الوساطة الجنائية بين غياب النص وآفاق التطبيق – الدكتور : الشرقاوي القرقار
الدكتور : الشرقاوي القرقار أستاذ محاضر -كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية قلعة السرغنة عضو مختبر القانون والعدالة
الوساطة الجنائية بين غياب النص وآفاق التطبيق
Criminal Mediation: Between the Absence of a Text and the Prospects for Implementation
الدكتور : الشرقاوي القرقار
أستاذ محاضر -كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية قلعة السرغنة عضو مختبر القانون والعدالة
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665
الملخص:
تناولت هذه الورقة البحثية أهمية الوساطة الجنائية وموقعها ضمن السياسة الجنائية الحديثة، المرتكزة على المصالحة عوض العقاب، والتأهيل عوض التنكيل بالجاني. وتبحث كذلك عن امكانية تطبيقها، ومدى توفر شروطها ودعوة المشرع المغربي الى التنصيص عليها ضمن قانون المسطرة الجنائية.
فالوساطة الجنائية هي توجه جديد في السياسة الجنائية الحديثة، وبديل للدعوى العمومية إذا ما سلمنا أن هذه الأخيرة لم تعد الوسيلة الوحيدة لمكافحة الاجرام ومعالجة الظاهرة. فهناك حالات كثيرة تدعو الى تطبيق الصلح الجنائي القائم على الحوار والتفاهم بين ارادتي الجاني والمجني عليه، لتصحيح اثار الجريمة والمساعدة في ادماج وتأهيل مرتكبها خارج القواعد قانون المسطرة الجنائية المألوفة، ولإسعاف العدالة الجنائية في تخطي أزمتها.
لذلك أقرت جل التشريعات الجنائية آلية الوساطة الجنائية بالنظر لما تحققه من نتائج مهمه على مستوى فض النزاعات، تتجاوز ما يمكن أن تصل إليه القواعد الإجرائية والمتمثلة في وسيله الدعوى العمومية.
الكلمات المفتاحية:الوساطة الجنائية-السياسة الجنائية الحديثة-أزمة العدالة الجنائية -بدائل الدعوي العمومية
Abstract :
This research paper addresses the importance of criminal mediation and its position within modern criminal policy, which is based on reconciliation instead of punishment and rehabilitation instead of harassing the offender. It also examines the feasibility of its implementation, the extent to which its conditions are met, and the Moroccan legislator’s call to include it in the Criminal Procedure Code.
Criminal mediation is a new trend in modern criminal policy and an alternative to public prosecution, given that the latter is no longer the sole means of combating crime and addressing the phenomenon. There are many cases calling for the implementation of criminal reconciliation based on dialogue and understanding between the will of the offender and the victim. This aims to correct the effects of the crime, assist in the integration and rehabilitation of the perpetrator outside the usual rules of criminal procedure, and assist criminal justice in overcoming its crisis.
Therefore, most criminal legislation has established the mechanism of criminal mediation, given the important results it achieves in resolving disputes, which go beyond what procedural rules, represented by public prosecution, can achieve.
Keywords :Criminal mediation, modern criminal policy, criminal justice crisis, alternatives to public prosecution.
مقدمة:
بعد أن أبانت التجربة العملية عن فشل السياسة الجنائية في ضبط ظاهرة الاجرام، ونتج عنها أزمة للعدالة الجنائية بدأ التفكير في ايجاد حلول لهذه المشاكل. بنهج سياسة جنائية حديثة تقوم على مبادئ جديدة، تروم بالأساس حماية أفراد المجتمع وذلك بالتقليل من التجريم وعدم الافراط فيه، وفي العقاب القائم على الايلام، مع ضرورة التلطيف من بعض الاجراءات المسطرية والنحي في اتجاه التسريع بهاته المساطر، وعدم الاغراق في الشكليات الإجرائية التي تعرقل وتعطل العدالة…
وبهذا فقد كان البحث عن وسائل بديلة للدعوى العمومية في فض النزاعات هدف أساسي لتخطي أزمة العدالة الجنائية، اذ تم التركيز على بعض من هذه الوسائل من قبيل الصلح الذي يبقى أهم وأوسع نطاق لبدائل الدعوى العمومية.
وإلى جانب الصلح الجنائي الذي عرف تطبيقا واسع المجال في كافة الأنظمة الجنائية، هناك وسيلة بديلة عن الدعوى العمومية وفريدة تتسم بخصوصيات ولها مميزات وتعطي نتائج إيجابية، ونقصد هنا الوساطة الجنائية، لأنها نابعة من المبادئ الاجتماعية والقواعد المجتمعية، وتؤكد بصدق عن العدالة التصالحية التوافقية القائمة على التعايش والتجانس والتعاضد.
ونزولا عند أهمية آلية الوساطة الجنائية في تكريس العدالة الجنائية التصالحية، يستلزم منا الأمر هنا التعرض لهذا الموضوع من زاوية البحث عن موقع الوساطة الجنائية في السياسة الجنائية الحديثة (المبحث الثاني)، وقبلها نتطرق الى ماهيتها وطبيعتها القانونية (المبحث الأول).
المبحث الأول: ماهية الوساطة الجنائية
لقد كانت الوساطة سلوكا في النفس البشرية قبل أن تصبح قانونا يهدف إلى فض النزاعات التي تنشأ بين الأفراد، ولهذا أقرت عدة تشريعات مقارنة نظام الوساطة الجنائية كآلية لحسم النزاعات بين الخصوم إلى جانب اعتماد الدعوى العمومية، لأن من شأن ذلك تجنب الأطراف التعقيدات الإجرائية والبطء المسطري وطول الشكليات الذي قد تضيع معها حقوقا أخرى ويهدر الزمن القضائي[1].
يمكن القول إن الوساطة الجنائية على ضوء العديد من التجارب المقارنة، وكذا اهتداء بالممارسة العملية للوساطة في الدعوى المدنية أو ما يعرف بالوساطة الاتفاقية التي أثبتت نجاحا واسعا، أنها – الوساطة الجنائية- بديل للدعوى العمومية خصوصا في جرائم معينة تتميز في الغالب بضآلة خطورتها وقلة جسامتها، وإن كان أن الجرائم جميعها فعل مرفوض وسلوك مذموم يمس المجتمع[2].
والوساطة باعتبارها وسيلة لتسوية المنازعات تبقى من المفاهيم القانونية الحديثة التي ساهمت في التأسيس لعدالة جنائية تفاوضية، وعقد عليها الأمل لكي تكون خيارا بين المتابعة لتوقيع العقاب وبين حفظ الملف[3].
وأمام هذا الدور الذي يمكن أن تضطلع بين الوساطة الجنائية حري بنا لمقاربة ماهيتها التعرض للمطالب التالية:
المطلب الأول: مفهوم الوساطة الجنائية ونشأتها
من بين أهم مظاهر انفتاح العدالة الجنائية على الوسائل البديلة لفظ المنازعات هو تبني والعمل بالوساطة الجنائية, التي وازاه اهتمام بالغ من طرف المهتمين بالشأن القانوني والباحثين وعموم رجال القانون, بفعل الأدوار الأساسية التي تلعبها في التصدي لسلبيات العدالة الجنائية, وما تتخبط فيه من أزمات[4] ,وهذه الأدوار أهمها إصلاح الجاني وتهذيبه ثم دمجه في المجتمع بشكل سلس، ناهيك عن ما يرصد من تعويض للضحية لجبر ما لحقه من ضرر جراء الجريمة, بالإضافة إلى مساعدة العدالة وأجهزتها وإعادة بناء صرح متين للعلاقات الاجتماعية, وتقليص نسب العود إلى حضن الجريمة.
والوساطة الجنائية ليست كما قد يتراءى للبعض أنها حديثة، ولكن كانت موجودة منذ أمد بعيد وعرفتها المجتمعات القديمة وأخدت في التطور إلى أن وصلت إلى ماهي عليه الآن، وهو ما يدفعنا للبحث في هذه المحطات التاريخية لنشأة الوساطة الجنائية (الفقرة الثانية)، بعد أن نبرز في (الفقرة الأولى) مفهومها.
الفقرة الأولى: مفهوم الوساطة الجنائية
الوساطة الجنائية هي نظام أو وسيلة إجرائية يلجأ لها الأطراف في الدعوى العمومية لفض نزاعاتهم تجنبا لبطء الإجراءات الشكلية التقليدية، وأملا في إرجاع الاستقرار التي اختل بأطراف الجريمة، وإذا كانت التشريعات على اختلافها قد أخدت بالوساطة الجنائية ليس كما كان الأمر في السابق قبل تشكل الدولة الحديثة، ولكن تبنتها داخل نطاق القضاء، حيث حاولت هذه التشريعات وضع تعريف للوساطة الجنائية(أولا)، ونفس الأمر بالنسبة للفقه الذي تعددت تعاريفه (ثانيا).
أولا: التعريف القانوني للوساطة الجنائية
إن القاعدة العامة في كل التشريعات هي عدم تعريف المفاهيم، لأن ذلك ليس من اختصاص القاعدة القانونية، بل هو عمل أصلي للفقه. ففي بعض الأحيان يصبح الأمر مخالفا لذلك، ويكون المشرع ملزما بتعريف مفهوم معين، لأن المصلحة العامة الواجبة من وراء هذا التعريف أو ذاك.
دأبت بعض التشريعات إلى تعريف الوساطة، من ضمنها مجلة الإجراءات الجنائية التونسية في الباب التاسع المعنون ب “الصلح بالوساطة في المادة الجزائية” بموجب القانون رقم 93 لسنة 2002، وعرفتها مع ذكر أهدافها في المادة 113 من القانون رقم 92 المؤرخ في 9 نونبر 1995 المتعلق بمجلة حماية الطفل وجاء فيها: “الوساطة آلية ترمي إلى ابرام صلح بين الطفل الجانح ومن يمثله قانونا وبين المتضرر أو من ينوب عنه أو ورثته وتهدف إلى إيقاف مفعول التتبعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ”[5].
أما المشرع الفرنسي فقد دأب الى تعريف الوساطة الجنائية في المادة 1-131 من قانون المسطرة المدنية والتي جاءت فيها:
« le juge saisi d’un litige peut, après avoir recueilli l’accord des parties, désigner une tierce personne afin d’entendre les parties et de confronter leur points de vue pour leur permettre de trouver une solution au conflit qui les oppose ».[6]
في حين أن المشرع المغربي مثل بعض التشريعات المقارنة الأخرى سواء الأجنبية أو العربية لم يعمد إلى تعريف للوساطة[7] ، مع تسجيل غياب لقانون خاص بأحكام الوساطة الجنائية، لكنه يتوفر على قانون ينظم أحكام الوساطة في المجالات غير الجنائية نقصد هنا القانون رقم 95.17[8].
ثانيا: التعريف الفقهي للوساطة الجنائية
إذا كانت التشريعات الجنائية المقارنة قد انقسمت حول تلك التي بادرت الى تعريف الوساطة الجنائية، والتشريعات التي لم تعرف المفهوم وهذا الأمر يبقى استثنائيا، لأن مهمة تعريف المفاهيم هي من صميم اختصاص الفقه.
وهكذا فقد عرف البعض الوساطة الجنائية بأنها إجراء يتوسط بمقتضاه شخص محايد (الوسيط) إلى التقريب بين طرفي الخصومة الجنائية بغية السماح لهما بالتفاوض على الآثار الناشئة عن الجريمة وإنهاء النزاع الواقع بينهما[9] .
وعرفها جانب أخر بأنها وسيلة اختيارية غير ملزمة لحسم الخلافات، يلجأ بموجبها الأطراف إلى طرف ثالت يلعب دور الوسيط في محاولة لحسم الخلافات عن طريق فحص طلبات وادعاءات الأطراف ويساعدهم في التفاوض لحسم النزاع[10].
وعموما يمكن تعريف الوساطة الجنائية بأنها إجراء يقبل بموجبه أطراف المنازعة تدخل طرف ثالث، من صفاته أن يكون غير منحاز وحيادي، بهدف مساعدتهما الوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، ويكون هذا الاجراء أي الوساطة قبل تصرف النيابة العامة في الدعوى العمومية أو الحكم فيها.
ويمكن تعريف الوساطة الجنائية بأنها الاجراء الذي بموجبه يحاول شخص ثالث من الغير بناء على اتفاق الأطراف بوضع حل لحالة الاضطراب التي أحدثتها الجريمة عن طريق حصول المجني عليه على تعويض كافي للضرر الذي حدث له.
وبتعبير آخر الوساطة الجنائية هي حالة بحث عن حل تفاوضي بين أطراف نزاع متولد عن جريمة بفضل تدخل الغير[11] وهو ما يطلق عليه بالوسيط[12].
الفقرة الثانية: نشأة الوساطة وتطورها
الوساطة الجنائية هي أسلوب تتلاقى فيه إرادة المتهم وإرادة المجني عليه لإنهاء المنازعات الجنائية، بطريقة حبية أو ودية. ويعد الصلح[13] اللبنة الأساسية لنشأة الوساطة عموما، لكن لا بد من الاعتراف أن الشريعة الإسلامية هي أول من أقر فكرة الوساطة الجنائية (أولا)، ثم تلتها فيما بعد القوانين الوضعية (ثانيا).
أولا: الوساطة الجنائية في الشريعة الإسلامية
لقد أكدت الشريعة الإسلامية على ضرورة الأخذ بالوساطة الجنائية عند حدوث نزاع ذو طبيعة جنائية، وأقرت النهج الرضائي أكثر من أربعة عشر قرنا، مصداقا لقوله تعالى “وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ [14]”
وعلى نفس المنوال أكدت السنة النبوية الشريفة في الحديث النبوي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال “العلم جائز بين المسلمين إلا صلح حرم حلالا أو أحل حراما[15]”
وبهذا فلإسلام يعد بحق أول من عرف فكرة الوساطة بمفهومها الفقهي المعمول به حديثا في مختلف القوانين الوضعية[16]. لأن الفكر الإسلامي كان سباقا إلى نسج ثقافة قوامها التصالح وترسيخ المبادئ البديلة للزجر والعقاب القائم على الإيلام والعقاب[17].
ثانيا: الوساطة الجنائية في القانون الوضعي
إن الوساطة الجنائية ليست نظاما، وإنما فكرتها ترجع إلى المراحل السابقة للمجتمعات القديمة، و أهم استعمال للوساطة الجنائية في البلاد الإسلامية كان من خلال تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية حسب ما تعرضنا له في النقطة أعلاه. ثم تكريسها لاحقا في القوانين الوضعية، بعد ما تحسس واضعي القوانين والساهرين على تطبيقه بأهمية الوساطة كحل بديل عن الدعوى العمومية في ظل الأزمة التي باتت تعرفها السياسة الجنائية.
وأكثر من هذا تعالت الأصوات الداعمة لهذا الاتجاه لتقليص وتقليل العدد الكبير والمفرد للدعاوى المرفوعة أمام الجهات القضائية.
وقد انتشر تطبيق الوساطة الجنائية أولا في الأنظمة الأنجلوسكسونية، لينتقل العمل بها داخل الأنظمة العربية. هذا التوجه القاضي بضرورة الاستعانة بالوساطة الجنائية عوض الدعوى العمومية[18].
كما كان للمجلس الأوروبي الفضل في التأثير على إعمال الوساطة الجنائية من خلال اصدار توصية سنة 1987، وتوصية سنة 1989 التي تقضي بتطوير الإجراءات غير القضائية في نطاق القانون الجنائي ومنها الوساطة الجنائية، إلا أن أهم هذه التوصيات نذكر التوصية رقم 99 الصادرة في 1999/09/15 التي تروم حث الدول الأوروبية على تطبيق الوساطة في تشريعاتها الوطنية[19].
وتعد تجربة الوساطة الجنائية في فرنسا من أهم في القوانين الوضعية الأوروبية، بدأت سنة 1985 وكانت تسمى بالتوفيق وليس الوساطة الجنائية، تلتها بلجيكا سنة 1992 وطبقت سنة 1994[20].
أما التشريعات العربية فهي الأخرى عرفت تطبيقا للوساطة الجنائية، وهكذا يعد القانون التونسي نموذجا في هذا الإطار، ابتداء من سنة 2002، والقانون البحريني سنة 2020 ويليه القانون العراقي سنة 2010[21].
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للوساطة الجنائية
وفي سياق الدور الكبير الذي تضطلع به الوساطة الجنائية ضمن باقي الوسائل القانونية المتاحة لفض النزاعات يلزمنا طرح تساؤل يهم الطبيعة القانونية للوساطة الجنائية، وهناك من الآراء من قال أن الوساطة هي وسيلة إجرائية لها طبيعة إدارية، وفي نفس الآن انقسم هذا الرأي ليدافع على كون الوساطة الجنائية ذات طبيعة اجتماعية، وأنها مثل الصلح او صورة منه. لكن الرأي الأخير ذهب أبعد من سابقيه واعتبر الوساطة الجنائية بديل مهم من بدائل الدعوى العمومية.
وفيما يلي نفصل في هذه النقط المتعلقة بالطبيعة القانونية للوساطة الجنائية.
الفقرة الأولى: الوساطة صورة من صور الصلح الجنائي
جاءت السياسة الجنائية الحديثة بمجموعة من البدائل أهمها والتي تبقى الأكثر اعتمادا من طرف النيابة العامة في كل الأنظمة نجد الصلح الجنائي، والهدف من ذلك بالأساس هو أن السياسة الجنائية الحديثة تعمل بل تقتضي التحول من العدالة القسرية التقليدية المبنية على العقاب واعتناق النمط التصالحي، وداخل نفس الموضوع وجدت الوساطة الجنائية إلى جانب الصلح الجنائي[22] واعتبارها آلية لتجسيد فكرة العدالة التفاوضية والتصالحية.
ولهذا فالصلح الجنائي والوساطة الجنائية يعتبران من الوسائل الحديثة لحل النزاعات الجنائية أساسها يقوم على مبدأ الرضائية وموافقة الأطراف.
وقد انقسم بخصوص هذه النقطة المتعلقة بالطبيعة القانونية الفقه، و اعتبر البعض الوساطة الجنائية مماثلة للصلح المدني[23] ، فهي لا تؤدي الى اقصاء الدعوى العمومية، هذا القول الذي بناه هذا الاتجاه الفقهي هو اعتبار الوساطة الجنائية تصرف قانوني يتضمن التقاء ارادتي كل من المتسبب في الجرم ومن وقعت عليه الجريمة, بهدف تسوية الأضرار التي خلقتها هذه الأخيرة والشيء الذي تم وصفه بمثابة عقد بين الجاني والمجني عليه لإنهاء النزاع في شقه المدني.
لكن ليس هذا الرأي هو الوحيد، بل برز رأي فقهي أخر يعتبر أن الوساطة الجنائية بمثابة صلح جنائي ينجمه عند سلوكه سقوط الدعوى العمومية كحق أصيل للنيابة العامة، ويبرر موقفه هذا الرأي على كون الصلح الجنائي والوساطة الجنائية من الوسائل غير التقليدية لإنهاء النزاعات الناجمة عن الجرم البسيط، غايته حصول الضحية على تعويض عادل يؤديه مرتكب الجريمة جبرا للضرر، وفي نفس الوقت يتم تجنب طول المساطر الإجرائية وتعقيداتها وويلات الحبس[24].
الفقرة الثانية: الطبيعة الادارية والاجتماعية للوساطة الجنائية.
وتوصف الوساطة الجنائية بطبيعتها الاجتماعية لأنها نموذج للتنظيم الاجتماعي وتسعى من ضمن ما تسعى إليه بلوغ السلم والأمن الاجتماعيين ومساعدة أطراف النزاع على تسوية نزاعاتهم بطريقة ودية حبية بعيدا عن الاجراءات الجنائية التقليدية[25].
ونفس هذا الرأي دافع عن اجتماعية الوساطة الاجتماعية بقوله أنها طريقة ووسيلة لتنظيم الحياة الاجتماعية، ودون أن نسقط عليها الصفة الجنائية لأن مجال ونطاق تطبيقها هو المنازعات ذات الطبيعة الزجرية[26].
لم يقف أصحاب هذا الرأي عند اعتبار الوساطة الاجتماعية ذات طبيعة اجتماعية بل كذلك ذات طبيعة إدارية، ومنطلق هؤلاء هو عدم الاعتراف للوساطة الجنائية بطبيعة العقد، وإنما هي إجراء من الإجراءات المسطرية التي تتخذها سلطة الاتهام في ممارسة الدعوى العمومية، فالوساطة الجنائية لا تنهي النزاع رغم اتفاق أطرافها بل لا بد والحالة هاته من ضرورة صدور قرار للنيابة العامة يقتضي بحفظ الدعوى العمومية أو سقوطها للوساطة كما هو الأمر بالنسبة للصلح الجنائي.
وهناك مبرر آخر يستند عليه هذا الرأي مفاده أن الوساطة الجنائية ورغم التراضي بين أطرافها لا بد من خضوعها للسلطة التقديرية للنيابة العامة في إطار إعمالها لمبدأ سلطة الملائمة[27].[28]
الفقرة الثالثة: الوساطة الجنائية من بدائل الدعوى العمومية
عندما ترتكب جريمة ينتج عنها حقان، الأول للمجتمع والثاني للضحية الذي وقعت عليه الجريمة، فالمجتمع أوجد له المشرع وسيلة الدعوى العمومية التي تمارسها النيابة العامة كحق عام، أما الضحية فقد مكنه المشرع لاقتضاء حقوقه المدنية من وسيلة الدعوى المدنية التابعة حسب ما جاء في المواد 7، 8، 9، 11، 12 من قانون المسطرة الجنائية.
وجاءت الوساطة الجنائية لتكون بديلا عن الدعوى العمومية ولتحقق نوعا من العدالة التي ظلت غائبة ومتعثرة. ويؤسس أنصار هذا الاتجاه رأيهم على كون الوساطة الجنائية هي من طبيعة الصلح الجنائي على الرغم من بعض الاختلافات المتعلقة بالأثر، والوساطة الجنائية عند ممارستها وفق الشكل الذي يتطلبه القانون وعند إصدار قرار من طرف النيابة العامة يؤكد ذلك، فإن الدعوى العمومية القائمة تسقط أو تحفظ، أو بتعبير آخر الوساطة الجنائية هي جزء من الإجراءات الجنائية وإحدى الوسائل المتاحة لإدارة الدعوى العمومية[29].
المطلب الثالث: أطراف الوساطة الجنائية
إن اعمال الوساطة الجنائية واعتمادها كوسيلة بديلة لإنهاء النزاع الجنائي تستدعي ضرورة تفعيل مشاركة أطراف النزاع في إنجاح الوساطة، وإدارة الدعوى العمومية إلى جانب جهاز النيابة العامة من خلال الاتفاق على الحل الرضائي التصالحي، حيث يلعب كل الطرفين دورا هاما.
ولا يقتصر الأمر على طرفي النزاع فحسب وممثل النيابة العامة الذي يراقب إجراءات الوساطة الجنائية، بل لا بد من طرف آخر يسمى الوسيط، وإن كان في بعض الأنظمة القانونية المقارنة يلعب هذا الدور أحد أعضاء النيابة العامة[30]، وهو احتكار لمهمة الوسيط عكس ما يعمله في الوساطة الاتفاقية الخاصة بالقانون المدني وقانون الأعمال. لأن نجاح الوسيط في أداء دوره يمثل الدعامة الأساسية لنظام الوساطة، وكذا سيستدعي الأمر توافر لديه الروح الإنسانية والرغبة في خدمة المجتمع وحل مشاكله وأن تكون لديه القدرة على ايجاد الحلول العملية.
الفقرة الأولى: النيابة العامة
تشكل النيابة العامة باعتبارها جهاز قضائي صمام الأمان والوصية على الدفاع حقوق المجتمع وحقوق باقي الأفراد فهي صاحبة الولاية العامة في تحريك المتابعة ضد مرتكبي الجرائم وممارسة الدعوى العمومية[31].
ومادام أن النيابة العامة هي الجهة المختصة بالاتهام وإقامة الدعوى العمومية ومراقبتها فإنه بالموازاة مع ذلك تعتبر طرفا أساسي ورئيسي في الوساطة الجنائية، وتلعب دورا حاسما في انجاحها[32]، لأنها هي من خول لها قانونا تقدير إمكانية حل النزاع بسبب سلوك آلية الوساطة الجنائية وأنها هي من تعين الوسيط، وتحدد نطاق مهامه زمانيا وموضوعا، وتراقب عمله وباقي المراحل التي تمر منها الوساطة وتقدير نجاحها من فشلها[33]. فالنيابة العامة هي أهم أطراف الوساطة الجنائية هي من تقدرها ومن تراقبها وتعيين الوسيط. أي تتدخل في كل تفاصيل ومراحلها.
الفقرة الثانية: الوسيط
إن الوساطة الجنائية كآلية بديلة عن الدعوى العمومية في فض النزاعات الجنائية تفترض وجود عدة أطراف من ضمنها الوسيط، وهو طرف لا علاقة له بالنزاع القائم ولا بالجريمة المرتكبة فهو محايد، تناط به عملية الوساطة يديرها ويحاول الجمع بين آراء كل من الضحية والجاني والاتفاق بينهما.
وأغلب الأنظمة القانونية التي تعرف الوساطة الجنائية نظمت عمل الوسيط، لكنها لم تضع تعريفا له، فالوسيط الجنائي لا يختلف عن الوسيط في باقي النزاعات المدنية الأخرى، مع الاحتفاظ ببعض المميزات والخصوصية تفرضها خصوصية وطابع النزاع، ولهذا عمد بعض الفقه إلى تعريف الوسيط الجنائي بأنه “ذلك الشخص الذي يتعين أن تتوفر فيه شروط معينة تمكنه من القيام. بمهمة التوفيق بين مصلحة الجاني والمجني عليه”[34]. واشترطت اغلب القوانين التي نصت على عمل الوسيط بأن يكون ملما وعالما بقواعد قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، وألا يكون ممارسا لمهنة قضائية حفاظا على الحياد والاستقلالية لعدم التأثير على نزاهة الوسيط.
كذلك يلعب الوسيط دور المراقب في الوساطة، أي مراقبة مدى انضباط وجدية طرفي العملية، لأنه ملزم بإعداد تقارير تهم سير عجلة الوساطة[35]. ودون أن يتحجج ضد النيابة العامة بالسرية[36].
الفقرة الثالثة: الجاني
يعتبر الجاني طرف من أطراف الوساطة الجنائية، وهذا أمر طبيعي فهو مرتكب الفعل الجرمي ولا يهم أن يكون فاعلا أصليا مشاركا أو مساهما.والأنظمة القانونية منها من تسميه الجاني وهناك من تطلق عليه اسم المشتبه به.
الفقرة الرابعة: المجني عليه
أن منطق الأمور يؤكد على أن الضحية الذي مسته الجريمة هو طرف أساسي وضروري في عملية الوساطة، ولا يمكن أن نتحدث عن آلية الوساطة الجنائية في غياب المجني عليه كامل الأهلية في قبول الوساطة والانخراط فيها، فدوره مهم جدا لأن عدم وجوده هو غياب لآلية الوساطة، وعدم قبوله هو عدم تحقق أهداف الوساطة.
المبحث الثاني: موقع آلية الوساطة الجنائية في السياسة الجنائية الحديثة
إن الأنظمة الجنائية على اختلافها لم توجد إلا لضبط المجتمعات والسعي نحو تحقيق العدالة الجنائية والبحث عن الحقيقة التي تبقى هي عنوان العدالة الجنائية، ومن هنا يمكن أن تستثف تعثر السياسة الجنائية في بلوغ أهدافها. ولهذا الأسباب وأخرى تطور الفكر الجنائي الحديث وتطورت معه السياسة الجنائية نحو وضع لبنات سياسة حديثة, قوامها ومناطها هي تأهيل الجناة وإعادة النظر في القوانين الجنائية بما يخدم مصلحة الجميع, وهو ما دفع إلى اعتناق بدائل الدعوى العمومية، هذه الدعوى التي تفرغ في الشكليات الإجرائية المعقدة في أحايين كثيرة , قد تضيع معها العدالة والزمن وحقوق الأفراد, هذه البدائل متعددة أهمها الوساطة الجنائية لما تحققه من مصالح تفوق ما تحققه القاعدة الجنائية الشكلية الإجرائية لأن غايتها الأساسية ـ الوساطة الجنائيةـ هي إصلاحية علاجية أي صورة جلية للعدالة الرضائية .
اختلفت التشريعات في تبني الوساطة الجنائية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهناك من لم ينظمها بعد لا في القانون الإجرائي، ولا في قوانين خاصة. كما أن هناك اتجاهات فقهية تباينت حول تقييم لأخذ بالوساطة الجنائية تحت رزنامة من المبررات.
والمشرع المغربي هو الآخر لم يعرف تنظيما للوساطة الجنائية في التشريع الجنائي رغم إمكانية الأخذ بها، وحاول إلى حد ما في المشاريع المتعلقة بقانون المسطرة الجنائية في كل نسخه أن تكون الوساطة من بين الحلول الممكنة لمعضلة وأزمة العدالة الجنائية.
فكيف تعامل المشرع مع آلية الوساطة الجنائية في مشروع قانون المسطرة الجنائية، وهو ما سوف نجيب عنه في هذا المبحث، بعد التطرق إلى الآراء الفقهية في هذا الباب.
المطلب الأول: تقييم تطبيق الوساطة الجنائية في السياسة الجنائية الحديثة
لقد تبنت كثير من الدول نظام الوساطة الجنائية لأنها رفعت الكلفة والعبء عن كاهل الدولة وجهاز القضاء، وسمحت للأشخاص كيفما كانوا ممارسة بعض إجراءات قانون المسطرة الجنائية ومزاحمة النيابة العامة في الدعوى العمومية.
فكل شيء في الحياة إلا وله مؤيد ومعارض، لأن من المستبعد أن تجد توافقا كليا على أمر واحد، وكذلك هو الحال بالنسبة للوساطة الجنائية التي رغم النجاحات والنتائج المحققة، إلا أنها لاقت آراء متضاربة وجدلا واسعا بين من يعارض الوساطة في المجال الجنائي، ومن يؤيد ويترافع من أجل اعتمادها إلى جانب الأساليب البديلة الأخرى، ولكل من هاذين الاتجاهين مبرراته في موقفه، لذا سنتعرض في هذا المطلب إلى الجدال الفقهي حول تقييم الأخذ بالوساطة الجنائية ومدى فعاليته في السياسة الجنائية الحديثة وفق الفقرتين اسفله:
الفقرة الأولى: الاتجاه الرافض ومبرراته
ليس هينا أن يتم إدخال نظام أو آلية جديدة على قواعد قانونية إجرائية راسخة دون حدوث نوع من الجدال حول، وهو ما يظهر بخصوص تقييم ومدى إمكانية اعتماد آلية الوساطة الجنائية إلى جانب أو بدل الدعوى العمومية.
فحسب بعض الفقه، نظام الوساطة الجنائية يتناقض مع طبيعة المبادئ العامة التي ترسو عليها قواعد قانون المسطرة الجنائية[37]، كما أن هذه الآلية تستبعد القضاء بما له من ضمانات مهمة لحماية الحقوق والحريات[38].
أولا: تعارض الوساطة مع مبادئ قانون المسطرة الجنائية
أنصار هذا التوجه الرافض للوساطة الجنائية قدموا مجموعة من الأسباب والمبررات تؤكد وتدعم موقفهم هذا.
ـ الوساطة الجنائية تتعارض مع عدم قابلية الدعوى العمومية للتفاوض بشأنها:
إن هذا المبرر منطقي لأن الوساطة الجنائية بما تتميز وتتصف به فهي تمس بأهم خصائص الدعوى العمومية، من قبيل عموميتها لأنها ملك لأفراد المجتمع، ولا يمكن التنازل ولا التصالح والتفاوض بشأنها.
فتطبيق إجراءات الوساطة الجنائية من شأنه أن يهدر مبدأ العمومية، ويطعن في حقوق المجتمع عموما، بل وتجرد القانون الجنائي باعتباره حارس بنيان الدولة من أهدافه التي تحققها العقوبة، وما يترتب عنها من ردع عام وخاص، وهذا لا يتحقق بالوساطة الجنائية وإنما بوسيلة الدعوى العمومية من خلال إصدار المحكمة الجنائية حكم قضائي[39].
ـ الوساطة الجنائية تضرب مبدأ قضائية العقوبة
لقد استقرت الأنظمة الجنائية الحديثة على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تعتبر حجر الزاوية، وهذه المبادئ تجد أن العقوبة لا يمكن أن تكون لها كائنة إلا بدعوى قضائية وبعد إصدار حكم قضائي، وهذا الشيء يتعارض ولا يتماشى مع أسلوب الوساطة الجنائية التي تميل إلى عدم توقيع العقاب، مع التركيز على موضوع التفاوض حول مبلغ التعويض بين الجاني والمجني عليه وتم ترك فكرة الجزاء في الهامش، وعدم إعارتها أي اهتمام رغم أهدافها وتجاربها المتمثلة في ارجاع الاستقرار والأمن الذي اختل وأحس به عموم الأفراد.
كما عبر هذا الاتجاه عن هذه الأسباب بأن من شأن اعتماد الوساطة يؤدي إلى إصباغ الصفة المدنية على الدعوى العمومية، وتغيير الأنظار من الشق العقابي الى الشق المدني وفي ذلك مساس بأهم المبادئ الجنائية الدستورية[40].
ـ عدم ملائمة الوساطة الجنائية لطبيعة النظام الاجرائي: يذهب المدافعين على فكرة رفض الوساطة الجنائية إلى أن هذه الأخيرة لا تتلاءم مع طبيعة القضاء الإجرائي الجنائي الذي يصبو إلى معاقبة مرتكب الجرم كرد فعل اجتماعي عن الجريمة، فهو لا يتلاءم مع تحقيق التقارب والتفاهم بين أطراف الوساطة الجنائية[41]. لأن الوساطة الجنائية ماهي إلى آلية لتجنب القانون الجنائي، ويخلف استياء المجتمع من المجرم وليس مصالحة هذا الأخير مع مجتمعه[42].
ـ الوساطة الجنائية تعمل على تقليص دور السلطة القضائية، وتدعيم فكرة القضاء الخاص وخوصصة الدعوى العمومية، وهو ما ليس مقبولا لأن ذلك يتناقض مع كون الدعوى العمومية ملك للمجتمع تحركها النيابة العامة نيابة عنه، والوساطة بهذا الشكل جعلت الدعوى العمومية ومصيرها بين يد الخصوم المتنازعة.
ثانيا: الوساطة تتعارض مع ضمانات ومبادئ حماية الحقوق والحريات
لم يقف أنصار هذا الاتجاه في انتقاد الوساطة الجنائية من حيث كونها تتعارض مع مبادئ قانون المسطرة الجنائية فحسب، بل شددوا على أن الوساطة لا يمكن الأخذ بها واعتمادها، لأن من شأن ذلك انتهاك لضمانات حقوق الإنسان المقررة لأطراف الدعوى العمومية، لا سيما المتهم الواجب تمكينه من حقوق ضرورية وأساسية محمية بنص القانون كحق الدفاع، فالجاني وهو يقدم تعويضا للمجني عليه جراء الجريمة موضوع الوساطة يعتبر اعترافا ضده باقتراف الجرم، ويؤكد إدانته حتى قبل صدور حكم قضائي[43].
كما أن هذه الوساطة حسب هذا الرأي الرافض هي مس وإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، فعندما تكون قيمة التعويض مبالغ فيها، فإن المتهم الفقير لا يقدر على تسديدها عكس المتهم الغني، وقد لا يتناسب مقدار التعويض مع جسامة الفعل الجرمي[44].
تعد الوساطة الجنائية خرق وانتهاك لمبدأ العلنية وتكون هذه سرية لا يعرفها ولا يعلمها الجمهور، وهذا يتنافى مع أهم مبادئ التقاضي الذي يضفي نوع من الشفافية والديموقراطية وضمانة أساسية للحقوق[45].
الفقرة الثانية: الاتجاه المؤيد للوساطة الجنائية ومبرراته
عكس الرأي السابق الذي ينتقد الوساطة الجنائية ويرفضها، فإن هذا الاتجاه المؤيد يعد هو الغالب من حيث العدد والعدة، فقد عرف انتشارا واسعا في جميع النظم القانونية مقدما مبررات جد معقولة ومنطقية وتتسم بالواقعية. من قبيل أن الوساطة الجنائية هي تكريس للعدالة التصالحية والتي تساهم بشكل كبير في التخفيف عن كاهل القضاء وحل أزمة العدالة المتمثلة بالخصوص في تراكم القضايا المعروضة، زد على ذلك تفاقم القضايا المحفوظة دون أن نغض الطرف عن فاعلية وسرعة الوساطة الجنائية في انهاء الخصومات دون كلل أو هدر للمال.
وقد قدم هذا الاتجاه مبررات اجتماعية وأخرى اقتصادية، وكانت هي الدافع المقنع لاعتناق وسيلة الوساطة الجنائية، وفيما يلي بعض هذه المبررات.
أولا: المبررات الاجتماعية
الوساطة الجنائية من جملة ما تهدف إليه هو تحقيق السلام والأمن الاجتماعيين من خلال ما يعرف بالعدالة الناجزة الرهينة بدفع تعويض يريح الطرف المتضرر ويجنب الجاني العقوبة السالبة للحرية.
الوساطة الجنائية تمحو آثار الجريمة، ولا تخلف آثار سلبية مما تخلفه العقوبة العادية[46]، بالإضافة إلى كونها وسيلة لتحقيق السلام الاجتماعي، والتسامح بين الجاني والمجني عليه، فإنها كذلك تعد وسيلة لإعادة الاندماج الاجتماعي[47].
ثانيا: المبررات الاقتصادية
ليست للجريمة فقط آثار اجتماعية ونفسية بل لها تكلفة اقتصادية، لأن التصدي لها يستدعي تظافر جهود عبر توفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية وهو ما يشكل عبئا اقتصاديا، والخسائر التي تنجم عن الجرم تعطل فئة عريضة من المجتمع وهم المجرمون وغالبيتهم من الفئة النشيطة الموكول لها مبدئيا مهام الإنتاج[48].
وبما أن الجريمة لها تكلفة اقتصادية على مالية الدولة، فإن الحل الأمثل هو التقليص من هذه الآثار في شقها المالي عبر اعتماد الوساطة الجنائية لنقص في عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم من خلال تشجيع طرفي الخصومة الجنائية للمشاركة الفعالة في تجديد نظام العدالة الجنائية[49].
كذلك تعمل الوساطة على ضمان الحصول على تعويض سريع، لأن الإجراءات المعمول بها في الوساطة تتسم بالسرعة والبساطة، وبالتالي الضحية يحصل على تعويض في أقرب الأوقات، وما يمكن أن تزرعه هذه السرعة من اطمئنان وارتياح في نفس المجني عليه، دون أن ننسى تخفيف العبء والتكاليف على الإدارة القضائية.
المطلب الثاني: الأحكام العامة لتطبيق الوساطة الجنائية
تمخض عن أزمة العدالة الجنائية التفكير في سياسة جنائية حديثة تتجاوز الاثار السلبية لهذه العدالة، بتبني آليات جديدة للتصدي للظاهرة الإجرامية، بما يتناسب والتطور الذي بات يعرفه العالم والمجتمعات البشرية، مراعاة للأمن الاجتماعي وحفاظا على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وصيانة الحقوق المشتركة.
ويعد تبني الوساطة الجنائية كآلية لفض النزاعات الجنائية نقلة نوعية في القوانين الإجرائية الجنائية ووسيلة مهمة لإنهاء الخصومات بين الأفراد.
ولم تبقى الأنظمة القانونية الجنائية في منأى عن هذا التطور في القواعد الإجرائية، بل عرفت الوساطة في جل الأنظمة القانونية الحديثة، سواء اللاتينية في مقدمتها القانون الفرنسي، أو في الأنجل سكسونية وتمثلها الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك عرفت بعض القوانين العربية تنظيم الوساطة الجنائية وبينت مدى تأثيرها على الدعوى العمومية (الفقرة الثانية).
أما في القانون المغربي وإلى حدود الساعة لم يعرف بأي شكل من الأشكال تنظيما للوساطة الجنائية، فهناك غياب تام لأي قاعدة قانونية، بل وأكثر من هذا فالقواعد الاجتماعية والثقافية للمغاربة تؤكد في صلبها على أنهم مند القدم قد عرفوا ممارسة الوساطة الجنائية وفي ذلك تشابه مع باقي الوسائل الأخرى مثل الصلح.
والأمل معقود على مشروع قانون المسطرة في كل نسخه لا سيما وأنه موضوع على أنظار مجلس الشعب للتصويت عليه، حيث أنه نص على الوساطة الجنائية، ونرى أن هذا الأمر جد إيجابي لمعالجة أزمة العدالة الجنائية أو على الأقل التقليص من بعض هذا الأثار (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: الوساطة الجنائية وآفاق تطبيقها في القانون المغربي.
بعد أن تعثرت العدالة الجنائية وأبانت عن فشلها في معالجة الظاهرة الجريمة، سارع المشرع المغربي إلى البحث عن حلول، بتبني الوسائل البديلة عوض التركيز فقط على الإجراءات المسطرية الجنائية التقليدية المتمثلة في وسيلة الدعوى العمومية.
فهل اعتمدت الوساطة الجنائية في القانون المغربي؟ السؤال يكون بالنفي لأن قانون المسطرة الجنائية الساري المفعول خالي من أي إشارة لوسيلة الوساطة الجنائية، وليس هناك أي نص قانوني يقر بهذه الآلية على الرغم من إمكانية الآخذ بها. ومع غياب النص القانوني فإن المشرع ملزم والحالة هاته بتنظيم الوساطة إلى جانب الوسائل الودية الأخرى وهو ما تداركه مشروع قانون المسطرة الجنائية.
للتفصيل أكثر في هذه الفقرة يستدعي الأمر التعرض:
أولا: أسباب الأخذ بالوساطة الجنائية
ثانيا: أزمة غياب النص
ثالثا: نطاق الوساطة الجنائية
من جملة الأسباب الحقيقية الدافعة للأخذ بالوساطة الجنائية هو ما باتت تعرفه العدالة الجنائية من أزمة خانقة تعددت آثارها واختلفت أبعادها، وبالتالي كان من الواجب والأجدر اسعافها بصورة سريعة وبحلول قانونية، سواء على مستوى شق التجريم والعقاب، أو تلك المنصبة على ما هو شكلي، وحسبنا هنا في هذه المناسبة سنركز على ما هو اجرائي، حيث الدعوة إلى الاهتمام بوسيلة الوساطة الجنائية إلى جانب الوسائل التصالحية الأخرى سيرا على هدى التشريعات المقارنة.
والمشرع ملزم بالأخذ بالوساطة الجنائية لملائمة قانون المسطرة الجنائية الحالي مع التطورات السياسية الجنائية المعاصرة، لأن الدعوى العمومية في الكثير من القضايا أبانت عن نتائج سلبية وظلت لمدة طويلة تمثل سلاح الدولة الوحيدة في اقتضاء الحقوق، وهو ما لا يتماشى مع التغييرات الحاصلة، والبحث عن بدائل أخرى للمحاكمات البطيئة والغارقة في الشكلية والتعقيد.
ومسايرة لمضامين السياسة الجنائية المعاصرة الذي تهدف إلى تكريس بدائل الدعوى العمومية والبحث عن بديل للعدالة الجنائية التقليدية تقوم على التفاوض والتشاور بدل القهر والجبر والإكراه، انخرط المغرب في هذه الدينامية عبر تبنيه الوسائل البديلة في ترسانته القانونية.
ولمعالجة أزمة العدالة الجنائية فالوساطة الجنائية هي آلية بموجبها سمح القانون لأطرافها بإنهاء الدعوى العمومية قبل أن تصل إلى قضاء الحكم، فهي تسمح بتحقيق الضغط على المحاكم، لأن أسلوبها غير مألوف في حل النزاعات، وغير متاح لهيئة الحكم، أي تخرج الوساطة الجنائية النزاع من دائرة السلطة القضائية إلى دائرة العلاقات الاجتماعية، وهو انتصار قواعد المجتمع على قواعد القانون.
ثانيا: أزمة غياب النص
لقد تبنت الكثير من التشريعات على اختلافها نظام الوساطة الجنائية تبعا لما تحققه هذه الأخيرة من نتائج في حل النزاعات متخطية بذلك ويلات أزمة السياسة الجنائية التقليدية.
وأمام هذا الوضع الجديد أشارت التشريعات بضرورة الأخذ بالوساطة، وأفردت لذلك قواعد خاصة ونصوص ضمن قانونها الإجرائي، من قبل كما تطرقنا لذلك أعلاه القانون الفرنسي سنة 1993 وكندا سنة 1980 وبلجيكا سنة [50]1992.
ونظرا لأهمية الوساطة ومع توافر إمكانية تطبيقها، المشرع المغربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تخصيص قواعد خاصة للوساطة الجنائية، وتدارك هذا الغياب في النص الحالي فيما سيأتي من مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية.
يرجع تنبه المشرع إلى أهمية الوساطة الجنائية وضرورة الأخذ بها إلى سياق مراجعة القوانين المرتبطة بالعدالة الجنائية، ومن ضمنها قانون المسطرة الجنائية لضمان النجاح القضائية، وتحيين نصوصه لتتلاءم مع المقتضيات الدستورية وميثاق اصلاح منظومة العدالة الذي جاء بعده توصيات تروم تبني بدائل الدعوى العمومية.
ومن بين أهم المستجدات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية في نسخته الأولى وضع أساليب وآليات أخرى غير الدعوى العمومية لحل المنازعات تكون سهله وبسيطة وذات نجاعة، وهو ما يتضح من خلال مضمون المادة 41 من المشروع الذي جاء” فيه يعتبر الصلح بديل عن الدعوى العمومية إذا توفرت شروط واقامتها ولا يمس بقرينه البراءة
يمكن للمتضرر او المشتكي به قبل اقامة الدعوى العمومية أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر،
يمكن لوكيل الملك إذا بدت له مؤشرات كافيه لإقامة الدعوى العمومية وقبل تحريكها أن يقترح الصلح على الطرفين ويسعى الى تحقيقه بينهما أو يمهلهما لإجرائه كما يمكن أن يعهد بذلك إلى محامي الطرفين أو وسيط أو أكثر يقترح الأطراف او يختاره وكيل الملك.
يمكنه كذلك أن يستعين بالموظفين المكلفين بمهام المساعدة الاجتماعية أو بخلايا التكفل بالنساء والاطفال بالمحاكم إذا تعلق الامر بقضايا الأسرة والأطفال.”
من خلال قراءة هذه المادة يتبين أن المشرع انفتح أكثر من القانون الحالي على بدائل اخرى غير الصلح الجنائي، باعتماد الوساطة الجنائي وذلك بقوله في الفقرة الرابعة من المادة 41 من المشروع أعلاه “كما يمكن أن يعهد بذلك الى محامي الطرفين أو وسيط أو أكثر يقترحه الأطراف أو يختاره وكيل الملك”
وهذه المادة 41 من المشروع تعتبر استجابة للمطالب الحقوقية، وتأكيدا على خيارات المغرب ومسايرته للسياسات الجنائية الحديثة القائمة على الأهداف الاجتماعية التصالحية والتأهيل الجناة.
ثالثا نطاق الوساطة الجنائية
اذا كان المشرع المغربي قد تبنى الوساطة في الميدان المدني وحقق بذلك نتائج متميزة فانه في مشروع قانون المسطرة الجنائية في نسخه الأولى اتضح أنه كرس الموقف ونص على الوساطة الجنائية املا منه في اسعاف نظام العدالة الجنائية وفض بعض من المنازعات ذات الطبيعة الجنائية خارج إطار الدعوى العمومية.
وبالرجوع الى المادة 41 من المشروع الأول، وليس المشروع المطروح على طاولة البرلمان والذي تم التصويت عليه بغرفتيه في متم شهر يوليوز[51] واعادة استقرائها نجد أن المشرع عبر عن الوساطة الجنائية في الفقرة الرابعة وحصر نطاقها على مستويين الأول، من حيث جرائم الممكن والجائز المصالحة وقيام الوساطة بشأنها، والثاني من حيث الاشخاص الممكن قيامهم بدور الوسيط الجنائي.
وهكذا في الوساطة الجنائية لم يتم التعبير عنها صراحة، بل اقحمت ضمن النص الذي ينظم الصلح الجنائي، وتعتبر صورة متميزة له حيث يمكن أن يعهد للقيام بالوساطة الى محامي الطرفين باقتراح من وكيل الملك أو يعهد لوسيط او أكثر يقترحه الاطراف أو يختاره وكيل الملك، ويمكنه كذلك أن يستعين بالموظفين المكلفين بمهام المساعدة الاجتماعية بخلايا التكفل بالنساء والاطفال بالمحاكم إذا تتعلق الامر بقضايا الأسرة والأطفال.
ونستنتج في هذه النقطة أن النيابة العامة تلعب دورا رئيسيا ومحوريا ليس في الصلح الجنائي[52] كما هو معمول به في النص الحالي، بل حتى في الوساطة الجنائية، لأنها هي الجهة المنوط بها تقدير احالة النزاع للوساطة، واختيار أي نوع من الوسطاء هل المحامي أو وسيط غير محامي أو وسطاء. فهي أي النيابة العامة تنظم وتشرف وتراقب الصلح الجنائي بكافة صورهم من ضمنه الوساطة الجنائية حسب المنطوق الفقرة الرابعة من المشروع أعلاه.
الفقرة الثانية: أثر الوساطة الجنائية على الدعوى العمومية
ان سلوك الوساطة كما هو الشأن في باقي بدائل الدعوى الاخرى ينتج عنه اثار مهمة على سير الدعوى العمومية، وهنا نميز بين احالة الخصومة على الوساطة الجنائية، وعند انتهاء عملية الوساطة.
أولا: عند احالة الخصومة على الوساطة الجنائية
بمجرد سلوك الاجراء الوساطة الجنائية وبعد توافر كل شروطه المتطلب قانونا فان هذه الوساطة تؤثر على الدعوى العمومية، بوقف سريانها شريطة ألا يتم النطق بالحكم في الدعوى، أي حينما تكون القضية بيد النيابة العامة التي تقرر ما إذا كان اللجوء الى الوسط الجنائية مجديا ام لا.
كما تؤدي الوساطة الجنائية عند قيامها صحيحة وعندما تنجح في تقريب وجهات النظر اعادة الحال الى ما كان عليه قبل وقوع الجريمة متى أمكن.
وفي حال فشل الوساطة الجنائية يكون من حق الممثل النيابة العامة الذي يديرها ويراقبها أن يعيد تحريك الدعوى العمومية كان الوساطة لم يتم اجراؤهه، بالتالي متابع الجاني بنصوص القانون المتعلق بممارسة الدعوى العمومية.
ثانيا: عند انتهاء عملية الوساطة الجنائية
بالإضافة الى الآثار السابقة التي تخلفها الوساطة الجنائية فنجاحها ينتج عنه اعطاء تعويض للضحية من طرف الجاني يكون في شكل مادي مالي لجبر الضرر الذي لحقه، وهذا التعويض يتم الاتفاق عليه في محضر الوساطة، يفترض أن يكون موازي للضرر الحاصل، وقد لا يكون في بعض الأحيان مقدر تقديرا دقيقا، اللهم أن يقبل به المتضرر من الجرم لينتهي به النزاع، والوساطة بهذا المعنى إذا جاءت صحيحة متوفرة على شروط صحتها تسقط الدعوى بنفس الاثار التي يخلفها الصلح الجنائي.
خاتمة:
وتأسيسا على ما سبق التعرض له في هذه الورقة البحثية نخلص الى أن الوساطة الجنائية كبديل الدعوى العمومية تنبني على اساس توافقي لضمان تعويض مادي يجبر به الضحية ما لحقه من الجريمة، ومحاولة ادماج الجاني اجتماعيا ويمسح عنه الوصم الاجتماعي الذي يطارده ويخرجه من دائرة محيطه وهذه الوساطة تقوم على التوافق والتصالح وليس الجبر والايلام.
خلصنا كذلك الى أن أغلب الأنظمة القانونية الجنائية أخذت بالوساطة الجنائية ونظمتها سواء ضمن قوانينها الإجرائية، أو خصصت لذلك قواعد خاصة، وهذا املنا فيما سياتي من تعديلات في قانون المسطرة الجنائية المغربي ان يعمد المشرع الى الاخذ بالوساطة الجنائية الى جانب البدائل الأخرى، على اعتبار أن كل الشروط متوفرة لتبلغ غايتها، وأن امكانية تطبيقها قائم على قواعد المجتمع وهذا جد متوفر لان المجتمع المغربي ميال كل الميل نحو التصالح, وكل أبنائه عاشوا على التوسط لحل وفض النزاعات القائمة بينهم على مختلف اشكالها ومن ضمنها النزاعات الجنائي.
المراجع باللغة العربية:
ـ الكتب والمؤلفات:
سامح السيد جاد: شرح قانون العقوبات ـ القسم العام النظرية العامة للجريمة والعقوبة والتدبير الوقائي ـ دون مطبعة السنة 2005
رامي متولي القاضي: الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 2012.
الأخضر قوادري: الوجيز الكافي في إجراءات التقاضي في الأحكام العامة للطرق البديلة في حل النزاعات ـ الصلح القضائي ـ الوساطة الجنائية، دار للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر 2013
محمد سامي الشوا: الوساطة والعدالة الجنائية اتجاهات حديثة في الدعوى الجنائية دار النهضة العربية مصر 1997.
طه أحمد عبد الحليم “المرشد في الصلح الجنائي”، دار علام للإصدارات القانونية. 2014،
مراد بلهومي: بدائل إجراءات الدعوى العمومية، جامعة باتنة، الحاج لخضر، سنة 2018
أشرف رمضان عبد الحميد: الوساطة الجنائية الحديثة ودوها في إنهاء الدعوى العمومية، دراسة مقارنة، ط1 دار النهضة العربية,2004.
محمد الصديق صابر: فعالية الوساطة في نظام العدالة الجنائية دراسات معمقة في القانون الجزائي ـ كتاب جماعي ـ جامعة ل 2020،
ـ المقالات:
الشرقاوي القرقار: أزمة العدالة الجنائية: أهم الأسباب وبعض الحلول، مقال منشور بمجلة الإلكترونية 24 بتاريخ 3 أبريل 2020 la dépêche،
رامي متولي القاضي: الوساطة الجنائية كأحد بدائل الدعوى الجنائية ـ دراسة مقارنة في التشريع الفرنسي والتشريعات العربية المجلة الدولية للفقه والقضاء والتشريع المجلة 2، العدد 1 السنة 2021،
بن النصيب عبد الرحمان: العدالة التصالحية البديل للعدالة الجنائية، مجلة الفكر، تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة سكرة، العدد 11 شتنبر2024 .
عادل المصانع: الوساطة في حل المنازعات الجنائية بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية العدد 4 سنة 2006
محمد الحكيم حسن الحكيم: النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية دار الكتب القانونية، المجلة الكبرى، القاهرة 2009
عادل يوسف عبد النبي الشكري : الوساطة الجنائية وسيلة مستحدثة وبديلة لفض المنازعات الجنائية والمجتمعات، مجلة كوفة، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة كوفة، عدد 9 2011
العابد الميلودي العمراني: الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي والتونسي نموذجا، ص 47 مجلة القانون والأعمال.
الشرقاوي القرقار: التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للجريمة وآثارها على التنمية: مقال منشور بمجلة هسبريس بتاريخ 27 غشت 2021. الساعة 14:43.
ـ الأطروحات والرسائل:
عائشة عيد راشد السويدي: نظام الوساطة الجنائية وإمكانية تطبيقها في القانون القطري ـ دراسة تحليلية مقارنة ـ رسالة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام كلية الحقوق، جامعة قطر، سنة 2023 .
على بن صالح: مدى فعالية الوساطة كبديل لفض المنازعات المدنية ـ دراسة مقارنة ـ أطروحة دكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة تلمسان أبو بكر بلقايد، الجزائر 2018/2019.
رضا معيزة السعيد: ترشيد السياسة الجنائية. أطروحة الدكتوراه كلية الحقوق الجزائر.
منال عرابة: آليات تكريس العدالة الجنائية التصالحية أطروحة دكتوراه، جامعة 8ماي 1945، السنة 2023\2022،
ـ النصوص التشريعية والمراسيم:
. ظهير شريف رقم 1.22.34 صادر بتاريخ 23 شوال 1443 (24 ماي 2022) بتنفيذ القانون رقم 96.17 المتعلق بالتحكم والوساطة الاتفاقية.
ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 الموافق ل 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30 يناير 2003
المراجع باللغة الفرنسية:
. :décret numéro 96-652 de 22 juillet 1996 relatif à conciliation judiciaire, jon 170 du 23 juillet 1996
- : تنقسم الجرائم حسب جسامتها إلى جنايات وجنح ومخالفات وهذا هو التقسيم الرئيسي الذي فعل القانون الجنائي المغربي.
وللتفصيل أكثر في آثار الجرائم على المجتمع والعقاب الواجب يرجى الاطلاع على:
ـ سامح السيد جاد: شرح قانون العقوبات ـ القسم العام النظرية العامة للجريمة والعقوبة والتدبير الوقائي ـ دون مطبعة السنة 2005 ↑ - : لقد نص قانون المسطرة الجنائية بالإضافة إجراءات المتابعة عند رفع أو تحريك الدعوى العمومية وكذا عدم المتابعة على اجراء آخر غاية في الأهمية والأمر يتعلق بحفظ الملف أو حفظ القضية لعدة أسباب منها الوقائع موضوع الشكاية أو الوشاية أو المحظر لا توجد أدلة للمتابعة أو عدم كفايتها وأيضا سقوط الدعوى العمومية لأحد الأسباب وإذا كان من اختصاص النيابة العامة بل هو حق لها اتخاذ هذا القرار المتعلق بحفظ هذا الملف لكنه ملزم بان يشعر الطرف المشتكي داخل خمسة عشر يوما من تاريخ اتخاذ القرار كما يمكن للجهة التي أمرت بحفظ الشكاية أن تتراجع عنها دائما وهو ما أكدته المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية. في فقرتها الرابعة. ↑
- : تعرف العدالة الجنائية اليوم أزمة كبيرة متعددة الأبعاد إلى الحد الذي جعل قطاع العدالة نفسه في حاجة إلى من يلملم جراحه ويقدم له الإسعافات قبل أن يكون هذا القطاع هو من أهل له أمر واسعاف الآخرين ولهذا السبب قامت التشريعات بمواجهة هذه الأزمة من خلال البحث في المعيقات وتشخيصها لتلمس حلول ناجعة.
للتفصيل أكثر يرجى الاطلاع على:
ـ الشرقاوي القرقار: أزمة العدالة الجنائية: أهم الأسباب وبعض الحلول، مقال منشور بالمجلة الإلكترونية24، la dèpèche بتاريخ 3 أبريل 2020 ↑ - : عائشة عيد راشد السويدي نظام الوساطة الجنائية وإمكانية تطبيقها في القانون القطري ـ دراسة تحليلية مقارنة ـ رسالة لنيل شهادة الماجيستير في القانون العام كلية الحقوق، جامعة قطر، سنة 2023 ص، 21.
ـ رامي متولي القاضي: الوساطة الجنائية كأحد بدائل الدعوى الجنائية ـ دراسة مقارنة في التشريع الفرنسي والتشريعات العربية المجلة الدولية للفقه والقضاء والتشريع المجلة 2، العدد 1 السنة 2021، الصفحة 2020. ↑
- : décret numéro 96-652 de 22 juillet 1996 relatif à conciliation judiciaire, 170 du 23 juillet 1996 ↑
- : من الترجمات التي تعرف الوساطة الجنائية على الرغم من تنظيمها في قانون الجنائي نجد المشرع الجزائري في الأمر رقم 15ـ02 المتعلق بتعديل قانون الإجراءات الجنائية. وإن كان أنه قد أورد تعريفا خاصا حينما يكون أحد الأطراف جانحا وهو ما سيستشف من مضمون القانون المتعلق بحماية الطفل الصادر بتاريخ 19 يناير 2015، رقم 15ـ 12 للتفصيل أكثر يرجى الاطلاع على:
ـ بن النصيب عبد الرحمان: العدالة التصالحية البديل للعدالة الجنائية، مجلة الفكر، تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة سكرة، العدد 11 شتنبر 2014، ص364، 365 ↑
- : ظهير شريف رقم 1.22.34 صادر بتاريخ 23 شوال 1443 (24 ماي 2022) بتنفيذ القانون رقم 96.17 المتعلق بالتحكم والوساطة الاتفاقية ↑
- : رامي متولي القاضي: الوساطة في القانون الجنائي الاجرائي دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 2012، ص،12. ↑
- : شروق عباس: فاضل النظام القانوني للوساطة مجلة جامعة الحقوق، كلية الحقوق جامعة النهرين، العدد 2، الجزء 2 ص 92، ↑
- : محمد المكي: الوساطة الجنائية مقال منشور بمجلة القانون المغربي دار السلام للطباعة والنشر سنة 2018 أبريل، ص،290 ↑
- : يعتبر الوسيط من الأطراف الرئيسية للوساطة عموما إلى جانب أطراف أخرى ↑
- : لقد نظم المشرع المغربي الصلح في كل فروع القانون لا سيما في المادة الجنائية وأساس ذلك ما جاء في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية. ↑
- :سورة الحجرات، الآية 9 ↑
- : العابد العمراني المولود: الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي والتونسي نموذجا، مقال منشور بمجلة القانون والاعمال الإلكترونية عدد يونيو 2013 ↑
- :الأخضر قوادري: الوجيز الكافي في إجراءات التقاضي في الأحكام العامة للطرق البديلة في حل النزاعات ـ الصلح القضائي ـ الوساطة الجنائية ، دار ننن للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر 2013 ـ ص 102 ↑
- : على بن صالح: مدى فعالية الوساطة كبديل لفض المنازعات المدنية ـ دراسة مقارنة ـ أطروحة دكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسيةـ جامعة تلمسان أبو بكر بلقايدـ الجزائر 2018/2019، ص:75 ↑
- : للتفصيل أكثر في نشأة الوساطة الجنائية والقوانين الوضعية يرجى الاطلاع على:
ـ أنور محمد صافي المساعد، بشير سعيد زعلول: الوساطة في انهاء الخصومة الجنائية دراسة تحليلية مقارنة مجلة الشريعة والقانون عدد 40 ـ مصر 2009.
ـ هناء جبوري محمد: الوساطة الجنائية كطريقة من طرق انقضاء الدعوى الجزائية ـ دراسة مقارنة، مجلة رسالة الحقوق، العدد2 ، العراق 2013 ص213ـ فايد عايد الظفري تأملات في الوساطة الجزائية بوصفها وسيلة لإنهاء الدعوى الجزائية، مجلة الحقوق، جامعة الكويت 2009، ص119. ↑
- : وهيبة العوام: الترتيبات الجديدة لعصرنة الدعوى العمومية للوساطة الجنائية نموذجا ـ دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والتشريع الفرنسي مجلة التنوير 2018 ص،19 ↑
- : رضا معيزة السعيد: ترشيد السياسة الجنائية. أطروحة الدكتوراه كلية الحقوق الجزائر 2015ـ 2016 ص 236
ـ محمد سامي الشوا: الوساطة والعدالة الجنائية اتجاهات حديثة في الدعوى الجنائية دار النهضة العربية مصر 1997.
ـ محمد صلاح الدين عبد الرؤوف الدمياطي: بدائل الدعوى الجزائية ودورها في تحقيق العدالة في فلسطين، رسالة ماجيستير الجامعة الإسلامية في غزة. 2013. ص 88. ↑ - : رامي متولي القاضي: الوساطة الجنائية كأحد بدائل الدعوى الجنائية دراسة تحليلية مقارنة مع التشريع الفرنسي والتشريعات العربية، المجلة الدولية للفقه والقضاء والتشريع مجلة 2 عدد مصر 2021 ص 241 ↑
- : عادل المصانع: الوساطة في حل المنازعات الجنائية بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية العدد 4 سنة 2006 ص 45 ↑
- : الوساطة الجنائية في النظم المعاصرة، رسالة ماجيستير جامعة تتت العربية للعلوم الأمنية 2011 ص، 80 ↑
- : طه أحمد عبد الحليم “المرشد في الصلح الجنائي”، دار علام للإصدارات القانونية. 2014، ص 172 ↑
- : محمد الحكيم حسن الحكيم: النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية دار الكتب القانونية، المجلة الكبرى، القاهرة 2009 ـ ص: 474 475 ↑
- : رامي متولي القاضي: م س ص: 85 ↑
- : سيتم التفصيل في كيفية اعمالها في المبحث الثاني. ↑
- : عادل يوسف عبد النبي الشكري: الوساطة الجنائية وسيلة مستحدثة وبديلة لفض المنازعات الجنائية والمجتمعات، مجلة كوفة، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة كوفة، عدد 9 2011 ص15ـ 75 ↑
- : رامي متولي القاضي: م س ص 85، 86 ↑
- : رامي متولي القاضي: م س ص: 206 ↑
- : نظم المشرع المغربي عمل النيابة العامة في المواد من 36 إلى 51 من قانون المسطرة الجنائية.
ـ ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 الموافق ل 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30 يناير 2003 ↑
- : ياسر محمد سعيد بابصيل: الوساطة الجنائية في النظم المعاصرة م س، ص 88 ↑
- : متولي القاضي: مرجع سابق، ص: 208 ↑
- :العابد الميلودي العمراني: الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي والتونسي نموذجا، ص 47 مجلة القانون والأعمال. ↑
- : ياسر محمد سعيد بابصيل: م س ص، 103 ↑
- :لقد أكد على هذا المقتضى التوصية رقم 99/19 الصادرة عن المجلس الأوروبي، للتفصيل اكثر يرجى الاطلاع على
ـ رامي متولي القاضي: م س ص 198. ↑
- : مراد بلهومي: بدائل إجراءات الدعوى العمومية، جامعة باتنة، الجام الخضر، سنة 2018، ص: 147. ↑
- : منال عرابة: آليات تكريس العدالة الجنائية التصالحية أطروحة دكتوراه، جامعة 8ماي 1945، السنة 2023\2022، ص161. ↑
- : ـ ناصر محمودي: النظام القانوني للوساطة ص 16م س. ↑
- : الوساطة الجنائية تسلب القانون الجنائي خاصيته المهمة وهي توقيع الجزاء، مما يساهم في تطاول المجرمين على القانون ما دامت أن هناك وساطة جنائية.
أشرف رمضان عبد الحميد: الوساطة الجنائية الحديثة ودوها في إنهاء الدعوى العمومية، دراسة مقارنة، ط1 دار النهضة العربية، القاهرة 2004، ص 140. ↑ - : رامي متولي القاضي: م س، ص401. ↑
- : رامي متولي القاض: المرجع نفسه، ص 401 ↑
- : محمد الصديق صابر: فعالية الوساطة في نظام العدالة الجنائية دراسات معمقة في القانون الجزائي ـ كتاب جماعي ـ جامعة ليلية 2020، ص219 ↑
- : عادل يوسف عبد النبي الشكري: الوساطة الجنائية وسيلة مستحدثة وبديلة لحل المنازعات الجنائية. م س ص 114.
↑ - : محمد الصديق صابر: م س، ص 220 ↑
- :ناصر محمودي، م س ص 179. ↑
- : عادل يوسف عبد النبي الشكري، م س ص 57. ↑
- : الشرقاوي القرقار: التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للجريمة وآثارها على التنمية: مقال منشور بمجلة هسبريس بتاريخ 27 غشت 2021. الساعة 14:43.
↑ - : فيصل يحيى: م س ص، 16 ↑
- : أنور محمد صدقي المساعد: م س، ص: 322ـ 323 ↑
- يرجى الاطلاع على مشروع القانون رقم 03-23 بتغيير وتتميم القانون 22-01 المتعلق بالمسطرة الجنائية ولا سيما المادة 2 منه التي تشير الى المواد التي لحقها التغيير.
-هذه المادة2 لم تتضمن 41المادة التي تناولت الوساطة الجنائية كما كان في المشروع السابق قبل التصويت. ↑
- للتفصيل أكثر يرجى الاطلاع:
– لحسن بيهي: الصلح الزجري دراسة المادة 41 من ق م ج المغربي، مجلة القصر العدد 7، ص: 137 و138. ↑
- عبد الرحمن ياسر الشراونة، التوقيف والحبس الاحتياطي في القانونين الفلسطيني والأردني، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون العام، قسم القانون العام لكلية الحقوق: جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا، عمان، 2009، ص 17. ↑




