بحوث قانونيةسلسلة الابحاث الجامعية و الأكاديميةفي الواجهةمقالات قانونية

المسؤولية الجنائية في مجال المخالفات الجمركية – سلسلة الابحاث الجامعية و الاكاديمية الاصدار رقم 59 يونيو 2025

رابط DOI الخاص بالبحث  https://doi.org/10.63585/YKPQ2941

المسؤولية الجنائية في مجال المخالفات الجمركية – سلسلة الابحاث الجامعية و الاكاديمية الاصدار رقم 59 يونيو 2025

اعداد الباحثة : للا هدى الإدريسي

رابط DOI الخاص بالبحث 

https://doi.org/10.63585/YKPQ2941

 

مقدمة:
تعد محاربة الاجرام بمختلف أشكاله من التحديات التي تواجهها بلادنا، وعليه عمل المشرع المغربي على تسخير الإمكانات البشرية والمادية الضرورية لضمان أمن وسلامة الأشخاص وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ومن بين هذه الجرائم نجد الجرائم الجمركية التي تعد من بين الجرائم الماسة بالتطور الاقتصادي.
تعد الجريمة الجمركية إخلالا بالقانون والنظام الجمركي وتعتبر من أكثر الجرائم الاقتصادية الماسة بالمنافسة الحرة والنزيهة، وكذلك زعزعة مصداقية الضمانات الممنوحة للراغبين في الاستثمار.
دفعت خطورة الجرائم الجمركية الدولة إلى وضع نظام جمركي من أجل حماية الاقتصاد الوطني وذلك بتداول السلع والبضائع بمختلف أنواعها بطريقة سليمة موافقة لمدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة، لذلك حددت رسوم جمركية والتي تعد بدورها مصدرا ماليا هاما لكل دول العالم، فهي تشكل المورد أساسي لخزينة الدولة، وعليه فإن أي تهرب جمركي مهما كانت صورته يشكل نزيفا لموارد الدولة.
تعتبر السياسة الجمركية نتاجا للسياسة الاقتصادية للبلاد باعتبارها الأداة الضامنة لحماية الاقتصاد الوطني ومجالا لتكييف الاقتصاد الوطني مع الاقتصاد الدولي الشيء الذي أفرز وجود مدونة جمركية تساير إلى حد ما النهج الاقتصادي العالمي الجديد والمبني على أساس الانفتاح الجمركي وتخفيف القيود المفروضة على الحدود، وتحقيقا لذلك نجد أن المشرع المغربي قد أدخل تغيرات جوهرية على مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة بمقتضى ظهير 05 يونيو 2000 استجابة للتطورات التي طرحها الاقتصاد الدولي.
وتمثل الجريمة الجمركية الواجهة التي تتدخل فيها إدارة الجمارك في ما يمكن أن ينشب بينها وبين الملزمين أفراد ذاتيين أو معنويين في العملية الجمركية بسبب قيامهم بأعمال مخالفة للقوانين الجمركية أو امتناعهم عن القيام ببعض الأعمال المنصوص عليها في مدونة الجمارك.
وبالرجوع إلى مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة نجدها قد عرفت هذه الجريمة في الفصل 204 منها كما يلي: “الجنحة أو المخالفة الجمركية عمل أو امتناع مخالف للقوانين والأنظمة الجمركية ومعاقب عليها بمقتضى لهذه النصوص”.
ومن أجل معالجة الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية معالجة تحليلية نجد المشرع المغربي عمد إلى حصرها وتصنيفها حسب ما هو متعارف عليه في القانون الجنائي العام إلى جنح ومخالفات فتم التمييز بين نوعين من الجنح وأربعة أنواع من المخالفات وميز في العقوبات بين جنح الطبقة الأولى وجنح الطبقة الثانية.
غير أن مدونة الجمارك تضمنت بعض الأحكام المتميزة التي تخرج عن نطاق القانون العام مما يفضي عليها طابع مميز سواء على مستوى قواعد الموضوع او من حيث التجريم والعقوبة وكدا المسؤولية الجنائية أو على مستوى الإجراءات المسطرية مما يجعلها توصف بأنها تشكل قانون جنائي خاص.
تعد المخالفة الجمركية ذات طابع خاص نظرا لارتباطها الوثيق بالمصادر المالية والاقتصادية للدولة، وكذلك للنتائج السلبية التي تخلفها على خزينة الدولة وهو ما يستلزم المعاقبة عليها بجزاءات تتناسب مع طبيعتها الخاصة.
فقد عرف المشرع المغربي المخالفة الجمركية في الفصل 204 من مدونة الجمارك في المادة الجمركية بأنها “عمل” أو امتناع مخالف للقوانين والأنظمة الجمركية ومعاقب عليها بمقتضى هذه النصوص.
أهمية الموضوع:
تحظى المسؤولية الجنائية للمخالفات الجمركية بأهمية بالغة وذلك نظرا للدور المهم الذي تقوم به إدارة الجمارك وتكريسا لأهدافها التي تتوخى منها حماية الاقتصاد الوطني و أمام التطورات الحاصلة في المجتمعات الحديثة و مواكبة لتلك التطورات اضطرت التشريعات الجنائية إلى التدخل بالتجريم بقوانين خاصة و هكذا أصدر المشرع مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة، وسنت قواعد موضوعية تتناول التجريم في الميدان الجمركي والمسؤولية الجنائية و ووسائل الإثبات و قواعد شكلية البحث و إقامة الدعوى العمومية و بعض المقتضيات المتعلقة بالمحاكم و طرق الطعن و التنفيذ إستثناءا من أحكام القواعد العامة الواردة في القانون الجنائي و المسطرة الجنائية.
فخروج القانون الجمركي عن القانون الجنائي، أضفى عليه الطابع الصارم والمتشدد لاعتبارات حمائية وذلك بفرض رقابة خاصة على أصناف من البضائع، واتخاد إجراءات معينة بغرض تحقيق أهداف اجتماعية وسياسية واقتصادية وبالتالي فإن أي تحلل من المنع أو القيد يشكل مخالفة للتشريع الجمركي ومن واجب الدولة زجره.
إشكالية الموضوع:
أضفى التشدد مع مرتكبي الجرائم الجمركية على هذا القانون خصوصية تتأتى في مدى تحقيق التوازن بين أهدافه الرامية الى حماية البنية الاقتصادية للدولة، وتحقيق الحريات والحقوق الفردية من خلال قواعد المسؤولية والجزاء المترتب عنها، وتجسيدا لهذه الأهداف فأي خروج عن هذه القواعد بعد منطلقا للمنازعة الجمركية.
ونظرا لان قواعد القانون الجنائي لا تتسع لتشمل صور التجريم الجمركي، ولا ترقى لتوفير الصرامة والتشدد، نظرا للطابع المميز للقانون الجمركي فان خروجه عنها يشكل خصوصية بارزة سواء من حيث إجراءات المتابعة وطرق إثبات الجريمة الجمركية وكذا قواعد تحديد المسؤولية والجزاء.
فالجرائم الجمركية تختلف في كثير من القواعد عن الجرائم الخاضعة للقانون الجنائي، سواء على المستوى الموضوعي أو الإجرائي، فالجرائم الجمركية تعتبر جرائم شاذة بل ومتمردة أحيانا على القواعد العامة.
ومن ثم فإلى أي حد تتوافق المشرع المغربي من خلق توازن بين القواعد المنظمة للمسؤولية الجنائية للمخالفات الجمركية مع القواعد العامة للقانون الجنائي؟

المناهج المعتمدة:
للوقوف على بعض الجوانب التي يثيرها موضوع إشكالية البحث، سوف تتم مقاربته اعتمادا على مجموعة من المناهج، حيث سأعتمد على المنهج الوصفي وذلك من خلال شرح بعض المواد الواردة في مدونة الجمارك التي لها ارتباط بالشق الزجري والمدني للمخالفات الجمركية بالإضافة الى الاعتماد على المنهج التحليلي والاستعانة ببعض المراجع الفقهية والقانونية الى جانب الاجتهادات القضائية المغربية والمقارنة.
خطة البحث:
لمعالجة وتشخيص بعض الجوانب المتعلقة بالمسؤولية الجنائية في مجال المخالفات الجمركية يجب علينا أن نتطرق أولا إلى الفصل الأول: طبيعة المخالفات الجمركية على مستوى مفهوم المخالفات الجمركية وتصنيفاتها وعلى مستوى الاساس القانوني المتابعات الجمركية، ومن جهة أخرى تناول والتطرق في الفصل الثاني إلى أساس المسؤولية الجنائية في الجرائم الجمركية والتدابير المتخذة للحد منها.
وذلك من خلال التصميم التالي:
الفصل الأول: طبيعة المخالفات الجمركية
الفصل الثاني: ضوابط المسؤولية الجنائية عن المخالفات الجمركية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى