في الواجهةمقالات قانونية

العقوبات البديلة، أي آفاق – هبة عكاف

العقوبات البديلة، أي آفاق

هبة عكاف

طالبة باحثة في ماستر قانون الأعمال والاستشارة القانونية- مسار قانون الأعمال

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية

تقديم

إن التحولات الحاصلة لمجال العدالة الجنائية أصبحت معاصرة بشكل لم تعد في مقدورها الوقوف عند حدود الردع والزجر فحسب، بل أصبح من اللازم إعتماد مبادئ الإصلاح العقابي والتفريد الإنساني للعقوبة وأنسنة نظام العقوبات. ولما كانت هذه الأخيرة المتمثلة في تلك السالبة للحرية غير كافية أو غير مجدية إن صح التعبير في تحقيق الردع الكافي في بعض الجرائم، فإن إصلاح السياسة الجنائية الوطنية أصبحت ضرورة ملحة جعلت المشرع يعتمد منظومة بديلة للعقوبات؛ حيث أقر نظام جديد خاص ببدائل العقوبات السالبة للحرية وهو القانون رقم 43.22[1]، والذي سيحدث نقلة نوعية في السياسة العقابية المغربية.

ومنه ستشكل هذه القواعد إحدى الأدوات التشريعية الجديدة التي تهدف بالأساس الى التوفيق بين فعالية العقوبة وحماية الحقوق الأساسية للمحكوم عليه، خاصة في الحالات التي لا تبرر فيها الجريمة المساس بالحرية الفردية[2]. وعليه فإن هذا القانون جاء خصيصا لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال فرض بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها وفتح المجال للمستفدين منها من الاندماج داخل المجتمع والتأهيل[3]، فقصر المدة الحبسية غالبا لا يكفي لتنفيذ سياسة جنائية رادعة خاصة فيما يتعلق بمسألة الإصلاح والتهذيب[4]. كما أنه يروم إلى التخفيف من الاكتظاظ السجني وتعزيز العدالة الإصلاحية، وتحقيق النجاعة القضائية، ومنه سيكون لزاما على مجموعة من المؤسسات أن تعمل بجد قصد تنزيل هذه المنظومة على أرض الواقع وإنجاحها وجعلها تحقق المبتغى الذي من أجله خلقت، ونخص بالذكر كل من المؤسسة القضائية والمؤسسات السجنية وكل الفاعلين في المجال العقابي.

وإذا كانت مقتضيات هذا القانون قد أرصت إطارا مفاهيميا ومسطريا لهذه البدائل، فإن تفعليها في الواقع القضائي يطرح جملة من التساؤلات العميقة حول مدى قدرة منظومة العدالة الجنائية بمكونينها القانوني والمؤسساتي على استيعاب هذا التحول النوعي ومدى انسجام هذا الطرح مع التوجهات الكبرى للسياسة الجنائية التي ظلت لسنوات رهينة لمنطق العقاب الزجري.

فهل سيشكل القانون رقم 43.22 قطيعة فعلية مع النموذج التقليدي للعقوبة؟ وأي رهانات وتحديات قد تعيق التنزيل الفعلي لخياراته الإصلاحية، في ظل البنية الحالية للممارسة القضائية والمؤسسات السجنية؟

ومنه نتسائل:

ماهي العقوبات البديلة؟

وماهي أنواعها و شروط تطبيقها؟

وماهي إجراءات تنفيذها؟

وماهي أهميتها ؟

وأي تحديات ستواجه تنزيل هذا القانون؟

إن معالجة هذه الإشكالات بشكل كلي أمر ليس بالسهل ولا بالهين، على إعتبار أن هذا القانون هو محطة في غاية الأهمية، ونظرا لحساسية الموضوع وصعوبته، سنقسم موضوعنا الى محورين سنعالج في الأول العقوبات البديلة في ظل القانون رقم 43.22 ، لنعرج بعد ذلك للحديث عن واقع تنزيل هذه العقوبات في المحور الثاني.

المحور الأول: العقوبات البديلة في ضوء القانون رقم 43.22

إن السياسة العقابية المغربية لطالما إعتمدت على العقوبات التقليدية المتمثلة في تلك السالبة للحرية أو الغرامة أو هما معا كعقوبة أصلية، ناهيك عن تلك العقوبات الإضافية التي تنضاف الى هذه الأخيرة، غير أنه في الواقع العملي تبين أن هذا النوع من الردع في بعض الجرائم لم تستطع معه المؤسسة السجنية بأي شكل من الأشكال العمل على إدماج وتأهيل فئة معينة من السجناء، حيث أثبت أن السجن هو أحد العوامل التي ساهمت في تسجيل حالات العود[5]، بالإضافة إلى أن بعض الأشخاص الذين ليست لهم سوابق قضائية وتمت متابعتهم بجرائم كالخيانة الزوجية أو الفساد أو بعض الجرائم البسيطة كسرقة أشياء زهيدة القيمة، وتم إيداعهم في المؤسسة السجنية قد إحترافوا الإجرام من قبل أشخاص آخرين ممتهني الإجرام، أصبح معه هذا الأخير بمثابة مهنة لهم.

والحديث عن هاته العقوبات من الجانب القانوني يتطلب أن نخصص هذا الشق الى قسمين، قسم أول خاص بتعريفها وأنواعها كما هو مذكور في القانون رقم 43.22 و القسم الثاني مخصص للشروطها وإجراءات تنفيذها.

القسم الأول: تعريف العقوبات البديلة وأنواعها

سنعالج في هذا القسم كل من تعريف العقوبات البديلة (أولا)، وأنواعها (ثانيا).

أولا: تعريف العقوبات البديلة وفق القانون رقم 43.22

وفقا لأحكام الفصل 35.1 من القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة فإن هذه الأخيرة يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا.

بمعنى أن هاته العقوبة هي التي يقضى بها عوضا عن العقوبات السالبة للحرية، وكل ذلك في نطاق معين من الجرائم وظروف خاصة، كما أنها تنفذ على المحكوم عليه وفق التزامات محددة تهدف الى إعادة الادماج والتأهيل والحد من حالات العود[6]، وتبعا لذلك سيتم بفضلها استبدال العقوبة الحبسية واعتبارها كبديل لها تجنبا لتقييد حرية الشخص في إطار مأسسة أنسنة نظام العقوبات.

كما أن هاته العقوبات حسب الفصل سالف الذكر تسري عليها المقتضيات القانونية المقررة للعقوبة الأصلية للجريمة بما فيها قواعد تفريد العقاب، ولا يحول والحالة هذه دون تنفيذ العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية. إضافة الى أنه لا يحكم بها في حالة العود، وإنما يقضى بالعقوبات الأصلية المقررة للجريمة المرتكبة.

ثانيا: أنواع العقوبات البديلة وفق القانون رقم 43.22

نص الفصل 35.2 من القانون رقم 43.22 أن العقوبات البديلة تحدد في أربعة أنواع وهي:

  1. العمل لأجل المنفعة العامة:

وهو إجراء يهدف الى جعل المحكوم عليه بالقيام بأنشطة تفيد الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام، وذلك إذا كان المحكوم عليه بالغا من العمر خمس عشرة سنة على الأقل في تاريخ صدور الحكم. وينجز هذا العمل لمدة تتراوح بين 40 و 3600 ساعة لفائدة الأجهزة سالفة الذكر، ويراعى في ذلك توافق العمل مع الجنس وسن ومهنة أو حرفة المحكوم عليه أو مع مؤهلاته وقدراته، مع فتح المجال لأن يكون هذا العمل مكملا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد.

وفي حالة ما إذا قررت المحكمة الحكم على الحدث بعقوبة حبسية وفقا لأحكام المادة 482 من الكتاب الثالث من القواعد الخاصة بالأحداث في قانون المسطرة الجنائية[7]، فيمكنها والحالة هذه أن تقضي بعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة وكل ذلك مع مراعاة سن الحدث وقدرته الجسدية ومصلحته الفضلى ولحاجيات تكوينه وإعادة إدماجه.

  1. المراقبة الإلكترونية:

تعتبر هي ثاني عقوبة بديلة نص عليها الفصل 35.10 وهي إخضاع المحكوم عليه لمراقبة إلكترونية تحد من تحركاته في نطاق مكاني وزماني يحدده الحكم، وذلك عن طريق واحدة أو أكثر من الوسائل الإلكترونية المعتمدة، ويحدد مكان ومدة المراقبة الإلكترونية من طرف المحكمة، وكل ذلك مع مراعاة خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا، وعدم المساس بالحقوق الشخصية للأشخاص المتواجدين رفقته، كما أنها تنفذ باستخدام وسائل تقنية تحددها الإدارة المكلفة بالسجون[8].

  1. تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية:

تهدف هذه العقوبة اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج، وتشمل حسب الفصل 35.12 :

– مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا؛

– إقامة المحكوم عليه بمكان محدد والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من عدم ارتيادها في أوقات معينة؛

– فرض رقابة يلزم بموجبها المحكوم عليه، بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى المؤسسة السجنية وإما إلى مقر الشرطة أو الدرك الملكي أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة؛

– التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالأشخاص ضحايا الجريمة بأي وسيلة كانت؛

– خضوع المحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان؛

– تعويض أو إصلاح المحكوم عليه للأضرار الناتجة عن الجريمة.

ويلتزم المحكوم عليه بتنفيذ العقوبة أو العقوبات المحكوم بها سالفة الذكر، داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور المقرر التنفيذي المشار إليه في المادة 647.2 من قانون المسطرة الجنائية، مع إمكانية تمديد هذا الأجل لمدة مماثلة مرة واحدة بناء على طلب المحكوم عليه أو من له مصلحة في ذلك، بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات، إذا اقتضى الأمر ذلك.

  1. الغرامة اليومية:

وفقا لأحكام الفصل 35.15، سيتم الحكم بغرامة مالية تؤدى عن كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المستبدلة، ويمكن أن تمتد هذه العقوبة لتطال الأحداث الجانحين في حالة موافقة وليهم أو من يمثلهم.

غير أن هذه العقوبة لا يمكن الحكم بها إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود الصلح أو تنازل صادر عن الضحية أو ذويه أو القيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة المرتكبة. كما يتراوح مبلغها بين 100 إلى 2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، وكل ذلك مع مراعاة المحكمة في تحديد الغرامة الإمكانيات المادية للمحكوم عليه أو ذويه وتحملاته المالية وخطورة الجريمة المرتكبة والضرر المترتب عنها، مع الزامية تنفيذها داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور المقرر التنفيذي سالف الذكر[9].

القسم الثاني: الشروط وإجراءات تنفيذ العقوبات البديلة

إن الأهمية التي تحظى بها هاته العقوبات المستبدلة جعلت المشرع يقر بالضرورة توافر شروط وإجراءات خاصة وذلك لإنزالها منزلة الصواب باعتبارها استراتيجية جديدة لمواجهة الظاهرة الإجرامية والحد منها. إذن ماهي هذه شروطها؟ وماهي إجراءاتها؟

أولا: الشروط الخاصة بتطبيق العقوبة البديلة وقيودها:

  1. الشروط الخاصة بالعقوبات البديلة:

أن تكون الجريمة المرتكبة تشكل جنحة يعاقب عليها بعقوبة لا تتجاوز خمس سنوات حبسا نافذا؛

أن تحدد المحكمة العقوبة الحبسية الأصلية قبل اللجوء الى العقوبة البديلة؛

أن تحدد المحكمة العقوبة البديلة والاتزامات الناتجة عنها؛

أن تشعر المحكمة المحكوم عليه بأنه في حالة عدم تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه، فإنه سيتم تنفيذ العقوبة الحبسية الأصلية المحكوم بها عليه؛

لا يمكن الحكم بها في حالة العود.

  1. القيود التي تحد من تطبيق العقوبات البديلة:

حيث إن المشرع لم يترك المجال للمحكمة في تقرير العقوبة البديلة كوسيلة للردع في كافة الجنح؛ بل فقط في تلك الغير المتربطة بالجرائم التالية:

– الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب؛

– الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية؛

– غسل الأموال؛

– الجرائم العسكرية؛

– الاتجار الدولي في المخدرات؛

– الاتجار في المؤثرات العقلية؛

– الاتجار في الأعضاء البشرية؛

– الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.[10]

ومنه نستنتج أن كل جريمة تحمل صفة الجنحة وكان فعلها يرتبط بالجرائم سالفة الذكر لا يحق للمحكمة أن تقضي بعقوبة بديلة، والعلة أن هذه الأفعال تعتبر خطيرة على النظام العام والمجتمع ولا يمكن التساهل معها وإقرار بدائل للعقوبات الأصلية، بل يتحتم ردع مرتكبيها بعقوبات تتناسب والفعل المرتكب.

غير أن الإشكالية التي تطرح من خلال قراءة الفصل أعلاه، في كون مدى إمكانية شمول جريمة الإتجار الوطني في المخدرات بالعقوبات البديلة؛ فالمشرع في البند الخامس من الفصل أعلاه ذكر الإتجار الدولي في المخدرات مما يفهم معه أن الإتجار على المستوى الوطني يدخل في مجال التطبيق، إضافة إلى وقوع الخلط في بعض الأحيان بين جريمتي الإتجار بالمؤثرات العقلية والإتجار بالمخدرات، فكيف يمكن تفسير هذا الطرح؟

إجابة على ما سبق طرحه، نستحضر التعريف الذي جاءت به الإتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 بصيغتها المعدلة ببرتوكول سنة 1972 في مادتها الأولى في البند (ي) بخصوص المخدر على أنه كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجدولين الأول والثاني، وهو التعريف الذي إعتمدته المادة 2 من القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي[11]، وعند العودة إلى المعايير الدولية، يوضح البند (م) من المادة الأولى في الإتفاقية سالفة الذكر أن مصطلحات الاستيراد و التصدير تعنيان بما ينطوي عليه كل منهما نقل المخدرات ماديا من دولة إلى أخرى، أو من إقليم إلى آخر في الدولة ذاتها، مما يشير بأن الإتجار الدولي في المخدرات يرتبط بشكل أساسي بحركة هذه المواد عبر حدود وطنية أو إقليمية بغرض التهريب خارج المملكة، وهو ما يعكس الطبيعة العابرة للحدود لهذه الجرائم والتي تعتمد على شبكات إجرامية منظمة وذات تنسيق واسع يستخدم تقنيات وأساليب متطورة لإخفاء المواد المخدرة وتوزيعها[12].

ومنه يمكن القول على أن المخدر هو عبارة عن مادة أومواد تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي، يحضر تناولها أو زراعتها أو صنعها، إلا لأغراض يحددها القانون وممن يرخص لهم ذلك. فهو على هذا الأساس قد يكون طبيعيا كالنباتات والأزهار التي تحتوي أوراقها على المادة المخدرة، وقد تكون مختلطة مصنعة وطبيعية عن طريق خلطها ومزجها بمواد فتصبح مواد مخدرة، أما بخصوص المؤثرات العقلية فقد عرفتها إتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 في مادتها الأولى في البند (ه) على أنها كل المواد سواء كانت طبيعية أو تركيبية، وكل المنتجات الطبيعية المدرجة في الجداول الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع. كما أن الفقه يجمع على أن المؤثرات العقلية هي كل المواد الكيميائية أو الطبيعية التي تؤثر على القدرات العقلية والإدراكية للإنسان وتؤدي إلى خلل في سلوكه النفسي والاجتماعي.

وعليه فإن المخدرات ليست هي المؤثرات العقلية، فالمخدر وإن كان ذا تأثير تخديري (كالقنب الهندي والكوكاين) فهو لا يؤدي إلى تغيير الحالة الذهنية أو النفسية للشخص عكس المؤثرات العقلية، وتشمل هذه الأخيرة الأدوية المهدئة والمنومة والمهلوسات والأمفيتامينات[13]، فالإختلاف يكمن في أن المخدرات ذات أصل طبيعي يغلب عليها أثر التخدير، في حين أن المؤثرات العقلية غالبا ما تكون صناعية أو كيميائية، وتؤثر أساسا في الإدراك والوعي والسلوك[14].

هذا، وبخصوص مسألة سكوت المشرع عن إدراج الإتجار الوطني في المخدارت، مرده أن الإتجار على المستوى الدولي هو من بين الجرائم الخطيرة، و إرتباطه بشبكات إجرامية عابرة للحدود، ناهيك عن تداخله مع جرائم أخرى كجريمة غسيل الأموال والتي لا يمكن أن تكون إلا عند إرتكاب إحدى الأفعال المنصوص عليها في الفصلين 574-1 و 574-2 من مجموعة القانون الجنائي، ومن بينها جريمة الإتجار غير المشروع في المخدرات، لكن هذا لا ينفى خطورة الاتجار على المستوى الوطني أيضا ، فترويج المخدرات محليا يتم في بعض الحالات من قبل عصابات إجرامية خطيرة تنشط في جرائم أخرى، ومن ثم فإن مسألة الاستفادة من العقوبات البديلة في هذا الصدد متروكة للمحكمة لما لها من سلطة تقديرية في تكييف درجة خطورة الإتجار، وما إذا كان مرتبطا بعصابة إجرامية أم ان الأمر متعلق بمروج بسيط يمكن أن يكون هو أيضا ضحية للاستهلاك والترويج معا. وهذا توجه نرى فيه أن المشرع يرى هؤلاء الأشخاص بعين رحيمة وأنهم ضحايا أكثر من كونهم جناة تلزمهم مقتضيات الإصلاح والإدماج أكثر من تلك الخاصة بالعقوبات الرادعة.

ثانيا: تنفيذ العقوبات البديلة

خص المشرع مساطر تنفيذ هاته العقوبات في قانون المسطرة الجنائية وذلك في الباب الخامس مكرر من الكتاب السادس تحت عنوان تنفيذ العقوبات البديلة، وعليه فإن النيابة العامة هي الجهاز المكلف بإحالة المقرر المتضمن للعقوبات البديلة بعد إكتسابه قوة الشيء المقضي به إلى قاضي تطبيق العقوبات الذي يصدر بدوره مقررا تنفيذيا بذلك قبل أن يحليه على الإدارة المكلفة بالسجون التي تقع داخل نفوذ المحكمة التي أصدرت الحكم، كما فتح المشرع المجال حسب المادة 647-2 من قانون المسطرة الجنائية[15] إمكانية تنفيذ المقرر سالف الذكر وذلك قبل إكتسابه لقوة الشيء المقضي في حالة موافقة النيابة العامة على ذلك ولم تمارس حق الطعن.

وفي حالة كان المحكوم عليه خارج دائرة نفوذ قاضي تطبيق العقوبات، فإن هذا الأخير يمكن له أن ينيب عنه قاضي تطبيق العقوبات الموجود بدائرة نفوذ المحكوم عليه لإصدار المقرر التنفيذي بذلك. غير أن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد يخص قاضي تطبيق العقوبات، من هو هذا القاضي؟ وكيف يعين؟ وماهي إختصاصاته ضمن هذه المنظومة؟

يعتبر قاضي تطبيق العقوبات ضمن التشريع المغربي من بين قضاة الحكم والذي يعين من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويعفى من مهامه بنفس الكيفية، وفي حالة حال مانع دون قيامه بمهامه، يعين رئيس المحكمة قاضي للنيابة العامة نيابة عنه مؤقتا، كما يمكن أن يكون أكثر من قاضي للتطبيق العقوبات في نفس المحكمة.

أما بخصوص مهامه فهي محددة في قانون المسطرة الجنائية في المادة 647-3، حيث أناط له المشرع بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة أو أن يقوم بوضع حد لتنفيذها، إضافة إلى صلاحياته في إصدار مجموعة من القرارات والأوامر المتعلقة بهاته العقوبات من قبيل:

  • الأمر بتنفيذ العقوبة الأصلية أو ما تبقى منها في حالة الامتناع عن تنفيذ العقوبات البديلة أو الإخلال بها خلال مدة تنفيذها؛
  • الأمر بتمديد المدة التي يتعين خلالها تنفيذ العقوبة البديلة في الحالات المنصوص عليها قانونا؛
  • النظر في التقارير المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة التي تعرض عليه واتخاذ ما يراه مناسبا بشأنها؛
  • إصدار مقرر يقضي بتمام تنفيذ العقوبة البديلة المحكوم بها بناء على تقرير الإدارة المكلفة بالسجون، تسلم نسخة منه للمعني بالأمر، وتحال نسخة أيضا على النيابة العامة ومركز السجل العدلي المختص.

وكل ذلك بعد توصله بمستنتجات النيابة العامة، الشيء الذي يعكس الدور الفعال الذي سيلعبه قضاء النيابة العامة فيما يخص إجراءات هاته العقوبات.

أما فيما يخص مسألة الإختصاص في التنفيذ، فإن المشرع أعطى الإختصاص للمحكمة الإبتدائية التي بتت في القضية إبتدائيا، ولو صدر القرار عن محكمة الإستئناف[16].

ومنه نقول أن هذا القانون لن يشكل أية قطيعة مع النموذج التقليدي للعقوبات السالبة للحرية، بل على العكس من ذلك؛ فالتطبيق السليم للمقتضياته سيؤدي بلا أدنى شك إلى تحقيق غاية المشرع المتمثلة في الإصلاح والتهذيب والتخفيف من حدة المشاكيل التي يعرفها مجال العقاب.

المحور الثاني: واقع تنزيل قانون العقوبات البديلة

كما سبقت الإشارة اليه أن هذا القانون جاء نتاجا لمجموعة من العوامل تتداخل فيما بينها، وكل ذلك في سياق إستكمال إصلاح منظومة العدالة، و كذا توجهات صاحب الجلالة الملك محمد سادس نصره الله بخصوص تقنين وتنقيح الحقل التشريعي، وجعله يواكب ويلائم الإتفاقيات التي صادق عليها المغرب فيما يخص الحقوق والحريات؛ حيث إن المغرب يعد عضوا منخرطا ونشيطا في المنتظم الدولي، بحيث صادق على مجمل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأول صك دولي يفصل في حقوق الأفراد وحريتهم ولازال الى حدود يومه منخرطا في كل ما يعزز حقوق وحريات الأفراد، وهو ساهم بشكل كبير في توحيد مجموعة من القوانين والمساطر، ما يؤسس لتوجه جديد نحو رسم معالم سياسة جنائية موحدة، وذلك في إطار تعزيز التعاون الدولي في مواجهة المد المهول للجريمة عبر العالم.[17]

غير أن الواقع يرسم طريق آخر، فعند إصدار قانون ما لابد من وجود بعض الإشكالات أو التحديات إن صح التعبير سيما أن هذا القانون مزال فتيا على الحقل الجنائي ولم يسبق للمغرب أن إتخذ نموذجا مثله، لذلك إرتأينا أن نسلط الضوء على بعض التحديات التي من الممكن أن تعيق تنزيله ( القسم الثاني)، لكن قبل أن نغوص في غمار هذا الشق لا شك أن لهذا القانون أهمية واسعة سنحاول بدورنا أن نتطرق إليها أولا (القسم الأول).

القسم الأول: أهمية العقوبات البديلة

لا أحد ينكر الأهمية التي سيحظى بها هذا القانون، وهي أهمية يمكن ملامستها على مستويين، المستوى الفردي (أولا)، والمستوى المجتمعي والمؤسساتي (ثانيا).

أولا: على المستوى الفردي

ما يمكنه القول حول الإيجابيات التي ستوفرها هاته المنظومة الجديدة أنها ستحول دون إستمرار الآثار السلبية التي تخلفها العقوبات السالبة للحرية؛ حيث إن المحكوم عليه بعد قضائه وتنفيذه للعقوبة البديلة سيسهل ذلك من جهة إندماجه وإدماجه في المجتمع بطريقة ستجعله يرى نفسه أنه مواطن صالح ومثله مثل بقية كافة المواطنين، ومن جهة أخرى سيعمل على إلغاء تلك النظرة الدونية والتمييزية التي ينظر بها للشخص الذي قضى عقوبة حبسية، الشيء الذي سيعزز من كرامة الإنسان والرفع منها، خاصة أنه في بعض الجرائم لا يكون لها أثر على الحريات الفردية للمواطنين.

إضافة الى أن إقرار وسائل بديلة سيكون له أثر إيجابي أكثر عند الحديث عن الأحداث الجانحين، لما في ذلك من حماية لهم من الآثار السلبية التي تخلفها العقوبة الحبسية على نفسيتهم ومستقبلهم، كما سيتم إبعادهم قدر الإمكان عن هذه البيئة الخطرة ومنحهم فرصة جديدة لبناء مستقبلهم بشكل أفضل بما في ذلك إقرار برامج لتأهيل والإصلاح و التعليم والدعم النفسي لهم.

ثانيا: على المستوى المجتمعي والمؤسساتي

سيساهم هذا القانون بلا أدنى شك في التقليل من حدة إكتظاظ المؤسسات السجنية؛ حيث إن هذه الأخيرة أصحبت تعاني في الآونة الأخيرة تحديا كبيرا في توفير أمكنة شاغرة للساكنة السجنية الوافدة من جديد، وهو أمر يؤثر على ميزانية الدولة بشكل أو بآخر ويزيد من أعبائها؛ وحسب التقرير الصادر عن المندوبة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تبين أن عدد الساكنة السجنية في تزايد مستمر وبلغ مستويات قياسية، حيث شهدت الفترة الممتدة خلال سنة 2019 و 2023 حسب التقرير السالف الذكر ارتفاع عدد الساكنة من 86384 خلال سنة 2019 إلى 102653 سنة 2023 أي بنسبة 18،83%، وقد تخلل هذا التطور إنخفاض نسبة 1،6% ما بين سنتي 2019 و 2020 كان راجعا لتدعيات جائحة كورونا وما صاحبه من تجميد لأنشطة المحاكم وتدابير عفو استثنائية، كما يتوقع حسب التقرير المذكور أعلاه أن يرتفع عدد السجناء خلال الفترة 2024-2028 ليصل إلى 122.714 في أفق سنة 2028[18]، الشيء الذي يطرح إشكالية الموارد المالية لتغطية حاجيات الساكنة من أغطية وأفرشة وأسرة وإلى غيرها من الحاجيات الضرورية بما فها تلك المخصصة للأمهات المرفقات بأطفالهن، أيضا مسألة الإكتظاظ هذه تؤثر سالبا على العرض الصحي المقدم للساكنة السجنية فعدد الأطباء والأطر واللوازم الطبية المخصصة لها لا تكفي لتغطية وتلبية حاجيات التطبيب، الشيء الذي يؤدي إلى ضعف التكافئ في الإستفادة من الخدمات الطبية للسجناء على حد سواء.

بالإضافة الى أن هذا الإكتظاظ يقابله في نفسه الوقت ضعف عدد مراقبي ومربي السجون الشيء الذي تصعب معه السيطرة على بعض الإنفلاتات الأمنية داخل المؤسسة السجنية، وفي هذا الصدد تم تسجيل بعض الحالات التي تعرض فيها بعض المراقبين للسب والعنف من قبل السجناء. فمكان إلى إقرار هذه البدائل كحل سيعمل على تقليل من عدد السجناء والتخفيف من الضغط الذي تعرفه كل من المؤسسات السجنية كما سبق الذكر ، والدولة من حيث الميزانية السنوية التي تخصصها لهذا القطاع، إضافة إلى هذا تم رفع النداء من أجل أنسنة ظروف الإعتقال الإحتياطي بإعتباره تدبير إستثنائي لا يؤخذ به إلا في الجنايات والجنح المعاقب عليهما بعقوبات سالبة للحرية[19]، ولعل الدورية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة بتاريخ 13 نوفمبر 2019 بخصوص مسألة ترشيد الإعتقال الإحتياطي قد ألزمت قضاة النيابة العامة في هذا الصدد التعامل بكل حرص و حزم. وعليه يجب على قضاة نيابة العامة وقضاة التحقيق أخذ هذه التحديات المتزايدة بعين الإعتبار عند تقرير الإعتقال الإحتياطي[20].

كما أن هذا القانون سيساهم في تكوين أطر جديدة قادرة على مواكبة هذا الإصلاح، لا من حيث مراقبة طرق التنفيذ، ولا من حيث القدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة التي جاء بها هذا القانون خاصة عقوبة المراقبة الإلكترونية والتي تتطلب مؤهلات علمية وتقنية. فضلا عن كونه يمثل إطارا قانونيا ينسجم والمواثيق الدولية، والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب المتعلقة بمجال حقوق الإنسان والحريات، إضافة الى البروتوكولات التي إنضم إليها بخصوص هذا الشأن، مما سيعزز مأسسة مفهوم العدالة التصالحية كأساس واقعي وبناء والحد من العقوبات السالبة للحرية كأساس وحيد للردع وإعادة الإدماج.

القسم الثاني: التحديات المستقبلية

لا يخفى على أحد أن هذا القانون سيعرف بعض التحديات الواقعية مستقبلا؛ حيث إن تواتر العقوبات التقليدية المتمثلة في تلك السالبة للحرية إضافة إلى الإيدلوجيا الفكرية المغربية التي تعتبر أن هذه الأخيرة هي الحل الأنسب للردع لكافة أنواع الجرائم، الشيء الذي لا يسمح للمواطن المغربي تقبل فكرة العقوبة البديلة، وإعتقاده أن إيداع المجرم في المؤسسات السجنية هو الحل الأمثل، رغم أن الواقع العملي سجل قصور هذه المؤسسات في لعب دور التأهيل والإصلاح. وعليه فإن أول عائق سيعرفه هذا المولود هو المجتمع نفسه الذي مزال يظن أن المؤسسة السجنية هي المكان الوحيد القادر على إصلاح المجرمين.

كما أن الفكرة الأكثر إنتشارا منذ خروج الإرهاصات الأولى لهذا القانون، هي عبارة “شراء الحبس بالمال”؛ فالكثيرون ممن يعتقدون أن واقع هذه العقوبات ستكون لصالح الأغنياء فقط، فأي محكوم عليه ينتمي إلى هذه الطبقة سيشتري أيام حسبه بماله، وهي فكرة خاطئة ومغلوطة فمن روج لها لم يتمحص المقتضيات القانونية بشكل دقيق، حيث أن الغرامة اليومية مقرونة بإبرام الصلح مع الضحية أو ذويه أو تنازل صادر عنهم، أو قيام المحكوم عليه بإصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة، فمادون ذلك لا يمكن الحديث عن الحكم بالعقوبة البديلة.

وما يثير الحيرة أيضا هو عدم توفر البنية التحتية والبنوية لإحتضان إجراءات هذا القانون؛ وذلك باستقراء الإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، يلاحظ أن تنفيذ العقوبات البديلة يحتاج إلى مجموعة من الموارد بما فيها القيد الإلكتروني او بما يعرف عامة بالسوار الإلكتروني المنصوص عليه في المادة 647-12، فالتساؤل المطروح هنا كيف ستتم عملية تجهيز هاته الأساور بالشكل وبالسرعة المطلوبة تماشيا مع تحقيق غاية المشرع من هذا القانون؟

إجابة على هذا نستحضر مقتضيات المرسوم رقم 2.25.386 المتعلق بتحديد كيفيات تطبيق العقوبات البديلة[21]، حيث أعطى لموظفي إدارة السجون القيام بمهام التتبع ومراقبة مدى التزام المحكوم عليه بالتواجد في المكان المحدد له داخل الأوقات المحددة بموجب المقرر التنفيذي في حالة الحكم بعقوبة المراقبة الإلكترونية، وكذا القيام بكل الإجراءات التي تدخل في المجال التقني والرقمي المتعلقة بالأجهزة موضوع العقوبة، فهل سيتم تكوين هؤلاء الموظفين بالشكل المطلوب تماشيا مع المتطلبات التي تعرفها هذه الأجهزة؟ وهل حقا سيتم المواظبة على القيام بالزيارات الميدانية لأماكن التنفيذ للتأكد من مدى سلامة إجراءات وتدابير تتبع تنفيذ العقوبة البديلة؟

فهؤلاء الموظفين لهم مهام كلاسيكية وهي العمل داخل المؤسسات السجنية، والقيام بالمراقبة والحراسة ومواكبة الساكنة السجنية، فكيف سيوازن هذا الموظف بين هذه المهام وبين تلك التي تتطلب منه التنقل خارج أسوار المؤسسة، فهذا الأمر يطرح الاشكال المتعلق بعدد الأطر المزاولة لهذه المهام، حيث سيكون لزاما على الإدارة المكلفة الرفع من نسبة هؤلاء الموظفين وتحديث طرق التكوين بما يضمن الفعالية في القيام بالمهام الكلاسكية المعتادة في إطار العقوبات الأصلية ومواكبة الآليات الحديثة التي جاء بها قانون العقوبات البديلة.

ويضيف هذا المرسوم في مادته الثانية إمكانية الإدارة المكلفة بالسجون من تفويض بعض مهامها المتعلقة بتتبع تنفيذ العقوبات البديلة إلى أحد من أشخاص القانون العام أو الخاص وذلك بناءً على اتفاقيات أو عقود تحدد فيها واجبات والتزامات كل طرف طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

فهذه الإجراءات من الممكن أن تعرف عراقيل على مستوى التطبيق، فمثلا تفويض بعض المهام إلى أشخاص لا خبرة لهم في هذا المجال ونخص بالذكر أشخاص القانون الخاص أو الأشخاص الذاتيين، من شأنه أن يقوض الأهداف الحقيقية التي جاء بها هذا القانون، إضافة إلى الصرامة التي يجب أن يتحلى بها هؤلاء الأشخاص في التعامل مع مقتضيات هذا القانون وفي جديته تماشيا مع طبيعته، لذلك يجب أن يتم إختيار هؤلاء الأشخاص بعناية أو حتى تقديم دورات تكوينية لهم تسهم في الرفع من مقوماتهم وقدراتهم.

أما على مستوى واقع التطبيق، فقد صرح الوزير المكلف بقطاع العدل خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب المنعقدة يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 أن عدد الأحكام الصادرة في العقوبات البديلة بلغت 450 حكما ف مختلف محاكم المملكة، وأشار في ذات الجلسة أن تنفيذ هذه الأحكام يواجه تحديا حقيقا في مدى إلتزام المحكوم عليهم بتنفيذها، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين لم يلتزموا بها 9 أشخاص، الشيء الذي إضطرت معه المحاكم مصدرة هذه الأحكام تطبيق العقوبات الأصلية التي كانت قد قضت بها في متن الحكم القاضي بالعقوبات البديلة.

خاتمة

إن العقوبات البديلة تمثل تحولا نوعيا وواقعا حقيقيا سيعزز من مكانة المملكة المغربية على مستوى السياسة الجنائية، والتي ستهدف إلى تجاوز محدودية السياسة العقابية الكلاسيكية نحو نموذج حديث يواكب التحولات العالمية في مجال العدالة الجنائية.

وعليه فإن هذا القانون ليس خيارا ثانويا بديلا أو تضخما تشريعيا، بل هو رهان إستراتيجي تحاول معه السياسية الجنائية المغربية إعادة الثقة لها، بما يضمن تصالح بين المحكوم عليهم و المؤسسات القضائية والسجنية، والخروج من تلك النظرة التي يُرى بها مرتكب الجريمة على أنه شخص منبوذ من المجتمع، ولا حاجة لهذا الأخير به، فبالرغم من كل العراقيل التي سيعرفها هذا القانون، لن تحول دون الإعتراف بما سيقدمه في سبيل تقدم العدالة الجنائية و إعادة إدماج المحكوم عليهم بما سينفع المجتمع بشكل أو بآخر.

  1. – القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.24.32 صادر في 18 محرم 1446 الموافق لـ 24 يوليوز 2024، الجريدة الرسمية عدد 7328 بتاريخ 17 صفر 1446 الموافق لـ 22 أغسطس 2024، ص 5327.
  2. – دليل العقوبات البديلة، صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، قطب القضاء الجنائي، ص 11.
  3. – كريم احليحل، العقوبات البديلة على ضوء القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، مجلة ابن خلدون للدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية العدد 10 دجنبر 2024، ص 137.
  4. – محمد الماحي، السياسة الجنائية بالمغرب وأنواع العقوبات البديلة لمكافحة الجريمة، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد خاص، ص 133.
  5. – كريم أحليحل. م.س، ص 140.
  6. دليل العقوبات البديلة، م.س، ص17.
  7. – – ظهير شريف رقم 1.25.55 صادر في 19 من صفر 1447 الموافق لـ 13 أغسطس 2025 بتنفيذ القانون رقم 03.23 بتغيير وتميم القانون رقم 22.01 المتلعق بالمسطرة الجنائية والصادر في 15 ربيع الأول 1447 الموافق لـ 8 سبتمبر 2025، الجريدة الرسمية عدد 7437، ص 6962.
  8. – دليل العقوبات البديلة، م.س، ص 19.
  9. – تطبق أيضا نفس الأحكام المتعلقة بتمديد الأجل المنصوص عليه في باقي العقوبات البديلة.
  10. – حسب ما جاء في الفصل 35.3 من القانون رقم 43.22.
  11. – ظهير الشريف رقم 1.21.59 صادر في 3 ذي الحجة 1442 الموافق لـ 14 يوليوز2021 بتنفيذ القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، الجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ 11 ذو الحجة 1442 موافق لـ 22 يوليوز 2021ن ص 5629.

    جاءت في المادة الثانية منه تعريف المخدر عل أنه: كل مادة طبيعة أو تركيبية، من المواد المدرجة في الجدولين الأول والثاني من الإتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة بنيويوركفي 30 مارس 1961 كما وقع تعديلها بموجب البروتوكول المحرر بجنيف في 25 مارس 1972.

  12. – مهدي فضة، مريم فيلالي، العقوبات البديلة و إشكالية جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية في التشريع المغربي، مقال منشور في جريدة صوت العدالة، رابط الإطلاع: https://satv.ma/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%B4%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D8%B1. تم الإطلاع عليه يوم 11/23/2025 على الساعة: 13.18.
  13. – من أمثلة هذه المؤثرات العقلية نجد ما يعرف عامة بالقرقوبي و البوفا وليكسطا.
  14. – مهدي الفضة، مريم فيلالي، م.س.
  15. – راجع المادة 647-2 من قانون المسطرة الجنائية سالف الذكر.
  16. – محمد الفرسيوي، القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة بين فلسفة البديل ورهان الفعالية، مقال منشور بمجلة القانون والأعمال الدولية، تم الإطلاع عليه بتاريخ 10/08/2025 على الساعة 13.27 زوالا.
  17. – تقرير الأنشطة لسنة 2023 الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، منشور في الموقع الرسمي للمندوبية، رابط الإطلاع على التقرير: https://www.dgapr.gov.ma/publication/pdf/rapport-2023-version-arabe-compressed.pdf ، رابط الموقع الرسمي للمندوبة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج: https://www.dgapr.gov.ma/ .
  18. – المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية سالف الذكر.
  19. – وللإشارة فرئاسة النيابة العامة قد عمدت بدورها إلى نشر حصيلة الإعتقال الإحتياطي في موقعها الرسمي والذي بلغت نسبته خلال سنة 2023 38552 معتقلا إحتياطيا ، أي بنسبة 37.56%. رابط الإطلاع على الحصيلة:

    file:///C:/Users/Hiba_2/Downloads/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B7%D9%8A-1.pdf ، ورابط الموقع الرسمي لرئاسة النيابة العامة: https://www.pmp.ma/ .

  20. – مرسوم رقم 2.25.386 صادر في 6 ذي الحجة 1446 الموافق لـ 3 يونيو 2025 بتحديد كيفيات العقوبات البديلة، الجريدة الرسمية عدد 7431 بتاريخ 24 صفر 1447 الموافق لـ18 أغسطس 2025، ص 6405.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى