الاقتصادات، يرجح أن يكون معظم الاستهلاك مستوردا. غير أنه من الجلي أن نصيب السلع الوسيطة من الواردات الكلية ليس مسألة حجم فحسب، بل يعتمد على درجة تطور النشاط المحلي أيضا. كذلك قد يلجأ بلد يفرض تعريفة جمركية ذات وعاء واسع إلى فرض مكوس على سلع محلية مختارة، الأمر الذي يحد بدرجة أكبر من مكاسب الكفاءة المتحققة من التحول إلى ضريبة القيمة المضافة.

ولذلك قد يتوقف جانب كبير من المقارنة بين ضريبة القيمة المضافة والاستراتيجيات البديلة على مدى اختلاف التكاليف الإدارية وتكاليف الامتثال المتوقعة. فأولا، قد تشكل تكاليف التحصيل الثابتة المرتبطة بإدارة ضريبة القيمة المضافة عبئا ثقيلا نسبيا على كاهل أصغر الاقتصادات التي يكون لديها إما منشآت صغيرة أو عدد قليل من المنشآت. وثانيا، حين تكون المنشآت المتوفرة في الاقتصاد مقصورة على عدد صغير من منشآت تجارة التجزئة، قد يجد هذا الاقتصاد ميزة في تطبيق ضريبة مبيعات على تجارة التجزئة.

هاء- مسائل العلاقة بين مناطق الاختصاص

تواجه ضريبة القيمة المضافة تحديات أيضا في سياق العلاقات التجارية بين البلدان وفي تحديد دورها في النظم الضريبية لدى البلدان الفيدرالية.

القضايا الدولية

فيما يتعلق بالتجارة الدولية، يقضي المنهج القياسي والموصى به بفرض ضريبة القيمة المضافة على الاستهلاك المحلي على أساس مبدأ الوجهة. ويطبق هذا المبدأ دائما باستخدام معدل ضريبي صفري للصادرات وفرض ضريبة على الواردات، فتكون النتيجة أن يتم تحديد إجمالي الضريبة المدفوعة عن سلعة معينة على أساس احتساب معدل الضريبة المفروضة في منطقة اختصاص البيع النهائي والإيراد المستحق لهذه المنطقة. (ومن وجهة نظر إدارية، يعتبر تحصيل الضريبة في الجمارك من الأساليب الواضحة لرصدها.) والبديل للضريبة القائمة على مبدأ الوجهة هو الضريبة القائمة على أساس "المنشأ"، حيث تدفع الضريبة إلى البلد أو البلدان المنتجة للسلعة وبالمعدل المطبق فيها.

ويقتضي تنفيذ مبدأ الوجهة عن طريق فرض المعدل الصفري على الصادرات وجود آلية لتحديد تحركات السلـع والخدمـات عبر الحدود. ولكن الاتجاهات الأخيرة لتحقيق التكامل الإقليمي والتطورات التي تحققت في مجال استخدامات شبكة الإنترنت أدت إلى إحداث تعقيدات في هذا الصدد. وأدى إلغاء الحدود داخل الاتحاد الأوروبي إلى اقتراح بإدخال آلية ''المقاصة'' في هذه المنطقة.

وتنشأ مشكلات خاصة في معاملة ضريبة القيمة المضافة للخدمات الدولية. ففي هذه الحالة لايمكن استخدام ضوابط الحدود لمراقبة التدفقات الدولية، ويمكن ألاّ يعرف بشكل واضح ومحدد اسم البلد الذي يتوقع أن يحدث فيه الاستهلاك. ويشير تقرير صدر مؤخرا عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى بعض القضايا المهمة بشأن توريد الخدمات والبنود غير المنظورة عبر الحدود، كما يشير إلى عدم وجود مبادئ متعارف عليها دوليا في هذا المجال. وبالنظر إلى النمو المطرد في تجارة الخدمات، فسوف تصبح هذه المشكلات أكثر أهمية في السنوات القادمة.

ولهذه الأسباب، يصبح التطبيق التقليدي لأساس الوجهة أكثر صعوبة مع تزايد تجارة الخدمات والبنود غير المنظورة بدلا من السلع، ومع تزايد أعداد البلدان التي تشكل تكتلات تجارية إقليمية و/أو تحد من الإجراءات الجمركية التقليدية (أو تفشل في تنفيذها بنجاح). وكما يرجح أن تخلص إليه التحليلات الجارية في هذا الصدد لدى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، استنادا إلى التقرير المشار إليه أعلاه، فمن غير المرجح، بالرغم من صعوبة هذه القضية، أن يكون الحل الأمثل لها هو التحول إلى أساس المنشأ وإنما التركيز على الأساليب المختلفة لتنفيذ أساس الوجهة في التجارة على النحو الموضح آنفا.

وتتفاقم المشكلات في حالة البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي، ذلك أن فرض معدل صفري على الصادرات يعني ضرورة توفير أسلوب ملائم لرد المسدد بالزيادة تحت حساب ضريبة القيمة المضافة على مدخلات الإنتاج إلى المصدرين، وهو ما تبين أنه يفضي إلى مصاعب إدارية خطيرة، كما نعرض بالنقاش لاحقا. وسوف تزداد أهمية إيجاد أساليب لعلاج هذا الوضع مع مواصلة تحقيق النتائج الاقتصادية الملائمة لتجنب حدوث تشوهات اقتصادية. ويعتبر هذا مجالا يقتضي مراقبة التطورات عن كثب للتأكد من أن تنفيذ وتحديث ضرائب القيمة المضافة في المستقبل يواكبان أحدث النظريات ذات الصلة ويتوافقان مع واقع النظام التجاري العالمي الجديد والآخذ في التطور.

النظام الفيدرالي

أدى النجاح واسع النطاق لضريبة القيمة المضافة إلى التساؤل حول إمكانية تطبيقها كضريبة على المستوى دون المركزي في البلدان الفيدرالية، مع السماح لمستويات الحكومة دون المركزية بقدر من الاستقلال في تصميم الضريبة. ولاتوجد الآن سوى أمثلة قليلة لهذه النظم ـ لا سيما في البرازيل التي تطبق منذ وقت طويل نظام ضريبة القيمة المضافة دون المركزية على أساس المنشأ، وفي كندا منذ عهد أقرب.

وهناك تحديات جسيمة أمام تنفيذ ضرائب القيمة المضافة على المستوى دون المركزي تطرحها التجارة بين مناطق الاختصاص المختلفة في البلدان الفيدرالية، حيث يندر وجود حدود جمركية حقيقية. وكانت المشورة التقليدية هي عدم تنفيذ ضريبة القيمة المضافة على مستوى الحكومات دون المركزية نظرا لعدم وجود حدود بين مناطق الاختصاص المختلفة وبالنظر إلى مشكلات الخصم الضريبي عبر هذه المناطق. غير أن المفاهيم الحديثة تشير إلى أشكال بديلة من ضريبة القيمة المضافة يمكن أن تخفف من وطأة مشكلات كثيرة، وإن كانت كلها تتطلب وجود إدارة عليا على المستوى الفيدرالي حتى تعمل على النحو المنشود، كما تتطلب وجود معدل واحد لضريبة القيمة المضافة يطبق على المبيعات الوسيطة بين مناطق الاختصاص في البلدان الفيدرالية. وهذه قضية أخرى يرجح أن تحظى بعناية مستمرة في السنوات القادمة.

ثالثا- قضايا الإدارة الضريبية

تثير إدارة ضريبة القيمة المضافة قضايا منهجية تختلف عن القضايا المنهجية التي نشأت في سياق تقييم المشورة بشأن السياسة الضريبية. فعلى عكس الملاحظ بالنسبة للسياسة الضريبية، لا يوجد سوى القليل من الإرشاد النظري حول تأثير أي سمة من سمات الإدارة الضريبية. ولذلك يتعين الاعتماد بدرجة أكبر عند إجراء أي مراجعة للإدارة الضريبية على الخبرات المتراكمة حول ما يصلح وما لا يصلح. وينتج عن ذلك بلورة فهم عام لما يشكّل ''أفضل الممارسات'' التي يمكن أن تتغير بمرور الوقت بل ويمكن أن تعتمد على ظروف كل بلد على حدة.

ألف- تنظيم إدارة ضريبة القيمة المضافة

إن استحداث ضريبة القيمة المضافة يمكن أن يسمح بإدخال تحسينات ملحوظة على الإدارة الضريبية ككل، بل إن اعتماد هذه الضريبة كثيرا ما يعتبر فرصة لإجراء تحديث شامل للإدارة الضريبية. غير أن استحداث هذه الضريبة يتسبب أحيانا في تعطيل عمل الإدارة القائمة نتيجة لعدم كفاية الاستعدادات و/أو قرارات التنفيذ غير الصائبة.

وهناك قرار مهم يتعلق بتحديد موقع إدارة ضريبة القيمة المضافة ضمن الإدارة الضريبية الكلية. وتضع جميع البلدان تقريبا مسؤولية تحصيل جميع ضرائب الواردات، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، ضمن مسؤوليات إدارة الجمارك. وإضافة إلى ذلك، وبغض النظر عن نوع التنظيم الموصى به، لا بد من التنسيق الوثيق بين إدارتي ضريبة الدخل والجمارك لإجراء الاستعدادات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإن كان هذا التنسيق يميل إلى الضعف في بعض البلدان. وتبقى قضية مهمة لم تحسم بعد بنفس الدرجة في بضعة بلدان، ألا وهي تحديد من يتولى إدارة ضريبة القيمة المضافة المحلية وتسجيل المبالغ المحصلة من الضريبة على الواردات المبلَّغة من إدارة الجمارك. وهنا تظهر ثلاثة بدائل ممكنة: (1) إدارة ضريبة القيمة المضافة من خلال الإدارة المسؤولة عن المعاملات الضريبية المحلية، (بما في ذلك معاملات الضريبة الشخصية وضريبة الشركات، فضلا على متحصلات المساهمات الاجتماعية في عدة بلدان)؛ أو (2) الإدارة من خلال جهة مستقلة مختصة بضريبة القيمة المضافة؛ أو (3) الإدارة من خلال هيئة الجمارك.

ويتأثر هذا الاختيار بعدة عوامل. فأولا، على الرغم من أن الخبرة التي اكتسبها موظفو الجمارك من تجربة الضوابط المادية قد تكون مفيدة أحيانا، فإن ضريبة القيمة المضافة هي في الأساس ضريبة تقوم على التقدير الضريبي الذاتي والكشوف المحاسبية، وهو ما يتطلب الاستفادة من المهارات الموجودة بالفعل في الهيئات المعنية بالضرائب المحلية أكثر من الهيئات الجمركية. ثانيا: ينجم عن إنشاء هيئة مختصة بضريبة القيمة المضافة تفتيت الإدارة الضريبية ومصاعب في التوظيف، مما يزيد من تكاليف الإدارة والامتثال. وعلى وجه الإجمال، يفضل معظم الخبراء إدارة ضريبة القيمة المضافة من خلال الهيئة المعنية بالضرائب المحلية، بالرغم من أن ذلك قد يثير بعض المشكلات ـ أهمها احتمال أن يصبح التركيز غير كاف على تفاصيل ضريبة القيمة المضافة. ويتوافق هذا الخيار على سبيل التحديد مع إنشاء جهاز يقوم على أساس وظيفي ويدعم أنظمة الإدارة الضريبية الحديثة التي تعتمد مبادئ التقدير الذاتي وإدارة المخاطر.

وإزاء هذه الخلفية، كيف قامت البلدان بهيكلة إداراتها المعنية بضريبة القيمة المضافة؟ تتولى الهيئة المختصة بالضرائب المحلية في الأغلبية العظمى من البلدان (120 من أصل 135) إدارة ضريبة القيمة المضافة المحلية. وفي تلك الحالات ركزت المناقشات عند تطبيق ضريبة القيمة المضافة على المزايا التي ينطوي عليها إنشاء مكاتب مستقلة لضريبة القيمة المضافة أو إدارة ضريبة القيمة المضافة جنبا إلى جنب مع ضريبة الدخل، من خلال تنظيم ضريبي يقوم على أساس وظيفي. وعلى الرغم من أن معظم البلدان اختارت التنظيم القائم على أساس وظيفي، فقد أدخل بعضها نظام ضريبة القيمة المضافة من خلال شعبة مستقلة في بادىء الأمر (مثلما حدث في ألبانيا وأستراليا وبلغاريا وسرى لانكا)، وهو المنهج الذي حظي بتأييد عام لتيسير إدارة ضريبة القيمة المضافة في سنوات تنفيذها الأولى.

وكانت المناقشات حول الموقع الملائم لإدارة ضريبة القيمة المضافة أكثر استفاضة في البلدان التي لم تألف إدارة الضرائب غير المباشرة من خلال هيئة الضرائب المحلية (وهو عدد قليل نسبيا من البلدان). وتتمثل هذه البلدان في المستعمرات السابقة للمملكة المتحدة التي تتبع تقليدا قديما لإدارة الضرائب غير المباشرة والمكوس الانتقائية من خلال هيئة الجمارك. وجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن المملكة المتحدة ذاتها قررت مؤخرا دمج هيئتي الضرائب المباشرة وغير المباشرة في هيئة واحدة (تشمل الجمارك على الأقل في بادئ الأمر)، كما أدخل عدد من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا (مثل بوتسوانا والأردن وكينيا ونيجيريا وأوغندا وتنزانيا) إصلاحات تنظيمية كبرى في الآونة الأخيرة لدمج إدارتي ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل. وعلى الرغم من أن المشورة المقدمة تدعو في العادة إلى دمج إدارات الضريبة المحلية، فهناك استثناءات قليلة تعكس الإدراك المتزايد للقدرة المحدودة لدى الكوادر الجمركية على إدارة ضريبة من نوع ضريبة القيمة المضافة. وكانت التوصية المعتادة في السنوات الأخيرة هي إنشاء إدارة متكاملة للضريبة المحلية، حتى في البلدان التي أنشأت في البداية هيئة مستقلة لضريبة القيمة المضافة.

ومنذ عقد التسعينات، أنجِز الكثير في البلدان التي تتسم بتشتت إدارات الضرائب المحلية ـ لا سيما في البلدان الناطقة بالإنجليزية حيث توجد إدارة مستقلة لكل من ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل ـ من أجل إقامة هيئات متكاملة تقوم على أساس وظيفي، حيث ارتأت تلك البلدان أن هذه الهيئات أكثر فعالية وكفاءة في إدارة نظام ضريبي حديث باستخدام مبادئ التقدير الذاتي وإدارة المخاطر.

باء- إجراءات التقدير الضريبي الذاتي

تقوم الأنظمة الضريبية الحديثة وإداراتها على مبدأ ''الالتزام الطوعي''، الذي يعني أن المكلفين يؤدون طواعية ما عليهم من التزامات ضريبية أساسية، مع تدخل محدود فحسب من جانب الموظفين المعنيين بالإيرادات. ويتحقق ذلك الالتزام الطوعي عمليا من خلال نظام ''الربط الضريبي الذاتي'' حيث يقوم المكلفون الذين يتوفر لهم قدر معقول من المشورة من الإدارة الضريبية بحساب التزاماتهم الضريبية واستكمال إقراراتهم الضريبية وتقديم الإقرارات والمدفوعات إلى إدارة الضرائب، وقد يخضعون بعد ذلك للتدقيق. وفي معظم البلدان، غالبا ما ترتبط نشأة التقدير الضريبي الذاتي بنشأة ضريبة القيمة المضافة. والواقع إن المسألة الأساسية لا تتعلق بكيفية إدارة ضريبة القيمة المضافة في بلد يفتقر إلى القدرات اللازمة لإدارة عملية التقدير الذاتي، بل بكيفية تنفيذ المبادىء الأساسية للتقدير الذاتي في بلد يرغب في استحداث ضريبة على القيمة المضافة.

لماذا يعتبر الخبراء أن التقدير الذاتي للضريبة أمرا بالغ الأهمية؟ لأنه بانتفاء حاجة موظفي الضرائب لحساب التزامات كل مكلف ثم إخطاره بها، يمكن لموظفي الضرائب أن يتفرغوا للتركيز على الأقلية من المكلفين التي تعتبر "مصدر خطر" نظرا لعدم التزامها بمسؤولياتها الضريبية. وفي الوقت ذاته، تنخفض تكاليف الامتثال الضريبي مع تقلص الحاجة إلى التفاعل الدائم بين المكلفين وإدارة الضرائب. وعلى العكس، مع غياب التقدير الضريبي الذاتي تصبح إجراءات تقديم الإقرارات الضريبية ودفع الضرائب عملية مرهقة، حيث يقوم المكلفون بإجراءات كثيرة تستغرق وقتا طويلا في مكاتب الضرائب والبنوك. ولا يقتصر الأمر على ما تسببه هذه الإجراءات من انخفاض في كفاءة الإدارة الضريبية وفعاليتها، بل إن الاتصالات المنتظمة بين المكلفين وموظفي الضرائب يمكن أن تشجع أعمال الفساد.

وأحيانا تكون الحجج المعارضة للتقدير الضريبي الذاتي غير مقنعة. ومنها مثلا أن ''صغار التجار قد يكونوا أميين''، ولا يمكنهم استيفاء إقراراتهم الضريبية. ولكن تطبيق حد تكليف مرتفع بالقدر الكافي يضمن استبعاد صغار التجار من ضريبة القيمة المضافة. وهناك حجة ثانية تقول بأنه ''لا يمكن الوثوق في المكلفين''، والرد على ذلك هو إنشاء برامج فعّالة لخدمة المكلفين وانفاذ الضريبة، والتأكد من سلامة فهم مأموري الضرائب للمبادىء الأساسية لإدارة المخاطر؛ وصحيح بالتأكيد أنه إذا كان على هيئة الضرائب تقدير الضريبة لكل مكلف فلن يتبقى من الموارد إلا القليل لتحقيق الامتثال والرقابة الضروريين. أما الحجة الثالثة فهي أن "الشروط الأساسية للتقدير الضريبي الذاتي لم تتحقق"، وهي الحجة التي يمثل الرد عليها أكبر التحديات، وخاصة في كومنولث الدول المستقلة وبعض بلدان الشرق الأوسط حيث لم تنشأ ثقافة دفع الضرائب في أي مرحلة من مراحل التاريخ وافتقرت البلدان إلى المعايير المحاسبية السليمة وأنظمة الإدارة الضريبية الأساسية.

هل تم اعتماد التقدير الضريبي الذاتي في الممارسة الفعلية؟ خلص استعراض التجارب الذي أجرى في 31 بلدا ناميا إلى أن إدارة ضريبة القيمة المضافة تقوم على مفهوم التقدير الذاتي في 26 بلدا. ولكن اتضح بمزيد من التحليل للبيانات المتوفرة أن التقدم المحرز أقل بكثير مما يبدو. أولا، إن حوالي 40% فقط من البلدان المشمولة بالمسح قامت بتنفيذ إجراءات التحصيل الحديثة (باستخدام استمارات بسيطة لتقديم الإقرارات ودفع الضريبة وتطبيق نظام للتقدير الذاتي). ثانيا، 40% أخرى من البلدان المشمولة بالمسح، على الرغم من استخدامها للتقدير الذاتي، لا يزال فهمها قاصرا لكيفية إدارة المخاطر وتشترط على المكلفين تقديم بيانات أكثر مما ينبغي ـ فالاستمارات تتألف غالبا من عدة صفحات، ويطلب أحيانا إلى المكلفين إلحاق مستندات إضافية بها (كالفواتير مثلا). ثالثا، هناك عدد من البلدان لا يستخدم التقدير الذاتي على الإطلاق، ومن أبرزها بلدان التحول الاقتصادي التي لا تزال تفتقر إلى الفهم الكامل للمتطلبات الإدارية اللازمة لتطبيق ضريبة على أساس الحسابات. وبغض النظر عن نتائج المسح، من الملاحظ أن ضريبة القيمة المضافة تدار حاليا بدون أي إجراءات للتقدير الذاتي في حوالي 10% من البلدان التي استحدثت هذه الضريبة. وفي هذه البلدان، عادة ما يكون تقديم الإقرارات وسداد الالتزامات الضريبية عملية معقدة.

وهناك منهج آخر تم تطبيقه في بعض البلدان لا سيما في أمريكا اللاتينية وبعض أجزاء من غرب إفريقيا، وهو اقتطاع ضريبة القيمة المضافة من المنبع. وتشترط هذه البلدان على بعض المؤسسات التجارية والكيانات الحكومية اقتطاع ضريبة القيمة المضافة من المنبع وعدم دفعها لمورديهم. والأساس المنطقي لهذا الإجراء هو أنه يضمن إجبار التجار غير المسجلين، لا سيما في القطاعات التي يصعب فيها فرض الضرائب، على دفع جزء على الأقل من ضريبة القيمة المضافة. ويرى مؤيدو هذه الأنظمة أنها تتيح طريقة ميسورة لزيادة متحصلات ضريبة القيمة المضافة في حالات ضعف الإدارة والمواقف غير المتعاونة إزاء العملية الضريبية، لا سيما بين صغار التجار. أما المعارضون فيرون أن الطريقة الأفضل لمواجهة مشكلات الامتثال لضريبة القيمة المضافة في قطاع الأعمال التجارية الصغيرة تتمثل في تنظيم عدد المكلفين المسجلين باعتماد حد مرتفع للتكليف بضريبة القيمة المضافة. ويشيرون إلى زيادة المطالبات برد الضريبة إذا تحددت معدلات اقتطاع الضريبة من المنبع عند مستوى شديد الارتفاع. ولكن بالرغم من اختلاف الآراء إلى حد ما بشأن اقتطاع الضريبة من المنبع، فالواضح أن هناك توافقا في الآراء على أن انتشار مثل هذه الأنظمة يمكن أن ينال بدرجة خطيرة من سلامة ضريبة القيمة المضافة وصحتها على المدى الطويل.

وقد يقتضي الأمر تخصيص المزيد من الموارد لمواجهة احتياجات الإعداد لتنفيذ ضريبة القيمة المضافة في البلدان ذات الخبرة القليلة أو المنعدمة في مجال التقدير الذاتي، مثل بلدان التحول الاقتصادي. وفي هذا الشأن، تم اقتراح جدول زمني أطول لتنفيذ ضريبة القيمة المضافة، بما في ذلك اتخاذ تدابير كإنشاء وحدات تجريبية لكبار المكلفين وإقامة تنظيم إداري على أساس وظيفي وتوفير برامج لتوعية المكلفين واستخدام استمارات وإجراءات حديثة لتحصيل الضريبة. ورغم نجاح هذا المنهج في عدد من الحالات فقد كان أقل نجاحا في روسيا وغيرها من دول الكومنولث المستقلة حيث لا تزال الحاجة قائمة لبذل جهد ملموس لاستيعاب إجراءات الإدارة الضريبية الفعالة واستحداثها وتنفيذها بدعم من أنظمة إدارة المخاطر.

جيم- تدقيق الحسابات

تفيد التقارير بأن أداء تدقيق الحسابات في بلدان كثيرة، لا سيما البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي، يعتبر جانبا من جوانب الضعف الشديد في إدارة ضريبة القيمة المضافة. وتشير الأدلة إلى أن العديد من البلدان النامية التي اعتمدت ضريبة القيمة المضافة في السنوات العشر إلى الخمس عشرة الأخيرة ليس لديها بعد برامج فعالة لتدقيق الحسابات. أما البلدان التي لديها بعض عناصر هذا البرنامج، فغالبا ما تكون عملية التحقق السابقة على رد الضريبة هي العنصر السائد في البرنامج. وتميل هذه البلدان أيضا إلى تعويض ضعف التدقيق بفرض إجراءات معقدة مثل زيادة متطلبات الإقرار وتكثيف المراجعة المزدوجة على التدقيق، وهي جميعا أمور تزيد من المصاعب الإدارية وتكاليف الامتثال. فبدون التدقيق الفعال، يتدهور مستوى الامتثال لضريبة القيمة المضافة وتضعف مصداقية الإدارة الضريبية. وهكذا فإن تعزيز عملية التدقيق يمثل تحديا رئيسيا، لا سيما في البلدان النامية.

وفي البلدان التي تطبق ضرائب محكمة التصميم والتنفيذ على القيمة المضافة، يرجح أن تقل مشكلات الامتثال على المدى الطويل. وقد أظهرت التجربة أن التنفيذ الفعّال لضريبة القيمة المضافة يتطلب فترة تتراوح بين 18 و 24 شهرا. ومن أهم عوامل النجاح سلامة تصميم السياسة الضريبية (تطبيق معدل واحد وإعفاءات قليلة وحد تكليف مرتفع)، وبساطة القوانين والإجراءات، وملاءمة الهيكل التنظيمي للإدارة وكفاية الموارد المتوفرة لها، وتطبيق استراتيجيات للامتثال ترتكز على خليط متوازن من برامج التوعية وبرامج المساعدة، ووضع برامج للتدقيق تقوم على المخاطر. وقد تبين أن التنفيذ المحكم لهذه العناصر الحاسمة يفضي إلى إنشاء قاعدة التسجيل بوتيرة أسرع وإلى تعميق فهم المكلفين لالتزاماتهم، وتخفيض مستويات عدم الامتثال، وتقليص التكاليف الإدارية، وتعبئة المزيد من الإيرادات. وقد تبين لبعض البلدان أن برامج الزيارات الاستشارية التي يقوم بها مدققو الحسابات أثناء الأشهر الأولى من تطبيق الضريبة الجديدة يساعد على زيادة تقبل المكلفين لضريبة القيمة المضافة وتعاونهم مع الإدارة الضريبية. كذلك يساعد هذا البرنامج المدققين تحقيق فهم أفضل لدورهم الأوسع نطاقا في تعزيز الامتثال الطوعي. وعلى النقيض من ذلك، كثيرا ما تظهر مشكلات أكبر على صعيد الامتثال في البلدان التي لم تقم باستعدادات كاملة لاستحداث الضريبة، حيث يغلب الميل إلى اتخاذ تدابير مخصصة للتغلب عليها.

وتتشابه الأنواع الأكثر شيوعا للتهرب من ضريبة القيمة المضافة مع تلك المرتبطة بالضرائب التقليدية على المبيعات ـ مثل عدم تسجيل المؤسسات التجارية والإبلاغ القاصر بالمتحصلات الإجمالية واستغلال المعدلات الضريبية المتعددة وعدم تحويل الضرائب المحصلة إلى السلطات الضريبية ـ ولكن هناك مصادر أخرى للتهرب الضريبي تتصل بطبيعة ضريبة القيمة المضافة. وتشمل هذه المصادر استخدام فواتير مزيفة والمطالبة بخصوم ضريبية عن مشتريات لا يستحق عليها الخصم. ولعل الأهم من ذلك كله، وهو ما يميز ضريبة القيمة المضافة عن سواها من ضرائب المبيعات العامة، هو تلك العلاقة بين فعالية تدقيق الحسابات والقدرة على إدارة نظام ملائم لرد الضريبة، وهو ما نناقشه فيما بعد.

وقد خلصت الإدارات الضريبية المتقدمة إلى أن برنامج تدقيق الحسابات المحكم التصميم يمثل عنصرا حاسما في الحد من عمليات الاحتيال والتهرب من ضريبة القيمة المضافة، ذلك أن المحتالين المحتملين يشعرون بوجود الرادع إذا ما علموا أن هناك احتمالا معقولا بأن يفتضح أمرهم ويقعوا تحت طائلة العقاب. وتتميز برامج التدقيق الأكثر نجاحا بالسمات والمبادىء التالية من حيث التصميم:

التغطية الواسعة لمجموعات المكلفين بحسب الحجم والقطاع، ولقضايا الامتثال، مع تدقيق حسابات ما يصل إلى ثلث مجموع المكلفين سنويا.
 

 

  • توزيع موارد التدقيق على مختلف عناصر البرنامج، مع التأكد من عدم تخصيص حصة غير متناسبة للتحقق من مطالبات رد الضريبة قبل الدفع، واقتصار التدقيق قبل رد الضريبة على الحالات عالية المخاطر، مع إخضاع المطالبات الأقل خطرا إلى عمليات تدقيق انتقائية بعد رد الضريبة.

 

  • إجراء عمليات تدقيق قصيرة وموجهة نحو مسائل معينة (كمراجعة الخصوم الضريبية المطالب بها عن توريدات خاضعة للضرائب تذهب إلى أنشطة معفاة من الضرائب، أو عن عمليات شراء خاصة) وتقتصر على فترة ضريبية أو فترتين.

 

  • التنسيق الوثيق بين برنامج التدقيق الخاص بضريبة القيمة المضافة وبرامج التدقيق الخاصة بالضرائب الأخرى، لا سيما ضريبة الدخل.

 

  • التحقيق في الحالات التي تنطوي على عمليات احتيال خطيرة، توطئة لتقديم مرتكبيها إلى المحاكمة.

 

وتتضمن أسباب حالات الفشل في تنفيذ برامج فعّالة لتدقيق الحسابات ما يلي: (1) عدم كفاية الأعداد المطلوبة من مدققي الحسابات ذوي المهارات العالية ممن يحصلون على أجور ملائمة؛ (2) الافتقار إلى تقاليد مؤسسية راسخة فيما يتعلق بالممارسة السليمة للتدقيق المحاسبي؛ (3) مخاوف السلطات من احتمال التواطؤ بين المكلفين ومدققي الحسابات؛ (4) عدم كفاية الاستعدادات عند بدء تنفيذ ضريبة القيمة المضافة، ربما لأن عواقب ضعف برنامج التدقيق لا يمكن إدراكها على الفور؛ (5) الافتقار إلى التأييد السياسي الواضح للإدارة الضريبية؛ (6) عدم توافر البيئة القانونية والقضائية الملائمة. ويعتبر اتخاذ موقف دفاعي باللجوء إلى إجراءات مفرطة في التعقيد سببا من أسباب تفاقم هذه المشكلات.

 

ومع ذلك فمن الواضح أن الإيرادات الضائعة من ضريبة القيمة المضافة ليست مقصورة على الاقتصادات النامية أو اقتصادات التحول. فالأدلة التي توافرت مؤخرا تشير إلى حدوث تجاوزات خطيرة في الاقتصادات المتقدمة لا سيما الاتحاد الأوروبي. ومن بين هذه البلدان المملكة المتحدة التي اعتمدت منهجا استراتيجيا تمكنت بموجبه عن طريق المعلومات الإحصائية والتشغيلية، من تقدير ''فجوة ضريبة القيمة المضافة''ـ أي الإيرادات الضائعة سنويا من ضريبة القيمة المضافة. وقد أظهر هذا المنهج ضياع إيرادات متزايدة في العقد الأخير، إذ ارتفعت من 8% إلى أكثر من 15% من إيرادات ضريبة القيمة المضافة. ويعزى ضياع هذه الإيرادات إلى عدد من العوامل، منها الهجمات الإجرامية على نظام ضريبة القيمة المضافة (عادة من خلال الاحتيال بطريقة ''الدوامة'' (carousel fraud)، التي تنطوي على توريدات في داخل الجماعة الواحدة واختفاء التجار بعد استرداد الضريبة على المدخلات)، وعدم الامتثال بوجه عام، وعدم التسجيل، والجسارة في تجنب الضرائب. وبدلا من اتباع منهج تدريجي، قررت المملكة المتحدة اعتماد منهج استراتيجي يشمل جميع القضايا ويضع أهدافا لتقليل الفاقد في السنوات القادمة. ويوفر هذا المنهج الشامل أهدافا واضحا للإدارة الضريبية ويتيح للحكومات قواعد راسخة يمكن الاستناد إليها قي قياس أداء الإدارة الضريبية.

 

وهناك عدد من السبل التي يمكن من خلالها تحسين فعالية الممارسات المتبعة والمشورة المقدمة في هذا الخصوص. ففي أغلب الأحيان، كان الاهتمام مركزا أكثر مما ينبغي على الاستعدادات الإدارية لتنفيذ ضريبة القيمة المضافة خلال الشهور القليلة التالية لاعتمادها، وذلك على حساب التأكد من حسن أداء الضريبة في الأجل الطويل. ويعتمد الأداء الأطول أجلا على تنفيذ برامج تدقيق فعّالة. وهناك حاجة أيضا إلى استخدام منطق أقوى في إقناع السلطات بأن المراجعة المكثفة لعمليات رد الضريبة والتدقيق المفرط في مراجعة الفواتير تتسبب في انتفاء الغرض الأساسي منها. فمن غير المرجح أن تعوِّض المنافع المتحققة من هذه الأساليب ما يترتب عليها من تكاليف إدارية وتكاليف امتثال باهظة.

 

وباتباع منهج استراتيجي يشمل كافة جوانب الفاقد من إيرادات ضريبة القيمة المضافة والتدابير المضادة، يمكن أن تتوافر للحكومات أدوات مهمة لقياس أداء الإدارة الضريبية، لا سيما في البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي. وتعتبر المملكة المتحدة رائدة في هذا المجال، إذ أنها لم تتمكن من قياس فجوة ضريبة القيمة المضافة فحسب، وإنما استحدثت أيضا استراتيجية لمواجهة فاقد الإيرادات.

 

دال- رد الضريبة

 

من أهم السمات المميزة لضريبة القيمة المضافة التي تقوم على خصم قيم الفواتير السابقة أن بعض مؤسسات الأعمال ـ لا سيما المصدرين (لأن مبيعاتهم يطبق عليها المعدل الصفري) وأصحاب المشتريات الاستثمارية الضخمة ـ تدفع ضرائب على مدخلات الإنتاج أكثر مما هو مستحق عن المخرجات، ومن ثم يحق لها المطالبة بالفرق من الحكومات. ولذلك فمن الأهمية بمكان إنشاء آلية فعّالة لرد تلك الضريبة حتى يمكن الحفاظ على ضريبة القيمة المضافة باعتبارها ضريبة على الاستهلاك، وكذلك لتجنب تشويه عملية تخصيص الموارد. وبينما يعتبر رد المبالغ المسددة بالزيادة مسألة بسيطة وواضحة المعالم من حيث المبدأ، فهناك مشكلات كبيرة تنشأ في الممارسة الفعلية، مما يجعل من عملية رد الضريبة مكمن الضعف في نظام ضريبة القيمة المضافة. فأولا، إن دفع المردودات الضريبية يمكن أن يخلق فرصا مواتية للاحتيال (كأن يبالغ المصدرون في تقدير حجم الضرائب المسددة على مدخلات الإنتاج). ثانيا، إن سلطة مأموري الضرائب في اتخاذ قرارات رد الضريبة قد تحرض على أعمال الفساد. ثالثا، قد تستهوي الحكومات فكرة تأخير رد الضريبة عند تعرّض ميزانياتها للضغوط، مما يسبب مشكلات خطيرة لمؤسسات الأعمال فيما يتعلق بتدفقاتها النقدية. ويصدق هذا بوجه خاص على البلدان التي تدفع المردودات الضريبية من المتحصلات المتجمعة لضريبة القيمة المضافة وليس من اعتمادات مالية لنفقات معينة.

 

ويؤدي عدم رد المبالغ الضريبية الكاملة المسددة بالزيادة إلى تقويض سلامة ضريبة القيمة المضافة وإضعاف مصداقية الإدارة الضريبية. فعندما تمتنع السلطات الضريبية عن دفع هذه المطالبات المشروعة، يصبح من المتعذر أن تحافظ ضريبة القيمة المضافة على وضعها كضريبة على الاستهلاك المحلي فقط. ونتيجة لذلك تلحق التشوهات بمعاملات السلع الوسيطة؛ ويلحق الضرر بالقدرة التنافسية لقطاع التصدير؛ وتميل كفة الميزة التنافسية في اتجاه معاكس للشركات الجديدة التي تتحمل تكاليف ضخمة عند بدء التشغيل. وعلاوة على ذلك، يتعرض الامتثال لمخاطر جسيمة إذا فقدت المؤسسات التجارية ثقتها في نظام ضريبة القيمة المضافة، مما قد يدفعها إلى ممارسة نشاطها خارج القانون والتورط في أعمال الاحتيال والتهرب.

 

وكثيرا ما تشير السلطات الضريبية إلى مخاطر المطالبات الاحتيالية باعتبارها السبب الرئيسي لتدقيق جميع المطالبات وتأخير رد الضريبة. وقد لوحظ في عدة بلدان، لا سيما ذات الإدارات الضريبية الضعيفة والخبرة القاصرة في ممارسات إدارة المخاطر الحديثة، أن السلطات تطبق إجرءات تستغرق وقتا طويلا وتتطلب عمالة كثيفة للتحقق من المطالبات قبل الموافقة على رد الضريبة، مما يؤدي إلى تراكم طلبات الرد وقلق بالغ من جانب مؤسسات الأعمال الـتي حرمت مـن رأس مالها العامل. وعلى النقيض من ذلك تتعامل الإدارات الضريبية المتقدمة مع مشكلة الاحتيال المرتبط برد الضريبة كجزء من استراتيجية أوسع نطاقا لتحقيق الالتزام بضريبة القيمة المضافة ترتكز على مبادئ إدارة المخاطر وتعمد عموما إلى قصر عمليات التحقق قبل رد الضريبة على المطالبات عالية المخاطر.

 

وبينما تقوم معظم البلدان المتقدمة ـ وإن لم يكن كلها ـ بدفع المردودات الضريبية في الوقت المناسب، غالبا ما يسعى الكثير من البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي ذات الإدارات الضريبية الأقل تقدما إلى الحدّ من استحقاقات رد ضريبة القيمة المضافة. ورغم أن ذلك يرجع جزئيا إلى تقاعس الحكومات ذات الموارد المالية الشحيحة عن رد الضرائب التي سبق أن تسلمتها، فإن من الواضح أيضا أن الإدارة الضريبية الضعيفة وقضايا الامتثال المرتبطة بها تسهم بقسط كبير في زيادة الوعي بمخاطر الاحتيال مما أدى إلى الخروج عن الممارسة المثالية نظريا، وهي الرد الفوري لمدفوعات الضريبة المسددة بالزيادة. ومن بين التدابير التي اتخذتها بلدان كثيرة الترحيل الإجباري للمبالغ المسددة بالزيادة إلى وقت لاحق محدد. ويعني هذا أن المردودات لا تسدد إلا إذا بقي مبلغ من الضريبة المسددة بالزيادة يسترده المكلَّف في نهاية فترة الترحيل (وهي تتراوح عادة بين ثلاثة وستة أشهر). والأساس المنطقي الذي يستند إليه نظام الترحيل في حالة المؤسسات التجارية غير المصدِّرة هو أن الضريبة المسددة بالزيادة في إحدى الفترات الضريبية لا بد أن تليها فترات يصل فيها صافي التزامات ضريبة القيمة المضافة إلى مستوى كاف لاستيعاب المبالغ المرحَّلة. وتميل المؤسسات التجارية إلى اعتبار ذلك شكلا من أشكال بطش العدالة ـ فالبعض يرى أن تأخير سداد الاعتماد الضريبي يتساوى مع رفض سداده. وهناك تدبير آخر اعتمدته بعض الإدارات الضريبية وهو اشتراط الحصول على كفالة أو ضمانات مصرفية من التجار الذين يسعون لاسترداد ضرائبهم.

 

وظهرت مناهج أخرى ترمي إلى الحد من عدد طلبات رد ضريبة القيمة المضافة والتصدى لشواغل التدفق النقدي لدى المؤسسات التجارية. فقد نفذت بعض بلدان الاتحاد الأوروبي (مثل فرنسا وآيرلندا) وبعض البلدان في شمال إفريقيا وآسيا، أنظمة تطبق المعدل الصفري على التوريدات إلى المصدِّرين. وفي حين أن المنافع المتصورة لهذه الترتيبات قد تبدو مغرية، إلا أنها تضيف تعقيدات إلى الإدارة الضريبية وتفسح المجال لمخاطر جديدة تهدد الإيرادات، لا سيما في البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي حيث تحتاج القدرات الإدارية إلى قدر كبير من الدعم والمساندة. وينبغي التفكير بعناية في هذه العوامل عند النظر في إدخال هذه التدابير.

 

ورغبة في توفير حماية أكبر لنظام ضريبة القيمة المضافة من إمكانية استغلال إجراءات رد الضريبة ومراقبة سلوك المكلفين، حاول عدد قليل من البلدان إدخال أنظمة يغلب عليها الطابع الاقتحامي، وحققت في هذا المسعى نتائج متفاوتة. ومن بين هذه الأنظمة ما يقوم على جمع بيانات عن معاملات الشراء والبيع من جميع المؤسسات التجارية المسجلة في ضريبة القيمة المضافة، وإخضاع هذه البيانات للمراجعة المزدوجة. ولتحقيق نفس الأهداف، نظرت بلدان قليلة أخرى في مطالبة الشركات التجارية بإيداع ضريبة القيمة المضافة المستحقة على توريداتها في حسابات مصرفية خاصة، ومن ثم احتجاز جزء من رأس المال العامل لهذه الشركات. والسمة المميزة لهذه الأنظمة هي أنها تُخضع المؤسسات التجارية لأعباء عمل إضافية وتحمّلها مزيدا من تكاليف الامتثال، وهكذا فإنها تثير أسئلة مهمة حول حجم تكاليف الإدارة الضريبية التي ينبغي أن تتحملها هذه المؤسسات. وبالنظر إلى الطبيعة الاقتحامية لهذه الأنظمة سواء بالنسبة إلى التجار الممتثلين أو غير الممتثلين، فهي تبتعد كثيرا عن النظام الضريبي الحديث القائم على الامتثال الطوعي (أي أن الإدارة الضريبية ينبغي أن تركز جهودها على الحالات عالية المخاطر، مع ترك الغالبية العظمى من التجار تمارس أعمالها بدون تحميلها أعباء عمل إضافية وتكاليف امتثال غير ضرورية).

 

واستجابة لتزايد المطالبات من مجتمع الأعمال بتحسين خدمات الإدارات الضريبية، ظهر في بعض البلدان اتجاه متنام نحو استخدام المعالجة السريعة للمردودات الضريبية في حالة المصدرين المعروفين بحسن الامتثال. وقد ينطوي هذا على تطبيق نظام لإصدار "بطاقة ذهبية"، على سبيل المثال، يستطيع بموجبها المصدرون من أصحاب سجلات السداد الضريبي الجيدة أن يستردوا مدفوعاتهم خلال فترة محددة، وبطاقة فضية يحصل بموجبها المصدرون في فئات أدنى على معاملة أقل سرعة إلى حد ما. وبدلا من ذلك، تقوم بعض بلدان التحول الاقتصادي بمنح إعفاء من ضريبة القيمة المضافة للواردات من معدات رأس المال الأجنبي، على الأقل التي يستوردها مستثمرون أجانب، للحد من تزايد المردودات الضريبية. ولا شك أن هذه الأنظمة قد تجلب على نفسها مصاعب وتشوهات، لأن المعاملة التفضيلية للشركات ذات السمعة الراسخة تعتبر تحيزا ضد الشركات الجديدة.

 

وتتوفر حاليا ذخيرة من الأدلة على أن المشكلات المصاحبة لنظام رد الضريبة تمثل نقطة ضغط خطيرة في إدارة ضريبة القيمة المضافة القائمة على الخصم الضريبي لقيم الفواتير. وسوف تقتضي هذه المسألة مزيدا من الاهتمام في الفترة المقبلة، لا سيما بالنظر إلى الأنظمة المختلفة المطبقة في عدة بلدان لتعويض افتقارها إلى برامج تدقيق وأنظمة لرد الضريبة تتسم بالفعالية وترتكز على مبادئ إدارة المخاطر. ومعظم هذه الأنظمة يتضمن اشتراطات تنال من الطابع الأساسي لضريبة القيمة المضافة، ومن ثم ينبغي اعتبارها أنظمة انتقالية. ومن الأهمية بمكان أن تواصل الإدارات الضريبية التركيز على الهدف الاستراتيجي الأطول أجلا المتمثل في إنشاء أنظمة ضريبية قابلة للاستمرار تقوم على الامتثال الطوعي وتستخدم التقدير الضريبي الذاتي ومبادئ إدارة المخاطر. ومن المحتمل ألا يتوافق معظم هذه الحلول السريعة والمؤقتة مع التوجهات الاستراتيجية والمبادئ الأساسية لضريبة القيمة المضافة.

 

رابعا – الملخص وتحديات المستقبل

 

تهدف هذه الدراسة إلى استعراض آخر التجارب مع ضريبة القيمة المضافة على مستوى العالم، فيما يوفر سياقا وأفكارا للمناقشة أثناء مؤتمر الحوار الدولي حول القضايا الضريبية. ويوجز هذا القسم أهم الاستنتاجات.

 

بالرغم من اعتماد المنافع الصافية المتحققة من ضريبة القيمة المضافة اعتمادا جزئيا على طبيعة الظروف في كل بلد على حدة، فإن التجربة تشير إلى ملاءمة ضريبة القيمة المضافة لظروف البلدان النامية. وقد كانت هذه الضريبة من العناصر الأساسية في الاتجاه العام نحو الإصلاح الضريبي الذي ظهر بوضوح في كثير من البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي. وبينما لا يزال يتعين القيام بالكثير في هذا الصدد، فقد أسهمت ضريبة القيمة المضافة في استقرار تعبئة الإيرادات وتعزيزها في بلدان كثيرة، مع الإسهام في رفع الكفاءة الاقتصادية. وإضافة إلى ذلك فإن تعقيدات الضرائب غير المباشرة التي حلت محلها ضريبة القيمة المضافة في أغلب الحالات تدلل على عدم وجود أساس تستند إليه المخاوف من احتمال أن تكون ضريبة القيمة المضافة "مفرطة في التعقيد" بالنسبة للبلدان النامية. وتوضح التحليلات التجريبية أن أهمية التجارة الدولية وارتفاع معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة وطول المدة المنقضية منذ تطبيق ضريبة القيمة المضافة تسهم جميعا في تعزيز الإيرادات المتحصلة منها. وبينما يوحي العاملان الأخيران بأن الضريبة تكون "أكثر نجاحا" في البلدان الأكثر تقدما، فإن التجربة تفيد بأنها كانت "ناجحة" أيضا في الكثير من البلدان النامية.

 

وفيما يلي بعض الاستنتاجات الأكثر تحديدا ـ والتحديات المرجح ظهورها في المستقبل:

 

  1. إن الاختيار بين ضريبة القيمة المضافة ذات المعدل الواحد أو المعدلات المتعددة يعتمد في المقام الأول على الموازنة بين اعتبارات الإدارة الضريبية التي ترجح كفة المعدل الواحد، ومدى توافر أدوات أخرى موجهة بشكل أفضل نحو تحقيق أهداف التوزيع والتي يؤدي غيابها النسبي إلى تفضيل درجة أكبر من التفاوت في معدلات الضريبة. ولكن
    الملاحظ على أية حال أن إعادة التوزيع التي يمكن تحقيقها من خلال التفاوت في معدلات ضريبة القيمة المضافة عادة ما تكون محدودة للغاية (بل يمكن أن تصبح معاكسة). ولهذه الأسباب، يميل معظم الخبراء إلى تفضيل المعدل الواحد. ومن المرجح أن يكون دور الضريبة في الاستراتيجيات الأوسع نطاقا لتخفيف حدة الفقر وتحقيق العدالة موضع اهتمام مستمر في السنوات المقبلة.

 

  1. على وجه العموم، ينبغي تطبيق المعدل الضريبي الصفري على الصادرات فقط، مع استخدام الإعفاءات كبديل في الحالات التي تستوجب فيها الضرورة تخفيف العبء الضريبي عن سلعة أو خدمة معينة. وليس هذا هو المنهج الأمثل من زاوية السياسة الضريبية؛ فالإعفاءات تتسبب في إضعاف المنطق الذي تستند إليه ضريبة القيمة المضافة على نحو خطير. ومع ذلك، فنظرا للمشكلات الكبرى التي تنطوي عليها مراقبة رد الضريبة في البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي، ربما تكون الإعفاءات ثاني أفضل الحلول المنطقية.

 

  1. من المرجح أن تبرز الجهود الرامية إلى إلغاء الإعفاءات في السنوات المقبلة. فالإعفاءات لا تتمشى من حيث الجوهر مع المنطق الاقتصادي لضريبة القيمة المضافة وتسبب تشوهات ومصاعب في الإدارة والامتثال. ويبدو من المرجح أن يتزايد إدراك نقاط الضعف هذه وما تحققه من منافع محدودة.

 

  1. هناك حجة قوية تؤيد استخدام حد تكليف مرتفع نسبيا. فعلى النقيض من ضرائب المرحلة الواحدة، كالضريبة على مبيعات التجزئة، يمكن تطبيق حد التكليف دون ضياع قدر كبير من الإيرادات، مما يسهل تنفيذ ضريبة القيمة المضافة. ولكن وجود تأييد أكبر للضرائب الجزافية البسيطة الأدنى من حد التكليف سوف يساعد على تهدئة مخاوف السلطات من أن تتأثر أحوال العدالة وتوزيع الدخل بإعفاء من هم دون حد التكليف من تحصيل الضرائب والإبلاغ بها. وهناك تأييد أيضا لاستخدام حدود تكليف متمايزة (حتى يمكن استيعاب الفروق النظمية في القيمة المضافة بين القطاعات المختلفة)، وإن كان ذلك يتطلب المزيد من التحليل في ضوء التأثيرات على الجوانب الإدارية.

 

  1. الجوانب المتعلقة بالعلاقات بين نطاقات الاختصاص في شأن ضريبة القيمة المضافة ـ على المستوى الدولي وداخل التكتلات التجارية وفي البلدان الفيدرالية ـ سوف تتطلب اهتماما متزايدا في السنوات القادمة. وتتضمن القضايا المطروحة في هذا الصدد الدور الصحيح لضريبة القيمة المضافة في البلدان الفيدرالية، وتحديد شكل ومدى التنسيق الملائمين من حيث تصميم هذه الضريبة وتنفيذها.

 

  1. يلاحظ على سبيل التحديد أن تزايد أهمية التجارة في الخدمات والتجارة الإلكترونية يفرض تحديات جديدة أمام تصميم الضرائب الدولية والضرائب داخل الكيانات الفيدرالية. ومن الواضح أن هذه المجالات تستحق المزيد من التحليل والمناقشة، على غرار العمل الجاري في منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي بشأن الخدمات والبنود غير المنظورة.

 

  1. من
    المرجح أن يتطلب تنظيم الهيكل الكلي للإدارة الضريبية مزيدا من الاهتمام في سياق استحداث ضريبة القيمة المضافة وما بعده.

 

  1. إن عدم النجاح في تنفيذ إجراءات ملائمة للتقدير الذاتي يعني أن التنفيذ الفعلي لضريبة القيمة المضافة سيستغرق في هذه الحالات فترة أطول مما كان متصورا. ومن المؤكد حتى الآن أنه لا يمكن إقامة نظام فعال لضريبة القيمة المضافة بدون استخدام التقدير الذاتي.

 

  1. من الواضح أن بلدانا كثيرة تحتاج إلى تحسينات ملموسة في وضع إجراءات فعّالة للتدقيق.

 

  1. هناك مشكلات خطيرة، في كل مكان تقريبا، في رد المبالغ المسددة بالزيادة تحت حساب ضريبة القيمة المضافة. وربما تكون الحاجة النظرية لرد هذه المبالغ هي أهم العوامل التي تميز بين ضريبة القيمة المضافة والضرائب الأخرى التي حلت هذه الضريبة محلها في البلدان الأقل تقدما. وبالإضافة إلى تحفظ الحكومات الضعيفة ماليا في رد هذه المدفوعات، فقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن العديد من الإدارات الضريبية عاجزة عن مراقبة عمليات رد الضريبة نقدا دون فتح المجال أمام فرص الاستغلال. ويمكن معالجة هذا الأمر من خلال تدابير توفيقية لتحسين عملية رد الضريبة (بالتركيز على تخفيف العبء عن المصدرين على سبيل المثال) والقيام، على أساس مؤقت فقط، باعتماد تدابير مصممة على نحو لا يتعارض مع ضرورة رد الضريبة (في حالة الاستثمار على وجه الخصوص).

 

  1. تحتاج البلدان الأكثر تقدما إلى اتباع منهج استراتيجي شامل للتعامل مع ضياع إيرادات ضريبة القيمة المضافة، على أساس القياس السليم لهذه الإيرادات الضائعة، بغية مساعدة الحكومات على وضع تدابير مضادة فعالة ومحددة، واكتساب القدرة على مراقبة أداء الإدارة الضريبية في هذا المجال.

 

  1. إن اعتماد ضريبة القيمة المضافة هو بداية العملية وليس نهايتها. وقد تحتاج بعض البلدان التي تفكِّر في إدخال هذه الضريبة إلى فترة تتجاوز الفترة التقليدية والتي تتراوح بين 18 و 24 شهرا. وبشكل أعم، ينبغي النظر إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة باعتباره عملية مستمرة لتحسين عمليتي التصميم والتنفيذ.

 

وبشكل أعم فإن نطاق التحديات المقبلة ـ وهي تحسين هيكل الضريبة وتنفيذها، ومواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها الخدمات الدولية والتجارة الإلكترونية والتكامل الإقليمي وتحرير التجارة ـ إنما يعني أن ضريبة القيمة المضافة ستظل مدرجة في جدول الأعمال لسنوات كثيرة قادمة.


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى