في الواجهةمقالات قانونية

الضوابط المسطرية لدعوى تزييف العلامة التجارية – يسرى القسمي الطويل

الضوابط المسطرية لدعوى تزييف العلامة التجارية

يسرى القسمي الطويل: باحثة متخصصة في مجال الأعمال

حاصلة على ماستر في القانون الخاص، تخصص قانون الأعمال بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان

مقدمة:

تُعدّ العلامة التجارية من الحقوق الأساسية التي تدخل ضمن حقوق الملكية الصناعية، حيث منحها المشرع المغربي حماية خاصة بموجب القانون رقم 31.05 المعدل والمتمم للقانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، اعتباراً لدورها الحيوي في تمييز المنتوجات والخدمات وترسيخ الثقة لدى المستهلكين، وكذا في دعم تنافسية المقاولات داخل السوق. وبما أن هذه العلامات أصبحت تمثل أصولاً تجارية ذات قيمة اقتصادية عالية، فقد أصبحت هدفاً مباشراً لأفعال التعدي، وعلى رأسها التزييف، الذي يُعد من أخطر مظاهر الاعتداء على حقوق مالكي العلامات التجارية، لما له من آثار جسيمة على المستوى التجاري، القانوني، والاقتصادي.

وأمام هذا التحدي، كان لزاماً على المشرع أن لا يقتصر على الحماية الموضوعية فقط، بل أن يضع ضوابط مسطرية تمكّن أصحاب العلامات التجارية من التوجه إلى القضاء لحماية حقوقهم والحد من أفعال التزييف، سواء عن طريق الدعوى المدنية التي تروم جبر الضرر ووقف الاعتداء، أو الدعوى الجنائية التي تهدف إلى زجر الأفعال المجرّمة ومعاقبة مرتكبيها.

وفي هذا السياق، تتباين الإجراءات القضائية باختلاف الطبيعة القانونية للدعوى، فبينما تتطلب دعوى التزييف المدنية احترام شروط شكلية وموضوعية دقيقة وفق مقتضيات قانون المسطرة المدنية، من قبيل تقديم مقال افتتاحي للدعوى، وتحديد الجهة القضائية المختصة، وإثبات واقعة التزييف، فإن دعوى التزييف الجنائية تُخضع لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وتقتضي تدخل النيابة العامة باعتبارها جهة تحريك الدعوى العمومية، مع مراعاة الشروط القانونية المتعلقة بالتكييف الجنحي أو الجنائي للفعل المرتكب، وحدود تدخل القضاء الزجري في ميدان الملكية الصناعية.

ومن هنا، تُطرح الإشكالية التالية :

إلى أي حد تساهم الضوابط المسطرية المعتمدة في التشريع والقضاء في ضمان حماية فعالة للعلامة التجارية من أفعال التزييف، وما مدى نجاعة هذه الآليات في التصدي للاعتداءات الواقعة على حق الملكية الصناعية؟

وللإجابة عن هذه الإشكالية، سنتناول الموضوع وفق التصميم الآتي:

المطلب الأول: إجراءات دعوى التزييف المدنية

المطلب الثاني: إجراءات دعوى التزييف الجنائية

المطلب الأول: إجراءات دعوى التزييف المدنية

سنعالج في هذا المطلب كيفية ممارسة دعوى التزييف المدنية وذلك من خلال التطرق إلى أطراف هذه الدعوى ( الفقرة الأولى )، لنعرج فيما بعد إلى تبيان قواعد الاختصاص والإثبات في ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: أطراف دعوى التزييف المدنية

تباشر دعوى التزييف المدنية من طرف مالك العلامة التجارية أو من المستفيد من حق استغلال استئثاري باعتباره طرفا مدعيا ( أولا )، ضد مرتكب أحد الأفعال الواردة في المادتين 153 و 154 بوصفه مدعى عليه ( ثانيا ).

أولا: الطرف المدعي

إن قبول دعوى التزييف تتعلق بصفة المدعي، وبخلاف ظهير 1916 الذي كان يخول لكل متضرر رفع هذه الدعوى فإن قانون 97-17 قد حصر بمقتضى المادة 202 منه نطاق رافع الدعوى في مالك العلامة حيث نصت على أنه “يقيم دعوى التزييف مالك البراءة أو شهادة الإضافة أو شهادة تصميم تشكل (طبوغرافية الدوائر المندمجة أو شهادة تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي أو شهادة تسجيل علامة الصنع أو التجارة أو الخدمة …”.

في حين لم يمنح المستفيد من حق استغلال استئثاري الحق في إقامة الدعوى إلا إذا لم يقم المالك برفع الدعوى بعد إنذار يوجهه له المستفيد المذكور ويسلمه عون قضائي أو كاتب الضبط وفي هذه الحالة يجوز للمالك التدخل في الدعوى التي يقيمها هذا المستفيد، أما المرخص له الذي ليس له حق استغلال استئثاري فيجوز له فقط التدخل في الدعوى التي يقيمها المالك.

وهذا ما أكدته المحكمة التجارية بالرباط بقولها : “… وحيث إنه بالرجوع إلى ترجمة عقد الترخيص الحصري الذي تستفيد منه المدعية يتضح أنه أشار في فصله 2-3 على أنه يجوز لصاحب الترخيص وعلى نفقته وحسب إرادته تقديم مسطرة قضائية ضد أضرار تسببت فيها الأغيار (…).

وحيث اعتبارا للمعطيات أعلاه تكون صفة المدعية ثابتة في نازلة الحال وتعين بالتالي رد الدفع المثار…”[1] .

كما يحق للمستفيد من حق استغلال استئثاري للعلامة القيام بدعوى التزييف حتى في الحالة التي لا يلجأ فيها إلى تضمين هذا الترخيص في السجل الوطني للعلامات، وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[2] في حيثياتها “حيث إنه بخصوص الدفع الذي مفاده أن العقد المتمسك به من طرف المستأنف عليها لم يتم تسجيله لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية وبذلك لا يمكن الاحتجاج به على الغير، فإنه دفع أصبح غير منتج ما دام التعديل الذي ادخل على القانون المذكور بمقتضى القانون رقم 31/05 قد استثنى عقود تراخيص استغلال العلامات التجارية من التقييد وبذلك فلا مجال للتمسك بضرورة تسجيل العقد”.

أما المستفيد من حق ترخيص غير استئثاري فلا يجوز له مطلقا مقاضاة المتسبب في أعمال التزييف، ويبقى من حقه فقط الانضمام إلى الدعوى المباشرة من طرف مالك العلامة التجارية التي طالها الاعتداء[3].

وفي حالة تفويت العلامة فإن المفوت له هو الذي يملك حق إقامة الدعوى بشأن أفعال التزييف الصادرة بعد التفويت، شريطة أن يكون قد راعى تسجيل العقد في السجل الوطني للعلامات أما أفعال التزييف التي ارتكبت قبل ذلك فإن المالك القديم هو الذي له حق إقامة الدعوى بشأنها ما لم يكن هناك شرط في العقد يقضي بخلاف ذلك. أما إذا لم يكن قد قام بتسجيل العقد فإن دعواه لن تقبل بشأن أفعال التزييف التي وقعت في الوقت الذي لم يحصل فيه بعد التسجيل والمالك السابق هو الذي يحتفظ بحق إقامة تلك الدعوى لأنه هو الذي يعتبر مالكا لها تجاه الأغيار[4] .

وفي حالة التفويت الجزئي للعلامة، فإن للمفوت له إقامة دعوى التزييف فيما يتعلق بالجزء الذي يتعلق به، ويحتفظ المفوت بحق إقامتها فيما يتعلق بالجزء الذي احتفظ به[5].

وتجدر الإشارة إلى أن المكتب الوطني المغربي للملكية الصناعية والتجارية لا يمكنه رفع دعوى التزييف، كما أنه ليس ضروريا تبليغه بالمقال الافتتاحي للدعوى علما بأن قانون المسطرة المدنية حدد أطراف الخصومة في المدعي والمدعى عليه أو المتدخل في الدعوى وأن لفظة اعتبار الدعوى قائمة ” بحضور” المكتب تعتبر ابتداعا مسطريا لا عمل به، غير أنه في المقابل يجب تبليغه بالحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به[6].

وهذا ما أكده قرارصادرعن محكمة النقض[7] الذي جاء فيه ” ليس من اللازم تبليغ المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية نسخة من مقال الإدعاء، ولو تمت الإشارة إليه كطرف أصلي في دعوى التقليد أو التزييف، وإن كان يجب تبليغه بالحكم الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه لتنفيذ المقتضيات الواردة به، كالتشطيب عن بعض حقوق الملكية الصناعية في حالة البطلان”.

بقي أن نشير إلى أنه وبالرغم من أن المشرع المغربي قد منح للمستهلك والجمعيات التي تروم حمايته الحق في رفع دعاوى قضائية أو التدخل في دعاوى جارية، ذلك باعتبار المستهلك هو المستهدف الأول من أفعال تزييف العلامة من حيث تضليله وإيقاعه في الإلتباس بالنسبة لمصدر وطبيعة المنتجات أو الخدمات الحاملة لعلامة مزيفة، إلا أنه لم يمنح لهؤلاء الأطراف الحق في رفع دعوى التزييف المدنية[8].

ثانيا: المدعى عليه

هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو المسؤول عنه، وقد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا وفي حالة التعدد يمكن توجيه دعوى التزييف ضدهم جميعا بصفة تضامنية[9] وذلك عملا بالمقتضيات الواردة في المادة 99 من ق ل ع التي جاء فيها “إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين متواطئين، كان كل منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج دون تمييز بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعلا أصليا “، ولا يشترط أن يكون لهؤلاء سوء النية لملاحقتهم قضائيا بما نسب لهم من أفعال، لأن ذلك غير مفروض لترتيب مسؤولية الفاعل الأصلي إذ يكفي أن يكون المشارك أو المساعد قد تصرف نتيجة إهمال أو من دون أن يتخذ الإحتياطات الواجبة أثناء ممارسته لنشاطه الإعتيادي ويكون ذلك قد ألحق ضررا في حق المدعي[10].

وتجدر الإشارة إلى أن القانون القديم للملكية الصناعية لم يميز في جريمة التزييف بين صانع المنتج المزيف والبائع الذي يقوم بعرض المنتجات المزيفة للبيع وهو حسن النية، وهذا ما خلق نوع من التضارب في الأحكام القضائية إذ أن هناك حالات تصدر فيها المحكمة حكمين مختلفين في واقعتين متشابهتين، غير أن القانون الحالي رقم 97/17 المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية و التجارية تدارك هذا النقص وذلك في الفقرة الثانية من المادة 201 والتي جاء فيها ما يلي ” إن أعمال عرض أحد المنتجات المزيفة للتجارة أو استنساخه أو استعماله أو حيازته قصد استعماله أو عرضه للتجارة المرتكبة من شخص غير صانع المنتج المزيف لا يتحمل مرتكبها المسؤولية عنها إلا إذا ارتكبها وهو على علم من أمرها أو لديه أسباب معقولة للعلم بأمرها “ وهو ما أكدت عليه أيضا المادة 225 من القانون 97-17 التي اعتمدت على فكرة العلم الذي يتحقق به القصد لدى الفاعل.[11]

وفي هذا الإطار أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء حكما جاء فيه: “… وحيث إن الفصل 201 الفقرة الثانية منه، اشترطت ثبوت علم غير الصانع للمنتج الحامل لعلامة مزيفة بواقعة التزييف للقول بقيام مسؤوليته، وأن عنصر العلم هذا هو عنصر معنوي تستغله المحكمة من وقائع القضية ووثائق الملف، وحيث إنه لم يثبت من وثائق الملف علم المدعى عليه بواقعة التزييف مما تكون معه مسؤوليته غير ثابتة في الملف”[12].

وفي حكم آخر صادر عن المحكمة التجارية بالرباط جاء فيه ” … والتي أجابت من خلالها أنها اقتنت المنتوج من عند شركة منافسة وهي SPORTONE وهي المسؤولة عن فعل التزييف في حالة ثبوته، وأنه ليس لديها علم بأن المنتوج مقلد أو مزيف أو منافسة غير المشروعة، وأنه يجب إدخال شركة سبورت وان في الدعوى بحيث إنها هي المسؤولة عن توزيع المنتوج المتنافس عليه ، ملتمسة في الشكل الحكم بعدم قبول الطلب وفي الموضوع الحكم بإدخال شركة SPORTONE في الدعوى “[13].

وفي حكم آخر صادرعن نفس المحكمة[14] ردت فيه عن نفس الدفع المثار من طرف المدعى عليها والذي جاء فيه ” وحيث إن ما أثارته المدعى عليها بكونها لا علم لها بأن المنتوج مقلد أو مزيف وأنها اقتنت المنتوج من عند شركة منافسة وهي SPORTONE يبقى غير ذي أساس في نازلة الحال ذلك أن المدعى عليها لم تبين علاقة هذه الشركة بالمدعية مالكة العلامة، ذلك أن المدعى عليها وباعتبارها تاجرة يجب أن تكون على دراية بالمنتجات التي تبيعها والتحقق من مصدرها ومدى توفر الجهة الموزعة على الاذن من مالكة العلامة بترويجها وتوزيعها مما تبقى معه دفوعها المثارة غير مؤسسة ويتعين ردها ويبقى علمها بالتزييف قائما ومسؤوليتها ثابتة”.

كما جاء في قرار آخر صادر عن محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء[15] ما يلي: ” وحيث إنه بمراجعة المقال الإستئنافي، ثبت أن الطاعن لا ينفي بيع المنتجات….، وأن المفوض القضائي الذي أنجز محضر الحجز الوصفي حجز كمية من المنتجات عبارة عن حقائب وأحزمة كلها تحمل نفس العلامة المذكورة، وذلك بمحل الطاعن الذي يمارس فيه تجارته، وإن الدفع بعدم العلم بأن هذه المنتجات مزيفة في غير محله، لأن التاجر المحترف يفترض علمه بالبضاعة التي يتاجر فيها، وأنه يجب عليه التحري بخصوص العلامة التي تحملها هل هي مسجلة بالمغرب وهل يتوفر المصدر الذي اشتراها منه على إذن مالك العلامة ببيعها في المغرب مما يكون علم الطاعن قائم في النازلة …”

الفقرة الثانية: قواعد الاختصاص والإثبات في دعوى التزييف المدنية

سنعمل في هذه الفقرة على تبيان المحكمة المختصة في دعوى التزييف المدنية بشقيها النوعي والمحلي (أولا)، لنعرج بعد ذلك إلى تبيان وسائل الإثبات المقررة في هذه الدعوى (ثانيا).

أولا: المحكمة المختصة في دعوى التزييف المدنية

من أجل دراسة المحكمة المختصة بالنظر في دعوى التزييف المدنية المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية، لا مناص لنا من أن نتعرض للاختصاص النوعي (أ)، ثم للاختصاص المحلي (ب).

أ – الاختصاص النوعي

قبل صدور القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية حيز التطبيق طرحت إشكالية الاختصاص النوعي، هل المحكمة التجارية التي لها الحق في النظر في دعاوى الملكية الصناعية أم المحاكم العادية خاصة أن المادة الخامسة من القانون رقم 95-53 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية لم تتطرق بشكل صريح لهذا النوع من الدعاوى على الرغم من أنها تبقى مختصة بالبت في القضايا المتعلقة بالأصول التجارية والتي تتكون من عدة عناصر من بينها حقوق الملكية الصناعية[16]. وهذا ما يلاحظ من خلال بعض الأحكام التي أصدرتها المحاكم التجارية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 27 أكتوبر [17]1998 تصرح فيه باختصاصها في البت في النزاع المعروض عليها معللة حكمها بما يلي: “وحيث دفعت المدعية من خلال مذكرتها المؤرخة في 10 أكتوبر 1998 بعدم اختصاص هذه المحكمة نوعيا للبت في النزاع والتمست إحالة الملف على المحكمة الابتدائية بالرباط للبت في النزاع بناء على مقتضيات الفصل 140 من ظهير 23 يونيو 1916 وحيث تبين من خلال الإطلاع على وثائق الملف أن النزاع يتعلق بالعلامة التجارية التي تعتبر عنصرا من عناصر الأصل التجاري في حين أنه تطبيقا لمقتضيات المادة الخامسة من القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية التي تنص في فقرتيها الثانية والخامسة ( تختص المحاكم التجارية بالنظر في الدعاوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم… وبالتزامات المتعلقة بالأصول التجارية …) وحيث إنه عملا بالمادة الثامنة من نفس القانون أعلاه التي تنص على أنه استثناء من أحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية يجب على المحكمة التجارية أن تبت بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها وذلك داخل أجل 8 أيام) وحيث أنه بناء على ما سبق فإنه يتعين رد الدفع المثار من طرف نائب المدعية والتصريح باختصاص هذه المحكمة نوعيا للبت في النزاع”

إلا أنه بعد صدور القانون 97-17 المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية نجد أن المشرع المغربي قد حسم النقاش وأعطى الاختصاص إلى المحاكم التجارية وذلك من خلال المادة 15 منه والتي جاء فيها: ” يكون للمحاكم التجارية وحدها الإختصاص للبت في النزاعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء الدعاوى الجنائية والقرارات الإدارية المنصوص عليها فيه”.

وفي هذا الصدد صدر حكم عن المحكمة التجارية بالرباط[18] جاء فيه “… وحيث أثار المدعى عليه دفعا بعدم اختصاص المحكمة التجارية نوعيا للبت في الطلب ذلك أنه طرف مدني ولا يصح مقاضاته أمام المحكمة التجارية، وأن النزاع يخرج عن نطاق أحكام المادة الخامسة من القانون المحدث للمحاكم التجارية. وحيث إنه بمقتضى المادة 15 من القانون رقم 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتجارية فإنه يكون للمحاكم التجارية وحدها الاختصاص للبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء القرارات الإدارية المنصوص عليها فيه.

وحيث إن الدعوى الحالية تهدف إلى توقف المدعى عليه عن عرض وبيع لمنتجات حاملة لعلامة مشابهة لعلامة المدعية ونموذجها الصناعي المحمية طبقا لقانون حماية الملكية الصناعية والتجارية مما يكون معه دفع المدعى عليه غير مبني على أساس قانوني سليم الأمر الذي يتعين معه رده.

وحيث إنه تأسيسا على ما ذكر تكون هذه المحكمة التجارية هي المختصة نوعيا للبت في الطلب .

وفي حكم آخر صادر عن نفس المحكمة[19] جاء فيه “… وبناء على المذكرة الجوابية لنائب المدعى عليها المدلى بها بجلسة 2022/02/10، دفع من خلالها بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة التجارية للبت في الملف، وبإحالته على المحكمة الابتدائية بالرباط.

وبناء على إحالة الملف على النيابة العامة للإدلاء بمستنتجاتها على ضوء الدفع المثار.

وبناء على إدراج الملف بجلسة 2022/02/17، أدلى نائب المدعية بمذكرة جوابية التمست من خلالها أساسا الحكم بعدم قبول الدفع بعدم الاختصاص النوعي، واحتياطيا الحكم باستبعاد الدفع المثار والتصريح باختصاص المحكمة نوعيا للبت في الطلب، وبتحميل المدعى عليها الصائر. وألفي بالملف بمستنتجات النيابة العامة التمست من خلالها التصريح باختصاص هذه المحكمة نوعيا للبت في الطلب”.

نلاحظ من خلال ما سبق، بأن جميع القضايا المتعلقة بالملكية الصناعية بصفة عامة تكون من اختصاص المحاكم التجارية بغض النظرعن صفة أطراف الدعوى سواء كانوا تجارأم غير تجار، على اعتبار أن المادة 15 من القانون المذكور سالفا يعتبر نصا خاصا يقدم على النص العام الذي هو نص المادة الخامسة من القانون رقم 95-53 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية.

وبالرجوع إلى بعض التشريعات المقارنة، حيث إذا كان المدعى عليه تاجرا فإن الأصل في انعقاد الاختصاص النوعي في كل من مصر وفرنسا يعود للمحكمة التجارية، طالما أن الأفعال الضارة قد صدرت من المدعى عليه بمناسبة مزاولته للنشاط التجاري إعمالا بنظرية الأعمال التجارية التبعية، ويصبح التزام المدعى عليه بالتعويض إلتزاما تجاريا بالتبعية أما إذا كان المدعى عليه غير تاجر فإن المحكمة المدنية هي التي يعود إليها الإختصاص بالنسبة لمصر بينما تختص محكمة الإستئناف في فرنسا بالنظر في هذه الدعوى[20] .

ونخلص مما سبق، أن المشرع المغربي حسنا فعل حينما جعل البت في قضايا الملكية الصناعية من اختصاص المحاكم التجارية نظرا لخصوصية الأنشطة التجارية التي تتميز بالسرعة في إنجاز هذه الأنشطة، مما ينبغي أن يتم النظر في القضايا التجارية بسرعة البت من أجل المحافظة على مصالح المتقاضين من جهة، وحماية الاقتصاد الوطني والتشجيع على الاستثمار من جهة أخرى[21] .

ب – الاختصاص المحلي

من حيث الاختصاص المحلي، فإن الجهة القضائية المختصة بالنظرفي دعوى التزييف هي المحكمة المختصة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختارأو التابع لها مقروكيله غير أنه إذا كان موطن المدعى عليه يوجد خارج المغرب فإن المحكمة المختصة هي محاكم الدار البيضاء باعتبارها هي التابع لها مقر المكتب المغربي للملكية الصناعية، وهذا ما أكدته المادة 204 من القانون 97-17 التي نصت على ما يلي المحكمة المختصة هي المحكمة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار أي المحكمة التابع لها مقر وكيله أو المحكمة التابع لها المكان الذي يوجد به مقر الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية إذا كان موطن هذا الأخير في الخارج.

غير أنه فيما يتعلق بالإجراءات التحفظية التي يجب استصدارها من رئيس المحكمة التجارية في حالة وقف الجمارك للتداول الحر للسلع المشكوك في أنها مزيفة، فإن المحكمة المختصة بتلك الإجراءات هي المحكمة التابع لها مكان استيراد السلع موضوع طلب الوقف.[22]

إذن وتبعا لذلك فالاختصاص ينعقد لمحكمة موطن المدعى عليه أو محكمة المكان الذي يوجد به مقرالهيئة المكلفة بالملكية الصناعية إذا كان موطن المدعى عليه بالخارج، وهذا ما تقضي به المحاكم حيث جاء في حكم المحكمة التجارية بالدارالبيضاء[23] ” حيث إن المادة 204 من القانون 97-17 وهي الواجبة التطبيق في نازلة الحال باعتبار موضوع الدعوى يندرج في إطار مقتضيات هذا القانون نصت على أن المحكمة المختصة هي المحكمة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار، أو المحكمة التابع لها مقر وكيله أو المحكمة التابع لها المكان الذي يوجد به مقرالهيئة المكلفة بالملكية الصناعية إذا كان موطن هذا الأخير بالخارج. وحيث إن الثابت من معطيات الملف أن مقر المدعى عليها يوجد بطنجة وهو ما يجعل الاختصاص المكاني منعقدا بحسب مقتضيات المادة المذكورة إلى المحكمة التجارية بطنجة”.

ثانيا: وسائل الإثبات في دعوى التزييف المدنية

تقوم قاعدة الإثبات في الميدان التجاري بصفة عامة على حرية الإثبات أمام المحكمة التجارية وهو نفس ما عليه الأمر بالنسبة لإثبات دعوى التزييف لكن مع تقييد هذه الحرية فيما يتعلق بإثبات التزييف الذي قد تتعرض له علامة الصنع أوالتجارة أو الخدمة، فبالنسبة لإثبات التزييف الوارد على علامة تجارية أو علامة صنع أو خدمة فإن إمكانية إثباته بكافة الوسائل غير متاحة اعتبارا لكون المادة 222 من قانون 17.97 قد حددت الوسائل الكفيلة بإثبات هذا التزييف، إذ نصت هذه المادة على أنه: ” يحق لمالك طلب تسجيل علامة أو مالك علامة مسجلة أو للمستفيد من حق استغلال استئثاري أن يحصل على أمر يصدره رئيس المحكمة يأذن فيه لمفوض قضائي، في القيام إما بالوصف المفصل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه وإما بحجز المنتجات أو الخدمات التي يدعى أنها معلمة أو معروضة للبيع أو مسلمة أو موردة على حسابه خرقا لحقوقه… “[24].

كما تنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه : ” يمكن أن ينجز الوصف المذكور بمساعدة خبير مؤهل”، وتنص نفس المادة في فقرتها الثالثة على أنه : ” يجوز لرئيس المحكمة أن يأذن بنفس الأمر، الحجز أو أي شكل آخر من أشكال التحفظ على المواد والأدوات وعناصر الإثبات الوثائقية، في شكل أصول أو نسخ، ترتبط بإلحاق الضرر وأية معاينة مفيدة للوصول إلى أصل المخالفة وطبيعتها ومداها “.

ويلاحظ أن إمكانية اللجوء إلى الوصف المفصل متاحة هنا فقط لمالك علامة مسجلة وللمستفيد من حق استغلال استئثاري، إضافة إلى مالك طلب تسجيل علامة والذي أضافه المشرع إلى المادة 222 بموجب تعديل 14 فبراير 2006، وهو ما يفيد أنه لا يمكن للمستفيد من حق استغلال غير استئثاري استصدار مثل هذا الأمر، وهذا أمر طبيعي ذلك أنه لا يملك حق إقامة دعوى التزييف كما رأينا سابقا وإنما يملك فقط حق التدخل في الدعوى التي يقيمها المالك للمطالبة بالتعويض عن الضرر الخاص به[25] .

وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم ترفع القضية إلى المحكمة التجارية من طرف أصحاب الحق في العلامة داخل أجل لا يتعدى 30 يوما يبتدئ من يوم تنفيذ الأمر القاضي بالوصف المفصل للمنتجات أو الطرائق المدعى أنها مزيفة، اعتبر الوصف المفصل سواء أكان ذلك بالحجز أو بدونه باطلا بقوة القانون دون الإخلال بما يحتمل منحه من تعويضات[26] .

والوصف مع أخذ عينات أو بدونه أوالحجز، باعتباره مجرد وسيلة إثبات يمكن اللجوء إليه سواء قبل إقامة أية دعوى في الموضوع أو بعد إقامتها، كما يمكن الاستغناء عنه والالتجاء إلى أي إجراء آخر بما في ذلك الخبرة القضائية[27] .

ولعل الغاية من إجراء الحجز الوصفي تكمن في الوقوف بعين المكان وإجراء المعاينة للمنتجات أو الخدمات ووصفها بشكل مفصل، على نحو يتضح منه هل تشكل تزيفا للعلامة المدعى أم لا؟ ويقترن ذلك بأخذ المنتجات أو الخدمات للإدلاء بها أمام محكمة الموضوع من أجل إثبات التزييف من عدمه بواسطة خبرة قد تأمر بها المحكمة إن وجدت لها ضرورة.

وفي هذا الصدد جاء ضمن حيثيات حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط[28] “وحيث إن الثابت من محضر الحجز الوصفي المنجز من طرف المفوض القضائي، والمؤرخ في 2021/02/23 أن المسؤول بمحل المدعى عليها صرح بأن المنصة موضوع النزاع هي في ملكية المدعي الذي سبق أن زود المدعى عليها بالمنتوج الخاص به (فواكه جافة في أكياس)، وأنه ما دام أن سعر هذا الأخير يفوق قدرة الزبناء، تم وضع منتوج آخر من الفواكه الجافة بدله “.

” … وحيث إن المدعى عليها أكدت ضمن المحضر الوصفي المشار إليه أعلاه، أنها عمدت إلى وضع منتوج آخر من الفواكه الجافة بدل المنتوج الذي زودها به المدعي، وأن سبب ذلك يرجع إلى ارتفاع ثمن هذا الأخير الذي يفوق قدرة الزبناء.

مما تبقى معه مسؤوليتها ثابتة عن عرض وبيع منتوجات أخرى مخالفة لما تم الاتفاق عليه مع المدعي مالك المنصة، الذي يستوجب الحكم عليها بأدائها تعويضا لفائدة المدعي تحدده المحكمة في إطار سلطتها التقديرية ومراعاة لظروف النازلة في مبلغ 5000,00 درهم…”.

وفي حكم آخر صادر عن نفس المحكمة[29] جاء في حيثياته ” وحيث إن الثابت من محضر الحجز الوصفي المنجز من طرف المفوض القضائي بتاريخ 2021/11/08 الذي انتقل الى المحل التجاري الكائن بالعنوان أعلاه وقام باقتناء قارورة تحمل علامة MASS TECH، وأحصى عدد القارورات المتواجدة بالمحل وعددها 14 وحدة .

وحيث إنه برجوع المحكمة إلى صور العينات التي تمت معاينتها بالمحل والمرفقة بمحضر الحجز الوصفي تبين لها أنها تحمل علامة MUSCLETECH وهي علامة مطابقة للعلامة التجارية المملوكة للمدعية .

وحيث إن الفعل الذي قامت به المدعى عليها والمتمثل في عرض وبيع منتجات حاملة لنفس علامة المدعية دون إذن مسبق من طرف هذه الأخيرة يشكل استعمالا لعلامة مستنسخة بخصوص منتجات مماثلة لما شمله تسجيل المدعية ومن شأنه أن يمس بحق محمي قانونا.

وفي حكم آخر صادر عن المحكمة التجارية بمكناس[30] جاء متضمنا ما يلي: ” وحيث يستفاد من محضر المعاينة والحجز الوصفي المدلى به والمنجز بتاريخ 2018/09/18 معاينة المفوض القضائي بمستودع إدارة الجمارك بمكناس مجموعة من العلب الكرتونية عددها 303 تخص فقط علامة المدعية LUK، حاملة لقطع غيار تؤول للمدعى عليهما والتي تم حجزها من طرف الجمارك “.

وما يجب التأكيد عليه هو أن اللجوء إلى مسطرة الحجز الوصفي هو أمر اختياري متروك لمدعي التزييف، إذ يجوز له الإثبات بكافة الوسائل الأخرى كالخبرة والمعاينة والصور الفوتوغرافية والفواتير، بل الأكثر من ذلك للمحكمة أن تستأنس بالحجز الوصفي إلى جانب الوثائق الأخرى للوقوف على التزييف.

المطلب الثاني: إجراءات دعوى التزييف الجنائية

تتميز مسطرة سير إجراءات دعوى التزييف الجنحية بعدة خصوصيات، حيث تخضع هذه الدعوى لضرورة رفع شكوى من طرف المتضرر، أي أنه من حيث المبدأ تتم المطالبة القضائية من قبل مالك الحق أو مالك حق الاستغلال ما لم يتفق على خلاف ذلك، واستثناء يمكن للنيابة العامة أن تأمر تلقائيا بالمتابعة ضد كل مساس بحقوق مالك العلامة[31] (الفقرة الأولى)، لنتطرق فيما بعد للحديث عن مسألة الاختصاص في دعوى التزييف الجنائية وخصوصية مسطرة البت فيها في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تحريك الدعوى العمومية

سنتطرق في هذه الفقرة إلى الأشخاص الذين يحق لهم رفع دعوى التزييف الجنحية من خلال الحديث عن تحريك الدعوى العمومية بشكوى من المتضرر (أولا)، لنعرج بعد ذلك إلى تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة (ثانيا)، ثم أخيرا الحديث عن الأطراف المرفوعة ضدهم دعوى التزييف الجنحية (ثالثا).

أولا: تحريك الدعوى العمومية بشكوى من المتضرر

تنص الفقرة الأولى من المادة 205 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية على أنه ” لا يجوز أن تقام الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من المتضرر ما عدا في حالة مخالفة للأحكام المنصوص عليها في البند (أ) من المادة 24 والمادتين 113 و135 أعلاه، والتي يعود فيها الاختصاص للنيابة العامة”.

كما خولت المادة 202 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى قانون 13-23 الصادر في 21 نونبر 2014، لمالك العلامة المسجلة كأصل إقامة الدعوى الجنائية أمام المحكمة المختصة، لأنه هو مالك الحق الاستئثاري وأن دعوى التزييف تستهدف حماية ذلك الحق.

وعليه فإن المتضرر المقصود في المادة 205 من القانون 97-17 هم المحددون في المادة 202 من القانون 17.97 المشار إليهم سابقا ويهم الأمر مالك العلامة التجارية والمستفيد من حق استغلال استئثاري في حالة إذا لم يقم المالك بهذه الدعوى بعد إنذار يوجهه له المستفيد.

وإذا كان المبدأ العام هو عدم جواز إقامة الدعوى العمومية إلا بشكوى من المتضرر فإن إشكالا يثور بخصوص أثر التنازل عن الشكاية المنصوص عليها في المادة 205 من نفس القانون أعلاه على مجريات الدعوى؟

بالرجوع إلى المقتضيات الواردة في المادة 205 من القانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية يلاحظ على أنه لا يجوز إقامة الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من الطرف المتضرر يقدمها إلى النيابة العامة المختصة بتلقي الشكايات في هذا المجال، ويكون المتضرر الذي تعتبر شكواه شرطا لازما لإقامة الدعوى العمومية ضد الجرائم الماسة بحقوق الملكية الصناعية هو كل من لحقه شخصيا ضرر ذاتي أو معنوي أو مادي، سواء كان الطرف المتضرر شخصا طبيعيا أو معنويا[32].

ومن تم فإن الحق في إقامة دعوى التزييف الجنحية يعود بالأساس إلى المالك الفعلي لكل حق من حقوق الملكية الصناعية، أو من آلت إليه حقوقه كورثة ضمن أصل تجاري، أو من فوتت له تلك الحقوق، أو المتنازل إليه شرط اتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بشهر نقل ملكية تلك الحقوق بهدف الإحتجاج بها في مواجهة الغير[33] .

وفي الحالة التي يكون فيها الحق موضوع الإعتداء في ملكيته مجموعة من الأشخاص فيجوز لكل واحد من الملاك الشركاء أن يقيم دعوى التزييف الجنحية لفائدته شريطة إشعار باقي الشركاء، ما لم ينص على خلاف ذلك في بنود العقد[34].

وعليه، وفي غياب وجود أي جواب عن الإشكال المطروح يحتم علينا الرجوع للمبدأ العام المنصوص عليه من قانون المسطرة الجنائية[35]، حيث تنص مقتضيات المادة الرابعة منه على أنه “… تسقط أيضا الدعوى العمومية بتنازل المشتكي عن شكايته، إذ كانت شرطا ضروريا للمتابعة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك “.

ويرى البعض[36] بهذا الخصوص أن التنازل عن الشكاية المنصوص عليها في المادة 205 من القانون 17.95 المتعلق بحماية الملكية الصناعية يحول فعلا دون النيابة العامة والاستمرار في مباشرة الدعوى العمومية المتعلقة بإحدى الجرائم الناشئة عن تزييف حق من حقوق الملكية الصناعية، إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن شكاية المتضرر وإن كانت شرطا لازما لاسترجاع النيابة العامة حقها في تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم المعني بالأمر فهذا لا يعني أن هذه الأخيرة ملزمة بضرورة متابعة هذا المتهم بما هو منسوب إليه، بل يظل من حقها تطبيقا لمبدأ الملائمة أن تقرر المتابعة أو حفظ الشكاية لعدم اكتساء الفعل طابعا جرميا أو لعدم وجود أدلة كافية للاتهام.

إلا أن هذه النتيجة يجب أن يؤخذ فيها بعين الاعتبار الحالات التي أعطى فيها المشرع للنيابة العامة الحق في إقامة دعوى التزييف الجنائية بصفة تلقائية، إذ في هذا الإطار لا يمكن للطرف المتضرر أن يمارس حقه في التنازل عن الدعوى ما دامت هذه الأخيرة أصبحت ملكا للنيابة العامة تتصرف فيها كيف تشاء.

ثانيا : تحريك الدعوى العمومية تلقائيا من طرف النيابة العامة

يعتبر تخويل النيابة العامة صلاحية تحريك الدعوى العمومية من المستجدات التشريعية الجديدة ذات الأهمية، على مستوى تعزيز آليات محاربة ظاهرة تزييف العلامات في المغرب[37] ، إذ بحسب المادة 227-1 من قانون 97-17 التعلق بحماية الملكية الصناعية كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 13-23 الصادر في 21 نونبر 2014 فإنه:

“استثناء من أحكام الفقرة الأولى من المادة 205 أعلاه، تجوز إقامة الدعوى القضائية تلقائيا بأمر من النيابة العامة عن أي انتهاك لحقوق صاحب العلامة الصناعية أو التجارية أو الخدماتية المسجلة كما هي محددة على التوالي في المواد 154 و155 و255 و226 أعلاه، دون الحاجة لتقديم أي شكاية من جهة خاصة أو من مالك للحقوق”.

فهذه المادة تخول للسلطات العمومية وسيلة فعالة للاضطلاع بدورها في محاربة تزييف العلامات في المغرب، تسمح لها بالبحث والتقصي في أفعال التزييف وإعداد المحاضر بشأنها (بما في ذلك حيازة منتجات مزيفة والمتاجرة فيها) والإحالة على النيابة العامة من أجل تحريك الدعوى العمومية في حق المخالفين وذلك حتى في غياب أية شكاية من صاحب الحق، بما يتبع ذلك من حجز المنتجات المزيفة وإتلافها[38].

وعليه، فإذا كان تحريك الدعوى العمومية يتوقف على شكاية من المتضرر فإنه يرد على ذلك استثناء يتمثل في كون النيابة العامة يحق لها تحريك الدعوى العمومية عند ما يتعلق الأمر بالعلامات المحظورة المشار إليها في المادة 135 من قانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، كما هو الحال في استعمال واستغلال علامة مكونة من شارات تحمل صور أحد أفراد الأسرة الملكية، وكذا الرموز والأعلام والشعارات الرسمية للمملكة أو لباقي البلدان الأعضاء في اتحاد باريس أو مختصرات وتسميات منظمة الأمم المتحدة، ناهيك عن الأوسمة والعلامات الوطنية والأجنبية منها.

إذ في مثل هذه الحالات يحق للنيابة العامة إثارة الدعوى العمومية سواء تم تقديم شكاية من طرف المتضرر أم لا اعتمادا على مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 205 أعلاه. والتي تحيل على المادة 135 من القانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.

ولعل السبب الذي يرجع إلى منح النيابة العامة صلاحية تحريك الدعوى العمومية تلقائيا بالنسبة لتزييف العلامة، هو أن تزييف هذه الأخيرة لا تقتصرآثاره على صاحب الحق الاستئثاري فيها، وإنما يمس كذلك بالمستهلك الذي يقع ضحية خداع أو تضليل نتيجة وجود علامات مزيفة في السوق[39] .

وذهب بعض الفقه[40] إلى أن إمكانية تحريك الدعوى العمومية تلقائيا من طرف النيابة العامة لم يأخذ به القانون المغربي إلا بالنسبة لتزييف العلامة دون باقي حقوق الملكية الصناعية التي تخضع لمقتضيات المادة 205 التي لا تجيز إقامة دعوى التزييف الجنائية إلا بشكوى من الطرف المتضرر. ولعل سبب ذلك يرجع إلى سهولة تزييف العلامة بالمقارنة مع باقي الحقوق خاصة براءة الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية التي بالنظر لخصوصياتها التقنية، يتطلب تزييفها مؤهلات خاصة تجعل التزييف الواقع عليها جد محدود بالمقارنة مع تزييف العلامات التي أصبحت ظاهرة عالمية عجز المجتمع الدولي لحد الآن على إيجاد الآليات الكفيلة بالتعامل معها بفعالية.

وحسب رأيي المتواضع فإن تخويل النيابة العامة سلطة تحريك الدعوى العمومية بخصوص أفعال التزييف التي تطال العلامات، باعتبارها خصم شريف هدفه الدفاع عن مصالح المجتمع إن كان يدل على شيء إنما يدل على اهتمام المشرع المغربي بهذا النوع من حقوق الملكية الصناعية على اعتبار أن العلامة التجارية كحق من حقوق الملكية الصناعية لا تهم فقط مالكيها وإنما تهم بدرجة كبيرة مستهلك هاته العلامة وقد يتضرر بشكل كبيرة جراء استعماله لعلامة مزيفة ظنا منه بأنه يستعمل المنتج الأصلي وبالتالي قد يتعرض لعواقب وخيمة إما تودي بحياته وإما تجعله طريح الفراش، ومن تم كان من الضروري إشراك جهة متخصصة في محاربة التزييف، لما لهذا الأخير من انعكاسات سلبية على صحة وسلامة المستهلك.

ثالثا: المدعى عليه في دعوى التزييف الجنحية

مما لا شك فيه أن الدعوى الجنحية المتعلقة بتزييف العلامة التجارية، ترفع ضد كل من ارتكب فعل من الأفعال التي تشكل تزييفا و المنصوص عليها في المادة 225 و226 من القانون رقم 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، سواء كان فاعلا أصليا الذي ينفرد بالتصميم والتنفيذ المادي لجريمة التزييف لوحده[41]، أو إتيان ذلك مع الغيرأي المساهم[42] والمشارك”[43] .

ولقيام المسؤولية الجنائية يشترط وجود الإرادة الحرة عند الفاعل، وهي لا تكون كذلك إلا إذا توافر الإدراك والتمييز لديه[44] .

وهذان الشرطان لا يتوفران إلا في الشخص الطبيعي، فلا يكون الشخص مسؤولا عن الجريمة ما لم تتوفر فيه هذه الشروط، أما إذا كان مرتكب الفعل غير مدرك أو فاقد للتمييزفلا يمكن مساءلته من الناحية الجنائية لأنه غير مخطئ ولمتابعة الفاعل في القضايا المتعلقة بالتزييف الجنحي للعلامة، فالمحكمة لا تفترض قرينة العلم بل لابد أن يتوفر لدى مرتكب الفعل قصد جنائي جلي أي أن تتجه إرادته نحو ارتكابها وهو ما يسمى بالعلم اليقيني، ولكي يتوفر هذا العلم يجب أن يحيط الفاعل بجميع العناصر الأساسية اللازمة لقيام الركن المادي للجريمة فإذا جهل بأحد هذه العناصرأو وقع في غلط بشأنها انتفى لديه القصد الجنائي، لكن ذلك لا يعفيه من مسؤوليته المدنية في تعويض الطرف المتضرر وقد يكون الإعتداء على العلامة ناتج عن تعاون بين عدة أشخاص يشتركون في تزييف العلامة بارتكابهم لأحد الأفعال المنصوص عليها في القانون[45] .

وغني عن البيان، أن التزييف الذي يطال العلامة التجارية قد يتم من طرف شخص واحد، كما قد يتم من عدة أطراف مشتركين في تزيفها، مما يتعين متابعتهم في هذا الفعل الخبيث الذي يترتب عنه أثار وخيمة على الحق الاستئثاري لمالك العلامة من جهة، وعلى الاقتصاد الوطني من جهة أخرى، مما يقتضي الأمر متابعتهم.

بالرغم من ذلك، فإن القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، لم يعمل على تنظيم أحكام المشاركة في أفعال التزييف الواردة على العلامة التجارية الأمر الذي يستدعي الرجوع لمجموعة القانون الجنائي التي تطرقت للقواعد العامة المتعلقة بالمشاركة في الجريمة المنصوص عليها في الفصول 129 و130.

ويعتبر شريكا في جريمة تزييف العلامة التجارية بناء على مقتضيات مجموعة القانون الجنائي، كل من قدم الوسائل والأدوات المستعملة في عملية التزييف، أو ساعد على توفير الأماكن من أجل القيام بأعمال تزييف العلامة، إلا أن القول بالاشتراك في الفعل الجرمي لفعل التزييف، يشترط علم المشارك بما ينوي الفاعل الأصلي القيام به من أفعال مجرمة حتى يتحقق لديه القصد الجنائي المطلوب في الاشتراك[46]، وأن تكون النتيجة الجرمية هي ما قصد الشريك تحقيقها.

الفقرة الثانية: المحكمة المختصة في دعوى التزييف الجنحية وخصوصية مسطرة البت فيها

سنتطرق في هذه الفقرة إلى الحديث عن المحكمة المختصة في دعوى التزييف الجنحية المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية بشقيها النوعي والمحلي (أولا)، ثم إلى خصوصية مسطرة البت في دعوى التزييف الجنحية (ثانيا).

أولا: المحكمة المختصة بالبت في دعوى التزييف الجنحية

لقد سبق الإشارة إلى أن الاختصاص عموما ينقسم إلى اختصاص نوعي وآخر محلي وهو نفس ما عليه الأمر بالنسبة لدعوى التزييف الجنحية وعليه سنتطرق للحديث عن كل منهما على حدة.

 

أ – الاختصاص النوعي

باستقراء مقتضيات ق ح م ص يتضح أن المشرع المغربي لم يعمل على تحديد الاختصاص النوعي لقضاء الموضوع بخصوص الدعوى العمومية في مجال الملكية الصناعية[47].

وفي هذا الإطار يرى أحد الفقهاء[48] أن الاختصاص النوعي بخصوص الدعوى العمومية ينعقد إلى المحكمة الابتدائية وليس إلى المحكمة التجارية باعتبار أن النيابة العامة الموجودة بهذه المحاكم الأخيرة ليست لها صلاحية تحريك الدعوى العمومية حسب القانون المنظم للمحاكم التجارية، خاصة وأن الأمر يتعلق بدعوى عمومية يتم تحريكها من أجل تطبيق مختلف العقوبات المنصوص عليها في المواد 225 إلى 228 من القانون 17/97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية[49] .

ولعل ما يؤكد هذا التوجه هو ما نص عليه المشرع في الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتي جاء فيها أنه “…لا يجوز للمحكمة الجنحية أن تبت في شكوى الطرف المتضرر إلا بعد صدور حكم نهائي”.

وبالتالي فالمحكمة الجنحية لا يمكنها أن تبت في الأمر إلا بعد صدور حكم نهائي فتم قلب قاعدة الجنائي يعقل المدني وهذا ما أكد عليه حكم المحكمة الابتدائية بفاس[50] حيث جاء في أحد الحيثيات “… وحيث أن المحكمة أخذا منها بعين الاعتبار ماورد في الفصل المذكور وتطبيقه على النازلة ومحتويات الملف استخلصت بأن المطالبة بالحق المدني اكتفت بمحضر وصفي للقنينات الحاملة للعلامة “اتشي” استنادا للأمر القضائي الصادر عن السيد رئيس المحكمة التجارية بفاس وادلائها بصورة من تقرير خبير حيسوبي … المتضمن لتقييم حجم التعويض الواجب منحه إليها بخصوص ما تم القيام به من تقليد وتزييف دون الإدلاء بالحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به الصادر عن المحكمة التي لها الصلاحية في التحقق من ثبوت الضرر والتي هي نازلة الحال وحسب الظهير المذكور هي المحكمة التجارية “.

وبالرغم من تواجد جهاز النيابة العامة لدى المحكمة التجارية، إلا أن هذه الأخيرة تبقى غير مؤهلة لتحريك أو مباشرة أية دعوى عمومية، بحيث إذا تلقت النيابة العامة التابعة للمحاكم التجارية شكايات خاصة بدعوى التزييف الجنحية المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية بصفة عامة والعلامات بصفة خاصة فيجب عليها أن تحيلها على النيابة العامة التابعة للمحاكم الابتدائية[51].

إذا فمن هنا يتبين لنا بشكل جلي أن المحكمة المختصة نوعيا في النظر في الدعوى الجنائية هي المحكمة الابتدائية شريطة أن يصدر قبل ذلك حكم حائز لقوة الشيء المقضي به من لدن المحكمة المختصة للبت في التعويض.

 

ب – الاختصاص المحلي

بالرجوع إلى مقتضيات القانون 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية يتبين أن المشرع المغربي لم يحدد المحكمة المختصة مكانيا في دعوى التزييف الجنائية للعلامة التجارية، على عكس المحكمة المختصة في دعوى التزييف المدنية كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص المكاني المنصوص عليه في المادة 204 من ق ح م ص إنما يتعلق بالأساس بالدعاوى المدنية وليس الجنحية[52]. وهذا ما يمكن أن نستشفه من خلال مقتضيات المادة 15 السالفة الذكر والتي استثنت الدعاوى الجنائية من اختصاص المحكمة التجارية، وبالتالي يتعين الرجوع إلى القواعد العامة المتمثلة في مقتضيات المسطرة الجنائية وبالتحديد المادة 259 منها وذلك لتحديد المحكمة المختصة مكانيا في هذا الإطار.

وتجدر الإشارة إلى أن جانب من الفقه[53] رجح تطبيق المادة 259 من قانون المسطرة الجنائية كونها توظف مصطلحات ذات طابع جنائي (كالمتهم والمشارك والمساهم) بينما استبعد تطبيق المادة 204 من قانون 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، طالما أن المشرع قد وظف فيها مصطلحات ذات صبغة مدنية من قبيل (موقع المدعى عليه – المدعي – المنافسة غير المشروعة).

ومما يعزز هذا الرأي هو ما ذهب إليه بعض الباحثين[54] من كون القانون الواجب التطبيق بهذا الخصوص هو قانون المسطرة الجنائية الحالي وخاصة المادة 259 التي تنص على أن “الإختصاص يكون إما للمحكمة الابتدائية الواقع فيها الفعل الجرمي، وإما للمحكمة التي وقع في دائرتها إلقاء القبض، في حين يبقى الاختصاص المكاني المنصوص عليه في المادة 204 ق م ص يتعلق أساسا بدعاوى التزييف المدنية وليس الجنحية “.

وحسب المادة 259 فإن الاختصاص المحلي للنظر في دعوى التزييف الجنائية للعلامات التجارية ينعقد إما للمحكمة الابتدائية التابع لها المكان الذي وقع فيه الفعل الجرمي أو جزء منه وإما للمحكمة الابتدائية التابع لها الموطن الحقيقي أو المختار للظنين وإما للمحكمة الابتدائية التابع لها المكان الذي يتعاطى فيه أعماله[55].

ثانيا: خصوصية مسطرة البت في دعوى التزييف الجنحية

بالرجوع إلى مقتضيات المادة 205 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية نلاحظ على أن المشرع المغربي وضع قواعد خاصة بمسطرة البت في دعوى التزييف الجنحية الواقعة على حقوق الملكية الصناعية بما فيها العلامة التجارية والمتمثلة في تلاشي قاعدة الجنائي يعقل المدني (أ) وعدم التمسك بالدفوع المتعلقة ببطلان سند الملكية أمام المحكمة الجنحية (ب).

أ – تلاشي قاعدة الجنائي يعقل المدني

في ضوء ظهير 1916، كان المشرع المغربي يجعل إقامة دعوى التزييف المدنية منفصلة عن الدعوى الجنحية كما أنه لم يجعل لإحداهما تأثير على الأخرى، بحيث كان يحتكم للأصل وهو مبدأ الجنائي يعقل المدني، الذي يقضي إيقاف البت في الدعوى المدنية إلى حين البت في الدعوى الجنحية[56] وذلك عملا بالمادة 10 من قانون المسطرة الجنائية[57] .

لكن بالرجوع إلى القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، نجد أن المشرع المغربي قلب القاعدة العامة المتمثلة في “الجنائي يعقل المدني” وجعل “المدني يعقل الجنائي” وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 205 من نفس القانون أعلاه، التي تم تعديلها بموجب القانون رقم 13-23 التي تضمنت ما يلي ” في حالة رفع المدعى عليه لدعوى مدنية سابق لإثبات الضرر أو دعوى بالبطلان أو بالمطالبة بالملكية أو بسقوط الحقوق، لا يجوز للمحكمة الجنحية أن تبت في شكوى الطرف المتضرر إلا بعد صدور حكم نهائي”.

من خلال هذا المقتضى يتضح أنه بصدور القانون 17.97 المتعلق بالملكية الصناعية أن القاعدة الفقهية ” الجنائي يعقل المدني” أضحت معكوسة حيث إن المحكمة الجنحية المرفوعة أمامها دعوى التزييف الجنحية تكون ملزمة بتطبيق قاعدة ” المدني يعقل الجنائي” ولا يجوز لها البت في الدعوى إلا بعد صدور حكم نهائي عن المحكمة التجارية المختصة من حيث الأصل بالنظر في نزاعات الملكية الصناعية، وبالتالي فهي المؤهلة لتقدير قيام التزييف من عدمه[58] .

إلا أن عكس هذه القاعدة يتطلب وجود الشرط المتعلق بضرورة أن تكون هناك دعوى مدنية تتعلق بتزييف أو تقليد العلامة التجارية أمام المحكمة التجارية، وقد صدرعن محكمة الاستئناف التجارية بفاس قراررقم 255 بتاريخ 14/2/2008 في الملف عدد 532/2007 جاء فيه أنه : ” لتطبيق قاعدة المدني يوقف الزجري تشترط المادة 205 من القانون رقم 97-17 أن تكون هناك دعوى مدنية تتعلق بتزييف أو تقليد العلامة قد أقيمت أمام المحكمة التجارية المختصة ومن تم لا يجوز للمحكمة الابتدائية التي تنظر في الدعوى العمومية المتعلقة بهذا التزييف أو التقليد أن تبت في القضية إلا بعد صدور حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به عن المحكمة التجارية[59] .

وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 205 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، قد جعلت “المدني يعقل الجنائي” فإنه يرد على ذلك استثناء يتمثل في الحالة التي يتم تحريك الدعوى العمومية تلقائيا من طرف النيابة العامة عند انتهاك حقوق مالك العلامة كما هو محدد في المواد 154 و 155 و 225 و 226 أعلاه في هذه الحالة لا تتقيد المحكمة الجنحية بقاعدة “المدني يعقل الجنائي”، بحيث تبت في الدعوى العمومية المرفوعة أمامها دون الحاجة لتقديم أي شكاية من جهة خاصة أو من مالك للحقوق[60] .

ذلك ما أكدت عليه محكمة النقض المغربية في قرارها الصادر بتاريخ 2/12/2010 قرار عدد 955، في الملف عدد 14426/6/8/2010 الذي جاء فيه : ” يجوز للنيابة العامة تلقائيا الأمر بمتابعات ضد كل مساس بحقوق مالك شهادة تسجيل علامة صنع ولو في غيبة تقديم شكاية من مالك العلامة “[61].

لكن، ما العمل إذا لم تكن هناك دعوى مدنية مرفوعة أمام المحكمة التجارية؟ وهل للمحكمة الزجرية سلطة البت في النزاع إذا عرض عليها أم تأمر بالإيقاف لعدم وجود دعوى رائجة أمام المحكمة التجارية؟

ذهب جانب من الفقه[62] إلى أنه في حالة رفع الدعوى الجنحية قبل مباشرة الدعوى التجارية يجب على النيابة العامة حفظ الشكاية إلى أن يتم التحقق من التزييف وثبوت الضرر من طرف المحكمة التجارية، ويرى اتجاه آخر[63] أنه في حالة عدم وجود دعوى مدنية أمام المحكمة التجارية المختصة، يجوز للمحكمة الابتدائية التي تنظر في الدعوى العمومية المتعلقة بهذا التزييف أن تبت في القضية بناء على المعطيات الموجودة بملف الدعوى وعلى ما يروج من وقائع وأقوال خلال مباشرة هذه الدعوى.

وقد يرى البعض أن هذه القاعدة لا يمكن أن يترتب عنها أي أثر لإختلاف الدعوى المدنية عن الدعوى الجنحية باعتبار أن هذه الأخيرة هي التي يشترط فيها القصد الجنائي أي سوء النية لتحققها، ومن تم تكون المحكمة الإبتدائية ملزمة بالتأكد من تحقق هذا الشرط للقول بوجود اعتداء على العلامة التجارية، الأمر الذي يشترط في الدعوى المدنية وبالتالي يكون حكم هذه الأخيرة غير مؤثر على حكم المحكمة الجنحية[64].

وفي اعتقاد البعض[65] أن إيقاف البت في الدعوى الجنحية من طرف المحكمة الابتدائية إلى حين صدور حكم نهائي عن المحكمة التجارية في الدعوى التزييف المدنية، له ما يبرره خاصة في الحالة التي يكون فيها المتضرر قد رفع الدعوى أمام المحكمة التجارية، أو أنه أقام الدعوى أمام المحكمة الابتدائية ومازالت لم تبت في دعوى التزييف.

وفي هذا الإطار صدر حكم عن ابتدائية الدار البيضاء[66]، والذي جاء فيه ما يلي “…حيث تابعت النيابة العامة الضنينين من أجل جنحة المشاركة في تقليد العلامة علامة مسجلة تقليدا تدليسيا من شأنه تضليل المشترين وحيث إنه طبقا لمقتضيات المادة 205 من القانون 97-17 المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية، في فقرتها الثانية فإنه لا يجوز للمحكمة أن تبت في الدعوى العمومية إلا بعد صدور حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به عن المحكمة المرفوع إليها التحقق من ثبوت الضرر، وحيث أنه ليس بالملف ما يفيد صدور الحكم المنصوص عليه في المادة المذكورة مما يتعذر معه على المحكمة البت في الدعوى، وحيث يتعين وفق ما ذكر التصريح بعدم قبول متابعة النيابة العامة وكذا المطالب المدنية “.

وجدير بالذكر أن المادة 205 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية لم تتعرض صراحة إلى ذلك، الشيء الذي يدعونا إلى الاستنتاج بأن مقتضى المادة المذكورة يعطي لقاعدة المدني يعقل الجنائي مبدأ عاما واستثناء في الوقت ذاته، وبصيغة أخرى فإذا كان من المسلم به أن الحكم المدني لا حجية له أمام القضاء الجنائي، فإنه استثناء من ذلك يمكن أن تكون له هذه الحجية[67] .

فالحكم النهائي الصادر عن المحكمة التجارية المرفوعة أمامها سابقا دعوى مدنية من طرف المدعي أو المدعى عليه لإثبات الضرر أو دعوى بالبطلان أو باسترداد سند الملكية الصناعية أو بسقوط الحقوق، يكون له تأثير على الدعوى الجنحية التي تم تحريكها بحيث يكون مالها إما المتابعة أو السقوط وبالتالي الحكم ببراءة المتهم.

ب – عدم التمسك بالدفوع المتعلقة ببطلان سند الملكية أمام المحكمة الجنحية

تعتبر هذه الخاصية من مستجدات القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، الذي يمنع على المدعى عليه أن يثير أمام المحكمة المعروضة عليها القضية الجنحية الدفوعات التي يستمدها من بطلان سند الملكية أو من المسائل المرتبطة بملكيتها كعدم تجديد العلامة أو عدم استعمالها أو فقدانها لطابعها المميز وغيرها من حالات انقضاء الحق في ملكية العلامة[68]، على اعتبار أن مثل هذه الدفوع تبقى صلاحية البت فيها من اختصاص المحكمة المدنية – التجارية، وبالتالي قبولها أو عدم قبولها على ضوء الحجج والوثائق المدرجة في الملف[69] وذلك خلافا لظهير 23 يونيو 1916 الملغى، الذي كان يخول إمكانية تقديم الدفوع المتعلقة ببطلان السند أو سقوط الحق فيه أمام المحكمة الإبتدائية[70].

وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 205 من القانون 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية نجدها نصت على ما يلي : “…. لا يجوز إثارة الدفوعات التي يستمدها المدعى عليه من بطلان سند الملكية الصناعية أو من المسائل المتعلقة بملكية السند المذكور أمام المحكمة الجنحية “.

يتضح من خلال هذه المادة أنه بإمكان المدعى عليه في حالة رفعه دعوى مدنية سابقة أمام المحكمة التجارية المختصة لإثبات الضرر أو دعوى بالبطلان أو بالمطالبة باسترداد سند الملكية الصناعية أو بسقوط الحقوق، المطالبة بإيقاف البت في الدعوى الجنحية إلى حين صدور حكم نهائي عن المحكمة التجارية[71]، وهو ما تعرضت له الفقرة الثانية من المادة 205 من القانون 97-17 المتعلق بحماية حقوق الملكية الصناعية و التجارية، والتي جاء فيها ما يلي: “في حالة رفع المدعى عليه دعوى مدنية سابقة لإثبات الضرر أو دعوى بالبطلان أو بالمطالبة بالملكية أو بسقوط الحقوق، لا يجوز للمحكمة الجنحية أن تبت في شكوى الطرف المتضرر إلا بعد صدور حكم نهائي”.

ونرى أن تعديل هذه المادة يتماشى والمنطق، لأنه لا يمكن للمحكمة الإبتدائية التي تنظر في دعوى التزييف الجنحية أن تصدر حكما بالإدانة، ويصدر حكم نهائي فيما بعد عن المحكمة التجارية يبطل سند الملكية الصناعية أو يقر بملكية المدعى عليه للسند.

خاتمة :

وفي الختام، يتبين أن المشرع المغربي قد وضع إطارًا قانونيًا شاملاً لحماية العلامة التجارية من التزييف، من خلال الضوابط المسطرية التي تتيح لأصحاب الحقوق التوجه إلى القضاء بفعالية. فقد خصّص القانون رقم 17.97 وأحكامه المعدلة مجموعة من الإجراءات المسطرية التي تنظم دعوى التزييف، سواء من خلال الدعوى المدنية التي تهدف إلى جبر الأضرار الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية، أو عبر الدعوى الجنائية التي تسعى إلى معاقبة مرتكبي الأفعال المجرّمة، في إطار المسطرة الجنائية التي تحركها النيابة العامة وتستند إلى التكييف القانوني للجريمة.

لكن، ورغم هذه الجهود القانونية، لا يزال التطبيق الفعلي لهذه المساطر يواجه العديد من الصعوبات العملية، من قبيل التراخي في الإجراءات، وصعوبة إثبات التزييف، والتداخل بين الاختصاصات القضائية. كما أن ظهور تقنيات جديدة مثل التجارة الإلكترونية والتجارة العابرة للحدود قد يفرض تحديات إضافية على النظام القانوني، مما يجعل من الضروري التفكير في تطوير هذه الضوابط بشكل مستمر. وعليه، يظل السؤال مفتوحاً:

هل سيظل النظام المسطري الحالي قادراً على مواكبة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة، أم أن الأمر يتطلب تكييفاً قانونياً جديداً يلبي احتياجات حماية العلامة التجارية في العصر الرقمي؟

لائحة المراجع

أولا: المراجع باللغة العربية

  1. الكتب :

♦ أبو العلاء أحمد، دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي من خلال الأسئلة والأجوبة، مطبعة الخليج العربي، 152 شارع الحسن الثاني – تطوان، الطبعة الأولى 2011.

♦ شكري السباعي أحمد، ” الوسيط في الأصل التجاري – دراسة في قانون التجارة المغربي والقانون المقارن والفقه والقضاء “، الجزء الثاني، دار نشر المعرفة – الرباط، الطبعة الأولى، 2008.

♦ العلمي عبد الواحد، “شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام”، مطبعة الجديدة الدار البيضاء، الطبعة السادسة، سنة 2014.

♦ الفروجي محمد، ” الملكية الصناعية والتجارية، تطبيقاتها ودعاواها المدنية والجنائية “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء الطبعة الأولى 2002.

♦ الحلامي بدر، ” دعوى تزييف العلامة التجارية بين التشريع والقضاء “، دراسة قانونية عملية مقارنة معززة باجتهادات قضائية حديثة ومذيلة بالنصوص التئريعية ذات الصلة، مطبعة دار السلام – الرباط، الطبعة الأولى، 2014.

♦ بنشهيبو أحمد، ” دور العلامة التجارية في حماية المستهلك “، دراسة في التشريع المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية والاجتهاد القضائي وفقا لآخر تعديلات القانون رقم 23.13 الصادر في 21 نونبر 2014، مكتبة دار السلام – الرباط، الطبعة الأولى، 2020.

♦ بنونة يونس، ” العلامة التجارية بين التشريع والاجتهاد القضائي “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2006.

♦ زوقة عبد الله، ” حماية حقوق الملكية الصناعية – العلامات نموذجا – وفق مقتضيات القانون رقم 13/23 والعمل القضائي “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2018.

♦ معلال فؤاد، ” الملكية الصناعية، دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية ” الجزء الثاني، الحقوق التي ترد على الشارات المميزة، مطبعة الأمنية – الرباط، الطبعة الثانية 2019.

♦ محبوبي محمد، “النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية”، دار أبي رقراق – الرباط، الطبعة الأولى 2007.

♦ ميداوي خالد، ” حقوق الملكية الصناعية في التشريع المغربي “، دار القلم، الطبعة الأولى- الرباط، 2005.

  1. الرسائل والأطارح:

أ – الأطروحات الجامعية:

♦ الدماني أحمد، ” حماية العلامة التجارية من التزييف أي فاعلية ؟ “، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون والوسائل البديلة جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية فاس، السنة الجامعية 2013 – 2014.

♦ حربي مينة، آليات حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية ” دعوى التزييف نموذجا “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي – الرباط، السنة الجامعية 2010 – 2011.

♦ دوهو سفيان، ” الآليات الجمركية والقضائية لحماية العلامة التجارية من التزييف” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، السنة الجامعية 2018/2019.

ب – الرسائل الجامعية:

♦ السعدي عبد اللطيف، ” الحماية الجنائية لبراءة الاختراع من أعمال التزييف في التشريع المغربي “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية: 2006/2007.

♦ خرباش إلياس، ” حماية العلامة التجارية من التزييف بين قانون الملكية الصناعية والقانون الجنائي “، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص قانون الأعمال جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – تطوان، السنة الجامعية 2018 -2019.

  1. المقالات:

أ_ المقالات الورقية:

♦ معلال فؤاد، التعليق على قرار محكمة الإستئناف التجارية بفاس رقم 255 الصادر بتاريخ 14/02/2008 بشأن المقصود بشرط التمييز في العلامة التجارية، وبشأن شروط إعمال قاعدة المدني يوقف الزجري المنصوص عليه في المادة 205/2 من القانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، منشور بالمجلة المغربية للقانون الاقتصادي، العدد 4 سنة 2011.

ب_ المقالات الالكترونية:

♦ صبري عبد الحميد، ” وسائل حماية العلامة التجارية في القانون المغربي “، مقال منشور على الرابط التالي:

https://2u.pw/5ySpOcUw

♦ فوناني منير، ” حينما يعقل المدني الجنائي من خلال القانون رقم 97/17 المتعلق بالملكية الصناعية “، مقال منشور بالموقع الالكتروني التالي :

https://2u.pw/bnpn29Lq

ثانيا: المراجع باللغة الفرنسية

  1. Articles :

♦ Mohamed Jaouhara : perspectives de l’enseignement et de la recherche en droit pénal de la propriété industrielle, revue Marocaine de droit et d’économie du développement, n° 44-2001.

♦ Ahmed Milou : « le rôle de l’état dans la promotion, la défense de la propriété intellectuelle », Revue marocaine d’économie et de développement N : 44/2001.

 

Contents

مقدمة: 2

المطلب الأول: إجراءات دعوى التزييف المدنية 3

الفقرة الأولى: أطراف دعوى التزييف المدنية 3

أولا: الطرف المدعي 3

ثانيا: المدعى عليه 4

الفقرة الثانية: قواعد الاختصاص والإثبات في دعوى التزييف المدنية 6

أولا: المحكمة المختصة في دعوى التزييف المدنية 6

ثانيا: وسائل الإثبات في دعوى التزييف المدنية 8

المطلب الثاني: إجراءات دعوى التزييف الجنائية 10

الفقرة الأولى: تحريك الدعوى العمومية 10

أولا: تحريك الدعوى العمومية بشكوى من المتضرر 11

ثانيا : تحريك الدعوى العمومية تلقائيا من طرف النيابة العامة 12

ثالثا: المدعى عليه في دعوى التزييف الجنحية 13

الفقرة الثانية: المحكمة المختصة في دعوى التزييف الجنحية وخصوصية مسطرة البت فيها 14

أولا: المحكمة المختصة بالبت في دعوى التزييف الجنحية 14

ثانيا: خصوصية مسطرة البت في دعوى التزييف الجنحية 16

خاتمة : 21

لائحة المراجع 22

  1. حكم رقم 1715، ملف رقم 3063/16/2008، صادر بتاريخ 04/06/2009، غير منشور
  2. قرار رقم 348/2009، صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 20/01/2009، ملف عدد 4816/2007، غير منشور.
  3. خالد ميداوي، ” حقوق الملكية الصناعية في التشريع المغربي “، دار القلم، الطبعة الأولى- الرباط، 2005، ص 175.
  4. فؤاد معلال، ” الملكية الصناعية، دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية “، الجزء الثاني، الحقوق التي ترد على الشارات المميزة، مطبعة الأمنية – الرباط، الطبعة الثانية 2019، ص 237- 238.
  5. المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
  6. مينة حربي، آليات حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية ” دعوى التزييف نموذجا “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي – الرباط، السنة الجامعية 2010 – 2011، ص 45.
  7. قرار أورده أحمد الدماني، ” حماية العلامة التجارية من التزييف أي فاعلية ؟ “، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون والوسائل البديلة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية فاس، السنة الجامعية 2013 – 2014، ص 221.
  8. المرجع نفسه، ص 220.
  9. محمد محبوبي، “النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية”، دار أبي رقراق – الرباط، الطبعة الأولى 2007، ص 157.
  10. سفيان دوهو، ” الآليات الجمركية والقضائية لحماية العلامة التجارية من التزييف “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، السنة الجامعية 2018/2019، ص 222.
  11. المرجع نفسه، ص 223.
  12. حكم أورده سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 223.
  13. حكم رقم 768، ملف رقم 155/8211/2022، صادر بتاريخ 23/02/2023، غير منشور.
  14. حكم رقم 2364، ملف رقم 3899/8211/2021، صادر بتاريخ 08/06/2023، غير منشور.
  15. قرار أورده سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 223 وما بعدها.
  16. تنص المادة 5 من القانون رقم 95-53 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية على أنه ” تختص المحاكم التجارية بالنظر في :الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية.

    الدعاوي التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية.

    الدعاوي المتعلقة بالأوراق التجارية.

    الدعاوي الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية.

    النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.

  17. حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط، بتاريخ 27 أكتوبر 1998، ملف رقم 4/525/98، أورده محمد محبوبي، مرجع سابق ص 159 وما بعدها.
  18. حكم رقم 776، ملف رقم 3669/8211/2022، صادر بتاريخ 23/02/2023، غير منشور.
  19. حكم رقم 2365، ملف رقم 3900/8211/2021، صادر بتاريخ 08/06/2023، غير منشور.
  20. سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 227.
  21. إلياس خرباش، ” حماية العلامة التجارية من التزييف بين قانون الملكية الصناعية والقانون الجنائي “، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص قانون الأعمال، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – تطوان، السنة الجامعية 2018 -2019.
  22. الفقرة الأخيرة من المادة 204 من قانون 97/17 المتعلق ب ح م ص والتي نصت على أنه : ” استثناء من أحكام الفقرة الأولى أعلاه المحكمة المختصة للأمر بالإجراءات التحفظية المنصوص عليها في المادة 176-2 أعلاه هي المحكمة التابع لها مكان استيراد السلع موضوع طلب الوقف المشار إليه في المادة 176-1 أعلاه.
  23. حكم رقم 1397، صادرعن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 15/02/2010، ملف رقم 7795/2008، غير منشور.
  24. الفقرة الأولى من المادة 222 من قانون 97/17 المتعلق بحقوق الملكية الصناعية.
  25. أنظر الفقرة الرابعة من المادة 202 من قانون 97/17 المتعلق بحقوق الملكية الصناعية .
  26. الفقرة الأخيرة من المادة 222 من القانون المذكور أعلاه.
  27. فؤاد معلال، ” الملكية الصناعية، دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية “، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 246.
  28. حكم رقم 1900، ملف رقم 747/8211/2021، صادر بتاريخ 26/05/2022، غير منشور.
  29. حكم رقم 2365، ملف رقم 3900/8211/2021، صادر بتاريخ 08/06/2023، غير منشور.
  30. حكم صادر عن المحكمة التجارية بمكناس رقم 1661، ملف رقم 1488/18/8211، بتاريخ 15/11/2018، أورده إلياس خرباش مرجع سابق، ص 85.
  31. Mohamed Jaouhara : perspectives de l’enseignement et de la recherche en droit pénal de la propriété industrielle, revue Marocaine de droit et d’économie du développement, n° 44-2001, p .193- 192.
  32. محمد محبوبي، مرجع سابق، ص 165.
  33. سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 250.
  34. أحمد دماني، مرجع سابق، ص 108.
  35. قانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.02.255 صادر في 25 رجب 1423 (3 أكتوبر2002) منشور بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423(30 يناير 2003) ص 315.
  36. محمد الفروجي، ” الملكية الصناعية والتجارية، تطبيقاتها ودعاواها المدنية والجنائية “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء الطبعة الأولى 2002، ص223.
  37. أحمد بنشهيبو، ” دور العلامة التجارية في حماية المستهلك “، دراسة في التشريع المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية والاجتهاد القضائي وفقا لآخر تعديلات القانون رقم 23.13 الصادر في 21 نونبر 2014، مكتبة دار السلام – الرباط، الطبعة الأولى، 2020 ص257 – 258.
  38. فؤاد معلال، ” الملكية الصناعية، دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية “، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 239.
  39. أحمد بنشهيبو، مرجع سابق، ص 258.
  40. فؤاد معلال، ” الملكية الصناعية، دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية “، الجزء الثاني، م.س، ص 240.
  41. أحمد أبو العلاء، دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي من خلال الأسئلة والأجوبة، مطبعة الخليج العربي، 152 شارع الحسن الثاني – تطوان، الطبعة الأولى 2011، ص 8.
  42. ينص الفصل 128 من ق ج على أنه ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها “.
  43. ينص الفصل 129 من ق ج على أنه ” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها ولكنه أتى أحد الأفعال الآتية:1 – أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي.

    2- – قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل، مع علمه بأنها ستستعمل لذلك.

    3 – ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها، مع علمه بذلك.

    4 – تعود على تقديم مسكن أو ملجا أو مكان الاجتماع الواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون و اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أوالأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي.

    أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا.

  44. عبد الواحد العلمي، “شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام”، مطبعة الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة السادسة، سنة 2014 ص 338.
  45. سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 256.
  46. عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 211.
  47. Ahmed Milou : « le rôle de l’état dans la promotion, la défense de la propriété intellectuelle >>, Revue marocaine d’économie et de développement N : 44/2001, P 182.
  48. بنونة يونس، ” العلامة التجارية بين التشريع والاجتهاد القضائي “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2006، ص 114.
  49. محمد الفروجي، مرجع سابق، ص 354.
  50. حكم أورده أحمد الحجوجي، مرجع سابق، ص 66.
  51. عبد الحميد صبري، ” وسائل حماية العلامة التجارية في القانون المغربي “، مقال منشور على الرابط التالي:https://2u.pw/5ySpOcUw

    تم الاطلاع عليه بتاريخ 06/04/2025على الساعة 21:11.

  52. يونس بنونة، مرجع سابق، ص 115.
  53. أحمد شكري السباعي، ” الوسيط في الأصل التجاري – دراسة في قانون التجارة المغربي والقانون المقارن والفقه والقضاء “، الجزء الثاني، دار نشر المعرفة – الرباط، الطبعة الأولى، 2008، ص 360.
  54. يونس بنونة، مرجع سابق، ص 114.
  55. محمد الفروجي، مرجع سابق، ص 355.
  56. سفيان دوهو، مرجع سابق، ص 263.
  57. تنص المادة 10 من ق م ج على أنه ” يمكن إقامة الدعوى المدنية، منفصلة عن الدعوى العمومية، لدى المحكمة المدنية المختصة.غير أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها.
  58. فؤاد معلال، التعليق على قرار محكمة الإستئناف التجارية بفاس رقم 255 الصادر بتاريخ 14/02/2008 بشان المقصود بشرط التمييز في العلامة التجارية، وبشأن شروط إعمال قاعدة المدني يوقف الزجري المنصوص عليه في المادة 205/2 من القانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، منشور بالمجلة المغربية للقانون الاقتصادي، العدد 4 سنة 2011، ص 149.
  59. قرارأورده منير فوناني، ” حينما يعقل المدني الجنائي من خلال القانون رقم 97/17 المتعلق بالملكية الصناعية “، مقال منشور بالموقع الالكتروني التالي : https://2u.pw/bnpn29Lqتم الاطلاع عليه بتاريخ 8/04/2025، على الساعة 20:00
  60. قرارأورده منير فوناني، مرجع سابق.تم تغير المادة 227-1 بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 13-23 الذي غير وتمم قانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
  61. أحمد شكري السباعي، ” الوسيط في الأصل التجاري “، مرجع سابق، ص 360.
  62. أحمد شكري السباعي، مرجع سابق، ص 360.
  63. محمد الفروجي، ” الملكية الصناعية والتجارية، تطبيقاتها ودعاواها المدنية والجنائية “، مرجع سابق، ص 223.
  64. بدر الحلامي، ” دعوى تزييف العلامة التجارية بين التشريع والقضاء “، دراسة قانونية عملية مقارنة معززة باجتهادات قضائية حديثة ومذيلة بالنصوص التئريعية ذات الصلة، مطبعة دار السلام – الرباط، الطبعة الأولى، 2014، ص 178.
  65. عبد الله زوقة، ” حماية حقوق الملكية الصناعية – العلامات نموذجا – وفق مقتضيات القانون رقم 13/23 والعمل القضائي “، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2018، ص 191.
  66. حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، بتاريخ 09/06/2009، رقم 5910، ملف عدد 5377/09، أورده سفيان دوهو م.س، ص 265.
  67. عبد اللطيف السعدي، ” الحماية الجنائية لبراءة الاختراع من أعمال التزييف في التشريع المغربي “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية: 2006-2007 ص 83.
  68. عبد الله زوقة، مرجع سابق، ص 192.
  69. يونس بنونة، مرجع سابق، ص 117.
  70. بدر الحلامي، مرجع سابق، ص 186.
  71. عبد الله زوقة، مرجع سابق، ص 331.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى