في الواجهةمقالات قانونية

الفصل التأديبي للعامل في ضوء قانون العمل العماني: بين أحقية صاحب العامل و حماية حقوق العامل – الدكتورة : سعاد الزروالي

الفصل التأديبي للعامل في ضوء قانون العمل العماني:
بين أحقية صاحب العامل و حماية حقوق العامل
Disciplinary dismissal of workers in the light of the Omani Labor Law:
Between the right of the employer and the protection of the worker’s rights
الدكتورة : سعاد الزروالي
أستاذ مساعد للقانون المدني كلية الحقوق، جامعة ظفار سلطنة عمان

الملخص:
تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على مفهوم الفصل التأديبي كآلية لمعاقبة العامل عند عدم احترامه لعقد العمل و للضوابط القانونية و اللوائح الداخلية للمؤسسة، وكذا تقييم حدود سلطة صاحب العمل في مدى التزامه بحالات وشروط الفصل التأديبي المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العمل العماني، وكذا اجراءاتها لضمان الحفاظ على حقوق العامل من تعسف صاحب العمل من خلال تبليغه بقرار الفصل و حضوره لجسلة التحقيق لتقديم أوجه دفاعه و الدفاع عن نفسه. واتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي بمقاربة تعتمد على المقارنة بالقانون المصري و المغربي كلما دعت الضرورة لذلك. واوصى البحث بضرورة إجراء بعض التعديلات في قانون العمل وتتمثل بالأساس في حذف الغرامات المالية و إحداث لجنة إدارية للبت في قرار الفصل التأديبي نظرا لخطورته و لتفادي وضع صاحب العمل في مركز حكم و خصم في آن واحد.
الكلمات المفتاحية: عامل- جزاءات- فصل تأديبي- إخلال جسيم- صاحب العمل- سلطة تأديبية.

Abstract:
The study aims to shed light on the concept of disciplinary dismissal as a mechanism to punish a worker for failing to respect the labor contract, legal regulations and the internal regulations of the institution, as well as assessing the limits of the employer’s authority in the extent of his commitment to the cases and conditions of disciplinary dismissal stipulated in Article 40 of the Omani Labor Law, and its procedures to ensure the preservation of the worker’s rights from the employer’s arbitrariness through notifying him of the dismissal decision and attending the investigation session to present his defense and self-defense. The study followed a descriptive and analytical approach with a comparative approach to Egyptian and Moroccan law whenever necessary. The research recommended that some amendments should be made to the labor law, mainly the removal of financial fines and the establishment of an administrative committee to decide on the decision of disciplinary dismissal due to its seriousness and to avoid putting the employer in the position of judge and opponent at the same time.
Keywords: worker-sanctions-disciplinary dismissal-serious breach-employer-disciplinary authority.

 

مقدمة:
يعد الحق في العمل من حقوق الإنسان الأساسية المرتبطة بكرامة الفرد وبالعدالة الاجتماعية، وقد أقره النظام الأساسي للسلطنة ، وجعله التزاما يقع على عاتق الدولة من خلال توفير الظروف الملائمة بغية تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. وفي هذا الإطار، نصت المادة 15 منه على أن:” العمل حق وشرف، ولكل مواطن ممارسة العمل الذي يختاره لنفسه في حدود القانون، ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبرا إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، ولمدة محددة، وبمقابل عادل، وتسن الدولة القوانين التي تحمي العامل وصاحب العمل وتنظم العلاقة بينهما وتوفر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية.”
وقد نظم المشرع العماني عقد العمل حيث أرسى قواعد تحدد حقوق وواجبات كل من صاحب العمل و العامل، وتمنح للعامل ضمانات لتحقيق استمرارية العمل واستقراره بما يعزز الأمان الوظيفي، كما توفر بيئة قانونية تشجع أصحاب العمل على الاستثمار والحفاظ على الانتاجية والنظام الداخلي للمؤسسات.
وإنهاء عقد العمل بإرادة صاحب العمل مسألة جوهرية تناولتها بالتنظيم قوانين العمل في مختلف التشريعات بما فيها القانون العماني، حيث تمنح لصاحب العمل صلاحيات محددة لإنهاء العقد بإرادته المنفردة في حالات معينة تتعلق بإلاخلال الجسيم من قبل العامل لاتزاماته المهنية أو القانونية. وهذه الحالات أوردها قانون العمل العماني الجديد المادة 40 منه.
ولكن، رغم أن منح صاحب العمل هذه الصلاحيات من شأنها أن تسهم في حماية مشروعه، وتحقيق الانضباط داخل بيئة العمل، وردع العمال عن ارتكاب أعمال غير مقبولة أو تكرارها، فإن المشرع أوجد في المقابل ضمانات لعدم تعسف صاحب العمل في استخدام هذه السلطة التأديبية تتمثل في اجراءات يتعين على صاحب العمل القيام بها قبل مباشرة قرار الفصل كإبلاغ العامل بفعله الموجب للجزاء التأديبي و الاستماع له و التحقيق معه داخل أجل معين و منحه حق الدفاع عن نفسه و إثبات براءته مما هو منسوب له. علاوة على ذلك، يقوم القضاء بدور مهم يكمن في مراقبة الفصل التأديبي وحسن تطبيق النصوص القانونية بما يحقق العدالة بين الطرفين سيما العامل الذي يعد طرفا ضعيفا و خاضعا للعامل بموجب عنصر التبعية.
-أهداف البحث: دراسة موضوع الفصل التأديبي للعامل تروم تحقيق الأهداف التالية:
– تحليل مفهوم الفصل التأديبي كآلية لمعاقبة العامل على عدم احترامه لعقد العمل و للضوابط القانونية و اللوائح الداخلية للمؤسسة.
– تقييم حدود سلطة صاحب العمل في مدى التزامه بحالات الفصل المنصوص عليها قانونا وعدم تعسفه في ممارسة سلطته التأديبية مع تسليط لضوء على الضوابط القانونية التي تحكم هذا الإجراء.
– تقديم توصيات للحفاظ على حقوق الطرفين بما يدعم استقرار سوق العمل و يحمي حقوق العامل و صاحب العمل على حد سواء.
-إشكالية الموضوع: تدور إشكالية البحث حول مدى كفاية النصوص القانونية التي تضمنها قانون العمل العماني في تحقيق التوازن بين مصلحة صاحب العمل الذي منحت له السلطة التأديبية كآلية رادعة لضبط التزام العمال بالقوانين و السياسات الداخلية، وحقوق العامل من تعرضه للظلم و التسعف عند تطبيق هذا الجزاء الذي يؤثر على مستقبله وعلى مصدر عيشه.
وتتفرع عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات تتعلق أساساً ب:
1. ماهو مفهوم الفصل التأديبي، وماهي طبيعته القانونية؟
2. ماهي حدود السلطة التأديبية الممنوحة لصاحب العمل عند مباشرته لجزاء الفصل من العمل؟
3. ماهي الضمانات التي خولها القانون للعامل لتفادي تعسف صاحب العمل أثناء اتخاذ قرار الفصل ضده؟
4. ماهو دور القضاء باعتباره ضامنا للحقوق و الحريات في الحفاظ على حقوق العامل ومصالح صاحب العمل من خلال بسط سلطته الرقابية للتأكد من مدى صحة قرار الفصل التأديبي؟
-منهجية الدراسة: اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي من خلال وصف الاطار القانوني للفصل التأديبي و رصد للحالات الموجبة لهذا الجزاء التأديبي، وتحليل النصوص القلنونية و شرحها لفهم الأساس الذي يعتمد عليه المشرّع في تنظيم هذه العلاقة. وأيضا تفسير الدور الذي يلعبه القضاء في ضمان عدم التعسف في استخدام السلطة التأديبية من خلال التطرق لموقفه عند دراسة حالات الفصل. كما يستعين البحث بين الفينة والأخر بالقوانين العربية لمعرفة موقفها من بعض الاشكاليات التي ترتبط بالموضوع، سيما القانون المغربي و المصري.
-خطة البحث: ولمعالجة الموضوع، تم تقسيم الدراسة إلى مبحثين، خصص الأول لمفهوم الفصل التأديبي بتعريفه و تمييزه عن باقي الجزاءات المشابهة له،. أما المبحث الثاني فيتطرق لحالات الفصل التأديبي وشروطها و للضمانات القانونية الممنوحة العامل لحمايته من الفصل التأديبي و المتمثلة في الاجراءات التي نص عليها قانون العمل والتي تلزم صاحب العمل باتباعها لتمكين العامل من معرفة خطأه و الدفاع عن نفسه سيما إذا تعلق الأمر بفصل تعسفي.
المبحث الأول: مفهوم الفصل التأديبي
المطلب الأول: ماهية الفصل التأديبي
الفصل التأديبي باعتباره جزاء يوقع من قبل صاحب العمل على العامل نتيجة إخلاله بمهامه و بالقوانين و اللوائح التنظيمية للمؤسسة، يعد إجراء رادعا خطيرا ينهي عقد العمل بين الطرفين. و في هذا المطلب سيتم تعريف هذا الجزاء، ثم تمييزه عن غيره من حالات إنهاء العقد الأخرى قصد تحديد طبيعته القانونية.

الفرع الأول: تعريف الفصل التأديبي
الفصل التأديبي يتألف من كلمتين رئيسيتين، هما “الفصل” و”التأديب”، ومن الضروري أولاً تحديد المعنى اللغوي والقانوني لكل منهما على حدة قبل تقديم تعريف شامل لمفهوم الفصل التأديبي.
أولا- تعريف”الفصل” و “التأديب”:
أ‌- الفصل: لغة يعني التفريق أو القطع، أو التمييز بين أمرين: يقال فصل الشيء أي قطعه وأبعده، وجاء في لسان العرب لابن منظورالفصل هو الفرق بين الشيئين، وفصل الشيء فصلا أي قطعه، والفصل من كل شيء: ما يميزه بينه وبين غيره .
أما اصطلاحا خاصة في القانون يقصد به إنهاء علاقة العمل بين العامل أو الموظف و صاحب العمل أو الإدارة نتيجة لأسباب تتعلق بأداء العامل أو الموظف أو مخالفته للوائح و الأنظمة، فالفصل يكون بإرادة الادارة أو صاحب العمل إذا قام العامل أو الموظف بخطأ جسيم .
ب‌- التأديب: لغة مأخوذ من الأدب ويقصد به تهذيب السلوك وتقويمه، يقال: أدَب فلانا أي علمه ووجهه. وقد ورد في القاموس المحيط للفيروزآبادي أن التأديب هو التهذيب و التعليم .
وفي الاصطلاح يشير التأديب إلى مجموعة من الاجراءات التي تتخذ كجزاء سواء ضد الموظف أو صاحب العمل نتيجة التكابه مخالفة تؤثر على نظام العمل أو الوظيفة العامة. وفي قانون العمل يعتبر التأديب وسيلة لحماية المؤسسلة أو المنشأة مع اشتراط وضوح اللوائح و تعليقها في مكان ظاهر للعمال، ثم عدم التعسف في استخدام العقوبات. والتأديب يشمل عدة جزاءات تبدأ بالإنذار وتنتهي بالفصل باعتباره أقسى عقوبة وأقصاها درجة. هذا، وتتعدد الجزاءات التأديبية بتعدد المخالفات وتبعا لدرجة جسامة الخطأ. وقد نص قانون العمل لعماني على ضرورة إعداد صاحب العمل للائحة العمل لكونها من بين مصادر تنظيم العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل و العامل، وتتضمن القواعد المنظمة لسير العمل بين العمال من التعيين إلى الترقيات و الرواتب و المكافآت و الاجازات و العقوبات إلى إنهاء عقد العمل، وذلك بما يحفظ حقوق وواجبات كل طرف.
وهنا يطرح تساؤل حول أحقية صاحب العمل في وضع جزاءات أو عقوبات عن مخالفات تتم داخل المنشأة، هل هو حلول محل المشرع في وضع قواعد قانونية محردة تطبق على كل من يشتغل بالمؤسسة؟ ثم ماهو الأساس القانوني في ذلك؟
أشرنا سابقا أن قانون العمل يضع الإطار القانوني العام الذي يحدد الحقوق و الواجبات، ويضمن حماية الطرفين أي العامل و صاحب العمل تباعا من الإخلال بالمهام و التسعف. ويكمل هذا الطابع التشريعي لقانون العمل سلطة تنظيمية تمنح لصاحب العمل في نطاق محدد لإدارة منشأته بما يتوافق مع احتياجاتها الخاصة واستمرارية العمل و الإنتاجية، وتوحيد العمل في المنشأة بين كل العمال بنوع من المساواة، حيث يتمتع بمرونة في وضع لوائح داخلية تتناسب وطبيعة عمل منشأته، ولكن تحت إشراف المشرع ورقابة القضاء.
وتهدف هذه السلطة التنظيمية إلى تأكيد الحق القانوني لصاحب العمل في توقيع الجزاءات على العمال، وتستند في ذلك إلى النصوص القانونية لقانون العمل، فقد اشترطت المادة 55 من قانون العمل العماني بهذا الخصوص على (صاحب العمل) “…في حالة تشغيله (25) خمسة وعشرين عاملا فأكثر بإعداد لائحة خاصة بالجزاءات وشروط توقيعها، وذلك وفقا للنماذج والقواعد التي يصدر بها قرار من الوزير، ويجب على صاحب العمل تقديم هذه اللائحة وما يطرأ عليها من تعديلات إلى الوزارة، وتتولى الوزارة اعتماد اللائحة خلال (٢) شهرين من تاريخ تسلمها، فإذا انقضت تلك المدة دون رد منها أصبحت نافذة، ويجب على صاحب العمل تمكين العامل من الحصول على نسخة معتمدة من هذه اللائحة.وفي جميع الأحوال، تطبق الأحكام الواردة في النماذج والقواعد المشار إليها في هذه المادة على المنشآت التي لا تلتزم بوضع لائحة خاصة بالجزاءات معتمدة من الوزارة”. كما نصت المادة (56) على أن لائحة الجزاءات يجب أن تراعي تحديد الأفعال المحظورة والجزاءات المترتبة عليها بصورة تصاعدية، وألا يُفرض أكثر من جزاء على نفس المخالفة، وألا يُعاقب العامل على مخالفات ارتكبها خارج مكان العمل إلا إذا كانت ذات صلة مباشرة بالعمل.
ثانيا- تعريف الفصل التأديبي:
اختلفت تسمية الفصل التأديبي ، إذ يطلق عليه التسريح التأديبي أو العزل كما في قانون العمل الجزائري أو الطرد المبرر المشروع كما في قانون العمل التونسي ، أو الفصل من الخدمة كما في قانون العمل المصري أيضا فسخ العقد بدون مكافأة أو سبق إعلام العامل أو تعويضه وفق نظام العمل والعمال السعودي ،وهي عبارات تدل كلها على ذلك الجزاء الذي يوقعه صاحب العمل باعتباره يملك السلطة التأديبية على العامل المخل بالتزام مهني بخرقه للائحة المنشأة أو بالتزام قانوني من خلال قيامه بإحدى الحالات المنصوص عليها في قانون العمل العماني في المادة 40 منه التي سيتم تناولها لاحقا.
وعرف Serge Braudo التسريح التأديبي بأنه إنهاء عقد العمل من جانب واحد من قبل صاحب العمل . أو هو ذلك الجزاء الذي يؤدي إلى انهاء عقد العمل ويتحقق ذلك متى إقترف العامل إحـدى حـالات الخطـأ الجسـيم . كذلك، عرفه الفقيه المصري توفيق حسن فرج بأنه”جزاء تأديبي يوقعه صاحب العمل على العامل بما له من سلطة تأديبية عند ارتكابه مخالفة تأديبية تبرر فصله عن العمل”، ولكن ينبغي الاشارة هنا أن قانون العمل المصري لم يعد يخول لصاحب العمل توقيع هذا الجزاء بنفسه، بل يمكنه طلب ذلك من اللجنة العمالية حيث أسند الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل التأديبى فى المادة 68 للمحكمـة العماليـة وفقًا للقانون 180 لسنة 2008، ولكن بالنسبة لباقى الجزاءات يحق لصـاحب العمل توقيعها ، ويمكن أن ينوب عنه المدير العامل بالنسـبة لجـزا ء الإنـذار والخصم من الأجر مدة لا تزيد عن ثلاثة أيام.
وبالتالي، فالفصل التأديبي في إطار قانون العمل هو نوع من أنواع الجزاءات التأديبية التي يحق لصاحب العمل اتخاذها ضد كل عامل يخالف لوائح العمل أو عقد العمل أو تشريعات العمل بما فيها القانون و اللوائح التنظيمية الصادرة عن السلطة المختصة. بحيث تكون المخالفة أو نتيجتها جسيمة.
الفرع الثاني: تمييز الفصل التأديبي عن غيره من الجزاءات الأخرى
يتميز الفصل التأديبي بخصائص تمييزه عن غيره من الجزاءات الاخرى أو الانظمة المشابهة له و هي كالاتي:
أولا: الفصل التأديبي و الفصل التعسفي: يعد الفصل التعسفي حالة من حالات إنهاء الخدمة الغير قانونية، إذ يتم طرد العامل في غير الحالات التي تبرر ذلك، حيث يتمّ بالمخالفة لأحكام القانون ودون إتباع الإجراءات التي حدّدها القانون، والغرض منه الإضرار بالعامل ، فالفصل التأديبي و الفصل التعسفي يباشرهما صاحب العمل، إلا أن الاول يكون بأسباب مشروعة تتمثل في إخلالات قانونية و مهنية من قبل العامل والإنهاء يكون تجسيداً لمصلحة حقيقية وجدية، أما الفصل التعسفي فيكون صاحب العمل فيه قد تجاوز سلطاته ووقع جزاء الفصل بدون مبرر مشروع متعسفا بذلك في استعمال حقه و صلاحياته التأديبية إما تحقيقا لمصلحته الخاصة أو لعدم التناسب بين ما يصيب العامل من ضرر من جراء الفصل وبين المصلحة التي يحققها صاحب العمل. وقد حددت المادة 12 من قانون العمل العماني الحالات لتي يكون فيها الفصل تعسفيا إذا كان الإنهاء لأي من الأسباب الآتية:
1 – الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو المركز الاجتماعي، أو الإعاقة أو الحمل أو الولادة أو الرضاعة بالنسبة للمرأة العاملة.
2 – انتماء العامل إلى نقابة عمالية أو مشاركته المشروعة في أي من أنشطتها أو بسبب تمثيله في العمل النقابي وفقا لما تقرره القوانين واللوائح والقرارات الصادرة في هذا الشأن.
3 – تقديم شكوى أو بلاغ أو رفع دعوى ضد صاحب العمل، ما لم تكن الشكوى أو البلاغ أو الدعوى كيدية.
4 – لأسباب تأديبية دون مراعاة أحكام هذا القانون وأنظمة العمل ولائحة الجزاءات في المنشأة.

5 – تغيب العامل عن العمل بسبب حجزه أو حبسه لدى السلطات المختصة وانقضاء مدة الحجز أو الحبس دون الإحالة إلى المحكمة المختصة أو إعلان المحكمة براءته.
ثم إن أثر الفصل التأديبي هو عدم إخطار العامل و عدم صرف مكافأة نهاية الخدمة له، أما في الفصل التعسفي فتترتب عليه عدة آثارحددتها المادة 11 من قانون العمل العماني وتتمثل إما بإعادة العامل إلى عمله، وإما بإلزام صاحب العمل بأن يدفع للعامل تعويضا لا يقل عن أجر ثلاثة أشهر، وبحد أقصى اثني عشر شهرا، يحسب على أساس آخر أجر شامل كان يتقاضاه، مع مراعاة ظروف العامل ومدة خدمته، وذلك بالإضافة إلى:
1 – مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له قانونا وجميع المزايا الأخرى التي يقررها القانون أو عقد العمل، أيهما أكبر.
2 – الأجر الشامل عن مدة الإخطار التي ينص عليها القانون أو عقد العمل، أيهما أكبر.
3 – الاشتراكات التأمينية المقررة للفترة من تاريخ الفصل التعسفي حتى صدور الحكم النهائي.
ثانيا: الفصل التأديبي و الفصل لأسباب اقتصادية: قانون العمل العماني اعتبر في المادة 43 منه أن الفصل لأسباب اقتصادية تعد من الاسباب المبررة لإنهاء عقد عمل العامل، ويتعلق الامر بوجود صعوبات أو أزمة اقتصادية أو مالية تمر بها المنشأة، وقد عرفت المادة 1 من القانون المذكور السبب الاقتصادي بكونه خسارة مالية يتعرض لها صاحب العمل لمدة لا تقل عن عامين متتاليين، ولا يعتبر عدم تحقيق الأرباح أو إغلاق صاحب العمل لأحد أنشطته أو فروعه لأسباب تتعلق بعدم الجدوى في استمرارها خسارة مالية، ولا يكفي وجود السبب الاقتصادي المبرر لتسريح العمال بل يجب أن تؤثر في المنشأة تأثيرا جديا وحقيقيا ويضر بمشروع صاحب العمل ، ويجعله يغلق المنشأة إما إغلاقا جزئيا أو كليا لتفادي تداعيات الاسباب الاقتصادية . وبالتالي فقرار الفصل يكون نتيجة سبب اقتصادي ولا يبادر صاحب العمل بتقليص العمال و فصلهم مباشرة بعد تحقق السبب الاقتصادي بل يتعين عليه حسب المادة 45من قانون العمل العماني أن يتقدم بطلب إلى لجنة إدارية ترأسها وزارة العمل، مشفوعا بالأسانيد المؤيدة لذلك، مع بيان عدد العمال المقترح تقليصهم، وتتولى اللجنة دراسة الطلب والبت فيه بالقبول أو الرفض. يتضح أن الفصل التأديبي هو جزاء إخلال العامل بالتزاماته يوقعه صاحب العمل بدون إخطار أودفع مكافأة نهاية الخدمة، أما الفصل لسبب اقتصادي فهو عبارة عن حل لإنقاد المنشأة من أزمة اقتصادية تمر بها منذ سنتيت متتاليتين ولكن بعد بت اللجنة الادارية في طلب صاحب العمل و بعد إخطار العمال المراد تقليصهم أو تسريحهم ومنحهم كل تعويضاتهم المستحقة لأنهم لم يتركبوا أية مخالفات أو أخطاء.
ثالتا: الفصل التأديبي و فسخ العقد: فسخ العقد يكون نتيجة إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته، إذ يطلب المتعاقد فسخ العقد بشرط إعذار الطرف المقصر، ولايقع الفسخ إلا إذا اتفق عليه الطرفان أو صدر حكم قضائي. ولكن قانون العمل خرج عن هذه القاعدة و سمح بإمكانية فسخ العقد بإرادة منفردة إذا لم يقم الطرف الآخر بتنفيذ التزامه، فقد يكون الاخلال من جانب العامل نفسه، وفي هذه الحالة لصاحب العمل إنهاء العقد إنهاء مشروعا دون إخطار و هذا هو الفصل التأديبي، كما يمكن أن يكون الإخلال من جانب صاحب العمل فيحق للعامل إنهاء العقد . وبذلك يكون الفسخ باعتباره جزاء مدنيا سواء كان اتفاقيا أو قضائيا ثابتا لصاحب العمل -أو للعامل أيضا- عند إخلال العامل بالتزاماته غير حالات الفصل التأديبي بالنسبة لصاحب العمل ، لأنه في هذه الحالة الأخيرة سمح له القانون بإنهاء العقد دون إخطار وبدون مكافأة نهاية الخدمة. أما في الفسخ فعليه إخطار العامل.
رابعا: الفصل التأديبي والاستقالة: الاستقالة هي إنهاء الخدمة من قبل الموظف طواعية وذلك أما لعدم رغبته في استمرار العمل مع الشركة أو لوجود عرض آخر أفضل أو لأسباب أخرى مناسبة له، وفيها يتم تقديم طلب الاستقالة إلى مسؤول الموارد البشرية قبل فترة كافية من ترك العمل وانتظار الموافقة عليها أو الدخول في إجراءات إدارية لإقناع الموظف بعدم ترك العمل وذلك لأهميته للكيان. بوالتالي فالاستقالة هي إنهاء للعقد من جانب العامل بإرادته المنفردة شريطة احترام الاجراءات القانونية كالاخطار و عدم مغادرة العمل إلا بعد البت فيها، أما الفصل التأديبي فهو كما أشارت الدراسة جزاء تأديبي يمارسه صاحب العمل على العامل.

مما يتقدم يتبين أن الفصل التأديبي يعد جزاءا ليست له صفة التعويض، و في ذلك يختلف عن الجزاء المدني، وأن توقيعه لا يتوقف على تحقق ضرر لصاحب العمل، لأن القصد منه هو الزجر وبالتلي فهو يتناسب مع جسامة المخالفة و أحيانا مع جسامة الضرر الذي يصيب المنشأة.
علاوة على ذلك، فالفصل التأديبي يتم بإرادة منفردة لصاحب العمل لكونه يجمع بين سلكتي التنظيم و التأديب داخل المشروع، ومن ثم فهو الذي يضع القواعد التأديبية بما تقتضيه من أوامر ونواهي و عقوبات من جهة، وهو الذي يختص من جهة أخرى بتطبيق هذه العقوبات على العامل، فيبدو إزاء العامل و كأنه الخصم و الحكم. فالفصل التأديبي هو أحد مظاهر رابطة التبعية الناتجة عن عقد العمل .
المبحث الثاني: شروط الفصل التأديبي المبررة لأحقية صاحب العمل في إنهاء العقد بإرادته المنفردة
خول القانون لصاحب العمل ممارسة السلطة التأديبية لكل عامل يخل بالتزاماته العقدية أو القانونية، وأن يباشر عملية الفصل داخل أجل معين.
المطلب الأول: قيام العامل بإخلال مهني أو قانوني
يحدد القانون الجديد كيفية إنهاء عقود العمل، حيث تنتهي العقود محددة المدة بانتهاء مدتها، أما العقود غير محددة المدة فتتطلب إشعارًا مسبقًا من أحد الطرفين بمدة لا تقل عن 30 يومًا. ومع ذلك، تتيح المادة (40) من القانون لصاحب العمل فصل العامل فورًا ودون إنذار في حالات محددة، ولكن الاشكال هل هي واردة على سبيل الحصر أم المثال؟
فالمادة 55 من قانون العمل تعطي لصاحب العمل الحق في إطار سلطته التنظيمية إعداد لائحة خاصة بالجزاءات وشروط توقيعها، وذلك وفقا للنماذج والقواعد التي يصدر بها قرار من الوزير، ويجب على صاحب العمل تقديم هذه اللائحة وما يطرأ عليها من تعديلات إلى الوزارة، وتتولى الوزارة اعتماد اللائحة خلال شهرين من تاريخ تسلمها، فإذا انقضت تلك المدة دون رد منها أصبحت نافذة، ويجب على صاحب العمل تمكين العامل من الحصول على نسخة معتمدة من هذه اللائحة. وعلى صاحب العمل أن يراعى في إعداد لائحة الجزاءات المنصوص عليها في المادة (55) المذكورة الآتي:
1 – أن تحدد الأفعال المحظور على العامل ارتكابها، والجزاءات المقررة عليها على أن تكون جزاءات تصاعدية.
2 – ألا يتم توقيع أكثر من جزاء على المخالفة الواحدة.
3 – ألا يوقع الجزاء على العامل لأمر ارتكبه خارج مكان العمل إلا إذا كانت له علاقة بالعمل.
وفي جميع الأحوال، تطبق الأحكام الواردة في النماذج والقواعد المشار إليها في هذه المادة على المنشآت التي لا تلتزم بوضع لائحة خاصة بالجزاءات معتمدة من الوزارة.
وقد حددت المادة 40 الحالات التي تبرر فصل العامل نظرا لجسامتها وتتمثل في:
أولاً- انتحال شخصية غير صحيحة أو تزوير للحصول على العمل
اعتمد المشرع في هذه الحالة على معيار الوسائل الاحتيالية التي يمكن أن يقوم بها العامل و التي تنطوي على الغشو سوء النية في المعاملات سيما و أن عقد العمل يقوم على الاعتبار الشخصي، و بالتالي إذا قام العامل بانتحال شخصية غير صحيحة كأن يقوم العامل بانتحال مهنة ليست مهنته، أويدّعي أنه مهندس وهو في الأصل تقني أو لم يحصل بعد على دبلوم الهندسة ، أو يلجأ إلى تزوير شهادات علمية أو مستندات تمكنه من شغل هذه المهنة. فالقانون لايشترط هنا أن يثبت التزوير أو الانتحال بحكم قضائي وإنما بمجرد ثبوت و علم صاحب العمل بواقعة التزوير يحق له فصله من العمل، و الملاحظ أن هذه الحالة قد ترتكب قبل إبرام العقد لأن الهدف بدون شك هو الحصول على العمل، أو أثناء تنفيذه مثلا عند التقديم لترقية .
ويدخل ضمن هذه الحالة إغفاء بيانات أو معلومات هامة كالمرض أو عدم إتقان كفاءة يتطلبها العمل كبرامج الاكسيل لمحاسب لتنظيم الاوراق المحاسبية للشركة مثلا. وبالنسبة للعامل غير العماني إذا ثبت انتحاله لشخصية أو تزويره للشواهد فيتم إرجاعه لبلده حسب مقتضيات المادة 15 من قانون العمل.
ثانياً- ارتكاب العامل لخطأ أدى إلى خسارة مادية جسيمة لصاحب العمل
الخطأ أو التعدي في قانون المعاملات المدنية العماني حسب المادة 176 يكون في صورة غير مشروعة، أي بمعنى أن يكون تصرفا مخالفا لمسلك الرجل المعتاد في التصرفات ويكون خارج حدود القانون، ويكون الخطأ في العقود بصورة مخالفة شروط العقد وهو ما يسمى بالمسؤولية العقدية، وقد يأتي الخطأ في صورة المسؤولية التقصيرية، والتي يأتي فيها بصورة التعدي على الغير بقصد أو بغير قصد، ففي كلا الحالين يكون المتعدي مقصرا .
فقيام العامل بخطأ سواء كان عمدا أو بغير عمد نتيجة الإهمال ونجم عنه خسارة فادحة لصاحب العمل فيمكن له فصله ، وتجدر الاشارة أن المشرع قصر الخسارة على الجانب المادي دون المعنوي، غير أن هناك خسائر يمكن أن تسبب أضرارا معنوية جسيمة كتشويه سمعة المنشأة أو تسريب بيانات حساسة أو نشر معلومات كاذبة. و المشرع قصر الجسامة على الضرر و ليس على الخطأ، بمعنى أنه و إن كان الخطأ تافها أو يسيرا و نجمت عنه أضرارا جسيمة فهذا مبرر مشروع لفصل العامل عن عمله. هذا، ويشترط القانون أن يبلغ صاحب العمل الجهة المختصة بالواقعة خلال 30 يوم عمل من تاريخ علمه بها، لكنه لم يحدد الجهة المختصة بالابلاغ، إذ تختلف باختلاف الخطأ الذي ارتكبه العامل، فإذا كان الخطأ يشكل جريمة كإضرام النار مثلا فيمكن إبلاغ الشرطة أو الادعاء العام مع ضرورة في جميع الأحوال إخبار مديرية القوى العاملة بالامر لأنها الجهة الوصية. و لعل الحكمة من إبلاغ الجهة المختصة هو التأكد من المخالفة وأضرارها و مدى صحة ادعاءات صاحب العمل.

ثالثاً- عدم الالتزام بتعليمات السلامة بعد إنذاره كتابةً
يعد الالتزام بتوفير بيئة سليمة و صحية التزاما يقع على عاتق صاحب العمل حيث الزمت المادة 57 من قانون العمل العماني صاحب العمل بتوفير وسائل الإسعاف الأولية لعماله في المنشأة، وفي حال زاد عدد عماله في مكان واحد على مائتي عامل فعليه تعيين ممرض مؤهل للقيام بالإسعافات الطبية، أو التعاقد مع مؤسسة مختصة لتوفير تلك الخدمات. كذلك، أوجبت المادة 67 في الفقرة 7 على العامل أن يلتزم بتنفيذ تعليمات السلامة والصحة المهنية المقررة لدى صاحب العمل سواء بمقتضى هذا القانون أو اللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا له.
إن عدم مراعاة العامل للتعليمات المتعلقة بقواعد السلامة و الصحة المهنية المكتوبة، رغم إنذاره كتابة باتباعها و احترامها، وكان من شأن مخالفتها إلحاق ضررجسيم بمكان العمل كالتدخين في منشأة بترولية قد يحدث حريقا بها، أو عدم استعمال عمال البناء لخوذات واقية للرأس و أحزمة السلامة أثناء البناء في مكان مرتفع، من شأن ذلك أن يسبب في سقوطه ووفاته. فإذا خالف العامل تعليمات سلامة العمل المكتوبة التي تهدف إلى حماية العمال والمكان، وتسبب في إلحاق ضرر جسي، يحق لصاح العمل فصله جزاء لتعنته و عدم اتباع هذه التعليمات.
رابعاً- التغيب دون عذر مقبول
إذا تغيب دون عذر مقبول عن عمله أكثر من سبعة أيام متصلة، أو عشرة أيام منفصلة خلال العام الواحد، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه خمسة أيام في الحالة الثانية. ولا تحسب أيام الراحة وإجازات الأعياد و الاجزات الرسمية ضمن أيام الغياب المنفصلة، لأن التغيب أثناء أيام العطل يرتكز على مبرر مشروع. أما الغياب المتصل فتحسب ضمنه العطلة الاسبوعية لأنها غير مستحق، فالاجازة الاسبوعية تمنح بهدف الراحة بعد أسبوع من العمل و الاجهاد، وهما انعدم السبب أو المبرر المشروع لاستحقاقها أو لخصمها من أيام التغيب المتصلة.
وقد بينت المحكمة العليا ضرورة تحديد صاحب العمل لنوع التغيب هل متصل أو منفصل لما يترتب عن ذلك من آثار قانونية حيث جاء في الطعن عدد 843 /2016 الصادر بتاريخ 22 يناير 2018 أنه:”… لما كان ذلك وكان البين من مفردات الحكم أن المطعون ضدها إنما فصلت العامل للخلل الجسيم دون أن توقف المحكمة على نوع الإخلال إلا قولها أنه غير منضبط في دوامه وأنه يتغيب عن العمل وأنه غير منجز للمهام المنوطة به ومعلوم أن الإخلال الجسيم أمر مختلف عن الغياب فضلا عن أن المحكمة لم تتحقق من عدد أيام الغياب وهل هي متصلة أم منفصله بما يوصلها إلى صحة ادعاء الغياب من عدمه كما أنها أيدت قول الحكم الابتدائي من أن العامل عجز عن إثبات التعسف في الفصل مع أن الواجب أن يكلف صاحب العمل بإثبات الخلل الجسيم والغياب وعدده الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه مخالفًا للقانون مستوجبًا نقضه. ”
فضلا عن ذلك، يشترط في الغياب أن يكون بدون مبرر أو عذر مشروع كالمرض أو الاجازة السنوية أو القوة القاهرة التي تحول دون حصور العامل لمقر عمله . وأكدت الفقرة 5 من المادة 12 أن فصل العامل بعلة تغيبه عن العمل بسبب حجزه أو حبسه لدى السلطات المختصة وانقضاء مدة الحجز أو الحبس دون الإحالة إلى المحكمة المختصة أو إعلان المحكمة براءته، يعد فصلا تعسفيا. و يلتزم صاحب العمل بالسماح للعامل خلال مدة الإخطار الصادر من قبل صاحب العمل بالتغيب عن عمله بواقع عشر ساعات مدفوعة الأجر في الأسبوع للبحث عن عمل جديد، وعلى العامل أن يبلغ صاحب العمل بحصوله على العمل الجديد، وأن ينتظم بعد ذلك في العمل حتى نهاية مدة الإخطار. فالمشرع حاول أن يوازن بين التغيب المبرر و التغيب بدون عذر حيث أجاز في الحالة الاخيرة إمكانية فصل العامل بعد إنذاره من قبل صاحب العمل.
خامساً- إفشاء أسرار المنشأة
يعد التزام العمل بعدم إفشاء اسرار العمل التزاما سلبيا بقع على عاتقه، فبحكم عمله يطلع العامل على عدة أسرار تخص المنشأة ، ويمكن للعامل أن يستغل هذه الاسرار لمصلحته الشخصية إما بمنافسة صاحب العمل، أو لدى صاحب العمل الجديد للاضرار بمصالح منشأته السابقة أو قد يتصرف فيها لشركات منافسة، وهذا يدخل في إطار التصرف سوء النية. وقد ألزم قانون العمل العماني العامل بالمحافظة على أسرار العمل في المادة 67 (الفقرة الرابعة).
وعدم إفشاء الاسرار يمتد إلى ما بعد مغادرة العامل لعمله ووضحت المادة 68 أن على أنه لا يجوز للعامل منافسة صاحب العمل أو يشترك في عمل ينافسه بعد انتهاء العقد، شريطة تحديد الزمان والمكان ونوع العمل على ألا يتجاوز المكان النطاق الجغرافي الذي يمارس فيه نشاطه ولا تزيد المدة المحددة على عامين، ولا يجوز لصاحب العمل التمسك بالاتفاق إذا أنهى العقد دون أن يقع من العامل ما يبرر ذلك، كما لا يجوز لصاحب العمل التمسك بالاتفاق إذا وقع منه ما يبرر إنهاء العامل للعقد. ولصاحب العمل أن يتمسك بحق التعويض في حال إخلال العامل بشرط المنافسة دون المبالغة في طلب التعويض، وإذا ثبت أن صاحب العمل بالغ في طلب التعويض بقصد إجبار العامل على البقاء لديه اعتبر ما تم الاتفاق عليه باطلا.
كما أن الاسرار يمنع إفشائها إذا كانت تتعلق بالعمل بالمنشأة كيفما كانت طبيعتها وأن تكون وصلت لعلم العامل بمناسبة عمله، ثم إن المعلومات المشروعة كالابلاغ عن جريمة وقعت بالمنشأة لا يعد من قبيل الاسرار التي توجب فصل العامل لأن الهدف منها هو حماية المجتمع و المصلحة العامة.

سادساً- الحكم نهائيا على العامل في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو في جنحة ارتكبت في مكان العمل أو في أثناء القيام به.
يجوز لصاحب العمل فصل العامل إذا صدر بحقه حكم نهائي أي استنفذ طرق الطعن في جناية، و هي الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق أو السجن المؤقت من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة.التي تكون عقوبتها من 3 سنوات وحتى السجن المطلق، أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، مثل الزنا أو هتك العرض أو الاحتيال أو إساءة الأمانة.
وكذلك في الجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالسجن مدة لا تقل عن عشرة أيام، ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ريال عماني، ولا تزيد على ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين. فهذه الجنح إذا ارتكبها العامل في مكان العمل أو في أثناء القيام به تكون مبررة لفصله.
وفي ذلك قضت المحكمة العليا في الطعن رقم 11/2017 بتاريخ 22/1/2018 أنه:” إذا حكم على العامل نهائيًّا في جنحة ارتكبت في مكان العمل وأثناء القيام به، وأساس هذا الحق الذي خوله المشرع في هذا الحالة لرب العمل والذي أجاز له فصل العامل في الحالة المذكورة هو ارتكاب العامل لجرم في مكان العمل وأثناء القيام به وهذا الجرم ثبت قبل العامل بحكم نهائي.” وقد اعتبرت المادة 16 من قانون العمل أنه يعد فصلا تعسفيا إذا فصل صاحب العمل العامل إذا تغيب هذا الاخير عن العمل بسبب حجزه أو حبسه لدى السلطات المختصة وانقضاء مدة الحجز أو الحبس دون الإحالة إلى المحكمة المختصة أو إعلان المحكمة براءته.
ويعد فصلا تعسفيا وفق المادة 16 تغيب العامل عن العمل بسبب حجزه أو حبسه لدى السلطات المختصة وانقضاء مدة الحجز أو الحبس دون الإحالة إلى المحكمة المختصة أو إعلان المحكمة براءته.
سابعاً- تعاطي مسكرات أو مواد مخدرة أثناء العمل أو ارتكاب عمل مخل بالآداب العامة
إذا وجد العامل في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات أو المؤثرات العقلية خلال ساعات العمل، أو قام بعمل مخّل بالآداب العامة. ولا يجوز للعامل تعاطي المسكرات أو المخدرات أثناء ساعات العمل، كما أن تعاطي المخدرات خارج مقر العمل قد يؤدي أيضًا إلى فقدانه لوظيفته إذا بدت عليه آثارها أثناء عمله لأنها تفقده التركيز و الوعي. وقد قضت المحكمة العليا قي حكمها (الطعن رقم 804 / 2016 بتاريخ 31 ديسمبر 2017) أنه إذا كان المشرع قد حدد حالات يسوغ لرب العمل فيها فصل العامل من عمله ليس ضمنها استعمال التبغ أثناء العمل كما أن هذا التصرف حال ثبوت صحته لا يشكل خطأ جسيما أو تصرفا خطيرا بحيث يبرر الفصل مباشرة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ بنى قضاءه على ما استخلصه من استعمال الطاعن التبغ أثناء العمل فضلا عن تكرار الأخطاء يكون قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
والمشرع لم يبين مما إذا كان يجب أولا إجراء فحص طبي على العامل قبل القول بكونه أنه في حالة سكر أو تأثير مخدر، وهذا الاجراء من شأنه أن يجنب صاحب العمل من اتهامه بطرد العامل طردا تعسفيا لكون لديه وسيلة الاثبات. بالاضافة إلى ذلك، فالعامل إذا كان يتناول هذه المواد بوصفة طبية لكونه يعاني من مرض معين مثلا الأرق أو الاكتئاب فهنا لا يجوز للعامل فصله مادامت تدخل في إطار علاج العامل، و في هذا الصدد نصت المادة 30 من قانون مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية أنه:” يجوز للمرضى حيازة مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية لأسباب صحية، وذلك في حدود الكميات التي يصفها لهم الأطباء المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب، ولا يجوز لهم التنازل عنها لأي شخص آخر مهما كانت الأسباب”.
ومن أجل الحفاظ على بيئة العمل فقد جعل المشرع كل فعل منافي للآداب العامة سببا لفصل العامل عقوبة له على احترامه لزملائه و رؤسائه ومحيطه. وقد حدد الباب السابع من القانون الجزائي العماني جرائم الاخلال بالاداب العامة في المواد من 253 إلى 268 وتتمثل في البغاء و الفجور و جرائم العرض و الافعال المخلة بالحياء. و يشترط أن يتم الفعل داخل مكان العمل ليكون سببا لفصله.

ثامناً- الاعتداء أثناء العمل
إذا قام العامل بالاعتداء على صاحب العمل، أو أحد رؤسائه، أو زملائه، مما تسبب بمرض أو تعطيل عن العمل لمدة لا تقل عن 30 يومًا، وفقًا لما ورد في نص المادة 312 من قانون الجزاء.
فالاعتداءهو أن يقوم العامل بفعل إيجابي من شأنه إحداث تغيير في العالم الخارجي، وأن يكون العامل هو من بدأ الاعتداء وهو من شرع فيه أي كان هذا الاعتداء سوءا بالحركات كالضرب أو باللفظ. و بالتالي فإذا كان قصده المزاح مثلا مع أحد زملائه أو الدفاع عن نفسه بعد الاعتداء عليه بشرط ملائمة الفعل و الوسيلة في حالة صد الاعتداء و عدم تجاوزه ، ففي هذه الحالات لا يعد عمله اعتداء موجب للفصل.
وقد نصت الفقرة 8 من المادة 40 من قانون العمل على مايلي:”… إذا وقع منه في أثناء العمل أو بسببه اعتداء على صاحب العمل أو من يمثله، أو إذا وقع منه اعتداء على أحد رؤسائه، أو إذا اعتدى على أحد العمال في موقع العمل ونجم عن ذلك مرض وتعطيل عن العمل.”
وقد ميز قانون العمل بين 3 حالات كالآتي:
– حالة الاعتداء على صاحب العمل أو ممثله: فهنا كيفما كان الاعتداء سواء لفظيا أو ماديا سواء أثناء العمل أو بسببه سواء داخل أوقات العمل أو بعدها أو داخل مقر العمل أو خارجه، ولا يهم السبب أو الدافع لإن العبرة هي بوقوع الاعتداء في مكان العمل على صاحب العمل أو من يمثله قانونا كمدير الموارد البشرية أو المدير المالي و كل من يتصرف باسم صاحب العمل بناء على تمثيل قانوني منه.
– الاعتداء على أحد رؤسائه: نفس الحكم السابق ينطبق على رؤساء العامل المعتدي، سواء كان رئيسه المباشر أو بالنيابة، والمقصود بالرئيس هو كل من له سلطة الاشراف و التوجيه وإعطاء أوامر للعامل وكيفما كان نوع الاعتداء سواء لفظيا أو ماديا، ولعل الهدف من ذلك هو من أجل الحفاظ على هيبة الرؤساء و صاحب العمل و فرض بيئة عمل يسود فيها الاحترام و التعاون بين جميع مكونات المنشأة.
– الاعتداء على أحد العمال: يشترط في هذه الحالة أن يكون الاعتداء داخل موقع العمل، وأن يكون نجم عنه مرض أو تعطيل عن العامل للعامل المعتدى عليه بمعنى المشرع اشترط أن يكون الاعتداء بلغ حدا من الجسامة إما بالضرب أو حتى بالاعتداء بالتحقير أو الذم إذا تسبب في ضرر معنوي بليغ له.
وحددت المحكمة العليا العمانية طبيعة الاعتداء في الطعن عدد 717/2016 بتاريخ 22/1/2018 أنه:”يكون الاعتداء جسيمًا كلما كان قد أصاب الشخص في جسده أو اعتباره أو في شخصه أيًا كانت صورة الاعتداء، ويراعى في تقديره الوضع الاجتماعي والوظيفي لمن وجه إليه الاعتداء، وتراعى كذلك البيئة والمجتمع ومدى استهجانها لمثل هذه الألفاظ.
– تعدُّ عبارة «إذا كنت رجل فافصلني غدًا» أو «إذا كنت ابن ابيك افصلني غدًا» جارحة وخادشة للحياء وتحط من قدر وكرامة وهيبة من وجهت إليه، ومن ثم يكون الفعل الذي قام به المطعون ضده اعتداءً جسيمًا في حكم الفقرة (٨) من المادة (٤٠) من قانون العمل وتبرر فصل المطعون ضده من العمل”.
وتطرح إشكالية بخصوص حالة الدفاع الشرعي فهل يمكن اعتبار العامل في حالة اعتداء مبرر للفصل التأديبي، كحالة مبادرة صاحب العمل في استفزاز العامل أو مبادرة صاحب العمل أو أحد العملاء بواقعة الاعتداء على العامل
اعتبر قانون الجزاء العماني أن الاعتداء يمكن تبريره في حالة الضرورة أو الدفاع الشريع، حيث حددت المادة 36 من قانون الجزاء العماني حالة الضرورة بأنها تعد ممارسة للحق عن كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق ولا مثار، عن النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه.
وبينت المادة 37 من نفس القانون المذكور أن الفعل الذي ألجأت الضرورة الفاعل إلى ارتكابه ليدفع به عن نفسه أو عن غيره أو عن ملكه أو ملك غيره، خطرا جسيما محدقا لم يتسبب هو فيه قصدا شرط أن يكون الفعل متناسبا مع الخطر. وبالتالي فالعامل الذي يكون في حالة ضرورة أو دفاع شرعي لا يمكن اعتباره مخلا بالتزامه و يعد فصله فصلا تعسفيا.

تاسعاً- الإخلال الجسيم بأداء العمل المتفق عليه في عقد العمل
نص قانون العمل العماني في المادة 67 أن العامل ملزم بتنفيذ عقد العمل وأحكام قانون العمل بنفسه لأن شخصية العامل و كفاءته وقدرته على أداء العمل تكون محل اعتبار عند إبرام العقد، ولذلك لا يجوز له أن يوكل غيره في القيام بما أسند له إلا بموافقة صاحب العمل أو حسب الاتفاق بينهما في العقد. علاوة على ذلك، يجب عليه أداء العمل وفق مبدأ حسن النية مع بذل عناية الشخص العادي أو الشخص الحريص في وظائف معينة كالطبيب الجراح أو ربان الطائرة، والامتثال لتعليمات صاحب العمل ومعاملة زملائه باحترام و تعاون لما يحقق مصلحة المنشأة، وبالتالي فإن أي إخلال من جانبه لهذه الالتزامات العقدية أو القانونية بشكل جسيم من شأنها أن تسبب في فصله تأديبا له بدون إخطار أو دفع مكافأة نهاية الخدمة. والخطأ الجسيم هو ذلك الخطأ الذي يستحيل بعده قبول العامل في المنشأة، وقد عرفه إسماعيل زكي بأن “الخطأ الذي يستوجب المؤاخذة التأديبية هو كل أداء في تقصير الواجب، أو إخلال بأداء السلوك الآداب من شأنه أن يترتب عليه إهانة المهنة والحط من كرامتها، أو الخروج عن الالتزامات السلبية المفروضة على الموظفين.” إذا امتنع العامل عن أداء مهام وظيفته المتفق عليها أو قام بأفعال مخالفة لروح المادة 67 المذكورة، فيشترط يكون الإخلال:
1- جسيما ومتصلا بالعمل ويؤثر على حسن سير المشروع: وهذا يستلزم وقوع الخطأ في مكان وزمان العمل، وهذا يعد قرينة على اتصاله بالعمل، وقد يقع العمل خارج مكان العمل و في غير أوقاته ولكن يتصل بطبيعته بالعمل مثل قيام العامل بعمل أو نشاط مشروع منافس لصاحب العمل.
وتقدير جسامة الخطأ يخضع لمدى إضرار العامل بحسن سير المنشأة وأثر الخطأ الذي ارتكبه على نشاطها على مصالح صاحب العمل وتسبب إخلاله في خسائرمضرة بالمنشأة.
2- وجود هذا الإخلال ضمن الحالات المنصوص عليها في المادة 67 من قانون العمل أو لعقد العمل أو لنظام المنشأة الداخلي، شريطة ألا يكون صاحب العمل متعسفا في استعمال حقه، و يقدر القضاء مدى احترام صاحب العمل لهذه الشروط، حيث جاء قي الطعن رقم 794/2016 بتاريخ 22/1/2018:” حق صاحب العمل فى إنهاء عمل العامل مقيد بأن يتوافر مبرر كاف ومشروع للفصل وإلا عد فصلا تعسفيا يوجب التعويض.”
وللتوضيح، فالإخلال يتعلق بمخالفة العامل لالتزاماته المفروضة عليها سواء من خلال المادة 67 أو للنظام الداخلي للمنشأة أو لأحكام العقد الرابط بينه و بين صاحب العمل وأن يكون خطأه جسيما لا يمكن تجاوزه لفداحته و لمسه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بمصالح المنشأة و لإضراره بصاحب العمل، مع ضرورة إثبات هذا الأخير لهذه الجسامة و للأضرار الناجمة عن ذلك. أما المادة 40 فهي عددت حالات الفصل التأديبي التي تعطي لصاحب العمل إنهاء العقد بإرادته دون أي التزام من جانبه اتجاه العامل والتي من بينها نجد حالة الاخلال الجسيم، وبالتالي فالمادة 40 هي الاطار العام للفصل التأديبي.

المطلب الثاني: اتباع الاجراءات القانونية قبل توقيع الجزاء لضمان حماية حقوق العامل
يعد العامل طرفا ضعيفا جديرا بالحماية القانونية، و في سبيل تحقيق ذلك و لضمان حقوقه فقد وضع الشمرع العماني عدة ضوابط قبل توقيع الجزاء عليه من قبل صاحب العمل، بحيث إذا لم يحترم هذا الاخير الاجراءات المقررة أصبح فصله فصلا تعسفيا للحد من تجاوزه لسلطاته، و تتمثل هذه الاجراءات أساسا في توقيع الجزاء داخل مدة معينة حددها القانون تحت طائلة سقوط الحق و بطلان الاجراء، وفي إعلان العامل و التحقيق معه و الاستماع لأوجه دفاعه قبل توقيع الجزاء عليه.
أولا- احترام المدة الزمنية : حدد قانون العمل العماني فترات زمنية معينة لضمان تحقيق العدالة والشفافية في بيئة العمل. فقد نصت المادة 64 من قانون العمل العُماني على أن صاحب العمل لا يملك الحق في محاسبة العامل عن أي مخالفة إذا مرّ أكثر من 30 يومًا على اكتشافها دون اتخاذ إجراءات ضده. وهذا يهدف إلى ضمان عدم استغلال السلطة التأديبية بشكل غير عادل، بحيث لا يُترك العامل تحت تهديد المساءلة التأديبية لفترات غير محددة، مما قد يؤثر على استقراره الوظيفي ونفسيته، ففي هذه المرحلة يتهم العامل بإتيانه فعل معين مخالف للقانون أو الائحة أو العقد، فإذا مر أجل 30 يوما دون متابعة من قبل صاحب العمل أو التحقيق معه للتأكد من صحة الادعاء المنسوب له، فإن القانون يرتب على تراخي صاحب العمل في متابعة الاجراءات سقوط الاتهام .
كما أن توقيع العقوبة التأديبية يجب أن يتم في غضون 60 يومًا من تاريخ ثبوت المخالفة، أي بعد انتهاء التحقيقات وإثبات وقوعها بشكل رسمي. حيث أنه إذا ثبتت المخالفة في حق العامل و تقاعس صاحب العمل عن توقيع الجزاء بعد مرور 60 يوما سقط حقه في ذلك. وهذا يمنع تأخير العقوبات لفترات طويلة، مما قد يضر بمبدأ العدالة ويجعل العقوبة غير ذات جدوى عملية أو تأديبية.
ونص المرفق الثاني للقواعد العامة المدرج في القرار الوزاري رقم 618 / 2024 بإصدار نموذج وقواعد لائحة الجزاءات للعاملين في القطاع الخاص وشروط توقيعها أنه لا يجوز تنفيذ الجزاء قبل مضي ثلاثة أيام على الأقل من تاريخ إخطار العامل به
وقد حكمت المحكمة العليا في الطعن 210/2017 بتاريخ 22/41/2018 بأنه:” وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها أوقعت الجزاء في تاريخ 29 / 7 / 2015 أي بعد أكثر من ثمانين يومًا من تاريخ ثبوت المخالفة وهو ما يترتب عليه بطلان ذلك الجزاء ويكون الفصل من ثم قد وقع باطلاً ويكون طلب التعويض عنه قائمًا على سند.”
وحرص المشرع كما أشرنا سالفا على تحديد المخالفات التي تجيز توقيع عقوبة الفصل على العامل ، بحيث لا يجوز توقيعها في غير هذه الحالات ، كما أحاط المشرع ، توقيع هذه العقوبة ، ببعض الإجراءات التي قصد بها منع إساءة استخدامها . بحيث لا يسمح المشرع لصاحب العمل أن يوقع عقوبة على العامل ، دون التحقيق معه فيما نسب إليه ، وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه ، فقد نص قانون العمل على أنه يلتزم صاحب العمل ، قبل توقيع العقوبة فيه أقوال العامل ، وأوجه دفاعه ، وشهادة الشهود إذا اقتضى الأمر ، وينبغي أن يتم التحقيق في صورة محضر يودع في ملف العامل مع ملاحظة أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يوقع على العامل عن المخالفة الواحدة غرامة تزيد قيمتها على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، أو أن يوقفه تأديبيا عن العمل مع حرمانه من الأجر كله أو بعضه على المخالفة الواحدة مدة تزيد على خمسة أيام في الشهر الواحد.
وفي جميع الأحوال لابد وأن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسببا حتى يتمكن القاضي من إعمال سلطته في تقرير ليس فقط حول جدية سبب الفصل ، وإنما أيضاً مدى التناسب بين الفعل والعقوبة .
ثانياً- استدعاء العامل لجلسة الاستماع
نصت المادة 63 من قانون العمل العماني أنه لا يجوز لصاحب العمل توقيع أي جزاء على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وتدوينها كتابة في محضر يعد لذلك. وحدد المشرع طبيعة الاستدعاء لحضور جلسة الاستماع بأن يكون كتابيا وليس شفويا، ثم من جهة أن يتم تبليغ هذا الاستدعاء لعامل المعني ويمنح دليلا على التبليغ كإفادة البريد المضمون التي تفيد توصل العامل أو عن طريق وصل يوقع عليه العامل إذا تم التبليغ يدا بيد. أيضا مع تطور التكنولوجيا يمكن اعتبار توصل العامل برسالة على رقم هاتفه المسجل في بياناته أثناء التوظيف أو بريده الالكتروني بمثابة تبيلغ و إعلان له لحضور جلسة سماع أقواله، فالمادة المادة 12 من قانون المعاملات الالكترونية تقضي بأنه:” 1- لأغراض التعاقد، يجوز التعبير عن الإيجاب والقبول بواسطة رسائل إلكترونية ويعتبر ذلك التعبير ملزما لجميع الأطراف متى تم وفقا لأحكام هذا القانون…”، والمادة 11 من نفس القانون تنص على أنّه عند تطبيق قواعد الإثبات في أي إجراءات قانونية لا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية أن تكون قد جاءت في غير شكلها الأصلي إذا كانت الرسالة أفضل دليل يتوقع بدرجة مقبولة أن يحصل عليها الشخص الذي يقدّمه وتكون لهذه الرسالة حجيّة في الإثبات.
ويتعين ان يتضمن الاستدعاء لحضور جلسة الاستماع مجموعة من الشكليات، تتعلق بتحديد موضوع الاستدعاء وهو الإخلال المرتكب من قبل العامل و الموجب للتحقيق، ثم تاريخ ارتكاب الخطأ مع تحديد يوم وساعة ومكان انعقاد جلسة سماع أقوله.
ثالثاً- اجراءات التحقيق
بعد توصل العامل بالاستدعاء و حضوره لجلسة االاستماع، تبدأ اجراءات التحقيق، إذنصت المادة 66 أنه يجوز لصاحب العمل أن يحقق مع العامل بنفسه أو أن يعهد إلى أحد العاملين في المنشأة بالتحقيق مع العامل، شريطة ألا يقل المستوى الوظيفي للمحقق عن مستوى العامل المخالف، وله أن يعهد بالتحقيق إلى شخص آخر من ذوي الخبرة في موضوع المخالفة إذا كانت المخالفة جسيمة .
فالمشرع أسند التحقيق إلى صاحب العمل كقاعدة عامة، ويمكن له أن يفوض هذا الاختصاص لغيره على حسب درجة المخالفة، فإذا كانت المخالفة عادية فيعهد بها إلى أحد العاملين شريطة أن لا يقل مستواه الوظيفي عن مستوى العامل مرتكب الاخلال، وهذا يوفر نوع من النزاهة و الانصاف في التحقيق. أما إذا كان فعل العامل جسيما فهنا يكلف بالتحقيق شخص من ذوي الخبرة و الكفاءة اللازمة، و الغاية هي ضمان الحصول على نتائج فعالة ودقيقة عند التحقيق. فهذا التوازن يساهم في تعزيز بيئة العمل ويضمن احترام حقوق جميع الأطراف المعنية. كما يمكن للعامل المحال إلى التحقيق حق الاطلاع على إجراءات التحقيق وعلى الوثائق المتعلقة بها والحصول على نسخة من هذه الوثائق وفق مبدأ المواجهة في الدفاع و حق الخصم في الاطلاع على ما نسب له و لإعداد دفاعه ووسائل إثباته لنفي الخطأ عنه.
رابعاً: اتخاذ قرار الفصل
إذا ثبتت المخالفة في حق العامل بعد الإستماع إليه ، أو تغيبه عن جلسة الإستماع بدون مبرر مقبول أو امتناعه عن إتمامها رغم توصله بالاستدعاء مرة أخرى، فإن الإجراءات التي قد يقرر القيام بها المشغل يمكن اختزالها في اتخاذ قرار الفصل من العمل وهو عبارة عن محرر كتابي يكون على شكل رسالة أومقرر يسلمه صاحب العمل للعامل يبين له فيه الأسباب التي أدت إلى فصله عن العمل ،وكذلك جعله المشرع الوسيلة التي يعلم بها بموجبها العامل بفصله عن العمل مع تبرير و تسبيب قراره لأن العامل يمكن أن يلجأ للقضاء للطعن فيه، وبالتالي فإن عدم تبريره يمكن أن يكون قرارا تعسفيا يوجب عليه إما تعويضا عينيا مع التعويضات و في حالة استحالة الارجاع يحكم عليه بالتعويض عما لحق العامل من خسارة و مستحقاته منذ طرده من العمل، ثم يتم تبليغ مقرر الفصل إلى الاجير، وكذا إشعار القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية بقرار الفصل في حالة العامل الوافد ليتم إرجاعه لبلده.طبقا للمرسوم السلطاني رقم 16/ 95 بإصدار قانون إقامة الأجانب
هذا، ويمكن لصاحب العمل أن يتراجع عن إتخاذ أي قرار في حق العامل بالرغم من قيامه بالإجراءات المذكورة أعلاه ويعد هذا التصرف بمثابة تنازل من قبله عن استكمال المتابعة و فصل العامل.
و الدراسة توصي بأن يتم على غرار المشرع المصري إسناد عقوبة الفصل للجنة إدارية خماسية ذات طابع قضائي لأنها تضم اثنين من القضاة وتسند رئاستها لأقدمهما و ممثل وزارة القوى العاملة وعضو عن اتحاد النقابات و عضو عن ممثل منظمة أصحاب العمل نظرا لخطورة هذا الاجراء و لتفادي تعسف صاحب العمل في توقيعه انتقاما من العامل، وبذلك تكون ضمانات حماية العامل أقوى.

خاتمة:
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج كالاتي:
– تعد عقوبة الفصل التأديبي من أقسى و أخطر العقوبات التي يمكن أن تلحق العامل وهي تأتي كجزاء لردعه عن إخلاله بالتزاماته العقدية أو القانونية بحيث تسبب في خسارة أو أضرار للمنشأة أو تؤثر قي بيئة العمل.
– منح المشرع العماني لصاحب العمل السلطة التأديبية لاتخاذ قرار الفصل في حق العامل إذا أتى إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العمل.
– أقر المشرع حماية للعامل عند التحقيق معه حيث فرض على صاحب العمل مجموعة من الاجراءات التي يتعين عليه القيام بها في إطار مبدأ المواجهة وحق العامل في الدفاع عن نفسه.
– جعل المشرع الجزاء التأديبي عديم الفائدة و منعدما إذا ما تراخى صاحب العمل في توقيعه داخل المدة الزمنية المحددة لمنع تأخير العقوبات لفترات طويلة، مما قد يضر بمبدأ العدالة ويجعل العقوبة غير ذات جدوى عملية أو تأديبية.
وتوصي الدراسة بالاقتراحات التالية:
– إعادة النظر في حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة كعقوبة، لأنها تتجاوز العامل و تمتد إلى أهله ومن يعيلهم، فالفصل هو في حد ذاته جزاء خطير و إضافة الحرمان من المكافأة هو غير عادل مادام يسم العامل عن فترة زمنية سابقة على وقوع المخالفة التأديبية.
– إلغاء الغرامات كعقوبات توقع على العامل إسوة بالمشرع المغربي الذي ألغى الغرامات المالية.
– إسناد سلطة توقيع عقوبة الفصل للجنة إدارية تضم من بين أعضائها قاضيا وإضفاء قوة السند التنفيذي على قرارها مع إمكانية الطعن في قرارها لدى الدائرة العمالية بالمحكمة الابتدائية، لأن وضع صاحب العمل في مركز الخصم و الحكم من شأنه أن يعصف بحقوق العامل كيديا و تعسفا ولتخفيف العبئ على القضاء من خلال عمل هذه اللجنة الادارية.
قائمة المراجع:
1- أبو كلوب، عفيف محمد، & مزهر، أكرم صبحي. (2022). مدى ارتباط التزام عدم إفشاء الأسرار بالتزام عدم المنافسة. مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية, 10(3), 48.
2- إلياس، يوسف. (1989). الوجيز في شرح قانون العمل.
3- البرعي، أحمد حسن. (2003). الوسيط في القانون الاجتماعي، شرح عقد العمل الفردي وفقا لأحكام القانون 12 لسنة (ج. 2). دار النهضة، القاهرة.
4- حسن، خالد جمال أحمد. (2015). الفصل التأديبي للعامل في القطاع الأهلي بين الاعتدال والتطرف: دراسة تحليلية في ظل قانون العمل البحريني مقارنا بقانون العمل الموحد المصري. مجلة الحقوق، مج39, ع2 ، 375 – 459.
5- الحضرمي، أسعد بن سعيد. (2017). إنهاء عقد العمل في قانون العمل العماني. دار النهضة العربية، مصر.
6- الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر. (1986). مختار الصحاح. مكتبة لبنان، لبنان.
7- زكي، إسماعيل. (1936). ضمانات الموظفين في التعيين والتأديب والترقية (رسالة دكتوراه). جامعة القاهرة.
8- الزين، أحمد محمد، & زين، زكريا عبد الوهاب. (2022). الفصل التعسفي في قانون العمل السوداني. مجلة القانون والأعمال الدولية، (41)، 119.
9- سلامة، عزت عبدالمحسن إبراهيم. (2016). حماية العامل في التمييز بين الفصل التأديبي والإنهاء الباطل التعسفي. مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، مج58, ع2 ، 203 – 301.
10- شنب، محمد لبيب. (1993). شرح قانون العمل اللبناني. مؤسسة الرضا للطباعة والتوريدات.
11- عيسى، مصطفى أبو مندور موسى. (2019). ذاتية قانون العمل وطابعه الحمائى: دراسة مقارنة في القانون المصري والعماني والأردني والعراقي والسوري والإماراتي والقطري والبحريني والكويتي والتونسي والسوداني ومدونة الشغل المغربية. مجلة الأمن والقانون، مج27, ع1 ، 65 – 144.
12- فاضل، شروق عباس. (2022). التزام صاحب العمل بضمان سلامة العامل الجسدية. مجلة الباحث للعلوم القانونية, 1(1). https://doi.org/10.37940/JRLS.2020.1.1.6
13- فندي، محمد طه علي. (2015). المبرر القانوني لإنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة وفقا لقانون العمل: دراسة مقارنة. دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن.
14- الفيروزآبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب. (2005). القاموس المحيط (ط. 8). مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان.
15- كيرة، حسن. (1996). أصول قانون العمل.
16- المسلماني ، إبراهيم أحمد. (2022). حدود توقيع الجزاءات التأديبية على العامل وفقا لأحدث تعديلات قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 : دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية للنشر والتوزيع.
17- المسلماني، إبراهيم أحمد. (2022). حدود توقيع الجزاءات التأديبية على العامل وفقا لأحدث تعديلات قانون العمل رقم (12) لسنة 2003: دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية للنشر والتوزيع.
18- نايل، السيد. قانون العمل. القاهرة، دار النهضة العربية.
19- يحيى، عبدالودود. (1963). حول ضمانات الفصل التأديبي للعمال. المجلة المصرية للعلوم السياسية، ع 33 ، 97 – 104.
Braudo, S. (n.d.). Dictionnaire juridique du droit prive. Retrieved November 20, 2024, from https://www.dictionnaire-juridique.com/definition/licenciement.php

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى