المشروع الوطني الفلسطيني في ظل المستجدات الإقليمية ما بعد هزيمة حزيران 1967 واقع وتحديات – الباحث : ماهر محمود عامر النمورة الدكتورة : ولاء خليل حسين قديمات
المشروع الوطني الفلسطيني في ظل المستجدات الإقليمية ما بعد هزيمة حزيران 1967 واقع وتحديات
The Palestinian National Project Amid Regional Changes Following the June 1967 Defeat: Realities and Challenges
الباحث : ماهر محمود عامر النمورة
باحث دكتوراه علوم سياسية/جامعة قرطاج-تونس
الدكتورة : ولاء خليل حسين قديمات
أستاذة العلوم السياسية جامعة الخليل
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 59 الخاص بشهر غشت / شتنبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/KWIZ8576
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665
المشروع الوطني الفلسطيني في ظل المستجدات الإقليمية ما بعد هزيمة حزيران 1967 واقع وتحديات
The Palestinian National Project Amid Regional Changes Following the June 1967 Defeat: Realities and Challenges
الباحث : ماهر محمود عامر النمورة
باحث دكتوراه علوم سياسية/جامعة قرطاج-تونس
الدكتورة : ولاء خليل حسين قديمات
أستاذة العلوم السياسية جامعة الخليل
الملخص
يلاحظ أن هزيمة عام 1967 أدت إلى تغييرات إقليمية جذرية انعكست بشكل كبير على المشروع الوطني الفلسطيني، تمثلت بالسعي نحو الكيانية الفلسطينية التي أحدثت خلافات على القيادة والنهج الذي ستتبعه الفصائل سواء تحت مظلة المنظمة أم خارجها تحقيقاً لأهدافها في تحرير فلسطين، مما أسهم لاحقاً في وجود اختلاف وتفاوت في تعريف فلسطين المطلوب تحريرها وحدودها الجغرافية، إضافة إلى تعريف من هو الفلسطيني، وأهداف المشروع الوطني بتحرير فلسطين التاريخية، أو الاكتفاء بحدود سنة 1967لإقامة الدولة وعليه وتأتي أهمية الدراسة من كونها تسلط الضوء على دراسة وتحليل تحولات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967 وأثرها على المشروع الوطني الفلسطيني.
كما تهدف هذه الدراسة إلى:
- دراسة المشروع الوطني الفلسطيني في سياق تحولات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967.
- إبراز واقع وتحديات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني.
تتكون الدراسة من فصلين:
- الفصل الأول: يتناول المشروع الوطني الفلسطيني إرهاصات تشكله ما قبل حرب 1967.
- الفصل الثاني: يتناول تحولات البيئة الإقليمية وأثرها على المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة 1967.
Abstract:
It is noted that the defeat of 1967 led to radical regional changes that greatly affected the Palestinian national project, represented by the pursuit of a Palestinian entity that created disagreements over leadership and the approach that the factions would follow, whether under the umbrella of the PLO or outside it, to achieve their goals of liberating Palestine. This later contributed to the existence of differences and disparities in the definition of Palestine that needed to be liberated and its geographical borders, in addition to the definition of who is a Palestinian, and the goals of the national project to liberate historical Palestine, or to be satisfied with the borders of 1967 to establish the state. Accordingly, the importance of the study comes from the fact that it sheds light on the study and analysis of the transformations of the regional environment after the defeat of 1967 and their impact on the Palestinian national project.
This study also aims to:
- Study the Palestinian national project in the context of the transformations in the regional environment following the 1967 defeat.
- Highlight the reality and challenges of the regional environment following the 1967 defeat on the Palestinian national project.
The study consists of two chapters:
- Chapter One: The Palestinian national project examines the precursors to its formation prior to the 1967 war.
- Chapter Two: Addresses the transformations in the regional environment and their impact on the Palestinian national project following the 1967 defeat.
مقدمة
على المستوى الإجرائي يأتي المشروع الوطني الفلسطيني في سياق الكفاح من اجل حق تقرير المصير والتحرر من الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية وضمان حق العودة وبناء المجتمع الفلسطيني المدني، وفقاً لما نصت عليه وثيقة الاستقلال والميثاق الوطني والقواسم المشتركة بين النظام الداخلي لفتح وبقية القوى والأحزاب الفلسطينية، واستناداً للثوابت الوطنية التي حظيت بالإجماع الوطني وعلى أساس وحدانية تمثيل منظمة التحرير لكل الشعب الفلسطيني.[1]
واستناداً لما سبق يعتبر المشروع الوطني الفلسطيني حالة نضالية قسرية، فوجود تهديد حقيقي للوجود الوطني كدولة وهوية وثقافة وطنية هي مبررات ودوافع ظهور مشروع وطني، فهو مشروع يعكس ويعبر عن وجود أزمة وخوف ينتاب الشعب على وجوده السياسي فيدفعه للتمركز على الذات وشحذ كل عناصر المقاومة الذاتية متوسلاً بكل القواسم المشتركة بين أبناء الأمة من تاريخ ودين وقيم ومعاناة ومصالح مشتركة. المشروع الوطني إذن هو مشروع الحرية والاستقلال لكل أمة.[2]
وتأسيساً على ذلك يعتبر المشروع الوطني الفلسطيني مشروع معركة الاستقلال وهو نقيض للمشروع الصهيوني وبالتالي لا يمكن أن يكون حكراً لتنظيم معين، كما انه لا يمكن لشعب تحت الاحتلال ان يواجه الاحتلال إلا في إطار مشروع وطني تحرري جامع بجميع الوسائل الممكنة.[3]
وبطبيعة الحال يسعى المشروع الوطني الفلسطيني لتوجيه مسارات العمل الوطني النضالي والبنائي وتفعيل طاقات الشعب في مختلف مواقع وجوده باتجاه مشروع التحرير والبناء الوطني على قاعدة تكامل الأدوار وتوزيع المهام النضالية.[4]
وفي نفس الصدد يمكن القول أن المشروع الوطني الفلسطيني عند تأسيسه، وكما عبر عنه ميثاق منظمة التحرير الأول لم يكن مشروعاً وطنياً خالصاً، بل كان مزيجاً من عدة مشاريع، المشروع الوطني، المشروع القومي العربي والمشروع الإسلامي والمشروع التحرري. والهدف الذي تم وضعه في ميثاق المنظمة كما عبرت عنه أدبيات فصائل المقاومة آنذاك وهو تحرير كل فلسطين وعودة اللاجئين.[5]
كما تهدف هذه الدراسة إلى:
- دراسة المشروع الوطني الفلسطيني وسياق تشكله في ضوء تحولات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967.
- إبراز واقع وتحديات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني.
هذا وتفترض هذه الدراسة مساهمة التحولات المستجدة في البيئة الإقليمية في خلق تحديات واضحة أمام المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة عام 1967. وبالنسبة لمنهجية الدراسة فقد تتبعت المنهج التاريخي لتتبع ودراسة تطور معطيات البيئة الإقليمية وانعكاساتها على المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة عام 1967.فضلاً عن استخدام المنهج الوصفي التحليلي.
- حدود الدراسة: الحدود المكانية: فلسطين- الإقليم العربي، والحدود الزمانية تتمثل في تداعيات البيئة الإقليمية هزيمة عام 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني.
تتكون الدراسة من فصلين:
- الفصل الأول: يتناول المشروع الوطني الفلسطيني إرهاصات تشكله ما قبل حرب 1967.
- الفصل الثاني: يتناول تحولات البيئة الإقليمية وأثرها على المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة 1967.
تنطلق الدراسة من المبررات التالية:
- تأثر المشروع الوطني الفلسطيني بحالة التغيير والتحوّل التي طالت البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة عام 1967.
- يمر المشروع الوطني الفلسطيني بمرحلة تحكمها إفرازات الواقع الإقليمي ما بعد هزيمة 1967 إلى يومنا هذا مما يستدعي الوقوف على هذه المستجدات ودراسة ما تفرزه من تحديات.
مشكلة الدراسة: شكلت هزيمة حزيران 1967، تحول سياسي كبير في المشروع الوطني الفلسطيني، حيث بدا واضحاً ضعف النظام العربي القطري وعدم قدرته على استعادة وتحرير فلسطين، مما استدعى ضرورة أن يتحمل الفلسطينيين مسؤولية التحرير، هنا تأتي هذه الدراسة محاولةً الكشف عن أثر تحولات البيئة الإقليمية ما بعد هزيمة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني.
أسئلة الدراسة:
- ما هو المشروع الوطني الفلسطيني؟
- ماهي تداعيات هزيمة عام 1967 على البيئة الإقليمية والمشروع الوطني الفلسطيني؟
تتكون الدراسة من فصلين:
- الفصل الأول: يتناول المشروع الوطني الفلسطيني إرهاصات تشكله ما قبل حرب 1967.
- الفصل الثاني :يتناول تحولات البيئة الإقليمية واثرها على المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة 1967.
الفصل الأول
المشروع الوطني الفلسطيني إرهاصات تشكله ما قبل حرب 1967.
وحيث ان الثابت نشوء المشروع الوطني الفلسطيني في فترة الانتداب البريطاني، مع ولادة حركة فتح في أواخر خمسينيات القرن العشرين، وانتقل عبر تطوره من مشروع تركّز على تحقيق هدفيّ التحرير والعودة، إلى مشروع تركّز على تحقيق هدف الاستقلال في إطار دولة فلسطينية تحددت حدودها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ثم إلى مشروع راهن على أن تقوم هذه الدولة بعد مرحلة انتقالية من الحكم الذاتي.[6]
وعليه تتلخص مقومات المشروع الوطني الفلسطيني الذي مثلته منظمة التحرير الفلسطينية ب:[7]
- التضامن العربي الحاضن للمشروع والقضية الفلسطينية.
- واقع ومفهوم دول المواجهة، وإمكانية استخدام حدودها بدءاً بالأردن حتى عام 1970، وانتهاءً بلبنان عام 1982.
- المخيمات الفلسطينية كقاعدة اجتماعية ومصدر للكفاح المسلح.
- اعتراف الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وطنياً للشعب الفلسطيني.
ولا بد من التأكيد على أن المشروع الوطني الفلسطيني حالة نضالية قسرية، فوجود تهديد حقيقي للوجود الوطني كدولة وهوية وثقافة وطنية هي مبررات ودوافع ظهور مشروع وطني، فهو مشروع يعكس ويعبر عن وجود أزمة وخوف ينتاب الشعب على وجوده السياسي فيدفعه للتمركز على الذات وشحذ كل عناصر المقاومة الذاتية متوسلاً بكل القواسم المشتركة بين أبناء الأمة من تاريخ ودين وقيم ومعاناة ومصالح مشتركة. المشروع الوطني هو مشروع الحرية والاستقلال لكل أمة.[8]
وعليه يقوم المشروع الوطني الفلسطيني على إجماع الحركات السياسية الرئيسة وقوى المجتمع الفاعلة حول أربع ركائز أساسية هي التالية:[9]
- الأهداف النهائية للنضال الوطني.
- وسائل وأفعال النضال الوطني.
- شرعية الممثل الوطني.
- خصوصيات الوضع الفلسطيني.
ومن الجدير ذكره في هذا الصدد أن الإجماع الوطني كان قائماً إلى حد بعيد حتى اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في شهر نوفمبر لعام 1988، ذلك الاجتماع الذي تم التوافق فيه على إعلان قيام الدولة الفلسطينية على أساس قرار تقسيم فلسطين في شهر نوفمبر لعام 1947.
أولاً: المشروع الوطني الفلسطيني في ضوء سياسات الانتداب البريطاني.
يلاحظ أن بريطانيا رفضت بوصفها دولة انتداب على فلسطين منذ البداية الاعتراف بأن المجتمع الفلسطيني يشكّل شعباً أو أمة، إذ كانوا يعرّفون الفلسطينيين في وثائقهم الرسمية بالجماعات غير اليهودية، وكانوا يبررون رفضهم منح القيادة الفلسطينية صفة تمثيلية بأن المجتمع الفلسطيني لا يملك بنية طبقية منتظمة.[10]
ناهيك عن الدور الذي لعبته بريطانيا تاريخياً في نشأة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هذا الدور كان يقوم على ثلاثة عناصر رئيسية: الأول تعهد الحكومة البريطانية في عام 1917 بالنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين (وعد بلفور) وهو ما أدرج لاحقاً شروط الانتداب البريطاني في فلسطين. والثاني الدور الذي أدته في تقسيم الإمبراطورية العثمانية بعد انهيارها في الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي وضع أساس نظم الدولة العربية المعاصرة. أما الثالث: فكان الخطوات التي اتخذتها بريطانيا لحكم الانتداب في فلسطين بين عامي 1922 و1948 ثم التخلي عنه، ما هيّأ الأوضاع بشكل فاعل لحدوث النكبة الفلسطينية نتيجة حرب 1948 وزرع الكيان الإسرائيلي في أرض فلسطينية.[11]
ومما لا شك فيه أنها عملت على ترسيخ وعد بلفور قانونياً بفرضه في قرارات المؤتمرات وضمن بنود المعاهدات الدولية، وسعت لتجسيده على أرض الواقع بالقوة خلال انتدابها على فلسطين. فقد أدرجت فحوى وعد بلفور في قرارات مؤتمر فرساي في سنة 1919، وقرارات مؤتمر سان ريمو، ونصوص معاهدة سيفر في سنة 1920، وفي بنود معاهدة لوزان التي بمقتضاها أُلغيت معاهدة سيفر، وأخيراً جعلت وعد بلفور في ديباجة صك الانتداب على فلسطين، ومواده، والذي أقرته عصبة الأمم في سنة 1922، وذلك لترسيخ إعلان بلفور قانونياً.[12]
وعليه نشأ المشروع الوطني الفلسطيني في فترة الانتداب البريطاني، مع ولادة حركة فتح في أواخر خمسينيات القرن العشرين، وانتقل عبر تطوره من مشروع تركز على تحقيق هدفي التحرير والعودة، إلى مشروع تركز في المقام الأول، على تحقيق هدف الاستقلال في إطار دولة فلسطينية تحددت حدودها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، ثم إلى مشروع راهن على أن تقوم هذه الدولة بعد مرحلة انتقالية من الحكم الذاتي.[13]
ولا بد من الإشارة إلى عودة جذور الوطنية الفلسطينية لبداية القرن العشرين عندما تلمّس الفلسطينيون الخطر الصهيوني على بلدهم وهي تحت الحكم العثماني ثم مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى عندما بدأ تنفيذ مخطط سايكس –بيكو، فلم يعد أمام الفلسطيني إلا أن يعبر عن هويته الوطنية لمواجهة الخطر الذي يهددها وهو الخطر الصهيوني والانتداب البريطاني، آنذاك لم يكن الحديث يدور عن مشروع وطني، بل عن الاستقلال الوطني.[14]
وبناءً على ما سبق تمكنت الحركة الصهيونية خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين من امتلاك ما يزيد عن 30% من مجموع الأراضي الزراعية، وبلغت مساحة ما يمتلكه الصهاينة نهاية فترة الاحتلال عام 1947، 8.2 مليون دونماً، ما يعادل 6% من مساحة فلسطين، البالغة 27 مليون دونماً، في حين لم يزد مجموع الأراضي عند بداية الاحتلال عن 2% فقط.[15]
وعليه عند تتبع نشأة المشروع الوطني الفلسطيني في ظل الانتداب البريطاني نجد أن بريطانيا عملت على هندسة المنطقة بشكل يخدم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، داعمةً القومية اليهودية، وفي المقابل أنكرت من خلال رفضها للحق الفلسطيني وتجاهلت الوجود الفلسطيني كما أنكرت حقهم بتشكيل كيانهم المستقل، مما دفع الفلسطينيين في تلك الفترة للحديث عن الاستقلال الوطني.
واستخلاصاً لما سبق نستطيع القول إن المشروع الوطني الفلسطيني في ظل الانتداب بدأت ملامحه تتشكل لكن اعتمد ذلك على طبيعة الحركة الوطنية وظروف تشكلها وهذا ما سنتناوله في الفقرة الثانية.
ثانياً: تداعيات سياسات الانتداب البريطاني على المشروع الوطني الفلسطيني:
تجدر الإشارة إلى اعتماد بريطانيا على استراتيجية فرق تسد في التعامل مع الأحزاب والحركات السياسية في ذلك الوقت، حيث عملت على تشجيع أحزاب معارضة للحركة الوطنية. [16]
كما عمل الاستعمار البريطاني على إضعاف القيادة الفلسطينية والسيطرة عليها عبر وسيلتين مرتبطة إحداهما بالأُخرى، فقد قامت الوسيلة الأولى على أساس تغذية وتعزيز الصراع العائلي والحزبي، بينما ركزت الوسيلة الثانية على إغراء القيادة الفلسطينية على المشاركة في مشروع إقامة مجلس تمثيلي في البلد يقوم على أساس الصراع بين تلك القيادات.[17]
وعليه أخذت الحركة الوطنية الفلسطينية تشكل قيادتها القطرية، وبدأ ذلك بالفعل عبر المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث سنة 1921، حيث تم انتخاب لجنة تنفيذية فلسطينية برئاسة موسى كاظم الحسيني، وطالب المؤتمر بقيام حكومة فلسطينية مستقلة. وبهذا خرجت القضية الفلسطينية من الإطار القومي العربي العام إلى نطاق القطرية الفلسطينية، وجاء خروجها في ظل أزمات سياسية واقتصادية وثقافية متعددة، كان يعاني منها المجتمع الفلسطيني.[18]
وتجدر الإشارة إلى بروز ثلاث تيارات على ساحة العمل السياسي الفلسطيني وفقاً للتالي:
- تيار الأغلبية بزعامة عائلة الحسيني ممثلة بالحاج أمين الحسيني، ضم هذا التيار الكتل والأفراد المتضررين من المشروع الصهيوني من الراغبين بالتعامل مع بريطانيا بشرط تخلي بريطانيا عن دعمها للمشروع الصهيوني، وكانت زعامة هذا التيار ذات تأثير في الأوساط الريفية.
- تيار المعارضة بزعامة آل النشاشيبي ممثلة براغب النشاشيبي، وضم مئات مماثلة للتيار الأول، إلا أنه كان أشد رغبة في التعاون مع بريطانيا، ولم يتشدد في رهن تعاونه معها بتخليها عن دعم الصهيونية وقدم تساهلاً في هذه المنطقة في بعض الأحيان، وكان تأثير هذا التيار في الأوساط الأكثر تخلفاً والأكثر محافظة.
- التيار الثالث شكله المتعلمون من الفئات الوسطى ممن لم تجتذبهم المعارضة، ولم يقبلوا الموقف الراغب بالتعاون مع بريطانيا أو مهادنتها.[19].
وتأسيساً على ذلك جاءت نشأة الأحزاب الفلسطينية في العشرينيات من القرن العشرين في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب والذي بدوره انعكس على الأداء الحزبي في فلسطين والمشروع الوطني الفلسطيني أيضا، ومن أبرز ملامحه:
- نشأت هذه الأحزاب في ظل حكومة الانتداب.
- نشأت في وقت مر به الوسط العربي والإقليمي بحالة من الاضطراب والفوضى السياسية، ومحاولات إعادة التشكّل كانت محكومة من قبل نظما لا يعوّل عليها كثيراً في مجال العمل الوطني.
ولتوضيح ذلك فقد شهدت مرحلة الثلاثينيات مجموعة من التطورات السياسية ساهمت في تطور الرؤية السياسية لدى الفلسطينيين، كما ساهمت في خلق تعددية حزبية على أسس جديدة، فقد تأكد قادة الحركة الوطنية أن بريطانيا هي العدو الأكبر للشعب الفلسطيني،[20]
ولا بد من التأكيد على أن الحركة الوطنية الفلسطينية قد تبلورت في إطار حقبة زمنية ساهمت في ولادتها هشة وضعيفة، ولم تمكنها من البروز بالشكل اللازم لمواجهة أخطار تلك الحقبة. فقد سعت بريطانيا طوال انتدابها على فلسطين ومن خلال وسائل مختلفة لتقويض مكانة الحركة الوطنية الفلسطينية سواء من خلال إضعاف قيادة الحركة الوطنية الناشئة في حينه، أو من أجل تحقيق وعد بلفور لليهود الأمر الذي أثر بشكل كبير في تماسك الكيانية الفلسطينية ونجاعة مؤسساتها في إطارها وفي ظل مرحلة سياسية شديدة الحساسية.[21]
وبطبيعة الحال عملت بريطانيا بشكل ممنهج على شرعنة وعد بلفور وتوثيقه، كما عرقلت بروز كيانية فلسطينية، وقد ساهمت في إضعاف الموقف الفلسطيني، وخلق حالة من الانقسام بين التوجهات الشعبية الرافضة لسياسات الاحتلال والانتداب البريطاني من ناحية، وبين توجهات القيادة التي وثقت بعهود البريطانيين من ناحية أُخرى، وبالمحصلة أعلنت إسرائيل كيانها في 15/أيار/مايو/1948.[22]
عقب قيام الكيان الإسرائيلي في العام 1948، اتخذت عملية طرد الفلسطيني من أرضه بعداً جديداً فبعد النكبة أصبحت القوة العسكرية والسياسية الإسرائيلية هي العامل الحاسم في المنطقة، وقد ترافق ذلك مع عجز الحكومات العربية من منع عملية الطرد هذه أو عكسها[23]
وعليه بات واضحاً أن الحقيقة القاسية التي واجهها الفلسطينيون مع نهاية حرب 1948 هي أنه لم يعد يوجد لديهم كيان فلسطيني، وقد حاول المفتي جاهداً أن يعلن قيام حكومة عموم فلسطين من قطاع غزة، إلا أن فقدانه إلى ثقة الفلسطينيين جعله عاجزاً عن حشد القوى من أجل المقاومة وقيام الدولة في قطاع غزة الأكثر فقراً، والأكثر عزلة عن غيره. حيث تم اقتطاع فلسطين إلى مناطق نفوذ عربية وبلغت ذروتها عندما قام الملك عبد الله بضم الضفة الغربية، وإضفاء طابع الشرعية على هذا الضم من خلال مؤتمر أريحا الذي حضره وجهاء جرى انتقادهم لهذا الغرض، ووضعت غزة تحت إدارة تشريعية مصرية.[24]
ولا بد من الإشارة إلى أن الصراعات العائلية بدت هي السمة السائدة في ساحة العمل الوطني الفلسطيني في ذلك الوقت مما انعكس سلباً على الواقع السياسي الفلسطيني. وقد طرأ تحوّل خطير على مسار الحركة الوطنية الفلسطينية بدأ من العام 1920، قادها إلى الصراع حول قضايا هامشية على حساب الأداء الوطني العام، وكانت بدايات هذه الظاهرة حيث نشأ الصراع بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي حول رئاسة بلدية القدس، وحول رئاسة مجلس الإفتاء الإسلامي الأعلى وهو الصراع الذي انضم إليه الكثير من القبائل والعائلات الفلسطينية، حيث انحاز عدد من العائلات مع آل الحسيني وانحياز عدد آخر مع آل النشاشيبي ، وغدا التنافس واضحاً بين الطرفين في كل المواقف السياسية اللاحقة حتى قيام ثورة 1936 بل استمر إلى ما بعد ذلك بكثير[25]
وخلاصة القول يمكن تتبع تطور المشروع الوطني الفلسطيني عبر مراحل وتأتي المرحلة الأولى منذ عام النكبة 1948م حتى عام 1964م، في هذه المرحلة أقيمت دولة الكيان الإسرائيلي، وأصبحت الضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية، وأما غزة فوضعت تحت الحكم العسكري المصري، وشكلت حكومة عموم فلسطين والتي كان مقرها القاهرة في هذه المرحلة لم يكون هنالك تمثيل للفلسطينيين بل ضاعت الهوية الوطنية الفلسطينية كما انخرط الشباب الفلسطينيون في العمل الحزبي العربي شعار هذه المرحلة كان الوحدة العربية هي الطريق لتحرير فلسطين، لكن الواقع العربي آنذاك لم يكن قادراً على ترجمة هذا الشعار خاصة بعد قيام بريطانيا وفرنسا والكيان الإسرائيلي باحتلال سيناء وقناة السويس عند تأميم الزعيم جمال عبد الناصر قناة السويس، بالإضافة إلى فشل الوحدة ما بين مصر وسوريا. الواقع العربي في هذه المرحلة فشل في استعادة فلسطين أو تحريرها. ترتب على حرب 1948، تهجير الفلسطينيين، وتمزيق الكيان الفلسطيني، وأدت إلى اختفاء التعبيرات السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية التي نشطت في عهد الانتداب البريطاني، حيث لم يبق من تلك التعبيرات سوى الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسة المفتي أمين الحسيني، التي واصلت نشاطها، في القاهرة أولاً وفي بيروت فيما بعد، لكن من دون أن يكون لنشاطها أي تأثير على تطور الأحداث.[26]
ولا زال الحقل السياسي الفلسطيني يشهد متغيرات عديدة بفعل تداخل القوى الإقليمية والدولية في الشأن الفلسطيني حتى الآن.
الفصل الثاني
تحولات البيئة الإقليمية وأثرها على المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة 1967.
أولاً: هزيمة عام 1967 وتداعياتها على المشروع الوطني الفلسطيني
بادئ ذي بدء شكلت هزيمة حزيران 1967[27]، تحوّل سياسي كبير في القضية الفلسطينية، حيث بدا واضحاً ضعف النظام العربي القطري وعدم قدرته على استعادة وتحرير فلسطين، مما استدعى ضرورة أن يتحمل الفلسطينيين مسؤولية التحرير.
ولا يفوتنا أن ننوه إلى أنه ما زالت تداعيات حرب 1967 مستمرة، إذ يواصل الكيان الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، كما أنه قام بضم القدس والجولان لحدوده، وكان من تبعاتها أيضاً نشوب حرب أكتوبر عام 1973، وفصل الضفة الغربية عن السيادة الأردنية، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991،” بمبدأ الأرض مقابل السلام[28]” الذي ينص على العودة لما قبل حدود الحرب، لقاء اعتراف العرب بالكيان الإسرائيلي. رغم أن دولاً عربية عديدة باتت تقيم علاقات منفردة معه سياسية أو اقتصادية.[29]
ومما لا شك فيه أن هزيمة عام 1967 أفرزت تحولات عدة على المشروع الوطني الفلسطيني في سياق البيئة الإقليمية، إذ ساهمت في تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، مما أنتج تغيرات وتحولات جذرية في بنية منظمة التحرير الفلسطينية بعد تراجع شعبيتها فلسطينياً، فسيطرت عليها فصائل العمل الوطني متخذةً من الكفاح المسلح نهجاً وخياراً استراتيجياً لتحرير فلسطين بالاعتماد على الداخل الفلسطيني المحتل واللاجئين في الدول العربية.
ولا مناص من القول انه بعد هزيمة 1967 وصعود حركة فتح لموقع القيادة في المنظمة، والسيطرة عليها من الفصائل المسلحة، أُعيد النظر في الميثاق القومي وتمت مراجعته وإصداره عام 1968 تحت اسم الميثاق الوطني الفلسطيني، ولم يتغير المشروع الوطني الفلسطيني من ميثاق 1964 إلى ميثاق 1968.
ونستطيع أن نلخص المشروع الوطني الفلسطيني الأول والمعتمد رسمياً من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، السلطة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مجموعة نقاط: يحدد الميثاق فلسطين الجغرافيا، وهوية الشعب الفلسطيني، ثم يضع الهدف الاستراتيجي لهذه المنظمة وهو تحرير الأرض كل الأرض عن طريق الكفاح المسلح، والثورة الشعبية، وإعادة الشعب المهجر إلى مدنه وقراه، وإعطاء هذا الشعب حق تقرير المصير على كل ترابه الوطني، بحيث يعيش الناس في هذا الوطن بدون تمييز قائم على العرق أو الدين أو الجنس، ويؤكد الشعب الفلسطيني أنه يرفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، ويرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تدويلها.[30]
ثانياً: مستجدات البيئة المحلية والإقليمية وانعكاسها على تطور المشروع الوطني الفلسطيني ما بعد هزيمة 1967
ولا بد من الإشارة إلى أن الفترة ما بعد هزيمة حزيران 1967 قد شهدت تحركات عديدة على المستوى العربي، كان أهمها قمة الخرطوم، وتحركات دولية تمثلت بصدور قرارات دولية أهمها القرار 242، ومحاولات تسوية تمثلت بمبادرات ويليام روجرز.
وبطبيعة الحال أسهمت هذه التحولات في إحداث تحولات عربية تجاه المشروع الوطني الفلسطيني أفضت إلى تحوّل الصراع تدريجياً من صراع عربي إسرائيلي إلى صراع فلسطيني إسرائيلي، كما انتهجت المنظمة العمل المسلح كنهج لتحرير فلسطين انطلاقاً من الدول العربية.[31]
لا سيما أنها أدت إلى هزيمة الجيوش العربية، وتبعها تغير في موازيين القوى الإقليمية من جهة، وسعي الدول العربية لاستعادة أراضيها التي احتلها الكيان الإسرائيلي في تلك الحرب من خلال وسائل السلم والحرب من جهة أخرى. مما أدى إلى غياب القضية الفلسطينية عن أجندة تلك الدول وأولوياتها.
وعلاوةً على ذلك شكّل انعقاد قمة الخرطوم في 29/8-1/9/1967 تحولاً واضحاً في العلاقات العربية العربية وفي أساليب إدارة الصراع مع الكيان الإسرائيلي، كما انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية بسبب سقوط اللاءت الأربعة التي نادت بعدم التفرد بأي حل للقضية الفلسطينية دون العودة إلى قمة عربية تشارك بها منظمة التحرير.
وحريٌّ بنا التطرق إلى محاولة شفيق الحوت ممثل المنظمة في المؤتمر إدخال مقترحات المنظمة في القرارات النهائية للمؤتمر، متمثلة بالتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لا صلح ولا تعايش ولا تفاوض مع الكيان الإسرائيلي، ورفض أي حل فيه مساس بالقضية الفلسطينية، ولا تنفرد أي دولة عربية بأي حل متعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أن القرارات النهائية خلت من شرطي عدم الصلح وعدم الانفراد واعترض الشقيري على ذلك، وبناء عليه انسحب الوفد التابع للمنظمة من المؤتمر.[32]
ولا يفوتنا أن ننوه إلى موافقة دول عربية منها الأردن ومصر على القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ22/11/1967، حيث ركز القرار على انسحاب الكيان الإسرائيلي من أراضٍ عربية احتلتها خلال حرب 1967، وإنهاء جميع حالات الحرب مع الاعتراف بوحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها وعيشها بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها.
ومن زاوية أخرى فإن الأحداث التي تبعت القمة والمتمثلة بموافقة دول عربية على القرار 242، الذي أشار في مضمونه إلى انسحاب إسرائيل من أراضٍ احتلتها مقابل توقيع اتفاق سلام مع هذه الدول، ومنها مصر والأردن، كانت بمثابة بدء مرحلة جديدة من التسوية العربية مع إسرائيل، والتي توجت لاحقاً باتفاقي وادي عربة وكامب ديفيد. [33]
وتأسيساً على ذلك بعد حرب عام 1967 التي نتج عنها احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، أصبح الفلسطينيون موحدون جغرافياً تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي كما لم يحدث من قبل في الفترة منذ عام 1948.
ولعله من المفيد أن نبحث نتائج هزيمة حزيران/يونيو1967 على المشروع الوطني الفلسطيني، والتي يمكن تلخيصها على المستوى العربي الرسمي بتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لدى الحكومات العربية التي انشغلت في إصلاح ما خلفته الحرب بعد احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية تابعة لمصر وسوريا والأردن، وظهر ذلك في قمة الخرطوم ومشاريع التسوية المقترحة أمريكياً روجرز، وانتهاءً بالموافقة على القرار 242 الذي شكل أرضية لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وتبعه ملاحقة ومضايقة الأنظمة العربية لمنظمة التحرير التي تبنت نهج الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من الدول العربية.
ومن البديهي انه بعد فشل الوحدة العربية أيقن الفلسطينيون ضرورة الاعتماد على الذات، فبدأ الشباب الفلسطيني بتشكيل مجموعات فلسطينية تحت مسميات مختلفة في بلدان عربية مختلفة، وبسبب واقع وحال العرب في هذه المرحلة تحديدا بعد فشل الوحدة وتأزم العلاقات والخلافات سارعت الدول العربية من خلال جامعة الدول العربية، وباقتراح من الرئيس جمال عبد الناصر إلى تشكيل كيان فلسطيني رسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية تابعة لجامعة الدول العربية، حيث تم تكليف أحمد الشقيري بمهمة تشكيل هذا الكيان.[34]
الخاتمة:
يلاحظ أن الهزيمة أدت إلى تغييرات جذرية على المشروع الوطني الفلسطيني، تمثلت بالسعي نحو الكيانية الفلسطينية التي أحدثت خلافات على القيادة والنهج الذي ستتبعه الفصائل سواء تحت مظلة المنظمة أم خارجها تحقيقاً لأهدافها في تحرير فلسطين، مما أسهم لاحقاً في وجود اختلاف وتفاوت في تعريف فلسطين المطلوب تحريرها وحدودها الجغرافية ، إضافة إلى تعريف من هو الفلسطيني، وأهداف المشروع الوطني بتحرير فلسطين التاريخية، أو الاكتفاء بحدود سنة 1967لإقامة الدولة، انعكس هذا الصراع بين المنظمة والأنظمة العربية المضيفة، التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل فيما بعد، بقبول المنظمة برنامج النقاط العشر في قمة الرباط سنة 1974، التي عدت لاحقاً أرضية لمباحثات التسوية مع إسرائيل وممهداً لتوقيع اتفاق أوسلو، الذي صدر بموجبه الاعتراف الرسمي بدولة الاحتلال، واتباع نهج السلام.
ويمكن اعتبار توقيع اتفاق أوسلو بمثابة اعتراف متأخر من المنظمة بنتائج هزيمة 1967، والتي قامت بموجبه بالتراجع عن نهج الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة وممكنة في ظل هذه التحولات والتداعيات، لتشكل سلطة حكم ذاتي على جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وعليه شكلت حركة فتح التي عملت على تنظيم الشباب الفلسطيني في خلايا سرية صغيرة وأعلنت عن نفسها من خلال إصدار مجلة فلسطيننا في بيروت وبقي الحال كذلك حتى1/1/1965 حيث بدأت العمل العسكري في العملية الشهيرة نفق عيلبون.[35]
وتجدر الإشارة إلى دخول الفصائل المسلحة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وعقد المجلس الوطني الفلسطيني عام 1968 وانتخاب ياسر عرفات رئيساً للمنظمة. وبعقد المجلس الوطني الفلسطيني عام 1973 في القاهرة وتبني النقاط العشر والتي أهمها إقامة دولة فلسطينية على أي أرض فلسطينية تحرر أو يجلو عنها العدو. وقد حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على الاعتراف بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في القمة العربية في الرباط عام 1974، أصبحت في هذه المرحلة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبذلك حسم الصراع على تمثيل الشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من التعدد الحزبي في فلسطين، حيث بلغ مجموع الأحزاب الفلسطينية حوالي 15 حزب سياسي، إلا أن ظاهرة التنافس العائلي الذي شهدها العمل السياسي الفلسطيني، إضافة إلى دور بريطانيا في تمزيق المجتمع الفلسطيني وتشويه وعيه، أدى كل ذلك للإضرار بالعمل الوطني الفلسطيني ومشروعه. وما إفشال ثورة 1936 إلا تأكيد على توظيف المصالح الشخصية على حساب المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني، مما انعكس سلباً على المشروع والعمل الوطني الفلسطيني.
وبناء على ذلك يمكن تلخيص التحديات التي واجهت المشروع الوطني الفلسطيني في ضوء هذه المستجدات بالتالي:
- صراعات عائلية.
- انقسام المجتمع الفلسطيني.
- قيام الكيان الإسرائيلي.
- التهجير.
- وهن وضعف الأنظمة العربية.
- ضياع الكيان الفلسطيني وتقسيمه أراضي أقيم عليها الكيان الإسرائيلي والضفة الغربية تابعة للأردن وقطاع غزة للجانب المصري.
بناءً على ما سبق نستنتج واقع المشروع الوطني الفلسطيني في هذه المرحلة والتي يتلخص بضياع الهوية الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني، وتحوّل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى قضية إنسانية على المستوى الدولي، ونشوء فراغ سياسي لدى الشعب الفلسطيني استمر لمدة عقد ونصف في ظل حالة الضعف العربي وعجزه عن دفع العدوان الصهيوني عن فلسطين والأراضي العربية.
بعد النظر إلى واقع الحركة والعمل السياسي الفلسطيني في الفترة التي سبقت قيام منظمة التحرير الفلسطينية، في محاولة لبلورة مشروع وطني فلسطيني، وتشكيل كيان فلسطيني، فكانت الهيئة العربية العليا، ثم حكومة عموم فلسطين، نلاحظ ارتهانها بالأوضاع العامة في المنطقة العربية، حيث جاءت في إطار التحولات في البيئة الإقليمية عبر تنظيماتها السياسية والحزبية من قومية وناصرية وبعثية، وتأثرت بها مما أدى إلى عجزها فجاءت فكرة إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتحمل عبء القضية الفلسطينية عن كاهل هذه الأنظمة.
المراجع
ابراش، ابراهيم.البعد القومي في القضية الفلسطينية بين الماضي والحاضر 18/8/2022
ابراش،ابراهيم. الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المشروع الوطني، مجلة الدراسات الفلسطينية،مؤسسة الدراسات الفلسطينية، العدد 78، ربيع 2009.
ابراش،ابراهيم. المشروع الوطني الفلسطيني:التباسات التأسيس وتحديات التطبيق ،3/4/2009 https://palnation.org
ابو ركبة، طلال التحولات السياسية في فلسطين وتداعياتها على قيم التسامح في المجتمع الفلسطيني،1994-2014،جامعة الازهر،فلسطين،رسالة ماجستير.
بشارة،عزمي. ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله، العربي الجديد،16/نوفمبر/2015https://www.alaraby.com.uk/opinion /2015/11/15
حرب حزيران/1967/وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية
حسن المدلل ،وليد ود.عدنان عبد الرحمن أبو عامر، دراسات في القضية الفلسطينية، جامعة الأمةللتعليم المفتوح، الطبعة الأولى ،1434-2013م
حسين، حمدي أحمد علي ، بدر، أشرف عثمان ، تداعيات حرب سنة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني، مركز الزيتونةللدراسات والاستشارات بيروت-لبنان، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
الحسيني،سنية. تشكل الكيانية الفلسطينية، /5يوليو /2022 https://www.palestineforum.net
الحوت، شفيق. عشرون عاماً في منظمة التحريرالفلسطينية: أحاديث الذكريات(1964-1984)بيروت: دار الاستقلال للدراسات والنشر،1986.
زيداني، سعيد.تأملات خريفية حول ركائز المشروع الوطني الفلسطيني، وكالة معا،2/11/2021 ، https://www.maannews.net/articales/2053160>html
سلامة ،عبد الغني ،.عن المشروع الوطني الفلسطيني، شبكة نووى الاخبارية متاح على الرابط:Https://www.nawa.ps التاريخ 22/7/2024
شبيب، سميح.التشكلات السياسية الفلسطينية وتكويناتها الاقتصادية- الاجتماعية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين1920-1948، دراسات سياسية دراسات وأبحاث. Https://www.prc.ps
الشريف،ماهر .المشروع الوطني الفلسطيني تطوره ومأزقه ومصائره، مجلة الدراسات الفلسطينية ،العدد 131،صيف2022
الشريف،ماهر. خمسون عاماً على قيام منظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
صيام،عبد الحميد. حول المشروع الوطني وحمايته- أسئلة بريئة ، 8/يوليو/2021 https://www.alquds.co.uk
- قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني الجزء الثاني الكولونيالية الاستيطانية وإعادة تصور مستقبل المشروع الوطني، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مجموعة مؤلفين، الطبعة الأولى،بيروت آذار/مارس/2016 الفصل السابع عشر.
المشروع الوطني الفلسطيني:واقع وتطلعات، عمادة البحث العلمي والدراسات العليا ، جامعة القدس المفتوحة، فلسطين:رامالله:2013
المشروع الوطني الفلسطيني، مركز دراسات الشرق الاوسط الاردن،الاثنين 27/شباط فبراير 2023
- عبد الغني سلامة ، عن المشروع الوطني الفلسطيني، شبكة نووى الاخبارية متاح على الرابط:https://www.nawa.ps التاريخ 22/7/2024 ↑
- د. ابراهيم ابراش، المشروع الوطني الفلسطيني:التباسات التأسيس وتحديات التطبيق ،3/4/2009 https://palnation.org ↑
- ابراهيم ابراش، الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المشروع الوطني، مجلة الدراسات الفلسطينية،مؤسسة الدراسات الفلسطينية،العدد 78، ربيع 2009،ص5 ↑
- المشروع الوطني الفلسطيني، مركز دراسات الشرق الاوسط الاردن،الاثنين 27/شباط فبراير 2023،ص4 ↑
- ابراهيم ابراش، البعد القومي في القضية الفلسطينية بين الماضي والحاضر 18/8/2022 ↑
- ماهر الشريف.المشروع الوطني الفلسطيني تطوره ومأزقه ومصائره،مجلة الدراسات الفلسطينية ،العدد 131،صيف2022 ↑
- عزمي بشارة، ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله، العربي الجديد،16/نوفمبر/2015https://www.alaraby.com.uk/opinion /2015/11/15 ↑
- د. ابراهيم ابراش، المشروع الوطني الفلسطيني:التباسات التأسيس وتحديات التطبيق ،3/4/2009 https://palnation.org ↑
- د. سعيد زيداني، تأملات خريفية حول ركائز المشروع الوطني الفلسطيني، وكالة معا،2/11/2021 ، https://www.maannews.net/articales/2053160>html ↑
- طلال ابو ركبة،التحولات السياسية في فلسطين وتداعياتها على قيم التسامح في المجتمع الفلسطيني،1994-2014،جامعة الازهر،فلسطين،رسالة ماجستير،ص59 ↑
- قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني الجزء الثاني الكولونيالية الاستيطانية وإعادة تصور مستقبل المشروع الوطني، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مجموعة مؤلفين، الطبعة الأولى،بيروت آذار/مارس/2016 الفصل السابع عشر ↑
- سنية الحسيني، تشكل الكيانية الفلسطينية، /5يوليو /2022 https://www.palestineforum.net ↑
- ماهر الشريف.المشروع الوطني الفلسطيني تطوره ومأزقه ومصائره،مجلة الدراسات الفلسطينية ،العدد 131،صيف2022 ↑
- د. ابراهيم ابراش، المشروع الوطني الفلسطيني:التباسات التأسيس وتحديات التطبيق ،3/4/2009 ↑
- د.وليد حسن المدلل ود.عدنان عبد الرحمن أبو عامر، دراسات في القضية الفلسطينية، جامعة الأمةللتعليم المفتوح، الطبعة الأولى ،1434-2013م ص54 ↑
- طلال ابو ركبة،التحولات السياسية في فلسطين وتداعياتها على قيم التسامح في المجتمع الفلسطيني،1994-2014،جامعة الازهر،فلسطين،رسالة ماجستير،ص59 ↑
- سنية الحسيني، تشكل الكيانية الفلسطينية، /5يوليو /2022 https://www.palestineforum.net ↑
- سميح شبيب، التشكلات السياسية الفلسطينية وتكويناتها الاقتصادية- الاجتماعية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين1920-1948، دراسات سياسية دراسات وأبحاث. https://www.prc.ps ↑
- سميح شبيب، المرجع السابق، ص61-62 ↑
- سميح شبيب، التشكلات السياسية الفلسطينية وتكويناتها الاقتصادية- الاجتماعية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين1920-1948، دراسات سياسية دراسات وأبحاث. https://www.prc.ps ،ص60 ↑
- سنية الحسيني، تشكل الكيانية الفلسطينية، /5يوليو /2022 https://www.palestineforum.net ↑
- المرجع السابق ↑
- سميح شبيب، التشكلات السياسية الفلسطينية وتكويناتها الاقتصادية- الاجتماعية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين1920-1948، دراسات سياسية دراسات وأبحاث. https://www.prc.ps،ص63 ↑
- سميح شبيب، المرجع السابق،ص63 ↑
- سميح شبيب، التشكلات السياسية الفلسطينية وتكويناتها الاقتصادية- الاجتماعية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين1920-1948، دراسات سياسية دراسات وأبحاث. https://www.prc.ps ،ص60 ↑
- ماهر الشريف، خمسون عاماً على قيام منظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية. ↑
- حرب حزيران أو حرب الأيام الستة، هي صدامات عسكرية وقعت بين إسرائيل وكل من : مصر، وسوريا، والأردن، وبمساعدة لوجستية من: لبنان، والعراق،والجزائر، والسعودية، والكويت، في الفترة الواقعة بين الخامس من حزيران والعاشر منه عام 1967، ونتج عنها احتلال اسرائيل شبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة،والضفة الغربية،وهضبة الجولان.راجع الموقع https://info.wafa.ps/ar-page.aspx?id=2220 ↑
- ↑
- حرب حزيران/1967/وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية
- عبد الحميد صيام، حول المشروع الوطني وحمايته- أسئلة بريئة ، 8/يوليو/2021 https://www.alquds.co.uk ↑
- حمدي أحمد علي حسين، أشرف عثمان بدر، تداعيات حرب سنة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني، مركز الزيتونةللدراسات والاستشارات بيروت-لبنان، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.ص12 ↑
- شفيق الحوت،عشرون عاماً في منظمة التحريرالفلسطينية:أحاديث الذكريات(1964-1984)بيروت:دار الاستقلال للدراسات والنشر،1986 ص168-175 ↑
- حمدي أحمد علي حسين، أشرف عثمان بدر، تداعيات حرب سنة 1967 على المشروع الوطني الفلسطيني، مركز الزيتونةللدراسات والاستشارات بيروت-لبنان، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.ص13 ↑
- المشروع الوطني الفلسطيني:واقع وتطلعات، عمادة البحث العلمي والدراسات العليا ، جامعة القدس المفتوحة ،فلسطين:رامالله:2013ص41 ↑
- المشروع الوطني الفلسطيني:واقع وتطلعات، عمادة البحث العلمي والدراسات العليا ، جامعة القدس المفتوحة ،فلسطين:رامالله:2013ص43 ↑