بحوث قانونية

طرق الطعن غير العادية

المقدمــة:

     يقصد بطرق الطعن الوسائل التي يضعها المشرع في متناول الأطراف في النزاع أو في متناول الغير للتظلم من حكم أضر بحقوقهم أو بمصالحهم وذلك ابتغاء ازالة أو تخفيف الضرر الذي ألحقه بهم الحكم المطعون فيه. وطرق الطعن هذه قد توجه الى الحكم ذاته لعلة تشوبه وقد توجه للاجراء ات التي سبقت صدوره[1].

     وتنقسم طرق الطعن  في قانون المسطرة المدنية المغربي الى طرق طعن عادية وأخري غير عادية.

[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]

    وتعرف طرق الطعن العادية بتلك التسمية لأنها لاتتطلب اجراءات استثنائية اذ بموجبها يمكن الطعن في الأحكام بناء على أي سبب سواء كان متعلقا بالواقع أو بالقانون.كما تسمه كذلك لأن القاضي الذي ينظر فيها لا يتمتع بسلطات اضافية لتلك التي كان يتمتع بها القاضي المصدر للأحكام المطعون فيها وهي في القانون المغربي التعرض والاسنئناف.

   أما طرق الطعن غير العادية فهي التي تتطلب إجراءات وسلطات إضافية، فهي توجه ضد الأحكام الحائزة لحجية الشيئ المقضي به. التي لم يعد بالامكان الطعن فيها بالطرق العادية ،وهي في القانون المغربي النقض .اعادة النظر .وتعرض الغير الخارج عن الخصومة[2].

   ومن خلال العرض الذي بين أيدينا سنتناول طرق الطعن غير العادية وهي النقض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة واعادة النظر.

    ومن خلال دراستنا لعناصر الموضوع سنحاول مقاربة مدى فعالية طرق الطعن غير العادية في اصلاح الأخطاء التي تقع في الأحكام .وهل طرق الطعن هذه تستعمل لتلافي الأخطاء الواقعة في الأحكام أم أنها مجرد وسيلة لاطالة أمد مسطر التقاضي وبالتالي البعد عن الغاية من وضعها.

 

 

المبحث الأول: الطـــــعــــن بالنـــــقــــض:

    ان توحيد العمل القضائي في دولة من الدول من أهم ما  يسعى إليه مشرع تلك الدولة، لما في هذا التوحيد من استقرار في العمل القضائي وتوحيد تفسير النصوص القانونية وتأوليها واعطائها مدلولا واحدا وموحدا في جميع محاكم المملكة الشيئ الذي يؤدي الى استقرار المعاملات[3].

    وتعتبر مؤسسة المجلس الأعلى أو محكمة النقض أعلى مؤسسة توجد في هرم التنظيم القضائي المغربي تحدد اختصاصه بمقتضى ظهير انشائه الصادر بتاريخ 27 شتنبر 1957 الذي عدلت فصوله وتممت بالفصول 353 الى 400 من قانون المسطرة المدنية الجديد الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1974.

   والطعن بالنقض هو طريق غير عادي من طرق الطعن في الأحكام يهدف عرض الحكم المطعون فيه على المجلس الأعلى قصد نقضه لمخافته أحكام القانون[4].

     وقد عـدد الفصل 359 من ق.م.م المغربي الأسباب التي يجوز الطعن بها في الأحكام بالنقض بقوله: ( يجب أن تكون طلبات نقص الأحكام المعروضة على المجلس الأعلى مبنية على أحد الأسباب التالــيــة:

1/ خـرق القانـون الداخلي.

2/ خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف.

3/ عــــــدم الاختصاص.

4/ الشطط في استعمال السلطة.

5/ عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل.)[5]

 

 

 

 

 

 

     وهذه الأسباب جاءت على سبيل الحصر بحيث أنه لايمكن اضافة سبب جديد إليها ،وقد قضى المجلس الأعلى في قراره رقم 34 بتاريخ 01/02/1972 :'' بأن عريضة النقض التي لا تؤسس على واحد من الأسباب الخمسة المبينة في الفصل 13 من الظهير المؤسس للمجلس الأعلى  الفصل 359 من ق.م.م .تكون غير مقبولة''[6].

     وهي في مجموعها تشكل مخالفة للقانون بمعناه الواسع،إذ أن دور المجلس الاعلى محصور في رقابة حسن تطبيق المحاكم للقانون دون الواقع اذ يجب على المجلس الأعلى أن يبقي الوقائع على الحالة التي أثبتها قضاة الموضوع دون تغيير زيادة أو نقصانا أو تعديلا .

     وحتى يتسنى لنا الاحاطة بالنقض كطريق من طرق الطعن الغير العادية سنتناول أسباب الطعن بالنقض في المطلب الأول.أما أثار الطعن بالنقض فسنخصص لها المطلب الثاني.

     المطلب الأول: أسباب الطعـن بالنقـض:

 1/_ خرق القانون الداخـلي:يشكل خرق القانون الداخلي سبب من أسباب النقض ويعنينا هنا خرق قواعد القانون الموضوعي الداخلي الا أنه لم يرد في التشريع المغربي أي تحديد للمقصود بكلمة القانون الداخلي كسبب للطعن بالنقض وهكذا يمكن القول أن المقصود بالقانون الداخلي معناه الواسع بحيث يشمل جميع الأعمال الصادرة عن السلطة التشريعية الوطنية من ظهائر ومراسيم وقوانين والأعمال الصادرة عن السلطة التنفيدية في اطار السلطة التنظيمية كالمراسيم الصادرة عن الوزير الأول أو القرارات الوزارية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المصدق عليها قانونا بالمغرب والقرارات التي يصدرها العمال والباشوات ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية في نطاق السلطة المخولة لهم بمقتضى القانون وقواعد الفقه الإسلامي.[7]

 

 

    ويكون خرق القانون سببا من أسباب الطعن بالنقض اما بخطأ في تطبيق القانون أو الخطأ في تأويله أو لمخالفة القانون.

    ويتحقق الخطأ في تطبيق القانون وذلك بتطبيق قاعدة قانونية غير القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه ولو طبقت تطبيقا سليما.        ومما جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى: '' ان محكمة الاستئناف لما اعتبرت القرارات الغيابية الاستئنافية غير قابلة للتعرض بناء على الاحالة الواردة في الفصل 353 على الفصل 130 من ق.م.م. باعتبارها شاملة للفصل 153، فإنها مددت الفصول الاربعة المحال عليها لتشمل غيرها مما لاعلاقة له بموضوع النازلة . تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وعرضت قرارها للنقض.''[8]

     وأما الخطأ في تأويل القانون فيكون باعطاء النص الواجب التطبيق مدلولا غير مدلوله الحقيقي أو اعطاء تفسير غير صحيح للقاعدة القانونية اذ يخالف بذلك قصد المشرع ونيته الحقيقية.كأن يعتبر فقر الواهب قرينة على صورية عقد الهبة كافيا لابطاله في حين أن الفصل 454 من قانون .ل.ع ينص على أنه "ليس للقاضي أن يقبل الا القرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن المتعددة التي حصل التوافق بينها"[9].

       والمقصود بمخالفة القانون الاعراض عن تطبيق نص قانوني على النازلة المعروضة[10].

  ويشترط للطعن في الحكم بمخافة القانون الداخلي مايلي:

     أ/ – أن يكون هناك نص قانوني أو قاعدة قانونية يمكن تطبيقها على النزاع حسب       ماتكشف عنه الأدلة الواقعية التي أثبتها الحكم المطعون فيه.

    ب/ – أن يكون الحكم المطعون فيه قد خالف هذه القاعدة، أو أخطأ في تطبيقها، أو في تأويلها.

 

 

     ج/- أن تكون المسألة القانونية المدعى وقوع الخطأ فيها ،أو مخالفتها ،قد عرضت على المحكمة التي أصدرت الحكم،أو تعرضت هي لها بمواجهتها من تلقاء نفسها بالتطبيق لأحكام القانون .

      ه/- أن يكون الحكم المطعون فيه قد استند الى هذه المخالفة أو الخطأ[11].

   وعيب هذا السبب أنه يوحي باستبعاد الطعن بالنقض بسبب خرق قانون أجنبي والحال أن هذا الأخير يعرف تطبيقات كثيرة كما أن نصوصا عدة تحيل عليها مثل الفصل 3من ق.ل.ع الذي ينص على أن " الاهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية،وكل شخص أهل للإلزام والالتزام مالم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك".بالاضافة الى ظهير13غشت 1913 بشأن الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب وخاصة الفصل الثامن الذي ينص على أن الحق في ابرام الزواج يخضع للقانون الوطني لكل من الزوجين[12].

           2/_  خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف: ويشترط ليكون سببا من أسباب النقض أن يكون خرق هذه القاعدة قد أضر بطالب النقض،بحيث أن القاعدة المسطرية ولو كانت جوهرية اذا لم يضار الطاعن من خرقها وأثبت الضرر الحاصل له به لا يعد سببا كافيا لنقض القرار المطعون فيه[13].

    وقد استقر القضاء على القواعد الاجرائية المرتبة لطلب النقض وهي :

    أ – القواعد المسطرية التي ينتج عن خرقها بطلان الحكم على سبيل المثال : اغفال الحكم لعبارة – باسم جلالة الملك- .

    ب- القواعد المسطرية المتعلقة بحقوق الدفاع : كعدم استدعاء الأطراف بطريقة قانونية ورفض

 السماع للشاهد بعد أن يكون قد أدى اليمين القانونية .

           ج- القواعد المسطرية المتصلة بالنظام العام كانعدام الصفة  أو الأهلية أو المصلحة ،             وقد جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى: "ان عدم مناقشة المحكمة لمذكرة مسجلة لدى كتابة الضبط بها،وعليها طابعها مرفوقة بلفيفية،وعدم الرد عليها بما تراه قبولا أو رفضا،يجعل حكمها مخلا بحق من حقوق الدفاع"[14].

               3/عـدم الاختصـاص:

             اذا نظرت المحكمة في قضية من اختصاص محكمة أخرى تكون قد خرجت عن اختصاصها وعرضت حكمها للنقض وقانون المسطرة المدنية القديم كان يعتبر الدفع بعدم الاختصاص النوعي متعلقا بالنظام العام ويترتب على ذلك أن للخصوم اثارثه من تلقاء أنفسهم في أية مرحلة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام المجلس الاعلى عن طريق الطعن بالنقض. كما يتعين على المحكمة أن تقضي به من تلفاء نفسها أما الدفع بعدم الاختصاص المحلي فلا يعتبر من النظام العام لأنه يستهدف مصلحة الخواص فاذا لم يثره

         الخصم في بدء الخصومة وقبل أي دفع آخر سقط حقه فيه أما قانون المسطرة المدنية الحالي فقد غير نظرته الى عدم الاختصاص النوعي فلم يعد يعتبره من النظام العام بصريح نص الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية ومادام الأمر كذلك فان كلا من عدم الاختصاص النوعي والمكاني لم يعد بالامكان اثارثهما أمام المجلس الأعلى الا اذا كان هذا الدفع قد أثير في المرحلة الابتدائية وقبل أي دفع أو دفاع وكان الحكم المطعون فيه لعـدم الاختصاص حكما انتهائيا صدر بالصورة الغيابية.

4/الشـطـط فـي استعمـال السلـطـة:

     يقصد بالشطط في استعمال السلطة تجاوز القاضي حدود اختصاصه الوظيفي وتدخله في مهام تخرج عن اختصاصه القضائي. ويتحقق تجاوز السلطة أو الشطط في استعمالها بشكل عام في تدخل القضاء في اختصاص السلطتين التشريعية والتنفيذية[15].

  وأول صورة تبرز عندما يتجاوز القاضي حدود اختصاصه الوظيفي ويتدخل في مهام تخرج عن مهام السلطة القضائية.فاذا أعطى القاضي نفسه حق البث في دستورية قانون أو مرسوم أو حق تفسير عمل اداري يعود الى السلطة التنفيذية أمر تفسيره فان ذلك يعتبر شططا في استعمال السلطة ويبرر نقض الحكم الذي صدر مشوبا بمثل هذا الشطط.

        وتجدر الاشارة الى أن المشرع المغربي منح للوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى وبناء على أمر من وزير العدل أن يحيل على المجلس المذكور الأحكام التي يتجاوز فيهخا القضاة سلطاتهم وذلك بهدف الغائها.

غير أن ذلك لن يتأت الا بحترام بعض الشروط منها:

   أ/-أن يمارس هذا الاختصاص الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلىوحده دون غيره.

  ب/-أن يحصل الوكيل العام لدى المجلس الأعلى على أمر بذلك من وزير العدل.       ج/-أن يكون الطعن موجها ضد الأعمال والقرارات ذات الطابع الاداري الصادرة عن القضاة.[16]

5/عدم ارتكاز الحكــــم على أساس قانوني أوانعدام التعليل.    

        مبدئيا يجب أن يحتوي كل حكم على الأسباب الواقعية التي يقوم عليها طبقا للفصول 50و345 و 375 من قانون.م.م.

    وتسبيب الحكم هو التسجيل الدقيق والكامل للنشاط المبذول من طرف قاضي الموضوع الى غاية النطق بالحكم ويتمثل هذا النشاط بالخصوص في ابراز مجموعة من الأسانيد الواقعية والقانونية التي يبنى عليها منطوق الحكم.

     وانعدام الأساس القانوني هو تجريد الحكم من السند القانوني الذي يجب أن يتوفر في كل حكم قضائي أي القاعدة القانونية الواجبة التطبيق، وهناك من يقول بأن انعدام الأساس القانوني يتحقق في الوقت الذي لايقوم فيه قاضي الموضوع بوصف دقيق للمعطيات الواقعية التي تسمح لمحكمة النقض بممارسة رقابته[17].

    وقد استقر قضاء المجلس الأعلى على اعتبار نقصان التعليل أو فساده يوازي انعدامه وبالتالي يجعل القرار المتسم به معرضا للنقض.

   حيث جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى: "يشترط لصحة الأحكام أن تكون معللة،وأن عدم الإجابة عن دفع له أثره في نتيجة القرار يعد بمثابة نقصان التعليل ينزل منزلة انعدامه"[18].

  وفي قرار آخر صرح المجلس الأعلى: "…ان القرار الذي قضى بأنه يتبين من وثائق الملف أن الطالب هو الذي رغب في فسخ العقد دون أن يبين ماهي الوثائق ومضمونها يستوجب النقض لكونه ناقص التعليل"[19].                            

      المطلب الثانـي: اجـراءات النقض وأثـاره

      الفقرة 1: أثـــــــــار النقض.

الأطراف في الطعن بالنقض:

أولا: الأطراف الذين يحق لهم طلب النقض: يشترط فيمن يسلك طريق الطعن بالنقض أن تتوافر فيه شروط الادعاء عموما وهي: الصفة والأهلية والمصلحة.

 ثانيا: الاطراف الذين يمكن أن يوجه الطعن ضدهم:يجب أن يقدم الطعن ضد الشخص الذي صدر الحكم لمصلحته ولايمكن توجيه الطعن ضد شخص لم يكن طرفا في الحكم المطعون فيه .

  ثالثا: الأشخاص الذين يحق لهم التدخل في الطعن بالنقض: أجاز المشرع التدخل في الطعن بالنقض لكل شخص " له في فصل الدعوى مصالح مشاعة مع مصالح الطالب أو المطلوب ضده النقض".على أن يكون القصد من التدخل تعزيز ادعاءات أحد الأطراف الفصل 377 من ق.م.م. ولكن المتدخل يحظر عليه أن يثير أمام هذا المجلس ادعاءات لم يثرها الخصوم بل ان نطاق تدخله محصور في تعزيز الادعاءات التي تقدم بها الخصم الذي ترتبط مصالحه بمصالحه.

    نظم ق.م.م اجراءات النقض في الفصول 354 الى 358 .ونظرا لخطورة مرحلة النقض ،فقد ألزم الفصل 354 من ق.م.م أن تكون جميع عرائض النقض ضد الأحكام القضائية مقدمة من طرف محام مقبول أمام المجلس الأعلى[20].

 أما إذا قدمت من طرف محام غير مقبول للترافع أمام المجلس الأعلى أو قدمت من طرف محام مقبول ولكنها غير موقعة باسمه بل بطابعه فقط أو كانت مقدمة من الطاعن شخصيا ولو كان محاميا مقبولا لدى المجلس الأعلى فان الطعن يكون غير مقبول.كذلك الشأن بالنسبة للمطلوب ضده النقض اذا أراد الرد على العريضة التي تقدم بها الطالب أن يقدم بدوره العريضة الجوابية موقع عليها من طرف محام مقبول لدى المجلس الأعلى .

    ويلاحظ أن هذه القواعد الشكلية مؤثرة الى حد بعيد في سير القضية ومآلها. وذلك خلافا للقواعد الاجرائية المرنة المنصوص عليها بالنسبة للمحاكم الابتدائية والاستئنافية[21].

    الا أن الدولة سواء كانت طالبة أو مطلوبة  تعفى من تنصيب محام عنها وتوقع العرائض التي تقدمها والأجوبة عنها من طرف الوزير المعني بالأمر أو الموظف المعين من طرفه لهذه الغاية طبقا للفصل 354 من ق.م.م.

    ويجب أن تتوفر في عريضة النقض استنادا الى المفصل 355 من ق.م.م. تحت طائلة عدم القبول البيات التالية:

  أ/ بيان أسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم الحقيقي أو المختار: فقد أوجب الفصل المذكور أن يستدعى الخصم الى عنوانه الحقيقي الذي أورده في دعواه ،أو تابع به المسطرة أما محكمة الموضوع حتى ولو كان قد غيره أو رجع الاستدعاء الموجه اليه في مرحلة التقاضي الموضوعية بملاحظة أنه مجهول ونصب عليه قيم ،فان الطاعن يكتفي بذكر العنوان الحقيقي لخصمه الوارد في الدعوى وليس ملزما بالبحث عن عنوانه الجديد.

 ب/ ملخص الوقائع والوسائل والمستنتجات: ان الوقائع هي التي تبسط النزاع أمام قاضي النقض وتفتح الخصومة وموضوعها أمامه ليتصورها ويقرر مااذا كان قضاة الموضوع قد طبقوا عليها القاعدة القانونية الواجبة التطبيق أم لا.

   والوسائل هي المطاعن التي يثيرها الطاعن ويدعي أن الحكم المطعون فيه قد خرقها أو هي المخالفات القانونية التي ينسبها الطاعن للقرار المطعون فيه ويطلب من المجلس الأعلى إصدار الجزاء القانوني عن هذه المخالفات[22].           

ج/ إرفاق مقال النقض بنسخة من القرار المطعون فيه: ومقال النقض يجب أن تكون نسخه بعدد الأطراف لتبعث منه نسخة الى كل طرف على حدة ويطلب من طالب النقض اكمال العدد الناقص منها والا كان طعنه غير مقبول وقد أكد المجلس الأعلى هذا الاتجاه في قرار رقم 195 بتاريخ 15/3/1978-[23].

    ويتعين على طالب النقض أداء الوجيبة القضائية في نفس الوقت الذي يقدم فيه مقاله تحت طائلة عدم القبول مالم يكن الطالب في النقض متمتعا بالمساعدة القضائية.

  الفقرة 2: أثــــــــــار النقـض:

    على خلاف طرق الطعن العادية لايترتب على تقديم طلب النقض وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه انما  يبقى التنفيذ قائما. وقد استثنى الفصل من361 ق.م.م عن هذه القاعدة ثلاث حالات حيث جعل تقديم مقال النقص ضدها يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه الى أن يبث المجلس الأعلى في طلب النقض وهي :

·         قضـايا الأحوال الشخصية.

·         الـزور الفـــرعــي.

·         التحفيـظ العقــــاري.

   ان آثار القرار الصادر عن المجلس الأعلى تختلف بحسب طبيعته،إما رد الطعن وتصديق الحكم المطعوت فيه( أولا) أو قبول الطعن ونقض الحكم موضوع الطعن (ثانيا).

    أولا: آثار الحكم القاضي رفض الطعن بالنقض: في هذه الحالة يصبح الحكم المطعون فيه حائزا لقوة الشيئ المقضي به ويضحى نهائيا ولايقبل أي طريق آخر من طرق الطعن. لأي سبب كان في نفس الموضوع وبين نفس الأطراف.الأمر الذي يؤدي بالتبعية الى تقوية ذلك القراروتأكيد قوته التنفيذية ورفع ايقاف التنفيذ الذي يتم في الحالات المنصوص عليها في الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية.

        ثانيا: آثار نقض الحكم المطعون فيه:

    ان آثار قرار قبول الطعن بالنقض تختلف بحسب ماذا كان النقض كليا أو جزئيا. فالنقض يمكن أن يكون كليا كما يكون جزئيا فللمجلس الأعلى أن ينقض القرار كله اذا تبين له وجه لذلك ،ويكتفي بنقضه جزئيا دون بقية الأجزاء الأخرى ان كان لذلك مبرر وتكون محكمة الاحالة ملزمة بالبث فيما أحيل عليها فقط دون بقية أجزاء الحكم التي لم تتعرض للنقض والتي أصبح فيه الحكم نهائيا.

أ/ حالة النقض الكلي:من المبادئ المسلم بها أن الحكم المتضمن قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه يجرد الحكم المنقوض من آثاره كافة بحيث يعتبر هذا الحكم كأن لم يكن ويعاد الأطراف الى الوضع الذي كانوا عليه قبل صدوره.[24]

ويترتب على هذا المبدأ مبدأين أساسيين:

  * بطلان جميع الأعمال التنفيذية التي تمت وجميع الأوامر التنفيذية التي اتخذت استنادا للحكم المنقوض.

  * الزام الطرف الذي كان صدر الحكم المنقوض لمصلحته أن يرد الى الطاعن ماقبضه منه استنادا للحكم المذكور[25].

    وقد جاء في أحد قرارات المجلس الأعى أنه يترتب على النقض والاحالة رد النزاع والأطراف الى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم المنقوض .ويترتب على النقض كذلك وبحكم التبعية بطلان جميع الأحكام والقرارت التي ترتبط بالقرار المنقوض والتي تكون نتيجة له[26].

 ب/ حالة النقض الجزئي: ينص على هذه الحالة الفقرة الثانية من الفصل 369 من ق.م.م. " اذا بث المجلس الأعلى في نقطة قانونية معينة تعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف أن تتقيد بقرار المجلس الأعلى في هذ النقطة".وفي هذه الحالة تكون محكـمة

الإحالة ملزمة بالبث فيما أحيل عليها فقط دون بيقة أجزاء الحكم التي لم تتعرض للنقض والتي أصبح فيها الحكم نهائيا.

المبحث الثاني: إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة

المطلب الأول: إعادة النظر

    إعادة النظر طريق طعن غير عادي يستطيع أحد الخصوم في الدعوى سلوكه في حالات معينة للطعن في الإحكام الإنتهائية غير القابلة للتعرض أو الاستئناف, ودلك أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ابتغاء رجوع هده المحكمة عنه والقيام بالتحقيق في القضية من جديد تلافيا لخطأ غير مقصود كان يشوب الحكم المطلوب إعادة النظر فيه[27].

الفقرة الأولى: حالات إعادة النظر وميعاده

أولا: حالات الطعن بإعادة النظر

    حددت المادة 402 من قانون المسطرة المدنية الحالات التي يمكن الاستناد عليها لممارسة الطعن بإعادة النظر.

    وسنقوم بدراسة كل حالة على حدى ودلك كالتالي:

الحالة الأولى: إذا بث القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البث في أحد الطلبات.

    القاعدة أن المحكمة إنما تفصل في الطلبات المطروحة أمامها, وفي حدود هده الطلبات , فادا تجاوز حكمها أوأغفل بعضها كأن يكون المدعي طلب إلزام مدين بالدين واعتباره ممتازا, فتقصر المحكمة على الحكم بإلزام المدين بالدين دون أن تفصل في الامتياز, يجوز أنداك الطعن بإعادة النظر[28].

الحالة الثانية: إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى.

    يتعلق الأمر بكل عمل كأدب أو رياء احتيالي مستعمل من طرف المستفيد من الحكم بصفة عمدية وله أثر على حكم القاضي و تسبب في إدانة الخصم[29]

    وقد قرر المجلس الأعلى: "أن التدليس الذي يبرر إعادة النظر هو أن تكون الوقائع التي لها أهمية في الفصل في النزاع خافية على طالب إعادة النظر طيلة نظر الدعوى ولم تتح له الفرصة لتقديم أوجه دفاعه وإظهار الحقيقة بشأنها. أما إذا كان عالما بدلك وسكت فأنه بموقفه هدا يكون قد أسقط حقه في تقديم الطعن بإعادة النظر استنادا لنفس السبب (التدليس)[30].

الحالة الثالثة: إذا بني الحكم على مستندات اعتراف أو صرح بأنها مزورة بعد صدور الحكم.

    ويشترط أن تكون الوثائق المزورة قد أثرت تأثيرا كليا في الحكم بحيث كانت هي السبب الدافع والوحيد الذي حمل المحكمة على إصدار حكمها.

    أما إذا بنت المحكمة حكمها على أدلة أخرى إلى جانب الوثيقة المزورة بحيث لم يكن لهده الوثيقة شأن يذكر في صدور الحكم, فان التزوير عندئذ لا يصلح سببا لإعادة النظر[31]

الحالة الرابعة: إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الأخر.

    جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 1729 الصادر عن غرفتين بتاريخ 14 أبريل 1999" أنه لاتشكل الوثيقة الحاسمة التي تكون سببا من أسباب إعادة النظر أمام المجلس الأعلى ما سبق مناقشته  من وثائق أثناء النظر في دعوى إتمام البيع. إذ أن المقصود بالوثائق الحاسمة هي تلك التي كانت محتكرة لدى الخصم خلال جريان الدعوى…"[32].

    وجاء في قرار أخر لنفس المجلس :"أن المفهوم القانوني للوثيقة الحاسمة المبررة للطعن في قرارات المجلس الأعلى هي أن تكون  تلك الوثيقة محتكرة بفعل ايجابي من الخصم للحيلولة دون تقديمها, أي حجزها ماديا تحث يده أو منع من يحوزها من تقديمها…"[33]

الحالة الخامسة: إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم.

    يجب أن يتضمن منطوق الحكم الواحد مقتضيات متناقضة يستحيل معها التنفيذ, أما إذا كان هناك تناقض بين منطوق الحكم وحيثياته فهدا يوازي انعدام التعليل. والمثال على هده الحالة, القرار الذي يصادق على تقرير الخبير, غير أنه يتخذ حلا مغايرا للحل المقترح من طرف الخبير[34].

الحالة السادسة: إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين متناقضين ودلك لعلة عدم الاطلاع على حكم سابق أو لخطأ واقعي. قد يصدر عن نفس المحكمة حكمان يعارض أحدهما الأخر بحيث يقضي الأول منهما بعكس مايقضي الثاني. فلرفع التناقض القائم بين الحكمين في مثل هده الحالة, أجاز المشرع سلوك طريق إعادة النظر[35]

الحالة السابعة: إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين.

    ويعتبر الحكم صادرا دون أن يتم الدفاع بصورة صحيحة عن حقوق الإدارات العامة أو القاصرين, عندما ينعدم الدفاع عن هده الحقوق أو عندما يكون الدفاع غير قانوني كأن يفصل في القضية دون أخد مطالعة النيابة العامة كما تقضي بدلك المادة التاسعة من قانون المسطرة المدنية التي توجب تبليغ الدعوى إلى النيابة العامة عندما تتعلق بالدولة والمؤسسات العامة أو عندما تتعلق بالقاصرين[36]

ثانيا : ميعاد الطعن بإعادة النظر

    مايميز أجل الطعن بإعادة النظر هو اختلافه بحسب الأسباب التي يبنى عليها هدا الطعن.

    فالأصل أن ميعاد الطعن بإعادة النظر حسب الفصل 403 من قانون المسطرة المدنية هو ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه.

    لكن المشرع قد لاحظ أن من أسباب الالتماس ما قد لا يظهر إلا بعد انقضاء الميعاد إدا احتسب طبقا للقاعدة العامة من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه, فقرر حماية للمحكوم عليه أن يبدأ الميعاد في مثل تلك الحالات من يوم ظهور سبب الالتماس.

    وهكذا إذا كانت أسباب إعادة النظر هي التزوير أو التدليس أو اكتشاف مستندات جديدة فلا يسري الأجل إلا من يوم الاعتراف بالزور أو التدليس  أو اكتشاف المستندات الجديدة بشرط أن يوجد بالنسبة للحالتين الأخيرتين دليل كتابي على هدا التاريخ , غير أنه إذا كانت الأفعال الإجرامية قد ثبت وجودها من طرف محكمة زجرية فإن الأجل لا يسري إلا ابتداء من التاريخ الذي يصبح  الحكم الصادر من المحكمة  مكتسبا بقوة الشيء المقضي به[37].

الفقرة الثانية: إجراءات وأثار إعادة النظر.

أولا: إجراءات إعادة النظر.

    يقدم طلب إعادة النظر وفق الإجراءات المنصوص عليها بخصوص تقديم المقالات الافتتاحية للدعوى, كما يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. فإذا رفع إلى المحكمة الابتدائية وقع الخيار بين المقال المكتوب والتصريح الشفوي, أما إدا رفع إلى محكمة الاستئناف فيتعين الالتزام بالمسطرة الكتابية.

    أما في حالة تقديم طلب إعادة النظر أمام المجلس الأعلى فيجب أن يكون موقعا من طرف محام مقبول لدى المجلس الأعلى.

    ويشترط لقبول طلب الطعن بإعادة النظر أن يصحب الطلب بتوصيل يثبت إيداع طالب إعادة النظر في كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم أو للقرار المطعون فيه مبلغ مواز للغرامة في حدها الأقصى التي يمكن أن يحكم بها وهي ألف درهم أمام المحكمة الابتدائية ألفين و خمسمائة درهم أمام محكمة الاستئناف وخمسة آلاف درهم أمام المجلس الأعلى, ودلك تطبيقا للفصل 407 من قانون المسطرة المدنية[38].

ثانيا: إعادة النظر

    ينص الفصل 406 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

" يرفع طلب إعادة النظر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويجوز أن يبث فيه نفس القضاة الدين أصدروه.

لا يوفق الطلب تنفيذ الحكم."

    يتبين من صريح عبارة هدا الفصل أن طلب إعادة النظر لا يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.

    على أن طبيعة الأشياء تتطلب أحيانا بالضرورة إيقاف التنفيذ في بعض الحالات كما في حالة التعارض بين حكمين أو من باب أولى حالة التناقض بين أجزاء منطوق الحكم الواحد.

    وفي كل حال, تستطيع المحكمة, في إعادة النظر, كما في تعرض الغير الخارج عن الخصومة, أن تقرر وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بناء على طلب من ذي المصلحة, إدا تبين لها أن الاستمرار على تنفيذ الحكم المذكور يلحق بطالب إعادة النظر ضررا فادحا لا يمكن تلافيه[39]

المطلب الثاني: تعرض الغير الخارج عن الخصومة

    بناء على الفصل 303 من قانون المسطرة المدنية يمكن القول أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة عبارة عن طريق غير عادي للطعن في الأحكام وضعه القانون في متناول كل شخص لم يكن طرفا ولا ممثلا في الدعوى, ليستطيع بمقتضاه أن يدفع أثر الحكم الصادر فيها إدا كان الحكم المذكور يمس بحقوقه أو يضر بمصالحه[40].

    وما يميز هدا النوع من طرق الطعن الغير عادية أنه خاص بالغير, عكس النقض وإعادة النظر, حيث يمتنع على غير الخصم في الدعوى ممارستهما.

الفقرة الأولى: إجراءات تعرض الغير الخارج عن الخصومة

    ينص الفصل 304 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

" يقدم تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفقا للقواعد المقررة للمقالات الافتتاحية للدعوى.

لا يقبل أي تعرض للخارج عن الخصومة إدا لم يرفق بوصل يثبت إيداعه بكتابة ضبط المحكمة مبلغا مساويا للغرامة في حدها الأقصى والتي  يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل الآتي".

    يتبين من خلال هدا الفصل أن المشرع المغربي قد أخضع تقديم تعرض الغير الخارج عن الخصومة لما هو معمول به في تقديم المقالات الافتتاحية للدعوى.

    لكن ما يثير التساؤل هو عدم تحديد المشرع المغري للمدة المخصصة لممارسته, حيث يبقى للغير ذي المصلحة التعرض على الحكم الذي أضر به في أي وقت شاء, مالم يكن صدر عنه ما يفيد صراحة أو ضمنا إقراره للحكم والقبول بما قضى به ولا سيما إدا كان قد نفد الحكم رضاء أو أعلن أنه لن يتعرض عليه[41].

    ويرجع بعض الفقه هدا السكوت إلى صعوبة معرفة ابتداء سريان الأجل, مع العلم أن طالب الطعن في هده الحالة لم يكن طرفا في الدعوى, فضلا عن أن الحكم لم يبلغ إليه[42].

    لذلك وتطبيقا للمبادئ العامة, يبقى للغير الحق في التعرض على الحكم ما لم يسقط حقه بالتقادم.

    ولما كانت مدة التقادم المسقط في القانون المغربي هي خمسة عشر سنة حسب المادة 387 من قانون الالتزامات والعقود, فإن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يمكن التمسك به خلال الخمسة عشر سنة من تاريخ صدور الحكم موضوع التعرض[43].

    ويوجه تعرض الغير الخارج عن الخصومة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه, وفي هدا الصدد جاء قرار المجلس الأعلى بما يلي:

"إدا تعرض الغير الخارج عن الخصومة على حكم ابتدائي أو قرار استئنافي يجب أن يقدم للمحكمة التي أصدرت الحكم المتعرض عليه.

ومحكمة الاستئناف لما قبلت تعرض الغير الخارج عن الخصومة على حكم ابتدائي تكون قد خالفت القانون وعرضت قرارها الصادر بشأن هدا التعرض للنقض"[44].

    كما ألزم المشرع المتعرض إرفاق تعرضه بوصل يثبت إيداعه بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم أو القرار المطعون فيه مبلغا يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها في حالة ما إذا رفض تعرضه[45].

     وهدا الحد الأقصى الواجب إيداعه تم التنصيص عليه في الفصل 305 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه ما يلي:" يحكم على الطرف الذي لا يقبل تعرضه بغرامة لا تتجاوز مائة درهم بالنسبة للمحاكم الابتدائية وثلاث مائة درهم بالنسبة لمحاكم الاستئناف وخمسمائة درهم بالنسبة للمجلس الأعلى دون مساس بتعويض الطرف الأخر عند الاقتضاء".

    كما أن هدا الفصل يشير إلى الحالة التي يخسر فيها المتعرض مطلبه, وهدا ما يدفعنا إلى الحديث عن الآثار المترتبة عن تقديم تعرض الغير الخارج عن الخصومة.

الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن تعرض الغير الخارج عن الخصومة

    إن تعرض الغير الخارج عن الخصومة, باعتباره طعنا غير عادي, لا يوقف تنفيذ الحكم أو القرار موضوع الطعن بالتعرض, وتستمر عملية التنفيذ في طريقها, إلا إدا أمرت المحكمة التي تنظر في تعرض الغير الخارج عن الخصومة بإيقاف تنفيذ الحكم المتعرض عليه, إدا طلبه المتدخل وظهر لها ما يبرر دلك. ويشترط أن يقدم المتعرض طلب الإيقاف حسب المسطرة المنصوص عليها في الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية[46].

    وحسبما هو ظاهر من الفصول المنظمة لتعرض الغير الخارج عن الخصومة, فإن المشرع اقتصر فقط على التنصيص على الحالة التي يحسر فيها الغير المتعرض مطلبه ودلك في الفصل 305 من قانون المسطرة المدنية دون الحالة التي تؤيد فيه المحكمة طلب المتعرض, عكس المشرع الفرنسي[47].

    لكن إدا ظهر الغير محقا في تعرضه فإن المحكمة تعدل الحكم المتعرض عليه في حدود ما يمس حقوق هدا الغير فقط. أما بالنسبة لأطراف النزاع الأصليين فيبقى الحكم نافدا بحقهم ويتمتع مبدئيا فيما بينهم بقوة الشيء المقضي به. كما أن الحكم الصادر نتيجة تعرض الخارج عن الخصومة يقبل طرق الطعن وفقا للقواعد العامة. فهو يقبل التعرض إدا صدر غيابيا. وهو إدا صدر عن المحكمة الابتدائية في مواد يفصل فيها القضاء بالدرجة الأولى يكون قابلا للاستئناف سواء كان النزاع الأصلي الذي صدر فيه الحكم المتعرض عليه نزاعا يبت فيه بالدرجة الابتدائية أو بالدرجة الأخيرة. وهو إدا صدر عن رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة الاستئنافية بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة يقبل دوما الاستئناف. وهو أخيرا يقبل الطعن بالنقض أو بإعادة النظر في الحالات التي أجاز فيها المشرع سلوك طريق النقض أو بإعادة النظر[48].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خــــاتــــــمـــــة

 

من خلال ما سبق يتضح أن طرق الطعن في الأحكام سواء العادية منها أو غير العادية،كإجراء مسطري مجرد و جامد تحقق الأمن القضائي ومصلحة المتقاضين في الحصول على فرصة للطعن في الأحكام و القرارات التي مست بحقوقهم ، غير أن التطبيق الفعلي لحق الطعن يطرح عدة مشاكل، مما يجعلنا نشكك في الجدوى من الحق في الطعن، خاصة إذا علمنا أن استعمال هذا الحق قد يكون ضد مصلحة العدالة إذا ما حور ليصير مسطرة كيدية يلجأ إليها بعض الأطراف للمماطلة و ربح الوقت مما يضرب في جوهر و روح التقاضي المتمثل في تحقيق العدالة و الإنصاف ، مما يطرح و بقوة ضرورة إعادة النظر في مساطر الطعن خاصة الاستئناف ، وخلاصة القول فإن طرق الطعن تتراوح ما بين العادية وغير العادية، وبناء عليها يمكن الطعن بأحد الأحكام التي لا تكون في صالح المحكوم عليه أو المحكوم له. وبهذا فالمحكمة تتيح للمتقاضين اللجوء إلى الطعن عندما يشعر أحد الأطراف أن الحكم الصادر غير منصف، إلا أنه تترتب عليه آثار سواء عند قبول الطعن أو رفضه.

ويبقى التساؤل المطروح كيف يمكن للقضاء حماية المتقاضين وجبر الضرر الذي يمكن أن يصيبه؟

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة:

 

·                إدريس العلوي العبدلاوي, القانون القضائي الخاص, الجزء الثالث,طرق الطعن في الأحكام .منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. طبعة 1984

·                عبد الكريم الطالب, الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية,المطبعة الوراقة الوطنية. الطبعة الخامسة, 2008.

·                عبد العزيز توفيق, قضاء المجلس الأعلى في المسطرة المدنية إلى غاية 2005.المكتبة القانونية. الطبعة الأولى 2006

·                مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي, شرح المسطرة المدنية, الجزء الثالث, دار القلم للطباعة بيروت لبنان, الطبعة الثانية 1975.

·                د.الطيب الفصايلي, الوجيز في القانون القضائي الخاص, الجزء الثاني, مطبعة النجاح الجديدة, الطبعة الثالثة 1999.

·                أدولف ريوط, قانون المسطرة المدنية في شروح, منشورات تنمية البحوث والدراسات القضائية, سنة 1996.

·                إدريس بلمحجوبي, قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف, الجزء الثاني, الطبعة الأولى 2005. مطبعة الأمنية, الرباط .

·                قانون المسطرة المدنية/ منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية عدد 7 أبريل 2007.

·                عبد العزيز توفيق/ شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي/ الجزء الثاني.

·                محمد لمعمري/ قرارات المجلس الأعلى وآثارها في المادة المدنية دراسة عملية/  الطبعة الأولى 2010.

·                خال الإدريسي/ إصلاح المجلس الأعلى ودوره في تحقيق الأمن القضائي/ الطبعة الأولى 2010.

·                قرار المجلس الأعلى  916 بتاريخ 24/06/ 1986/ مجلة المعيار عدد9-10.

·                قرار عدد 499 بتاريخ 28/3/1989 ق.م.ع عدد42-43.

·                قرار رقم 170بتاريخ 11 فبراير سنة 1985 المجلة المغربية للقانون العدد 4 سنة 1986.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


[1] – إدريس العلوي العبدلاوي. القانون القضائي الخاص-الجزء الثالث-ص4.

 

[2] – عبد الكريم الطالب.الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية الطبعة الثانية أكتوبر2003.ص195.

 

[3] – عبد العزيز توفيق شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.الجزء الثاني ص130.

 

[4] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص363.

 

[5] – قانون المسطرة المدنية.منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد7أبريل 2007.ص130.

 

[6] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص156.

 

[7] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص.157

 

[8] – محمد لمعمري. قرارات المجلس الأعلى وآثارها في المادة المدنية دراسة عملية الطبعة الأولى 2010 ص148.

 

[9] – عبد العزيز توفيق نقس المرج السابق ص 158.

 

[10] – عبد الكريم الطالب المرجع السابق ص333.

 

[11] – لمعمري محمد نفس المرجع السابق ص147.

 

[12] – خالد الإدريسي إصلاح المجلس الأعلى ودوره في تحقيق الأمن القضائي.ص 50 الطبعة الأولى 2010.

 

[13] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص160.

 

[14] – قرار المجلس الأعلى  916 بتاريخ 24/06/ 1986.مجلة المعيار عدد9-10 ص63.

 

 

[15] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص160.

 

[16] – عبد الكريم الطالب المرجع السابق ص 339.

 

[17] – عبد الكريم الطالب نفس المرجع السابق ص341.

 

[18] –  قرار عدد 499 بتاريخ 28/3/1989 ق.م.ع عدد42-43 ص142.

 

[19] – قرار رقم 170بتاريخ 11 فبراير سنة 1985 المجلة المغربية للقانون العدد 4 سنة 1986 صفحة 220.

 

[20] – نصت المادة 33 من قانون المحاماة الجديد: على أنه:"لا يقبل لمؤازرة الأطراف أو تمثيلهم أمام المجلس الأعلى مع مراعاة الحقوق المكتسبة إلا:

   – المحامون المسجلون بالجدول منذ خمس عشرة سنة كاملة على الأقل.

   – المحامون الذين كانوا مستشارين أو محامين عامين،وبصفة نظامية،في المجلس الأعلى.

   – قدماء القضاة،وقدماء أساتذة التعليم العالي،المعفون من شهادة الأهلية ومن التمرين،بعد خمس سنوات من تاريخ تسجيلهم بالجدول."

 

[21] – عبد الكريم الطالب نفس المرجع السابق ص 344.

 

[22] – عبد العزيز توفيق نفس المرجع السابق ص142.

 

[23] – عبد الكريم الطالب نفس المرجع السابق ص348.

 

[24] – إدريس العلوي العبدلاوي نفس المرجع السابق ص199.

 

[25] – إدريس العلوي العبدلاوي نفس المرجع السابق ص200.

 

[26] – عبد الكريم الطالب نفس المرجع السابق ص349.

 

[27] مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي, شرح المسطرة المدنية, الجزء الثالث, دار القلم للطباعة بيروت لبنان, الطبعة الثانية 1975. صفحة 329.

 

[28] د.الطيب الفصايلي, الوجيز في القانون القضائي الخاص, الجزء الثاني, مطبعة النجاح الجديدة, الطبعة الثالثة 1999.صفحة 232، 233.

 

[29] أدولف ريوط, قانون المسطرة المدنية في شروح, منشورات تنمية البحوث والدراسات القضائية, سنة 1996, صفحة 333.

 

[30] قرار المجلس الأعلى رقم 363 بتاريخ 6 /4/ 2005, منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى, العدد 2007.63 , صفحة 238.

 

[31] مأمون الكزبري وإدريس العبدلاوي , مرجع سابق, صفحة 346.

 

[32] إدريس بلمحجوبي, قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف, الجزء الثاني, الطبعة الأولى 2005. مطبعة الأمنية, الرباط .صفحة 54.

 

[33] قرار رقم 653 بتاريخ 2005.06.14 منشور في كتاب المفيد في الاجتهاد القضائي الجديد13 للأستاذ عمر بوحموش.مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع 2008.صفحة  305.

 

[34] اودلف ريولط"…" مرجع سابق , صفحة 334.

 

[35] مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي, مرجع سابق, صفحة 349.

 

[36] نفس المرجع, صفحة 353 ـ 354.

 

[37] د. الطيب الفضايلي, مرجع سابق, صفحة 240.

 

[38] عبد الكريم الطالب, مرجع سابق , صفحة 309.307.

 

[39] مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي, مرجع سابق,صفحة 358 و 359.

 

[40] نفس المرجع السابق ,صفحة 309.

 

[41]  دالوز العملي, عن المرجع السابق, صفحة 321.

 

[42] أدولف ريبولط, "…" مرجع سابق, صفحة 239.

 

[43] إدريس العلوي العبدلاوي," القانون القضائي الخاص…", م.س, صفحة 1.

 

[44] قرار رقم 3848 الصادر بتاريخ 9نونبر 1994, ملف مدني 1789/85 منشور بكتاب أهم قرارات المجلس الأعلى في نقصان وانعدام التعليل, الجزء الثاني , المادة المدنية. الطبعة الأولى 2004. صفحة 60.

 

[45] مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي,"…" ,مرجع سابق. صفحة 323.

 

[46] عبد العزيز توفيق, شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.مطبعة النجاح الجديدة, الطبعة الثانية1998.صفحة 44.

 

[47] أدولف رييولط,"…",مرجع سابق, صفحة 240.

 

[48] مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي,"…" مرجع سابق,ص 327 ـ 328. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى